Professional Documents
Culture Documents
ميثاق أهل القرآن
ميثاق أهل القرآن
༢戀搀䜀 搀준뀀唀 ⸀伀
قيم معيارية منتقاة للوفاء بحق كتاب الله
( إلى حملة كتاب الله ُ
وخ ّدامه)
(إلى حملة كتاب الله ُ
وخ ّدامه)
قيم منتقاة للوفاء بحق كتاب الله
ت�أليف
د� .صالح بن �أحمد الدقلة الزهراين
ح صالح بن أمحد بن حيي الزهراين١٤٤١ ،هـ
احلمد هلل وال�صالة وال�سالم على �سيد اخللق �أجمعني حممد بن
عبداهلل ُمب ّلغ الوحي الأمني� ،أما بعد.
ل�كل مهن�ة �أخالقه�ا الت�ي تنظ�م عالق�ات �أهله�ا وت�ضب�ط
�س�لوكهم وتغ�ذي ت�صوراته�م ،وخير م�ن مت ّث�ل الأخلاق وعا��ش
به�ا ،ه�م �أه�ل الق�ر�آن ،وخير �أه�ل الق�ر�آن ر�س�ولنا حمم�د ﷺ
الذي كان خلقه القر�آن.
ولأن عالق�ة �أه�ل الق�ر�آن بالق�ر�آن عالق�ة عه�د وف�اء وميث�اق
الت�زام؛ كان ال ب�د م�ن تدوي�ن ملخ��ص يح�وي �إ�ش�ارات للمالم�ح
القيمي�ة له�ذا امليث�اق ال�ش�ريف ،ال�ذي ي�س�هم يف �إحي�اء قي�م
الق�ر�آن الك�رمي يف نفو��س حافظي�ه وطالب�ه ُ
وخ ّدام�ه ،ليتمكن�وا
م�ن حم�ل ه�ذا ال�ش�رف العظي�م ،وامل�س��ؤولية اجل�س�يمة .وذل�ك
من خالل متثل قيم و�أخالق �أهل القر�آن.
وحين تعم�ل ه�ذه القي�م كع�رف �أخالق�ي وت�صب�ح مرجع�ا
نف�س�يا حتتك�م �إلي�ه النف��س كلم�ا �س�اومها اله�وى؛ حينه�ا ت�صب�ح
ه�ذه القي�م ميثاقا�.أ�ش�به م�ا يك�ون ب�صحيف�ة �ش�عورية حتت�وي
عل�ى عه�د يلتزم�ه الإن�س�ان ويح ّكم�ه يف نف�س�ه كمعي�ار ل�ضب�ط
تفكريه و�شعوره و�سلوكه.
11
ميثاق أهل القرآن
13
14
ميثاق ال�شرف
الن�ش�أة ال�شريفة
�أخب�ر اهلل مالئكت�ه ع�ن ق�ادمٍ ل�ه مهم�ة ،اخت�اره
اهلل له�ا ،واختاره�ا ل�ه .ق�ال اهلل تعال�ى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ)(((.
وق�د ظه�رت مالم�ح التكري�م م�ن مج�رد االختي�ار ال�ذي
ج�اء ف�ي �س�ياق يخال�ف م�ا كان يخ�ش�اه المالئك�ة م�ن �س�فك
الدم�اء والإف�س�اد ف�ي الأر��ض حي�ن قال�وا ( :ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠ ﭡ ﭢ)(((؛ فق�ال اهلل تعال�ى( :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ)،
وف�ي ه�ذا �إ�ش�ارة �إل�ى خي ٍ�ر يعلم�ه اهلل ف�ي مهم�ة ه�ذا الخليف�ة
و�س�يرته و�س�يرة ذريت�ه م�ن بع�ده.
ث�م ب�د�أت �أول معال�م التكري�م حي�ن خلق�ه اهلل تعال�ى بي�ده،
ونف�خ في�ه م�ن روح�ه ،و�أم�ر المالئك�ة �أن ي�س�جدوا ل�ه ،ث�م ع ّلم�ه
عل ًم�ا ل�م يعلم�ه المالئك�ة و�أ�س�كنه الجن�ة وم ّكن�ه م�ن رغ�د عي�ش�ها
بلا ك�د وال تع�ب.
((( �سورة البقرة� ،آية.٣٠ :
((( �سورة البقرة� ،آية.٣٠ :
15
ميثاق أهل القرآن
19
ميثاق أهل القرآن
20
ميثاق أهل القرآن
العب�د ث�م يكلف�ه ،لأن النف��س ال�س�وية �إذا نال�ت التكري�م التزم�ت
بم�ا يترت�ب عليه�ا م�ن واجب�ات.
�ريف تكلي ٌ�ف يلي�ق ب�ه وينا�س�به ،فم�ن �ش� ّرفه
ويقاب�ل كل ت�ش ٍ
اهلل بالعل�م لزم�ه عم�ل ل�م ُيل�زم ب�ه م�ن ل�م ي َن�ل ذل�ك العل�م،
والر�س�ل الك�رام كان�وا �أكث�ر النا��س وف�ا ًء ب�ش�رف النب�وة وكرام�ة
ر�ض�ت له�ماهلل له�م ،فه�م ي�س�تح�ضرون ذل�ك التكري�م كلم�ا َع َ
الفت�ن وواجهته�م المغري�ات .ق�ال اهلل تعال�ى ع�ن نبي�ه يو�س�ف
وه�و ي�ر ّد الفتن�ة با�س�تح�ضار ف�ض�ل اهلل علي�ه وتكريم�ه
�إي�اه( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ
ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ)(((؛ فا�س�تح�ضر تكري�م
اهلل ل�ه لي�س�تعين به�ذا المعن�ى (العال�ي) عل�ى دف�ع الرذيل�ة
(الو�ضيع�ة) ،و�س�رعة ح�ض�ور ه�ذا المعن�ى ف�ي ذهن�ه ي�دل عل�ى
نب�ل نف�س�ه ومروءت�ه ،وطي�ب معدن�ه.
ولأن التكري�م و�س�يلة فعال�ة ف�ي تحفي�ز النفو��س للعم�ل القوي�م
والت�ص�رف ال�س�ليم؛ ف��إن اهلل ي�س�تنه�ض النفو��س بم�ا فيه�ا م�ن
ا�ست�ش�عار لل�ش�رف وتقدي�ر للتمي�ز ال�ذي ٌو ِه�ب له�م لك�ي يقابل�وا
الت�ش�ريف باحت�رام التكلي�ف ،ويقابل�وا العط�اء بالوف�اء ق�ال اهلل
تعال�ى( :ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻ ﭼ)((( ،وق�ال ُ مب ّي ًن�ا �س�مة التف�ضي�ل و ُمذ ّك� ًرا
((( �سورة يو�سف� ،آية.23 :
((( �سورة البقرة� ،آية.40 :
21
ميثاق أهل القرآن
22
ميثاق أهل القرآن
23
ميثاق أهل القرآن
24
ميثاق أهل القرآن
الجي��ش حت�ى و�صل�وا خيم�ة خال�د ب�ن الولي�د و�ص�اح خال�د ف�ي
النا��س :امت�ازوا �أيه�ا النا��س ف�كان كل فئ�ة تح�ت لوائه�م ،وكان
ل�واء المهاجري�ن م�ع �س�الم مول�ى �أب�ي حذيف�ة ،و�أو�ص�وه
�أال ي�ؤت�وا م�ن قبل�ه ،فق�ال كلمت�ه الم�ش�هورة( :بئ��س حام�ل
الق�ر�آن �إذن)((( ,ومعن�اه ,فم�ا قيم�ة انت�س�ابنا للق�ر�آن وحمل�ه
ف�ي �صدورن�ا �إذا ل�م يظه�ر ف�ي �أفعالن�ا الي�وم.
بئ�س حامل القر�آن الذي يقر�أه ال يجاوز حنجرته.
بئ��س حام�ل الق�ر�آن ال�ذي ن�ال بالق�ر�آن احت�رام النا��س،
ث�م ال ي�س�عى لين�ال ب�ه ر�ض�ا اهلل تعال�ى بتحقي�ق عبادت�ه وح�ده
ال �ش�ريك ل�ه ب�أجل�ى �صوره�ا.
نعم حامل القر�آن الذي كان ُخ ُلقه القر�آن.
نع�م حام�ل الق�ر�آن ال�ذي ق� ّدر ه�ذا ال�ش�رف وا�ست�ش�عره
�زج بنف�س�ه فيم�ا ال يلي�ق بكت�اب اهلل وحفظ�ة كت�اب اهلل.
ول�م ي ّ
�إن �ش�رف الق�ر�آن الكري�م لي��س لحاملي�ه فح�س�ب ،ب�ل حت�ى
للذي�ن يخدم�ون َح َملتَ�ه ويرعونه�م ويربونه�م وينفق�ون عليه�م؛
وه�ذا يعن�ي �أن ميث�اق ال�ش�رف ي�ش�مل الجمي�ع ،فه�ذا الميث�اق
يل�زم كل م�ن ن�ال الت�ش�ريف �أن يحت�رم التكلي�ف ،و�أن يراق�ب
�س�لوكه و�أفعال�ه و�أقوال�ه وحال�ه ،و�أن يجاه�د نف�س�ه ليتحل�ى
بحلي�ة �أه�ل الق�ر�آن ال�ش�رفية والخلقي�ة.
((( البداية والنهاية.
25
ميثاق أهل القرآن
26
بالعبا��س يناديك�م؛ ي�أه�ل �س�ورة البق�رة� ...أو بل�س�ان الح�ال :ي�ا
ال�س� ُمرة.
�أحف�اد �أ�صح�اب َ
يناديك�م لتكون�وا ق�دوات ف�ي التعام�ل ،وق�دوات ف�ي الأخلاق.
ثلا علي�ا ف�ي مجتمعاتك�م وخي�ر ًا عل�ى �أهليك�م،
يناديك�م لتكون�وا ُم ً
وفئ�ة ي��أوي النا��س �إليه�ا م�ن الفت�ن �إذا حم�ي الوطي��س.
ي�ا ُخ� ّدام كت�اب اهلل :ال تتول�وا مدبري�ن لأن �س�هام الت�شوي��ش
انهال�ت عليك�م ،فالق�ر�آن ين�ادي كل م�ن عاه�د اهلل لين�ص�ر
كتاب�ه ،ين�ادي قل�م الكات�ب ،وري�ال التاج�ر ،وعق�ل القائ�د ،و�إدارة
الخبي�ر ليتطوع�وا ف�ي خدم�ة الق�ر�آن؛ ال�ذي يناديه�م الي�وم كم�ا
ن�ادى العبا��س �أ�صح�اب ال�س�مرة الذي�ن بايع�وا تح�ت ال�ش�جرة،
فلق�د ق� ّل النا�ص�ر و�ض ُع�ف المعي�ن وازدادت المغري�ات ،فام�ض�وا
دم�ا ف�ي العناي�ة بكت�اب اهلل. ُق ً
خال�صة ميثاق ال�شرف:
يعني �أن نقبل المهمة في �أ�شرف �صورة لها قبول المهمة في
م�ستح�ضرين م�س�ؤولية الت�شريف الت�شريف الملزم
كلما عظم الت�شريف حين ن�ستح�ضر منة التكريم ف�إن نفو�سنا تكون
م�ستعدة للأداء الح�سن الذي يليق بذلك التكريم زاد التكليف
متى ما ن�سي الفرد �شرف مهمته ف�إنه �سيفقد علو ن�سيان �شرف
همته و�سيقبل بالخيارات الرخي�صة في غياب المهمة ي�ؤدي �إلى
ا�ست�شعار التميز تدني الهمة
27
ميثاق أهل القرآن
28
ميثاق أهل القرآن
يحب ،فيجمع بين االعتزاز بنبل هذا االختيار وال�سعي للعمل وفق
مراد اهلل منه ،م�ستح�ضرا م ّنة اهلل عليه بهذا العمل ومفتق ًرا لعون
ربه لكي يو ّفي بما يلزمه حيال هذه الم ّنة.
اعتزاز
29
30
ميثاق العهد
�أخ�ذ اهلل عل�ى النا��س ميثا ًق�ا ليعب�دوه وح�ده وال ي�ش�ركوا ب�ه
�ش�ي ًئا ،ق�ال اهلل تعال�ى( :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ)(((.
معن�اه يعب�دوه �أي ال ي�صرف�ون لغي�ره ً
عملا ال يح�ق �إال ل�ه
وح�ده ،وال يتقرب�ون �إلي�ه بعم�ل �أ�ش�ركوا في�ه �س�واه ،فه�و غن�ي
خال�ص�ا دون �س�واه ،وه�ذا حق�ه
ً ع�ن ال�ش�رك فلا يقب�ل �إال
الح�ص�ري ال�ذي ال ينازع�ه في�ه اال ظال�م.
و�أخ�ذ اهلل عل�ى الر�س�ل بي�ان ه�ذا العه�د وبي�ان تفا�صي�ل
الوف�اء ب�ه ونظ�ام المحا�س�بة علي�ه ،وتذكي�ر الخل�ق ب�ه ،ق�ال
اهلل تعال�ى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ)(((.
و�أخ�ذ اهلل عل�ى الر�س�ل �أي�ض�ا ميثا ًق�ا �أن ي�ؤمن�وا بالنب�ي
محم�د ﷺ وبالكت�اب ال�ذي ُين ّزل�ه اهلل مع�ه وه�و الق�ر�آن الكري�م،
ق�ال اهلل تعال�ى( :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
31
ميثاق أهل القرآن
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ)(((.
فالأ�ص�ل �أن العم�ل المطل�وب م�ن الب�ش�ر م�ا ه�و �إال وف�اء
بعه�د وميث�اق �س�ابق.
ولقد �أخذ اهلل على بني �إ�سرائيل عهدً ا �أن يبينوا الكتاب للنا�س،
�سبيل لنيل الدنيا ،ولك �أن تت�صور كم هيولكنهم جعلوا �آيات اهلل ً
�صفقة خا�سرة �أن تبيع الغالي لتح�صل على الرخي�ص .قال اهلل تعالى:
(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ)(((.
لي�س�ت الم�ش�كلة ف�ي �أخ�ذ الثم�ن مقاب�ل تعلي�م كت�اب اهلل� ،أو
�رعا ،لك�ن الم�ش�كلة�إمام�ة النا��س ب�ه بال�ص�ورة ال�صحيح�ة �ش ً
ف�ي طل�ب الدني�ا بالتن�ازل ع�ن محكم�ات كت�اب اهلل� ،أو �أن نزع�م
�أنن�ا ن��ؤدي العم�ل وف�اء بح�ق اهلل ،ث�م نت�ص�رف بطريق�ة يتح�ول
فيه�ا العم�ل لغي�راهلل� ،أو �أن يك�ون طل�ب الدني�ا ه�و المق�ص�د
الوحي�د م�ن ه�ذا العم�ل الأخ�روي الجلي�ل.
الوف�اء بالعه�د ال يك�ون �إال لم�ن �أخ�ذ علين�ا الميث�اق ،وكم�ا
�أن�ه ال وف�اء لغي�ر �صاح�ب العه�د ،فلي��س م�ن المعق�ول �أن ن�س�توفي
م�ن غي�ره � ً
أي�ض�ا.
((( �سورة �آل عمران� ،آية.81 :
((( �سورة �آل عمران� ،آية.187 :
32
ميثاق أهل القرآن
فحي�ن نق�ول ف�ي �أنف�س�نا �أنن�ا نتعل�م الق�ر�آن هلل تعال�ى ف�إنن�ا
نعن�ي بذل�ك �أن�ه ه�و وح�ده م�ن ننتظ�ر من�ه الج�زاء ونرج�وه.
وحين نقول �أننا نقدم ما نقدمه من �أجل كالم اهلل وكتاب اهلل
و�أهل القر�آن ف�إن هذا يعني �أن الذي نوجه له النية والعمل هو اهلل له
نوفي ومنه ن�ستوفي.
والنا�س في م�سالة ق�صد وجه اهلل ونية العمل �أنواع:
الن�وع الأول :ن�وع يرائ�ي بتعلم�ه وتعليم�ه وتالوت�ه لكت�اب اهلل
وه�ذ حال�ه كم�ا ج�اء ف�ي الحدي�ث ال�صحي�ح�« :إنَّ اهلل
�زل �إل�ى العب�ا ِد ،ليق�ض َ�ي �وم القيام� ِة ،ين ُ� إذا كان ي ُ
أول م�ن ُيدع�ى ب�ه رج� ٌل بينه�م ،وك ُّل �أم� ٍة جاثي� ٌة ،ف�� ُ
�بيل اهلل ،ورج� ٌل كثي ِ�ر جم�ع الق�ر�آنَ ،ورج� ٌل ُق ِت َ�ل ف�ي �س ِ
�ول اهلل للق�اريءِ� :أل�م �أُع ِّل ْم�ك م�ا �أَنزل�تُ �ال ،فيق ُالم ِ
رب ،ق�ال :فم�ا عمل َ�ت فيم�ا عل�ى ر�س�ولي؟ ق�ال :بل�ى ي�ا ِّ
�وم ب�ه �آن�ا َء اللي ِ�ل و�آن�ا َء النه�ا ِر،علم َ�ت؟ ق�ال :كن�تُ �أق ُ
�ول ل�ه المالئك� ُة :كذب َ�ت، �ول اهلل ل�ه :كذب َ�ت ،وتق ُ فيق ُ
�ال :فلان ق�اري ٌء، �ول اهلل :ب�ل �أردتَ �أن يق َ ويق ُ
وق�د قي�ل ذل�ك».
الن�وع الثان�ي :ن�و ٌع تعل�م الق�ر�آن مقتد ًي�ا بم�ن �أُعج�ب به�م
وبهرت�ه �أ�صواته�م �أو �إتقانه�م لكت�اب اهلل �أو بروزه�م ف�ي
مج�ال الق�ر�آن الكري�م ،ث�م عر��ض نف�س�ه عل�ى الق�ر�آن
33
ميثاق أهل القرآن
الن�وع الخام��س :ه�و مث�ل الراب�ع ،لكن�ه بع�د �أن تنك�رت ل�ه
الوج�وه ول�م يج�د م�ن النا��س م�ا يتوقع�ه م�ن حف�اوة،
يف�ضل�ون علي�ه رع�اع النا��س ّ و�ش�اهد �أه�ل الدني�ا
و�س�فهاءهم ،و�أح�اط ذهن�ه بالتفكي�ر ف�ي كث�رة الخب�ث،
وع�دم ج�دوى الثب�ات ،فنك��ص عل�ى عقبي�ه وانقل�ب
ع�ن نيت�ه وعمل�ه م�ع الق�ر�آن و�أهل�ه ف��إذا عاتبت�ه نف�س�ه
عل�ى م�ا فع�ل ،و�ش�عر ب�أل�م لم�ا ف� ّرط في�ه م�ن خي�ر،
وخ�اف م�ن �س�وء العاقب�ة؛ �أ�س�عفه ال�ش�يطان بحج�ة
يغط�ي به�ا م�ا بق�ي م�ن ن�ور الق�ر�آن ف�ي قلب�ه ،و�أقنع�ة
بحج�ة (م�ن الت�أوي�ل والمعاذي�ر) تخف�ف علي�ه ح�رارة
ال�ش�عور بالنق��ص والذن�ب والخ�س�ارة ،ولك�ي يه�رب م�ن
واقع�ه الألي�م م�ع نف�س�ه يه�رع �إل�ى ت�صدي�ق الباط�ل،
ث�م ال يلب�ث �أن يتبن�اه وي�ؤم�ن ب�ه حت�ى ترت�اح نف�س�ه م�ن
عن�اء االنف�ص�ام .فت�راه م�ن �أكث�ر النا��س ع�داوة لأه�ل
الق�ر�آن ،و�إذا عث�ر �أحده�م �أو وق�ع من�ه زل�ة ،ط�ار به�ا
فرح�ا ف�كان م�ن �أقذعه�م نق�دا و�أحدِّ ه�م ل�س�ا ًنا ،وك�أن�ه
يق�ول الحم�د هلل ال�ذي نجان�ي ول�و بقي�ت معه�م ل�كان
وكان!! ويتباه�ى ب�أ�س�طورته الت�ي ال ي�صدقه�ا غي�ره،
والعجي�ب �أن�ه به�ذا الت�ص�رف خ�س�ر �ش�رف �أه�ل الق�ر�آن،
ّ
يتفط�ن �إلي�ه �أه�ل ول�م ين�ل ثن�اء النا��س ،ب�ل �س�رعان م�ا
الباط�ل فينتعلون�ه وي�س�تخدمونه ف�ي ت�ش�ويه �ص�ورة �أه�ل اهلل
35
ميثاق أهل القرآن
خا�صت�ه ،حت�ى �إذا �ش� ِبع م�ن وح�ل اله�راء ،وتقط�ع م�ن �ش�دة
الع�واء ،خلع�وه عن�د �أول عتب�ة ي�صلونه�ا وانتعل�وا غي�ره.
عقد الوفاء ومرحلة االبتالء
ج�رت �س�نة اهلل ف�ي �أوليائ�ه �أن يبتليه�م لحكم�ة ه�و المحي�ط
به�ا علم�ا ورحم�ة وخب�رة ،ق�ال اهلل تعال�ى( :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ)(((.
حي�ن يعل�ن الم�ؤمن�ون م�ن �أنف�س�هم �أنه�م م�ؤمن�ون �أو يعمل�ون
عملاً هلل ،فق�د ج�رت �س�نة اهلل تعال�ى �أن يت�م اختب�ار ه�ذا
�صحيح�ا ،فك�م م�ن �أنا��س ظن�وا �أن
ً الزع�م ول�وكان ف�ي �أ�صل�ه
نواياه�م �صافي�ة ومقا�صده�م خالي�ة م�ن كل �ش�ائبة ولك�ن اهلل
يعل�م بخفاي�ا القل�وب الت�ي تخف�ى عل�ى �أ�صحابه�ا فعل�م اهلل بن�ا
خي�ر م�ن علمن�ا ب�أنف�س�نا ،وت�أم�ل م�ا ح�ص�ل م�ن ح�ال ال�صحاب�ة
الأطه�ار ي�وم �أح�د ،ون�زول ق�ول اهلل تعال�ى( :ﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ)((( ،وق�ول اب�ن م�س�عود ع�ن
ذل�ك( :م�ا علمن�ا �أن �أح�دً ا م�ن �أ�صح�اب ر�س�ول اهلل ﷺ كان
يري�د الدني�ا وعر�ضه�ا حت�ى كان يومئ�ذ)((( يعن�ي ي�وم �أح�د.
((( �سورة العنكبوت� ،آية.٣-٢ :
((( �سورة �آل عمران� ،آية.152 :
((( تف�سري بن جرير الطربي ماجاء يف ت�أويل قول اهلل تعالى( :ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿ).
36
ميثاق أهل القرآن
(ف�أم�ا م�ن ق�ال� :آمن�ت فلا ب�د �أن يمتحن�ه ال�رب ويبتلي�ه،
ليتبي�ن :ه�ل ه�و �ص�ادق ف�ي قول�ه� ،آمن�ت� ،أو كاذب؟ ف��إن كان
كاذ ًب�ا رج�ع عل�ى عقبي�ه ،وف�ر م�ن االمتح�ان ،كم�ا يف�ر م�ن
ع�ذاب اهلل ،و�إن كان �صاد ًق�ا ثب�ت عل�ى قول�ه ،ول�م ي�زده االبتلاء
واالمتح�ان �إال �إيما ًن�ا عل�ى �إيمان�ه)(((.
فالوف�اء بالحق�وق ف�ي ال�س�راء وال�س�عة والرخ�اء والدع�ة ال
مح��ص م�ا فيه�ا ،ب�ل حي�ن تق�ع الفت�ن،
يك�ش�ف حقيق�ة القل�وب وال ُي ّ
وتتخل�ف التوقع�ات ،وتهت�ز النفو��س ،مث�ل �أن ي�صط�دم حمل�ة ل�واء
الق�ر�آن بواق�ع محب�ط �أو معي�ق� ،أو يتنك�ر له�م القري�ب ويخذله�م
الحبي�ب ،وحي�ن ينف� ّ�ض النا��س م�ن حوله�م ليتبع�وا بري�ق الغ�ي
وجلب�ة الباط�ل؛ حينه�ا تنك�ش�ف �أر�ص�دة القل�وب ،ويق�ع مق�ص�ود
قول�ه تعال�ى( :ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ )((( �صدق�وا ف�ي م�ا وع�دوا ب�ه
اهلل ،وم�ا ادع�وه م�ن ال�ص�دق مع�ه ول�ه تعال�ى (ﯙ ﯚ)
37
ميثاق أهل القرآن
تق�ل الإمكان�ات ينف� ّ�ض النا��س .لي�س�ت الم�ش�كلة �أن يق�ل النا��س
حي�ن تق�س�وا الظ�روف �أو تق�ل الم�وارد ،فلي�س�ت ه�ذه م�ش�كلة،
لك�ن الم�ش�كلة حي�ن يع�ود الهارب�ون لي�أخ�ذوا معه�م م�ن بق�ي
�صام�دً ا (رغ�م ق�س�وة الظ�روف) فه�م كم�ن يقن�ع الباقي�ن عل�ى
جب�ل الرم�اة بت�رك الجب�ل.
ق�د يم�نّ اهلل علين�ا بظ�روف محف�زة وبيئ�ات عم�ل م�ش�جعة
ليجذبن�ا �إل�ى مائ�دة الق�ر�آن رحم�ة بن�ا ومراع�اة لب�ش�ريتنا
وت�ألي ًف�ا لقلوبن�ا ،ولك�ن بع�د �أن يعلمن�ا الق�ر�آن ويرق�ي �أحوالن�ا،
ويزك�ي نفو�س�نا ،ف��إن الوق�ت يك�ون ق�د ح�ان لمن�ح المميزي�ن
مكاف��أة تلي�ق بالدر��س ال�ذي تعلم�وه ،واله�دى ال�ذي وج�دوه.
فتق�ل الم�وارد وت�ضع�ف المحف�زات ،وال يبق�ى �إال م�ن دافع�ه
م�ن داخل�ه وم�وارده م�ن هداي�ات الق�ر�آن و�أ�س�راره ومواعظ�ه.
ال �أح�د ي�س�تحق ال�ش�كر حت�ى يوف�ي بم�ا عاه�د علي�ه �أو وج�ب
علي�ه م�ن الح�ق.
لك�ن اهلل تعال�ى م�ن رحمت�ه وف�ضل�ه �أن جع�ل الوف�اء الواج�ب
فيم�ا ي�س�ع الإن�س�ان القي�ام ب�ه م�ن �إيم�ان وق�ول وفع�ل ،ب�ل
وتف�ض�ل عل�ى م�ن يف�ي به�ذا الق�در بال�ش�كر من�ه تعال�ى.
وعندم�ا نتح�دث ع�ن �ش�كر اهلل للعب�د فلنعل�م �أنن�ا نتح�دث
ع�ن رحل�ة تب�د�أ بالعم�ل وتم�ر باالبتلاء وتنته�ي بال�ش�كر م�ن
اهلل.
فم�ن وف�ى بم�ا الت�زم ب�ه ووف�ق ف�ي الوف�اء بالتزام�ه حي�ن
يبتل�ى ف�اهلل تعال�ى خي�ر م�ن وف�ى بح�ق (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
ﯵ)(((.
ن�ص القانون:
(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ق�ال اهلل تعال�ى:
ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ
ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ
ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ)(((.
اهلل ا�شترى والم�ؤمنون باعوا فما الثمن؟
((( �سورة التوبة� ،آية.111 :
((( �سورة التوبة� ،آية.111 :
39
ميثاق أهل القرآن
40
ميثاق أهل القرآن
معــــــــادلة الوفــــــــاء
42
ميثاق أهل القرآن
44
ميثاق أهل القرآن
45
ميثاق أهل القرآن
46
ميثاق االلتزام
الميث�اق ال ي�ؤخ�ذ اال بني�ة االلت�زام ب�ه ،وتحم�ل تبعات�ه والقب�ول
بم�ا يترت�ب علي�ه م�ن نتائ�ج.
ت�أم�ل ق�ول اهلل لنبي�ه مو�س�ى ولبن�ي �إ�س�رائيل حي�ن
�آتاه�م الت�وراة الت�ي فيه�ا اله�دى والن�ور :ق�ال اهلل تعال�ى( :ﭑ
ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ
ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ)(((.
ومعنى (فخذ ما �آتيتك) :يقول :فخذ ما �أعطيتك من �أمري
ونهيي وتم�سك به ،واعمل به ،ومعنى (خذها بقوة) :قال :بجد
واجتهاد((( وعزم على الطاعة(((.
وذ ِك�ر ف�ي �ش�رح (فخذه�ا بق�وة) �أي :بج�د واجته�اد عل�ى ُ
�إقامته�ا ،و�أم�ر قوم�ك ي�أخ�ذوا ب�أح�س�نها وه�ي الأوام�ر الواجب�ة،
والم�س�تحبة ،ف�إنه�ا �أح�س�نها(((.
�سورة الأعراف� ،آية.145-144 : (((
تف�سري الطربي. (((
تف�سري ابن كثري. (((
تف�سري ال�سعدي. (((
47
ميثاق أهل القرآن
48
ميثاق أهل القرآن
49
ميثاق أهل القرآن
50
ميثاق أهل القرآن
�(-إنا �سنلقي عليك قوال ثقيال) وهو الوحي وما فيه .
-وكذلك من �أجل (�إن لك في النهار �سبحا طويال) �أي عمل
كثير .
ومم�ا اعت�ادت علي�ه النفو��س �أنه�ا ترت�اح باللي�ل وت�أخ�ذ �أكب�ر
ق�در م�ن الن�وم� ،إذا كان هن�اك عم�ل كثي�ر ف�ي النه�ار.
لكن هذه الآيات تر�سل ر�سالة مختلفة ،مفادها� :إذا �أردت تح ّمل
م�س�ؤولية الوحي (القول الثقيل) واال�ستعداد لعمل النهار ف�إن زادك هو
محراب القر�آن تتلوه وترتله ،وهو كفيل بمنحك القوة التي تحتاجها
روحك ونف�سك وبدنك ،لكي تقوم بم�س�ؤولياتك الج�سام.
ولقد التزم النبي ﷺ هذا الأمر ،والتزمه ال�صحابة معه ،و�سجلوا
�أروع ال�صور في التزامهم بمقت�ضى القر�آن الكريم وتلقيهم لتعليماته
بالقبول وااللتزام ،وكذلك تحملهم لما يجدونه في �سبيله من الم�شاق
والتبعات ،والظروف((( .فعن �أم الم�ؤمنين عائ�شة � :أن نبي
اهلل ﷺ كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ،فقالت عائ�شةَ :لم
ت�صنع هذا يا ر�سول اهلل وقد غفر اهلل لك ما تقدم من ذنبك وما
ت�أخر؟! قال�« :أفال �أحب �أن �أكون عبدا �شكو ًرا»(((.
((( قال احلافظ ابن حجر :وذكر ال�شافعي عن بع�ض �أهل العلم �أن �صالة الليل
كانت مفرو�ضة ثم ُن�سخت بقوله تعالى( :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) ،ف�صار الفر�ض قيام
بع�ض الليل ،ثم ن�سخ ذلك بال�صلوات اخلم�س) .فتح الباري (.)1/554
((( متفق عليه.
51
ميثاق أهل القرآن
52
ميثاق أهل القرآن
53
ميثاق أهل القرآن
فر�صتها لتبهرنا� ،أو تهددنا� ،أو تعدنا بالحماية؛ لأن القر�آن قد
و�ضعها في مقارنة خا�سرة ،ولم تعد قوة الب�شر تملأ العين بعد
�أن عرفت قلوب الم�ؤمنين �أن اهلل هو القوي العزيز ،و�أنه القاهر
فوق عباده ،و�أنه على كل �شيء قدير.
واهلل حين يع ّرفنا رحمته ولطفه ور�أفته ،فلن تحفل نفو�سنا
بمالذ �آخر ،ولن ينجح جميع من ي ّدعون الرحمة �أن يقدموا
مالذا يغني عن رحمة اهلل ،وعنايته ولطفه ،ورعايته،لنا ً
ومهما كانت �أح�ضان الأمهات دافئة �آمنة ،ومهما كانت
كلمات المحبين لطيفة ناعمة ،ف�إن من عا�ش مع القر�آن
ور�أى فيه كيف هي رحمة اهلل بالخلق ولطفه بعباده ف�سوف
يفر �إلى اهلل وحده.
اهلل حين يق�ص علينا واليته للم�ؤمنين وكفايته ون�صرته
لهم ،ف�إنه بذلك يجعل الم�ست�ضعفين �أكثر النا�س �أما ًنا.
لأنهم ي�أوون �إلى ركن �شديد (ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ
ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ)(((.
حين يحدثنا القر�آن عن عفو اهلل ومغفرته وتوبته على عباده،
ف�سوف ي�شعر العا�صي �أنه ال يوجد قانون في الدنيا يمكنه
منحك عف ًوا بال تبعات ويمنحك غفرا ًنا يبتلع كل خطاياك
مهما عظمت .بل ويفرح بتوبتك وعودتك �إليه مثل الذي تجده
((( �سورة حممد� ،آية.11 :
54
ميثاق أهل القرآن
في جنب اهلل حين تتوب �إليه.فالقر�آن كفيل لمن تدبره �أن
يجعله يعي�ش في الدنيا بامتياز خا�ص يتجاوز به كل المتاعب،
لأنه �سيعرفه باهلل وحين نعرف اهلل �سن�ضع ما �سواه في
مو�ضعه مهما حاول التعالي.
في القر�آن ت�سلية عبر ق�ص�ص الر�سل و�أحداث الأمم .فمن
�أروع ما يحدثه ق�ص�ص القر�آن في الذين يتلونه �أو ي�ستمعون
له؛ (االندماج) حيث ين�ساق ذهن ال�سامع مع الحدث
وت�صوير البيان القر�آني حتى يتحد الخيال مع واقع الق�صة،
فك�أن ال�سامع يعي�ش تلك الق�صة كما عا�شها �أ�صحابها.
فاالندماج يجعلك تبكي مع يعقوب ،وتت�أوه مع �إبراهيم
وتتمنى مع لوط ،وت�ضحك مع �سليمان � أجمعني.
فالح َ�دث ف�ي الق�ر�آن يجعل�ك تعي��ش التجرب�ة كم�ن عا�ش�ها
َ
وتتعل�م منه�ا كم�ن خ�رج منه�ا للت�و.
ما �أروع �أن تدخل (الجو) القر�آني ب�أحزانك ،وتندمج في ق�صة
يو�سف ب�آالمك وغربتك ودموعك ،وتتعلم منها بعمق؛ �أن التقوى �سبيل
التمكين (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ)(((.
ث�م تخ�رج منه�ا وك�أن�ك تخل�ص�ت م�ن كل حزن�ك حي�ن
تق�ر�أ (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
55
ميثاق أهل القرآن
ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ)((( .وبع�د كل الآالم وبع�د كل الآم�ال تدفع�ك الق�ص�ة
�إل�ى نتيج�ة حتمي�ة لم�ن ان�س�اق م�ع محتواه�ا ،وه�ي �أن النهاي�ة
المعتب�رة والنتيج�ة الت�ي تغن�ي ع�ن كل نتيج�ة؛ ه�ي (ﯟ ﯠ ﯡ
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ)(((.
�إنه�ا الق�ص�ة الت�ي تدع�وك لأن تك�ون �أح�د �أبط�ال الحلق�ة
الأخي�رة م�ع الذي�ن يدخل�ون الجن�ة بم�ا �صب�روا.
وه�و وف�ي الق�ر�آن تندم�ج م�ع ق�ص�ة نب�ي اهلل ل�وط
يق�ول( :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ)(((.
ث�م ت�س�تفيق عل�ى ج�واب (ﰔ ﰕ ﰖﰗ ﰘ ﰙ ﰚ).
فت�رى �أو ك�أن�ك ت�رى (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ)(((؛ فبالأم��س نلتم��س مطل�ق الق�وة،
والي�وم ن�ش�اهد �آث�ار الق�وة المطلق�ة.
�أ�س�الك ب�اهلل ه�ل هن�اك مقه�ور ل�م تم�ر ب�ه لحظ�ة ال�ضع�ف
ه�ذه ،ث�م ه�ل ي�ش�ك م�ؤم�ن ف�ي �أن�ه �سيعي��ش لحظ�ة الن�ص�ر
�سورة يو�سف� ،آية.١٠٠ : (((
�سورة يو�سف� ،آية.١٠١ : (((
�سورة هود� ،آية.٨٠ : (((
�سورة هود� ،آية.٨٢ : (((
56
ميثاق أهل القرآن
االلتزام ال�شخ�صي:
نق�صد بااللتزام ال�شخ�صي �أن يكون لدى حامل القر�آن قوة
�شخ�صية((( تمكنه من التحكم في �أمرين:
1.1عاداته (رغباته)
2.2انفعاالته
فكيف نلتزم في عاداتنا؟
العادات ال�شخ�صية هي الت�صرفات المعتادة التي يفعلها ال�شخ�ص
كلما تعر�ض لموقف ما ،وفي الجدول التالي مثال للعادة ال�سلبية �أو
الإيجابية التي يمكن �أن تن�ش�أ مع المواقف.
العادة احلالة املوقف
الإجناز +
عمل ينبغي اجنازه
الت�سويف -
النهو�ض +
موعد اال�ستيقاظ
زيادة النوم -
التجنب +
تناول �أكل غري �صحي
الإكثار -
((( قوة ال�شخ�صية ال نعني بها القدرة على مواجهة الآخرين بل القدرة على مواجهة
الإن�سان لهواه .امل�ؤمن القوي ال ي�ضعف �أمام نزعات نف�سه بل يثبت وهذا ما مينحه
ال�شجاعة والقدرة على قول احلق وجتنب النفاق وم�صاحلة الباطل.
59
ميثاق أهل القرآن
60
ميثاق أهل القرآن
((( هذا التف�سري فقط من جهة التزامه ال�شخ�صي ،وهناك تف�سريات �أخرى ال تنا�سب املقام.
61
ميثاق أهل القرآن
63
ميثاق أهل القرآن
64
ميثاق أهل القرآن
ُمطا َل�ب بنظ�ام خا��ص ،يمنع�ه م�ن بع��ض تل�ك المباح�ات� ،أو
ينظ�م ل�ه كيفي�ة التعام�ل معه�ا.
فكم�ا ن�ش�اهد ف�ي �صال�ة بن�اء الأج�س�ام وحم�ل الأثق�ال� ،أن
�أول م�ا يتعلم�ه م�ن يري�د النج�اح ف�ي ه�ذا المج�ال ،ه�و تنظي�م
طريقت�ه ف�ي الغ�ذاء .وم�ن ذل�ك التنظي�م �أن�ه يتقب�ل وبقناع�ة
من�ذ البداي�ة؛ تج ُن�ب كثي� ًرا م�ن الأطعم�ة الت�ي تمن�ع ج�س�مه
م�ن اكت�س�اب اللياق�ة ،وكذل�ك يمتن�ع ع�ن ع�دد م�ن الممار�س�ات
ف�ي الحي�اة ،لك�ي ُيب ِق�ي عل�ى لياقت�ه ،وي�س�تمر ف�ي تنمي�ة قدرت�ه
عل�ى حم�ل مزي�د م�ن الأثق�ال.
ومم�ا تع�ارف علي�ه �أ�صح�اب ه�ذه الريا�ض�ات �أن�ه ال يمك�ن
الجم�ع بي�ن حري�ة الطع�ام والن�وم م�ن جه�ة ،وبي�ن التم ّي�ز
البدن�ي م�ن جه�ة �أخ�رى .فعل�ى الالع�ب �أن يخت�ار �إم�ا قان�ون
الم�درب �أو قان�ون (البوفي�ه المفت�وح)(((.
وحي�ن نك�ون �ضم�ن كوكب�ة الق�ر�آن ف�إنن�ا يج�ب �أن نخت�ار
�إم�ا قان�ون (فخذه�ا بق�وة) ونعي�د ترتي�ب رغباتن�ا� ،أو قان�ون
(�إنم�ا ه�ي حياتن�ا الدني�ا) ونطل�ق لرغباتن�ا العن�ان ،فنتخل�ى
ع�ن �س�باق �أه�ل الق�ر�آن ،و�س�باق الفر�س�ان يحت�اج �إل�ى خي�ل
مر ّو�ض�ة وم�ض ّم�رة(((.
((( يق�صد به الطعام املتاح با�ستمرار.
((( اخليل امل�ض ّمرة هي التي يتم جتويعها ا�ستعدادا لل�سباق.
65
ميثاق أهل القرآن
66
ميثاق أهل القرآن
فهناك حالتان:
1.1حال�ة ل�ش�خ�ص يتمت�ع بمع�ارف جي�دة وخب�رات ممت�ازة
وه�ذا يتوق�ع �أن يك�ون �أكث�ر كف�اءة ف�ي مواجه�ة المواق�ف.
2.2وحال�ة �ش�خ�ص قلي�ل الإدراك والخب�رات وه�ذا ُيتوق�ع �أن
يك�ون �أق�ل كف�اءة ف�ي مواجه�ة المواق�ف.
وهناك حال ثالثة وهي :حالة �شخ�ص يتمتع بمعارف جيدة
وخبرات ممتازة ،لكنه لم ي�ستطع اال�ستفادة منها في المواقف،
وكلما واجهه موقف اكت�شف �أن تلك المعارف والخبرات تتطاير
عنه وتخذله ،وال يتذكر منها �شي ًئا �إال بعد فوات الوقت.
ومم�ا ي��ؤدي لذل�ك حال�ة الغ�ض�ب ،والت�ي تحج�ب ع�ن العق�ل
كل م�ا لدي�ه م�ن ر�صي�د ،فيعال�ج الموق�ف كم�ا يعالج�ه ال�س�فهاء
والجهلاء والطائ�ش�ون.
�سن�شرح الأمر ب�شكل �أب�سط:
تخيل �أن قائدا ُك ِّلف بالدفاع عن بلدة معينة �ضد بع�ض
الع�صابات ،ولديه �ألف جندي ب�أنواع الأ�سلحة .ويع�سكرون في
مكان قريب وي�ستدعيهم متى �شاء ،وفي كل مرة يقوم با�ستدعائهم
ف�إنهم يخرجون من بوابات المع�سكر ويتحركون عبر طريق ممهد
عر�ضه ع�شرين مت ًرا باتجاه مركز القيادة ،وال ي�ستغرق منهم
حمل الأ�سلحة وتحريك الآليات والمرور عبر الطريق الوا�سع؛
�سوى 20دقيقة حتى يكونوا جاهزين للدفاع وردع المعتدين الذين
67
ميثاق أهل القرآن
68
ميثاق أهل القرآن
ت�أمل � ً
أي�ضا:
�أن و�صول الأ�سلحة الخفيفة �أوال لم يكن مفيدً ا؟
�أن الأ�س�لحة الأكث�ر فعالي�ة كان�ت بطيئ�ة الحرك�ة وا�س�تغرقت
وقت�ا �أط�ول ،واحتاج�ت م�س�ا ًرا �أو�س�ع.
ه�ذا بال�ضب�ط م�ا يح�دث لخبراتن�ا ومعلوماتن�ا حي�ن نواج�ه
�أي موق�ف ونتعر��ض للتوت�ر .فالتوت�ر يغل�ق طري�ق و�ص�ول الخب�رات
�إل�ى الذه�ن ،و�إذا و�صل�ت ف�إنه�ا تك�ون خب�رات �س�طحية وغي�ر
عميق�ة .وحي�ن نواج�ه المواق�ف ونح�ن ف�ي حال�ة التوت�ر ف�إنن�ا
نواجه�ا بخب�رات هزيل�ة فنرتك�ب الأخط�اء والحماق�ات.
وبعد �أن ن�ستعيد هدوءنا ونتخل�ص من التوتر؛ ت�صلنا الخبرات
الحكيمة والر�شيدة ولكنها تكون مت�أخرة وال جدوى من و�صولها.
فالتوتر يقطع الطريق بيننا وبين قناعاتنا ومعارفنا وثقافتنا،
فنعالج المواقف كما يعالجها عديم الخبرة� ،أو كما يعالجها ال�سفهاء
�أحيا ًنا .مع العلم �أننا ق�ضينا عم ًرا في تعلم الحكمة ،ومهارات
التعامل ،لكن التوتر جردنا منها بكل ب�ساطة.
�إن تح ّم�ل معان�ي ومواع�ظ الق�ر�آن الكري�م يحت�اج �إل�ى
نفو��س حليم�ة ،و�أذه�ان غي�ر متوت�رة ،وقل�وب تغ�ش�اها ال�س�كينة،
حت�ى تتمك�ن م�ن مواجه�ة الذع�ر واال�س�تفزاز بحكم�ة ور�ش�د(((.
((( ملزيد من الوعي ب�أهمية ال�سكينة يف ح�سن التعامل مع املفاج�آت والفواجع،
واال�ستفزاز ميكن االطالع عليها يف كتاب (ح�سبنا اهلل) للم�ؤلف.
69
ميثاق أهل القرآن
(((
كيف تنطلق �شرارة التوتر ،وكيف نتجنبها؟
�إذا واج�ه الإن�س�ان موق ًف�ا م�ا� ،أو ر�آه �أو �س�معه �أو عا�ش�ه ،ف�إن�ه
يتعر��ض لمثي�ر خارج�ي يت�س�بب ف�ي تحري�ك انفعاالت�ه،
واالنفع�االت الت�ي ُتث�ار م�ن خلال الموق�ف ه�ي نتيج�ة
تف�س�يرنا للموق�ف وطريق�ة فهمن�ا ل�ه.
فالحزن �أو الخوف� ،أو الغ�ضب والتوتر ال تح�صل ب�سبب المواقف
ب�شكل م�ستقل ،بل ب�سبب طريقة نظرتنا لتلك المواقف وتف�سيرنا لها.
فتجد موق ًفا ما ،يت�سبب في غ�ضب �شخ�ص ،وحين يتعر�ض له
�شخ�ص �آخر ف�إنه ال يغ�ضب.
نتيج�ة له�ذه المقدم�ة :ف��إن �ش�رارة التوت�ر تب�د�أ م�ن
طريقتن�ا ف�ي تف�س�ير وتحلي�ل المواق�ف ،و�إذا كان�ت لدين�ا ثقاف�ة
خاطئ�ة �أو ع�ادات ذهني�ة �س�يئة مث�ل ال�ش�ك� ،أو �س�وء الظ�ن �أو
ع�ادات نف�س�ية �س�لبية مث�ل الكبري�اء �أو الح�س�د ،ف�إنن�ا �س�نكون
مر�ش�حين بق�وة للتعر��ض للتوت�ر ف�ي �أغل�ب المواق�ف.
وعلى هذا ف�إن �أهم خطوة في تجنب التوتر هو تربية النف�س على
مهارات ح�سن الظن ،وح�سن ت�أويل المواقف ب�شكل مريح للنف�س،
وفيما يلي �أبرز خطوات التعامل مع التوتر واكت�ساب الحلم(((.
((( جمي�ع م�ا يذك�ر يف ه�ذه الفق�رة ل�ن يك�ون مفي�دً ا �إذا مل ُيط ّب�ق ،فلا توج�د
قيمة لأي حل ال يتم تطبيقه.
((( ال قيمة لهذه اخلطوات ما مل تتحول �إلى عمل من الآن.
71
ميثاق أهل القرآن
73
ميثاق أهل القرآن
74
ميثاق أهل القرآن
76
ميثاق الإح�سان
كثي�را م�ا يذك�ر الإح�س�ان عن�د الحدي�ث ع�ن االتق�ان،
والإح�س�ان باخت�ص�ار عب�ارة ع�ن زي�ادة الح� ّ�س الرقاب�ي
وا�ست�ش�عار عل�م اهلل ور�ؤيت�ه للعب�د ،مم�ا يدفع�ه لإح�س�ان ك ّل عم�ل
ي�راه اهلل ويعلم�ه .وه�ذا يعن�ي �أن�ه ال يوج�د عم�ل يمكنن�ا فعل�ه
خ�ارج عل�م اهلل ،وم�ن هن�ا ولنك�ون مح�س�نين ف�إنن�ا �س�نج ّود
عم�ل القل�ب كم�ا نج� ّود عم�ل الج�وارح.
(ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ولنب�د�أ م�ن ق�ول اهلل تعال�ى:
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ)(((.
حي�ن قال�ت الفت�اة ع�ن مو�س�ى �أن�ه ق�وي �أمي�ن� ،س��ألها
�أبوه�ا :وكي�ف عرف ِ�ت؟ ف�أخبرت�ه �أن ق ّوت�ه ظه�رت ف�ي قدرت�ه عل�ى
رف�ع ال�صخ�رة ع�ن البئ�ر وال�س�قي بق�وة و�س�رعة ،و�أمانت�ه ظه�رت
حي�ن غ��ض ب�ص�ره عنه�ا.
وم�ن هن�ا نالح�ظ �أن الق�وة ق�درة عل�ى العم�ل ،والأمان�ة
مراقب�ة اهلل ف�ي العم�ل.
وفن ن�صيبها من القوة والأمانة؟
ولكل مهنة ٍ
((( �سورة الق�ص�ص� ،آية.26 :
77
ميثاق أهل القرآن
ول�كل م�ن ه�ذه الأدوار �ص�ورة م�ن الأداء تبي�ن وج�ه الأمان�ة
في�ه .فل�كل مهم�ة حظه�ا م�ن الأمان�ة وحظه�ا م�ن الغ��ش .و�أه�ل
كل ف�ن يعرف�ون الأداء الن�ص�وح والأداء المغ�شو��ش.
حي�ن نجاه�د �أنف�س�نا عل�ى الإح�س�ان ف�ي العم�ل ك�أنن�ا ن�رى
اهلل ،والعم�ل ونح�ن نالح�ظ �أن�ه يران�ا؛ فل�ن نقب�ل
ب��أن نمار��س الأعم�ال بغي�ر مه�ارة متقن�ة ،وه�ذا �إح�س�ان قوتن�ا
(�إتق�ان) ،ول�ن نقب�ل �أن نتق�ن الأعم�ال لنحق�ق مكا�س�ب غي�ر
م�ش�روعة ،وه�ذه �إح�س�ان �أمانتن�ا (مراقب�ة).
الت�أويل والح�س الرقابي:
يوج�د ف�ي نفو��س الف�ضلاء،
الأمان�ة ماه�ي �إال ح� ٌ�س رقاب�يَ ،
فيدفعه�م ه�ذا الح��س �إل�ى �أن يمار�س�وا عل�ى �أنف�س�هم رقاب�ة
داخلي�ة �صارم�ة ،ومحا�س�بة م�س�تمرة.
وحت�ى ال تفق�د نفو�س�نا ه�ذا الح��س الرقاب�ي ،ال ب�د م�ن
القي�ام ب�صيان�ة م�س�تمرة لقلوبن�ا ونوايان�ا ،وقناعاتن�ا .لأن�ه �إذا
تغي�رت قناعاتن�ا ودخل�ت عليه�ا الت�أويلات والتبري�رات ،ف��إن ه�ذا
الح��س الرقاب�ي ي�ضع�ف ويق�ل ت�أثي�ره فت�ضع�ف فاعلي�ة ال�ضب�ط
الذات�ي ،ويق�ل جه�د المحا�س�بة م�ن نفو�س�نا ،فنقب�ل بتمري�ر م�ا
ال يتف�ق م�ع الف�ضيل�ة ،لي��س لأنن�ا ل�س�نا �أمن�اء ولك�ن لأنن�ا م�ن
حي�ث ال ن�ش�عر ،وربم�ا ب�س�بب ظ�روف وعوائ�ق (غي�ر قاه�رة)
وقعن�ا تح�ت ت�أثي�ر مب�ررات �أو ت�أويلات �ش�خ�صية �س� ّهلت عل�ى
79
ميثاق أهل القرآن
�ضمائرن�ا قب�ول الأداء الأق�ل �إتقا ًن�ا ،وخ� ّدرت الح��س الرقاب�ي
ف�ي نفو�س�نا� ،أو قلل�ت م�ن فاعليت�ه.
�إن حمل�ة كت�اب اهلل ،والمنت�س�بين ل�ه ملزم�ون بق�در �إ�ضاف�ي
م�ن الرقاب�ة الذاتي�ة ،وال ي�س�عهم ف�ي ه�ذا م�ا ي�س�ع النا��س،
�إنه�م ف�ي حي�اة النا��س بمثاب�ة المث�ل العلي�ا والرم�وز النا�صع�ة،
والنم�وذج المحت�ذى ف�ي ال�س�لوك الظاه�ر والباط�ن .ولي��س
كثي� ًرا �أن يك�ون واجبه�م �أكث�ر م�ن غيره�م م�ن مجاه�دة النف��س
للإح�س�ان ،وا�س�تح�ضار رقاب�ة اهلل ونظ�ره له�م وعلم�ه بم�ا ف�ي
نفو �س�هم .
نع�م ل�ن يك�ون حمل�ة الق�ر�آن وخدام�ه مالئك�ة وال �أنبي�اء ،ب�ل
ه�م ب�ش�ر يعتريه�م م�ا يعت�ري الب�ش�ر ،لك�ن طري�ق الق�ر�آن لي��س
طري�ق غث�اء ،ب�ل طري�ق تمحي��ص ،وتح ّم�ل ،وم�س��ؤولية ،وطري�ق
يق�ف ف�ي مقدمت�ه المالئك�ة والر�س�ل الك�رام ،وله�ذا ف��إن روح
القدا�س�ة الت�ي ت�س�ري ف�ي ه�ذا الطري�ق تفر��ض عل�ى �س�الكيه
ق�د ًرا عال ًي�ا م�ن الطه�ر والنق�اء .ال يتجاه�ل ب�ش�ريتهم لكن�ه ال
ي�س�مح بالدن��س بحج�ة تل�ك ال�س�مة الب�ش�رية.
ي�س�ر اهلل لن�ا طري�ق المجاه�دة ولأن الكم�ال مح�ال ،فق�د ّ
وجعل�ه مقدم�ة لعون�ه وه�داه ،ف��إذا غلبتن�ا نفو�س�نا ف��إن ب�اب
التوب�ة والمجاه�دة يكف�ل لل�صادقي�ن نهاي�ة تلي�ق ب�صدقه�م
وحر�صه�م عل�ى �أن ي��ؤدوا م�ا عليه�م �أداء المح�س�نين .ق�ال اهلل
80
ميثاق أهل القرآن
81
82
ميثاق الأخوة
ال ُأخ ّوة رابطة وثيقة ،و ّثقها القر�آن وق ّوى رابطتها بين عموم
الم�ؤمنين ،وهي بين �أهل القر�آن �أكثر قوة ،و�أقوى �آ�صرة.
فحين دخل جيل القر�آن الأول �إلى الإ�سالم دخلوا في اللحظة
نف�سها �إلى دائرة جامعة دمجت كل الدوائر وهيمنت على كل الروابط.
وحي�ن هاج�ر جي�ل الق�ر�آن الأول م�ن مك�ة �إل�ى المدين�ة
حدث�ت �أعظ�م عملي�ة ت�آخ�ي عرفه�ا التاري�خ ،فق�د كان ين�زل
المهاج�ر عل�ى � ٍأخ ل�ه م�ن الأن�ص�ار في�ش�اركه بيت�ه وطعام�ه
و�ش�رابه ويتقا�س�مان الفر��ص والتحدي�ات كم�ا يتقا�س�مان اللقم�ة،
ق�ال اهلل تعال�ى( :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
ﯰ ﯱﯲﯳﯴ ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ
ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ)(((.
وال توجد �صورة للعالقة بين الم�ؤمنين غير �صورة الأخوة
(ﯜ ﯝ ﯞ)(((؛ فعالقة الم�ؤمنين هي عالقة �أخ ّوة وكل
التعامالت التي تحدث بينهم تحدث على �أر�ض الأخوة وقانونها
الذي �شرعه اهلل وفيه تعالى قامت تلك الرابطة.
((( �سورة احل�شر� ،آية.9 :
((( �سورة احلجرات� ،آية.10 :
83
ميثاق أهل القرآن
حين تكون فر ًدا في مجتمع الإ�سالم ف�أنت �أخ ولك �إخوة� ،أنت
�أخ عليك واجب نحو �إخوتك�َ ،س ّنه الإ�سالم و�أوجبه عليك ،كما
�أوجب على غيرك القيام بحق �أخ ّوتك.
فالأخ ّوة رابطة �شرعية ،و�أ�صلها �أنها في اهلل ،وهذا يعني �أن كل
وقياما
ما نبذله تحت �شعار الأخوة ال نبذله �إال لتحقيق مراد اهللً ،
بحق الإيمان به؛ �إذ ال يوجد قوة تمنح الأخوة كل هذه الرابطة
والميزة �سوى قوة الإيمان باهلل ،ففيه الحب ،وفيه البغ�ض ،وفيه
تعالى الو�صل والقطع.
الأخوة ميدان قيام الدين
للأخوة جمال وجاذبية خا�صة في �سن ال�شباب ،وهذه الهالة
والجاذبية والم�شاعر الجيا�شة التي تتولد للوهلة الأولى بين
ال�شباب ،تجعلهم يظنون �أن هذه هي الأخوة التي يريدها ال�شرع،
ويحث عليها فقط .والحقيقة �أن الأخوة ميثاق بين الم�ؤمنين ،وهذا
الميثاق �إنما غ ّلظ ال�شرع فيه وعظم �ش�أنه لأن جميع �شعائر الدين
و�أخالق الإ�سالم ال ت�ستقيم وتظهر �إال به .فقد روى �أبو الدرداء عن
ر�سول اهلل ﷺ �أنه قال�« :أال �أخبركم ب�أف�ضل من درجة ال�صيام
وال�صالة وال�صدقة قالوا بلى ،قال� :صالح ذات البين ،ف�إن ف�ساد
ذات البين هي الحالقة»((( ،وروى الترمذي عنه ﷺ �أنه قال« :هي
الحالقة ال �أقول تحلق ال�شعر ولكن تحلق الدين».
((( �صحيح �سنن �أبي داود.
84
ميثاق أهل القرآن
وعنه ﷺ« :من �أحب هلل ،و�أبغ�ض هلل ،و�أعطى هلل ،ومنع
هلل ،فقد ا�ستكمل الإيمان»(((؛ فالأخوة لي�ست خيا ًرا بقدر ماهي
�ضرورة �شرعية ،لبقاء مجتمع الإ�سالم وقيام ال�شعائر فيهم ،وما
ُع ّطلت ال�شعائر و ُق ّطعت الأرحام ،وتنازع النا�س في الحق ،وبغى
بع�ضهم على بع�ض� ،إال حين اعتمد النا�س روابط بديلة عن رابطة
الدين والإيمان ،ففرقت النا�س وخالفت بين القلوب ،فح ّول
و�سالحا
ً ال�سفهاء القر�آن وال�سنة و�سيلة لتقوية الخالف والتنازع،
للمقارعة والجدلً ،
بدل من كونه رابطة تجتمع عليها القلوب.
�أخ ّوتنا في الميزان
م�ا �أجم�ل �ش�عارات وعب�ارات الأخ�وة لكنه�ا تنك�ش�ف عن�د
المح� ّكات ال�صعب�ة .فحي�ن ي�دب الخلاف ،وتتك�ون ف�ي النفو��س
ال�ضغائ�ن ،ي�صب�ح حام�ل الق�ر�آن عل�ى المح�ك بي�ن االن�صي�اع
لن�داء الأخ� ّوة ال�ذي كثي� ًرا م�ا كان ي�ردد �أنه�ا �أخ� ّوة ف�ي اهلل،
وبي�ن ن�داء اله�وى وحظ�وظ النف��س ،وال�ضغائ�ن.
ب�كل ب�س�اطة :علين�ا �أال نغال�ط �أنف�س�نا ،و�أن نواج�ه �ضمائرن�ا
بالحقيق�ة الت�ي ه�ي معي�ار ومي�زان لأخوتن�ا .وذل�ك بط�رح ه�ذه
ا لأ�س�ئلة:
1.1هل �سلوكك (القلبي ،واللفظي ،والفعلي) يخ�ضع لقانون
تفا�ضل غير قانون التقوى؟
((( رواه �أبو داود.
85
ميثاق أهل القرآن
86
ميثاق أهل القرآن
87
ميثاق أهل القرآن
88
ميثاق أهل القرآن
90
ميثاق ال�صرب
(ﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ق�ال اهلل تعال�ى:
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) (((.
ثبات الم�ؤمنين على �إيمانهم يحتاج �إلى:
•�شيوع الحق بالتوا�صي به حتى ُيع َلم ،والنهي عن المنكر حتى
ال ي�شيع الباطل.
•ال�صبر على الحق ،وما تتحمله النف�س في �سبيله ،وال�صبر
عن مغريات الباطل وما تعانيه النفو�س في ر ّده ومعالجته.
ما يعتر�ض �أهل القر�آن في �سبيل قيامهم بحق هذا الكتاب
العظيم وما تاله من الحكمة؛ �أعظم مما يعتر�ض غيرهم من النا�س.
فهم يعانون حمل ر�سالتهم ،وحمل �أعباء حياتهم ،وحمل ما
يعتر�ضهم في الحياة من ظروف وعقبات و�أمرا�ض وفقر وغربة
ونحوها.
وال يمكن القيام بالم�س�ؤولية واال�ستمرار في حملها بكفاءة،
والثبات على طريق �أهل القر�آن من غير زاد تتقوى به النف�س،
كزاد ال�صبر.
((( �سورة الع�صر� ،آية.٣-١ :
91
ميثاق أهل القرآن
93
ميثاق أهل القرآن
ف�كل تراج ٍ�ع ُيحدث�ه الإن�س�ان ع�ن �أي مب�د�أ ف��إن م�ن �أب�رز
�أ�س�بابه انخفا��ض ال�ش�عور بالتمي�ز بذل�ك املب�د�أ .فمت�ى
م�ا ب�د�أ �ش�عور اخلج�ل �أو النق��ص يرتب�ط بامتث�ال قي�م
الق�ر�آن ،ف��إن االعت�زاز يب�د�أ يف النق��ص تب ًع�ا لذل�ك،
ويب�د�أ الإن�س�ان ال�ذي نق��ص اعت�زازه باحل�ق يف البح�ث
ع�ن �أفع�ال (مرتاخي�ة) ُيل ّم�ع به�ا نف�س�ه عن�د م�ن ي�رى
�أنه�م ينتق�صون�ه ،ليتقبل�وه ،ث�م ال ي�زال كذل�ك حت�ى
ي�صع�ب علي�ه ال�صبر عل�ى مبادئ�ه .ورمب�ا ان�س�لخ م�ن
خير كثير �أو ابتل�ي بالنف�اق وه�و ال ي�ش�عر.
6.6التوا�ص�ي بطل�ب اله�دى م�ن اهلل .فف�ي احلدي�ث القد�س�ي
يق�ول اهلل « :ي�ا عب�ادي كلك�م �ض ّ
�ال �إال م�ن هديت�ه،
فا�س�تهدوين �أهدك�م»(((؛ فطل�ب الهداي�ة م�ن اهلل يق�وي
ال�ش�عور باالفتق�ار �إلي�ه ،ويلغ�ي ال ُعج�ب ،وومين�ع االعت�داد
بالنف��س حين ي�رى �أن�ه عل�ى ه�دى وغيره عل�ى �ضلال،
و�صبرا عل�ى احل�ق.
ً فطال�ب الهداي�ة م�ن اهلل �أكثر ثبا ًت�ا
7.7التذكري مبا يعزّز ح�سن الظن باهلل ،وواليته لل�صاحلني.
فما حتمل ال�صابرون ما هم فيه من عناء و�شدة مبثل
ا�ستح�ضارهم مع ّية اهلل وقربه وواليته لهم ،في�سعون
بذلك �إلى زيادة الإميان ،والإح�سان ليحظوا بالوالية
والعناية والكفالة .وكذلك ف�إن ا�ست�شعار الكفالة يلغي
((( رواه م�سلم.
94
ميثاق أهل القرآن
95
ميثاق أهل القرآن
96
ميثاق أهل القرآن
97
ميثاق أهل القرآن
98
ميثاق أهل القرآن
•مع اهلل :يعني خالل مدة �صبره ف�إن المبتلى دائ ًما ي�س�أل نف�سه
ما هو مراد اهلل مني حين ابتالني؟ وما مراده مني �أثناء مدة
االبتالء ،وما مراده مني بعد انك�شاف البالء ،ففي كل مرحلة
من مراحل �أزمته؛ يراقب �شرع اهلل ويفعل ما ير�ضيه ،وكلما
خطر بباله طريقة ليتخل�ص بها من البالء ،عر�ضها على قلبه
هل يليق هذا بحال ال�صابرين؟ وهل يريد اهلل مني غير ذلك؟
2.2انتظار :يعني ق�ضاء مدة يف البالء يف انتظار الفرج.
وال يمكن لأي �إن�سان تحمل �ضغط الأزمة وثقل البالء مدة
طويلة مالم يكن له في ثنايا الأزمة عمل مع اهلل يجدد به
حياة قلبه وي�شعر فيه بالتقدم ،وين�سيه طول االنتظار ،وخير
ما يرزقه اهلل المبتلى حتى ال ي�ستبطئ الفرج هو الثقة في
وعد اهلل ،و�أن يفتح له في العبادات ،والذكر ،وترتيل القر�آن،
وكلما عر�ضت على المبتلى حالة تفقده �صبره وتجعله
ي�ستعجل النهاية فما عليه �سوى قراءة �سير الر�سل والأنبياء
وما ح�صل لهم من ابتالءات ثم يت�أمل كيف ا�ستجاب اهلل
لهم ،ون�صرهم.
3.3معاجلة :يعني �أنه كلما عر�ضت على القلب فكرة ت�ضعف
ال�صرب ،قابلها املبتلى بفكرة تنق�ضها ،و ُتبطل ت�أثريها على
النف�س .واملعاجلة تكون على م�ستويني (م�ستوى الأفكار
واخلواطر وم�ستوى العادات والرغبات):
99
ميثاق أهل القرآن
100
ميثاق أهل القرآن
101
102
ميثاق ال�شكر
ال�ش�كر ه�و عم�ل ف�ي مقاب�ل نعم�ة .ومعن�اه �أن الإن�س�ان �إذا
�أُ�س�دي ل�ه مع�روف ف�إن�ه يظ�ل مدي ًن�ا بالف�ض�ل ،ف��إذا ق�ام بعم�ل
ي�رد ب�ه ذل�ك الف�ض�ل �أو ج�ز ًءا من�ه ُ�س� ّمي �ش�كر ًا.
عمل ليو ّفي حق ًا وجب عليه بالنعمة(((. فال�شاكر يعمل ً
فما �س ّر ال�شكر في قوة الميثاق؟
ال�ش�كر نتيج�ة لمقدم�ة تب�د�أ ف�ي الذه�ن وتن�ض�ج ف�ي النف��س
الوفي�ة ،و ُتثم�ر ً
عملا:
تبد�أ في الذهن :يعني �أنه بمجرد ما يتعر�ض الإن�سان لنعمة من
المنعم � أو ف�ضل منه ،ف�إن ذهنه مبا�شرة يتجه
للتفكير في حق هذا المنعم ،وما هو العمل المنا�سب لمقابلة هذا
الف�ضل .فال�شاكرون �أول ما يوفقون �إليه هو مالحظة حق المنعم
قبل التفكير في التنعم بالنعمة.
تن�ضج في النف�س الوفية :يعني �أن النف�س التي من طبيعتها
المروءة ،ت�شعر بالمنة والإدانة ل�صاحب الف�ضل ،وترى �أنها مقيدة
حمل ً
ثقيل يحتاج لعزيمة على الوفاء به، بهذا الف�ضل ،ومحملة به ً
ترا�ض.
بو�ضع �أو ٍ
ملزمٍ ،
((( والوفاء قريب منه �إال �أنه يكون يف القيام بحق وجب مبيثاقٍ ٍ
103
ميثاق أهل القرآن
فبي�ن المن ِع�م وبي�ن المن َع�م علي�ه ميث�اق وف�اء بالد َي�ن ،ال
تف�ي ب�ه �إال نفو��س ال�ش�اكرين.
و�إذا علمت �أن ن�سيان الف�ضل يعني ترك العمل وفق مراد
المتف�ضل ،و�أن �إنكار الم ّنة يعني اال�ستعداد للجحود الذي هو كفر
النعمة فلك �أن تتخيل مدى ال�سوء الذي ي�ضمره �إبلي�س للإن�سان حين
يتوعده بحرمانه من �أن يكون من ال�شاكرين .قال اهلل يحكي
جواب �إبلي�س( :ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ
ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ)(((.
((( �سورة الأعراف� ،آية.17 :
104
ميثاق أهل القرآن
105
ميثاق أهل القرآن
((( ن�سمع كث ًريا من يقول :متى ت�أتي الفر�صة التي �أ�ستطيع فيها رد بع�ض اجلميل
لفالن .وهذا يو�ضح ا�ستعداده لل�شكر ومتعته بالقيام به.
((( �سورة �سب�أ� ،آية.13 :
((( �سورة �إبراهيم� ،آية.7 :
106
ميثاق اجلماعة
جيل القر�آن الأول بد�أوا م�سيرتهم مع ر�سول اهلل تعالى بعد
الإيمان به بال�سمع والطاعة ،ومبايعته على ذلك في الموا�ضع التي
�أثبتتها ال�سيرة.
ثم ال يزال القر�آن الكريم و�سنة ر�سول اهلل ﷺ تحثّ على لزوم
الجماعة وتحذر من الفرقة ،و�شق ع�صا الطاعة :قال اهلل تعالى:
(ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ)((( ،وقوله ( :ﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ)((( ،وقال تعالى �أي�ضا( :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ
ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ
ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ)(((.
وفي �إي�ضاح ف�ضل الجماعة قال ﷺ« :من �أراد بحبوحة
الجنة فليلزم الجماعة ف�إن ال�شيطان مع الواحد وهو من االثنين
�أبعد»((( ،وفي بيان خطر مفارقة الجماعة قال :
«و�أنا �آمركم بخم�س اهلل �أمرني بهن :ال�سمع والطاعة والجهاد
�سورة �آل عمران� ،آية.١٠٣ : (((
�سورة الأنعام� ،آية.١٥٩ : (((
�سورة الن�ساء� ،آية.٥٩ : (((
�صحيح �سنن الرتمذي. (((
107
ميثاق أهل القرآن
108
ميثاق أهل القرآن
109
ميثاق أهل القرآن
110
ميثاق أهل القرآن
111
112
ميثاق العداوة
�إبلي��س ع�دو الإن�س�ان ال�ذي ال ينبغ�ي ن�س�يان عداوت�ه ق�ال
اهلل تعال�ى( :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ)(((.
عه�د اهلل �إل�ى �آدم وذريت�ه م�ن بع�ده �أن �إبلي��س ع�دو ب ّي�ن
لق�د ِ
الع�داوة له�م ،ق�ال تعال�ى( :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ
ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ)((( ،الوف�اء بعه�د الع�داوة يل�زم من�ه
مالحظ�ة ع�داوة �إبلي��س ،ف�ي كل الأح�وال ،وال�س�عي لم�ا ير�ض�ي
ربن�ا ،ويغي�ظ ع�دو اهلل �إبلي��س .ولق�د ظ�ن �إبلي��س ظ ًّن�ا
فق�ال( :ﰖ ﰗ ﰘ ﰙﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ)(((؛
ف�ص� ّدق ظن�ه عل�ى م�ن ت�واله مم�ن كف�روا نعم�ة ربه�م .ق�ال اهلل
تعال�ى( :ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ)(((.
فع�داوة �إبلي��س لن�ا ع�داوة حقيقي�ة ،وقائم�ة وم�س�تمرة .لك�ن
ه�ل عداوتن�ا نح�ن ل�ه قائم�ة وم�س�تمرة؟
�سورة ي�س� ،آية.٦٢-٦٠ : (((
�سورة فاطر� ،آية.6 : (((
�سورة �ص� ،آية.٨٣-٨٢ : (((
�سورة �سب�أ� ،آية.20 : (((
113
ميثاق أهل القرآن
ليكن في قلب حامل القر�آن من الحر�ص والتح ّري �أال يدع لل�شيطان
فر�صة لين�سيه تلك العداوة ،و�أال يتيح له فر�صة �أن ين�سيه عهد ربه،
وميثاقه ،وكلما نزغه من ال�شيطان نزغ ا�ستعاذ باهلل ،واعت�صم بمواله
م�سه طائف من ال�شيطان تذكر ،ف�أب�صر. من عدوه ،وكلما ّ
وعدا غيب ًيا ال يتخلف (ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
حامل القر�آن ينتظر ً
ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ)((( ،والغرور
هو ال�شيطان كما ف�سره ابن عبا�س((( لكننا من حيث ال ن�شعر
نن�سى عداوته.
فما الذي ين�سينا عداوة �إبلي�س؟
الجواب:
حين ال نت�أمل دور ال�شيطان في ما تنتجه عداته مثل:
1.1الدني�ا وملهياته�ا لأن الدني�ا و�س�يلة ال�ش�يطان ،ف�ي تغيي�ب
ا لأ خ�رة
2.2التباغ��ض وا�س�تعداء الم�س�لمين لبع�ضه�م ،لأن ف�س�اد ذات
البي�ن يحل�ق الدي�ن
3.3المعا�صي ،لأن المع�صية طاعة �إبلي�س.
4.4الغفلة عن الذكر ،لأن ذكر اهلل عا�صم ،من ال�شيطان.
114
ميثاق أهل القرآن
115
ميثاق أهل القرآن
116
اخلامتة
وف�ي نهاي�ة ه�ذا الجه�د الب�س�يط �أ�س��أل اهلل �أن يرزقن�ا ح�س�ن
الوف�اء بح�ق ه�ذا الق�ر�آن ،والتم�س�ك ب�ه وب�س�نة الم�صطف�ى ﷺ
و�أن يعف�و عن�ا �إن�ه ه�و العف�و الغف�ور.
117
فهر�س املحتويات
مقدمة١١...........................................................
ميثاق ال�شرف ١٥...................................................
ميثاق العهد ٣١.....................................................
ميثاق االلتزام 47..................................................
ميثاق الإح�سان 77.................................................
ميثاق الأخوة 83....................................................
ميثاق ال�صرب 91...................................................
ميثاق ال�شكر 103....................................................
ميثاق اجلماعة 107.................................................
ميثاق العداوة لإبلي�س 113...........................................
اخلامتة 117.........................................................
119