You are on page 1of 54

‫شعبة الدراسات اإلسالمية‬

‫وحد النحو والصرف‬


‫الفصل الول‬

‫إعداد ذ‪ :‬بريمي المهدي‬

‫‪1‬‬
‫المحور األول‬
‫المعرب والمبني‬
‫يقول ابن مالك‬
‫لشبـــــه من الحروف مدنـــي‬ ‫‪ -1‬واالسم منه معرب ومبنــــــــي‬
‫‪ -2‬كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا والمعنوي في متى وفي هنا‬
‫تأثر‪ ،‬وكافتقـــــار أصـــال‬ ‫‪ -3‬وكنيابة عن الفعــــل بــــــال‬
‫من شبه الحرف كأرض وس َما‬ ‫‪ -4‬ومعرب االسماء ما قد سلما‬
‫وأعربوا مضارعا إن عريا‬ ‫‪ -5‬وفعل أمـــر ومضــي بنيــــــا‬
‫نون إناث‪ :‬ك يرعن من فتن‬ ‫‪ -6‬من نون توكيد مباشر‪ ،‬ومـــن‬
‫واألصل في المبني ان يسكنا‬ ‫‪ -7‬وكل حرف مستـــحق للبنــــا‬
‫كأين أمس حيث والساكن كم‬ ‫‪ -8‬ومنه ذو فتح‪ ،‬وذو كسر‪ ،‬وضم‬
‫السم وفعل‪ ،‬نحو‪ :‬لن أهــابا‬ ‫‪ -9‬والرفع والنصب اجعلن إعرابا‬
‫قد خصص الفعل بأن ينجزم‬ ‫‪-10‬واالسم قد خصص بالجر‪ ،‬كما‬
‫كسرا‪ :‬كذكر للا عبده يسر‬ ‫‪ -11‬فارفع بضم وانصبن فتحا‪ ،‬وجر‬
‫ينوب‪ ،‬نحو جا "أخو بنو نمر"‬ ‫‪-12‬واجزم بتسكين‪ ،‬وغير ما ذكــر‬

‫شرح قول ابن مالك‬


‫يشير المصنف في البيت األول إلى أن االسم ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫أحدهما المعرب وهو ما سلم من شبه الحروف‪.‬‬
‫والثاني المبني وهو ما أشبه الحروف‪ .‬فعلة البناء عموما هي شبه الحروف‪.‬‬
‫أما في البيتين التاليين فقد بين أن وجوه شبه االسم بالحرف تكون في أربعة‬
‫مواضع‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ )1‬شبهه له في الوضع‪ ،1‬كأن يكون االسم موضوعا على حرف واحد‬
‫ك"التاء" في "ضربت"‪ ،‬أو على حرفين ك "نا" في "أكرمنا"‪.‬‬
‫‪ )2‬شبهه له في المعنى‪ ،‬وهو قسمان‪:‬‬
‫أحدهما ما أشبه حرفا موجودا‪ ،‬مثل " متى" ‪ ،‬فإنها اسم مبني أشبهت‬
‫الحرف في المعنى‪ ،‬عند االستفهام ب"الهمزة" وعند الشرط ب" إن" وهما‬
‫حرفان موجودان‪.‬‬
‫وثانيهما ما أشبه حرفا غير موجود‪ ،‬مثل "هنا"‪ ،‬فهي أشبهت حرفا كان‬
‫ينبغي أن يوضع فلم يوضع‪ .‬فاإلشارة معنى ليس لها حرف يدل عليها‪،‬‬
‫فقدر الحرف‪.‬‬
‫‪ )3‬شبهه له في النيابة عن الفعل وعدم التأثر بالعامل‪.‬‬
‫أسماء األفعال مبنية لشبهها الحرف في كونها تعمل وال يعمل فيها غيرها‪،‬‬
‫مثل "دراك" و "حذار" و "شتان" واحترز المصنف بقوله " بال تأثر " من‬
‫األسماء التي في صيغة اسم الفعل‪ ،‬وتنوب عن الفعل وهي متأثرة بالعامل‪،‬‬
‫مثل "ضربا زيدا"‪ ،‬فإنها متأثرة بفعل محذوف تقديره "اضرب" ( فالمصدر‬
‫‪2‬‬
‫متأثر واسم الفعل غير متأثر )‬
‫‪ )4‬شبهه الحرف في االفتقار الالزم‬
‫وهو كاألسماء الموصولة‪ ،‬فإنها مفتقرة في سائر أحوالها إلى الصلة‪ ،‬كما‬
‫هي الحروف مفتقرة إلى التركيب لكي تدل‪.‬‬

‫‪ 1‬الوضع ‪ :‬طريقة الكتابة في اللغة العربية‬


‫‪ 2‬اسم الفعل مادام مقصودا معناه ال يدخل عليه عامل أصال‪ ،‬فضال عن أن يعمل فيه‪ .‬وعبارة الشارح (‬
‫ابن عقيل) " ال يعمل فيه غيره" توهم أن العوامل قد تدخل عليه ولكنها ال تؤثر فيه‪ ،‬فكان األولى به أن‬
‫يقول ‪ ":‬وال يدخل عليه عامل أصال"‪ .‬ولكن القول ب " مادام مقصودا منه معناه" نريد به اإلشارة إلى أن‬
‫اسم الفعل‪ ،‬إذا لم يقصد به معناه وقصد به لفظه فإن العامل قد يدخل عليه ويؤثر فيه‪ .‬كقول زهير بن‬
‫ابي سلمى‪:‬‬
‫دعيَت نزال ولج في الذعر‬ ‫ولنعم حشو الدرع أنت إذا‬
‫فنزال في هذا البيت مقصود به اللفظ ‪ ،‬ولذلك وقعت نائب فاعل‪ ،‬فهي مرفوعة بضمة مقدرة على آخرها‬
‫منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة البناء األصلي‬

‫‪3‬‬
‫يقول ابن مالك‪:‬‬
‫من شبه الحرف كأرض وس َما‬ ‫ومعرب االسماء ما قد سلما‬
‫ينتقل المصنف في هذا البيت من األسماء المبنية إلى األسماء المعربة‪ .‬فإذا كان‬
‫المبني هو ما شابه الحروف‪ ،‬فإن المعرب هو ما لم يشابه الحروف‪.‬‬
‫وينقسم االسم المعرب إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬صحيح‪ ،‬وهو ما لم يكن في آخره حرف علة‪ ،‬مثل " أرض"‬
‫‪ -‬ومعتل‪ ،‬وهو ما كان آخره حرف علة‪ ،‬مثل " سما"‬
‫يقول ابن مالك‪:‬‬
‫وأعربوا مضارعا إن عريا‬ ‫وفعل أمر ومضي بنيا‬
‫نون إناث‪ :‬كيرعن من فتن‬ ‫من نون توكيد مباشر‪ ،‬ومن‬
‫انتقل المصنف في هذين البيتين إلى بيان المعرب والمبني من األفعال‪ ،‬وفيها يقر‬
‫مع البصريين أن اإلعراب أصل في األسماء فرع في األفعال‪ .‬وأن البناء أصل‬
‫في األفعال فرع في األسماء‪.‬‬
‫فالمبني من األفعال نوعان‪:‬‬
‫‪ -1‬ما اتفق على بنائه وهو الماضي‪:‬‬
‫أ) يبنى على الفتح إذا لم يتصل بآخره شيء‬
‫ب) يبنى على الضم إذا اتصلت به واو الجماعة‬
‫ت) يبنى على السكون إذا اتصل به ضمير رفع متحرك‬
‫‪ -2‬ما اختلف في بنائه وهو األمر ‪ ،‬وهو مبني على السكون‬
‫أما المعرب من األفعال فهو المضارع ويعرب هذا الفعل ما لم تتصل به‬
‫مباشرة نون التوكيد أو نون النسوة‪ .‬فإن اتصلت به مباشرة صار مبنيا‪.‬‬
‫وإن اتصلت به وفصل بينها وبينه ألف اإلثنين أو واو الجماعة أو ياء‬
‫المخاطبة صار معربا‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫يقول ابن مالك‪:‬‬
‫واألصل في المبني ان يسكنا‬ ‫وكل حرف مستحق للبنا‬
‫كأين أمس حيث والساكن كم‬ ‫ومنه ذو فتح‪ ،‬وذو كسر‪ ،‬وضم‬
‫الحروف كلها مبنية‪ ،‬ألنه ال يخالطها ما تفتقر في داللتها عليه إلى إعراب‪.‬‬
‫واألصل في البناء أن يكون على السكون‪ ،‬ألنه أخف من الحركة‪ .‬وال يحرك‬
‫المبني إال لسبب كالتخلص من التقاء الساكنين‪.‬‬
‫وقد تكون الحركة فتحة وسكونا مثل أين‪ ،‬إن‪ ،‬قام‪ ،‬و كم‪ ،‬اضرب‪ ،‬أجل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وقد تكون الحركة كسرة وضمة مثل‪ :‬أمس و حيث‪ ،‬منذ‬

‫‪ 3‬البناء على الكسر والضم يكون على االسم والحرف‬


‫والبناء على الفتح والسكون يكون على االسم والفعل والحرف‬

‫‪5‬‬
‫أمثلة المعرب والمبني‬
‫أ) طلع الهالل ‪ ،‬شاهد الناس الهال َل ‪ ،‬فرح القوم بالهالل‪.‬‬
‫يكثر الن َدى شتاء ‪ ،‬يمتص النبات الن َدى ‪ ،‬يرتوي النبات بالن َدى‪.‬‬ ‫ب)‬
‫زاد هؤالء علما ‪ ،‬سمعت هؤالء يتكلمون ‪ ،‬أصغيت إلى هؤالء‪.‬‬ ‫ت)‬
‫نالحظ في أمثلة القسم األول(أ) أن كلمة "الهالل" قد اختلفت العالمة التي في‬
‫آخرها‪ ،‬بين ضمة وفتحة وكسرة‪ .‬وقد جاء السبب في هذا التغيير في الجمل‬
‫الثالث على حسب المعاني المطلوبة‪ :‬الفاعلية والمفعولية والباء التي هي تكملة‬
‫للفعل الذي يجر بها‪.‬‬
‫وهكذا فإن تغيير العالمة في آخر كلمة الهالل على الوجه السالف يسمى‬
‫"اإلعراب" والسبب الذي أوجده هو " العامل"‬
‫فاإلعراب‪ ( :‬هو تغيير العالمة التي في آخر اللفظ‪ ،‬بسبب تغير العوامل الدخلة‬
‫عليه ‪ ،‬وما يقتضيه العامل) ‪ .‬أو ( هو أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل‪ ،‬والبناء‬
‫ضده ‪ ،‬فما لم يكن تركيب ال يجوز الحكم بإعراب الكلمة وال ببنائها‪).‬‬
‫وفائدته أنه رمز إلى معنى من المعاني دون غيره ‪ ،‬كالفاعلية والمفعولية‬
‫وسواهما‪ .‬ولواله الختلطت المعاني والتبست‪ ،‬من ذلك‪ " :‬أكرم الوالد الولد"‪.‬‬
‫والمعرب‪ ( :‬هو اللفظ الذي يدخله اإلعراب ) أي أن التغيير الذي وصفناه يكون‬
‫كرم‪.‬‬
‫على شيء(كلمة)‪ ،‬فاإلعراب غير المعرب كما اإلكرام غير الم َ‬
‫والعامل‪ :‬هو ما يؤثر في اللفظ تأثيرا ينشأ عنه عالمة إعرابية ترمز إلى معناه‬
‫الخاص‪ :‬كالفاعلية والمفعولية أو غيرها‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪4‬‬
‫وال فرق بين أن تكون تلك العالمة ظاهرة كأمثلة (أ) أو مقدرة كأمثلة ( ب )‬
‫أقسام السماء‪:‬‬
‫تنقس األسماء إلى أربعة أقسام‪:‬‬
‫‪ )1‬قسم تتغير عالمة آخره باختالف موقعه من الجمل‪ ،‬ويدخل التنوين عليه‪.‬‬
‫مثل‪ :‬علي – شجرة – عصفور‪...‬‬
‫وهذا القسم يسمى المعرب المنصرف‪ .‬ويسمى متمكن أمكن‬
‫‪ )2‬قسم تتغير عالمة آخره باختالف موقعه من الجمل‪ ،‬ولكنه ال ينون‪ .‬مثل‪:‬‬
‫أحمد – فاطمة – عثمان‪ -‬وبعلبك ‪ -‬شهرزاد ‪...‬‬
‫وهذا القسم يسمى المعرب غير المنصرف‪ .‬ويسمى متمكن‬
‫‪ )3‬قسم ال تتغير عالمة آخره بتغير التركيب‪ .‬ولكن يدخل عليه التنوين لغرض‬
‫خاص‪ .‬مثل‪ :‬خالويه وعمرويه وسيبويه ‪ ..‬و صه و إيه‪...‬‬
‫وهذا القسم يسمى المبني‪ .‬ويسمى غير متمكن‬
‫‪ )4‬قسم ال تتغير عالمة آخره‪ ،‬وال يدخل عليه التنوين مطلقا‪ .‬مثل‪ :‬هؤالء‬
‫وحيث وكم‪ .‬ويسمى المبني وهو غير متمكن كذلك‪.‬‬
‫وال توصف الكلمة بإعراب أو بناء إال بعد إدخالها في جملة‪.‬‬
‫المعرب والمبني من السماء والفعال والحروف‬
‫أوال) األسماء يناسبها اإلعراب‪ ،‬وهو أصل فيها‪ ،‬ألن االسم يدل بذاته على‬
‫معنى مستقل به‪ ،‬فهو يدل على مسمى ( محسوس أو معقول )‬

‫‪ 4‬اإلعراب المحلي والتقديري‪:‬‬


‫يتردد على ألسنة العربين أن يقولوا في المبنيات وفي كثير من الجمل المحكية وغير المحكية‪ :‬أنه في‬
‫محل نصب أو رفع أجر أو جزم‪..‬‬
‫فمثال يقولون في ‪ ":‬جاء هؤالء" إن كلمة هؤالء مبنية على الكسر في محل رفع فاعل‪ .‬وفي ‪ ":‬قرأت‬
‫الصحف من قبل " إن كلمة قبل مبنية على الضم في محل جر‪ .‬وفي ‪ " :‬رأيت ضيفا يبتسم " إن الجملة‬
‫المضارعة يبتسم في محل نصب حال‪.‬‬
‫والمراد من أن الجملة او الكلمة في محل كذا‪ ،‬هو أننا لو وضعنا مكانها اسما بمعناها معربا‪ ،‬لكان‬
‫مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا‪ ( .‬فهي حلت محله وأخذت حكمه )‪،‬‬
‫أما اإلعراب التقديري‪ ،‬فهو العالمة اإلعرابية التي ال تظهر على الحرف األخير من اللفظ المعرب‪،‬‬
‫بسبب أن هذا الحرف األخير حرف علة ال تظهر عليه الحركة اإلعرابية‪ ،‬كاأللف في ( إن الهدى هدى‬
‫للا ) و الياء في مثل ( استجب لداعي الهدى )‬

‫‪7‬‬
‫وهذا المسمى قد يسند إليه فعل‪ ،‬فيكون فاعال له‪ ،‬وقد يقع عليه فعل‪ ،‬فيكون‬
‫مفعوال به‪ ،‬وقد يتحمل معنى أخر ويدل عليه بنفسه‪ .‬وهذا ما يستدعي عالمات‬
‫مختلفة في آخر االسم‪ ،‬وهو ما يسمى اإلعراب‪.‬‬
‫ومن هذه األسماء ما هو مبني ولكنه قليل‪ :‬وأشهر األسماء المبنية عشرة أنواع‬
‫هي‪:‬‬
‫‪ )1‬الضمائر‪ :‬سواء كانت على حرف أو حرفين أو أكثر‪ :‬انتصرت‪ ،‬فرحنا‪،‬‬
‫نحن‪.‬‬
‫‪ )2‬أسماء الشرط ويشترط أال يكون أحدها مضافا إلى مفرد‪ ،‬فإنه عند ذلك‬
‫يصبح معربا‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪ -‬المبني‪ :‬أين توجد أكرمك‬
‫‪ -‬المعرب‪ :‬أي خير تعمله ينفعك‬
‫‪ )3‬وأسماء االستفهام ويشترط أال يكون أحدها مضافا إلى مفرد‪ ،‬فإنه عند ذلك‬
‫يصبح معربا‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪ -‬المبني‪ :‬أين أراك؟‬
‫‪ -‬المعرب‪ :‬أي يوم تسافر فيه؟‬
‫‪ )4‬أسماء اإلشارة التي ليست مثناة‬
‫مثل ‪ :‬هذا كريم‪ ،‬و تلك محسنة ‪ .‬بخالف‪ :‬هذان كريمان‪ ،‬وهاتان‬
‫محسنتان‪ ،‬فهما معربان‪.‬‬
‫‪ )5‬األسماء الموصولة غير المثناة‬
‫مثل‪ :‬جاء الذي يقول الحق‬
‫‪ )6‬أسماء األفعال‪:5‬‬

‫‪ 5‬اختلف العلماء في اسماء األفعال هل لها محل من اإلعراب أم ال ممحل لها من اإلعراب‬
‫هيهات زيد للعلماء فيها ثالثة آراء‪:‬‬
‫‪ )1‬مذهب األخفش وهو مذهب الجمهور‪ :‬يقول إن هيهات ‪ :‬اسم فعل مبني على الفتح ال محل له من‬
‫اإلعراب‪ ،‬وزيد فاعل مرفوع بالضمة‪ .‬وهذا الرأي هو الذي يجري عليه قول الناظم‪ ،‬في أن‬
‫سبب البناء في أسماء األفعال كونها نائبة عن الفعل غير متأثرة بعامل ال ملفوظا به وال مقدرا‪.‬‬
‫‪ )2‬رأي سيبويه‪ :‬وهو يرى أن هيهات مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع‪ ،‬فهو متأثر بعامل معنوي‬
‫هو االبتداء‪ ،‬وزيد فاعل سد مسد الخبر‪.‬‬
‫‪ )3‬رأي المازني‪ :‬ويقول إن هيهات مفعول مطلق لفعل محذوف من معناه‪ ،‬وزيد فاعل به‪ ،‬وكأنك‬
‫قلت بعد بعدا زيد ‪ .‬فهو متأثر بعامل لفظي محذوف‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وهي التي تنوب عن الفعل في معناه وفي عمله وزمانه‪ ،‬ولكنها ال تقبل‬
‫عالمته‪ ،‬وال تدخل عليها عوامل تؤثر فيها‪.‬‬
‫مثل‪ :‬هيهات ( بمعنى بعد )‪ ،‬وأف ( بمعنى أتضجر ) ‪ ،‬وآمين ( بمعنى‬
‫استجب )‪.‬‬
‫وهذا بخالف المصادر‬
‫مثال‪ :‬سيرا تحت راية الوطن‪ ،‬سماعا نصيحة الوالد‪ ،‬إكراما للضيف‪.‬‬
‫فإنها تؤدي معنى الفعل‪ ،‬ولكنها قد تدخل عليها العوامل فتؤثر فيها‪.‬‬
‫مثل‪ :‬سرني سيرك‪ ،‬مدحت سيرك‪ ،‬طربت لسيرك‪ .‬ولهذا فهي معربة‪.‬‬
‫‪ )7‬األسماء المركبة‬
‫ومنها بعض األعداد‪ ،‬مثل أحد عشر إلى تسعة عشر‪ ،‬فإنها كلها مبنية ما‬
‫عدا اثنى عشر فهو معرب إعراب المثنى‪.‬‬
‫‪ )8‬اسم ال النافية للجنس‪ :‬مثل ال نافع مكروه‬
‫‪ )9‬المنادى‪ :‬إذا كان مفردا‪ ،‬علما‪ ،‬أو نكرة مقصودة‪ :‬مثل‪ :‬يا حامد‪ ،‬يا زميل‬
‫اشكر صديقك‪.‬‬
‫‪ )10‬بعض المختلفات مثل‪ :‬كم ‪ ،‬حيث ‪ ،‬العلم المختوم ب "ويه"‪.‬‬
‫ثانيا) األفعال‪ ،‬منها المبني دائما‪ ،‬وهو الماضي واألمر‪ ،‬ومنها المبني حينا‬
‫والمعرب أحيانا‪ ،‬وهو المضارع‪.‬‬
‫‪ )1‬أو أحوال بناء الماضي ثالثة‪:‬‬
‫ورحب‪ ،‬أو‬
‫َ‬ ‫أ) يبنى على الفتح في آخره إذا لم يتصل به شيء‪ ،‬مثل‪ :‬صاف َح‬
‫اتصلت به تاء التأنيث الساكنة أو ألف االثنين‪ ،‬مثل‪ :‬قالت فاطمة الحق‪،‬‬
‫والشاهدان قاال الحق‪.‬‬
‫ب) يبنى على السكون إذا اتصلت به "التاء" المتحركة أو "نا" الدالة على‬
‫الفاعل‪ ،‬أو "نون" النسوة‪ .‬مثل‪ :‬أكرمت الصديق‪ ،‬حرجنا في رحلة‪،‬‬
‫الطالبات ركبن القطار‪.‬‬
‫ت) يبنى على الضم إذا اتصلت به واو الجماعة‪ ،‬مثل‪ :‬الرجال خرجوا‬
‫ألعمالهم‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ )2‬أحوال بناء األمر أربعة‪:‬‬
‫أ) يبنى فعل األمر على السكون إذا لم يتصل به شيء‪ ،‬مثل‪ :‬اعمل لدنياك‬
‫وآلخرتك‪ .‬أو اتصلت به "نون" النسوة‪ ،‬مثل‪ :‬اسمعنَ يا صديقاتي‪.‬‬
‫ب) يبنى على الفتح إذا اتصلت به "نون" التوكيد الخفيفة‪ ،‬مثل ‪ :‬صاح َبن كريم‬
‫اهجرن السفيه‪.‬‬
‫َ‬ ‫األخالق‪ .‬أو "نون" التوكيد الثقيلة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ت) يبنى على حذف حرف العلة إذا كان أخره معتال‪ ،‬مثل‪ :‬اسع في الخير‬
‫‪6‬‬
‫دائما‪ ،‬وادع الناس إليه‪ ،‬واقض بينهم بالحق‪.‬‬
‫ث) يبنى على حذف النون إذا اتصلت به ألف االثنين أو واو الجماعة أو ياء‬
‫المخاطبة‪ ،‬مثل‪ :‬اخرجا‪ ،‬اخرجوا‪ ،‬اخرجي‪ .‬ومثل قوله تعالى‪ " :‬اذهبا إلى‬
‫فرعون إنه طغى"‪ .‬وقوله‪ " :‬فكلوا منها حيث شئتم رغدا"‪.‬‬
‫وقول الشاعر‪:‬‬
‫وعمي صباحا دار عبلة واسلمي‬ ‫يا دار عبلة بالجواء تكلمي‬

‫‪ )3‬أحوال بناء المضارع وإعرابه‪:‬‬


‫للمضارع حالتان‪:‬‬
‫اإلعراب‪:‬‬
‫بشرط أال يتصل بآخره مباشرة نون التوكيد الخفيفة أو الثقيلة‪ ،‬أو نون‬
‫النسوة‪ .‬وفي هذه الحالة يكون مرفوعا‪ ،‬إذا لم يسبقه ناصب ينصبه أو جازم‬
‫يشرك به" ‪ .‬وقولهم‪ :‬إن‬
‫َ‬ ‫يجزمه‪ ،‬نحو قوله تعالى‪ " :‬إن للا ال يغفر أن‬
‫تخلص في عملك تنفع وطنك‪.‬‬

‫‪ 6‬وعند تأكيد فعل األمر بالنون يبقى حرف العلة الواو والياء‪ ،‬ويتعين بناء األمر على الفتح الظاهر على‬
‫والواو والياء‪ .‬وإذا كان حرف العلة ألفا وجب قلبها ياء لتظهر عليها فتحة البناء‪ ،‬نحو‪ :‬اسعيَن في الخير ‪،‬‬
‫عون له‪ ،‬واقضيَن بالحق‪.‬‬
‫واد َ‬

‫‪10‬‬
‫البناء‪:‬‬
‫يبنى على الفتح إذا اتصلت بآخره – مباشرة – نون التوكيد‪ .‬ويبنى على‬
‫السكون إذا اتصلت بآخره – مباشرة – نون النسوة‪ ،7‬نحو قولك‪:‬‬
‫وللا ألقو َمن بالواجب‪ ،‬وألعملَن ما فيه الخير‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫إن الظواهر تخدع الرائينا‬ ‫ال تأخذن من األمور بظاهر‬
‫وفي نون النسوة يقول للا تعالى‪" :‬إن الحسنات يذهبنَ السيئات"‬
‫ثالثا) الحروف كلها مبنية‪ ،‬ألن الحرف وحده ال يؤدي معنى في نفسه‪ ،‬وإنما يدل‬
‫على معنى في غيره‪ ،‬بعد وضعه في جملة‪.‬‬
‫يقول صاحب اإليضاح‪ " :‬الحرف كلمة ال تدل على معنى في نفسها‪ ،‬وإنما تدل‬
‫على معنى في غيرها – بعد وضعها في جملة – داللة خالية من الزمن‪".‬‬
‫ونتيجة لذلك ال يدخله اإلعراب‪ ،‬لعدم حاجته إليه‪ ،‬ألن الحاجة إلى اإلعراب توجد‬
‫حيث يوجد المعنى‪ .‬والحرف وحده ال يؤدي معنى قط‪ .‬ولكنه إذا وضع في‬
‫تركيب فإنه يؤدي في غيره بعض المعاني الجزئية أو الفردية‪،‬‬
‫كاالبتداء في قولك‪ :‬سافرت من فاس‪ .‬واالنتهاء‪ :‬إلى الرباط‪ .‬والظرفية في‪ :‬الطلبة‬
‫في القسم‪....‬‬

‫‪ 7‬إذا كان االتصال غير مباشر‪ ،‬بأن فصل بين نون التوكيد والمضارع فاصل ظاهر‪ ،‬كألف االثنين‪ ،‬أو‬
‫مقدرا‪ ،‬كواو الجماعة أو ياء المخاطبة‪ ،‬فإن المضارع يكون معربا‪.‬‬
‫مثال ألف االثنين ( وال يكون إال ظاهرا) ‪ :‬ماذا تعرف عن الصانعين؟ أيقومان بعملهما؟ ومثاله كذلك‪" :‬‬
‫هل تضربان" و أصله " هل تضربانن " فاجتمعت ثالث نونات‪ ،‬فحذفت األولى وهي نون الرفع كراهة‬
‫توالي األمثال‪ ،‬فصار " هل تضربان "‪.‬‬
‫مثال واو الجماعة المقدرة‪ :‬هؤالء الصانعون أيقو ُمن بعملهم؟ ومثاله كذلك‪ " :‬هل تضربن يا زيدون "‬
‫وأصل تضربن" تضربونن " ‪ ،‬فحذفت النون األولى لتوالي األمثال‪ ،‬فصار تضربون وحذفت الواو‬
‫اللتقاء الساكنين فصار تضربن‪.‬‬
‫أتقومن بعملك يا أختي؟ ومثاله كذلك " هل تضربن يا هند " فتضربن أصلها‬
‫ِ‬ ‫مثال ياء المخاطبة المقدرة‪:‬‬
‫" تضربينن " ففعل بها ما فعل بتضربن‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫فاالبتداء واالنتهاء والظرفية والسببية والتبعيض‪ ،‬كلها معاني جزئية تعتور‬
‫الحروف بالسياقات التي وضعت فيها‪ .‬وال يكون التمييز بينها باإلعراب وإنما‬
‫بالقرائن المعنوية التي تتضمنها الجملة‪.‬‬
‫أنواع البناء واإلعراب‪ ،‬وعالمات كل منهما‪.‬‬
‫يقول ابن مالك‪:‬‬
‫واألصل في المبني ان يسكنا‬ ‫وكل حرف مستحق للبنا‬
‫كأين أمس حيث والساكن كم‬ ‫ومنه ذو فتح‪ ،‬وذو كسر‪ ،‬وضم‬
‫السم وفعل‪ ،‬نحو‪ :‬لن أهابا‬ ‫والرفع والنصب اجعلن إعرابا‬
‫قد خصص الفعل بأن ينجزم‬ ‫واالسم قد خصص بالجر‪ ،‬كما‬
‫فارفع بضم وانصبن فتحا‪ ،‬وجر كسرا‪ :‬كذكر للا عبده يسر‬
‫ينوب‪ ،‬نحو جا أخو بنو نمر‬ ‫واجزم بتسكين‪ ،‬وغير ما ذكر‬
‫شرح البيات‪:‬‬
‫ذكر الناظم والشارح أن من المبنيات ما يكون بناؤه على السكون‪ ،‬ومنه ما يكون‬
‫‪8‬‬
‫بناؤه على حركة من الحركات الثالث‪.‬‬
‫أما أنواع اإلعراب فهي أربعة‪ :‬الرفع والنصب والجر والجزم‪ ،‬فأما الرفع‬
‫والنصب فيشترك فيهما األسماء والفعال‪ ،‬مثل زيد يقوم و إن زيدا لن يقوم‪ .‬وأما‬

‫‪ 8‬وفي هذا نقول‪:‬‬

‫‪ -‬ينوب عن السكون في البناء الحذف‪ ،‬ويقع الحذف في موضعين‪ :‬األمر المعتل ( اغز‪ -‬ارم –‬
‫اسع ) و في األمر المسند إلى ألف االثنين و واو الجماعة وياء المخاطبة ( اكتبا – اكتبوا –‬
‫اكتبي )‬
‫‪ -‬ينوب عن الفتح في البناء شيئان‪ :‬الكسر في جمع المؤنث السالم إذا وقع اسما لـ ال النافية‬
‫للجنس‪ ،‬نحو‪ :‬ال مسلمات‪ .‬والياء في جمع المذكر السالم وفي المثنى إذا وقع أحدهما اسما لـ ال‬
‫النافية للجنس ال مسلمين وال مسلمين‪.‬‬

‫ينوب عن الضم في البناء شيئان‪ :‬األلف وذلك في المثنى إذا وقع منادى‪ ،‬نحو‪ :‬يا زيدان‪ .‬الواو وذلك في‬
‫جمع المذكر السالم إذا وقع منادى‪ ،‬نحو‪ :‬يا زيدون‬

‫‪12‬‬
‫الجر فيختص باألسماء‪ ،‬مثل مررت بزيد‪ .‬وأما الجزم فيختص باألفعال‪ ،‬مثل لم‬
‫يضرب‪.‬‬
‫والرفع يكون بالضمة والنصب يكون بالفتحة والجر يكون بالكسرة والجزم يكون‬
‫بالسكون‪ ،‬وما عدا ذلك يكون نائبا عنه‪ ،‬كما نابت الواو عن الضمة في "أخو"‬
‫والياء عن الكسرة في "بني" كما في قول ابن مالك ‪ :‬جا أخو بنو نمر‬

‫‪ -1‬البناء أنواع أصلية‪ ،‬وأخرى فرعية تنوب عنها‪.‬‬

‫أ) العالمات الصلية أربعة ‪:‬‬


‫‪ -1‬السكون‪ :‬وهو أخفها ويدخل على االسم والفعل والحرف‪:‬‬
‫مثال االسم‪ :‬كم – َمن‪،‬‬
‫مثال الحرف‪ :‬قد – هل‪،‬‬
‫مثال الفعل الماضي المتصل بضمير رفع متحرك ( رفعا ونصبا وجرا)‬
‫ونون النسوة و"نا" الدالة على الفاعل‪ :‬حضرت – حضرنَ – حضرنا‪.‬‬
‫مثال الفعل األمر المجرد صحيح اآلخر‪ :‬اجلس – اكتب‪.‬‬
‫مثال الفعل المضارع المتصل بنون النسوة‪ :‬الطالبات يتعلمن و يعملن‪.‬‬
‫‪ -2‬الفتح‪ :‬ويدخل أقسام الكلمة الثالثة‪:‬‬
‫كيف ‪ -‬أينَ ‪.‬‬
‫َ‬ ‫مثال االسم‪:‬‬
‫سوف – ثم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫مثال الحرف‪:‬‬
‫نصر – دعا‪.‬‬
‫َ‬ ‫كتب –‬
‫مثال الفعل‪ :‬الماضي المجرد‪َ :‬‬
‫ألسافرن‬
‫َ‬ ‫مثال الفعل المضارع واألمر عند اتصالهما بنون التوكيد‪ :‬وللا‬
‫سافرن يا صديقاتي في طلب العلم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫في طلب العلم –‬
‫‪ -3‬الضم‪ :‬ويدخل على االسم والحرف فقط‪:‬‬
‫مثال االسم‪ :‬حيث والضم فيه ظاهر‪ -‬سيبويه والضم فيه مقدر‬
‫مثال الحرف‪ :‬منذ باعتباره حرف جر‪.‬‬
‫‪ -4‬الكسر‪ :‬ويدخل على االسم والحرف فقط‪:‬‬
‫مثال االسم‪ :‬هؤالء‬
‫مثال الحرف‪ :‬باء الجر (بك)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ب) العالمات الفرعية التي تنوب عن االصلية‪:‬‬
‫‪ -1‬ينوب عن السكون‪:‬‬
‫‪ -‬حذف حرف العلة في آخر فعل اآلمر المعتل اآلخر‪:‬‬
‫اخش‪ -‬ارم‪ -‬اسم‪.‬‬‫َ‬ ‫مثاله‪:‬‬
‫‪ -‬حذف النون من فعل اآلمر المسند إلى ألف االثنين أو واو الجماعة أو ياء‬
‫المخاطبة‪:‬‬
‫مثاله‪ :‬اكتبا – اكتبوا – اكتبي‪.‬‬
‫‪ -2‬ينوب عن الفتحة‪:‬‬
‫‪ -‬الكسرة في جمع المؤنث السالم‪ ،‬إذا وقع اسما لـال النافية للجنس‪،‬‬
‫مثاله‪ " :‬ال مهمالت هنا"‪.‬‬
‫‪ -‬ينوب عنها الياء في المثنى وفي جمع المذكر السالم‪ ،‬إذا وقع أحدهما اسما‬
‫لال النافية للجنس‪،‬‬
‫مثاله‪ :‬ال غائبين هنا – ال غائبين هنا‪.‬‬
‫‪ -3‬ينوب عن الضمة‪:‬‬
‫‪ -‬الواو في جمع المذكر السالم‪ ،‬إذا وقعت منادى مفردا علما‪:‬‬
‫مثاله‪ :‬يا محمدون – يا زيدون‪.‬‬
‫‪ -‬األلف في المثنى إذا كان منادى مفردا علمان أو كان نكرة مقصودة‪:‬‬
‫مثاله‪ :‬يا محمدان – يا واقفان‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬الكسر في البناء ال ينوب عنه شيء‪.‬‬
‫‪ -2‬العالمات في االعراب أربعة أنواع‬
‫( العالمات الصلية )‬
‫أ) الرفع ‪ :‬يدخل على االسم والفعل المضارع‪،‬‬
‫مثل سعي ٌد يقوم‪.‬‬
‫وفيه قول الشاعر‪:‬‬
‫يزن األمور‪ ،‬كأنما هو صيرف *** يزنُ النضار بدقة وحساب‬
‫ب) النصب‪ :‬ويدخل االسم والفعل المضارع‪،‬‬
‫مثل‪ :‬إن العزيزَ لن يقب َل الهوان‪.‬‬
‫ت) الجر‪ :‬ويدخل االسم فقط‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫مثل‪ :‬باهلل أستعين في كل أمر من غير تقصير في العمل الناجح‪.‬‬
‫ث) الجزم‪ :‬ويدخل الفعل المضارع فقط‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬لم أتأخر‪.‬‬
‫وفيه يقول الشاعر‪:‬‬
‫يعش حرا بموطنه الفتى *** فسم الفتى ميتا ‪ ،‬وموطنَه قبرا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫إذا لم‬
‫وهكذا فإن الرفع والنصب يدخالن على االسماء كما يدخالن على األفعال‪ .‬في‬
‫حين أن الجر مختص باألسماء والجزم مختص باألفعال‪.‬‬
‫وفي هذا كله فإن العالمات األصلية هي الحركات‪.‬‬
‫( العالمات الفرعية)‬
‫المواضع التي تقع النيابة فيها سبعة‪:‬‬
‫‪ -1‬األسماء الستة‪ :‬تنوب فيها الحروف عن الحركات‬
‫‪ -2‬المثنى‪ :‬تنوب األلف عن الضمة في حالة الرفع‪ ،‬وتنوب الياء عن الفتحة‬
‫والكسرة في حالتي النصب والجر‪.‬‬
‫‪ -3‬جمع المذكر السالم‪ :‬تنوب الواو عن الضمة في حالة الرفع والياء عن‬
‫الفتحة والكسرة في حالتي النصب والجر‪.‬‬
‫‪ -4‬جمع المؤنث السالم‪ :‬تنوب الكسرة عن الفتحة في حلة النصب‬
‫‪ -5‬االسم الذي ال ينصرف‪ :‬تنوب الفتحة عن الكسرة في حالة الجر‪.‬‬
‫‪ -6‬األفعال الخمسة‪ :‬تنوب النون عن الضمة في الرفع وينوب حذف النون عن‬
‫الفتحة والسكون‪ ،‬نصبا وجزما‪.‬‬
‫‪ -7‬الفعل المضارع المعتل اآلخر‪ :‬ينوب حذف حرف العلة عن السكون في‬
‫حالة الجزم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫المحور الثاني‬

‫المبتدأ والخبر وما يتصل بهما‬


‫يقول ابن مالك‪:‬‬
‫إن قلت‪ " :‬زيد عاذر من اعتذر"‬ ‫ومبتدأ زيد‪ ،‬وعاذر خبـــــر‪،‬‬
‫فاعل أغنى في " أســــار ذان "‬ ‫وأول مبتـــــدأ‪ ،‬والثــــــاني‬
‫يجوز نحو‪ " :‬فائز أولو الرشد "‬ ‫وقس‪ ،‬وكاستفهام النفي‪ ،‬وقد‬
‫شرح البيات‬
‫ذكر المصنف أن المبتدأ على قسمين‪:‬‬
‫مبتدأ له خبر – ومبتدأ له فاعل سد مسد الخبر‪.‬‬
‫ومثل ابن مالك لألول بقوله‪" :‬زيد عاذر من اعتذر‪".‬‬
‫فزيد‪ :‬مبتدأ‪ ،‬وعاذر خبره‪ ،‬و "من اعتذر" مفعول به لعاذر‪.‬‬
‫ومثل للثاني ب ‪ " :‬أسار ذان " ‪.‬‬
‫فالهمزة لالستفهام‪ ،‬وسار‪ :‬مبتدأ وذان (هذان) فاعل سد مسد الخبر‪.‬‬
‫ويقاس على هذا ما كان مثله‪ ،‬وهو كل وصف اعتمد على استفهام‪ ،‬أو‬
‫نفي‪ ،‬نحو‪ " :‬أقائم الزيدان‪ ،‬وما قائم الزيدان "‬
‫فإلم يعتمد الوصف عليهما لم يكن مبتدأ وهو مذهب البصريين‪.‬‬
‫‪ -‬وال فرق بين أن يكون االستفهام بالمحرف‪ ،‬كما مثل أو باالسم‪،‬‬
‫كقولك‪ :‬كيف جالس العمران؟‬
‫كيف‪ :‬اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال‪.‬‬
‫جالس‪ :‬مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫العمران فاعل بجالس سد مسد الخبر‪ ،‬مرفوع باأللف نيابة عن‬
‫الضمة ألنه مثنى‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك ال فرق بين أن يكون النفي بالحرف‪ ،‬كما مثل أو بالفعل‪،‬‬
‫كقولك‪ :‬ليس قائم الزيدان‪.‬‬
‫ليس‪ :‬فعل ماض ناقص‪.‬‬
‫قائم‪ :‬اسمه مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره‬
‫الزيدان‪ :‬فاعل سد مسد خبر ليس (ألن المعنى ما قائم الزيدان)‬
‫‪ -‬وكذلك نقول غير قائم الزيدان‪.‬‬
‫غير‪ :‬مبتدأ وهو مضاف‬
‫قائم‪ :‬مجرور باإلضافة‬
‫الزيدان‪ :‬فاعل سد مسد خبر غير (ألن المعنى ما قائم الزيدان)‬
‫ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫غير اله عداك فاطرح اللهو**** وال تغترر بعارض سلم‬
‫فغير مبتدأ وهو مضاف واله مجرور باإلضافة وعداك فاعل باله‬
‫سد مسد خبر غير‪.‬‬
‫ومثله قول الشاعر‪:‬‬
‫غير مأسوف على زمن *** ينقضي بالهم والحزن‬
‫فغير‪ :‬مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره وهو مضاف‬
‫مأسوف‪ :‬مضاف إليه‬
‫على زمن‪ :‬جار ومجرور في محل رفع بمأسوف لنيابته مناب‬
‫الفاعل‪ ،‬وقد سد مسد خبر غير‪.‬‬
‫• وذهب األخفش والكوفيون إلى عدم اشتراط سبق الوصف‬
‫باالستفهام أو النفي حتى يكون مبتدأ‪ ،‬فأجازوا " قائم الزيدان "‬
‫فقائم‪ :‬مبتدأ‪ .‬والزيدان فاعل سد مسد الخبر‪.‬‬
‫وإلى هذا أشار المصنف بقوله‪ :‬وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد‬

‫‪17‬‬
‫ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫فخير نحن عند الناس منكم *** إذا الداعي المثوب قال يا ال‬
‫فخير‪ :‬مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره‪.‬‬
‫نحن‪ :‬فاعل سد مسد الخبر‪ ،‬ولم يسبق خير نفي وال استفهام‪.‬‬
‫أمثلة‬
‫أ) الشموس متعددة – األقمار كثيرة – المحيطات خمس‬
‫أمرتفع البناء – ما حسن الظلم – ما مكرم الجبان‬ ‫ب)‬

‫تعريف الكلمات األولى في المجموعة أ وفي المجموعة ب‬


‫الكلمات األولى من مجموعة (أ) كل واحدة منها اسم‪ ،‬مرفوع‪ ،‬في أول الجملة‬
‫خال من عامل لفظي أصيل‪ ،9‬وبعده كلمة تتمم المعنى األساسي للجملة‪( :‬أي‬
‫تتضمن الحكم بأمر من األمور ال يمكن أن تستغني الجملة عنه في إتمام معناها‬
‫األساسي‪ ،‬كالحكم على الشموس بالتعدد أو على األقمار بالكثرة وعلى المحيطات‬
‫بأنها خمس)‪ .‬ذلك االسم يسمى "مبتدأ"‪ ،‬والكلمة األخرى تسمى "خبر المبتدأ"‪،‬‬
‫وكال منهما مرفوع‪.‬‬
‫وفي المجموعة (ب) أمثلة لمبتدأ ايضا ولكنه غير محكوم عليه بأمر‪ ،‬ألنه‬
‫وصف‪ 10‬يحتاج إلى فاعل بعده‪ ،‬أو نائب فاعل‪ ،‬يتمم الجملة‪ ،‬ويكمل معناها‬
‫األساسي‪ ،‬مثل كلمتي البناء والظلم‪ ،‬فإنهما فاعالن للوصف‪ ،‬ومثل كلمة الجبان‬

‫‪ -1 9‬أصيل‪ :‬ال يمكن االستغناء عنه‪ ،‬وإال فسد المعنى المقصود من الجملة‪ ،‬ومن أمثلته‪ :‬الفعل المضارع‪،‬‬
‫وأدوات النصب‪ ،‬والجزم‪ ،‬وبعض حروف الجر‪.‬‬
‫‪ -2‬شبيه بالزائد‪ :‬وينحصر في بعض حروف الجر‪ ،‬ويؤدي معنى جديدا ال يمكن االستغناء عنه‪ .‬ولكنه‬
‫مع ذلك ال يحتاج مع مجروره إلى متعلق‪ .‬ومن أمثلته (رب) وتفيد التقليل والتكثير‪ ،‬و(لعل) وتفيد‬
‫الترجي‪ ،‬و(لوال) و تفيد االمتناع‪.‬‬
‫‪ -3‬الزائد‪ :‬هو الذي يمكن االستغناء عنه من غير أن يترتب في األغلب على حذفه فساد في المعنى‬
‫المقصود‪ ،‬كبعض الحروف الزائدة في الجر‪ ،‬مثل الباء ومن‪ ،‬وغيرهما التي ال تأتي بمعنى جديد‪ ،‬وإنما‬
‫يؤتى بها لتقوية المعنى وتوكيده‪ .‬و ال يحتاج الحرف الزائد مع مجروره إلى متعلق‪.‬‬
‫ومن العوامل ما هو لفظي كما سبق ومنها ما هو معنوي‪ ،‬يدرك بالعقل ال بالحس كاالبتداء‪ ،‬والتجرد من‬
‫الناصب والجازم فيرتفع بالمضارع‪.‬‬
‫‪ 10‬الوصف هو االسم الذي له مرفوع يستغني به عن الخبر‪ .‬وهو الوصف المشتق الذي يجري مجرى‬
‫فعله‪ :‬كالمشاركة في الحروف األصلية وحركاتها وسكناتها‪ ،‬وفي عمله وفي معناه‪ ،...‬كاسم الفاعل واسم‬
‫المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫فإنها نائب فاعل له‪ .‬وقد استغني الوصف بمرفوعه عن الخبر‪ .‬مما سبق نعرف‬
‫أن المبتدأ القياسي‪( :‬اسم مرفوع في أول الجملة‪ ،‬مجرد من العوامل اللفظية‬
‫األصلية‪ ،‬محكوم عليه بأمر‪ .‬وقد يكون وصفا مستغنيا بمرفوعه في اإلفادة وإتمام‬
‫الجملة‪).‬‬
‫والخبر القياسي‪( :‬هو اللفظ الذي يكمل الجملة مع المبتدأ ويتمم معناها األساسي‪،11‬‬
‫بشرط أن يكون المبتدأ غير وصف)‪.‬‬
‫ومن هنا كان المبتدأ القياسي نوعين‪:‬‬
‫‪ -1‬نوع يحتاج إلى خبر حتما‪ ،‬وقد يتحتم أن يكون هذا الخبر جملة أو شبهها‪.‬‬
‫‪ -2‬نوع ال يحتاج إلى خبر وإنما يحتاج إلى مرفوع بعده يعرب فاعال أو نائب‬
‫فاعل‪ ،‬وال بد في هذا النوع أن يكون وصفا منكرا وأن يكون رافعا السم‬
‫بعده‪ ( ،‬سواء أكان ظاهرا‪ ،‬نحو‪ :‬أمقاتل علي؟ أو ضميرا بارزا‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫أمقاتل أنت؟ أو ضميرا متصال بحرف جر‪ ،‬نحو‪ :‬فالن مغضوب عليه‪.‬‬
‫فالضمير المجرور نائب فاعل في محل رفع‪ ،).‬يتمم المعنى‪.‬‬
‫• وإذا جاء بهذه الصورة ولم يتم به المعنى لم يعرب الوصف مبتدأ‬
‫مستغنيا بمرفوعه‪ ،‬نحو‪ :‬ما حاضر والده علي‪ .‬إذ ال يتم المعنى‬
‫باالقتصار على الوصف مع مرفوعه ‪ ،‬ما حاضر والده‪ .‬في هذه الحالة‬
‫األخيرة يعرب " ما حاضر" إعرابا آخر كأن نجعله خبرا مقدما‪ ،‬ووالد‬
‫فاعل‪ ،‬وعلي مبتدأ مؤخر‪...‬‬
‫• واألكثر في الوصف الواقع مبتدأ أن يعتمد على نفي أو استفهام‪ .‬كما هو‬
‫الحال في (المجموعة ب )‬
‫• ويجوز بقلة أال يسبقه شيء منها‪ ،‬نحو‪ :‬نافع أعمال المخلصين‪.‬‬

‫‪ 11‬يتمم الخبر المعنى األساسي للجملة ألنه حكم صادر عن المبتدأ‪ .‬فالمبتدأ هو الشيء المحكوم عليه‪،‬‬
‫والخبر هو الشيء المحكوم به‪ ،‬أي هو الحكم‪ .‬وهذا يقتضي في األغلب أن يكونا لمبتدأ معلوما للمتكلم‬
‫والسامع معا قبل الكالم؛ ليقع الحكم على شيء معلوم‪ ،‬وأن يكون الخبر مجهوال للسامع‪ ،‬ال يعرفه إال بعد‬
‫النطق به‪ .‬من ذلك مثال‪ :‬إبراهيم زميلك‪ .‬فإبراهيم هو المعروف وزميلك يريد المتكلم أن يحكم بها فهي‬
‫المجهول‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫• وال فرق بين أن يكون المبتدأ اسما صريحا ‪ ،‬كاألمثلة السابقة ‪ ،‬وأن‬
‫يكون اسما بالتأويل‪ ،‬نحو‪ " :‬أن تقتصد " أنفع لك ‪ ،‬و " أن تجتنب"‬
‫الغضب أقرب للسالمة‪ ،‬أي ‪ " :‬اقتصادك‪ ....‬و اجتنابك "‬
‫هنا نقول ‪ :‬المصدر المؤول من أن والفعل والفاعل في محل رفع مبتدأ‪.‬‬
‫ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫وليس له من سائر الناس عذر‬ ‫فما حسن أن يعذر المرء نفسه‬
‫فالمصدر المؤول هنا هو‪ :‬عذر المرء نفسه‪.‬‬
‫• والمبتدأ مع خبره ‪ ،‬او ما يغني عن الخبر نوع من الجملة اإلسمية‬

‫‪20‬‬
‫تطابق المبتدأ الوصف مع مرفوعه‪ ،‬وعدم تطابقه‪...‬‬
‫يقول ابن مالك‪:‬‬
‫والثاني مبتدأ وذا الوصف خبر *** إن في سوى اإلفراد طبقا استقر‬
‫ورفعوا مبتــــدأ باالبتـــــــدا *** كذاك رفــــع خـــبر بالمبتـــــدا‬
‫شرح البيات‬
‫يريد ابن مالك بكلمة "الثاني"‪ :‬االسم المرفوع بعد الوصف‪ ،‬يعرب مبتدأ مؤخرا‪.‬‬
‫ويعرب الوصف خبرا مقدما‪ ،‬بشرط أن يكون ذلك االسم مطابقا للوصف في غير‬
‫اإلفراد بأن يطابقه في التثنية والجمع‪.‬‬
‫ويريد بالبيت الثاني أن يكون المبتدأ مرفوعا والعامل في رفعه هو االبتداء وهو‬
‫عامل معنوي وليس لفظيا‪ ،‬وأن الخبر يكون مرفوعا و الذي رفعه هو المبتدأ‪،‬‬
‫وبذلك يكون العامل فيه لفظيا‪ .‬يقول ابن عقيل‪ " :‬وذهب سيبويه وجمهور‬
‫البصريين ومنهم ابن مالك إلى أن المبتدأ مرفوع باالبتداء وأن الخبر مرفوع‬
‫بالمبتدأ‪ .‬فالعامل في المبتدأ معنوي‪...‬والعامل في الخبر لفظي‪ ،‬وهو المبتدأ‪ ،‬وهو‬
‫‪12‬‬
‫مذهب سيبويه‪".‬‬
‫أحكام التطابق وعدمه‪:‬‬
‫إذا كان المبتدأ وصفا متقدما‪ ،‬فله مع مرفوعه حالتان‪:‬‬
‫إحداهما أن يتطابقا في اإلفراد‪ ،‬وأن يتطابقا في التثنية والجمع‪.‬‬
‫واألخرى أال يتطابقا‪.‬‬
‫‪ -1‬فإن تطابقا إفرادا ‪ 13‬مع تقدم الوصف‪ ،‬مثل‪ :‬أحاضر القلم؟ ما مهزوم‬
‫الحق‬

‫‪ 12‬ابن عقيل‪ ،‬شرح ابن عقيل‪ ،‬ج‪ ،1.‬ط‪ ،2.‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ص‪201/200 .‬‬
‫‪ 13‬هناك ثالثة أمور يجب التنبيه عليها‪:‬‬
‫‪ -1‬ال ينحصر جواز الوجهين في أن يتطابق الوصف والمرفوع إفرادا‪ ،‬فتلك صورة واحدة فقط‪ ،‬بل‬
‫مثله ما إذا كان الوصف مما يستوي فيه المفرد والمثنى والجمع‪ ،‬وكان المرفوع واحدا منها‪،‬‬
‫نحو‪ :‬أقتيل زيد؟ و أجريح الزيدان؟ و أصديق المحمدون؟‬
‫وذكر بعض العلماء أنه يجوز الوجهان أيضا فيما إذا كان الوصف جمع تكسير والمرفوع بعده‬
‫مثنى أو جمعا‪ ،‬وذلك نحو‪ :‬أقيام أخوك؟ و أقيام إخوتك؟‬
‫وعلى هذا تكون الصورة التي يجوز فيها الوجهان ست صور‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫جاز أن يعرب الوصف المتقدم مبتدأ‪ ،‬واالسم المرفوع بعده فاعال أو‬ ‫•‬
‫نائب فاعل ( بحسب نوع الوصف )‬
‫وجاز أن يعرب الوصف خبرا مقدما‪ ،‬واالسم المرفوع بعده مبتدأ‬ ‫•‬
‫مؤخرا‪.‬‬
‫والمطابقة في اإلفراد تقتضي المطابقة في التذكير والتأنيث حتما‪ ،‬فإن‬ ‫•‬
‫اختلفت‪ ،‬مثل‪ :‬أمغرد في الحديقة عصفورة؟‬
‫وجب إعراب الوصف مبتدأ‪ ،‬واالسم المرفوع بعده فاعال أو نائب فاعل‪.‬‬
‫وال يصح إعراب الوصف خبرا مقدما واالسم المرفوع بعده مبتدأ‬
‫مؤخرا‪ ،‬إذ ال يصح أن نقول‪ :‬أعصفورة مغرد في الحديقة؟‬
‫ومما يجوز فيه األمران أيضا‪ ،‬أن يكون الوصف أحد األلفاظ التي يصح‬ ‫•‬
‫استعمالها بصورة واحدة في اإلفراد والتثنية والجمع وفروعهم‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫عدو‪ .‬فنقول فيها ‪ :‬أعدو اللص؟ أعدو اللصان ؟ أعدو اللصوص‪،‬‬
‫واللصتان واللصات؟ ففي هذه الحالة يجوز أن يكون الوصف مبتدأ‬
‫واالسم الذي بعده فاعل‪ ،‬كما يجوز أن يكون الوصف خبرا مقدما‪،‬‬
‫واالسم بعده مبتدأ مؤخرا‪ ( .‬ومن هذه الكلمات التي تستعمل بلفظ واحد‬
‫في أساليب مختلفة‪ :‬صريح‪ ،‬محض‪ ،‬صديق‪ ،‬قتمان‪ ،‬دالص )‪.‬‬
‫• ومنه كذلك المصدر الذي يصح استعماله بلفظ واحد في أساليب مختلفة‪،‬‬
‫مثل‪ :‬أحاضر عدل؟ أحاضران عدل؟ و أحاضرون عدل؟‬
‫‪ -2‬وإن تطابقا تثنية أو جمعا‪ ،‬مثل‪ :‬أقائمان الرجالن؟ و أنائمون الرجال؟‬
‫فالوصف خبر مقدم ‪ ،‬وما بعده مبتدأ مؤخر‪ .‬وهو مؤدى قول المصنف‬
‫" والثاني مبتدأ وذا الوصف خبر‪"..‬‬

‫‪ -‬أن يتطابق الوصف والمرفوع إفرادا‬


‫‪ -‬أن يكون الوصف مما يستوي فيه المفرد وغيره والمرفوع مفردا أو مثنى أو جمعا‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الوصف جمع تكسير والمرفوع مثنى أو جمعا‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه مع جواز الوجهين فيما ذكرنا إال أن جعل الوصف مبتدأ والمرفوع سد مسد الخبر أرجح من‬
‫جعل الوصف خبرا مقدما‪ ،‬وذلك ألن جعله خبرا مقدما فيه الحمل على شيء مختَلَف فيه‪ ،‬إذ‬
‫الكوفيون ال يجوزون تقديم الخبر على المبتدأ أصال‪.‬‬
‫‪ -3‬أن محل جواز الوجهين يكون قيما إذا لم يمنع من أحدهما مانع‪ ،‬فإذا منع مانع تعين اآلخر‪ ،‬ففي‬
‫قولك ‪ :‬أحضر اليوم أختك؟ فإنه يترتب على جعل الوصف خبرا مقدما اإلخبار بالمذكر على‬
‫المؤنث‪ ،‬وهو ال يجوز أصال‪ .‬ومن جهة أخرى الفصل بين الفاعل والعامل فيه ي َجوز ترك‬
‫عالمة التأنيث من العامل إذا كان الفاعل مؤنثا‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -3‬وإن لم يتطابقا‪ :‬فإن كان الوصف مفردا ومرفوعه مثنى أو جمعا‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫أعالم المحمدان؟ وأمحبوب المحمدون؟ فإن التركيب صحيح‪ ،‬ووجب‬
‫إعراب الوصف مبتدأ‪ ،‬والمرفوع بعده فاعال سد مسد الخبر‪ .‬وال يجوز‬
‫أن يكون مرفوعه مبتدأ مقدما‪ ،‬لئال يترتب عن ذلك أن يكون المبتدأ‬
‫مثنى أو جمعا والخبر مفردا‪.‬‬
‫ويتساوى في هذا أن يكون مرفوع الوصف‪ :‬اسما ظاهرا كما في المثال‬
‫السابق‪ ،‬أو ضميرا بارزا كما في قول الشاعر‪:‬‬
‫بعهدي أنتما *** إذا لم تكونا لي على من أقاطع‬
‫َ‬ ‫خليلي ما واف‬
‫أو ضميرا متصال مجرورا بحرف الجر‪ ،‬مثل‪ :‬المذنب مغضوب عليه‪.‬‬
‫أما في غير هذه الصورة فال يصح التركيب‪ ،‬إذ ال يصح أن تقول‪:‬‬
‫ماقائمان محمد‪ ،‬أقائمان المحمدون؟ أحاضرون محمد؟ أحاضرون‬
‫الرجالن؟‬
‫وهكذا كل صورة تخلو من المطابقة الصحيحة‪.‬‬

‫أقسام الخبر‪:‬‬
‫كاهلل بر‪ ،‬واأليـادي شاهـــــده‬ ‫والخبر‪ :‬الجزء المتم الفائدة‬
‫حاوية معنى الذي سيقـــت له‬ ‫ومفردا يأتي‪ ،‬ويأتي جمله‬
‫بها‪ :‬كنطقي للا حسبي وكفى‬ ‫وإن تكن إياه معنى اكتفى‬
‫يشتق فهو ذو ضمير مستكن‬ ‫والمفرد الجامد فارغ‪ ،‬وإن‬
‫ما ليس معناه له محصــــــال‬ ‫وابرزنه مطلقا حيث تــال‬
‫شرح البيات‬
‫الخبر هو الجزء الذي يتمم مع المبتدأ الفائدة‪ ،‬وابن مالك ال يقصد بذلك‬
‫المبتدأ الوصف‪ ،‬ألن هذا األخير ال يسمى خبرا‪ ،‬وإنما هو فاعل أو نائب‬
‫فاعل‪ .‬و قد أتى بجملة‪ " :‬للا بر" ليدلل بها على المبتدأ والخبر‪ ،‬وكذلك‬

‫‪23‬‬
‫"األيادي شاهدة" فاأليدي مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الياء‪،‬‬
‫وشاهدة خبر مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره‪.‬‬
‫وينقسم الخبر إلى مفرد وجملة‪ ،‬فأما الجملة فإما أن تكون هي المبتدأ في‬
‫المعنى أو ال تكون‪ .‬فإن كانت هي المبتدأ في المعنى اكتفى بها‪ ،‬ولم تحتج‬
‫‪14‬‬
‫معه على رابط يربطها به‪ ،‬كقوله‪ " :‬نطقي للا حسبي"‪.‬‬
‫فإلم تكن هي المبتدأ‪ ،‬فالبد فيها من رابط يربطها بالمبتدأ‪ .‬وهذا الرابط إما‬
‫أن يكون ضميرا‪ ،‬أو اسم إشارة‪ ،‬أو تكرار المبتدأ بلفظه‪ ،‬أو عموما يدخل‬
‫تحته المبتدأ‪.‬‬
‫أما إن كان الخبر مفردا‪ ،‬فينقسم إلى جامد أو مشتق‪ .‬فإن كان جامدا لم‬
‫يتحمل الضمير‪ .‬وأما المشتق فيتحمل الضمير‪ ،‬أو يرفع اسما ظاهرا‪.‬‬
‫وإذا جرى الخبر المشتق على من هو له استتر الضمير فيه‪ ،‬ولو أبرزت‬
‫جاز‪ .‬فإن جرى على غير من هو له‪ ،‬وجب إبراز الضمير‪ ،‬سواء أمن‬
‫اللبس أو لم يؤمن‪ .‬وهو مذهب البصريين‪ .‬وأما الكوفيون فيجيزون إبرازه‬
‫وإخفاءه‪ ،‬إذا أمن اللبس‪ .‬ويوجبون إبرازه إذا لم يؤمن اللبس‪ .‬وفي هذا‬
‫يقول الشاعر‪:‬‬
‫‪15‬‬
‫بكنه ذلك عدنان وقحطان‬ ‫قومي ذرى المجد بانوها وقد علمت‬
‫من كل هذا نستخلص أن الخبر هو جزء أساسي في الجملة‪ ،‬يكملها‬
‫و َيكون مع المبتدأ الذي ليس بوصف‪.‬‬
‫وينقسم الخبر إلى ثالثة أقسام‪(:‬مفرد‪ ،‬وجملة‪ ،‬وشبه جملة)‪:‬‬
‫‪ -1‬الخبر المفرد‪:‬‬

‫‪ 14‬ن طقي‪ :‬مبتدأ أول‪ .‬للا‪ :‬مبتدأ ثاني‪ .‬حسبي‪ :‬خبر المبتدأ الثاني وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه‪،‬‬
‫وجملة للا حسبي‪ :‬خبر المبتدأ األول‪.‬‬
‫‪ 15‬الشاهد في البيت قوله‪ :‬بانوها فقد حذف الضمير "هم" ألن اللبس غير وارد ألن "ها" الضمير المتصل‬
‫عائد على ذرى‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪16‬‬
‫وهو المكون من كلمة واحدة‪ ،‬أو بمنزلة الواحدة‬
‫ويكون‪ :‬جامدا‪،‬‬
‫مثل‪:‬‬
‫‪ -‬الشمس كرة‪.‬‬
‫‪ -‬الفرات نهر‪.‬‬
‫ومثل قول الشاعر‪:‬‬
‫فإنما هي إقبال وإدبار‬ ‫ترتع ما رتعت حتى إذا اذكرت‬
‫فكرة ونهر وإدبار وإقبال هي أخبار عن مبتدآتها‪ ،‬وهي كلمات جامدة‪.‬‬
‫وهي فارغة من الضمير المستتر‪ ،‬وغير رافعة للضمير البارز أو االسم‬
‫الظاهر بعدها‪.‬‬
‫كما يكون مشتقا‪( :‬وهو الوصف)‬
‫فيرفع ‪ -‬في األغلب‪ -17‬ضميرا مستترا وجوبا‪ ،‬أو يرفع ضميرا بارزا‪ ،‬أو‬
‫اسما ظاهرا بعده‪.‬‬
‫‪ -‬مثال الذي يرفع ضميرا مستترا وجوبا‪ :‬الهرم مرتفع– اآلثار‬
‫غالية‪.‬‬
‫(أي مرتفع هو‪ -‬وغالية هي)‪ .‬وهذا الضمير عائد على المبتدأ‪ ،‬ليربط‬
‫الخبر به ارتباطا معنويا‪.‬‬
‫‪ -‬مثال الذي يرفع بعده ضميرا بارزا‪ :‬ما راغب أنتم في الظلم‪.‬‬
‫‪ 16‬الذي بمنزلة الواحدة يشمل أنواع االسم المركب‪ ،‬كالمركب المزجي‪ ،‬والمركب العددي‪ ،‬والمركب‬
‫اإلسنادي‪ ،‬نحو‪ :‬هذه نيويورك‪ – .‬انتم أحد عشر أخا‪ – .‬هذا جاد للا‪.‬‬
‫‪ 17‬كلمة األغلب تعني أن هناك مشتقات ال ترفع ضميرا مثل اسم اآللة كمفتاح واسم الزمان كموعد واسم‬
‫المكان كمرمى‪ .‬يقول الشاعر‪:‬‬
‫الرفق يمن وخير القول أصدقه وكثرة المزح مفتاح العداوات‬
‫والشاهد فيه هو أن كلمة مفتاح خبر وهو اسم مشتق ولم يتحمل ضمرا‪ ،‬وهو مضاف والعداوات مضاف‬
‫إليه‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫فقد رفع الخبر المفرد المشتق الذي هو "راغب" ضميرا بارزا (أنتم)‬
‫بعده‪.‬‬
‫‪ -‬مثال الخبر المفرد المشتق الذي رفع اسما ظاهرا‪ :‬الورد فاتن ألوانه‬
‫– الورد ساحر أنواعه‪.‬‬
‫فساحر وفاتن خبران رفعا أنواع وألوان بعدهما‪.‬‬
‫• ومن المشتق ما يعرب على حسب الظاهر خبرا للمبتدأ‪ ،‬مع أن‬
‫معناه ال ينصب على ذلك المبتدأ‪ ،‬وال ينسب إليه مباشرة‪ :‬مثل‪:‬‬
‫"البنت الب مكرمته هي"‪ .‬ف "البنت" مبتدأ أول و" األب" مبتدأ‬
‫ثان‪ ،‬و " مكرمته" خبر المبتدأ الثاني ( مع أن معنى هذا الخبر –‬
‫وهو االكرام – منصب على المبتدأ األول وحده‪ ،‬ألن البنت هي‬
‫المكرمة‪ ،‬دون المبتدأ الثاني‪).‬‬
‫ومثل " محمد األم مساعدها هو "‪ ،‬فمحمد مبتدأ أول و األم مبتدأ‬
‫ثان‪ ،‬ومساعد خبر المبتدأ الثاني ( مع أن معنى هذا الخبر واقع على‬
‫المبتدأ األول‪ ،‬دون الثاني‪)...‬‬
‫ومثل هذا الخبر يقول عنه النحاة‪ " :‬إنه جار على غير صاحبه" أو‬
‫"هو جار على غير من هو له "‬
‫• ولما كان هذا الخبر مشتقا وجب أن يرفع ضميرا مستترا أو بارزا‬
‫أو اسما ظاهرا‪.‬‬
‫غير أن الضمير هنا يجوز إبرازه كما يجوز استتاره بشرط أن‬
‫يكون المبتدأ األصيل وهو ( المنسوب إليه معنى الخبر ) شيئا‬
‫واضحا ال يشبه بغيره عند االستتار‪ ،‬أي بشرط أمن اللبس كما في‬
‫األمثلة السابقة‪.‬‬
‫• وهناك أمثلة للوصف الواقع خبرا يصلح فيها أن يكون جاريا على‬
‫من هو له وعلى غير من هو له‪ ،‬ومن ثم يقع اللبس‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫"الفارس الحصان متعبه"‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفارس‪ :‬مبتدأ أول – الحصان ‪ :‬مبتدأ ثان – متعبه ‪ :‬خبر المبتدأ‬
‫الثاني وفيه ضمير مستتر تقديره هو ‪ ،‬والجملة من المبتدأ الثاني‬
‫وخبره في محل رفع خبر األول‪.‬‬
‫وهنا يختلط علينا الحكم‪.‬‬
‫‪ -‬هل نرد الحكم على الحصان بأنه يتعب الفارس ( فيكون الخبر‬
‫جاريا على من هو له)‬
‫‪ -‬أم نريد الحكم على الفارس بأنه يتعب الحصان ( فيكون الخبر‬
‫جاريا على غير من هو له ) وهكذا يكون اللبس واردا‬
‫ولكي نخرج منه نقول‪ - :‬إذا كان المراد هو المعنى األول الذي‬
‫يقتضي جريان الخبر على من هو له ‪ ،‬وجب استتار الضمير‪،‬‬
‫ليكون استتاره دليال على هذا المعنى‪.‬‬
‫وإذا كان المراد هو المعنى الثاني الذي يقتضي جريان الخبر على‬
‫غير من هو له‪ ،‬وجب إبراز الضمير منفصال‪ ،‬ليكون إبرازه دليال‬
‫على جريان الخبر على غير من هو له‪ ،‬فنقول ‪ :‬الفرس الحصان‬
‫متعبه هو‪.18‬‬
‫‪ -2‬الخبر الجملة‪:‬‬
‫الجملة‪ :‬كلمتان أساسيتان البد منهما للحصول على معنى مفيد‪ ،‬كالمبتدأ‬
‫مع خبره أو الفعل مع فاعله‪ .‬فهي إما إسمية أو فعلية‪ .‬وكل واحدة‬
‫منهما قد تقع خبرا‪ ،‬فتكون في محل رفع‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫الصيف يشتد حره‪ ،‬الشتاء يقسو برده ‪ ،‬الربيع جوه معتدل ‪ ،‬الخريف‬
‫جوه متقلب‪.‬‬
‫وقد اجتمعت الجملتان في قول الشاعر‪:‬‬
‫والظلم مرتعه وخيم‬ ‫البغي يصرع أهله‬

‫‪ 18‬من األمثلة على ذلك‪ " :‬الكلب الثعلب مخيفه" هو‪ " – .‬ساكن الحصن حارسه" هو ‪ " – .‬زميلة البنت‬
‫مرشدتها" هي‪ " – .‬معلمة الطفلة محبوبتها" هي‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ويشترط في الجملة الواقعة خبرا أن تشتمل على رابط يربطها بالمبتدأ‬
‫إال إذا كانت بمعناه‪.‬‬
‫وهذا الرابط ضروري – كالضمير في الجمل السالفة – ولواله لكانت‬
‫جملة الخبر أجنبية عن المبتدأ‪ ،‬وصار الكالم مفككا ال معنى له‪،‬‬
‫النقطاع الصلة بين أجزائه‪ ،‬من ذلك مثال‪ :‬محمد يذهب علي – فاطمة‬
‫يجيء القطار‪.‬‬
‫أنواع الروابط‪:‬‬
‫‪ -1‬الضمير الراجع إلى المبتدأ‪ ،‬وهو أصل الروابط وأقواها‪.‬‬
‫‪ -‬سواء أكان ظاهرا‪ :‬مثل‪ :‬الزارع فضله كبير‬
‫‪ -‬أو مستترا‪ :‬مثل‪ :‬األرض تتحرك‬
‫‪ -‬أو محذوفا‪ :‬مثل ‪ :‬العنب كيلو غراما بعشرة دراهم‪ .‬والتقدير كيلو‬
‫غرام منه – الورق اللون لون اللبن‪ .‬والتقدير اللون منه‪.‬‬
‫ويشترط في الضمير الرابط أن يكون مطابقا للمبتدأ السابق في التذكير‬
‫والتأنيث واإلفراد والتثنية والجمع‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلشارة إلى المبتدأ‪ ،‬نحو‪ " :‬الحرية تلك أمنية البطال "‪ ،‬وقوله‬
‫تعالى‪ " :‬والذين آمنوا وكذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب‬
‫النار‪".‬‬
‫فالحرية مبتدأ أول ‪ ،‬وتلك مبتدأ ثاني‬
‫الذين مبتدأ أول و أولئك مبتدأ ثاني ‪..‬‬
‫‪ -3‬إعادة المبتدأ السابق ‪ ،‬بقصد التفخيم أو التهويل أو التحقير‪،‬‬
‫واإلعادة تكون بلفظه وبمعناه‪ ،‬نحو‪ :‬الحرية ما الحرية؟ ‪ .‬فالحرية‬
‫األولى مبتدأ أول و ما اسم استفهام مبتدأ ثاني والحرية الثانية خبر‬
‫المبتدأ الثاني والجملة خبر المبتدأ األول‪ .‬ومثل ذلك ‪ :‬الحرب ما‬
‫الحرب والسارق ما السارق‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫وقد تكون بمعناه‪ ،‬نحو‪ :‬السيف ما المهند؟ وعلي من أبو الحسن؟‬
‫بشرط أن تكون تلك كنيته‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون في الجملة الواقعة خبرا ما يدل على عموم يشمل المبتدأ‬
‫األول‪ ،‬نحو ‪" :‬أما جبن المحارب فال جبن في بالدنا"‪ " ،‬زيد نعم‬
‫الرجل" زيد مبتدأ أول‪ ،‬نعم‪ :‬اسم منصوب على االختصاص مفعول‬
‫به لفعل محذوف تقديره أخص وهو مضاف الرجل مضاف إليه‪،‬‬
‫والجملة الفعلية في محل رفع خبر‪.‬‬
‫ويجوز أن تستغني جملة الخبر عن الرابط إن كانت هي نفسها المبتدأ في‬
‫المعنى ‪ .‬وذلك نحو‪:‬‬
‫كالمي‪ :‬الجو معتدل‪ ،‬قولي نشر التعليم ضروري‬
‫حديثي‪ :‬يزداد الفيضان صيفا‪.‬‬
‫كالمي مبتدأ أول ‪ ،‬الجو مبتدأ ثاني‪ ،‬معتدل خبر المبتدأ الثاني والجملة‬
‫اإلسمية خبر المبتدأ األول‪.‬‬
‫حديثي مبتدا أول ‪ ،‬يزداد فعل مضارع ‪ ،‬الفيضان فاعل‪ ،‬صيفا ظرف‬
‫زمان والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ األول‪.‬‬
‫‪ -3‬الخبر شبه جملة‬
‫يقول ابن مالك‪:‬‬
‫ناوين معنى كائن أو استقر‬ ‫أخبروا بظرف او بحرف جر‬
‫عن جثة‪ ،‬و إن يفد فأخبرا‬ ‫و ال يكون اسم زمان خبــرا‬
‫شرح األبيات‪:‬‬
‫تقدم أن الخبر يكون مفردا ويكون جملة‪ .‬وذكر المصنف في هذين البيتين‬
‫أن يكون ظرفا أو جارا ومجرورا‪ ،‬مثل‪ :‬زيد عندك وزيد في الدار‪ .‬فكل‬
‫من الظرف والجار والمجرور متعلق بمحذوف واجب الحذف‪ .‬وأجاز‬
‫المصنف أن يكون ذلك المحذوف اسما أو فعال‪ .‬ك"كائن" أو "استقر"‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫فإن قدرت كائنا كان من قبيل الخبر المفرد‪ ،‬وإن قدرت استقر كان من‬
‫قبيل الخبر الجملة‪.‬‬
‫وقد صرح به شذوذا في قول الشاعر‪:‬‬
‫‪19‬‬
‫فأنت في بحبوحة الهون كائن‬ ‫لك العز إن موالك عز‪ ،‬وإن يهن‬
‫وظرف المكان فيقع خبرا عن جثة وعن المعنى‪ ،‬نحو‪" :‬محمد عندك"‪.‬‬
‫"العلم عندك"‪.‬‬
‫أما ظرف الزمان فيقع خبرا عن المعنى فقط‪ ،‬منصوبا على الظرفية أو‬
‫مجرورا بفي‪ " ،‬القراءة يوم الجمعة أو القراءة في يوم الجمعة‪".‬‬

‫أحكام الخبر بشبه الجملة‬


‫‪ -1‬الظرف بنوعيه‪ :‬الزماني والمكاني‪،‬‬
‫يوم الجمعة" و " الرجوع ليلةَ السبت"‪ .‬وكذلك "الحديقة َ‬
‫أمام‬ ‫نحو "الرحلة َ‬
‫البيت" و "النهر ورا َءه"‪ .‬فكلمة "يوم" و"ليلة" وما يشبههما ظرف زمان‬
‫منصوب في محل رفع ألنه خبر المبتدأ‪ .‬وكلمة "أمام" و "وراء" ويشبهها‬
‫ظرف مكان‪ ،‬منصوب في محل رفع‪ ،‬ألنه خبر المبتدأ‪.‬‬
‫‪ -2‬الجار األصلي والمجرور‬
‫ويكون الجار األصلي مع مجروره‪ ،‬نحو‪ " :‬السكر من القصب " و " إخوان‬
‫السوء في النار"‪ .‬فالجار األصلي‪ :‬من و في‪ ،‬ومجرورهما في محل رفع خبر‬
‫المبتدأ‪.‬‬
‫• ويشترط في الظرف الواقع خبرا‪ ،‬وفي الجار األصلي مع المجرور‪ ،‬كذلك‪،‬‬
‫أن يكون تاما‪ ،‬أي يحصل باإلخبار به فائدة بمجرد ذكره‪ ،‬ويكمل به المعنى‬
‫المطلوب‪ ،‬من غير خفاء وال لبس‪ ،‬فال يصلح للخبر منهما ما كان ناقصا‪،‬‬
‫مثل‪ " :‬محمود اليوم" و " محمد بك" لعدم الفائدة‪.‬‬
‫• وفي الخبر بالظرف والجار األصلي مع مجروره رأيان‪:‬‬

‫الشاهد في البيت ‪ :‬قول ه " كائن" حيث صرح به ‪ ،‬وهو متعلق بالظرف الواقع خبرا شذوذا ‪ ،‬إذ األصل أن يكون محذوفا وجوبا‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -1‬أن يكون كل منهما هو الخبر مباشرة‪ ،‬أي أن شبه الجملة نفسه هو‬
‫الخبر‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون كل منهما خبرا ال بنفسه ‪ ،‬ولكن بمتعلق‪ ،‬بعامل‪ ،‬يحذف في‬
‫الغالب‪ ،‬وهذا العامل قد يكون فعال‪ :‬مثل‪ : ،‬استقر أو ثبت أو وجد ‪ .‬وقد‬
‫يكون المحذوف اسما مشتقا‪ :‬مثل‪ ،‬مستقر أو كائن (من كان التامة) أو‬
‫موجود‪.‬‬
‫فيكون التقدير أن الخبر هو جملة فعلية فعلها محذوف تقديره استقر‪ ،‬أو‬
‫‪20‬‬
‫أن الخبر جملة إسمية قائمة على مفرد مشتق تقديره مستقر‬
‫• بقيت مسألة تتعلق بتبيان نوع الظرف التام الذي يصلح أن يكون خبر‪:‬‬
‫‪ -1‬ظرف المكان يصلح في الغالب أن يقع خبرا عن المبتدأ المعنى وعن‬
‫المبتدأ الجثة‪ .‬مثل " الحق معك " و " العلم عندك "‪ .‬ومثل " الكتاب‬
‫أمامك " و " الشجرة خلفك "‪.‬‬
‫فالحق والعلم معنيان يدركان بالعقل‪ .‬والكتاب والشجرة جسمان (جثتان)‬
‫يدركان بالحواس‪.‬‬
‫والبد في ظرف المكان أن يكون خاصا لتتحقق الفائدة به‪ ،‬كاألمثلة‬
‫السابقة‪ ( ،‬معك ‪ ،‬عندك ‪ ،‬أمامك ‪ ،‬خلفك )‪ .‬وال يصح ان يكون الظرف‬
‫عاما‪ ،‬مثل العلم مكانا والكتاب مكانا لعدم حصول الفائدة‬
‫‪ -2‬ظرف الزمان يصلح أن يكون خبرا عن المبتدأ المعنى فقط‪ ،‬و أن‬
‫تتحقق الفائدة ‪ ،‬كأن يكون الزمان خاصا‪ ،‬مثل‪ " :‬السفر صباحا –‬
‫الرحلة ليال "‪ ،‬بخالف "السفر زمانا" و"الفضل دهرا" و"األدب حينا"‬
‫لعدم الفائدة‪.‬‬

‫‪ 20‬يقول ابن قيل في هذا‪ " :‬واختلف النحويون في هذا‪ ،‬فذهب األخفش إلى أنه من قبيل الخبر بالمفرد‪،‬‬
‫وأن كال منهما متعلق بمحذوف‪ ،‬وذلك المحذوف اسم فاعل‪ ،‬والتقدير‪ " :‬زيد كائن عندك "‪ ،‬او " مستقر‬
‫عندك"‪ ،‬أو " في الدار"‪ .‬وقد نسب هذا إلى سيبويه‪.‬‬
‫وقيل إنهما من قبيل الجملة‪ ،‬وإن كال منهما متعلق بمحذوف هو فعل‪ ،‬والتقدير‪ ، :‬زيد استقر – أو يستقر‪-‬‬
‫عندك " ‪ ،‬أو " في الدار "‪ .‬ونسب هذا إلى جمهور البصريين‪ ،‬و إلى سيبويه أيضا‪ ....‬وهذا معنى قول‬
‫ابن مالك‪ " :‬ناوين معنى كائن أو استقر‪ ".‬ص‪ 211 .‬ج‪1 .‬‬

‫‪31‬‬
‫وظرف الزمان ال يصلح ان يكون خبرا عن الجثة إال قليل‪ ،‬وذلك حين‬
‫يفيد‪ .21‬فال يصلح الشجرة يوما – البيت غدا‪ .‬ويصح القطن صيفا –‬
‫طب شهري ربيع‬ ‫الر َ‬
‫القمح شتاء‪ ،‬لتحقق الفائدة‪ ،‬ومنه الهالل الليلةَ – ُّ‬

‫‪ 21‬تتحقق اإلفادة في ظرف الزمان الواقع خبرا عن الذات ( الجثة )‪ ،‬بأحد شروط ثالثة‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يتخصص ظرف الزمان بنعت‪ ،‬نحو ‪ :‬نحن في يوم طيب‬
‫‪ -2‬أن يتخصص ظرف الزمان باإلضافة‪ ،‬نحو‪ :‬نحن في شهر العيد‬
‫‪ -3‬أن يتخصص ظرف الزمان بعلمية‪ ،‬نحو‪ :‬نحن في رمضان‪.‬‬
‫ويجب جر ظرف الزمان في هذه الصور الثالث بحرف الجر‪ .‬وبذلك يكون الجار مع مجروره في محل‬
‫رفع خبر المبتدأ‪ .‬وال يعرب في حالة جره ظرفا‪ ،‬ألن مصطلح الظرفية مقصور عليه حين يكون منصوبا‬
‫على الظرفية فقط‪ ( .‬عباس حسن النحو الوافي ج‪، 1.‬ص‪) 481 .‬‬

‫‪32‬‬
‫المحور الثالث‪:‬‬
‫كان وأخواتها‬
‫يقول ابن مالك‬
‫تنصبــه‪ ،‬كـكان سيــدا عمـــر‬ ‫ترفع كان المبتدأ اسما والخبـر‬
‫أمسى وصار ليس‪ ،‬زال برحا‬ ‫ككان ظل بات أضحى أصبحا‬
‫لشبه نفــي‪ ،‬أو لنفـــي ‪ ،‬متبعه‬ ‫فتئ‪ ،‬وانفك‪ ،‬وهذي األربعـــة‬
‫كأعــط ما دمت مصيبا درهما‬ ‫ومثل كان دام مسبوقا ب "مـا"‬
‫شرح البيات‬
‫لما فرغ المصنف من الكالم عن المبتدأ والخبر شرع في الكالم عن‬
‫النواسخ‪ ،‬وهي قسمان‪ :‬أفعال وحروف‬
‫فاألفعال هي كان وأخواتها‪ ،‬وأفعال المقاربة‪ ،22‬وظن وأخواتها‪.‬‬
‫والحروف هي ما وأخواتها‪ ،‬وال النافية للجنس‪ ،‬وإن وأخواتها‪.‬‬
‫فأما كان وأخواتها‪ ،‬فكلها أفعال اتفاقا‪ ،‬إال ليس‪ ،‬فقد ذهب الجمهور إلى‬
‫أنها فعل‪ ،‬وذهب ابن السراج وأبو علي الفارسي‪ ،‬وأبو بكر بن شقير إلى‬
‫أنها حرف‪.23‬‬

‫‪ 22‬أفعال المقاربة هي كاد و أوشك و كرب‪ ،‬نحو‪ " :‬كاد المطر أن ينزل‪ ".‬اسمها اسم وخبرها جملة‬
‫فعلية‪ .‬ومنها أفعال الرجاء ‪ ،‬وهي ‪ :‬عسى وحرى واخلولق‪ .‬من ذلك ‪ " ،‬عسى النجاح أن يتحقق‪ .‬ومنها‬
‫كذلك أفعال الشروع‪ ،‬وتدل على الشروع في العمل في الخبر‪ ،‬وأفعالها هي‪ :‬بدأ‪ ،‬جعل‪ ،‬شرع‪ ،‬طفق‪ ،‬رد‪،‬‬
‫هلهل‪ .‬مثل‪ " :‬بذأ المطر ينزل"‬
‫‪ 23‬استدل هؤالء على أن ليس حرف بدليلين‪:‬‬
‫‪ -1‬أن ليس أشبهت الحرف من وجهين‪ :‬أ) أنها تدل على ما يدل عليه الحرف (النفي)‪ .‬ب) أنها‬
‫جامدة ال تتصرف‪ ،‬والحروف جامدة ال تتصرف‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه خالفت األفعال‪ ،‬من حيث كون األفعال مشتقة من المصادر وتدل على حدث وزمان‪ ،‬وهي ال‬
‫تدل على الحدث وداللتها على الزمن مخالفة لداللة األفعال عليه‪.‬‬
‫ويرد عليهم في هذا قبولها لعالمات األفعال من دخول تاء التأنيث عليها وتاء الفاعل‬

‫‪33‬‬
‫وكان وأخواتها ترفع المبتدأ ويسمى اسمها وتنصب الخبر ويسمى خبرها‪.‬‬
‫وهذه األفعال قسمان‪:‬‬
‫‪ -1‬منها ما يعمل هذا العمل بال شرط‪ :‬كان ‪ ،‬ظل ‪ ،‬بات ‪ ،‬أضحى ‪،‬‬
‫أصبح ‪ ،‬أمسى‪ ،‬صار ‪ ،‬ليس‪.‬‬
‫‪ -2‬ومنها ما ال يعمل هذا العمل إال بشرط‪ ،‬وهما قسمان كذلك‪:‬‬
‫أ) ما يشترط في عمله أن يسبقه نفي أو شبه نفي‪ ،‬وهي أربعة‬
‫أفعال‪ :‬زال ‪ ،‬وبرح ‪ ،‬و وفتئ ‪ ،‬وانفك‪.‬‬
‫والنفي يكون لفظا ويكون تقديرا‪ ،‬فمثال النفي‪ " :‬مازال زيد‬
‫قائما" ومثاله تقديرا‪ :‬قول للا تعالى‪ " :‬قالوا تاهلل تفتؤ تذكر‬
‫يوسف" أي ال تفتؤ‪ .‬وال يحذف النفي معها قياسا إال بعد القسم‪.‬‬
‫وقد شذ الحذف بدون القسم‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬
‫‪24‬‬
‫بحمد للا منتطقا مجيدا‬ ‫وأبرح ما أدام للا قومي‬
‫وشبه النفي ‪ ،‬والمراد به النهي والدعاء‪ ،‬كقولك‪ " :‬ال تزل قائما"‬
‫وكقولك‪ :‬ال يزال للا محسنا إليك"‬
‫ب) ما يشترط في عمله أن يسبقه " ما " المصدرية الظرفية‪،‬‬
‫وهو‪ " :‬دام " وهي قوله‪ " :‬اعط ما دمت مصيبا درهما" وهي‬
‫قول للا تعالى‪ " :‬وأوصاني بالصالة والزكاة ما دمت حيا"‬
‫نواسخ االبتداء‪:‬‬
‫الجملة االسمية في مثل ‪ ":‬الرياحين متعة " مركبة من مبتدأ‪ ،‬له الصدارة‬
‫في جملته – غالبا – ومن خبر‪ .‬ولكن قد تدخل عليهما الفاظ تغير اسمهما‬

‫‪ 24‬أبرح فعل ماض ناقص‪ ،‬واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا‪.‬‬
‫منتطقا‪ :‬اسم فاعل من فعل انتطق‪ ،‬وهو خبر أبرح‪ ،‬وفاعله ضمير مستتر فيه‪.‬‬
‫مجيدا‪ :‬مفعول به منصوب‪.‬‬
‫والشاهد في البيت هو ورود أبرح غير مسبوقة بنفي وهي غير مسبوقة بقسم‪ .‬وهو ما شد عن القاعدة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫وعالمة إعرابهما‪ ،‬ومكان المبتدأ من الصدارة جملته‪ .‬ومن النواسخ‪:‬‬
‫كان‪...‬إن‪...‬ظن‪ (...‬ولكل واحدة أخوات )‬
‫ومثال األولى‪ " :‬كان العامل أمينا "‬
‫وقول الشاعر‪:‬‬
‫*** تعبت في مرادها األجسام‬ ‫وإذا كانت النفوس كبارا‬
‫فيصير المبتدأ الذي هو العامل والنفوس اسم كان مرفوعا‪ ،‬ويسمى‬
‫اسمها‪ ،‬وليس له الصدارة اآلن‪ ،‬ويصير خبر المبتدأ‪ ،‬أمينا وتعبت‪ ،‬خبر‬
‫كان منصوبا‪ ،‬ويسمى خبرها‪.‬‬
‫وهكذا فكان وظن وإن هي النواسخ‪ ،‬أو نواسخ االبتداء‪ ،‬ألنها تحدث نسخا‬
‫أو تغييرا‪.‬‬
‫وال مانع من دخولها على المبتدأ النكرة‪ ،‬ألنه ال يسمى في هذه الحالة‬
‫مبتدأ‪ ،‬إذ هو اسم كان‪ ،‬كقولك‪ " :‬كان إحسان رعاية الضعفاء"‬
‫وكقول الشاعر‪:‬‬
‫وليس شي ٌء أعز عندي من العلـ *** ـم فما أبتغي سواه أنيسا‬
‫إذ ال يشترط في اسم كان أن يكون معرفة في األصل‪ ،‬ولكن يشترط فيه‬
‫أال يكون شبه جملة‪ ،‬ألن اسمها في أصله مبتدأ‪ ،‬والمبتدأ ال يكون شبه‬
‫جملة‪.‬‬
‫وكان وأخواتها من االفعال الناسخة‪ ،‬وتسمى أيضا األفعال‬
‫الناقصة‪25.‬ومنها األسماء التي تشتق من مصادرها‪.‬‬

‫‪ 25‬سميت ناقصة ألن كل فعل منها يدل على حدث ناقص ( أي معنى مجرد ناقص ) ‪ ،‬ألن إسناده إلى‬
‫مرفوعه ال يفيد الفائدة األساسية المطلوبة من الجملة الفعلية‪ ،‬إال بعد مجيئ االسم المنصوب الذي يتمم‬
‫المعنى األساسي المراد‪ .‬وهذا يخالف األفعال التامة‪ ،‬ألن المعنى يتم بالفاعل أو نائب الفاعل‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫شروط عملها‪:‬‬
‫كان وأخواتها ثالثة عشر فعال هي ‪ ( :‬كان ظل بات أصبح أضحى أمسى‬
‫صار ليس زال برح فتئ انفك دام )‪ .‬وكلها تشترك في أمور عامة أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬أال يكون اسمها شبه جملة‪ ،‬وأن عملها ليس مقصورا على الفعل‬
‫الماضي منها‪ ،‬بل يشمله وغيره‪ ،‬ويشمل ما قد يكون لمصدرها من‬
‫مشتقات أخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬ال تعمل إال بشرط أن يتأخر اسمها عنها‪ ،‬وأن يكون خبرها غير‬
‫إنشائي (طلبي أو غير طلبي )‪ ،‬فال يصح ‪ " :‬كان الضعيف عاونه‪.‬‬
‫كان مالي يحفظه هللا"‬
‫وأن يكون االسم والخبر مذكورين معا‪ ،‬وال يصح مطلقا حذفهما‪،‬‬
‫وال حذف أحدهما‪ .‬إال " ليس "‪ ،‬فيجوز حذف خبرها النكرة العامة‪،‬‬
‫وإال " كان " فيجوز في اسلوبها انواع من الحذف‪.‬‬
‫‪ -3‬أال يتقدم الخبر عليها إذا كان اسمها متضمنا معنى االستفهام‪ ،‬وهي‬
‫مسبوقة بأحد حرفي النفي‪ " :‬ما " و " إن " ‪ ،‬فال يقال‪ " :‬أين ما‬
‫يكون الصديق؟ " و ال " أين إن يكون الصديق؟ " و ال " أين ما‬
‫زال العمل؟" ‪ ،‬ألن "ما" و "إن" النافيتين لهما الصدارة‪ ،‬فال يصح‬
‫أن يسبقهما شيء‪ ،‬وإال فسدت الجملة‪.‬‬
‫‪ -4‬وأن صيغتها حين تكون بلفظ الماضي‪ ،‬وخبرها جملة فعلية‬
‫مضارعية‪ ،‬ال بد أن يماثلها زمن المضارع‪ ،‬فينقلب ماضيا‪ ( .‬إذا لم‬
‫يكن هناك مانع)‪ .‬ففي مثل ‪ " :‬أصبح العصفور يغرد " يكون زمن‬
‫المضارع يغرد ماضيا‪ ،‬ألن زمن األفعال المضارعة تتبع زمن‬
‫الفعل الماضي الناسخ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -5‬ال تكون أخبارها جملة فعلية ماضية‪ ،‬فال يقال‪ " :‬صار زيد‬
‫ع ِلم"‪ ،26‬إال "كان" فإنها تمتاز بصحة اإلخبار عنها بالجملة‬
‫الماضوية‪.‬‬
‫معاني الفعال‪:‬‬
‫معنى ظل ‪ :‬اتصاف اسمها بمعنى خبرها نهارا‪ ،‬نحو‪ " :‬ظل علي‬
‫صائما" ‪ .‬وتستعمل بمعنى " صار" ‪ ،‬عند وجود قرينة‪ ،‬نحو قوله‬
‫تعالى‪ " :‬وإذا بشر أحدهم باألنثى ظل وجهه مسودا" ‪ .‬وتستعمل تامة‪،‬‬
‫فنقول‪" :‬ظل ال َحر"‪.‬‬
‫معنى بات ‪ :‬اتصاف المخبر عنه بالخبر ليال‪ " ،‬بات القائد ساهرا"‬
‫وقول الشاعر‪:‬‬
‫أبيت نجيا للهموم كأنما *** خالل فراشي جمرة ٌ تتوهج‬
‫وتستعمل تامة ‪ ،‬نحو "بات الطائر‪".‬‬
‫معنى أضحى ‪ :‬اتصاف المخبر عنه بالخبر في الضحا‪ ،‬نحو أضحى‬
‫الزارع منكبا على زراعته‪ .‬وتستعمل بمعنى "صار" ‪ ،‬فنقول أضحت‬
‫الصناعة مطلوبة" ‪ .‬وقد تستعمل تامة‪ ،‬نحو‪ " :‬أضحى النائم" أي دخل‬
‫في وقت الضحى‪.‬‬
‫معنى أصبح‪ :‬اتصاف المخبر عنه بالخبر في الصباح‪ ،‬نحو‪ " :‬أصبح‬
‫الساهر متعبا"‪ ،‬وتستعمل بمعنى "صار" مع قرينة فنقول‪ " :‬أصبح‬
‫النفط دعامة الصناعة"‪ .‬وتستعمل كثيرا تامة‪ ،‬نحو" أيها الساري وقد‬
‫أصبحت"‬

‫‪ 26‬يقول صاحب همع الهوامع‪ :‬شرط ما تدخل عليه صار وما بمعناها‪ ،‬ودام وزال وأخواتها‪ ،‬أال يكون‬
‫خبره فعال ماضيا‪ ،‬ألنها تًفهم الدوام على الفعل‪ ،‬واتصاله بزمن اإلخبار‪ ،‬والماضي يفهم االنقطاع‪".‬‬

‫‪37‬‬
‫معنى أمسى‪ :‬اتصاف المخبر عنه بالخبر في المساء‪ ،‬نحو أمسى‬
‫المجاهد قريرا‪ ،‬وتكون كثيرا بمعنى " صار" ‪ ،‬نحو " اقتحم العلم‬
‫الحياة فأمسى معلوما"‪ .‬وتستعمل تامة‪ ،‬نحو‪ " :‬أمسى الحارس"‪.‬‬
‫معنى صار‪ :‬التحول من صفة إلى أخرى‪ ،‬نحو‪ ":‬صار الماء بخارا"‪،‬‬
‫وتستعمل تامة‪ ،‬كما في قول للا تعالى‪ " :‬إلى للا تصير األمور"‪.‬‬
‫معنى ليس‪ :‬فعل ماض جامد‪ ،‬تفيد مع معموليها نفي اتصاف اسمها‬
‫بمعنى خبرها اتصافا يتحقق في الزمن الحالي‪" ،‬ليس القطار مقبال"‪.‬‬
‫لكن إذا أريد بها الداللة على الماضي أو المستقبل ال بد من قرينة تدل‬
‫على ذلك‪ ،‬نحو " ليس الرجل مسافرا أمس" ‪ .‬ومنه قولك‪ " :‬ليس‬
‫الرجل مسافر غدا" ‪ ،‬وكذا قول للا‪ " :‬أال يوم يأتيهم ليس مصروفا‬
‫عنهم" ‪ .‬فيكون النفي متجها نحو المستقبل لوجود فرينة لفظية ‪ ،‬هي‬
‫غدا‪ ،‬وعقلية هي أن العذاب يكون يوم القيامة و هو لم يأت بعد‪.‬‬
‫وال تستعمل تامة‪ ،‬وال يجوز تقدم خبرها عليها‪ ،‬ويجوز حذف خبرها‬
‫إذا كان نكرة عامة‪ ،‬نحو "ليس أحد" أي "ليس أحد موجودا"‪.‬‬
‫معنى ما زال وأخواتها ‪ :‬تفيد مع معموليها اتصاف اسمها بمعنى الخبر‬
‫اتصافا مستمرا ال ينقطع‪ ،‬أو ينقطع بعد حين‪ ،‬وهذا بحسب ما يدل‬
‫عليه السياق‪ .‬من ذلك ‪ " ،‬ما زللا رحيما بعباده" ‪ " ،‬اليزال الخطيب‬
‫متكلما"‪.‬‬
‫وال تستعمل تامة‪ .‬وأن يسبقها نفي أو نهي أو دعا‪ ،‬وال فرق بين النفي‬
‫الظاهر أو المقدر ‪ ،‬نحو " تاهلل يزال الشحيح محروما"‪ .‬وحذف النفي‬
‫هنا قياسي بشرط أن يكون ب"ال" وأن يكون الفعل مضارعا في جواب‬
‫القسم‪ ،‬نحو قوله تعالى‪ ":‬تاهلل تفتأ تذكر يوسف" أي ال تفتأ تذكر‬
‫يوسف‪ .‬ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫فقلت يمين للا أبرح قاعدا *** ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي‬

‫‪38‬‬
‫أال يكون خبرها جملة فعلية ماضوية‪ ،‬فال يصح ‪ " :‬مازال المسافر‬
‫غاب"‪ .‬أن يكون مضارعها هو "يزال" ‪ ،‬وليس " يزيل و يزول"‪.‬‬
‫معنى فتئ‪ :‬تشترك مع "زال" في أحكامها‪ ،‬إال حكم المضارع‬
‫الختالف المضارع بينهما‪ ،‬وكذا وقوع فتئ تامة في بعض األساليب‪،‬‬
‫نحو‪" :‬فتئ الصانع عن شيء" بمعنى نسيه‪.‬‬
‫معنى برح‪ :‬تشترك مع "زال" في أحكامها‪ ،‬إال حكم المضارع‬
‫الختالف المضارع بينهما‪ ،‬وكذا صحة وقوعها تامة‪ ،‬كقول للا تعالى‪:‬‬
‫" وإذ قال موسى لفتاه ال أبرح‪ ،"...‬أي ال أذهب‬
‫معنى انفك‪ :‬تشترك مع "زال" في أحكامها‪ ،‬إال حكم المضارع‬
‫الختالف المضارع بينهما‪ ،‬وكذا صحة وقوعها تامة‪ ،‬نحو‪ " :‬فككت‬
‫حلقات السلسلة فانفكت" أي انصلت‪.‬‬
‫معنى دام ‪:‬تقيد مع معموليها استمرار المعنى غلى وقت الكالم‪.‬‬
‫ومن شروطها‪ :‬أن تكون بلفظ الماضي‪ ،‬وقبلها ما المصدرية‬
‫الظرفية‪ .27‬وإذا أسندت لضمير رفع متحرك وجب ضم الدال‪ ،‬وحذف‬
‫األلف‪ .‬أال يكون خبرها جملة فعلية ماضوية‪ .‬أن يسبقهما كالم تتصل‬
‫به اتصاال معنويا‪ ،‬ويكون جملة فعلية مضارعية‪ ،‬من ذلك قول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ونكرم جارنا ما دام فينا *** ونبعه الكرامة حيث ماال‬
‫أال يتقدم خبرها عليها وعلى ما ألن ما المصدرية الظرفية ال يسبقها‬
‫شيء‪.‬‬

‫ما المصدرية الظرفي هي التي تؤول مع ما بعدها بمصدر مع نيابتها عن ظرف زمان بمعنى ‪ :‬مدة أو وقت أو زمن‪.‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪39‬‬
‫يقول ابن مالك‪:‬‬
‫إن كان غير الماضي منه استعمال‬ ‫و غير ماض مثلَه قد عمـــــال‬
‫أجـــز‪ ،‬وكل سبقَــــه دام حظــــر‬ ‫سط الخبــــــر‬
‫تو ُّ‬
‫وفي جميعها َ‬
‫فجـــئ بها متلــــوة ً‪ ،‬ال تاليــــــه‬ ‫كذاك سبق خبر ما النافيــــــه‬
‫وذو تمــــام ما برفـــــع يكتــــفي‬ ‫ومنع سبق خبر ليس اصطفي‬
‫فتــــئ ليـــس زال دائما قــــفـــي‬ ‫وما سواه ناقص و النقص في‬
‫شرح البيات‬
‫هذه األفعال التي نحن بصدد الحديث عنها قسمان‪ - :‬أحدهما متصرف‬
‫واآلخر غير متصرف‪.‬‬
‫‪ -1‬المتصرف‪ :‬قسمان‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما يتصرف تصرفا ناقصا‪ (:‬زال‪ ،‬برح‪ ،‬فتئ‪ ،‬انفك) ويكون‬
‫المستعمل منه الماضي والمضارع واسم الفاعل‪.‬‬
‫ب‪ -‬ما يتصرف تصرفا شبه تام ( سبعة أفعال) و يكون المستعمل‬
‫منه الماضي والمضارع واألمر‪ ،‬باإلضافة إلى المصدر واسم‬
‫الفاعل‪.‬‬
‫‪ -2‬غير المتصرف‪ :‬وهو فعالن‪( :‬ليس ودام) وال يأتي منهما إال‬
‫الماضي (وإن سمعت يدوم ودم ودائم ودوام فهي من دام التامة‬
‫وليس دام الناقصة)‪.‬‬
‫ومن أمثلة المتصرف قول للا تعالى‪:‬‬
‫"ويكون الرسول عليكم شهيدا'' المضارع‪.‬‬
‫"كونوا قوامين بالقسط'' األمر‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫يقول الشاعر‪:‬‬
‫أخاك إذا لم تلفه لك منجدا'' اسم الفاعل‬ ‫"وما كل من يبدي البشاشة كائنا‬
‫وكونك إياه عليك يسير"‬ ‫"ببذل وحلم ساد في قومه الفتى‬
‫‪28‬‬
‫المصدر‪.‬‬
‫أما البيت الثاني‪ ،‬فإن المصنف يريد أن جميع أخبار هذه األفعال يجوز أن‬
‫تتوسط بين الفعل واالسم‪ ،‬إذا لم يكن هناك ما يوجب تقديمها على االسم‬
‫أو تأخيرها عنه‪.‬‬
‫مثال وجوب تقديم الخبر على االسم‪'' :‬كان في الدار صاحبها" لئال يعود‬
‫الضمير على متأخر لفظا ورتبة‪.‬‬
‫مثال وجوب تأخير الخبر على االسم‪" :‬كان أخي رفيقي" عدم ظهور‬
‫الحركات اإلعرابية‪.‬‬
‫مثال الجواز‪" :‬كان حقا علينا نصر المؤمنين"‪.‬‬
‫وأشار بقوله "وكل سبقه دام حظر" إلى أن كل العرب أو كل النحاة منع‬
‫تسبيق خبر دام عليها‪ .‬وهنا نقول إن كان المنع يقتضي أال يسبق خبر‬
‫"ما" الظرفية المصدرية‪ ،‬فال منازع فيه‪ ،‬فال يصح أن نقول‪" :‬ال أصحبك‬
‫قائما ما دام زيد"‪.‬‬
‫وإن أراد أنهم منعوا تقديمه على دام وحدها دون "ما"‪ ،‬فهو أمر غير‬
‫صحيح‪ ،‬ألنه يمكن أن نقول‪" :‬ال أصحبك ما قائما دام زيد" ‪ ،‬وذلك قياسا‬
‫كلمت "‪.‬‬
‫َ‬ ‫على " ال اصحبك ما زيدا‬

‫‪ 28 -‬كائنا‪ :‬اسم فاعل من كان‪ ،‬وفيها ضمير مستتر اسمها‬


‫أخاك‪ :‬خبرها منصوب باأللف ألنه من األسماء الستة‪.‬‬
‫‪ -‬كونك‪ :‬كون‪ -:‬مبتدأ مرفوع وخبره يسير‬

‫كون‪ -:‬مصدر من كان واسمها ضمير مستتر تقديره أنت‪ -‬وخبرها إياه‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ويقول في البيت الثالث‪ ،‬أنه ال يجوز أن يتقدم الخبر على " ما " النافية‪.‬‬
‫ويدخل في هذا قسمان‪:‬‬
‫‪ -1‬ما كان النفي شرطا في عمله (نحو ما زال وأخواتها)‬
‫‪ -2‬ما لم يكن النفي شرطا في عمله ( نحو كان واخواتها )‬
‫و مفهوم كالمه أنه يجوز إن كان النفي بغير " ما "‪ ،‬بمعنى إن كان بـ‬
‫"لم أو غيرها "‪ ،‬فنقول " قائما لم يزل زيد " و " منطلقا لم يكن عمرو"‪.‬‬
‫و مفهوم من كالمه أيضا‪ ،‬أنه يجوز تقديم الخبر على الفعل وحده‪ ،‬دون‬
‫"ما"‪ ،‬فنقول " ما قائما زال زيد " و " ما قائما كان زيد "‪.‬‬
‫وفي البيت الرابع يبين أن النحاة اختلفوا في تقديم خبر ليس عليها‪،‬‬
‫وترجح عدم تقديمه عليها‪ ،‬ألن الذين جوزوا التقديم‪ ،‬يحتجون بقول للا‬
‫يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم "‪ .‬فقد تقدم معمول الخبر الذي‬‫تعالى‪ " :‬أال َ‬
‫هو "يوم" على الخبر " مصروفا" الذي هو العامل‪ .‬ولم يكن ذلك حجة‪.‬‬
‫وقوله " وذو تمام ‪ "...‬معناه أن هذه األفعال انقسمت إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -1‬ما يكون تاما ويكون ناقصا‬
‫‪ -2‬ما يكون ناقصا فقط‪ :‬فتئ زال التي مضارعها يزال‪.‬‬

‫أحكام الناسخ ومعموليه من حيث التقديم والتأخير‬


‫األفعال الناسخة ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬قسم جامد ال يتصرف‪ ،‬وال يوجد منه إال الماضي‪ ،‬وهو فعالن‪:‬‬
‫"ليس ودام"‪.‬‬
‫‪ -2‬قسم يتصرف تصرفا شبه كامل‪ ،‬وله المضارع والماضي واألمر‪،‬‬
‫وفيه المصدر واسم الفاعل‪ ،‬دون اسم المفعول وباقي المشتقات‪.‬‬
‫وهي سبعة أفعال‪ ( :‬كان أصبح أضحى أمسى بات ظل صار)‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ومن أمثلتها‪ " :‬كان الوفاء شيمة صاحبه" " يكون الكالم عنوان‬
‫صاحبه" " كونوا أنصار للا " " كونك مسلما ييسر عليك دخول‬
‫الحنة" " محمد كائن أخاك"‪.‬‬
‫‪ -3‬قسم يتصرف تصرفا ناقصا‪ ،‬وهو األربعة أفعال المسبوقة بنفي‪:‬‬
‫(زال‪ ،‬برح‪ ،‬فتئ‪ ،‬انفك)‪ .‬وهذه األفعال ليس لها إال الماضي‬
‫والمضارع واسم الفاعل‪ ،‬ومن أمثلتها‪ " :‬الزالت األمطار مورد‬
‫األنهار" (الماضي)‪ " ،‬التزال األنهار عماد الحياة" (المضارع)‬
‫يقول الشاعر‪:‬‬
‫يغمض العينَ مغمض‬
‫َ‬ ‫قضى للا يا أسماء أن لست زائال *** أحبك حتى‬
‫(اسم فاعل)‪.‬‬
‫الحكام‪:‬‬
‫• الترتيب في هذا الباب بين الناسخ واسمه واجب‪ ،‬إذ ال يجوز تقديم‬
‫االسم على عامله الناسخ‪.‬‬
‫• أما الخبر إن كان جملة خالية من ضمير يعود على اسم الناسخ‪،‬‬
‫فالحسن تأخيره عن الناسخ واسمه معا‪.29‬‬
‫• ويجب تأخيره عنهما إن كان جملة مشتملة على ضمير يعود على‬
‫‪30‬‬
‫اسم الناسخ‪.‬‬

‫‪ 29‬ألن تقدمه على الناسخ أو توسطه بينهما غير معروف في اللغة العربية‪ .‬يقول اإلمام السيوطي في‬
‫همع الهوامع في شرح جمع الجوامع‪ ،‬في حالة التأخير الواجب وهو التي قلنا بأنها مستحسنة‪ " :‬ال يجوز‬
‫تقديمه فيها‪ ،‬وال توسطه‪ ،‬سواء أكانت اسمية‪ ،‬نحو‪ :‬كان علي أبوه قائم‪ ،‬أم كانت فعلية رافعة ضمير‬
‫االسم‪ ،‬نحو‪ :‬كان علي يقوم‪ ،‬أم غير رافعة‪ ،‬نحو‪ :‬علي يمر محمود به ومستند المنع في ذلك عدم‬
‫سماعه"‪ (.‬ج‪ ،1 .‬ص‪) 118 .‬‬
‫والجملة التي تمثل الخبر الخالي من أي ضمير يعود على اسم الناسخ‪ " :‬كان المريض يغيب الطبيب‬
‫فيتألم الناس من غيابه‪".‬‬
‫‪ 30‬الجملة التي تصلح مثاال لهذا الحكم‪ ،‬هي‪ " :‬ليس من حكى عنك نكرا توسعه فيك عذرا" والشاهد فيها‬
‫هو جملة توسعه التي هي في محل نصب خبر ليس وتتحمل ضميرا يعود على اسم ليس‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫• وأما الخبر المفرد أو شبه الجملة‪ ،‬فهو ست حاالت‪:‬‬
‫‪ -1‬وجوب التأخير عن االسم‪،‬‬
‫أ) يترتب عن التقدم لبس ال يمكن تمييز أحدهما عن اآلخر‪،‬‬
‫كقولنا‪ ":‬كان أستاذي رفيقي "‪.‬‬
‫حين يكون الخبر واقعا فيه الحصر‪ :‬إما بـ "إال"‬ ‫ب)‬
‫المسبوقة بنفي‪ ،‬مثل‪ " :‬ما كان القرآن إال الخبر اليقين "‪ ،31‬أو‬
‫بـ " إنما " مثل‪ " :‬إنما كان القرآن الخبر اليقين"‪.‬‬
‫‪ -2‬وحوب التقدم على االسم فقط‪ ( :‬فيتوسط الخبر بين االسم‬
‫والناسخ‪ ).‬وذلك حين يكون االسم مضافا إلى ضمير يعود إلى‬
‫شيء في الخبر ( مع وجود ما يمنع من تقدم الخبر على‬
‫الناسخ)‪ ،32‬مثل‪" :‬يعجبني أن يكون للعمل اهله"‪.‬‬
‫‪ -3‬وجوب التقدم على العامل الناسخ‪ ،‬وذلك حين يكون الخبر اسما‬
‫مما تجب له الصدارة كأسماء االستفهام و كم الخبرية‪ ،‬نحو " أين‬
‫كان الغائب؟" و قول الشاعر‪:‬‬
‫وقد كان ذكري للفراق يروعني** فكيف أكون اليوم؟ وهو يقين‬
‫و " كم مرة ً كانت زيارة المعالم المشهورة"‪ .‬ويشترط أال يكون‬
‫العامل الناسخ مسبوقا بشيء آخر له الصدارة‪ ،‬فال يصح‪" :‬أين ما‬
‫كان الغائب؟"‪ ،‬وال " أين مازال البستاني؟"‪.‬‬
‫‪ -4‬وجوب التوسط بين العامل الناسخ واسمه‪ ،‬أو التأخر عنهما معا‪:‬‬
‫وذلك حين يكون العامل مسبوقا بأداة لها الصدارة‪ ،‬وال يجوز أن‬
‫يفصل بينها وبين العامل فاصل‪ ،‬نحو االستفهام بالحرف "هل"‪،‬‬
‫نحو‪ " :‬هل أصبح المريض صحيحا؟"‪ ،‬ونقول‪ " :‬هل أصبح‬
‫صحيحا المريض؟" ‪.‬‬

‫‪ 31‬المحصور ب "إال" يجب اتصاله بها‪ .‬والمحصور ب "إنما" يجب فصله عنها وتأخيره‪ ،‬فلو تقدم‬
‫المحصور في الصورتين لتغير المقصود‪.‬‬
‫‪ 32‬ما يمنع هنا هو احتواء اسم الناسخ على ضمير يعود على الخبر ومن ثم ال يجوز عودة الضمير على‬
‫متأخر لفظا ورتبة‬

‫‪44‬‬
‫‪ -5‬وجوب التوسط بين الناسخ واسمه‪ ،‬أو التقدم عليهما‪ ،‬إذا لم يوجد‬
‫ما يمنع من التقدم‪.‬‬
‫أ) حين يكون االسم مضافا إلى ضمير يعود على شيء في‬
‫الخبر‪ ،‬مثال التوسط‪ " :‬أمسى في البستان حارسه "‪ " ،‬بات‬
‫مع الحارس أخوه"‪ .‬ومثال التقدم عليهما بدون مانع‪ " :‬في‬
‫البستان أمسى حارسه "و " مع الحارس بات أخوه"‪.‬‬
‫فقد توسط الخبر أو تقدم لكي ال يعود الضمير الذي في االسم‬
‫على متأخر لفظا ورتبة‪.‬‬
‫حين يكون االسم واقعا فيه الحصر‪ ،‬كأن يكون مقرونا‬ ‫ب)‬
‫ب"إال" المسبوقة بنفي‪ ،‬مثال التوسط‪ " :‬ما كان حاضا إال‬
‫علي" ومثال التقدم على العامل‪ " :‬ما حاضرا كان إال‬
‫علي"‪.33‬‬
‫‪ -6‬جواز األمور الثالثة‪ ( :‬التأخر عن العامل فقط‪ ،‬التقدم عليه‪،‬‬
‫التوسط بينهما‪ ،).‬ومثاله‪:‬‬
‫" ‪ -‬كان الخطيب مؤثرا‬
‫– كان مؤثرا الخطيب‬
‫‪34‬‬
‫– مؤثرا كان الخطيب‪"..‬‬

‫‪ 33‬إذا كان العامل مسبوقا بما النافية‪ ،‬كما في المثال األخير‪ ،‬فإنه ال يجوز تقديم الخبر عليها مع العامل‪،‬‬
‫ألن لها الصدارة‪ .‬ولن يجوز تقديمه على العامل وحده دون "ما"‪ ،‬أي يجوز أن يتوسطهما‪ .‬فإن كان‬
‫النافي حرفا آخر مثل‪ :‬لم وال ولن‪ ،‬أو غيرها إال إن النافية‪ ،‬جاز أن يتقدم عليها الخبر‪ ،‬نحو‪ " :‬مستريح‬
‫لم يصبح السهران" ‪ " .‬منصورا ال يزال الحق" ‪ " .‬مخلصا لن يكون الكذاب"‪.‬‬
‫وهكذا فمنع تقديم الخبر على أحد حرفي النفي "ما" و "إن" عام‪ ،‬يشمل خبر األفعال الناسخة التي البد أن‬
‫يسبقها نفي أو شبهه‪ ،‬مثل‪" :‬زال" كما يشمل خبر األفعال التي ال يشترط أن يسبقها ذلك‪ ،‬مثل "كان"‬
‫المسبوقة بأحد حرفي النفي‪ .‬بل إنه يشمل كل جملة أخرى مبدوءة بأحدهما‪ ،‬فال يجوز تقديم شيء من هذه‬
‫الجملة على أحدهما‪.‬‬
‫‪ 34‬ومثاله كذلك‪ " :‬كان خلق المرء سال َحه – كان سال َحه خلق المرء – سال َحه كان خلق المرء ‪".‬‬

‫‪45‬‬
‫وهكذا فإن هذه األحوال وهذه األحكام تنطبق على جميع أخبار‬
‫النواسخ في هذا الباب إال ‪:‬‬
‫‪ -‬خبر األفعال التي يشترط إلعمالها أن يسبقها نفي أو شبهه‪.‬‬
‫‪ -‬خبر دام التي يشترط إلعمالها أن يسبقها " ما " المصدرية الظرفية‪.‬‬
‫‪ -‬خبر ليس‬
‫فلكل واحدة من هذه الثالثة صور صورة ممنوعة‪:‬‬
‫‪ -1‬فأما األفعال التي يشترط أن يسبقها نفي فتصدق عليها جميع‬
‫األحكام إال حالة واحدة وهي وجود النافي " ما" فال يجوز تقديم‬
‫الخبر عليها‪ ،‬فال يصح ‪ " :‬متكلما ما زال الخطيب"‬
‫ويصح ‪" :‬ما متكلما زال الخطيب"‬
‫وهذا ليس بشرط مع ( ال – لم – لن )‬
‫‪ -2‬وأما "دام" فتصدق عليها جميع الحاالت ‪ ،‬إال حالة واحدة و هي‬
‫تقدم الخبر عليها وعلى "ما" الظرفية المصدرية‪.‬‬
‫فال يصح " سأبقى في البيت منهمرا ما دام المطر "‬
‫ويصح " سأبقى في البيت ما دام المطر منهمرا "‬
‫ويصح " سأبقى في البيت ما منهمرا دام المطر"‪.‬‬
‫‪ -3‬أما ليس فجميع الحكام صادقة عليها إال واحدة‪ ،‬وقع فيها الخالف‬
‫بين الجواز والمنع‪ ،‬والمنع أولى وهي تقديم خبر ليس عليها‪،‬‬
‫فجوزه من قال بأن معمول خبر ليس متقدم واحتج بقول للا‬
‫تعالى‪ ":‬أال يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم" ‪ ،‬وبين من قال‬
‫بالمنع ألنه لم يرد في كالم العرب الفصيح‪ .‬وهو ما مال إليه ابن‬
‫مالك بقوله ‪ :‬ومنع سبق خبر ليس اصطفي‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫المحور الرابع‪:‬‬

‫الميزان الصرفي‬
‫الميزان الصرفي مقياس لمعرفة أحوال بنية الكلمة‪ .‬وهو من أحسن ما‬
‫عرف في مقاييس ضبط اللغات‪ ،‬ويسمى " الوزن"‪ .‬ولما كانت الكلمات‬
‫في اللغة العربية ‪ -‬في أغلبها‪ -‬مكونة من ثالثة أحرف‪ ،‬فإنهم جعلوا‬
‫الميزان الصرفي مكون من ثالثة أصول‪ ( :‬ف – ع – ل )‪ ،‬فكانت الفاء‬
‫تقابل الحرف األول‪ ،‬والعين تقابل الحرف الثاني‪ ،‬والالم يقابل الحرف‬
‫الثالث‪ .‬ويكون شكلها موافقا لشكل وزن الكلمة‪ .‬من ذلك مثال‪:‬‬
‫كتب ‪ :‬ف َعل – حسب ‪ :‬فع َل – كرم ‪ :‬فعل‬
‫ب ‪ :‬فع َل – رم ٌح ‪ :‬فع ٌل – مل ٌح ‪ :‬فع ٌل – َبلَ ٌح ‪ :‬فَ َع ٌل – كت ٌ‬
‫ب ‪ :‬فع ٌل ‪.‬‬ ‫ضر َ‬
‫وهكذا تقابل كل حرف بما يقابله في الميزان‪ ،‬ولذلك يسمى الحرف‬
‫األول‪ :‬فاء الفعل والثاني عين الفعل‪ ،‬والثالث الم الفعل‪.‬‬
‫‪ -1‬وزن الكلمة الزائدة عن ثالثة أحرف‪:‬‬
‫تنقسم األحرف الزائدة على ثالثة أحرف إلى أصلية وغير أصلية‪.‬‬
‫أ) الحروف الزائدة األصلية‪:‬‬
‫هذه الحروف من صلب الكلمة‪ ،‬وال يكون للكلمة من معنى إال بهذه‬
‫الحروف‪ ،‬وما يقابلها في الميزان الصرفي‪ ،‬هو زيادة الم في آخر‬
‫الكلمة‪ ،‬فتكون رباعية‪ ،‬ونزيد المين في آخر الكلمة إذا كانت كلمة‬
‫خماسية‪ .‬مثال‪:‬‬
‫طمأن ‪ :‬فعلَ َل – درهم ‪ :‬فعلَ ٌل – ق َمط ٌر ‪ :‬ف َعل – غضنفر ‪ :‬فَ َعل ٌل –‬
‫زبرجد ‪ :‬فَ َعل ٌل‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫وإذا كانت الزائدة ناتجة عن تكرير حرف من حروف الكلمة‬
‫األصلية‪ ،‬تكرر فيما يقابله في الميزان‪ ،‬فتقول‪ :‬سبح ‪ :‬فَع َل – علم ‪:‬‬
‫فَع َل‪.‬‬
‫الحروف الزائدة غير األصلية وغير المكررة‪.‬‬ ‫ب)‬
‫في هذه الحالة نزن الحروف األصلية الثالثة ونضع الزوائد كما‬
‫هي‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫فاتح ‪ :‬فاعل – انفتح ‪ :‬انفعل – افتتح ‪ :‬افتعل – تفتح ‪ :‬تفعل –‬
‫استفتح ‪ :‬استفعل‪.‬‬
‫‪ -‬من الحروف الزائدة غير األصلية "تاء االفتعال"‪ ،‬هذا الحرف‬
‫يتأثر بمحيطه الصوتي‪ ،‬فتقلب هذه التاء إلى " طاء " أو "دال"‪،‬‬
‫من ذلك مثال‪ :‬الفعل "ضرب" بزيادة التاء نقول اضطرب‪،‬‬
‫وصبر‪ :‬اصطبر‪ ،‬وذكر‪ :‬اذكر‪.‬‬
‫‪ -‬فعندما نزنها في الميزان نجعلها على أصلها‪ ،‬مثل اصطبر‪:‬‬
‫افتعل – اذكر‪ :‬افتعل‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا حصل فيها حذف‪ ،‬فإنه يحذف ما يقابله في الميزان‬
‫الصرفي‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫قل ‪ :‬فل – بع ‪ :‬فل – صف ‪ :‬عل – اس َع ‪ :‬اف َع – ارم ‪ :‬افع –‬
‫ادع ‪ :‬افع – ق ‪ :‬ع ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان الفعل فيه حرف علة ‪ ،‬ووقع فيه تغيير باإلعالل‪ ،‬فإنه‬
‫يوزن بحسب أصله‪ .‬وأصل الحرف يدرك بإرجاع الفعل إلى‬
‫مضارعه أو إلى مصدره‪ ،‬مثل ‪ :‬قال مضارعها يقول ‪ ،‬وبذلك‬
‫فحرف العلة األلف أصلها "واو" من ثم فإن وزن الفعل يكون‬
‫قول ‪ :‬ف َعل‪.‬‬
‫على َ‬
‫دور ) –‬ ‫باع ‪ :‬فَ َع َل ( أصلها ‪ :‬ب َيع ) – دار ‪ :‬ف َعل ( أصلها َ‬
‫ي )‪.‬‬
‫ع َو ) – رمى ‪ :‬فعَل ( أصلها ر َم َ‬ ‫دعا ‪ :‬فعَل ( أصلها د َ‬

‫‪48‬‬
‫المجرد والمزيد‬
‫الفعل في العربية ال يقل عن ثالثة أحرف وهي كلها أصلية‪ ،‬وبذلك ال‬
‫يكون للفعل معنى إذا سقط أحدها‪.‬‬
‫كاتب "‬
‫َ‬ ‫فالفعل " كتب " ال يدل بدونها مجتمعة‪ .‬أما إذا كان الفعل هو ‪" :‬‬
‫اكتتب " ‪ " ،‬استكتب "‪ ،‬وحذفت األلف في األول‪ ،‬أو الهمزة والتاء‬
‫َ‬ ‫‪"،‬‬
‫في الثاني ‪ ،‬أو الهمزة والسين والتاء في الثالث‪ ،‬فإن الفعل يبقى مع ذلك‬
‫ذا معنى‪.‬‬
‫فالحروف التي تم حذفها‪ ،‬وال تؤثر في الفعل هي حروف الزيادة‪ .‬والفعل‬
‫الذي يتكون من حروفه األصلية فقط يسمى المجرد‪ ،‬وال تسقط منه بعض‬
‫حروفه إال لعلة تصريفية‪.‬‬
‫والفعل الذي يزاد فيه حرف أو حرفان أو ثالثة أحرف‪ ،‬وتسقط منه هذه‬
‫األحرف لغير علة تصريفية وال يتأثر يسمى المزيد‪.‬‬
‫‪ -‬والفعل المجرد قسمان‪ :‬ثالثي ورباعي‬
‫‪ -‬والفعل المزيد قسمان ‪ :‬ثالثي ورباعي‪.‬‬
‫• المجرد الثالثي‪:‬‬
‫إذا نظرنا إلى الفعل الثالثي المجرد في ماضيه وجدناه على ثالثة‬
‫أوزان‪ ،‬وذلك ألن أوله منصوب دائما وآخره منصوب دائما‪ ،‬ومن‬
‫صر –‬ ‫ثم فعينه مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة‪ ،‬مثل ‪ :‬ف َعل ‪ :‬ن َ‬
‫فعل ‪ :‬كرم – فعل ‪ :‬فرح‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذا نظرنا إلى الماضي مع مضارعه‪ ،‬فإننا نجد لهذا‬
‫المضارع ست صيغ ‪ ،‬وكلها سماعية ال يقاس عليها‪ .‬من ذلك‬
‫مثال‪:‬‬
‫صر ‪ :‬ينصر – مد ‪ :‬يم ُّد – قال ‪ :‬يقول – دعا ‪ :‬يدعو ‪.‬‬
‫ف َعل ‪ :‬يفعل ‪ :‬ن َ‬

‫‪49‬‬
‫ف َعل ‪ :‬يف َعل ‪ :‬فتح ‪ :‬يفتَح – وقع ‪ :‬يقَع – قرأَ ‪ :‬يقرأ‬
‫ف َعل ‪ :‬يفعل ‪ :‬ضرب ‪ :‬يضرب – وعد ‪ :‬يعد – باع ‪ :‬يبيع‪.‬‬
‫فعل ‪ :‬يفعل ‪ :‬كرم ‪ :‬يكرم – حسنَ ‪ :‬يحسن – شرف ‪ :‬يشرف‪.‬‬
‫بقي ‪ :‬يبقى‪.‬‬
‫يفرح – خاف ‪ :‬يخاف – َ‬
‫فعل ‪ :‬يف َعل ‪ :‬فرح ‪َ :‬‬
‫فعل ‪ :‬يفعل ‪ :‬حسب ‪ :‬يحسب – ورث ‪ :‬يرث‪.‬‬
‫• المجرد الرباعي‪:‬‬
‫وليس لهذا الفعل إال وزن واحد‪ ،‬وهو فعلَ َل‪ ،‬مثل‪ :‬بعثر – عربد –‬
‫غربل – وسوس – زلزل‪ .‬وهناك أوزان أخرى ملحقة بفعلل‪،‬‬
‫وأشهرها‪ :‬فوعل ‪ :‬جورب – فع َول ‪ :‬دهور – فيعل ‪ :‬بيطر ‪ -‬فعلى‬
‫‪ :‬سلقى ( استلقى على ظهره)‪.‬‬
‫مزيد الثالثي ‪:‬‬
‫الفعل الثالثي المجرد يمكن أن يزاد فيه حرف واحد أو حرفين أو ثالثة‬
‫أحرف‪ ،‬وبذلك يصبح مزيدا‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬مزيد الثالثي بحرف‪.‬‬
‫وهو على ثالثة أوزان‪:‬‬
‫‪ -1-1‬زيادة همزة القطع في أوله ليصير أفعل‪ ،‬مثل‪ :‬أخرج – أكرم‬
‫‪ -‬أشار ‪ -‬أوفى‪.‬‬
‫‪ -2-1‬زيادة حرف من جنس عينه‪ ،‬أي تضعيفها لتصير‪ :‬فعل‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫كبر – قدم – ربى – روح ‪.‬‬
‫‪ -3-1‬زيادة ألف بين الفاء والعين‪ ،‬ليصير على وزن‪ :‬فاعل‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫جادل – دافع – واعد – ناجى‪.‬‬
‫وزيادة هذه الحرف على األفعال تدل على معاني‪ ،‬أشهرها‪:‬‬
‫‪ )1‬معاني الهمزة‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫أ) التعدية‪ :‬جعل الفعل الالزم متعديا‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫خرج زيد تصير‪ :‬أخرج زيد وردة‪.‬‬
‫وإذا كان الفعل المجرد متعديا لمفعول واحد أصبح متعديا‬
‫لمفعولين‪ ،‬مثل ‪ :‬لبس زيد ثوبا تصير ألبس زيد عليا ثوبا‪.‬‬
‫وإذا كان الفعل المجرد متعديا لمفعولين صار متعديا لثالثة‬
‫مفاعل‪ ،‬مثل‪ :‬علم محمد زيدا كريما تصير أعلم محمد عمر‬
‫زيدا كريما‪.‬‬
‫ب) الدخول في الزمن أو في المكان‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫أصبح ‪ :‬دخل في الصباح – أمسى ‪ :‬دخل في المساء ‪ -‬أصحر ‪:‬‬
‫دخل في الصحراء – أبحر ‪ :‬دخل في البحر‪.‬‬
‫ت) الداللة على السلب‪ ،‬ومعناه أنك تزيل على المفعول معنى‬
‫الفعل‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬شكا زيد فإنك تثبت له الشكوى‪ ،‬وإذا أدخلت‬
‫عليه همزة التعدية‪ ،‬قلت‪ :‬أشكيت زيدا‪ ،‬يعني أزلت شكواه‪.‬‬
‫وتقول ‪ :‬أعجمت الكتاب أي أزلت عجمته‪.‬‬
‫ث) الداللة على استحقاق صفة معينة‪ ،‬مثل‪ :‬أحصد الزرع أي‬
‫استحق الحصاد – از َوجت الفتاة أي استحقت الزواج‪.‬‬
‫ج) الداللة على الكثرة‪ ،‬مثل ‪ :‬اش َجر المكان ‪ :‬كثر شجره‬
‫‪ )2‬المعاني التي تضاف بتضعيف العين ( فعل )‪ :‬أشهرها‪:‬‬
‫أ) الداللة على التكثير والمبالغة‪ ،‬مثل‪ :‬طوف ‪ :‬أكثر من الطواف‪.‬‬
‫ب) التعدية بمعنى كان الفعل الزما فأصبح متعديا‪ ،‬مثل ‪ :‬فرح‬
‫زيد صار فرحت زيدا‪.‬‬
‫ت) الداللة على التوجه‪ ،‬مثل‪ :‬شرق أي ذهب شرقا – غرب أي‬
‫ذهب غربا‪.‬‬
‫ث) الداللة على أن شيئا صار شبيها بشيء مشتق من الفعل‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫قوس صار كالقوس – حجر الطين صار كالحجر‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫ج)اختصار الحكاية‪ ،‬مثل‪ :‬كبر‪ :‬قال للا اكبر – هلل ‪ :‬قال ال إله إال‬
‫للا – لبى ‪ :‬قال لبيك‪.‬‬
‫‪ )3‬المعاني التي تزاد باأللف بين الفاء والعين‪:‬‬
‫أ) المشاركة‪ ،‬وهي أن الحدث وقع بين الفاعل والمفعول معه‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ضارب زيد عمرا‪ ،‬أي كل ضرب اآلخر‪.‬‬
‫ب) المتابعة‪ ،‬وهي الداللة على عدم انقطاع الفعل‪ ،‬مثل‪ :‬واليت‬
‫الصوم أي تابعته – تابعت الدرس ‪ ،‬أي لم أقطعه‪.‬‬
‫ت) الداللة على أن شيئا صار ذا صفة‪ ،‬مثل‪ :‬عافاه للا أي جعله ذا‬
‫عافية – كافأت زيدا أي جعلته ذا مكافأة – عاقبت زيدا أي‬
‫جعلته ذا عقوبة‪.‬‬
‫ثانيا – مزيد الثالثي بحرفين‪:‬‬
‫إذا زيد الثالثي بحرفين فإنه يأتي على خمسة أوزان‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬انفعل بزيادة الهمزة والنون‪ ،‬مثل‪ :‬انكسر – انفتح – انقاد – انمحى‬
‫‪ -2‬افتعل بزيادة الهمزة والتاء‪ ،‬مثل‪ :‬افتتح – افترش – اشتاق –‬
‫اصطبر – اتخذ – ادعى – امتد‪.‬‬
‫‪ -3‬تفاعل بزيادة التاء واأللف‪ ،‬مثل‪ :‬تقاتل – تناوم – تبايع – تشاكى‪.‬‬
‫‪ -4‬تفعل بزيادة التاء والتضعيف‪ ،‬مثل‪ :‬تكسر – تقدم – توعد – تزكى‪.‬‬
‫‪ -5‬افعل بزيادة الهمزة وتضعيف الالم‪ ،‬مثل‪ :‬احمر – اسود‪ -‬اصفر‪.‬‬
‫وهذه الزيادات لها معاني نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬انفعل‪ ،‬تعني المطاوعة‪ ،‬فكأن المفعول قد استجاب للفاعل في الفعل‪.‬‬
‫انفتح الباب‪ ،‬وكأن الباب استجاب وطاوع في االنفتاح‪.‬‬
‫‪ -2‬افتعل‪ ،‬ومن معانيه‪:‬‬
‫أ) المطاوعة‪ ،‬مثل‪ :‬اجتمع الفراش‪ .‬فقد طاوع في االجتماع‪.‬‬
‫ب) االشتراك‪ ،‬مثل‪ :‬اقتتل زيد وعمر – اختلف محمد وعلي‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ت) االتخاذ‪ ،‬مثل‪ :‬امتطى أي اتخذ مطية – اكتال أي اتخذ كيال‬
‫ث) المبالغة في معنى الفعل‪ ،‬مثل‪ :‬اقتلع – اجتهد – اكتسب –‬
‫‪ -3‬تفاعل‪ ،‬وأشهر معانيها‪:‬‬
‫أ) المشاركة بين اثنين أو أكثر‪ ،‬مثل‪ :‬تجادل زيد وعمر وعلي‪.‬‬
‫ب) التظاهر‪ ،‬ومعناه االدعاء باالتصاف بالفعل مع انتفائه‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫تناوم – تكاسل – تجاهل‪.‬‬
‫ت) الداللة على التدرج شيئا فشيئا‪ ،‬مثل‪ :‬تزايد المطر – تواردت‬
‫االخبار‪.‬‬
‫‪ -4‬تفعل‪ ،‬وأشهر معانيها‪:‬‬
‫أ) المطاوعة‪ ،‬تعلم – تأدب‬
‫ب) التكلف والرغبة في حصول الشيء‪ ،‬وال يكون إال في الصفات‬
‫الحميدة‪ ،‬مثل‪ :‬تصبر – تشجع – تجلد‪.‬‬
‫ت) االتخاذ‪ ،‬مثل‪ :‬توسد ذراعه أي اتخذه وسادة‪.‬‬
‫ث) التجنب‪ ،‬وهو العمل على ترك معنى فعل‪ ،‬مثل‪ :‬تأثم أي ترك‬
‫اإلثم‪ .‬تحرج أي ترك الحرج وتجنبه‪.‬‬
‫‪ -5‬افعل‪ ،‬وهذا الفعل ال يكون إال الزما‪ ،‬ويأتي من األفعال الدالة على‬
‫األلوان والعيوب من أجل المبالغة فيها‪ ،‬مثل‪ :‬احمر – ابيض –‬
‫اعرج – اعور‪.‬‬
‫ثالثا – مزيد الثالثي بثالثة أحرف‪:‬‬
‫ويأتي على أربعة أوزان‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬استفعل‪ ،‬بزيادة الهمزة والسين والتاء (استغفر)‬
‫‪ -2‬افعوعل‪ ،‬بزيادة الهمزة والواو وتكرير العين (اخشوشن)‬
‫‪ -3‬افعال‪ ،‬بزيادة الهمزة واأللف وتكرير الالم ( احمار)‬
‫‪ -4‬افعول‪ ،‬بزيادة الهمزة وواو مضعفة ( اجلوز بمعنى أسرع –‬
‫اعلوط بمعنى يتعلق بعنق البعير)‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫وهذه األوزان األربعة تدل على معان‪ ،‬أما الثالثة األخيرة‪ ،‬فتدل على‬
‫المبالغة في أصل الفعل‪ ،‬مثل‪ :‬اعشوشب تدل على الزيادة في العشب –‬
‫اغدودن الشعر تدل على الزيادة في طوله‪.‬‬
‫احمار وتدل على الزيادة في الحمرة‪.‬‬
‫اجلوز وتدل على الزيادة في السرعة‪.‬‬
‫و أما " استفعل "‪ ،‬فلها معان منها‪ :‬الطلب (استعلم) التحول (استحجر‬
‫الطين) اعتقاد الصفة ( استعظمه )‬
‫مزيد الرباعي‪:‬‬
‫يزاد الرباعي المجرد بحرف أو حرفين‪:‬‬
‫‪ -1‬أما الرباعي الذي يزاد بحرف واحد هو‪ ( :‬تفعلل)‪ ،‬بزيادة تاء في‬
‫أوله‪ ،‬وتدل على المطاوعة‪ ،‬من ذلك مثال‪ :‬تدحرج – تبعثر‪.‬‬
‫‪ -2‬وأما الرباعي الذي يزاد بحرفين‪ ،‬فإنه يأتي على وزنين‪:‬‬
‫أ) افعنلل‪ ،‬بزيادة الهمزة والنون‪ ،‬ويدل على المطاوعة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫احرنجمت اإلبل أي اجتمعت‪.‬‬
‫ب) افعلل‪ ،‬بزيادة الهمزة والم ثالثة في آخر الفعل‪ ،‬ويدل على‬
‫المبالغة‪ ،‬مثل‪ :‬اطمأن – اكفهر – اقشعر‪.‬‬

‫‪54‬‬

You might also like