You are on page 1of 6

‫الباب الثالث‬

‫فكر االمام الغزالي‬

‫الفصل االول ‪ :‬فكر االمام الغزالى في الصوفية‬

‫الفكر الرتبوي عند أبو حامد الغزايل‬

‫ت أيت إس هامات الغ زايل الرتبوي ة لتؤك د أبع اد تربوي ة جدي دة يف الفك ر اإلس المي ومشلت معاجلة‬

‫الغزايل لقضية الرتبية مثل املعرفة واإلدراك واملناهج وأقسامها ومراحل التعليم وغريها من القضايا اليت‬

‫تشغل الفكر الرتبوي املعاصر وقد ضمن (الغزايل) آراءه الرتبوية يف مؤلفه (إحياء علوم الدين) وهو‬

‫واحد من مؤلفاته اليت تزيد عن سبعني مؤلفا وقد ركز الغزايل يف تفكريه الرتبوي اىل الواقعية‪ ،‬حيث‬

‫كان يؤكد على ضرورة تربية الفرد تربية صاحلة ألن الفرد يف نظره أساس اجملتمع ولذلك فإن صالح‬

‫الفرد حيقق صالح اجملتمع ‪ ،‬فاجملتمع الصحيح يف نظره هو الذي ينشئ أفراده ويربيهم تربية صحيحة ‪،‬‬

‫وكان يرى يف التعليم سعادة الدنيا واآلخرة وإن كان الغزايل مل يكتب إال القليل عن تربية اإلناث إال‬

‫ان ه ك ان ي رى العلم واجب على الرج ال والنس اء وم ا قال ه الغ زايل بالنس بة للتعليم يف الص غر ل ه أمهي ة‬

‫أساسية ألن نفسية الطفل وقلبه يكونان خاليان وقابلني للتطبيق عليهما‬
‫يضاف إىل ذلك أن الغزايل كان يرى أن الرتبية تتأثر بطبيعة الطفل وبيئته وهو بذالك كشف‬

‫عن ارتب اط الرتبي ة بالس ياق االجتم اعي والثق ايف والسياس ي للمجتم ع وهي القض ية ال يت تش غل الفك ر‬

‫الرتبوي يف الوقت الراهن‪.‬‬

‫وقد كان اهتمام الغزايل باملعرفة واضحا فتحدث عن نسبيتها وعن املعرفة اليت تقع يف حدود‬

‫العق ل واملعرف ة ال يت ت أيت يف دائ رة يف ح دود ف وق العق ل إال ان ه ذهب إىل أن ق درة العق ل تتجلى يف‬

‫االعرتاف بإمكان هذه املعرفة‪.‬‬

‫كما ان ه حتدث عن اإلدراك وقسمه إىل إدراك حسي يتعلق ب احلس املادي وإدراك نفسي يتعلق‬

‫بالعامل اخلفي ‪.‬‬

‫آراءه الرتبوية‪:‬‬

‫أثرت أفكار حممد الغزايل يف الفلسفة الصوفية على أرائه الرتبوية تأثريا واضحا وإذا أضفنا إىل‬

‫ذل ك االجتاه ات الس ائدة يف عص ره فس وف يتض ح لن ا م دى عم ق أرائ ه وأمهيته ا يف س جل التط ور‬

‫الرتبوي ‪.‬‬

‫وكان الغزايل ينزع إىل الواقعية يف تفكريه وأمهية السعادة يف الدنيا و اآلخرة مع حرص شديد‬

‫على التطه ر من الرذائ ل والتحلي بالفض ائل ومل ينس ى حمم د الغ زايل يف غم رة اهتمام ه بال دين عنايت ه‬

‫ب العلوم الدنيوي ة ك الطب واحلس اب وبعض الص ناعات األخ رى وك ان دائب الس عي يف تربي ة األف راد‬
‫تربية صحيحة ألن صالح الفرد بصالح اجملتمع حيث أنه يرى أن الرتبية لإلنسان تكمل مابه من نقص‬

‫ويأخذ على حممد الغزايل انه مل يهتم مطلقا برتبية وتعليم البنت ومل يظهر حتمسا للتعليم املهين ويلوح‬

‫أن النزعة الصوفية قد يكون هلا بعض األثر يف هذا االجتاه حيث انه مل يكن من الساعني إىل األجور‬

‫مقاب ل اخلدمات ‪،‬حيث انه اهتم بالعلم والتعليم بل بلغ اهتمامه درجة يعتقد أن التعليم الصحيح هو‬

‫السبيل إىل التقرب من اهلل ومن مث إىل سعادة الدنيا واآلخرة وإن كان للعلم هذه املنزلة فقد استشهد‬

‫الغ زايل بكالم اهلل ع ز وج ل وباألنبي اء واملرس لني عليهم ص لوات اهلل وغ ريهم من ذوي ال رأي الس ديد‬

‫للتدليل على رفعة التعليم وإخالص املعلمني يف إعماهلم ‪.‬‬

‫وهدف التعليم والتهذيب عند الغزايل الوصول إىل الكمال اإلنساين الذي غايته التقرب من اهلل‬

‫ومن مث إىل س عادة ال دنيا واآلخ رة ويبل غ اإلنس ان كمال ه باكتس ابه الفض يلة عن طري ق العلم وه ذه‬

‫الفضيلة تسعده يف دنياه وتقربه من اهلل الذي يسعده يف أخرته على إن الغزايل ذكر يف أكثر من مناسبة‬

‫على أن العلم يطلب لذات ه فه و فض يلة يف ذات ه على اإلطالق أي يطلب املتعلم العلم ملا يف العلم من‬

‫قيمة ومن متعة ومن لذة يستشعر هبا طالب العلم ‪.‬‬

‫أهداف الرتبية ونظرية التعلم عند الغزايل‪:‬‬

‫بني كل ما سبق وعلى أساس الفلسفة التصوفية ‪،‬اليت قدمناها عن الغزايل وركزنا فيها ‪ ،‬على‬

‫الطبيعة اإلنسانية ‪،‬للفرد املسلم نستطيع من خالل هذا أن نربز أهداف الرتبية عند الغزايل ‪.‬‬
‫أهداف الرتبية عند الغزايل‪:‬‬

‫هتدف الرتبي ة عن د الغ زايل إىل تك وين املؤمن الفاض ل ‪ ،‬ال ذي يس تطيع ان يتغلب على بدن ه‬

‫ومعوقاته وبالتايل يستطيع أن يصل إىل سيطرة الروح ‪ ،‬على البدن ‪ ،‬سيطرة تؤدي إىل معرفة ‪ ،‬هذا‬
‫‪1‬‬
‫العامل واىل الوصول على أساس هذه املعرفة ‪ ،‬حبثا عن احلقيقة إىل جوهر عامل األمر وامللكوت ‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬فكر االمام الغزالى في التربية‬

‫الغزايل والتصوف‬

‫املراحل الفكرية اليت مّر هبا الغزايل‬

‫قبل أن يستقر أمر الغزايل على التصوف‪ ،‬مّر مبراحل كثرية يف حياته الفكرية‪ ،‬كما يرويها هو نفسه يف‬

‫كتابه املنقذ من الضالل‪ ،‬فابتدأ مبرحلة الش ّك بشكل ال إرادي‪ ،‬واليت ش ّك خالهلا يف احلواس والعقل‬

‫ويف قدرهتما على حتصيل العلم اليقيين‪ ،‬ودخل يف مرحلة من السفسطة غري املنطقية حىت ُش في منها‬

‫بعد مدة شهرين تقريبًا‪ ]45[.‬ليتفّر غ بعدها لدراسة األفكار واملعتقدات السائدة يف وقته‪ ،‬يقول‪« :‬وملا‬

‫ش فاين اهلل من ه ذا املرض بفض له وس عة ج وده‪ ،‬أحض رت أص ناف الط البني عن دي يف أرب ع ف رق‪:‬‬

‫املتكلم ون‪ :‬وهم ي دعون أهنم أه ل ال رأي والنظ ر‪ .‬والباطني ة‪ :‬وهم يزعم ون أهنم أص حاب التعليم‪،‬‬
‫‪http://m-alotaibi.com/site/?p=107‬‬ ‫‪1‬‬
‫واملخصوص ون باالقتب اس من اإلم ام املعص وم‪ .‬والفالس فة‪ :‬وهم يزعم ون أهنم أه ل املنط ق والربه ان‪.‬‬

‫والص وفية‪ :‬وهم ي دعون أهنم خ واص احلض رة‪ ،‬وأه ل املش اهدة واملكاش فة»‪ ]45[،‬ويت ابع ويق ول‪:‬‬

‫«فابت درت لس لوك ه ذه الط رق‪ ،‬واستقص اء م ا عن د ه ذه الف رق مبت دئًا بعلم الكالم‪ ،‬ومثني ًا بطري ق‬

‫الفلسفة‪ ،‬ومثلث ًا بتعّلم الباطنية‪ ،‬ومربع ًا بطريق الصوفية»‪ ]45[.‬فعكف على دراسة علم الكالم حىت‬

‫أتقنه وصار أحد كبار علمائهم‪ ،‬وصنف فيه عدة من الكتب اليت أصبحت مرجع ًا يف علم الكالم فيما‬

‫بعد مثل كتاب "االقتصاد يف االعتقاد"‪ ،‬إال أنه مل جيد ضالته املنشودة يف علم الكالم‪ ،‬ورآه غري واف‬

‫مبقصوده‪ ،‬يقول عن نفسه‪« :‬فلم يكن الكالم (أي علم الكالم) يف حقي كافيًا‪ ،‬وال لدائي الذي كنت‬

‫أشكوه شافيًا»‪ ]46[.‬بعد ذلك توّج ه لعلم الفلسفة ودرسها وفهمها‪ ،‬مث نقدها بشدة بكتابه هتافت‬

‫الفالسفة‪ .‬مث درس بعدها الباطنية فرّد عليهم وهامجهم‪ .‬ليستقر أمره على علم التصوف‪.‬‬

‫استقراره على التصوف‬

‫بعد تلك املراحل بدأ اهتمام الغزايل يّتجه حنو علوم التصوف‪ ،‬فابتدأ مبطالعة كتبهم مثل‪ :‬قوت القلوب‬

‫أليب طالب املكي‪ ،‬وكتب احلارث احملاسيب‪ ،‬واملتفرقات املأثورة عن اجلنيد وأيب بكر الشبلي وأيب يزيد‬

‫البسطامي‪ .‬كما أنه كان حيضر جمالس الشيخ الفضل بن حممد الفارمذي الصويف‪ ،‬والذي أخذ عنه‬

‫الطريقة‪ ]20[،‬فتأثر هبم تأثرًا كبريًا‪ ،‬حىت أّدى به األمر لرتكه للتدريس يف املدرسة النظامية يف بغداد‪،‬‬
‫واعتزال ه الن اس وس فره ملدة ‪ 11‬س نة‪ ]28[،‬تنق ل خالهلا بني دمش ق والق دس واخللي ل ومك ة واملدين ة‬
‫‪2‬‬
‫املنورة‪ ،‬كتب خالهلا كتابه املشهور يف التصوف إحياء علوم الدين‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫_‪https://ar.m.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%AD%D8%A7%D9%85%D8%AF‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B2%D8%A7%D9%84%D9%8A‬‬

You might also like