Professional Documents
Culture Documents
الباب الثالث
الباب الثالث
ت أيت إس هامات الغ زايل الرتبوي ة لتؤك د أبع اد تربوي ة جدي دة يف الفك ر اإلس المي ومشلت معاجلة
الغزايل لقضية الرتبية مثل املعرفة واإلدراك واملناهج وأقسامها ومراحل التعليم وغريها من القضايا اليت
تشغل الفكر الرتبوي املعاصر وقد ضمن (الغزايل) آراءه الرتبوية يف مؤلفه (إحياء علوم الدين) وهو
واحد من مؤلفاته اليت تزيد عن سبعني مؤلفا وقد ركز الغزايل يف تفكريه الرتبوي اىل الواقعية ،حيث
كان يؤكد على ضرورة تربية الفرد تربية صاحلة ألن الفرد يف نظره أساس اجملتمع ولذلك فإن صالح
الفرد حيقق صالح اجملتمع ،فاجملتمع الصحيح يف نظره هو الذي ينشئ أفراده ويربيهم تربية صحيحة ،
وكان يرى يف التعليم سعادة الدنيا واآلخرة وإن كان الغزايل مل يكتب إال القليل عن تربية اإلناث إال
ان ه ك ان ي رى العلم واجب على الرج ال والنس اء وم ا قال ه الغ زايل بالنس بة للتعليم يف الص غر ل ه أمهي ة
أساسية ألن نفسية الطفل وقلبه يكونان خاليان وقابلني للتطبيق عليهما
يضاف إىل ذلك أن الغزايل كان يرى أن الرتبية تتأثر بطبيعة الطفل وبيئته وهو بذالك كشف
عن ارتب اط الرتبي ة بالس ياق االجتم اعي والثق ايف والسياس ي للمجتم ع وهي القض ية ال يت تش غل الفك ر
وقد كان اهتمام الغزايل باملعرفة واضحا فتحدث عن نسبيتها وعن املعرفة اليت تقع يف حدود
العق ل واملعرف ة ال يت ت أيت يف دائ رة يف ح دود ف وق العق ل إال ان ه ذهب إىل أن ق درة العق ل تتجلى يف
كما ان ه حتدث عن اإلدراك وقسمه إىل إدراك حسي يتعلق ب احلس املادي وإدراك نفسي يتعلق
آراءه الرتبوية:
أثرت أفكار حممد الغزايل يف الفلسفة الصوفية على أرائه الرتبوية تأثريا واضحا وإذا أضفنا إىل
الرتبوي .
وكان الغزايل ينزع إىل الواقعية يف تفكريه وأمهية السعادة يف الدنيا و اآلخرة مع حرص شديد
على التطه ر من الرذائ ل والتحلي بالفض ائل ومل ينس ى حمم د الغ زايل يف غم رة اهتمام ه بال دين عنايت ه
ب العلوم الدنيوي ة ك الطب واحلس اب وبعض الص ناعات األخ رى وك ان دائب الس عي يف تربي ة األف راد
تربية صحيحة ألن صالح الفرد بصالح اجملتمع حيث أنه يرى أن الرتبية لإلنسان تكمل مابه من نقص
ويأخذ على حممد الغزايل انه مل يهتم مطلقا برتبية وتعليم البنت ومل يظهر حتمسا للتعليم املهين ويلوح
أن النزعة الصوفية قد يكون هلا بعض األثر يف هذا االجتاه حيث انه مل يكن من الساعني إىل األجور
مقاب ل اخلدمات ،حيث انه اهتم بالعلم والتعليم بل بلغ اهتمامه درجة يعتقد أن التعليم الصحيح هو
السبيل إىل التقرب من اهلل ومن مث إىل سعادة الدنيا واآلخرة وإن كان للعلم هذه املنزلة فقد استشهد
الغ زايل بكالم اهلل ع ز وج ل وباألنبي اء واملرس لني عليهم ص لوات اهلل وغ ريهم من ذوي ال رأي الس ديد
وهدف التعليم والتهذيب عند الغزايل الوصول إىل الكمال اإلنساين الذي غايته التقرب من اهلل
ومن مث إىل س عادة ال دنيا واآلخ رة ويبل غ اإلنس ان كمال ه باكتس ابه الفض يلة عن طري ق العلم وه ذه
الفضيلة تسعده يف دنياه وتقربه من اهلل الذي يسعده يف أخرته على إن الغزايل ذكر يف أكثر من مناسبة
على أن العلم يطلب لذات ه فه و فض يلة يف ذات ه على اإلطالق أي يطلب املتعلم العلم ملا يف العلم من
قيمة ومن متعة ومن لذة يستشعر هبا طالب العلم .
بني كل ما سبق وعلى أساس الفلسفة التصوفية ،اليت قدمناها عن الغزايل وركزنا فيها ،على
الطبيعة اإلنسانية ،للفرد املسلم نستطيع من خالل هذا أن نربز أهداف الرتبية عند الغزايل .
أهداف الرتبية عند الغزايل:
هتدف الرتبي ة عن د الغ زايل إىل تك وين املؤمن الفاض ل ،ال ذي يس تطيع ان يتغلب على بدن ه
ومعوقاته وبالتايل يستطيع أن يصل إىل سيطرة الروح ،على البدن ،سيطرة تؤدي إىل معرفة ،هذا
1
العامل واىل الوصول على أساس هذه املعرفة ،حبثا عن احلقيقة إىل جوهر عامل األمر وامللكوت .
الغزايل والتصوف
قبل أن يستقر أمر الغزايل على التصوف ،مّر مبراحل كثرية يف حياته الفكرية ،كما يرويها هو نفسه يف
كتابه املنقذ من الضالل ،فابتدأ مبرحلة الش ّك بشكل ال إرادي ،واليت ش ّك خالهلا يف احلواس والعقل
ويف قدرهتما على حتصيل العلم اليقيين ،ودخل يف مرحلة من السفسطة غري املنطقية حىت ُش في منها
بعد مدة شهرين تقريبًا ]45[.ليتفّر غ بعدها لدراسة األفكار واملعتقدات السائدة يف وقته ،يقول« :وملا
ش فاين اهلل من ه ذا املرض بفض له وس عة ج وده ،أحض رت أص ناف الط البني عن دي يف أرب ع ف رق:
املتكلم ون :وهم ي دعون أهنم أه ل ال رأي والنظ ر .والباطني ة :وهم يزعم ون أهنم أص حاب التعليم،
http://m-alotaibi.com/site/?p=107 1
واملخصوص ون باالقتب اس من اإلم ام املعص وم .والفالس فة :وهم يزعم ون أهنم أه ل املنط ق والربه ان.
والص وفية :وهم ي دعون أهنم خ واص احلض رة ،وأه ل املش اهدة واملكاش فة» ]45[،ويت ابع ويق ول:
«فابت درت لس لوك ه ذه الط رق ،واستقص اء م ا عن د ه ذه الف رق مبت دئًا بعلم الكالم ،ومثني ًا بطري ق
الفلسفة ،ومثلث ًا بتعّلم الباطنية ،ومربع ًا بطريق الصوفية» ]45[.فعكف على دراسة علم الكالم حىت
أتقنه وصار أحد كبار علمائهم ،وصنف فيه عدة من الكتب اليت أصبحت مرجع ًا يف علم الكالم فيما
بعد مثل كتاب "االقتصاد يف االعتقاد" ،إال أنه مل جيد ضالته املنشودة يف علم الكالم ،ورآه غري واف
مبقصوده ،يقول عن نفسه« :فلم يكن الكالم (أي علم الكالم) يف حقي كافيًا ،وال لدائي الذي كنت
أشكوه شافيًا» ]46[.بعد ذلك توّج ه لعلم الفلسفة ودرسها وفهمها ،مث نقدها بشدة بكتابه هتافت
الفالسفة .مث درس بعدها الباطنية فرّد عليهم وهامجهم .ليستقر أمره على علم التصوف.
بعد تلك املراحل بدأ اهتمام الغزايل يّتجه حنو علوم التصوف ،فابتدأ مبطالعة كتبهم مثل :قوت القلوب
أليب طالب املكي ،وكتب احلارث احملاسيب ،واملتفرقات املأثورة عن اجلنيد وأيب بكر الشبلي وأيب يزيد
البسطامي .كما أنه كان حيضر جمالس الشيخ الفضل بن حممد الفارمذي الصويف ،والذي أخذ عنه
الطريقة ]20[،فتأثر هبم تأثرًا كبريًا ،حىت أّدى به األمر لرتكه للتدريس يف املدرسة النظامية يف بغداد،
واعتزال ه الن اس وس فره ملدة 11س نة ]28[،تنق ل خالهلا بني دمش ق والق دس واخللي ل ومك ة واملدين ة
2
املنورة ،كتب خالهلا كتابه املشهور يف التصوف إحياء علوم الدين.
2
_https://ar.m.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%AD%D8%A7%D9%85%D8%AF
%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B2%D8%A7%D9%84%D9%8A