You are on page 1of 48

‫النظام اإلقتصادي الرأسمالي‬

‫من متطلبات مادة اإلقتصاد السياسي‬

‫مقدم من قبل طالب الدكتوراه‬

‫أنمار أسعد خليل‬

‫رقم التسجيل ‪10018‬‬

‫جدول المحتويات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬ ‫ت‬


‫‪3‬‬ ‫المقدمة‬ ‫‪.1‬‬
‫‪5-3‬‬ ‫ماهية اإلقتصاد السياسي‬ ‫‪.2‬‬
‫‪6‬‬ ‫السمات األساسية لإلقتصاد السياسي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪8-7‬‬ ‫أهداف النظام اإلقتصادي‬ ‫‪.4‬‬
‫‪10 -9‬‬ ‫غاية و منهجية البحث‬ ‫‪.5‬‬

‫‪21-11‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬نشوء النظام اإلقتصادي الرأسمالي‬ ‫‪.6‬‬

‫‪17-11‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬النظام البدائي‬ ‫‪.7‬‬

‫‪1‬‬
‫‪21-17‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬النظام العبودي‬ ‫‪.8‬‬
‫‪39 - 22‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬مراحل تطور النظام الرأسمالي‬ ‫‪.9‬‬
‫‪31-22‬‬ ‫‪ .10‬المبحث األول‪ :‬النظام اإلقطاعي‬
‫‪37-31‬‬ ‫‪ .11‬المبحث الثاني‪ :‬مراحل تطور النظام اإلقتصادي الرأسمالي‬
‫‪39 - 37‬‬ ‫‪ .12‬المبحث الثالث‪ :‬تطور الرأسمالية في القرن العشرين‬
‫‪45 - 40‬‬ ‫‪ .13‬الفصل الثالث ‪ :‬السمات األساسية للنظام الراسمالي و عيوبه‬
‫‪42- 40‬‬ ‫‪ .14‬المبحث األول‪ :‬السمات أألساسية للنظلم الرأسمالي‬
‫‪45 - 43‬‬ ‫‪ .15‬المبحث الثاني ‪ :‬عيوب النظام الرأسمالي‬
‫‪46 -45‬‬ ‫‪ .16‬الخاتمة‬
‫‪46‬‬ ‫‪ .17‬اإلستنتاجات‬
‫‪47‬‬ ‫‪ .18‬المراجع‬

‫النظام اإلقتصادي الرأسمالي‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫يحتل النظام اإلقتصادي أهمية خاصة و أساسية في حياة األفراد ‪ ،‬و المجتمعات ‪ ،‬و الدول‪ ،‬و في عمل‬
‫اإلقتصادات و تطورها‪ ،‬ذلك ألن النظم اإلقتصادية هي التي تتحدد من خاللها الكيفية التي تتم بموجبها القيام‬
‫بالنشاطات اإلقتصادية‪ ،‬ومن خاللها تتحدد اإلهداف التي تتصل بتوفير العيش و الرفاه للمجتمع و أفراده ‪ ،‬و القوه‬
‫‪ ،‬و التقدم ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫اإلقتصاد السياسي ال يقتصر على الجوانب ذات الطبيعه اإلقتصادية البحته‪ ،‬و إنما يمتد الى ارتباطه‬
‫بالجوانب األخرى كافة ‪ ،‬المادية منها و الروحية ‪ ،‬السياسية ‪ ،‬اإلجتماعية‪ ،‬الثقافية و كذلك العلمية سواء ان‬
‫اتصل هذا بالجوانب النظرية و الفكرية أو بالجوانب التطبيقية الواقعية‪.‬‬

‫قبل الدخول في تفصيل مفهوم اإلقتصاد الرأسمالي البد لنا من التعرف على مفهوم اإلقتصاد السياسي‪.‬‬

‫ماهية اإلقتصاد السياسي‬

‫إن وضع تعريف يحدد ماهية النظام اإلقتصادي و مفهومه يشكل صعوبة كبيرة و ذلك إلرتباطه‬
‫بالجوانب الفكرية و النظرية إضافة الى الجوانب التطبيقية الواقعية‪ ،‬و بالجوانب األخرى كافة التي تم ذكرها‬
‫سابقاً‪ .‬هذ ا باإلضافة الى إختالف وجهات النظر بخصوص ما يعنيه النظام اإلقتصادي نتيجة إختالف المعتقدات و‬
‫األيديولوجيات و الزاوية التي ينظر من خاللها الى اليه‪ ،‬و لكي تتكامل الصورة يجب ان تكون العالقة الترابطية‬
‫بين ما يلي متكاملة‪:‬‬

‫• الربط بين النظام اإلقتصادي و بين أساسه الفكري و النظري على أساس انه يعني مجموعه من األفكار و‬
‫المباديء المتماسكة التي يتم من خاللها تسيير كافة النشاطات بموجبها‪.‬‬

‫• الربط بين النظام اإلقتصادي و بين جوانبه التطبيقية الواقعية ‪ ،‬وهذا يعني ان المؤسسات اإلقتصادية يجب أن‬
‫تتسم بوحدة النشاط و تكامله من خالل تنظيم عالقات متناسقة بين كل مفردات النظام و بشكل محكم‪.‬‬

‫• ‘ ن النظام اإلقتصادي هو مجموعة من الترتيبات و العالقات التي تنظم و تنسق بين انشطة الوحدات اإلقتصادية‬
‫في قيامها بعملية اإلنتاج و من ثم التوزيع و اإلستهالك‪.‬‬

‫بناءاً لما تقدم يمكن تحديد ماهية النظام اإلقتصادي على انه‪:‬‬

‫‪ .1‬أنه يمثل مجموعه من المتغيرات األساسية التي تحدد أداء إقتصاد معين كملكية و وسائل إنتاج و أهداف المجتمع‪.‬‬

‫‪ .2‬في تحديد النظام يتم الربط بين ما يحدد اإلنتاج من ناحية الطلب الذي تحكمه الحاجات المتعددة و المتطورة‪ ،‬و كيفية‬
‫تنظيم اإلنتاج ‪.‬‬

‫‪ .3‬النظام اإلقتصادي نظام معقد للتنظيمم بين اإلفراد و الجهات التي تساهم في النشاطات اإلقتصادية التي تلبي‬
‫الحاجات البشرية المادية( تلبية الحاجات المادية حصراو ليس الروحية اي المعنوية)‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ .4‬النظام اإلقتصادي هو النظام الذي يوفر الحلول للمشكالت التي تثيرها الندرة و اإلعتماد المتبادل لتركيب اإلنتاج و‬
‫خصائصه ‪ ،‬و توزيع الدخل ‪ ،‬و معدل النمو اإلقتصادي‪.‬‬

‫‪ .5‬ايضا يمكن اإلشارة الى إن النظام اإلقتصادي هو مجموعة الحوافز و الوسائل الكلية التيالتي يتم تفضيلها من بين‬
‫األهداف البديلة للنشاط اإلقتصادي الذي يتم تحديده ‪ ،‬و كيفية التنسيق بينها لتحقيق األهداف‪.‬‬

‫و رغم تعدد المفاهيم التي تحدد النظام اإلقتصادي إال انه يمكن اإلشارة اليه بأنه مجموعة القواعد و المباديء التي تحدد‬
‫الوسائل و المؤسسات ‪ ،‬و اإلجراءات ألداء النشاطات اإلقتصادية و نموها بما يحقق اإلستخدام الكامل و الكفوء للموارد ‪،‬‬
‫و الذي يتحقق من خاللها تلبية اإلحتياجات الخاصة بالفرد و المجتمع و بصورة عادلة‪.‬‬

‫وهذا يعني إن وظيفة النظام اإلقتصادي التي ترتبط بما يلي‬

‫‪ .1‬الطريقة التي يحدد المجتمع بموجبها إحتياجاته من السلع و الخدمات ‪ ،‬المادية منها ‪ ،‬و الروحية ( المعنوية) و‬
‫ترتيبها وفق أهميتها النسبية‪.‬‬

‫‪ .2‬طبيعة المؤسسات ( الوحدات اإلقتصادية) التي تمارس النشاطات اإلقتصادية بما يلبي اإلحتياجات\\\ن و كذلك‬
‫الوسائل و اإلجراءات التي تؤدي بموجبها المؤسسات نشاطاتها اإلقتصادية‪.‬‬

‫‪ .3‬الكيفية التي يتم بموجبها التنسيق و الترابط بما يضمن تكامل عمل الوحدات اإلقتصادية عند قيامها بنشاطاتها‬
‫اإلقتصادية‪.‬‬

‫‪ .4‬األسس الفكرية و اآليديولوجية التي تحكم عمل النظام اإلقتصادي ‪ ،‬و مؤسساته‪ ،‬و إجراءاته و ما يقوم به من نشاط‪.‬‬

‫‪ .5‬الكيفية التي تحقق للنظام استمرار نمو اإلقتصاد و تنميته ‪ ،‬بما يضمن تقدمه ‪ ،‬عن طريق تطوير نشاطاته اإلقتصادية‬
‫بالشكل الذي يخدم عملية تلبية اإلحتياجات المتطورة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫و بهذا فإن النظام اإلقتصادي ‪ ،‬يحدد بطبيعته المرتبطه بسماته األساسية‪ ،‬و آلية عمله حجم اإلنتاج‪،‬و أنواعه ‪ ،‬و كمياته‪ ،‬و‬
‫طريقة اإلنتاج و تنظيمه‪ ،‬و توزيع اإلنتاج‪ ،‬و توفير الحوافز و الدوافع للقيام بالنشاطات اإلقتصادية بما يضمن نموها و‬
‫تطورها‪ ،‬لذا نجد إن النظام اإلقتصادي مرتبط بأطر نظرية و فكرية تحددها اآليديولوجية التي يستند اليها النظام‪ ،‬و يقوم‬
‫على اساسها‪ ،‬و من خالل ارتباطه اللصيق بالواقع الذي يحكم آلية عمله بالشكل الذي يلبي إحتياجات الواقع و البيئة التي‬
‫يعمل فيها‪،‬لذا فأنه عرضة للتغيير استجاب ة للمستجدات و تطورات الواقع مع الحفاظ على اساسياته‪ ،‬و من جانب آخر فإنه‬
‫يرتبط بالجوانب السياسية و اإلجتماعية و الدينية ‪ ،‬و الثقافية‪.‬‬

‫السمات األساسية لإلقتصاد السياسي‬

‫توجد العديد من السمات الخاصة بكل نظام إقتصادي‪ ،‬إال ان هنالك سمات تعتبر السمات األساسية للنظام‬
‫األساسي‪ ،‬مع اإلختالف في درجة اإلهمية و التركيز على كل منها قياسا ُ باألخرى‪ ،‬و من أبرز السمات األساسية للنظام‬
‫اإلقتصادي ‪ ،‬ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬الملكية ‪ :‬و هي السمة التي تتصل بالحقوق الموجوده ‪ ،‬و حق التصرف بها ‪ ،‬و حق اإلستعمال و اإلستخدام ‪ ،‬و حق‬
‫اإلنتفاع بالشيء ‪ ،‬و الملكية كسمة اساسية للنظام اإلقتصادي تتمثل في ملكية وسائل اإلنتاج و النشاطات اإلقتصادية ‪،‬‬
‫و التي ترتبط بدرجة وثيقة و قوية بالسمات األساسية األخرى للنظام‪ ،‬ذلك إن الملكية هي التي تحدد آلية إتخاذ القرار‪،‬‬
‫و من يتولى مهمة إتخاذ القرار ضمن اآللية المعينة للنظام‪.‬كذلك تحدد الحوافز التي توفرها اآللية لعمل النظام ‪ ،‬و‬
‫تحدد ايضا األهداف المراد تحقيقها و الوصول اليها خالل عمل النظام و نشاطه‪.‬‬

‫‪ .2‬اآللية التي يتم بموجبها تخاذ القرارات الخاصة بالنشاطات اإلقتصادية‪:‬إن السوق هو اآللية التي يتم بموجبها اتخاذ‬
‫القرارات الخاصة ل وسائل اإلنتاج و النشاطات اإلقتصادية ‪ ،‬ألن الملكية الخاصة لوسائل هذه تتضمن إتخاذ القرارات‬

‫‪5‬‬
‫من قبل الجهات الخاصة صاحبة الملكية بخصوص بخصوص استخدامها في النشاطات أفراداً أو مشاريع‪ ،‬على‬
‫اساس حر و إستنادا الى ما تفر زه السوق من مؤشرات‪ ،‬حيث يتم التوجه في إستخدام الموارد المملوكة نحو‬
‫المجاالت التي تحقق أكبر فائدة ‪ ،‬و هي المجاالت التي ترتفع فيها األسعار ‪ ،‬و التي يزيد فيها الطلب على العرض‪،‬‬
‫ألنها تحقق ربحية أكبر لها‪ ،‬في حين ال يتم إستخدام مواردها نحو المجاالت التي تنخفض فيها األسعار ‪ ،‬و التي يزيد‬
‫فيها العرض على الطلب إلنخفاض ربيحة استخدام الموارد فيها‪ ،‬و هو األمر الذي يبين آلية عمل السوق‪.‬‬

‫‪ .3‬الهدف ‪ :‬إن تحديد الهدف أو األهداف التي يسعى النظام اإلقتصادي الى تحقيقها تمثل سمة أساسية للنظام و ترتبط‬
‫بطبيعته ‪ ،‬حيث إن الهدف األساسي للنظام اإلقتصادي الذي يقوم على أساس الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج و‬
‫النشاطات اإلقتصادية يتمثل بالسعي الى تحقيق أكبر ربح ممكن بإعتبار إن الربح هو المعيار الذي يتم بوجبه تحقيق‬
‫أكبر مصلحة للمالك لوسائل اإلنتاج و النشاطات اإلقتصادية‪ ،‬و كذلك هو الحافز الذي يدفعه نحو القيام بهذه‬
‫النشاطات‪.‬‬

‫أهداف النظام اإلقتصادي‪:‬‬

‫تختلف األهداف التي يمكن للنظم اإلقتصادية تحقيقها أو السعي لتحقيقها من نظام إقتصادي آلخر ‪ ،‬و حسب سماته و‬
‫طبيعته ‪ ،‬و ما يستند اليه من أسس‪ ،‬و وفقاً آلليته ‪ ،‬و ما يتخذه من وسائل ‪ ،‬و ما يقوم به من نشاطات ‪ ،‬و بإستخدام الصيغ‬
‫و اإلجراءات التي تسهم في هذا التحقق‪ ،‬و كذلك تختلف من دولة ألخرى ‪ ،‬و من وقت آلخر ‪ ،‬و حتى في ظل نظام معين‬
‫و مراعاة حالة اإلقتصاد و حاجته‪ ،‬و رغم ذلك فإن هناك العديد من األهداف العامة التي يمكن لكافة النظم اإلقتصادية أن‬
‫تحققها ‪ ،‬أو تسعى لتحقيقها‪ ،‬و لكن بقدر و تركيز قد يتفاوت لبعضها بالقياس مع البعض اآلخر‪ ،‬و من هذه األهداف‪:‬‬

‫‪ .1‬النمو اإلقتصادي‪ :‬و الذي يتمثل بزيادة حجم اإلنتاج الحقيقي الذي يولده اإلقتصاد المعين‪ ،‬و زيادة حصة الفرد‬
‫من الناتج الحقيقي عبر الزمن ‪ ،‬حيث إن المهم أن يزداد الناتج الحقيقي و الذي يتحقق بزيادة إنتاج اإلقتصاد من‬
‫السلع و الخدمات حتى يزداد نصيب الفرد من السلع و الخدمات التي يمكنه الحصول عليها و بما يسمح بزيادة‬
‫مستوى معيشته ‪،‬و إرت فاع درجة رفاهيته ‪ ،‬و تحسين نوعية حياته‪ ،‬و هو ما يرتبط بتركيب اإلنتاج و تكلفته‬
‫اإلجتماعية و ظروف و شروط العمل‪ ،‬و توزيع اإلنتاج بين اإلستهالك و اإلستثمار‪ ،‬و هو األمر الذي يتوقف‬

‫‪6‬‬
‫على نمو الموارد و كيفية إستخدامها‪ ،‬و الهدف أو األهداف التي يتم إستخدامها ‪ ،‬و الكفاءة التي تتحقق في هذا‬
‫اإلستخدام‪.‬‬

‫‪ .2‬الكفاءة ‪:‬و تعني مدى الفعالية التي يستخدم بها النظام اإلقتصادي و موارده و إمكاناته اإلقتصادية في الفترة‬
‫الزمنية المحددة‪ ،‬و التي تمثل الكفاءة الساكنة ‪ ،‬و التي يتحقق معها أقصى إنتاج ممكن بإستمرار موارد و‬
‫إمكانات معينة في اإلقتصاد خالل الفترة الزمنية المعينة ‪ ،‬أو الكفاءة الحركية ( الديناميكية) التي تمثلها قدرة‬
‫النظام اإلقتصادي على زيادة طاقته على إنتاج السلع و الخدمات عبر الزمن بدون زيادة الموارد بضمان كفاءة‬
‫إستخدام الموارد‪ ،‬و تتحقق الكفاءة في النظام اإلقتصادي من خالل كفائته في تخصيص الموارد ‪ ،‬ثم ضمان‬
‫إستخدامه التام لهذه الموارد وضمان تحقق الكفاءة في إستخدامها ‪ ،‬بحيث يتم قياس الكفاءة الساكنة بنسبة إنتاج‬
‫النظام اإلقتصادي الى المدخالت التي توفرت له و إستخدمت فيه‪ ،‬في حين تقاس الكفاءة الحركية بتغيرات هذه‬
‫النسبة عبر الزمن‪.‬‬

‫‪ .3‬اإلستقرار اإلقتصادي‪ :‬و الذي يتضمن تحقيق اإلستقرار الداخلي ‪ ،‬أي إستقرار المستوى العام لألسعار ‪ ،‬و الذي‬
‫هو المتوسط العام ألسعار جميع السلع و الخدمات في اإلقتصاد و الذي يحقق التوازن ‪ ،‬بين العرض الكلي و‬
‫الطلب الكلي في اإلقتصاد ‪ ،‬و الذي يرتبط به إستقرار قيمة العملة الحلية من الداخل أي قوتها الشرائية التي‬
‫يمثلها القدر من السلع التي تشتريها وحدة النقد ‪ ،‬و كذلك اإلستقرار الخارجي ‪ ،‬و الذي يتمثل بإستقرار قيمة‬
‫العملة المحلية في ا لتعامل مع الخارج ‪ ،‬أي سعر صرفها ‪ ،‬و الذي يحصل بالتوازن بين الصادرات و الواردات‬
‫‪ ،‬أي التوازن بين ما يترتب على اإلقتصاد دفعه الى الخارج ‪ ،‬مقابل ما يحصل عليه اإلقتصاد من العالم‬
‫الخارجي ‪ ،‬نتيجة لمعامالته اإلقتصادية مع العالم‪.‬‬

‫‪ .4‬العدالة كهدف أساسي للنظام اإلقتصادي ‪ :‬و التي يمكن أن تتحقق من خالل اآللية التي يعمل بموجبها ‪ ،‬و بما‬
‫يضمن قيامه بنشاطاته‪ ،‬و بالصيغ التي تؤدي الى تلك النشاطات‪ ،‬بالشكل الذي يتحقق من خالله الحد من التفاوت‬
‫في توزيع الدخول ‪ ،‬و الثروات و رؤوس األموال‪ ،‬و من ثم الحد من التفاوت في توزيع السلع و الخدمات‪ ،‬و بما‬
‫يحقق عدالة أكبر‪.‬‬

‫و العدالة في إطار عمل النظام اإلقتصادي قد يتم التطرق اليها بطرق مختلفة و حسب طبيعة النظام‬
‫اإلقتصادي ‪ ،‬حيث إن العدالة اإلقتصادية التي يمكن النظر اليها من زاوية النظام بحتة‪ ،‬اي التي يمكن قياس‬
‫تحققها بإستخدام المعايير اإلقتصادية ‪ ،‬و التي تتحقق من خالل التوازن بين العائد أو المردود أو المكافأة‬

‫‪7‬‬
‫اإلقتصادية من ناحية ‪ ،‬و بين العمل أو الجهد أو النشاط المرتبط بذلك من ناحية أخرى‪ ،‬و إن هذه المكافأة‬
‫محكومة بإنتاجية العمل ‪ ،‬أو الجهد أو النشاط‪ ،‬كما إن العدالة يمكن النظر اليها من زاوية إجتماعية ‪ ،‬أي يمكن‬
‫قياسها بمعايير إنسانية و إجتماعية و قيمية تتضمن مدى تحقق العدالة في مستويات العيش‪ ،‬و نوعية الحياة و‬
‫درجة الرفاهية و بدون حصول تفاوت في ذلك‪.‬‬

‫‪ .5‬أهداف التنمية‪ :‬و هي مدى قدرة النظام اإلقتصادي و من خالل سماته األساسية و نشاطاته ‪ ،‬و الصيغ و‬
‫األساليب و ال وسائل و اإلجراءات التي تتم بها هذه النشاطات على تحقيق أهداف التنمية‪ ،‬و بطريقة سريعة ‪ ،‬و‬
‫مدى نجاحه في إحداث التغيرات الهيكلية المطلوبة ‪ ،‬بحيث يزداد نصيب الناتج الصناعي و تتطور القطاعات‬
‫اإلنتاجية األساسية ‪ ،‬و يزداد نصيب اإلستثمار اإلنتاجي ‪ ،‬و ما إلى ذلك ‪ ،‬من أهداف التنمية ‪ ،‬و هذا يعتمد على‬
‫طبيعة التنمية و إستراتيجياتها و أهدافها و وسائلها‪.‬‬

‫‪ .6‬الحفاظ على الوجود الوطني و القومي‪ :‬و الذي يرتبط بمدى قدرة النظام و كفائته و نجاحه فيالحفاظ على وجود‬
‫المجتمع‪،‬و إحتفاظه بهويته الوطنية و القومية وبما يضمن إستقالليته ‪ ،‬و ذلك بإمتالك القوة السياسية و العسكرية‬
‫و اإلجتماعية ‪ ،‬باإلضافة الى القوة اإلقتصادية‪ ،‬و هو ما يتطلب ضرورة تخصيص موارد رأسمالية و بشرية‬
‫للدفاع القومي للحفاظ على على وجوده و تماسكه الداخليز‬

‫غاية البحث ‪ ( :‬مشكلة البحث ) التعرف على النظام اإلقتصادي الرأسمالي و كيف نشأ و ماهي مراحل هذا النظام و‬
‫آلية عمل هذا النظام ‪ ،‬و ماهي اهم سمات و عيوب هذا النظام‪.‬‬

‫منهجية البحث‪ :‬يتضمن البحث الفصول التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬المقدمة‬
‫ماهية اإلقتصاد السياسي ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬السمات األساسية لإلقتصاد السياسي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ج‪ -‬أهداف النظام اإلقتصادي‬
‫‪ .2‬غاية البحث‪ :‬التعرف على النظام اإلقتصادي الرأسمالي و نشأته و النظم السابقة على الرأسمالية و مراحل‬
‫النظام الرأسمالي و سمات النظام الرأسمالي و عيوبه‪.‬‬
‫‪ .3‬الفصل األول‪ :‬نشوء النظام الرأسمالي‪.‬‬
‫المبحث األول‪:‬النظام البدائي‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬المبحث الثاني ‪:‬النظام العبودي ‪.‬‬
‫‪ .4‬الفصل الثاني ‪ :‬مراحل تطور النظام الرأسمالي‪.‬‬
‫المبحث األول‪:‬النظام اإلقطاعي‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬المبحث الثاني ‪ :‬مراحل النظام اإلقتصادي الرأسمالي‪.‬‬
‫‪ .5‬الفصل الثالث‪ :‬السمات األساسية للنظام الراسمالي و آلية عمله و عيوبه‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬السمات أألساسية للنظلم الرأسمالي‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬المبحث الثاني ‪:‬آلية عمل النظام الرأسمالي‪.‬‬
‫ج‪ -‬المبحث الثالث ‪:‬عيوب النظام الرأسمالي‪.‬‬

‫‪ .6‬الخاتمة ( الخالصة)‪.‬‬
‫‪ .7‬اإلستنتاجات‪.‬‬
‫‪ .8‬المراجع‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‬

‫نشوء النظام اإلقتصادي الرأسمالي‬


‫المبحث األول‬

‫النظام البدائي‬

‫الحياة االقتصادية إلى غاية القرن السادس عشر‬


‫إذا حاولنا تتبع تطور الفكر االقتصادي نجده كان نتيجة لتطور األحداث االقتصادية فكما هو معروف إن األحداث‬
‫كانت جامدة لمدة قرون ‪،‬حيث أن التقدم البشري لم يتسم بالسرعة إال في القرنين األخيرين وحتى نكون عمليين أكثر وبدقة‬

‫‪10‬‬
‫ومن اجل متابعة خطوات التطور يجب أن نركز على الدول التي عرفت التقدم وخاصة التطور االقتصادي ‪.‬فإذا رجعنا‬
‫إلى الوراء نجد أن الحياة االقتصادية كانت قبل القرن السادس عشر أي قبل ميالد االقتصاد الرأسمالي ضيقة ترتبط‬
‫باإلطار العائلي أو المحلي ولم يكن الفكر االقتصادي له وجود مستقل كانت انطباعات تتعلق بالواقع التي وجدت في‬
‫المجتمع في تلك األزمنة ال شان لها بالتحليل العلمي بل كانت معلومات خاصة بما كان يجري في الحياة االقتصادية‬
‫للمجتمع في ذلك الزمان ومع اتساع التجارة بفضل االكتشافات واالختراعات وكذلك بزوغ تفكير جديد ومتفتح كان رائدا‬
‫للتطور البشري حيث سايرت هذه التطورات التاريخية تحوال في مركز االنطالق االقتصادي أي المركز الذي تنطلق منه‬
‫كل المبادرات والذي يعتبر أساس التقدم المادي حيث أن هذا األخير إلى غاية القرن السادس عشر وطوال التاريخ القديم‬
‫والقرون الوسطى وعصر النهضة مستقرا في البحر األبيض بين شرقه وغربه ثم انتقل إلى أوربا خاصة انجلترا التي‬
‫لعبت دور القيادة االقتصادية مدة قرنين ومع ظهور قواعد اقتصادية خارج أوربا خاصة الواليات المتحدة والتي أصبحت‬
‫مركز اإلشعاع االقتصادي‪.‬‬
‫فهذه التطورات االقتصادية أدت إلى ظهور أنظمة اقتصادية جديدة فبعدما كان االقتصاد مغلقا أو محدودا أو خاضعا‬
‫لعالقات إقطاعية أصبح اقتصادا متفتحا تقوده المصالح الفردية في إطار النظام الرأسمالي ‪.‬‬

‫الواقع االقتصادي‬
‫كانت الحياة االقتصادية في العصر البدائي تربط بين اإلنسان والطبيعة بصفة مباشرة حيث اعتمد اإلنسان على صيد‬
‫الحيوانات والمنتجات التي توجد في الطبيعة ثم قام بتربية الحيوانات األليفة واستطاع أن يخترع وسائل إنتاج مكنته من‬
‫فالحة األرض ثم تجمع الناس وشكلوا العائلة التي أصبحت الخلية األساسية للحياة االقتصادية واتسم هذا النشاط في‬
‫مراحل التاريخ القديم بتمركزه في العائلة التي يقوم أعضاؤها بإنتاج كل الحاجيات ويستهلكون كل ما ينتجون فليس هناك‬
‫أس واق وال نقود ثم بدأت المبادالت بين األفراد على أساس المقايضة وكانت هذه المبادالت االقتصادية داخل العائلة‬
‫خاضعة ألوامر األب الذي يتحكم في األفراد وهذا ما عرف بنظام العائلة األبوية حيث اتسع هذا النظام نتيجة النتشار‬
‫الرق في اليونان وفي اإلمبراطورية الرومانية و اعتبر العبيد جزء ال يتجزأ من بنية العائلة على أساس تبعيتهم المطلقة‬
‫لمالكهم وأدى انتشار الرق بعد اإلمبراطورية الرومانية إلى تدعيم النظام اإلقطاعي الذي ساد أوربا في القرون الوسطى‬
‫وكان السيد هو صاحب المبادرة االقتصادية من خالل الجماعات الذين يعيشون حول إقطاعيته مرتبطين باألرض يقومون‬
‫بزراعتها نقابل قسط من اإلنتاج يسلمونه للسيد الذي يتعهد بحمايتهم من غزوات قوات مجاورة فهم يعملون بدون مقابل‬

‫‪11‬‬
‫فهذه العالقة بنية على العبودية والتبعية المطلقة وكان الهدف من النشاط االقتصادي هو االستجابة للحاجيات األكثر‬
‫ضرورية لسكان ا لمدينة ثم عرفت المدن الصغيرة التي ظهرت في القرن العاشر والحادي عشر اقتصادا حرفيا له قوانين‬
‫وأعراف خاصة ويعتمد على ملكية وسائل اإلنتاج لكن حدوده كانت ضيقة‪.‬أما العالم العربي كان يعرف إلى غاية القرن‬
‫الحادي عشر حياة بدوية وتعتبر العائلة خليتها االقتصادية وقد لعبت البحار خاصة البحر األبيض المتوسط دورا كبيرا في‬
‫اتساع رقعة النشاط االقتصادي وعالقة الشعوب في ما بينها كما سهلت هيمنة األنظمة السياسية وقد كان شرق البحر‬
‫األبيض المتوسط مركز االنطالقة والهيمنة حيث أن المصريين الفراعنة سيطروا عليه سيطرة مطلقة وجاء الفينيقيون‬
‫ليؤسسوا عبر كل البلدان المتاخمة للبحر موانئ ومدن لعبت دورا مهما في الربط بين شرق البحر وغربه وبين إفريقيا‬
‫واسيا وأوربا وظهرت مدن مثل قرطاجنة و طنجة ثم جاءت الحضارة اإلغريقية لتوطد وحدة البحر ثم السيطرة الرومانية‬
‫التي جعلته نهرا ينساب بين أقاليمها‪.‬‬
‫ولكن ظهور الديانات المسيحية واإلسالمية مكنت من الوحدة الدينية التي ففرضت وجودها مع إنشاء الطرق التجارية‬
‫بين مختلف البلدان وقد أدت الحروب الصليبية إلى إمكانية الزيادة في التيارات التجارية بين الغرب والشرق كما عرفت‬
‫المدن االيطالية مثل البندقية وأدى النمو من خالل البحرية التجارية االيطالية إلى اتساع المبادالت بالنسبة لبعض السلع‬
‫مثل التوابل والحرير مع الشرق العربي وبدأت تظهر في أوربا األسواق الموسمية عبر أقاليم الزاس والفالند تباع فيها‬
‫السلع التي تصدر عن المدن االيطالية الساحلية ثم تمكن االسرائليون من تحمل النشاط التجاري خاصة في أوربا ألنهم‬
‫كانوا يعيشون على هامش التنظيمات اإلقطاعية المتعلقة وكانوا ينتقلون بسرعة عبر األقاليم والبلدان هروبا من كل قمع‬
‫عنصري ولقد عرفوا في هذه الفترة "حاملي التقدم "ألنهم كانوا يكنون العنصر الوحيد الذي يقدم على كل أشكال التجارة‪.‬‬
‫ولقد جاء مطلع القرن السادس عشر ليبدل االتجاه االقتصادي في العالم واضطلع المحيط األطلسي بالدور األساسي‬
‫في المبادالت االقتصادية من خالل األحداث التاريخية للتحوالت الكبرى التي أثرت على مجرى التاريخ فصعود القوات‬
‫البرتقالية التي شيدت بحرية قوية وغزت عدة مناطق في إفريقيا وأسست موانئ فيها ثم اكتشفت طرق بحرية وخاصة‬
‫طريق رأس الرجاء الصالح إضافة إلى اكتشاف فاسكوديكاما البرتغالي سنة ‪ 1498‬بمساعدة بحارة عرب واثر كبير في‬
‫بلوغ البرتغاليين الهند بعدما هزمت القوات العربية في البحر األحمر واستولوا على الطريق اإلستراتيجية التي تربط أوربا‬
‫باسيا وكان ذلك انطالقا لالمبريالية األوربية في إفريقيا واسيا ‪.‬‬
‫بيد أن اكتشاف أمريكا من طرف كريستوف كولومبس سنة ‪ 1492‬ذلك االكتشاف الذي فتح آفاق أخرى ومهد‬
‫الطريق نحو انتقال الحضارة األوربية إلى هذه القارة الجديدة وغير مجرى التيارات التجارية ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وقد استمرت قدرات االنسات بالتطور من خالل تطويه بالوسائل واالدوات التي استخدمها في تأمين متطلبات‬
‫وحمايته وضمان بقائه واستمراريته في الحياة وذلك عن طريق استحداث وسائل و ادوات اخرى اكثر تطور‬ ‫عيشه‬
‫والتي اصبح يصنعها اعتمادا على ما متوفر له في الكبيعة وبالذات الحجر و العصا واستخدامها في ايجاد ادوات جديدة‬
‫اكثر تطور رغم بساطتها وبدائيتها اال انها افادت االنسان كثيرا في عيشه وفي توفير الحماية له باستخدامها في الصيد‬
‫وقطع االشجار وفي الدفاع عن نفسه وفي الحفر الذي مكنه من اقامة اماكن يلجأ لالحتماء بها في حالة حاجته لذلك لدرء‬
‫المخاطر التي كان يتعرض لها ‪.‬‬
‫وقد يكون مهما االشارة الى ان النظام االقتصادي الذي كان سائدا انذاك والمرتبط باالوضاع المذكورة كان‬
‫نظاما مكتفيا ذاتيا وبصورة بدائية واعتمادا على ما يتوفر له من متطلبات عيشه وبالذات غذائه وبابسط اشكال هذا الغذاء‬
‫وبادنى مستوى له والضروري له لعيشه وبقائه وبدون ان يتاح له تحقيق فائض من نشاطه الذي كان بسيطا وبدائيا‬
‫وباستخدام ادوات بسيطة وبدائية وبحيث ان ما يحصل عليه االنسان اليكاد يكفي متطلباته الضرورية جدا وبصعوبة بالغة‬
‫البل ان االمر قد يتضمن في حاالت ليست بالقليلة عدم حصول االنسان على ما يلبي هذه المتطلبات والتي ينجم عنها‬
‫تعرض حياته للخطر من خالل المجاعات و الموت بسبب ذلك ‪.‬‬

‫ومن المهم توضيح حصول العديد من التطورات الهامة و االساسية في النظام البدائي والتي تحققت خالل فترات‬
‫زمنية طويلة ومنها ‪:‬‬
‫‪ .1‬التطور في االدوات و الوسائل التي استخدمها االنسان في توفير متطلبات عيشه وحمايته وبقاءه وبالذات من‬
‫خالل انتقاله من االستخدام المباشر لما هو متاح له في بيئته من هذه الوسائل و االدوات وبالذات الحجرية و‬
‫الخشبية الى قيامه بتغيير وتحويل وتطوير ومن ثم صنع هذه الوسائل واالدوات التي كانت ابتداءا حجرية‬
‫وخشبية وبعد ذلك اصبحت معدنية والتي ادت الى زيادة قدراته االنتاجية وزيادة انتاجيته اضافة الى زيادة قدرته‬
‫في الدفاع عن نفسه وتأمين الماية له من االخطار التي تحيط به ‪.‬‬
‫‪ .2‬تطور اللغة اعتمادا على االشارة باستخدام اطراف االنسان وبالذات يده للتعبير عن افكاره وما يجول في ذهنه‬
‫من خواطر و اراء وكذلك من خالل اتخاذ االشارة الصوتية باستخدام قدرة االنسان على الكالم و التحدث مع‬
‫االخرين التي تطور استخدامها بنشوء اللغة او اللغات لكل جماعة من المجموعات البشرية وقد مثل ظهور اللغة‬
‫بمختلف اشكالها حتى االولية منها الى تطوير قدرات االنسان من خالل تبادل المعارف و الخبرات والتجارب‬

‫‪13‬‬
‫بين االفراد وان كانت بشكل بدائي واولي وبسيط وبالشكل الذي ادى الى تطوير قدراته على تأمين متطلبات‬
‫عيشه وحمايته وبالذات من خالل تطوير الوسائل و االدوات التي يستخدمها في ذلك ومن خالل تعاونه مع‬
‫ا الخرين لتأمين هذه المتطلبات وهو االمر الذي اسهم في زيادة انتاجه و انتاجيته من خالل مساهمة اللغة في‬
‫توحيد جهود الناس عبر نشاطهم الحياتي وبالذات في مجال سعيهم من اجل ضمان عيشهم وبقاءهم واستمرارهم‬
‫في الحياة والشك ان قدرة االنسان على التفكير هي التي اتاحت له تطوير قدراته على التعبير عن التفكير هذا‬
‫من خالل تطوير اللغة ‪.‬‬
‫‪ .3‬اكتشاف النار واستخدامها الغراض عديدة منها كوسيلة العداد بعض الوسائل و االدوات من خالل تكييف‬
‫الحجارة والعصي من اجل زيادة امكانية استخدامها وزيادة متانتها وكذلك استخدامها الغراض التدفئة وطهي‬
‫الطعا م وحتى كوسيلة لمكافحة الوحوش الضارية التي تخشى النار وتهرب عند اشعالها وكذلك استخدامها في‬
‫صناعة الفخار لالواني الطينية والتي سمحت بالتخزين ‪ ,‬وان هذا االستخدام للنار تطلب فترة غير قصيرة بدءا‬
‫باكتشافها عن طريق الحصول عليها بحك حجر باخر او بحك قطعة خشبية باخرى ومن ثم توصله الساليب‬
‫الحصول على النار وبصورة مكنته من زيادة قدرته على توفير متطلبات عيشه وحمايته وبالذات من خالل‬
‫توسيع موارد الطعام من ناحية وجعل غذائه اكثر سهولة في الهضم واكثر امكانية لتغذيته وتطوير قدرته على‬
‫زيادة انتاجه وبالذات بتطوير الوسائل واالدوات التي كان يستخدمها في االنتاج والتي ازدادت من حيث تنوعها‬
‫وتطورت بزيادة درجة اتقانها رغم انها بقيت رغم ذلك بدائية وبسيطة ومرتبطة بمرحلة النظام البدائي التي‬
‫تحققت في اطاره ‪.‬‬
‫‪ .4‬التوصل الى الزراعة حيث ان االنسان بتطوره وتطور االدوات والوسائل المتاحة الستخدامه رغم بدائيتها‬
‫وبساطتها مكنته من االنتقال من التاعمل المباشر مع ما متاح في الطبيعة من موارد لعيشه ذات االصل النباتي‬
‫باقتصاره على عملة جمع االغذية النباتية الى زراعة بعض انواع النباتات بغرسها وهذا لم يكن ممكنا اال‬
‫بتوصله الى االدوات التي تتيح له ذلك والتي منها االدوات الخاصة بالغرس كالعصا التي تمكنه من الحفر‬
‫وغيرها من االدوات التي اصبح بامكانه استخدامها في الزراعة بعد صنعه لها سواء تلك التي تساعده في‬
‫تحضير التربة للزراعة او في غرس النباتات ورعايتها واستخدموا ادوات في تسوية التربة وفي حصاد‬
‫المحصول النباتي وغيره ا ‪ ,‬ومثلت الحبوب كالقمح و الشعير و الذرة وغيرها من اهم واول النباتات التي‬
‫زرعها االنسان البدائي والتي شملت معظم النباتات وبالذات الغذائية منها المعروفة حاليا كالذرة الصفراء و‬

‫‪14‬‬
‫البطاطا وغيرها و التي ادت الى تقليل اعتماد االنسان على االعتماد المباشر على ما يتوفر له من موارد طبيعية‬
‫وبالشكل الذي زادت معه قدرته على تكوين احتياطيات منها لتأمين حاجته ‪.‬‬
‫‪ .5‬تربية الحيوانات وبالذات المواشي منها والتي اسهمت فيها تطورت قدرات االنسان على الصيد و باالحتفاظ‬
‫بالحيوانات التي يتم صيدها من اجل تربيتها بدال من ذبحها حيث اهتدى االنسان الى امكانية القيام بذلك عن‬
‫طريق االحتفاظ بالحيوانات لفترة اطول وتربيتها وهو ما وفر امكانية لالنسان في استخدام الماشية كمصدر‬
‫لغذائه من لحوم وحليب ولمتطلبات حياته من جلود وصوف والستخدام بعضها في النشاطات التي يوءدي بها‬
‫عمله وبالذات في الحراثة و السقي و الدرس وغيرها من النشاطات المرتبطة بممارسته لنشاط زراعة‬
‫المحاصيل النباتية من اجل زيادة انتاجها وتقليل الجهد الذي يتطلبه هذا االنتاج من االنسان باستخدام الحيوانات‬
‫في القيام ببعض جوانب النشاط الزراعي النباتي اضافة الى انتاجها الحيواني ‪.‬‬
‫‪ .6‬ان تطور قدرات االنسان االنتاجية وبالذات من خالل تطور الوسائل و االدوات التي يستخدمها في انتاجه وما‬
‫نجم عنه وارتبط به من تخصص وتقسيم عمل بدائي تم على اساس قيام بعض المجاميع البشرية بالزراعة وقيام‬
‫مجاميع اخرى بتربية الماشية والذي رافقه تحقق فائض في االنتاج نتيجة لزيادة القدرات االنتاجية واصبح هذا‬
‫الفائض محال لتبادل بين المجاميع البشرية التي امتهنت الزراعة و المجاميع االخرى التي امتهنت تربية الماشية‬
‫اضافة الى مجاميع اخرى اقل امتهنت الصيد والقنص وبداية ظهور بعض النشاطات الحرفية ‪ ,‬وكان هذا التبادل‬
‫يتم بشكل عيني في الغالب وكان محدودا بسبب محدودية الفائض الناجم عن محدودية االنتاج و الذي كان هدفه‬
‫االساسي توفير االحتياجات الذاتية للمنتجين انفسهم ووجود الفائض و التبادل رغم محدوديته سمح في المراحل‬
‫االخيرة من تطور النظام البدائي ببدايات ظهور الملكية الخاصة وبالذات لبعض االفراد الذين يسهمون بدرجة‬
‫اكبر في االنتاج رغم ان هذه الملكية كانت بالضرورة محدودة و و ارتباطا بمحدودية االنتاج و الفائض ‪.‬‬
‫‪ .7‬ان التنظيم االجتماعي في النظام البدائي هذا اتخذ شكل قبائل تتكون من عدة عشائر وكل عشيرة تتكون من عدد‬
‫االسر ومثلت العشيرة و االسرة اساس التنظيم االجتماعي وفي اطار هذا التنظيم تم ظهور نوع بدائي من‬
‫التخصص وتقسيم العمل حتى في االسرة بعد تكونها حيث ان المجاميع او القبائل التي تمتهن الزراعة يقوم‬
‫رجالها باستصالح االرض وزراعتها في حين تؤدي النساء اعداد الغذاء لالسرة و القيام ببعض االعمال‬
‫المنزلية البسيطة و المساعدة في الزراعة ‪ ,‬وان المجاميع او القبائل التي امتهنت تربية الحيوان يتولى الرجل‬
‫هذه المهمة في حين ان القيام بتجهيز الجلود و النسيج بشكله البدائي و االعمال المنزلية وبالذات اعداد الطعام‬
‫تتواله المرأة في حين ان المجاميع التي امتهنت الصيد يقوم رجالها بمهمة الصيد والقنص في حين تتولى المرأة‬

‫‪15‬‬
‫مهمة جمع الثمار و النباتات البرية واعداد الطعام ‪ ,‬وهكذا فأن التخصص الواسع على مستوى المجاميع البشرية‬
‫التي امتهنت الزراعة و المجاميع البشرية التي امتهنت تربية الحيوانات و المجاميع االخرى االقل التي امتهنت‬
‫الصيد تضمن تخصصا على مستوى االسرة وهو االمر الذي ادى الى زيادة االنتاج و الفائض و المبادالت‬
‫والملكية الخاصة رغم محدودية كل ذلك وبدائيته اال انه يعد تطورا هاما واساسيا في ممارسة االنسان لشؤونه‬
‫في الحياة ضمن النظام البدائي هذا ‪.‬‬
‫‪ .8‬يجب ان يكون معلوما وكما اشرنا الى ذلك ابتداءا بانه اليوجد اتفاق على كافة جوانب عمل النظام البدائي والذي‬
‫تم في اطاره ممارسة االنسان لنشاطاته االقتصادية من اجل توفير احتياجاته و التي كانت بسيطة ومحدودة‬
‫وبالذات ما هو ضروري جدا منها ‪ ,‬وقد اختلفت هذه الممارسة حسب ظروف المكان والزمان اي انها اختلفت‬
‫من مجتمع الخر ومن وقت الخر في المجتمع الواحد خاصة اذا تم االخذ في االعتبار ان فترة عمل النظام‬
‫البدائي وتطوره كانت طويلة جدا واستغرقت مئات االلوف من السنين وان ما هو مؤكد منها محدود بسبب عدم‬
‫تدوين وتثبيت ما تم فيه نتيجة ضعف القدرة على القيام بذلك وقد تكون االعراف و التقاليد و العادات التي‬
‫تطورت عبر هذه الفترات الزمنية الطويلة جدا و التي اصبح المجتمع ينظم حياته على اساسها و الذي يتطلب‬
‫منه تعاون افراده لتوفير مستلزمات عيشهم من ناحية ولتأمين حمايتهم من ناحية اخرى و بالتالي االعتماد على‬
‫العمل الجماعي في ذلك وتوزيع المنتجات والجهود على افراد الجماعات على اساس جماعي كذلك ‪ ,‬ثم تطور‬
‫تنظيم ممارسة هذه الجماعات بتطور االشكال االجتماعية فيها و بالذات القبائل و العشائر حيث اصبح رؤساء‬
‫هذه العشائر و القبائل هم الذين يوجهون عمل الجماعات ومن خالل مشورتهم واستنادا الى ما تطور لدى هذه‬
‫الجماعا ت من اعراف و عادات وتقاليد ترتبط بذلك وهو االمر الذي يبرز معه المضمون الجماعي لهذا النظام‬
‫لذلك يطلق عليه نظام المشاعية البدائية ارتباطا بمضمونه الجماعي هذا ‪ ,‬ولعل ما يؤكد وجود النظام البدائي هو‬
‫ان بعض سماته هذه بقيت موجودة حتى وقت قريب في بعض المناطق التي تعيش حالة البدائية ‪.‬‬

‫الفصل األول‬

‫نشوء النظام اإلقتصادي الرأسمالي‬

‫المبحث الثاني‬

‫‪16‬‬
‫النظام العبودي‬

‫ان ما تحقق من تطورات في الفترات االخيرة من النظام البدائي مثلت االساس الذي برزت معه بدايات نشوء النظام‬
‫العبودي والذي ساد في العصور القديمة وبالذات في الحضارات الغربية القديمة التي مثلتها دول المدن كما هو الحال في‬
‫الحضارة الرومانية في روما والحضارة اليونانية في اثينا والى حد ما في الحضارات الشرقية القديمة كحضارة وادي‬
‫الرافدين في بابل وفي حضارة وادي النيل وغيرها رغم وجود اختالف في الرأي بخصوص مدى سيادة النظام العبودي‬
‫في الحضارات الشرقية انذاك اال ان ما يكاد يكون هنالك عليه هو ان الحضارات الغربية القديمة شلدت والدة هذا النظام‬
‫ونشأته في الفترة بين ‪ 4000 – 6000‬سنة ق ‪ .‬م حيث ان زيادة قدرات االنسان االنتاجية وزيادة واتساع استخدامه‬
‫لوسائل وادوات االنتاج وبالذات المعدنية منها وما ادى اليه ذلك و الذي تمثل بزيادة انتاجيته وزيادة انتاجه وما رافقه من‬
‫تخصص وتقسيم عمل بين المجاميع البشرية التي تخصصت في الزراعة والمجاميع البشرية التي تخصصت في تربية‬
‫الحيوانات والمجاميع البشرية االقل التي امتهنت الصيد او تلك التي بدأت بامتهان بعض النشاطات الحرفية وبالذات ما‬
‫يتصل منها بصنع ادوات االنتاج و االدوات المنزلية وادوات الحماية و الدفاع عن النفس وغيرها مما تطلبته االوضاع‬
‫انذاك وهو االمر الذي افرز معه تحقق فائض من انتاج المنتجبين وادى الى زيادة المبادالت ونشوء الملكية الخاصة‬
‫وبالذات لبعض اال فراد سواء من رؤساء او وجهاء القبائل و العشائر او من المنتجين الذين مكنتهم ظروفتهم وقدراتهم‬
‫الخاصة على امتالك مثل هذا الفائض من خالل ملكيته ملكية خاصة باالسرة والفرد بعد ان كان الفائض و المبادالت‬
‫والملكية ملكية جماعية للجماعة التي مثلتها القبيلة او العشيرة في المراحل االخيرة من تطور النظام البدائي ‪.‬‬
‫ونتيجة زيادة القدرات االنتاجية لالنسان وزيادة استخدامه الدوات ووسائل االنتاج وزيادة انتاجيته وظهور التخصص‬
‫وتقسيم العمل تحقق الفائض ونشوء المبادالت واتساعها وظهور الملكية الخاصة التي اصبحت فردية بعد ان كانت جماعية‬
‫و التي ارتبطت بتحقق الفائض الناجم عن زيادة االنتاجية واالنتاج وهو ما افرز معه وعبر فترة زمنية الى نشوء مجتمع‬
‫طبقي يقوم على اساس وجود طبقتين اساسيتين في المجتمع وما ارتبط بذلك من سمات اساسية وهما كما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬طبقة المالك الذين استخدموا قدراتهم ومواقعهم وظروفهم في توسيع مدى ملكيتهم الخاصة بحيث لم تهد تقتصر‬
‫على ملكية االرض ووسائل و ادوات االنتاج وانما امتدت لتشمل المنتج ذاته والذي يمثله الرق ( العبد ) والذي‬
‫اصبح باالمكان استخدامه لتوليد فائض طالما ان انتاجية الفرد اصبحت في ظل تطور وسائل وادوات االنتاج‬
‫تغطي تكاليف عيشه وتحقيق فائض من انتاجه يفوق ما يلزم لعيشه وبالحد االدنى من متطلبات العيش ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ .2‬طبقة العبيد التي التمتلك شيئا والتي هي ذاتها محل ملكية لطبقة المالك الذين يملكون كل شيء بما في ذلك العبيد‬
‫اليملكون شيئا و الذين يظطرون للعمل كعبيد ( رقيق ) لدى مالكيهم حتى يضمن لهم ذلك توفير متطلبات عيشهم‬
‫وبقائهم في الحياة وان كان بالحد االدنى لذلك اضافة الى ما كانت توفره الحروب الى عبيد بدال من قتلهم طالما‬
‫ان هذا التحويل يحقق فائض من استخدامهم كعبيد نتيجة كون ان انتاجهم يزيد من متطلبات عيشهم بالحد االدنى‬
‫والفائض هذا يتم االستحواذ عليه من قبل مستخدمي العبيد وهم مالكيهم في ان واحد و الذين قد يحصلون عليهم‬
‫من خالل شرائهم من السوق التي كان يباع ويشترى فيها العبيد وكأي سلعة اخرى وبشكل واسع اضافة الى‬
‫العبيد الذين تربطهم عبوديتهم بعدم قدرتهم على سداد ديونهم الى المرابين وتحولهم الى عبيد نتيجة لعجزهم عن‬
‫السداد وبيعهم كعبيد مقابل الديون التي بذمتهم ‪.‬‬
‫‪ .3‬الطبقات االخرى االقل اهمية وعددا ومنها فئة االحرار و التي تتكون من المحاربين الذين يتولون مهمة الدفاع و‬
‫االحرار من المزارعين و الحرفيين وغيرهم والذين تم تحول معظمهم الى عبيد وتحولت قلة منهم الى مالكين‬
‫للعبيد بحكم التطور المستمر في الملكية الخاصة وزيادة قدرات مالكي العبيد الذين ضغطوا على االخرين‬
‫االحرار واجبروهم بوسائل اقتصادية وقسرية في الغالب بالتحول الى عبيد وهو االمر الذي ادى الى زيادة اعداد‬
‫العبيد بسبب الفائض الذي يتحقق نتيجة امتالكهم واستخدامهم في ممارسة العمليات و النشاطات االقتصادية و‬
‫بالذات االنتاجية منها ‪.‬‬
‫‪ .4‬ارتبط بهذا التقسيم للمجتمع الذي ساد في النظام العبودي و بالذات في روما واثينا تقسيم واضح للعمل الفكري و‬
‫العضلي بين الطبقات االجتماعية المذكورة حيث ان طبقة المالك والسادة و االشراف وغيرهم كانت مهامهم‬
‫ترتبط بالمهام الثقافية و االدبية و العلمية ذات الطبيعة الفكرية التي شهدت تطورا فيها نتيجة لذلك و العمليات‬
‫االنتاجية وما تتطلبه من مهام و بالذات العضلية وخاصة التي تتطلب جهدا شاقا وصعبا يقوم بها العبيد وفي‬
‫ظروف عمل قاسية وشديدة الوطأة عليهم وهو االمر الذي دفع العبيد في حاالت ليست بالقليلة الى الثورة على‬
‫مالكيهم من خالل الحركات التي تضمنت ذلك نتيجة لمعاناتهم وخاصة انهم لم يتحقق لهم اي شيء انساني عدا‬
‫توفير العيش لهم وبالحد االدنى الضروري الدامة بقائهم واستخدامهم للحصول على فائض مقابل هذا االستخدام‬
‫وفي اعمال شاقة وفي ظروف بالغة القسوة ‪.‬‬
‫‪ .5‬ان التقدم الفني كان بطيئا جدا في النظام العبودي بسبب االعتماد اساسا على عمل الرقيق ( العبيد ) والذين‬
‫تزايدت اعدادهم بدرجة مبيرة في هذا النظام من خالل تحول فئات واسعة من االحرار الى عبيد من ناحية‬
‫ونتيجة عمليات بيع وشراء العبيد وبالذات المرتبط منها باسرى الحروب و الغزو من ناحية اخرى وهو االمر‬

‫‪18‬‬
‫الذي لم يدفع مالكي العبيد و الذين يستخدمونهم في القيام بالنشاطات االقتصادية عموما و االنتاجية خصوصا الى‬
‫تطوير ادوات ووسائل االنتاج بالشكل الذي يحقق معه حصول تقدم في الفنون االنتاجية المستخدمة في هذه‬
‫النشاطات ارتباطا بان العبيد اليكلف مالكيهم اال متطلبات عيشهم وبادنى حد ممكن وحتى ان هذه المتطلبات لم‬
‫يكن يراعى فيها في حاالت ليست بالقليلة ضمان استمرار العبد وبقائه طالما ان باالمكان استخدام العبيد االخرين‬
‫الذين يتم الحصول عليهم بشكل واسع وبكلف منخفضة وعبر اشكال وصيغ عديدة ولذلك تعرض العديد من‬
‫العبيد للموت بسبب ضغوط العمل وشدته وسوء ظروفه من ناحية وقلة وسوء المتطلبات التي يتم توفيرها‬
‫لعيشهم وهو ما ادى الى ان يكون امر احالل رأس المال محل العمل مستبعد بدرجة كبيرة لذلك طالما ان عمل‬
‫العبيد اليكلف مالكيه االادنى قدر ممكن وهو ما اعاق تطور وسائل و ادوات االنتاج واعاق تطور الفنون‬
‫االنتاجية المستخدمة في العمليات االنتاجية في ظل النظام العبودي وهو االمر الذي يفسر االعتماد على العمل‬
‫العبودي في الحضارات القديمة اساسا في اقامة انشاءات ضخمة مثلتها االثار التي خلفتها هذه الحضارات سواء‬
‫في روما او اثينا وحتى في بابل وفي مصر والتي تم فيها استخدام مجهودات بشرية وكبيرة جدا من اجل اقامة‬
‫هذه االنشاءات االثرية و التي كان عمل العبيد االساس فيها وبدونه كان من المستحيل اقامتها بالوسائل و‬
‫االساليب الفنية السائدة انذاك ‪.‬‬
‫‪ .6‬التطور البطيء لالنتاج في النظام العبودي نتيجة ضعف التطور في وسائل و ادوات االنتاج وفي الطرق الفنية‬
‫المستخدمة في العمليات االنتاجية وبسبب االعتماد بشكل اساسي على عمل العبيد الذين كانت انتاجيتهم منخفضة‬
‫جدا وان االعتماد على كم اكبر من العبيد اي عدد متزايد منهم كاساس في االنتاج ودون االعتماد على ما‬
‫يحققونه من انتاجية في ظل انخفاض تكاليف عمل العبيد الى ادنى حد لها من ناحية وفي عدم وجود حافز بدفع‬
‫العبيد الى زيادة انتاجيتهم وانتاجهم النهم محرومين من ثمار انتاجهم عدا ما يوفر لهم العيش بحده االدنى اضافة‬
‫الى انهم محرومين من الحقوق االنسانية بأبسط صورها و التي من اهمها حريتهم وهو االمر الذي ترتب عليه‬
‫عدم تحقق زيادة ملموسة في االنتاج ومن ثم حصول تطور بطيء في االنتاج بسبب ذلك ‪ ,‬وهذا ال يعني عدم‬
‫حصول اي تطور في هذا االنتاج البل ان التطور في بعض النشاطات كان ملموسا كالنشاطات الحرفية مثال و‬
‫النشاطات الخاصة بالمبادالت و بالذات في الفترات االخيرة من النظام العبودي اال ان هذا التطور اتسم بالتطور‬
‫البطيء في الغالب ‪.‬‬

‫وقد اسهمت عوامل عديدة اضافة الى ما سبق وارتباطا بها في انحالل النظام العبودي و التي من بينها ‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ .1‬ان ا لفائض الذي يتحقق نتيجة النشاطات االقتصادية عموما و النشاطات االنتاجية خصوصا و الذي يذهب الى‬
‫االغنياء و االثرياء ومن ابرزهم مالك العبيد و المرابين ال يعيدون استخدامه في القيام بالنشاطات االنتاجية او‬
‫في تطوير هذه النشاطات بل انه يتم هدره وتبديده في مجاالت غير انتاجية وبالذات من خالل االستهالك الترفي‬
‫وتبديد جزء مهم من الفائض هذا في بناء القصور الضخمة واقامة المعابد و االنفاق الواسع على اقامة‬
‫االحتفاالت و المهرجانات وغيرها وبحيث ان ما يتم الحصول عليه من فائض للفئات هذه اصبح اليسد نفقاتها‬
‫في حاالت ليست بالقليلة وهو ما دغعها الى االقتراض من المرابين و الجهات االخرى التي تتعاطى االقراض‬
‫وبفوائد اثقلت كاهل هذه الفئات ‪.‬‬
‫‪ .2‬ان ضعف تطور االنتاج وانخفاض االنتاجية عموما وانتاجية العبيد خصوصا نتيجة عدم وجود الحوافز التي‬
‫تدغعهم الى زيادة انتاجيتهم نظرا النهم كانوا يفتقدون كل حقوقهم االنسانية ويتم التعامل معهم كاي شيء اخر‬
‫من االشياء التي يملكها المالك وحتى ان ما يتم توفيره لهم من متطلبات العيش بحدها االدنى لم تكن تكفي في‬
‫حاالت ليست بالقليلة حتى الحفاظ على حياتهم وهو االمر الذي يؤدي الى تناقص اعدادهم نتيجة لذلك بسبب‬
‫تعرضهم للجوع او الموت او هربهم الى المدن نتيجة الى اوضاعهم القاسية هذه ولظروف العمل القاسية التي‬
‫يؤدون فيها عملهم وبذلك اصبحت القوة االساسية المنتجة في ظل النظام العبودي وهي قوة عمل العبيد منخفضة‬
‫االنتاجية من ناحية وتتعرض للتناقص في اعدادها نتيجة ما سبق ‪.‬‬
‫‪ .3‬ان ضعف انتاجية عمل العبيد وتراجع اهميتهم في القيام بالنشاطات الزراعية اساسا و الحرفية والمنزلية وغيرها‬
‫من ناحية اخرى وزيادة متطلبات االنفاق الواسع و الترفي في الغالب و الذي يتسم بعدم العقالنية وما يتضمنه‬
‫من هدر وتبديد واسع للفائض الذي يحققه انتاج العبيد ولجوء مالك العبيد الى االقتراض وبالذات من المرابين‬
‫اتجهوا في حاالت ليست بالقليلة وبالذات في نهايات النظام العبودي هذا الى التوجه نحو تاجير امالكهم وبالذات‬
‫االرض الزراعية والحصول على مبالغ نقدية يستخدمونها في تلبية احتياجاتهم هذه وهو االمر الذي ادى الى‬
‫التقليل من االعتم اد على عمل العبيد في النشاطات عموما و في النشاطات الزراعية خصوصا وهو االمر الذي‬
‫افقد النظام العبودي االساس المهم لهذا النظام وهو عمل العبيد ‪.‬‬
‫‪ .4‬ان تراجع اهمية عمل العبيد نتيجة ما سبق ادى الى توسع النشاطات التجارية وبعض النشاطات الحرفية وبالذات‬
‫في المدن وخاص ة من خالل استخدام التجار وبعض الحرفيين لما تكون لديهم من موارد مالية في توسيع‬
‫النشاطات التجارية والحرفية في المدن وهو الذي اضعف بدرجة كبيرة قوة مالك العبيد وسلطتهم االقتصادية و‬
‫العسكرية والسياسية الصالح بدايات ظهور النشاطات التجارية و الحرفية وغيرها ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ .5‬الع وامل الخارجية التي اسهمت في انهيار النظام العبودي والتي تمثلت بالغزوات الخارجية وخاصة الغزوات‬
‫الجرمانية و السالفية وغيرها والتي غزت معاقل النظام العبودي وبالذات روما والتي ادت الى القضاء على‬
‫امبراطورية روما ونتيجة عوامل ضعفها وانحاللها الداخلية و التي كانت االساس في ضعف قدرة النظام‬
‫العبودي على توفير اسباب القوة التي تمكنه من مقاومة الغزوات الخارجية هذه ونتيجة الصراعات داخل النظام‬
‫العبودي وهو االمر الذي اتاح للغزوات الجرمانية احتالل اراضي امبراطورية روما وانتهاء اساسيات عمل‬
‫النظام العبودي مع سقوط امبراطورية روما رغم ان بعض بقايا النظام العبودي وبعض سماته الزالت قائمة‬
‫وموجودة حتى وقت قريب في العديد من مناطق العالم وحتى ان االمم المتحدة في منتصف القرن الماضي‬
‫اتخذت قرارا ضد العبودية النها تتنافى مع حقوق وحريات االنسان االساسية وهو االمر الذي يوءكد استمرار‬
‫وجودها ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫مراحل تطور النظام الرأسمالي‬

‫المبحث األول‬
‫النظام اإلقطاعي‬

‫النظام االقطاعي‬
‫يطلق النظام االقطاعي على النظام االقتصادي الذي ساد في القرون في اوروبا ومن ثم في المناطق و الدول‬
‫االخرى وان كان بمدى وطبيعة وسمات مختلفة عن المدى و الطبيعة و السمات التي تضمنها االقطاع الذي ساد اوروبا‬
‫والسباب وعوامل عديدة‪.‬‬
‫وقد ساد النظام االقطاعي في نهاية القرن الخامس الميالدي واستمر حتى القرن الخامس الميالدي في اوروبا‬
‫واستمر بعد ذلك في العديد من الدول و المناطق االخرى وبالذات في اسيا ‪ ,‬وان العوامل التي اسهمت في انحالل و انهيار‬

‫‪21‬‬
‫النظام العبودي هي ذاتها التي اسهمت في نشوء النظام االقطاعي والتي تمثل اهمها في عوامل الضعف في النظام العبودي‬
‫وانحالله داخليا و الغزو الخارجي و الذي تمثل ابرزه في غزو القبائل الجرمانية المبراطورية روما ونشوء النظام‬
‫االقطاعي على اعقابها حيث لم يعد انتاج العمل العبودي في المراحل االخيرة من النظام العبودي وخاصة في روما كافيا‬
‫لسد مطالب الدولة واحتياجاتها والتي كانت تتمثل بدولة المدينة وهي التي تعتبر الحالة االبرز للنظام العبودي حيث زادت‬
‫في دولة روما النفقات البذخية بدرجة كبيرة وبحيث ان المشكالت و الصعوبات االقتصادية الداخلية وتحلل الطبقات‬
‫الحاكمة وطفيليتها وضعفها وتفسخها وهجمات القبائل البربرية الجرمانية ادت الى انهيار النظام العبودي بفعل العوامل‬
‫الداخلية والخارجية هذه ونشوء النظام االقطاعي والذي تمثل بفترتين اساسيتين هما ‪:‬‬
‫‪ .1‬الفترة الممتدة من نهاية القرن الخامس الميالدي الى القرن الحادي عشر الميالدي والذي اتسم بكونه اقتصاد ضيعة مغلق و‬
‫الذس ساد في اوروبا و بالذات في الريف االوروبي الذي اتسم بسيطرة الريف واهمية الزراعة واالنتاج الزراعي وارتباط‬
‫الحرف و المبادالت بالزراعة في ظل اقتصاد طبيعي يستهلك ما ينتج وينتج ما يستهلك و الذي مثل النظام االقطاعي بابرز‬
‫اشكاله ومضامينه ‪.‬‬
‫‪ .2‬الفترة التي امتدت من القرن الحادي عشر وحتى القرن الخامس عشر و التي بدأت فيه عناصر النظام االقطاعي ومضامينه‬
‫في التحلل و الضعف و التي مثلت بدايات نشوء النظام الرأسمالي ومن اهمها بروز اهمية االقتصاد الحرفي و التبادل و‬
‫التجارة ونشوء المدن وزيادة اهميتها واستقالل الحرف و المبادالت التجارية عن الزراعة التي تراجعت اهميتها في هذه‬
‫الفترة ‪.‬‬

‫وعموما فان اقتصاديات اوروبا في ظل النظام االقطاعي الذي ساد في القرون الوسطى كانت اقتصادات زراعية‬
‫بالدرجة االولى حيث تعتمد على الزراعة اساسا وان الريف ونشاطه الزراعي كانا هما االهم في عمل هذه االقتصادات‬
‫في حين ان المدن كانت راكدة وضعفت مساهمتها في النشاطات االقتصادية حيث تم تدمير الكثير من نشاطاتها الحرفية‬
‫وكذلك تم القضاء على الكثر من المبادالت التي تتم فيها ن تيجة القيود والحدود و العوائق التي تحد من المبادالت بين‬
‫االقاليم و االقطاعيات واستمر هذا حتى القرن الحادي عشر حيث بدأت النشاطات الحرفية و التجارية بالتطور وبدا‬
‫الضعف في نظام الضيعة المغلقة وهو ما مهد االساس لبدايات نشوء النظام الرأسمالي الحقا ‪.‬‬
‫ان بدايات نشوء وتشكل النظام االقطاعي تعود الى المراحل االخيرة للنظام العبودي وبالذات في روما التي‬
‫كانت تمثل الحالة االبرز لهذا النظام حيث ان الزراعة التي كانت تعتبر النشاط االقتصادي االساسي اصبحت غير مجدية‬
‫في تلك المراحل االخيرة بسبب انخفاض انتاجية العبيد التي ال يوجد ما يحفزهم على زيادتها الفتقارهم البسط حقوقهم‬
‫االنسانية ولظروف عيشهم وعملهم القاسية من ناحية وبسبب تزايد متطلبات مالكي العبيد لالنفاق والذي هو في الغالب‬

‫‪22‬‬
‫ترفي تبديدي وهو ما نجم عنه تنازل مالكوا االرض الى المنتجين ( الفالحين ) بالسماح لهم بزراعة االرض مقابل اداء‬
‫التزامات يؤدونها لمالكها وهو الذي نجم عنه ظهور ما اطلق عليه ارقاء االرض او قنانة االرض وو االمر الذي شكل‬
‫المقدمة االساسية الداخلية لنشوء النظام االقطاعي ‪.‬‬
‫واسهمت العوامل الخارجية بانهيار النظام العبودي اضافة الى العوامل الداخلية االساسية وكان ابرزها غزو‬
‫القبائل البربرية و القبائل الجرمانية بالذات لالمبراطورية الرومانية وهو االمر الذي نجم عنه انتشار عدم الطمانينة ز‬
‫الهجرة من المدن التي استوطن فيها الحرفيون و العبيد الهاربين من قسوة النظام العبودي وخاصة في مراحله االخيرة وقد‬
‫رافق ذلك قيام الجرمان الى تنصيب قادتهم حكاما على االقاليم التي يحكمونها وهو االمر الذي مثل االساس الفعلي لنشوء‬
‫وتشكل النظام االقطاعي باعتبار ان هادى الى زوال السلطة المركزية من الناحية الواقعية حيث ان حكام االقاليم او الوالة‬
‫الذين تولوا ادارتها اخذوا يمارسون سلطات الحكومة المركزية في الواقع رغم بقاء السلطة المركزية من الناحية النظرية‬
‫و القانونية و الذين اصبحوا السادة و الحكام لالقاليم التي تولوا ادارتها وحكمها اي انهم اصبحوا االقطاعيين لالقطاعيات‬
‫التي تمثلها االقاليم هذه ‪ ,‬وقد تم ذلك من خالل ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬ممارستهم لسلطات مباشرة على االقاليم اة االقطاعيات التي اصبحت تابعة لهم واصبحت ممارستهم لهذه السلطات وراثية مع‬
‫توارث االلقاب التي حصلوا عليها و التي راقفقت ممارستهم هذه وارتبطت بها ‪.‬‬
‫‪ .2‬قيامهم بممارسة سلطة مباشرة على وحدات الجيش التي كانوا يقودونها والتي احتفظوا بها وهو االمر الذي اسهم في تقوية‬
‫سلطتهم واضعاف سلطة الدولة المركزية على الجيش وقاد فيما بعد الى االستعانة بوحدات الجيش التابعة الى السادة (‬
‫االقطاعيين ) عند حاجة السلطة المركزية لذلك ‪.‬‬
‫‪ .3‬انشاء محاكم خاصة تابعة لهم وفي االقطاعية اي االقليم الذي تم اقتطاعه الدارته وحكمه من قبل االمراء الذين اصبحوا‬
‫السادة لالقليم اي االقطاعية ‪.‬‬
‫‪ .4‬قام هؤالء بتاكيد سلطتهم على االقاليم التي اقتطعت الدارتها وحكمها من قبلهم كأقطاعيات باالستيالء على االرض من‬
‫الفالحين االحرار الذين كانوا يملكونها عند غزو الجرمان اضفة الى سيطرتهم على االراضي في المقاطعة او االقليم الذي‬
‫خضع الدارتهم وحكمهم وسيطرتهم رغم ان ملكية االرض بقيت نظربا وقانونيا تابع لالمبراطور الذي يمثل الحكومة‬
‫المركزية ‪.‬‬
‫‪ .5‬تم تطبيق نظام بديل عن نظام الرق الذي كان سائدا في النظام العبودي وهو نظام رقيق االرض و الذي يقوم على اساس‬
‫ادئهم التزامات معينة مقابل حمايتهم لهم وادارة شؤونهم ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وبذلك يتضح بأن نشوء النظام االقطاعي وتشكله باعتباره نظام عملي فرضته الظروف و االوضاع التي سادت‬
‫اثر انهيار روما و التي تمثلت برغبة المجتمعات المحلية اي مجتمعات االقاليم ( المقاطعات ) باالستعاضة عن سلطة‬
‫الحكومة المركزية التي ضعفت بعد الغزو الجرماني بسلطات االقاليم من اجل توفير الحماية و االستقرار لالقاليم بعد ان‬
‫عجزت السلطة المركزية عن توفيرها نتيجة ضعفها وهو االمر الذي رافق تنازل صغار الفالحين عن اراضيهم طوعا‬
‫احيانا واكراها واجبارا في معظم االحيان لصالح من يحكمون ويتولون ادارة اقليمهم و الذين اصبحوا المالكين الفعليين‬
‫الراضي االقليم اي المقاطعة او االقطاعية و التي اصبح هؤالء الحاكمين نتيجة لذلك هم االقطاعيين في االقطاعيات اي‬
‫االقاليم ومقابل حمايتهم وضمان امنهم و رغبة في التخلص من دفع الضرائب التي كانت تتم المغاالة في فرضها على‬
‫صغار الفالحين هؤالء الذين فقدوا بذلك حريتهم واستقاللهم وخضعوا لسيطرة وسلطة السادة االقطاعيين وقد تطلب هذا‬
‫التحول القرنين التاسع و العاشر الميالدي في ظل االعتماد على السادة االقطاعيين في ادارة شؤون االقاليم اي االقطاعيات‬
‫التي تخضع لسيطرتهم وسلطانهم الذي اخذت تقوى فعليا عليها وتقل معه سلطة الحكومة المركزية الفعلية باستمرار ‪.‬‬

‫ونتيجة لما سبق تشكل في النظام االقطاعي انقسام طبقي تمثل في ‪:‬‬
‫‪ .1‬نشوء و تشكل الطبقات المالكة لالراضي و التي مثلها السادة االقطاعيين في الواقع الفعلي ومن ينوب عنهم فيما بعد حيث‬
‫منح هؤالء السادة االراضي الدارتها وتنظيم استغاللها لتابعيهم من القادة المحليين في االقليم والذين اصبحوا يمارسون فعليا‬
‫السلطة على االجزاء التي اقتطعت الدارتها منقبلهم وبذلك تحول االقليم من اقطاعية كبيرة الى اقطاعيات تمثلها االجزاء‬
‫داخل االقليم ‪.‬‬
‫‪ .2‬اقنان االرض‪:‬وهم الذين يرتبطون باالرض ويقومون بالعمل الزراعي في االقطاعية حيث ان القنانة هي الحالة بين العبودية‬
‫( الرق ) و الحرية وانها تمثل درجة متقدمة من التنظيم االجتماعي مقارنة بالعبودية حيث ان العالقة بين العبد ومالكه هي‬
‫عالقة ملكية يملك بموجبه المالك عبده كملكيته الي شيء اخر يملكه في حين ان العالقة بين قن االرض و السيد االقطاعي‬
‫هي عالقة تبعية اقتصادية و شخصية اي انه مرتبط اقتصاديا به من خالل عمله في االرض التي يحكمها السيد االقطاعي‬
‫وانه تابع لالرض اي انه اليستطيع ترك االقطاعية وانه ينتقل مع االرض بانتقالها من مالك الخر اي من سيد ( اقطاعي )‬
‫الى سيد ( اقطاعي اخر ) وبذلك فان تبعيته للسيد هي تبعية غير مباشرة من خالل تبعيته لالرض التي يسطر عليها السيد‬
‫االقطاعي في حين ان ملكية العبد هي عالقة تبعية مباشرة من خالل ملكية مالك العبد للعبد ذاته ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ .3‬طبقة الفالحين االحرار المستقلون وغير التابعين والذين تحولوا الى اقنان مرتبطين باالرض وتابعين للسيد االقطاعي بسبب‬
‫تنازلهم عن اراضيهم له مقابل تأمين حمايته لهم بسبب افتقاد االمن المرتبط بالغزوات والنزاعات الخارجية منها وتلك التي‬
‫تحصل بين االقاليم و المناطق المحلية وبذلك فقدوا حريتهم و استقاللهم واصبحوا تابعين للسيد االقطاعي ‪.‬‬

‫واراضي االقطاعية تتكون من قصر السيد االقطاعي و الذي كان محاطا باالسوار في الغالب تأمينا لحمايته ولتسهيل‬
‫الدفاع عنه و الذي يضم في داخله كافة المرافق التي تؤمن للسيد االقطاعي متطلباته من مخازن للغالل وورش لتأمين‬
‫احتياجاته الغذائي ة كما في الحبوب و المنتجات الحرفية وما الى ذلك وبجواره وفي جوانبه تنتشر دور الفالحين وتحيط به‬
‫االراضي االقطاعية التي تتكون من ‪:‬‬
‫‪ .1‬االراضي الصالحة للزراعة و التي تتم زراعتها فعليا و التي هي عبارة عن ملكية اقطاعية تتم زراعتها من خالل عنل اقنان‬
‫االرض المجاني اي السخرة ‪.‬‬
‫‪ .2‬اراضي االقنان والتي هي قطع صغيرة جدا وتتم زراعتها من قبل االقنان مقابل دفع حصة عينية للسيد االقطاعي مقابل‬
‫السماح لهم باستغاللها اصبح فيما بعد هذا المقابل نقديا ‪.‬‬
‫‪ .3‬المراعي و التي تتكون من المراعي المفتوحة بشكل مستمر لالنتفاع بها من قبل عامة الناس و التي تمثلها الغابات و المراعي‬
‫التي تفتح في اوقات معينة و التي تمثلها المراعي بعلف الحيوانات وغيره وحيث يتم االنتفاع منها في االوقات المعينة‬
‫باشراف السيد االقطاعي وبتوجيهه وموافقته ‪.‬‬

‫وفي ظل النظام االقطاعي هذا تبرز اهمية قنانة االرض في استغالل االرض و االنتفاع منها و التي كانت بموجبه‬
‫الزراعة تمثل النشاط االساسي في هذا النظام حيث يؤدي االقنان التزامات تجاه السيد االقطاعي و التي ينظمها العرف و‬
‫التقاليد التي كانت سائدة انذاك و المحكومة بالقوة االقتصادية التي تتمثل بعائدية االرض الفعلية له وسيطرته السياسية‬
‫المدعومة بالقوة العسكرية بسيطرته على الجيش و كذلك القضاء وما الى ذلك اضافة الى ما يوفره السيد االقطاعي من‬
‫حماية لهم ومن ادارة شؤونهم وفض نزاعاتهم ومن بين االلتزامات التي يؤديها اقنان االرض للسيد االقطاعي ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬العمل المجاني الذي يؤديه اقنان االرض لزراعة ارض السيد االقطاعي والذي يتراوح بين ثالثة الى خمسة ايام في االسبوع‬
‫وبالذات في المراحل االولى من النظام االقطاعي رغم ان ذلك يختلف من حالة الى اخرى وحسب ظروف و طبيعة واوضاع‬
‫كل من الحاالت هذه ‪.‬‬
‫‪ .2‬العمل االضافي الذي ك ان يؤديه اقنان االرض مجانيا في االوقات التي تتطلب اعمال اكثر في ارض السيد االقطاعي كما هو‬
‫عليه الحال في مواسم حراثة االرض او بذارها او حصادها و التي تتطلب عمال يتجاوز العمل العادي المستمر المطلوب‬
‫لزراعة ارض السيد االقطاعي ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ .3‬مقابل عيني يقدمه القن الى السيد االقطاعي من انتاج االرض التي يقوم القن بزراعتها لحسابه الخاص و الذي هو عبارة عن‬
‫مقدار او نسبة معينة من االنتاج الزراعي و الذي يتجلوز في اغلب الحاالت نصف هذا االنتاج رغم ان العرف و التقاليد هي‬
‫التي تحكم ذلك والتي تحددها طبيعة تبعية قن االرض لسيده االقطاعي و التي تختلف من حالة الى اخرى و نبعا لالوضاع‬
‫والظروف التي تحيط بكل حالة منها ‪.‬‬
‫‪ .4‬ضرائب مختلفة ( اتاوات ) يدفعها االقنان للسيد االقطاعي وبالذات المرتبط منها بمناسبات معينة كالزواج و النيراث وما الى‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫وعادة يتم اداء االلتزامات هذه من وكالء للسيد االقطاعي تكون مهمتهم االشراف على تفيذ اداء هذه االلتزامات ومنحهم‬
‫صالحيات تمكنهم من ذلك و اعفائهم من اعمال السخرة وبعض االلتزامات االخرى وحسبما يحدده السيد االقطاعي في‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫وتعددت طرق الزراعة في النظام االقطاعي وحسب اوضاع وظروف كل حالة من حاالته ومن بين هذه الطرق ‪:‬‬
‫‪ .1‬نظام الحقل الواحد الذي يتم بموجبه استغالل االرض الزراعية المعينة بصورة مستمرة لحين انخفاض خصوبتها و االنتقال‬
‫منها الى اراضي زراعية اخرى ‪.‬‬
‫‪ .2‬نظام الحقلين حيث يتم زراعة احدهما في سنة معينة و تركه في السنة التالية بدون زراعة وزراعة الحقل االخر وبذلك تتم‬
‫زر اعة احد الحقلين في كل سنة وبحيث اليزرع الحقل الواحد سوى مرة واحدة كل سنتين من اجل اراحته واستعادة خصوبته‬
‫‪.‬‬
‫‪ .3‬نظام الحقول الثالث حيث يزرع الحقل المعين سنتين متتاليتين و يترك بدون زراعة في السنة الثالثة الراحته واستعادة‬
‫خصوبته اي انه تتم زراعة حقلين سنويا ويترك الثالث بدون زراعة وبحيث تنظم زراعة الحقول الثالث بما يضمن عدم‬
‫زراعة الحقل اال مرة واحدة كل ثالث سنوات وهو ما يحقق استغالل افضل لالرض الزراعية بزراعة ثلثيها في ظل هذا‬
‫النظام ( حقلين من الحقول الثالث ) بدال من نصفها في نظام الحقلين اضافة الى ان زراعة الحقل لسنتين متتاليتين يمكن ان‬
‫يتم بزراعة محاصيل مختلفة في كل سنة منها ‪.‬‬

‫وقد كان للكنيسة دور مهم في النظام االقطاعي حيث اندمجت به واصبحت تكون جزءا مهما منها حيث كان االمبراطور‬
‫الذي يمثل السلطة المركزية الدنيوية و الكنيسة السلطة الدينية والروحية و الكنيسة من الناحية النظرية على االقل كانت‬
‫تمثل السلطة العليا الن سلطة الحكم المركزية وما يرتبط بها ينبغي ان تخضع للدين وللكنيسة التي تمثله اال ان السلطة‬
‫الفعلية في معظمها كانت بيد السادة االقطاع الذين يحكمون ويديرون االقاليم و االقطاعيات رغم ان االقطاعيات نظريا‬
‫تتبع االمبراطور من الناحية الدنيوية و الكنيسة من الناحية الدينية ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ان ما سبق يبين ان هنالك العديد من السمات التي اتسم بها النظام االقطاعي ومنها ‪:‬‬
‫‪ .1‬ان الزراعة اصبحت االساس في عمل االقتصاد في النظام االقطاعي وذلك نتيجة تدهور المبادالت بسبب افتقاد االمن و‬
‫االستقرار و القيود التي تحد من هذه المبادالت بين االقاليم سواء الضريبية منها التي تفرضها االقطاعيات او االدارية‬
‫وغيرها وكذلك تدهور الحرف بفعل التدمير الذي تعرضت له النشاطات الحرفية وبالذانت ما هو قائم منها في المدن وهو‬
‫االمر الذي ادى الى زيادة دور الريف وتراجع دور المدينة وبحيث ان ما تبقى من حرف ومبادالت ارتبط اساسا بالنشاط‬
‫الزراعي االساسي في هذا النظام وفي الريف في معظمه وهو االمر الذي ساد في المراحل االولى من النظام االقطاعي ‪.‬‬
‫‪ .2‬ان اقتصاد االقطاعية مثل الوحدة االقتصادية االساسية فيه والتي تتكون من منطقة ( مقاطعة ) اي اقطاعية يقع في وسطها‬
‫قصر السيد المحصن و المنيع والمحمي والذي يمكن اللجوء اليه في حالة الحاجة وتحيط به االراضي الزراعية و المراعي‬
‫والغابات التي يتم استخدامها واستغاللها و االنتفاع منها لتحقيق االكتفاء الذاتي لالقطاعية وبالذات تلبية احتياجات السيد‬
‫االقطا عي اوال واحتياجات التابعين له في االقطاعية ثانيا وباقل قدر من المبادالت والتي كانت تتم بشكل مبادالت عينية‬
‫وليست نقدية غالبا وحتى في حالة وجود مثل هذه المبادالت فانها تتم داخل االقطاعية و الحرف التي توجد في االقطاعية‬
‫تخدم ذلك وبهذا فأن المبادالت والحرف ترتب ط بالزراعة و القرية و االقطاعية التي تتكون من قرية او اخرى عديدة اي ان‬
‫االقتصاد في ظل النظام االقطاعي هو اقتصاد مغلق و بالذات في مراحله االولى وحتى القرن الحادي عشر حيث تكاد تقتصر‬
‫المبادالت بين االقطاعيات على حاالت الضرورة القصوى و التي ترتبط بنقص المواد الغذائية وحصول مجاعات فيها ‪.‬‬
‫‪ .3‬بما ان االقتصاد في النظام االقطاعي كان اقتصادا مغلقا وهدفه تلبية االستهالك الذاتي اساسا فأن فكرة الربح كانت غير‬
‫منتشرة وغير سائدة ما دام هدف االنتاج االستهالك المحلي وليس الربح وهو االمر الذي ادى الى تقليل الحافز و السعي لبذل‬
‫ج هود اكبر في سبيل تحسين وتحديث الزراعة وزيادة انتاجها وهو االمر الذي ترتب عليه جمود وتأخر طرق الزراعة‬
‫وضعف تطور ادوات ووسائل االنتاج المستخدمة فيها وخاصة في ظل عدم استخدام الفائض الذي يحصل عليه السيد‬
‫االقطاعي بتطوير و تحديث طرق ووسائل وادوات االنتاج من ناحية وضعف قدرات الفالحين وبالذات االقنان منهم على‬
‫القيام بمثل هذا التطوير وهو االمر الذي اعاق تطور الفنون واالساليب االنتاجية المستخدمة في الزراعة وضعف تطور‬
‫انتاجها ‪.‬‬
‫‪ .4‬ان الطرق التي تم اتباعها في زراعة االرض وبالذات من خالل نظام الحقلين والثالثة حقول ادت الى تشتت جهود الفالحين‬
‫في زراعة هذه الحقول وضياع وقت كبير في االنتقال اليها ومن حقل الى اخر فيها اضافة الى ما تمثله هذه النظم من عدم‬
‫استخدام جزء من االرض استخدام مستمر وهو ما نجم عنه ضعف درجة االنتفاع منها وانخفاض ما يتحقق من انتاج نتيجة‬
‫الستغاللها ‪.‬‬
‫‪ .5‬ان العال قات بين السيد االقطاعي وبين تابعيه كانت تخضع لعرف و التقاليد والعادات احكومية بالقوة في جوانبها االقتصادية‬
‫و العسكرية والسياسية التي تمثلها سيطرة االقطاعي على هذه الجوانب وبالتالي فأن العالقات هذه هي عالقات تبعية بين‬

‫‪27‬‬
‫التابعين وهم اقنان االرض وبين المتبوع وهو السيد االقطاعي بسبب سيطرته وقوته وبالتالي فان هذه العالقات غير حرة‬
‫وغير خاضعة لعقود تنظم هذه العقود بشكل حر ولذلك كان التابعين ( االقنان ) يقومون باعمال السخرة للسيد االقطاعي ودفع‬
‫حصة من االنتاج الذي يتحقق لحسابهم الخاص وااللتزامات االخرى لضافة الى التزامهم بالدفاع عن االقطاعي عندما يتطلب‬
‫االمر ذلك وكل هذا مفروض عليهم وبدون اختيارهم وارادتهم الحرة بحكم تبعيتهم لسيدهم االقطاعي ‪.‬‬
‫‪ .6‬ان الفن االنتاجي المستخدم كان في الغالب بدائيا في النظام االقطاعي وتستخدم فيه االالت المستعملة منذ فترات زمنية سابقة‬
‫ليست بالقصيرة ولم يكن هنالك تقدم ملموس في الفن االنتاجي سواء في طريقة االنتاج او في الوسائل و االدوات التي تستخدم‬
‫في النشاطات االقتصادية والتي تمثل الزراعة االساس فيها والتي ترتبط بها بقية النشاطات الحرفية والتبادلية المحدودة وهذا‬
‫اليعني عدم حصول تطور في ذلك بل ان بعض التطور قد تحقق فيه من خالل استخدام المحراث الحديدي و االدوات‬
‫االخرى واستخدام قوى الحيوان في االنتاج والجر و الحرث و الدراس واستخدام بعض القوى الطبيعية كطواحين الهواء‬
‫والماء وما الى ذلك اال ان هذا التطور كان محدود بسبب ضعف قدرة المنتج الزراعي وضعف امكاناته بما في ذلك المالية‬
‫على احداث تطوير ملموس في القن االنتاجي كما ان السادة االقطاعيين لم يكونوا بحاجة الى تطوير افنون االنتاجية هذه‬
‫وذلك بسبب اعتمادهم على العمل الذي يوفره اقنان االرض في اقطاعياتهم وفي تلبية احتياجاتهم وبالشكل الذي ال يحفزهم‬
‫هذا على تطوير طرق ووسائل االنتاج المستخدمة انذاك ‪.‬‬
‫‪ .7‬ضعف المبادالت والنشاطات التجارية سواء بين االقطاعيات داخل اوروبا او مع الخارج بسبب القيود والعوائق التي كانت‬
‫تحد من هذه المبادالت و التي تفرضها االقطاعيات سواء المالية منها او التحديد الكمي واالكتفاء بالحد االدنى التي تتطلبها‬
‫الضرورات كحصول انخفاض في المحاصيل الغذائية وغيرها ‪ ,‬كذلك ضعفت المبادالت بين اوروبا و الشرق نتيجة زيادة‬
‫نشاط العرب المسلمين وسيطرتهم على المناطق التي كانت اوروبا تتاجر فيها خاصة وان فتوحاتهم ومما حققوه من‬
‫انتصارات ادى الى زيادة خشية االوروبيين وزادت من شعورهم بالمخاطر التي دعتهم الى تقليص تجارتهم مع الخارج‬
‫والحد منها وهو االمر الذي تطلب محدودية المبادالت في ظل نظام االقطاع الذي يتسم باالكتفاء الذاتي اي الذي يكفي نفسه‬
‫بنفسه خاصة وان المبادالت هذه بحكم كونها محدودة فانها تتم في الغالب بشكل عيني ( مقايضة ) اي مبادلة سلعة بسلعة‬
‫ودون حاجة واسعة الستخدان النقود ولذلك فأن االقتصاد كان اقتصادا عينيا في معظمه وان استخدان النقود فيه كان محدودا‬
‫‪.‬‬
‫‪ .8‬ان الصناعة اليدوية التي وجدت في النظام العبودي السابق و بالذات في المدن وخاصة في روما قد تدهورت واربط تدهورها‬
‫وتراجعها بتحول المدن الى ما يشبه القرى الزراعية نتيجة التخريب الذي لحق بها بسبب الغزو الجرماني لروما وان جاجة‬
‫السادة االقطاعيين الى المنتجات الحرفية من اسلحة وثياب وسلع اخرى كان يتم في الغالب من خالل الورش الحرفية البسيطة‬
‫االقطاعية وفي القصور التي تعود للسادة االقطاعيين وحيث كانت الصناعة في هذه الورش هي صناعة يدوية اساسا وتعتمد‬
‫على الجهد البشري واليت االنتاج فيها الغراض السوق ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫اال ان هنالك عوامل عديدة اسهمت في انحالل و انهيار النظام االقطاعي ( نظام الضيعة المغلق ) و بالذات في الفترة بين‬
‫القرن الحادي عشر و الخامس عشر الميالدي ومنها ‪:‬‬
‫‪ .1‬التحول من االقتصاد العيني الى االقتصاد النقدي و الذي تمثل اسا في حاجة السادة االقطاعيين للتوسع في انفاقهم لتلبية‬
‫متطلبات هذا االنفاق والذي هو ترفي وتبديدي في الغالب و الذي توسع بدرجة كبيرة عبر الزمن وهو االمر الذي اضطرهم‬
‫الى فرض مقابل نقدي على االقنان بدال من المقابل العيني وبدال من عمل السخرة في المراحل االخيرة من النظام االقطاعي‬
‫واستخدام هذا الفائض النقدي في انفاق السادة االقطاعيين على ما يلبي متطلباتهم التي اتسعت باستمرار وهذا ادى بالضرورة‬
‫الى قيام التابعين ( االقنان ) الى زراعة االرض بمزروعات نقدية اي مزروعات تزرع ويباع انتاجها في السوق بمقابل نقدي‬
‫وهو ما اسهم في تحرير االقنان من عمل السخرة باستخدام النقود التي يحصلون عليها من انتجهم بدفع النقود عن قيامهم‬
‫بالعمال السخرة وكذلك بدال عن المقابل العيني الذي كانوا يدفعونه من االرض التي يزرعونها لحسلبهم الخاص وبذلك تغيرت‬
‫طبيعة العالقة التي كانت عالقة تبعية من تبعية القن لالرض التي يعمل فيها وتبعية االرض للسيد االقطاعي بتحولها الى‬
‫عالقة جديدة تكاد تشبه بدرجة كبيرة العالقة بين المالك والمستأجر وهو االمر الذي اسهم في ضعف النظام االقطاعي الذي‬
‫استند اساسا الى عمل عبيد االرض ( االقنان ) في نشاطاته والتي تتمثل بالزراعة وما يرتبط بها من نشاطات اخرى سواء‬
‫كانت مبادالت او حرف ‪.‬‬
‫‪ .2‬التطور في النشاطات الحرفية وفي المبادالت والذي ادى الى اعادة الدور الذي تؤديه المدن في القيا مبالنشاطات هذه الحرفية‬
‫منها والتجارية وما تتضمنه من مبادالت سواء كانت داخلية او خارجية وهذا التطور في المدن ارتبط بهجرة العديد من‬
‫االقنان سواء المزارعين منهم او الحرفيين بالذات الى المدن وامتهانهم الحرف ‪ ,‬واخذت ممارسة الحرف هذه تتم من خالل‬
‫نظام الطوائف او الحرف للحد من خطر المنافسة فيما بينهم حيث تحدد ممارستها وانتاجها واسعارها وجودتها وفض‬
‫المنازعات وما الى ذلك اضافة الى ان التوسع في االنتاج النقدي و المبادالت النقدية وسع المبادالت في المدن وهو االمر‬
‫الذي اسهم في تطور هذه المدن بتطور النشاطات االقتصادية هذه وبالذات في القرنين الحادي عشر و الثالث عشر حيث‬
‫ازداد عدد السكان فيها بزيادة الهجرة المستمرة اليها من الريف وقيام اسواق واسعة فيها يتم مبادلة المنتجات الزراعية النقدية‬
‫و المنتجات الحرفية فيها واصبحت المدينة تزود الريف بالمنتجات الحرفية ويزود الريف المدينة بالمنتجات الغذائية الزراعية‬
‫اضافة الى ان المدن هذه اصبحت مركز جذب المراء االقطاع والنبالء وغيرهم من االغنياء لتوفر الراحة وسهولة العيش‬
‫فبها وتأجير ملكياتهم الزراعية الواسعة مقابل ايجار نقدي وهو االمر الذي اضعف النظام االقطاعي واسهم في انحالله‬
‫وانهياره ‪.‬‬
‫‪ .3‬ظهور الدول المركزية القومية في معظم دول غرب اوروبا كانكلترا و اسبانيا و البرتغال وفرنسا و السويد وهولندا وتبعتهم‬
‫بقية الدول االوروبية كالمانيا وايطاليا ‪ ,‬وقد مثل ظهور الدول القومية هذه علمال مهما في اضعاف السلطات المحلية التي‬
‫مثلها االقطاع لصالح السلطات المركزية للدول القومية هذه وبالذات من خالل تحالف وجهاء المدن وبالذات التجار و‬

‫‪29‬‬
‫الحرفيين مع السلطات المركزية ضد سلطات االقطاع الن هذا التحالف يتيح تحقيق توسع في نشاطاتهم التي كانت سلطات‬
‫االقطاع تحد من توسعها ‪ ,‬وتماشيا مع االنبعاث القومي في حينه وبحيث تم نتيجة لذلك االنتقال من الوالء للسادة االقطاعيين‬
‫الى الوالء الى السلطة المركزية التي يمثلها الملك وبحيث اصبح الجبش مركزيا اساسا وحلت الضرائب التي تفرضها السلطة‬
‫المركزية محل الضرائب التي يفرضها االقطاع وحلت المحاكم التابعة لدولة المركزية محل المحاكم االقطاعية واستبدلت‬
‫سلطة الملوك المركزية محل سلطات االقطاع وهو االمر الذي اسهم في انحالل وانهيار النظام االقطاعي ‪.‬‬
‫‪ .4‬الحروب الصليبية التي اسهمت في انحالل وانهيار النظام االقطاعي نظرا الن هذه الحروب واستمرارها وتأمين متطلباتها‬
‫اقتضى الحاجة الى تقوية السلطات المركزية والذي يعني بالمقابل اضعاف سلطات االقطاع المحلية وبالتنازل عن امتيازاته‬
‫وانتقاله الى المركز الذي مثلته الدول القومية حيث الحاجة الى تركز سلطات التعبئة و االعداد للحرب وخوضها لدى‬
‫السلطات المركزية لتكوين جيوش مركزية دائمية تحل محل جيوش االقطاعيات خاصة وان هذه الجيوش التي وجهتها اوروبا‬
‫لمحاربة ا لشرق اعتمدت بدرجة مهمة على ارقاء االرض وبالذات الهاربين من االقطاعيات واخذت الحكومات المركزية‬
‫تفرض الضرائب وتقوم باصدار النقود لتمويل هذه الحروب وقد انتزعت كل هذه التوجهات سلطات االقطاع لصالح السلطات‬
‫المركزية وهو ما اسهم في ضعف وانحالل وانهيار النظام االقطاعي ‪.‬‬

‫وقد يكون ضروريا االشارة الى ان هذه الحروب اعادت العالقات بين الشرق و الغرب وان هذه العالقات التي هي ذات‬
‫طبيعة تجارية دولية اساسا ادت الى ازدهار المدن القديمة ونشوء مدن جديدة وخاصة المدن االيطالية واخذت اوروبا‬
‫تستورد التوابل و المواد االولية و القطن والحرير و المطاط من الشرق وتصدر اليها االسلحة و المنسوجات وتطور‬
‫السلطات المركزية وتطور المدن والنشاطات التجارية فيها و الخارجية منها خصوصا اضافة الى تطور النشاطات‬
‫الحرفية التي اسهم توسع التجارة و المبادالت التجارية في تطورها ‪ ,‬كل هذا اسهم في تراجع دور الزراعة والريف‬
‫لصالح النشاطات التجارية والحرفية و المدنية و هو ما اسهم في ضعف وانحالل ومن ثم انهيار النظام االقطاعي ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫مراحل تطور النظام الرأسمالي‬

‫‪30‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫مراحل تطور النظام اإلقتصادي الرأسمالي‬

‫مفهوم النظام الرأسمالي‬

‫من المعروف أن النظام الرأسمالي اشتد ساعده في القرن التاسع عشر من خالل انتصار البورجوازية األوربية على‬
‫األنظمة اإلقطاعية المستندة على الكنيسة واستولت على السلطة السياسية في اغلب البالد األوربية وهذه األخيرة فسحت‬
‫اآللي الضخم ال تعمل بكفاءة تحت‬ ‫لهم المجال النطالق النظام الرأسمالي وتطوره الن الصناعة التي تقوم على اإلنتاج‬
‫نظام سياسي مثل الملكية المطلقة أو تحت نظام إقطاعي فكان القرن التاسع عشر عصر تنمية رأسمالية عصر ثورة‬
‫ديمقراطية ليبرالية تسعى لتخرج العالم كله من التخلف االجتماعي ومن خالل هذا المنطلق أصبح العالم كله مؤهال للتوحد‬
‫في اطر نظام اقتصادي شامل ومتقدم على األنظمة السابقة فكان للرأسمالية فضال في تفجير ثورة علمية قادتها بفضل‬
‫الجامعات بعد تخلصها من قبضة الكنيسة فكان التعبير الحي عن الطموحات وأماني تلك المرحلة‪.‬‬

‫الجذور الفكرية للرأسمالية‬


‫فهي في األصل قامت على شيء من فلسفة الرومان القديمة وقد ظهر جليا من خالل امتالكها القوة وبسط النفوذ‬
‫والسيطرة حيث أنها تطورت متنقلة من اإلقطاع إلى البرجوازية إلى الرأسمالية فاكتسبت أفكار ومبادئ مختلفة تصب في‬
‫تيار التوجه نحو تعزيز الملكية الفردية والحرية بيد ان هذه األخيرة ناهضة الدين وتمردت على سلطان الكنيسة أوال وعلى‬
‫كل قانون أخالقي ألنها يهما تحقيق المنفعة الخاصة إضافة إلى ذلك إن األفكار واآلراء التي تولدت نتيجة للثورة الصناعية‬
‫في أوربا دورا بارزا في تحديد مالمح الرأسمالية ‪.‬‬

‫تعريف الرأسمالية و كيفية تأسيسها‬


‫ا‪ -‬تعريف الرأسمالية ‪:‬هي نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية يقوم على أساس تنمية الملكية الفردية‬
‫والمحافظة عليها‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫ب‪ -‬كيف تأسست الرأسمالية‪ :‬إن أوربا كانت محكومة بنظام اإلمبراطورية الرومانية التي ورثها النظام اإلقطاعي‬
‫فظهور الطبقة البرجوازية ما بين القرن ال رابع عشر والسادس عشر بعد مرحلة اإلقطاع أدى إلى ظهور الرأسمالية ولكن‬
‫بشكل متدرج منذ بداية القرن السادس عشر فظهرت أوال الدعوة إلى الحرية وكذا إنشاء القوميات الالدينية وتقليص ظل‬
‫البابا الروحي وظهر المذهب الكالسيكي (ادم سميث ‪ )1790/1723‬فهي تبحث عن الربح بشتى الطرق واألساليب إال ما‬
‫تمنعه الدولة لضرر عام مثل المخدرات وتقوم على تقديس المكية الفردية من خالل استغالل القدرات و زيادة الثروة‬
‫وحمايتها وعدم االعتداء عليها ونوفر القوانين لها مع عدم تدخل الدولة في الحياة االقتصادية اال بالقدر الذي يتطلبه النظام‬
‫العام إضافة إلى المزاحمة والمنافسة في األسواق وحرية األسعار وفق متطلبات العرض والطلب وتبحث عن اعتماد‬
‫قانون السعر المنخفض في سبيل ترويج البضاعة وبيعها ‪.‬‬

‫النهضة االقتصادية و تطور النظام الرأسمالي من القرن السادس عشر الى القرن العشرين‬
‫عرف االقتصاد األوربي تطورا كبيرا ابتداء من القرن السادس عشر وصاحب هذا التقدم هو ميالد نظام جديد‬
‫وتطوره أال وهو الرأسمالية ولقد مر هذا النظام بثالث مراحل أساسية مرحلة الرأسمالية التجارية ثم الصناعية ثم المالية ‪.‬‬

‫المرحلة األولى ‪:‬ميالد الرأسمالية التجارية ‪:‬كما هو معروف أن التاجر كان العنصر األساسي في الحياة االقتصادية‬
‫بعد أن توطد وجود المدن داخل الدول األوربية وأصبحت الطبقة البرجوازية تشكل قوة االجتماعية ولقد مكنت بعض‬
‫المعطيات األساسية من رسم الواقع األوربي في القرن السادس عشر والسابع عشر ‪ .‬ان بدايات النظام الرأسمالي اخذت‬
‫في ال ظهور في الدول االوروبية وذلك بتحويل اقتصاديات هذه الدول من النظام االقطاعي ( نظام الضيعة المغلقة ) الى‬
‫االقتصاد الرأسمالي القائم على نظام السوق و الملكية الخاصة و الذي يعمل بهدف تحقيق اكبر ربح ممكن ومن خالل الية‬
‫السعر ونتيجة لعدة عوامل ومؤثرات اسهمت في تحقيق هذا التحول وتضمنت تطورا يرتبط بذلك في الجوانب االقتصادية‬
‫و االجتماعية والسياسية ‪ ،‬من هذه العوامل ‪:‬‬
‫‪ . 1‬اتساع رقعة العالم‪:‬ان االكتشافات وخاصة اكتشاف الطريق البحري نحو الهند عن طريق منعطف رأس الرجاء‬
‫الصالح واكتشاف أمريكا اللذين مهدا السبيل نحو تطور تيارات تجارية وانفتاح أسواق ومجاالت أمام الشركات التجارية‬

‫‪32‬‬
‫األوربية أدى هذا إلى دخول مرحلة المبادالت التجارية الواسعة واستولت الدول األوربية على البلدان اإلفريقية واألسيوية‬
‫واألمريكية فاستعمرت البرتغال عدة مناطق في شواطئ إفريقيا والهند واسبانيا استولت على العالم الجديد وهولندا على‬
‫جزر جاوا وماليزيا وعملت بريطانيا على االستيالء على المستعمرات الفرنسية والبرتغالية في أمريكا والهولندية بآسيا ‪.‬‬
‫‪ . 2‬الثورة النقدية‪:‬كانت نتيجة تدفق الذهب الذي اكتشف في أمريكا والمكسيك والبيرو طيلة القرنين السادس عشر‬
‫والسابع عش ر وارتفاعه الكبير في األسعار واغتناء الطبقة البرجوازية الصاعدة والذي مكن من تمويل عدة مشاريع‬
‫تجارية وصناعية أدى هذا السيل التضخمي في الوقت الذي كانت للحياة االقتصادية في العالم العربي شرقه وغربه تتسم‬
‫بتزايد االنكماش بعد ان نضبت مصادر الذهب اإلفريقي وتوقفت مسيرة القوافل التجارية ‪.‬‬
‫‪ . 3‬ميالد األمم والدول العصرية‪ :‬ان التحوالت الكبرى التي عرفتها أوربا في القرن السادس عشر أدى أي ميالد‬
‫األمم بالمفهوم العصري من خالل شعورها بوحدتها وكيانها وبالتضامن الذي يجمع سكانها وأقاليمها وظهور األمة في‬
‫وقت تدعم فيه الملكي ة والسلطة المركزية التي أسكتت تحديات اإلقطاعيين المحليين واعتمدت على الطبقة البرجوازية‬
‫الحديثة العهد بالوجود ومن هنا أصبح الملك يجسد المصلحة العامة وظهرت قوته االقتصادية في توحيده النقود وبرفع‬
‫الضرائب وإنشاء المشاريع الفالحية والصناعية والتجارية وكذا قيامه بالحروب الخارجية والبحث عن أسواق‬
‫ومستعمرات فميالد األمة يعتبر من الناحية االقتصادية حدثا كبيرا ألنه اخرج األقاليم من عزلتها وأزال الحدود فادى ذلك‬
‫إلى اتساع رقعة األسواق الوطنية و االنفتاح االجتماعي في حين أن دول العالم العربي لم تعرف هذه الظاهرة الشيء الذي‬
‫حرمها من التنمية وبقائها خاضعة للبنية القبلية القروية والعصبيات الضيقة‪.‬‬
‫‪ . 4‬تراكم األموال في يد التجار الكبار الصيارفة‪:‬هذه الظاهرة لم تكن معروفة قبل ذلك إذ كان المنتج يعيش في إطار‬
‫ضيق وكان السيد اإلقطاعي أو المؤسسات الدينية الذي استطاع ان يملك بعض الثروة التي استعملت في بناء القصور‬
‫والكنائس فلما كثرت األرباح في يد التجار و اتسع نشاطهم اقبلوا على جمع األموال واستعمالها في االستثمارات وإنشاء‬
‫المشاريع وصناعة السفن وتأسيس الشركات ‪.‬‬
‫‪ .5‬الثورة الفكرية وتغير الذهنيات‪:‬انطالقا من الثورة الدينية التي دشنها لوثر ‪ 1517‬ودعمها كلفان والتي تمثلت في‬
‫التيار المسيحي البروتستانتي اثر كبير على تغير الذهنيات بأوربا وعلى ميالد الفكر االقتصادي المعاصر حيث ان التفكير‬
‫السائد في أوربا استسالميا ال يسعى عن البحث عن جمع األرباح بقدر ما يسعى إلى نوع من االكتفائية الن سعادته الحقيقة‬
‫ال موضع لها في العالم الدنيوي فجاء التيار البروتستانتي ليعبر هذا التفكير وجعل من الثروة واألرباح عالمة الرضا‬
‫واللطف اإللهي وجعل العمل مقدسا من الناحية الدينية ولقد كانت لرسالة كالفان سنة ‪ 1536‬التي أقرت حق اإلثراء‬
‫وحللت من الوجهة الدينية معدل الفائدة واستعمال رأس المال وقرضه هذا مكن االقتصاد من تمويل المشاريع التجارية‬

‫‪33‬‬
‫والصناعية‪ ،‬وتشعب هذا التفكير في البلدان االنجلوسكسونية وساعد على ميالد "المنظم" الذي هو العنصر األساسي في‬
‫نهضة النظام الرأسمالي في القرون المعاصرة ‪.‬‬

‫كانت انجلترا (‪ )1760-1830‬مصدر الثورة الصناعية التي اجتاحت‬ ‫المرحلة الثانية ‪ :‬تطور الرأسمالية الصناعية‬
‫عديد من الدول األوربية و أمريكا واليابان في فترات متفاوتة فانجلترا جمعت كل الخصائص األساسية التي طبعت هاته‬
‫الفترة التاريخية التي تعلقت بمعطيات اقتصادية و ديمغرافية واجتماعية وفكرية علما ان عوامل الثورة الصناعية معقدة‬
‫ومتداخلة لحد ان مؤرخي الحياة االقتصادية اختلفوا في تحديد األسباب األساسية للتغيرات التي طرأت على الواقع‬
‫االقتصادي بمناسبة هذه الثورة ومن هنا يمكن تلخيص السمات األساسية للثورة الصناعية في مايلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬االختراعات التقنية ‪:‬تعتبر االختراعات التقنية العلمية من الظواهر التي عرفتها بريطانيا في أواخر القرن الثامن‬
‫عشر وأوائل القرن التاسع عشر وهذه االختراعات مكنت من استعمال وسائل تقنية جديدة زادت إنتاجية العمل بدخول‬
‫اآللة ميدان اإلنتاج وتعويض العنصر البشري وهذه االختراعات تهم كل القطاعات الصناعية و خاصة قطاع النسيج‬
‫والصلب والطاقة وهنا يمكن ذكر بعض االختراعات ‪:‬‬
‫اختراع آلة لف الحرير من طرف لومب سنة ‪.1716‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬اختراع المكوك الطيار من طرف كي سنة ‪.1733‬‬
‫اختراع الة الغزل من طرف اركوايت‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫اختراع المنسج اآللي من طرف كرنايت سنة ‪. 1785‬‬ ‫د‪-‬‬

‫هذه االختراعا ت مكنت بريطانيا من تصدير إنتاج هذه الصناعة يكون عنصر تطوير كبير للتجارة الخارجية‬
‫البريطانية وبالتالي عنصر التقدم االقتصادي‬
‫‪ .2‬في ميدان صناعة الحديد والصلب نجد اختراع طريقة صناعة الصلب من الحديد والفحم من قبل إبراهيم داربي سنة‬
‫‪ 1735‬واختراع طريقة إلذابة الحديد من قبل هونتسمان الذي أسس أول معمل للتعدين سنة ‪. 1750‬‬
‫في ميدان الطاقة فيعتبر اختراع اآللة البخارية من قبل جيمس وات سنة ‪ 1764‬أهم حدث تقني وقع منذ القرن الثامن‬ ‫‪.3‬‬
‫عشر وما يزال يمثل الطريقة األكثر استعماال في الصناعات ووسائل النقل ‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة ‪ :‬الثورة الفكرية‪ :‬تعتبر ا لثورة الفكرية التي عرفها العالم األوربي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر‬
‫امتداد لإلصالحات الدينية التي تحدثنا عنها وللتحوالت التي عرفها القرن السادس عشر لكن االتجاه الجديد الذي سلكه‬

‫‪34‬‬
‫الفكر في هذه المرحلة الثانية كان اتجاها الئكي واعتبرت الحرية الشخصية مبدأ مقدس حيث اعتقد أندري بيتر في كتابه‬
‫األعمار الثالث لالقتصاد‪ ،‬إن مفهوم الحرية الشخصية الذي هيمن على الفكر الحديث يعتمد على ثالث أسس ‪:‬‬
‫األساس األول ‪:‬االعتقاد بقوة العقل البشري و بالمنطق فاإلنسان ال يمكن أن يخضع إال لمعطيات علمية ولقد كان‬
‫ديكارت الفيلسوف الفرنسي أول من وضع أسس هذا المنهج العقالني الذي سيطر على المجتمع المتقدم‪.‬‬
‫األساس الثاني ‪ :‬هو االعتقاد الراسخ في طيبوبة اإلنسان العفوية من خالل تشبثه بالتفاؤل وعدم الرضوخ للواقع او‬
‫االنسياق لتخمينات تشاؤمية‪.‬‬
‫األساس الثالث‪:‬تقديس الفرد واعتباره محور الحياة االجتماعية وتحريره من كل القيود حيث نجد أن الفالسفة‬
‫الفرنسيون روسو وفولتير وتشيسكو من المع رجال الفكر الذين عبروا عن هذه االديولوجية التي عرفت التطبيق بالعنف‬
‫في فرنسا بعد اندالع الثورة سنة ‪ 1789‬في حين تصاعد شيوعها بطريقة أكثر شموال واقل حدة في المجتمع البريطاني ‪.‬‬
‫خالل هذه المرحلة تطورت القطاعات التالية بشكل ملحوظ من خالل‪:‬‬
‫اإلصالح الزراعي ‪:‬إن دراسة الحقبة التاريخية المتراوحة بين أواخر القرون الثامن عشر وأواخر القرن التاسع عشر نجد‬
‫أنهم ال يهتمون إال بوصف معالم الثورة الصناعية وينسون ان الفالحة قد عرفت كذلك تغيرات كبرى خاصة في انجلترا‬
‫كانت سببا في من أسباب قيام صناعة عصرية ولقد مكن اإلصالح الزراعي في كل من انجلترا و في كل البلدان التي‬
‫عرفت طريق التقدم من إمداد الصناعة بمساعدات كبرى يمكن ان تلخص في ‪:‬‬
‫‪ .1‬كان من نتائج اإلصالح الزراعي تكوين قوة شرائية عند الفالحين وإقبالهم على االقتصاد النقدي الشيء الذي رفع من المنتجات‬
‫الفالحية ‪.‬‬
‫‪ .2‬أدى هذا اإلصالح من رفع اإلنتاجية الزراعية وتحرير اليد العاملة التي استقطبتها الصناعة في أول مراحل نموها ‪.‬‬
‫‪ .3‬ساعد ارتفاع مداخيل الفالحين توجيههم للثروات التي جمعوها إلى استثمارات صناعية الشيء الذي جعل الفالحة تلعب دورا‬
‫بجانب التجارة دور ممول للصناعة‪.‬‬

‫فالدول التي دشنت انطالقتها االقتصادية في أواخر القرن التاسع عشر مثل فرنسا والواليات المتحدة األمريكية‬
‫وألمانيا و اليابان نفس التغيرات التي حدثت في الزراعة البريطان ية هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الفالحة كانت‬
‫وستبقى دوما مصدرا من مصادر التنمية الصناعية ‪.‬‬
‫النمو الديموغرافي ‪:‬عرفت انجلترا في أواخر القرن الثامن عشر وخالل القرن التاسع عشر تقدما ديمغرافيا بحيث أن عدد‬
‫السكان في كل من انجلترا وبالد الغال ارتفع مرتين بين ‪ 1771‬و ‪ 1831‬وارتفع بأربع مرات بين ‪1800‬و‪( 1914‬أربعون‬
‫مليون مقابل عشرة ماليين) وقد نتج هذا النمو الديمغرافي عن ارتفاع في معدل الوالدة (‪ %34‬قبل ‪ 1750‬وة‪ %37‬بين‬

‫‪35‬‬
‫‪1780‬و‪ )1800‬وانخفاض في معدل الوفيات بعد ‪ )%30(1780‬وخاصة بعد ‪ )%22( 1825‬ولقد ساعدت هذه الوثبة‬
‫الديم غرافية الكبرى على تدعيم الثورة الصناعية ألنها مكنت البالد البريطانية من القوة البشرية التي تكون الطاقة المحركة‬
‫األولى للتقدم ‪ .‬إضافة إال أن عوامل أخرى كان لها تأثير انتشار وسائل النقل في انجلترا أواخر القرن الثامن عشر وعامل‬
‫الهجرة إلى الواليات المتحدة وعامل الوحدة السياسية في ألمانيا ‪. 1870‬‬

‫المرحلة الرابعة ‪:‬تطور الرأسمالية المالية‪:‬هذه المرحلة الثالثة هي امتداد للمرحلة األولى بالنسبة لبريطانيا العظمى التي‬
‫وصلت إليها في وقت كانت فيه البالد الرأسمالية األخرى ما تزال تخطو خطواتها األولى نحو التصنيع فظهور قوات‬
‫اقتصادية بعد ‪ 1870‬داخل أوربا وخارجها تنافس االقتصاد البريطاني بحيث كانت قدرتها الصناعية تساوي ‪%32 1870‬‬
‫من القدرة الصناعية العالمية في حين ان الواليات المتحدة األمريكية كانت تملك ‪ %23‬وألمانيا ‪ %13‬وفرنسا ‪%10‬‬
‫ويمكن تلخيص هذه الفترة في مايلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬تطو ر المؤسسات البنكية والمالية والتي أخذت تلعب الدور التسييري للحياة االقتصادية باعتبارها الممول األساسي‬
‫للمؤسسات الكبرى التي اضطرت الستعمال القروض البنكية وإلصدار األسهم حتى تتمكن من جمع الموارد المالية‬
‫استجابة لمتطلبات النمو ولهذا وصفت رأسمالية هذه الفترة برأسمالية المالية ‪،‬وتعاظم نشاط ابناك كانت ابناك عائالت‬
‫فأصبحت تساهم في كل الصناعات وانتشرت مكاتب ابناك الودائع و االبناك التجارية في كل الدول الرأسمالية‪.‬‬
‫‪ . 2‬لعبت بعض القطاعات دورا مهما في لوليد الطاقات االقتصادية وتصعيد إمكانيات النمو وبعد أن كانت صناعة‬
‫النسيج خاصة صناعة التعدين تشكالن القطاع المحرك للنشاط االقتصادي انتقل هذا الدور بعد ‪ 1850‬الى السكك الحديدية‬
‫ثم إلى صناعات حديثة مثل‬ ‫التي كانت سببا في اتساع األسواق الداخلية سواء في الدول األوربية أو الواليات المتحدة‬
‫السيارات و الميكانيكية والكيم اوية حيث إنها أصبحت المقياس األول للتطور االقتصادي ثم وقع تغير كيفي فيما يتعلق‬
‫بالطاقة واستعمالها بعد بناء السدود وطاقة البترول التي انتشرت بسرعة على حساب طاقة الفحم التي كانت أساس‬
‫النهضة في انجلترا‪.‬‬
‫‪ .3‬استيالء لدول الرأسمالية على أراضي وخيرات البلدان الفقيرة وكان هذا من مظاهر نهاية القرن التاسع عشر‬
‫وهذا المد االمبريالي جاء من طبيعة النظام الرأسمالي الذي يبحث على أسواق وأرباح وكان له اثر في العالقات بين الدول‬
‫الشركات الكبرى التي أصبحت‬ ‫الرأسمالية التي كانت تتسابق على المستعمرات وقد واكب المد االستعماري تغلغل‬
‫تستغل مشاريع المواد األولية التي توجهها إلى صناعات الدول االمبريالية وأدى فتح قنال السويس من األحداث‬
‫االقتصادية الكبرى التي طبعت هذه الفترة التاريخية ألنه مكن من ربط المستعمرات البعيدة بمراكز الهيمنة األوربية ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫إن مرور الرأسمالية بالمراحل التي ذكرناها واكب تحول في شكلها وفي أسواقها حيث كانت رأسمالية تزاحميه‬
‫فأصبحت رأسمالية احتكارية إلى أن وصلت إلى الشكل الذي نراه اليوم‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫مراحل تطور النظام الرأسمالي‬

‫المبحث الثالث‬

‫تطور الراسمالية في القرن العشرين‬

‫تطور الراسمالية في القرن العشرين‬

‫‪37‬‬
‫إن التطور السريع لصيرورة وتتبع التحوالت في النظام الرأسمالي ففي المراحل األولى أي بعد الثورة الصناعية التي‬
‫حدثت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر لم يكن هناك من شك كما قال ماركس إن انتاجية اإلنسان تعرضت إلى‬
‫تغيرات عميقة فالتنظيم الصناعي والمفهوم الرأسمالي أديا إلى أن يبلغ إنتاج المصانع مستويات لم يبلغها في السابق أبدا ‪.‬‬
‫فإذا تأملنا جيدا وجدنا انه مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهور كثيف لعمال الصناعة وهذا‬
‫نتيجة للسلطة الواسع التي تمتع بها ومارسها المالك أو الرأسماليون او ضعف سلطة البد العاملة في ظل النظام الرأسمالي‬
‫‪،‬وكذا للشروط القاسية التي فرضها هذا النظام على بعض الفئات االجتماعية المحرومة‪،‬فالنظام الرأسمالي تعرض ألربع‬
‫تطورات أولها ظهور النقابات المهنية التي ساهمت في موازنة السلطة بين أرباب العمل والعمال والثانية ظهور دولة‬
‫الرفاه او ظهور الدولة الراعية التي تعود إلى ثمانينيات القرن التاسع عشر في ألمانيا ‪.‬‬
‫والعامل الثالث ظهر في الثالثينيات وجزئيا نتيجة تأثير جون مايرند كينز وكتاباته ‪،‬فخالل القرن التاسع عشر‬
‫وضمن القرن العشرين كانت اإلشكالية الكبرى للرأسمالية زيادة حدة األزمات التي تمثلت بتفاوت توسع و الكساد‬
‫االقتصاديين وهو ما عرف باألزمة الرأسمالية ‪.‬‬
‫أ ما العامل الرابع وهو زوال الرأسمالية التقليدية وحل محلها اإلداري او البيروقراطي الشركات الضخمة ‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك ان النظام الرأسمالي يقوم على أساس الملكية الفردية ولكن هذا األخير ال يظل دون تغيير فهو عرضة‬
‫لجملة مراحل متتابعة من التبدالت ففي المرحلة األولى من الرأسمالية نجد صاحب المشروع بمفرده‪ ،‬ثم ظهرت الشركات‬
‫بعد ذلك ظهرت طبقة المدراء المشاريع ومن ثم أصبحنا نجد أنفسنا أمام مزيج من ملكية الدولة وتدخل الدولة والشركات‬
‫الكبيرة ‪،‬فاعتقادنا بان هاته العوامل األربعة والتي تم ذكرها قد ساهمت بشكل كبير في ضمان مستقبل الرأسمالية ذلك انه‬
‫لم يكن تستمر في العيش لو احتفظ الرأسماليون بسلطتهم المطلقة على تحديد األجور وشروط العمل ‪ ،‬لو أن الدولة الحامية‬
‫والراعية أو دولة الرفاه لم توجد لو أن أزمات الكساد استمرت وتفاقمت لو أن رجال اإلدارة لم يحلوا محل الرأسماليون أما‬
‫الحرب العالمية الثانية نجد ان تطور الرأسمالية كان من خالل تسارع معدالت نمو اإلنتاج الصناعي وبخاصة‬ ‫بعد‬
‫التجارة الخارجية حيث أدت لثالث أسباب رئيسية الى تسارع معدالت التطور االقتصادي‬
‫أولها ‪:‬الثورة العلمية والتكنولوجية ‪،‬‬
‫وثانيا تعميم التقسيم الدولي للعمل ‪،‬‬
‫أما الثالثة التنظيم التدخل الحكومي االحتكاري المكثف للحياة االقتصادية ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫فتعبئة جميع موارد النظام الرأسمالي بهدف رفع وتأثير التطور االقتصادي‪،‬والتخلص من حدة الهزات االقتصادية‬
‫والتناقضات الطبقية وما بين الدول االمبريالية وكان البد أن يترك ذلك بصماته على طابع ظهور القوانين الداخلية‬
‫للرأسمالية ‪.‬‬
‫فالثورة العلمية والتكنولوجية غداة الحرب العالمية الثانية شملت جميع ميادين االقتصاد ‪،‬فطبقت أساليب جديدة إلدارة‬
‫اإل نتاج وتحول العلم إلى قوة إنتاجية مباشرة وزيادة النفقات في البحث العلمي ‪،‬ومع تطبيق مبادئ اإلدارة الحديثة‬
‫وتسريع تجديد رأس المال الثابت ورفع إنتاجية العمل مع تمتع التقدم العلمي التقني باستقاللية ‪،‬أما السبب األخر وهو تعميم‬
‫التقسيم الدولي للعمل منذ أوائل ال خمسينيات وما ارتبط به من توسيع سريع في التجارة الرأسمالية العالمية والتعاون‬
‫اإلنتاجي والمبادالت التكنولوجية بين الدول كعامل تسريع لمعدالت النمو االقتصادي والتقدم العلمي والتقني فخالل (‪-55‬‬
‫‪ )77‬كانت التجارة الخارجية للبلدان الرأسمالية المتطورة تنمو بأكثر من مرة وتصف أسرع من اإلنتاج االجتماعي‬
‫وبفضل توسع لنطاق التقدم العلمي والتقني ‪،‬كما تميزت العشرية األخيرة بتوسع مطرد في التبادل العلمي والتقني بين‬
‫البلدان ونمت تجارة البراءات والتراخيص بمعدل أسرع من التجارة الخارجية ‪.‬‬
‫أما العامل األهم الثالث الذي اثر على التطور االقتصادي العام فهو التنظيم الحكومي االحتكاري القتصاد بوسائل‬
‫التدخلية المتعددة والمتنوعة وذلك بهدف الحد من تقلبات السوق وتعجيل معدالت التطور بصفة عامة ‪ ،‬تخفيف النزاعات‬
‫االجتماعية ‪...‬مما لعب دورا معينا في التطور االقتصادي للرأسمالية المعاصرة وذلك بتدخل الدولة ألنها قادرة على كل‬
‫شيء ‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫السمات األساسية للنظام الراسمالي و آلية عمله و عيوبه‬

‫المبحث األول‬

‫السمات أألساسية للنظام الرأسمالي‬

‫‪39‬‬
‫على اساس ما سبق وان تم تناوله بخصوص النظام االقتصادي الرأسمالي يمكن ابراز بعض السمات االساسية‬
‫لهذا ال نظام و ابرز العيوب و المساوئ و النواقص و السلبيات التي رافقته وترافقه وستظل ترافقه ومن خالل التركيز‬
‫على االهم فيها ‪.‬‬
‫السمات االساسية للنظام االقتصادي و الرأسمالي‬
‫ان النظام االقتصادي الراسمالي يتسم بالعديد من السمات اي الخصائص التي تميزهعن غيره من االنظمة‬
‫االقتصادية االخرى سواء ما يتصل منها بالجانب النظري او في الجانب العملي و التي توفر للنظام االقتصادي الرأسمالي‬
‫طبيعته الخاصة به و بالذات الخطوط العريضة له رغم اختالف التفاصيل المرتبطة بذلك سواء من حالة الى اخرى او من‬
‫وقت الخر ومن بين اهم سمات النظام هذ ا و الذي هو النظام السائد حاليا في معظم الدول ان لم يكن في جميعها تقريبا ما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬الملكية الخاصة لوسائل االنتاج و للنشاطات االقتصادية التي تتم في اطار هذا النظام حيث ان االصل في االقتصاد‬
‫الرأسمالي بصيغته النظرية النقية ( االصلية ) هو ان كافة وسائل االنتاج و النشاطات االقتصادية ينبغي ان تكون مملوكة‬
‫ملكية خاصة اي ان يملكها االفراد و المشروعات الخاصة الشركات الخاصة وغيرها وهذا يعني ان الدولة ينبغي ان‬
‫التمتلك وسائل االنتاج و النشاطات االقتصادية حيث ان دور الدولة في االقتصاد ينبغي ان يكون محايدا وان يقتصر‬
‫دورها على تقديم الخدمات العامة التي تتمثل بتأمين الدفاع الخارجي وضمان االمن الداخلي وتحقيق العدالة وفرض‬
‫النظام ‪.‬‬
‫‪ .2‬حرية ممارسة النشاطات االقتصادية و حرية التعاقد اي حرية الفرد في استخدام موارده في المجاالت التي يرغب فيها و‬
‫التي يرى انها تحقق له اكبر نفع ممكن او عائد ممكن له باعتبار انها مملوكة ملكية خاصة وبالتالي فانه حر في‬
‫استخدامها سواء باستثمارها واستخدامها في انتاج السلع و الخدمات او في االستهالك بما في ذلك حرية ممارسة الفرد‬
‫للعمل الذي يرغب فيه و الذي يتناسب مع ميوله و قدراته واتجاهاته ومؤهالته وهذه الحرية في النظم االقتصادية‬
‫الراسمالية هي حرية ينبغي ان التكون مقيدة بأي قيد حتى تتيح للفرد بذل اقصى جهد من اجل الحصول على اكبر دخل‬
‫او عائد او نفع ممكن له نتيجة ما يقوم من نشاط وبدون ان تتدخل اي جهة كانت في ممارسته لحريته هذه وهو ما يعني‬
‫عدم تدخل الدولة في ذلك ‪.‬‬
‫‪ .3‬ان الهدف االساسي ويكاد يكون الوحيد للنشاطات االقتصادية في النظام االقتصادي الرأسمالي هو تحقيق اقصى ربح‬
‫ممكن هذا الربح الذي يتحقق نتيجة للنشاطات االقتصادية و الذي يتمثل بزيادة ايرادات النشاط على تكاليفه وبحيث يتم‬
‫الوصول الى تحقيق اقصى ربح ممكن و تخفيض النفقات الى ادنى حد ممكن ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ .4‬ان االلية التي يعمل بموجبها النظام االقتصادي الرأسمالي تتمثل بالية السوق والتي هي السوق التامة اي سوق المنافسة‬
‫الكاملة والتي تعمل على اساس التفاعل الحر بين قوى السوق اي التفاعل الحر بين قوى العرض و قوى الطلب في‬
‫السوق وبصورة تلقائية وبعيدا عن اي تدخل او تقييد لهذه الحرية او التأثير عليها من اي جهة كانت وان نتيجة التفاعل‬
‫الحر و التلقائي غير المقيد بين قوى العرض وقوى الطلب في السوق التامة هذه هو تحديد السعر الذي يعتبر المؤشر‬
‫االساسي الذي يتم االستناد اليه في القيام بالنشاطات االقتصادية ‪.‬‬

‫ونتيجة لما سبق يتم التوصل الى ان السمات االساسية للنظام االقتصادي الرأسمالي سواء المرتبط منها بأساس‬
‫عمل النشاطات االقتصادية ومن خالل ملكيتها ملكية خاصة او المرتبط بحرية ممارسة النشاطات االقتصادية المستندة الى‬
‫ملكيتها الخاصة او نتيجة هدفها في تحقيق اكبر ربح ممكن او باالستناد الى الية السوق بهذه النشاطات وفي تحديد المهام‬
‫التي يؤديها النظام و الذي ينجم عنه تحقق العديد من النتائج الهامة واالساسية و التي منها ‪:‬‬
‫‪ .1‬ضمان تحقق االستخدام الكامل للموارد و بالذات من خالل الية السوق حيث يتم بموجبها معالجة حاالت البطالة وعدم‬
‫االستخدام الن عدم االستخدام سواء لعنصر العمل او للموارد او للسلع يعني عرض في السوق اكبر من الطلب عليه وهو‬
‫ما يدفع السعر لالتجاه نحو االنخفاض ويستمر االنخفاض في السعر طالما وجد عدم استخدام ولحين زوال عدم االستخدام‬
‫هذا و بالشكل الذي يتحقق نتيجة له التوازن اي التعادل ( التساوي ) بين العرض و الطلب ‪.‬‬
‫‪ .2‬ضمان التخصيص الكفء للموارد حيث ان الموارد تتجه وفقا اللية السوق التي يعمل بموجبها النظام االقتصادي‬
‫الرأسمالي نحو المجاالت التي تحقق اكبر ربح ممكن اي التي تحقق اكبر عائد ممكن باقل كلفة ممكنة وقياسا بالمجاالت‬
‫البديلة الستخدام الموارد هذه وهو ما يعني ان الموارد هذه التتجه نحو المجاالت التي تحقق خسارة و التي تزيد فيها‬
‫التكاليف على االيرادات او تلك التي تحقق ارباح اقل بانخفاض ما يتحقق من ايرادات فيها قياسا بتكاليفها ومقارنة‬
‫بالبدائل المتاحة و هو االمر الذي يعني التخصيص الكفء للموارد و المعايير االقتصادية و بالذات المالية اي معيار‬
‫االيرادات المالية و التكاليف المالية و ما يتحقق نتيجة العالقة بينهما من ربح مالي ‪.‬‬
‫‪ .3‬االستخدام الكفء للموارد من خالل ان الية السوق التي يعمل النظام االقتصادي الرأسمالي وفقا لها تدفع بمعدالت‬
‫االرباح نحو التساوي في المجاالت المختلفة و ارتباطا بان الهدف االساسي للمشروعات الخاصة هو تحقيق اقصى ربح‬
‫ممكن و الذي على اساسه تقوم مختلف الفعاليات و النشاطات االقتصادية و الذي يعني ان الموارد تتجه في استخداماتها‬
‫نحو المجاالت التي تحقق اكبر ربح ممكن وهذه المجاالت هي بالضرورة المجاالت التي تتحقق فيها اعلى كفاءة ممكنة‬
‫في استخدامها للموارد ‪.‬‬
‫‪ .4‬واستنادا الى ما سبق يتم افتراض التوافق او التطابق بين المصلحة الخاصة او الفردية و المصلحة العامة او االجتماعية‬
‫ومن خالل تحقق المصلحة الخاصة الن مصلحة المجتمع تتحقق باكبر قدر ممكن من وجهة النظر الرأسمالية عندما‬

‫‪41‬‬
‫تحقق الفراده اكبر قدر ممكن من المصلحة الخاصة اذ ان الملكية الخاصة لوسائل االنتاج وللنشاطات االقتصادية وان‬
‫سعي االفراد الستخدام ما يملكونه بحرية وكفاءة يضمن لهم تحقيق اقصى مصلحة خاصة عن طريق بذلهم اقصى نشاط‬
‫وبدون اية قيود تحد من اندفاعهم لتحقيق ذلك وبتحقيقه يتم ضمان تحقق اقصى مصلحة ممكنة للمجتمع ‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫السمات األساسية للنظام الراسمالي و آلية عمله و عيوبه‬

‫المبحث الثاني‬

‫عيوب النظام الرأسمالي‬

‫ان ما سبق من سمات للنظام االقتصادي الرأسمالي وما يمكن ان يفرزه من نتائج نتيجة للسمات و االلية هذه‬
‫يتصل معظمها بالجانب النظري نظرا الن الواقع الفعلي وما يتحقق فيه قد اليتطابق في معظمه مع هذه السمات و االلية‬

‫‪42‬‬
‫التي يعمل بها بسبب العيوب التي تتصل بذلك اضافة الى ما يوجه اليه من انتقادات وما يرد عليه من اعتراضات و التي‬
‫من ابرزها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬غياب الحرية في ممارسة النشاطات في واقع عمل النظام الراسمالي وبالذات في الفترات الالحقة التي ارتبطت بتطوره‬
‫حيث ان المنافسة التامة و التي تتم من خاللها حرية ممارسة النشاطات االقتصادية تحولت في مسار التطور عبر الزمن‬
‫الى تدخل في النشاطات االقتصادية وبروز جهات تدخلية عديدة تقيد وتحد من حرية ممارسة النشاطات االقتصادية اذ ان‬
‫المنافسة التامة و الحرة تولد االحتكار ذلك الن المنافسة وما تتيحه من حرية تؤدي الى تغلب المشاريع االكبر قدرة وقوة‬
‫على المشاريع االقل قدرة وقوة في اطار الصراع التنافسي الذي توفره المنافسة وما ينجم عنه في نهاية االمر اما الى‬
‫انضمام المشروعات االقل قدرة وقوة الى المشروعات االقل قدرة وقوة الى المشروعات االكبر قدرة وقوة او انسحاب‬
‫المشروعات ذات القدرة و القوة االقل وبذلك يتولد االحتكار الذي يحل محل المنافسة ‪.‬‬
‫‪ .2‬عجز الية السوق التي يعمل بموجبها النظام االقتصادي الراسمالي عن توجيه الموارد نحو المجاالت االكثر اهمية ونفعا‬
‫الفراد المجتمع و التي يمكن ان تتمثل في المجاالت التي تلبي احتياجاتهم االساسية و بالذات ما هو ضروري منه لعيش‬
‫الفرد وبقاءه واستمرار وجوده في الحياة وبما يتح له استمرار ممارسته لعمله وقيامه بنشاطاته حيث ان الموارد تتجه‬
‫وفقا اهذه االلية نحو المجاالت التي تحقق اكبر ربح ممكن وهذه المجاالت التي تتجه الموارد نحو االستخدام فيها قد‬
‫التكون بالضرورة المجاالت االكثر اهمية وضرورة اذ قد تتجه الى مجاالت غير ضرورية او كمالية او حتى لما هو‬
‫ضار منها كما هو الحال في انتاج الدخان و المشروبات الكحولية وغيرها لمجرد انها تحقق ربحا اكبر باعتباره الهدف‬
‫االساسي للقيام باالنتاج من قبل المشروع الخاص كما ان الموارد قد التتجه وفقا اللية السوق نحو المجاالت االكثر اهمية‬
‫وضرورية لتطوير المجتمع ‪.‬‬
‫‪ .3‬االزمات التي تعرض ويتعرض لها النظام االقتصادي الرأسمالي في عمله وفي ممارسة نشاطاته االقتصادية والتي‬
‫ترتبط بعجزه عن تحقيق االستخدام الكامل للموارد وبالذات في ظل االسواق ذات الطبيعة االحتكارية التي تسود فيه‬
‫والتي يكون االنتاج فيها اقل ودرجة استخدام الموارد ادنى قياسا بما يمكن ان يتحقق من انتاج ومن استخدام للموارد في‬
‫السوق التامة ‪.‬‬
‫‪ .4‬الهدرو التبديد االقتصادي الذي يرافق عمل النظام االقتصادي الرأسمالي و الذي يرتبط بالية عمله و التي تتضمن اتخاذ‬
‫القرارات الخاصة بممارسة النشاطات فيه من قبل الجهات الخاصة االفراد والمشروعات التي تقوم بهذه النشاطات و‬
‫التي تؤدي في حاالت ليست بالقليلة الى حصول حاالت عدم استخدام وضعف في الكفاءة وفي استخدام الموارد في ظل‬
‫عدم وجود جهة تضمن تحقيق التناسق بين القيام بهذه النشاطات و الحاجة اليها وهو االمر الذي يقود الى ظهور فائض‬
‫في انتاج النشاطات بزيادة عرض منتجاتها على الطلب عليها ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ .5‬يرتبط النظام االقتصادي الرأسمالي في طبيعته بوجود االستغالل الناجم عن امتالك القلة فيه وسائل االنتاج و النشاطات‬
‫االقتصادية وحرمان معظم افراده من مثل هذه الملكية واضطرارهم من اجل ضمان عيشهم واسرهم للعمل في‬
‫المشروعات التي تعود ملكيتها للقلة خاصة وان مثل هذا االنقسام في المجتمع بين من يملكون وبين من ال يملكون يزداد‬
‫مع التطور عبر الزمن بسبب زيادة درجة التركيز في الملكية وزيادة حدة التفاوت في توزيع الدخول و بالذات مع بروز‬
‫السيطرة االحتكارية في االسواق الفعلية التي يؤدي فيها النظام عمله ‪.‬‬
‫‪ .6‬ان النظام االقتصادي الرأسمالي ينجم عنه حصول تطور غير متناسب وغير متوازن حيث تتطور قطاعات ونشاطات‬
‫معينة ودون حصول تطور مماثل في قطاعات ونشاطات اخرى وكذلك تتطور مناطق معينة ودون تطور مماثل في‬
‫مناطق اخرى وهو المر الذي يتحقق معه تفاوت في مستويات التطور بين القطاعات و النشاطات والمناطق وحتى بين‬
‫المدن و االرياف وكل هذا نتيجة للسمات االساسية للنظام االقتصادي الرأسمالي و التي تقوم على اساس الملكية الخاصة‬
‫للنشاطات االقتصادية وحرية ممارسة هذه النشاطات وبما يحقق اكبر ربح ممكن ومن خالل الية السوق وهو ما يعني ان‬
‫الموارد الخاصة تتجه بالضرورة نحو االستخدام للقيام بالنشاطات االقتصادية في القطاعات و المجاالت و المناطق التي‬
‫يتحقق فيها اكبر ربح ممكن و التي تتوفر فيها كثافة سكانية و ارتفاع مستويات الدخول فيها وتوفر البيئة التحتية التي‬
‫توفر الخدمات الالزمة للقيام بالنشاطات هذه ‪.‬‬
‫‪ .7‬التفاوت في توزيع الدخول في النظام االقتصادي الرأسمالي و الذي يحكم التفاوت في توزيع السلع و الخدمات المنتجة في‬
‫االقتصاد و الناجم عن التفاوت في ملكية وسائل االنتاج و النشاطات االقتصادية و نتيجة الحرية في استخدام وسائل‬
‫االنتاج و النشاطات االقتصادية بما يحقق اكبر دخل ممكن لمالكيها عن طريق سعيهم لتحقيق اكبر ربح ممكن وفي اطار‬
‫الصراع التنافسي الذي يتيح غلبة االكبر قدرة وقوة على من هو اقل قدرة وقوة وممارسة االحتكار ورفع االسعار‬
‫واستغالل القوي للضعيف من اجل تحقيق اعلى االرباح للرأسمالين و الدخول واستنادا الى الملكية الخاصة للبعض و‬
‫على حساب االخرين الذين اليتاح لهم مثل ذلك ‪.‬‬
‫‪ .8‬ارتباط التوجه بالسيطرة الخارجية بعمل النظام الرأسمالي وطبيعته حيث ان الملكية الخاصة للنشاطات االقتصادية و‬
‫الحرية في ممارستها من اجل تحقيق اكبر قدر ممكن من االرباح للنشاطات الخاصة هذه الى التوجه نحو السيطرة على‬
‫االسواق الخارجية من اجل تأمين مستلزمات عمل النشاطات الخاصة من ناحية وتوفير السوق التي تتيح تصريف‬
‫منتجات هذه النشاطات وبما يمكنها من التوسع و التطور وصوال الى اكبر قدر ممكن من االرباح وهو ما يفسر‬
‫التوجهات االستعمارية التي نمت في الفترات السابقة و ارتباطها بطبيع النظام االقتصادي الرأسمالي ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الخاتمة‬

‫الرأسمالية نظام وضعي يقف على قدم المساواة مع الشيوعية وغيرها من النظم التي وضعها البشر بعيداً عن‬
‫منهج هللا الذي ارتضاه لعباده ولخلقه من بني ا ِإلنسان‪ .‬و من سماته التي تعتبر للبعض مشاكل تؤدي إلى ظهور العيوب‬
‫التي تأثر بها هذا النظام ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪-‬األنانية‪ :‬حيث يتحكم فرد أو أفراد قالئل باألسواق تحقيقا ً لمصالحهم الذاتية دون تقدير لحاجة المجتمع أو احترام‬
‫للمصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬االحتكار‪ :‬إذ يقوم الشخص الرأسمالي باحتكار البضائع وتخزينها حتى إذا ما فقدت من األسواق نزل بها ليبيعها بسعر‬
‫مضاعف يبتز فيه المستهلكين الضعفاء‪.‬‬
‫‪ -‬لقد تطرفت الرأسمالية في تضخيم شأن الملكية الفردية كما تطرفت الشيوعية في إلغاء هذه الملكية‪.‬‬
‫‪ -‬المزاحمة والمنافسة‪ :‬إن بنية الرأسمالية تجعل الحياة ميدان سباق مسعور إذ يتنافس الجميع في سبيل إحراز الغلبة‪،‬‬
‫وتتحول الحياة عندها إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف‪ ،‬وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى إفالس المصانع والشركات بين عشية‬
‫وضحاها‪.‬‬
‫‪ -‬ابتزاز األيدي العاملة‪ :‬ذلك أن الرأسمالية تجعل األيدي العاملة سلعة خاضعة لمفهومي العرض والطلب مما يجعل‬
‫العامل معرضا ً في كل لحظة ألن يُستبَدل به غيره ممن يأخذ أجراً أقل أو يؤدي عمالً أكثر أو خدمة أفضل‪.‬‬
‫‪ -‬البطالة‪ :‬وهي ظاهرة مألوفة في المجتمع الرأسمالي‪ ،‬وتكون شديدة البروز إذا كان ا ِإلنتاج أكثر من االستهالك مما يدفع‬
‫بصاحب العمل إلى االستغناء عن الزيادة في هذه األيدي التي تثقل كاهله‪.‬‬
‫‪ -‬الحياة المحمومة‪ :‬وذلك نتيجة للصراع القائم بين طبقتين إحداهما مبتزة يهمها جمع المال من كل السبل وأخرى محرومة‬
‫تبحث عن المقومات األساسية لحياتها‪ ،‬دون أن يشملها شيء من التراحم والتعاطف المتبادل‪.‬‬
‫‪ -‬االستعمار‪ :‬ذلك أن الرأسمالية بدافع البحث عن المواد األولية‪ ،‬وبدافع البحث عن أسواق جديدة لتسويق المنتجات تدخل‬
‫في غمار استعمار الشعوب واألمم استعماراً اقتصاديا ً أوالً وفكريا ً وسياسيا ً وثقافياً عامة‪ ،‬وذلك فضالً عن استرقاق‬
‫الشعوب وتسخير األيدي العاملة فيها لمصلحتها‪- .‬‬
‫الحروب والتدمير‪ :‬فلقد شهدت البشرية ألوانا ً عجيبة من القتل والتدمير وذلك نتيجة طبيعية لالستعمار الذي أنزل‬
‫بأمم األرض أفظع األهوال وأشرسها‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -‬الرأسماليون يعتمدون على مبدأ الديمقراطية في السياسة والحكم‪ ،‬وكثيراً ما تجنح الديمقراطية مع األهواء بعيدة عن‬
‫الحق والعدل والصواب‪.‬‬
‫إن النظام الرأسمالي يقوم على أساس ربوي‪ ،‬ومعروف بأن الربا هو جوهر العلل التي يعاني سمنها العالم أجمع‪.‬‬
‫‪ -‬أن الرأسمالية تنظر إلى ا ِإلنسان على أنه كائن مادي وتتعامل معه بعيداً عن ميوله الروحية واألخالقية‪ ،‬داعية إلى‬
‫الفصل بين االقتصاد وبين األخالق‪.‬‬
‫‪ -‬تعمد الرأسمالية إلى حرق البضائع الفائضة‪ ،‬أو تقذفها في البحر خوفا ً من أن تتدنى األسعار لكثرة العرض‪ ،‬وبينما هي‬
‫تقدم على هذا األمر تكون كثير من الشعوب في حالة شكوى من المجاعات التي تجتاحها‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم الرأسماليون بإنتاج المواد الكمالية ويقيمون الدعايات الهائلة لها دونما التفات إلى الحاجات األساسية للمجتمع ذلك‬
‫أنهم يفتشون عن الربح والمكسب أوالً وآخراً‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم الرأسمالي في أحيان كثيرة بطرد العامل عندما يكبر دون حفظ لشيخوخته إال أن أمراً كهذا أخذت تخف حدته في‬
‫اآلونة األخيرة بسبب ا ِإلصالحات التي طرأت على الرأسمالية‪.‬‬

‫اإلستنتاجات‬
‫من خالل ما تم عرضه يتبين لنا إن النظام اإلقتصادي الرأسمالي نظام نشأ من خالل الفراغ في السلطات ‪ ،‬و تاريخياً نشأ‬
‫من جراء محاولة الملوك أو األمراء حماية مصالحهم ‪ ،‬و سلطانهم من خالل منح األراضي و األمالك لمن يؤمن الدفاع‬
‫عن مصالحهم ‪ ،‬و بذلك نشأت الطبقة اإلقطاعية‪ ،‬التي سيطرت على مقدرات الشعوب لقرون عديدة ‪ ،‬بعدها تحولت الى‬
‫النظام الحالي و هو نظام السوق ‪ ،‬و الذي يتحكم بإقتصاديات البلدان ‪ ،‬لكن لهذا النظام برزت العديد من العيوب و التي تم‬
‫ذكرها سابقا ً ‪ ،‬وعليه فإن مستقبل النظام الرأسمالي من الممكن ان يتأثر وفق اإلستنتاجات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬توسع النظام الرأسمالي ليتحول الى العولمة من شأنه القضاء تحديد التبادالت التجارية بإتجاهات محددة فقط ‪ ،‬و هذا‬
‫سيخلق فجوة من الممكن أن يتم إستغاللها من قبل مؤيدي النظام اإلشتراكي‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ .2‬اإلسراف في استغالل الموارد الطبيعية ‪ ،‬سيؤدي إلى انخفاض الخزين اإلستراتيجي لهذه الموارد ‪ ،‬و بالتالي سيكون من‬
‫الصعب إدامة عجلة الصناعة ‪ ،‬وهذا سيعيد المجتمعات الرأسمالية الى العصور القديمة باإلعتماد على الكفاءة و الحرفية‬
‫للعامل ‪ ،‬لغرض استمرار اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ .3‬الحروب التي شنتها الدول الرأسمالية لغرض احتكار موارد الطاقة ‪ ،‬ستكون نتائجها عكسية على الدول المستعمرة ‪ ،‬و‬
‫سيكون من الصعب اقامة نظام اقتصادي رأسمالي في تلك الدول ‪ ،‬و ولكثرة الدول التي تم استعمارها على خارطة العالم ‪،‬‬
‫ستولد فجوة كبيرة تعيق انتشار و نمو الرأسمالية‪.‬‬
‫‪ .4‬من خالل النتائج التي برزت خالل العقد األخير ‪ ،‬نالحظ إن الدول الرأسمالية هي الوحيدة التي تضررت بشكل كبير‬
‫باألزمات اإلقتصادية ‪ ،‬و إن هذه الدول هي السبب في ظهور هذه األزمات بسبب السياسة اإلقتصادية الحرة لديها ‪ ،‬و عدم‬
‫سيطرة الدولة على هذا النظام اإلقتصادي‪.‬‬
‫‪ .5‬التزال الدول التي نمت و تطورت في ظل النظام الرأسمالي تميل الى اتباع سياسة نظرة اإلستعالء تجاه بقية الدول التي‬
‫كانت تعمل ضمن المجموعه اإلشتراكية ‪ ،‬أو التي كانت تحاول أن تجمع بين الننظامين الرأسمالي و اإلشتراكي ‪ ،‬لهذا‬
‫برزت مجموعة الثمانية و مجموعة العشرين ‪ ،‬و التي تولد جراء سياساتها نفور من الدول التي تسير باإلتجاه المغاير لهذه‬
‫الدول‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬د‪ .‬خلف ‪ ،‬فليح حسن ( النظم اإلقتصادية) الرأسمالية ‪ ،‬الرأسمالية ‪ ،‬اإلسالم – الطبعه األولى _ أربد ‪ ،‬عالم‬
‫الكتب الحديث ‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬د‪ .‬دويدار ‪ ،‬محمد حامد (مباديء اإلقتصاد السياسي ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ج‪ )2‬جامعة اإلسكندرية ‪.1993 ،‬‬
‫‪ .3‬الموسوعه العربية ‪ ،‬المجلد الثاني ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬سوريا ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ .4‬القزوني (علي محمد تقي عبد الحسين)‪،‬األزمات االقتصادية للرأسمالية المعاصرة ‪،‬الجزائر‪ .‬ديوان المطبوعات الجامعية‪:‬‬
‫‪،89-80‬صفحة ‪.382‬‬
‫‪ .5‬دويدار( محمد حامد) ‪،‬شهاب (وجدي محمود) ‪ .‬االقتصاد السياسي‪.‬بيروت ‪:‬الدار الجامعية‪ .‬صفحة ‪.452‬‬
‫‪ .6‬متولي( هشام)‪ .‬الرأسمالية و االشتراكية والتعايش السلمي‪،‬لبنان ‪،‬بيروت ‪:‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫تموز يوليو ‪ .1990‬صفحة ‪.264‬‬
‫‪ .7‬ولعلو (فتح هللا) ‪.‬االقتصاد السياسي ‪.‬مدخل للدراسات االقتصادية‪ .‬لبنان ‪،‬بيروت‪:‬دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫‪.‬الطبعة األولى ‪ ..1981‬صفحة ‪.662‬‬

‫‪48‬‬

You might also like