Professional Documents
Culture Documents
النظام الاقتصادي الرأسمالي
النظام الاقتصادي الرأسمالي
جدول المحتويات
1
21-17 المبحث الثاني :النظام العبودي .8
39 - 22 الفصل الثاني :مراحل تطور النظام الرأسمالي .9
31-22 .10المبحث األول :النظام اإلقطاعي
37-31 .11المبحث الثاني :مراحل تطور النظام اإلقتصادي الرأسمالي
39 - 37 .12المبحث الثالث :تطور الرأسمالية في القرن العشرين
45 - 40 .13الفصل الثالث :السمات األساسية للنظام الراسمالي و عيوبه
42- 40 .14المبحث األول :السمات أألساسية للنظلم الرأسمالي
45 - 43 .15المبحث الثاني :عيوب النظام الرأسمالي
46 -45 .16الخاتمة
46 .17اإلستنتاجات
47 .18المراجع
المقدمة:
يحتل النظام اإلقتصادي أهمية خاصة و أساسية في حياة األفراد ،و المجتمعات ،و الدول ،و في عمل
اإلقتصادات و تطورها ،ذلك ألن النظم اإلقتصادية هي التي تتحدد من خاللها الكيفية التي تتم بموجبها القيام
بالنشاطات اإلقتصادية ،ومن خاللها تتحدد اإلهداف التي تتصل بتوفير العيش و الرفاه للمجتمع و أفراده ،و القوه
،و التقدم .
2
اإلقتصاد السياسي ال يقتصر على الجوانب ذات الطبيعه اإلقتصادية البحته ،و إنما يمتد الى ارتباطه
بالجوانب األخرى كافة ،المادية منها و الروحية ،السياسية ،اإلجتماعية ،الثقافية و كذلك العلمية سواء ان
اتصل هذا بالجوانب النظرية و الفكرية أو بالجوانب التطبيقية الواقعية.
قبل الدخول في تفصيل مفهوم اإلقتصاد الرأسمالي البد لنا من التعرف على مفهوم اإلقتصاد السياسي.
إن وضع تعريف يحدد ماهية النظام اإلقتصادي و مفهومه يشكل صعوبة كبيرة و ذلك إلرتباطه
بالجوانب الفكرية و النظرية إضافة الى الجوانب التطبيقية الواقعية ،و بالجوانب األخرى كافة التي تم ذكرها
سابقاً .هذ ا باإلضافة الى إختالف وجهات النظر بخصوص ما يعنيه النظام اإلقتصادي نتيجة إختالف المعتقدات و
األيديولوجيات و الزاوية التي ينظر من خاللها الى اليه ،و لكي تتكامل الصورة يجب ان تكون العالقة الترابطية
بين ما يلي متكاملة:
• الربط بين النظام اإلقتصادي و بين أساسه الفكري و النظري على أساس انه يعني مجموعه من األفكار و
المباديء المتماسكة التي يتم من خاللها تسيير كافة النشاطات بموجبها.
• الربط بين النظام اإلقتصادي و بين جوانبه التطبيقية الواقعية ،وهذا يعني ان المؤسسات اإلقتصادية يجب أن
تتسم بوحدة النشاط و تكامله من خالل تنظيم عالقات متناسقة بين كل مفردات النظام و بشكل محكم.
• ‘ ن النظام اإلقتصادي هو مجموعة من الترتيبات و العالقات التي تنظم و تنسق بين انشطة الوحدات اإلقتصادية
في قيامها بعملية اإلنتاج و من ثم التوزيع و اإلستهالك.
بناءاً لما تقدم يمكن تحديد ماهية النظام اإلقتصادي على انه:
.1أنه يمثل مجموعه من المتغيرات األساسية التي تحدد أداء إقتصاد معين كملكية و وسائل إنتاج و أهداف المجتمع.
.2في تحديد النظام يتم الربط بين ما يحدد اإلنتاج من ناحية الطلب الذي تحكمه الحاجات المتعددة و المتطورة ،و كيفية
تنظيم اإلنتاج .
.3النظام اإلقتصادي نظام معقد للتنظيمم بين اإلفراد و الجهات التي تساهم في النشاطات اإلقتصادية التي تلبي
الحاجات البشرية المادية( تلبية الحاجات المادية حصراو ليس الروحية اي المعنوية).
3
.4النظام اإلقتصادي هو النظام الذي يوفر الحلول للمشكالت التي تثيرها الندرة و اإلعتماد المتبادل لتركيب اإلنتاج و
خصائصه ،و توزيع الدخل ،و معدل النمو اإلقتصادي.
.5ايضا يمكن اإلشارة الى إن النظام اإلقتصادي هو مجموعة الحوافز و الوسائل الكلية التيالتي يتم تفضيلها من بين
األهداف البديلة للنشاط اإلقتصادي الذي يتم تحديده ،و كيفية التنسيق بينها لتحقيق األهداف.
و رغم تعدد المفاهيم التي تحدد النظام اإلقتصادي إال انه يمكن اإلشارة اليه بأنه مجموعة القواعد و المباديء التي تحدد
الوسائل و المؤسسات ،و اإلجراءات ألداء النشاطات اإلقتصادية و نموها بما يحقق اإلستخدام الكامل و الكفوء للموارد ،
و الذي يتحقق من خاللها تلبية اإلحتياجات الخاصة بالفرد و المجتمع و بصورة عادلة.
.1الطريقة التي يحدد المجتمع بموجبها إحتياجاته من السلع و الخدمات ،المادية منها ،و الروحية ( المعنوية) و
ترتيبها وفق أهميتها النسبية.
.2طبيعة المؤسسات ( الوحدات اإلقتصادية) التي تمارس النشاطات اإلقتصادية بما يلبي اإلحتياجات\\\ن و كذلك
الوسائل و اإلجراءات التي تؤدي بموجبها المؤسسات نشاطاتها اإلقتصادية.
.3الكيفية التي يتم بموجبها التنسيق و الترابط بما يضمن تكامل عمل الوحدات اإلقتصادية عند قيامها بنشاطاتها
اإلقتصادية.
.4األسس الفكرية و اآليديولوجية التي تحكم عمل النظام اإلقتصادي ،و مؤسساته ،و إجراءاته و ما يقوم به من نشاط.
.5الكيفية التي تحقق للنظام استمرار نمو اإلقتصاد و تنميته ،بما يضمن تقدمه ،عن طريق تطوير نشاطاته اإلقتصادية
بالشكل الذي يخدم عملية تلبية اإلحتياجات المتطورة.
4
و بهذا فإن النظام اإلقتصادي ،يحدد بطبيعته المرتبطه بسماته األساسية ،و آلية عمله حجم اإلنتاج،و أنواعه ،و كمياته ،و
طريقة اإلنتاج و تنظيمه ،و توزيع اإلنتاج ،و توفير الحوافز و الدوافع للقيام بالنشاطات اإلقتصادية بما يضمن نموها و
تطورها ،لذا نجد إن النظام اإلقتصادي مرتبط بأطر نظرية و فكرية تحددها اآليديولوجية التي يستند اليها النظام ،و يقوم
على اساسها ،و من خالل ارتباطه اللصيق بالواقع الذي يحكم آلية عمله بالشكل الذي يلبي إحتياجات الواقع و البيئة التي
يعمل فيها،لذا فأنه عرضة للتغيير استجاب ة للمستجدات و تطورات الواقع مع الحفاظ على اساسياته ،و من جانب آخر فإنه
يرتبط بالجوانب السياسية و اإلجتماعية و الدينية ،و الثقافية.
توجد العديد من السمات الخاصة بكل نظام إقتصادي ،إال ان هنالك سمات تعتبر السمات األساسية للنظام
األساسي ،مع اإلختالف في درجة اإلهمية و التركيز على كل منها قياسا ُ باألخرى ،و من أبرز السمات األساسية للنظام
اإلقتصادي ،ما يلي:
.1الملكية :و هي السمة التي تتصل بالحقوق الموجوده ،و حق التصرف بها ،و حق اإلستعمال و اإلستخدام ،و حق
اإلنتفاع بالشيء ،و الملكية كسمة اساسية للنظام اإلقتصادي تتمثل في ملكية وسائل اإلنتاج و النشاطات اإلقتصادية ،
و التي ترتبط بدرجة وثيقة و قوية بالسمات األساسية األخرى للنظام ،ذلك إن الملكية هي التي تحدد آلية إتخاذ القرار،
و من يتولى مهمة إتخاذ القرار ضمن اآللية المعينة للنظام.كذلك تحدد الحوافز التي توفرها اآللية لعمل النظام ،و
تحدد ايضا األهداف المراد تحقيقها و الوصول اليها خالل عمل النظام و نشاطه.
.2اآللية التي يتم بموجبها تخاذ القرارات الخاصة بالنشاطات اإلقتصادية:إن السوق هو اآللية التي يتم بموجبها اتخاذ
القرارات الخاصة ل وسائل اإلنتاج و النشاطات اإلقتصادية ،ألن الملكية الخاصة لوسائل هذه تتضمن إتخاذ القرارات
5
من قبل الجهات الخاصة صاحبة الملكية بخصوص بخصوص استخدامها في النشاطات أفراداً أو مشاريع ،على
اساس حر و إستنادا الى ما تفر زه السوق من مؤشرات ،حيث يتم التوجه في إستخدام الموارد المملوكة نحو
المجاالت التي تحقق أكبر فائدة ،و هي المجاالت التي ترتفع فيها األسعار ،و التي يزيد فيها الطلب على العرض،
ألنها تحقق ربحية أكبر لها ،في حين ال يتم إستخدام مواردها نحو المجاالت التي تنخفض فيها األسعار ،و التي يزيد
فيها العرض على الطلب إلنخفاض ربيحة استخدام الموارد فيها ،و هو األمر الذي يبين آلية عمل السوق.
.3الهدف :إن تحديد الهدف أو األهداف التي يسعى النظام اإلقتصادي الى تحقيقها تمثل سمة أساسية للنظام و ترتبط
بطبيعته ،حيث إن الهدف األساسي للنظام اإلقتصادي الذي يقوم على أساس الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج و
النشاطات اإلقتصادية يتمثل بالسعي الى تحقيق أكبر ربح ممكن بإعتبار إن الربح هو المعيار الذي يتم بوجبه تحقيق
أكبر مصلحة للمالك لوسائل اإلنتاج و النشاطات اإلقتصادية ،و كذلك هو الحافز الذي يدفعه نحو القيام بهذه
النشاطات.
تختلف األهداف التي يمكن للنظم اإلقتصادية تحقيقها أو السعي لتحقيقها من نظام إقتصادي آلخر ،و حسب سماته و
طبيعته ،و ما يستند اليه من أسس ،و وفقاً آلليته ،و ما يتخذه من وسائل ،و ما يقوم به من نشاطات ،و بإستخدام الصيغ
و اإلجراءات التي تسهم في هذا التحقق ،و كذلك تختلف من دولة ألخرى ،و من وقت آلخر ،و حتى في ظل نظام معين
و مراعاة حالة اإلقتصاد و حاجته ،و رغم ذلك فإن هناك العديد من األهداف العامة التي يمكن لكافة النظم اإلقتصادية أن
تحققها ،أو تسعى لتحقيقها ،و لكن بقدر و تركيز قد يتفاوت لبعضها بالقياس مع البعض اآلخر ،و من هذه األهداف:
.1النمو اإلقتصادي :و الذي يتمثل بزيادة حجم اإلنتاج الحقيقي الذي يولده اإلقتصاد المعين ،و زيادة حصة الفرد
من الناتج الحقيقي عبر الزمن ،حيث إن المهم أن يزداد الناتج الحقيقي و الذي يتحقق بزيادة إنتاج اإلقتصاد من
السلع و الخدمات حتى يزداد نصيب الفرد من السلع و الخدمات التي يمكنه الحصول عليها و بما يسمح بزيادة
مستوى معيشته ،و إرت فاع درجة رفاهيته ،و تحسين نوعية حياته ،و هو ما يرتبط بتركيب اإلنتاج و تكلفته
اإلجتماعية و ظروف و شروط العمل ،و توزيع اإلنتاج بين اإلستهالك و اإلستثمار ،و هو األمر الذي يتوقف
6
على نمو الموارد و كيفية إستخدامها ،و الهدف أو األهداف التي يتم إستخدامها ،و الكفاءة التي تتحقق في هذا
اإلستخدام.
.2الكفاءة :و تعني مدى الفعالية التي يستخدم بها النظام اإلقتصادي و موارده و إمكاناته اإلقتصادية في الفترة
الزمنية المحددة ،و التي تمثل الكفاءة الساكنة ،و التي يتحقق معها أقصى إنتاج ممكن بإستمرار موارد و
إمكانات معينة في اإلقتصاد خالل الفترة الزمنية المعينة ،أو الكفاءة الحركية ( الديناميكية) التي تمثلها قدرة
النظام اإلقتصادي على زيادة طاقته على إنتاج السلع و الخدمات عبر الزمن بدون زيادة الموارد بضمان كفاءة
إستخدام الموارد ،و تتحقق الكفاءة في النظام اإلقتصادي من خالل كفائته في تخصيص الموارد ،ثم ضمان
إستخدامه التام لهذه الموارد وضمان تحقق الكفاءة في إستخدامها ،بحيث يتم قياس الكفاءة الساكنة بنسبة إنتاج
النظام اإلقتصادي الى المدخالت التي توفرت له و إستخدمت فيه ،في حين تقاس الكفاءة الحركية بتغيرات هذه
النسبة عبر الزمن.
.3اإلستقرار اإلقتصادي :و الذي يتضمن تحقيق اإلستقرار الداخلي ،أي إستقرار المستوى العام لألسعار ،و الذي
هو المتوسط العام ألسعار جميع السلع و الخدمات في اإلقتصاد و الذي يحقق التوازن ،بين العرض الكلي و
الطلب الكلي في اإلقتصاد ،و الذي يرتبط به إستقرار قيمة العملة الحلية من الداخل أي قوتها الشرائية التي
يمثلها القدر من السلع التي تشتريها وحدة النقد ،و كذلك اإلستقرار الخارجي ،و الذي يتمثل بإستقرار قيمة
العملة المحلية في ا لتعامل مع الخارج ،أي سعر صرفها ،و الذي يحصل بالتوازن بين الصادرات و الواردات
،أي التوازن بين ما يترتب على اإلقتصاد دفعه الى الخارج ،مقابل ما يحصل عليه اإلقتصاد من العالم
الخارجي ،نتيجة لمعامالته اإلقتصادية مع العالم.
.4العدالة كهدف أساسي للنظام اإلقتصادي :و التي يمكن أن تتحقق من خالل اآللية التي يعمل بموجبها ،و بما
يضمن قيامه بنشاطاته ،و بالصيغ التي تؤدي الى تلك النشاطات ،بالشكل الذي يتحقق من خالله الحد من التفاوت
في توزيع الدخول ،و الثروات و رؤوس األموال ،و من ثم الحد من التفاوت في توزيع السلع و الخدمات ،و بما
يحقق عدالة أكبر.
و العدالة في إطار عمل النظام اإلقتصادي قد يتم التطرق اليها بطرق مختلفة و حسب طبيعة النظام
اإلقتصادي ،حيث إن العدالة اإلقتصادية التي يمكن النظر اليها من زاوية النظام بحتة ،اي التي يمكن قياس
تحققها بإستخدام المعايير اإلقتصادية ،و التي تتحقق من خالل التوازن بين العائد أو المردود أو المكافأة
7
اإلقتصادية من ناحية ،و بين العمل أو الجهد أو النشاط المرتبط بذلك من ناحية أخرى ،و إن هذه المكافأة
محكومة بإنتاجية العمل ،أو الجهد أو النشاط ،كما إن العدالة يمكن النظر اليها من زاوية إجتماعية ،أي يمكن
قياسها بمعايير إنسانية و إجتماعية و قيمية تتضمن مدى تحقق العدالة في مستويات العيش ،و نوعية الحياة و
درجة الرفاهية و بدون حصول تفاوت في ذلك.
.5أهداف التنمية :و هي مدى قدرة النظام اإلقتصادي و من خالل سماته األساسية و نشاطاته ،و الصيغ و
األساليب و ال وسائل و اإلجراءات التي تتم بها هذه النشاطات على تحقيق أهداف التنمية ،و بطريقة سريعة ،و
مدى نجاحه في إحداث التغيرات الهيكلية المطلوبة ،بحيث يزداد نصيب الناتج الصناعي و تتطور القطاعات
اإلنتاجية األساسية ،و يزداد نصيب اإلستثمار اإلنتاجي ،و ما إلى ذلك ،من أهداف التنمية ،و هذا يعتمد على
طبيعة التنمية و إستراتيجياتها و أهدافها و وسائلها.
.6الحفاظ على الوجود الوطني و القومي :و الذي يرتبط بمدى قدرة النظام و كفائته و نجاحه فيالحفاظ على وجود
المجتمع،و إحتفاظه بهويته الوطنية و القومية وبما يضمن إستقالليته ،و ذلك بإمتالك القوة السياسية و العسكرية
و اإلجتماعية ،باإلضافة الى القوة اإلقتصادية ،و هو ما يتطلب ضرورة تخصيص موارد رأسمالية و بشرية
للدفاع القومي للحفاظ على على وجوده و تماسكه الداخليز
غاية البحث ( :مشكلة البحث ) التعرف على النظام اإلقتصادي الرأسمالي و كيف نشأ و ماهي مراحل هذا النظام و
آلية عمل هذا النظام ،و ماهي اهم سمات و عيوب هذا النظام.
.1المقدمة
ماهية اإلقتصاد السياسي . أ-
ب -السمات األساسية لإلقتصاد السياسي.
8
ج -أهداف النظام اإلقتصادي
.2غاية البحث :التعرف على النظام اإلقتصادي الرأسمالي و نشأته و النظم السابقة على الرأسمالية و مراحل
النظام الرأسمالي و سمات النظام الرأسمالي و عيوبه.
.3الفصل األول :نشوء النظام الرأسمالي.
المبحث األول:النظام البدائي. أ-
ب -المبحث الثاني :النظام العبودي .
.4الفصل الثاني :مراحل تطور النظام الرأسمالي.
المبحث األول:النظام اإلقطاعي أ-
ب -المبحث الثاني :مراحل النظام اإلقتصادي الرأسمالي.
.5الفصل الثالث :السمات األساسية للنظام الراسمالي و آلية عمله و عيوبه.
المبحث األول :السمات أألساسية للنظلم الرأسمالي. أ-
ب -المبحث الثاني :آلية عمل النظام الرأسمالي.
ج -المبحث الثالث :عيوب النظام الرأسمالي.
.6الخاتمة ( الخالصة).
.7اإلستنتاجات.
.8المراجع.
9
الفصل األول
النظام البدائي
10
ومن اجل متابعة خطوات التطور يجب أن نركز على الدول التي عرفت التقدم وخاصة التطور االقتصادي .فإذا رجعنا
إلى الوراء نجد أن الحياة االقتصادية كانت قبل القرن السادس عشر أي قبل ميالد االقتصاد الرأسمالي ضيقة ترتبط
باإلطار العائلي أو المحلي ولم يكن الفكر االقتصادي له وجود مستقل كانت انطباعات تتعلق بالواقع التي وجدت في
المجتمع في تلك األزمنة ال شان لها بالتحليل العلمي بل كانت معلومات خاصة بما كان يجري في الحياة االقتصادية
للمجتمع في ذلك الزمان ومع اتساع التجارة بفضل االكتشافات واالختراعات وكذلك بزوغ تفكير جديد ومتفتح كان رائدا
للتطور البشري حيث سايرت هذه التطورات التاريخية تحوال في مركز االنطالق االقتصادي أي المركز الذي تنطلق منه
كل المبادرات والذي يعتبر أساس التقدم المادي حيث أن هذا األخير إلى غاية القرن السادس عشر وطوال التاريخ القديم
والقرون الوسطى وعصر النهضة مستقرا في البحر األبيض بين شرقه وغربه ثم انتقل إلى أوربا خاصة انجلترا التي
لعبت دور القيادة االقتصادية مدة قرنين ومع ظهور قواعد اقتصادية خارج أوربا خاصة الواليات المتحدة والتي أصبحت
مركز اإلشعاع االقتصادي.
فهذه التطورات االقتصادية أدت إلى ظهور أنظمة اقتصادية جديدة فبعدما كان االقتصاد مغلقا أو محدودا أو خاضعا
لعالقات إقطاعية أصبح اقتصادا متفتحا تقوده المصالح الفردية في إطار النظام الرأسمالي .
الواقع االقتصادي
كانت الحياة االقتصادية في العصر البدائي تربط بين اإلنسان والطبيعة بصفة مباشرة حيث اعتمد اإلنسان على صيد
الحيوانات والمنتجات التي توجد في الطبيعة ثم قام بتربية الحيوانات األليفة واستطاع أن يخترع وسائل إنتاج مكنته من
فالحة األرض ثم تجمع الناس وشكلوا العائلة التي أصبحت الخلية األساسية للحياة االقتصادية واتسم هذا النشاط في
مراحل التاريخ القديم بتمركزه في العائلة التي يقوم أعضاؤها بإنتاج كل الحاجيات ويستهلكون كل ما ينتجون فليس هناك
أس واق وال نقود ثم بدأت المبادالت بين األفراد على أساس المقايضة وكانت هذه المبادالت االقتصادية داخل العائلة
خاضعة ألوامر األب الذي يتحكم في األفراد وهذا ما عرف بنظام العائلة األبوية حيث اتسع هذا النظام نتيجة النتشار
الرق في اليونان وفي اإلمبراطورية الرومانية و اعتبر العبيد جزء ال يتجزأ من بنية العائلة على أساس تبعيتهم المطلقة
لمالكهم وأدى انتشار الرق بعد اإلمبراطورية الرومانية إلى تدعيم النظام اإلقطاعي الذي ساد أوربا في القرون الوسطى
وكان السيد هو صاحب المبادرة االقتصادية من خالل الجماعات الذين يعيشون حول إقطاعيته مرتبطين باألرض يقومون
بزراعتها نقابل قسط من اإلنتاج يسلمونه للسيد الذي يتعهد بحمايتهم من غزوات قوات مجاورة فهم يعملون بدون مقابل
11
فهذه العالقة بنية على العبودية والتبعية المطلقة وكان الهدف من النشاط االقتصادي هو االستجابة للحاجيات األكثر
ضرورية لسكان ا لمدينة ثم عرفت المدن الصغيرة التي ظهرت في القرن العاشر والحادي عشر اقتصادا حرفيا له قوانين
وأعراف خاصة ويعتمد على ملكية وسائل اإلنتاج لكن حدوده كانت ضيقة.أما العالم العربي كان يعرف إلى غاية القرن
الحادي عشر حياة بدوية وتعتبر العائلة خليتها االقتصادية وقد لعبت البحار خاصة البحر األبيض المتوسط دورا كبيرا في
اتساع رقعة النشاط االقتصادي وعالقة الشعوب في ما بينها كما سهلت هيمنة األنظمة السياسية وقد كان شرق البحر
األبيض المتوسط مركز االنطالقة والهيمنة حيث أن المصريين الفراعنة سيطروا عليه سيطرة مطلقة وجاء الفينيقيون
ليؤسسوا عبر كل البلدان المتاخمة للبحر موانئ ومدن لعبت دورا مهما في الربط بين شرق البحر وغربه وبين إفريقيا
واسيا وأوربا وظهرت مدن مثل قرطاجنة و طنجة ثم جاءت الحضارة اإلغريقية لتوطد وحدة البحر ثم السيطرة الرومانية
التي جعلته نهرا ينساب بين أقاليمها.
ولكن ظهور الديانات المسيحية واإلسالمية مكنت من الوحدة الدينية التي ففرضت وجودها مع إنشاء الطرق التجارية
بين مختلف البلدان وقد أدت الحروب الصليبية إلى إمكانية الزيادة في التيارات التجارية بين الغرب والشرق كما عرفت
المدن االيطالية مثل البندقية وأدى النمو من خالل البحرية التجارية االيطالية إلى اتساع المبادالت بالنسبة لبعض السلع
مثل التوابل والحرير مع الشرق العربي وبدأت تظهر في أوربا األسواق الموسمية عبر أقاليم الزاس والفالند تباع فيها
السلع التي تصدر عن المدن االيطالية الساحلية ثم تمكن االسرائليون من تحمل النشاط التجاري خاصة في أوربا ألنهم
كانوا يعيشون على هامش التنظيمات اإلقطاعية المتعلقة وكانوا ينتقلون بسرعة عبر األقاليم والبلدان هروبا من كل قمع
عنصري ولقد عرفوا في هذه الفترة "حاملي التقدم "ألنهم كانوا يكنون العنصر الوحيد الذي يقدم على كل أشكال التجارة.
ولقد جاء مطلع القرن السادس عشر ليبدل االتجاه االقتصادي في العالم واضطلع المحيط األطلسي بالدور األساسي
في المبادالت االقتصادية من خالل األحداث التاريخية للتحوالت الكبرى التي أثرت على مجرى التاريخ فصعود القوات
البرتقالية التي شيدت بحرية قوية وغزت عدة مناطق في إفريقيا وأسست موانئ فيها ثم اكتشفت طرق بحرية وخاصة
طريق رأس الرجاء الصالح إضافة إلى اكتشاف فاسكوديكاما البرتغالي سنة 1498بمساعدة بحارة عرب واثر كبير في
بلوغ البرتغاليين الهند بعدما هزمت القوات العربية في البحر األحمر واستولوا على الطريق اإلستراتيجية التي تربط أوربا
باسيا وكان ذلك انطالقا لالمبريالية األوربية في إفريقيا واسيا .
بيد أن اكتشاف أمريكا من طرف كريستوف كولومبس سنة 1492ذلك االكتشاف الذي فتح آفاق أخرى ومهد
الطريق نحو انتقال الحضارة األوربية إلى هذه القارة الجديدة وغير مجرى التيارات التجارية .
12
وقد استمرت قدرات االنسات بالتطور من خالل تطويه بالوسائل واالدوات التي استخدمها في تأمين متطلبات
وحمايته وضمان بقائه واستمراريته في الحياة وذلك عن طريق استحداث وسائل و ادوات اخرى اكثر تطور عيشه
والتي اصبح يصنعها اعتمادا على ما متوفر له في الكبيعة وبالذات الحجر و العصا واستخدامها في ايجاد ادوات جديدة
اكثر تطور رغم بساطتها وبدائيتها اال انها افادت االنسان كثيرا في عيشه وفي توفير الحماية له باستخدامها في الصيد
وقطع االشجار وفي الدفاع عن نفسه وفي الحفر الذي مكنه من اقامة اماكن يلجأ لالحتماء بها في حالة حاجته لذلك لدرء
المخاطر التي كان يتعرض لها .
وقد يكون مهما االشارة الى ان النظام االقتصادي الذي كان سائدا انذاك والمرتبط باالوضاع المذكورة كان
نظاما مكتفيا ذاتيا وبصورة بدائية واعتمادا على ما يتوفر له من متطلبات عيشه وبالذات غذائه وبابسط اشكال هذا الغذاء
وبادنى مستوى له والضروري له لعيشه وبقائه وبدون ان يتاح له تحقيق فائض من نشاطه الذي كان بسيطا وبدائيا
وباستخدام ادوات بسيطة وبدائية وبحيث ان ما يحصل عليه االنسان اليكاد يكفي متطلباته الضرورية جدا وبصعوبة بالغة
البل ان االمر قد يتضمن في حاالت ليست بالقليلة عدم حصول االنسان على ما يلبي هذه المتطلبات والتي ينجم عنها
تعرض حياته للخطر من خالل المجاعات و الموت بسبب ذلك .
ومن المهم توضيح حصول العديد من التطورات الهامة و االساسية في النظام البدائي والتي تحققت خالل فترات
زمنية طويلة ومنها :
.1التطور في االدوات و الوسائل التي استخدمها االنسان في توفير متطلبات عيشه وحمايته وبقاءه وبالذات من
خالل انتقاله من االستخدام المباشر لما هو متاح له في بيئته من هذه الوسائل و االدوات وبالذات الحجرية و
الخشبية الى قيامه بتغيير وتحويل وتطوير ومن ثم صنع هذه الوسائل واالدوات التي كانت ابتداءا حجرية
وخشبية وبعد ذلك اصبحت معدنية والتي ادت الى زيادة قدراته االنتاجية وزيادة انتاجيته اضافة الى زيادة قدرته
في الدفاع عن نفسه وتأمين الماية له من االخطار التي تحيط به .
.2تطور اللغة اعتمادا على االشارة باستخدام اطراف االنسان وبالذات يده للتعبير عن افكاره وما يجول في ذهنه
من خواطر و اراء وكذلك من خالل اتخاذ االشارة الصوتية باستخدام قدرة االنسان على الكالم و التحدث مع
االخرين التي تطور استخدامها بنشوء اللغة او اللغات لكل جماعة من المجموعات البشرية وقد مثل ظهور اللغة
بمختلف اشكالها حتى االولية منها الى تطوير قدرات االنسان من خالل تبادل المعارف و الخبرات والتجارب
13
بين االفراد وان كانت بشكل بدائي واولي وبسيط وبالشكل الذي ادى الى تطوير قدراته على تأمين متطلبات
عيشه وحمايته وبالذات من خالل تطوير الوسائل و االدوات التي يستخدمها في ذلك ومن خالل تعاونه مع
ا الخرين لتأمين هذه المتطلبات وهو االمر الذي اسهم في زيادة انتاجه و انتاجيته من خالل مساهمة اللغة في
توحيد جهود الناس عبر نشاطهم الحياتي وبالذات في مجال سعيهم من اجل ضمان عيشهم وبقاءهم واستمرارهم
في الحياة والشك ان قدرة االنسان على التفكير هي التي اتاحت له تطوير قدراته على التعبير عن التفكير هذا
من خالل تطوير اللغة .
.3اكتشاف النار واستخدامها الغراض عديدة منها كوسيلة العداد بعض الوسائل و االدوات من خالل تكييف
الحجارة والعصي من اجل زيادة امكانية استخدامها وزيادة متانتها وكذلك استخدامها الغراض التدفئة وطهي
الطعا م وحتى كوسيلة لمكافحة الوحوش الضارية التي تخشى النار وتهرب عند اشعالها وكذلك استخدامها في
صناعة الفخار لالواني الطينية والتي سمحت بالتخزين ,وان هذا االستخدام للنار تطلب فترة غير قصيرة بدءا
باكتشافها عن طريق الحصول عليها بحك حجر باخر او بحك قطعة خشبية باخرى ومن ثم توصله الساليب
الحصول على النار وبصورة مكنته من زيادة قدرته على توفير متطلبات عيشه وحمايته وبالذات من خالل
توسيع موارد الطعام من ناحية وجعل غذائه اكثر سهولة في الهضم واكثر امكانية لتغذيته وتطوير قدرته على
زيادة انتاجه وبالذات بتطوير الوسائل واالدوات التي كان يستخدمها في االنتاج والتي ازدادت من حيث تنوعها
وتطورت بزيادة درجة اتقانها رغم انها بقيت رغم ذلك بدائية وبسيطة ومرتبطة بمرحلة النظام البدائي التي
تحققت في اطاره .
.4التوصل الى الزراعة حيث ان االنسان بتطوره وتطور االدوات والوسائل المتاحة الستخدامه رغم بدائيتها
وبساطتها مكنته من االنتقال من التاعمل المباشر مع ما متاح في الطبيعة من موارد لعيشه ذات االصل النباتي
باقتصاره على عملة جمع االغذية النباتية الى زراعة بعض انواع النباتات بغرسها وهذا لم يكن ممكنا اال
بتوصله الى االدوات التي تتيح له ذلك والتي منها االدوات الخاصة بالغرس كالعصا التي تمكنه من الحفر
وغيرها من االدوات التي اصبح بامكانه استخدامها في الزراعة بعد صنعه لها سواء تلك التي تساعده في
تحضير التربة للزراعة او في غرس النباتات ورعايتها واستخدموا ادوات في تسوية التربة وفي حصاد
المحصول النباتي وغيره ا ,ومثلت الحبوب كالقمح و الشعير و الذرة وغيرها من اهم واول النباتات التي
زرعها االنسان البدائي والتي شملت معظم النباتات وبالذات الغذائية منها المعروفة حاليا كالذرة الصفراء و
14
البطاطا وغيرها و التي ادت الى تقليل اعتماد االنسان على االعتماد المباشر على ما يتوفر له من موارد طبيعية
وبالشكل الذي زادت معه قدرته على تكوين احتياطيات منها لتأمين حاجته .
.5تربية الحيوانات وبالذات المواشي منها والتي اسهمت فيها تطورت قدرات االنسان على الصيد و باالحتفاظ
بالحيوانات التي يتم صيدها من اجل تربيتها بدال من ذبحها حيث اهتدى االنسان الى امكانية القيام بذلك عن
طريق االحتفاظ بالحيوانات لفترة اطول وتربيتها وهو ما وفر امكانية لالنسان في استخدام الماشية كمصدر
لغذائه من لحوم وحليب ولمتطلبات حياته من جلود وصوف والستخدام بعضها في النشاطات التي يوءدي بها
عمله وبالذات في الحراثة و السقي و الدرس وغيرها من النشاطات المرتبطة بممارسته لنشاط زراعة
المحاصيل النباتية من اجل زيادة انتاجها وتقليل الجهد الذي يتطلبه هذا االنتاج من االنسان باستخدام الحيوانات
في القيام ببعض جوانب النشاط الزراعي النباتي اضافة الى انتاجها الحيواني .
.6ان تطور قدرات االنسان االنتاجية وبالذات من خالل تطور الوسائل و االدوات التي يستخدمها في انتاجه وما
نجم عنه وارتبط به من تخصص وتقسيم عمل بدائي تم على اساس قيام بعض المجاميع البشرية بالزراعة وقيام
مجاميع اخرى بتربية الماشية والذي رافقه تحقق فائض في االنتاج نتيجة لزيادة القدرات االنتاجية واصبح هذا
الفائض محال لتبادل بين المجاميع البشرية التي امتهنت الزراعة و المجاميع االخرى التي امتهنت تربية الماشية
اضافة الى مجاميع اخرى اقل امتهنت الصيد والقنص وبداية ظهور بعض النشاطات الحرفية ,وكان هذا التبادل
يتم بشكل عيني في الغالب وكان محدودا بسبب محدودية الفائض الناجم عن محدودية االنتاج و الذي كان هدفه
االساسي توفير االحتياجات الذاتية للمنتجين انفسهم ووجود الفائض و التبادل رغم محدوديته سمح في المراحل
االخيرة من تطور النظام البدائي ببدايات ظهور الملكية الخاصة وبالذات لبعض االفراد الذين يسهمون بدرجة
اكبر في االنتاج رغم ان هذه الملكية كانت بالضرورة محدودة و و ارتباطا بمحدودية االنتاج و الفائض .
.7ان التنظيم االجتماعي في النظام البدائي هذا اتخذ شكل قبائل تتكون من عدة عشائر وكل عشيرة تتكون من عدد
االسر ومثلت العشيرة و االسرة اساس التنظيم االجتماعي وفي اطار هذا التنظيم تم ظهور نوع بدائي من
التخصص وتقسيم العمل حتى في االسرة بعد تكونها حيث ان المجاميع او القبائل التي تمتهن الزراعة يقوم
رجالها باستصالح االرض وزراعتها في حين تؤدي النساء اعداد الغذاء لالسرة و القيام ببعض االعمال
المنزلية البسيطة و المساعدة في الزراعة ,وان المجاميع او القبائل التي امتهنت تربية الحيوان يتولى الرجل
هذه المهمة في حين ان القيام بتجهيز الجلود و النسيج بشكله البدائي و االعمال المنزلية وبالذات اعداد الطعام
تتواله المرأة في حين ان المجاميع التي امتهنت الصيد يقوم رجالها بمهمة الصيد والقنص في حين تتولى المرأة
15
مهمة جمع الثمار و النباتات البرية واعداد الطعام ,وهكذا فأن التخصص الواسع على مستوى المجاميع البشرية
التي امتهنت الزراعة و المجاميع البشرية التي امتهنت تربية الحيوانات و المجاميع االخرى االقل التي امتهنت
الصيد تضمن تخصصا على مستوى االسرة وهو االمر الذي ادى الى زيادة االنتاج و الفائض و المبادالت
والملكية الخاصة رغم محدودية كل ذلك وبدائيته اال انه يعد تطورا هاما واساسيا في ممارسة االنسان لشؤونه
في الحياة ضمن النظام البدائي هذا .
.8يجب ان يكون معلوما وكما اشرنا الى ذلك ابتداءا بانه اليوجد اتفاق على كافة جوانب عمل النظام البدائي والذي
تم في اطاره ممارسة االنسان لنشاطاته االقتصادية من اجل توفير احتياجاته و التي كانت بسيطة ومحدودة
وبالذات ما هو ضروري جدا منها ,وقد اختلفت هذه الممارسة حسب ظروف المكان والزمان اي انها اختلفت
من مجتمع الخر ومن وقت الخر في المجتمع الواحد خاصة اذا تم االخذ في االعتبار ان فترة عمل النظام
البدائي وتطوره كانت طويلة جدا واستغرقت مئات االلوف من السنين وان ما هو مؤكد منها محدود بسبب عدم
تدوين وتثبيت ما تم فيه نتيجة ضعف القدرة على القيام بذلك وقد تكون االعراف و التقاليد و العادات التي
تطورت عبر هذه الفترات الزمنية الطويلة جدا و التي اصبح المجتمع ينظم حياته على اساسها و الذي يتطلب
منه تعاون افراده لتوفير مستلزمات عيشهم من ناحية ولتأمين حمايتهم من ناحية اخرى و بالتالي االعتماد على
العمل الجماعي في ذلك وتوزيع المنتجات والجهود على افراد الجماعات على اساس جماعي كذلك ,ثم تطور
تنظيم ممارسة هذه الجماعات بتطور االشكال االجتماعية فيها و بالذات القبائل و العشائر حيث اصبح رؤساء
هذه العشائر و القبائل هم الذين يوجهون عمل الجماعات ومن خالل مشورتهم واستنادا الى ما تطور لدى هذه
الجماعا ت من اعراف و عادات وتقاليد ترتبط بذلك وهو االمر الذي يبرز معه المضمون الجماعي لهذا النظام
لذلك يطلق عليه نظام المشاعية البدائية ارتباطا بمضمونه الجماعي هذا ,ولعل ما يؤكد وجود النظام البدائي هو
ان بعض سماته هذه بقيت موجودة حتى وقت قريب في بعض المناطق التي تعيش حالة البدائية .
الفصل األول
المبحث الثاني
16
النظام العبودي
ان ما تحقق من تطورات في الفترات االخيرة من النظام البدائي مثلت االساس الذي برزت معه بدايات نشوء النظام
العبودي والذي ساد في العصور القديمة وبالذات في الحضارات الغربية القديمة التي مثلتها دول المدن كما هو الحال في
الحضارة الرومانية في روما والحضارة اليونانية في اثينا والى حد ما في الحضارات الشرقية القديمة كحضارة وادي
الرافدين في بابل وفي حضارة وادي النيل وغيرها رغم وجود اختالف في الرأي بخصوص مدى سيادة النظام العبودي
في الحضارات الشرقية انذاك اال ان ما يكاد يكون هنالك عليه هو ان الحضارات الغربية القديمة شلدت والدة هذا النظام
ونشأته في الفترة بين 4000 – 6000سنة ق .م حيث ان زيادة قدرات االنسان االنتاجية وزيادة واتساع استخدامه
لوسائل وادوات االنتاج وبالذات المعدنية منها وما ادى اليه ذلك و الذي تمثل بزيادة انتاجيته وزيادة انتاجه وما رافقه من
تخصص وتقسيم عمل بين المجاميع البشرية التي تخصصت في الزراعة والمجاميع البشرية التي تخصصت في تربية
الحيوانات والمجاميع البشرية االقل التي امتهنت الصيد او تلك التي بدأت بامتهان بعض النشاطات الحرفية وبالذات ما
يتصل منها بصنع ادوات االنتاج و االدوات المنزلية وادوات الحماية و الدفاع عن النفس وغيرها مما تطلبته االوضاع
انذاك وهو االمر الذي افرز معه تحقق فائض من انتاج المنتجبين وادى الى زيادة المبادالت ونشوء الملكية الخاصة
وبالذات لبعض اال فراد سواء من رؤساء او وجهاء القبائل و العشائر او من المنتجين الذين مكنتهم ظروفتهم وقدراتهم
الخاصة على امتالك مثل هذا الفائض من خالل ملكيته ملكية خاصة باالسرة والفرد بعد ان كان الفائض و المبادالت
والملكية ملكية جماعية للجماعة التي مثلتها القبيلة او العشيرة في المراحل االخيرة من تطور النظام البدائي .
ونتيجة زيادة القدرات االنتاجية لالنسان وزيادة استخدامه الدوات ووسائل االنتاج وزيادة انتاجيته وظهور التخصص
وتقسيم العمل تحقق الفائض ونشوء المبادالت واتساعها وظهور الملكية الخاصة التي اصبحت فردية بعد ان كانت جماعية
و التي ارتبطت بتحقق الفائض الناجم عن زيادة االنتاجية واالنتاج وهو ما افرز معه وعبر فترة زمنية الى نشوء مجتمع
طبقي يقوم على اساس وجود طبقتين اساسيتين في المجتمع وما ارتبط بذلك من سمات اساسية وهما كما يلي :
.1طبقة المالك الذين استخدموا قدراتهم ومواقعهم وظروفهم في توسيع مدى ملكيتهم الخاصة بحيث لم تهد تقتصر
على ملكية االرض ووسائل و ادوات االنتاج وانما امتدت لتشمل المنتج ذاته والذي يمثله الرق ( العبد ) والذي
اصبح باالمكان استخدامه لتوليد فائض طالما ان انتاجية الفرد اصبحت في ظل تطور وسائل وادوات االنتاج
تغطي تكاليف عيشه وتحقيق فائض من انتاجه يفوق ما يلزم لعيشه وبالحد االدنى من متطلبات العيش .
17
.2طبقة العبيد التي التمتلك شيئا والتي هي ذاتها محل ملكية لطبقة المالك الذين يملكون كل شيء بما في ذلك العبيد
اليملكون شيئا و الذين يظطرون للعمل كعبيد ( رقيق ) لدى مالكيهم حتى يضمن لهم ذلك توفير متطلبات عيشهم
وبقائهم في الحياة وان كان بالحد االدنى لذلك اضافة الى ما كانت توفره الحروب الى عبيد بدال من قتلهم طالما
ان هذا التحويل يحقق فائض من استخدامهم كعبيد نتيجة كون ان انتاجهم يزيد من متطلبات عيشهم بالحد االدنى
والفائض هذا يتم االستحواذ عليه من قبل مستخدمي العبيد وهم مالكيهم في ان واحد و الذين قد يحصلون عليهم
من خالل شرائهم من السوق التي كان يباع ويشترى فيها العبيد وكأي سلعة اخرى وبشكل واسع اضافة الى
العبيد الذين تربطهم عبوديتهم بعدم قدرتهم على سداد ديونهم الى المرابين وتحولهم الى عبيد نتيجة لعجزهم عن
السداد وبيعهم كعبيد مقابل الديون التي بذمتهم .
.3الطبقات االخرى االقل اهمية وعددا ومنها فئة االحرار و التي تتكون من المحاربين الذين يتولون مهمة الدفاع و
االحرار من المزارعين و الحرفيين وغيرهم والذين تم تحول معظمهم الى عبيد وتحولت قلة منهم الى مالكين
للعبيد بحكم التطور المستمر في الملكية الخاصة وزيادة قدرات مالكي العبيد الذين ضغطوا على االخرين
االحرار واجبروهم بوسائل اقتصادية وقسرية في الغالب بالتحول الى عبيد وهو االمر الذي ادى الى زيادة اعداد
العبيد بسبب الفائض الذي يتحقق نتيجة امتالكهم واستخدامهم في ممارسة العمليات و النشاطات االقتصادية و
بالذات االنتاجية منها .
.4ارتبط بهذا التقسيم للمجتمع الذي ساد في النظام العبودي و بالذات في روما واثينا تقسيم واضح للعمل الفكري و
العضلي بين الطبقات االجتماعية المذكورة حيث ان طبقة المالك والسادة و االشراف وغيرهم كانت مهامهم
ترتبط بالمهام الثقافية و االدبية و العلمية ذات الطبيعة الفكرية التي شهدت تطورا فيها نتيجة لذلك و العمليات
االنتاجية وما تتطلبه من مهام و بالذات العضلية وخاصة التي تتطلب جهدا شاقا وصعبا يقوم بها العبيد وفي
ظروف عمل قاسية وشديدة الوطأة عليهم وهو االمر الذي دفع العبيد في حاالت ليست بالقليلة الى الثورة على
مالكيهم من خالل الحركات التي تضمنت ذلك نتيجة لمعاناتهم وخاصة انهم لم يتحقق لهم اي شيء انساني عدا
توفير العيش لهم وبالحد االدنى الضروري الدامة بقائهم واستخدامهم للحصول على فائض مقابل هذا االستخدام
وفي اعمال شاقة وفي ظروف بالغة القسوة .
.5ان التقدم الفني كان بطيئا جدا في النظام العبودي بسبب االعتماد اساسا على عمل الرقيق ( العبيد ) والذين
تزايدت اعدادهم بدرجة مبيرة في هذا النظام من خالل تحول فئات واسعة من االحرار الى عبيد من ناحية
ونتيجة عمليات بيع وشراء العبيد وبالذات المرتبط منها باسرى الحروب و الغزو من ناحية اخرى وهو االمر
18
الذي لم يدفع مالكي العبيد و الذين يستخدمونهم في القيام بالنشاطات االقتصادية عموما و االنتاجية خصوصا الى
تطوير ادوات ووسائل االنتاج بالشكل الذي يحقق معه حصول تقدم في الفنون االنتاجية المستخدمة في هذه
النشاطات ارتباطا بان العبيد اليكلف مالكيهم اال متطلبات عيشهم وبادنى حد ممكن وحتى ان هذه المتطلبات لم
يكن يراعى فيها في حاالت ليست بالقليلة ضمان استمرار العبد وبقائه طالما ان باالمكان استخدام العبيد االخرين
الذين يتم الحصول عليهم بشكل واسع وبكلف منخفضة وعبر اشكال وصيغ عديدة ولذلك تعرض العديد من
العبيد للموت بسبب ضغوط العمل وشدته وسوء ظروفه من ناحية وقلة وسوء المتطلبات التي يتم توفيرها
لعيشهم وهو ما ادى الى ان يكون امر احالل رأس المال محل العمل مستبعد بدرجة كبيرة لذلك طالما ان عمل
العبيد اليكلف مالكيه االادنى قدر ممكن وهو ما اعاق تطور وسائل و ادوات االنتاج واعاق تطور الفنون
االنتاجية المستخدمة في العمليات االنتاجية في ظل النظام العبودي وهو االمر الذي يفسر االعتماد على العمل
العبودي في الحضارات القديمة اساسا في اقامة انشاءات ضخمة مثلتها االثار التي خلفتها هذه الحضارات سواء
في روما او اثينا وحتى في بابل وفي مصر والتي تم فيها استخدام مجهودات بشرية وكبيرة جدا من اجل اقامة
هذه االنشاءات االثرية و التي كان عمل العبيد االساس فيها وبدونه كان من المستحيل اقامتها بالوسائل و
االساليب الفنية السائدة انذاك .
.6التطور البطيء لالنتاج في النظام العبودي نتيجة ضعف التطور في وسائل و ادوات االنتاج وفي الطرق الفنية
المستخدمة في العمليات االنتاجية وبسبب االعتماد بشكل اساسي على عمل العبيد الذين كانت انتاجيتهم منخفضة
جدا وان االعتماد على كم اكبر من العبيد اي عدد متزايد منهم كاساس في االنتاج ودون االعتماد على ما
يحققونه من انتاجية في ظل انخفاض تكاليف عمل العبيد الى ادنى حد لها من ناحية وفي عدم وجود حافز بدفع
العبيد الى زيادة انتاجيتهم وانتاجهم النهم محرومين من ثمار انتاجهم عدا ما يوفر لهم العيش بحده االدنى اضافة
الى انهم محرومين من الحقوق االنسانية بأبسط صورها و التي من اهمها حريتهم وهو االمر الذي ترتب عليه
عدم تحقق زيادة ملموسة في االنتاج ومن ثم حصول تطور بطيء في االنتاج بسبب ذلك ,وهذا ال يعني عدم
حصول اي تطور في هذا االنتاج البل ان التطور في بعض النشاطات كان ملموسا كالنشاطات الحرفية مثال و
النشاطات الخاصة بالمبادالت و بالذات في الفترات االخيرة من النظام العبودي اال ان هذا التطور اتسم بالتطور
البطيء في الغالب .
وقد اسهمت عوامل عديدة اضافة الى ما سبق وارتباطا بها في انحالل النظام العبودي و التي من بينها :
19
.1ان ا لفائض الذي يتحقق نتيجة النشاطات االقتصادية عموما و النشاطات االنتاجية خصوصا و الذي يذهب الى
االغنياء و االثرياء ومن ابرزهم مالك العبيد و المرابين ال يعيدون استخدامه في القيام بالنشاطات االنتاجية او
في تطوير هذه النشاطات بل انه يتم هدره وتبديده في مجاالت غير انتاجية وبالذات من خالل االستهالك الترفي
وتبديد جزء مهم من الفائض هذا في بناء القصور الضخمة واقامة المعابد و االنفاق الواسع على اقامة
االحتفاالت و المهرجانات وغيرها وبحيث ان ما يتم الحصول عليه من فائض للفئات هذه اصبح اليسد نفقاتها
في حاالت ليست بالقليلة وهو ما دغعها الى االقتراض من المرابين و الجهات االخرى التي تتعاطى االقراض
وبفوائد اثقلت كاهل هذه الفئات .
.2ان ضعف تطور االنتاج وانخفاض االنتاجية عموما وانتاجية العبيد خصوصا نتيجة عدم وجود الحوافز التي
تدغعهم الى زيادة انتاجيتهم نظرا النهم كانوا يفتقدون كل حقوقهم االنسانية ويتم التعامل معهم كاي شيء اخر
من االشياء التي يملكها المالك وحتى ان ما يتم توفيره لهم من متطلبات العيش بحدها االدنى لم تكن تكفي في
حاالت ليست بالقليلة حتى الحفاظ على حياتهم وهو االمر الذي يؤدي الى تناقص اعدادهم نتيجة لذلك بسبب
تعرضهم للجوع او الموت او هربهم الى المدن نتيجة الى اوضاعهم القاسية هذه ولظروف العمل القاسية التي
يؤدون فيها عملهم وبذلك اصبحت القوة االساسية المنتجة في ظل النظام العبودي وهي قوة عمل العبيد منخفضة
االنتاجية من ناحية وتتعرض للتناقص في اعدادها نتيجة ما سبق .
.3ان ضعف انتاجية عمل العبيد وتراجع اهميتهم في القيام بالنشاطات الزراعية اساسا و الحرفية والمنزلية وغيرها
من ناحية اخرى وزيادة متطلبات االنفاق الواسع و الترفي في الغالب و الذي يتسم بعدم العقالنية وما يتضمنه
من هدر وتبديد واسع للفائض الذي يحققه انتاج العبيد ولجوء مالك العبيد الى االقتراض وبالذات من المرابين
اتجهوا في حاالت ليست بالقليلة وبالذات في نهايات النظام العبودي هذا الى التوجه نحو تاجير امالكهم وبالذات
االرض الزراعية والحصول على مبالغ نقدية يستخدمونها في تلبية احتياجاتهم هذه وهو االمر الذي ادى الى
التقليل من االعتم اد على عمل العبيد في النشاطات عموما و في النشاطات الزراعية خصوصا وهو االمر الذي
افقد النظام العبودي االساس المهم لهذا النظام وهو عمل العبيد .
.4ان تراجع اهمية عمل العبيد نتيجة ما سبق ادى الى توسع النشاطات التجارية وبعض النشاطات الحرفية وبالذات
في المدن وخاص ة من خالل استخدام التجار وبعض الحرفيين لما تكون لديهم من موارد مالية في توسيع
النشاطات التجارية والحرفية في المدن وهو الذي اضعف بدرجة كبيرة قوة مالك العبيد وسلطتهم االقتصادية و
العسكرية والسياسية الصالح بدايات ظهور النشاطات التجارية و الحرفية وغيرها .
20
.5الع وامل الخارجية التي اسهمت في انهيار النظام العبودي والتي تمثلت بالغزوات الخارجية وخاصة الغزوات
الجرمانية و السالفية وغيرها والتي غزت معاقل النظام العبودي وبالذات روما والتي ادت الى القضاء على
امبراطورية روما ونتيجة عوامل ضعفها وانحاللها الداخلية و التي كانت االساس في ضعف قدرة النظام
العبودي على توفير اسباب القوة التي تمكنه من مقاومة الغزوات الخارجية هذه ونتيجة الصراعات داخل النظام
العبودي وهو االمر الذي اتاح للغزوات الجرمانية احتالل اراضي امبراطورية روما وانتهاء اساسيات عمل
النظام العبودي مع سقوط امبراطورية روما رغم ان بعض بقايا النظام العبودي وبعض سماته الزالت قائمة
وموجودة حتى وقت قريب في العديد من مناطق العالم وحتى ان االمم المتحدة في منتصف القرن الماضي
اتخذت قرارا ضد العبودية النها تتنافى مع حقوق وحريات االنسان االساسية وهو االمر الذي يوءكد استمرار
وجودها .
الفصل الثاني
المبحث األول
النظام اإلقطاعي
النظام االقطاعي
يطلق النظام االقطاعي على النظام االقتصادي الذي ساد في القرون في اوروبا ومن ثم في المناطق و الدول
االخرى وان كان بمدى وطبيعة وسمات مختلفة عن المدى و الطبيعة و السمات التي تضمنها االقطاع الذي ساد اوروبا
والسباب وعوامل عديدة.
وقد ساد النظام االقطاعي في نهاية القرن الخامس الميالدي واستمر حتى القرن الخامس الميالدي في اوروبا
واستمر بعد ذلك في العديد من الدول و المناطق االخرى وبالذات في اسيا ,وان العوامل التي اسهمت في انحالل و انهيار
21
النظام العبودي هي ذاتها التي اسهمت في نشوء النظام االقطاعي والتي تمثل اهمها في عوامل الضعف في النظام العبودي
وانحالله داخليا و الغزو الخارجي و الذي تمثل ابرزه في غزو القبائل الجرمانية المبراطورية روما ونشوء النظام
االقطاعي على اعقابها حيث لم يعد انتاج العمل العبودي في المراحل االخيرة من النظام العبودي وخاصة في روما كافيا
لسد مطالب الدولة واحتياجاتها والتي كانت تتمثل بدولة المدينة وهي التي تعتبر الحالة االبرز للنظام العبودي حيث زادت
في دولة روما النفقات البذخية بدرجة كبيرة وبحيث ان المشكالت و الصعوبات االقتصادية الداخلية وتحلل الطبقات
الحاكمة وطفيليتها وضعفها وتفسخها وهجمات القبائل البربرية الجرمانية ادت الى انهيار النظام العبودي بفعل العوامل
الداخلية والخارجية هذه ونشوء النظام االقطاعي والذي تمثل بفترتين اساسيتين هما :
.1الفترة الممتدة من نهاية القرن الخامس الميالدي الى القرن الحادي عشر الميالدي والذي اتسم بكونه اقتصاد ضيعة مغلق و
الذس ساد في اوروبا و بالذات في الريف االوروبي الذي اتسم بسيطرة الريف واهمية الزراعة واالنتاج الزراعي وارتباط
الحرف و المبادالت بالزراعة في ظل اقتصاد طبيعي يستهلك ما ينتج وينتج ما يستهلك و الذي مثل النظام االقطاعي بابرز
اشكاله ومضامينه .
.2الفترة التي امتدت من القرن الحادي عشر وحتى القرن الخامس عشر و التي بدأت فيه عناصر النظام االقطاعي ومضامينه
في التحلل و الضعف و التي مثلت بدايات نشوء النظام الرأسمالي ومن اهمها بروز اهمية االقتصاد الحرفي و التبادل و
التجارة ونشوء المدن وزيادة اهميتها واستقالل الحرف و المبادالت التجارية عن الزراعة التي تراجعت اهميتها في هذه
الفترة .
وعموما فان اقتصاديات اوروبا في ظل النظام االقطاعي الذي ساد في القرون الوسطى كانت اقتصادات زراعية
بالدرجة االولى حيث تعتمد على الزراعة اساسا وان الريف ونشاطه الزراعي كانا هما االهم في عمل هذه االقتصادات
في حين ان المدن كانت راكدة وضعفت مساهمتها في النشاطات االقتصادية حيث تم تدمير الكثير من نشاطاتها الحرفية
وكذلك تم القضاء على الكثر من المبادالت التي تتم فيها ن تيجة القيود والحدود و العوائق التي تحد من المبادالت بين
االقاليم و االقطاعيات واستمر هذا حتى القرن الحادي عشر حيث بدأت النشاطات الحرفية و التجارية بالتطور وبدا
الضعف في نظام الضيعة المغلقة وهو ما مهد االساس لبدايات نشوء النظام الرأسمالي الحقا .
ان بدايات نشوء وتشكل النظام االقطاعي تعود الى المراحل االخيرة للنظام العبودي وبالذات في روما التي
كانت تمثل الحالة االبرز لهذا النظام حيث ان الزراعة التي كانت تعتبر النشاط االقتصادي االساسي اصبحت غير مجدية
في تلك المراحل االخيرة بسبب انخفاض انتاجية العبيد التي ال يوجد ما يحفزهم على زيادتها الفتقارهم البسط حقوقهم
االنسانية ولظروف عيشهم وعملهم القاسية من ناحية وبسبب تزايد متطلبات مالكي العبيد لالنفاق والذي هو في الغالب
22
ترفي تبديدي وهو ما نجم عنه تنازل مالكوا االرض الى المنتجين ( الفالحين ) بالسماح لهم بزراعة االرض مقابل اداء
التزامات يؤدونها لمالكها وهو الذي نجم عنه ظهور ما اطلق عليه ارقاء االرض او قنانة االرض وو االمر الذي شكل
المقدمة االساسية الداخلية لنشوء النظام االقطاعي .
واسهمت العوامل الخارجية بانهيار النظام العبودي اضافة الى العوامل الداخلية االساسية وكان ابرزها غزو
القبائل البربرية و القبائل الجرمانية بالذات لالمبراطورية الرومانية وهو االمر الذي نجم عنه انتشار عدم الطمانينة ز
الهجرة من المدن التي استوطن فيها الحرفيون و العبيد الهاربين من قسوة النظام العبودي وخاصة في مراحله االخيرة وقد
رافق ذلك قيام الجرمان الى تنصيب قادتهم حكاما على االقاليم التي يحكمونها وهو االمر الذي مثل االساس الفعلي لنشوء
وتشكل النظام االقطاعي باعتبار ان هادى الى زوال السلطة المركزية من الناحية الواقعية حيث ان حكام االقاليم او الوالة
الذين تولوا ادارتها اخذوا يمارسون سلطات الحكومة المركزية في الواقع رغم بقاء السلطة المركزية من الناحية النظرية
و القانونية و الذين اصبحوا السادة و الحكام لالقاليم التي تولوا ادارتها وحكمها اي انهم اصبحوا االقطاعيين لالقطاعيات
التي تمثلها االقاليم هذه ,وقد تم ذلك من خالل ما يلي :
.1ممارستهم لسلطات مباشرة على االقاليم اة االقطاعيات التي اصبحت تابعة لهم واصبحت ممارستهم لهذه السلطات وراثية مع
توارث االلقاب التي حصلوا عليها و التي راقفقت ممارستهم هذه وارتبطت بها .
.2قيامهم بممارسة سلطة مباشرة على وحدات الجيش التي كانوا يقودونها والتي احتفظوا بها وهو االمر الذي اسهم في تقوية
سلطتهم واضعاف سلطة الدولة المركزية على الجيش وقاد فيما بعد الى االستعانة بوحدات الجيش التابعة الى السادة (
االقطاعيين ) عند حاجة السلطة المركزية لذلك .
.3انشاء محاكم خاصة تابعة لهم وفي االقطاعية اي االقليم الذي تم اقتطاعه الدارته وحكمه من قبل االمراء الذين اصبحوا
السادة لالقليم اي االقطاعية .
.4قام هؤالء بتاكيد سلطتهم على االقاليم التي اقتطعت الدارتها وحكمها من قبلهم كأقطاعيات باالستيالء على االرض من
الفالحين االحرار الذين كانوا يملكونها عند غزو الجرمان اضفة الى سيطرتهم على االراضي في المقاطعة او االقليم الذي
خضع الدارتهم وحكمهم وسيطرتهم رغم ان ملكية االرض بقيت نظربا وقانونيا تابع لالمبراطور الذي يمثل الحكومة
المركزية .
.5تم تطبيق نظام بديل عن نظام الرق الذي كان سائدا في النظام العبودي وهو نظام رقيق االرض و الذي يقوم على اساس
ادئهم التزامات معينة مقابل حمايتهم لهم وادارة شؤونهم .
23
وبذلك يتضح بأن نشوء النظام االقطاعي وتشكله باعتباره نظام عملي فرضته الظروف و االوضاع التي سادت
اثر انهيار روما و التي تمثلت برغبة المجتمعات المحلية اي مجتمعات االقاليم ( المقاطعات ) باالستعاضة عن سلطة
الحكومة المركزية التي ضعفت بعد الغزو الجرماني بسلطات االقاليم من اجل توفير الحماية و االستقرار لالقاليم بعد ان
عجزت السلطة المركزية عن توفيرها نتيجة ضعفها وهو االمر الذي رافق تنازل صغار الفالحين عن اراضيهم طوعا
احيانا واكراها واجبارا في معظم االحيان لصالح من يحكمون ويتولون ادارة اقليمهم و الذين اصبحوا المالكين الفعليين
الراضي االقليم اي المقاطعة او االقطاعية و التي اصبح هؤالء الحاكمين نتيجة لذلك هم االقطاعيين في االقطاعيات اي
االقاليم ومقابل حمايتهم وضمان امنهم و رغبة في التخلص من دفع الضرائب التي كانت تتم المغاالة في فرضها على
صغار الفالحين هؤالء الذين فقدوا بذلك حريتهم واستقاللهم وخضعوا لسيطرة وسلطة السادة االقطاعيين وقد تطلب هذا
التحول القرنين التاسع و العاشر الميالدي في ظل االعتماد على السادة االقطاعيين في ادارة شؤون االقاليم اي االقطاعيات
التي تخضع لسيطرتهم وسلطانهم الذي اخذت تقوى فعليا عليها وتقل معه سلطة الحكومة المركزية الفعلية باستمرار .
ونتيجة لما سبق تشكل في النظام االقطاعي انقسام طبقي تمثل في :
.1نشوء و تشكل الطبقات المالكة لالراضي و التي مثلها السادة االقطاعيين في الواقع الفعلي ومن ينوب عنهم فيما بعد حيث
منح هؤالء السادة االراضي الدارتها وتنظيم استغاللها لتابعيهم من القادة المحليين في االقليم والذين اصبحوا يمارسون فعليا
السلطة على االجزاء التي اقتطعت الدارتها منقبلهم وبذلك تحول االقليم من اقطاعية كبيرة الى اقطاعيات تمثلها االجزاء
داخل االقليم .
.2اقنان االرض:وهم الذين يرتبطون باالرض ويقومون بالعمل الزراعي في االقطاعية حيث ان القنانة هي الحالة بين العبودية
( الرق ) و الحرية وانها تمثل درجة متقدمة من التنظيم االجتماعي مقارنة بالعبودية حيث ان العالقة بين العبد ومالكه هي
عالقة ملكية يملك بموجبه المالك عبده كملكيته الي شيء اخر يملكه في حين ان العالقة بين قن االرض و السيد االقطاعي
هي عالقة تبعية اقتصادية و شخصية اي انه مرتبط اقتصاديا به من خالل عمله في االرض التي يحكمها السيد االقطاعي
وانه تابع لالرض اي انه اليستطيع ترك االقطاعية وانه ينتقل مع االرض بانتقالها من مالك الخر اي من سيد ( اقطاعي )
الى سيد ( اقطاعي اخر ) وبذلك فان تبعيته للسيد هي تبعية غير مباشرة من خالل تبعيته لالرض التي يسطر عليها السيد
االقطاعي في حين ان ملكية العبد هي عالقة تبعية مباشرة من خالل ملكية مالك العبد للعبد ذاته .
24
.3طبقة الفالحين االحرار المستقلون وغير التابعين والذين تحولوا الى اقنان مرتبطين باالرض وتابعين للسيد االقطاعي بسبب
تنازلهم عن اراضيهم له مقابل تأمين حمايته لهم بسبب افتقاد االمن المرتبط بالغزوات والنزاعات الخارجية منها وتلك التي
تحصل بين االقاليم و المناطق المحلية وبذلك فقدوا حريتهم و استقاللهم واصبحوا تابعين للسيد االقطاعي .
واراضي االقطاعية تتكون من قصر السيد االقطاعي و الذي كان محاطا باالسوار في الغالب تأمينا لحمايته ولتسهيل
الدفاع عنه و الذي يضم في داخله كافة المرافق التي تؤمن للسيد االقطاعي متطلباته من مخازن للغالل وورش لتأمين
احتياجاته الغذائي ة كما في الحبوب و المنتجات الحرفية وما الى ذلك وبجواره وفي جوانبه تنتشر دور الفالحين وتحيط به
االراضي االقطاعية التي تتكون من :
.1االراضي الصالحة للزراعة و التي تتم زراعتها فعليا و التي هي عبارة عن ملكية اقطاعية تتم زراعتها من خالل عنل اقنان
االرض المجاني اي السخرة .
.2اراضي االقنان والتي هي قطع صغيرة جدا وتتم زراعتها من قبل االقنان مقابل دفع حصة عينية للسيد االقطاعي مقابل
السماح لهم باستغاللها اصبح فيما بعد هذا المقابل نقديا .
.3المراعي و التي تتكون من المراعي المفتوحة بشكل مستمر لالنتفاع بها من قبل عامة الناس و التي تمثلها الغابات و المراعي
التي تفتح في اوقات معينة و التي تمثلها المراعي بعلف الحيوانات وغيره وحيث يتم االنتفاع منها في االوقات المعينة
باشراف السيد االقطاعي وبتوجيهه وموافقته .
وفي ظل النظام االقطاعي هذا تبرز اهمية قنانة االرض في استغالل االرض و االنتفاع منها و التي كانت بموجبه
الزراعة تمثل النشاط االساسي في هذا النظام حيث يؤدي االقنان التزامات تجاه السيد االقطاعي و التي ينظمها العرف و
التقاليد التي كانت سائدة انذاك و المحكومة بالقوة االقتصادية التي تتمثل بعائدية االرض الفعلية له وسيطرته السياسية
المدعومة بالقوة العسكرية بسيطرته على الجيش و كذلك القضاء وما الى ذلك اضافة الى ما يوفره السيد االقطاعي من
حماية لهم ومن ادارة شؤونهم وفض نزاعاتهم ومن بين االلتزامات التي يؤديها اقنان االرض للسيد االقطاعي ما يلي :
.1العمل المجاني الذي يؤديه اقنان االرض لزراعة ارض السيد االقطاعي والذي يتراوح بين ثالثة الى خمسة ايام في االسبوع
وبالذات في المراحل االولى من النظام االقطاعي رغم ان ذلك يختلف من حالة الى اخرى وحسب ظروف و طبيعة واوضاع
كل من الحاالت هذه .
.2العمل االضافي الذي ك ان يؤديه اقنان االرض مجانيا في االوقات التي تتطلب اعمال اكثر في ارض السيد االقطاعي كما هو
عليه الحال في مواسم حراثة االرض او بذارها او حصادها و التي تتطلب عمال يتجاوز العمل العادي المستمر المطلوب
لزراعة ارض السيد االقطاعي .
25
.3مقابل عيني يقدمه القن الى السيد االقطاعي من انتاج االرض التي يقوم القن بزراعتها لحسابه الخاص و الذي هو عبارة عن
مقدار او نسبة معينة من االنتاج الزراعي و الذي يتجلوز في اغلب الحاالت نصف هذا االنتاج رغم ان العرف و التقاليد هي
التي تحكم ذلك والتي تحددها طبيعة تبعية قن االرض لسيده االقطاعي و التي تختلف من حالة الى اخرى و نبعا لالوضاع
والظروف التي تحيط بكل حالة منها .
.4ضرائب مختلفة ( اتاوات ) يدفعها االقنان للسيد االقطاعي وبالذات المرتبط منها بمناسبات معينة كالزواج و النيراث وما الى
ذلك .
وعادة يتم اداء االلتزامات هذه من وكالء للسيد االقطاعي تكون مهمتهم االشراف على تفيذ اداء هذه االلتزامات ومنحهم
صالحيات تمكنهم من ذلك و اعفائهم من اعمال السخرة وبعض االلتزامات االخرى وحسبما يحدده السيد االقطاعي في
ذلك .
وتعددت طرق الزراعة في النظام االقطاعي وحسب اوضاع وظروف كل حالة من حاالته ومن بين هذه الطرق :
.1نظام الحقل الواحد الذي يتم بموجبه استغالل االرض الزراعية المعينة بصورة مستمرة لحين انخفاض خصوبتها و االنتقال
منها الى اراضي زراعية اخرى .
.2نظام الحقلين حيث يتم زراعة احدهما في سنة معينة و تركه في السنة التالية بدون زراعة وزراعة الحقل االخر وبذلك تتم
زر اعة احد الحقلين في كل سنة وبحيث اليزرع الحقل الواحد سوى مرة واحدة كل سنتين من اجل اراحته واستعادة خصوبته
.
.3نظام الحقول الثالث حيث يزرع الحقل المعين سنتين متتاليتين و يترك بدون زراعة في السنة الثالثة الراحته واستعادة
خصوبته اي انه تتم زراعة حقلين سنويا ويترك الثالث بدون زراعة وبحيث تنظم زراعة الحقول الثالث بما يضمن عدم
زراعة الحقل اال مرة واحدة كل ثالث سنوات وهو ما يحقق استغالل افضل لالرض الزراعية بزراعة ثلثيها في ظل هذا
النظام ( حقلين من الحقول الثالث ) بدال من نصفها في نظام الحقلين اضافة الى ان زراعة الحقل لسنتين متتاليتين يمكن ان
يتم بزراعة محاصيل مختلفة في كل سنة منها .
وقد كان للكنيسة دور مهم في النظام االقطاعي حيث اندمجت به واصبحت تكون جزءا مهما منها حيث كان االمبراطور
الذي يمثل السلطة المركزية الدنيوية و الكنيسة السلطة الدينية والروحية و الكنيسة من الناحية النظرية على االقل كانت
تمثل السلطة العليا الن سلطة الحكم المركزية وما يرتبط بها ينبغي ان تخضع للدين وللكنيسة التي تمثله اال ان السلطة
الفعلية في معظمها كانت بيد السادة االقطاع الذين يحكمون ويديرون االقاليم و االقطاعيات رغم ان االقطاعيات نظريا
تتبع االمبراطور من الناحية الدنيوية و الكنيسة من الناحية الدينية .
26
ان ما سبق يبين ان هنالك العديد من السمات التي اتسم بها النظام االقطاعي ومنها :
.1ان الزراعة اصبحت االساس في عمل االقتصاد في النظام االقطاعي وذلك نتيجة تدهور المبادالت بسبب افتقاد االمن و
االستقرار و القيود التي تحد من هذه المبادالت بين االقاليم سواء الضريبية منها التي تفرضها االقطاعيات او االدارية
وغيرها وكذلك تدهور الحرف بفعل التدمير الذي تعرضت له النشاطات الحرفية وبالذانت ما هو قائم منها في المدن وهو
االمر الذي ادى الى زيادة دور الريف وتراجع دور المدينة وبحيث ان ما تبقى من حرف ومبادالت ارتبط اساسا بالنشاط
الزراعي االساسي في هذا النظام وفي الريف في معظمه وهو االمر الذي ساد في المراحل االولى من النظام االقطاعي .
.2ان اقتصاد االقطاعية مثل الوحدة االقتصادية االساسية فيه والتي تتكون من منطقة ( مقاطعة ) اي اقطاعية يقع في وسطها
قصر السيد المحصن و المنيع والمحمي والذي يمكن اللجوء اليه في حالة الحاجة وتحيط به االراضي الزراعية و المراعي
والغابات التي يتم استخدامها واستغاللها و االنتفاع منها لتحقيق االكتفاء الذاتي لالقطاعية وبالذات تلبية احتياجات السيد
االقطا عي اوال واحتياجات التابعين له في االقطاعية ثانيا وباقل قدر من المبادالت والتي كانت تتم بشكل مبادالت عينية
وليست نقدية غالبا وحتى في حالة وجود مثل هذه المبادالت فانها تتم داخل االقطاعية و الحرف التي توجد في االقطاعية
تخدم ذلك وبهذا فأن المبادالت والحرف ترتب ط بالزراعة و القرية و االقطاعية التي تتكون من قرية او اخرى عديدة اي ان
االقتصاد في ظل النظام االقطاعي هو اقتصاد مغلق و بالذات في مراحله االولى وحتى القرن الحادي عشر حيث تكاد تقتصر
المبادالت بين االقطاعيات على حاالت الضرورة القصوى و التي ترتبط بنقص المواد الغذائية وحصول مجاعات فيها .
.3بما ان االقتصاد في النظام االقطاعي كان اقتصادا مغلقا وهدفه تلبية االستهالك الذاتي اساسا فأن فكرة الربح كانت غير
منتشرة وغير سائدة ما دام هدف االنتاج االستهالك المحلي وليس الربح وهو االمر الذي ادى الى تقليل الحافز و السعي لبذل
ج هود اكبر في سبيل تحسين وتحديث الزراعة وزيادة انتاجها وهو االمر الذي ترتب عليه جمود وتأخر طرق الزراعة
وضعف تطور ادوات ووسائل االنتاج المستخدمة فيها وخاصة في ظل عدم استخدام الفائض الذي يحصل عليه السيد
االقطاعي بتطوير و تحديث طرق ووسائل وادوات االنتاج من ناحية وضعف قدرات الفالحين وبالذات االقنان منهم على
القيام بمثل هذا التطوير وهو االمر الذي اعاق تطور الفنون واالساليب االنتاجية المستخدمة في الزراعة وضعف تطور
انتاجها .
.4ان الطرق التي تم اتباعها في زراعة االرض وبالذات من خالل نظام الحقلين والثالثة حقول ادت الى تشتت جهود الفالحين
في زراعة هذه الحقول وضياع وقت كبير في االنتقال اليها ومن حقل الى اخر فيها اضافة الى ما تمثله هذه النظم من عدم
استخدام جزء من االرض استخدام مستمر وهو ما نجم عنه ضعف درجة االنتفاع منها وانخفاض ما يتحقق من انتاج نتيجة
الستغاللها .
.5ان العال قات بين السيد االقطاعي وبين تابعيه كانت تخضع لعرف و التقاليد والعادات احكومية بالقوة في جوانبها االقتصادية
و العسكرية والسياسية التي تمثلها سيطرة االقطاعي على هذه الجوانب وبالتالي فأن العالقات هذه هي عالقات تبعية بين
27
التابعين وهم اقنان االرض وبين المتبوع وهو السيد االقطاعي بسبب سيطرته وقوته وبالتالي فان هذه العالقات غير حرة
وغير خاضعة لعقود تنظم هذه العقود بشكل حر ولذلك كان التابعين ( االقنان ) يقومون باعمال السخرة للسيد االقطاعي ودفع
حصة من االنتاج الذي يتحقق لحسابهم الخاص وااللتزامات االخرى لضافة الى التزامهم بالدفاع عن االقطاعي عندما يتطلب
االمر ذلك وكل هذا مفروض عليهم وبدون اختيارهم وارادتهم الحرة بحكم تبعيتهم لسيدهم االقطاعي .
.6ان الفن االنتاجي المستخدم كان في الغالب بدائيا في النظام االقطاعي وتستخدم فيه االالت المستعملة منذ فترات زمنية سابقة
ليست بالقصيرة ولم يكن هنالك تقدم ملموس في الفن االنتاجي سواء في طريقة االنتاج او في الوسائل و االدوات التي تستخدم
في النشاطات االقتصادية والتي تمثل الزراعة االساس فيها والتي ترتبط بها بقية النشاطات الحرفية والتبادلية المحدودة وهذا
اليعني عدم حصول تطور في ذلك بل ان بعض التطور قد تحقق فيه من خالل استخدام المحراث الحديدي و االدوات
االخرى واستخدام قوى الحيوان في االنتاج والجر و الحرث و الدراس واستخدام بعض القوى الطبيعية كطواحين الهواء
والماء وما الى ذلك اال ان هذا التطور كان محدود بسبب ضعف قدرة المنتج الزراعي وضعف امكاناته بما في ذلك المالية
على احداث تطوير ملموس في القن االنتاجي كما ان السادة االقطاعيين لم يكونوا بحاجة الى تطوير افنون االنتاجية هذه
وذلك بسبب اعتمادهم على العمل الذي يوفره اقنان االرض في اقطاعياتهم وفي تلبية احتياجاتهم وبالشكل الذي ال يحفزهم
هذا على تطوير طرق ووسائل االنتاج المستخدمة انذاك .
.7ضعف المبادالت والنشاطات التجارية سواء بين االقطاعيات داخل اوروبا او مع الخارج بسبب القيود والعوائق التي كانت
تحد من هذه المبادالت و التي تفرضها االقطاعيات سواء المالية منها او التحديد الكمي واالكتفاء بالحد االدنى التي تتطلبها
الضرورات كحصول انخفاض في المحاصيل الغذائية وغيرها ,كذلك ضعفت المبادالت بين اوروبا و الشرق نتيجة زيادة
نشاط العرب المسلمين وسيطرتهم على المناطق التي كانت اوروبا تتاجر فيها خاصة وان فتوحاتهم ومما حققوه من
انتصارات ادى الى زيادة خشية االوروبيين وزادت من شعورهم بالمخاطر التي دعتهم الى تقليص تجارتهم مع الخارج
والحد منها وهو االمر الذي تطلب محدودية المبادالت في ظل نظام االقطاع الذي يتسم باالكتفاء الذاتي اي الذي يكفي نفسه
بنفسه خاصة وان المبادالت هذه بحكم كونها محدودة فانها تتم في الغالب بشكل عيني ( مقايضة ) اي مبادلة سلعة بسلعة
ودون حاجة واسعة الستخدان النقود ولذلك فأن االقتصاد كان اقتصادا عينيا في معظمه وان استخدان النقود فيه كان محدودا
.
.8ان الصناعة اليدوية التي وجدت في النظام العبودي السابق و بالذات في المدن وخاصة في روما قد تدهورت واربط تدهورها
وتراجعها بتحول المدن الى ما يشبه القرى الزراعية نتيجة التخريب الذي لحق بها بسبب الغزو الجرماني لروما وان جاجة
السادة االقطاعيين الى المنتجات الحرفية من اسلحة وثياب وسلع اخرى كان يتم في الغالب من خالل الورش الحرفية البسيطة
االقطاعية وفي القصور التي تعود للسادة االقطاعيين وحيث كانت الصناعة في هذه الورش هي صناعة يدوية اساسا وتعتمد
على الجهد البشري واليت االنتاج فيها الغراض السوق .
28
اال ان هنالك عوامل عديدة اسهمت في انحالل و انهيار النظام االقطاعي ( نظام الضيعة المغلق ) و بالذات في الفترة بين
القرن الحادي عشر و الخامس عشر الميالدي ومنها :
.1التحول من االقتصاد العيني الى االقتصاد النقدي و الذي تمثل اسا في حاجة السادة االقطاعيين للتوسع في انفاقهم لتلبية
متطلبات هذا االنفاق والذي هو ترفي وتبديدي في الغالب و الذي توسع بدرجة كبيرة عبر الزمن وهو االمر الذي اضطرهم
الى فرض مقابل نقدي على االقنان بدال من المقابل العيني وبدال من عمل السخرة في المراحل االخيرة من النظام االقطاعي
واستخدام هذا الفائض النقدي في انفاق السادة االقطاعيين على ما يلبي متطلباتهم التي اتسعت باستمرار وهذا ادى بالضرورة
الى قيام التابعين ( االقنان ) الى زراعة االرض بمزروعات نقدية اي مزروعات تزرع ويباع انتاجها في السوق بمقابل نقدي
وهو ما اسهم في تحرير االقنان من عمل السخرة باستخدام النقود التي يحصلون عليها من انتجهم بدفع النقود عن قيامهم
بالعمال السخرة وكذلك بدال عن المقابل العيني الذي كانوا يدفعونه من االرض التي يزرعونها لحسلبهم الخاص وبذلك تغيرت
طبيعة العالقة التي كانت عالقة تبعية من تبعية القن لالرض التي يعمل فيها وتبعية االرض للسيد االقطاعي بتحولها الى
عالقة جديدة تكاد تشبه بدرجة كبيرة العالقة بين المالك والمستأجر وهو االمر الذي اسهم في ضعف النظام االقطاعي الذي
استند اساسا الى عمل عبيد االرض ( االقنان ) في نشاطاته والتي تتمثل بالزراعة وما يرتبط بها من نشاطات اخرى سواء
كانت مبادالت او حرف .
.2التطور في النشاطات الحرفية وفي المبادالت والذي ادى الى اعادة الدور الذي تؤديه المدن في القيا مبالنشاطات هذه الحرفية
منها والتجارية وما تتضمنه من مبادالت سواء كانت داخلية او خارجية وهذا التطور في المدن ارتبط بهجرة العديد من
االقنان سواء المزارعين منهم او الحرفيين بالذات الى المدن وامتهانهم الحرف ,واخذت ممارسة الحرف هذه تتم من خالل
نظام الطوائف او الحرف للحد من خطر المنافسة فيما بينهم حيث تحدد ممارستها وانتاجها واسعارها وجودتها وفض
المنازعات وما الى ذلك اضافة الى ان التوسع في االنتاج النقدي و المبادالت النقدية وسع المبادالت في المدن وهو االمر
الذي اسهم في تطور هذه المدن بتطور النشاطات االقتصادية هذه وبالذات في القرنين الحادي عشر و الثالث عشر حيث
ازداد عدد السكان فيها بزيادة الهجرة المستمرة اليها من الريف وقيام اسواق واسعة فيها يتم مبادلة المنتجات الزراعية النقدية
و المنتجات الحرفية فيها واصبحت المدينة تزود الريف بالمنتجات الحرفية ويزود الريف المدينة بالمنتجات الغذائية الزراعية
اضافة الى ان المدن هذه اصبحت مركز جذب المراء االقطاع والنبالء وغيرهم من االغنياء لتوفر الراحة وسهولة العيش
فبها وتأجير ملكياتهم الزراعية الواسعة مقابل ايجار نقدي وهو االمر الذي اضعف النظام االقطاعي واسهم في انحالله
وانهياره .
.3ظهور الدول المركزية القومية في معظم دول غرب اوروبا كانكلترا و اسبانيا و البرتغال وفرنسا و السويد وهولندا وتبعتهم
بقية الدول االوروبية كالمانيا وايطاليا ,وقد مثل ظهور الدول القومية هذه علمال مهما في اضعاف السلطات المحلية التي
مثلها االقطاع لصالح السلطات المركزية للدول القومية هذه وبالذات من خالل تحالف وجهاء المدن وبالذات التجار و
29
الحرفيين مع السلطات المركزية ضد سلطات االقطاع الن هذا التحالف يتيح تحقيق توسع في نشاطاتهم التي كانت سلطات
االقطاع تحد من توسعها ,وتماشيا مع االنبعاث القومي في حينه وبحيث تم نتيجة لذلك االنتقال من الوالء للسادة االقطاعيين
الى الوالء الى السلطة المركزية التي يمثلها الملك وبحيث اصبح الجبش مركزيا اساسا وحلت الضرائب التي تفرضها السلطة
المركزية محل الضرائب التي يفرضها االقطاع وحلت المحاكم التابعة لدولة المركزية محل المحاكم االقطاعية واستبدلت
سلطة الملوك المركزية محل سلطات االقطاع وهو االمر الذي اسهم في انحالل وانهيار النظام االقطاعي .
.4الحروب الصليبية التي اسهمت في انحالل وانهيار النظام االقطاعي نظرا الن هذه الحروب واستمرارها وتأمين متطلباتها
اقتضى الحاجة الى تقوية السلطات المركزية والذي يعني بالمقابل اضعاف سلطات االقطاع المحلية وبالتنازل عن امتيازاته
وانتقاله الى المركز الذي مثلته الدول القومية حيث الحاجة الى تركز سلطات التعبئة و االعداد للحرب وخوضها لدى
السلطات المركزية لتكوين جيوش مركزية دائمية تحل محل جيوش االقطاعيات خاصة وان هذه الجيوش التي وجهتها اوروبا
لمحاربة ا لشرق اعتمدت بدرجة مهمة على ارقاء االرض وبالذات الهاربين من االقطاعيات واخذت الحكومات المركزية
تفرض الضرائب وتقوم باصدار النقود لتمويل هذه الحروب وقد انتزعت كل هذه التوجهات سلطات االقطاع لصالح السلطات
المركزية وهو ما اسهم في ضعف وانحالل وانهيار النظام االقطاعي .
وقد يكون ضروريا االشارة الى ان هذه الحروب اعادت العالقات بين الشرق و الغرب وان هذه العالقات التي هي ذات
طبيعة تجارية دولية اساسا ادت الى ازدهار المدن القديمة ونشوء مدن جديدة وخاصة المدن االيطالية واخذت اوروبا
تستورد التوابل و المواد االولية و القطن والحرير و المطاط من الشرق وتصدر اليها االسلحة و المنسوجات وتطور
السلطات المركزية وتطور المدن والنشاطات التجارية فيها و الخارجية منها خصوصا اضافة الى تطور النشاطات
الحرفية التي اسهم توسع التجارة و المبادالت التجارية في تطورها ,كل هذا اسهم في تراجع دور الزراعة والريف
لصالح النشاطات التجارية والحرفية و المدنية و هو ما اسهم في ضعف وانحالل ومن ثم انهيار النظام االقطاعي .
الفصل الثاني
30
المبحث الثاني
من المعروف أن النظام الرأسمالي اشتد ساعده في القرن التاسع عشر من خالل انتصار البورجوازية األوربية على
األنظمة اإلقطاعية المستندة على الكنيسة واستولت على السلطة السياسية في اغلب البالد األوربية وهذه األخيرة فسحت
اآللي الضخم ال تعمل بكفاءة تحت لهم المجال النطالق النظام الرأسمالي وتطوره الن الصناعة التي تقوم على اإلنتاج
نظام سياسي مثل الملكية المطلقة أو تحت نظام إقطاعي فكان القرن التاسع عشر عصر تنمية رأسمالية عصر ثورة
ديمقراطية ليبرالية تسعى لتخرج العالم كله من التخلف االجتماعي ومن خالل هذا المنطلق أصبح العالم كله مؤهال للتوحد
في اطر نظام اقتصادي شامل ومتقدم على األنظمة السابقة فكان للرأسمالية فضال في تفجير ثورة علمية قادتها بفضل
الجامعات بعد تخلصها من قبضة الكنيسة فكان التعبير الحي عن الطموحات وأماني تلك المرحلة.
31
ب -كيف تأسست الرأسمالية :إن أوربا كانت محكومة بنظام اإلمبراطورية الرومانية التي ورثها النظام اإلقطاعي
فظهور الطبقة البرجوازية ما بين القرن ال رابع عشر والسادس عشر بعد مرحلة اإلقطاع أدى إلى ظهور الرأسمالية ولكن
بشكل متدرج منذ بداية القرن السادس عشر فظهرت أوال الدعوة إلى الحرية وكذا إنشاء القوميات الالدينية وتقليص ظل
البابا الروحي وظهر المذهب الكالسيكي (ادم سميث )1790/1723فهي تبحث عن الربح بشتى الطرق واألساليب إال ما
تمنعه الدولة لضرر عام مثل المخدرات وتقوم على تقديس المكية الفردية من خالل استغالل القدرات و زيادة الثروة
وحمايتها وعدم االعتداء عليها ونوفر القوانين لها مع عدم تدخل الدولة في الحياة االقتصادية اال بالقدر الذي يتطلبه النظام
العام إضافة إلى المزاحمة والمنافسة في األسواق وحرية األسعار وفق متطلبات العرض والطلب وتبحث عن اعتماد
قانون السعر المنخفض في سبيل ترويج البضاعة وبيعها .
النهضة االقتصادية و تطور النظام الرأسمالي من القرن السادس عشر الى القرن العشرين
عرف االقتصاد األوربي تطورا كبيرا ابتداء من القرن السادس عشر وصاحب هذا التقدم هو ميالد نظام جديد
وتطوره أال وهو الرأسمالية ولقد مر هذا النظام بثالث مراحل أساسية مرحلة الرأسمالية التجارية ثم الصناعية ثم المالية .
المرحلة األولى :ميالد الرأسمالية التجارية :كما هو معروف أن التاجر كان العنصر األساسي في الحياة االقتصادية
بعد أن توطد وجود المدن داخل الدول األوربية وأصبحت الطبقة البرجوازية تشكل قوة االجتماعية ولقد مكنت بعض
المعطيات األساسية من رسم الواقع األوربي في القرن السادس عشر والسابع عشر .ان بدايات النظام الرأسمالي اخذت
في ال ظهور في الدول االوروبية وذلك بتحويل اقتصاديات هذه الدول من النظام االقطاعي ( نظام الضيعة المغلقة ) الى
االقتصاد الرأسمالي القائم على نظام السوق و الملكية الخاصة و الذي يعمل بهدف تحقيق اكبر ربح ممكن ومن خالل الية
السعر ونتيجة لعدة عوامل ومؤثرات اسهمت في تحقيق هذا التحول وتضمنت تطورا يرتبط بذلك في الجوانب االقتصادية
و االجتماعية والسياسية ،من هذه العوامل :
. 1اتساع رقعة العالم:ان االكتشافات وخاصة اكتشاف الطريق البحري نحو الهند عن طريق منعطف رأس الرجاء
الصالح واكتشاف أمريكا اللذين مهدا السبيل نحو تطور تيارات تجارية وانفتاح أسواق ومجاالت أمام الشركات التجارية
32
األوربية أدى هذا إلى دخول مرحلة المبادالت التجارية الواسعة واستولت الدول األوربية على البلدان اإلفريقية واألسيوية
واألمريكية فاستعمرت البرتغال عدة مناطق في شواطئ إفريقيا والهند واسبانيا استولت على العالم الجديد وهولندا على
جزر جاوا وماليزيا وعملت بريطانيا على االستيالء على المستعمرات الفرنسية والبرتغالية في أمريكا والهولندية بآسيا .
. 2الثورة النقدية:كانت نتيجة تدفق الذهب الذي اكتشف في أمريكا والمكسيك والبيرو طيلة القرنين السادس عشر
والسابع عش ر وارتفاعه الكبير في األسعار واغتناء الطبقة البرجوازية الصاعدة والذي مكن من تمويل عدة مشاريع
تجارية وصناعية أدى هذا السيل التضخمي في الوقت الذي كانت للحياة االقتصادية في العالم العربي شرقه وغربه تتسم
بتزايد االنكماش بعد ان نضبت مصادر الذهب اإلفريقي وتوقفت مسيرة القوافل التجارية .
. 3ميالد األمم والدول العصرية :ان التحوالت الكبرى التي عرفتها أوربا في القرن السادس عشر أدى أي ميالد
األمم بالمفهوم العصري من خالل شعورها بوحدتها وكيانها وبالتضامن الذي يجمع سكانها وأقاليمها وظهور األمة في
وقت تدعم فيه الملكي ة والسلطة المركزية التي أسكتت تحديات اإلقطاعيين المحليين واعتمدت على الطبقة البرجوازية
الحديثة العهد بالوجود ومن هنا أصبح الملك يجسد المصلحة العامة وظهرت قوته االقتصادية في توحيده النقود وبرفع
الضرائب وإنشاء المشاريع الفالحية والصناعية والتجارية وكذا قيامه بالحروب الخارجية والبحث عن أسواق
ومستعمرات فميالد األمة يعتبر من الناحية االقتصادية حدثا كبيرا ألنه اخرج األقاليم من عزلتها وأزال الحدود فادى ذلك
إلى اتساع رقعة األسواق الوطنية و االنفتاح االجتماعي في حين أن دول العالم العربي لم تعرف هذه الظاهرة الشيء الذي
حرمها من التنمية وبقائها خاضعة للبنية القبلية القروية والعصبيات الضيقة.
. 4تراكم األموال في يد التجار الكبار الصيارفة:هذه الظاهرة لم تكن معروفة قبل ذلك إذ كان المنتج يعيش في إطار
ضيق وكان السيد اإلقطاعي أو المؤسسات الدينية الذي استطاع ان يملك بعض الثروة التي استعملت في بناء القصور
والكنائس فلما كثرت األرباح في يد التجار و اتسع نشاطهم اقبلوا على جمع األموال واستعمالها في االستثمارات وإنشاء
المشاريع وصناعة السفن وتأسيس الشركات .
.5الثورة الفكرية وتغير الذهنيات:انطالقا من الثورة الدينية التي دشنها لوثر 1517ودعمها كلفان والتي تمثلت في
التيار المسيحي البروتستانتي اثر كبير على تغير الذهنيات بأوربا وعلى ميالد الفكر االقتصادي المعاصر حيث ان التفكير
السائد في أوربا استسالميا ال يسعى عن البحث عن جمع األرباح بقدر ما يسعى إلى نوع من االكتفائية الن سعادته الحقيقة
ال موضع لها في العالم الدنيوي فجاء التيار البروتستانتي ليعبر هذا التفكير وجعل من الثروة واألرباح عالمة الرضا
واللطف اإللهي وجعل العمل مقدسا من الناحية الدينية ولقد كانت لرسالة كالفان سنة 1536التي أقرت حق اإلثراء
وحللت من الوجهة الدينية معدل الفائدة واستعمال رأس المال وقرضه هذا مكن االقتصاد من تمويل المشاريع التجارية
33
والصناعية ،وتشعب هذا التفكير في البلدان االنجلوسكسونية وساعد على ميالد "المنظم" الذي هو العنصر األساسي في
نهضة النظام الرأسمالي في القرون المعاصرة .
كانت انجلترا ( )1760-1830مصدر الثورة الصناعية التي اجتاحت المرحلة الثانية :تطور الرأسمالية الصناعية
عديد من الدول األوربية و أمريكا واليابان في فترات متفاوتة فانجلترا جمعت كل الخصائص األساسية التي طبعت هاته
الفترة التاريخية التي تعلقت بمعطيات اقتصادية و ديمغرافية واجتماعية وفكرية علما ان عوامل الثورة الصناعية معقدة
ومتداخلة لحد ان مؤرخي الحياة االقتصادية اختلفوا في تحديد األسباب األساسية للتغيرات التي طرأت على الواقع
االقتصادي بمناسبة هذه الثورة ومن هنا يمكن تلخيص السمات األساسية للثورة الصناعية في مايلي :
.1االختراعات التقنية :تعتبر االختراعات التقنية العلمية من الظواهر التي عرفتها بريطانيا في أواخر القرن الثامن
عشر وأوائل القرن التاسع عشر وهذه االختراعات مكنت من استعمال وسائل تقنية جديدة زادت إنتاجية العمل بدخول
اآللة ميدان اإلنتاج وتعويض العنصر البشري وهذه االختراعات تهم كل القطاعات الصناعية و خاصة قطاع النسيج
والصلب والطاقة وهنا يمكن ذكر بعض االختراعات :
اختراع آلة لف الحرير من طرف لومب سنة .1716 أ-
ب -اختراع المكوك الطيار من طرف كي سنة .1733
اختراع الة الغزل من طرف اركوايت. ج-
اختراع المنسج اآللي من طرف كرنايت سنة . 1785 د-
هذه االختراعا ت مكنت بريطانيا من تصدير إنتاج هذه الصناعة يكون عنصر تطوير كبير للتجارة الخارجية
البريطانية وبالتالي عنصر التقدم االقتصادي
.2في ميدان صناعة الحديد والصلب نجد اختراع طريقة صناعة الصلب من الحديد والفحم من قبل إبراهيم داربي سنة
1735واختراع طريقة إلذابة الحديد من قبل هونتسمان الذي أسس أول معمل للتعدين سنة . 1750
في ميدان الطاقة فيعتبر اختراع اآللة البخارية من قبل جيمس وات سنة 1764أهم حدث تقني وقع منذ القرن الثامن .3
عشر وما يزال يمثل الطريقة األكثر استعماال في الصناعات ووسائل النقل .
المرحلة الثالثة :الثورة الفكرية :تعتبر ا لثورة الفكرية التي عرفها العالم األوربي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر
امتداد لإلصالحات الدينية التي تحدثنا عنها وللتحوالت التي عرفها القرن السادس عشر لكن االتجاه الجديد الذي سلكه
34
الفكر في هذه المرحلة الثانية كان اتجاها الئكي واعتبرت الحرية الشخصية مبدأ مقدس حيث اعتقد أندري بيتر في كتابه
األعمار الثالث لالقتصاد ،إن مفهوم الحرية الشخصية الذي هيمن على الفكر الحديث يعتمد على ثالث أسس :
األساس األول :االعتقاد بقوة العقل البشري و بالمنطق فاإلنسان ال يمكن أن يخضع إال لمعطيات علمية ولقد كان
ديكارت الفيلسوف الفرنسي أول من وضع أسس هذا المنهج العقالني الذي سيطر على المجتمع المتقدم.
األساس الثاني :هو االعتقاد الراسخ في طيبوبة اإلنسان العفوية من خالل تشبثه بالتفاؤل وعدم الرضوخ للواقع او
االنسياق لتخمينات تشاؤمية.
األساس الثالث:تقديس الفرد واعتباره محور الحياة االجتماعية وتحريره من كل القيود حيث نجد أن الفالسفة
الفرنسيون روسو وفولتير وتشيسكو من المع رجال الفكر الذين عبروا عن هذه االديولوجية التي عرفت التطبيق بالعنف
في فرنسا بعد اندالع الثورة سنة 1789في حين تصاعد شيوعها بطريقة أكثر شموال واقل حدة في المجتمع البريطاني .
خالل هذه المرحلة تطورت القطاعات التالية بشكل ملحوظ من خالل:
اإلصالح الزراعي :إن دراسة الحقبة التاريخية المتراوحة بين أواخر القرون الثامن عشر وأواخر القرن التاسع عشر نجد
أنهم ال يهتمون إال بوصف معالم الثورة الصناعية وينسون ان الفالحة قد عرفت كذلك تغيرات كبرى خاصة في انجلترا
كانت سببا في من أسباب قيام صناعة عصرية ولقد مكن اإلصالح الزراعي في كل من انجلترا و في كل البلدان التي
عرفت طريق التقدم من إمداد الصناعة بمساعدات كبرى يمكن ان تلخص في :
.1كان من نتائج اإلصالح الزراعي تكوين قوة شرائية عند الفالحين وإقبالهم على االقتصاد النقدي الشيء الذي رفع من المنتجات
الفالحية .
.2أدى هذا اإلصالح من رفع اإلنتاجية الزراعية وتحرير اليد العاملة التي استقطبتها الصناعة في أول مراحل نموها .
.3ساعد ارتفاع مداخيل الفالحين توجيههم للثروات التي جمعوها إلى استثمارات صناعية الشيء الذي جعل الفالحة تلعب دورا
بجانب التجارة دور ممول للصناعة.
فالدول التي دشنت انطالقتها االقتصادية في أواخر القرن التاسع عشر مثل فرنسا والواليات المتحدة األمريكية
وألمانيا و اليابان نفس التغيرات التي حدثت في الزراعة البريطان ية هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الفالحة كانت
وستبقى دوما مصدرا من مصادر التنمية الصناعية .
النمو الديموغرافي :عرفت انجلترا في أواخر القرن الثامن عشر وخالل القرن التاسع عشر تقدما ديمغرافيا بحيث أن عدد
السكان في كل من انجلترا وبالد الغال ارتفع مرتين بين 1771و 1831وارتفع بأربع مرات بين 1800و( 1914أربعون
مليون مقابل عشرة ماليين) وقد نتج هذا النمو الديمغرافي عن ارتفاع في معدل الوالدة ( %34قبل 1750وة %37بين
35
1780و )1800وانخفاض في معدل الوفيات بعد )%30(1780وخاصة بعد )%22( 1825ولقد ساعدت هذه الوثبة
الديم غرافية الكبرى على تدعيم الثورة الصناعية ألنها مكنت البالد البريطانية من القوة البشرية التي تكون الطاقة المحركة
األولى للتقدم .إضافة إال أن عوامل أخرى كان لها تأثير انتشار وسائل النقل في انجلترا أواخر القرن الثامن عشر وعامل
الهجرة إلى الواليات المتحدة وعامل الوحدة السياسية في ألمانيا . 1870
المرحلة الرابعة :تطور الرأسمالية المالية:هذه المرحلة الثالثة هي امتداد للمرحلة األولى بالنسبة لبريطانيا العظمى التي
وصلت إليها في وقت كانت فيه البالد الرأسمالية األخرى ما تزال تخطو خطواتها األولى نحو التصنيع فظهور قوات
اقتصادية بعد 1870داخل أوربا وخارجها تنافس االقتصاد البريطاني بحيث كانت قدرتها الصناعية تساوي %32 1870
من القدرة الصناعية العالمية في حين ان الواليات المتحدة األمريكية كانت تملك %23وألمانيا %13وفرنسا %10
ويمكن تلخيص هذه الفترة في مايلي :
.1تطو ر المؤسسات البنكية والمالية والتي أخذت تلعب الدور التسييري للحياة االقتصادية باعتبارها الممول األساسي
للمؤسسات الكبرى التي اضطرت الستعمال القروض البنكية وإلصدار األسهم حتى تتمكن من جمع الموارد المالية
استجابة لمتطلبات النمو ولهذا وصفت رأسمالية هذه الفترة برأسمالية المالية ،وتعاظم نشاط ابناك كانت ابناك عائالت
فأصبحت تساهم في كل الصناعات وانتشرت مكاتب ابناك الودائع و االبناك التجارية في كل الدول الرأسمالية.
. 2لعبت بعض القطاعات دورا مهما في لوليد الطاقات االقتصادية وتصعيد إمكانيات النمو وبعد أن كانت صناعة
النسيج خاصة صناعة التعدين تشكالن القطاع المحرك للنشاط االقتصادي انتقل هذا الدور بعد 1850الى السكك الحديدية
ثم إلى صناعات حديثة مثل التي كانت سببا في اتساع األسواق الداخلية سواء في الدول األوربية أو الواليات المتحدة
السيارات و الميكانيكية والكيم اوية حيث إنها أصبحت المقياس األول للتطور االقتصادي ثم وقع تغير كيفي فيما يتعلق
بالطاقة واستعمالها بعد بناء السدود وطاقة البترول التي انتشرت بسرعة على حساب طاقة الفحم التي كانت أساس
النهضة في انجلترا.
.3استيالء لدول الرأسمالية على أراضي وخيرات البلدان الفقيرة وكان هذا من مظاهر نهاية القرن التاسع عشر
وهذا المد االمبريالي جاء من طبيعة النظام الرأسمالي الذي يبحث على أسواق وأرباح وكان له اثر في العالقات بين الدول
الشركات الكبرى التي أصبحت الرأسمالية التي كانت تتسابق على المستعمرات وقد واكب المد االستعماري تغلغل
تستغل مشاريع المواد األولية التي توجهها إلى صناعات الدول االمبريالية وأدى فتح قنال السويس من األحداث
االقتصادية الكبرى التي طبعت هذه الفترة التاريخية ألنه مكن من ربط المستعمرات البعيدة بمراكز الهيمنة األوربية .
36
إن مرور الرأسمالية بالمراحل التي ذكرناها واكب تحول في شكلها وفي أسواقها حيث كانت رأسمالية تزاحميه
فأصبحت رأسمالية احتكارية إلى أن وصلت إلى الشكل الذي نراه اليوم.
الفصل الثاني
المبحث الثالث
37
إن التطور السريع لصيرورة وتتبع التحوالت في النظام الرأسمالي ففي المراحل األولى أي بعد الثورة الصناعية التي
حدثت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر لم يكن هناك من شك كما قال ماركس إن انتاجية اإلنسان تعرضت إلى
تغيرات عميقة فالتنظيم الصناعي والمفهوم الرأسمالي أديا إلى أن يبلغ إنتاج المصانع مستويات لم يبلغها في السابق أبدا .
فإذا تأملنا جيدا وجدنا انه مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهور كثيف لعمال الصناعة وهذا
نتيجة للسلطة الواسع التي تمتع بها ومارسها المالك أو الرأسماليون او ضعف سلطة البد العاملة في ظل النظام الرأسمالي
،وكذا للشروط القاسية التي فرضها هذا النظام على بعض الفئات االجتماعية المحرومة،فالنظام الرأسمالي تعرض ألربع
تطورات أولها ظهور النقابات المهنية التي ساهمت في موازنة السلطة بين أرباب العمل والعمال والثانية ظهور دولة
الرفاه او ظهور الدولة الراعية التي تعود إلى ثمانينيات القرن التاسع عشر في ألمانيا .
والعامل الثالث ظهر في الثالثينيات وجزئيا نتيجة تأثير جون مايرند كينز وكتاباته ،فخالل القرن التاسع عشر
وضمن القرن العشرين كانت اإلشكالية الكبرى للرأسمالية زيادة حدة األزمات التي تمثلت بتفاوت توسع و الكساد
االقتصاديين وهو ما عرف باألزمة الرأسمالية .
أ ما العامل الرابع وهو زوال الرأسمالية التقليدية وحل محلها اإلداري او البيروقراطي الشركات الضخمة .
إضافة إلى ذلك ان النظام الرأسمالي يقوم على أساس الملكية الفردية ولكن هذا األخير ال يظل دون تغيير فهو عرضة
لجملة مراحل متتابعة من التبدالت ففي المرحلة األولى من الرأسمالية نجد صاحب المشروع بمفرده ،ثم ظهرت الشركات
بعد ذلك ظهرت طبقة المدراء المشاريع ومن ثم أصبحنا نجد أنفسنا أمام مزيج من ملكية الدولة وتدخل الدولة والشركات
الكبيرة ،فاعتقادنا بان هاته العوامل األربعة والتي تم ذكرها قد ساهمت بشكل كبير في ضمان مستقبل الرأسمالية ذلك انه
لم يكن تستمر في العيش لو احتفظ الرأسماليون بسلطتهم المطلقة على تحديد األجور وشروط العمل ،لو أن الدولة الحامية
والراعية أو دولة الرفاه لم توجد لو أن أزمات الكساد استمرت وتفاقمت لو أن رجال اإلدارة لم يحلوا محل الرأسماليون أما
الحرب العالمية الثانية نجد ان تطور الرأسمالية كان من خالل تسارع معدالت نمو اإلنتاج الصناعي وبخاصة بعد
التجارة الخارجية حيث أدت لثالث أسباب رئيسية الى تسارع معدالت التطور االقتصادي
أولها :الثورة العلمية والتكنولوجية ،
وثانيا تعميم التقسيم الدولي للعمل ،
أما الثالثة التنظيم التدخل الحكومي االحتكاري المكثف للحياة االقتصادية .
38
فتعبئة جميع موارد النظام الرأسمالي بهدف رفع وتأثير التطور االقتصادي،والتخلص من حدة الهزات االقتصادية
والتناقضات الطبقية وما بين الدول االمبريالية وكان البد أن يترك ذلك بصماته على طابع ظهور القوانين الداخلية
للرأسمالية .
فالثورة العلمية والتكنولوجية غداة الحرب العالمية الثانية شملت جميع ميادين االقتصاد ،فطبقت أساليب جديدة إلدارة
اإل نتاج وتحول العلم إلى قوة إنتاجية مباشرة وزيادة النفقات في البحث العلمي ،ومع تطبيق مبادئ اإلدارة الحديثة
وتسريع تجديد رأس المال الثابت ورفع إنتاجية العمل مع تمتع التقدم العلمي التقني باستقاللية ،أما السبب األخر وهو تعميم
التقسيم الدولي للعمل منذ أوائل ال خمسينيات وما ارتبط به من توسيع سريع في التجارة الرأسمالية العالمية والتعاون
اإلنتاجي والمبادالت التكنولوجية بين الدول كعامل تسريع لمعدالت النمو االقتصادي والتقدم العلمي والتقني فخالل (-55
)77كانت التجارة الخارجية للبلدان الرأسمالية المتطورة تنمو بأكثر من مرة وتصف أسرع من اإلنتاج االجتماعي
وبفضل توسع لنطاق التقدم العلمي والتقني ،كما تميزت العشرية األخيرة بتوسع مطرد في التبادل العلمي والتقني بين
البلدان ونمت تجارة البراءات والتراخيص بمعدل أسرع من التجارة الخارجية .
أما العامل األهم الثالث الذي اثر على التطور االقتصادي العام فهو التنظيم الحكومي االحتكاري القتصاد بوسائل
التدخلية المتعددة والمتنوعة وذلك بهدف الحد من تقلبات السوق وتعجيل معدالت التطور بصفة عامة ،تخفيف النزاعات
االجتماعية ...مما لعب دورا معينا في التطور االقتصادي للرأسمالية المعاصرة وذلك بتدخل الدولة ألنها قادرة على كل
شيء .
الفصل الثالث
المبحث األول
39
على اساس ما سبق وان تم تناوله بخصوص النظام االقتصادي الرأسمالي يمكن ابراز بعض السمات االساسية
لهذا ال نظام و ابرز العيوب و المساوئ و النواقص و السلبيات التي رافقته وترافقه وستظل ترافقه ومن خالل التركيز
على االهم فيها .
السمات االساسية للنظام االقتصادي و الرأسمالي
ان النظام االقتصادي الراسمالي يتسم بالعديد من السمات اي الخصائص التي تميزهعن غيره من االنظمة
االقتصادية االخرى سواء ما يتصل منها بالجانب النظري او في الجانب العملي و التي توفر للنظام االقتصادي الرأسمالي
طبيعته الخاصة به و بالذات الخطوط العريضة له رغم اختالف التفاصيل المرتبطة بذلك سواء من حالة الى اخرى او من
وقت الخر ومن بين اهم سمات النظام هذ ا و الذي هو النظام السائد حاليا في معظم الدول ان لم يكن في جميعها تقريبا ما
يلي :
.1الملكية الخاصة لوسائل االنتاج و للنشاطات االقتصادية التي تتم في اطار هذا النظام حيث ان االصل في االقتصاد
الرأسمالي بصيغته النظرية النقية ( االصلية ) هو ان كافة وسائل االنتاج و النشاطات االقتصادية ينبغي ان تكون مملوكة
ملكية خاصة اي ان يملكها االفراد و المشروعات الخاصة الشركات الخاصة وغيرها وهذا يعني ان الدولة ينبغي ان
التمتلك وسائل االنتاج و النشاطات االقتصادية حيث ان دور الدولة في االقتصاد ينبغي ان يكون محايدا وان يقتصر
دورها على تقديم الخدمات العامة التي تتمثل بتأمين الدفاع الخارجي وضمان االمن الداخلي وتحقيق العدالة وفرض
النظام .
.2حرية ممارسة النشاطات االقتصادية و حرية التعاقد اي حرية الفرد في استخدام موارده في المجاالت التي يرغب فيها و
التي يرى انها تحقق له اكبر نفع ممكن او عائد ممكن له باعتبار انها مملوكة ملكية خاصة وبالتالي فانه حر في
استخدامها سواء باستثمارها واستخدامها في انتاج السلع و الخدمات او في االستهالك بما في ذلك حرية ممارسة الفرد
للعمل الذي يرغب فيه و الذي يتناسب مع ميوله و قدراته واتجاهاته ومؤهالته وهذه الحرية في النظم االقتصادية
الراسمالية هي حرية ينبغي ان التكون مقيدة بأي قيد حتى تتيح للفرد بذل اقصى جهد من اجل الحصول على اكبر دخل
او عائد او نفع ممكن له نتيجة ما يقوم من نشاط وبدون ان تتدخل اي جهة كانت في ممارسته لحريته هذه وهو ما يعني
عدم تدخل الدولة في ذلك .
.3ان الهدف االساسي ويكاد يكون الوحيد للنشاطات االقتصادية في النظام االقتصادي الرأسمالي هو تحقيق اقصى ربح
ممكن هذا الربح الذي يتحقق نتيجة للنشاطات االقتصادية و الذي يتمثل بزيادة ايرادات النشاط على تكاليفه وبحيث يتم
الوصول الى تحقيق اقصى ربح ممكن و تخفيض النفقات الى ادنى حد ممكن .
40
.4ان االلية التي يعمل بموجبها النظام االقتصادي الرأسمالي تتمثل بالية السوق والتي هي السوق التامة اي سوق المنافسة
الكاملة والتي تعمل على اساس التفاعل الحر بين قوى السوق اي التفاعل الحر بين قوى العرض و قوى الطلب في
السوق وبصورة تلقائية وبعيدا عن اي تدخل او تقييد لهذه الحرية او التأثير عليها من اي جهة كانت وان نتيجة التفاعل
الحر و التلقائي غير المقيد بين قوى العرض وقوى الطلب في السوق التامة هذه هو تحديد السعر الذي يعتبر المؤشر
االساسي الذي يتم االستناد اليه في القيام بالنشاطات االقتصادية .
ونتيجة لما سبق يتم التوصل الى ان السمات االساسية للنظام االقتصادي الرأسمالي سواء المرتبط منها بأساس
عمل النشاطات االقتصادية ومن خالل ملكيتها ملكية خاصة او المرتبط بحرية ممارسة النشاطات االقتصادية المستندة الى
ملكيتها الخاصة او نتيجة هدفها في تحقيق اكبر ربح ممكن او باالستناد الى الية السوق بهذه النشاطات وفي تحديد المهام
التي يؤديها النظام و الذي ينجم عنه تحقق العديد من النتائج الهامة واالساسية و التي منها :
.1ضمان تحقق االستخدام الكامل للموارد و بالذات من خالل الية السوق حيث يتم بموجبها معالجة حاالت البطالة وعدم
االستخدام الن عدم االستخدام سواء لعنصر العمل او للموارد او للسلع يعني عرض في السوق اكبر من الطلب عليه وهو
ما يدفع السعر لالتجاه نحو االنخفاض ويستمر االنخفاض في السعر طالما وجد عدم استخدام ولحين زوال عدم االستخدام
هذا و بالشكل الذي يتحقق نتيجة له التوازن اي التعادل ( التساوي ) بين العرض و الطلب .
.2ضمان التخصيص الكفء للموارد حيث ان الموارد تتجه وفقا اللية السوق التي يعمل بموجبها النظام االقتصادي
الرأسمالي نحو المجاالت التي تحقق اكبر ربح ممكن اي التي تحقق اكبر عائد ممكن باقل كلفة ممكنة وقياسا بالمجاالت
البديلة الستخدام الموارد هذه وهو ما يعني ان الموارد هذه التتجه نحو المجاالت التي تحقق خسارة و التي تزيد فيها
التكاليف على االيرادات او تلك التي تحقق ارباح اقل بانخفاض ما يتحقق من ايرادات فيها قياسا بتكاليفها ومقارنة
بالبدائل المتاحة و هو االمر الذي يعني التخصيص الكفء للموارد و المعايير االقتصادية و بالذات المالية اي معيار
االيرادات المالية و التكاليف المالية و ما يتحقق نتيجة العالقة بينهما من ربح مالي .
.3االستخدام الكفء للموارد من خالل ان الية السوق التي يعمل النظام االقتصادي الرأسمالي وفقا لها تدفع بمعدالت
االرباح نحو التساوي في المجاالت المختلفة و ارتباطا بان الهدف االساسي للمشروعات الخاصة هو تحقيق اقصى ربح
ممكن و الذي على اساسه تقوم مختلف الفعاليات و النشاطات االقتصادية و الذي يعني ان الموارد تتجه في استخداماتها
نحو المجاالت التي تحقق اكبر ربح ممكن وهذه المجاالت هي بالضرورة المجاالت التي تتحقق فيها اعلى كفاءة ممكنة
في استخدامها للموارد .
.4واستنادا الى ما سبق يتم افتراض التوافق او التطابق بين المصلحة الخاصة او الفردية و المصلحة العامة او االجتماعية
ومن خالل تحقق المصلحة الخاصة الن مصلحة المجتمع تتحقق باكبر قدر ممكن من وجهة النظر الرأسمالية عندما
41
تحقق الفراده اكبر قدر ممكن من المصلحة الخاصة اذ ان الملكية الخاصة لوسائل االنتاج وللنشاطات االقتصادية وان
سعي االفراد الستخدام ما يملكونه بحرية وكفاءة يضمن لهم تحقيق اقصى مصلحة خاصة عن طريق بذلهم اقصى نشاط
وبدون اية قيود تحد من اندفاعهم لتحقيق ذلك وبتحقيقه يتم ضمان تحقق اقصى مصلحة ممكنة للمجتمع .
الفصل الثالث
المبحث الثاني
ان ما سبق من سمات للنظام االقتصادي الرأسمالي وما يمكن ان يفرزه من نتائج نتيجة للسمات و االلية هذه
يتصل معظمها بالجانب النظري نظرا الن الواقع الفعلي وما يتحقق فيه قد اليتطابق في معظمه مع هذه السمات و االلية
42
التي يعمل بها بسبب العيوب التي تتصل بذلك اضافة الى ما يوجه اليه من انتقادات وما يرد عليه من اعتراضات و التي
من ابرزها ما يلي :
.1غياب الحرية في ممارسة النشاطات في واقع عمل النظام الراسمالي وبالذات في الفترات الالحقة التي ارتبطت بتطوره
حيث ان المنافسة التامة و التي تتم من خاللها حرية ممارسة النشاطات االقتصادية تحولت في مسار التطور عبر الزمن
الى تدخل في النشاطات االقتصادية وبروز جهات تدخلية عديدة تقيد وتحد من حرية ممارسة النشاطات االقتصادية اذ ان
المنافسة التامة و الحرة تولد االحتكار ذلك الن المنافسة وما تتيحه من حرية تؤدي الى تغلب المشاريع االكبر قدرة وقوة
على المشاريع االقل قدرة وقوة في اطار الصراع التنافسي الذي توفره المنافسة وما ينجم عنه في نهاية االمر اما الى
انضمام المشروعات االقل قدرة وقوة الى المشروعات االقل قدرة وقوة الى المشروعات االكبر قدرة وقوة او انسحاب
المشروعات ذات القدرة و القوة االقل وبذلك يتولد االحتكار الذي يحل محل المنافسة .
.2عجز الية السوق التي يعمل بموجبها النظام االقتصادي الراسمالي عن توجيه الموارد نحو المجاالت االكثر اهمية ونفعا
الفراد المجتمع و التي يمكن ان تتمثل في المجاالت التي تلبي احتياجاتهم االساسية و بالذات ما هو ضروري منه لعيش
الفرد وبقاءه واستمرار وجوده في الحياة وبما يتح له استمرار ممارسته لعمله وقيامه بنشاطاته حيث ان الموارد تتجه
وفقا اهذه االلية نحو المجاالت التي تحقق اكبر ربح ممكن وهذه المجاالت التي تتجه الموارد نحو االستخدام فيها قد
التكون بالضرورة المجاالت االكثر اهمية وضرورة اذ قد تتجه الى مجاالت غير ضرورية او كمالية او حتى لما هو
ضار منها كما هو الحال في انتاج الدخان و المشروبات الكحولية وغيرها لمجرد انها تحقق ربحا اكبر باعتباره الهدف
االساسي للقيام باالنتاج من قبل المشروع الخاص كما ان الموارد قد التتجه وفقا اللية السوق نحو المجاالت االكثر اهمية
وضرورية لتطوير المجتمع .
.3االزمات التي تعرض ويتعرض لها النظام االقتصادي الرأسمالي في عمله وفي ممارسة نشاطاته االقتصادية والتي
ترتبط بعجزه عن تحقيق االستخدام الكامل للموارد وبالذات في ظل االسواق ذات الطبيعة االحتكارية التي تسود فيه
والتي يكون االنتاج فيها اقل ودرجة استخدام الموارد ادنى قياسا بما يمكن ان يتحقق من انتاج ومن استخدام للموارد في
السوق التامة .
.4الهدرو التبديد االقتصادي الذي يرافق عمل النظام االقتصادي الرأسمالي و الذي يرتبط بالية عمله و التي تتضمن اتخاذ
القرارات الخاصة بممارسة النشاطات فيه من قبل الجهات الخاصة االفراد والمشروعات التي تقوم بهذه النشاطات و
التي تؤدي في حاالت ليست بالقليلة الى حصول حاالت عدم استخدام وضعف في الكفاءة وفي استخدام الموارد في ظل
عدم وجود جهة تضمن تحقيق التناسق بين القيام بهذه النشاطات و الحاجة اليها وهو االمر الذي يقود الى ظهور فائض
في انتاج النشاطات بزيادة عرض منتجاتها على الطلب عليها .
43
.5يرتبط النظام االقتصادي الرأسمالي في طبيعته بوجود االستغالل الناجم عن امتالك القلة فيه وسائل االنتاج و النشاطات
االقتصادية وحرمان معظم افراده من مثل هذه الملكية واضطرارهم من اجل ضمان عيشهم واسرهم للعمل في
المشروعات التي تعود ملكيتها للقلة خاصة وان مثل هذا االنقسام في المجتمع بين من يملكون وبين من ال يملكون يزداد
مع التطور عبر الزمن بسبب زيادة درجة التركيز في الملكية وزيادة حدة التفاوت في توزيع الدخول و بالذات مع بروز
السيطرة االحتكارية في االسواق الفعلية التي يؤدي فيها النظام عمله .
.6ان النظام االقتصادي الرأسمالي ينجم عنه حصول تطور غير متناسب وغير متوازن حيث تتطور قطاعات ونشاطات
معينة ودون حصول تطور مماثل في قطاعات ونشاطات اخرى وكذلك تتطور مناطق معينة ودون تطور مماثل في
مناطق اخرى وهو المر الذي يتحقق معه تفاوت في مستويات التطور بين القطاعات و النشاطات والمناطق وحتى بين
المدن و االرياف وكل هذا نتيجة للسمات االساسية للنظام االقتصادي الرأسمالي و التي تقوم على اساس الملكية الخاصة
للنشاطات االقتصادية وحرية ممارسة هذه النشاطات وبما يحقق اكبر ربح ممكن ومن خالل الية السوق وهو ما يعني ان
الموارد الخاصة تتجه بالضرورة نحو االستخدام للقيام بالنشاطات االقتصادية في القطاعات و المجاالت و المناطق التي
يتحقق فيها اكبر ربح ممكن و التي تتوفر فيها كثافة سكانية و ارتفاع مستويات الدخول فيها وتوفر البيئة التحتية التي
توفر الخدمات الالزمة للقيام بالنشاطات هذه .
.7التفاوت في توزيع الدخول في النظام االقتصادي الرأسمالي و الذي يحكم التفاوت في توزيع السلع و الخدمات المنتجة في
االقتصاد و الناجم عن التفاوت في ملكية وسائل االنتاج و النشاطات االقتصادية و نتيجة الحرية في استخدام وسائل
االنتاج و النشاطات االقتصادية بما يحقق اكبر دخل ممكن لمالكيها عن طريق سعيهم لتحقيق اكبر ربح ممكن وفي اطار
الصراع التنافسي الذي يتيح غلبة االكبر قدرة وقوة على من هو اقل قدرة وقوة وممارسة االحتكار ورفع االسعار
واستغالل القوي للضعيف من اجل تحقيق اعلى االرباح للرأسمالين و الدخول واستنادا الى الملكية الخاصة للبعض و
على حساب االخرين الذين اليتاح لهم مثل ذلك .
.8ارتباط التوجه بالسيطرة الخارجية بعمل النظام الرأسمالي وطبيعته حيث ان الملكية الخاصة للنشاطات االقتصادية و
الحرية في ممارستها من اجل تحقيق اكبر قدر ممكن من االرباح للنشاطات الخاصة هذه الى التوجه نحو السيطرة على
االسواق الخارجية من اجل تأمين مستلزمات عمل النشاطات الخاصة من ناحية وتوفير السوق التي تتيح تصريف
منتجات هذه النشاطات وبما يمكنها من التوسع و التطور وصوال الى اكبر قدر ممكن من االرباح وهو ما يفسر
التوجهات االستعمارية التي نمت في الفترات السابقة و ارتباطها بطبيع النظام االقتصادي الرأسمالي .
44
الخاتمة
الرأسمالية نظام وضعي يقف على قدم المساواة مع الشيوعية وغيرها من النظم التي وضعها البشر بعيداً عن
منهج هللا الذي ارتضاه لعباده ولخلقه من بني ا ِإلنسان .و من سماته التي تعتبر للبعض مشاكل تؤدي إلى ظهور العيوب
التي تأثر بها هذا النظام ،مثل:
-األنانية :حيث يتحكم فرد أو أفراد قالئل باألسواق تحقيقا ً لمصالحهم الذاتية دون تقدير لحاجة المجتمع أو احترام
للمصلحة العامة.
-االحتكار :إذ يقوم الشخص الرأسمالي باحتكار البضائع وتخزينها حتى إذا ما فقدت من األسواق نزل بها ليبيعها بسعر
مضاعف يبتز فيه المستهلكين الضعفاء.
-لقد تطرفت الرأسمالية في تضخيم شأن الملكية الفردية كما تطرفت الشيوعية في إلغاء هذه الملكية.
-المزاحمة والمنافسة :إن بنية الرأسمالية تجعل الحياة ميدان سباق مسعور إذ يتنافس الجميع في سبيل إحراز الغلبة،
وتتحول الحياة عندها إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف ،وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى إفالس المصانع والشركات بين عشية
وضحاها.
-ابتزاز األيدي العاملة :ذلك أن الرأسمالية تجعل األيدي العاملة سلعة خاضعة لمفهومي العرض والطلب مما يجعل
العامل معرضا ً في كل لحظة ألن يُستبَدل به غيره ممن يأخذ أجراً أقل أو يؤدي عمالً أكثر أو خدمة أفضل.
-البطالة :وهي ظاهرة مألوفة في المجتمع الرأسمالي ،وتكون شديدة البروز إذا كان ا ِإلنتاج أكثر من االستهالك مما يدفع
بصاحب العمل إلى االستغناء عن الزيادة في هذه األيدي التي تثقل كاهله.
-الحياة المحمومة :وذلك نتيجة للصراع القائم بين طبقتين إحداهما مبتزة يهمها جمع المال من كل السبل وأخرى محرومة
تبحث عن المقومات األساسية لحياتها ،دون أن يشملها شيء من التراحم والتعاطف المتبادل.
-االستعمار :ذلك أن الرأسمالية بدافع البحث عن المواد األولية ،وبدافع البحث عن أسواق جديدة لتسويق المنتجات تدخل
في غمار استعمار الشعوب واألمم استعماراً اقتصاديا ً أوالً وفكريا ً وسياسيا ً وثقافياً عامة ،وذلك فضالً عن استرقاق
الشعوب وتسخير األيدي العاملة فيها لمصلحتها- .
الحروب والتدمير :فلقد شهدت البشرية ألوانا ً عجيبة من القتل والتدمير وذلك نتيجة طبيعية لالستعمار الذي أنزل
بأمم األرض أفظع األهوال وأشرسها.
45
-الرأسماليون يعتمدون على مبدأ الديمقراطية في السياسة والحكم ،وكثيراً ما تجنح الديمقراطية مع األهواء بعيدة عن
الحق والعدل والصواب.
إن النظام الرأسمالي يقوم على أساس ربوي ،ومعروف بأن الربا هو جوهر العلل التي يعاني سمنها العالم أجمع.
-أن الرأسمالية تنظر إلى ا ِإلنسان على أنه كائن مادي وتتعامل معه بعيداً عن ميوله الروحية واألخالقية ،داعية إلى
الفصل بين االقتصاد وبين األخالق.
-تعمد الرأسمالية إلى حرق البضائع الفائضة ،أو تقذفها في البحر خوفا ً من أن تتدنى األسعار لكثرة العرض ،وبينما هي
تقدم على هذا األمر تكون كثير من الشعوب في حالة شكوى من المجاعات التي تجتاحها.
-يقوم الرأسماليون بإنتاج المواد الكمالية ويقيمون الدعايات الهائلة لها دونما التفات إلى الحاجات األساسية للمجتمع ذلك
أنهم يفتشون عن الربح والمكسب أوالً وآخراً.
-يقوم الرأسمالي في أحيان كثيرة بطرد العامل عندما يكبر دون حفظ لشيخوخته إال أن أمراً كهذا أخذت تخف حدته في
اآلونة األخيرة بسبب ا ِإلصالحات التي طرأت على الرأسمالية.
اإلستنتاجات
من خالل ما تم عرضه يتبين لنا إن النظام اإلقتصادي الرأسمالي نظام نشأ من خالل الفراغ في السلطات ،و تاريخياً نشأ
من جراء محاولة الملوك أو األمراء حماية مصالحهم ،و سلطانهم من خالل منح األراضي و األمالك لمن يؤمن الدفاع
عن مصالحهم ،و بذلك نشأت الطبقة اإلقطاعية ،التي سيطرت على مقدرات الشعوب لقرون عديدة ،بعدها تحولت الى
النظام الحالي و هو نظام السوق ،و الذي يتحكم بإقتصاديات البلدان ،لكن لهذا النظام برزت العديد من العيوب و التي تم
ذكرها سابقا ً ،وعليه فإن مستقبل النظام الرأسمالي من الممكن ان يتأثر وفق اإلستنتاجات التالية:
.1توسع النظام الرأسمالي ليتحول الى العولمة من شأنه القضاء تحديد التبادالت التجارية بإتجاهات محددة فقط ،و هذا
سيخلق فجوة من الممكن أن يتم إستغاللها من قبل مؤيدي النظام اإلشتراكي.
46
.2اإلسراف في استغالل الموارد الطبيعية ،سيؤدي إلى انخفاض الخزين اإلستراتيجي لهذه الموارد ،و بالتالي سيكون من
الصعب إدامة عجلة الصناعة ،وهذا سيعيد المجتمعات الرأسمالية الى العصور القديمة باإلعتماد على الكفاءة و الحرفية
للعامل ،لغرض استمرار اإلنتاج.
.3الحروب التي شنتها الدول الرأسمالية لغرض احتكار موارد الطاقة ،ستكون نتائجها عكسية على الدول المستعمرة ،و
سيكون من الصعب اقامة نظام اقتصادي رأسمالي في تلك الدول ،و ولكثرة الدول التي تم استعمارها على خارطة العالم ،
ستولد فجوة كبيرة تعيق انتشار و نمو الرأسمالية.
.4من خالل النتائج التي برزت خالل العقد األخير ،نالحظ إن الدول الرأسمالية هي الوحيدة التي تضررت بشكل كبير
باألزمات اإلقتصادية ،و إن هذه الدول هي السبب في ظهور هذه األزمات بسبب السياسة اإلقتصادية الحرة لديها ،و عدم
سيطرة الدولة على هذا النظام اإلقتصادي.
.5التزال الدول التي نمت و تطورت في ظل النظام الرأسمالي تميل الى اتباع سياسة نظرة اإلستعالء تجاه بقية الدول التي
كانت تعمل ضمن المجموعه اإلشتراكية ،أو التي كانت تحاول أن تجمع بين الننظامين الرأسمالي و اإلشتراكي ،لهذا
برزت مجموعة الثمانية و مجموعة العشرين ،و التي تولد جراء سياساتها نفور من الدول التي تسير باإلتجاه المغاير لهذه
الدول.
المراجع:
.1د .خلف ،فليح حسن ( النظم اإلقتصادية) الرأسمالية ،الرأسمالية ،اإلسالم – الطبعه األولى _ أربد ،عالم
الكتب الحديث 2008 ،م.
.2د .دويدار ،محمد حامد (مباديء اإلقتصاد السياسي ،ج ، 1ج )2جامعة اإلسكندرية .1993 ،
.3الموسوعه العربية ،المجلد الثاني ،دار الفكر ،سوريا .
47
.4القزوني (علي محمد تقي عبد الحسين)،األزمات االقتصادية للرأسمالية المعاصرة ،الجزائر .ديوان المطبوعات الجامعية:
،89-80صفحة .382
.5دويدار( محمد حامد) ،شهاب (وجدي محمود) .االقتصاد السياسي.بيروت :الدار الجامعية .صفحة .452
.6متولي( هشام) .الرأسمالية و االشتراكية والتعايش السلمي،لبنان ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية.الطبعة األولى،
تموز يوليو .1990صفحة .264
.7ولعلو (فتح هللا) .االقتصاد السياسي .مدخل للدراسات االقتصادية .لبنان ،بيروت:دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع
.الطبعة األولى ..1981صفحة .662
48