Professional Documents
Culture Documents
الأهلية
الأهلية
احكام االهلية
الموسم الدراسي2021/2022
المقدمة:
تقوم العالقات بين األفراد على إبرام مجموعة من المعامالت فيما بينهم سواء تعلق األمر بجانب التبرعات
أو المعاوضات فيتوقف إبرام هذه المعامالت باختالفها على توفر العديد من األركان والشروط لعل أهمها
األهلية ,ويعتبر عقد الزواج من التصرفات القانونية التي تحتاج إلى إدراك ألنه يترتب عليه من أثار
بإعتباره ميثاقاغليض لذا يجب على العاقد ان يكون عاقال بالغا والبلوغ المطلوب هو سن التي يصبح فيها
كل من الرجل والمرأةأهال إلنجاب األوالد.غير ان هذا السن يختلف من بلد ألخر لتأتير بعض العوامل
الفسيولوجية والجغرافيا ،فالزواج من أخص شؤون اإلنسان والزوجان هما طرفا عقد الزواج وصاحب
الشأن فيه فقراره بيدهما.هذا مع توفر االهلية والصالحية اما مع النقص والقصور فإن المشرع يفوض
ألقرب الناس وأحرصهم على مصلح ة ذلك اإلنسان وعلى أمر اإلشراف على زواجهم وهو ما يعبر عنه
بأولياء العقد،أي االشخاص الدين لهم صالحية إنشاء عقد الزواج للشخص الذي يفقد أهلية التعاقد.
من هنا جائت اهمية األهلية والوالية للزواج التي تعتبر من صميم األحوال الشخصية لألفراد وموضع
إهتمام ونقاش في مختلف الديانات والشرائع القديمة وال تزال تحظى بهذا اإلهتمام في القوانين والتشريعات
الحديتة.منها المشرع المغربي في قانون االلتزامات والعقود الذي يعتبر الشريعة العامة بعشر فصول
تمتد من الفصل الثالث إلى الثالث عشر ،مشيرا في بداية الفصل الثالث إلى أن األهلية المدنية للفرد تخضع
لقانون أحواله الشخصية ،حيث نجد بعضا من أحكامها في القسم األول من الكتاب الرابع في مدونة األسرة.
ومن أهم هاته الضوابط أو القيود ما يتعلق بتحديد المراحل واألطوار التي يمر بها اإلنسان منذ والدته
وحتى المرحلة التي يكون فيها قادرا على تحمل التبعات التي تترتب على أفعاله وتصرفاته خصوصا ما
يتعلق بالتعهدات القانونية أي اإلل تزامات التي يتحملها بإرادتهوالتصرفات القانونيةالتي يبرمها باختياره إلى
جانب ما يرتكبه من أفعال ضارة ومؤدية ،لذلك عنيت كل الشرائع القديمة والحديثة بذلك التنظيم فمنذ أقدم
العه ود القانونية عمدت القوانين إلى اشتراط سن معينة يكون الشخص إذا بلغها قادرا على إبرام تصرفات
قانونية صحيحة وملزمة على أساس الثقة في قدرته وفي إرادة سليمة وأهال لتحمل المسؤولية عن أفعاله
وبعد حصول المغرب على االستقالل وضعت مدونة األحوال الشخصية بمقتضى خمسة ظهائر صادرة
مابين سنتي 1957و 1958وقد خصصت لتنظيم قواعد األهلية والنيابة الشرعية الفصول من 133إلى
172من مدونة األحوال الشخصية وهاته المدونة لحقتها تعديالت مسايرة لتجدد الظروف االقتصادية
واالجتماعية والسياسية في البلد ،إلى أن انتهت بإصدار مدونة لألسرة ،نظمت أحكام األهلية في المواد
من 206إلى . 276بإعتبار الوالية لم تعد سلطة تحت الولي بل اصبحت حق من حقوق المرأة الراشدة
تمارسها حسب إختيارها ومصلحتها.
اما عن األهلية فالمشرع المغربي قد وحدها في 18سنةكاملة بالنسبة للجنسين المتمتعين بقواهما
العقلية,ونظراإلعتباراتإجتماعية ونفسية ودينية فإن المشرع وضع إستثناء لقاعدة المنصوص عليها في
المادة 19ويتعلق األمر بزواج ما لم يبلغ سن الرشد وزواج المصاب بإعاقة ذهنية.
ولم يقتصر المشرع على االهتمام بالزوجين في حياتهما بل اولى ايضا اهمية خاصة لحماية اموال
القاصرين فخصص قسما خاصا لالهلية والنيابة الشرعية من الكتاب الرابع من مدونة االسرة من المادة
206الى المادة ،260واخضع النائب الشرعي لرقابة القضاء القبلية في ادارته الموال المحجور واناط
القاضي المكلف بشؤون القاصرين بصالحيات واسعة حيت خول له امكانية إصدار امر إستثنائي بفتح ملف
النيابة الشرعية،خالفا للقاعدة إذا تبين له ان مصلحة المحجور تستدعي ذلك.
ويتبين لنا من خالل المحاور التي تمت دراستها في إطار الفصل األول أن مدونة األسرة جاءت بأحكام
ومقتضيات جديدة،هدفت منها العناية باألسرة وحمايتها ،وخاصة العناية بالطفل وحمايته،وهذه العناية وتلك
الحماية لم تتناولها مدونة األسرة فحسب من خالل الموضوعات التي سبقت دراستها من نسب وحضانتها
ونفقة وإنما تناولتها كذلك في موضوعات أخرى ونصت على شمول هذه الرعاية والحماية لشؤون الطفل
الشخصية وحقوقه المالية معا،أي ما يتعلق بأهليته والنيابة الشرعية عليه في حالة قصره.3
اإلشكاالت التي تتيرها الوالية كموضوع ،الشيء الذي يدفعنا كباحتين إعمال المادة 400التي تحيلنا على
المذهب المالكي في كل المسائل التي لم يرد في شأنها نص،والهدف المنشود هو تحقيق العناية والرعاية
والحماية للطفل القاصر او المحجور في كل تجلياتها وأبعادها.من هذا وذاك :
يطرح اإلشكال المحوري المطروح والتي يتير أكتر من عالمة إستفهام مدى مالئمة األحكام والمستجدات
الواردة في مدونة االسرة المتعلقة باألهلية والوالية في الواقع المغربي ؟ ومن هنا تتفرع مجموعة
اإلشكاليات الجزئية وهيكاألتي :
القانوني وكذا من طرف النصوص التشريعية المعتمدة .كما إن هذا العنصر يشتبه في كثير من -إن
الحديث عن أحكام األهلية في الشريعة اإلسالمية يقتضي منا التطرق أوال إلى أنواع األهلية
في الشريعة اإلسالمية وفي مدونة األسرة (المطلب األول) ثم عوارضها وموانعها (المطلب
الثاني).
وفي االصطالح القانوني :تعددت تعريفات الفقهاء لألهلية :فقد عرفها جانب من الفقهاء فقال :هي صالحية
الشخص لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه ،بينما عرفها جانب أخر فقال :هي وصف يقوم بالشخص
يجعله قابال ألن تكون له حقوق وتجب عليه واجبات ،,6عموما هي قابلية الشخص ألن يكتسب الحقوق
ويتحمل االلتزمات،وألن يمارس بنفسه التصرفات التي تمكنه من كسب الحقوق وتحمل اإللتزمات.7
-4عبد الرحمان الشرقاوي.القانون المدني دراسة حديتة للنظرية العامة لإللتزام على ضوء تأترها بالمفاهيم الجديدة للقانون اإلقتصادي ,الكتاب
األول :مصادر اإللتزام الجزء األول .التصرف القانوني الطبعة التانية2014ص 115
-5شرح مرقاة االصول .الجزء التاني ,ص 234
-6ذ.عبد الكريم شهبون ..الشافي في شرح مدونة األسرة ص11
-7-الدليل العلمي للمدونة.وزارةالعدل,المملكةالمغربية,العدداألول,سنة ; 2004ص126
-8كشف األسرار عن أصول البزودي 237/4لسان العرب مادة أهل ،فصول البدائع .283/1
-9التقرير والتعبير ،164/2مرآة األصول في شرح مرقاة الوصول ص 323
.3وهناك تعريف أورده صاحب المغني في أصول الفقه (أما أهلية الوجوب فبناء على الذمة
وهي العهد لغة والمراد هنا نفس لها عهد ،فإن اآلدمي يولد واختص بين سائر الحيوان بذمة
صالحة له وعليه بإجماع الفقهاء رحمة هللا بناء على العهد الماضي قال تعالى ﴿ :وإذا أخذ
ربك من بين آدم من ظهورهم﴾ .10وقبل اإل نفصال وإن كان نفسا تنفرد بالحياة ولكنه جزء من
وجه فلم يكن له ذمة مطلقة حتى صلح ليجب له الحق من عتق ووصية وارث ولم يجب عليه
وبعد االنفصال صار أهال للوجوب له وعليه حتى لزمه مهر امرأته وضمان ما أتلفه.11
من خالل التعريفات السابقة نستنتج اآلتي:12
-1أن ألهلية الوجوب جانب سلبي وجانب إيجابي ،فالجانب اإليجابي هي وجوب الحقوق
له والجانب السلبي هي االلتزامات المترتبة عليه كالتزامه بعوض ما أتلفه ومهر المثل وعوض
البيع.
-2أن أهلية الوجوب أيضا تنقسم إلى قسمين :القسم األول أهلية الوجوب الناقصة وفيها
يكون العنصر اإليجابي أي ثبوت الحقوق له ال عليه أما أهلية الوجوب الكاملة فيدخل فيها
العنصر السلبي وهو االلتزام.
ووجه الداللة هنا أن كل إنسان له في ذمته اإلتزامات ومسؤول عن تصرفاته وملزوم عنها.
هكذا ،فيرى الفقهاء أن أهلية الوجوب الناقصة هي صالحية الشخص ألن تثبت له بعض
الحقوق دون البعض اآلخر ،وتثبت هذه األهلية للجنين في بطن أمه ،وبها يكون أهال
لإل ستحقاق اإلرث والوصية والنسب ،فهو قبل انفصاله عن أمه يعتبر جزءا منها ،لكن لما
كان منفردا بالحياة ومعدا لإل نفصال عنها ،فإنه ال يعتبر جزءا منها بشكل مطلق ،وبذلك
كانت له ذمة خاصة به ،أي كانت له أهلية وجوب ولكنها ناقصة ،وبناء على هذه األهلية
تثبت له بعض الحقوق دون البعض اآلخر ،حيث تثبت له الحقوق التي ال تحتاج في
وجودها وثبوتها وصحتها إلى قبول منه ،وال تثبت له حقوق لغيره ألن وجوب الحقوق على
الشخص تكون بفعل أو التزام ،والجنين ال يتصور منه ذلك ،وبالتالي اعتبر أنه يتمتع بأهلية
وجوب ناقصة ،وإذا انفصل عن أمه حيا صارت له أهلية وجوب كاملة كالبالغ.17
صاحب التلويح تعريفا أكثر وضوحا ومقيدا بكلمة مشروعة إذ قال" :صالحيته لوجوب الحقوق
المشروعة له وعليه" ،وهذه األهلية مبنية على الذمة التي هي أمر تقديري ،وهي في اللغة
العهد ،وفي الشرع وصف يصير اإلنسان أهال لما له وما عليه.
-17علي رمضان محمد ازبيدة ،النظرية العامة لألهلية ،دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون ،ص.27 :
-18فصول البدائع ،283/1كشف األسرار ،1358/4طبعة 1307ه من طرف حسن حلمي ،التقرير والتجبير .164/2
ومن خالل التعريفات السابقة نستنتج ما يلي :
19
-1أن أهلية الوجوب الكاملة خاصة أيضا باإلنسان الذي كرمه هللا سبحانه وتعالى بحمل
األمانة لقوله تعالى ﴿:وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه﴾ .20ووجه الداللة أن أعمال اإلنسان
معلقة في عنقه وهو ملزم عن تصرفاته دون سائر المخلوقات.
-2أن أهلية الوجوب الكاملة كانت ناقصة قبل الوالدة واكتملت بعد خروج الجنين ،ألنه
كان يأخذ حكم أمه حسا وحكما.
-ألهلية الوجوب جانب سلبي وجانب إيجابي ،غير أن الجانب السلبي هو الذي دخل
على أهلية الوجوب بعد كمالها لذلك سميت بأنها كاملة.
-4أن الوجوب غير مقصود بنفسه بل المقصود حكمه وهو األداء ،فكل ما يمكن أداؤه
يجب وما ال يمكن فال ،فحقوق العباد ما كان منها غرما وعوضا يجب ،وكذلك ما كان صلة
تشبه المؤون او األعواض كنفقة القريب ،أما ما كان فيها ما يشبه األجزية فال يلزم به ،فال
قصاص عليه وال جزئية وال حرمان من الميراث ،وأما حقوق هللا فالعبادات ال تجب عليه وهي
البدنية ،أما المالية ففيها اختالف ،أما ما كان فيها معنى المؤونة المحضة كالعشر والخراج
فإنها تجب.21
-5أن الحقوق التي يمكن اكتسابها هي الحقوق المشروعة ،أما غير المشروعة فال
يكتسبها.
عموما فإن أهلية الوجوب الكاملة هي صالحية الشخص لوجوب الحقوق له وعليه ،وتثبت
هذه األهلية للشخص منذ والدته حيا وتبقى معه طوال حياته ،وال تزول عنه إال بموته .وهي
تثبت له س واء كان ممي از أم غير مميز ،فال يوجد شخص عديم أهلية الوجوب ،إذ ال تتأثر هذه
األهلية بأي مؤثر عدا الموت ،فهي مالزمة لوجود الروح في الجسم ،ومتى أصبح الشخص
فهذه األهلية ال تثبت للجنين في بطن أمه ،وال للمولود عند والدته وإنما تثبت للشخص
إذا أصاب قد ار من التمييز ،وبالتالي فإن أساس هذه األهلية هو اكتمال القدرة العقلية الناتجة
عن العقل واإلدراك واإلرادة.
وتنقسم هذه األهلية في منظور الشريعة اإلسالمية إلى نوعان ،أهلية أداء ناقصة (أوال)
وأهلية أداء كاملة (ثانيا) ،وذلك تبعا لكمال العقل والتمييز ونقصانه.
وقد سميت بأهلية األداء الناقصة ،ألنه تصح من الصبي بعض التصرفات إذ يؤمر
بالصالة لقوله ص ﴿ :امروا أوالدكم بالصالة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء
عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع﴾.24
-22عبد هللا (ابن الطاهر) السوسيالتناني ،شرح مدونة األسرة في إطار المذهب المالكي وأدلة ،دراسة تأصيلية مقارنة على ضوء المذاهب األربعة ،الجزء الرابع ،األهلية والنيابة
الشرعية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى1436 ،ه 2015/م ص .24
-23علي رمضان محمد ازبيدة ،النظرية العامة لألهلية ،دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون ،ص.28 :
-24رواه اإلمام أحمد بن عبد هللا بن عمر بن العاص في المسند 165/10ورواه أبو داود 133/1قال الترمذي :حديث حسن صحيح .259/2
ويصح بيعه وشراؤه في األشياء اليسيرة ،وتقبل منه الوصية عند بعض األئمة ،وبعض
التصرفات ،وهذه المرحلة بداية مرحلة التمييز.
ومما ينبغي ذكره أن أهلية األداء الناقصة أو الكاملة تتضمن أهلية الوجوب الكاملة ،فكل
من له أهلية أداء تضمن له أهلية الوجوب ،أي أنها داخلة بطريق التضمن.25
وال يختلف المعنى االصطالحي عند الفقهاء للمميز فقد تعددت تعريفاتهم ،فمنهم من
والبعض منهم قال" :هو الذي يفهم الخطاب ويرد 26
قال" :هو الذي يعقد البيع والشراء
الجواب" .27
ففي سن السابعة يستطيع الصبي التمييز بين النافع والضار ،ولذلك أمر وليه بأمره
بالصالة ،واألمر في هذه على سبيل التدريب ،والضرب في العاشرة للتأديب ،وألنه أهل للتواب
والتخلق بأخالق المسلمين وليعتاد الصالة في المستقبل فهي من أنفع المنافع .28
ومن تصرفات الصبي في مجال العبادات ،الصالة والزكاة والصيام ،وهناك أيضا أهلية الصبي
للعقوبة من قبيل أهلية الصبي لدفع الجزية ،وضمان ما أتلفه الصبي ،أما في مجال المعامالت
ف تحدث أساسا عن أهلية الصبي للشهادة وأهلية الصغير للزواج وأهلية الصبي للوصية وأهليته
للبيع والشراء.
وبالعكس لو أعطيت القوى العقالنية بكاملها للطفل دون القوى الجسمانية المناسبة لها ألدى
ذلك إلى أمراض نفسية قهرية لعدم قدرته على الوفاء بحاجاته ،وسبحانه من أبدع وصور ،وهنا
-28التقرير والتجبير.169/2
تأتي شمولية التربية اإلسالمية وسماحتها ،فلم تكلف الصبي ماال طاقة له به ﴿ال يكلف هللا
نفسا إال وسعها﴾ .لذلك فاألداء لإلنسان يختلف باختالف مراحل حياته .فقبل سن السابعة
29
أي قبل سن التمييز ال أداء له أصال فهو في حكم المجنون ،وبعد سن السابعة يثبت له أداء
ناقص وهي ما يسمى بمرحلة أهلية األداء الناقصة وهو في حكم المعتوه.
فتجوز منه بعض التصرفات وفي هذه أي مرحلة أهلية األداء الكاملة يصبح اإلنسان أهال
للمحاسبة انتظا ار إل عتدال عقله وقدرة بدنه ،فييسر عليه الفهم والعمل به ووقت هذا االعتدال
بتفاوت في جنس البشر وال يمكن إدراكه إال بعد اختيار ومن الصعب اختبار الناس كلهم
لمعرفة لحظة وصول هذه المرحلة ،حتى يمكن أن يجرى معهم سائر التعاقدات ويقام عليهم
العقوبات عند ارتكاب المحظور ،ألن العقوبة مؤاخذة لقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ":رفع
القلم عن ثالث" .والقلم هو الحساب ،لذلك أقام الشرع إعتدال الحال بالبلوغ عن كمال العقل
في توجه الخطاب تيسي ار عن العباد حتى يسقط توهم النقصان .
30
وجعل الشرع البلوغ وصفا ظاه ار منضبطا تقام عليه سائر األحكام الشرعية ،ألنه بهذه المرحلة-
أي مرحلة البلوغ -تتكامل القوى الجسمانية والعقالنية ،فتتكامل الملكات العقلية المتماشية مع
القوى الجسمانية فيصير اإلنسان أهال لألداء.
وبعد هذا العرض يمكن أن نعرف أهلية األداء الكاملة فنقول :صالحية الزمة لإلنسان السوي
لممارسة حقوقه المشروعة وتحمل تبعات تلك الممارسات ،أو بمعنى آخر هي وصوالإلنسان
لمرحلة يصير أهال لألداء ويتحمل تبعات ذلك األداء ،وعرضها صاحب التقرير بأنها:
-2قد تبلغ الجسمانية قدرتها دون العقالنية فال تصل إلى أدنى درجات الكمال فعندها
يسمى ذلك الشخص معتوها ويأخذ حكم الصبي.
أما من الكتاب :فقال تعالى﴿:وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فَإِ ْن آنَ ْستُ ْم مِ ْن ُه ْم ُر ْشدًا
ِ
ان
ك َف َو َم ْن َ ان غَنِيًّا فَْليَ ْستَ ْعفِ ْ
ك َ كبَ ُروا َو َم ْن َ أَن يَ ْ وها إِ ْس َرافًا َوبِدَ ً
ارا ْ كلُ َ ادفَ ُعوا إِلَ ْيه ْم ْ
أَم َوالَ ُه ْم َوََل تَأْ ُ فَ ْ
اّللِ َح ِسيبًا﴾.34 كفَى بِ َ دوا عَلَ ْي ِه ْم َو َ ف فَإِذَا دفَعتُم إِلَي ِهم أَموالَهم فَ ْ ِ
أَشه ُ َ ْ ْ ْ َْ ُ ْ كل بِا ْل َم ْعرو ِ
ُ يرا فَْليَأْ ُ ِ
فَق ً
أما من ناحية السنة :فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ":رفع القلم عن ثالث عن المجنون
المغلوب على عقله حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم".35
فالعارض أمر طارئ غير عادي يعتري األهلية فيؤثر فيها باإلزالة (الموت والجنون) أو يؤثر
فيها بالنقصان ،كما في العته والصبي المميز وهو يؤثر-أي العارض -في أهلية اإلنسان سواء
في التزام الحقوق أو تحمل االلتزامات.
مصادر األهلية :إن الحديت عن مصادر األهلية وقواعدها العامة في التشريع المغربي يلزمنا الحديت عن
ثالث مصادر أساسية .وهي مدونة األسرة التي خصصت لها عدة مواد قانونية تتعلق بها(المواد من206
إلى )276وكذلك ظهير اإللتزمات والعقود الصادر سنة 1913حيت خصص لها إحدى عشر فصال للحديث
عنها(الفصول من 3الى) 13إضافة إلى قانون المسطرة المدنية الذي خصص لها فروع للحديث عن األهلية
وغيرها . سواء فيما يتعلق بالتحجير وبيع منقوالت العقار
والحديت عن القواعد العامة التي تحكم االهلية يلزمنا بذكر أ هم قاعدة تحكمها وهي ان اإلنسان يعتبر كامل األهلية ما لم
يثبت خالف ذلك . 37وال يمكن اإلتفاق على ما يخالف ما نص عليه الفقه او القانون في هذا الموضوع كما يلزم القاضي ان
يتير تلقائيا إنعدام األهلية في أي متقاض من المتقاضين .كما أن إثارة الدفع بإنعدام األهلية يُثار في كل مراحل الدعوى،وإن
الحد من األهلية ألي شخص ال يكون إال بمقتضى نص صريح.ونص المشرع في المادة 206من مدونة األسرة
أن"االهلية نوعان :اهلية وجوب وأهلية أداء"
واألصل أو القاعدة في الحقوق المدنية سواء كانت عامة أو خاصة أن كل شخص طبيعي
يملك اهلية وجوب بالنسبة إلى كل منها،وإلى كل من الوجبات التي تقابلها ما لم يقض القانون
وكصورة تطبيقية لهاته القاعدة يكون كل شخص اهال ألن يكون مالكا او دائنا او صاحب
حق.وأ هال كذلك الن يصير مدينا بكل االلتزمات التي تترتب عن التصرفات القانونية التي
يعقدها له وليه في حدود واليته.
واألصل في الشخص هو كمال األهلية أما النقصان واإلنعدام فهو عارض وإستثناء ويدخل
ضمن باب اإلستثناء أيضا سحب األهلية كصدور حكم جنائي على الشخص الراشد الذي
يستوجب تجريده من حقوقه المدنية.
وتجدر اإلشارة إلى أن أهلية األداء هي التي ينصرف إليها لفظ "األهلية" عند إطالقه،وهي
تختلف عن نطاق الوالية عل المال او النيايةالشرعية،حيت يكون للشخص صالحية القيام
بعمل ينتج أثارا قانونية ليس لحسابه او في حقه هو –أي في ماله-كما تفترض أهلية األداء
42 وإنما في مال غيره،كالولي والوصي والمقدم.
هذا ونظرا ل ألهمية األهلية في التصرفات والتعاقد،فقد جعل أحكامها متعلقة بالنظام
العام،وتجب مراعتها وفق ما قرره،وعليه فال يجوز عن طريق اإلتقاق منح شخص أهلية ال
يتمتع بها بحكم القانون او حرمانه من أهلية يخولها له القانون,فإذا اتفق متال شخص رشيد مع
أخر على النزول عن أهليته في عقار مثال وتعهد للمشتري بعدم الطعن في البيع بعد سن
شمسية كاملة ,، 44وأن يكن بالغا عاقال،وال يثبت نقص في 18سنة الرشد القانونية وهي
أهليته بسبب من أسباب عوارض األهلية،فالعقد يتطلب لوجوده ونفاده وترتيب اتاره الشرعية
ان يكون العاقد ذا اهلية اداء وذا والية على العقد بان يكون اصيال عن نفسه او وليا او وصيا
على غيره فإن لم يكن اصال او وليا او وليا كان فضوليه(.الفضولي هو من لم يكن وليا وال
45 اصال وال وكيال في العقد).
-و عوارض االهلية ترتبط ارتباطا قويا ب الوالية فالجنون والسفه...كلها تعتبر نقصا في اهلية
الشخص او فقدان لالهليةفيه،فيكون بحاجة للوالية عليه في امور معاشه في هذه الدنيا.46
-إنتفاء أهلية األداء في الشخص نفسه يلزم منه وجود الوالية من قبل الغير فإذا نقصت األهلية
أو فقدت األهلية فال بد من وجود الوالية عليه.
عندما يصيب اإلنسان سبب من األسباب التي قد تنقص أهليته أو تعدمها ،يصبح من الضروري التحجير عليه حمايتا
ملصالحه و مصالح الغير.
و الحجر في اللغة هو املنع و نقول حجرت عليه أي منعته ،و كل ما منعت منه فقد حجرت عليه و يعني أيضا العزل
أما الحجر في االصطالح الشرعي فهو منع املالك من التصرف في ماله ملنفعة نفسه أو غيره ،وعرفه إبن عرفة بقوله صفة
حكمية توجب منع موصوفها من نفوذ تضرفه في الزائد على قوته ،أو تبرعه بماله .
أما مدونة األسرة فقد خصصت للحجر املواد من 212إلى 228و بقرائتنا للمادة 49212من املدونة يتبين لنا أن املشرع
سمح بسلوك مسطرة الحجر لسببين ،األول راجع لسبب ينقص األهلية و الثاني لسبب يعدمها.
إن أهلية األداء تقوم على أساس أهلية الوجوب و تفترضها فال يكون الشخص صالحا ملباشرة عمل قانوني إال إذا كان
صالحا ألن يكون مالكا للحق املتصرف فيه أو مكلفا بااللتزام الذي ينشأ من ذلك التصرف و العكس غير صحيح فقد
تكون للشخص أهلية الوجوب بالنسبة إلى حق معين دون أن تكون له أهلية األداء بالنسبة إلى األعمال القانونية املتعلقة
بهذا الحق 50و في هذه الحالة تكون أهليته منعدمة(الفقرة الثانية) ،في هي حين يمكن أن تكون له أهلية أداء نسبية إذا
كانت أهليته ناقصة(الفقرة األولى) و في كلتا الحالتين يتوجب معها سلوك مسطرة التحجير(الفقرة الثالثة) ما عدى
بالنسبة للصغير .
الصغير المميز:
حسب املادة 214فإن الصغير املميز هو الذي أتم اثنتي عشرة سنة كاملة ،وعرفه الفقهاء بأنه هو الصبي الذي يعرف أن
البيع سالب للملك و الشراء جالب له ،ويميز الغبن الفاحش و الغبن اليسير ،ويفهم الخطاب و يرد الجواب .و يقصد
و هناك خالف بين الفقهاء حول تحديد سن التمييز ،حيث يرى بعض الفقهاء أن التمييز في الحقيقة له سن معين ،ألن
الشخص ال يكون مميزا إال بعد أن تنضج قواه العقلية بعض الش يء و يكتسب بعض الخبرة ،و معلوم أن هذا ال يتم
للجميع بصورة واحدة ،وال في زمن واحد الختالف البشر باختالف البيئات و العصور و الذكاء و الفطرة52 .
و لقد سمح املشرع املغربي للصغير املميز بمقتض ي املادة 226من مدونة األسرة ،بأن يتسلم جزء من أمواله لالدارتها
بقصد االختبار ،و يمنح له اإلذن بذلك من الولي أو بقرار من القاض ي املكلف بشؤون القاصرين ،بناء على طلب من
الوص ي أو املقدم أو الصغير املعني باألمر ،و يكون للمحجور هنا كامل األهلية فيما أذن له و في التقاض ي فيه .و يجوز لهذا
القاض ي أن يلغي هذا القرار بطلب من الوص ي أو املقدم أو النيابة العامة ،أو تلقائيا إذا تبين له أن املأذون له يس ئ إدارة
أمواله.
و تنتهي هذه املرحلة ببلوغ سن الرشد ،أي الثامنة عشر من عمره حيث بتمامها تكتمل أهليته.
غير أنه يحق للقاصر طلب ترشيده حتى قبل سن الثامنة عشرة بشرط أن يكون قد تجاوز السادسة عشرة ،وهذا ما
ذهبت إليه املحكمة االبتدائية بوجدة في حكمها الصادر بتاريخ 04/07/05تحت عدد 2783في امللف عدد 1211/05
الذي جاء فيه بأنه يحق للقاصر الذي يبلغ سنة عشر سنة أن يطلب من املحكمة ترشيده إذا ما قد أنس في نفسه الرشد.
وهو الثابت أيضا من الشهادة الطبية التي تثبت خلوه من خلل عقلي أو إعاقة ذهنية53.
السفيه :
السفه في اللغة :يعني الخفة ،ومنه زمان سفيه ،أي كثير االضطراب ،ثم استعمل في خفة النفس بسبب سوء التدبير و
مجانية الحكمة في التصرف.
وفي االصطالح الشرعي :عند الفقهاء هو تصرف اإلنسان في أمواله على غير مقتض ى العقل و الشرع.
51عبدهللا السوسي التناني ،شرح مدونة األسرة في إطار المذهب المالكي و أدلته ،الجزء الرابع األهلية و النيابة الشرعية ،الطبعة األولى 2015
ص 33
52عبدهللا السوسي التناني م.س ص33
53محمد بفقير ،مدونة األسرة و العمل القضائي المغربي ،الطبعة الرابعة ص 341أورده عن إدريس الفاخوري ،العمل القضائي األسري ،الجزء
األول ص 513و ما يليها
لقد عرفت مدونة األسرة السفيه في املادة 215منها بأنه "املبذر الذي يصرف ماله فيما ال فائدة فيه ،و فيما يعده العقالء
عبثا بشكل يضر به و بأسرته".
و يستخلص من هذا التعريف أن السفيه يشمل املبذر و املسرف و املغفل ،والتبذير يستعمل في املشهور بمعنى
اإلسراف ،لكن الفرق بينهما يكمن فيما يصرف الش يء ،فبالنسبة لإلسراف هو صرف الش يء فيما ينبغي زائدا على ما
ينبغي أي أنه يبقى في دائرة الحالل لكن بشكل مبالغ فيه ،أما فيما يخص التبذير فهو صرف الش يء فيما ال ينبغي.
و السفه حقيقة ال ينطوي على عيب يلحق العقل ،ولكنه ينطوي على عيب يلحق اإلنسان في تدبيره ،أي أن السفيه رجل
كامل العقل لكنه س يء التدبير ،بمعنى أنه ينفق ماله في أوجه يراها العاقل ال تتفق مع ما يجب أن تكون عليه .لذلك
اعتبره املشرع ناقص األهلية و ليس فاقدا لها54 .
و تعتبر التصرفات التي يجريها السفيه قبل التوقيع الحجر عليه نافدة و صحيحة ألن إنتقاص أهلية السفيه مقرون
بصدور حكم قضائي و هذا ما ذهبت إليه محكمة النقض(املجلس األعلى سابقا) في قرارها الصادر بتاريخ 72/06/02
تحت عدد 114التي قضت بأنه في حالة عدم معرفة تاريخ حدوث السفه فإن التحجير ال يسري مفعوله إال من تاريخ
الحكم به55.
و من خالل القرار أعاله يتبين لنا أن األصل هو كمال األهلية ،و التحجير ال يثبت إال بمقتض ى حكم طبقا للمادة 220من
مدونة األسرة.
المعتوه :
العته لغة هو نقص في العقل من غير جنون.
و في اصطالح الفقه هو ضعف في العقل ينشأ عن ضعف في الوعي و اإلدراك ،يصير به معتوها مختلط الكالم ،فيشبه
بعض كالمه كالم العقالء ،و بعضه كالم املجانين ،و كذا سائر أموره.
املعتوه هو ناقص العقل ال عديمه ،وقد اختلف في تفسيره اختالفا كبيرا ،و أحسن ما قيل فيه ،إنه من كان قليل الفهم،
مختلط الكالم ،فاسد التدبير ،إال أنه ال يضرب و ال يشتم ،كما يفعل املجنون56 .
و يترتب على ذلك إمكانية التحجير عليه عند ثبوته ،و العته يقاس على حدته فإن كان العته فيه شديدا لحق باملجنون في
أحكامه ،و إن كان خفيفا يقاس على الصبي املميز ،مع فارق مهم بينهم و هو أن الصغير يخضع للتحجير بطبيعته ،أما
املعتوه فيخضع للتحجير بحكم قضائي57.
و من خالل هذا الحديث النبوي الشريف يتبين لنا أن من بين أسباب سقوط األهلية الجنون و صغر السن و اللذان
تطرق لهم املشرع املغربي من خالل املادة 217من مدونة األسرة58.
واملالحظ أن الصغير غير املميز واملجنون يعتبران فاقدا أهلية األداء ال أهلية الوجوب التي ال تتأثر بفقد التمييز ونقصه،
فهي تالزمهما كما تالزم الشخص الراشد أو ناقص األهلية و فاقدها.
المجنون :
و هو اضطراب يلحق العقل فيعدم عند صاحبه اإلدراك و التمييز ،ويعدم بالتالي أهليته ،و املشرع املغربي سار على نهج
الفقه اإلسالمي حينما قسم الجنون إلى نوعين:
جنون مطبق :و هو الجنون الذي يستغرق لدى صاحبه جميع أوقاته ال تمر عليه فترة يؤوب إليه عقله ،فهو مجنون
مطلق ال يعقل صاحبه شيئا بمعنى أنه جنون مالزم و مستمر ال يفارق صاحبه.
58المادة 217يعتبر عديم أهلية األداء :أوال :الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز؛ ثانيا :المجنون وفاقد العقل .يعتبر الشخص المصاب بحالة فقدان
العقل بكيفية متقطعة ،كامل األهلية خالل الفترات التي يؤوب إليه عقله فيها .الفقدان اإلرادي للعقل ال يعفي من المسؤولية.
جنون متقطع :و هو الذي يصيب الشخص تارة ،فال يعقل معه صاحبه شيئا ،و يزول تارة أخرى ،فيعود صاحبه إلى
حالته الطبيعية ،بمعنى أنه تمر على املجنون أوقات يكون فيها حاضر العقل ،وتعتريه نوبات يزول عقله فيها ،فهو يسمى
مجنونا متقطعا.
وقد اعتبر املشرع املغربي الشخص املصاب بجنون متقطع كامل األهلية خالل الفترات التي يؤوب إليه عقله فيها ،و في
سائر األحوال فإن هذا التقسيم يبقى نظريا ،ألنه في أغلب األحوال يتعذر إثبات ما إذا كان التصرف قد تم في حالة جنون
أو في حالة إفاقة ،فيرجح معه اعتبار الجنون مطبقا ،و بالتالي يحجر على الشخص و تعتبر تصرفاته باطلة59.
ويقدم طلب الحجر من طرف كل من يعنيه األمر ،وهذه العبارة األخيرة تشمل كل الذين لهم مصلحة مشروعة في إعالن
الحجر على الشخص املصاب بأحد هذه العوارض ،بحيث يمكن تقديمه من طرف الدائنين الذين يخشون على حقوقهم
من الضياع ،وكذلك من طرف من يعيشون على نفقة املعني باألمر ،ما دام أن في سوء تصرفه و تدبيره ألحواله الشخصية
ضررا كبيرا محققا أو وشيك التحقق60 .
و قد أثبتت الشريعة اإلسالمية الحجر على املجنون و السفيه و املعتوه حفظا ملصلحتهم ،فهم محجور عليهم لذاتهم
بمقتض ى الشرع ،دون الحكم الحاكم بذلك ،إال في املذهب املالكي ،فإنه يشترط أن يصدر الحجر من األب أو الوص ي أو
القاض ي61 .
أما فيما يخص تقديم الطلب ،فإنه يتوجب تقديمه أمام املحكمة االبتدائية ملوطن املعني باألمر أي املجنون أو السفيه أو
املعتوه ،والقاض ي املختص بإصدار حكم الحجر هو قاض ي شؤون القاصرين ،و عند تقديم الطلب تبقى السلطة
التقديرية كاملة للقاض ي للحكم بالتحجير أو رفضه ،وذلك بناء على وسائل اإلثبات املقدمة من طرف طالبي التحجير ،و
غالبا ما تشمل هذه الوسائل وثائق تبين حالة الشخص املؤثرة على تدبيره ألمواله ،ويعتمد في ذلك على تقارير األطباء و
أهل الخبرة في املوضوع ،وإذا كانت الوثائق املقدمة و التقارير الطبية مقنعة يصدر القاض ي املكلف بشؤون القاصرين
حكمه بالتحجير ،و بتعيين مقدم املحجور ،وليس ثمة ما يمنع من أن تستمد املحكمة دليل إثبات حالة الجنون أو السفه
أو العته من أقوال املحجور عليه نفسه من خالل تحقيقات و مناقشات معه ،فإذا ما كشفت هذه األقوال على سالمة
اإلدراك و حسن التقدير و كمال التمييز ،أمكن االستدالل بها على انتفاء حالة الجنون أو السفه أو العته ،أما إذا
استخلصت املحكمة من مناقشة الشخص أنه مضطرب في أقواله وردود فعله ،و أن حالته تختلف عن حالة الشخص
و هذا ما ذهبت إليه محكمة النقض في أحد قراراتها الصادر بتاريخ 2000/09/27تحت عدد 63 884حيث جاء في
مضمونه ما يلي :إذا ثبت للمحكمة من خالل التقريرين الطبيين اللذين حررهما أطباء اختصاصيون .و من البحث الذي
أجرته املحكمة بمحضر أطراف النزاع أن املطلوبة في النقض تتمتع بصحة بدنية عادية بالنسبة لسنها ،وحالتها العقلية
سليمة ،و أنها أجابت عن كل األسئلة سواء من طرف الخبراء أو من طرف املحكمة أثناء البحث و لم يثبت أنها بذرت
أموالها ،وقضت برفض طلب التحجير على املطلوبة تكون قد صادفت الصواب.
و من خالل القرار أعاله يتبين لنا أن األهلية ال تتأثر إال بالعوامل املنصوص عليها صراحتا في مدونة األسرة و إال كان
الطلب املقدم غير مبني على أساس و يقض ى برفض الطلب.
وقد سـن املشرع املغربي مجموعة من األحكام العامة املنظمة لألهلية على غرار قانون االلتزامات والعقود من الفصول 3
إلى 12وكذا في مدونة األسرة من املادة 206إلى 228وهي املتعلقة بالتصرفات املالية للمحجور ،وكذا قانون املسطرة
املدنية من خالل الفصول 175 :و 176و 194و ، 197وكذا مدونة الحقوق العينية من الفصول 150إلى . 179
وقد ميـز فيها بين أهلية الوجوب وأهلية األداء ،فاألولى ال تثير إشكـاال كبيرا لكونها تمثل فقط الوجود القانوني للشخصية
سواء اإلنسانية أو االعتبارية ،بينما نجد أهلية األداء تحـدد مدى قـدرة الشخـص على إجـراء التصرفات القانونية ، 65
ولذلك عمل املشرع املغربي على التفصيل فيها وبيـان حـاالت نقصانها وانعدامها ،فما هو أثـر ذلك على تصرفات كل من
ناقص األهلية من جهة وفاقـدها من جهة أخرى ،وهذا ما ستتم اإلجابة عنه في املطلبين التاليين
وحكم التصرفات النافعة نفعا محضا هو أنها تصرف صحيح بمعنى أن القانون تترتب عليه آثــاره القانونية ،فإذا كان
التصرف تبرعا للصبي املميز فهذا الصبي يستطيع أن يقبل هذا التصرف دون حاجة لولي يأذن له فيه أو يجيزه .
وهو ما جاء به الفصل الخامس من ق .ل.ع الذي نص على أنه " :يجـوز للقاصر ولناقص األهلية أن يجلبا لنفسهما نفعا
ولو بغير مساعدة األب أو الوص ي أو املقدم بمعنى أنه يجوز لهما أن يقبـال الهبة أو أي تبرع آخـر من شأنه أن يثريهما أو
يبرئهما من التـزام دون أن يحملهما أي تكليف".
والواقع أن ما أخذت به مدونة األسرة على أن الصبي العاقل تصح تصرفاته النافعة له بال خالف ،وهو اقتباس من الفقه
اإلسالمي نظـرا لخصوصية هـذه املدونة التي أخذت منه جل أحكامها .
ونفس األمر نجده كذلك في املادة 276من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها ( :إذا كان املوهوب له فاقد األهلية فيقبل
الهبة عنه نائبه الشرعي ،فإن لـم يكن للموهوب له نائب شرعي ،عين له القاض ي من ينـوب عنه في القبـول .أما إذا كان
املوهوب له ناقص األهلية ،فقبوله الهبة يقع صحيحا ولو مع وجـود النائب الشرعي ).66
ويطلق على األهلية الالزمة إلجراء هذه التصرفات بأهلية اإلفتقار وأهلية التبرع ألن من شأنها أن تفقر صاحبه من دون أي
نفع يجنيه باملقابل .ورتـب املشرع املغربي البطـالن على هذا التصرف بصريح املادة 225من مدونة األسرة التي جاء فيها :
" 66الدليل العملي لمدونة األسرة" لوزارة العدل المغربية ،العدد ، 1:ص ، 223 :مطبعة فضالة سنة ، 2004 :الرباط .
" تكون باطلة إذا كانت مض ّـرة به " ،وهو نفس األمر الذي أكدت عليه مدونة الحقوق العينية في املادة 275حينما نصت
لصحة الهبة أن يكون الواهب كامل األهلية مالكا للعقـاراملوهوب وقت الهبة ". ّ على أنه " :يشترط
كما أن النفع الظاهر في وقت التعامل الحاضر ال يعول عليه بل العبرة في مصلحة الشخص من نتائج التصرف ،فقد يكون
البيع مثال بضعف القيمة في واقع األمر ضارا كما إذا كان الصبي املميز في حاجة إلى املبيع نفسه أو كما في حالة احتمال
أن يأتي عليه زمن ترتفع قيمته فيه إلى أكثر مما بيع به .
وبحكم هذه التصرفات نصت املادة 225من مدونة األسرة على أنه ( :يتوقف نفاذها إذا كانت دائرة بين النفع والضرر
على إجازة نائبه الشرعي حسب املصلحة الراجحة للمحجـور وفي الحـدود املخ ّـولة الختصاصات كل نائب شرعي ).
67عبد القادر العرعاري " :مصادر اإللتزامات " الكتاب األول " :نظرية العقد " ،الطبعة الثالثة ، 2013مطبعة األمنية ،الرباط ،ص130 :
.
68الدكتور عبد الرحمن لمين " :أحكام الحجر في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة ،كلية الشريعة بأيت ملول أكادير ،ص ، 53 :السنة الجامعية .2003-2002 :
القانون ،فالصغير غير املميز يعتبر فاقد أهلية األداء وال يحق له التصرف في ماله وال أن يكون طرفا في أي عقد ولو كان
يعود عليه بالنفع املحض .وأكثر من ذلك ،فإن كل عقد يصدر عنه يعتبر باطال بطالنا مطلقا لكون الرضا ركنا في كل
تصرف ،وفاقد التمييز ال يعتد برضاه .
وبالرجوع إلى الفقه اإلسالمي نجد أن أساس بطالن تصرفات الصغير هو عيب األهلية نفسه ،فاألهلية شرط من شروط
التراض ي .
واملشرع املغربي لم ينظم بشكل مفصل أحكام تصرفات القاصر عديم التمييز ،فيجب الرجوع بهذا الخصوص إلى أحكام
الفقه اإلسالمي.
فإذا قـام دليل على أن التصرفات القانونية قد تمت من طرف شخص فاقد للعقل بمختلف وسائل اإلثبات املتعارف عليها
قانونا ،فإن هذه التصرفات يلحقها البطالن ،وبذلك يحق ملن له مصلحة في ادعاء الجنون أن يثبت ذلك بالبينة اللفيفية
أو شهادة الشهود أو الخبرة الطبية على أن إبرام التصرف القانوني قد حصل في وقت فقدان املعني باألمر مللكة العقل .
ّ
هذا ما أخذ به القضاء املغربي في أحد قراراته الذي ورد فيه أن " :املحكمة ملا لم تقض بإبطال تصرف املجنون بناء على
ّ
وإنما بناء على الحجج املدلى بها والتي أثبتت ّ
أن املالك وقت إبرام عقده كان فاقد العقل – الحكم بالتحجير عليه
ّ
تكون قد عللت قرارها تعليال سليما ".
فصدور الحكم بالتحجير على فاقد العقل يجعل أهليته منعدمة ،ومن ثـم لم يعد له حق في مباشرة حقوقه املدنية ،
وأصبح يسري عليه ما يسري على الصغير غير املميز ،وبالتالي ال تصح تصرفاته وال تنتـج أي أثـر ،فهي والعـدم سيــان .
وهـذا ما أكدت عليه مدونة األسرة في املادة 224حيث اعتبرت أن تصرفات عديم األهلية باطلة وال تنتج أي أثر .
خاتمة :
انطالقا من كل ما تقدم ذكره وعلى امتداد صفحات هذا العرض,يمكن القول الئ أن االهلية هي صالحية الشخص ألن
تتعلق بذمته حقوق له او عليه والن يباشر بنفسه األعمال القانونية والقضائية املتعلقة بهذه الحقوق،ومن هذا التعريف
ظهر لنا إن االهلية نوعان.اهلية تتعلق بالحقوق التي تجب لإلنسان وتسمى اهلية الوجوب،واهلية تتعلق بالحقوق التي
تجب لإلنسان وتسمى أهلية الوجوب،واهلية تتعلق باإللتزامات التي ت ترتب عليه والتصرفات القانونية التي يقوم بها وتسمى
اهلية األداء.
فكما عرف املشرع انواع األهلية من خالل عناصرها،فقد عرفها الفقه االسالمي قبله كذلك،حيتإعتبرها صفة يقدرها
الشارع في الشخص تجعله محال صالحا لخطاب تشريعي كما ميز فقهاء الشريعة اإلسالمية كذلك في االهلية من حيتاملناط
الذي تناط به بين نوعين وهما أهلية وجوب التي مناطها الحياة وحكمتها هي صالحية اإلنسان لإللزام واإللتزام,اما األهلية في
شقها األدائي فيكون مناطها العقل والتمييز.وحكمها صالحية اإلنسان لصدور األفعال او األقوال منه عى وجه يعتد به
شرعا.
ونجد كذلك ان األهلية تتشابه في الكتير من احكامها مع احكامها مع بعض األنظمة األخرى اهمها نطام الوالية على املال،كما
قد تختلط األهلية كركن من أركان العقد حسب القانون املغربي بنطام عدم قابلية املال للتصرف فيه كما الحال بالنسبة
لألموال العامة.
كما نجد املشرع املغربي ي عطي تقسيما نوعيا لألهلية وذلك في املادة 206من املدونة الذي عبر فيها أن األهلية نوعين هما
أهلية وجوب حيت قام بتعريفها في املادة.207واهلية األداء الذي عرفها في املادة 208في نفس املدونة.
ومع ذلك فإن موضوع األهلية لتنظيم إضافي دقيق لذا نقترح ضرورة عدم الخلط بين األهلية والصالحية بإعتبار الصالحية
جزء من األهلية حيت ال تكون الصالحية إال بتوفر األهليةوالتنصيص من قبل املشرع بصفة صريحة على العوارض األخرى
لألهلية كما فعل نظيره السعودي أمتال السكر والنسيان واإلغماء واملرض والجهل والخطأ،وتفريدها وتقسيمها حسب ما
بالحصول على إذن مسبق من القاض ي.فمن باب السياسة الشرعية تحديد سن الزواج فال يوجد نص في الشرع يبين ويحدد
سن الزواج.
ألئحة المراجع :
-القرأن الكريم.
-عبد الرحمان الشرقاوي.القانون املدني دراسة حديتة للنظرية العامة لإللتزام على ضوء
تأترها باملفاهيم الجديدة للقانون اإلقتصادي ,الكتاب األول :مصادر اإللتزام الجزء األول
.التصرف القانوني الطبعة التانية2014
-كشف األسرار عن أصول البزودي 237/4لسان العرب مادة أهل ،فصول البدائع .283/1
-التقرير والتعبير ،164/2مرآة األصول في شرح مرقاة الوصول
-املغني في أصول الفقه للخبازي،
-سعود بن محمد أحمد هنيدي ،احكام األهلية في فقه عمر بن الخطاب رض ي هللا عنه ،رسالة
مقدمة لنيل درجة املاجستير ،اململكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي ،جامعة أم
القرى ،كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية ،الدراسات العليا ،مركز الدراسات اإلسالمية
- ،1319/1318التقرير والتحجير .165/2
-فصول البدائع .284/1
-علي رمضان محمد ازبيدة ،النظرية العامة لألهلية ،دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون.
-فصول البدائع ،283/1كشف األسرار ،1358/4طبعة 1307ه من طرف حسن حلمي،
التقرير والتجبير .164/2
-سعود بن محمد أحمد هنيدي ،مرجع سابق.
-علي رمضان محمد ازبيدة ،النظرية العامة لألهلية ،دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون.
-فصول البدائع ،283/1كشف األسرار ،1358/4طبعة 1307ه من طرف حسن حلمي،
التقرير والتجبير .164/2
-سعود بن محمد أحمد هنيدي ،مرجع سابق.
-رواه اإلمام أحمد بن عبد هللا بن عمر بن العاص في املسند 165/10ورواه أبو داود 133/1
قال الترمذي :حديث حسن صحيح .259/2
-سعود بن محمد أحمد هنيدي.
-شرح الدر املختار ،ابن عابدين .258/4
-عبدهللا السوسي التناني ،شرح مدونة األسرة في إطار المذهب المالكي و أدلته ،الجزء الرابع األهلية و
النيابة الشرعية ،الطبعة األولى 2015
-سميرة كميلي اضريف .األهلية القانونية ,الطبعة األولى 2005 ،دار القرويين للطباعة و النشر
- محمد بفقير ،مدونة األسرة و العمل القضائي المغربي ،الطبعة الرابعة ص 341أورده عن
إدريس الفاخوري ،العمل القضائي األسري ،الجزء األول
المقدمة2........................................................................................................................................................ :
المبحث األول :األحكام العامة لألهلية في الشريعة اإلسالمية ومدونة األسرة 5.....................................................................
المطلب األول :أنواع األهلية في الشريعة اإلسالمية 6...................................................................................................
الفقرة األولى :أهلية الوجوب 6...........................................................................................................................
أوال :أهلية الوجوب الناقصة 7......................................................................................................................
ثانيا :أهلية الوجوب الكاملة8........................................................................................................................ :
الفقرة الثانية :أهلية األداء 10 ............................................................................................................................
أوال :أهلية األداء الناقصة 10 ........................................................................................................................
ثانيا :أهلية األداء الكاملة 11 .........................................................................................................................
المطلب التاني :احكام األهلية في ضوء مدونة األسرة 14...............................................................................................
الفقرة األولى :أنواع األهلية 14 .........................................................................................................................
أوال :أهلية الوجوب 14 ................................................................................... :CAPACITé DE JOUISSANCE
الفقرة التانية :اهلية األداء15 .................................................................................... CAPACITé D’exercice:
الفقرة التالتة:الفرق بين االهلية والوالية 16 .......................................................................................................
المبحث :مشروعية الحجر و آثاره 17......................................................................................................................
مطلب األول :الحجر و أسبابه و مسطرة إثباته أو نفيه 18.............................................................................................
الفقرة األولى :مشروعية الحجر من خالل أسباب نقصان أهلية األداء18 .................................................................... .
الصغير المميز18 .................................................................................................................................... :
السفيه 19 .............................................................................................................................................. :
المعتوه 20 ............................................................................................................................................ :
الفقرة الثانية :أسباب سقوط أهلية األداء 21 ..........................................................................................................
الصغير غير المميز 21 .............................................................................................................................:
المجنون 21 ........................................................................................................................................... :
الفقرة الثالثة :مسطرة الحجر 22 .......................................................................................................................
تصرفـــات المحجــــور 23..............................................................................................................
ّ المطلب الثاني :
الفقرة األولى :آثـــار تصرفات ناقص األهليــة24.................................................................................................... :
حكم التصرفات النافعة نفعـا محضا24 ........................................................ : -
الضـارة ضـررا محضا 24 ...................................................................................................... :
ّ حكم التصرفات
حكم التصرفات الدائرة بين النفع والضرر 25 ......................................................................................................:
الفقرة الثانية :آثــــار تصرفــات عــديــم األهليــة25............................................................................................... :
-1تصرفات الصغير غير المميّز25 ................................................................................................................ :
-2تصرفات المجنون وفاقد العقل 26 ............................................................................................................... :
خاتمة 27....................................................................................................................................................... :
ألئحة المراجع 29............................................................................................................................................ :