Professional Documents
Culture Documents
الحبكة أدب الأطفال
الحبكة أدب الأطفال
رئيسا جامعة تلمسان أستاذ محاضر " أ " د .زغودي يحي
مشرفا جامعة تلمسان أستاذ التعليم العالي أ.د دراقي زبير
عضوا جامعة معسكر أستاذ محاضر " أ " د.ديب محمد
عضوا جامعة الجزائر 2 أستاذة محاضرة " أ " د.قلو ياسمين
عضوا المركز الجامعي عين تموشنت أستاذ محاضر " أ " د.جالل مصطفاوي
عضوا جامعة تلمسان أستاذة محاضرة " أ " د.قرين زهور
مشجعة وطيّبة.
الشكر موصول كذلك إىل كل من ساعدين ولو بكلمة ّ
مق ّدمة
مق ّدمة
إ ّف كالـ الشاعر والكاتب ادلكسيكي أوكتافيو باز مل جيانب الصواب حينما قاؿ "تعلم
الكالم يعني تعلم الترجمة".1ففي الواقع،ما تواصل اإلنساف مع أخيو اإلنساف بواسطة الكالـ
حيس بو ويشغلو يف حياتو ويومياتو.وإذا فقد القدرة على ترمجة ما يدور
واللّغة،إالّ ترمجة دلا ّ
األمة إف مل تتم ّكن من إيصاؿ فكرىا،
بداخلو،تضاءؿ حظّو يف حتقيق التفاىم مع غريه.وكذلك ّ
وموروثها الثقايف واحلضاري إىل غريىا،لن تتم ّكن من إبراز مكانتها بني األمم.إ ّف الدور الذي تقوـ
بتعدد أصوذلا وأجناسها،ليس
مد اجلسور،ونقل ادلعارؼ ونشر الثقافات بني األممّ ،
بو الرتمجة يف ّ
بإمكاف أحد نكرانو.فالرتمجة نشاط إنساين مل تعد ألحد-يف وقتنا احلايل -القدرة على االستغناء
عنو،أل ّف التواصل والفهم ال حيصالف إالّ بو.
الرغم شلّا تفرزه العودلة من لغة أحادية وعادلية تتمثّل يف اإلصلليزية،إال أنّو ال ديكن إغفاؿ
وعلى ّ
تقدر بستة آالؼ لغة حيّة عرب العامل،ال تزاؿ تقاوـ من أجل
العدد الكبري من اللّغات األخرى،اليت ّ
رلرد وىم.فالرتمجة مهنة
أحادي اللّغة يبقى حسب كثري من ادلف ّكرين ّ
ّ البقاء،أل ّف االعتقاد بعامل
وشلارسة ضاربة يف القدـ،ستبقى بقاء البشرية،كما أ ّف ادلرتجم ال خيتفي ألنّو كاتب،والكتابة
متواصلة .وإذا كاف الكاتب حني يتواصل مع قارئو خيتار الصورة ادلناسبة والتعبري الالئق إليصاؿ
بكل وضوحفكرتو ومراد قولو،فإ ّف ادلرتجم كذلك يبحث يف لغتو عما أراد قولو الكاتب األصلي ّ
ادلهمة اليت ال تتاح لو بسهولة،إذ من الصعب أف تعيد نقل ما قالو اآلخر بالدقّة
وبساطة.وىي ّ
خلص أمبرتو إيكو نسبية النقل من لغة إىل أخرى بأسلوب بليغ جعلو
والطريقة نفسيهما،ولذلك ّ
عنوانا لكتاب لو":2أن تقول الشيء نفسو تقريبا".
1
Citépar Maddalena de Carlo,in « Quoi traduire ?Comment traduire ?pourquoi traduire ?,
Ela Etudes de Linguistique appliquée,2006/1(n°141),p.117-128.Lien :
https://www.cairn.info/revue-ela-2006-1-page-117.htm
2
Voir Umberto Eco,Dire presque la même chose-Expériences de traduction, Edition
Grasset et Fasquelle,Paris 2006,Traduit par Myriem Bouzaher,460 pages.
أ
مق ّدمة
وتتفاوت درجة الصعوبة يف الرتمجة من لغة إىل لغة،ومن رلاؿ إىل رلاؿ ومن نص إىل
نص.فرتمجة النصوص األدبية مثال حتتل -وفقا لكثري من الباحثني -الصدارة من حيث صعوبة
ترمجتها دلا حتملو من إحياءات،قد ال تتّفق مع تلك اليت ترد إىل أذىاف ادلتلقني يف اللّغة والثقافة
اذلدؼ.ويف سياؽ حديثنا عن الرتمجة األدبية وصعوبتها،خياؿ -يف ادلقابل -لكثري من الناس
سهولة الرتمجة يف فرع من فروع األدب،أال وىو أدب األطفاؿ والناشئة.ففي عرؼ ىؤالء ما داـ أ ّف
أدب األطفاؿ ىو دوف مستوى األدب (،)Sous littératureفإ ّف ترمجتو ال تتّسم بالصعوبة اليت
دتتاز هبا الرتمجة ألدب الكبار.وبعيدا عن ىذه النظرة احملتقرة ذلذا اجلنس،جيدر بنا أف نشري إىل أ ّف
يعد من البحوث البكر اليت بدأت
الرتمجة ألدب األطفاؿ قد بدأت مع ظهوره،بيد أ ّف التنظري ذلا ّ
تعرؼ اىتماما متزايدا،ال سيما مع مطلع القرف الواحد والعشرين.
نتطرؽ إىل دراسة ىذا اجملاؿ من جانب ترمجي دلا تشهده ادلكتبة العربية
ويف ىذا اإلطار آثرنا أف ّ
من فراغ يف البحوث األكادديية ال سيما التطبيقية منها،إذ تكاد تقتصر الدراسات ادلتاحة على
اجلهود الغربية منذ العقود الثالثة األخرية للقرف العشرين إىل وقتنا احلايل.كما أ ّف غياب اسرتاتيجية
واضحة لرتمجة ىذا اجلنس األديب قد يفتح اجملاؿ لالرجتالية يف الرتمجة،فيصبح الطّفل عرضة ألفكار
توجهو وتؤطّره وفق ما تراه صاحلا ذلا.بعدما متّ جتاوز تلك النظرة االحتقارية،اليت أشرنا
أجنبية ّ
إليها،بفضل ما جاد بو ادلختصوف من دراسات وأحباث أظهرت غالبيتها بأ ّف ىذا األدب عبارة عن
للكبار،تبني أ ّف ترمجتو ليست عمال سهال ،بل تتطلّب
ّ ادلوجو
شلارسة واقعية سلتلفة عن األدب ّ
كفاءة ودراية بالطّفل وعادلو اخلاص بو.
ويعرؼ أ ّف الكتابة لألطفاؿ حتكمها معايري اجتماعية بالدرجة األوىل،قد ختضع ذلا الرتمجة
أيضا باعتبارىا إعادة كتابة.ومن مثّ غدا التفكري يف اسرتاتيجية واضحة لرتمجة قصص األطفاؿ
وأدهبم أمرا يف غاية األمهية.ومن ىنا ارتأينا أف نسم ىذا البحث بػ" استراتيجية ترجمة قصص
األطفال من اللّغة الفرنسية إلى اللّغة العربية "،وضلاوؿ مالمسة وطرح اإلشكاؿ اآليت:
ب
مق ّدمة
-ترتبط الرتمجة لقصص االطفاؿ بالتلقي،ومن مث تكوف غالبية الرتمجات عبارة عن اقتباس وإعادة
عامة يف التوطني،الذي ديثّل الوفاء للمتلقي.
كتابة،أي أ ّف االسرتاتيجية ادلتبعة تتمثّل ّ
موجهة
-يعمل عامل الفئة العمرية على حتديد االسرتاتيجية الرتمجية،حبيث كلّما كانت القصص ّ
حتددت االسرتاتيجية يف التوطني وإعادة الكتابة.
لفئة عمرية أصغر ّ
حتدد اسرتاتيجية الرتمجة،وتفرض على ادلرتجم اتّباعها.
-الرتمجة لألطفاؿ حتكمها معايري عديدة ّ
-الرتمجة اليت تراعي ادلتلقي وثقافتو ىي الكفيلة باحلفاظ على القيم الرتبوية واألخالقية.
-الرتمجة احلرفية قد تعيق القرائية وال حت ّقق ادلقبولية يف اللغة اذلدؼ.
ج
مق ّدمة
الغرب،وتأخره إف
ّ إ ّف ما ح ّفزنا على اختيار ىذا ادلوضوع ىو حداثتو األكادديية ال سيما عند
مل نقل غيابو عند العرب.فادلكتبة العربية تكاد تفتقر إىل ادلراجع ادلتعلّقة بالرتمجة ألدب
العامة.كما أنّو دلا
ّ األطفاؿ،حبيث مل نعثر على دراسة واحدة،باستثناء بعض الدراسات الوصفية
ّ
رأينا بأ ّف سوؽ الكتاب العريب يشهد يف -وقتنا احلايل -نشر كثري من القصص ادلرتمجة إىل اللّغة
تقصي الناحية الرتمجية ذلذه القصص،قصد
سلتلفة،جرنا الفضوؿ العلمي إىل ّ
ّ العربية عن لغات
استشفاؼ االسرتاتيجية أو باألحرى االسرتاتيجيات الرتمجية ادلوظّفة يف ترمجتها عموما.
قي
ويهدؼ ىذا البحث إىل ادلسامهة يف إضافة لبنة جديدة للدراسات الرتمجية العربية قصد الر ّ
هبا،ال سيما يف ىذا اجملاؿ البكر ادلتمثّل يف الرتمجة لألطفاؿ إىل اللغة العربية،وما يرتبط بو من
إشكاالت وإكراىات .كما يسعى أيضا إىل تبياف االسرتاتيجية ادلوظفة يف الرتمجة لألطفاؿ أو
باألحرى االسرتاتيجيات اليت يلجأ ادلرتمجوف إليها كلّما واجهتهم عوائق وإكراىات سواء تعلّق
األمر بالثقافية منها،أو التعليمية ،أو السياسية أو الدينية قصد إصلاح العملية من غري إفراط وال
تفريط.
د
مق ّدمة
وتطوره"
سنعمل يف حبثنا ىذا على اعتماد خطّة تتش ّكل من مدخل بعنواف" أدب األطفال ّ
نبني فيو أصوؿ ىذا احلقل األديب،وإرىاصاتو ورواده يف العامل الغريب مثّ يف العامل العريب وما إذا جاء
ّ
عن طريق الرتمجة أـ التأليف.بعد ذلك،يأيت الفصل األ ّوؿ الذي ومسناه بػ"أدب األطفال:ماىيتو
كل من ادلنهج الوصفي على مستوى الشق النظري وادلنهج وقد اعتمدنا يف ىذه الدراسة ّ
التحليلي ادلقارف على مستوى اجلانب التطبيقي على مدونة البحث اليت اعتمدناىا ،وادلتمثّلة يف
ثالث رلموعات قصصية مرتمجة عن الفرنسية.
وضلن بصدد إصلاز ىذا البحث،ال يفوتنا أف نشري إىل أنّو صادفتنا بعض الصعوبات والعقبات
اليت ال خيلو منها حبث وعلى رأسها قلّة ادلراجع العربية وفقداف ادلراجع الغربية يف السوؽ وادلكتبات
اجلامعية اجلزائرية،وىو األمر الذي أخذ منّا الوقت الكثري يف إعداد ىذا البحث.وقد دت ّكنا بعد
ه
مق ّدمة
و
مدخل
وتطوره
أدب األطفال ّ
استقاء املعارف والقيم من احملي االجتماعي الذي يعيش فيه.ولطاملا ظل ينظر إليه نظرة
احتقار ،العتباره أدبا سهال يقوم على نصوص وحكايات بسيطة أو مبسطة ،فال يستحق
اهتمام النقاد واألكادمييني،حلكمهم عليه بشبه األدب ) (Paralittératureأو دون
1
األدب ) (Sous littératureأو الال أدب ).(La non littérature
وبغض النظر عن كل هذه األحكام القيمية ،ال يكاد أحد ينكر بأن أدب الطفل
بدأ حيتل مكانة مرموقة كتخصص قائم بذاته ،وذلك بفضل النشر الذي ميثله كل من التأليف
والرتمجة ،ال سيما مع تنامي وترية العوملة ،إضافة إىل الوعي بالدور الذي يقوم به يف التنشئة
االجتماعية والرتبوية ،وبالتايل يرى املهتمون بأن هذا اجلنس تتجاذبه مهام عدة ،منها الرتبوية
واألخالقية والتعليمية ،ألنه يعمل على نقل املعرفة والقيم والثقافة .وإذا ما حاولنا استقصاء
بزوغ أدب األطفال وتطوره يف العامل ،فإننا جند عادة بأن الدارسني يؤصلون له انطالقا من
التقاليد الشعبية والشفوية ومن األعمال األدبية الكالسيكية.وهكذا ،فإنه حري بنا أن نلج هذا
اجلنس األديب حملاولة فهمه بدءا بالبحث يف أصوله وتطوره يف العاملني العريب والغريب ،حىت
يتسىن لنا حتديد اهتمامات اإلنسانية بالطفل كتابة ونشرا له .ويرى الباحثون بأن الكتابة
لألطفال يف العامل جاءت متأخرة نوعا ما ،إذ بدأت مع هناية القرن السابع عشر ،معتمدة
1
Voir : Nathalie Prince, La littérature de jeunesse en questions, collection interférences,
PUR, France, 2009, P 09.
2
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
-كما أشرنا -على الرتاث الشعيب،ولكنها انطلقت بشكل واضح يف منتصف القرن العشرين،
متنوعة يف أشكاهلا ونصوصها ورسومها.1
اليت كان هلا األثر الكبري يف عصر (John Lock -1632-1704 من بادرة جون لوك (
التنوير،السيما بنشره كتاب "أفكار حول التربية" (Some Thoughts Concerning
عام ،1961الذي يعترب فيه بأن الطفل صفحة بيضاء خن عليها ما نشاء )Education
وندرج ما نريد من تعليم،إال أن منشورات جون نيوبري مل تعمل بتوصياته وتعاليمه ،فاتسمت
بطابع جتاري مربح يركز على اجلانب الديين واألخالقي،ومع ذلك فقد تفطن إىل أن الطفل -
إىل جانب الرتبية –حيتاج إىل الرتفيه ،فنشر كتابه "التعليم والرتفيه"
1
( )Instruction and amusementوبذلك يكون قد استدرك تعاليم جون لوك.
ويبقى التأثري الكبري لجان جاك روسو ()Jean-Jaques Rousseau-1712-1778
بنشره كتاب "إميل" ( )Emileسنة 1491الذي كان أهم نظرية،احتضنها املدرسون واآلباء
على حد سواء.وقبله ظهر كتاب"روبنسون كروزو" ) (Robinson Crusoeلدانيال ديفو
1ينظر :جنالء نصري بشور،أدب األطفال العرب،مركز دراسات الوحدة العربية،أوراق عربية ، 11بريوت ،لبنان ،دون
تاريخ،ص.11
2املرجع نفسه ،ص.11
1
Voir : Nathalie Prince, Op Cit ,pp 34-35.
3
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
) (Daniel Defoe-1660-1731عام 1416وتبعته رحالت جوليفر )(Gulliver’s Travels
لـ جونتان سويفت ) (Jonathan Swift-1667-1745عام ،1419فانتشرت بذلك قصص
األشباح يف العهد الفيكتوري ،وترجم إدغار تايلور القصص األملانية املشهورة ،فكانت حوادثها
مستوحاة من اخليال وال متت بأي صلة إىل الواقع ،إال أن هدفها كان غرس القيم األخالقية
عند الطفل ،مث ظهر سنة " 1691أليس في بالد العجائب") (Alice in Wonderland
( والذي يعد من أهم معامل أدب األطفال Lewiss Caroll 1832-1898 للويس كارول)
يف العامل.
ويرجع ظهور أدب الطفل يف إجنلرتا إىل بداية الثورة الصناعية وتنامي التيار الرومانسي
الذي حيفل باخليال،والطفولة واحلياة الرعوية.وقد لقي االهتمام بأدب األطفال يف إجنلرتا دعم
وسائل االتصال،السيما الصحافة اليت أصبحت تفرد له زاوية خاصة ،كما انتشرت مكتبات
األطفال بشكل ملحوظ.ويرى املهتمون بأدب الطفل اإلجنليزي بأنه مييل إىل النزعة املثالية عند
ريديارد كيبلينج وإىل النزعة اإلصالحية العاطفية عند فريدريك فارار ،كما أنه قد زاد إقبال
اإلجنليز على أدب الطفل ،فاتسعت حركة الرتمجة والتأليف ،ومن مث ابتعد عن الناحية التعليمية
1
وانتصر للخيال،واإلبداع واملوروث الشعيب.
-1ينظر :مقال صحفي ،جملة اإلقتصادية ،أدب األطفال العاملي من أفواه الرواة الشعبيني إىل قصور السادة والكتب،
http://www.aleqt.com/2014/11/19/article_907420.html
4
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
فظهرت -فيما بعد -املدارس العمومية واجملانية واإلجبارية والالئكية ،وهكذا تسىن لألطفال
تعلم القراءة وتضاعف معه عدد القراء.وبعد انتشار التعليم والقراءة بدأ الناشرون -ال سيما
الكاثوليك -باالهتمام باألطفال ،فأنشأوا مكتبات خاصة هبم مثل "المكتبة الوردية" لدار
هاشيت و"مكتبة التربية واإلبداع" لدار هيتزل.1ومع ذلك جيمع الباحثون املتقصون هلذا اجملال
أن بوادر أدب األطفال يف فرنسا جتلت يف القرن السابع عشر ،هبدف التسلية والتعليم على يد
الشاعر شارل بيرو (،)Charles Perrault 3261- 3071وذلك بكتابته مثاين قصص خيالية
،« Contes de maاليت نشرها سنة » mère l’Oye لألطفال بعنوان “حكايات ّأمي اإلوّزة" -
1964باسم مستعار،وهو اسم ابنه بيار دارمنكور )،(Pierre D’armancourtوعلى إثر
االهتمام الذي لقيته قصصه ،قام بتأليف جمموعة قصصية أخرى بامسه احلقيقي حتت عنوان
(Histoires ou Contes du temps passé- "أقاصيص أوحكايات الزمن الماضي"
). 1697
وتشري ناتالي برينس) (Nathalie Princeباملقابل ،إىل أن بوادر هذا األدب ،وإن
بدأت مع شارل بيرو وجون دي الفونتين،يف القصص اخلرافية ( )Les fablesاملنشورة للمرة
األوىل عام ،1966إال أن هذه الكتابات مل تكن موجهة بالدرجة األوىل إىل شرحية
األطفال،ألن بيرو قام بتأليفها للكبار،وذكر الفونتني يف توطئة كتابه بأن حكاياته – وهو
- )(Duc de Bourgogne Dauphin Louis يهديها إىل دوق بورقون دوفين لويس
موجهة للكبار ،حىت وإن كانت يف جوهرها تستهوي األطفال الصغار ،كما كانت هتدف
جلها– يف رأيها -إىل تنشئة القارئ على قيم دينية سامية.وما كان ظهور "مغامرات تليماك"
(Aventures de Télémaque-إال هلدف تربوي تعليمي (Fénelon ( )1966لفينلون
2
موجه خصيصا لدوق بورقون الصغري.
1
Voir: Christian Poslaniec,(se) former à la littérature de jeunesse ,Hachette
Education,France,2008,PP 18-21.
2
-Voir- Nathalie, Prince, La littérature de jeunesse, Armand Colin ,Paris , France ,
2010 ,PP 30-32.
5
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
وبعد أن ترجم أنطوان جاالن ( " ، )Antoine Galland -1646-1715ألف ليلة
وليلة " عام ، 1411بدأ ظهور احلكايات واخلرافات املستمدة منها ،وكان من املتأثرين هبا
)Hans (Christian Andersen-1805-1875 الكاتب الدامناركي هانس كريستيان أندرسون
الذي ألف قصصا كثرية نقلت إىل سائر لغات العامل.
وتبقى جل الكتابات املوجهة إىل األطفال يف القرن الثامن عشر ذات هدف
تربوي،فقد نشرت الكاتبة "جان ماري لوبرانس دي بومون" (Jeanne Marie Leprince
) de Beaumont-1711-1780حواىل سبعني كتابا لألطفال ،العتبارها أن القراءة هي ترفيه
جنليس)(Madame de Genlis 1746-1830 ينمي خياهلم.وعلى هنجها سارت مدام دي
فنشرت عام 1461حماولتها حول تربية األطفال حتت عنوان "أديل وتيودور" (Adèle et
، (Lettresمث نشرت أدبا )sur l’éducation أو" رسائل حول التربية )Théodore
خاصا باألطفال عنوانه" :سهرات القلعة أو دروس تربوية لفائدة األطفال(Les veillées :
du Château ouإلمياهنا بأن الطفل )cours de morale à l’usage des enfants
" الذي ال يريد أن يتعلم و يصحح أخطاءه حينما يقرأ هذه الكتب هبدف الرتفيه ،فإنه
بقراءته هلا ،يصحح سلوكه ويتعلم رغما عن أنفه"( 1الرتمجة لنا).
وقام آرنو بركين ( )Arnaud Berquinبإنشاء جمليت "صديق األطفال" (l’Ami des
(Lecturesعام لألطفال")pour les enfants عام 1461و" قراءات )enfants
،1611فظل صديقا هلم مدة عشريات كاملة ،وبعد وفاته ظهرت كلمة "بركيناد" إشارة إىل
نصوصه وكتبه املوجهة لألطفال.ويشري ميشال ماسو،يف حبثه حول الكتب املوجهة لألطفال،
1
-Voir : Christian,Poslaniec, Op Cit,p.25.
6
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
إىل أن عددها بلغ ما بني سنوات 1466و 911 1466كتاب منها 116مستجدات،
1
مضيفا أن هدفها ظل إىل غاية سنة 1611تربويا وبيداغوجيا حمضا.
مث تزايد االهتمام هبذا األدب من قبل الناشرين الفرنسيني،ال سيما بني لويس هاشيت
) )Louis Hachette-1800-1864وبيار جول هيتزل ).(Pierre-Jules Hetzel 1814-1886
فلما فهم األول بأن الكتاب املدرسي سيحظى مستقبال باهتمام التعليم العام فتح مكتبته
واشرتى مجيع الكتب املتوقع جناحها مدرسيا،مث فكر بعدها يف أولئك األشخاص الذين
يطالعون،وهم على منت القطارات،فجسد مبتغاه وفتح عام 1611أول مكتبة مبحطة
القطار،وسرعان ما تعممت تدرجييا على بقية احملطات األخرى.وهبذه املكتبات قامت
عام 1614بإصدار )(Comtesse de Ségur 1799-1874 الكنتيسة دي سوقور
.(Lesوأتبعتها بـ" البنات )Nouveaux Contes de fées "قصص الغيالن الجديدة"
الصغيرات النموذجيات") (Les petites filles modèlesإضافة إىل تعاون شارل ديكنز
) (Charles Dickens 1812-1870مع دار هاشيت ومساحه برتمجة مؤلفه.كما قام هيتزل
بإنشاء دار نشر عام ،1614فأصبح بذلك من أشهر الناشرين األدبيني يف القرن التاسع
عشر،ورأى بأن شرحية األطفال تستحق االهتمام،فطلب من األدباء املعروفني الذين نشر هلم
بأن يكتبوا كذلك لألطفال ،فظهرت عام " 1611مجلة األطفال الجديدة"،وهي تشمل
ميسه وبلزاك وهتزيل نفسه حتت اسم مستعار "ب،ج نصوصا كتبها كتاب كبار مثل ّ
ستال"( (P.J Stahlوتلتها يف سنة " 1691مجلّة التربية واإلبداع" ،وكان للكاتب جول
فيرن ) )Jules Verne 1828-1905نشاط بالغ فيها ،إذ نشر أوىل رواياته " خمسة أسابيع
2
في البالون" ومخسة ومخسون قصة أخرى.
1
- Voir : Op cit , pp 27-28.
2
- Voir : Ibid ,pp 30-34
7
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
لقد جتلى العصر الذهيب ألدب األطفال يف فرنسا،بشكل واضح يف الفرتة املمتدة بني
سنوات 1691و،1661ويرجع ذلك إىل تزايد عدد األطفال املتعلمني،فضال عن القوانني اليت
) Jules Ferryعام 1661حول (1832-1893 وضعتها الدولة مثل قانون جول فيري
جمانية التعليم وإجباريته،وكذلك قانون غوسيل ( )Loi Rousselيف 11جويلية 1666حول
محاية الطفل من املعامالت السيئة والسلوكات املشينة،وبذلك تزايدت املنشورات وظهرت
مكتبات خاصة هبذا اجلنس األديب عرفت باسم املكتبات الوردية.وسرعان ما شهد هذا األدب
-بعد ذلك -احنسارا لعدم جاذبية مواضيع القصص املؤلفة من جهة،وعدم مسايرهتا لروح
العصر من جهة أخرى.ويضيف كريستيان بوسالنياك إىل أن مسار أدب األطفال يف فرنسا
متثل يف ثالث مراحل :متتد األوىل من القرن الثامن عشر إىل غاية النصف األول من القرن
التاسع عشر،والثانية من عام 1611إىل عام 1611واملرحلة الثالثة من سنة 1616إىل سنة
1641تقريبا،اليت بدأ فيها البحث عن كيفية املزج بني كل من الرتفيه والرتبية واألدب أثناء
1
الكتابة للطفل.
ومع مطلع القرن العشرين جاء صدور األلبوم ليعلن عن بداية التنوع يف أدب األطفال،
حبيث أصبح لعنصر الرتفيه أمهية كبرية ،إضافة إىل حضور الصورة واأللوان جبانب النص.فقد
عام 1611 برونهوف( )Jean Brunhoff كان لصدور ألبوم "بابار" " "Babarلجون
جناح كبري،إذ تشري اإلحصائيات إىل بيع أربعة ماليني نسخة ما بني سنوات 1619
و ، 21611الحتوائه على غاية الرتفيه عن األطفال،وكذلك خلاصيته املزدوجة يف احلكي عن
طريق كل من الصورة والنص.
وقد حظي ألبوم بابار بنجاح باهر يف فرنسا ال سيما بعد أزمة ،1661إذ بدئ بنشر
جمموعات عديدة ال ميكن حصرها يف هذا البحث،وإمنا نسوق أمثلة منها "حكايات وخرافات"
1
- Voir : Op cit , pp 35-38.
2
- Voir Ibid , pp 35-39.
8
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
« سنة ،1619فعرفت جناحا إىل غاية » Fernand Nathan اليت أصدرها فرناند ناتان
السبعينيات.كما عرف أدب األطفال حتوال كبريا يف احلقبة املمتدة من السبعينيات إىل
الثمانينيات وقد ومست بفرتة األزمة ،إذ تناقص عدد اجملموعات إىل حد كبري بلغ نسبة 41يف
املائة1.وحينما نتحدث عن أدب األطفال يف فرنسا ال ميكننا أن ننسى جريدة ميكي ماوس
(Walter Elias (Mickeyالصادرة عام 1611بريشة فالتر إيلياس ديزني )Mouse
) Disney 1901-1966اليت عرفت كذلك جناحا باهرا يف جمال النشر لألطفال.
وفيما خيص أدب األطفال يف أملانيا ،فقد ألف الروائي أرنست تيودور فيلهلم
( من احلكايات )Ernst Theodor Wilhelm Hoffmann 1776-1822 هوفمان
كسارة
الشعبية قصصا خيالية،وبذلك عدت أعماله رائدة يف هذا اجملال ،ومن بني قصصه " ّ
البندق وملك الفئران" ) )The Nutcracker and the Mouse Kingاليت أصدرها عام
1
- Op Cit ,pp 43-44.
2
- Voir : Nathalie Prince,Op Cit,p 62.
9
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
(Jacob 1785-1863 et Vilhelm .1619كما قام األخوان جاكوب وفيلهلم غريم
عام 1614جبمع أشهر احلكايات اليت كانت متداولة يف ذلك )Grimm 1786-1859
الوقت على ألسنة الناس،فأصدراها سنة 1611يف كتاب بعنوان "حكايات األطفال
والبيوت" ) ،(Grimm’s Fairy Talesمث أعقبا هذا الكتاب جبزئه الثاين عام 1611وراعيا
1
فيه الكتابة بلغة الشعب ،فكان مطلع القصص دائما بعبارة "كان يا مكان".
وحينما نتحدث عن أدب األطفال يف أوروبا كذلك ،فإن بعض األمساء البارزة
تفرض علينا ذكرها نظرا ملا قدمته يف هذا اجملال .ومن هذه األمساء اليت ملع صيتها نذكر الكاتب
،(Hans Christianوهو Andersen1875-1805 الدامنركي هانس كريستيان أندرس )
ال يعد رائدا ألدب األطفال يف الدامنارك فحسب،وإمنا يف أروبا بكاملها،فكانت قصصه مصدرا
للتسلية والثقافة،وتراوحت بني النثر والشعر واحلديث عن األشباح واجلنيات وكأنه بذلك -
حسب ما يراه املهتمون -يعلم الطفل أن يتقبل احلياة حبلوها ومرها .وتتناول قصصه الطبيعة
البشرية بإجيابياهتا وسلبياهتا ومبا حتمله من فضائل ومن رذائل،فتنتقد ما يستحق االنتقاد وحتتفي
مبا يستحق االحتفاء به مثل الشجاعة،والعدل،والوفاء والصدق.وقد بلغ عدد القصص اليت
2
ألفها أكثر من 161قصة ال تزال تلقى رواجا وإقباال يف العامل إىل وقتنا احلايل.
أما يف إيطاليا ويف القرن التاسع عشر،فلطاملا ظل ينظر إىل األدب ،عموما ،نظرة
تشاؤم واحتقار،ملا كان يقحمه من شرور وفساد على الفرد اإليطايل،سواء أكان رجال أم امرأة!
وقد بلغت نسبة األمية آنذاك أوجها ( 46يف املائة) ،حبيث إن عدد املتحدثني باللغة اإليطالية
ال يتجاوز ،911.111بينما يفوق عدد املتحدثني باللهجات املختلفة 19مليون فرد .وظل
األمر على ذلك إىل أن تأسست املدرسة لتوحد اجملتمع اإليطايل ،وذلك مبوجب قانون كاساتي
-1ينظر :حممد فؤاد احلوامدة ،أدب األطفال فن وطفولة،دار الفكر ناشرون وموزعون،عمان،األردن، 1111،ص .91
-2املرجع نفسه،ص .91
01
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
الصادر عام 1.1691ويرى الباحثون بأن القصة األوىل املوجهة لألطفال يف ((Casati
إيطاليا ألفها إدا باتشيني ( )Ida Bacciniبعنوان " مذ ّكرات كتكوت (Memorie di un
) pulcinoو نشرت سنة 1641عند فيليتش باجي ).)Felice Paggiكما كان الكتاب
املدرسي وحده الكفيل بنقل املثل والرسائل الرتبوية واألخالقية،إضافة إىل الرتمجات إىل اإليطالية
لبعض القصص الفرنسية واإلجنليزية واألمريكية لكتاب مرموقني مثل الكنتيسة دي سيقور
وشارل ديكنز وغريمها.وملا بدأت األمة اإليطالية تتطور مع مطلع عام ،1661بفضل
التحوالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية،بدأ االهتمام بالعلم واألدب والفن والتشجيع على
التعلم والقراءة،مما ساهم يف ظهور قصة بينوكيو ( )Pinocchioعام 1661لصاحبها
(عام 1669اليت قام بتأليفها إيدماندو دي )Cuore كولودي ( )Collodiو" قلب"
2 .)Edmondoو قد عرف أدب الطفل أحلك أيامه يف العهد (De Amicis أميتش
الفاشي ،حبيث سادت اإليديولوجية الفاشية يف الكتابة للطفل،وهي تروم من وراء ذلك تكوين
مواطن إيطايل جديد يدين بدينها ويأمتر بأمرها ،إال أن زمنها سرعان ما وىل بعد احلرب العاملية
الثانية ،ومن هناك بدأ عهد آخر ألدب الطفل يف إيطاليا مع كتاب معروفني.
امتاز أدب األطفال ،بعد ذلك ،بواقعيته وابتعاده عن األساطري ،وقد قام الكاتب اإليطايل
( جبمع قصص لألطفال من اللهجات )Italo Calvino -1923-1985 إيتالو كالفينو
اإليطالية ونقلها،بتنوعها واختالفها،إىل اللغة اإليطالية احلديثة.ومن الذين برزوا واشتهروا يف
الكتابة للطفل جاني روداري ) )Gianni Rodari -1920-1980الذي كتب قصة "جيب
في جهاز التلفزيون"3،وهي حسب املهتمني شبيهة بقصة "أليس في بالد العجائب"وقصص
1
- Voir : Mariella Colin,La naissance de la littérature romanesque pour la jeunesse au
XIX siècle en Italie ;entre l’europe et la nation,Cairn,N°304 ,2000/4,pp 507-518.Site :
https://www.cairn.info/revue-de-litterature-comparee-2002-4-page-507.htm
2
- Ibidem
-3ينظر حممد فؤاد احلوامدة ،املرجع السابق،ص .91
00
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
أخرى كذلك.وما نالحظه عموما أن أدب األطفال يف أروبا انتشر بشكل كبري بفضل الرتمجات
اليت كانت جترى إىل مجيع اللغات السائدة واملعروفة آنذاك.
وإذا ما حاولنا استقصاء أدب األطفال يف أمريكا ،فنجد أنه بدأ مع الفولكلور األمريكي.
ومن بني القصص البارزة نذكر قصة " الحطّاب") ،) Lumberjackوهي شخصية أسطورية
عمالقة تعرف بـ بول بونيان (،)Paul Bunyanوقد مت توثيق هذه الشخصية للمرة األوىل يف
،)Jamesفكان هلا (McGillivray أعمال الصحفي األمريكي جيمس ماك جيليفري
Joel Harris شعبية يف القصص احملكية يف القرن التاسع عشر 1.كما قام جويل هاريس (
)،مث زاد )1848-1908بكتابة سلسلة أعمال بشخصية الع ّم ريموس
(Uncle Remus
االهتمام بأدب األطفال يف أمريكا واعتين به أميا اعتناء،سواء من حيث مضمون القصص
ومواضيعها أو من حيث طباعتها وتنميقها.ويعد أساياها توماس ( )Esaiah Thomasمن
أشهر الكتاب لألطفال يف أمريكا ،ويطلق عليه أحيانا "بنيوبري األمريكي ".كما أن هناك كتابا
آخرين برزوا يف هذا اجملال و ال يسعنا حصرهم،مثل ناتال هوركون و واشنطن إرفينج وغريمها.
1
-Voir : http://www.waymarking.com/waymarks/WMCW68_James_McGillivray_Paul_Bunyan_Author
.91 -2ينظر حممد فؤاد احلوامدة ،املرجع السابق،ص
02
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
أما عن أدب األطفال يف البالد اآلسيوبة وال سيما يف اليابان ،فقد كان اهتمام
اليابانني به منذ سنة ،1661إال أنه ظل جمهوال من قبل األطفال إىل غاية سنة .1691وقد
) يف الكتابة لألطفال،فامتازت Mimei Ogawa3116-3623 برز األديب ميمي أوقاوا (
قصصه بالرمزية والقصر ،وقد أطلق عليه اسم "أندرسون الياباني" ومن أشهر قصصه " حورية
البحر والشموع الحمراء ) (The Mermaid and the Red Candlesو"المرأة البقرة"
) (The Cow Womanاليت نشرها سنة ،1616وهي حتكي قصة أم توفيت ومل هتدأ روحها
بعد موهتا،ألهنا تركت ولدها الصغري وراءها يف فقر مدقع،فبدأت تتجلى له يف كل مرة يف صورة
خمتلفة لرتشده إىل السبيل الذي ينبغي أن يسلكه لكي يكون على الطريق املستقيم،وقد محلت
1
قصصه رمزيات دينية وفلسفية.
وقد ترمجت كثري من القصص اليابانية إىل اللغة العربية وصدرت عن دار الشروق بالقاهرة
مخسة كتب لألطفال منها قصة "صعودي إلى الجبل"وهي من تأليف ميتشيكو زوجة
الملونة
السمكة ّ
اإلمرباطور،والثانية بعنوان "عقلة األصبع" من تأليف موموكو ايشي ،والثالثة " ّ
هربت" لصاحبها تارو جومي ،والرابعة بعنوان "أصدقائي" ألفها دايهاتشي أوتا واخلامسة حتت
2
عنوان "الطبلة العجيبة وقصص أخرى" ترمجها عصام حمزة إىل اللغة العربية.
ولو حاولنا تقصي أدب األطفال العاملي،ال سيما الغريب منه ،ملا استطعنا أن نلم به إملاما
كافيا،لوفرته وتطوره الكبري مع توايل األيام،ومن مث حاولنا أن نعرج على أهم احملطات والبلدان
الغربية البارزة فيه،وإنه ملن الواضح بأنه ال يزال يتطور وحيظى باالهتمام،ال سيما يف البلدان
األروبية مثل فرنسا وبلجيكا وإجنلرتا والدول االسكندنافية،ويرجع ذلك كله إىل املكانة اليت
منحها الغرب إىل الطفل،جبميع فئاته العمرية،وخلقه مراكز ومكتبات ومجعيات خاصة تعىن
بأدب الطفل وثقافته،ال ميكن حصرها وذكرها لكثرهتا وتنوعها.
1
- https://en.wikipedia.org/wiki/Mimei_Ogawa
-2ينظر :حممد فؤاد احلوامدة ،املرجع السابق ،ص .91
03
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
-1أدب األطفال عند العرب :
إن احلديث عن أدب األطفال يف الوطن العريب يسوقنا إىل ما يراه محمد قرانيا من
أن النقاد واملبدعني ،سواء يف الشرق أو الغرب ،يتفقون على املكانة الرفيعة اليت حيتلها الرتاث،و
قد كانت للعرب نظرهتم التقديرية لرتاثهم بنوعيه،الشفوي واملكتوب،الذي ال شك أنه حيمل يف
صلبه مسة اجلدة والطرافة والدهشة والبقاء1.وعلى إثر ذكر ذلك،ال يسعنا حصر موضوع الرتاث
العريب وثرائه يف هذا البحث ،وإمنا نريد أن نشري إىل أن أدب األطفال العريب هو جزء منه برأي
عدة باحثني .ويرى محمد مرتاض أنه على الرغم من الصعوبة اليت يواجهها الباحث يف أدب
األطفال يف الرتاث العريب،إال أنه ال يتعذر وجود مناذج غنية خبفتها ولطافتها وسهولة ألفاظها،
ويتضح ذلك يف شعر الرتقيص يف العصر اجلاهلي،إذ كانت األمهات واجلدات واآلباء يهتمون
بالطفل،فيالعبونه ويرقصونة 2.كما يرى محمد الحوامدة بأن القصة يف العصر اجلاهلي كانت
عبارة عن حكايات تروى للكبار والصغار ،وكانت األمهات حتكني قصصا ألطفاهلن عن
املعارك والبطوالت اليت عرفتها األمم السالفة،واهلدف من وراء ذلك هو احلرص على تقومي
اللسان،وتعزيز السلوك القبلي،وغرس قيم البطولة وتنمية الفروسية3ملواجهة الصعاب يف املستقبل
والذود عن محى القبيلة.
ولو حاولنا أن منثل لذلك بنماذج من تلك األشعار لوجدناها عديدة ومتنوعة مثل
ما مدح به األعرايب ابنه قائال:
يا حبذا روحه وملمسه
أملح شيء ظال وأكيسه
-1ينظر :حممد قرانيا ،مجالية القصة احلكائية لألطفال يف سورية ،سلسلة الدراسات ( ،)4احتاد الكتاب العرب،
دمشق، 1116 ،ص . 6
-2ينظر :حممد مرتاض ،من قضايا أدب األطفال،دراسة تارخيية فنية ،دار هومه ،اجلزائر ، 1111،ص .19-11
-3ينظر :حممد فؤاد احلوامدة ،املرجع السابق،ص .41
04
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
1
اهلل يرعاه يل وحيرسه.
وما أورده الراغب األصفهاني يف ترقيص رجل البنته بقوله:
بنييت رحيانة أمشها
2
فديت بنيت وفدتين أمها.
ويفصح هذان النموذجان عن مدى اهتمام العرب بأبنائهم منذ صغرهم ،العتزازهم
هبم،و ملا كانوا يأملون يف أن حيملوه من صفات محيدة وخصال نبيلة يف املستقبل.ومع جميء
اإلسالم ظل هذا النموذج من شعر الرتقيص حاضرا ،حبيث كانت السيدة فاطمة الزهراء (رضي
اهلل عنها)ترقص ابنها احلسني قائلة :
3
إن بين شبه النيب ---------------ليس شبيها بعلي
وقد أصبحت القصة يف اإلسالم أكثر شيوعا ملا تضمنه القرآن الكرمي من قصص
متنوعة،وحثه على ذلك ملا فيها من فائدة جليلة تعود على النفس البشرية ،فتتدبر وتفكر فيما
يضرب من مثل وعربة ،كما يقول اهلل تعاىل يف سورة األعراف "...فاقصص القصص لعلّهم
يتف ّكرون "(سورة األعراف اآلية .)149ومن هنا بدأ جتلي القصة الدينية ،إذ كانت األمهات
والسالم) وما كان يقوم به من أعمال مع
الصالة ّحتكني ألطفاهلن أخبار النيب (عليه ّ
عليهن جميعا).
ّ صحابته" (رضي اهلل عنهم) وأعدائه وزوجاته (رضوان اهلل
وبعد اخلالفة الراشدة،يرى املهتمون بأدب الطفل أن القصص حتولت إىل بث
الدعوة السياسية كما كان عليه الشأن يف العهد األموي،فضال عن وجود القصص الدينية
والتارخيية.أما يف العهد العباسي،فقد اختل العرب باألعاجم وامتزجت بذلك الثقافة اإلسالمية
بالثقافات األخرى مثل الفارسية واليونانية وامتألت البيوت باجلواري،فكن حيكني القصص
لألطفال،كما ترمجت كتب عديدة إىل العربية مثل "كليلة ودمنة"و"ألف ليلة وليلة"،إال أن
1
ينظر :جنالء نصري بشور،املرجع السابق،ص .19
2
ينظر :مفتاح حممد دياب،املرجع السابق ،ص .11
09
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
الزهاوي ( )1616-1691الذي عد هذا الشعر ضعفا يف املستوى،بعدما نشر الرصايف
1
األم لطفلها" سنة 1611يف جملة "المرأة الجديدة".
"تنويمة ّ
ومن أهم األدباء العراقيني الذين اهتموا بالكتابة لألطفال شعرا ونثرا ،نذكر أحمد حقي
الحلي الذي ألف ديوانا حتت عنوان "المحفوظات الطّفلية" عام ،1611وكذلك مصطفى
جواد،وعبد المحسن الكاظمي،وعبد الرزاق الربيعي وغريهم كثري،فضال عن كتاب القصص
مثل جاسم محمد صالح مبجموعاته القصصية "الشجرة الطيبة" و"عروس البستان"،وصالح
مهدي،ومسلون هادي،وجعفر صادق محمد وحنون مجيد.2وهذا كله ينم عن تغيري النظرة
جتاه الطفل وحقه يف تلقي أدب يف متناوله يراعي مستواه اإلدراكي.
وترجع احملاوالت األوىل للفن القصصي يف سوريا إىل ثالثينيات القرن املاضي مع
الشاعر الكبري عبد الكريم الحيدري ( )1669-1611بتأليفه "حديقة األشعار المدرسية"
عام 1614يف حلب،وقد أهداها إىل "حضرات رجال التربية والتعليم المحترمين في
الوطن العربي" وكذلك "إلى أبناء ّأمتنا العربية الجيدة وبناتها".3ويرى الباحثون يف األدب
السوري املوجه لألطفال أن الشاعرة جسماني شقرا هي أول من وضعت ديوانا شعريا بعنوان
" روضة األطفال " سنة .1611وتوالت اإلصدارات لألطفال من قبل كتاب أخرين مثل عبد
الرحمن السفرجالني ،مبعية أديبني آخرين مها جميل سلطان وأنور سلطان ،فألفوا
المصور في أدب البنين والبنات" عام ،1614مث قام محمد لطفي
ّ كتاب"االستظهار
4
المصورة".
ّ الص ّقال سنة 1611بإصدار "مكتبة األطفال
ويشري املهتمون إىل أن صدور جملة "أسامة" عام 1696كان مبثابة االنطالقة احلقيقية
ألدب األطفال يف سوريا ،وإن كانت ال تعد أول جملة صدرت هبا ،ألن جملة "العندليب" هي
1
ينظر :حممد فؤاد احلوامدة ،املرجع السابق ،ص .61
« l’édition jeunesse au Liban et dans le monde arabe accusait un retard important par 2
rapport au reste du monde, et la production était atone, sortant rarement des sentiers
battus et misant beaucoup sur les » traductions
http://www.lorientlitteraire.com/article_details.php?cid=29&nid=5220
التالي: الطويل.الموقع الرتبوي واملشروع احلدائق دار مؤسسة حميديل، 3نبيهة
http://www.lahamag.com/Details/11347/
23
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
الربامج التعليمية،من فرتة اخلمسينيات إىل السبعينيات.ويقسم املختصون تطور هذا اجلنس
1
األديب يف األردن إىل ثالث مراحل :
المرحلة األولى :منذ 1616إىل :1699برز فيها كتاب كبار مثل -
إبراهيم البوارشي وإسحاق الحسيني وعيسى الناعوري،إال أن النتاج األديب هلذه
الفرتة كان فرديا مل ترعه مؤسسات خمتصة.
المرحلة الثانية :ما بني ( :)1646-1641اهتمت اجلمعية العلمية -
امللكية هبذا األدب،فأصدرت عام 1644جمموعة من الكتب العلمية املستمدة من
البيئة منها "حيوانات تعيش بيننا"،كما أصدر عيسى الناعوري قصة "روما –
عمان"(.)1646ويرى املهتمون بأدب الطفل األردين بأنه بدأ فعليا مع صدور جملة
"سامر عامر" ( )1646اليت استقطبت عدة شعراء وكتاب شرعوا يف كتابة األناشيد
والقصص،ومن هنا بدأت كذلك اجملالت الثقافية الرمسية تعىن بأدب األطفال مثل جملة
"أفكار" وجملة "الشباب" ،فربزت فيها أمساء معروفة يف هذا اجملال.
المرحلة الثالثة :من عام 1646إىل ما بعدها ،ويطلق عليها "املرحلة -
الناضجة" يف أدب األطفال ،إذ نشأت عدة جمالت خاصة باألطفال ،ومن بينها جملة
"وسام" اليت ال تزال تصدر عن وزارة الثقافة،وجملة "براعم ع ّمان".وعلى غرار كثري من
البلدان العربية يرى الباحثون بأن الكتابات املوجهة للطفل يف األردن يغلب عليها طابع
الوعظ واإلرشاد وغلبة القيم الرتبوية على الفنية.وقد ساهم غياب دور نشر متخصصة
يف رفع أمثان القصص ورداءة إخراجها .
الربيع بأن االنطالقة احلقيقة ألدب الطفل يف اململكة
ويرى محمد بن عبد الرحمن ّ
العربية السعودية تعود لسنة 1616مرتبطة يف ذلك باإلنتاج الذي أصبح يوجه لألطفال يف
مطبوعات حديثة ولكتاب سعوديني.وجتلت الكتابة للطفل فعليا يف الصحافة املتخصصة،
1ينظر :حممد بن عبد الرمحن الربيع،جهود جامعة اإلمام يف جمال ثقافة الطفل وأدبه ،املوقع يوم 1114/19/11يف
الساعة 11:11صباحا http://www.alukah.net/literature_language/0/42056/.
25
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
قصة"،و"من قصص العرب"،و"من حكايات الحيوان والطيور"1وبعض القصص حول
ّ
الصحابة الكرام.
وإذا ما تطرقنا إىل أدب األطفال يف املغرب العريب ،فسنجد أن االهتمام هبذا الفن بدأ
متأخرا بسبب رزح هذه البالد حتت وطأة االستعمار لوقت طويل،عرفت فيه التخلف واجلهل
والدمار على مستويات خمتلفة .وهكذا ،فإن احلديث عن أدب األطفال يف املغرب العريب يبدأ
بعد اندحار الفرتة االستعمارية واستقالل مجيع بالده.ففي اجلزائر بدأت إرهاصات االهتمام
بأدب الطفل والكتابة له مع مجعية العلماء املسلمني اجلزائريني اليت رأى رائداها عبد احلميد بن
باديس والبشري االبراهيمي أن األمل يف األطفال والشباب،وذلك برتبيتهم تربية سليمة تقوم
على املبادئ االسالمية والثوابت الوطنية،يقول ابن باديس خماطبا هذا الشباب يف قصيدته
"شعب الجزائر مسلم" :
وبك الصباح قد اقترب يا نشء أنت رجاؤنا ----
خد للحياة سالحها ----وخض الخطوب وال تهب
ومن بني الذين برزوا يف فرتة الثالثينيات ،وكان ناشطا يف اجلمعية بكتاباته يف جملتها
"المنتقد" و"الشهاب" اللتني شارك يف إصدارمها ،محمد بن العابد الجاللي (-1661
)1694الذي أصدر ديوان "األناشيد المدرسية ألبناء وبنات المدارس الجزائرية" بتونس
عام ،21611باإلضافة إىل محمد الطاهر التليلي ( )1111-1611الذي نظم جمموعات
1ينظر :العيد جلويل،التشكيل املسيقي يف النص الشعري املوجه لألطفال،جملة األثر،جامعة قاصدي مرباح،ورقلة،عدد
،6ماي ،1166ص.146
2ينظر املرجع نفسه ،ص..161
3ينظر :مجعية الرتاث على املوقع التايل، http://www.tourath.org/ar/content/view/1746/45/ :يوم
، 1114/19/11يف الساعة 14و11د.
27
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
بقصص األطفال ،فكانت بعض اجلرائد مثل وكذلك اهتمت الصحافة
جريديت"الشعب" و"المجاهد" ختصصان صفحات لألطفال.كما صدرت بعد االستقالل
جمالت خاصة باألطفال وعلى رأسها جملة "مقيدش" اليت عرفت جناحا كبريا آنذاك ،إال أهنا
توقفت عن الصدور.كما ظهرت بعض القصص املستمدة من الرتاث الشعيب مثل "سلسلة
حكايات جزائرية " لرابح خدوسي مشلت قصصا متنوعة منها "بقرة اليتامى" و"لونجا"
و"عروس الجبال"1.وبدت جهود الدولة اجلزائرية واضحة يف التشجيع على الكتابة لألطفال،
إذ بادرت وزارة الثقافة منذ عام 1669إىل تنظيم مسابقة كل سنتني،بيد أن هذا الفن ال يزال
حيتاج كثريا من اجلهد واالجتهاد من املؤسسات الرمسية يف أدب الطفل ومن املسئولني على
القطاعات الثقافية واألدبية والفنية.
لقد بدأت بوادر أدب األطفال يف املغرب مع الشاعر عالل الفاسي ()1641-1611
الذي يعده املهتمون من جيل الريادة والتأسيس،إذ صدر له بعد وفاته ديوان "رياض األطفال"
ومعربة "،وكذلك عبد اهلل كنون الذي يعد من الرواد وقد نشر ديوان "شعر
و"أساطير مغربية ّ
األطفال" بطنجة عام .1661كما ألف علي الصقلي جمموعة دواوين موجهة لألطفال سنة
،1661برجمت فيما بعد يف املقررات الدراسية كمحفوظات مثل "ألف ...باء"،و" أنغام
طائرة"،و" من أغاني البراعم "و"مسامير ومزامير"2.وترجع تقاليد تدوين الشعر لألطفال يف
املغرب إىل اخلمسينيات،حبيث صدر عام 1611لمحمد بن محمد الربيع ديوان "المختار"،
مث أصدر بعد ذلك أمحد عبد السالم البقايل ديوان "أيّامنا الخضراء" وديوان "رسائل حب"،
3
وألف العريب بن جلون ديوان "أنغام الطفولة" عام .1664
1ينظر :مجيل محداوي ،أدب األطفال يف اجلزائر،على موقع ديوان العرب ،الراب .
، http://www.diwanalarab.com/spip.php?article19410يوم 1114/19/11يف الساعة 16سا11د.
2ينظر :مجيل محداوي،أدب األطفال يف املغرب ،اشعار وأناشيد،مدونة ديوان العرب ،املوقع :
،http://diwanalarab.com/spip.php?article18568يوم 1114/19/11يف الساعة 11و11د.
3ينظر :املوقع نفسه.
28
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
وفيما خيص الكتابات النثرية،ال سيما القصصية،فقد ظهرت مع عبد الغني التازي
بنشره قصتني "القاضي والشجرة " و"سيّدنا إسماعيل"يف سنة ، 1619مث توالت مع أحمد
قوة."1611-غري أن املختصنيالساعدي عام 1611بقصته "االتّحاد ّ بن عبد السالم ّ
يرون بأن االنطالقة احلقيقية لقصة األطفال باملغرب بدأت مع عبد الرحمان الكتاني وعبد
الحق الكتاني بنشرمها عدة قصص منها "الكيس العجيب" و"الربوة السعيدة" و"اإلخوة
الثالثة" ،إضافة إىل ما كتبه العربي بن جلّون من قصص مثل"عالم الحيوان" و"قصص تربوية
لألطفال" وسلسلة " أحكي لكم يا أطفال" .ويدرج جميل حمداوي هذه احلقبة ضمن
مرحلة التأسيس والرتسيخ (،)1661-1641اليت تليها مرحلة االزدهار واالنتعاش (-1661
،)1111واليت صدرت فيها كثري من القصص والسلسالت جملموعة من الكتاب مثل العريب بن
جلون،وأحمد أكزناي ،ومحمد الصباغ،ومصطفى رسام،وأحمد البكري السباعي،ويف
التسعينيات أحمد عبد السالم البقالي،ومحمد سعيد سوسان1وغريهم،وكانت مصادر
كتاباهتم متنوعة مستقاة من الرتاث والتاريخ،والقرآن الكرمي ومن القصص العاملية وقصص العرب
ونوادرهم.
أما عن أدب األطفال يف تونس،فشأنه شأن نظريه يف بلدان املغرب العريب مل ينتعش إال
بعد االستقالل،ال سيما مع الشاعر حسن بن شعبان،ومحمد مياشو،ومصطفى خريف،
وأحمد المختار الوزير وأبو القاسم الشابي الذي كتب جمموعة من القصائد
واألناشيد،فأصبحت مناذج رائعة لشعر األطفال مثل نشيد "المعروف".كما عرفت القصة
الطفلية يف تونس تطورا ملحوظا،ومن روادها األوائل أحمد الطيب الفقيه الذي نشر عام
1ينظر :مجيل محداوي،أدب األطفال يف تونس ،مدونة ديوان العرب ،املوقع :
،http://diwanalarab.com/spip.php?article18568يوم 1114/19/19يف الساعة 11و11د.
2ينظر:مجيل محداوي،أدب األطفال يف تونس ،املوقع نفسه.
3ينظر :مجيل محداوي،أدب األطفال يف تونس ،مدونة ديوان العرب ،املوقع :
،http://diwanalarab.com/spip.php?article18568يوم 1114/19/19يف الساعة 11و11د.
31
وتطوره
أدب األطفال ّ مدخل
ومع أن بلدان املغرب العريب استطاعت،بعد ختلصها من وطأة االستعمار،أن تعتين
بأدب األطفال بأشكاله املختلفة ،فأحرزت تقدما ال بأس به يف هذا اجملال ،إال أهنا مل تتمكن
من الرقي به إىل مصاف الدول األروبية ألسباب كثرية ومتعددة ،منها قلة االمكانيات املادية،إذ
يعمد كثري من الكتاب يف بلدان املغرب العريب على االمكانيات اخلاصة،مما ينعكس سلبا على
تلك األعمال،فتأيت يف طبعات ناقصة من الناحية اجلمالية والفنية،ناهيك عن الظروف الصعبة
اليت أصبحت متر هبا هذه البلدان،ال سيما تونس وليبيا،وهذا ما أثر بدون شك يف تطور أدب
الطفل يف هذه البلدان.
-------
إن ما خنلص إليه ،بعدما حاولنا عرض تطور أدب األطفال يف العاملني العريب والغريب،هو
ما نالحظه من قفزة نوعية هلذا األدب بعد أن كان ينظر إليه بانتقاص،وهذا راجع بالدرجة
األوىل إىل ما حققه الغرب نفسه من قفزة يف إدراكه حلركية األفكار وتطورها عرب الزمان،ومن مث
تطور كل ما يلحق هبا من علوم وآداب وثقافات.ويف رأينا لوال تلك النقلة ملا استطاع العامل
الفكاك من ذلك التقعر الفكري،ويرجع الفضل يف ذلك إىل علماء الرتبية وإىل أولئك الفالسفة
الذين فهموا بأن العامل مبين على احلراك الذي ميكن أن يشمل اجملتع،والسياسة،والدين
والثقافة.ومنذ ذلك احلني،بدأ أدب األطفال حيظى باهتمام الدارسني والباحثني يف اجلامعات
واملؤسسات األكادميية،فنشرت خبصوصه املؤلفات،وأعدت بشأنه امللتقيات والندوات.ولذلك،
سنعمل على سرب أغواره وحتديد ماهيته لنلم به أكثر،وهذا ما سنتطرق له يف الفصل األول.
30
األول
ّ الفصل
قصة الطّفل
وفن كتابة ّ
أدب األطفال :ماهيته ّ
قصة الطّفل
فن كتابة ّ
-المبحث الثاني ّ :
.1أمحد زلط ،يف أدب الطّفل املعاصر،قضاياه واجتاهاته ونقده،هبة النيل العربية للنشر والتوزيع،ط،1القاهرة،5002،ص.11
جمّلت األطفال ودورها يف تنشئة األطفال اجتماعيا،املرجع السابق،ص.11 .2حممد قر
انيا،القصة يف ّ
ّ
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
يقتصر على تلك القصص واملطبوعات اليت تنشر ليقرأها األطفال،بل يشمل كذلك ما حتكيه
األمهات واجل ّدات شفهيا من قصص تراثية أو شعبية ألطفاهلن بطريقة ممتعة تألفها آذان ّ
الصغار.فالقراءة اجلهرية لبعض القصص من قبل اآلباء أو الكبار عموما لألطفال تع ّد من التقاليد
الراسخة يف البلدان األوروبية،بل هناك بعض القصص املنشورة ينصح بقراءهتا لألطفال،ملا يفّ
ذلك من فائدة كبرية يف إمتاعهم وترقية ذوقهم.
ويشري أحمد زلط إىل مصطلحني مها أدب الطفولة وأدب الطفل،فريى فروقا يف
األول جممل أنواع األدب الذي يكتبه
مفهوميهما،إذ حيمل أدب الطفولة نفسه مفهومني :يعين ّ
الراشدون جلمهور األطفال،بينما يعين الثاين األدب الذي يكتبه الطّفل لنفسهّ .أما أدب الطّفل،
1
نتأمل هذا
ّ حينماف. فهو ما يكتبه الراشدون عن األبناء وأبناء األقارب مثل شعر التهاين وغريه
الكّلم ميكننا أن نستشف مّلحظتني مفادمها أ ّن املفهوم الثاين ال يدخل – يف رأي كثري من
الرغم من نشر تلك الكتابات يف بعض اجلرائد الدارسني -ضمن هذا النوع على ّ
اجملّلت،وكذلك املفهوم الثالث خيرج عن مفهوم أدب األطفال.
و ّ
ويعرفه أيضا هادي نعمان الهيتي بأنّه "اآلثار الفنية التي تصور أفكارا وإحساسات
ّ
وأخيلة تتفق ومدارك األطفال وتتخذ أشكال:القصة والشعر والمسرحية،والمقالة
واألغنية".2وتكاد تراعي التعاريف اليت يق ّدمها الباحثون دائما مبدأ توافق أو مّلئمة املواد املق ّدمة
مع مدركات الطّفل،وهذا راجع إىل ما جادت به الدراسات الرتبوية،ال سيما يف القرن الثامن
عشر مع الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو الذي نادى يف كتابه "إميل" بأن تتغري معاملة
ينمي مواهبه،إضافة
احلرية للطفل لكي ّ
متزمتة إىل معاملة تكون فيها ّ
الطّفل من معاملة كّلسيكية ّ
إىل آراء الفيلسوف اإلجنليزي جون لوك الذي رأى بأن يقرتن أدب الطفل بالتسلية وال ينحصر
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
أمهيتها 1.ومع ذلك ،تلّف هذا األدب كثري من اإلشكاالت يف الغرب،ومن بينها مسألة طبيعته،
كل من حاول تعريف أدب األطفال يف
أي فيما إن كان جزءا من األدب العام أو دونه مستوى.و ّ
وتطرق له من وجهة متلقيه،كما هو الشأن عند باحثينا.
الغرب إال ّ
)Nathalieبأنّه ميكن احلديث عن أدب األطفال برينس(Prince وتعترب ناتالي
الرغبة يف الكتابة،وهو
حينما يكون الطّفل هو من يتلقى العمل،أي حني يصبح الطّفل موضوع ّ
متلق خاص خيتلف عن الكبري.وانطّلقا من هذا االعتبار،ترى بأ ّن هذا األدب ظهر متأخرا ،مع
ّ
هناية القرن السابع عشر،أل ّن الطّفولة كان ال يكرتث هبا،قبل ذلك ،من الناحية االجتماعية
والرتبوية واألدبية 2.كما أ ّن األمر الذي ساهم يف والدة أدب األطفال يف الغرب هو صدور قانون
األمم املتح ّدة عام 1191الذي جاء حلماية الشباب من أثر املنشورات العنصرية،واجلنسية
واملثبطة للعزائم،األمر الذي ساعد الباحثني –إىل ح ّد ما -يف حتديد أطره وخصوصياته.
يعرف جون بيرو ( )Jean Perrotأدب األطفال كاآليت:
و ّ
« La littérature d’enfance et de jeunesse regroupe une masse floue de
textes qui ne se qualifient comme tels que dans la mesure où ils sont publiés
par un éditeur ayant choisi pour cible le public enfantin » .3
"جيمع أدب األطفال والشباب مجلة من النصوص غري الواضحة اليت ال تنعت هبذا االسم ،إالّ
إذا نشرت من قبل ناشر اختار مجهور األطفال هدفا له"( .الرتمجة لنا)
1
Voir : Roberta PEDERZOLI, La traduction de la littérature d’enfance et de jeunesse et
le dilemme du destinataire,P.L.E Peter Lang,Bruxelles,Belgique,2012,p.29.
2
Voir : Nathalie PRINCE, La littérature de jeunesse, Armand Colin, Paris 2008,p.28.
3
Cité par Pierre BRUNO, La littérature pour la jeunesse médiologie des pratiques et des
classements,Sociétés,EUD,Dijon,2010,17.
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
ويف تعريف آخر يشري إىل تلك الصعوبة يف حتديد مفهوم أدب األطفال بصفة واقعية،
فيقول:
« La seule définition réaliste d’un livre d’enfant ,aussi absurde que cela
semble, est la suivante :c’est un livre qui apparaît dans le catalogue d’un
éditeur pour la jeunesse ».1
حىت وإن بدا عبثيا،هو كتاب يظهر يف قائمة
"إ ّن التعريف الواقعي الوحيد لكتاب الطفلّ ،
ناشر للشباب"(.الرتمجة لنا)
ويتّضح لنا،من التعريفني اللذين جاء هبما جون بيرو ،ذلك التعقيد وتلك الصعوبة يف حتديد
كلما تعلّق األمر بتحديد
تعريف جامع مانع ألدب األطفال،ولذلك يبدي الباحثون حت ّفظا ّ
املفاهيم،وهو ما بدا واضحا يف هذين التعريفني نظرا للغموض الذي يكتنف هذا اللون
األديب.ويبقى املعيار الوحيد الذي يعتمد عليه هو خاصيّة الناشر لألطفال،فإن ورد الكتاب
ضمن قائمة كتب األطفال لدى الناشر كان التمييز إذا واضحا.
وملا نشر مارك سوريانو( )Marc Sorianoكتابه حتت عنوان "دليل األدب الطفلي"
ّ
( )Guide de la littérature enfantineعام ،1121قام بتنقيحه وإعادة نشره عام 1172
حتت عنوان "دليل أدب الشباب" (، 2)Guide de la littérature de jeunesseوهذا ما ّ
يدل
على أ ّن التسمية املتداولة اليوم بكثرة يف فرنسا هي "أدب الشباب" ألغراض جتارية وتصنيفية.
1
Cité par Christian Poslaniec, se former à la littérature de jeunesse, Hachette Education,
Paris, 2008, p.17.
2
Voir : Pierre BRUNO,Op Cit, p.20.
3
Ibid, p.29.
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
1
Voir : Roberta PEDERZOLI, Op Cit, p.30.
2
LAROUSSE ,Dictionnaire de français en ligne :
http://www.larousse.fr/dictionnaires/francais/enfance/29436
3
Nathalie Prince, La littérature de jeunesse, pour une théorie littéraire,Armand Colin
,Paris,2010,p.14.
4
Cité par Grace Mitri Younes, La traduction de la littérature de jeunesse, une recréation à
l’image de ses récepteurs, Harmattan, Paris,2014,p.14
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
يؤدي بالدارسني إىل التأكيد على أنّه أدب ثنائي االنتماء :فمن جهة ينتمي إىل النظام األديب
ومن جهة أخرى إىل النظام الرتبوي.
واستنادا إىل ما عرضناه من آراء ومفاهيم ملختلف الباحثني العرب والغربيني،خنلص إىل
أ ّن التعويل على ما جاء به هؤالء الباحثون يدفعنا إىل مزيد من البحث يف كنه هذا النوع األديب،
كي تزداد األمور لدينا وضوحا.وهلذا سنحاول البحث يف خصائصه ،اليت تتجلّى منها معامل هذا
الفن وأطره.
2-1خصائص أدب األطفال :
إن احلديث عن خصائص أدب األطفال ال يقل تعقيدا عن حتديد مفهومه،وقد ال يكون
لكل من حاول أن يلج البحث يف هذا الباب،وإن كان األمر يبدو لبعض
األمر يف غاية السهولة ّ
بسيطا بساطة أدب األطفال.ومع ذلك سنحاول أن حن ّدد بعض اخلصائص اليت متيّز هذا
األدب.وليكن هذا التعريف ،الذي ق ّدمه ماك دويل ( )McDowellحول كتب األطفالّ ،
ممهدا
هلذا العنصر،ما دام أنّه بىن مفهومه من اخلصائص اليت متتاز هبا.
They are generally shorter ; they tend to favour an active rather than
a passive treatment ,with dialogue and incident rather than description and
introspection, child protagonists are the rule, conventions are much
used,they tend to be optimistic rather than depressive, language is child
oriented, plots are of a distinctive order ,probability is often discarded and
one could go on endlessly talking of magic and fantasy and simplicity and
1
"adventure
" تكون هذه الكتب قصرية عادة،ومتيل إىل تفضيل معاجلة حيوية على معاجلة سلبية،
باحلوار واحلدث عوضا عن الوصف واالستبطان ،فأبطال الطفل هم القاعدة،واملواضعات كثرية
االستعمال تنشد إىل التفاؤلية عوضا عن االهنزامية،ولغتها توجيهية للطّفل،وحبكتها تسري وفق
1
Cité par Gabriel Thomson-wohlgemuth, Children’s literature and its translation. An
overview, university of Surrey, UK, September 2008 ,p.6.
34
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
تسلسل مميّز،واالحتمالية فيها منبوذة غالبا،وبإمكان الفرد أن ميضي بعيدا يف احلديث عن السحر
واخليال والبساطة واملغامرة " (الرتمجة لنا)
املوجه للكبار،وأ ّن
املوجه لألطفال هو غري الكتاب ّ
يتبني من هذا التعريف بأ ّن الكتاب ّ
و ّ
املوجه للكبار،وإن كان هذا الطرح يفرز كثريا من املوجه للصغار هو ليس األدب ّاألدب ّ
اجلدل،إذ حيتمل أدب األطفال وجود متلق ثان مفرتض (كبري) ،وليكن الوالدان ما دام أ ّهنما من
يشرتيان الكتاب.ومع ذلك،ال ميكن إنكار ذلك االختّلف املوجود بني النوعني سواء على
مستوى الشكل أو املضمون.
فعلى مستوى الشكل تراعى بعض االعتبارات الفنّية اليت ترتبط بنوع الوسيط أو احلامل
هلذا النتاج مثل مقاسات احلروف،والرسوم والصور،واأللوان ،والغّلف.ومن ناحية املضمون تراعى
حسية املعاين ليتمكن الطّفل من إدراكها.
فيه بساطة الفكرة،اليت يكون هلا مغزى وهدف تربوي،و ّ
ولذلك،نرى من األمهية مبكان أن نعرض بعض اخلصائص املميّزة هلذا األدب.
:1-5-1أدب متعدد األصوات (: )Littérature polyphonique
يرى املختصون بأن أدب األطفال هو أدب متع ّدد األصوات،يشمل صوت
املؤلّف،وصوت القارئ بصوت مرتفع،وصوت القارئ-املستمع -املشاهد،وميكن أن يضاف إليها
1
املختصني.
صوت رابع،أال وهو صوت الناشر ،الذي ال يستهان بدوره بإمجاع كل الباحثني و ّ
وهكذا،فإ ّن ما مييّز هذا األدب هو تع ّدد متلقيه (قارئيه) وازدواجية مؤلّفه،إذا ما أخذنا بعني
يبني بأ ّن هذا األدب ليس
االعتبار الفنان الذي يسهر على وضع الرسومات والصور،وهذا ما ّ
صامتا،كما يبدو لكثري من الناس،بل يشمل نوعني من املتلقني:متلق أصلي (وهو املستمع
خنص بالذكر تلك الفئة العمرية الصغرية ذات الثّلث سنوات مثّل ،ومتلق وسيط
املشاهد)،وهنا ّ
1
Voir Nathalie PRINCE , La littérature de jeunesse en question, Op Cit,p.11.
34
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
يقوم باقتناء الكتاب وقراءته للطفل بصوت مرتفع،وهو األمر الذي جيعل ناتالي برينس تستذكر
إزاء هذه املفارقة قول ماتيو لوتورنو(" : )Mathieu Letourneuxيقرأ عن طريق األذن".1
السمة نفسها اليت تراها األستاذة روبيرتا بيدرزولي خبصوص متلقي أدب
وهي املفارقة أو ّ
األطفال املزدوج،فأحدمها ظاهر واآلخر متوار يلعب دور الوسيط الذي بإمكانه أن يصبح قارئا
الصريح أو مينعه وحيجبه بصفة مطلقة،فيمثّل بذلك دور الرقيب والوسيط يف
للكتاب باملعىن ّ
الوقت ذاته.وهذا ما يزيد من حيطة الكاتب أو املرسل الذي يضع – حسب الباحث جاك زيب
األول املتمثّل يف املؤلّف/العون/الناشر ،مث الثّلثي الثاين
( -)Jack Zipesنصب عينيه الثّلثي ّ
املتمثّل يف املعلّم/املكتيب/الويل ويأيت يف آخر املطاف الطّفل.وهذا ما يعتربه الباحث األملاين
موجها إىل الوسطاء كذلك .2فالعناصر صنو
إيورس هانز -هينو( )Ewers Hans-Heinoأدبا ّ
تتوجه للوسيط والطّفل ختتلف،فمثّل اإلشارة يف
النصية ( )Eléments paratextuelsاليت ّ ّ
صفحة الغّلف اخللفي إىل أ ّن الكتاب قد ح ّقق مبيعات كبرية أو أحرز على جائزة ،فهي تعين
بالدرجة األوىل الوسيط وليس الطّفل،بينما اختيار صورة مجيلة وج ّذابة للغّلف األمامي تلفت،
3
املوجهة لألطفال تقع بني أيدي ّ الكتب ن
ّ فإ ، ة عام
ّ وبصفة . ال حمالة ،انتباه الطّفل وتش ّده إليها
املتلقي الكبري قبل املتلقي الصغري،وهذا ما جيعل البحث يف هذه العّلقة أكثر امتاعا وفهما للواقع
الذي ميثّله هذا اجلنس األديب املتميّز بعدم انسجام ّقرائه.
: 2-2-1ازدواجية االنتماء:
إ ّن ما مييّز أدب األطفال كذلك هو انتماؤه إىل نظامني،أحدمها أديب واآلخر تربوي،وما
وضعت القصص اليت تروى على لسان احليوانات والطيور ّإال لرتبية الطّفل وتعليمه.فإىل جانب
النظام األديب الذي يتمثّل يف األسلوب والشعرية واجلمالية،حياول هذا األدب أن ينقل معلومات
1
Voir Op Cit,P 11.
2
Voir : Roberta PEDERZOLI,Op Cit,p.40.
3
Idem.
34
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
ومعارف وخربات هلؤالء األطفال.فالقصص اليت ترد على ألسنة احليوانات والطيور تشتمل على
ليجسد
مفاهيم ومبادئ أخّلقية،وهي تسعى إىل التعليم بطريقة غري مباشرة،كمن يوظّف الثعلب ّ
به رمز أو فكرة اخلديعة واملكر.1وقد ورد بشكل واضح هذا اهلدف يف القصص األجنبية -يف
1
ينظر موفق رياض مقدادي،املرجع السابق ص .34-34
2
Voir : Nathalie PRINCE,La littérature de jeunesse,Op Cit,pp31-32..
3
Voir : Roberta PEDERZOLI ,Op Cit,pp 32-34..
4
Voir :Pierre BRUNO ,Op Cit,pp. 115-119.
5
Voir :Nathalie PRINCE,La littérature de jeunesse,Op Cit,pp31-32..
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
ينمي هبا
جيهز الطّفل بأدوات ّ
وإن مل خيل من الرتويح والرتفيه،ويرى بأ ّن الناشر هو مرب ّ
شخصيته وقدراته.
خيص النظام األديب ألدب األطفال ،يرى الباحثون بأنّه مستقل عن النظام األديب
وفيما ّ
خاصة ،فيذهب مع هذا الطرح املختصوتوجهات ّ املوجه للكبار،وحياولون االعرتاف له بسمات ّ
ّ
بيتر هانت(،)Peter Huntالذي ينادي إىل اعتبار كتب األطفال مدونة ّ
خاصة ونظاما مستقّل
عن األدب العام،بيد أ ّن الباحثة الفرنسية إيزابيل نييرس-شوفريل ختتلف معه يف هذا الطّرح من
وجهة واحدة،وهي أ ّن أدب األطفال يكاد يوظّف األدوات نفسها اليت يستعملها األدب العام،
خاصة به،وهو-يف رأيها -يندرج يف خانة األدب العام من جهة
ولكن وفق تزامنية وقيم معنوية ّ
اخلاصة به من جهة أخرى .1وجيدر بنا أن نشري إىل
ّ واخلانة اليت أوجدها لنفسه داخل تقاليده
نقطة أساسية تتمثّل يف تع ّذر عزل الرتبوي عن األديب ال سيما يف كتب األطفال،إذ يؤّكد
مقومات النوعية،سواء على
الباحثون أنّه أينما حلّت الرتبية ارتبطت هبا اجلمالية اليت هي من ّ
يتكون الطّفل مجاليا وأخّلقيا واجتماعيا"2.وهو األمر
مستوى الصورة أو النص،وهبذه النوعية " ّ
الذي أ ّكده الناشر الفرنسي بيير جول-هيتزل يف القرن التاسع عشر يف العدد ّ
األول من جملّة
الرتبية والرتفيه ) ( Magasin d’éducation et de récréationقائّل :
« Education, récréation sont à nos yeux deux termes qui se
rejoignent. L’instructif doit se présenter sous une forme qui
provoque l’intérêt : sans cela il rebute et dégoute de
l’instruction ;l’amusant doit cacher une réalité morale, c'est-à-dire
utile ,sans cela il passe au futile, et vide les têtes au lieu de les
remplir »3
1
Voir :Christian POSLANIEC,Op Cit,p.72.
2
Ibidem.
3
Cité par Sungyup LEE , Le rapport texte/image dans la traduction des albums pour
enfants, Université Paris III-Sorbonne Nouvelle, Paris,Soutenue en 2010,p.55.
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
"يف نظرنا ،إ ّن الرتبية والرتفية مصطلحان ينسجمان مع بعضهما بعض ،فالتعليمي جيب
أن يقدم يف قالب يثري االهتمام ،وبدون ذلك ،يتعثّر التعليم ويصبح حمبطاّ .أما الرتفيهي ،فيجب
أن خيفي حقيقة أخّلقية ،أي أن يكون مفيدا،وبدون ذلك يصبح عبثا،ويفرغ العقول بدال من أن
ميألها "(.الرتمجة لنا)
وهكذا،فإ ّن قناعة الكتاّب والناشرين على ح ّد سواء وصلت إىل اعتبار أ ّن األدب
يتم تقدميها
املوجه لألطفال ال يقتصر فقط على تلقني املبادئ واألخّلق بصفة جافّة ومملّة ،وإمنّا ّ
ّ
يف شكل يبعث على قبوهلا بارتياح وفرح،أل ّن األمر جتاوز تلك اجلدلية القائمة اليت ترتاوح بني
التعليم أم الرتويح أو العكس؟ ولكن األهم هو تعليم املتعة،وتربية األطفال على اكتساب الذوق
فين ومجايل
واملتعة اجلمالية،ليكون تكوين الطّفل تكوينا منسجما بني ما هو تربوي وما هو ّ
بواسطة التعليم الرتوحيي.
:3-2-1الصورة والرسم :
تش ّكل الرسومات والصور يف كتب األطفال أمهيّة بالغة،وال ميكن التغافل عنها إطّلقا
حني احلديث عن خصائص هذا النتاج األديب.فالصورة مرتبطة بأدب األطفال منذ بداياته ،وهي
ملختصة ناتالي برينس
املوجهة هلذه الفئة،وذلك راجع – يف رأي ا ّ
كل الكتب ّ
حاضرة تقريبا يف ّ
التعرف عليها بدون احلاجة إىل تعلّم خاص ،أي ،ال تتطلب
إىل سببني يتمثّلن يف :سهولة ّ
حصتها الكبرية
كفاءة ما،مث إ ّن الصورة متتاز بالشمولية ( )Universalitéأكثر من النص وتأخذ ّ
يف السرد أحيانا.1
وتعمل الصورة يف أدب األطفال على مصاحبة النص ومرافقته،فهي تعيد ما قاله النص
سن التمدرس،وال يعرفون
املوجهة ألولئك األطفال الذين هم يف غري ّ
بصريا،ال سيما يف الكتب ّ
1
Voir : Nathalie PRINCE, La littérature de jeunesse, Op Cit,pp.166-167.
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
امللون والكتاب املخطوط ،أوالكتاب املرئي والكتاب املقروء .فالصورة عبارة عن
النص،أو الكتاب ّ
1
حرية ال مينحها له النص.
سرد يف غياب السرد،جيد الطّفل فيها ّ
كما أ ّن الصورة تعمل على تكرار ما هو خمطوط،وهذه من اخلصائص اليت تشري إليها
يف تصنيفها لتلك ()Sophie Van Der Linden الناقدة الفرنسية صوفي فان دير ليندن
املسماة بالتكرار (،)La redondanceيظهر
العّلقة اليت تربط املرئي باملكتوب،ففي هذه احلالة ّ
ما هو مكتوب على فضاء الصورة سواء بصفة كلّية أو جزئية،إضافة إىل ميزة التكامل (La
الصفة
) complémentaritéبينهما يف تقدمي املعىن ،أي أ ّهنما يشرتكان يف التوضيح واإلفهام.أما ّ
الثالثة وهي االنفصال (،) La dissociationفهنا تكون العّلقة بني الصورة والنص ضيّقة قد
تصل إىل االختّلف،2إالّ أ ّن هذه العّلقة نادرا ما جندها يف مثل هذه الكتب،أل ّن الصورة يف
القصة نفسها،ما دام أ ّن
القصة للطفل،بل وتكون أحيانا هي ّ
الغالب تعمل على إيصال عناصر ّ
هناك قصصا عبارة عن صور من دون نص.
: 4-2-1الحوار والشفهية :
نتطرق إىل خصائص أدب األطفال ،فإنّنا سنّلحظ من دون شك بساطة اللّغة حينما ّ
واألساليب اليت يوظّفها،مع توظيف اسرتاتيجية احلوار واللّغة الشفهية أحيانا،وذلك ليس باألمر
عامة -تنتمي مثل غريها
القصة – بصفة ّ
الغريب يف هذا اجملال،أل ّن الباحثني واملختصني يرون أ ّن ّ
يسمى باألدب الشفوي،الذي هو يف ح ّد ذاته تعبري شامل عن
من أشكال التعبري الشعيب إىل ما ّ
فئة اجتماعية أو جمموعة،متّخذا مناذج عديدة منها القصصي والشعري والدرامي ،3وعادة ما
1
Voir :Nathalie PRINCE,La littérature de jeunesse en questions ,Op Cit ,pp14-16.
2
Voir :Sophie Vander Linden, L’album, le texte et l’image, Cairn n°162,2008/2 :
http://www.cairn.info/revue-le-francais-aujourd-hui-2008-2-page-51.htm
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
وخيص بالذكر
ّ ويناقش كذلك األديب التونسي محمد العروسي المطوي هذه القضية
توظيف العامية يف أدب األطفال،فيقول " :إنّين سوف لن أناقش دعاة الكتابة باللّهجات أل ّن
تلك ال ّدعوة ختطّاها الزمن وأصبحت غري ذات موضوع ( )...ولكنّين أثرت هذه النقطة للبحث
توخيها يف كتابة أدب األطفال العريب على أوسع امتداد
عن اللّغة الطّفلية املشرتكة اليت ينبغي لنا ّ
لألقطار العربية،وإذا كانت هذه اللّغة املدعو إليها توجب اختيار األلفاظ األقرب إىل الطّفل من
ناحية واأللصق بالفصحى من ناحية ثانية،فإ ّن هلجاتنا اليومية قد تتباعد يف الكثري من الكلمات
املستعملة ممّا يوجب املوضوعية يف اختيار الكلمات املناسبة واألكثر انتشارا واألقرب إىل
الفصحى". 1ويكاد حيصل االمجاع على هذا الرأي،إذ يرى موفق رياض مقدادي ما يراه أحمد
1
الوجه لألطفال يف اجلزائر،جملّة األثر،عدد ،1ماي ،5009جامعة
نقّل عن العيد جلويل،اللغة يف اخلطاب السردي ّ
ورقلة،ص.51
2
ينظر :موفق رياض مقدادي ،املرجع السابق،ص.11
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
القراء
والفّلحني الكلمة بطريقتهم ولكنتهم،فذلك من أجل رسم تلك املسافة بني الشخصيات و ّ
بصفتهم متعلّمني وبرجوازيني . 1
وخيتلف اهلدف من توظيف ذلك يف أدب األطفال،إذ تعترب إيفان شنوف (Yvanne
التغريات على مستوى أصوات احلكي وتدخلهم يف
) CHENNOUFأ ّن األطفال تش ّدهم تلك ّ
صلب احلكاية،فالتغيري مثّل على مستوى اللّهجة والنّربة،وحماكاة األصوات،له وظائف عديدة
عامة فإ ّن التجلّيات الشفوية
تعرف على العّلقات بني الشخصيات،وبصفة ّ
منها لفت االنتباه وال ّ
يف القصص تنبئ عن بيئة احلوادث،بضجيجها،وإيقاعها وأنفاسها،وعن صعوبة البحث عن
2
التوافق.
ويتميّز أدب األطفال حسب نتالي برينس بإمكانية إعادة احلكي شفويا،فما هو
تسميه بـ"الشفهية والترداد" (Oralité et
مرات عديدة،وهذا ما ّ
مكتوب ميكن أن يروى ّ
).réitérationكما ميكن للقارئ ،وهو يقرأ ،أن يع ّقب ويندهش،فالطفل ليس جامدا،فهو خيلق
(Oralité et تسميها "الشفهية واإلعادة"
نصا شفهيا على النص املكتوب،وهذه اخلاصية ّ ّ
3
(La تتجلى اللّغة الشفهية يف احلوار الذي يساعد على القرائية
ّ ما عادةو ).redoublement
عامة يف القصص األجنبية
) lisibilitéوإظهار طبيعة العّلقة بني الشخصيات.ويع ّد ما نّلحظه ّ
املوجهة لألطفال تناوبا بني اإلسرتاتيجيتني:السرد واحلوار،فتظهر خمتلف عّلمات الشفهية من
ّ
وسجّلت لغوية يف احلوار،بينما يكون السرد باللّغة الفصيحة.
ّ مفردات عامية وحماكاة لألصوات
1
.Voir Thomas BUCKLEY,Oralité, Distance et Universalité, in Oralité et Traduction,
Collection traductologie, Artois Presse Université,2000,p.p 269-270
2
.Voir :Yvanne CHENNOUF ,La place de l’oralité dans les textes, le bruit des livres ,le
bruit des pages, Article en ligne, le lien :
http://www.lireetfairelire.org/sites/default/files/chenoufplace_de_loralite_dans_les_textes.pdf
3
.Voir : Nathalie PRINCE, La littérature de jeunesse,Op Cit,p.p. 156-158.
34
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
1
.Cité par Nathalie PRINCE, La littérature de Jeunesse, Op Cit,p.153.
2
.Voir : Pierre BRUNO, Op Cit,p.129.
3ينظر أمحد زلط،املرجع السابق،ص.ص .102-109
34
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
1
.Voir :Denise Escarpit, La lisibilité du livre d’enfance et de jeunesse, in La littérature
pour la jeunesse, Rennes :CDRP,1980,p.p.57-58.
2
.Ibidem.
34
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
ذلك يقول موفق رياض مقدادي " إ ّن من مجاليات اللّغة يف حكايات األطفال استعمال
أسلوب التكرار،ألنّه من األساليب اللّغوية احملبّبة عند األطفال.كما أ ّن له هدفا تعليميا يتمثّل يف
تأكيد املعلومة يف ذهن الطّفل من خّلل إعادهتا "1.ويرتبط التكرار كذلك ،باإليقاع والشعر،
أل ّن اكتساب اللّغة لدى الطّفل هو عبارة عن جتربة شعرية تنطوي على اللّعب باألصوات
2
والتعابري اجملازية.
املوجه للطّفل تتمثل ّأوال يف اكتساب اللّغة واملفردات
و للتكرار وظائف عديدة يف األدب ّ
اجلديدة،إذ تشري الدراسات إىل أ ّن الطفل يستعمل مقاطع كّلمية يسجلّها بفعل التكرار يف
الذاكرة قصرية املدى ّأوال ،مثّ يف الذاكرة طويلة املدى ثانيا.كما يعمل التكرار على ادخال الطّفل
السرد،و يعطيه حافزا ملتابعة قراءته.
يف ّ
-2المبحث الثاني :فن كتابة قصص األطفال :
مر األزمنة والعصور،ملا حتمله من جتارب وخربات
القصة عموما باهتمام بالغ على ّ
حظيت ّ
فين وخيايل جذاّب،وهي تروم بذلك تقدمي صور عن احلياة ومشكّلهتا.ويعترب جابريف قالب ّ
القصة " فنّا صعبا ال يربع فيه سوى األكفاء من الكتّاب القادرين على اقتناص
فن ّ عصفور ّ
للتأمل الذي يكشف عن كثافتها
اللحظات العابرة قبل انزالقها على سطوح الذاكرة،وتثبيتها ّ
3
املشعة يف أكثر من اجتاه ".
الشاعرية بقدر ما يكشف عن دالالهتا ّ
املوجهة للطّفل أكثر حساسية القصة ّ
ّ القصة عموما كذلك،فإ ّن
ّ وإذا كانت
وصعوبة،أل ّهنا تستدعي من الكاتب اجناز ذلك بكلمات خمتصرة،يستم ّدها من معجم الطّفل
القصة يف املقام األول يف األدب املق ّدم
قصة مناسبة لعامل الطفولة.وتأيت ّ
احملدود،للوصول إىل بناء ّ
القصة
مستوحاة من أجناس أدبية أخرى،أو مقتبسة من الرتاث الشعيب االنساين.وتتداخل يف بناء ّ
شبكة مع ّقدة من املكونات أبرزها-على سبيل التبسيط -احلبكة والزمان واملكان والشخصيات
واألحداث والفكرة والعقدة وحلّها،إىل جانب احلوار والوصف والتوقيت والتشويق وتباين
قصة الطفل قد تبدو ( )...غري خمتلفة يف تركيبتها وأشكاهلا
األساليب ومستويات السرد()...إ ّن ّ
العامة،واملعرفة الدقيقة خلصائص الطفولة
قصة الراشدّ .إال أ ّن املقاربة املتأنية ملستوياهتا البنائية ّ
عن ّ
1
اخلاصة".
جيعّلن منها إبداعا متميّزا بـ"أدبيته " ّ
القصة
املوجهة للطّفل ال ختتلف عن ّ القصة ّ
ونستخلص من التعريفني السابقني بأ ّن ّ
املوجهة للكبار إال يف بعض االعتبارات املتمثّلة يف املستوى العمري،واإلدراكي والنفسي للطّفل،
ّ
تتضمنها،وهي تراعي إمجاال خصائصوما متتاز به من مواقف تربوية وهتذيبية بفضل القيم اليت ّ
القصة من األلوان األدبية الطفولة،وهذا ما يفرز حسب محمد مشبال " أدبيتها " ّ
اخلاصة.وتع ّد ّ
ألهنا من أحب األشكال الفنية إليهم،ملا حتمله من عناصر درامية
اليت يقبل عليها األطفال بكثرةّ ،
شيّقة،جتعلهم حيلّقون خبياهلم يف آفاق بعيدة،فيلتقون شخصيات عديدة منها األقزام واحليوانات
وغريها.
متنوعة من األدب القصصي الشفهي ّ ويعرفها أحمد زلط ّ
بأهنا "أمناط ّ
واملكتوب،وتشمل":احلواديت"،واحلكايات بأنواعها،والقصص بأنواعها،فهي فنون قد ترويها
األمهات أو يكتبها قاصون،بالتأليف املناسب ملراحل الطفولة املتدرجة،أو يتم اسرتفادها
اجلدات و ّ
من املوروث األديب على لسان احليوان تارة،ومهذبة عن حكايات تراثية -مثل ألف ليلة وليلة -
2
يتبني لنا أ ّن قصص األطفال تستوحي موضوعاهتا من الرتاث األديب،سواء على
تارة أخرى" .و ّ
لسان احليوان أو من قصص تراثية معروفة،ويف بعض األحيان تستمد مباشرة من الواقع،وهذا ما
1
قصة األطفال،املرجع السابق،ص ص .19-11
نقّل عن حممد قرانيا،جتليات ّ
2أمحد زلط معجم الطفولة ،املرجع السابق،ص .21
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
1
،ويكون شخصيته.
-تقوده إىل االقتداء بالبطل،فيجد الطرق املناسبة حلل نزاعاته ّ
القصة الناجحة وقد أظهر نجيب كيّلني قيمة ّ
القصة عند الطّفل ومدى تأثريها فيه،ف ّ
،وتنمي
تزوده باخلربات الثقافية،والوجدانية،والنفسية والسلوكية وتفتح له اآلفاق،فتثري خياله ّّ
2
القصة ذات أمهية بالغة على مجيع األصعدة،ال سيما حينما يراعي
مهاراته وإبداعاته .وهكذا،فإ ّن ّ
مقومات كتابتها املرتبطة،إمجاال،باحلالة النفسية والوجدانية للطّفل يف مراحل عمره
مؤلّفوها ّ
املختلفة.
: 1-5عناصر كتابة قصة األطفال :
ومقومات،حبيث ال ميكنه أن يستقيم ّإال
فين حتكمه ضوابط ّ إ ّن ك ّل عمل أديب أو ّ
القصة ّإال منوذج من
املقومات يكون احلكم عليه وعلى قيمته.وما ّ
بتوفّرها.وانطّلقا من هذه ّ
النماذج والفنون األدبية اليت ال تكتسب قيمتها مبعزل عن أسس بنائها وتشكيلها.وجيمع
القصة لألطفال هي نفسها اليت توظف يف الكتابة للكبار،ويكمن الفرق يف
الباحثون بأ ّن قواعد ّ
القصة الناجحة هي اليت تتضمن
التبسيط والتوضيح واالبتعاد عن التعقيد.ويعترب حممد قرانيا أ ّن ّ
عنصر التشويق،وحيسن كتّاهبا استخدام العناصر الفنية،اليت تستجيب للخصائص الذهنية
3
القصة الطّفلية فيما يأيت :الفكرة
ّ عناصر املختصون وجيمل والنفسية اليت يتميّز هبا األطفال.
واملوضوع،واحلبكة ،واحلدث ،والشخصيات ،والبيئة واألسلوب.
: 1-1-5الموضوع والفكرة :
القصة،وهناك من يع ّده عمودها الفقري.
ميثّل املوضوع الفكرة األساسية اليت تبىن عليها ّ
وينبغي أن تتضمن الفكرة األمور األساسية اليت هتدف إليها يف تربية الطفل،مع إثارة انتباهه
1
Voir Corinne BLOUIN et Christine LANDEL,L’importance du conte dans une
situation pédagogique, revue EMPAN,n°100,2005/4.Le lien : https://www.cairn.info/revue-
empan-2015-4-page-183.htm
2ينظر :حممد مرتاض ،املرجع السابق ،ص .191
3ينظر :أمل محدي دكاك ،املرجع السابق ،ص.21
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
وجلب اهتمامه يف الوقت نفسه،كما أنّه من الضروري أن تتّسم الفكرة بالصدق الذي يرتك أثره
1
القصة من التجارب اليت عاشها
املادة األولية ملوضوع ّ
وتتكون ّ
ّ يف الطّفل أثناء قراءهتا أو مساعها.
تعرض هلا أو من ثقافته ومعارفه،أو من التاريخ
الكاتب،أو الشخصيات اليت عرفها،واملواقف اليت ّ
املوجهة لألطفال ينبغي أن يدور حول والوثائق.وترى أمل حمدي دكاك بأ ّن موضوع ّ
القصة ّ
موضوعات العامل اخلارجي كاحلق والواجب،أل ّن الطّفل قادر على فهم املعلومات اليت تدور
حب استطّلعه لبيئته واإلجابة عن كثري من األسئلة اليت تدور يف ذهنه2.ويش ّكل
حوهلا ،فيزداد ّ
أي عمل قصصي،ال سيما حني تراعى حسن اختيار املوضوع والفكرة اخلطوة األوىل يف جناح ّ
املرحلة العمرية وما تتميّز به من خصائص نفسية،وعاطفية وعقلية.ولذلك،يرى بعض الباحثني
وتتلخص فيما يأيت :
بأ ّن للفكرة شروطا ال بد من مراعاهتا أثناء الكتابة للطفل ّ
-أن تكون ذات قيمة مفيدة .
-أن تكون مناسبة ملدارك األطفال وترتبط حبياهتم وعواطفهم.
-أن ختلو من املثالية الشديدة حىت ال تصدم الطّفل إذا رآها تتناقض مع الواقع.
3
الشر،ومن موضوعات القسوة والعنف.
-وأن ختلو من تزيني ّ
صة األطفال هي ذات أهداف تدخل هذه الشروط ضمن حسن االختيار،أل ّن ق ّ
وغايات،ومن هنا وجب حتديد الفكرة واالبتعاد فيها عن التلميح الذي يثري الغموض عند الطّفل
فّل يفهم.
: 2-3-2الحبكة :
القصة،
بعد اختيار املوضوع والفكرة،يشرع الكاتب يف صنع احلوادث اليت تش ّكل ّ
فيجعلها مرتابطة ومتسلسلة لتصل إىل هناية منطقية.وتعين احلبكة بصيغة أخرى "الذروة اليت
القصة من حيث تعقيدها مثّ تدرجها يف احلل،وهي عبارة عن مشكلة تربز يف
تبلغها األحداث يف ّ
1
القصة ".
وحتل يف هناية ّ
القصة باجتاه تكوين العقدة ّ
حل،وتسري ّ
القصة وحتتاج إىل ّ
جمرى أحداث ّ
قصصي،ألهنا مبثابة اخليط الذي تنسج عليه
ّ أي عمل وفعاال يف ّمهما ّوتع ّد احلبكة عنصرا ّ
حوادث القصة وجتعل الطّفل يتوق ملتابعة قراءهتا.فاحلبكة اجليّدة – يف رأي املختصني -هي اليت
القصة وشخصياهتا ارتباطا
تنسج بعناية ودقّة ومهارة،وتتوفر على ع ّدة مسات مثل ارتباط حوادث ّ
2
القصة.
منطقيا إىل أن تنتهي إىل عقدة تشعر الطّفل القارئ بالرضا،وهو يتتبّع حلّها إل هناية ّ
وحىت حت ّقق احلبكة الغاية املرجوة يف قصص األطفال ،جيب أن تكون بسيطة وبعيدة عن التعقيد
ّ
غري املناسب ،لكي تكون مفهومة لدى القارئ الصغري،فتبدأ عادة مبق ّدمة تكون موجزة ومبيّنة ملا
سيأيت بعدها من حوادث متسلسلة منطقيا.
ويرى الباحثون بأ ّن احتواء احلبكة يف قصص األطفال على مشكلة واحدة،يرجع مرّده إىل
قلّة اإلدراك عند الطّفل،حبيث يصعب عليه متابعة أكثر من مشكلة يف العمل الواحد،كما ال
ميلك خربات سابقة متكنّه من تتبع ذلك التعقيد وفهمه 3.وهكذا ،فإ ّن للحبكة اجليّدة مسات
تتمثل فيما يأيت :
-الرتابط بني احلوادث والشخصيات .
-ختطيط احلوادث والوصول إىل ذروة احلدث الدرامي،مث إىل هناية مفرحة للعمل
القصصي.
-وضع احلوادث وصنعها بدقّة،حىت تكون مناسبة للحدث الرئيسي الذي تبىن
القصة.
عليه ّ
-جعل احلبكة الفنية قابلة للتصديق وحتمل احلقيقة،ال الكذب واخلرافات
واخلداع،وتكون أصيلة معقولة وغري تافهة.
القصة،أل ّهنا قد حتمل داللة
-جيب أن تكون احلوادث مناسبة للشخصية املركزية يف ّ
خاصة للطّفل.
ّ
-جيب أن يكون تسلسل احلوادث قريبا من خربات الطفل وآماله وتطلعاته.
1
تشوش ذهن الطّفل وينفر من القراءة.
القصة حىت ال ّ
-جيب ّأال تتع ّدد عقد ّ
: 2-3-3الشخصيات :
يقصد بالشخصيات الكائنات اليت تدور حوهلا احلوادث،وتش ّكل شخصية البطل العنصر
القصة،تعمل الشخصيات جمتمعة. القصة.وإلبراز الفكرة اليت من أجلها وضعت ّ األساسي يف ّ
وإذا كانت الفكرة تشبّه بالنسيج،فإ ّن الشخصيات وبقية العناصر تع ّد مبثابة خيوط ذلك النسيج
2
قصة الطّفل أن تكون طبيعية وقريبة من بيئة
ّ يف الشخصية على وينبغي يف عّلقة بعضها ببعض.
فيتقمصها
القصة وأفكارها حىت يكون أثرها فيه إجيابياّ ،
الطّفل احمللية،ومتوافقة مع حوادث ّ
القصة،فتبدو
تتطور مع حوادث ّ القصة نوعان:نامية ّ :
وجدانيا ويتمثّل سلوكها.والشخصيات يف ّ
حقيقية مفعمة باحلياة،وهنا تكمن براعة الكاتب يف جعلها كذلك حىت تظهر طبيعية،وأخرى
القصة،وهذا هو حال الشخصيات يف القصصتتغري مع جمريات حوادث ّ ثابتة،وهي اليت ال ّ
3
مرة.
كل ّ
املوجهة لألطفال لقصرها،وهلذا ال حتتمل شخصياهتا التغيري يف ّ
ّ
34
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
وقد تتّخذ الشخصية أشكاال عديدة،حبيث ميكن أن تكون حقيقية أو رمزيه قريبة من
قصة شخصيات عديدة جنملها فيما
احلقيقة،كما قد تكون إنسانا أو حيوانا أو نباتا.وتتضمن ال ّ
يأيت :
قصة الطّفل
القصة وتش ّكل شخصية البطل يف ّ
-الشخصية الرئيسة :تع ّد حمور ّ
عنصرا أساسيا،وقد تكون فردا أو جمموعة من األفراد.
1
للقصة.
وتصرفاهتا إطارا ّ
-الشخصيات الثانوية :تش ّكل بأفعاهلا ّ
: 4-3-2البيئة :
وتسمى بالبيئة الزمانية واملكانية،أي الظرف واحليّز اللذين جرت فيهما حوادث
ّ
القصة.فاملكان هو احليّز اجلغرايف الذي ميكن أن يكون رحبا كالبلد أو املدينة،أو صغريا مثل
ّ
احلديقة أو املدرسة،أو أن يكون مكانا خياليا ال وجود له يف الواقع.والزمان قد يكون فرتة قصرية
كاليوم أو الفصل أو طويلة متتد لعقود أو قرون 2.وينبغي أن تكون هذه البيئة واضحة ميكن
تصديقها،ويف حالة السري والرتاجم ينبغي أن تكون أصلية،كما جيب أن مينح الكاتب القارئ
لتعرف إىل منط احلياة يف ذلك الزمان أو املكان حىت يستوعب حوادثها جيدا ،أل ّن الطّفل
فرصة ا ّ
يف مراحل عمره األوىل ال تكون لديه القدرة على إدراك الزمان واملكان بشكل جيّد وواضح،وهلذا
يستوجب التوضيح3.وتنبع أمهية املكان،حسب موفق رياض مقدادي،يف كونه جيعل من حوادث
لقصة بالنسبة إىل القارئ شيئا حمتمل الوقوع،أل ّن املكان قد يرتبط حبياة اإلنسان أكثر من الزمان
ا ّ
حسي مباشر يستمر معه طيلة حياته،ولذلك اعتمد الكتّاب على تقنيات يف بناء
وأ ّن إدراكه ّ
األمكنة يف القصص منها:
-الوصف :أي رسم املكان بواسطة اللّغة وهو الشائع يف األعمال األدبية،وقد
رّكز كتّاب قصص األطفال على تقنية الوصف يف رسم املكان أكثر من التقنيات
األخرى.
املرجوة،و ّأوالها اللّغة،ال سيما تلك اليت تراعي املرحلة العمرية للطّفل،
االعتبار حىت يبلغ الغاية ّ
بكل سهولة.
فتأيت بسيطة يف ألفاظها واضحة يف معانيها يستسيغها الطّفل ّ
اخلاصة ويعرض الباحثون،وعلى رأسهم أحمد نجيب،طرقا عديدة ألسلوب كتابة ّ
القصة ّ
بالطّفل جنملها فيما يأيت :
-الطريقة المباشرة :وهو أن يباشر الكاتب عملية السرد بعد أن يتّخذ موقفا
القصة،وهي الطريقة املستعملة أكثر يف قصص األطفال لسهولتها
ّ خارج
ومناسبتها لألطفال.
-طريقة السرد الذاتي :وفيها يكتب املؤلّف على لسان إحدى الشخصيات.
1ينظر :أمحد جنيب ،أدب األطفال علم وفن ،دار الفكر العريب ،القاهرة ،مصر،1111 ،ص .71
2ينظر :هادي نعمان اهلييت ،أدب األطفال ،منشورات وزارة اإلعّلم ،العراق،1197 ،ص .91
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
والعقدية،والرتفيهية وغريها.وقد صنّفها الباحثون وفقا حملاور خمتلفة مثل املرحلة العمرية،وطول
أهم أنواعها طبقا للموضوعات اليت نبني ّ
القصة،وعناصرها،وموضوعاهتا.وسنحاول أن ّ ّ
تتناوهلا،وذلك ألن التصنيف املوضوعايت هو أكثر وضوحا وإثارة الهتمام الطّفل.
: 1-3القصة االجتماعية :
القصة االجتماعية موضوعها من احلياة االجتماعية بروابطها وعّلقاهتا سواء داخل
تتّخذ ّ
األسرة (األب واألم واألبناء) أو خارجها،أي مع زمّلء املدرسة واجلريان،ويف املناسبات
االجتماعية بأنواعها من زواج وأعياد،وهي موضوعات هتدف إىل توجيه السلوك االجتماعي
العامة واحرتام التقاليد احلسنة اهلادفة إىل حفظ اجلماعة
وتربية الذوق العام،واحلرص على امللكية ّ
1
القصة االجتماعية تساهم يف رسم الطّفل
ّ ن
ّ بأ برغيش حسن محمد ويرى وتقوية أواصرها.
املعربة عن خمتلف الفضائل،ولذلك ينبغي أن تغطّي هذه
الذي نريده بواسطة تبسيط الصور احليّة ّ
السلوكات االجتماعية اليت ينبغي أن يتحلّى هبا الطّفل،انطّلقا
املوضوعات جمموعة من اآلداب و ّ
من القصص واحلكايات،والشخصيات،واحلوادث،واملواقف والعرب اليت تصل إىل الطّفل بيسر،
فيتم باملقابل القضاء على كثري من العادات السيّئة
فرتسخ يف ذاته األخّلق والعادات احلسنةّ ،
2
للقصة االجتماعية دورا كبريا يف بناء
يتبني لنا من هذا الكّلم أ ّن ّ
اليت توجد يف جمتمعاتنا .و ّ
شخصية الطّفل،ال سيما يف مرحلة الطفولة املتأخرة اليت تتّسع فيها اتصاالت الطّفل مع أقرانه
كل ذلك سيغين من
ومع الكبار على ح ّد سواء،فيعرف معىن احلق،والواجب،والعرف وغريها،و ّ
دون شك مضامني القصص االجتماعية.
1
القصة ،نقّل عن حممود حسن امساعيل ،املرجع السابق،ص .111 حممد يوسف جنم ،فن ّ
2ينظر :حممود حسن امساعيل ،املرجع نفسه ،ص .111
3حسن شحاتة،أدب الطفل العريب،الدار املصرية البنانية،الطبعة ،ط،1القاهرة،ص .101
4ينظر :حممود حسن امساعيل ،املرجع السابق ،ص .190
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
القصة التارخيية إىل مقدرة عالية حىت يكون عرض الوقائع بصورة مجيلة وجذابة
و حتتاج كتابة ّ
وحب الوطن.ويرى الباحثون بأ ّن كتابة
الرغبة يف التقليد واملنافسةّ ، توقظ االحساس بالتقدير،و ّ
القصة التارخيية لألطفال ينبغي أن تراعى فيها اجلوانب االتية :
ّ
وجمردا بالنسبة إىل األطفال،ال
-يرتبط التاريخ بالزمان الذي يبقى مفهوما غامضا ّ
سيما دون سن التاسعة.
أقل غموضا وجتريدا من الزمان،إال أنّه
-يرتبط التاريخ كذلك باملكان الذي يع ّد ّ
منو الطّفل عقليا،وذهنيا وعاطفيا.
يزداد وضوحا مع ّ
-إ ّن صعوبة إدراك األطفال حلركة التاريخ هو راجع إىل العنصرين السابقني.
-ال تقع احلوادث التارخيية حتت خربات الطّفل مباشرة.
القصة التارخيية جيعلها ثقيلة على قدرات
تشعب احلوادث وتعقيدها يف ّ
-إ ّن ّ
1
الطّفل.
القصة التارخيية كذلك على عناصر توردها ليلى الدباغ كما يأيت :
وتتوفّر ّ
القصة لنواة تارخيية حقيقية .
-ضرورة احتواء ّ
-أن يعمل الكاتب على حتليل النواة أو املوضوع الذي تدور حوله األفكار
،حىت
القصة حول تلك النواة ّ
القصة،وذلك قبل تركيب ّ
الرئيسية املتضمنة يف ّ
القصة واضحة مبركباهتا للقارئ الصغري.
تكون ّ
-ضبط وحتديد الكاتب للصور اليت يستعملها قصد تقريب األفكار إىل األطفال
حبيث تكون مناسبة ملداركهم احلسية.
القصة .
-حتديد اإلطارين الزمين واملكاين ملوضوع ّ
-أن تكون املعلومات زاخرة بالوصف والتفصيل الذي يرتك يف الطّفل انطباعات
1
أهم من السرد بطريقة جافّة.
بكل مضامينه:من جناح،ومعاناة،
وهكذا ،فإ ّن هذه القصص تثري االحساس بالتاريخ ّ
وظلم ،وتضحية وشجاعة.
: 3-3القصة الوطنية :
تعرب عن بطولة شعب يف
حب الوطن والذود عنه،و ّهتدف القصص الوطنية إىل ترسيخ ّ
اسرتداد حريته وحقوقه املستلبة،حبيث تكون األدوار فيها للكبار والصغار دفاعا عن قضية
القصة الوطنية عند األطفال دورا هاما يف بعث الفكر واالجتاهات
وتؤدي ّ
إنسانية عادلة ونبيلةّ .
،فرتسخ انتماءهم إىل الوطن والدفاع عنه ضد املستعمر.واألطفال يف مرحلة
الوطنية يف نفوسهم ّ
الطفولة املتأخرة حيبذون هذا النوع من القصص،ألهنم حيبون قراءة األعمال البطولية ليكتشفوا
2
القصة الوطنية
األبطال الذين أجنزوها،كما تستهويهم قصص املغامرات والشجاعة .واحلق أ ّن ّ
حتمل مضامني هادفة حت ّفز محاس األطفال وتش ّدهم إىل التسلّح بالروح الوطنية.
: 4-3القصة االنسانية :
يدور موضوعها حول احلياة اإلنسانية وما تعكسه من أساليب التعامل بني أبناء اجملتمع
،فتبني العّلقات اإلنسانية القائمة بينهم على االحرتام الواحد أو أبناء اجملتمعات اإلنسانية ّ
والتفاهم الذي حيقق املصاحل املشرتكة يف ج ّو يسوده الوئام،واأللفة ،واحملبة والسّلم،مع منح احلرية
3
للجميع وحتقيق العدالة االجتماعية.
و يساهم هذا النوع من القصص يف ترسيخ القيم اإلنسانية عند األطفال وتنميتها.وتع ّد
الركائز لبناء جمتمعات ّقوية ومتماسكة قادرة على جماهبة
تنمية القيم اإلنسانية لدى الطّفل من ّ
الصعاب واألزمات ،واالستعداد النطّلقة ّقوية حنو األفضل،وال تبدأ هذه التنمية إال مع األطفال
ّ
القصة اإلنسانية أمهية يف وقتنا احلايل،إذ أصبحت تتجلّى خماطر كثرية
واألجيال اجلديدة.وتزداد ّ
حول اإلنسان يف العامل بأسره،منها احلروب،والصراعات،واملشاكل االقتصادية والبيئية النامجة عن
مرد ذلك إىل غياب القيم اإلنسانية
االنتاج واالستهّلك من غري مباالة مبستقبل البيئة.ويرجع ّ
لعل إعادة بعث القيم يف اجملتمعات هو السبيل األجنع للنهوض هبذا العامل
لدى فئات عديدة،و ّ
وإنقاذ األجيال الّلّحقة من كوارث كبرية.
:5-3القصة العلمية المعرفية :
هي اليت تق ّدم للقارئ حقيقة علمية بطريقة غري مباشرة،كما قد تتناول سرية عامل أو
خمرتع،وقد تكون يف إطار اخليال العلمي.ويكتسي هذا النوع من القصص أمهية بالغة،ال سيما
وحنن نعيش يف عصر العلوم والتكنلوجيا الرقمية وغريها.ومن الواضح بأ ّن هذا النوع من القصص
1
وتتضمن القصص العلمية حبثا علميا،أو اكتشافا أو
ّ يشيع أكثر يف العامل الغريب الصناعي.
اخرتاعا وقع يف زمن ما،وغالبا ما يشري بعضها إىل البيئة اليت ترىب فيها املخرتع،وصفاته،
وشخصيته وقدرته على اجتياز العقبات اليت تعرتض سبيله،وكيف جتاوزها فوصل إىل حتقيق
اخرتاعه 2.فهذا النوع من القصص يساهم يف بناء شخصية الطّفل وتزويدها معرفيا،ال سيما عند
املبسطة.
األطفال املتمدرسني الذين تستهويهم قراءة سري املكتشفني واملخرتعني واألعمال العلمية ّ
يتحول
سن الثامنة "يدخل مرحلة الواقعية العقلية حيث ّ ويرى املختصون بأ ّن الطّفل بعد ّ
اهتمامه من العامل الذايت واألسري إىل العامل اخلارجي ويدخل مرحلة البناء الفعلي للمهارات على
3
يتعرف
ّ اخلارجي العامل إىل فلط
ّ ال ينطلق فحني الصعد (اجلسدية،والعقلية واالجتماعية)".
كل ّّ
إىل قوانينه ويكتشف أسراره ،فيقبل على مطالعة اجملّلّت،والكتب العلمية،واملخرتعات وغريها).
1
مؤجل،رصيف ، 55املوقع.يوم 5017/07/57يف الساعة 55 ينظر :رشا عباس،أدب اخليال العلمي العريب مشروع ّ
و00د .http://raseef22.com/culture/2015/10/21/science-fiction-in-arab-literature/
2ينظر :حممد فؤاد احلوامدة ،املرجع السابق ،ص .102-109
33
أدب األطفال :ماهيته وفن كتابة قصة الطفل الفصل األول
تم
ويرى الباحثون بأنّه ال ينبغي أن تقتصر القصة الدينية على التاريخ فقط،بل ينبغي أن هت ّ
1
بثّلثة جوانب تتمثّل فيما يأيت :
-المادة المعرفية :اليت تق ّدم مفهوما صحيحا عن االسّلم وقواعده وأصوله،
كل ما يرتبط به من تاريخ ودعوة باحلق يف قالب يراعي املرحلة العمرية و ّ
واإلدراكية لألطفال.وجيب أن ترتبط هذه املادة مبّلمح العصر،لكي تظهر للطّفل
وجل.
عز ّ
ألهنا من صنع اخلالق ّ
نابضة باحلياة كما كانت يف املاضيّ ،
-القيم السلوكية :تنقل القصص من احلوادث املستمدة من تعاليم االسّلم
وتارخيه،القيم والسلوك الذي ينبغي أن يتحلّى به الطّفل،ليعي كيف جيعل عّلقته
مع اهلل ّأوال ،مثّ مع الناس ثانيا.
-الممارسات العملية :أي ما يقوم به من تطبيقات ويسلكه من توجهات يف
حياته اليومية،بناء على ما اكتسبه من مادة معرفية وسلوكات،ليكون فردا صاحلا
يف املستقبل.
واحلاصل من ذلك هو جمموعة القيم اليت يعتنقها شخص ما وتدفعه إىل السلوك بطريقة
خاصة،فيتّخذها مرجعا له يف احلكم على السلوك الّلئق من غريه.كما أنّه من األمهية مبكان أن
ّ
حب ورمحة"، 2وتبتعد قدر املستطاع عن
تق ّدم هذه القصص لألطفال "مفهوم الدين على أنّه ّ
التخويف من عقاب اهلل ومن جهنّم،أل ّن من شأهنا زيادة خماوف األطفال وإثارة الفزع
لديهم.فتقدمي القدوة احلسنة هو اهلدف األمسى الذي ينبغي أن ترومه هذه القصص.
عامة جماال خصبا للدراسة والبحث،تتجاذبه ميادين أخرى تزيد يع ّد أدب األطفال بصفة ّ
تسمياته يف العربية أو الفرنسية،إالّ أنّه ميثّل
فبغض النظر عن اختّلف ّ
من تشعبّه وخصوصياتهّ .
املوجه لألطفال لكي يقرءوه أو يقرأ هلم.وهنا تتجلّى مسألة تعقيده على ذلك االبداع املنشور و ّ
مستوى التلقي،ففي الظاهر أ ّن متلقيه املفرتض هو الطّفل الصغري،إالّ أ ّن هناك متلق ثان متوار
يتمثّل يف الوسيط،وهلذا ينعت على أنّه أدب متع ّدد األصوات.ومبا أنّه يهدف كذلك إىل الرتبية
والتعليم،رأى مارك سوريانو بأن يربطه بالبيداغوجيا،كما أنّه ال خيلو من الرتفيه واجلمالية اللذين
املوجهة لألطفال إىل لفت
تجسدان على مستوى النص والصورة.وتعمل الشفهية يف النصوص ّ ي ّ
انتباه القارئ وإثارة اهتمامه ملا تضفيه من حيوية على النص،واحلوادث والشخصيات.وكلّما راعى
وسهل عليه قراءهتا
القصة ّ
الكاتب لألطفال البساطة والوضوح يف نصوصه كلّما حبّب القارئ يف ّ
والرتكيز على جمريات حوادثها وأبطاهلا.ولذلك فإ ّن امتاع الطفل،وتثقيفة وتربيته بواسطة الكتابة
ليس باألمر السهل،بل هو عمل شاق،يتطلّب كفاءة ودراية مبا حيتاجه الطّفل نفسيا ووجدانيا
شك من أنّه سيحسن اختيار املوضوع أو الفكرة
وعاطفيا.فحني يلّم الكاتب هبذه األشياء ال ّ
تنوعت
اليت تكون مناسبة لسنّهم،وبيئتهم،ومعتقداهتم،وعرضها يف أسلوب شيّق وجذاب.وكلّما ّ
عمت الطفل الفوائد الرتبوية،والتعليمية،واألخّلقية والرتفيهية.ومع
موضوعات القصص كلّما ّ
ذلك،فإ ّن الطّفل يقرأ قصصا خمتلفة منها ما هو مؤلّف أصّل بلغته العربية ومنها ما هو مرتجم
عن لغات أجنبية أخرى،تتفاوت مضامينه وأهدافه،ممّا أصبح يثري خماوف العديد من املختصني
نعرج يف الفصل الثاين على الرتمجة وقصص األطفالواملربني.وهكذا نرى من األمهية مبكان أن ّ
لنتبني واقعها ال سيما يف الوطن العريب،إضافة إىل توضيح األثرين اإلجيايب والسليب الذي ميكن
ّ
أن ختل ّفهما القصص املرتمجة إىل العربية.
33
الفصل الثاني
الترجمة وقصص األطفال
1مسر روحي الفيصل ،أدب األطفال وثقافتهم قراءة نقدية،دراسة،منشورات احتاد الكتاب العرب ،دمشق ،سوريا،8991،
ص.99
2ينظر املرجع نفسه،ص .99
3ينظر املرجع نفسه،ص .99
87
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
1
قصة االطفال،املرجع السابق،ص.859
ينظر:حممد قرانياّ ،تلّيات ّ
87
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
أ ّن نسبة الكتب املنشورة يف م ّدة أربعني سنة ( )8992-8952بلغ جمموعها 6222
قصة مرتمجة فقطّ .أما عددها يف الفرتة الثانية (،)8995-8992فقد بلغ
كتاب،منها ّ 616
قصة مرتمجة،ويف الفرتة الثالثة ( )8999-8995بلغت 9510 8998كتاب،منها ّ 089
كتاب،منها 959قصة مرتمجة.وميثّل اجملموع اإلمجايل للرتمجات -طيلة نصف قرن تقريبا-
1
حّت لو مل يكن هذا الدليل قد مشل مجيع املنشورات يف الوطن العريب الكبري،فإنّه
عدد .8759و ّ
يعطينا نظرة واضحة عن واقع النشر والرتمجة ألدب األطفال جممال.
يبني – يف هذا الصدد -تقرير برنامج األمم المتّحدة اإلنمائي في الدول كما ّ
العربية ) (PNUDلعام 0227بأ ّن العامل العريب مل يرتجم إالّ 82.222كتاب منذ عهد
اخلليفة املأمون،وهو جممل ما ترتمجه إسبانيا يف سنة واحدة2.ومع ذلك،ال ميكن أن ننكر بأ ّن هذا
الواقع قد ساهم يف بعث هذا اجملال من سباته،حبيث بدأت تظهر – منذ سنة -0222هيئات
أحس القائمون
رمسية اهتمت بالرتمجة عموما والرتمجة ألدب األطفال خصوصا.وقد جاء ذلك ،ملاّ ّ
عليها بضرورة تدارك النقص احلاصل يف هذا اجملال.وحسب الباحثان شريف مجدالني وفرانك
التغريات اليت حصلت يف البنية العائلية منذ السنوات األربعني مرميي،فقد جاء هذا الوعي ّ
،جراء ّ
املاضية،اليت بدأ الطّفل حيظى فيها باهتمام كبري،فبدت ضرورة النهوض هبذا اجملال لاللتحاق بركب
احلداثة3.وال يفوتنا أن منثّل لذلك بدولة اإلمارات،ال سيما إمارة أبو ظيب اليت أصبحت مركزا
ثقافيا عربيا،إذ اهتمت بالرتمجة،فأطلقت مشروع "كلمة" عام 0229هبدف إحياء حركة الرتمجة
املتنوعة4.وقد انعقدت ندوة مبرور عشر
يف العامل العريب،برتمجة 822كتاب يف السنة يف اجملاالت ّ
1
Voir : SABEUR MDALLEL,Translating Children’s Literature in the Arab World :The
State of the Art, Meta, PUM ,Canada ,volume 48,numéro 1-2,mai 2003,P 299.
2
Voir : Valeria,GONZALEZ, La politique éditoriale des éditions jeunesses en français et
arabe du « port à jauni »,25 mai 2015,mis à jour le 13 octobre 2015,lien :
http://mondedulivre.hypotheses.org/4033,consulté le 20 Septembre 2017.
3
Voir : Manon,PIC,Fiche de lecture :Regards sur l’édition dans le monde arabe,sous la
direction de Charif Majdalani et Franck Mermier,Publication 2017.20 juillet 2017,lien :
http://mondedulivre.hypotheses.org/6672,consulté le 20 Septembre
4ينظر:موقع مشروع "كلمة" ،الرابطhttp://kalima.ae/ar/default.aspx:
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
سنوات على انطالق هذا املشروع الذي ترجم فيه أكثر من 922كتاب،مّا يزيد عن 87لغة،من
موجهة لألطفال،ال سيما عن اإلجنليزية،والفرنسية،واألملانية.
بينها كتب وقصص ّ
وعملت مصر من جهتها على بعث نشاط الرتمجة خبلقها "المشروع القومي
للترجمة"،التابع لوزارة الثقافة،الذي احتفل سنة 0226بإصدار الكتاب رقم ،8222وترمجة
حواىل 08جمموعة قصصية أجنبية لألطفال،لكتّاب مشهورين مثل الكاتب اإلجنليزي روديارد
،(Rudyardوالكاتب الفرنسي برنار كالفيل (Bernard )Kipling 1885-1936 كبلينغ
)،Clavel 1923-2010والكاتب اإلجنليزي روبرت لويس ستفنسون(Robert Louis ،
) Stevensonصاحب (جزيرة الكنز) ،1وهي ترمجات يقوم مبراجعتها كاتب األطفال املصري
العامة للكتاب"،وهي
املعروف يعقوب الشاروني.ويف السياق نفسه،نشري إىل "الهيئة المصرية ّ
سطرت من ضمن أهدافها :تأليف وترمجة الكتب الثقافية على
تابعة لوزارة الثقافة أيضا،اليت ّ
الصعيدين اإلقليمي والعاملي.وقد أصدرت – من شهر يناير إىل شهر جوان عام -0286ستة
شّت اجملاالت،منها 9قصص مرتمجة لألطفال ضمن سلسلة وعشرين ( )06عمال مرتمجا يف ّ
"أدب الطّفل حول العالم"،مشلت أمساء أدباء كالسيكيني ومعاصرين من بلدان خمتلفة مثل
روسيا،وإيرلندا والنرويج،والفلبني،واهلند2.وما نالحظه أيضا يف القصص املرتمجة عن هاتني اهليئتني
هو ذكر أمساء املرتمجني على صفحة غالف القصص،وهذا ما يغيب يف بعض الرتمجات القصصية
اليت تقوم هبا جهات ّتارية أخرى.
وقد سطّر "المعهد العالي العربي للترجمة" باجلزائر،الذي افتتح سنة ،0225مشروعا
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
املخصصة للطّفل ميثّل 922كتاب يف العام،مقابل 87062كتاب للطّفل األمريكي،
ّ الكتب
و 7171للطّفل الربيطاين،و 0881للطّفل الفرنسي،و 8792للطّفل اإليطايل و 8915للطّفل
الروسي.وقد ترجم املعهد أزيد من عشرين كتابا،إالّ أ ّن هذا اجلهد مل يكلّل بالنشر بسبب العائق
املادي التمويلي وعوائق أخرى1.وإ ّن ما نعثر عليه يف املكتبات اجلزائرية عادة ما يتمثّل يف قصص
ّ
كالسيكية مقتبسة،إذ نقرأ على صفحة واجهاهتا عبارات مثل "بريشة األستاذ "...أو " اقتباس
، "...أو قصص مرتمجة من قبل دور نشر عربية مثل سوريا ولبنان متّ توزيعها يف اجلزائر.
املختصات يف أدب األطفال تأليفا
ّ وأشارت الكاتبة التونسية نافلة ذهب،وهي من
يروج يف الساّحة من مؤلّفات مرتمجة للطّفل يف تونس ضعيف وهزيل،وهي
وترمجة،إىل أ ّن أغلب ما ّ
توصي بضرورة بعث خطّة وطنية لرتمجة أدب الطّفل2.ونفهم من هذا الكالم بأ ّن جهود الرتمجة
للطّفل يف البلدان العربية هي فردية،تعيقها يف كثري من األحيان اإلمكانيات املادية.ويف احلقيقة
يكاد يتّفق املختصون على ذلك،على الرغم من أ ّن عوامل الركود كثرية وعديدة،ترتبط بظروف
البلدان العربية،ال سيما النزاعات واحلروب،اليت كبحت االهتمام هبذا اجملال وغريه من اجملاالت
األخرى.كما أ ّن اجملهودات اليت يبذهلا "المعهد الوطني للترجمة بتونس"* كبرية،ال سيما يف ترمجة
األعمال واملؤلّفات الشهرية من أدب وعلوم إىل اللّغة العربية،إالّ أ ّن الرتمجة األدبية اهتمت أكثر
بأدب الكبار.
خيص ترمجة أدب الطّفل يف سوريا ،فتع ّد وزارة الثقافة من اجلهات الرمسية اليت
ّأما فيما ّ
اهتمت بالرتمجة لألطفال،ال سيما القصص منها.ويرى حممد قرانيا يف شأن الرتمجة بأ ّّنا قد سارت
ّ
يف اّتاهني:يتمثّل أوهلّما يف توسيع أفق إطّالع الطّفل عن طريق قصص الشعوب األخرى،وثانيهما
ويطوروا أدب األطفال العريب.
لكي حيذو الكتّاب السوريون،والعرب عموما حذوها،فينهلوا منها ّ
وقد أصدرت هذه الوزارة ّأول جمموعة قصصية مرتمجة عن الروسية بعنوان "حكايات مهاجرة "عام
1
ينظر:موقع املعهد العايل العريب للرتمجة ،الرابطhttp://nct.gov.eg/series/child.html :
2ينظر :إياد الدليمي ،قصص األطفال بني خيانة املرتجم وغياب القيم،مقال صحفي،ميدل إيست أون الين
.0287/27/25،الرابطhttp://www.middle-east-online.com/?id=150507:
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
،8992إضافة إىل كثري من الرتمجات اليت وردت يف جملّة "أسامة"1.ومل تقتصر جمهودات الوزارة
على هذه األعمال فقط،بل نشرت كذلك جمموعتني قصصيتني عام 8995مها" :مدرسة اللقلق"
و"عندما جاءت عصافير الدوري"،وزاد نشر الرتمجات يف هذه الفرتة ويف فرتة الثمانينيات إىل أن
2
العامة
قصة مرتمجة .كما تعترب"الهيئة ّ بلغت أوجها يف سنة 8919اليت نشرت أثناءها ّ 79
السورية للكتاب"،التابعة لوزارة الثقافة،اليت أنشئت عام 0226قصد نشر الكتب املؤلّفة واحمل ّققة
املهتمة بنشر قصص األطفال والناشئة،حبيث
املؤسسات ّشّت جماالت املعرفة،من بني ّ
واملرتمجة يف ّ
قصة مرتمجة عن لغات خمتلفة،مابني أعوام 0288و
قصة،منها ّ 88
حنصي ضمن إصداراهتا ّ 98
.0285ومن بني العناوين املرتمجة نذكر منها ما يأيت" :واحد ...اثنان...ثالث،هذه هي
1
قصة األطفال ،املرجع السابق ،ص .871-879 ينظر:حممد قرانياّ،تليات ّ
2ينظر :املرجع نفسه،ص.871
3لإلطالع أكثر ينظر موقع اهليئة السورية للكتاب على الرابط التايل:
http://syrbook.gov.sy/index.php?ACT=3&Cid=12&LNG=Ar&page=1
4نقال عن موقع املنظمة العربية للرتمجة .الرابط :
http://www.aot.org.lb/Home/contents1.php?id=133
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
نعتقد هبذا الرأي،ما دام أ ّن هناك فرضية تقول بأ ّن الرتمجة ألدب األطفال إىل اللّغة العربية
أصبحت مهنة من ال مهنة له،حبيث يقوم هبا أشخاص قليلو اخلربة،مّا جيعل ترمجاهتم -غري
املضبوطة -تنعكس سلبا على املتلقي الصغري.ولو قام هبا مرتمجون هلم خربة ودراية كافية
باجملال،مثل أولئك الذين يرتمجون حتت لواء املنظمة،لكان الوضع أفضل وأسلم مّا هو عليه اآلن.
جراء معطيات تارخيية
ويتّصف واقع أدب األطفال املرتجم يف الوطن العريب بعدم التجانس ّ
وإيديولوجية،وسوسيو اجتماعية،وسياسية وغريها.فإذا كانت بلدان املغرب العريب مثل تونس،
عامة عن اللّغة
واملغرب واجلزائر ترتجم عن اللّغة الفرنسية،فإ ّن دول املشرق،يف املقابل،ترتجم ّ
الرغم من أ ّن بعض الدول مثل سوريا ترتجم بكثرة عن اللّغة الروسية العتبارات
اإلجنليزية،على ّ
اكي،وحّت قبل ذلك بكثري إذ ترجم رزق اهلل
ّ تبن النهج االشرت
معروفة،أمهّها التوافق اإليديولوجي و ّ
حسون عام 8199كتاب "النفثات" لألديب الروسي إيفان كريلوف (Ivan Krylov 1769
)– 1844الذي ترجم بدوره حكايات ال فونتني إىل الروسية1 .وما ميكن قوله :إ ّن ترمجة قصص
تظل غري كافية -أمام زخم النشر الغريب -على الرغم من
األطفال حتت لواء اهليئات الرمسية العربيةّ ،
تستحق التنويه حقيقة.ونعترب بأ ّن هذه اجملهودات ستتزايد يف املستقبل إذا ما زاد
ّ جمهوداهتا اليت
ظل العوملة،وكذلك إذا ما متّ االهتمام بتوزيع إصدارات
احلراك الثقايف الذي يشهده العامل العريب يف ّ
املؤسسات
هذه اهليئات بصفة شاملة يف أحناء الوطن العريب.كما أ ّن ما نلمسه من جهود عند ّ
ألي شخص إنكاره،أل ّن ما نالحظه هو
اخلاصة يف الرتمجة لألطفال،ال ميكن ّ
التجارية ودور النشر ّ
خاصة ،وذلك على مستوى
أ ّن غالبية الرتمجات لقصص األطفال هي صادرة عن دور نشر ّتارية ّ
البالد العربية،ال سيما مصر وسوريا،ولبنان واألردن.ولذلك،سنحاول اإلشارة إىل مسامهة القطاع
1
قصة األطفال ،التجربة السورية ،املرجع السابق ،ص .878
ينظر :حممد قرانياّ ،تلّيات ّ
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
املتنوعة،يف جمال الرتمجة لقصص األطفال،باعتبارها اجلنس الذي
اخلاص،املتمثّل يف دور النشر ّ
حيظى حبظ وافر ترمجيا يف بلدان خمتلفة من الوطن العريب.
الخاصة
ّ المؤسسات ودور النشر
ّ 0-8-8مجهودات
تويل دور النشر املصرية االهتمام الكبري بالرتمجة لكتب األطفال وقصصهم من لغات
عديدة،أبرزها اللّغتني اإلجنليزية والفرنسية.ومن بني دور النشر املهتمة بالرتمجة لألطفال "دار إلياس
العصرية للطباعة والنشر"،1اليت قامت برتمجة مخس قصص منها" :الحرب العجيبة"،
،(Martinترمجة هالة شريف، )Auer-1951 )Strangeللكاتب األملاين مارتن أوير (war
لألطفال.وال يفوتنا أن نشري كذلك إىل جمهودات "المركز الثقافي اإليطالي" بالقاهرة،الذي نشر
قصة،1تراوحت مواضيعها بني املغامرات وقصص احليوانات.
يف عشر سنوات ّ 76
وتعىن كثري من دور النشر اللبنانية كذلك بالرتمجة لقصص األطفال،ومن أبرزها "دار العلم
للماليين -منذ "1021اليت جعلت الرتمجة من بني أهدافها،وهي ّ
توزع كتبها يف الوطن العريب
وخارجه.وقد قامت برتمجة سالسل عديدة موجهة لألطفال عن اللّغة اإلجنليزية،فهناك "سلسلة
تضم مثاين قصص،إضافة إىل "سلسة عالم واحد"،و"سلسلة مدرستي النجمة الذهبية" اليت ّ
العجيبة والغريبة" و"سلسلة هيّا نتكلّم على"2.كما تع ّد "الشركة العالمية للكتاب-منذ
لكل من "مدرسة الكتاب"،و"الدار "1062من أبرز دور النشر للكتاب بلبنان،جبمعها ّ
اإلفريقية العربية"و"الكتاب العالمي"3،وهي من املهتمات بالنشر لألطفال تـأليفا وترمجة،إذ
يتكفل قسمها "دار الكتاب العالمي" بنشر وترمجة كتب تناسب أعمار األطفال والناشئة حّت
سن أطفاهلم .ونشرت كذلك "شركة دار الشمال" جمموعة
يسهل على األولياء اقتناء ما يناسب ّ
قصصية مرتمجة عن اللّغة الفرنسية،من منشورات " "Hemmaالبلجيكية بعنوان "كورالي"
مؤسسة المعارف" برتمجة جمموعة أخرى عن الدار
قصة،كما قامت " ّ ( )Coralieتشمل ّ 80
قصة،ترمجها ماهر محيو ومتّ نشرها
البلجيكية نفسها بعنوان "كاميليا" ( ،)Camilleتشمل ّ 81
عام .0229
وهتتم كذلك "شركة المطبوعات والنشر والتوزيع -منذ "1026إضافة إىل "دار
المؤلف"برتمجة كتب األطفال،ومها رائدتان يف ذلك،إذ نلفي ضمن منشورات الشركة ما يفوق
قصة مرتمجة إىل اللّغة العربية.كما تع ّد "دار المجاني" من أهم دور النشر العربية املهتمة
أربعني ّ
1
Voir Mathild Chèvre,Traduire la littérature de jeunesse en Méditérranée, 2010, p 16.
Lien :
http://www.transeuropeennes.eu/ressources/pdfs/TEM2010_Litterature_de_jeunesse_Math
ilde_CHEVRE_41.pdf
2
.ينظر :موقع دار العلم للماليني ،الرابطhttp://malayin.com/subcateg.aspx?CID=72 :
3
.ينظر :موقع الشركة العاملية للكتاب،الرابط http://www.wbpbooks.com/about_ar.asp :
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
برتمجة قصص األطفال والناشئة،ال سيما عن اللّغة اإلسبانية.فقد قامت بشراء حقوق ترمجة سلسلة
مغامرات"القرصان أبو عرجان" ( ،)El pirata Garrapataوهي متثّل 98يف املائة من القصص
املرتمجة من اإلسبانية إىل العربية.1وتشري إحصائيات "نقابة اتّحاد الناشرين في لبنان"إىل أ ّن هناك
حنو 922دار نشر،وينتج لبنان وحده 72يف املائة من جممل العناوين املنشورة يف الوطن
العريب،أي حواىل 9522عنوان من ضمن 1522عنوان منشور عربيا2.وهكذا ،فإ ّن جهود لبنان
يف عامل النشر والرتمجة لألطفال تبدو كبرية وواضحة.
1
Voir Mathild Chèvre,Op Cit , p 12.
2
ينظر :موقع الشركة العاملية للكتاب،الرابط http://www.wbpbooks.com/about_ar.asp :
3
ينظر :موقع نقابة احتاد الناشرين يف لبنان،الرابط :
http://publishersunionlb.com/ar/index.php/publishers/338-internationalbook
4
ينظر :موقع دار احلافظ ،الرابط http://www.daralhafez.net/search_productn.php?f=11 :
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
وهتتم "دار البرج ميديا-منذ " 6112بالنشر لألطفال من سن السادسة إىل سن
السابعة عشر،وهي تتعاون مع مشروع "كلمة" وقد نشرت باالشرتاك معه يف عامي 0285
و 0286عشر قصص نذكر منها "التوأمان"،و"قطط في نزهة" و"من يملك بيضا أكثر"،إضافة
1
ينظر :دليل منشورات الدار العامي 0285و، 0286الرابط http://alborjmedia.com/wp-
content/uploads/2016/01/Al-Bouroj-Catalog-New.pdf
رابط لإلطالع على الناشر/https://www.bloomsbury.com/uk :
77
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
وإذا ما حاولنا معرفة واقع الرتمجة لكتب األطفال يف املغرب العريب ،فإنّنا سنالحظ بأ ّن
االهتمام الذي توليه بلدان املشرق للرتمجة يف هذا اجملال يفوق ما تقوم به الدول املغاربية ،وسوف
جل القصص املرتمجة اليت نعثر عليها يف املكتبات املختلفة ببلدان املغرب
لن نبالغ إن قلنا بأ ّن ّ
قامت بنشرها دول من املشرق وبالد الشام.كما أ ّن جل دور النشر تفتقد إىل مواقع إلكرتونية
خاصة هبا،ما يصعب معرفة منشوراهتا ال سيما املرتمجة منها،واإلملام بواقع الرتمجة لألطفال يف
ّ
البلدان العربية.
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
األخرى،فإ ّن التأليف لألطفال باللّغتني العربية والفرنسية يغلب على الرتمجة،ونعتقد بأ ّن الناشرين
يفضلون التعامل أحيانا مع مؤلّفني حمليني رحبا للمال،واجلهد والوقت،أل ّن عمل الرتمجة يقتضي
ّ
صرف أموال كبرية من أجل شراء حقوق املؤلّف وكذلك حقوق الرتمجة،وهذا ما جيعلهم يعزفون
عن ذلك،ألنّه يقلّص هامش الربح لديهم .
إ ّن الباحث يف واقع الرتمجة لقصص األطفال يف البلدان األخرى مثل تونس،واملغرب ،
وليبيا سيجد ّأّنا ال ختتلف عن اجلزائر،حبيث تكاد تشرتك يف العوائق نفسها ،ومن بينها العائق
املادي.فالدعم املايل يش ّكل العائق األساس أمام دفع نشاط الرتمجة وحركتها،ولو متّ تسخري األموال
بصفة كافية النتعشت وانتعش معها النشر.ويرى الناقد املغريب شكير نصر الدين أنّه بدون وصل
ظل
اجملهودات الفردية واملؤسساتية،وبدون االنفاق بسخاء على الرتمجة تدريسا،وتنظريا ونشرا،ي ّ
حنس بأ ّن الوطن العريب يعيش صحوة ترمجة غري
حّت وإن كنّا ّ
وحتسنه ضعيفا.و ّ
األمل يف رقي الوضع ّ
2
متوزعة على أقطار
مسبوقة،فإ ّن الواقع يشري إىل أّنّا جمهودات فردية منفصلة ،تبذهلا دور نشر ّ
عديدة ال سيما مصر،ولبنان،وسوريا واإلمارات.
كما أنّه يؤخذ على بعض الناشرين التقتري يف حقوق الرتمجة ومكافئة جهود املرتمجني،
بينما هم يف املقابل جينون أرباحا طائلة من وراء نشر إصداراهتم وتوزيعها،وهذا ما جيعل هؤالء
همة الرتمجة إىل أشخاص تعوزهم اخلربة فينشرون
املرتمجون يعزفون عن الرتمجة.وبعدها يسند الناشر م ّ
1
ينظر :موقع الدار على الرابط التايل https://sedia-dz.com/portal/collection/litt%C3%A9rature- :
jeunesse
2ينظر :شكري نصر الدين،الرتمجة يف الوطن العريب،جملة ذوات،مؤسسة دراسات وأحبات ،عدد ،0285، 1ص.70
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
ترمجات ضعيفة ال روح فيها،مييّزها النقل احلريف لعالمات من اللّغة األصل إىل ما يقابلها من
شح الناشر يقابله
اهلدف،فتتجسد بذلك الركاكة على مستويات عديدة،وكأ ّن ّ
ّ عالمات يف اللغة
شح يف اجلودة1.وهكذا يتّفق النقاد وال ّدارسون على أ ّن الرتمجة يف الوطن العريب تعاين إكراهات ّ
كثرية،منها ما يتعلّق باملادة املرتمجة،واملرتجم نفسه،ودار النشر أو اهليئة اليت تقوم بالرتمجة،ومنها ما
يتعلّق بالتوزيع والقراءة،إذ كثريا ما يشار إىل مشكل توزيع الكتاب املرتجم على أقطار الوطن
العريب،2فعلى سبيل املثال هناك كتب وقصص أطفال مرتمجة عديدة يف بعض البلدان العربية ال
وموحدة تكفل
توجد يف البلدان األخرى،ونعتقد أ ّن هذا األمر راجع إىل غياب اسرتاتيجية واضحة ّ
التوزيع،والنشر والتنسيق بني اهليئات املختلفة.
املؤسسات الرمسية
إ ّن احلديث عن واقع ترمجة قصص األطفال إىل اللغة العربية سواء من قبل ّ
أو التجارية يشهد حركية تستحق التنويه،وجمهودات تستحق الشكر،إالّ أنّه مقارنة مع ما يرتمجه
الغرب سنويا من لغات العامل املتع ّددة،يبقي ضئيال ينتظر تكثيف اجلهود،املادية منها وغري
الرفاه القرائي واملعريف للطفل العريب.وما أشار إليه التقرير الذي أع ّدته ترانس
املادية،قصد حتقيق ّ
ّ
3
مؤسسة أناليند () Fondation Anna Lindh أوروبيان (،)Transeuropéennesباإلشرتاك مع ّ
املتوسط،يوضح التخلّف الذي يشهده جمال الرتمجة من
ّ حول واقع الرتمجة يف حوض البحر األبيض
اللّغة العربية وإليها.
ويرتاوح عدد الكتب املرتمجة إىل اللّغة العربية يف البلدان املتوسطية بني 8522و0222
عنوان سنويا،ال سيما من اللّغة اإلجنليزية اليت حتتل املرتبة األوىل يف دول اخلليج (،)92ثّ مصر
(،)95ولبنان (،)90وبعدها دول املغرب العريب ( 02و،)72اليت ترتجم عادة عن اللّغة
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
إ ّن ما أصبح مييّز كذلك النشر لألطفال والناشئة،سواء يف املشرق أو املغرب،هو وجود
كتب وقصص بلغتني وأحيانا بثالث لغات هبدف تعليم الطّفل لغة أخرى إىل جانب لغته العربية،
الذهن،ويعود هبا لسانه على النطق بطرق خمتلفة،حّت تعتاد
ّ ومفردات أخرى يغن هبا قاموسه
املرونة يف االنتقال من لغة إىل أخرى.وتعترب "ماتيلد شيفر" بأ ّن هذه االسرتاتيجية يف النشر قد
وبالرغم من ّأّنا ال حت ّقق صدى ّتاريا
ساعدت وسامهت يف حتقيق شراكة مع الناشرين الفرنسينيّ .
كبريا،إالّ أ ّن غايتها وأمهيتها الثقافية كبريتان.فكثري من دور النشر املغربية مثال قد دخلت يف شراكة
مع نظرياهتا الفرنسية من أجل االنفتاح الثقايف على اآلخر،ونذكر على سبيل املثال"دار ينبوع
"Editionsومنشورات ريكوشي "du Sablier الكتاب" اليت تتعاون مع منشورات سابليي
1
(.)Editions Ricochet
وخنلص يف األخري إىل أ ّن الرتمجة لقصص األطفال يف البلدان العربية موجودة منذ زمن
طويل،وازدادت انتشارا مع مطلع القرن الواحد والعشرين،بفضل انتشار الوعي بضرورة االهتمام
وتشجعه على القراءة واكتشاف ما حوله من
بالطفل والرتويح عنه وإسعاده بكتب تفتح آفاقهّ ،
أشياء ال يعرف كنهنا،فيصنع شخصيته انطالقا من استيعابه ملا وجده بني أوراق القصص من
بكل ما متليه الرتبية من قيم جليلة ورائعة.
مر هبا أبطال القصص،وتعاملوا معها ّ
حلول ملشكالت ّ
-6ترجمة قصص األطفال بين المثاقفة واالغتراب:
وفقا للناقد السوري سمر روحي الفيصل،تتجلّى طبيعة أدب األطفال املرتجم يف كونه
انطلق عموما من اللّغتني الفرنسية واإلجنليزية،2باعتبارمها لغيت املستعمر الذي غزا البالد
جرنا احلديث عنها – واضحة ،تتمثّل يف وتظل سياسة املستعمر –كلّما ّ العربية،مشرقا ومغرباّ .
اهليمنة جبميع أشكاهلا:اللغوية،والثقافية واالقتصادية.فاملستعمر ميثّل عند علماء األنرتوبولوجيا
املركز،والشعوب أو الدول املستعمرة األطراف.ولذلك،ال تكاد حتيد األطراف عن التواصل
1
Voir Op Cit,p 28.
2.ينظر:مسر روحي الفيصل،املرجع السابق ،ص.12
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
التحرر الفعلي
حّت وإن كان ذلك بعد اإلنفكاك و ّ
معه،والنهل من ثقافته واالستهالك من منتجاتهّ ،
تظل قائمة،والغرب (املستعمر) يبقى مبثابة املعلّم
من سيطرته وجربوته.فالثنائية بني املركز واألطراف ّ
الذي ال ميكن للتلميذ االستغناء عنه،ألنّه ميثّل اإلبداع بينما ميثّل الطرف الثاين االستهالك1.ولعلّنا
نستشف سبب بقاء سيادة الرتمجة هلاتني اللّغتني،من
يف سياق حديثنا عن ترمجة قصص األطفالّ ،
قول مسر روحي الفيصل ":أل ّن مترجمي أدب األطفال تل ّقوا تعليمهم بهما،ولم يكن العدد
القليل من المترجمين الذين أتقنوا لغات أخرى قادرا على تعديل السيادة أو التخفيف
2
منها" .فاملركزية ّ
جسدهتا اللّغتان بفضل األطراف اليت أتقنتها وجعلتها مرجعية فكرية هلا.
ولطاملا اختذ املستعمر من أدب الطفل سالحا يطمس به هوية الشعب املستعمر،وأظهر فيه
املختصة يف أدب
ّ عنصريته املقيتة واحتقاره الفاضح للعريب.ففي اجلزائر مثال تشري الباحثة الفرنسية
)Mathildإىل زرع التفرقة والتنميط االجتماعي بني (Léveque األطفال "ماتيلد لوفيك"
اجلزائريني الذين أطلق عليهم اسم "األهايل" ،فميّز منهم بني املورسكيني،واملزابيني،
والقبايل،والعرب،وجعل أرقاهم مرتبة الذين أطلق عليهم اسم" "Les Mauresلبياض بشرهتم متاما
أقل منهم مكانة ونظافة لعدم تناسق لباسهم املتمثّل يف
مثل األروبيني والعرب والقبائل ّ
الربانيس.وهكذا،عمل الفرنسيون على نشر خطاهبهم االستعماري الدعائي،باحتالل الفضاء
األديب وتوظيفه يف الرتويج لالستعمار املستقدم للحضارة ومتجيده.كما أبرزوا كثريا من االحتقار
جو من الدعابة أثناء قراءة
،لكل ما ميس الثقافة اجلزائرية.واهلدف من ذلك هو خلق ّ
والسخرية ّ
يسموّنا " "Couscoussouوالكيفية
السرد األديب،مثل وصف أكلة "الكسكسي" اليت كانوا ّ
3
املوجه للطّفل فقط،بل على
ّ األدب على األمر هذا يقتصر وال اليت كان العرب يتناولونه هبا.
- C’est une sorte de pate qu’on fait avec de la farine et quelquefois de la viande
hachée.Les Arabes la roule dans le creux de la main en boulettes et la lancent
ensuite dans leur bouche avec beaucoup de dextérité.
- Cette façon comique de manger amusa tous les enfants.(BRUNO,G .Les enfants de
)Marcel,p244
1ينظر :تركي املغيض،الرتمجة بني التعددية اللغوية والتنميط الثقايف ،يف سلسلة اآلن،الرتمجة بني ّتلّيات اللغة وفاعلية
الثقافة،مؤسسة السياب (لندن) -منشورات االختالف (اجلزائر) -ومنشورات ضفاف (لبنان)،عدد ،0287،7ص .11
78
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
"يمكن استعمال التثاقف لإلشارة إلى األنماط التي يتم بموجبها قبول مظهر ثقافي معين في
ثقافة أخرى بحيث يتالءم ويتكيف معها مما يفترض مساواة ثقافية،بين الثقافة التي تعطي
وتلك التي تتقبل ،والتكيف هو السيرورة التي تتحول بموجبها عناصر الثقافة المستعمرة
1
والمسيطر عليها نحو حالة تتالءم مع شكل الثقافة المسيطرة" .و ّ
نتبني من هذا الكالم بأنّه
أي أحد التمركز واالنغالق على نفسه،فالثقافات ال تنفك تتالقى واألفراد كذلك ال
ليس بإمكان ّ
ب ّد هلم من االندماج والتكيّف ضمن بيئة اآلخر.
مرة على يد األنرتوبولوجيني األمريكيني ،أي يف عام
ألول ّ
وقد ظهر مصطلح التثاقف ّ
،8112وعلى رأسهم جون ويسلي باول ّ )John Wesley Powell-1834-1902
،وتطرق له
كثري من الباحثني يف ثالثينيات القرن املاضي،ال سيما ملفيل جون هيرسكوفيتس (Melville
ويدل "الرتكيب الالتين"" acculturationعلى التقارب،وهو
)ّ .Jean Herskovits-1895-1963
الرغم من وجود ما يقابله
املصطلح الذي استقر استعماله من قبل الباحثني يف أحناء العامل،على ّ
يف البلدان واللغات األخرى،إذ حيبّذ اإلجنليزيون مثال استعمال مصطلح "التبادل الثقايف"
(،)Cultural changeبينما يوظّف االسبانيون مصطلح " ،"Transculturationوالفرنسيون
2
مصطلح ' ."Interpénétration des civilisations
يدل على "المرور من ثقافة إلى ثقافة قصد
إذا كان مصطلح املثاقفة ّ
استيعابها واالنصهار فيها،كما إ ّن هذا المرور يعني االلتقاء الثقافي مع االلتحام الذي يؤدي
إلى هوية ثقافية تركيبية جديدة"،3فإ ّن هذه املثاقفة ال تتح ّقق بسهولة،أل ّن عملية االستسالم ال
متر بأربع
تتّم بسرعة ،إذ ال مناص -بداية -من عملية التفاعل.ومن ثّ يرى الباحثون بأ ّن املثاقفة ّ
مراحل تتمثّل يف :مرحلة االصطدام،ومرحلة الضبط،ومرحلة االنصهار ومرحلة الدمج.
ويشري الباحث دافيد كاتان ( )David Katanإىل وجود ست مراحل حتكم عملية النقل
وهي:الرفض،والدفاع والتقليل،والتقبل،والتكيّف والدمج.وتدخل املراحل الثالث األوىل يف إطار
االنغالق على الذات،بينما ترجع األخرى إىل االنفتاح على اآلخر،1وهو بدوره يقلّص هذه املراحل
إىل أربع لتداخلها فيما بينها.
-املرحلة األوىل :الرفض والدفاع ،ففي حالة الرفض" أحتاج إىل تعلّم اللغة وليس الثقافة"،
ويف الدفاع "كل ما هو خمتلف فهو خطري".
كل
كل ما هو خمتلف فهو خمتلف"ّ "، -املرحلة الثانية:التقليل والتقبّل،وفيها يكون التساؤل" ّ
ما هو خمتلف فهو خملخل"،ولفهم هذا االختالف حيدث التساؤل التايل" كيف فعلوها
هبذه الطريقة"؟.
-املرحلة الثالثة :التكيّف"،بقدر ما أمت ّكن من الثقافة أمتكن من اللّغة".
-املرحلة الرابعة:الدمج واستيعاب الثقافة املنقولة يف سياق الثقافة املنقول إليها.
وتع ّد املراحل الثالث األوىل يف نظر املختصني سلبية ملا تتميّز به من رفض،ودفاع
ؤدي إىل
ألّنا ت ّ
وتقليل،بينما متثّل املرحلة الرابعة االنفتاح على اآلخر وتقبّله،فهي إذا إجيابية ّ
2
ّتسده من تقارب بني
ّ ملا املثاقفة بتحقيق كفيلة ال هي الرتمجة ن
ّ بأ الباحثني من كثري ويعترب املثاقفة.
" :)Laurenceالترجمة حركة Venuti ثقافة اآلخر والثقافة األم،وكما يقول لورانس فينوتي (
دؤوب نحو ثقافة اآلخر"،3فبها توجد سبل االنفتاح على الثقافات األخرى،وتصبح حاملة
للتع ّدد على مستويات كثرية،فتتجاوز تلك اهليمنة اليت تفرضها العوملة:عوملة اللّغة،وعوملة
الثقافة،وعوملة التجارة واملعلومة واالقتصاد.
1عيسى بريهمات ،الرتمجة لالطفال:بني ثقافة األنا وثقافة اآلخر،جملّة الباحث,جامعة األغواط،عدد ،80أبريل،،0287/ص
.881
2ينظر :واقع ترمجة أدب الطفل العريب،مواجهة بني كاتب ومرتجم ،التاريخ ، 0289/25/80الرابط:
http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/b9bad344-9b9b-427b-8c72-eb1fe76e7b26
888
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
وإلبراز اجلانب اإلجيايب للرتمجة لألطفال جيمل بنا أن نشري إىل ما وصل إليه حممد
القصة األوىل
قرانيا يف حتليله لثالث قصص مرتمجة وما أفرزته من إجيابيات،فيتمثّل عنوان ّ
يف"الغول وأوالد الحطاب"واليت عرفت وترمجت فيما بعد بـ "عقلة األصبع"،والثانية
"جون بذر التفاح"،والثالثة "من األقوى؟"،وقد احتوت هذه النماذج القصصية الثالثة
على مضامني تثقيفية،ورّكزت يف جمملها على جمموعة من القيم اإلجيابية مثل توظيف العقل
والتصرف بذكاء وحكمة يف املواقف احلرجة،والتحلّى بالشجاعة جملاهبة األزمات مهما
1
احلث على استصالح األرض وزراعتها،وهذا
القصة الثانية جاء فيها ّ
ّ ويف كانت قاسية.
حيث على الغرس،حّت لو قامت القيامة،
ينسجم مع تعاليم الدين االسالمي احلنيف الذي ّ
واألحاديث يف هذا الباب كثرية،فالعمل حمبوب وقيمة اإلنسان العامل كبرية لدى
القصة
ينمي وعي الطفل يف احلفاظ على بيئته بطريقة سليمة.أما يف ّ الناس.وهذا كلّه ّ
املتحركة،مثل املاء واهلواء،وحياة النباتات
ّ الثالثة،فقد ّتلّت طبيعة اجلمادات والسوائل
كلها نافعة للبيئة ومرتبطة
وسلوك احليوانات ومدى ضعفها وقوهتا يف الوقت نفسه،وهي ّ
بعضها ببعض ومتكاملة2.فال ميكن ألحد إنكار ما قامت به الرتمجة من تالقح ثقايف
عرفتهم بروائع األدباء العامليني مثل
وحضاري بني الشعوب،بداية باألطفال واليافعني الذين ّ
وغريهم هوغو،وستيفنسون غريم،وفيكتور بيرو،وأندرسون،واألخوين شارل
كثري.فالرتمجة ّأدت دورا كبريا ورائدا يف جمال التعريف مبا كتبه اآلخرون لألطفال،ولوال
تسىن لألطفال العرب معرفتهم
جهود األدباء السابقني الذين ذكرناهم يف هذا البحث ملا ّ
يف وقت مبكر.ويف املقابل ال ميكن أن نغض الطرف ع ّما ّأدت به بعض الرتمجات إىل
متت بصلة لثقافة الطفل العربية
اللغة العربية من تشويه وغزو للعقول،بأفكار وثقافات ال ّ
االسالمية وبيئته.
1
صة األطفال،املرجع السابق ،ص.852
ينظر :حممد قرانياّ ،تليات ق ّ
2ينظر :املرجع نفسه،ص.858-852
888
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
ويف هذا املعىن أيضا يعترب طلعت فهمي خفاجي بأ ّن كثريا من القصص املرتمجة تق ّدم
أبطاال خوارق ينتصرون دائما،وهو تصوير بعيد عن الواقع الذي يعيشه الطفل العريب ،ملا
يسود فيه من سلوكات سلبية داعية إىل العنف،والسرقة والتمييز العنصري،ال سيما وأ ّن
وتقمص أدوار الشخصيات،ويف حالة اصطدامه بالواقع
الطفل يسعى يف صغره إىل احملاكاةّ ،
يصاب باالحباط واليأس،1وهذا ما يتناىف مع اهلدف الذي ينشده أدب الطفل عادة.وهبذه
يقسم
الطريقة يصبح كتاب الطفل وسيلة اغرتاب عن اجملتمع وأداة فرار من الواقع.كما ّ
2
خفاجي قصص األطفال واجملالت املرتمجة إىل مخسة مستويات تتمثل فيما يأيت:
-8المضمون األخالقي :يعتربه غري مقبول وهو يف غاية اخلطورة،حبيث يصبح احليوان
يف هذه اجملالت مثل اإلنسان أو يفوقه،واملرأة يف عالقة بالرجل من غري
زواج،إضافة إىل غياب العائلة واألقارب وغريها.
-0المستوى اللّغوي :يراه سيّئا ج ّدا،حبيث يغلب عليه أسلوب احملاكاة عن لغة
األصل.
-7اإلخراج وتقنية اإلنتاج :متازة عموما حبيث تنتج النسخ العربية مبواصفات النسخ
األجنبية نفسها.
-9المالئمة :يعترب بأ ّن هذه اجملالت تالئم نفسية الطّفل،ألّنا ختاطب خياله اجلامح
بالقوة والتق ّدم التكنلوجي،ويف أحيان أخرى ختاطب
وحب املغامرة،واإلعجاب ّ
غرائزه اجلنسية.
لكل ما يتعلّمه الطفل -5الرسالة التربوية :متكاملة على ّ
الرغم من أن مضموّنا ه ّدام ّ
من والديه واملدرسة.وحّت إن اعتربت األماكن واحلوادث غري مقنعة،فإ ّن الطّفل
يتأثر هبا مثل "ديزين"،و"النينجا" و"الوطواط".
1ينظر :طلعت فهمي خفاجي،أدب األطفال يف مواجهة الغزو الثقايف،دار ومكتبة االسراء للطبع والنشر والتوزيع ،طنطا،
مصر ،ط،0226 ،8ص . 879
2ينظر :املرجع نفسه،ص . 022
888
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
وقد أشارت دراسة إىل أ ّن لقصص األطفال املرتمجة تأثريا كبريا يف األطفال،وقد
املفضل،أو طويل املدى يؤثّر يف
يكون هذا التأثري سريعا يتمثّل يف التقليد املباشر للبطل ّ
ذوق الطّفل وحكمه على األشياء1.وهلذا مثّة من يدعو من املختصني إىل مواجهة األدب
املرتجم لألطفال املتنايف مع القيم العربية االسالمية مثل علي أحمد مدكور
القائل":وعندما بدأ االهتمام بقضية أدب األطفال سارع الجميع إلى األدب الغربي
يترجمونه إلى العربية بما فيه من مضامين تتصادم مع البيئة العربية االسالمية شكال
وموضوعا،وكثر عدد العاملين في هذا الميدان من التجار أكثر من األدباء()...إ ّن
ترك هذا الميدان لألدب المترجم يعني صياغة وجدان أطفالنا وشبابنا وأذواقهم
األمة وعقيدتها وأخالقها ونظمها النابعة
وميولهم صياغة غربية وبعيدة عن وجدان ّ
منهم،وفي ذلك استالب للعقول2".ومعىن هذا الكالم أنّه عندما نرتجم قصصا أجنبية
لألطفال،فإنّنا ال حمالة نعرض عليهم يف الواقع ثقافة وأفكارا خمتلفة،رمبّا قد حيبّذوّنا،على
الرغم مّا حتمله هلم من ضرر،وهذا لعدم قدرهتم على إدراك ذلك،وهنا نرى بأ ّن الدور
الذي يضطلع به املرتجم هو يف غاية األمهية واخلطورة كذلك.
3
وّتمل لمياء رشدي البحيري سلبيات القصص املرتمجة فيما يأيت:
-حتمل كثريا من السلوكات غري املرغوبة اليت ال تناسب اجملتمع املصري.
-هلا تأثري سليب يف الطفل ونفسيته على األمد الطويل،حبيث يصبح ناقما على جمتمعه،
ورافضا ملبادئه.
وتزوده بطرق تنفيذها.
تشجع الطفل على القيام باجلرمية ّ
ّ -
1ينظر :رامي عمر اخللف العبد اهلل،تقومي املضامني الرتبوية يف القصص املرتمجة لألطفال يف ضوء املعايري العربية
االسالمية،ملخص رسالة حبث،معهد الدراسات الرتبوية،جامعة القاهرة،0282،ص،7الرابط:
http://platform.almanhal.com/Reader/2/80167
2علي أمحد مدكور،تدريس فنون اللغة العربية،دار الفكر العريب،القاهرة،0226،ص.008
3ينظر :رامي عمر اخللف العبد اهلل،املرجع السابق،ص.5
888
الرتمجة وقصص األطفال الفصل الثاين
اهلوة بني األجيال.
وتوسع الفجوة و ّ
تنمي الفردية،وهتدم القيمّ ،
ّ -
-حتاكي أعمال العنف وتصرفه عن الواقع الذي يعيش فيه.
عما
-كما تغزو الرموز الثقافية الغربية املرتبطة بنمط العيش وغريها حياة الطفل العريب فتسلخه ّ
يقابلها من رموز بيئته األصلية.
انطالقا ما سبق،نرى بأن القصص املرتمجة تغدو سالحا ذي ح ّدين ،هلا إجيابياهتا
وسلبياهتا.ولذلك فإ ّن عملية التهويل من خطورهتا يبعث على الكثري من الركود،كما أ ّن التعويل
كل حني ،هو ما يثري
كل ما ينتج من كتب غربية لألطفال دون اسرتاتيجية واضحة ،يف ّ
على ترمجة ّ
التح ّفظ لدى املهتمني والرتبويني.فالرتمجة لألطفال تع ّد اسرتاتيجية تنموية حتتاج إىل من يشرف
تؤدي رسالتها على أحسن وجه،بعيدا عن التشويه،والتخويف،والتهويل.وال مؤسساتيا،حّت ّ
عليها ّ
نرى سبيال لتحقيق ذلك إال بتكاتف جهود املربني،واألدباء املختصني،واملرتمجني،وعلماء النفس
خمولة لذلك،تصبح
مؤسسات ّ
وغريهم.ويف الوقت الذي يصبح االهتمام بالرتمجة للطفل من طرف ّ
ختل هبويتها وهوية
الرتمجة أداة مثاقفة حقيقية،تنهل عن غريها ما يغن ثقافتها وحضارهتا،دون أن ّ
أبنائها وثقافتهمّ .أما إذا غلّب القائمون عليها اهلدف التجاري واملادي،فهنا تصبح عمال خطريا
على األطفال الذين ال ذنب هلم سوى حب االطّالع،و املرح ،واملتعة.
888
الفصل الثالث
استراتيجية ترجمة قصص األطفال
منذ العقود الثالثة األخرية للقرن املاضي،أثارت الرتمجة لألطفال والشباب،اهتمام كثري من
الباحثني،وقد جتلّى هذا يف انعقاد ع ّدة مؤمترات وندوات يف شىت أحناء العامل.ويرى املهتمون بأ ّن
يظل أمرا جديدا،سرعان ما
الرتمجة ألدب األطفال قد بدأت مع ظهور الكتابة هلمّ ،أما التنظري هلا،ف ّ
جراء تعاقب الدراسات،ونشر املؤلّفات،ال سيما مع مطلع القرن الواحد
بدأ يعرف اهتماما متزايدا ّ
والعشرين.
1
Voir META,Traduction pour les enfants ,N°48,2003. Lien:
https://www.erudit.org/fr/revues/meta/2003-v48-n1-2-meta550/
2
Voir les titres publiés par cet auteur sur le lien suivant :
https://www.waterstones.com/author/gillian-lathey/229411
عقد هذا املؤمتر طبعته الثالثة والعشرين ( )02مبدينة تورونتو بكندا من 02جويلية إىل 20أوت .0202لإلطالع أكثر
حنيل القارئ على الرابط التايلhttp://www.irscl.com/conferences.html:
108
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
ومن بني املنظرين الذين أشرفوا على هذا املؤمتر بني سنوات 0222و 0221األستاذ
خصص
)Göteالذي ّ (Klingberg-1918-2006 املختص يف البيداغوجيا "غوت كلينبيرق"
موضوع طبعة مؤمتر سنة 0222بالسويد لـ"إشكاالت الترجمة في حقل أدب األطفال
والناشئة" (Problems of Translation in the Field of Literature for Children and
،Youngوالذي نشر فعالياته عام 0221حتت عنوان"كتب األطفال في )People
املؤمترات لكونه ش ّكل بؤرة اهتمام املرتمجني واملختصني يف كتاب الطّفل على ح ّد سواء2.فضال عن
1
Voir Virginie Douglas, Etat des lieux de la traduction pour la jeunesse ,PURH ,France,
2015,p 7.
2
Ibidem
109
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
اليوم الدراسي الذي تّ جبامعة "روان" ( )Rouenيف 02ماي 0200حتت عنوان " وضع
الترجمة ألدب األطفال"( )Etat des lieux de la traduction pour la jeunesseوالذي
مس العامل
نشرت فعالياته يف شهر سبتمرب .0202ومل يقتصر تنظيم املؤمترات على فرنسا فقط،بل ّ
)Lasيف عامي 0222و،0222 (Palmas أمجع مثل :مؤمتر "الس بالماس"(إسبانيا)
ومؤمتر بروكسيل بـ(بلجيكا) عام ،0222ومؤمتر"فورلي" بـ(إيطاليا) عام 0222وغريها.
Traduccion y literatura "،)Isabelالرتمجة وأدب األطفال" ( أشرفت عليه األستاذة إيزابيل باسكوا (Pascua
.)infantil
نشرت فعالياته يف سنة " 0222الرتمجة وأدب األطفال كان يا ماكان ...أندرسون"( Traduccion y literaura
.)infantil : Erase un avez…Anderson
نشرت فعالياته سنة ،)Children’s Literature in Translation,Chalenges and Strategies( 0222ميكن
االطالع عليه على الرابط اآليت:
https://elearning2.uniroma1.it/pluginfile.php/500809/mod_resource/content/1/Jan%20Van%
20Coillie%2C%20Walter%20P.%20Verschueren-
Childrens%20Literature%20in%20Translation_%20Challenges%20and%20Strategies-
Routledge%20%282006%29.pdf
مؤمتر دويل جرت فعالياته يومي 00و 00ماي 0222ونشرت عام 0202بدار بيتر النق ( )Peter Langببلجيكا
يف كتاب مشرتك بعنوان"."Ecrire et traduire pour les enfants /voix,images et mots
باحث منساوي وأحد مؤسسي منظمة " المنصة الدولية لكتب الناشئة (The International Board on Books for
) Young People –IBBYمبدينة زوريخ السويسرية عام ،0222وتصدر عنها جملة "بوك بيرد "Bookbird-لألطفال
ملزيد من اطإطالع على املنظمة وأهدافها هاهو الرابطhttp://www.ibby.org/about/what-is-ibby/?L=0 :
1
Voir Roberta Pederzoli,op cit,p58.
110
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
وقد ظهرت يف الواقع أحباث يف هذا اجملال مع بداية مثانينيات القرن املاضي،وهي احلقبة اليت
أصبحت متثّل ما يعرف بـ"المنعطف الثقافي" (،)The cultural turnحيث غدت الثقافة حمور
،)Gideonأي يف سنة ،0212بنشر (Toury الدراسات الرتمجية،فقام حينذاك جديون توري
كتابه"البحث حول نظرية الترجمة")،(In search of a theory of translationالذي عمل فيه
على حتديد صنافة ملعايري الرتمجة يف الثقافة اهلدف،من خالل حتليل ترمجات لألطفال من اللّغة
األملانية إىل اللّغة العربية.كما نشر سنة ،0210مع إيتمار إيفن زهار ()Itamar Even-Zohar
(Translation theory and intercultural كتاب"نظرية الترجمة والعالقة بين الثقافات "
).relationوهبذا قد أرسيا مبادئ نظرية النظام املتع ّدد ( ،)Théorie du poly-systèmeوهي
مقاربة لرتمجة النصوص األدبية،العتبارمها أ ّن الرتمجة ممارسة سوسيوإجتماعية ضخضع ملعايري أو
1
باألحرى إىل إكراهات إيديولوجية وسلطوية.
1
Voir Roberta Pederzoli,Op Cit,p59.
111
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
مجعتها يف مؤلّف نشرته سنة 0222باللّغة األملانية ثّ ترجم إىل اللّغة اطإجنليزية عام 0222حتت
عنوان "أدب األطفال المقارن" ()Comparative children’s literatureعرضت فيه مقاربة
العامة ألدب األطفال،وشعرية أدب
ألدب األطفال وما يرتبط به من حقول أخرى مثل:النظرية ّ
2
األطفال املقارنة،ودراسات التناص،وصورة الطفل وغريها.
إنّنا إذا ما حاولنا اطإشارة إىل مجيع الدراسات يف هذا اجملال،فسوف لن نلّم بشتاهتا ولن
نبالغ إن قلنا بأن كثريا من املنظرين – باختالف مشارهبم -استهواهم البحث يف هذا اجملال
جل الدراسات اليت اهتمت برتمجة أدب األطفال حاولت حلساسيته وحلداثته األكادميية.كما أ ّن ّ
أن جتيب على إشكاالت جوهرية بداية بالثقافية،واألسلوبية،واألدبية،واجلمالية،والرتبوية وغريها،
وذلك ملا يقتضيه هذا اجملال،الذي يتميّز –كما أشرنا -حبساسيته ال سيما على مستوى التلقي
ما دام أ ّن املتلقي املفرتض هلذا األدب هو الطفل،ومن ثّ يصعب التعاطي مع الرتمجة له لوجود
عناصر أخرى ميكن إدراجها يف خانة املتلقني هلذه الرتمجة،باعتبارهم وسطاء ال يستهان هبم سواء
أثناء العملية الرتمجية أو بعدها.
1
Voir Roberta Pederzoli,Ecrire et traduire pour les enfants/voix ,images et mots,Elena Di
Giovanni,Chiara Elefante et Roberta Pederzoli,(dir/eds), Peter Lang,Bruxelles,2010,P.11.
ميكن اطإطالع على الكتاب وقراءته على الرابط اآليتhttps://fr.slideshare.net/diniaria888/emer-o-:
sullivan-comparative-childrens-literature-20052
2
Voir Emer O’Sullivan,Comparing children literature,GFL Journan N°2/2002,p37.lien
http://www.gfl-journal.de/2-2002/osullivan.pdf.
112
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
ولذلك نرى من األمهية مبكان أن نبحث يف االسرتاتيجية الرتمجية اليت ميكن توظيفها أثناء
املوجهة لألطفال.ونقصد باطإسرتاتيجية الطريقة املناسبة
الرتمجة أو التعامل مع الكتب أو القصص ّ
اليت يسلكها املرتجم لألطفال،واليت تأخذ بعني االعتبار كالّ من النصني األصل واهلدف ،وما
يتعلّق هبما من خصوصيات حضارية،واجتماعية،وتربوية،وثقافية،وترفيهية وغريها.
جند كثريا من الباحثني يشريون إىل أ ّن من أخالقيات الرتمجة الوفاء للنص األصل والتقيّد
كل من يؤّكد على ذلك يدرج -وفق تصنيف جان روني مبحتواه الفكري،واطإيديولوجي والثقايف،و ّ
الدميرال ( -)Jean René Ladmiralضمن خانة "أنصار المصدر" (،)Les sourciersبينما
وتغدو الرتمجة يف هذه احلالة عملية شاقة ومضنية للمرتجم الذي حياول أن يكون "خادما
(Frantz لسيّدين"( ) Traduire c’est servir deux maîtresوفق تعبري فرانتس روزنسفيق
األول ميثّل النص األصل،ولغته وكاتبه،بينما ميثّل السيّد
).Rosenzweig-1886-1929فالسيّد ّ
املهمة اليت يشبّهها
يؤدي دور الوساطة،وهي ّ الثاين قارئ النص اهلدف.وهكذا حياول املرتجم أن ّ
أنطوان برمان 2باحملنة اليت ،ال حمالة ،يكابدها ويعيشها املرتجم كلّما باشر عمله.ونعتقد بأ ّن احملنة
1
Voir l’avis de Gerardo Vásquez Ayora,cité par Nassima El Medjira, Fidélité en traduction ou
l’éternel souci des traducteurs, le lien : http://translationjournal.net/journal/18fidelite.htm
2
Voir Antoine Bermane ,L’Epreuve de l’étranger/culture et traduction dans l’Allemagne
romantique, La traduction au manifeste,P.15.Lien : https://ec56229aec51f1baff1d-
185c3068e22352c56024573e929788ff.ssl.cf1.rackcdn.com/attachments/original/0/9/7/0026
21097.pdf
113
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
هذه تزداد ح ّدة يف بعض األحيان،أو باألحرى يف بعض اجملاالت مثل ترمجة الكتب املقدسة أو
الفلسفية وغريها.
بمادة نصية مكافئة في اللغة الهدف"،1بل يف الفهم اجليّد للمعىن وإعادة صياغته يف اللّغة
1
Voir John Catford,A linguistic theory of translation,Oxford University Press , 1965 p 20.
Accessible en ligne:
http://202.74.245.22:8080/xmlui/bitstream/handle/123456789/617/A%20Linguistic%20The
ory%20of%20Translation%20by%20J.%20G.%20Catford.pdf?sequence=1
2
Voir Valery Larbaud,Sous l’invocation de Saint Gérome,Editions Gallimard,Paris,1946,p
82-83.
3
Ibidem.
114
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
تتجسد رؤية فريديريك شليغل ّ أخرى قد ال جندها تتوفر على أسباب احلياة نفسها.وهنا
( )Friedrich Schlegel-1772-1829حيث يشبّه "الرتمجة مببارزة قاتلة ميوت فيها،ال حمالة،
املرتجم أو امل َرت َجم له"(.الرتمجة لنا)
« La traduction est un Duel à mort où périt inévitablement celui qui traduit
1
» ou celui qui est traduit
وعلى سبيل التمثيل الذي جاء به شليغل،خنال بأ ّن املرتجم هو شبيه بذلك املقاتل الذي
يدخل احلرب،فيتضاعف احتمال هالكه إن مل حيرتم االسرتاتيجية احلربية املسطرة،وإن مل يكن
مهم يف كسب رهان الرتمجة اليت يقوم
حامال للمؤهالت التكتيكية للمواجهة.فالزاد املعريف للمرتجم ّ
هبا،وال نستبعد وجود عمل من غري نيّة ومن غري اسرتاتيجية للقيام به،ويف حالة غياب ذلك
كل عملية ترمجة،فبها يتح ّدد أو حي ّدد املسار
سيكون مآله االخفاق.فاالسرتاتيجية الرتمجية الزمة يف ّ
تطرقوا إىل البحث يف اسرتاتيجية
الرتمجي قبل،وأثناء وبعد العملية.ولذلك جن ّد كثريا من املنظرين قد ّ
أو اسرتاتيجيات الرتمجة.وبتع ّدد املقاربات تع ّددت االسرتاتيجيات،ولذلك سنحاول اطإشارة عرضا
إىل أهم املنظرين الذين تناولوا االسرتاتيجية الرتمجية بالدراسة .
يعرف ماتيو غيدير ( )Mathieu Guidèreاالسرتاتيجية انطالقا من أمور ثالثة تتمثّل يف
ّ
االختيار،واملنهج،والقرار الذي يأخذه املرتجم،وهي ترتبط كلّها بعوامل اقتصادية ،وثقافية،
1
Cité par Edmond Cary, Comment faut-il traduire ?Presses universitaires de Lille,p 25.
Accessible en ligne :
https://books.google.dz/books?id=0pUc2ye8DisC&pg=PA25&lpg=PA25&dq=la+traduction
+est+un+duel+%C3%A0+mort+ou+p%C3%A9rit+in%C3%A9vitablement&source=bl&ots
=NsLWsBb9Ww&sig=R6xmkNVDJSE1LnMJbNs8B0zv_-
8&hl=fr&sa=X&ved=0ahUKEwj06ZWozqjYAhVHsxQKHckVC5MQ6AEIJTAA#v=onepa
ge&q=la%20traduction%20est%20un%20duel%20%C3%A0%20mort%20ou%20p%C3%A
9rit%20in%C3%A9vitablement&f=false
115
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
1
Voir Mathieu Guidère, Introduction à la traductologie,Penser la traduction : hier,
aujourd’hui, demain, traducto-de boeck, Belgique,2010,p 97.
2
Voir Zohr Owji,Translation studies,A review and comparison of theories, translation
journal,lien: http://translationjournal.net/journal/63theory.htm
116
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
كل من
عاجزة أمام كثري من املشاكل الرتمجية،أل ّن الرتمجة ال تتلخص يف التقابل بني الوحدات يف ّ
األصل واهلدف،بل هي أمشل من ذلك بكثري.
و تندرج على املستوى الداليل أيضا عشرة أساليب أخرى تتمثل يف:
،)Lesوالعكس املنفي،والتغيري على مستوى (hyponymes الرتادف،والتضاد،واألمساء املندرجة
،)lesوتغيري درجة الش ّدة،والشرح،وتغيري (sèmes التجريد،والتغيري يف توزيع السيمات
يضم عشرة أساليب أخرىاالحياءات،وتغيريات داللية أخرى.أما املستوى الرباغمايت،فهو بدوره ّ
تتمثل يف :الرتشيح الثقايف،وتغيريات التوضيح،وإضافة أو حذف الكلمات،والتغيريات على مستوى
األفعال اطإجنازية،والتغيريات على مستوى الرتابط النصي،والرتمجة اجلزئية،والتغيريات يف الوضوح
(،)visibilitéوإعادة الكتابة،إضافة إىل تغيريات براغماتية أخرى1.ونالحظ بأ ّن بعض التغيريات
تتواتر يف املستويات الثالثة مثل الشرح،والرتابط النصي وغريها،وتبقى يف نظرنا التغيريات على
يتحرر نوعا ما من قيد اللّغة إىل جمال أرحب
املستويني الداليل والرباغمايت أكثر أمهية،أل ّن املرتجم ّ
يسميه شسترمان
يشمل الثقافة،واخلطاب والتلقي.وتدخل هذه التغيريات على مستوى ما ّ
باسرتاتيجية االنتاج (،)Production Strategyاليت هي يف احلقيقة نتاج اسرتاتيجية سابقة يطلق
كل عملية
عليها اسرتاتيجية الفهم (.)Comprehension strategyوهذا أمر بديهي ما دام أ ّن ّ
ترمجية تنطلق من الفهم لتصل إىل اطإفهام.
التوجه اللّساين على احرتام النص األصل ).orientedوكما أشرنا،لقد أ ّكدت الدراسات ذات ّ
والوفاء له،بينما ظهرت مع بداية املنعطف الثقايف املقاربات الوظيفية،ال سيما،بأملانيا لتعطي أمهية
كبرية للثقافة اهلدف،خدمة للقارئ الذي يقرأ الرتمجة.وبرز مصطلح التكافؤ يف املقاربات اللسانية
1
Ibid
117
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
118
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
ومن املقاربات اللّسانية اليت اهتمت بدراسة عملية الرتمجة "املقاربات السوسيولسانية"
) Eugène Albert ،)Approchesمثل مقاربة أوجين ألبير نايدا )sociolinguistiques
السياق،وأنّه إذا ما أراد املرتجم أن يكون أمينا،فعليه أن يراعي املتلقي.1وتعترب أعمال نايدا من أهم
ما أجنز يف القرن العشرين حول نظرية الرتمجة اليت يعتربها علما قائما بذاته،كما ينّم عليه عنوان
كتابه"نحو علم للترجمة" ( ،)Toward a science of translating-1964الذي يؤّكد فيه على
مهمة يف العملية الرتمجية.
كل من املرتجم،واملتلقي،والتحويالت الثقافية اليت يراها ّ
غاية الرتمجة،ودور ّ
،(Equivalence الشكلي")formelle وهو مييّز بني نوعني من التكافؤ يف الرتمجة":التكافؤ
2
األول إىل حتقيق األمانة على
والتكافؤ الديناميكي(. )Equivalence dynamiqueفيسعى ّ
مستوى الشكل للنص األصل،بينما حياول الثاين إعادة التعبري عن الرسالة املتضمنّة يف النص
Similar األصل،مع األخذ بعني االعتبار الثقافة اهلدف،وذلك قصد إحداث األثر نفسه (
النص األصل وثقافته
تتوجه الرتمجة باملكافئ الشكلي حنو ّ
)responseيف املتلقي اهلدف.وهكذاّ ،
(،)Source-orientedيف حني تتّجه الرتمجة باملكافئ الديناميكي حنو النص اهلدف وثقافته
لعل ما يؤخذ على مقاربة نايدا هو حماولة فصله الشكل عن املضمون، (.)Target-orientedو ّ
بأّنما متصالن،وأ ّن املعىن نفسه ميكن أن
بينما يرى كثري من املنظرين الذين انتقدوه يف هذا اجلانب ّ
يكون يف الشكل ويف املضمون.
1
Voir Maurice Pernier, Les fondements sociolinguistiques de la traduction, Presses
universitaire de Lille, Lille,1993,P 65.
2
Voir Eugene A.Nida, Toward a science of translating, With special reference to principles
and procedures involved in Bible translating, Boston, Leiden E.J.Brill,1964, p159.
119
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
وجيّّرنا احلديث عن مقاربة نايدا ومكافئيه الشكلي والديناميكي،إىل ما يراه بيتر نيومارك
( )Peter Newmarkيف التصنيفني الرتمجيني الذين جاء هبما:الرتمجة الداللية (Traduction
،والرتمجة التواصلية (.1)Traduction communicativeفالرتمجة الداللية حتاول )sémantique
أن تنقل الداللة السياقية الدقيقة للنص األصل،وهي بذلك تشبه الرتمجة باملكافئ الشكلي عند
نايداّ .أما الرتمجة التواصلية ،فتحاول نقل األثر نفسه الذي أحدثته يف قارئ النص األصل ،أي
بتوازي الرتمجة باملكافئ الديناميكي.ففي الرتمجة التواصلية يؤّكد املرتجم على تلقي النص املرتجم،
أي غموض أثناء القراءة،ولذلك فهي تؤّكد على الوضوح ألنّه يتعامل مع قارئ ال يتوقّع ّ
،أما يف الداللية فهو حياول املرتجم جاهدا احلفاظ على
توجه حنو الثقافة اهلدف ّ
والقرائية،وهي ذات ّ
جتلّيات الثقافة األصل.
ثّ جاءت بعد ذلك املقاربات الوظيفية لتؤّكد على اهلدف والغاية من الرتمجة،فتبتعد عن
مهم ج ّدا،ألنّه ميثّل اطإطار الزمكاين الذي
قاعدة التكافؤ،حبيث ترى بأ ّن معرفة املرتجم للسياق أمر ّ
ورد فيه النص.ونذكر من هذه املقاربات:منطية النصوص لـ"كتارينا رايس")، (Katarina Reiss
، (Hans Josef )Vermeer ونظرية الغرض( )La théorie du skoposلـ رايس وهانس فيرمر
و"نظرية الفعل الرتمجي"( )La théorie de l’actionلـ"جوستا هولتس منتاري"(Justa Holz-
)،Manttariونظرية حتليل النصوص لـ"كريستيان نورد"(.)Christianne Nordومركز مجيع هذه
" إضافة إىل النص املرتجم أو ما "Skopos املقاربات هو "هدف الترجمة" أو ما ّ
يسمى بـ
اصطلح عليه بـ"."Le translatum
1
Voir Eugene A.Nida,Toward a science of translating,With special reference to principles
and procedures involved in Bible translating,Boston,Leiden E.J.Brill,1964, p159.
120
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
فاهلدف حي ّدد من جهة طريقة الرتمجة أو اسرتاتيجيتها،ومن جهة أخرى حي ّدد إن كانت مالئمة
أم ال.ويعمل املرتجم يف إطار منهجي حيرتم قاعدتني أساسيتني:األوىل داخل نصيّة
بكل
( )Intratextuelleتؤّكد على التالحم النصي،والوضوح التّام للرسالة لكي يفهمها املتلقون ّ
سهولة،والثانية"بني نصيّة"( )Intertextuelleتراعي األمانة واالنسجام بني النص األصل والنص
اهلدف،اللذين خيضعان بدورمها لقاعدة اهلدف1.وبغية حتديد كيفية عمل مقاربته ومساعدة املرتجم
حل للمشاكل والعوائق اليت تعرتضه،أدرج فيرمر مقاربة منطية النصوص مع مقاربته،أل ّن
على إجياد ّ
معرفة منط النص مسبقا يساعد على حتديد الوظيفة وكذلك اسرتاتيجية الرتمجة.وميكن أالّ يكون
كل
للنصني األصل واهلدف مغزى تواصلي واحد،ويف حالة ما إن توافق مغزامها التواصلي يصطلح ّ
من رايس وفيرمر على هذا املوقف بـ "ثبوت الوظيفة "(،)Permanence fonctionnelleويف
وهذا هو الوظيفة"()Variation fonctionnelle حالة عدم توافقهما يصطلحان عليه بـ"تغيّر
مبدأ "مالءمة الهدف"(.)Adéquation du skoposوضختلف نورد مع فيرمر حول مفهوم األمانة
الذي يراه يتحقق بفضل التالحم النصي لألصل واهلدف،بينما ترى نورد بأ ّن مسؤولية املرتجم عن
تسميه بـ"اإلخالص" (La
النص األصل ومرسله وسياق النص اهلدف ومتلقيه تدخل ضمن ما ّ
) loyautéباعتباره مبدأ أخالقيا ال غىن عنه يف العالقات بني البشر الذين يشرتكون يف العملية
2
جمرد عالقة تقنية نسبية بني نصني عند
التواصلية .وهكذا ،فإ ّن الدقّة اليت متثّل مبدأ األمانة هي ّ
نورد.
1ينظر كريستيان نورد حتليل النص يف الرتمجة،ترمجة حمي الدين علي محيدي،جامعة امللك سعود ،النشر العلمي واملطابع،
، 0222ص.22
2ينظر املرجع نفسه،ص.22
121
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
(La traduction وتشري يف مقاربتها إىل نوعني من الرتمجة " :الرتمجة التوثيقية"
.)Laففي الرتمجة التوثيقية األداتية"(traduction instrumentale )،documentaireو"الرتمجة
القراء يف ثقافتهم األصلية،فهي
ينقل املرتجم دالالت النص األصل إىل النص اهلدف كما تلقاها ّ
مبثابة الرتمجة احلرفية الوفية للكاتب األصل وثقافته.ويف الرتمجة األداتية حياول أن يعيد بث تفاعل
حيس املتلقي
تواصلي جديد بني املرسل يف الثقافة األصلية واملستقبل يف الثقافة اهلدف،حبيث ال ّ
بأ ّن النص مرتجم،وبالتايل تكون هذه الرتمجة متكافئة وظيفيا1.تع ّد إذا املقاربات الوظيفية ذات
توجه حنو الثقافة اهلدف،وقد حاولت نورد من خالل منوذجها التحليلي للنصوص تقدمي منوذجّ
ترمجي عملي يساعد يف عملية تعليم الرتمجة واحرتافها على ح ّد سواء،راعت فيه مجيع اجلوانب
Eléments املرتبطة بالنص األصل واهلدف،وذلك بتحليلها للعناصر النصية اخلارجية (
،)extratextuelsوالعناصر النصية الداخلية (.)Eléments intratextuels
كما ظهرت يف الفرتة املمتدة بني 0222و 0212مقاربة أخرى عرفت بنظرية النظم
املتع ّددة ( )La Théorie du polystèmeعلى يد إيتمار إيفن زهار،وهو يعين بالنظام جمموع
املتنوعة اليت تتفاعل فيما بينها بشكل حيوي داخل نظام جامع،وشامل يعرف بالنظامالنظم ّ
املتع ّدد (.)Polysytèmeويصبح األدب املرتجم فرعا من هذا النظام اليت يسود فيه التنافس بني
املستويات املختلفة،واليت يسعى كل واحد منها فرض نفسه ضمن األنظمة األخرى.ومييّز إيفن
2
زهار بني ثالثة أمناط من الوضعيات:
1
Voir Christiane Nord,La traduction : une activité ciblée, Introduction aux approches
fonctionnalistes, traduit par Beverly Adab,Artois Presses université,Paris,2008 ,pp 65-68.
2
Voir Itamar Even-Zohar,Polysystem Studies,Poetics today,Vol 11,N°1,Spring 1990,Duke
UniversityPress,P47.Accessible en ligne ,lien:
http://www.tau.ac.il/~itamarez/works/books/Even-Zohar_1990--
PolysystemStudies%20%5BPT11-1%5D.pdf
122
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
األول ميثّل اآلداب الناشئة ويف طور التكوين،ويف هذه احلالة يلعب األدب املرتجم دورا ّ -
مهما يف رفد االبتكار ومعايري املقارنة.
ّ
-والثاين ميثّل اآلداب الوطنية،ويف هذه احلالة حياول األدب املرتجم أن يكون يف املركز
متطور ونافذ.
باعتباره نابعا من جمتمع ّ
-والثالث ميثّل األدب املوجود يف أزمة،ويف هذه احلالة حياول األدب املرتجم شغل الفراغ
الذي تركه األدباء احملليون،فيشغل املركز يف احلقل األديب للغة اهلدف.
إ ّن الرتمجة وفقا لنظرية النظم املتع ّددة عبارة عن نظام فرعي مرتبط باطإطار الثقايف العام
للمجتمع املستقبل.كما ّأّنا ليست مستقلّة،بل ضخضع لتفاعل األنظمة األخرى
جمرد عملية حتويل بني اللّغات.فهي جتري يف سياق سوسيو إجتماعي ضمن
املوجودة،وليست ّ
هذا النظام املتع ّدد.كما ضخضع اسرتاتيجية الرتمجة وأساليبها إىل معايري السياق االجتماعي مثل
اجلنس األديب واطإيديولوجية املهيمنة،والسياق السياسي.وقد عمل توري،مع إيفن زهار،
لتطوير نظرية شاملة للرتمجة،اعتمادا على نظرية النظم املتع ّددة.وقام بدراسة وصفية حاول فيها
حتديد معايري الرتمجة انطالقا من مالحظة املنتجات،والعمليات والنزعات الرتمجية.ويقرتح توري
1
ثالثة أنواع من املعايري هي كاآليت:
-المعايير األولية ( : )Initial normsوتعين ّتوجه املرتجم حنو معايري النص األصلي أو
معايري النص اهلدف.
:)Préliminaryوهي ما يتعلّق بالسياسات الرتمجية وما (norms -المعايير التمهيدية
بتوجهاهتا.
يرتبط ّ
1
Voir Gideon Toury, The Nature and the Role of Norms in Translation, lien:
http://www.tau.ac.il/~toury/works/GT-Role-Norms.htm
123
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
ويعتمد توري على مصطلحني يتمثالن يف" :املالءمة"( )Adequacyيف حالة ما إذا
احرتم املرتجم معايري النص األصل،و"املقبولية"( )Acceptabilityحينما حترتم الرتمجة معايري
لكل ثقافة معايريها،يراعيها املرتجم والناشر على ح ّد سواء.وهو يرى كذلك بأ ّن
الثقافة اهلدف،أل ّن ّ
مبدأ التكافؤ هو مفهوم وظيفي وعالئقي يعمل على التمييز بني ترمجة مناسبة أو غري مناسبة
1
مقارنة مع الثقافة املعنية.وهلذا تنزع مقاربة النظم املتع ّددة حنو الثقافة اهلدف.
املتخصصة واملعىن
ّ -فهم النص األصل بتقطيعه لوحدات حنوية،ومعجمية لفهم املعارف
املقصود.
-حتويل املعىن على املستويات املعجمية،والنحوية والبالغية مبا يف ذلك املعاين الضمنية اليت
القراء استنباطها.
بإمكان ّ
1
Voir Ibid.
2
Voir Mathieu Guidère,Op Cit,p 61.
124
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
-تقومي النص املرتجم ومراعاة القرائية،واملطابقة واملواضعات اخلطابية للّغة اهلدف،وكذا مالءمة
الرتمجة من حيث الرتابط واالنسجام يف النص اهلدف.
يأخذ البعد التداويل أو "الرباغمايت" أمهية كبرية عند باسل حاتم وماسو،العتبارمها أ ّن الرتمجة
مربر ،ويقرتحان منوذجا
خطاب تواصلي،وأ ّن النص املراد ترمجته "صفقة تواصلية" نابعة من اختيار ّ
احلدث،وهوية املشاركني أو الفاعلني،والقناة
ّ تواصليا تطبيقيا يتضمن القارئ يف حماولة فهمه سياق
قارا وثابتا
النص ّإما ّ
الباثّة للرسالة.فعملية الرتمجة عندمها عبارة عن فعل تواصلي مستمر يكون فيه ّ
وإما "حيويا" ( )Dynamiqueحينما ال يتح ّقق (،)Statiqueحينما تتحقق تطلّعات املستعملنيّ ،
ذلك.1ففي احلالة األوىل ميكن للمرتجم أن يلجأ إىل الرتمجة احلرفية بينما،ال يتاح له ذلك يف احلالة
العكسية.
وبعد ذلك،تأيت نظرية املعىن (،)La théorie du sensممثّلة يف مدرسة باريس( )ESITاليت
(Danica تبلورت انطالقا من ممارسات الرتمجة الشفوية،ورائدهتا دانيكا سيلسكوفيتش
ألّنا تفرتض وجود سياق
تتأسس هذه النظرية على التواصلّ ،
).Saleskovitch 1921-2001و ّ
كل عملية خطابية.وترفض هذه فكرة أن الرتمجة عملية لغوية حمضة،تسعى لتحويل
تواصلي يف ّ
كلمات من النص األصل إىل ما يقابلها يف النص اهلدف.فالرتمجة عملية تواصلية تبىن على الفهم
متر
من أجل اطإفهام،أي إعادة صياغة املعىن أو مراد القول ()Le vouloir direيف اللّغة املستقبلة.و ّ
عملية الرتمجة بثالث مراحل تتمثّل يف:الفهم ( ،)Compréhensionوالتجريد اللغوي
Jean ( )Déverbalisationوإعادة الصياغة ( ،Reformulationويضيف إليها جون دوليل (
يسميها التحليل التربيري(،)L’analyse justificativeوفيها يقوم
)Delisleمرحلة رابعة وأخرية ّ
املرتجم مبراجعة ترمجته.ويش ّكل املعىن مركز النظرية التأويلية،الذي هو حسب ما تقول ماريان
1
Voir Bassil Hatim et Ian Masson,The Translator as communicator, Routledge, London,
19977,pp 30-31 .
125
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
مما قاله"1.ووفقا
ليديرير":المعنى هو ما يريد أن يقوله الكاتب،وما يريد أن يفهمه انطالقا ّ
للنظرية التأويلية تكون الرتمجة باملكافئ املعنوي (،)Traduction par équivalenceال بتقابل
الكلمات (،)Par correspondanceأو الرتقنة (.)Transcodageويسعى املرتجم طإعادة صياغة
ثالثة أنواع من املكافئات:املكافئ املعريف،واملكافئ العاطفي اجلمايل،واملكافئ الثقايف الذي ميكن
تكييفه،أو توضيحه،أو احلفاظ على غرابته.
1
Marianne Lederer,La traduction aujourd’hui,le modèle interpretative,Hachette,Paris,1994,
p35.
2
Voir Barbara L’éthique du traduire,Antoine Bermane ou le « virage éthique » en
traduction,Revue TTR,Vol 14,N°2,2001,p 55.
126
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
مشوهة للحرف
( )Tendances déformantesاليت حي ّددها برمان يف ثالثة عشر أسلوبا يراها ّ
1
جنملها يف ما يأيت:
-العقلنة (: )La rationalisationأي امليل إىل جتريد أساليب النص األصل وتبسيطها على
مستويات متع ّددة،مثل عالمات الوقف والرتاكيب وغريها.
-التوضيح ( :)La clarificationتسعى كل ترمجة إىل توضيح الرسالة األصلية.
-التطويل (:)L’allongementيضاف إىل العنصرين السابقني،وعادة ما حيصل أثناء الرغبة
يف التوضيح.
-التفخيم أو (التنميق:)L’énoblissement( )وهو يهدف إىل إضفاء مجالية أكثر على
األسلوب.
:)L’appauvrissementومعناه السعي إىل استبدال (qualificatif -االختصار الكيفي
املصطلحات،والتعابري والصيغ للنص األصل بأخرى ضعيفة على املستوى الصويت،والداليل
واطإيقوين.
:)L’appauvrissementيكمن يف اخلسارة (qualificatif الكمي
ّ -االختصار
املعجمية.فمن املعروف أنّه تنتشر يف النثر الدوال والسالسل الرتكيبية للدوال،وإذا مل تعد
مطولة فقرية.
دة،فإّنا تصري ّ
الرتمجة صورة للدوال احمل ّد ّ
1ينظر أنطوان برمان،الرتمجة واحلرف أو مقام البعد،ترمجة عز الدين اخلطايب،املنظمة العربية للرتمجة،توزيع مركز دراسات الوحدة
العربية،بريوت،ط،0ماي ،0202ص .20-22
حىت نتفادى داللته الثانية يف جمال الصوتيات. نرى باقرتاح مصطلح التنميق بدال من مصطلح التفخيم ّ
127
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
128
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
متيّز روبيرتا بيدرزولي يف ترمجة أدب األطفال بني النظريات الوصفية اليت تقتصر على
دراسة الظواهر املتعلّقة بالثقافة اهلدف والتلقي،وهي مستقاة من نظرية الغرض لفريمر ورايس،وبني
مدرسة التح ّكم ( )Manipulation schoolاملمثّلة يف جيديون توري ،وأندري لوفيفير (Andre
،)Teoوالنظريات الرباغماتية اليت تقرتح خططا هيرمانس(Hermans ) Lefevereوتيو
1
واسرتاتيجيات عملية وإن كانت تراها نادرة للغاية.
1
Voir Riitta Oittinen,Translating for children,Garland Publishing,New York and London ,
2000,P 74.
129
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
وتع ّد ريتا واتينن من رواد التنظري هلذا األدب يف بداية القرن الواحد والعشرين،حبيث
القت مقاربتها احلوارية (،)Dialogiqueاملستلهمة من املنظر الروسي ميخائيل باختين (Mikhail
استحسان ع ّدة ن ّقاد مثل ماريا نيكوالجيفا )(Maria Nikolajeva )Bakhtine 1895-1975
القائلة بصددها:
“Personally, I find dialogic translation strategies more adequate. They may be
less faithful to the source text ,but instead more loyal toward the target
1
”audience
1
Maria Nikolajeva, citée par Roberta Pederzoli,Op Cit,P 74.
2
Voir Riitta Oittinen,Translating for children,Op Cit,p 3.
130
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
وترى كذلك بأ ّن الرتمجة لألطفال هي عملية تواصل بني األطفال والكبار،مبا أ ّن هؤالء هم
من يرتمجون هلم،ومن ثّ،فإ ّن أدب األطفال وترمجته ينبعان من قرارات الكبار ،وآرائهم
وميوالهتم،وهذا ما تؤّكده باربارا وال ( )Barbara Wallبقوهلا "إذا أريد للكتاب أن ينشر،
ويسوق،ويشترى فينبغي استقطاب الكبير وإقناعه".1وتصف املنظّرة كاتارينا رايس املسار
)Asymétrieإذ يقوم (du processus traductif الرتمجي ألدب األطفال بعدم التناسق
مزود بزاد معريف خبصوص لغة الطّفل وقدراته
املرتجم،باعتباره كبريا بالرتمجة لطفل صغري،وهو ّ
2
تفضل واتينن احلديث عن "الترجمة لألطفال" ()Translating for children
املعرفية .ولذلك ّ
األطفال"( Translation يف إشارة إىل مكانة املتلقي وأولويته بدال من احلديث عن "ترجمة أدب
،)of children’s literatureأل ّن املرتجم ال حياول استبدال أشياء قدمية بأخرى جديدة،بل يرتجم
3
جلمهور يأخذ اهتماماته وقدراته بعني االعتبار،وتع ّد هذا اجلمهور متميّزا .)Superaddressee
أي
) ،partsحبيث ينطلق املرتجم عادة من فكرة شاملة عن الكتاب الذي يريد ترمجته قبل ّاضخاذه ّ
لكل،وقد تكون هذه املؤثّرات فردية
قرارات أخرى.وللرتمجة دائما هدف ووظيفة يؤثّران يف أجزاء ا ّ
متكررة،كما ميكن أن تكون نابعة عن املرتجم أو ثقافية،فتجعل تلك الرتمجة فريدة وغري ّ
كل هذا يؤثّر بدوره يف قراراته الرتمجية 4.فالرتمجة
وإيديولوجيته،وصورة الطّفل املوجودة يف ذهنه،و ّ
لألطفال عبارة عن نشاط ثقايف،خيدم هدفا حم ّددا،يف وضع تواصلي حم ّدد يف البيئة املستقبلة،وقد
1
Barbara Wall,Citée par Riitta Oittinen,(No Inocent act) in Children’s literature
translation,Chalenges and Strategies (Edited by Jan Van Coillie and Walter.P
Verschueren) ,Roudledge,2014,p 35.
2
Voir Roberta Pederzoli,Op Cit,p 60.
3
Ibid,p 69-76.
4
Voir Riitta Oittinen,Where the wild things are ?,Translating picture books,Méta,Vol 48,N°
1-2,2003,p 129.
131
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
يكون هلا هدف خمتلف عن هدف النص األصل ما دام ّأّنا يف وضعية استقبال خمتلفة،وهذا ما
تراه واتينن بالضبط حني تقول:
“…the readers of the texts, the original and the translation, are different: they
belong to different cultures, they speak different languages, and they read in
1
different ways. Their situations are different” .
1
Riitta Oittinen, Translating for children,Op Cit, 12.
2
Voir Ibid,p 84.
132
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
أفضل لألشياء أو للرتبية،إضافة إىل هدف جتاري يروم حتسني املبيعات1.وتشري إىل ما يراه أوجين
نيدا خبصوص التكييف الذي مييّز فيه بني صنفني:األول جيب القيام به مع مصاحبة رمز آخر
كاملسيقى،والروايات،أو التكييف يف التلفزيون والسينما،والتكييفات السريعة اليت حتدث عادة أثناء
الرتمجة واليت تتلّخص يف اطإضافة ،واحلذف ،واجملانسة،والشروحات اطإضافية ،والتصحيحات،
2
والتنميق.
ويرى غوت كلينغبيرق أ ّن التكييف إجراء كتايب يع ّد لصاحل القارئ العتبارات عديدة
تتمثّل يف :اهتمامات القارئ املفرتض،وحاجاته،وردود أفعاله،ومعارفه،وقدراته القرائية،وهو يرّكز
،)Contextualاملتعلّق بتكييف العناصر على ما ميس ّميه "التكييف السياقي"
(adaptation
1
Voir Op Cit,pp 76-78.
2
Voir Ibid,p 79.
3
Voir Roberta Pederzoli,Op Cit,p 61.
4
Ibidem.
133
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
إ ّن معرفة اللّغة وحدها ال تكفي ملمارسة الرتمجة،فينبغي على املرتجم إضافة إىل ازدواجية
لغته أن يكون مزدوج الثقافة،أل ّن الرتمجة لألطفال ترتبط حسب ماريا نيكوالجيفا بإشكالية
التلقي2.ويكاد يتّفق املنظرون على أ ّن الصعوبة يف الرتمجة لألطفال تكمن يف ازدواجية القارئ،إذ ال
يكتفي املرتجم لقصص األطفال فقط بأن يضع الطّفل نصب عينيه،ولكن يف الوقت نفسه يراعي
القصة،واملربني،والناشرين الذين ينصحون هبا،واهلدف الرتبوي
عوامل أخرى كاألولياء الذين يقتنون ّ
والتعليمي للنص،دون إغفال إمالءات الناشر ومعايريه.وتع ّد الرتمجة لألطفال -وفقا للمنظّرة
1
Voir Roberta Pederzoli,Op Cit,p 61.
2
Ibidem.
3
Voir Isabelle Pascua-Febles,Translating cultural references,The language of young people
in literary textes,in Cildren’s translation literature,challenges ans strategies,Op Cit,p 111.
134
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
وتزداد الرتمجة لألطفال صعوبة حينما يفرض السياق االجتماعي جمموعة من االعتبارات
النظامية املتمثّلة يف بعض القيود،والقواعد النامجة عن جهات سلطوية أو فردية،هلا دورها وأثرها يف
عملية الرتمجة.ويف هذا السياق،يرى ّرواد املقاربة الوظيفية مثل واتينن ولوفيفر بأ ّن الرتمجة ليست
عمال بريئا،بل هي شكل من أشكال إعادة الكتابة،تتح ّدد بقضايا تشمل السلطة ،واطإيديولوجيا
1
يقسم لوفيفير إجراءات التح ّكم ( )Procedures of manipulationإىل
املؤسسة والتح ّكمّ .
و و ّ
إجراءات داخلية :تفرض على النظام األديب املتع ّدد من قبل الن ّقاد واألساتذة واملرتمجني،وأخرى
املؤسسات،أو األشخاص املوجودين خارج النظام األديب،الذين ميلكون
خارجية :تفرض من طرف ّ
تستشف إيزابيل باسكوا من جتربتها يف الرتمجة لألطفال أ ّن
ّ السلطة.وانطالقا من هذه النظرة،
التح ّكم ينتج عن أسباب عديدة ،تكون ّإما خارجية تشمل التعليم أو األخالق ،واطإيديولوجيا
السياسية والدينية،و ّإما داخلية تتمثّل يف املقبولية،والثقافة،والتعسف أو التح ّكم الذايت الذي
يتلخص يف عدم الكفاءة،وال مباالة املرتجم جتاه النصوص،والرقابة الذاتية2.وتدخل هذه األمور
ّ
ضمن ما تراه زوهار شافيت يف أ ّن الرتمجة لألطفال نشاط يتموضع يف هامش النظام األديب
املتع ّدد،وهي ضخضع ملعايري الثقافة املستقبلة،ويف هذا الشأن تقول:
“The translator of children’s literature can permit himself great liberties
regarding the text because of the peripheral position children’s literature
occupies in the polysystem. He is allowd to manipulate the text in various
ways, as long as he considers the following principles on which translation of
children’s literature is based:
- Adjusting the text in order to make it more appropriate and useful to the
child,in accordance with what society thinks is “good for the child”.
تشري إىل ذلك يف مقاهلا املذكور سابقا (.)No Inocent act,On the ethics of translating for children
1
Voir Isabelle Pascua-Febles,Translating for children : The translator’s voice and power, in
Writing and translating for children,Op Cit,p 161.
2
Ibidem.
135
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
"يمكن لمترجم أدب األطفال أن يسمح لنفسه بحرية كبيرة تجاه النص بسبب التموضع الهامشي لهذا
األدب في النظام المتع ّدد.ويصبح تح ّكمه في النص مسموح له به من جهات مختلفة ،كل ّما راعى
المبادئ التالية التي يبنى عليها أدب األطفال:
-تعديل النص ليصبح أكثر مالءمة ونفعا للطفل وفقا لما يراه المجتمع "جيّدا للطّفل".
-تعديل الحبكة،والخصوصيات،واللّغة بما يناسب مستوى فهم الطفل وقدراته على
القراءة(.الترجمة لنا)
وترى شافيت أنّه كلّما كان اهلدف تربويا جلأ املرتجم إىل املبدأ ّ
األول،الذي حي ّدد بدرجة
كبرية طبيعة الرتمجة،كما يصبح يف املقابل ،املبدأ الثاين الذي يراعي قدرات الطفل على القراءة
يسوغان للمرتجم التدخل والتح ّكم يف النص مبا خيدم اجلوانب
والفهم ذا أمهية بالغة.فهذان املبدآن ّ
السوسيوثقافية لبيئة التلقي،بواسطة أساليب خمتلفة ترتاوح بني التغيري ،واالختصار ،واطإضافة،
(Moral واحلذف وغريها.وتصف إيزابيل باسكوا هذا األمر بـ"الحماية األخالقية
مهمة حتديد
اجلهة اليت تناط هبا ّ
) ،protectionismوهو العمل الذي ال تتّفق معه انطالقا أل ّن ّ
الرغم من
تظل غري واضحة:أهم األولياء،أم املربون أم احلكومة؟وعلى ّ
الشيء اجليّد من غريه للطفلّ ،
عدم انكارها للهدف الرتبوي لقصص األطفال ،إال ّأّنا تعترب بأ ّن التطهري ()purification
كقاعدة حت ّكم قصوى تع ّد غري الئقة وغري مقبولة2.وهبذا نالحظ توافق وجهة نظرها مع غوت
كلينبيرق خبصوص ما ّ
يسميه "التكييف السياقي".
1
Zohar Shavit,Translation of children’s literature as a function of its position in the literary
polysystem,pp.171-172.Lien:
https://pdfs.semanticscholar.org/4977/cc928e74c9fd78fe690368f2b9f890f84356.pdf
2
Voir Isabelle Pascua,Op Cit,p 163.
136
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
" ليس هناك عيب في الترجمة التي أصبحت إعادة كتابة واقتباس إذا تلقى القارئ
الطفل رسالة جمالية ومعرفية تتالءم مع ما تلّقاه نظيره في سياق األصل" (الرتمجة لنا).
1
Op Cit,p 164.
2
Isabel Fables-Pascua,citée par Roberta Pederzoli,op cit,p102.
137
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
مهمة املرتجم لألطفال إذا بني حتقيق املالءمة أو املقبولية،كما يشري إىل ذلك
وترتاوح ّ
جديون توري.ولتحقيق املالءمة،يصبح -وفقا لنيكوالجيفا -البحث عن املكافئ السيميائي يف
سياق التلقي يف غاية األمهية،ألن عملية الرتمجة من هذا املنطلق عبارة عن تفاعل بني سياقني
كل ما يرتبط باألشياء الروتينية واليومية املتداولة يف قصص األطفال،
وثقافتني خمتلفني.وهي تدرج ّ
تسميه العالمات السيميائية اليت تساعد الطّفل على
من مأكوالت،وألبسة،وتسلية وغريها ضمن ما ّ
القصة األصلي،فحينما ترتجم وتنقل من فضاء سيميائي إىلملء الفراغات الروائية يف سياق ّ
آخر،يكون تأويلها بشكل آخر ،وهو األمر الذي يع ّد يف الغالب – وفقا للسياق األصلي -غري
1
صحيح.
يسمى بالوساطة الثقافية ()Médiation culturelle
وقد تطرقت كريستيان نورد أيضا ملا ّ
لقصة "أليس في بالد
يف أدب األطفال انطالقا من اشتغاهلا على حتليل ترمجات عديدة لألملانية ّ
العجائب" قصد معرفة االسرتاتيجيات املوظّفة يف ترمجة العناصر الثقافية،إال أّنّا ّ
توصلت إىل
،ومرة أخرى حيال القارئ إىل نقاط
مالحظه عدم انسجامها،إذ يلجأ املرتجم مرة القتباسات جزئية ّ
القصة.وتآخذ نورد
يشوش ذهن القارئ ويؤثّر يف تلقيه حلوادث ّ
شارحة يف اهلامش،وهذا ما تراه ّ
تظل تشي بالسياق الثقايف
كثريا على تكييف السياق الثقايف مبعزل عن الوضعية االتصالية اليت ّ
األصلي،ولذلك ترى بضرورة البحث عن انسجام يشمل املستويني الرباغمايت والسيميائي بني
السلوكات والسياقات الزمانية،واملكانية واالتصالية2.ويف السياق نفسه تعترب إيزابيل باسكوا أدب
الرغم ممّا تراه من ضرورة احلفاظ على العناصر الثقافية للنص
األطفال أداة تربوية بني ثقافية.وعلى ّ
األصلّ ،إال ّأّنا تؤّكد على مراعاة معايري اللغة اهلدف وثقافتها،إضافة إىل رقابة الوسطاء من
حيس القارئ
أولياء،ومربني وناشرين.وهبذا جتيز للمرتجم التدخل على املستوى األسلويب كي ال ّ
1
Voir Roberta Pederzoli,op cit,p102.
2
Ibid P.104
.
138
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
بأساليب منحولة عن تركيب األصل وقواعده،إذ يتمثّل هدف املرتجم لألطفال،حسبها،يف إنتاج
ترمجة مالئمة وطبيعية ،ولبلوغ ذلك تشاطر رأي واتينن املتمثّل يف أ ّن املرتجم يدخل يف حوار مع
القارئ الصغري 1.لقد عمل كثري من املنظّرين لرتمجة أدب األطفال على دراسة صنافات التح ّكم
الواردة يف الرتمجات.فعلى سبيل املثال قامت بيرجيت ستولت ( )Birgit Stoltبتحديد أسباب
بشدة،فتجملها فيما يأيت:
تشويه املؤلّفات األصلية،اليت تدينها ّ
-مقاصد تربوية.
-الرأي املسبق الذي يأخذه الكبار عن الطّفل وما يراد له أن يقرأ ويفهم.
-مواقف األطفال الناجتة عن األمور العاطفية وحماولة التخفيف من ح ّدهتا.
وتشري شافيت إىل معيارين يف الرتمجة لألطفال يتمثّالن يف التعديالت اليت ترتبط باجلوانب
األخالقية،وكذلك اليت تتعلّق بعوامل الكفاءة القرائية واملعرفية للطفل،وكما قامت إيزابيل
ديسميت ( )Isabelle Desmidtبإدراج املعايري يف أربعة أصناف تتمثّل فيما يأيت:
لتوجه الرتمجة.
األولية احمل ّددة ّ
-املعايري ّ
لقصة.
-واملعايري األدبية والرتبوية،وهل تعطى األولوية للرتفيه األديب أم للمظاهر الرتبوية يف ا ّ
-املعايري البيداغوجية واليت تأخذ بعني االعتبار املتلقني الصغار.
2
-املعايري التجارية اليت تعترب الرتمجة والنشر عمال جتاريا.
وقد حاولت إيزابيل ديسميت،إنطالقا من تضارب املعايري يف الرتمجة لألطفال،اختبار
أي مدى تسعف النموذج الذي جاء به أندرو شسترمان حول ّ
املتغريات اليت وضعها،وإىل ّ
املرتجم يف ممارسة الرتمجة لألطفال وإجياد حلول ملموسة.ويشمل هذا النموذج ستة عشر()02
متغريات
،)Defaultصنّفها يف أربع جمموعاتّ : (value متغريا تقابلها قيمة افرتاضية
ّ
1
Op cit, P.155.
2
Ibid P.155
139
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
141
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
فالرتمجة كما تشري إيزابيل دسميدت حتكمها معايري،جتعل املرتجم يأخذ يف احلسبان الرسالة
وما يرتبط هبا من عناصر أخرى مثل املرسل،واملتلقي،والناشر والناقد،وكذلك رغباهتم وتطلّعاهتم،
إضافة إىل ما يراه وما حيبّه هو كمرتجم.وهكذا،جيد املرتجم نفسه بني هاجس األولويات اليت ينبغي
142
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
أن يوليها هلذه املعايري.وقد بيّنت ديسميت يف دراتسها اليت قامت هبا،بأ ّن النموذج الذي جاء به
شيسترمان -على الرغم من أمهيته الكبرية يف مقارنة الرتمجات وحتليلها -حيتاج إىل املزيد من
الصقل واملراجعة،ال سيما فيما يتعلّق بالرتمجة لألطفال اليت ال تتح ّقق فيها القيمة املفرتضة يف كثري
1
املتغريات.
من ّ
ويع ّد السياق االجتماعي عند املنظّرة نورست ( )Norstذا أمهية بالغة ال سيما يف التمييز
وحىت إن كانت هاتان الرتمجتان تشرتكان يف خاصية
بني الرتمجة للكبار والرتمجة لألطفال.فوفقا هلاّ ،
املعىن،فإّنما ضختلفان يف السياق االجتماعي،إذ يهدف أدب األطفال إىل تنشئة الطفل ضمن
ّ نقل
ثقافة ما،وحبيث ميكن أن خيتلف السياق االجتماعي للنص األصل عن السياق االجتماعي للنص
اهلدف،وهو األمر الذي يبيح للمرتجم التدخل يف النص اهلدف،آخذا بعني االعتبار االعتبارات
2
اآلتية:
-يؤثّر الفهم الشامل،وتعليم التسامح،وفهم ثقافة اآلخرين يف درجة التكييف أثناء الرتمجة
وقرار توطني النص اهلدف أو تغريبه.
-حماية األطفال من املظاهر السلبية للحياة كالعنف،واملوت،واملعاناة،إضافة إىل السلوكات
توضح مواضعات اللّغة واملعايري األدبية
اخلاصة باللّغة والطبائع اليت بإمكاّنا أن ّ
ّ املشينة
الرتمجية للثقافة اهلدف.ويغطّي إجراء التطهري جمموعة من امليوالت بداية من الناعمة منها،
كاستعمال التلطيف،ووصوال إىل احلاالت القصوى كاحلذف واالستبدال املرتبط بالثقافة
واطإيدولوجيا.
-تربية األطفال تنتج عن اسرتاتيجية توضيح السياق والتعليمية وفرض معايري املقبولية.
1
Voir Isabelle Desmidt, A prototypical approach within descriptive translation studies
colliding norms in translated children’s literature,in Children’s literature translation
Chalenges and strategies,op cit,p 86.
2
Voir Helen T.Frank,Translation as mediation between cultures,In cultural encounters in
translated children’s literature,Ed 1 ,2007,P 20.
143
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
-الترفيه عن األطفال ينتج بالتنازل عن بعض املواضعات اجلارية لصاحل أشكال فكاهية
تكون قابلة للتح ّكم واالقتباس.
-األدبية يف تطوير اجلمالية واخلربة األدبية بتحسني الكيف أو مستوى التعقيد يف النص من
خالل اقرتاحات املرتجم يف الكتابة.
-التوقّعات ّ
العامة وتعزيز النوع يسامهان يف الرتكيز على معايري الرتمجة األدبية يف الثقافة
اهلدف،فيكون االقتباس السياقي مدفوعا بسلطة السوق.وتدخل معايري التوقعات حيّز
التنفيذ ما دام القراء يوظّفون خرباهتم يف قراءة نصوص من أجناس خمتلفة.
وجيد املرتجم لألطفال نفسه يف غالب األحيان حمكوما هبذه االعتبارات اليت تعمل على
القصة اليت يرتمجها مفهومة يف لغة الطّفل
حتديد اسرتاتيجيته الرتمجية.فهو حياول عادة أن جيعل ّ
املتلقي،فيلجأ أحيانا إىل التبسيط والشرح الذين يدخالن ضمن اسرتاتيجية التوطني،وحيتفظ باألمور
اليت ال يرى تأثريها على تربيته وسلوكاته،فينقلها له بأمانة ليساهم يف انفتاحه على ثقافة األمم
فيتبىن اسرتاتيجية التغريب،وحينما يراعي مجيع االعتبارات اليت جاءت هبا هذه املنظرة فإ ّّنا
األخرىّ ،
تؤدي به عمليا إىل توظيف اسرتاتيجية التوطني أكثر من توظيفه اسرتاتيجية التغريب.
ّ
0-0-2تقنيات ترمجة العناصر الثقافية يف قصص األطفال.
كما سبق وأن أشرنا،فإ ّن كثريا من املنظرين لرتمجة أدب األطفال قد تطرقوا إىل ترمجة
العناصر الثقافية من اللّغة-الثقافة األصل إىل اللغة-الثقافة اهلدف،ومن بينهم غوت كلينبيرق
الذي قام بوضع تصنيف للعناصر الثقافية اليت رأى ّأّنا من املمكن أن تثري اشكاالت وصعوبات
يف الفهم لدى متلقي الرتمجة،وهلذا اقرتح عشر جمموعات تدخل مجيعا يف خانة االقتباس للسياق
الثقايف،وهي تتمثّل يف :املرجعيات األدبية ،واللّغات األجنبية يف النص األصل،واملرجعيات املرتبطة
بامليثولوجيا واملعتقدات الشعبية،واخللفيات التارخيية والسياسية والدينية،والبنايات واألثاثات املنزلية
واألطعمة،والعادات واملمارسات واأللعاب،والنباتات واحليوانات،واألمساء الشخصية والعناوين
144
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
1
Voir Roberta Pederzoli,Op Cit,pp 99-100.
145
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
( Culture-specific ومع ذلك ،تكاد تكون األساليب املستعملة يف ترمجة العناصر الثقافية
توجه حنو الثقافة اهلدف وخصوصيتها،ولذلك أصبح ينظر إىل الرتمجة لألطفال على
)itemsذات ّ
حيور،أو يقتبس لصاحل احتياجات املتلقي وتوقعاته،وهذا ما يطلبه
ّأّنا انتاج ميكن أن يع ّدل،أو ّ
الناشرون كذلك،إذ يرّكزون على القرائية ( )lisibilitéوإمكانية االطّالع ( )Accessibilitéقصد
إجناح تسويقها يف املقابل2.ومن بني األمور اليت حتظى باألمهية الكبرية يف الرتمجة لألطفال،سواء من
قبل الناشرين أو املرتمجني ترمجة أمساء األعالم واألماكن،ملا تلعبه من دور مهم يف القرائية
نتعرض ألساليب ترمجتها فيما يأيت.
واملقبولية.وحنن نرى من األمهية مبكان أن ّ
كل من أمساء األعالم واألماكن دورا فعاال يف عملية السرد األديب حبيث تساعد على
تؤدي ّ
ّ
حتديد اطإطار السوسيو ثقايف الذي ورد فيه النص،ملا حتمله كذلك من دالالت.كما أ ّن هلا
وظائف عديدة تتمثّل أمهّها يف التعريف باألشخاص أو احليوانات،إضافة إىل وظائف أخرى تكمن
يف الرتفيه،وتقدمي املعارف،وإمتاع القارئ وإثارة أحاسيسه3.ولذلك مثّة يعترب بأ ّن أمساء األعالم
مق ّدسة وال ميكن ترمجتها،إال أ ّن بعض املنظرين يف الدراسات الرتمجية يرون بأ ّن األمر يف جمال
أدب األطفال خمتلف إذ ميكن إقتباس األمساء وتكييفها وفق بيئة التلقي.
تتميّز أمساء األعالم بصعوبة الرتمجة،إذ هناك من ينادي باالحتفاظ هبا كما جاءت يف
األصل،وهناك من يرى غري ذلك،أل ّن قراءهتا تكون صعبة أحيانا على القارئ الصغري،وقد تبدو له
1
Cité par Roberta Pederzoli,Op Cit,p100.
2
Voir Ibid PP 108-109.
3
Voir Jan Van Coillie, Caracter names in Translation, a Functional approach, Op Cit,P 123.
146
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
غري مألوفة،ومن ثّ يكون تكييفها أجدر بتحقيق وظيفتها وأثرها يف اللّغة اهلدف.وترى روبيرتا
مهمة نقل هذه األمساء وترمجتها،وهي تع ّدها عمال بيدرزولي بأنّه تقع على عاتق املرتجم ّ
حساسا،ألنّه يتك ّفل باحلفاظ على ما حتدثه من أثر وحتمله من دالالت خمتلفة.كما أ ّن ترمجتها ال
ّ
تقتصر -حسبها -على إسرتاجيية واحدة،وفقا لنوع اسم العلم الذي متيّز فيه بني األمساء الدالّة
تتضمن تلميحات تناصيّة ّ ( )Signifiantsوغري الدالّة (.)Non signifiantsفاألمساء الدالة
لشخصيات تارخيية،أو دينية أو خرافية خيتارها الكاتب أحيانا لغرابتها،ال سيما إن كانت حوادث
القصة تدور يف بلد أجنيب،إضافة إىل التوافق اجلزئي أو الكلّي مع مزاج الشخصية اليت حتمل
1
االسم.
وخبصوص ترمجتها،يقرتح جان فان كوالي ( )Jan Van Coillieعشر اسرتاتيجيات ترمجية
2
السم العلم من منظور وظيفي سنحاول تلخيصها فيما يأيت:
وهو أن حيافظ املرتجم على اسم العلم األصلي يف الرتمجة،إالّ أ ّن ما يؤخذ على هذه الطريقة
متكن الطفل من استساغته،والتفاعل معه على مستوى القراءة لصعوبة النطق به
هو احتمالية عدم ّ
يؤديها االسم يف النص
مثال أو ما شابه ذلك ،فيفقد بذلك ل ّذة القراءة ومتعتها،أل ّن الوظيفة اليت ّ
األصل قد ال يتأتى حتقيقها باحلفاظ عليه يف النص اهلدف.
1
Voir Roberta Pederzoli,op cit, p 111.
2
Voir Jan Van Coillie,op cit ,pp 125-129.
147
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
Replacement of a personal name by a استبدال اسم شخصي باسم عام ( -3
)common noun
يلجأ املرتجم هلذا السبيل حينما ال جيد االسم املكافئ لالسم الوارد يف األصل.
حينما يتعلّق األمر باألمساء احلقيقية أو اخليالية،فيلجأ املرتجم إىل املناقلة الصوتية
(،)phonetic transciptionواالقتباس املورفولوجي.
Replacement by a counterpart استبدال اسم بما يقابله في اللغة الهدف ( -5
)in the target language (exonym
اخلاصة بشخصيات شعبية مألوفة أو تارخيية ما يقابلها يف اللّغة اهلدف
يكون لبعض األمساء ّ
مثل اسم " "Jeanبالفرنسية يقابله " "Johnباطإجنليزية ،و"كريستوفر كولومبوس" الذي
Christopher "Christopheواطإجنليزية " "Colombe يقابله يف الفرنسية
،"Columbusوتسمح هذه الطريقة بإدراج اسم العلم يف الثقافة اهلدف فيصبح مألوفا.
استبدال اسم باسم يحظى بشهرة أوسع في الثقافة األصل أو باسم معروف -6
الوظيفة نفسها ( Replacement by a more widely known name يؤدي
دوليا ّ
from the source culture or an internationally known name with the
.)same function
148
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
االحتفاظ بأمساء األبطال كما وردت يف األصل .و يرى "ب.ج.إيبستاين" ( )B.J.Epsteinبإ ّن
اسرتاتيجية اطإبقاء على االسم اهلدف هي أكثر استعماال يف الرتمجة لألطفال ،إال يف حالة ما إذا
كانت مشحونة بدالالت إحيائية ،فيلجأ حينها املرتجم إىل استبداهلا أو شرحها ،أو إذا كانت
Theo صعبة النطق على لسان األطفال املتلقني فيحاول تكييفها 1.وقد ميّز تيو هيرمانس (
)Hermansبني أساليب عديدة لنقل أمساء العلم ،وهي ال ضختلف كثريا عن اليت اقرتحها فان
كوالي ،و نوردها كااليت :
-النسخ )copying (:وهو اطإبقاء على األمساء األصلية أي عدم ترمجتها واالحتفاظ هبا
(.)Retention كما هي عند "إيبستاين"
-النقل الصوتي.)Transliteration( :
-االستبدال)Substitution( :
-ترجمة)Translation( :
-عدم الترجمة ( )non-translationحبذف االسم الوارد يف األصل.
Common -استبدال ( )Replacementاسم علم يف النص األصل باسم عام (
)nounيف النص اهلدف.
-إدراج ( )Insertionاسم علم يف اللّغة اهلدف مل يكن موجودا يف النص األصل.
2
-استبدال ( )Replacementاسم عام يف النص األصل باسم علم يف النص اهلدف.
نتمعن يف األساليب اليت اقرتحها هيرمانس ،نالحظ ّ
بأّنا تتطابق مع بعض األساليب حينما ّ
اليت أشار إليها فان كوالي إالّ أ ّن غالبيتها تنحو حنو احملافظة على األمساء كما جاءت يف اللّغة
1
Voir B.J.Epstein,Translating Expressive Language in Children’s Literature,Problems and
Solutions,Bern,Peter Lang, p 78.
2
Cité par Erika Mussche et Klaas Willems,In Meta,Fred or Farid ,Bacon or
Baydun(egg)?Proper names and cultural-pecific Items in Arabic Translation of Harry Potter,
LV,3,2010, p 477.
150
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
األصل ،وبذلك يتم تغليب اسرتاتيجية التغريب على التوطني.وهذا ما أصبح يراه وينادي به أكثر
املهتمني بالرتمجة لألطفال يف اآلونة االخرية،ألن أدب األطفال يسعى إىل املثاقفة بتشجيع الطفل
لكن املالحظ يف واقع الرتمجة لألطفال اللّجوء إىل االسرتاتيجيتني
على اكتشاف اآلخر وثقافته ،و ّ
بأساليبهما املختلفة ،فيكون التكامل بينهما ال سيما على مستوى ترمجة أمساء األعالم.
0-0-0-2ترمجة أمساء األطعمة واملأكوالت:
املوجهة
يكاد يتّفق املهتمون بأدب األطفال بأ ّن اطإشارة للطعام واملأكوالت يف القصص ّ
منوه على مجيع املستويات.وترى
إليهم هي ذات أمهية بالغة ،أل ّن الغداء ضروري للطفل يف ّ
جوديت إينقس ( )Judith Inggsبأ ّن إدراج األطعمة واملأكوالت يف كتب األطفال هي مبثابة
االحتاد واألمان1.و كثريا ما يش ّكل
الوسيلة اليت يلج منها الطفل إىل عامل اآلخر ،وهي رمز لألمة ،و ّ
هذا األمر عائقا أثناء الرتمجة إىل اللّغة املستقبلة،الختالف املأكوالت واألطعمة من بيئة إىل بيئة
ومن ثقافة إىل ثقافة.
ويسعى املرتمجون يف غالب األحيان إىل اسرتاتيجية التوطني يف ترمجتهم هلذه األطعمة،حبيث
يكون تغيري اسم الطعام باسم طعام آخر معروف ومشهور على مستوى العامل ،أو تكييفه مبا
)Pekkaأربع طرق لرتمجة (Kujamäki يكافئه يف بيئة التلقي.وقد ذكر بيكا كوجاماكي
األطعمة ونقلها إىل اللغة اهلدف تتمثّل يف النسخ أو االقرتاض،والرتمجة مبا فيها التوطني
النص أو خارجه 2.ونعتقد بأ ّن األمر يزداد تعقيدا حينما واحلذف،واطإضافة سواء بالشرح داخل ّ
يتعلّق األمر بالرتمجة والنقل من اللّغات األجنبية إىل اللّغة العربية أل ّن االختالف يف منط العيش
والطعام كبري ج ّدا،إضافة إىل أ ّن كثريا من املأكوالت واملشروبات هي حمظورة يف الثقافة العربية
والديانة اطإسالمية،فيلجأ املرتجم يف غالب األحيان إىل حذفها أو استبداهلا مثل أمساء اخلمور،
وحلم اخلنزير وغري ذلك من املأكوالت املشتقة منها أو املع ّدة هبا.
1
Voir Roberta Pederzoli,Op Cit,pp 138-139.
2
Voir , Erika Mussche et Klaas Willems,Op Cit,p 486.
151
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
1
Voir : Michel Ballard,Oralité et Traduction, Artois Presses Université,2000,pp 22-23.
2
Voir : De La Rosa Regot Nuria,Translating sounds :the translation of onomatopeia between English
and Spanish,End-of –Degree Paper ,Universitat de Barcelona,2015, p 03.le lien:
http://diposit.ub.edu/dspace/bitstream/2445/109643/1/TFG_Estudis_Anglesos_2015_%20D
eLaRosa_Nuria.pdf
152
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
على مكافئ يتوافق مع السياق،ويف غياب ذلك جينح إىل احلذف أو املناقلة الصوتية
(.)Translitération
1
Voir : Roberta Pedrzoli,op cit,p 167.
153
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
الرسالة ،فتخضع اطإضافة إىل إطار الصورة يف غالب األحيان،ألن النص والصورة كما ترى نياغاس
1
شوفغيل يتعايشان ويتفاعالن.
األصل،فيغري من طبيعة اخلطاب،
ّ حتكمه يف النص
وإضافة إىل االختصار ميارس املرتجم ّ
فيسعى أحيانا إىل حتويل احلوار ( )Le dialogueإىل سرد ( )récitوالعكس صحيح،وهذا األمر
يتحمل وحده مسؤولية
كلّه قصد حتقيق اهلدف األمسى املتمثّل يف القرائية.ونعتقد بأ ّن املرتجم ال ّ
هذا التح ّكم الذي قد ينعكس سلبا على الرتمجة وتلقيها ،ما دامت هناك معايري تفرض عليه ،
بداية بالرتبوية وّناية عند التجارية اليت متليها دار النشر.فتوظيف احلوار يف القصص األجنبية
يؤدي وظائف عديدة تتمثل أمهها ،وفقا لسيلفي دورير ( )Sylvie Durrerيف إنعاش النص
ّ
الروائي ( ،)Animation du romanإضافة إىل وظيفة العرض (،)Fonction d’expositionو
وظيفة الوصف ( )Caractérisationوالفعل (2 .)Actionو نرى بأ ّن توظيف احلوار يف قصص
تعرف القارئ بالوضع واحلوادث،
األطفال حيوي هذه الوظائف ،ال سيما وظيفة العرض اليت ّ
والظروف والشخصيات املشاركة يف احلدث ،و وظيفة الوصف اليت تتيح له معرفة خصوصية
الشخصيات من كالمهم ونرباهتم.
ويلجأ الكتّاب إىل احلوار كذلك بغرض اطإشارة إىل الشفهية وحتقيق قرائية جيّدة ،فيدرجون
فيه مستويات لغوية خمتلفة (،)Niveaux de langueوكلمات تفيد التعجب (،)Interjectionsو
أخرى حماكاة ألصوات الطبيعة (،)Onomatopéeقد جيد املرتجم أثناء ترمجتها صعوبة كبرية،فيميل
إىل االنتقال من اسرتاتيجية احلوار إىل اسرتاتيجية السرد بغية حتقيق القرائية والسالسة يف النص
املرتجم.فمن الصعوبة مبكان على مرتمجي قصص األطفال احلفاظ على اخلصوصية الشفهية للنص
األصل،ألنّه إذا كانت اللّغات األجنبية تقبل توظيف مستويات لغوية على مستوى احلوار ،فإ ّن
1
Voir : Isabelle Nières-Chevrel, Le rapport du texte et de l’image dans les livres d’enfants,
lien : http://expositions.bnf.fr/livres-enfants/cabinet_lecture/reperes/02_7.htm
2
Voir Sylvie Durrer, Le dialogue dans le roman, Nathan université, Paris, France,1999, pp
116-120.
154
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
القصة
خيول للمرتجم اقحام اللّهجة العامية أو الدارجة يف ّأدب األطفال يف العامل العريب ال ّ
املرتمجة ،ما دام أ ّن املعيار الرتبوي والتعليمي هو املهيمن عليه .ونعتقد بأنّه حىت لو كانت هناك
قصص ،يف وقتنا احلايل ،تكتب باللّهجة العامية مثلما هو احلال يف مصر مثال،إالّ ّأّنا تبقى عيّنة
شادة و معرضة أشد االنتقاد من رواد الكتابة للطفل يف العامل العريب بأكمله .
0-2اإلضافات:)Ajouts( :
كل كلمة أو عبارة يقوم املرتجم باقحامها يفترى روبيرتا بيدرزولي بأ ّن اطإضافات تشمل ّ
الرتمجة قصد مت ّكن القارئ الصغري من ولوج النص واستيعابه،اعتبارا منها بأ ّن قارئ النص اهلدف
أقل كفاءة من قارئ النص األصل ،وهي تدرج هذا الفعل ضمن حت ّكم املرتجم يف النص ّ
1
كل ما يراه صعب االستيعاب على
ّ تبسيط و أ حشر للمرتجم لتتيح إذا اطإضافات يت تأو األصل.
الطفل مثل بعض العناصر الثقافية اليت تع ّد غريبة عنه،ونتيجة هلذا تأيت الرتمجات عادة أطول من
النصوص األصلية.
( La voix التدخل عمال إبداعيا يكون فيه "صوت املرتجم"
و تصبح الرتمجة بفضل هذا ّ
)du traducteurواضحا إذا ما وظّفنا مصطلح إيمر أو سوليفان ) ،)Emer O’Sullivanالذي
يرى بأ ّن الرتمجة لقصص األطفال ال حتكمها فقط املعايري الرتبوية واطإيديولوجية ،بل كذلك
2
خاصة باطإبداع األديب.
رهانات ّ
اهلدف(Target- تتوجه حنو النص
وتدخل اطإضافات ضمن االسرتاتيجيات اليت ّ
خيول
،)orientedإالّ أنّه يعاب عليها املبالغة يف اعتبار قدرة الطفل على االستيعاب ناقصة ،مما ّ
للمرتجم التبسيط والشرح ،وهذا ما ال يعتقد به أوسوليفان القائل:
1
Voir Roberta Pederzoli,Op cit,p 183.
2
Voir Mathilde L’évêque, La voix du traducteur, in :Etat des lieux de la traduction pour la
jeunesse, Op cit, p 157.
155
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
ويتوافق هذا الرأي مع كثري من املنظرين الذين يرون بأنّه ينبغي على الرتمجة لألطفال أن
تراعي نقل اجلانب الثقايف واحلضاري للنص األصل ،قصد املسامهة يف املثاقفة والدفع بالطّفل إىل
االنفتاح على ثقافة اآلخر وفهمها،إالّ أ ّن كثريا منهم ،يف مقابل ذلك،يرون بأ ّن الرتمجة للطفل
ضختلف عن الرتمجة للكبار،وليس بإمكان املرتجم أن ينسخ النص األصل يف اللغة اهلدف،أل ّن قارئ
األصل خيتلف عن نظريه يف الثقافة اهلدف.
3-4الحذف ( :)Les omissions
إ ّن احلذف وسيلة من الوسائل اليت يلجأ هلا املرتمجون وهو،مثل اطإضافات،يشمل الكلمات
التعرض للعناصر الثقافية أو
واجلمل،وحىت مقاطع كاملة تكون ترمجتها صعبة،ويدرج عادة أثناء ّ
يقل استعماال يف الرتمجة لألطفال مثله
املقاطع غري املقبولة أخالقيا،كما يرى املختصون بأنّه ال ّ
2
يتخذه املرتجم
مثل اطإضافات،إذ يوظّفهما املرتجم بغرض التبسيط .ونعتقد بأ ّن قرار احلذف ال ّ
وفقا هلواه،بل يلجأ إليه حينما يراعي املعايري اليت حتكم هذا اجلنس األديب،كما أ ّن الناشر-الذي
بالتصرف فيه واحلذف.ويدخل احلذف ضمن ما
ّ التدخل يف النص
ّ األول -ميلي عليه
ميثّل الرقيب ّ
)Tendancesاليت متثّله الرتمجة (déformantes يسميه أنطوان برمان بامليوالت التحريفية
ّ
كل ما هو حمظور
سابقا،ميس احلذف عادة ّ
ّ املتمركزة عرقيا (.)Ethnocentriqueوكما أشرنا
( )Tabouمثل اطإشارة إىل مشاهد جنسية أو التلميح إليها،إضافة إىل مواضيع أخرى مثل املوت
1
Cité par Virginie Douglas, in : Etat des lieux de la traduction pour la jeunesse, Op cit,p 35.
2
Voir Roberta Pederzoli, Op cit, pp 186-187.
156
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
Jurons et والسياسة 1وغري ذلك من املواضيع اخلادشة للحياء مثل عبارات السب والشتم (
.)insultesفحىت وإن كانت هذه األمور قليلة يف أدب األطفال،إالّ أ ّن املرتمجني إىل اللّغة العربية
فيتصرفون فيها مبا يرونه يناسب املتلقي وبيئته االجتماعية.
ّ يقفون على كثري من مواضع احلرج،
ويرى يف هذا الصدد حسن غزالة ( )Hasan Ghazalaبأ ّن اللجوء إىل احلذف ينبع من
تصور احملظور،2فما هو مقبول يف بعض الثقافات هو غري ذلك يف الثقافة العربية االختالف يف ّ
اطإسالمية ،فال ميكن اخرتاق املعايري الدينية واالجتماعية ،مثلما أ ّكد على ذلك قائال:
« Such swear words (dirty dog/dirty rat/son of a bitch) are as bad as bad can
be if translated into Arabic as such.Hence,they have to be eliminated
altogether or,at best euphemized,but never translated into equivalent Arabic
swear words ,or else the translator’s career and the whole translated text,short
3
or long,and of any type,would be at stake”.
"إ ّن هذه الكلمات البذيئة (الكالب القذرة /الفئران القذرة /ابن الكلبة/العاهرة) هي
سيئة ،كما ميكن أن تصبح أسوأ إذا ترمجت إىل العربية على هذا النحو .ومن ث ،جيب التخلّص
منها أو من األحسن تلطيفها لكن ال ترتجم أبداً إىل كلمات عربية مكافئة هلا ،وإال فإ ّن مسار
املرتجم املهين ،والنص املرتجم بكامله ،بغض النظر عن طوله،وقصره،ونوعه،سيكونان على احملك".
(ترمجتنا).
ويف غالب األحيان يقوم املرتجم بتعويض احلذف الذي يطال فقرات بكاملها بإعادة
صياغة أو كتابة املقطع احملذوف،إماّ بتلطيفه أو حتويره مبكافئ يتوافق مع سياق النص،ولكن حينما
1
Voir Op Cit, pp 199-200.
2
Voir Hasan Ghazala,”Idiomaticity Between Evasion and Invasion in Translation :
Stylistic, Aesthetic and Connotative considerations”, Babel,2003,vol 49,n° 3,p 213.Le lien:
https://www.researchgate.net/publication/233528311_Idiomaticity_Between_Evasion_and_I
nvasion_in_Translation_Stylistic_Aesthetic_and_Connotative_Considerations
3
Ibid,pp 114-115.
157
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
يتعلق األمر بكلمة أو مجلة فهنا ال يف ّكر املرتجم عادة يف عناء التعويض.ويف هذا املقام ال ميكننا
ّ
أن نغفل دور الناشر الذي يهدف إىل تسويق الرتمجة يف إطار مقبول للزبون.
ويشار كذلك إىل احلذف يف الدراسات الرتمجية املعاصرة مبصطلح ( ،)La censureالذي
املؤسسة الناشرة ووصوال
املؤسساتية اليت خيضع هلا املرتجم يف غالب األحيان،بداية من ّ
يعين الرقابة ّ
يدل على احلذف الذي يعمله مؤسسات أخرى أقوى منها.كما أ ّن هناك مصطلح آخر ّ عند ّ
املرتجم يف ترمجاته وهو (،)l’autocensureويرجع هذا التدخل يف النص-إضافة إىل املعايري اليت
التصرف إىل عدم
ذكرناها -إىل مواقفه وكفائته املهنية،إذ هناك كثري من الدارسني من يعزو هذا ّ
كفاءة املرتجم1.وال نعتقد بأ ّن احلذف يف الرتمجة لألطفال ناتج عن عدم كفاءة املرتجم،بل نرى
بأنّه جاء جراء صعوبة يف إجياد املكافئ ،مثلما يتعلّق األمر يف بعض األحيان مبحاكاة األصوات،أو
بعض الكلمات الواردة بلهجات خمتلفة،فريى املرتجم بأنّه لو حافظ عليها ألثقل ترمجته وأعاق
القرائية،ولو حاول تقريبها ملا أوىف النص األصل ح ّقه،فال يبقى أمامه إال اخليار األخري املتمثل يف
حذفها وجتاوزها.
2-2التلطيف ( :)Euphémisme
إ ّن مصطلح التلطيف ( )Euphémismeمشتق من املصطلح اليوناين ""euphémismos
الذي يعين "أقول جيّدا – ،"Je dis bienعكس ما هو غري الئق أو سليب،وهو يدرج ضمن
أساليب اخلطاب والبالغة (،2 )Figure de styleو تضع القواميس ثنائية اللغة مقابله"التورية" يف
1
Voir Zlatka Timenova-Valtcheva,Les silences imparfaits de la censure,in : Censure et
Traduction, Etudes réunies par Michel Ballard,Artois Presses Université ,Arras ,France,
2011, P 220.
2
Voir Denis Jamet,Manuel Jobert, Juste un petit mot sur l’euphémisme,HAL,2016.Lien :
https://hal.archives-ouvertes.fr/hal-01395560/document
158
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
1
https://www.almaany.com/ar/dict/ar-
en/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%84%D8%B7%D9%8A%D9%81/
2
Voir Françoise Bacquelaine,L’euphémisme,un obstacle à la traduction,revue ,2006,p 467,
lien :
https://www.researchgate.net/publication/37656821_L'euphemisme_un_obstacle_a_la_tradu
ction
159
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
minimizing dispraise of other and maximizing praise of املخاطب واطإكثار من إسعاده"(
،1)otherوإذا كان هذا املطلوب يف التواصل بشكل عام فإنّه مع األطفال يكون من باب أوىل
مهمة املرتجم إذا يف حسن اختياره املعجمي ( )Choix lexicauxلكي
وبشكل أحسن.تكمن ّ
ال يصدم القارئ الصغري ويزعجه بتعابري وكلمات غري الئقة.
2-2التح ّكم في الصور (:)Manipulation des illustrations
متر الرسالة يف أدب األطفال وقصصهم عن طريق حاملني اثنني يتمثالن يف النص ّ
تتمة ملا مل
والصورة.فالنص يوحي جبزء من الرسالة،وتتك ّفل الصورة باجلزء اآلخر الذي يكون عادة ّ
(Marion Durand et كل من ماريون ديرون و جيرار بيرتران
تصرح به الكلمات.وحي ّدد ّ
ّ
(Fonction de ) Gérard Bertrandثالث وظائف للنص تتمثّل يف "وظيفة التحديد"
،)Fonctionو"وظيفة التكامل" (de révélateur )،délimitationو"وظيفة الكشف"
Sophie Van der اليت جتعلها صوفي فان دير ليندن ( ()Fonction de complément
1
Voir “ Leech’s Politeness Principles”,lien
https://awinlanguage.blogspot.com/2013/06/leechs-politeness-principles.html
2
Voir Julie Azéma ,Le rapport texte-image dans les albums de jeunesse, mémoire soutenu
en 2016 ,pp 10-11, lien : https://dumas.ccsd.cnrs.fr/dumas-01585609/document
3
Voir Sungyup Lee, La relation texte-image dans la traduction des albums pour enfant,
Thèse de doctorat, ESIT, Sorbonne nouvelle, Paris, France, soutenue en 2010,P 84.
160
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
بفضل بعض التفاصيل اليت جيدها يف الصور،وهذا ما تشري إليه نيكوالجيفا اليت ترى أ ّن النص
خيلّف فراغات والصورة كذلك ،فيكونان يف حركة متكاملة:
"Both words and images leave room for the readers/viewers to fill with
their previous knowledge, experience, and expectations, and we may find
infinite possibilities for word-image interaction. The verbal has its gaps, and
the visual text has its own gaps. Words and images can fill each other’s gaps,
1
wholly or partially".
التدخل والتح ّكم يف الصورة لكي ال حيدث االحنراف عن معايري البيئة العربية ّ الناشر
االسالمية،وضختلف هذه الرقابة من بيئة عربية إىل أخرى،فمثال يف اململكة العربية السعودية وبعض
دول اخلليج ال ميكن نشر كتب هبا صورة امرأة غري ملتزمة باللباس الشرعي املتعارف عليه يف هذه
البيئة،وإن حدث وإن ترمجت كتب لألطفال هبا صور من هذا القبيل فسوف يكون لزاما على
الناشر تكييف الصورة وجعلها تبدوا يف صورة حمتشمة،إضافة إىل صور بعض احليوانات مثل اخلنزير
حمرم يف االسالم وغري ذلك من الصور غري املقبولة من حيث الدين،والعرف،واجملتمع.
الذي هو ّ
نصل أخريا إىل أ ّن دراسة الرتمجة ألدب األطفال بدأت على يد مقارنني ال سيما مع بداية
العقد السابع للقرن العشرين،ثّ أثارت اهتمام أنصار املقاربات الوظيفية يف الرتمجة وعلى رأسهم
تعززت مع مطلع القرن الواحدكريستيان نورد،وزوهار شافيت،وجيديون تورى وإيفن زوهار،ثّ ّ
والعشرين بفضل اجملهودات اليت قام هبا جمموعة من املهتمني مثل واتينن،وجيليان اليت،وروبريتا
بيدرزويل وأوسوليفان وغريهم.كما ارتبط البحث يف هذا اجملال يف البداية مبسأليت االقتباس
والتلقي،ال سيما مع املقارنني ريتشارد بامربغر،وفالرت شريف،وغوت كلينبريق الذين أ ّكدوا على
احلرة.وقد
كل أشكال االقتباس أو الرتمجة ّ
ترابط الشكل باملضمون يف كتب األطفال،وهم يرفضون ّ
جل هذه الدراسات أن جتيب على إشكاالت جوهرية بداية بالثقافية،واألسلوبية، حاولت ّ
واألدبية،واجلمالية،والرتبوية وغريها،ملا يقتضيه هذا اجملال من حساسية على مستوى التلقي،ما دام
أ ّن املتلقي املفرتض هو الطفل،ومن ثّ يصعب التعاطي مع الرتمجة له لوجود عناصر أخرى ميكن
إدراجها يف خانة املتلقني هلذه الرتمجة،باعتبارهم وسطاء ال يستهان هبم سواء أثناء العملية الرتمجية
املوجهة لألطفال،خدمة للقارئ اهلدف ليطّلع
مسوغ التح ّكم يف الرتمجات ّ
أو بعدها.ومن هنا يأيت ّ
الرغم من رفض كثري من بكل سهولة وسالسة فيفهمها ويستشف مغزاها.وعلى ّ القصة ّ
على ّ
املنظرين طإجراءات التح ّكم وإعادة الكتابة أل ّّنا متحي خصوصية الثقافة األصلية وضخرتق
توجه حنو الثقافة
األخالقية،إالّ أ ّن كثريا من املختصني كذلك يرون يف املقابل بأ ّن الرتمجة لألطفال ت ّ
162
استراتيجية ترجمة قصص األطفال الفصل الثالث
163
الفصل الرابع
المدونة
التطبيق على ّ
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
تتمثّل مدونّة حبثنا يف ثالث جمموعات قصصية مرتمجة عن اللّغة الفرنسية صدرت ما بني
كل من
تطرق إىل وصف شكل ّ أعوام 3002و .3002وسنحاول-يف الوقت نفسه -ال ّ
نبني عناصرمها صنو النصية ( )Eléments paratextuelsألمهيتها يف
الكتاب األصل والرتمجة و ّ
حتليلنا.وتتمثّل اجملموعات الثالث فيما يأيت:
165
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
166
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
167
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
وسنشتغل من ضمن هاذين الكتابني على مخس قصص عثرنا على ترمجاهتا يف
مؤسسة المعارف" ببريوت – لبنان،مابني أعوام 3002و
كتيّبات منفصلة نشرهتا " ّ
.3002وعلى عكس اجملموعة األوىل جند أ ّن الناشر قد أشار فيها -على صفحة
كل من الكاتب والرسام املذكورين يف األصل وكذلك اسم
الغالف اخللفي -إىل أمساء ّ
املرتجم الذي هو"ماهر محيو"،إضافة إىل واجهة أغلفة القصص املنشورة يف هذه
السلسلة.وقد حافظت الطبعات والنسخ العربية على الصور الواردة يف األصل،وهي جيّدة
أي تقدمي من الناشر أو تلخيص الطباعة واإلخراج كذلك،إالّ أنّه ال يوجد فيها ّ
للقصة،وهي تتلخص فيما يأيت:
ّ
كاميليا تبول في ثيابها)3002(.
كاميليا ال تريد االغتسال)3002(.
كاميليا ال تريد إعارة لعبها)3002(.
كاميليا وألفاظها النابية)3002(.
كاميليا وجذمتها الجديدة)3002(.
168
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
169
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
المجموعة الثالثة (الروائع العالمية) المجموعة الثانية (كاميليا) المجموعة األولى (كورالي)
متغيّرات التكافؤ
الوصف المتغيّرات الوصف المتغيّرات الوصف المتغيّرات
هل وظيفة النص الوظيفة هل وظيفة النص الوظيفة هل وظيفة النص الوظيفة
اهلدف هي نفسها اهلدف هي نفسها اهلدف هي نفسها
Function
يف األصل؟ يف األصل؟ يف األصل؟
القيمة االفتراضية القيمة االفتراضية القيمة االفتراضية
( : )DVنعم، ( : )DVنعم، ( : )DVنعم،
هي نفسها،تربوية هي نفسها،تربوية هي نفسها،تربوية
وترفيهية. وترفيهية. وترفيهية.
هل أعاد النص المضمون هل أعاد النص المضمون هل أعاد النص المضمون
اهلدف مضمون اهلدف مضمون اهلدف مضمون
Content
النص األصل أم النص األصل أم النص األصل أم
كان هناك كان هناك كان هناك
170
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
هل أسلوب النص األسلوب هل أسلوب النص األسلوب هل أسلوب النص األسلوب
اهلدف هو نفسه اهلدف هو نفسه اهلدف هو نفسه
Style
يف النص االصل؟ يف النص االصل؟ يف النص االصل؟
القيمة االفتراضية القيمة االفتراضية القيمة االفتراضية
(: )DV (: )DV (: )DV
ال ،األسلوب ال ،األسلوب ال ،األسلوب
مختلف. مختلف. مختلف.
هل وضع النص هل وضع النص هل وضع النص الوضع
اهلدف هو وضع اهلدف هو وضع اهلدف هو وضع
171
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
النص األصل نفسه النص األصل نفسه النص األصل نفسه Status
(هل النص اهلدف (هل النص اهلدف (هل النص اهلدف
مستقل؟ أم متساو مستقل؟ أم متساو مستقل؟ أم متساو
وظيفيا وظيفيا وظيفيا
وقانونيا؟،ومتواز أم وقانونيا؟،ومتواز أم وقانونيا؟،ومتواز أم
مستمد يف حاالت مستمد يف حاالت مستمد يف حاالت
أخرى)؟ أخرى)؟ أخرى)؟
هل الرتمجة مباشرة هل الرتمجة مباشرة هل الرتمجة مباشرة
عن األصل أم ال؟ عن األصل أم ال؟ عن األصل أم ال؟
القيمة االفتراضية القيمة االفتراضية القيمة االفتراضية
(: )DV (: )DV (: )DV
الوضع الوضع الوضع
نفسه،الترجمة نفسه،الترجمة نفسه،الترجمة
مباشرة.مباشرة. مباشرة.مباشرة. مباشرة.
172
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
173
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
متغيّرات المترجم
الوصف المتغيّرات الوصف المتغيّرات الوصف المتغيّرات
هل املرتجم هل املرتجم هل املرتجم
الرؤية الرؤية الرؤية
ظاهر يف ظاهر يف ظاهر يف
Visibility
النص اهلدف النص اهلدف النص اهلدف
بتعليقاته وشروحه؟ بتعليقاته وشروحه؟ بتعليقاته وشروحه؟
هل ميكن معرفة هل ميكن معرفة هل ميكن معرفة
إيديولوجية املرتجم يف إيديولوجية املرتجم يف إيديولوجية املرتجم يف
النص اهلدف؟ النص اهلدف؟ النص اهلدف؟
القيمة االفتراضية: القيمة االفتراضية: القيمة
المترجم غير مرئي المترجم غير مرئي االفتراضية:
المترجم غير مرئي
174
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
175
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
فصاغاها يف قالب عريب مقبول،ومل نعثر على نقاط شارحة ماعدا شرح بعض الكلمات ي
جل املرتمجني ناطقني باللّسان العريب.
اجملموعة القصصية األوىل.كما نالحظ بأ ّن ّ
المجموعة الثالثة (الروائع المجموعة الثانية (كاميليا) المجموعة األولى (كورالي)
العالمية)
176
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
177
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
املدونة الستنباط أهم االسرتاتيجيات الفرعية أو املوضعية اليت متّ توظيفها يف ترمجة اجملموعات
ّ
القصصية الثالث.
-2ترجمة أسماء األعالم واألماكن :
1-2المجموعة القصصية األولى" كورالي" :
جند بأ ّن املرتجم قام برتمجة أمساء العلم كلّها يف هذه اجملموعة ،ما عدا اسم البطلة اليت
هي "كورالي" (،)Coralieوكلبها الصغري(،)Minederienالذي أصبح "مندريان".وكما
يتم عادة االحتفاظ بأمساء األبطال ( )Les protagonistesكما وردت يف أشرنا سابقاّ ،
يتصرف فيها،ألنّنا
األصل،ألنا حمورية تعرف هبا السلسلة وتشتهر،فال ميكن للناشر العريب أن ّ
ّ
نعتقد بأ ّن الناشر األصلي ال يسمح بذلك.واستنادا إىل االسرتاتيجيات اليت اقرتحتها
،سنتطرق إىل حتديد أهم االسرتاتيجيات يف ترمجة أمساء العلم.
ّ كوالي
178
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
عام.
-استبدال اسم بآخر من الثقافة -ربيع -Patrick
األصل (.)Substitution
عدم الترجمة أو المناقلة الصوتية -كورا )-Cora (Diminutif
)(Phonetic transcription
مزج بني اسرتاتيجيتني :استبدال -الحلواني وحيد -Monsieur Tralala
اسم شخصي باسم عام (مهين)
+استبدال اسم بآخر من الثقافة
األصل (.)Substitution
االستراتيجية المستعملة اسم العلم في النص األصل ترجمته في النسخة العربية
)( (Coralie est amoureuseكورايل يف حلم سعيد)
استبدال اسم بآخر من الثقافة -داني -Davio
اهلدف (.)Substitution
-الناظر
-Monsieur Blot
-استبدال اسم شخصي باسم
عام
-استبدال اسم شخصي باسم
-المعلّمة -Madame
عام Bonnemaison
حذف وتعويض باسم عام.
-تلميذة -Cécilia
استبدال اسم بآخر من الثقافة
-أميرة -Angelina
اهلدف ()Substitution
-فرسان
-Valentin
االستراتيجية المستعملة اسم العلم في النص األصل ترجمته في النسخة العربية
Coralie fait du roller
179
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
كورالي تتزلّج
استبدال اسم بآخر من الثقافة -لينا -Louise
اهلدف (Substitution
َ -جنَى -Julie
لقد تعامل املرتجم مع أمساء العلم يف اجملموعة األوىل بطرق،خمتلفة ولكنّه غلّب
إسرتاتيجية االستبدال،حبيث قام بتغيري األمساء األجنبية كلّها إىل أمساء حملّية ما عدا امسي
البطلة "كورالي" وكلبها الصغري"مندريان" الذين نقلهما صوتيا ( )Transliterationأو
احتفظ هبما ( )Retentionوفقا ملصطلح إيبستاين.ونعترب بأ ّن اسم كورالي ()Coralie
املشتق من " "Coraواملتداول يف فرنسا متّ توظيفه يف األدب الفرنسي الكالسيكي،وهو يرمز
إىل إحدى بطالت رواية "أوهام ضائعة"( )Illusions perduesللكاتب الفرنسي هونوريه
،)Honoréالصادرة بني أعوام 1222و 1242يف ثالثة (de Balzac دي بلزاك
أجزاء،وقد ترمجها ميشيل خوري إىل اللّغة العربية.ونالحظ بأ ّن اختيارات املرتجم لألمساء
نابعة من بيئته مثل" :داني"،و"ربيع"،و"فرسان"،و"لينا" و"جنى" املتداولة كثريا يف لبنان
وبالد الشام عموما.وهي أمساء سهل على اللّسان نطقها وال تعيق القراءة.وقد جلأ أيضا إىل
استبدال اسم (،)Tralalaالذي يستعمل يف العامية املتداولة يف العائلة (Langage
إىل اسم عام أو مهين وهو "الحلواني".ومنحه يف موضع آخر امسا متداوال يف )familier
الثقافة املستقبلة ومقرونا باالسم العام "الحلواني وحيد".والشيء نفسه حصل مع اللقبني
املتداولني يف فرنسا "Madame Bonnemaison ":و"،" Monsieur Blotفاكتفى املرتجم
عامة تشري إىل اسم وظيفتيهما "المعلّمة" و"الناظر".ونالحظ كذلك
بتحويلهما إىل أمساء ّ
180
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
181
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
-شادية
اسم العلم في النص األصل ترجمته في النسخة العربية االستراتيجية المستعملة.
( (Camilleكاميليا تبول في ثيابها) a fait pipi
)dans sa culotte
استبدال اسم بآخر من الثقافة -فادي -Maxime
اهلدف ).(Substitution
-شادية -Bérénice
حينما نتتبّع االسرتاتيجيات الرتمجية اليت وظّفها املرتجم يف اجملموعة القصصية الثانية
خبصوص أمساء العلم،جند بأنّه حافظ على اسم الشخصية الرئيسية املتمثّل يف ""Camille
بالفرنسية،إالّ أنّه قام برتمجته إىل العربية وفقا لالسم األصلي الالتيين " "Camiliaفجاء
حماكيا له يف العربية بـ اسم "كاميليا".ويرجع هذا االسم إىل العهد الروما ي حيث أطلقه
ملحمته املعروفة الشاعر "فيرجيل" ( )Virgileعلى إحدى شخصياته الثانوية يف
بـ"اإلنيادته" (،)L’Énéideإالّ أنّه أصبح متداوال يف وقتنا احلايل يف فرنسا.ونرى بأ ّن املرتجم
182
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
جلأ إىل تعريبه بـ "كاميليا" ألنّه أصبح متداوال يف العامل العريب ال سيما يف األقلّيات املسيحية
العربية املوجودة مثال مبصر،وسوريا ولبنان،ولذلك استبدله مبا يقابله يف اللّغة اهلدف.
اهلدف،فحل فادي
ّ عوضها بأمساء متداولة يف الثقافة
خيص األمساء األخرى،فقد ّ
وفيما ّ
حمل سليستان (،)Céléstinوأوجين ( )Eugèneوماكسيم (،)Maximeوشادية ّ
حمل ّ
برينيس (.)Béréniceكما جلأ إىل حذف االمسني اآلخرين ومها جول ( )Julesوفيكتورين
حول املرتجم السرد إىل حوار ، (ّ ،)Victorine
ألنما وردا يف النص األصل يف السرد،وملّا ّ
أعاد الكتابة وحذفهما :
- Hou !Hou !Camille, où es tu ?crie Jules au bout d’un moment.
183
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
-حذف -Cendrillon
184
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
القصة األوىل "القط الظريف" ( )Le Chat bottéباستبدال اسم قامت املرتمجة يف ّ
العلم ( )Le marquis de Carabasمبا يقابله يف اللّغة اهلدف باسم " األمير نبهان"،ونعتقد
بأ ّنا جلأت إىل ذلك ملا استلهمته من سلسلة قصصية لألطفال للكاتبة املصرية فاطمة المعدول
185
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
186
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
األم الباب وقبّلت أوالدها حبرارة وقالت هلم :كم أنا سعيدة بعودتكم يا
"فتحت ّ
أوالدي االحبّاء!أدخلوا بسرعة فانتم حتما جائعون "( حذف).
نالحظ بأنّه مل يتم حذف االسم فقط،بل حذف شطر كامل من اجلملة،وهذا يدخل
تصرف املرتجم جليّا واضحا.
ضمن إعادة الكتابة اليت يكون فيها عادة ّ
وقد جلأت املرتمجة يف هذه اجملموعة كثريا إىل اسرتاتيجية احلذف أو عدم الرتمجة،وهذا ما
قصة "سندريال" (،)Cendrillonحبيث مل ترتجم امسي العلم نلمسه أيضا يف ّ
األول السخرية والتحقري اللذين كانت
(،)Cucendronو( .)Cendrillonوميثّل االسم ّ
أقل تعانيهما سندريال من إحدى أخو ّ
اهتا،أما الثا ي،فكانت تناديها به أختها الصغرى اليت هي ّ
يؤدي
عداء هلا مقارنة باألوىل.وقد جتاوزت املرتمجة ترمجتهما رّمبا لصعوبة إجياد اسم يف العربية ّ
الوظيفة نفسها ال سيما لالسم األ ّول.
- (…),elle allait s’asseoir au coin de la cheminée dans les cendres,ce
qui lui valut le surnom de Cucendron.La cadette qui n’était pas aussi
méchante que son ainée, l’appelait Cendrillon.
"وحني تتعب جتلس منزوية قرب املوقد لتنعم بالدفء والراحة،فهذه االسرتاحة هي بالنسبة
حتن عليها أحيانا،لكنّها ال جترؤ على التعبري عن
إليها أسعد أوقاهتا.كانت األخت الصغرى ّ
ذلك خوفا من غضب والدهتا وأختها الكربى".
قصة " ذو اللّحية الزرقاء" (،)Barbe-Bleueوظّفت املرتمجة اسرتاتيجيتني تتمثّالن
ويف ّ
القصة هو " آن" ( )Anneوهو اسم
يف االستبدال واحلذف.فاالسم الوحيد الذي ورد يف آخر ّ
أخت زوجة "ذو اللّحية الزرقاء"،حبيث استبدلته باسم عام يف املوضع األول وهو "أختها"،ويف
املوضع الثا ي بـ "أختاه" بينما مل ترتمجه يف موضع آخر.وخنال بأ ّن جلوءها إىل هاتني
187
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
أتضور جوعا
إ ي ّّ ...-
-Mais,dis,Coralie,moi
aussi j’ai un petit
creux.Tu n’as rien pour
?moi
ترجمة -ليس عندي شيء لك.لعق - Non,mon lapin a avalé
مندريان الحساء كلّه. toute ma soupe à
l’herbe verte.
-Heureusement pour
)...(-جميد يأكل قطعة من ترجمة+إضافة شارحة
Mathieu maman a cuit
قالب الحلوى. un gâteau pour le
goûter.
188
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
مألى بالكاتو
والشوكوال،وتلك فطائر
حمشوة "بالكريما" وعليها
ّ
الفريز واألناناس.
189
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
الفطائر،من فضلك.
-Patrick freine ,mais
-ترجمة -مل يستطع التوقف،فالمس percute Cora et ses
babas qui s’envolent.
دوالب الدراجة األمامي رجل
كورايل،فأوقعها أرضا،وطارت
من يدها علبة الحلوى.
-Schplaf !les babas se
-حذف retrouvent par terre.
-ترجمة بفطيرتي.
ّ حل
-أنظر ما ّ -Regarde mes deux
babas écrabouillés.
190
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
يتبني لنا ممّا ورد يف اجلدول،بأ ّن املرتجم جلأ إىل ترمجة أمساء املأكوالت بطرق خمتلفة،ول ّكنّه
ّ
األول قام برتمجة " "La soupe à l’herbe verteمباشرة غلّب اسرتاتيجية الرتمجة.ففي املثال ّ
حضرهتا الطّفلة كورالي التسلية واملرح،ولذلك حذف عبارة
بـ "الحساء".وتفيد هذه الوجبة اليت ّ
غري
» ، «à l’herbe verteفجاءت الرتمجة منقوصة من جانب وظيفة الرتفيه ال سيما وأنّه ّ
الصغري،وتدخل يف
ّ الفاعل الذي هو "األرنب"( )Mon lapinبـ "مندريان" الذي هو كلبها
النص بشكل كبري،تارة باإلضافة وتارة أخرى باحلذف.
"Unبـ"قالب الحلوى"،وتواترت هذه الرتمجة يف مجيع "gâteau ويف املثال الثا ي،ترجم
القصص،ومن مثّ كان بإمكانه االكتفاء بكلمة حلوى،إالّ أنّه اضاف كلمة "قالب" حىت جيعل ما
كل القصصاقرتحه من ترمجة يتوافق مع ما يشاهده الطّفل يف الصورة،اليت هي عبارة – يف ّ
تقريبا" عن " ُترتة" ( )Tarteف ّ
أسس إلضافاته كلّها عن طريق الصور.كما قام يف املثال الثالث
تبني الكلب الصغري مستلقيا،مثل الرضيع يف سلّة،وهو
بإعادة كتابة ما يظهر يف الصورة اليت ّ
الرضاعة مشروبا ما.وقد قام برتمجة "" "quelque chose à boirيشرب بعض يشرب من ّ
السوائل"،إالّ أنّنا نعتقد بأ ّن هذا االقرتاح غري موفّق إذ أ ّن السوائل كلمة ّ
عامة،تشري إىل ما يشربه
االنسان وما ال يشربه،وبالتايل كان على املرتجم أن يرتجم هذه العبارة بـ":يتناول أو
يشرب،بعض المشروبات أو العصائر".
القصة األخرى "كورالي عند بائع الحلوى" توظيف بعض أمساء احللويات مثل
وجند يف ّ
المعجنات"وتارة أخرى بـ"الفطائر" و"الحلوى"،كما وظّف
" "les babasاليت ترمجها تارة بـ" ّ
اسرتاتيجية االقرتاض حني ترجم " "les tartelettesبـ "التّرت"،و""les pains au chocolat
بـ"الكاتو والشوكوال"،وإن كنّا نتح ّفظ كثريا على هذه الرتمجة ملا احتوته من خلط وإضافة،ال
191
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
192
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
193
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
194
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
ضاعة"،إالّ أنّه
وموضحا للطّفل،وقد كان بإمكانه االكتفاء بـ"سأشرب من الر ّ
ّ مبسطا
احلليب ّ
تتوجه إليها القصص املرتمجة.
راعى الفئة العمرية اليت ّ
القصة الثانية قام برتمجة " "bonbonsيف مجيع املواضع بـ"ملبّسات"،وهي كلمة نراها
ويف ّ
غري متداولة يف املغرب العريب،ولذلك ميكن أن تطرح إشكاال على مستوى الفهم والتلقي،أل ّن
كلمة "حلويات" أو "الحلوى" هي املستعملة بكثرةّ .أما كلمة ملبّسات،فهي ّ
تدل يف اللّغة
األجنبية على حلويات اللوز امللبّس بالسكر "،"Dragéesإالّ أ ّن النص األجنيب ال يشري بالضبط
إىل هذا النوع من احللوى،وبالتايل نرى بأ ّن كلمة حلويات تضمن – يف اعتقادنا -فهما شامال
لدى األطفال العرب يف مجيع البالد العربية.ونستشف من ذلك بأ ّن املرتجم ابن بيئته يتأثّر هبا
وتؤثّر فيه ويف اختياراته املعجمية أثناء الرتمجة،ويف حالة عدم اإلملام مبا هو متداول يف البيئات
األخرى،يقع املرتجم يف إشكاالت من هذا القبيل.وقد جلأ أيضا إىل احلذف يف موضع آخر ملا
ّ
األم
السرد إىل اسرتاتيجية احلوار،فأعاد الكتابة مبا ينسجم مع احلوار الدائر بني ّ
غري اسرتاتيجية ّ
ّ
القصة الثالثة،فقد قام املرتجم برتمجة ""Un gâteau ّ خيص
ّ وطفلتها فتجاوزها.وفيما
مبني يف اجلدول،ومن مثّ القصة الرابعة يف موضعني كما هو ّبـ"الحلوى"،بينما قام حبذفها يف ّ
تع ّددت االسرتاتيجيات اليت وظّفها يف ترمجة أمساء األطعمة واملأكوالت،إالّ أ ّن االسرتاتيجية
الغالبة متثّلت يف الرتمجة والشرح وال نرى سبب جلوئه إىل احلذف يف مواضع أخرى.
2-2المجموعة القصصية الثالثة :
ويف اجملموعة القصصية الثالثة ملسنا يف ترمجة أمساء األطعمة واملشروبات االسرتاتيجيات
الرتمجية اآلتية:
195
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
ط -ترمجة
سر امللك كثريا،وق ّدم للق ّ
ّ -
-Le roi fut enchanté de
ce nouveau présent,et
المشروبات المنعشة عربون lui proposa un
rafraîchissement en
شكره. l’honneur de son
-بعد أن أكلوا وشربوا اقرتب -ترمجة+إضافة وحذف maître.
-après avoir bu cinq ou
امللك من الشاب وقال له. six coupes,le roi lui dit.
لكل -ترجمة
األم ّ - -Au moment de partirيف ّ
الصباح،أعطت ّ
dans la forêt,laمن أوالدها قطعة خبز
bûcheronne leur donna
للفطور. à chacun un morceau
de pain pour leur
déjeuner.
196
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
197
املدونة
ّ التطبيق على الفصل الرابع
198
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
اعتمدت املرتمجة يف ترمجتها أمساء األطعمة واملشروبات يف هذه اجملموعة على ع ّدة
القصة األوىل ترمجت ""Rafraîchissement
اسرتاتيجيات أمهّها الرتمجة،واإلضافة واحلذف.ففي ّ
،)Boissonوهي ترمجة شارحة أل ّن كلمة "املنعشة" هي (fraiche بـ "المشروبات المنعشة"
خيص عبارة « bu
صفة تتالزم مع كلمة املشروبات أكثر من تالزمها مثال مع كلمة الباردة.وفيما ّ
،cinqفهي تشري ضمنيا إىل شرب اخلمر،فرتمجت العبارة بفعل عام » ou six coupes
"شربوا"،ومل تفصح عن املضمر لعدم مقبوليته يف الثقافة اهلدف،ومن مثّ نرى بأ ّن املرتمجة جلأت
يف ترمجتها هذه أيضا إىل أسلوب التلطيف.كما أ ّنا أضافت كلمة "أكلوا" غري املوجودة يف هذا
املقطع تعويضا عن إشارة سابقة إىل الطعام الذي أع ّده الغول وأصبح من نصيب األمري
وضيوفه،وكانت قد جتاوزت ذكره يف هذا املوضع،فأدرجته يف املوضع املوايل.
قصة "الحسناء النائمة" جلأت إىل حذف كثري من أمساء األطعمة بداية بـ « Les
ويف ّ
ُّدرج
» ،broches de perdrix et de faisansوهي إشارة إىل شواء حلم طائري احلَ َجل والت ُ
عامة ( )un hypéronymeوهي على مجر املوقد.فقد أشارت إىل ذلك باستعماهلا كلمة ّ
درج.وقد
"الطعام" عوضا عن اإلشارة إىل اجلزء ( )hyponymeاملتمثّل يف حلم احلجل والتُّ ُ
الشهي" يف إشارة
لتبسط – يف رأينا -الصورة للطّفل،فقرنت الطعام بصفة " ّ
أضافت كلمة القدور ّ
قصة "عقلة
تقل ل ّذة عن تلك املشويةّ .أما يف ّ
ضمنية إىل ما حتويه القدور من حلوم طازجة ال ّ
اإلصبع"،فقد جلأت كثريا إىل احلذف مثل عبارة « cuisait un mouton tout entier pour
199
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
بكلمة "طعامه"،فحذفت " ( "pichet de vinقدح الخمر) أل ّن اخلمر حمظور عند املسلمني
من جهة،وغري مقبول توظيفه يف أدب األطفال العريب من جهة أخرى.ومبا أ ّن أدب الطفل يروم
الرتبية وزرع املبادئ واألخالق احلسنة يف الطّفل،ارتأت يف ترمجتها إىل تلطيف هذا املوقف.و ّأما
اخلاصة،مقحمة
ّ عبارة » « donne-leur à souperفقامت حبذفها وأعادت الكتابة بطريقتها
أفكارا مل يأت هبا النص األصل.واملوقف الوحيد الذي ملسنا فيه ترمجة حرفية متثّل يف عبارة
» « morceau de painاليت نقلتها حرفيا إىل" قطعة خبز".
تقريبا إىل "الكعك والزبد"،ما عدا يف املوضع األخري حيث حذفت هذه العبارة ّ
وعوضتها
بـ"سلّتها" تفاديا للتكرار،أل ّن يف املوضع ما قبل األخري ّيوظف الكاتب إسرتاتيجية احلوار ليشري
إىل طلب الذئب،املتن ّكر يف ثوب اجل ّدة،من ليلى وضع الكعك والزبد على الطاولة،ويف املوقف
املوايل يتّخذ إسرتاتيجية السرد،فيخرب القارئ عن استجابة ليلى للطلب،ولذلك وجدت املرتمجة
نفسها كاتبة ثانية،وجلأت إىل هذا االختيار املعجمي بناء على الصورة اليت تظهر فيها ليلى وهي
تضع السلّة على الطاولة ،فجاء الربط واضحا والرتمجة سلسة.
200
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
-حذف
-ال توجد ترمجتها. ! -Ouf
-ترمجة شارحة
مجيد":أنظر! ! -صرخ -Youpi !crie
Mathieu.
األم العصفورة ترفرف
هاهي ّ
201
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
-حذف
-ال توجد ترجمتها. !-Ouf
202
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
"كورالي"منزعجة:كالّ!
203
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
204
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
205
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
206
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
جند يف اجملموعة القصصية الثانية بأ ّن املرتجم حاول أن ينقل األصوات وصيغ التعجب
بأمانة يف ترمجاته للقصص،فلجأ غالبا إىل اسرتاتيجييت املناقلة الصوتية ()Translitération
القصة األوىل من هذه اجملموعة اشرتكت مع بعض قصص اجملموعة األوىل
واحلذف.نالحظ بأ ّن ّ
يف توظيف بعض األصوات،إالّ أ ّن االسرتاتيجيات الرتمجية اليت وظّفها املرتمجان متباينة إىل ح ّد
القصة األوىل رّمبا لصعوبة إجياد
رتجم الصوت "! "Hou ! Houيف ّ
كبري.فعلى سبيل املثال مل يُ َ
القصة للداللة كذلك على حتديد
مكافئ وظيفي يف اللّغة العربية،حبيث استعمل الصوت يف هذه ّ
املكان واإلعالن عن انتهاء فرتة االختباء أثناء لعبة الغميضى (.)cache-cacheوقد حاول
املرتجم إعادة الكتابة لتجاوز مشكل احملاكاة الصوتية فأشار إىل ذلك بعبارة "هيّا أخرجوا من
القصة ينادي فادي شادية بأن
غري جذريا املضمون.ففي هذه ّ مخابئكم،لقد ربحت"،إال أنّه قد ّ
خترج من خمبئها خمربا إيّاها بأنا رحبت،بينما يف النسخة العربية يشري فادي إالّ اّنه هو من
النص بوضوح.
وتصرفه يف ّ
ربح،وهنا يظهر حت ّكم املرتجم ّ
207
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
وقد قام غالبا برتمجة صيغ التعجب صوتيا إىل اللغة العربية مثل "! "Ohاليت ترمجها تارة
بـ"آه" وتارة أخرى بـ"أوه"،و" "Aaahhhاليت أصبحت يف النسخة العربية " آه ه ه ه!".
خيص صيغ
ونعتقد بأ ّن كال املقابلني متداول يف اللغة العربية،وأ ّن املناقلة الصوتية مقبولة فيما ّ
التعجب هذه،لكن إذا ما نظرنا إىل استعمال االسرتاتيجية نفسها مع لفظة"يووووبي" ()Youpi
ألنا غري متداولة يف اللغة العربية وتبقى بدون داللة.ولو حاول املرتجم ابداع
فال نراها مالئمة ّ
صيغة مثل "رااائع! !" أو"روووعة!!" لكان ذلك أفضل وأوىف للغرض.كما نراه قد حذف صيغة
"! Chic alors "! "Eh hopلصعوبة إجياد مقابلها يف اللّغة اهلدف،وقام بشرح
عامة هي "رائعة".
بلفظة ّ
2-2المجموعة القصصية الثالثة :
خيص كالسيكيات شارل بيرو مل يكن هناك توظيف حماكاة األصوات بكثرة،ف ّ
جل وفيما ّ
ما ورد يف بعض القصص عبارة عن حماكاة معجمية لألصوات" "onomatopée lexicalisée
وصيغ التعجب سنبيّنها يف اجلدول اآليت:
االستراتيجية المستعملة النسخة العربية القصة األصل
ّ
(عقلة اإلصبع) ) (Le petit poucet
208
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
-ترمجة شارحة -ومل يعد يسمع إال -Ah ! comme elle est
belle!Mais qui peut-elle
عبارات":ما أمجلها" و"من ? bien être
عساها تكون؟"و"يا إلهي"
االستراتيجية المستعملة النسخة العربية القصة األصل
ّ
(ليلى ذات الرداء األحمر) (Le Petit Chaperon
) Rouge
-حذف -نعم،فهي تسكن قرب -Oh ! oui dit le Petit
… Chaperon rouge
املطحنة.
-Eh bien ! dit le loup,je
-حذف -قال الذئب :سأذهب أنا veux y’aller aussi.
أيضا لالطمئنان عليها.
209
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
الذئاب بل قام بشرحها وتوضيحها على ّأنا "أصوات ذئاب"،أي استعمل كلمة عامة
( )hypéronymeوهي "أصوات" رمبّا لتحقيق قرائية أفضل.كما جلأت يف ترمجتها
عامة هي "صوت" قصد التوضيح أكثر للقارئ لفعل" "ronflerإىل الشرح بإضافة كلمة ّ
حىت مسع شخير الغول"،إالّ أ ّن الكتابة لألطفال
الصغري،إذ كان بإمكانا ترمجته مباشرة بـ " ّ
"! "Ah تستدعي التبسيط والتوضيح وال ميكن اعتبار ذلك حشواّ .أما عن صيغ التعجب مثل
و"! ،"Ohفلم تعتمد اسرتاتيجية حم ّددة،إذ نقلتها صوتيا يف موضع ومل ترتمجها يف مواضع
التعجب "! "Ahبواسطة الصيغة املستعملة يف اللغة العربية
أخرى،كما جلأت إىل شرح صيغة ّ
"يا إلهي".وهكذا نلتمس يف ترمجة اجملموعات القصصية الثالث،فيما خيص احملاكاة الصوتية
وصيغ التعجب،الصعوبة اليت تعرتض املرتجم يف نقلها وظيفيا إىل اللغة العربية.
-2استراتيجيات التح ّكم في القصص المترجمة :
1-2اإلضافات والحذف:إجراءان في خدمة التبسيط والقرائية
أثناء قراءتنا لرتمجة اجملموعات القصصية الثالث،جتلّى لنا حت ّكم املرتمجني يف النصوص
وتدخلهم يف النص األصل بشكل واضح بواسطة اإلضافات واحلذف
املرتمجة بداية باألسلوب ّ
جل الرتمجات.وتأيت اإلضافات واحلذف عادة هبدف التبسيط
اللذين يتالزمان عادة يف ّ
موضحا
يتدخل املرتجم ّ
للقارئ،الذي يفرتض أ ّن يفتقد كفاءة االستيعاب اليت ميلكها الكبري،ف ّ
نص سلس وواضح.وسنعمل على تبياناملقاطع اليت يراها حتتاج التوضيح قصد احلصول على ّ
ذلك بواسطة مقاطع نستقيها من ترمجات بعض قصص مدونتنا،حماولني اإلشارة إىل األمر الذي
جعل املرتجم يلجأ إليها.وسوف نشري إىل اإلجراءين معا،أل ّن اإلضافة ينجر عنها احلذف يف
يؤدي باملرتجم إىل تعويضه بإضافة كلمات أو مقاطع.ونرى من
أحيان كثرية ،كما أ ّن احلذف ّ
210
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
األمهية مبكان أن نسوق األمثلة اليت جاءت فيها اإلضافات واحلذف هبدف التبسيط والتوضيح،
نتطرق بعدها إىل تلك اليت تروم تلطيف بعض املواقف غري املقبولة يف بيئة التلقي أو تكييفها
مث ّ
بغرض األخلقة ( )La moralisationاليت ينشدها أدب األطفال.وسنحاول تقدمي بعض األمثلة
املستقاة من اجملموعة القصصية األوىل فيما يأيت:
1-1-5المجموعة القصصية األولى :
(: )Coralie et l’orage -قصة "كورالي في العاصفة"/
! Quelle chaleur étouffante
! Quel temps orageux
Coralie n’a plus la force de pousser Mathieu.
-Allez,Coralie viens donc jouer insiste Mathieu.
-Ah non !j’ai vraiment trop chaud.Je vais aider maman à rentrer son linge.
211
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
تتصبّب عرقا حتت الشجرة،يف حني أفصح املرتجم عن ذلك منذ البداية ملا رأى بأ ّن الرتمجة
ّ
يسميه أنطوان برماناحلرفية قد ينجر عنها غموض أو ال فهم.ويدخل هذا اإلجراء ضمن ما ّ
بالتوضيح (.)La clarificationفلو قمنا على سبيل املثال باحرتام أسلوب كاتب النص األصل
ميكن أن حنصل على الرتمجة اآلتية:
يا لها من حرارة خانقة
جو عاصف
يا له من ّ
لم تعد كورالي تملك القدرة على دفع ماتيو.
هيّا تعالي لنلعب يا كورالي يلّح عليها ماتيو.
أحس بالحرارة.سأساعد ّأمي على إدخال غسيلها( .ترمجتنا)
آه ال أنا ّ
نالحظ إذا بأ ّن الرتمجة احلرفية وحماكاة أسلوب النص األصل ال يساعدان كثريا على قرائية
جيّدة،ولذلك ارتأى املرتجم إعادة الكتابة مضيفا وحاذفا،سعيا وراء نص يكون سلسا وسهال
ولوجه (.)Accessibleوكما أشرنا سابقا،فإ ّن الصور تعمل كثريا على امداد املرتجم بإمكانيات
القصة املرتمجة
تتضمن عموما اإلضافات واحلذف.فعندما يقرأ الطفل ّ
إعادة الكتابة والتح ّكم اليت ّ
يرى فعال "مجيد" وهو على أرجوحته،وكورايل جالسة ترتاح حتت شجرة مزهرة وكلبها الصغري
مندريان مستلق جبانبها.وأضاف كذلك مجلة "هذا يوم ربيعي حار" تعويضا للجملتني األوىل
والثانية اللتني حذفهما.ومن هنا نرى بأ ّن صوت املرتجم ( )La voix du traducteurأصبح
حل حمل صوت الكاتب األصلي (،)La voix de l’auteurإذ ّبني بأ ّن كورايل واضحا وقد ّ
ربيعي" على الصورة اليت تظهر
تتأفّف من ش ّدة احلرارة يف يوم ربيعي،مرتكزا يف إقحامه لكلمة " ّ
خمضرة،وهذا ما حيدث فعال يف فصل الربيع.
فيها الشجرة مزهرة والطبيعة ّ
Mathieu !Mathieu !crie aussitôt Coralie. Viens vite nous aider.
212
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
213
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
وقف مجيد أمام النافذة ينظر إلى الخارج،وقال ":انظري"،كورايل" إىل الربق
يدوي.إ ّنا عاصفة هوجاء،مل أشاهد مثلها".لكن كورايل كانت قد
يلمع،واستمعي للرعد ّ
وضعت يديها على أذنيها من ش ّدة الخوف.
جلي عرب إضافاته.لقد قام بداية بوصف
نلمس يف هذا املقطع صوت املرتجم بشكل ّ
موضع جميد،الذي مل يرد يف النص املكتوب وقد بيّنته الصورة،كما أضاف كلميت "يلمع"
يدوي،فيضيف يدوي" ّ
حىت يتعلّم الطّفل بأ ّن يف اللّغة العربية نقول عن الربق بأنّه يلمع والرعد ّ و" ّ
كلمات وتعابري إىل رصيده اللّغوي،أل ّن قصص األطفال تروم التعليم أيضا.وشرح سبب وضع
كورايل يديها على أذنيها خوفا من صوت الرعد.وقد جاءت هاتان اإلضافتان للتوضيح
والتبسيط للقارئ الصغري.
- C’est la foudre qui s’est abattue sur le pommier tout en fleurs.
L’orage est terminé ,mais le pommier est couché.
! Comme elle a le cœur gros, Coralie
Mathieu et Minederien essaient de la consoler, mais rien n’y fait.
Sans cesse elle répète :
! - C’est la faute à l’orage
فتكسرت أغصانها وجذعها،وارتمت كلّها على
...لقد أصابت شجرة التفاح املزهرَةّ ،
األرض !
214
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
215
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
216
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
نرى بأ ّن احلفاظ على تركيب األصل يف الرتمجة ال يساعد كثريا على ولوج النص
بسهولة وقراءته بسالسة،لذلك ارتأى إعادة كتابته معتمدا اسرتاتيجية السرد من البداية إىل
النهاية،على عكس النص األصل الذي استعمل يف البداية اسرتاتيجية احلوار اليت يظهر فيها
خطاب كورايل،مثّ اختتم بصوت الكاتب.
نبني بواسطتها اإلضافات
قصة يف اجملوعة الثانية ّ
وسنحاول تقدمي عيّنة من األمثلة من ّ
مس النص األصل.
اليت أقحمها املرتجم يف النص العريب واحلذف الذي ّ
2-1-5المجموعة القصصية الثانية:
قصة "كاميليا ال تريد إعارة لعبها"
ّ -
Aujourd’hui,Celestin et Bérénice sont venus jouer chez Camille. Les
enfants montent les escaliers en courant et en rigolant.
- Voilà ma chambre dit camille, toute fière.
- Oh !La belle poupée !s’exclame Bérénice, en prenant Valentine dans
ses bras. Je vais la sortir de son lit.
Eh hop !Bérénice prend Valentine et lui fait faire quelques pas.
-أهال وسهال بكما يا شادية وفادي،اليوم يوم عطلة،وسوف نلعب سويّا.ما رأيكما؟!
تفضال !
-هيّا ألريكما غرفيت املتواضعة..ها هي! ّ
-أوه!يا هلا من دمية مجيلة يا كاميليا.سوف أجعلها متشي على قدميها بضع خطوات.
حينما نقرأ ترمجات قصص اجملموعة الثانية،نالحظ بأ ّن املرتجم الثا ي – على عكس املرتجم
فضل اسرتاتيجية احلوار على اسرتاتيجية السرد،وهذا ما نلمسه يف مجيع ترمجاته للقصص
األولّ -
ّ
تقريبا.ونعتقد بأنّه جلأ إىل ذلك مراعيا االختصار،أل ّن الفئة العمرية ال يتع ّدى سنّها
الثامنة،وليست هلا القدرة على استيعاب السرد (.)La narrationففي هذا املقطع قام حبذف
217
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
218
املدونة
ّ التطبيق على الفصل الرابع
219
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
السبعة يف بيت
كان يف قدمي الزمان حطّاب فقري يعيش مع زوجته وأوالده ّ
صغري()...
أحتمل أن أراهم ميوتون جوعا
-مل يعد بإمكاننا تأمني الطّعام الضروري ألطفالنا،وأنا ال ّ
عيين وأنا مكتوف اليدين وليس بيدي حيلة)...(.
أمام َّ
قصتهم آمال أن تساعدهم.تأثّرت العجوز حلاهلم ولكنّها قالت
قص عقلة اإلصبع عليها ّ
ّ -
هلم:لألسف يا صغاري املساكني،فأنا ال أستطيع مساعدتكم،فإ ّن زوجي غول يلتهم
كل واحد منكم بلقمة واحدة،لذلك عليكم
الصغار،وإذا ما رآكم فسيأكل ّ
األوالد ّ
االنصراف بسرعة فقد حان موعد عودته.
بداية،وهبدف القرائية،وسالسة التعبري وبساطته،قامت املرتمجة حبذف املعلومة اليت تشري يف
النص األصل إىل أ ّن زوجة احلطّاب هي كذلك حطاّبة،وهي داللة على عوز العائلة وكدحها من
توضح هبا حالة
عوضت هذا احلذف بإضافة كلمة "فقري" لكي ّ
أجل لقمة العيش.ولذلك نراها ّ
العائلة االجتماعية.كما ّأنا أضافت كثريا من التعابري واملعلومات اليت مل ترد يف النص
األصل،وقد جاءت كلّها للتوضيح.وهذا ما يدخله كلينغبيرق يف االقتباسات السياقية السيما
).(Explanatory translation أسلوب الرتمجة الشارحة
2- 5اإلضافات والحذف:إجراءان ترجميان في خدمة األخلقة :
كما أشرنا سابقا،فإ ّن مرتمجي قصص األطفال يلجأون إىل احلذف واإلضافة من أجل
تسميها ماريا نكوالجيفا (،)Moral protectionismأل ّن هدف أدب احلماية األخالقية كما ّ
األطفال يروم الرتبية،ولذلك يلجأ املرتمجون هلذه الفئة ،يف أحيان كثرية،إىل تلطيف املواقف غري
220
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
مدونتنا،بدءا
املقبولة يف بيئة التلقي وتكييفها مبا هو مالئم.سنمثّل لذلك مبقاطع نستقيها من ّ
باجملموعة القصصية األوىل.
1-2-5المجموعة القصصية األولى:
قصة "كورالي في حلم سعيد" :
ّ -
تعرف كورالي على تلميذ جديد التحق بقسمها،فاكتشفت بأ ّن له القصة ّ
حتكي هذه ّ
موهبة كبرية يف ترويض احليوانات والقيام باأللعاب البهلوانية،أل ّن والديه ميلكان سريكا،فعرضت
عليه ترويض كلبها فقبل،ومن هنا بدأ قلبها خيفق له،فأحبّته واتفقا على إقامة تظاهرة سريك،إالّ
سيحضران معا تظاهرة
ّ أ ّن خيبتها كانت كبرية حينما وجدته يوما مع فتاة يف سنّها،وأخربها بأ ّنما
للحب العاطفي بني تلميذين ينتهي
ّ القصة هناك إشارة واضحة
سريك حتمل امسها.ففي هذه ّ
خبيبة أمل كبرية.
القصة يف اللّغة الفرنسية بعنوان،(Coralie est amoureuse):إال أ ّن
لقد جاءت هذه ّ
النسخة العربية مل حتتفظ بداللة العنوان األصلي،بل متّ تكييفه وترجم بـ" :كورالي في حلم
221
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
222
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
223
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
تدخل املرتجم بشكل واضح يف هذا املقطع بإعادة كتابته اليت أضاف فيها كثريا
يتجلّى ّ
من الكلمات هبدف تعويض احلذف الذي أحدثه على مستوى عبارة (Il a des yeux qui
ألنا حتمل داللة اإلعجاب والشغف العاطفي بالتلميذ.
)ّ ، sourient
- Le lendemain,en classe,Davio tend une photo à Coralie :C’est toi ce
trapéziste en costume étincelant ?s’extasie Coralie .
- Ouah !Coralie est amoureuse pouffe Cécilia.
-يف الصورة يبدو"دا ي" مرتديا ثيابا ّبراقة ،ويقوم حبركات رياضية مثرية لإلعجاب
إ ي أرى جنما ح ّقا"
إ ي ال أص ّدق ما أرىّ
والتقدير.فقالت "يا اهلل ّ
الصف.
ضجة يف غرفة ّ
-ضحكت تلميذة ضحكة خبيثة وسرت ّ
« Ouah !Coralie est قام املرتجم يف هذا املقطع حبذف العبارة
» .amoureuseويدخل هذا األسلوب أيضا فيما يدرجه كلينبيرق ضمن االقتباسات
السياقية واملتمثّل فيما يصطلح عليه ()Rewordingأي إعادة الصياغة دون إدراج العنصر
الثقايف،وكذلك الشرح اإلضايف ( (Aded explanationاملستمد عادة من قراءة الصورة.وقد
جاء احلذف هبدف حتقيق املقبولية يف بيئة التلقي،إذ ال ميكن للمرتجم أن يرتجم العبارة حرفيا
ألنّه كما أشرنا حماط مبعايري خارجية وداخلية جيد نفسه جمربا على احرتامها.
- Le samedi après-midi,Coralie et Minederien filent au cirque pour
préparer leur numéro.
! Elle se sent si heureuse
Davio l’attend :
- Salut je te présente Angelina.
Elle est trapéziste,écuyère,acrobate. Plus tard, nous créerons un cirque
tous les deux : « Le cirque Angelina ».
224
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
225
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
بالتعاون مع أحد األصدقاء.ولذلك قام بتحوير الفكرة الواردة يف النص األصل حني ترجم
« Davioاليت ال ميكن ترجتها حرفيا لعدم مقبوليتها يف "» a déjà une amoureuse
مضامني القصص املوجهة للطفل العريب،فرتمجها بـ"تعرفت الفتاة التي يتعاون معها داني".ويف
صرحت فيه كورايل لكلبها الصغري حببّها الكبري لدا ي،فقد القصة الذي ّ املوقف األخري من ّ
سنوضحه فيما يأيت:
ّ حذف املرتجم هذا التعبري وأعاد كتابته وكيّفه بأسلوبه اخلاص كما
- Je l’aimais vraiment beaucoup,Davio.
Rien qu’en le voyant, j’avais les étoiles plein la tête.
J’étais dans la lune ,sur une autre planète.
كأ ي
شكت "كورايل" لـ "مندريان" خيبة أملها،وقالت":لقد كنت كلّما رأيت "دا ي"،أشعر و ّ
على كوكب آخرعلى خشبة عرض يف سرك ٍّ
عاملي،يص ّفق يل ألوف احلاضرين".
جلأ املرتجم،كما أشرنا،إىل حتوير املضمون من خيبة األمل العاطفية إىل خيبة األمل يف عدم
مت ّكنها من حتقيق حلمها يف تنظيم تظاهرة سرك.وقد جاء هذا بواسطة الشرح اإلضايف الذي
هدفه التلطيف والتخفيف من ح ّدة مضمون النص األصل الذي ال ميكن قبوله واستساغته
مبراعاة األمانة التّامة ملضمونه.
إ ّن ما ينبغي أن نشري إليه هو أ ّن أدب الطّفل الغريب قد درج على توظيف تيمة احلب
العاطفي منذ ظهوره ،وهو األمر الذي نلمسه يف قصص كالسيكيةكثرية مثل "األميرة النائمة"
و"سندريال" و"بابار" وغريها من القصص.كما أ ّن موضوع احلب يف ألبوم األطفال املعاصر
أصبح ذا أمهية كبرية يف تربيتهم عاطفيا.فهناك قصص عديدة تدور حول هذا املوضوع،حبيث
تصرح باألحاسيس العاطفية واألفعال اليت توحي
تعمل على تعليمهم بعض التعابري اليت ّ
226
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
227
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
عنوانا األصلي بأ ّنا حتتوي على تعابري وكلمات خادشة للحياء وهي غري مقبولة يف بيئة
أقل صدما للقارئ عموما التلقي.فبداية من ترمجة العنوان نرى بأ ّن املرتجم استعمل كلمة ّ
القصة خصوصا.فرتمجته عبارة " "gros motsبـ'النابية" فيها نوع من
وللوسيط الذي يقتين ّ
التلطيف مقارنة مع كلمات أخرى مثل "الساقطة"،و"الفاحشة"و"البذيئة".ومن األمثلة اليت
وردت فيها نذكر ما يأيت:
- Crotte de bique !s’écrie camille après avoir fait tomber ses crayons.
-اللّعنة على هذه األقالم! !لقد سقطت على األرض.تبّا!
- Les gros mots ce n’est pas joli.
228
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
حبذفها وتكييفها بكلميت "اللّعنة" و"تبّا" اللذين يوظّفان غالبا يف الرتمجة إىل اللّغة العربية
حيس بذلكللتخفيف من ح ّدة التعبري األجنيب.فحينما يقرأ الطّفل الصغري النسخة العربية ال ّ
الكالم غري الالئق الذي ورد يف األصل بعد التكييف.وقد جلأ كذلك إىل حذف العبارتني
، « Cacaكما قام و» boudin «Crotte » ! de boule de gomme األخرىني ومها:
احلمام" هبدف التلطيف،ألنّه
عامة وهي " ّ
بتكييف الكلمة الفرنسية (،)Toilettesفرتمجها بكلمة ّ
قد كان بإمكانه ترمجتها "بالمرحاض"،إالّ أنّه راعى املعيار الرتبوي والسلوكي لكي ال يرتكب
التفوه بكالم فاحش يف املرحاض،ال سيما وأ ّن الدين االسالمي
الطّفل العريب السلوك نفسه،وهو ّ
حيثّنا على تعلّم دعاء دخول املرحاض وعدم التح ّدث داخله.وهكذا،وجد املرتجم نفسه أمام
اخلاصة،معتمدا على ما يسميّه غوت ّ استحالة ترمجة هذه األلفاظ حرفيا،فأعاد كتابتها بطريقته
مغريا من وجهة النظر فرتجم العبارتني بـ" :تبّا"،مثّ أعقبها بإضافة
كلينبيرق بـ" ّ " Rewording
عبارات شارحة مثل" :يا للحظ اللّعين " يف إشارة لعدم وجود محّام أو مرحاض يف الطابق
مرة ،إىل الطابق السفلي حيث كان الوالدان ينهامها
كل ّ
العلوي واضطرار الفتاتني إىل النزول،يف ّ
عن ذلك،ومثل"يا للهراء" يف إشارة إىل عدم فهم والديها سبب النزول إىل املرحاض،املتمثّل يف
التفوه بالكالم الفاحش،ألنّه املكان الوحيد الذي رأيا بأنّه ميكنهما القيام بذلك ال سيما بعدما
ّ
منعهما األب عن ذلك يف الوهلة األوىل.
قصة "كاميليا تبول في ثيابها" :
ّ 2-2-2-2 -
قصة أخرى بعنوان " "Camille a fait pipi dans sa culotteنالحظ بأ ّن املرتجم ويف ّ
تعامل مع ترمجة عبارة » ،« a fait pipiاليت تدخل يف اللّغة الفرنسية ضمن اللّغة العامية
املتداولة خصوصا داخل العائلة (،)Langage familierال سيما بني األطفال وأوليائهم مثل
229
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
" "Pipiبكلمة من اللّغة العربية وهي "تبول" أل ّن اللّغات ختتلف،وال ميكن استعمال كلمة عاميّة
-وإن وجدت -يف النسخة العربية،ألن العاميّات ختتلف كذلك من بلد إىل بلد ومن منطقة
إىل أخرى،فهي تعيق الفهم من جهة،وغري متداولة يف أدب األطفال العريب من جهة أخرى.كما
عامة ( )Hypéronymeوهيأ ّن ترمجة كلمة " "Culotteجاءت مرتمجة يف العنوان بكلمة ّ
"ثيابها" بدال من التخصيص (سروالها الداخلي)،تفاديا حلساسية الوسيط الذي يقتين
القصة،ومن هنا قام املرتجم بتعويض كلمة "،"culotteأي (،)L’hyponymeبلفظة عامة،بينما
ّ
سنبني ذلك يف املثالني اآلتيني:
القصة مرتمجة حرفيا كما ّ
وردت يف مضمون ّ
- Tu sais, Nounours, dit Camille, hier à l’école, Bérénice a fait pipi dans
sa culotte.
230
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
231
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
اجلملة املوالية مع اليت سبقتها" :وبنادقهم على أكتافهم" (،)L’arme sur l’épauleوهذا ّ
يبني
اعتمادها اسرتاتيجية التوطني أو ما يطلق عليه بـ"الرتمجة املتمركزة عرقيا".
- Sur un lit en broderie d’or et d’argent dont les rideaux étaient
couverts, il découvrit la princesse endormie dont l’éclat
resplendissant, malgré ses longues années de sommeil, avait quelque
chose de lumineux et de divin. Instantanément, il en tomba
éperdument amoureux. Il s’approcha en tremblant ,se mit à genoux
auprès d’elle et l’embrassa. Alors, comme la fin de l’enchantement
232
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
était venue, la princesse s’éveilla ;et ,le regardant avec des yeux
tendres, elle demanda :
- ? Est-ce vous, mon prince
Le prince charmé de ses paroles, et plus encore de la manière dont
elles étaient dites, ne savait comment lui témoigner sa joie. Il l’assura
qu’il l’aimait déjà plus que lui-même et lui demanda de l’épouser.
أشعة
-وصل أخريا أمام باب مغلق،فتحه وانبهر بش ّدة النور الذي كان ميأل الغرفة،وكأ ّن ّ
جتمعت واخرتقت زجاج النافذة لتنري وجها مالئكيا ألمرية مستلقية علىالشمس كلّها ّ
فراش من ذهب.أمام هذا املشهد انقطعت أنفاسه وتسارعت ضربات قلبه.انتابه على
الفور شعور غريب مفعم بالحب،فاقرتب من األمرية حبذر وجثا على ركبتيه أمامها
يتأملها،ثم انحنى عليها وقبّلها.عندئذ استيقظت األمرية من نومها،ونظرت إىل
وراح ّ
األمري بعيون حائرة وقالت له :
-أهذا أنت يا أمريي؟...
لدى مساع األمري هذه الكلمات غمرته سعادة ال توصف،فأ ّكد لألمرية مدى حبّه هلا،
وعلى الفور طلب منها الزواج.
قامت املرتمجة بإعادة كتابة هذا املقطع،فظهر صوهتا جليا بواسطة ما أضافته وحذفته من
صيغ وتعابري.ويدخل هذا ضمن إعادة اإلبداع يف أدب األطفال،حبيث متكنّت بواسطته من
التعبري عن بعض اإلحياءات بطريقة مقبولة وسلسة،والتخفيف من تركيز الطّفل -أثناء القراءة-
الصيغة ترمجت مباشرة.فقد بصفة األصلي النص به يصرح
ّ ما على
،« Instantanément,اليت لو ترمجناها الفرنسية» il en tomba éperdument amoureux
233
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
املواقف.ولذلك،جاءت ترمجتها الشارحة ملطّفة هلذا اإلحساس القوي بواسطة إضافة كلمات
تَص ِرف الطّفل عن فهم تلك اإلحياءات العاطفية والتأثّر هبا.وفيما خيص عبارة « se met à
» ،genoux auprès d’elle et l’embrassaفرتمجتها أيضا بنوع من احلذر الذي نلمسه يف
الكلمات اليت وظّفتها قصد التخفيف،فلم ترتجم " "auprès d’elleبـ" قربها" أو"بجانبها" بل
234
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
- Ôtant les bonnets de ses frères et le sien, ils les échangea tout
doucement contre les couronnes, afin que l’ogre les prit pour ses filles,
et ses filles pour les garçons qu’il voulait égorger.
)...( -فنهض من سريره وخلع القبعات عن رأسه ورؤوس إخوته وب ّدهلا برفق بالتيجان
بشكل جيعل الغول يظن بأ ّن بناته هن األوالد الذي ينوي أكلهم.
- Il se leva donc brusquement de son lit,et prit son grand coteau :
-فجأة ّقرر أكل األوالد يف احلال وعدم االنتظار إىل الغد.
- (…) il coupa sans hésiter la gorge à ses sept filles.
تلمس وتأ ّكد من وجود القبعات أكل بناته السبع دون تردد ظنّا منه أنن
-وبعد أن ّ
األوالد السبعة...
- L’ogresse monta et, quand elle découvrit ses sept filles égorgées,
elle s’évanouit.
حل ببناتها ّ
حىت -نضت الزوجة من سريرها وقصدت األوالد،وما إن اكتشفت ما ّ
صرخت وأغمي عليها.
قصة "عقلة اإلصبع" باللّغة الفرنسية نلمس كثريا من األشياء يف مضمونا مثل
حينما نقرأ ّ
اإلشارة إىل القتل والذبح،ومن مثّ جند بأ ّن املرتمجة أخذت هذا بعني االعتبار،فقامت يف ترمجتها
كل هذه املواضع الصادمة واملخيفة عن طريق احلذف لقصة بتلطيف ّ بإعادة كتابتها ا ّ
تبني ذلك الشعور باخلوف الذي انتاب األطفال من ذئاب
األول،مل ّ
والتكييف.فبداية باملثال ّ
حورت األسلوب والصورة بصفة عامة،حبيث
مرة يتوقعون افرتاسها هلم،بل ّ
كل ّ
تعوي جعلتهم يف ّ
235
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
236
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
237
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
تعمل الصورة يف هذا املوضع على توضيح ما ورد يف النص املكتوب وكأ ّن الطّفل
تسمية فان دير ليندن بـ
العامة أو ما ّ
،فاختذ النص هنا أولوية نقل الرسالة ّ
يشاهدها سينمائيا ّ
(،)Instance prioritaireبينما عملت الصورة على نقل الرسالة الثانوية )Instance
باألمر السهل إذ ينبغي للناشر الثا ي أن يطلب املوافقة من الناشر األصلي.ولصعوبة األمر حيجم
يف كثري من األحيان الناشرون عن ترمجة أعمال تكون فيها صور غري مقبولة يف البيئة
238
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
239
املدونة
التطبيق على ّ الفصل الرابع
يتبني لنا بعد حتليلنا ملدونة البحث بأ ّن االسرتاتيجية الرتمجية العامة اليت اعتمدت يف
اجملموعات القصصية الثالث متثّلت يف اسرتاتيجية التوطني أو إعادة الكتابة.وقد جاء ذلك
استجابة جملموعة من االعتبارات اليت راعاها كل من املرتجم والناشر،و ّأوهلا الفئة العمرية اليت
الرغم من أنّه ليست هناك إشارة حت ّددها سواء يف القصص تتوجه هلا القصص املرتمجة.فعلى ّ
ّ
األصلية أو املرتمجة إالّ أ ّنا تتوجه لألطفال مابني 4سنوات و 2سنوات،أي لفئة صغرية
يتم
السن.وثانيا اللّغة اهلدف أي العربية وما تتميّز به من سالسة قد ميكن أن تُفتَـ َق َد حينما ّ
حماكاة أسلوب األصل وتركيبه،ومن مثّ جاء التح ّكم األسلويب عن طريق اإلضافات الشارحة
واحلذف قصد التبسيط ليتّم ولوج الطفل إىل النص اهلدف وقراءته بسهولة.وثالثا البيئة
االجتماعية اليت ينتمي إليها الطفل العريب وما تشمله من ثقافة وأعراف ودين،أدت باملرتمجني إىل
يسمى بإجراءات التطهري -قصد احلماية األخالقية -منها الناعمة كالتلطيف ّ ما
للقصة،سواء حني
والتكييف،والقصوى كاحلذف.ورابعا الوسيط الذي ميكن أن يكون متلقيا ثانيا ّ
اقتنائها أو قراءهتا بصوت مرتفع للطفل،أو استعماهلا يف درس تعليمي،والذي بامكانه منعها يف
حالة عدم مقبوليتها.وخامسا يؤثّر املعيار التجاري على حتديد االسرتاتيجية الرتمجية الشاملة
واالسرتاتيجيات احمللية يف الرتمجة لألطفال قصد قبوهلا وتسويقها بنجاح يف البلدان العربية.سادسا
الرغم من
جيد الناشر نفسه جمربا على التح ّكم يف الصور اليت تكون غري الئقة يف بيئة التلقي،على ّ
أ ّن األمر يتطلّب منه موافقة الناشر األصلي ملا حتمله النسخة األصلية من حقوق التأليف.
240
اخلامتة
خاتمة
242
خاتمة
243
خاتمة
244
خاتمة
-حتكم أدب األطفال جمموعة من املعايري االجتماعهة منها ايرتبوية وايتعلهمهة ذي من حتدد
اسرتاتهجهة ايرتمجة.
عامة مبا يقابلها ي ايثقافة اهلدف من أجل حتقهق ايقرائهة.كما أ ّن ايتكامل
-تستبدل أمساء ايعلم ّ
بهنهما وارد ي بعض ايرتمجات.
يتم تدخل املرتجم بشكل واضح على مستوى األسلوب قصد ايتوضهح وايتبسهط وذيك
ّ -
باإلضافة واحل ف.
-يعمل احل ف كإجراء تطهريي على احلماية األخالقهة،ال سهما ي املقاطع اخلادشة يلحهاء
وغري املقبوية ي ايبهئة املستقبلة.
ايتصرف فهها.
يتم ّ -تستبدل ايكلمات ايعامهة وايشفههة مبا يعادهلا ي ايلغة ايعربهة أو ّ
-عادة ما يلجأ إىل ايتلطهف ي بعض املواقف ايصادمة كإجراء تطهريي ناعم.
و ي األخري ميكن أن نقول بأ ّن ايرتمجة يألطفال حتكمها فعال معايري اجتماعهة واقتصادية
وغريذا جتعل منها اقتباسا وإعادة كتابة،تأخ بعني االعتبار ايطفل ايصغري ي بهئت ايعربهة
االسالمهة،فرتّكز على ايقرائهة،وايبساطة وايوضوح واملقبويهة.
245
قائمة املصادر واملراجع
قائمة المصادر والمراجع
قائمة المصادر
القرآن الكريم.
المعاجم
أبو الرضا سعد ،النص األديب لألطفال أهدافه ومصادره وصفاته،دار البشر للنشر
العامة للكتاب،
اهلييت هادي نعمان،أدب األطفال،فلسفته،فنونه،وسائطه،اهليئة املصرية ّ
القاهرة،دون تاريخ.
247
اهلييت هادي نعمان ،أدب األطفال ،منشورات وزارة اإلعالم ،العراق6691،
احلوامدة حممد فؤاد ،أدب األطفال فن وطفولة،دار الفكر ناشرون وموزعون ،عمان،
األردن. 4162،
اإلمام جماب و عبد العزيز حممد ،الرتمجة واشكاالت املثاقفة،منتدى العالقات العربية
والدولية،الدوحة،قطر.4162،
مؤسسة حورس
السيد حالوة حممد ،األدب القصصي للطفل (منظور اجتماعي نفسي) ّ ،
الدولية ،االسكندرية،مصر.4111،
إمساعيل حممود حسن ،املرجع يف أدب األطفال،دار الفكر العريب ،الطبعة األوىل
،القاهرة،مصر4112،
الفيصل مسر روحي ،أدب األطفال وثقافتهم قراءة نقدية،دراسة،منشورات احتاد الكتاب
برمان أنطوان ،الرتمجة واحلرف أو مقام البعد،ترمجة عزالدين اخلطايب،املنظمة العربية
248
جمالت األطفال،
القصة يف ّ
دكاك أمل محدي ّ ،
دياب مفتاح حممد،مق ّدمة يف ثقافة وأدب األطفال،الدار الدولية للنشر والتوزيع ،مصر-
كندا .6661،
فرغل حممد واملناع علي،الرتمجة بني جتلّيات اللغة وفاعلية الثقافة،األن،مؤسسة السياب
.4161
،احتاد
قرانيا حممد ،مجالية القصة احلكائية لألطفال يف سورية ،سلسلة الدراسات (ّ )1
العرب،دمشق.4166
حنفي حسن ،مق ّدمة يف علم االستغراب،الدار الفنية للنشر والتوزيع،مصر.6666،
مدكور علي أمحد ،تدريس فنون اللغة العربية،دار الفكر العريب،القاهرة.4111،
مرتاض حممد ،من قضايا أدب األطفال،دراسة تارخيية فنية ،دار هومه ،اجلزائر .4161،
مقدادي موفق رياض،البىن احلكائية يف أدب األطفال العريب احلديث،عامل املعرفة،عدد
249
نورد كريستيان حتليل النص يف الرتمجة،ترمجة حمي الدين علي محيدي،جامعة امللك
جنالء نصري بشور،أدب األطفال العرب،مركز دراسات الوحدة العربية،أوراق عربية ، 16
زلط أمحد ،يف أدب الطّفل املعاصر،قضاياه واجتاهاته ونقده،هبة النيل العربية للنشر
والتوزيع،ط،6القاهرة.4111،
طلعت فهمي خفاجي،أدب األطفال يف مواجهة الغزو الثقايف،دار ومكتبة االسراء للطبع
الرسائل الجامعية:
اخللف العبد اهلل رامي عمر ،تقومي املضامني الرتبوية يف القصص املرتمجة لألطفال يف ضوء
القاهرة4161،
المقاالت
املغيض تركي ،الرتمجة بني التعددية اللغوية والتنميط الثقايف ،األن،الرتمجة بني جتلّيات اللغة
250
أوحليان إبراهيم ،الرتمجة:املثاقفة وسؤال اهلوية الثقافية،يف الرتمجة واشكاالت املثاقفة،منتدى
شكري نصر الدين،الرتمجة يف الوطن العريب،جملة ذوات،مؤسسة دراسات وأحبات ،عدد 9
.4161،
شريف سعيدة :،سعيدة شريف ،واقع الرتمجة يف العامل العريب:بني اهلواية واالحرتاف ،جملة
غزالة حسن سعيد ،تصارع الثقافات يف الرتمجة يف األلفية الثالثة،يف الرتمجة بني جتلّيات
251
المقاالت اإللكترونية :
جملة اإلقتصادية ،أدب األطفال العاملي من أفواه الرواة الشعبيني إىل قصور السادة
والكتبhttp://www.aleqt.com/2014/11/19/article_907420.html،
لورين القادري ،سليمان العيس شاعر سوري ،منرب "ديوان العرب "
http://www.diwanalarab.com/spip.php?article1328
مؤجل،رصيف : 44
:رشا عباس،أدب اخليال العلمي العريب مشروع ّ
http://raseef22.com/culture/2015/10/21/science-fiction-in-arab-literature/
252
ميدل،مقال صحفي، قصص األطفال بني خيانة املرتجم وغياب القيم، الدليمي إياد
Dictionnaires :
LAROUSSE ,Dictionnaire de français en ligne :
http://www.larousse.fr/dictionnaires/francais/enfance/29436
Encycloaedia Universalis:
https://www.universalis.fr/encyclopedie/acculturation/
Livres
253
Durrer,Sylvie Le dialogue dans le roman,Nathan
université,Paris,France,1999.
Douglas Virginie, Etat des lieux de la traduction pour la jeunesse
,PURH ,France, 2015.
Eco Umberto,Dire presque la même chose-Expériences de traduction,
Traduit par Myriem Bouzaher ,Edition Grasset et Fasquelle,Paris 2006.
Epstein.J,Translating Expressive Language in Children’s
254
Oittinen Riitta,Translating for children,Garland Publishing,New York
and London , 2000.
Pernier Maurice,Les fondements sociolinguistiques de la
traduction,Presses universitaire de Lille,Lille,1993.
Poslaniec Christian ,(se) former à la littérature de jeunesse ,Hachette
Education,France,2008.
Prince Nathalie , La littérature de jeunesse en questions, collection
interférences,PUR,France,2009.
Prince Nathalie,La littérature de jeunesse,Armand Colin ,Paris France ,
2010.
Pederzoli Roberta,Ecrire et traduire pour les enfants/voix ,images et
mots,Elena Di Giovanni,Chiara Elefante et Roberta Pederzoli,(dir/eds),
Peter Lang,Bruxelles,2010
PEDERZOLI Roberta, La traduction de la littérature d’enfance et de
jeunesse et le dilemme du destinataire,P.L.E Peter
Lang,Bruxelles,Belgique,2012.
Thomson-wohlgemuth Gabriel, Children’s literature and its
translation.An overview,university of Surrey, UK,September 2008.
Younes Grace Mitri,La traduction de la littérature de jeunesse,une
recréation à l’image de ses récepteurs,L’Harmattan,Paris,2014.
Livres en ligne :
Coillie Jan Van et Verschueren Waler P,Children’s Literature in Translation,
Chalenges and Strategies, Routledge,2006 :
https://elearning2.uniroma1.it/pluginfile.php/500809/mod_resource/content/1/Jan%
20Van%20Coillie%2C%20Walter%20P.%20Verschueren-
Childrens%20Literature%20in%20Translation_%20Challenges%20and%20Strateg
ies-Routledge%20%282006%29.pdf
255
Bermane Antoine ,L’Epreuve de l’étranger/culture et traduction dans
l’Allemagne romantique, La traduction au manifeste :
https://ec56229aec51f1baff1d185c3068e22352c56024573e929788ff.ssl.cf1.rackcd
n.com/attachments/original/0/9/7/002621097.pdf
256
Thèses :
LEE Sungyup ,Le rapport texte/image dans la traduction des albums
pour enfants,Université Paris III-Sorbonne Nouvelle,Paris,Soutenue en
2010.
Al AGHBARI Jassas,Les contraintes de reformulation en traduction de
littérature de jeunessse, Français-Arabe,thèse,Esit,Paris,France,2011.
Articles :
MDALLEL SABEUR,Translating Children’s Literature in the Arab
World :The State of the Art, Meta, PUM ,Canada ,volume 48,numéro
1-2,mai 2003.
Barbara Wall,L’éthique du traduire,Antoine Bermane ou le « virage
éthique » en traduction,Revue TTR,Vol 14,N°2,2001.
Desmidt Isabelle,A prototypical approach within descriptive translation
studies colliding norms in translated children’s literature,in Children’s
literature translation Chalenges and strategies,Routledge,2006.
Mussche Erika et Willems Klaas ,Fred or Farid ,Bacon or
Baydun(egg)?Proper names and cultural-pecific Items in Arabic
Translation of Harry Potter, Meta, LV,3,2010.
Pascua-Febles Isabelle,Translating cultural references,The language of
young people in literary textes,in Cildren’s translation
literature,challenges ans strategies,Routledge,2006.
T.Frank Helen,Translation as mediation between cultures,In cultural
encounters in translated children’s literature,Ed 1 ,2007.
Timenova-Valtcheva Voir Zlatka,Les silences imparfaits de la
censure,in : Censure et Traduction, Etudes réunies par Michel
Ballard,Artois Presses Université ,Arras ,France, 2011.
257
Articles et périodiques en ligne :
Aliyah Morgenstern,Immanuelle Prak-Derington,Regards croisés sur la répétition
chez Becket et dans le langage de l’enfant :https://hal.archives-ouvertes.fr/halshs-
00376189/document, consulté
Azéma Julie ,Le rapport texte-image dans les albums de
jeunesse,mémoire soutenu en 2016 ,pp 10-11, lien :
https://dumas.ccsd.cnrs.fr/dumas-01585609/document
Bacquelaine Françoise,L’euphémisme,un obstacle à la
traduction,revue,2006,p 467:
https://www.researchgate.net/publication/37656821_L'euphemisme_un_
obstacle_a_la_traduction
CHENNOUF Yvanne ,La place de l’oralité dans les textes, le bruit des livres,le
bruit
despages :http://www.lireetfairelire.org/sites/default/files/chenoufplace_de_loralite_dans_les_text
es.pdf
litterature-comparee-2002-4-page-507.htm
258
Chevre Matild
http://www.transeuropeennes.eu/ressources/pdfs/TEM_2012_Conclusions_et_reco
mmandations_116.pdf
El Medjira Nassima, Fidélité en traduction ou l’éternel souci des
traducteurs, : http://translationjournal.net/journal/18fidelite.htm
Even-Zohar Itamar,Polysystem Studies,Poetics today,Vol
11,N°1,Spring 1990:http://www.tau.ac.il/~itamarez/works/books/Even-
Zohar_1990--PolysystemStudies%20%5BPT11-1%5D.pdf
Ghazala Hasan,”Idiomaticity Between Evasion and Invasion in
Translation : Stylistic, Aesthetic and Connotative considerations”,
Babel,2003,vol 49,n° 3,p 213:
https://www.researchgate.net/publication/233528311_Idiomaticity_Bet
ween_Evasion_and_Invasion_in_Translation_Stylistic_Aesthetic_and_
Connotative_Considerations
GONZALEZ Valeria, , La politique éditoriale des éditions jeunesses en français et
arabe du « port à jauni »,25 mai 2015,mis à jour le 13 octobre 2015 :
http://mondedulivre.hypotheses.org/4033
Jamet Denis, Jobert Manuel, Juste un petit mot sur l’euphémisme,
HAL,2016: https://hal.archives-ouvertes.fr/hal-01395560/document
Nières-Chevrel Isabelle, Le rapport du texte et de l’image dans les
livres d’enfants : http://expositions.bnf.fr/livres-
enfants/cabinet_lecture/reperes/02_7.htm
PIC Manon,Fiche de lecture :Regards sur l’édition dans le monde arabe,sous la
direction de Charif Majdalani et Franck Mermier,Publication 2017.20 juillet 2017 :
http://mondedulivre.hypotheses.org/6672
https://www.erudit.org/fr/revues/meta/2003-v48-n1-2-meta550/
259
Owji Zohr,Translation studies,A review and comparison of theories,
translation journal: http://translationjournal.net/journal/63theory.htm
O’Sullivan Emer,Comparing children literature,GFL Journan
N°2/2002: http://www.gfl-journal.de/2-2002/osullivan.pdf
Toury Gideon,The Nature and the Role of Norms in Translation,lien:
http://www.tau.ac.il/~toury/works/GT-Role-Norms.htm
Shavit Zohar,Translation of children’s literature as a function of its
position in the literary polysystem:
https://pdfs.semanticscholar.org/4977/cc928e74c9fd78fe690368f2b9f8
90f84356.pdf
de Carlo Maddalena,in « Quoi traduire ?Comment traduire ?pourquoi
traduire ?, Ela Etudes de Linguistique appliquée,2006/1(n°141),p.117-
128: https://www.cairn.info/revue-ela-2006-1-page-117.htm
Sites internet :
http://www.waymarking.com/waymarks/WMCW68_James_Mc
Gillivray_Paul_Bunyan_Author
https://en.wikipedia.org/wiki/Mimei_Ogawa
http://www.lorientlitteraire.com/article_details.php?cid=29&nid
=5220
http://kalima.ae/ar/default.aspx
http://nct.gov.eg/series/child.html
http://www.gebo.gov.eg
:http://nct.gov.eg/series/child.html
http://syrbook.gov.sy/index.php?ACT=3&Cid=12&LNG=Ar&pa
ge=1
http://www.aot.org.lb/Home/contents1.php?id=133
: http://www.eliaspublishing.com/children_books.html
260
http://www.boustanys.com/kids.aspx?categ=31&subcateg=%D9
%83%D8%AA%D8%A8%20%D9%85%D8%AA%D9%86%D
9%88%D8%B9%D8%A9%20%D9%88%D8%A2%D8%AE%D
8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B5%D8%AF%D
8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA
http://malayin.com/subcateg.aspx?CID=72
http://www.wbpbooks.com/about_ar.asp
http://publishersunionlb.com/ar/index.php/publishers/338-
internationalbook
http://www.daralhafez.net/search_productn.php?f=11
http://www.hudhuduae.com/arabic_home_view.html
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9
%84%D9%83_%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A
C%D9%85%D8%A9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%
D8%B4%D8%B1#.D9.85.D8.B1.D8.A7.D8.AC.D8.B9
http://alborjmedia.com/wp-content/uploads/2016/01/Al-Bouroj-
Catalog-New.pdf
https://www.bloomsbury.com/uk/
http://www.darasfar.com/?post_type=partners
https://sedia-dz.com/portal/collection/litt%C3%A9rature-
jeunesse
http://www.ibby.org/about/what-is-ibby/?L=0
https://awinlanguage.blogspot.com/2013/06/leechs-politeness-
principles.html
https://www.waterstones.com/author/gillian-lathey/229411
http://www.irscl.com/conferences.html
261
امللخصات
الملخصات
-1باللغة العربية:
تع ّد الرتمجة لألطفال من اجملاالت البكر اليت تغري بالبحث،ال سيما وأ ّن نشر القصص
املرتمجة عرف يف القرن الواحد والعشرين تناميا واسعا.وقد انطلق التنظري هلا مع بداية العقد
السابع للقرن العشرين من قبل املقارنني،وأصحاب املقاربات الوظيفية يف الرتمجة وكذا أصحاب
تعزز مع مطلع القرن الواحد والعشرين جبهود كثري من الباحثني
مقاربة النظام املتع ّدد.وسرعان ما ّ
"Translatingوأشرفت مثل ريتا واتينن اليت نشرت ّأول كتاب هلا بعنوان "
for children
263
الملخصات
واملعلمني.وانطالقا من هنا تتجلّى صعوبة الرتمجة لألطفال،أل ّن املرتجم مثل الكاتب األصلي
القصة أو يقرأها له بصوت
يأخذ بعني االعتبار الطفل الذي يرتجم له،والوسيط الذي يقتين له ّ
مرتفع،والذي ميكن أن يتّخذ صفة الرقيب فيمنعها عنه وحيجبها لعدم توافقها مع إحدى املعايري
اخلاصة ببيئة التلقي.
ّ
كل من املنهج الوصفي على مستوى الشق النظري وقد اعتمدنا يف هذه الدراسة ّ
واملنهج التحليلي املقارن على مستوى اجلانب التطبيقي على مدونة البحث اليت اعتمدناها،
واملتمثّلة يف ثالث جمموعات قصصية مرتمجة عن الفرنسية.كما فرضت علينا طبيعة الدراسة
تطور أدب األطفال يف العاملني الغريب
تطرقنا فيه إىل ّ
اعتماد خطّة تش ّكلت من مدخل ّ
األول بتبيان ماهية
والعريب،وثالثة فصول نظرية أردفناها بفصل رابع تطبيقي.قمنا يف الفصل ّ
تعرضنا إىل واقع الرتمجة
القصة مع ذكر أنواعها.ويف الثاين ّ
أدب األطفال،وخصوصياته،وفن كتابة ّ
لقصص األطفال إىل اللغة العربية يف العامل العريب،مبيّنني جهود بعض املؤسسات الرمسية وكذا
اخلاصة أو التجارية،إضافة إىل مدى إسهام القصص املرتمجة يف املثاقفة وإمتاع الطفل
املؤسسات ّ
اخلاصة بالرتمجة
ّ أو تغريبه وغزوه ثقافيا.ويف الفصل الثالث حاولنا التطّرق إىل أهم الدراسات
لألطفال،وما جاءت به من آراء ونتائج واستنتاجات حاولنا أن خنتربها يف الفصل الرابع على
مدونة البحث.
ّ
وبعد حتليلنا للمدونة ،خلصنا يف هذا البحث إىل النتائج الرئيسة اآلتية:
توجه االسرتاتيجية الرتمجية املعتمدة يف ترمجة القصص حنو الثقافة اهلدف واملتلقي،أي ّ -
الرتمجة املتمركزة عرقيا على ح ّد قول برمان أو التوطني عند فينويت.
-حتكم أدب األطفال جمموعة من املعايري االجتماعية منها الرتبوية والتعليمية والدينية هي
اليت حت ّدد اسرتاتيجية الرتمجة.
-تراوحت صنافة التح ّكم اليت جاء هبا الدارسون بني تلك املرتبطة باجلوانب األخالقية
والرتبوية وبني تلك املرتبطة باألسلوب والقرائية.
264
الملخصات
يتم تدخل املرتجم بشكل واضح على مستوى األسلوب قصد التوضيح والتبسيط وذلك
ّ -
.باإلضافة واحلذف
ال سيما يف املقاطع اخلادشة للحياء، يعمل احلذف كإجراء تطهريي على احلماية األخالقية-
.وغري املقبولة يف البيئة املستقبلة
. اللجوء إىل التلطيف كإجراء ترمجي ناعم يف بعض املواقف الصادمة للتخفيف من ح ّدهتا-
والبساطة، إ ّن الرتمجة ألدب األطفال إىل اللغة العربية هي اقتباس وإعادة كتابة تراعي القرائية-
.والتوضيح واملقبولية
: باللغة الفرنسية-2
Etant donné le flux des contes traduits de nos jours dans toutes les
langues, y compris la langue arabe, la traduction pour les enfants est devenue
un domaine de recherche, à la fois, récent et important, qui ne cesse de se
développer depuis les années soixante dix. Abordé en premier lieu par les
comparatistes, les fonctionnalistes, et puis par les théoriciens du poly-
système, il a connu un nouvel essor au début du 21 ème siècle, notamment par
la publication de l’ouvrage de Riitta Oittinen intitulé « Translating for
Children », ainsi que le numéro spécial de la revue META – sur la traduction
pour les enfants- qu’elle a dirigé et qui a été publié en 2003.
265
الملخصات
étant donnée la rareté des études en la matière dans le monde arabe, nous
avons tenté cette recherche pour éclaircir davantage le sujet, tout en espérant
qu’elle devienne ainsi une référence sur laquelle les chercheurs puissent
s’appuyer, puis la consolider à travers leurs idées et recherches ultérieures.
C’est dans cette optique que nous avons choisi d’intituler cette thèse: « La
stratégie de traduction des contes pour enfants du français vers l’arabe ».
266
الملخصات
267
الملخصات
: باللغة اإلنجليزية -3
269
الملخصات
270
فهرس احملتويات
فهرس المحتويات
وتطوره2.....................................
مدخل :أدب األطفال ّ -
القصة
األول :ماهية أدب األطفال وفن كتابة ّ
الفصل ّ -
3-4احلذف 446........................................................
1-4التلطيف446........................................................
الصور464................................................
4-1التح ّكم يف ّ
-الفصل الرابع:التطبيق على المدونة114..............................
-4التعريف باملدونّة شكال464...................................................
274
4-4اجملموعة القصصية األوىل464............................................
2-4اجملموعة القصصية الثانية464............................................
3-4اجملموعة القصصية الثالثة466............................................
-2ترمجة أمساء األعالم واألماكن445............................................
4-2اجملموعة األوىل (كورايل)445.............................................
2-2اجملموعة الثانية (كاميليا) 454............................................
3-2اجملموعة الثالثة (الروائع العاملية)451.......................................
-3ترمجة أمساء املأكوالت455..................................................
4-3اجملموعة األوىل (كورايل)455.............................................
2-3اجملموعة الثانية (كاميليا) 462............................................
3-3اجملموعة الثالثة (الروائع العاملية)464.......................................
-1احملاكاة الصوتية244.......................................................
4-1اجملموعة األوىل (كورايل)244...........................................
2-1اجملموعة الثانية (كاميليا) 244..........................................
3-1اجملموعة الثالثة (الروائع العاملية)245 ....................................
-4اسرتاتيجيات التح ّكم يف القصص املرتمجة244................................
4-4اإلضافات واحلذف:إجراءان يف خدمة التبسيط والقرائية244................
4-4-4اجملموعة القصصية األوىل244........................................
2-4-4اجملموعة القصصية الثانية 444........................................
3-4-4اجملموعة القصصية الثالثة 246........................................
2-4اإلضافة واحلذف :إجراءان ترمجيان يف خدمة األخلقة224......................
4-2-4اجملموعة األوىل 224.................................................
275
2-2-4اجملموعة القصصية الثانية 224..........................................
3-2-4اجملموعة القصصية الثالثة234...........................................
-6التح ّكم يف الصور234........................................................
-خامتة214...................................................................
-قائمة املصادر واملراجع.247....................................................
-ملخص باللغة العربية263......................................................
-ملخص باللغة الفرنسية264....................................................
-ملخص باللغة اإلجنليزية265 ..................................................
-فهرس احملتويات242..........................................................
-ملحق244 ..................................................................
276
ملحق
: ملخص
نتطرق يف هذا العمل إىل دراسة هذه القصص من الناحية ّ لذلك ارتأينا أن، تسويق القصص املرتمجة لألطفال إىل اللّغة العربية تناميا واسعا- يف وقتنا احلايل-لقد عرف
وكيفية تعامل املرتجم مع مضامينها الثقافية واحلضارية حني تنقل إىل اللّغة،هتدف هذه الدراسة إىل حتديد االسرتاتيجية الرتمجية املعتمدة يف الرتمجة لقصص األطفال.الرتمجية
وتوصلنا إىل
ّ .مدونة البحث
ّ واملنهج التحليلي املقارن من جهة أخرى ال سيما يف ش ّقه التطبيقي على،وقد جلأنا يف هذا البحث إىل اعتماد املنهج الوصفي من جهة.العربية
يسميه
ّ ( باستعمال ماTarget-oriented) التوجه حنو الثقافة اهلدف
ّ النتيجة اليت مفادها أ ّن االسرتاتيجية الشاملة واملعتمدة يف الرتمجة لألطفال إىل العربية تتمثّل عموما يف
تصبح الرتمجة.) وفقا ملصطلح لورانس فينوتيDomestication( ) أو التوطنيTraduction ethnocentrique( "أنطوان برمان بـ"الرتمجة املتمركزة عرقيا
بتوظيف اسرتاتيجيات حملّية تتمثّل يف التكييف،يتجلى فيها حت ّكم املرتجم يف األسلو والثقافة وي ر للك
ّ ، عبارة عن إعادة كتابة-لقصص األطفال باعتماد اسرتاتيجية التوطني
املنىرين مثل برمان وفينوي إالّ أ ّن اللجوء إليها يصبح ضروريا الريم من أ ّن هذه االسرتاتيجية ال حتىى باستحسان بع
ّ وعلى.واإلضافة واحلذف والتلطيف، ،والشرح،اجلزيي
.واالجتماعية التجارية، مراعاة للمتلقي وللمعاي ر املختلفة اليت حتكم هذا اجلنس األديب بداية بالرتبوية،
.الرتمجة املتمركزة عرقيا- التوطني-التكييف اجلزيي- املعاي ر-الثقافة-املتلقي- قصص األطفال-الرتمجة- اسرتاتيجية: الكلمات المفتاحية-
Résumé :
La commercialisation des livres pour enfants traduis en Arabe connait ,de nos jours, une évolution grandissante ; c’est
la raison pour laquelle nous avons choisi de les aborder du point de vue traductologique. La présente recherche vise à
déterminer la stratégie de traduction introduite dans la traduction de tels livres, ainsi que la façon , à travers laquelle,
le traducteur peut transmettre leurs contenus culturels en langue arabe. Dans ce travail, nous avons adopté, à la fois , la
méthode descriptive et la méthode analytique et comparative notamment dans le volet pratique .Nous sommes arrivés
à découvrir que la stratégie globale de traduction adoptée dans ce genre littéraire est celle qui vise la culture et le
lecteur cible (Target-oriented), autrement dit, la « traduction ethnocentrique » selon Antoine Berman ou la
« domestication » chez Lawrence Venuti. En adoptant la stratégie de naturalisation ,dite de « domestication », la
traduction de littérature d’enfance et de jeunesse devient une réécriture, à travers laquelle, le traducteur recourt à
plusieurs genres de manipulations qui touchent notamment le style et la culture, et ce , en introduisant des stratégies
locales telles que : l’adaptation ponctuelle, la paraphrase, les ajouts, les omissions et l’euphémisme. Bien que cette
stratégie soit reprochée par certains théoriciens comme Berman et Venuti, elle demeure nécessaire une fois le lecteur
ainsi que les normes éducatives, sociales et commerciales sont pris en considération.
Mots clés : Stratégie-traduction-albums-culture- lecteur cible-normes-adaptation ponctuelle-domestication-traduction
ethnocentrique.
Abstract :
The commercialization of children’s books translated into Arabic witnesses a remarkable development. It is
undoubtedly the reason which pushed the researcher to approach them from traductological point of view. The present
research aims at determining the translation strategy of such books ,as well as the way, through which the translator
can transmit their cultural contents in Arabic language. In so doing, the descriptive, the analytical and the comparative
method have been used. The result shows that the global strategy of translation adopted in this literary genre is
represented in the target-oriented culture, in other words ,” ethnocentric translation ” according to Antoine Berman or
“domestication” according to Lawrence Venuti .By adopting the domesticating strategy ,the translation of children’s
stories becomes a rewriting through which, the translator resorts to several kind of manipulations which affect in
particular the style end the culture ,and this is by introducing local strategies such as : punctual adaptation,
paraphrasing, additions ,omissions and euphemism. Although this strategy is criticized by some theorists like Berman
and Venuti, it remains necessary once the reader and the educational, social, and commercial norms are taken into
consideration.
Key words :
Strategy –translation, albums-culture-target reader-norms, punctual adaptation-domestication-ethnocentric translation.