You are on page 1of 8

‫الفصل ‪ : 1‬ماهية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‬

‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‬

‫في الحقيقة يص عب تحدي د مفهوم المؤسس ات الص غيرة والمتوسطة خاص ة مع غي اب تعريف شامل وواض ح يحظى‬
‫باإلجماع من قبل كل الباحثين والمهتمين بهذا القطاع‪ ،‬فهناك عدة قيود تتحكم في إيجاد ووضع تعريف شامل وموحد‬
‫لهذه المؤسسات‬

‫أظهرت بعض الدراسات التي أجريت على المؤسسات والصناعات الصغيرة والمتوسطة أن هناك ما يجاوز خمسين‬
‫تعريف للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬وأن العديد من الدول ليس لديها تعريف رسمي لهذا النوع من المؤسسات‪،‬‬
‫حيث يرتب ط تعري ف ك ل دول ة بدرج ة النم و االقتص ادي‪ ،‬ويك ون التعري ف المعتم د إم ا بنص ق انوني مث ل الجزائ ر‬
‫والواليات المتحدة األمريكية واليابان أو تعريفا إداريا مثل ألمانيا الغربية سابقا ‪.‬‬

‫و قد تطرق الزمالء في البحث السابق لمختلف التعريفات في بلدان مختلفة لمفهوم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة‬
‫و لتفادي التكرار سنركز في بحثنا هذا على الجزائر كنموذج لمفهوم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ‪.‬‬

‫فالجزائر على غرار باقي الدول لم تدرج تعريفا دقيقا في كتاباتها االقتصادية لهذه المؤسسات على أساس أنه تتحكم‬
‫فيها عدة معايير غير أن هذا لم يمنع وجود محاوالت إليجاد تعريف لها يتمثل ‪:‬‬

‫المحاولة األولى‪ :‬ظهرت أول محاولة لتعريف هذه المؤسسات منذ وضع التقرير الخاص ببرنامج التنمية (المخطط‬
‫الرباعي ‪ ) 1977 1974-‬لوزارة الصناعة والطاقة‪ ،‬حيث يرى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي كل وحدة‬
‫إنتاجية ‪:‬‬

‫مستقلة قانونيا وتشغل أقل من ‪ 500‬عامل‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫تحق ق رقم أعم ال س نوي أق ل من ‪ 15‬ملي ون دين ار جزائ ري‪ ،‬ويتطلب إنش ائها أق ل من ‪ 10‬ملي ون دين ار‬ ‫‪‬‬
‫جزائري‪.‬‬

‫المحاول ة الثاني ة‪ :‬في إط ار الملتقى الوط ني األول ح ول المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة ال ذي انعق د في أفري ل‬
‫‪ 1983‬ب الجزائر ط رحت المؤسس ة الوطني ة للهندس ة وتنمي ة الص ناعات الخفيف ة تعريف ا يرتك ز على معي ارين كم يين‬
‫هم ا‪ :‬الي د العامل ة ورقم األعم ال‪ ،‬حيث تع رف المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة تل ك ال تي تت وفر فيه ا المواص فات‬
‫التالية ‪:‬‬

‫تشغل أقل من ‪ 200‬عامل؛‬ ‫‪‬‬


‫تحقق رقم أعمال أقل من ‪ 10‬مليون دينار جزائري‬ ‫‪‬‬
‫و عليه و في ظل غياب تعريف قانوني محدد ودقيق للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬كانت الحكومة مجبرة على‬
‫إيجاد تعريف ومعايير محددة لهذه المؤسسات‪ ،‬وهو ما دفع القانون الجزائري إلى األخذ بالتعريف نفسه المطبق في‬
‫االتح اد األوروبي‪ ،‬حيث في ‪ 12‬ديس مبر ‪ 2001‬ص در الق انون رقم ‪ 18 01-‬والمتعل ق بالق انون الت وجيهي لترقي ة‬
‫المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬مهما كانت طبيعتها القانونية بأنها‪" :‬كل مؤسسة إنتاج للسلع أو الخدمات‪ ،‬توظف‬
‫من ‪ 1‬إلى ‪ 250‬شخص ا‪ ،‬وال يتج اوز رقم أعماله ا ‪ 2‬ملي ار دين ار جزائ ري أو ال يتج اوز مجموع حص يلتها الس نوية‬
‫‪ 500‬ملي ون دين ار جزائ ري‪ ،‬كم ا تت وفر على االس تقاللية بحيث ال يمتل ك رأس مالها بمق دار ‪ 25%‬فم ا أك ثر من قب ل‬
‫مؤسسة أو مجموعة مؤسسات أخرى ال ينطبق عليها تعريف المؤسسات الصغيرة ‪ 2‬والمتوسطة"‪.‬‬

‫والجدول التالي يوضح التعريف المعتمد من قبل المشرع الجزائري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪:‬‬

‫جدول رقم ‪ :01‬تعريف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر‬

‫الحصيلة السنوية‬ ‫رقم األعمال السنوي‬ ‫عدد العمال‬ ‫الصنف‬


‫أقل من ‪ 10‬مليون دج‬ ‫أقل من ‪ 20‬مليون دج‬ ‫‪9–1‬‬ ‫مؤسسة مصغرة‬
‫أقل من ‪ 100‬مليون دج‬ ‫أقل من ‪ 200‬مليون دج‬ ‫‪49 – 10‬‬ ‫مؤسسة صغيرة‬
‫بين ‪ 100‬و ‪ 500‬مليون دج‬ ‫من ‪ 200‬إلى ‪ 2‬مليار دج‬ ‫‪250 – 50‬‬ ‫مؤسسة متوسطة‬

‫ك ل م ا س بق من م ذكرة ‪ :‬دور المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة في تحقي ق التنمي ة االقتص ادية دراس ة حال ة‬
‫المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بوالية أم البواقي ‪2‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أشكال وخصائص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪:‬‬

‫إن تن وع مج االت وأنش طة المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة وطبيعته ا ف رض على ه ذا الن وع من المؤسس ات اخ ذ‬
‫أشكال عديدة وخصائص تميزها عن المؤسسات الكبيرة‬

‫المطلب األول‪ :‬أشكال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬

‫هناك عدة معايير يتم على أساسها تصنيف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وهي ‪:‬‬

‫‪ -‬التصنيف حسب طبيعة التوجه‪.‬‬


‫‪ -‬التصنيف حسب طبيعة المنتجات‪.‬‬
‫‪ -‬التصنيف حسب تنظيم العمل‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تصنيف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حس ب طبيع ة التوج ه ‪ :‬يمكن تص نيف المؤسس ات الص غيرة‬
‫والمتوسطة حسب توجهها إلى‪:‬‬

‫مؤسسات عالية‪.‬‬ ‫‪o‬‬


‫مؤسسات تقليدية‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫مؤسسات متطورة شبه متطورة‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫‪-1‬المؤسس ات العائلي ة‪ :‬وهي المؤسس ات ال تي تتخ ذ من موض ع إقامته ا الم نزل وتك ون مكون ة في الغ الب من‬
‫مساهمات أفراد العائلة ويمثلون في غالب األحيان اليد العاملة وتقوم بإنتاج سلع تقليدية بكميات محدودة وفي البلدان‬
‫المتطورة تقوم بإنتاج جزء من السلع لفائدة المصانع أي ما يعرف بالمقاولة‪.‬‬

‫‪ -2‬المؤسسات التقليدية‪ :‬هذا النوع من المؤسسات يعرف أو يقترب كثيرا إلى النوع السابق هذا الن المؤسسة‬
‫التقليدي ة تعتم د في الغ الب على مس اهمة العائل ة وتنتج منتج ات تقليدي ة ولكن م ا يميزه ا عن الن وع الس ابق ه و أنه ا‬
‫تكون في ورشات صغيرة ومستقلة عن المنزل وتعتمد على وسائل بسيطة‪.‬‬

‫وما يالحظ على النوعين السابقين أنهما يعتمدان كثيرا على كثافة اكبر لعنصر العمل واستخدام ضعيف للتكنولوجيا‬
‫المتطورة و كذالك تتم عملية التسويق ببساطة‪.‬‬

‫‪ -3‬المؤسسات المتطورة وشبه المتط ورة‪ :‬يتم يز ه ذا الن وع من المؤسس ات عن النوع يين الس ابقين باس تخدامه‬
‫لتقنيات وتكنولوجيات الصناعة الحديثة سواء من ناحية التوسع أو من ناحية التنظيم الجيد للعمل أو من ناحية إنتاج‬
‫منتجات منظمة مطابقة لمقاييس الصناعة الحديثة والحاجات العصرية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تصنيف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حسب طبيعة المنتجات ‪ :‬نميز في هذا التصنيف ثالثة أن واع‬
‫أساسية وهي‪:‬‬

‫مؤسسات إنتاج سلع استهالكية‪.‬‬ ‫‪o‬‬


‫مؤسسات إنتاج السلع والخدمات‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫مؤسسات إنتاج سلع التجهيز‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫مؤسسات إنتاج السلع االستهالكية‪ :‬وتقوم بإنتاج سلع ذات استهالك أولي مثل‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ -‬المنتجات الغذائية‪.‬‬
‫‪ -‬تحويل المنتجات الفالحية‪.‬‬
‫‪ -‬منتجات الجلود‪.‬‬
‫‪ -‬الورق ومنتجات الخشب ومشتقاته‪.‬‬
‫ويرج ع س بب اعتم اد ه ذه المؤسس ات على مث ل ه ذه الص ناعات الس تخدامها المكث ف للي د العامل ة وك ذالك س هولة‬
‫التسويق‪.‬‬

‫‪ -2‬مؤسسات إنتاج السلع والخدمات‪ :‬وهو يضم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي تنشط في‪:‬‬

‫‪ -‬قطاع النقل‪.‬‬
‫‪ -‬الصناعة الميكانيكية والكهرومائية‪.‬‬
‫‪ -‬الصناعة الكيميائية والبالستيكية‪.‬‬
‫‪ -‬صناعة مواد البناء‪.‬‬
‫ويرجع سبب االعتماد على مثل هذه الصناعات إلى الطلب المحلي الكبير على منتجاتها خاصة في مواد البناء‪.‬‬

‫‪ -3‬مؤسسات إنتاج سلع التجهيز‪ :‬يتميز هذا النوع من المؤسسات باستخدام معدات وأدوات لتنفيذ إنتاجها ذات‬
‫تكنولوجي ا حديث ة فهي تتم يز ك ذالك بكثاف ة رأس مال اك بر األم ر ال ذي ينطب ق وخص ائص المؤسس ات الكب يرة الش يء‬
‫الذي جعل مجال تدخل هذه المؤسسات ضيق بحيث يكون في بعض الفروع البسيطة فقط كإنتاج أو تركيب بعض‬
‫المعدات البسيطة وذالك خاصة في الدول المتطورة أما في البلدان النامية فيكون مجالها مقتصر على إصالح بعض‬
‫اآلالت وتركيب قطع الغيار المستوردة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تصنيف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على اساس تنظيم العمل‪:‬‬

‫يمكن لنا حسب هذا التصنيف التفريق بين نوعين من المؤسسات هما‪:‬‬

‫‪ -‬مؤسسة غير مصنعة‪.‬‬


‫‪ -‬مؤسسة مصنعة‪.‬‬
‫مؤسسة غير مصنعة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫وهي ممثلة في الفئات ‪ 1.2.3‬أي اإلنتاج العائلي والنظام الحرفي ويعد اإلنتاج العائلي أقدم شكل من حيث التنظيم‬
‫أما النظام الحرفي فهو يقوم به شخص أو عدة أشخاص ويكون في الغالب يدوي بإنتاج سلع حسب طلبيات الزبائن ‪.‬‬

‫مؤسسة مصنعة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫وهي ممثلة في الفئات من ‪ 4‬إلى ‪ 8‬فهذا النوع من المؤسسات يقوم بالجمع بين المصانع الصغيرة والمصانع الكبيرة‬
‫ويتم يز ه ذا الن وع من المؤسس ات باس تخدام أس اليب التس يير الحديث ة وتعقي د العملي ة اإلنتاجي ة وك ذالك من حيث ن وع‬
‫السلع المنتجة واتساع األسواق‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص ومميزات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬
‫تتميز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بجملة من الخصائص نذكر منها‪)3()3(:‬‬
‫المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحمل الطابع الشخصي بشكل كبير‪:‬‬ ‫‪o‬‬
‫إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الغالب هي منشاءات فردية أو عائلية أو شركات أشخاص ويساعد هذا النوع‬
‫من الملكية على استقطاب وإ براز الخبرات والمهارات التنظيمية واإلدارية في البيئة المحلية وتنميتها‪.‬‬

‫المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يديرها أصحابها‪:‬‬ ‫‪o‬‬


‫إن طبيعة الملكية في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة جعل مهام اإلدارة تسند إلى مالك المؤسسة في غالب األحيان‬
‫وذالك بسبب بساطة العمليات التي تقوم بها المؤسسة الصغيرة أو المتوسطة فهي ال تتطلب مهارات عالية إلدارتها‪.‬‬

‫لها حجم صغير نسبيا في الصناعة التي تنتمي إليها‪:‬‬ ‫‪o‬‬


‫تتميز هذه المؤسسات بصغر حجمها في الصناعة فهي تكون في غالب األحيان في قطاع النسيج وتفصيل المالبس‬
‫وفي قطاع الخشب‪ ،‬األثاث‪ ،‬الجلود‪ ،‬وقد تكون على شكل مقاولة من الباطن فهي ال تستخدم تكنولوجيات عالية إال‬
‫أن هناك بعض الصناعات تتطلب بعض المهندسين واإلطارات‪.‬‬

‫تعتمد هذه المؤسسات بشكل كبير على المصادر الداخلية لتمويل راس المال‪:‬‬ ‫‪o‬‬
‫م ا يالح ظ على ه ذا الن وع من المؤسس ات ان ه يعتم د بش كل كب ير على التموي ل ال ذاتي او الق روض المقدم ة من‬
‫األصدقاء أو أفراد العائلة أي أن االعتماد على التمويل البنكي ضعيف وهذا راجع إلى‪:‬‬

‫‪ -‬عدم القدرة على تقديم ملفات مشاريع تخضع للشروط المطلوبة‪.‬‬


‫‪ -‬عدم توفر الضمانات البنكية المطلوبة للحصول على القرض‪.‬‬
‫تكون هذه المؤسسات محلية إلى حد كبير في المنطقة التي يعمل بها‪:‬‬ ‫‪o‬‬
‫يتم يز ه ذا الن وع من المؤسس ات ك ذالك ب التمركز أي مح دود المس احة ال تي ينش ط فيه ا ويك ون في الغ الب مرتبط ة‬
‫ارتباط مباشرا بالمستهلك إذ تقوم بإنتاج سلع استهالكية إال أن هناك عدد قليل من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‬
‫تنش ط في مج ال إنت اج س لع إنتاجي ة أو ج زء من منت وج معين أي م ا يع رف بالمقاول ة الباطني ة لكن ه ذا ال يمن ع من‬
‫وجود ورشات إلصالح المكنات تنتج أحيانا قطع غيار بديلة لتلك القطع المستوردة وخالصة القول هي أن االرتباط‬
‫المباشر بينها وبين المستهلك جعلها ذات طابع مركزي أو محلي‪.‬‬

‫كا ما سبق من‪ :‬مذكــــــــــــرة عبد القادر‬

‫(‪)3‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬مراحل تطور المؤسسات الصغيرة و المتوسطة‬

‫س نحاول في ه ذا المبحث التط رق إلى تط ور المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة في الجزائ ر من ذ االس تقالل وس يتم‬
‫التركيز على مرحلة الثمانينيات وما بعدها ذلك الن قبل هذه الفترة كان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة دورا ثانويا‬
‫فقط‪.‬‬
‫لقد كان تطور المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في الجزائر يتحقق بفضل االستثمارات التي ينجزها الخواص ما‬
‫بعد االستقالل السياسي سنة ‪ 1962‬إلى يومنا هذا وظلت هذه المؤسسات و المتمثلة في استثمارات الخواص تسير‬
‫وفق ا لإلج راءات ال تي وض عتها الدول ة لتوجيهه ا وتحدي د مج االت ت دخالها وك انت ه ذه الق وانين ت واكب الخط اب‬
‫السياسي السائد في كل فترة من فترات تطورها ومنذ االستقالل إلى يومنا هذا وضعت عدة قوانين تحكم نظم سير‬
‫القطاع الخاص‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مرحلة ما بعد االستقالل (‪:)1984-1962‬‬
‫إن وجود المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يعود إلى مرحلة االستقالل حيث وجدت العديد من الصناعات كان اغلبها‬
‫صغير الحجم يملكها األوربيون وارتباط ظهورها بأهداف المستعمر فلقد كانت هذه المؤسسات من نوع الصناعات‬
‫االس تراتيجية للقط اع الخ اص وم ع االس تقالل ورثت الجزائ ر العدي د من ه ذه الوح دات حيث ك ان ع ددها آن ذاك س نة‬
‫‪ 1964‬يبلغ‪ 1120‬مع عدد عمال قدره‪ 97480‬لينتقل عددها بعد ذالك الى‪ 1873‬مع عدد عمال قدره ‪ 65053‬سنة‬
‫‪ 1966‬إال أن هذه المؤسسات خضعت نسبة كبيرة منها الى التأميم ليتم تهميشها مع انطالق استراتيجية التنمية سنة‬
‫‪ 1967‬حيث ح دد مجال ت دخلها في الحياة االقتص ادية واالجتماعي ة وك انت الدول ة قد أش رفت عن طريق مؤسس اتها‬
‫االقتص ادية على مختلف جوانب التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬فالسياس ة الص ناعية التي انتهجته ا الجزائر والتي‬
‫ك انت ترتكز على إنشاء المركب ات والمص انع الض خمة جعلت من المؤسس ات الص غيرة والمتوسطة قطاعا ثانويا لم‬
‫يكن يحظى باالهتم ام إال م ع نهاي ة الس بعينيات ففي المخط ط الرب اعي الث اني (‪ )1977- 1947‬وفي إط ار السياس ة‬
‫الالمركزية كانت هناك محاولة للنهوض بهذا القطاع تم تجسيدها في برنامج التصنيع المحلي إذ تم إنجاز العديد من‬
‫المؤسسات الصناعية ذات بعد محلي كانت كلها من نمط الصغير والمتوسط إال أن بعدها االقتصادي واالجتماعي لم‬
‫يتح دد دوره إال م ع انطالق المخط ط الخماس ي األول(‪ )1984- 1980‬ال ذي تم خالل ه إدم اج القط اع الخ اص‬
‫الصناعي في الحياة االقتصادية ليتشكل على المؤسسات المحلية معالم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أصبحت‬
‫لها فيما بعد دورا اقتصاديا واجتماعيا كبيرا تلعب ه بجانب الصناعات الكبيرة خاص ة مع نهاي ة الثمانينات في إطار‬
‫التحوالت االقتصادية العميقة التي عرفتها الجزائر‪.‬‬
‫وبص فة عام ة تم يزت ه ذه المرحل ة الممت دة من االس تقالل إلى غاي ة بداي ة الثمانين ات ببن اء قاعدة ص ناعية واس عة‬
‫تحققت بفضل مجهودات االستثمارات الضخمة وتدخل الدولة المباشر في التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مرحلة (‪.)1991-1984‬‬
‫وقد عرفت هذه المرحلة إشراك وإ سهام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واعتماد السلطة العمومية لسياسة التنمية‬
‫الالمركزية في تحقيق األهداف االقتصادية واالجتماعية المسطرة نظرا لما أملته الضرورة االقتصادية واالجتماعية‬
‫التي كانت تتميز باختالالت كبيرة في مختلف األصعدة‪.‬‬
‫فمنذ بداية الثمانينات ظهر اهتمام كبير بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيث تم إدماجها في سياق السياسة العامة‬
‫للتنمية كأداة ينتظر منها المساهمة بفعالية كبيرة في تكثيف النسيج الصناعي وتحريك أداة الجهاز اإلنتاجي خاصة‬
‫في مج ال خل ق ف رص عم ل جدي دة وفي تلبي ة حاج ات المواط نين وال دليل على االهتم ام به ذه المؤسس ات ه و التزاي د‬
‫المستمر لعددها‪.‬‬
‫على العموم نجد أن عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخاصة في الجزائر قد تطور بشكل واضح خالل الفترة‬
‫الممتدة من ‪ 1984‬إلى ‪ 1991‬وهذا بالنظر إلى االهتمام المتزايد من طرف الخواص وإ قبالهم على إنشاء مثل هذه‬
‫المؤسسات‪.‬‬
‫وعلى عكس المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخاصة فان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العمومية عرفت تدهورا‬
‫من خالل تقلص ع ددها خالل الف ترة الممت دة من ‪ 1984‬إلى ‪ 1991‬ويرج ع ذل ك الى تخلي القط اع الع ام عن بعض‬
‫النش اطات نظ را لت دهور الوض عية المالي ة له ا وم ا واجهت ه من مش اكل مالي ة وإ داري ة و تنظيمي ة خاص ة م ع توج ه‬
‫الجزائر نحو اقتصاد السوق‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مرحلة (‪)2004 -1991‬‬
‫تم يزت ه ذه المرحل ة بص دور الق انون رقم ‪ 90 – 19‬الم ؤرخ في ‪ 19‬فيف ري ‪ 1991‬والمتض من تحري ر التج ارة‬
‫الخارجية والذي يضمن حرية التجارة الخارجية ويخضع القطاعين العام والخاص لنفس معايير وشروط التصدير‬
‫واالس تيراد ولق د دعم مش روع اإلص الح االقتص ادي بق انون آخ ر خ اص باالس تثمارات وال ذي ص ودق علي ه طبق ا‬
‫للمرسوم التشريعي رقم ‪ 93 – 12‬المؤرخ في ‪ 13‬أكتوبر ‪.1993‬‬
‫وفي الواقع اصطدم تطبيق نصوص سنة ‪ 1993‬بجمود المحيط العام الذي يفترض انه في خدمة االس تثمار إذ أن‬
‫التباطؤ البيروقراطي والمشاكل المرتبطة بتسيير العقار الصناعي قد أدت إلى عدم فعالية هذا الجهاز الجديد وبالتالي‬
‫كانت حصيلة االستثمار عبر وكالة ترقية ودعم االستثمار ومتابعتها متواضعة حتى نهاية سنة ‪. 2000‬‬
‫وحس ب مص ادر الص ندوق الوط ني للض مان االجتم اعي المتمثل ة في إحص ائيات ح ول ع دد المؤسس ات الص غيرة‬
‫والمتوسطة حسب النشاط وفئة العمال فحسب بطاقة معلومات لنفس الصندوق أعدت في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1999‬بينت‬
‫أن عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بلغ‪ 156507‬مؤسسة تشغل ‪ 634375‬عامل ولقد كان عددها سنة ‪1992‬‬
‫حوالي ‪ 103925‬مؤسسة وهو ما يمثل نسبة زي ادة تق در بـ ‪ )1()1( %53.4‬وفي س نة ‪ 1997‬بل غ ع ددها ‪127232‬‬
‫مؤسسة‪.‬‬
‫وفي س نة ‪ 2000‬ق د بل غ عددها حوالي ‪ 320000‬مؤسس ة حس ب معلوم ات ص ادرة في جويلي ة ‪ 2001‬عن ال ديوان‬
‫الوطني لإلحصائيات اثر عملية قامت بها مع المديرية العامة للضرائب(‪)2()2‬‬
‫كما نالحظ انه في سنة ‪ 2002‬كان عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخاصة ‪ 189552‬مؤسسة أما المؤسسات‬
‫الصغيرة والمتوسطة العمومية فقد بلغ عددها سنة ‪ 2002‬حوالي ‪ 788‬مؤسسة‪.‬‬
‫ومما سبق نالحظ ان المؤسسات الصغيرة و المتوسطة وبالتحديد الخاصة في تطور مستمر في الجزائر خاصة في‬
‫العشرية األخيرة‪ .‬هذا التغير الذي يمكن تفسيره بالدعم المادي والمعنوي الذي توليه الدولة لهذه المؤسسات‪.‬‬

‫(‪)1‬‬

‫(‪()2‬‬

You might also like