You are on page 1of 65

‫الفهرس‬

‫‪6‬‬ ‫املقدمة‬

‫الباب األول‪:‬‬
‫‪10‬‬ ‫الخوارزميات‬

‫الباب الثاني‪:‬‬
‫‪20‬‬ ‫الترند‬

‫نحو مقاربات أخالقية رقمية جديدة‬


‫‪28‬‬ ‫د‪ .‬ياسر بشر‬

‫الباب الثالث‪:‬‬
‫‪30‬‬ ‫أزمة الشفافية‪ ..‬حذف وتعديل املحتوى‬

‫الباب الرابع‪:‬‬
‫أخالقيات التعامل مع املحتوى الذي ينتجه‬
‫‪36‬‬ ‫املستخدم (‪)UGC‬‬

‫الباب الخامس‪:‬‬
‫‪44‬‬ ‫الترويج املدفوع للمحتوى الصحفي‬
‫الباب السادس‪:‬‬
‫ما ينشره الصحفيون ىلع حساباتهم‬
‫‪48‬‬ ‫الشخصية‬

‫املوضوعية الصحفية يف العصر الرقمي‬


‫‪56‬‬ ‫د‪ .‬معتز الخطيب‬

‫الباب السابع‪:‬‬
‫أخالقيات استعمال القوالب الجديدة‬
‫‪60‬‬ ‫إلنتاج املحتوى‬

‫‪64‬‬ ‫خاتمة‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫املقدمة‬
‫اللحاق بالتيار أو «ترند» ؛ تحررا جعل‬ ‫بقــدر كبيــر مــن التــردد والريبــة‪،‬‬
‫الحقيقــة وضدها يحمالن شــرعية‬ ‫يتلمــس الصحفيــون طريقهم نحو‬ ‫ّ‬
‫واحدة‪.‬‬ ‫العصــر الرقمي‪ ،‬بما يحمله للصحافة‬
‫مــن تحديــات مهنيــة وأخالقيــة‬
‫يف الســابق كان أقصــى مــا يناله‬ ‫بــل واقتصاديــة‪ .‬وبإيقــاع أكثر بطأً‬
‫املتلقي من الصحافــة هو التفاعل‬ ‫يتط ّلعــون إلى منظومــة أخالقيات‬
‫معه عبر نشر آرائه أو إعطائه الكلمة‬ ‫املهنة‪ ،‬وهي تواجه أســئلة كبيرة‬
‫ملدة محــدودة‪ ،‬أما اليوم فقد أصبح‬ ‫حول قدرتها ىلع الصمود ومقاومة‬
‫فــردا كامــل العضوية ضمــن غرفة‬ ‫تيار الثورة الرقمية الجارف‪.‬‬
‫التحريــر‪ ،‬ينتج املحتوى ويتقاســم‬
‫املعلومة ويحدد ما يرغب يف نشره‬ ‫التحــوالت الدائمة‪ ،‬وشــبه اليومية‪،‬‬ ‫ـؤال‬
‫وما ال يرى له داعيا‪.‬‬ ‫تفرض ىلع الصحافة ضرورة مواءمة‬ ‫يدان‬
‫طرق اشــتغالها وضوابطها املهنية‬ ‫بين‬
‫ولحتميــة وجــود الصحافة يف هذا‬ ‫وقوالب محتواها مــع القواعد التي‬ ‫لكل‬
‫الوســط الجديــد‪ ،‬كان لزامــا عليها‬ ‫ُترســم مــن قبــل شــركات مواقــع‬
‫أن تتقولــب وفق قواعــده‪ ،‬فهجرت‬ ‫التواصــل االجتماعــي‪ ،‬ال اجتماعات‬
‫املطبعة ونقلت حمولتها التحريرية‬ ‫التحريــر‪ .‬وألن التقنية ال تأتي عارية‬ ‫لغت‬
‫للمنصــات الرقمية‪ ،‬وأعــادت ترتيب‬ ‫من لبوســها الحضاري والقيمي‪ ،‬فإن‬ ‫د بها‬
‫استراتيجيتها يف النشر لتتدارك ما‬ ‫الصحافة مطالبة بمراجعة قواعدها‬ ‫صول‬
‫فعله غير الصحفيين يف املعلومة‬ ‫األخالقيــة بمــا يواكــب املعضالت‬ ‫جهز‬
‫والخبر‪ .‬إال أنها لم تكن ملمة بشــكل‬ ‫واإلشكاالت واألسئلة املستجدة‪.‬‬ ‫نتاج‬
‫واع بســلطة املنصات الرقمية ىلع‬ ‫ٍ‬ ‫ريبا‪.‬‬
‫الجمة التي‬
‫ّ‬ ‫املحتــوى‪ ،‬وال بالتنازالت‬ ‫ظــل الصحفيون طــوال الســنوات‬
‫ســتقدمها يف سبيل الحفاظ ىلع‬ ‫املاضيــة‪ ،‬يحاولــون عقلنة عملهم‬ ‫اتها‪،‬‬
‫وجودها‪.‬‬ ‫الصحفــي ىلع املنصــات الرقمية‬ ‫يف‬
‫مســتعينين بأخالقيــات الصحافــة‬ ‫قريبا‪:‬‬
‫نحــن يف بدايات تشــكل منظومة‬ ‫التقليدية‪ ،‬وما رافق ذلك من التباس‬ ‫جية‬
‫أخالقية مهنيــة مختلفة تماما عما‬ ‫عقــد العمل الصحفي وجعله عاجزا‬ ‫ّ‬ ‫حيث‬
‫ظ ّلــت الصحافة قبل عصــر اإلنترنت‬ ‫أمام مــد املؤثرين واملســتخدمين‬ ‫يات‪،‬‬
‫تعتبــره قواعــد أخالقيــة شــبه‬ ‫الذين أخــذوا حرفــة الصحفي يف‬ ‫مل‪/‬‬
‫ثابتــة‪ .‬فاملنظومة الســابقة كانت‬ ‫نقــل املعلومة‪ ،‬لكنهــم تحرروا من‬ ‫يات‪،‬‬
‫ترمي إلى تقييد وضبط املمارســة‬ ‫ثقل ضوابطها األخالقية ليستطيعوا‬ ‫هكذا‬
‫إلى‬
‫‪6‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫بالصحافة الرقمية؟ أليست الصحافة‬ ‫الصحفية‪ ،‬باعتبارها سلطة‪ ،‬ومنعها‬


‫مهنــة جذورها ضاربــة يف القدم؟‬ ‫من الشــطط والتعدي ىلع حقوق‬
‫أليــس الخبــر هــو الخبر والــرأي هو‬ ‫باقي الســلطات أو حقوق املجتمع‪.‬‬
‫الــرأي؟ ثم هل يجوز أخالقيا الحديث‬ ‫بينما يحيل مفهوم األخالقيات يف‬
‫تحول األخالقيات؟‬
‫عن ّ‬ ‫املجال الرقمي‪ ،‬إلى حماية الصحافة‬
‫نفســها من مخاطر التحلل والذوبان‬
‫يســاهم هــذا الدليــل يف مواكبة‬ ‫واالنســاخ مــن مبادئهــا وقيمهــا‬
‫النقاش حــول منظومــة أخالقيات‬ ‫املؤسسة‪.‬‬
‫الصحافة يف العصر الرقمي‪ ،‬مؤصال‬
‫لها‪ ،‬ومحــددا ملفاهيمها وأهميتها‬ ‫لقــد كانت األخالقيات يف الســابق‬
‫يف حمايــة املهنــة مــن مخاطــر‬ ‫تراقب وتق ّيد من كان يحتكر ســلطة‬
‫االنجــراف نحــو الترفيــه ومنطــق‬ ‫النشــر والبــث والترويــج‪ ،‬بينما يراد‬
‫«العرض والطلب»‪.‬‬ ‫اليوم بمنظومــة أخالقيات صحفية‬
‫جديدة‪ ،‬حماية الصحافة نفسها مما‬
‫وإذا كانت توجهات الصحافة العاملية‬ ‫اســتحال إلى لعبــة يف أيدي الكبار‬
‫تضــع اليــوم موضــوع أخالقيــات‬ ‫والصغار‪ ،‬لصنع املحتوى ونشــره عبر‬
‫الصحافة الرقمية يف صلب أولوياتها‬ ‫ملســة فوق سطح شاشــة أو نقرة‬
‫بســبب تطور املنصات الرقمية‪ ،‬فإن‬ ‫فوق زر فأرة الحاسوب‪.‬‬
‫العالم العربي ما يزال بعيدا عن هذا‬
‫النقاش باستثناء تجارب قليلة‪.‬‬ ‫حاولــت منظومــة األخالقيات يف‬
‫الســابق حمايــة املجتمعــات مــن‬
‫إن اهتمــام معهد الجزيــرة لإلعالم‬ ‫خطر الكــذب والتحريــف والتوجيه‬
‫بموضوع أخالقيات الصحافة الرقمية‪،‬‬ ‫والدعايــة‪ ،‬بينمــا تهتــم أخالقيات‬
‫لم تتلقفــه املصادفــة العابرة‪ ،‬بل‬ ‫العصــر الرقمــي بمالحقة معضالت‬
‫أســس ملجهود واع‪ ،‬بدأ بنشر ملف‬ ‫تتحــول كل يوم‬
‫ّ‬ ‫وإشــكاالت جديدة‪،‬‬
‫كامــل ىلع مجلــة الصحافــة‪ ،‬ثــم‬ ‫تتحول الفيروسات التاجية‪ ،‬ذات‬
‫ّ‬ ‫كما‬
‫تنظيــم منتدى رقمي حــول نفس‬ ‫الطفرات املتتالية‪.‬‬
‫ليتوج هذا املســار بإصدار‬
‫املوضوع‪ّ ،‬‬
‫دليل «أخالقيات الصحافة يف العصر‬ ‫هناك إذن جيل جديد من أخالقيات‬
‫الرقمي»‪.‬‬ ‫الصحافــة ال يعدم مبــررات للوجود‬
‫وال أسبابا للنزول‪ ،‬لكن‪ ،‬هل يستقيم‬
‫معهد الجزيرة لإلعالم‬ ‫الحديــث عــن أخالقيــات خاصــة‬

‫‪7‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫ما هي أخالقيات الصحافة‬


‫يف العصر الرقمي؟‬
‫أما مبدأ املســاءلة فيستوجب عدم‬ ‫لــم يقتصــر تأثيــر اإلنترنــت ىلع‬
‫االنســياق وراء ما يطلبه «الترند»‬ ‫الصحافة بتغيير قوالب النشر وآليات‬
‫ودفــع ضريبة ذلك من فقدان الزخم‬ ‫جمــع الخبــر‪ ،‬بل بنــزع االحتكار عن‬
‫واالنتشار‪ .‬وأخيرًا ضمان االستقاللية‬ ‫الصحافــة كمصدر وحيــد للمعلومة‬
‫كتحــد متجــدد انتقــل مــن صراع‬
‫ٍ‬ ‫والخبــر‪ ،‬ودمقرطــة عملية النشــر‬
‫الصحافة للتحرر من أســر الحكومات‬ ‫ليصبح أي شــخص قادرا ىلع نشــر‬
‫ورجــال األعمــال إلى صــراع إضايف‬ ‫مــا يريد وكيفمــا يريد‪ ،‬وهــو ما أثار‬
‫للتحرر من خوارزميات مواقع التواصل‬ ‫التساؤل‪ :‬ما الذي يميز الصحفي عن‬
‫االجتماعــي وما تفرضه مــن أنماط‬ ‫بقية «الناشرين»؟‬
‫وقوالب ىلع العمل الصحفي‪.‬‬
‫تســاؤل رافقته متطلبات مفصلية‪،‬‬
‫ولذلك يأتي النقاش حول أخالقيات‬ ‫لم يعد بإمكان الصحفيين التغاضي‬
‫الصحافــة يف العصر الرقمي ليعالج‬ ‫عنها إن أرادوا الحفاظ ىلع مكانتهم‬
‫هذه التحديات‪ ،‬وليصوغ نهجا معرفيا‬ ‫كناقليــن موضوعيين للخبــر؛ وعن‬
‫مفاهيميا يســاهم يف تفكيك تلك‬ ‫األصالة واملســاءلة واالســتقاللية ‪،1‬‬
‫اإلشكاالت الطارئة ويجعلها متسقة‬ ‫للحفاظ ىلع ثقة الجمهور‪.‬‬
‫مع املبادئ األخالقية الجوهرية يف‬
‫العمل الصحفي‪.‬‬ ‫تحقيــق تلــك املتطلبــات يف‬
‫العصر الرقمي‪ ،‬ليس مهمة ســهلة؛‬
‫فاألصالة تفتــرض أن ُينجز الصحفي‬
‫محتواه بمعزل عن أي تأثير خارجي‪،‬‬
‫والكيفيــة الالزمة لتحقيــق األصالة‬
‫يف زمن أصبــح كثير من الصحفيين‬
‫يســتقون أفكارهــم مــن محــركات‬
‫البحث ومواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Hayes, Arthur S., Jane B. Singer, and Jerry Ceppos.‬‬
‫‪«Shifting roles, enduring values: The credible‬‬
‫‪journalist in a digital age.» Journal of mass media‬‬
‫‪ethics 22, no. 4 (2007): 262-279.‬‬

‫‪8‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫‪9‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫الباب األول‪:‬‬
‫الخوارزميات‬

‫‪10‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫من خاللــه تعليم الحاســب كيفية‬


‫اتخاذ قــرارات محــددة؛ كاملواضيع‬ ‫ما هي الخوارزميات؟‬
‫التــي ســتعرض للمســتخدم عند‬
‫تصفحه للمواقع اإلخبارية أو وسائل‬ ‫الخوارزميــة هــي أمــر يوجهــه‬
‫التواصل االجتماعي‪ ،‬أو التعرف اآللي‬ ‫املهندســون إلــى الحواســيب‬
‫ىلع تعليقات املســتخدمين التي‬ ‫ومحركات البحث‪ ،‬كي تختار للمتلقي‬
‫تحوي ما يمكــن أن تعتبره منصة ما‬ ‫املحتوى الذي ســيصل إلى شاشته‪.‬‬
‫«تجاوزات» مثال‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫يف األصــل‪ ،‬يعتبر هدف هذه األوامر‬
‫البرمجية نبيال‪ ،‬حيث جرى تطويرها‬
‫لفهــم ســلوك املســتخدم ىلع‬
‫الهدف‪:‬‬ ‫اإلنترنــت الختيار الخدمــات األقرب‬
‫إلــى رغباته وتفضيالته‪ ،‬ســواء يف‬
‫إبقاؤك متصفحا‬ ‫مجاالت النقل أو التسوق أو السياحة‪.‬‬

‫تســعى كثيــر مــن املنصــات مثل‬


‫يوتيــوب وفيســبوك‪ ،‬إلــى إبقــاء‬ ‫كيف تعمل‬
‫املســتخدمين ىلع صفحاتهــا‬
‫ألطــول فتــرة ممكنــة‪ .‬وإذا كان‬ ‫الخوارزميات؟‬
‫جمهور هذه املنصات ‪-‬بشكل عام‪-‬‬
‫يميلون إلى متابعة مــا يتوافق مع‬ ‫تعمل الخوارزميــة بناء ىلع تحليل‬
‫آرائهــم وتفضيالتهــم الشــخصية‪،‬‬ ‫االختيــارات الســابقة للمســتخدم‪،‬‬
‫فــإن الخوارزميــات ســتفهم تلــك‬ ‫ونوع املحتــوى الذي توقــف عنده‬
‫التفضيــات عبــر تتبعها لســلوك‬ ‫واســتهلكه أو نقــر عليــه خــال‬
‫املتصفح أو املستخدم‪ ،‬وتعرض له‬ ‫تصفحــه للمنصات الرقميــة‪ ،‬لتختار‬
‫محتوى مشــابها أو مواضيع محددة‬ ‫لــه املحتويــات التــي ســتظهر له‬
‫نالت استحســانه ســابقا؛ سواء كان‬ ‫أثنــاء تصفحه‪ ،‬ســواء كانت إعالنات‬
‫من نفــس األصدقاء الذيــن يتفاعل‬ ‫ملنتجات معينة تفهــم الخوارزمية‬
‫معهم أو من الصفحات التي يتابعها‬ ‫رغبــة املســتخدم بهــا أو مواضيع‬
‫أو سواها‪.‬‬ ‫يهتم بها‪.‬‬

‫عمليــة توجيه املحتوى هذه ‪-‬التي‬ ‫ويعمــل الكثيــر مــن خوارزميــات‬


‫ال تقــدم للمســتخدم إال ما يحب أن‬ ‫الــذكاء االصطناعــي من خــال ما‬
‫يــراه أو ما تعتقد أنه ســ ُيعجب به‪-‬‬ ‫يســمى بالتلقيــن اآللي‪ ،‬الــذي يتم‬

‫‪11‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫تعمل املنصات الرقمية‪ ،‬كفيسبوك‬ ‫خلقت مــا أصبــح يعرف بـــ «غرف‬
‫وغوغــل‪ ،‬ىلع جمــع أكبــر قــدر‬ ‫الصــدى ‪ »Echo Chambers‬حيــث‬
‫مــن املعطيــات عــــن امليــول‬ ‫يصبــح املســتخدم يف معزل عن‬
‫السياســـية والثقافية واالجتماعية‬ ‫أي محتويــات أو آراء مغايــرة لرأيه أو‬
‫ملســتخدميها‪ ،‬وتطــور بنــا ًء ىلع‬ ‫تفضيالته‪.‬‬
‫ذلــك ســاحها الســــحري الــــذي‬
‫أصبــــح يطلــــق عليــــه اليــــوم‬ ‫ويذهــب بعــض األكاديمييــن إلى‬
‫«الخوارزميات» التــي تســمح ببنــاء‬ ‫أن ســبب فشــل توقعــات كثير من‬
‫نمــوذج للقرار التحريري بعيدا عــن‬ ‫الصحفيين بخسارة هيالري كلينتون‬
‫اختيارات الصحفييــن ‪.2‬‬ ‫يف االنتخابات األميركية عام ‪،2016‬‬
‫كان مرده الخوارزميات التي جعلتهم‬
‫تحــول التقنية‬
‫ّ‬ ‫هنا تطرح إشــكالية‬ ‫ال يــرون املحتوى الخــاص بمؤيدي‬
‫إلــى رئيــس تحريــر فعلــي؛ بحيث‬ ‫دونالــد ترمــب‪ ،‬ألن تفضيالتهــم‬
‫أصبــح باإلمــكان التعــرف مســبقا‬ ‫أدخلتهم يف غرفة صدى أو فقاعة‬
‫ىلع املحتويــات التــي ســتنتجها‬ ‫كل مــن فيهــا كان مناهضا للرئيس‬
‫املؤسســات اإلعالميــة‪ ،‬مــن خالل‬ ‫ّ‬
‫(املرشح حينها)‪.‬‬ ‫األمريكي السابق‬
‫معرفة رغبات الخوارزميات‪.‬‬

‫هكذا‪ ،‬تصبــح الخوارزميــات بمثابة‬ ‫الخوارزميات‪..‬‬


‫حــارس بوابة جديــد يتجلــى عبر‬
‫اتجاهين‪:‬‬ ‫رئيس التحرير الجديد‬
‫بكــم ونوعيــة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تحكمهــا‬ ‫أوالً‪:‬‬ ‫يتلقى الصحفيون عــادة توجيهات‬
‫املعلومــات التي يجدهــا الصحفي‬ ‫تحفزهــم ىلع الوعــي بطريقــة‬ ‫ّ‬
‫خالل بحثه عــن القصة التي يرغب‬ ‫عمل محركات البحــث والخوارزميات‬
‫بالعمل عليها‪.‬‬ ‫والبرمجيــات‪ ،‬والحــرص ىلع‬
‫استعمال الكلمات التي تنتشر ىلع‬
‫ّ‬
‫تحكمهــا بحجــم ونوعية‬ ‫ثانيــا‪:‬‬ ‫نطاق واســع ضمــن كل فقــرة من‬
‫الجمهــور الــذي يتلقــى قصــة‬ ‫املقال لجعــل محرك البحث يتع ّرف‬
‫الصحفي ‪.3‬‬ ‫ىلع املحتــوى‪ ،‬ويرفعه إلى صدارة‬
‫«الترند»‪.‬‬

‫‪ 2‬مجلة الصحافة‪ ،‬افتتاحية العدد ‪ ،21‬السنة السادسة‪ ،‬ربيع ‪ ،2021‬موقع اإلنترنت‪http://institute.aljazeera.net/ar/ajr :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Brake, David R. «The invisible hand of the unaccountable algorithm: How Google, Facebook and other tech‬‬
‫‪companies are changing journalism.» In Digital Technology and Journalism, pp. 2546-. Palgrave Macmillan,‬‬
‫‪Cham, 2017.‬‬

‫‪12‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫‪13‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫كيف أثرت‬
‫الخوارزميات يف أنماط‬
‫العمل الصحفي؟‬
‫مسؤولي التحرير فــــي املؤسسات‬ ‫• فــي كل مرة تغير إحدى املنصات‬
‫الصحفيــة ســلطتهم التحريريــة‬ ‫الرقمية خوارزمياتها‪ ،‬تحدث فوضى‬
‫ومنحتهــا ملجموعــة صغيــرة من‬ ‫داخــل غرف األخبار لضــرورة مواءمة‬
‫املهندســين القائمين ىلع برمجة‬ ‫محتواها مع الخوارزميات الجديدة‪.‬‬
‫املنصات اإللكترونيــة؛ إنهم حراس‬
‫البوابــة الجدد الذين يتمتعون بقوة‬ ‫• تســاهم الخوارزميات يف تســريع‬
‫غير محدودة يف وادي السيلكون ‪.6‬‬ ‫انتشار األخبار الكاذبة والحيلولة دون‬
‫وصــول تصحيحها للمســتخدم‪ ،‬مما‬
‫• لــم يعــد الجمهــور يلــج مواقــع‬ ‫يؤدي إلى تزويده بمعلومات متحيزة‬
‫إلكترونيــة محددة مــن أجل االطالع‬ ‫اطالعه‬‫من وجهة نظر واحدة تعيق ّ‬
‫ىلع األخبــار واآلراء‪ ،‬بــل أصبحــت‬ ‫ىلع كافة ما يجري من حوله ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫الوســيلة األساســية يف استهالك‬


‫املحتــوى اإلعالمــي هــي محركات‬ ‫• هناك فرضية تقول إن الخوارزميات‬
‫البحث وشبكات التواصل االجتماعي‪،‬‬ ‫باتت املســؤولة بشــــكل شــــبه‬
‫التــي تقــع كليــا تحــت ســلطة‬ ‫كامــــل عن توزيــــع األخبار بسبب‬
‫الخوارزميات‪ ،‬وتحدد للقارئ ما تعتبره‬ ‫تحكمهــا يف طبيعــة ما ســيصل‬ ‫ّ‬
‫«مناسبا له» كي يقرأه أو يشاهده ‪.7‬‬ ‫فتحولت غرف األخبار‬
‫ّ‬ ‫وملن ســيصل‪،‬‬
‫ملجرد منتج للمحتــوى دون القدرة‬
‫ىلع توجيهــه للجمهور الذي ترغب‬
‫باستهدافه ‪.5‬‬

‫• يمكن القول إن الخوارزميات سلبت‬

‫‪ 4‬سامية عياش‪ ،‬الصحافة تحت رحمة الشركات التقنية العمالقة مجلة الصحافة‪ ،‬العدد ‪ ،21‬السنة السادسة‬

‫‪ 5‬أنس بنضريف‪ ،‬من «املحرر هو امللك» إلى الخوارزمية هي امللكة‪ ،‬مجلة الصحافة‪ ،‬العدد ‪ ،21‬السنة السادسة‪ ،‬ربيع ‪2021‬‬

‫‪ 6‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪https://reutersinstitute.politics.ox.ac.uk/risj-review/truth-behind-filter-bubbles-bursting-some-myths‬‬

‫‪14‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫• ســاهمت الخوارزميــات يف التأثير‬


‫ىلع الصحفييــن أنفســهم كذلك؛‬
‫فعملية بحث الصحفي عن موضوع‬
‫ما يف محرك البحث «غوغل» تجعله‬
‫رهينــة لنوعيــة املعلومــات التي‬
‫ترغب خوارزميــة املوقع‬
‫بتقديمهــا لــه ‪ .8‬نفــس‬
‫• التعامل مع االنتشار كمعيار للنجاح‪،‬‬ ‫األمــر ينطبق ىلع طبيعة القصص‬
‫يجعل الصحفي يعيد النظر يف كل‬ ‫التي ستعترض الصحفي عند تصفح‬
‫القصص التي يراهــا مهمة‪ ،‬ويرتبها‬ ‫شــبكات التواصل االجتماعي‪ ،‬وأيها‬
‫بنــاء ىلع قابليتهــا لالنتشــار من‬ ‫ســيختار للكتابة عنها‪ ،‬وكيف‬
‫عدمه‪ ،‬ال بناء ىلع قيمتها الصحفية‬ ‫ســيكتب عنها‪ ،‬وبــأي طريقة‬
‫يف خدمة املصلحة العامة‪.‬‬ ‫ســتجد قصتــه تلــك طريقها‬
‫للجمهور‪ ،‬وبأي طريقة ســيعاد‬
‫نشرها ‪.9‬‬

‫‪8‬‬
‫‪Brake, David R. «The invisible hand of the unaccountable algorithm: How Google, Facebook and other tech‬‬
‫‪companies are changing journalism.» In Digital Technology and Journalism, pp. 2546-. Palgrave Macmillan,‬‬
‫‪Cham, 2017.‬‬

‫‪ 9‬املرجع السابق‬

‫‪15‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫املخاطر األخالقية‬
‫للخوارزميات‬

‫أدى دخــول الخوارزميــات لغــرف‬


‫التحرير إلى ظهور إشكاليات أخالقية‬
‫مستجدة‪ ،‬يتمثل أبرزها يف‪:‬‬

‫• عجــز الصحفيين عــن فهمها‪:‬‬ ‫التحكــم يف املعلومــات‬ ‫ّ‬ ‫•‬


‫تشــير الدراســات إلــى افتقــار جزء‬ ‫املتدفقــة للجمهــور‪ :‬الســؤال‬
‫من املحرريــن والصحفيين لألدوات‬ ‫األخالقــي الجوهــري الــذي تطرحه‬
‫تمكنهم من التعامل‬ ‫املعرفية التي ّ‬ ‫الخوارزميات هو قدرتها ىلع التحكم‬
‫مــع املعضالت األخالقيــة الجديدة‬ ‫يف طبيعة املعلومــات املتدفقة‬
‫التي خلقتها عملية النشر الصحفي‬ ‫للجمهور‪ ،‬ال ســيما أنها تتغير بشكل‬
‫ىلع املنصــات الرقمية‪ ،‬كما أن قلة‬ ‫دائــم‪ ،‬وال توجــد شــفافية من قبل‬
‫مــن املواثيق األخالقيــة الصحفية‬ ‫الشركات يف عرض آليات عمل هذه‬
‫تطرقت لهذا الجانب ‪.11‬‬ ‫الخوارزميات‪.‬‬

‫• تجريــد الصحافــة الرصينة من‬ ‫التدخــل يف عمليــة إنتــاج‬ ‫ّ‬ ‫•‬


‫قيمتها كمصدر رئيسي للمعلومة‪:‬‬ ‫ّ‬
‫تتدخــل‬ ‫املحتــوى الصحفــي‪:‬‬
‫تعتبر الخوارزميات سببا رئيسيا يف‬ ‫الخوارزميــات يف املراحــل الثــاث‬
‫اختالط املحتــوى الصحفي الرصين‬ ‫إلنتــاج املحتوى الصحفــي (البحث‪،‬‬
‫مــع املحتــوى الدعائــي املتح ّيــز‬ ‫إنتاج املحتوى‪ ،‬النشر) ‪.10‬‬
‫املغلــف بلبــوس صحفــي‪ ،‬ممــا‬
‫ساهم يف تراجع ثقة الجمهور يف‬
‫الصحافة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪Haley Kim, AI IN JOURNALISM: CREATING AN ETHICAL FRAMEWORK, A Thesis Project Submitted in Partial‬‬
‫‪Fulfillment of the Requirements of the Renée Crown University Honors Program at Syracuse University,‬‬
‫‪SPRING 2019‬‬

‫‪ 11‬محمد خمايسة‪ ،‬األخالقيات الجديدة للصحافة يف العصر الرقمي‪ ،‬مجلة الصحافة‪ ،‬العدد ‪ ،21‬السنة السادسة‪ ،‬ربيع ‪2021‬‬

‫‪16‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫• إدخــال الصحفيين يف «غرفة صدى»‪ :‬تســاهم الخوارزميات يف إدخال‬


‫الصحفــي إلى «غرفة صدى» تحجب عنــه اهتمامات الجمهور املختلفة يف‬
‫بعض الحــاالت‪ ،‬ويقتصر إعداد قصته الصحفية ىلع ما يراه داخل غرف الصدى‬
‫فقط‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫كيف يكسر الصحفي‬ ‫كيف تعلم أنك داخل‬


‫جدار «غرفة الصدى»؟‬ ‫«غرفة صدى» ىلع‬
‫شبكات التواصل‬
‫طور سلوكا شــخصيا يقظا لتبقى‬ ‫‪ّ .1‬‬
‫ونوع‬
‫ّ‬ ‫مختلفة‪،‬‬ ‫مصــادر‬ ‫ىلع‬ ‫مطلعا‬
‫أدوات جمــع األخبار عبــر املنصات‬
‫االجتماعية؟‬
‫الرقميــة بعيدا عن دائــرة املعارف‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫دائمــا اطرح األســئلة التالية ‪ 12‬ىلع‬
‫نفســك لتتأكد مــا إذا كنــت داخل‬
‫‪ .2‬تحقق من كل ما يرد ىلع املنصات‬
‫«غرفة صــدى» خوارزمية ما‪ ،‬تعرض‬
‫الرقمية سواء بطرق التحقق الرقمية‬
‫لك عينة منتقاة من اآلراء‪:‬‬
‫أو من مصــادر مطلعــة‪ .‬رغبتك بأن‬
‫يكون حدث ما صحيحا‪ ،‬ال يعني أنه‬
‫‪ -‬هــل املحتوى الذي أشــاهده‬
‫صحيح بالضرورة‪ .‬قد يكون ما يحركك‬
‫ينطلق معظمه من وجهة نظر‬
‫هنا هو ظاهرة تســمى بـــ «االنحياز‬
‫واحدة؟‬
‫التوكيدي ‪.»Confirmation Bias‬‬

‫‪ّ .3‬‬ ‫‪ -‬هــل وجهة النظر تلك غالبا ما‬


‫تذكــر دائمــا أن الخوارزميــات ال‬
‫تكون مدعومة بإشاعات وأخبار‬
‫تســتأذنك يف بنــاء جدران‬
‫غير دقيقة؟‬
‫«غرفة الصدى» من حولك‪.‬‬
‫منذ اليــوم األول إلنشــاء‬
‫‪ -‬هل يتم تجاهل الحقائق التي‬
‫حسابك‪ ،‬تبدأ الخوارزميات‬
‫تتنافى مع وجهة النظر تلك؟‬
‫بتحليــل نمــط ســلوكك‬
‫ىلع املنصــات الرقميــة‬
‫إذا كانت إجابتك «نعم» ىلع أي‬
‫لتدخلك يف غرفة الصدى‪.‬‬
‫من األسئلة السابقة‪ ،‬فإنك غالبا‬
‫يف «غرفة صدى» رســمتها لك‬
‫الخوارزميات‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪https://bit.ly/3vEkfH7‬‬

‫‪18‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫تعول ىلع مزاعم شــركات التواصل‬


‫ّ‬ ‫‪ .4‬ال يوجــد فصــل بين الشــخصي‬
‫االجتماعــي بأنها تعمــل بجد لحل‬ ‫واملهني يف سلوك الصحفي ىلع‬
‫معضلة «غرفة الصدى»‪.‬‬ ‫املنصــات الرقمية؛ فما تقوم به من‬
‫تصفــح واختيــارات يف حســاباتك‬
‫‪ .7‬اســتخدم امللحقات ‪Extensions‬‬ ‫الشــخصية‪ ،‬ســيالحقك إلــى غرفة‬
‫التي تحظر اإلعالنات‪ .‬هكذا ستكون‬ ‫األخبار‪.‬‬
‫أمام تدفق أقــل للمحتوى املدفوع‪،‬‬
‫لكن يف املقابل اعلم أن هذا الخيار‬ ‫‪ .5‬كــن واعيــا بطبيعــة الحمــات‬
‫سيحرمك من بعض املحتويات‪.‬‬ ‫املمنهجة من قبــل بعض األطراف‬
‫إلبــراز قضية مــا ىلع الســاحة‪ ،‬وال‬
‫‪ .8‬قلــل مــن اســتهالك املحتويات‬ ‫تتــردد يف حجب أو إلغــاء متابعة‬
‫الترفيهية‪ ،‬ألنها تعتبــر األكثر جذبا‬ ‫الصفحات واملواقع التي تنشر أخبارا‬
‫للتدفقات املبرمجة نحو شاشــتك‪،‬‬ ‫زائفــة‪ .‬هكذا ســتعرف الخوارزميات‬
‫وابــق مرتبطــا ما أمكــن باملنصات‬ ‫أنك ال ترغب يف مشــاهدة محتوى‬
‫الجادة‪.‬‬ ‫آخر من تلك املنصات أو مشابها له‪.‬‬

‫‪ .9‬اســتخدم خيــار التصفــح الخفي‬ ‫‪ .6‬الخوارزميات تتغير دائما‪ ،‬لذا ابذل‬


‫(‪ ،)Incognito‬واحــذف أرشــيف‬ ‫مجهــودا شــخصيا للحفاظ ىلع‬
‫ســجالت نشــاطاتك ىلع اإلنترنت‬ ‫مهنيــة محتــواك‪ ،‬وال تنتظــر‬
‫(‪ .)History‬قلل مــن ولوج املنصات‬ ‫تعديــل سياســات التحريــر‬
‫التــي تطلب منك تســجيل الدخول‬ ‫والنشر يف مؤسستك‪ .‬كما ال‬
‫بواســطة البريــد اإللكترونــي أو‬
‫حســاباتك الشــخصية يف شبكات‬
‫التواصــل االجتماعــي‪ .‬احرص ىلع‬
‫حذف أو حظر ملفات تعريف االرتباط‬
‫‪ ،Browser Cookies‬حتــى تقلل من‬
‫قــدرة الخوارزميــات ىلع‬
‫تعقب تحركاتك عبر‬
‫اإلنترنت‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫الباب الثاني‪:‬‬
‫(املواضيع األكثر تداوال)‬ ‫الترند‬

‫‪20‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫ّ‬
‫يتشكل «الترند» عبر بعض التقنيات‬
‫وىلع رأســها تقنيــة الوســوم التي‬
‫ما هو «الترند»؟‬
‫تســمح ببــروز نفس املوضــوع عند‬
‫«الترند» هو مصطلح يســتخدم يف‬
‫اســتخدامه من طرف املستخدمين‪.‬‬
‫اإلشــارة للمواضيع األكثــر تداوال بين‬
‫ويلخــص بعض املختصيــن عملية‬ ‫ّ‬
‫املستخدمين ىلع منصات التواصل‬
‫نشــوء «الترنــد» باجتمــاع املــكان‬
‫االجتماعي من خالل وسم (هاشتاغ)‬
‫املناسب بالتوقيت املناسب واللحظة‬
‫أو موضوع محدد‪ .‬ويكون هذا التداول‬
‫املناسبة واألشخاص املناسبين ‪.14‬‬
‫شائعا جدا يف فترة زمنية محددة ال‬
‫تزيد يف كثير من األحيان ىلع بضع‬
‫يتأثــر اإلنســان بطبيعته بــآراء من‬
‫ســاعات أو أيام قليلــة ىلع أقصى‬
‫حولــه‪ ،‬ويعطــي أهميــة ألمر ىلع‬
‫تقدير‪.‬‬
‫آخر بنــا ًء ىلع رأي املجمــوع‪ .‬لذلك‬
‫فإن «الترند» يؤثر بشكل عام يف ما‬
‫األصــل يف «الترنــد» أن يتزامن مع‬
‫يهتم به األفراد بصورة مباشرة‪.‬‬
‫وقــوع حدث مــا أو تــداول موضوع‬
‫يشــغل اهتمام مستخدمي منصات‬
‫التواصــل االجتماعــي يف منطقة‬
‫عناصر «الترند»‪:‬‬ ‫معينــة لفتــرة محــددة‪ ،‬ويف هذه‬
‫الحالة يعتبــر ظاهــرة «اعتيادية»‪.‬‬
‫يظهــر موضــوع مــا ىلع منصــات‬
‫يجد هذا النوع من «الترند» تفسيره‬
‫التواصــل االجتماعــي كـــ «ترنــد»‬
‫فتحــول‬
‫ّ‬ ‫يف الرغبــات اإلنســانية‪،‬‬
‫بسبب عاملين رئيسيين‪:‬‬
‫قضيــة مع ّينة إلى «ترنــد» ينطلق‬
‫فعليا من اهتمام شــريحة كبيرة من‬
‫أوال‪ :‬أن يكــون هنــاك حــدث آنــي‬
‫الرأي العام بها ‪.13‬‬
‫حظي باهتمــام مجموعة كبيرة من‬
‫املســتخدمين وبــدأوا بالكتابــة أو‬
‫التغريد يف وقت متزامن حول ذلك‬
‫الحدث بشــكل عفــوي‪ .‬ويكون هذا‬
‫إما لســاعات معدودة أو أيام‪.‬‬ ‫الزخم ّ‬
‫وقد يعكس هذا «الترند» اهتمامات‬
‫مجموعة واســعة من مســتخدمي‬
‫منصــات التواصــل االجتماعي يف‬
‫تلك الفترة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪https://www.fastcompany.com/3066258/how-to-spot-fake-trends‬‬
‫‪14‬‬
‫‪https://envato.com/blog/what-is-a-trend/‬‬

‫‪21‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫ويتم التالعب بـــ «الترند» يف كثير‬ ‫ثانيــا‪« :‬الترنــد املتالعــب بــه»‬


‫مــن األحيان مــن قبــل دول وليس‬ ‫ويقصد به قيام عدد من الحســابات‬
‫أفراد‪ ،‬بتوفير موارد هائلة مما يجعل‬ ‫املوجهة‪ ،‬أو الوهمية؛ بالنشر بشكل‬
‫كشفها أو إبطالها أمرا صعبا‪.‬‬ ‫مخطط له ومتزامــن بهدف الترويج‬
‫لقضية معينة‪ ،‬والتالعب بخوارزميات‬
‫وقد كشفت دراسة شملت حسابات‬ ‫منصات التواصل لتصنف تلك القضية‬
‫‪ 500‬صحفــي محتــرف ىلع موقع‬ ‫ضمــن «األكثر تــداوال»‪ ،‬وإيهام الرأي‬
‫تويتــر‪ ،‬أن ســلوك الصحفييــن يف‬ ‫العام أنها تحظى باهتمام عدد كبير‬
‫شــبكات التواصــل االجتماعــي ال‬ ‫من املستخدمين‪.‬‬
‫يختلــف كثيــرا عــن ســلوك باقي‬
‫املســتخدمين‪ ،‬حيــث يغلب عليها‬
‫التفاعــل والتعليــق مــن منطلــق‬ ‫كيف يتم التالعب‬
‫شــخصي عكس االنضبــاط املهني‬
‫داخل املؤسسة اإلعالمية‪ .‬وبالتالي‬ ‫بـ «الترند»؟‬
‫يصبح الصحفي عرضة لتأثير وتوجيه‬
‫هذه الحمالت املمنهجة‪.‬‬ ‫يدفــع البحث عــن التأثير الواســع‬
‫والســريع الكثيــر مــن الحكومــات‬
‫واألحــزاب والتيــارات السياســية‬
‫هناك طرق كثيرة‬ ‫والتكتالت االقتصادية‪ ،‬حول العالم‪،‬‬
‫لتبنــي حســابات ىلع وســائل‬
‫للتالعب بـ «الترند»‪،‬‬ ‫التواصل االجتماعي لتضخيم وجهة‬
‫نظرهــا‪ ،‬وخلق نوع مــن اإلجماع أو‬
‫من بينها‪:‬‬ ‫ىلع األقل رأي عام يتبنى وجهة‬
‫نظرها‪ .‬وقد كشف‬
‫أ‌‪ -‬دفــع مبالــغ ملشــاهير وســائل‬ ‫تقريــر لهيئة‬
‫التواصــل االجتماعي لنشــر وجهة‬ ‫ا إل ذ ا عــة‬
‫حــزب أو تيار‬ ‫نظر حكومة أو‬
‫أو مؤسسة‬

‫مــا‪ ،‬وقد يطلب منهــم التحدث يف‬ ‫البريطانيــة «بي بي ســي» يف‬
‫أوقــات محددة‪ ،‬وبكلمات أو وســوم‬ ‫بدايــة ‪ ،2018‬أن تحويــل موضوع‬
‫متفق عليها مسبقا‪.‬‬ ‫«تافــه» إلى «ترنــد» يكلف أقل‬
‫من ‪ 200‬دوالر ‪.15‬‬
‫‪15‬‬
‫‪https://www.bbc.com/news/blogs-trending-43218939‬‬
‫‪22‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫نيومان تؤكد خطورة «الترند» الزائف‬ ‫ب‌‪ -‬توظيف عدد كبير من مستخدمي‬
‫يف تضخيــم اآلراء املنبــوذة التــي‬ ‫وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬قد يصل‬
‫تعتنقهــا فئة قليلة من األشــخاص‬ ‫عددهم إلى عشــرات اآلالف (حسب‬
‫يف مجتمع ما‪ ،‬وجعلها أكثر شيوعا‪.‬‬ ‫قــدرات الجهــة املمولــة)‪ ،‬وهدف‬
‫هؤالء املســتخدمين هو أن يكونوا‬
‫تقول النظرية إن األفراد يخشون من‬ ‫«أبواقا» للجهة التي توظفهم‪.‬‬
‫فكرة «العزلة» التي يمكن أن يدخلوها‬
‫يف حــال ع ّبروا عــن آراء تتنافى مع‬ ‫ج‌‪ -‬اســتخدام برامــج آليــة أو ‪bots‬‬
‫االعتقاد الســائد‪ .‬ويف هــذه الحالة‪،‬‬ ‫تحاكــي مــا يفعله املســتخدمون‬
‫فــإن اآلراء التي تحض ىلع الكراهية‬ ‫العاديــون‪ ،‬ويتــم برمجتهــا لنشــر‬
‫أو تدعــم نظريــات غيــر حقيقيــة‬ ‫محتــوى محدد يف أوقــات محددة‬
‫(كنظريات املؤامرة حول كل شيء)؛‬ ‫عبر حسابات وهمية‪.‬‬
‫كان معتنقوها يخشــون من التعبير‬
‫عنها بشكل علني يف السابق‪ ،‬ألنها‬ ‫ملعرفــة املزيد عــن آليــة صناعة‬
‫آراء «منبوذة»‪ .‬لكن يف عصر التواصل‬ ‫«الترنــد» والتالعــب بــه‪ ،‬يمكــن‬
‫االجتماعي‪ ،‬وانتشــار األخبــار الزائفة‬ ‫االطالع ىلع كتــاب «دليل التحقق‬
‫بشــكل ممنهج وىلع صعيد واسع‪،‬‬ ‫مــن عمليــات التضليــل والتالعــب‬
‫أصبــح معتنقو هذه األفكار أكثر جرأة‬ ‫اإلعالمي»‪.‬‬
‫ىلع طرحهــا العتقادهــم أن هناك‬
‫أشخاصا ُكثرا يشاركونهم ذات األفكار‪.‬‬
‫تجربة علمية‬
‫مخاطر «الترند»‬ ‫توضح مدى‬ ‫لعل أشهر التجارب التي ّ‬
‫قــدرة «الترند» الزائــف ىلع التأثير‬
‫ىلع الصحافة‬ ‫يف وعــي الجمهور هــي تلك التي‬
‫أجراهــا العالــم ســولومن آش يف‬
‫يثيــر «الترنــد» جملة من األســئلة‬ ‫ســتينيات القــرن العشــرين‪ ،‬حيث‬
‫األخالقيــة يف العمــل الصحفــي‪،‬‬ ‫دفع أشــخاصا لتبنــي آراء تخالف ما‬
‫نســتعرضها بغية حــث الصحفيين‬ ‫تــراه أعينهم عــن طريــق الضغط‬
‫ىلع االنتباه لها‪ ،‬وإثارة نقاش جدي‬ ‫وعرفت التجربة الحقا بـ‬‫املجتمعي‪ُ ،‬‬
‫ملعالجتها‪:‬‬ ‫«متالزمة آش ‪.»Asch Conformity‬‬

‫‪ -‬وجدت دراسة أمريكية ‪ 17‬أن معظم‬ ‫كما أن نظرية «دوامة الصمت ‪Spiral‬‬
‫الصحفيين اليوم يستخدمون مواقع‬ ‫‪ 16 »of silence‬التي وضعتها إليزابيث‬
‫‪16‬‬
‫‪Noelle-Neumann, Elisabeth. «The spiral of silence a theory of public opinion.» Journal of communication‬‬
‫‪24, no. 2 (1974): 43- 51.‬‬
‫‪Weaver, David H., and Lars Willnat. «Changes in US journalism: How do journalists think about social‬‬
‫‪17‬‬

‫‪media?.» Journalism Practice 10, no. 7 (2016): 844- 855. https://bit.ly/3CBMU32‬‬

‫‪23‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫جمهور وسائل التواصل االجتماعي‪،‬‬ ‫التواصــل االجتماعــي للبحــث عن‬


‫«مج ّنــدا» بطريقة غيــر واعية يف‬ ‫أفــكار جديدة لقصصهــم الصحفية‪،‬‬
‫موجهة تختلق «الترند»‬
‫إطار حمالت ّ‬ ‫ما يعني أن التأثير أصبح معكوســا؛‬
‫لتستدرج قسما كبيرا من الصحفيين‬ ‫الصحفــي اليــوم هو مــن يخضع لـ‬
‫نحو خدمــة أجندتهــا‪ ،‬وأحيانا يف‬ ‫«الترند» ال من يصنعه‪.‬‬
‫إطــار «ترند» طبيعــي لكنه يتعلق‬
‫بموضوع هامشــي إلزاحــة مواضيع‬ ‫‪ -‬إذا كانــت الخوارزميــات ومحركات‬
‫هامة‪.‬‬ ‫البحــث تؤثــر يف شــكل املحتوى‬
‫ّ‬
‫يتدخل‬ ‫وآلية نشــره‪ ،‬فإن «الترنــد»‬
‫‪ -‬يمس «الترند» أحيانا باســتقاللية‬ ‫يف مســتوى مــا قبل الشــروع يف‬
‫الصحفي‪ ،‬إذ ال يحد فقط من قدرته‬ ‫إنتاج املحتوى (تحديد أجندة وسائل‬
‫ىلع اإلحاطــة بجوانــب موضوع ما‬ ‫اإلعالم)‪ ،‬وبالتالــي يتدخل يف أكثر‬
‫فحســب‪ ،‬بــل يحــدد لــه املوضوع‬ ‫مراحل العمل الصحفي حساسية‪.‬‬
‫يف املقــام األول‪ .‬كمــا أن بعــض‬
‫املواضيــع والقضايا الهامشــية لم‬ ‫‪ -‬رصــدت البحوث األكاديمية مؤخرا‪،‬‬
‫تكن غرف األخبــار لتتناولها لوال أنها‬ ‫انقالبــا يف النظريــة الكالســيكية‬
‫فرضت عليها بقوة وســائل التواصل‬ ‫حول أولويات وسائل اإلعالم (ترتيب‬
‫االجتماعي‪ .‬ويتع ّلــق األمر عادة بما‬ ‫األجندة ‪ )Agenda-Setting‬بســبب‬
‫يعــرف بوجبات األخبــار الخفيفة أو‬ ‫وســائل التواصــل االجتماعــي‪ .‬لقد‬
‫رغم‬‫السريعة (‪ )Junk News‬والتي ُت َ‬ ‫تحولت الصحافــة من دورها كمحدد‬
‫مؤسســات إعالميــة راســخة يف‬ ‫ألولويــات القضايــا التــي ينبغــي‬
‫املهنيــة‪ ،‬ىلع تناولها تماشــيا مع‬ ‫للجمهور التركيز عليها‪ ،‬إلى صحافة‬
‫«الترند»‪ ،‬وســعيا لتحقيق االنتشــار‬ ‫تنقاد إلى أولويات الجمهور ‪.18‬‬
‫الالزم الستمرار عملها‪.‬‬
‫‪ -‬تمكنت وسائل التواصل االجتماعي‬
‫‪ُ -‬يجبــر الصحفي بســبب «الترند»‬ ‫والجهــات القــادرة ىلع التالعــب‬
‫أحيانا ىلع فقدان املسافة الالزمة‬ ‫بـ «الترنــد» من توظيفه كوســيلة‬
‫تجــاه القضايا التــي ُيغطيها ليصل‬ ‫استباقية للوصول إلى الجمهور قبل‬
‫إلى درجــة تبنيها‪ ،‬وهذا ال إشــكال‬ ‫الصحافة‪ ،‬األمــر الذي قلص من قدرة‬
‫فيــه إن كانت القضية متعلقة بحق‬ ‫املؤسســات اإلعالميــة ىلع نشــر‬
‫رئيسي من حقوق اإلنسان‪ .‬لكن األمر‬ ‫الحقائق حول حدث ما‪.‬‬
‫يمتد أحيانا ليشمل حمالت شعبوية‬
‫ال عالقة لها بالصالح العام‪ .‬كما تحد‬ ‫‪ -‬يصبــح الصحفــي‪ ،‬تحــت مبــرر‬
‫هــذه الذهنيــة من قــدرة الصحافة‬ ‫مواكبــة «الترند» ومســايرة مطالب‬

‫‪18‬‬
‫‪Ilona Grzywińsk, The impact of social media on traditional media agenda setting theory – the case study‬‬
‫‪of Occupy Wall Street Movement in USA a University of Warsaw, Poland; and Jonathan Borden, University of‬‬
‫‪Florida, USA‬‬
‫‪24‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫نصائح أخالقية يف‬ ‫ىلع تقديم الحقائــق املوضوعية‬


‫التي أصبحت «مملــة» وفق قواعد‬
‫«املحتــوى الرائــج ‪»Viral Content‬‬
‫تعامل الصحفيين مع‬ ‫التــي فرضتها منصــات التواصل‪ ،‬أو‬
‫التي تصطدم مع االعتقاد الشعبوي‬
‫«الترند»‬ ‫السائد‪.‬‬

‫‪ .1‬تعامــل مــع «الترنــد» كســلطة‬ ‫‪ -‬تراجــع قيمة ومصداقية وســائل‬


‫جديدة تمارس رقابتها وتأثيرها ىلع‬ ‫اإلعــام املهنيــة لصالــح منصات‬
‫قصتك الصحفية وتسعى لتوظيفها‬ ‫رقميــة تابعــة لشــركات تجارية أو‬
‫لصالحهــا‪ ،‬تماما مثلمــا تتعامل مع‬ ‫تيارات سياســية ال تنضبط للقواعد‬
‫السلطات األخرى كالحكومات ورجال‬ ‫املهنيــة واألخالقية للصحافة‪ ،‬وهو‬
‫األعمال وغيرهم‪.‬‬ ‫ما أفقد عملية نشر األخبار قدسيتها‬
‫وضوابطها‪.‬‬
‫تحول بعــض القضايا أو الحمالت‪،‬‬
‫‪ّ .2‬‬
‫التــي تبــدو شــعبية أو فردية‪ ،‬إلى‬ ‫‪ -‬مواكبة الصحفــي لـ «الترند» يف‬
‫«ترنــد»‪ ،‬ال ينبغــي أن يمنعــك من‬ ‫قصصه الصحفية‪ ،‬قد يمنحه شعورا‬
‫طرح األســئلة األساســية حولها‪ :‬ما‬ ‫بـــ «االعتــراف» من الجمهــور‪ ،‬ذلك‬
‫خلفياتهــا؟ من املســتفيد منها؟‬ ‫ألن قصتــه الصحفيــة تتماهى مع‬
‫ما هو ســبب حدوثهــا يف توقيت‬ ‫اهتمامات الجمهــور ومن ثم تضمن‬
‫مع ّيــن؟ هل ثمة أطراف اســتغلتها‬ ‫لــه عــدد قــراءات أىلع ومتابعين‬
‫لصالحها؟‬ ‫أكثــر‪ .‬وهــذا مــا يجعــل عمليــة‬
‫«التغريد» خارج السرب مهمة شاقة‬
‫‪ .3‬ال تخش االتهامات والوصم السلبي‬ ‫للصحفييــن املوضوعييــن الذيــن‬
‫الذي يمكن أن يلحــق بك إن قدمت‬ ‫ينتجون قصصهم بنا ًء ىلع املعايير‬
‫مــادة صحفية تتعــارض مــع الرأي‬ ‫األخالقيــة واملهنيــة‪ ،‬والقيمــة‬
‫السائد يف «الترند» حول قضية ما‪،‬‬ ‫الخبرية لألحداث‪.‬‬
‫طاملا كانت بحوزتك أدلة موضوعية‪.‬‬
‫زخم «الترند» سيتالشــى‪ ،‬وسيدرك‬
‫الجميع أنك تعاملت بمهنية انطالقا‬
‫مــن واجبــك يف خدمــة املصلحة‬
‫العامة‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫والتزام قواعد املهنة‪ ،‬يعزز ســمعة‬ ‫‪ .4‬أن تكون القضية موضوع «الترند»‬
‫ومصداقيــة املؤسســة اإلعالميــة‪،‬‬ ‫عادلة وشرعية‪ ،‬ال ينبغي أن يمنعك‬
‫ويجعلها مصدرا موثوقا للمعلومة‪.‬‬ ‫مــن التعاطي مهنيا مع أي ســلوك‬
‫معيب يصدر عن أنصارها‪ ،‬كالتحريض‬
‫تحول‬
‫‪ .7‬ينبغــي عليك كصحفي أن ّ‬ ‫ىلع العنف أو نشر خطاب الكراهية‪.‬‬
‫«الترند» من مجرد فرصة لالشــتباك‬
‫مع «ما يريــده الجمهور»‪ ،‬إلى فرصة‬ ‫‪ .5‬تفاعلك مع مواضيع «الترند» يجب‬
‫لتأكيــد اســتمرار حاجــة الجمهــور‬ ‫دائما وفق قواعد وأخالقيات‬‫أن يتم ً‬
‫إليك‪ ،‬وتنبيه املتلقي إلى الســياق‪،‬‬ ‫مهنــة الصحافــة‪ ،‬ال وفق مــا يريده‬
‫واألبعــاد‪ ،‬واألغراض التــي يخدمها‬ ‫االتجــاه الســائد بيــن مســتخدمي‬
‫«الترنــد»‪ ،‬واملغالطــات التــي قــد‬ ‫وسائل التواصل االجتماعي ‪.19‬‬
‫ينطوي عليها‪.‬‬
‫‪ .6‬التم ّيــز يف التعاطي مع «الترند»‬
‫والحــرص ىلع أخــذ مســافة‬
‫مــن املواضيــع الســائدة‬

‫‪19‬‬
‫‪https://institute.aljazeera.net/ar/ajr/article/1447‬‬ ‫‪26‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫‪ .8‬احــرص دائمــا ىلع طرح ســؤال‬


‫«ملاذا؟» كلمــا تع ّلق األمر بـ «ترند»‬
‫جديد يفرض نفسه يف أجندة غرف‬
‫األخبار‪ .‬هــذه الخطوة األولى إلدخال‬
‫«الترنــد» داخل القوالــب املهنية‪،‬‬
‫و«ترويضه» عوض الخضوع له‪.‬‬

‫‪ .9‬تذكــر دائما أن الغايــة من عملك‬


‫الصحفي هي املساهمة يف خدمة‬
‫املجتمــع‪ ،‬وتوعية النقــاش العام‪،‬‬
‫ال أن تحصــل ىلع «متابعين» أكثر‪،‬‬
‫وبالتأكيد ليست الشهرة!‬

‫‪ .10‬إن كان تنــاول موضــوع «الترند»‬


‫ضروريا ومبــررا بمقتضــى االهتمام‬
‫اإلنساني‪ ،‬فيجب أن تنفذ معالجتك‬
‫ّ‬
‫وتوضح‬ ‫الصحفية إلى عمق املوضوع‬
‫أسباب االهتمام‪.‬‬

‫‪ .11‬صناعة «ترنــد» جديد أمر ممكن‪،‬‬


‫وذلــك عبــر إدراكك للقضايــا التــي‬
‫تهم الجمهــور‪ ،‬وإنجاز مادة صحفية‬
‫تحظــى بجاذبية لدى مســتخدمي‬
‫ّ‬
‫وتحثهم‬ ‫وسائل التواصل االجتماعي‪،‬‬
‫ىلع االنخراط يف النقاش حولها‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫نحو مقاربات أخالقية رقمية جديدة‬


‫د‪ .‬ياسر بشر – املدير السابق للقطاع الرقمي يف شبكة الجزيرة اإلعالمية‬

‫يقودنا هذا لســؤال يجب أن يناقش‬ ‫نحل إلكتروني؟‬


‫ْ‬
‫داخــل األوســاط الصحفيــة حــول‬
‫الكيفية التي يمكن بها تكييف أدوات‬ ‫يســــــــــتخدم ما ُيعرف بـ «الذباب‬
‫جذب االنتباه بشــكل ال يتعارض مع‬ ‫اإللكتروني» أدوات ناجعة تساعده‬
‫مبادئ الصحافة‪ .‬وتتأتى هذه األهمية‬ ‫يف جذب االنتباه حول محتوى ما‬
‫باعتبــار أن مهمة الصحافة ال تقتصر‬ ‫ىلع وسائل التواصل االجتماعي‪،‬‬
‫ىلع قول الحقيقة بل بضرورة ضمان‬ ‫وهذه األدوات تبدو يف ظاهرها‬
‫وصولهــا للجمهور‪ .‬والحــال اليوم أن‬ ‫متعارضة مع مبادئ الصحافة‪ .‬فعلى‬
‫وســائل التواصل االجتماعي أفقدت‬ ‫ســــــــــبيل املثال يستغل الذباب‬
‫املؤسســة الصحفية قرار تحديد ما‬ ‫اإللكتروني فكرة االنحياز التوكيدي‬
‫الذي ســيظهر ىلع «الشاشة» لدى‬ ‫‪)Confirmation‬‬ ‫(‪Bias‬‬
‫الجمهــور‪ ،‬وأصبحــت هــذه املهمة‬ ‫املوجــــــــــودة عند‬
‫منوطــة بالخوارزمية التــي تحولت‬ ‫املســــــــــتخدمين‬
‫إلى «مدير أخبار» يقرر ما يظهر ىلع‬ ‫ليستــــدرجهم نحو‬
‫«التايم الين» وما ال يظهر‪.‬‬ ‫دعايته بعد أن يقدم‬
‫لهم ما يكفي لجذب‬
‫بناء ىلع ما ســبق‪ ،‬يجــب علينا أن‬
‫انتباههم‪ ،‬ويستخدم‬
‫نعيد النظر يف أدوات جذب االنتباه‬
‫بذلك أساليب وأدوات‬
‫والتغ ّلــب ىلع الخوارزميــات‪ ،‬ذاتها‬
‫فعالة تؤمن لهم وصوال‬
‫التي يستخدمها الذباب اإللكتروني‪،‬‬
‫أكبر للجمهور‪.‬‬
‫ونضع لها قواعد تضمن استخدامها‬
‫بشــكل أخالقي يخــدم الصحفيين‪.‬‬
‫وإن أردنــا أن نطرح ســؤاال‪ ،‬قد يبدو‬
‫متطرفا بعض الشــيء‪ ،‬وهو ملاذا ال‬
‫يكون للمؤسسات الصحفية حسابات‬
‫آلية ‪ Social Media Bots‬كتلك التي‬
‫يســتخدمها الذبــاب اإللكترونــي‬
‫للتأثير يف الــرأي العام‪ ،‬لغاية ترويج‬
‫األخبــار الصحيحة حــول األحداث؟‬
‫فهــذه األدوات يف نهايــة األمر‬
‫هي كالســاح‪ ،‬يستخدم ألهداف‬
‫إجراميــة كما يســتخدم ألهداف‬
‫حماية املجتمع وتحقيق السلم‪.‬‬ ‫‪28‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫الدقيقــة‪ ،‬وبشــكل يضمــن وجــود‬ ‫الواقــع أن املؤسســات الصحفيــة‬


‫محتواها ضمن الخوارزمية املتعلقة‬ ‫ال تســتخدم هــذه األدوات ألنهــا‬
‫بتلك القضية‪.‬‬ ‫تعتبرها أدوات غيــر أخالقية‪ ،‬وهذا‬
‫فهــم خاطــئ؛ إذ إن البعــد غيــر‬
‫مدير غرفة األخبار الرقمية اليوم يجب‬ ‫األخالقي هنا هو يف الكيفية التي‬
‫أن يتوفر ىلع حس وأدوات معرفية‬ ‫اســتخدمت بها‪ ،‬وليس يف األدوات‬
‫تختلف عن التــي يتوفر عليها مدير‬ ‫نفسها التي ال مشكلة فيها‪ .‬فقيمة‬
‫غرفة األخبار التقليدية‪ ،‬ليتمكن من‬ ‫الصحافة تتجلــى بعملية التثقيف‪،‬‬
‫العمل ضمن معادلة ال تبقيه متأخرا‬ ‫إال أن املحتوى التثقيفي الذي تنجزه‬
‫عن اهتمامات الجمهــور وتضمن له‬ ‫الصحافة لغايــة رفع وعي املجتمع‬
‫الدقــة قدر اإلمكان‪ .‬فضــرورة وصول‬ ‫كاف‬
‫بما يحيط به‪ ،‬ال يصله بشــكل ٍ‬
‫املعلومــة للجمهور ال تقــل أهمية‬ ‫بسبب الخوارزميات‪.‬‬
‫عــن ضــرورة دقتها‪ .‬فمثــا؛ لو تأكد‬
‫الصحفي بنسبة ‪ %90‬من دقة الخبر‪،‬‬ ‫يقودنــا ذلــك أيضــا لطــرح ســؤال‬
‫وكان ذلك الخبر ال ينطوي ىلع تأثير‬ ‫جوهــري‪ :‬كيــف يمكن للمؤسســات‬
‫تحريري كبير‪ ،‬حينها يمكن للصحفي‬ ‫الصحفية أن توسع قاعدة جمهورها‬
‫املضي يف نشر الخبر‪ ،‬ثم املتابعة‬ ‫بشــكل يجعل املحتــوى يصل أبعد‬
‫يف تصحيحه لو طرأ أي جديد‪ ،‬سعيا‬ ‫مــن القاعدة التــي تتابعها بالفعل‬
‫لتحقيق التوازن املطلوب بين الدقة‬ ‫ىلع منصات التواصل االجتماعي؟‬
‫واآلنية‪.‬‬

‫ال يمكن ملدير غرفة األخبار الرقمية‬ ‫الدقة أم اآلنية؟‬


‫أن ينتهج ذات القواعد الصارمة التي‬
‫تنتهجها غــرف األخبــار التقليدية‬ ‫تعمل املؤسسات املهنية الصحفية‬
‫التــي تمتنــع عــن نشــر املعلومة‬ ‫عنــد تناولهــا األحــداث اآلنية ضمن‬
‫قبــل التأكد مــن دقتهــا ‪ ،%100‬ألن‬ ‫نمــوذج يتوخــى الدقــة‪ .‬إال أن هذه‬
‫ذلك سيفقده مواكبة «الترند»‪ ،‬ولن‬ ‫األخيرة (الدقة) طغت ىلع اآلنية مما‬
‫يصــل محتواه للجمهــور يف الوقت‬ ‫خلق معادلة صعبة؛ ُتك ّلف املؤسسات‬
‫املناســب‪ ،‬وبالتالي تفقد الوســيلة‬ ‫الصحفيــة ضريبة عــدم الوصول إلى‬
‫اإلعالمية انتشارها‪.‬‬ ‫الجمهــور الرقمــي يف الوقــت الذي‬
‫يكون فيه بحاجة للمعلومة‪.‬‬
‫ىلع غرف األخبــار الرقمية اليوم أن‬
‫تصل لتوليفة معينة تضمن لها قدرة‬ ‫لذا يجــب ىلع غرف األخبار الرقمية‬
‫ىلع التعاطــي مع هــذه املعادلة‬ ‫أن تعمل وفق معادلة تضمن مواكبة‬
‫الصعبــة بشــكل يضمــن حفــاظ‬ ‫«الترند» حول أي قضية جديدة دون‬
‫املؤسسة الصحفية ىلع مكانتها‪.‬‬ ‫تأخيــر يف الوقت الــذي يكون فيه‬
‫الجمهــور بأمس الحاجــة للمعلومة‬
‫‪29‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫الباب الثالث‪:‬‬
‫أزمة الشفافية‪..‬‬
‫حذف وتعديل‬
‫املحتوى الرقمي‬

‫‪30‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫حذفــه نهائيا‪ ،‬نابعا مــن متطلبات‬ ‫حين ينشر املحتوى ىلع أي وسيلة‬
‫موضوعية‪ ،‬كالتراجع عن محتوى غير‬ ‫إعالميــة‪ ،‬يصبح جزءا من «الســجل‬
‫صحيــح أو غير دقيق‪ ،‬فــإن اإلقدام‬ ‫العــام» (‪ ،)Public Record‬وهــو ما‬
‫ىلع هــذه الخطــوة دون إطــاع‬ ‫يفــرض ىلع املؤسســة صاحبــة‬
‫املتلقي ىلع هذا القرار أو تفسيره‬ ‫امللكيــة الفكرية‪ ،‬إشــراك املجتمع‬
‫له‪ ،‬يعتبر إخــاال بتعاقدات أخالقية‬ ‫يف أي تعديــل أو حــذف لهــذا‬
‫بين املؤسسة اإلعالمية وجمهورها؛‬ ‫املحتوى‪.‬‬
‫خاصة إذا ما ســاهم ذلــك املحتوى‬
‫يف بناء قناعات أو اتخاذ قرارات لدى‬ ‫قديمــا كانت عمليــة التصحيح بعد‬
‫الجمهور‪ ،‬أو اس ُتعين به كمصدر‪.‬‬ ‫الوقوع يف الخطــأ‪ ،‬تخضع لضوابط‬
‫قانونيــة وأخالقيــة صارمــة جــدا‪.‬‬
‫فالصحــف الورقيــة كانــت ملزمــة‬
‫املعضلة األخالقية‬ ‫بقواعــد دقيقــة يف التصحيــح‪،‬‬
‫كاإلشــارة إلــى الخطأ وتاريخ نشــره‬
‫من املبــادئ األساســية ألخالقيات‬ ‫ومكانــه‪ ،‬ثم نشــر التصحيــح (ذات‬
‫الصحافــة‪ ،‬أن يكــون الصحفــي‬ ‫الصفحــة‪ ،‬ذات املكان‪ ،‬ذات الحجم)‪.‬‬
‫يعمــل‬ ‫التــي‬ ‫واملؤسســة‬ ‫األمــر نفســه كان ينطبــق ىلع‬
‫لديهــا خاضعيــن للمســاءلة‬ ‫التلفزيونات واإلذاعات ببث التصحيح‬
‫(‪ )Accountability‬مــن جانــب‬ ‫يف نفــس التوقيــت ويف نفــس‬
‫«ســلطة» فريــدة مــن نوعها هي‬ ‫البرنامج لضمان وصوله إلى املتلقي‬
‫املواطن‪.‬‬ ‫نفسه الذي استهلك الخطأ‪.‬‬

‫وتعــد آليــة التصحيح واالســتدراك‬ ‫أما اليوم وبعد دخول العصر الرقمي‪،‬‬
‫من أهم الوســائل املستخدمة يف‬ ‫فتطــرح عمليــة تعديــل املحتوى‬
‫ضبط هذه العالقة بين املؤسســة‬ ‫املنشور أو إخفائه أو حذفه معضالت‬
‫اإلعالميــة واملواطنين‪ ،‬ىلع اعتبار‬ ‫أخالقيــة جديــدة‪ ،‬ال ســيما أن هذه‬
‫أن وجــود الصحافــة يف األعــراف‬ ‫العملية أصبحت غاية يف السهولة‪.‬‬
‫الديمقراطية هو لتمكين املواطنين‬ ‫وبالنظــر إلــى الغايــات السياســية‬
‫من معلومات صحيحة ودقيقة‪.‬‬ ‫والتجارية والشخصية التي يمكن أن‬
‫تقف وراء نشــر أو عدم نشر محتوى‬
‫لكن هذه العالقــة تحتاج إلى تأطير‬ ‫إعالمي معين‪ ،‬فإن األمر بات ينطوي‬
‫وقواعد تحمي الجمهور من إمكانية‬ ‫ىلع إشكالية أخالقية كبيرة ‪.20‬‬
‫التالعب باملحتوى الذي سبق نشره‬
‫بالتعديــل أو الحــذف‪ ،‬وتحمي أيضا‬ ‫حتــى يف الحــاالت التــي يكــون‬
‫مهنيــة الصحفي واســتقالليته من‬ ‫فيهــا قــرار تعديــل محتــوى ما أو‬
‫‪20‬‬
‫‪https://caj.ca/blog/ethics-unpublishing‬‬

‫‪31‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫واملراسلين ىلع القيام باملثل‪.‬‬ ‫األهواء والرغبات املنفعلة للجموع‪،‬‬


‫ألن اعتبار سلوك ما الئقا أو غير الئق؛‬
‫‪ -‬وضع سياســة تشجع ىلع اإلخبار‬ ‫قد يختلــف يف تقديــره الصحفي‬
‫باألخطــاء التــي وقعــت واملبادرة‬ ‫واملواطن ‪.21‬‬
‫إلــى تصحيحهــا‪ ،‬من خــال تحفيز‬
‫املبلغين عــن أخطائهــم والتنويه‬ ‫وقــد أثبتــت الدراســات العلميــة‬
‫بهــم‪ ،‬واتخاذ إجــراءات تأديبية يف‬ ‫املســتندة إلــى عينــات ممثلة من‬
‫حق من يتستر عليها‪.‬‬ ‫الصحفيين‪ ،‬أن بيئــة العمل الرقمية‬
‫تجعــل الصحفيين أقــل حرصا ىلع‬
‫‪ -‬وضــع قنــوات ســريعة وســهلة‬ ‫تدقيق املحتوى‪ ،‬وأكثر تســرعا يف‬
‫ملعالجــة األخطــاء واتخاذ قــرارات‬ ‫النشــر بهدف الوصول إلى املتلقي‬
‫التصحيــح وإدراجهــا ضمــن املواد‪،‬‬ ‫أوال‪ ،‬مع التعويل مسبقا ىلع إمكانية‬
‫يتحــول اإلبالغ عــن وجود‬
‫ّ‬ ‫حتــى ال‬ ‫التعديل أو تصحيح األخطاء الحقا ‪.22‬‬
‫خطأ إلى ورطة ومضيعة للوقت‪.‬‬

‫‪ -‬جعــل مســألة تصحيــح األخطاء‬ ‫خالصة تجربة‬


‫ممارســة مهنية مثلهــا مثل باقي‬
‫الوظائــف‪ ،‬بتخصيــص اجتماعــات‬ ‫خلــص الخبيــر الصحفــي كريــغ‬
‫محــددة ملناقشــة األخطــاء التي‬ ‫ســيلفرمان‪ ،‬بعد تجربتــه املعمقة‬
‫وقعت وكيف تــم تصحيحها والثناء‬ ‫يف هــذا املجال إلــى وضع وصفة‬
‫ىلع املصححين‪.‬‬ ‫اعتبرهــا ناجحــة يف تعاطــي‬
‫املؤسســات اإلعالمية مع األخطاء‪،‬‬
‫وتتكون من العناصر التالية ‪:23‬‬
‫الشفافية واالعتذار‪..‬‬
‫‪ -‬تبنــي نمــوذج االعتــراف بالخطأ‬
‫هل يجديان دائما؟‬ ‫داخــل غــرف األخبــار مــن أىلع‬
‫الســلم الوظيفي‪ ،‬عبر حرص مديري‬
‫• نظر ًيا‪ ،‬يسود االعتقاد بأن االعتراف‬ ‫التحريــر ىلع االعتــراف بأخطائهم‬
‫بالخطــأ وتصحيحــه يعزز مــن ثقة‬ ‫وتصحيحهــا‪ ،‬بــل وتحويلهــا إلــى‬
‫الجمهــور يف املنصــة اإلعالميــة‪،‬‬ ‫لحظــات للتعلم والبحث عن ســبب‬
‫فاالدعاء بنشر الحقائق بشكل دائم‬ ‫الوقــوع يف الخطــأ مــن أجل عدم‬
‫وعدم ارتــكاب أي خطأ يعتبر موجبا‬ ‫تكــراره‪ ،‬وتشــجيع باقــي املحررين‬

‫‪21‬‬
‫’‪Karlsson, Michael, Christer Clerwall, and Lars Nord. «Do not stand corrected: Transparency and users‬‬
‫‪attitudes to inaccurate news and corrections in online journalism.» Journalism & Mass Communication‬‬
‫‪Quarterly 94, no. 1 (2017): 148167-.‬‬
‫املصدر السابق‬ ‫‪22‬‬

‫‪23‬‬
‫‪https://www.americanpressinstitute.org/publications/reports/strategy-studies/digital-corrections/‬‬
‫‪32‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫• هذا التســامح ال يصمد أمام الخطأ‬ ‫للشــك يف نزاهة املنصة اإلعالمية‬


‫الفــادح‪ ،‬إذ تبيــن هــذه الدراســة‬ ‫عكس ما يمكن أن يعتقده البعض‪.‬‬
‫أن العبــرة ليســت بالتصحيــح‪ ،‬بــل‬
‫يف حجــم الخطــأ‪ ،‬فــا يتقبــل‬ ‫• تميل املمارسات الفضلى لتصحيح‬
‫املستخدمون األمر حين يكون الخطأ‬ ‫األخطــاء التي يتب ّيــن وجودها بعد‬
‫كبيرا وإن صحح الحقا ‪.26‬‬ ‫نشــر املحتوى‪ ،‬إلى االعتراف بالخطأ‬
‫واإلعــان عنه كــي يتــدارك القارئ‬
‫• هنــاك تيــار آخــر يعتبــر نشــر‬ ‫املوقــف‪ .‬كمــا يتــم اإلعــان عــن‬
‫املؤسســات املهنيــة تصحيحا عن‬ ‫التصحيح‪ ،‬مــع االعتذار عــن الخطأ‪،‬‬
‫يقــوض من‬
‫ّ‬ ‫كل خطــأ ُيرتكــب‪ ،‬قد‬ ‫وهو مــا يعزز الثقة يف املؤسســة‬
‫مصداقيــة املؤسســة يف عيــون‬ ‫اإلعالمية ‪.24‬‬
‫الجمهور‪ ،‬ويجعل كل مادة تنشــرها‬
‫تخضــع الحتمــال ّأاّل تكــون دقيقة‬ ‫• لكــن دراســة علميــة أجريت يف‬
‫وبانتظار تصحيحها‪ .‬هــذا التيار يرى‬ ‫السويد وشملت ع ّينة تضم أكثر من‬
‫أنــه ىلع املؤسســات اإلعالميــة‬ ‫ألفي شخص ممن تفوق أعمارهم ‪16‬‬
‫اتخاذ قرار نشــر االعتــذار بنا ًء ىلع‬ ‫عاما‪ ،‬حاولت رصد مواقف وانطباعات‬
‫تقييم واضح لخطورة الخطأ‪.‬‬ ‫القراء حــول الخطــأ والتصحيح يف‬
‫املحتوى اإلعالمــي‪ ،‬وكانت النتيجة‬
‫أن األغلبية الساحقة يعارضون فكرة‬
‫نصائح عملية‪:‬‬ ‫التضحيــة بالدقــة يف املعلومات‬
‫مقابــل الحصــول ىلع املحتــوى‬
‫بشكل أسرع ‪.25‬‬
‫• ينبغي أن تكون املؤسســات‬
‫اإلعالميــة واعيــة بــأن نشــر‬
‫• يع ّبر القــراء املســتطلعة آراؤهم‬
‫املحتوى يعد بمثابة مســاهمة‬
‫يف هــذه الدراســة‪ ،‬عــن قــدر من‬
‫يف كتابــة التاريــخ‪ ،‬أما تعديله‬
‫التسامح يف حال تع ّلق األمر بأخطاء‬
‫أو إخفــاؤه‪ ،‬فيعد إعــادة كتابة‬
‫بســيطة تصحح الحقا‪ ،‬حيث تصبح‬
‫للتاريخ‪ ،‬ويجب أن تتصرف ىلع‬
‫الشفافية مع القراء ذات أثر إيجابي‪،‬‬
‫هذا األساس‪.‬‬
‫ويزيد تقديرهم وترتفع ثقتهم يف‬
‫املؤسسة اإلعالمية‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪https://caj.ca/ethics-guidelines‬‬
‫‪25‬‬
‫’‪Michael Karlsson, Christer Clerwall, and Lars Nord; Do Not Stand Corrected: Transparency and Users‬‬
‫‪Attitudes to Inaccurate News and Corrections in Online Journalism, Journalism & Mass Communication‬‬
‫‪Quarterly, Downloaded from jmq.sagepub.com at Karlstad Universitet on August 22, 2016.‬‬
‫‪26‬‬
‫’‪Michael Karlsson, Christer Clerwall, and Lars Nord; Do Not Stand Corrected: Transparency and Users‬‬
‫‪Attitudes to Inaccurate News and Corrections in Online Journalism, Journalism & Mass Communication‬‬
‫‪Quarterly, Downloaded from jmq.sagepub.com at Karlstad Universitet on August 22, 2016.‬‬

‫‪33‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫• حين تتعارض مبادئ أخالقية‬ ‫ّ‬


‫حــل املعضلــة املرتبطــة‬ ‫•‬
‫مثل الدقة والتوازن والشــفافية‬ ‫بالحذف يكمن يف اإلبقاء ىلع‬
‫مــع مصلحة القــراء‪ ،‬فــإن األمر‬ ‫العنصــر اإلنســاني يف العمــل‬
‫يستدعي تطوير سياسة داخلية‬ ‫الصحفي‪ .‬الوصفة باختصار هي‬
‫خاصــة تتضمن عمليــة تقييم‬ ‫وضع أقصى ما يمكن من القواعد‬
‫أخالقــي ‪Moral Reasoning‬‬ ‫واالحتياطات لتجنب الوقوع يف‬
‫تستند إلى معايير مهنية متفق‬ ‫الخطأ‪ ،‬ويف حال وقوعه ينبغي‬
‫حولهــا‪ ،‬دون االكتفــاء باالنحياز‬ ‫االعتراف به وتصحيحه واالعتذار‬
‫لخيار واحد‪.‬‬ ‫عنه بكل وضوح وشفافية‪.‬‬

‫• تراجع املؤسســات اإلعالمية‬ ‫طــورت بعــض املؤسســات‬ ‫ّ‬ ‫•‬


‫وحذف أي محتوى عبر حساباتها‬ ‫اإلعالميــة سياســات وضوابط‬
‫هــو آخر قرار يمكــن اتخاذه بعد‬ ‫للتعامل مع املحتوى املنشــور‪،‬‬
‫وصولــه إلى الجمهــور‪ .‬ال تتمتع‬ ‫وآلية التعديــل والتصحيح دون‬
‫املؤسســة بحريــة مطلقة يف‬ ‫الحــذف‪ ،‬مــع إخبــار الجمهــور‬
‫التصــرف باملحتوى بعد نشــره‬ ‫بالتغييــر الذي طــال املحتوى‪.‬‬
‫إال يف حــاالت خاصة مثل وقوع‬ ‫ويعتبــر ذلك حال وســطا يج ّنب‬
‫األخطــاء الفادحة أو التشــهير‬ ‫املؤسســات االختيــار بيــن‬
‫أو اختــراق حســابها‪ .‬أفضــل‬ ‫االحتفــاظ باملحتوى بعد ثبوت‬
‫طريقــة لتصحيح خطــأ ما يف‬ ‫خطئه وبين الحذف التام ‪.27‬‬
‫تغريــدة ىلع تويتــر‪ ،‬هو نشــر‬
‫التصحيــح كــرد ىلع التغريدة‬ ‫• عندمــا تتلقــى املؤسســة‬
‫األصليــة (‪ ،)Quote Tweet‬حتى‬ ‫اإلعالمية رسالة تطالبها بحذف‬
‫يطلــع املســتخدم ىلع الخطأ‬ ‫محتوى ما‪ ،‬فإن التعامل مع هذا‬
‫وتصحيحه يف الوقت نفسه‪.‬‬ ‫الطلب ال ينبغي أن يقتصر ىلع‬
‫معيار الحقيقة والدقة فقط‪ ،‬بل‬
‫• إذا كان األمــر يتع ّلــق بخطــأ‬ ‫يجب األخذ بعين االعتبار تعبير‬
‫بســيط‪ ،‬كأخطاء الرقــن التي ال‬ ‫طرف خارجي عن تع ّرضه للضرر‬
‫تؤثر يف املعنى‪ ،‬وتم اكتشافه‬ ‫جراء هذا املحتوى‪ ،‬وتعديله إن‬
‫بعــد تفاعل املســتخدمين مع‬ ‫أمكن‪ ،‬بما يخفــف هذا الضرر وال‬
‫املحتــوى‪ ،‬يستحســن تجنــب‬ ‫ّ‬
‫يخل باملادة ‪.28‬‬
‫الحذف‪ ،‬ألن ضرر هــذا النوع من‬
‫األخطاء أقل من ضرر الحذف‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪https://corp.voxmedia.com/ethics/‬‬
‫‪28‬‬
‫‪https://ethics.journalists.org/topics/removing-material-from-your-archives/‬‬

‫‪34‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫• عنــد تعديل محتوى منشــور‬


‫عبر فيسبوك مثال‪ ،‬فإن السلوك‬
‫األخالقي يقتضــي اإلعالن عن‬
‫هــذا التعديــل وتفســيره يف‬
‫نهاية املنشور تجنبا ألي لبس‪.‬‬

‫• قــرارات التعديــل والحــذف‬


‫يجب أن تحتكــم إلى االعتبارات‬
‫املهنيــة‪ .‬عــدم وجــود قاعدة‬
‫قانونيــة أو أخالقيــة ال يعنــي‬
‫االنســياق لألهــواء‪ ،‬أو الخضوع‬
‫لضغوط الســلطات أو املعلنين‬
‫أو العالقات الشخصية للناشر أو‬
‫مدير التحرير‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫الباب الرابع‪:‬‬

‫أخالقيات التعامل مع‬


‫املحتوى الذي ينتجه‬
‫املستخدم (‪)UGC‬‬

‫‪36‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫ما حاجة الصحفيين‬ ‫تعريف‪:‬‬


‫إلى املحتوى الذي‬ ‫يقصــد باملحتــوى الــذي ينتجــه‬
‫املســتخدم‪ ،‬كل محتوى ينشــر عبر‬
‫اإلنترنت (تغريدة‪ ،‬معلومات‪ ،‬مدونات‪،‬‬
‫ينتجه املستخدم؟‬ ‫صور‪ ،‬مقاطع فيديو) من قبل شخص‬
‫ال يحتــرف مهنة الصحافــة‪ ،‬ويحمل‬
‫‪ -‬ســاعد هذا املحتوى املؤسســات‬
‫(أي املحتوى) قيمــة خبرية تجعله‬
‫الصحفية ىلع الوصول إلى مناطق‬
‫صالحا لالســتعمال املهني من قبل‬
‫لم يتمكن مراسلوها من الوصول لها‪،‬‬
‫مؤسسة صحفية‪.‬‬
‫ومزيدا‬
‫ً‬ ‫مزيدا مــن التوثيق‬
‫ً‬ ‫ما يعنى‬
‫من الرقابة ضد االنتهاكات‪.‬‬
‫وقــد أصبــح املحتوى الــذي ينتجه‬
‫‪ -‬يساعد يف تشجيع الجمهور ىلع‬ ‫املســتخدم ىلع شــبكات التواصل‬
‫توثيق مــا يشــاهدونه‪ ،‬القتناعهم‬ ‫االجتماعــي (‪ ،)UGC‬مــن املصــادر‬
‫بأن ذلــك املحتوى ســيجد طريقه‬ ‫الرئيســية يف إنتاج املحتوى داخل‬
‫إلى الرأي العام عبر وســائل اإلعالم‪،‬‬ ‫غرف األخبار‪.‬‬
‫وهو ما عزز ثقة الجمهور يف وسائل‬
‫كحام لحقوقه‪ ،‬وســاهم يف‬ ‫اإلعالم‬ ‫ما نعيشه اليوم من مساهمة مباشرة‬
‫ٍ‬ ‫للمستخدمين يف تزويد الصحفيين‬
‫توثيــق أحــداث كبيــرة‪ ،‬وانتهاكات‬
‫كانت «ستموت يف الظالم»‪.‬‬ ‫بمواد خام أصيلــة (معلومات‪ ،‬صور‪،‬‬
‫مقاطــع فيديــو) جعــل املواطــن‬
‫‪ -‬يوثق عالقة املؤسســة الصحفية‬ ‫العــادي عنصــرا أساســيا يف إنتاج‬
‫بالجمهــور؛ ال ســيما إن اقتنــع هذا‬ ‫املحتوى الصحفي‪ ،‬وهي الحالة التي‬
‫األخيــر بأن وســائل اإلعــام تتبنى‬ ‫ســاهمت بظهور مصطلح «صحافة‬
‫القضايــا التــي يهتم بهــا عبر دمج‬ ‫أحيــان كثيرة ينتج‬
‫ٍ‬ ‫املواطــن»‪ .‬يف‬
‫املحتــوى الذي ينتجــه يف موادها‬ ‫هــذا املحتوى من قبل املســتخدم‬
‫الصحفية يف احترام تــام للمعايير‬ ‫دون نية مســبقة ألن يكون محتوى‬
‫األخالقية واملهنية‪.‬‬ ‫إعالميا أو رائجا‪ .‬فقد يتحول محتوى‬
‫هاو يف وقت ومكان‬‫صوره شــخص ٍ‬ ‫ّ‬
‫يؤمــن للجمهــور آليــة لتجــاوز‬
‫‪ّ -‬‬ ‫مناسبين إلى مادة خام أساسية يف‬
‫السياســات التحريرية التــي تمتنع‬ ‫توثيق األحداث ‪.29‬‬
‫أحيانــا عــن نشــر محتــوى أو مواد‬
‫معينة بســبب الضغوط أو التحيزات‬
‫السياســية لغرف األخبــار‪ ،‬وبالتالي‬ ‫‪Kadia Tubman, How Newsrooms Use User‬‬
‫‪29‬‬

‫‪Generated Content, Reuters Institute Journalist‬‬


‫يصبــح الجمهور طرفــا يف تحديد‬ ‫‪Fellowship Paper University of Oxford, December‬‬
‫‪2018, Michaelmas Term 2018, Sponsor: Reuters‬‬
‫«األجندة» العامة يف املجتمع‪.‬‬ ‫‪Institute for the Study of Journalism‬‬

‫‪37‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫املعضالت األخالقية‪:‬‬
‫‪ -‬معضلة حارس البوابة‪ :‬بســبب‬ ‫يثيــر اعتماد املؤسســات الصحفية‬
‫منصات التواصل االجتماعي‪ ،‬فقدت‬ ‫ىلع املحتــوى الــذي ينتجــه‬
‫الصحافــة دورها التقليــدي كحارس‬ ‫املســتخدم‪ ،‬العديد من اإلشكاليات‬
‫بوابة يحدد القضايا التي ينبغي أن‬ ‫األخالقيــة حــول دقــة مضمونــه‪،‬‬
‫يعــي بها الجمهــور‪ .‬أصبح الجمهور‬ ‫وتــوازن الروايــات‪ ،‬واحتــرام الحياة‬
‫قادرا ىلع أن يتنــاول القضايا التي‬ ‫الخاصة‪ ،‬وحماية املســتخدمين من‬
‫يريد بالشــكل الذي يريد دون انتظار‬ ‫التعرض لألذى‪.‬‬
‫تغطيتها صحفيًا‪ .‬هذه الحالة تطرح‬
‫ســؤاال أخالقيــا حول الــدور الجديد‬ ‫ويمكــن أن نجمــل أبــرز املعضالت‬
‫املناط بوسائل اإلعالم‪ ،‬كالتأكد مما‬ ‫األخالقيــة التي يطرحها اســتخدام‬
‫ينشــر ىلع تلك املنصــات وتوعية‬ ‫املحتــوى الذي ينتجه املســتخدم‬
‫الجمهور باملحتوى الزائف واملؤذي‪،‬‬ ‫يف املحتــوى الصحفي ىلع النحو‬
‫وكذلك شــرح الســياقات واألهداف‬ ‫التالي‪:‬‬
‫التــي ربما تقــف وراء ترويج القضايا‬
‫التي تهم الجمهور‪.‬‬ ‫‪ -‬معضلــة امللكيــة الفكريــة‪:‬‬
‫هــل يعتبــر املحتــوى املنشــور‬
‫‪ -‬معضلة «املواطــن الصحفي»‪:‬‬ ‫ىلع املنصــات الرقميــة ومنصات‬
‫يف كثير من األحيان يفتقر املحتوى‬ ‫التواصل االجتماعي «مشــاعا» يحق‬
‫الــذي ينتجــه املســتخدم العادي‬ ‫للمؤسســات الصحفية استخدامه؟‬
‫للمعاييــر املهنية إلنتاجه بشــكل‬ ‫أم يجب أخذ اإلذن بذلك؟‬
‫عفوي من قبل أشــخاص غير ملمين‬
‫غالبــا بتلــك املعايير‪ .‬ويكــون دور‬ ‫‪ -‬معضلة «الشــرارة األولى»‪ :‬عادة‬
‫املؤسســة الصحفية هنا هو تقويم‬ ‫ما تستخدم وسائل اإلعالم املحتوى‬
‫املحتوى وضبطه مهنيا‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫الذي ينتجه املســتخدم إذا انتشــر‬
‫القيــام بحمــات توعيــة باملعايير‬ ‫بشــكل كبير (‪ )Viral‬ىلع املنصات‬
‫األخالقيــة بهــدف جعــل محتوى‬ ‫الرقمية‪ ،‬لكن يجــب ىلع الصحفي‬
‫املستخدمين أكثر مهنية‪.‬‬ ‫البحــث عــن أول من نشــره (مطلق‬
‫الشــرارة) وفهم السياقات واألهداف‬
‫‪ -‬معضلــة املواثيــق املهنيــة‪:‬‬ ‫التي تحكمت يف نشــره‪ :‬هل ُنشــر‬
‫تؤطــر املؤسســات الصحفيــة‬ ‫بشــكل عفوي أم يشــكل جــزءًا من‬
‫عمــل صحفييهــا بمواثيــق مهنية‬ ‫«بروباغانــدا ممنهجــة»؟ كــي ال‬
‫وأخالقيــة تضمــن حفاظهم ىلع‬ ‫يســقط الصحفــي يف فــخ خدمة‬
‫قانونية ومهنيــة ما ينتجونه‪ .‬إال أن‬ ‫أجندات معينة‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫• تعتبر بعض العقــود التي تبرمها‬ ‫منتجي املحتوى من غير الصحفيين‬


‫مؤسسات صحفية مع املستخدمين‬ ‫(املواطنيــن الصحفييــن) الذيــن‬
‫الذيــن ينتجــون املحتــوى‪ ،‬بمثابة‬ ‫تستند عليهم املؤسسات الصحفية‬
‫«عقــود إذعان»‪ ،‬حيث يحررها طرف‬ ‫يف قصصهــا‪ ،‬ال يتوفــرون ىلع أية‬
‫واحد ثــم يفرضهــا ىلع طرف آخر‬ ‫حماية أو تأطير معرفيين لحمايتهم‬
‫يوجــد يف موقــع ضعــف وانعدام‬ ‫من املساءلة ‪ .30‬وهو ما يطرح سؤاال‬
‫اإلرادة‪ ،‬تحرم املســتخدم من حقوق‬ ‫حول العالقة التشــاركية التي يجب‬
‫امللكية الفكرية ‪.31‬‬ ‫أن تبنيها املؤسسات مع املستخدم‬
‫باعتباره مصدرا للمعلومة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪Sözeri, Ceren. «Ethical Challenges for User-Generated Content Publishing: Comparing Public Service‬‬
‫‪Media and Commercial Media.» Online Credibility and Digital Ethos: Evaluating Computer-Mediated‬‬
‫‪Communication, edited by Moe Folk and Shawn Apostel, IGI Global, 2013, pp. 302- 315.‬‬
‫‪http://doi:10.40188-2663-4666-1-978/.ch017‬‬

‫‪ 31‬املصدر السابق‬

‫‪39‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫‪ .2‬كشفت دراسة قارنت سلوك بعض‬ ‫ممارسات فضلى‬


‫املؤسســات اإلعالميــة العموميــة‬
‫العريقة‪ ،‬بمؤسسات إعالمية تجارية‬
‫تتمتــع بقــدر كبيــر مــن االنتشــار‬
‫يف التعاطي مع‬
‫واملصداقيــة‪ ،‬أن جل املؤسســات‬
‫تعمــل ىلع إلــزام املســتخدمين‬ ‫املحتوى الذي ينتجه‬
‫بتقديــم معطيــات شــخصية قبل‬
‫اســتعمال املحتــوى الــذي أنتجوه‪.‬‬ ‫املستخدم‬
‫يحتــاج تعامــل املؤسســات‬
‫الصحفية مــع املحتوى الذي ينتجه‬
‫املســتخدم‪ ،‬وضــع معاييــر مهنية‬
‫توضح نطاق تعامل الصحفيين معه‪،‬‬
‫والكيفيــة التي يجب أن يســتخدم‬
‫بهــا (املحتــوى) لضمــان التزامهم‬
‫باملبادئ املهنيــة كنقل الحقيقة‬
‫وعــدم إلحــاق األذى والتــوازن يف‬
‫عرض وجهات النظر وغيرها‪.‬‬

‫وهــذه بعــض املمارســات الفضلى‬


‫التي خلصت إليها بعض املؤسسات‬
‫اإلعالمية واملؤسسات البحثية‪:‬‬

‫‪ .1‬حاولت بعض املؤسسات اإلعالمية‬


‫وذلــك للتأكــد مــن مــكان إقامــة‬ ‫تجاوز اإلشكاالت القانونية واألخالقية‬
‫املستخدم وســ ّنه تجنبا ألي تعامل‬ ‫التي يطرحهــا اســتعمال املحتوى‬
‫غيــر مقصود مــع أدلــة أو منطقة‬ ‫الــذي ينتجه املســتخدم‪ ،‬من خالل‬
‫مشــمولة بعقوبات دولية‪ ،‬أو تعامل‬ ‫فكرة إبرام عقود للتعاون مع بعضهم‬
‫مع أشخاص قاصرين ‪.33‬‬ ‫بشــكل دوري‪ ،‬وتفــرض عليهم يف‬
‫الوقت نفسه قواعد تحريرية ‪.32‬‬

‫‪32‬‬
‫‪Sözeri, Ceren. «Ethical Challenges for User-Generated Content Publishing: Comparing Public Service‬‬
‫‪Media and Commercial Media.» Online Credibility and Digital Ethos: Evaluating Computer-Mediated‬‬
‫‪Communication, edited by Moe Folk and Shawn Apostel, IGI Global, 2013, pp. 302- 315.‬‬
‫‪http://doi:10.40188-2663-4666-1-978/.ch017‬‬

‫‪ 33‬املصدر السابق‬

‫‪40‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫اإلشــارة إلى املحتــوى األصلي الذي‬ ‫توفر بعض املؤسسات اإلعالمية‬ ‫‪ّ .3‬‬
‫لفت انتباه املؤسسة نحو الحدث‪.‬‬ ‫خدمات خاصة باملستخدمين الذين‬
‫يســاهمون بمحتوياتهــم الخاصــة‪،‬‬
‫‪ .6‬ينبغــي التشــجيع ىلع ظهــور‬ ‫من قبيل املســاعدة ىلع تحسين‬
‫املســتخدمين بهوياتهم الحقيقية‬ ‫الجــودة والوعي بالقواعد األخالقية‬
‫ضمانا لشــفافية املحتوى‪ ،‬وإن كان‬ ‫وأحيانا إخفاء الهوية ضمانا للحماية‪.‬‬
‫بعــض املختصيــن يــرون أن إلــزام‬
‫املســتخدمين بالظهور بأســمائهم‬
‫وهوياتهــم الحقيقيــة قد يحملهم‬
‫ىلع الكــذب معتبريــن أن إخفــاء‬
‫الهوية شــرط أولي لضمــان الصدق‬
‫والحرية يف التعبير‪.‬‬

‫‪ .7‬وجــود شــخص ال يحتــرف مهنة‬


‫الصحافة يف مكان الحدث ال ينبغي‬
‫أن يكون ســببا لتعريضه للخطر عبر‬
‫دفعه نحو التصوير ‪.34‬‬

‫‪ .8‬إذا كان نشــر املحتــوى ســيلحق‬


‫الضــرر باألفراد الذيــن يظهرون فيه‪،‬‬
‫فإن مــن الواجب إخفــاء هوياتهم‪،‬‬
‫إال حيــن يكون ذلــك ضروريا ويحمل‬
‫قيمة خبرية أساسية‪.‬‬

‫‪ .9‬املؤسســة اإلعالميــة مســؤولة‬ ‫‪ .4‬استعمال محتوى أنتجه مستخدم‬


‫عن املحتوى الذي ينشــر عبر جميع‬ ‫من خارج غرفة التحرير يستدعي قدرا‬
‫منصاتهــا الرقميــة‪ ،‬بمــا يف ذلــك‬ ‫من الشفافية مع املتلقي‪ ،‬وبالتالي‬
‫تعليقــات املســتخدمين‪ ،‬وعليهــا‬ ‫ينبغي إرفاق املحتوى املســتخدم‬
‫معالجتــه ومنع اســتخدام منصاتها‬ ‫يقدم املعطيات األساســية‬
‫بشــرح ّ‬
‫لنشر خطابات عنصرية أو مسيئة أو‬ ‫التي تفســر أسباب استعماله ووقت‬
‫محرضة ىلع العنف‪.‬‬ ‫وطريقة إنتاجه‪.‬‬

‫‪ُ .10‬تنصــح املؤسســات الصحفيــة‬ ‫‪ .5‬إذا كان املحتوى مجرد مصدر أولي‬
‫بوضــع سياســة خاصــة آلليــة‬ ‫للعلم بوقوع حدث (تفجير‪ ،‬تظاهرة‪...‬‬
‫التعامــل مع املحتوى الــذي ينتجه‬ ‫إلخ) وجرى الحصول ىلع عناصر الخبر‬
‫املســتخدم‪ ،‬ونشــره عبر املنصات‬ ‫بوســائل ذاتية‪ ،‬فليس مــن الضروري‬

‫‪41‬‬ ‫‪34‬‬
‫‪https://ethics.journalists.org/topics/user-generated-content/‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫‪ .2‬تواصل مــع مصادر موثوقة قريبة‬ ‫الرقمية لتكــون بمثابة تعاقد بينها‬
‫مــن موقــع الحــدث أو ىلع اطالع‬ ‫وبين املستخدمين‪ ،‬إلى جانب وضع‬
‫بمجرياته للتأكد من صحة املحتوى‪.‬‬ ‫آلية واضحة ملشاركة املستخدمين‬
‫ابحث عن مســاعدة طرف آخر خارج‬ ‫يف تنبيــه املؤسســة للتجــاوزات‬
‫املؤسسة‪ ،‬للتثبت من دقة املحتوى‬ ‫األخالقيــة التي يمكن أن تحدث من‬
‫املنشــور قبل اســتعماله‪ ،‬يف حال‬ ‫جانب مستخدمين آخرين‪.‬‬
‫عجزت املؤسسة عن ذلك ذاتيا‪.‬‬
‫‪ .11‬الصحفيون الذين يكلفون بمهمة‬
‫‪ .3‬ينبغي تطويــر وتحديث األدوات‬ ‫تتبــع وجمع وتدقيق املحتوى الذي‬
‫التقنيــة الخاصــة بالتحقــق مــن‬ ‫ينتجه املســتخدم وينشــرونه عبر‬
‫دقــة املحتــوى داخل املؤسســات‬ ‫املنصات الرقمية وشبكات التواصل‬
‫اإلعالمية وتدريب الصحفيين عليها‬ ‫االجتماعي‪ ،‬يجب أن يتلقوا تدريبات‬
‫بشكل مستمر‪.‬‬ ‫مخصصة لكيفية التعامل مع منتجي‬
‫هذا املحتوى‪ ،‬ال ســيما أولئك الذين‬
‫‪ .4‬إذا كان املحتــوى ينطــوي ىلع‬ ‫يكونون تحت تأثير الصدمة وتحديدا‬
‫معلومــة بالغة األهميــة‪ ،‬أو مرتبط‬ ‫يف أوقات األزمات والكوارث‪ ،‬والتأكد‬
‫بأخبار عاجلة‪ ،‬فيمكن نشر املحتوى‬ ‫من عدم تعريض سالمتهم للخطر‪.‬‬
‫مع اإلشــارة إلــى مصــدره‪ ،‬والتنويه‬
‫بشكل واضح بأنه لم يتسن للوسيلة‬
‫اإلعالمية التحقق مــن صحته بعد‪.‬‬ ‫كيف نضمن‬
‫خالل ذلك استمر يف عملية التحقق‬
‫وكاشــف الجمهــور بمــا توصلت له‬
‫بكل شــفافية‪ .‬وتذكر دائما القاعدة‬
‫دقة املحتوى؟‬
‫الذهبيــة‪ :‬أن تكون متأخــرا خير من‬
‫خمس قواعد تســاعدك يف التأكد‬
‫أن تكــون مخطئا‪ ،‬وعــدم املخاطرة‬
‫من دقة ما تســتخدمه من املحتوى‬
‫بمصداقية املؤسسة عند نشر خبر‬
‫الذي ينتجه املستخدم ‪:35‬‬
‫ال يتوفر ىلع قدر كبير من الصحة‪.‬‬
‫‪ .1‬تحقق من املحتــوى الذي ينتجه‬
‫‪ .5‬إذا كان املحتوى بالغ األهمية ولكن‬
‫املستخدم بواسطة أدوات التحقق‬
‫غير مستوف لشروط التحقق فيمكن‬
‫التقنيــة والتحريريــة‪ .‬يمكنــك‬
‫دعوة الجمهور إلى املســاهمة يف‬
‫االســتفادة مــن إصــدارات معهــد‬
‫التأكد مــن صحة مضمونه أو تقديم‬
‫الجزيرة لإلعــام املتعلقة بالتحقق‬
‫معلومات إضافية‪.‬‬
‫من األخبار‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪https://ethics.journalists.org/topics/user-generated-content/‬‬

‫‪42‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫ماذا عن حقوق‬
‫املستخدم منتج‬
‫املحتوى؟‬

‫يعتبر حق امللكية الفكرية من بين‬


‫القضايــا اإلشــكالية التــي تطرحها‬
‫عمليــة اســتخدام املحتــوى الذي‬
‫ينتجه املســتخدم (‪ ،)UGC‬وينصح‬
‫يف هذا السياق بالخطوات التالية‪:‬‬

‫• التواصــل بطريقــة مناســبة مــع‬


‫منتج املحتوى‪ ،‬والحصول ىلع إذن‬
‫صريح باستخدامه‪ ،‬مع مراعاة قوانين‬
‫الدولة التي يقيم فيها‪.‬‬

‫• اإلشــارة دائما إلى املصدر أو منتج‬


‫املحتــوى بالطريقــة التــي يراهــا‬
‫مناســبة‪ ،‬والتأكد مــن عدم تعريض‬
‫سالمته الشخصية للخطر‪.‬‬

‫• الحصــول ىلع موافقــة منتــج‬


‫املحتوى يمكــن أن تتم بالتوازي مع‬
‫عملية التحقق‪ ،‬لســرعة النشر عند‬
‫التأكد من صحته‪.‬‬

‫إذا تــم التحقق مــن صحة املحتوى‬


‫ولم يتمكــن الصحفي مــن الوصول‬
‫إلى صاحبه للحصول ىلع موافقته‪،‬‬
‫فتجــب املوازنة بيــن حقوقه وبين‬
‫خدمة املصلحــة العامة‪ ،‬مع الوعي‬
‫بالتبعات القانونية لقرارا النشر يف‬
‫هذه الحالة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫الباب الخامس‪:‬‬

‫الترويج املدفوع‬
‫للمحتوى الصحفي‬

‫‪44‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫أسئلة أخالقية‬ ‫مــع انتشــار منصــات التواصــل‬


‫االجتماعــي‪ ،‬كان ال بد للمؤسســات‬
‫الصحفيــة مــن الدخول إلــى هذه‬
‫مرتبطة بالترويج‬ ‫املساحة الجديدة لتحقيق االنتشار‬
‫والوصول إلى جمهور أكثر تنوعا‪.‬‬
‫املدفوع للمحتوى‬
‫وبســبب الخوارزميات التــي عادة ما‬
‫الصحفي‬ ‫تحد مــن وصــول املحتــوى‪ ،‬أصبح‬
‫محكوما‪ ،‬يف‬
‫ً‬ ‫انتشار وترويج املحتوى‬
‫‪ -‬هل يجــوز ترويج مقاالت الرأي يف‬ ‫كثير مــن األحيان‪ ،‬بضرورة دفع أموال‬
‫الوقت الذي تعلن فيه املؤسسة أن‬ ‫لتوجيهه نحو الجمهور املستهدف‪.‬‬
‫تلك املقــاالت «ال تعبر بالضرورة عن‬
‫موقفها التحريري»؟‬ ‫ال يقصد بالترويج املدفوع للمحتوى‬
‫الصحفــي هنــا‪ ،‬مــا يصطلــح عليه‬
‫‪ -‬ما هــي أنــواع املــواد الصحفية‬ ‫باإلعالن املدمج باملحتوى (‪Native‬‬
‫التي يجــوز مهنيا وأخالق ًيــا الدفع‬ ‫‪ ،)ads‬فهذا األخيــر هو صنف جديد‬
‫لترويجها؟‬ ‫من اإلعالنات التي ظهرت يف العصر‬
‫الرقمي‪ ،‬وتعني قيام معلن بتمويل‬
‫‪ -‬هــل تلتزم املؤسســات اإلعالمية‬ ‫يقدم للمستخدم يف‬ ‫إنتاج محتوى ّ‬
‫بالشــفافية وتفصــح عــن املعايير‬ ‫هيئة شــبيهة باملحتوى التحريري‪،‬‬
‫التــي تســتند إليهــا يف تحديــد‬ ‫لكنــه يهدف إلــى الترويــج لعالمة‬
‫جمهورها املســتهدف لكل محتوى‬ ‫تجارية أو منتج معين‪.‬‬
‫صحفي يتم ترويجه بشكل مدفوع؟‬
‫املقصود هنا هــو الترويج املدفوع‬
‫‪ -‬ما هي األسس التي استندت إليها‬ ‫للمحتــوى الصحفــي الــذي أنتــج‬
‫يف عملية تحديد الجمهور؟‬ ‫بالطرق التحريرية املعتادة والبعيدة‬
‫تدخل املعلنين‪ ،‬لكن املؤسسة‬ ‫عن ّ‬
‫‪ -‬هل ُيشرف الصحفيون ىلع عملية‬ ‫الصحفيــة تقوم بدفــع مبالغ مالية‬
‫الترويج للمحتوى الصحفي أم توكل‬ ‫ملنصــات الشــبكات االجتماعيــة‬
‫املهمــة ملتخصصيــن يف الترويج‬ ‫حتى تقــوم بترويج هــذا املحتوى‬
‫(غير صحفيين)؟ وما تأثير ذلك ىلع‬ ‫(‪ )Sponsored‬وإيصاله لعدد أكبر من‬
‫مهنيــة العمل الصحفــي؟ إلى غير‬ ‫املستخدمين‪ ،‬أو فئة معينة منهم‪.‬‬
‫ذلك من األسئلة التي تتولد من هذه‬ ‫ويشكل هذا النوع من ترويج املحتوى‬
‫الحالة الفريــدة التي فرضتها قواعد‬ ‫املدفــوع‪ ،‬متغيرا جديــدا يف ُعرف‬
‫وصــول املحتــوى املوضوعــة من‬ ‫العمــل الصحفي‪ ،‬يســتدعي وجود‬
‫شركات منصات التواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫قواعد ومعايير أخالقية تؤطره‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫• معضلة اإليهام بأهمية املحتوى‬


‫الصحفــي‪ :‬يميــل الجمهــور عادة‬
‫املعضلة األخالقية‬
‫ملتابعة املحتوى الذي يتفاعل معه‬
‫نقــاش العالقــة بيــن املحتويين‬
‫مســتخدمون ُكثر؛ فعند مشــاهدة‬
‫يعــد معضلة‬
‫ّ‬ ‫اإلعالنــي والصحفي‪،‬‬
‫فيديــو حصــد مليــون مشــاهدة –‬
‫تاريخيــة يف مجــال أخالقيــات‬
‫مثــا‪ -‬أو محتــوى مــادة صحفيــة‬
‫الصحافــة‪ ،‬حيــث ظل رســم الخط‬
‫تفاعــل معهــا اآلالف‪ ،‬يوحــي ذلك‬
‫الفاصل بين الحقلين يؤرق املهنيين‬
‫لجزء من املستخدمين بأنه ينطوي‬
‫ىلع مدى عقود‪ .‬لكن عملية الترويج‬
‫ىلع أهميــة‪ ،‬أو يعطــي املحتوى‬
‫املدفوع للمحتــوى الصحفي‪ ،‬تطرح‬
‫الصحفي مصداقية أكبر‪ ،‬يف الوقت‬
‫معضلة جديدة غير مسبوقة‪ ،‬حيث‬
‫الذي يحتمــل أن يكون هذا الكم من‬
‫يتحــول املحتوى الصحفي نفســه‬
‫ّ‬
‫التفاعل ناتج عــن الترويج املدفوع‬
‫إلى منتج إعالني بالنسبة للمنصات‬
‫وليس لقيمة املحتوى نفسه‪.‬‬
‫الرقمية التي تقــوم بترويجه‪ .‬وهنا‬
‫يصبح التساؤل مشــروعا‪ :‬هل يعتبر‬
‫• معضلــة ترتيــب األولويــات‪:‬‬
‫املحتوى الذي تم الترويج له بطريقة‬
‫يطــرح الترويج املدفوع ســؤاال آخر‬
‫مدفوعة محتــوى صحفيا أم إعالنا؟‬
‫حــول ماهيــة املواد التــي تر ّوجها‬
‫أال تكســر هذه املمارسة آخر الحدود‬
‫املؤسسات الصحفية ىلع املنصات‬
‫الفاصلــة بيــن الحقليــن الصحفي‬
‫الرقميــة‪ :‬هــل تخضــع للمعاييــر‬
‫والتجــاري‪ ،‬والتــي راكمــت فيهــا‬
‫التقليديــة يف ترتيــب العناويــن‬
‫املمارســة اإلعالمية قواعد وتقاليد‬
‫الصحفيــة اســتنادا إلــى قيمتهــا‬
‫راسخة تحمي اســتقاللية املحتوى‬
‫الخبرية البحتة‪ ،‬أم تخضع ملعادالت‬
‫الصحفي من تأثير املعلنين؟‬
‫أخرى تتعلق بزيادة التفاعل واالنتشار‬
‫بمعزل عن القيمة الخبرية؟‬
‫ويمكن ســرد عدد مــن األمثلة عن‬
‫املعضــات الجديــدة الناجمــة عن‬
‫• معضلة مهنيــة دوافع الترويج‪:‬‬
‫الترويج املدفوع للمحتوى‪:‬‬
‫منصــات التواصــل االجتماعــي‬
‫أصبحــت قنــوات حتميــة وضرورية‬
‫• معضلــة تســليع املحتــوى‬
‫لوصــول املحتــوى الصحفــي إلــى‬
‫الصحفــي‪ :‬عملية النشــر والوصول‬
‫الجمهور‪ ،‬لكن أين ينتهي االستعمال‬
‫إلــى الجمهــور ال تخلو مــن قواعد‬
‫«الطبيعــي» لهذه املنصــات وأين‬
‫وضوابط أخالقية‪ ،‬ىلع رأسها تج ّنب‬
‫تبدأ الدعاية والترويج املدفوع؟ هل‬
‫اإلثــارة والكذب والتمويه واســتدراج‬
‫يحق للمؤسســة اإلعالمية أن تدفع‬
‫املتلقــي نحو اســتهالك املحتوى‬
‫للشركات املشغلة للمنصات مقابل‬
‫الصحفي‪.‬‬
‫وصــول املحتوى إلــى جمهور أكبر؟‬
‫هــل يعتبر الترويج املدفوع ســلوكا‬

‫‪46‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫املباشرة للمحتوى الصحفي‪ ،‬وضرورة‬ ‫ال أخالقيــا أم إنــه بــات ضروريا ألن‬
‫تجنب التضليل أو التمويه الستدراج‬ ‫املنصات الرقمية ال تســمح بوصول‬
‫املســتخدم نحو النقر ىلع الروابط‬ ‫املحتوى للجمهور دون مقابل؟‬
‫(‪.)Clickbait‬‬
‫• معضلة التدفق الحر‪ :‬يطرح الترويج‬
‫‪ .3‬الســعي إلــى تحقيــق االنتشــار‬ ‫املدفوع للمحتوى الصحفي ســؤاال‬
‫العضــوي للمحتــوى الصحفــي‬ ‫حول مبــدأ التدفق الحر للمعلومات؛‬
‫(‪ )Organic Reach‬دون حاجــة إلى‬ ‫فإضافة إلــى قيود الخوارزميات‪ ،‬فإن‬
‫دفع املــال لترويجه‪ ،‬عبــر تقنيات‬ ‫الترويــج املدفوع للمحتــوى يجعل‬
‫تساعد يف تجاوز قيود الخوارزميات‪.‬‬ ‫عمليــة وصول املعلومــة للجمهور‬
‫حكــرا ىلع املؤسســات الصحفية‬
‫‪ .4‬مكاشــفة الجمهور بآليات الترويج‬ ‫التي لديها قــدرة مالية تمكنها من‬
‫املدفوع التــي تتبعها املؤسســة‬ ‫ذلــك‪ ،‬مــا يعنــي أن رواج املعلومة‬
‫الصحفية وتبريرها أخالقيا‪ ،‬واإلشارة‬ ‫أصبــح مرتبطا بالســعر الــذي ُيدفع‬
‫إلى املحتوى املروج بشــكل واضح‬ ‫لترويجها ال لقيمتها املعرفية‪.‬‬
‫لضمان مبدأ الشفافية مع الجمهور‪.‬‬

‫نصائح أخالقية‬
‫يوصى يف عمليات الترويج للمحتوى‬
‫الصحفــي‪ ،‬باحترام بعــض القواعد‬
‫املهنيــة أثناء نشــر روابط القصص‬
‫اإلخبارية ومقاالت الرأي واملحتويات‬
‫البصرية‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ .1‬انتقــاء املحتــوى الــذي ســيروج‬


‫عبر منصــات التواصل االجتماعي‪ ،‬ال‬
‫ينبغي أن يرتهن للرغبات الشخصية‬
‫للمشــرف ىلع هذه املنصــات‪ ،‬وال‬
‫ملعايير غير صحفية مثــل اإلثارة أو‬
‫تحقيق نســب مشاهدات عالية‪ ،‬بل‬
‫يجب وضع قواعد مهنية وموضوعية‬
‫لخدمة املصلحة العامة‪.‬‬

‫‪ .2‬الدقــة يف تحريــر العناويــن‬


‫وامللخصــات التــي ترافــق الروابط‬

‫‪47‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫الباب السادس‪:‬‬

‫ما ينشره الصحفيون ىلع‬


‫حساباتهم الشخصية‬

‫‪48‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫غادرت دائرة الصحافة لتســتقر يف‬ ‫تتالشــى يف عالم شبكات التواصل‬


‫مجــال «املؤثرين الجــدد»‪ ،‬ما زالت‬ ‫االجتماعــي‪ ،‬أو تــكاد‪ ،‬املســافة‬
‫تنتظر الصحفــي اليوم ليقوم بدوره‬ ‫الفاصلــة بين الــرأي والخبــر‪ ،‬وبين‬
‫ويكــون مرجعا يف اســتقاء األخبار‬ ‫الشخصي واملهني‪.‬‬
‫أ ّوال‪ ،‬ونموذجا يحتذى يف الســلوك‬
‫اإليجابي عبر الشبكات االجتماعية ‪.36‬‬ ‫مســؤولية الصحفييــن يف الفضاء‬
‫الرقمي تتمثــل يف قيامهم ‪-‬أفرادا‬
‫ومؤسسات‪ -‬بواجب القيادة والتنوير‪،‬‬
‫املعضلة األخالقية‬ ‫لنشــر ثقافــة الشــفافية والتوعية‬
‫بأهمية تحصين هذا الفضاء من األخبار‬
‫أواخــر عام ‪ ،2020‬طفا ىلع ســطح‬ ‫الزائفة‪ ،‬عبر الحرص ىلع التوثق من‬
‫النقــاش السياســي واإلعالمي يف‬ ‫املصادر وعدم النشــر قبل التأكد من‬
‫بريطانيا‪ ،‬قضية القواعد التنظيمية‬ ‫صحة املضامين‪ ،‬ونشر حس التصدي‬
‫الداخليــة التــي وضعتهــا هيئــة‬ ‫للحمالت املوجهة للذباب اإللكتروني‬
‫اإلذاعــة البريطانية «بي بي ســي»‬ ‫والحسابات الزائفة‪.‬‬
‫لتقييــد ســلوك صحفييهــا ىلع‬
‫شــبكات التواصل االجتماعي‪ ،‬وتأثير‬ ‫وظيفة التصدي ملحاوالت «اإلفساد‬
‫ذلك ىلع صورة املؤسسة العمومية‬ ‫املمنهجــة للفضــاء اإللكترونــي»‪،‬‬
‫وحيادها‪ .‬انتهى األمــر بإصدار «بي‬ ‫تتطلب من الصحفيين حدا أدنى من‬
‫بي ســي» قواعد صارمة ملنشورات‬ ‫املعرفــة التقنية واإلملــام بقواعد‬
‫صحفييهــا والعامليــن فيهــا عبــر‬ ‫األمن الرقمــي والجيــل الجديد من‬
‫شــبكات التواصل االجتماعي‪ ،‬تصل‬ ‫أخالقيات النشــر وحماية الحق يف‬
‫إلى درجة الطرد من العمل يف حالة‬ ‫الخصوصيــة والحــق يف الصــورة‬
‫املخالفة ‪.37‬‬ ‫والتمييز بين الشــأن العــام والحياة‬
‫الخاصــة لألفراد‪ ..‬وهــذا األمر يعني‬
‫ص ّرح املدير العام لـ «بي بي ســي»‬ ‫أوال وقبل كل شــيء إعطــاء القدوة‬
‫أثناء مثوله أمام البرملان ملســاءلته‬ ‫وعــدم االنخــراط يف املهــام غير‬
‫حــول أداء املؤسســة اإلعالميــة‬ ‫النظيفــة‪ ،‬وإن كانــت تبــدو مغرية‬
‫العموميــة‪ ،‬أنه لن يتــردد يف طرد‬ ‫وذات مردودية مادية‪.‬‬
‫أي عامــل يف املؤسســة ال يحترم‬
‫القواعد الجديدة املتعلقة بالنشــر‬ ‫فوظيفة «حارس البوابة» التي جرى‬
‫عبر شبكات التواصل االجتماعي ‪.38‬‬ ‫االعتقــاد يف بعــض األوقــات أنها‬

‫‪36‬‬
‫‪https://institute.aljazeera.net/ar/ajr/article/1239‬‬
‫‪37‬‬
‫‪https://www.bbc.com/news/entertainment-arts-54723282‬‬
‫‪38‬‬
‫‪https://larevuedesmedias.ina.fr/chartes-medias-journalistes-reseaux-sociaux‬‬

‫‪49‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫كما شهدت فرنسا سابقا جدال كبيرا‬


‫حــول ذات املوضــوع‪ ،‬بلــغ ذروته‬
‫بصــدور «قانون بلوش» عــام ‪.2016‬‬
‫وقــدم البعــض هــذا القانون ىلع‬
‫ّ‬
‫أنــه حمايــة ملهنية واســتقاللية‬
‫الصحفييــن ومنعا الســتغاللهم من‬
‫طــرف املؤسســات املشــغلة لهم‬
‫يف أغراض غيــر أخالقية‪ ،‬بينما رأى‬
‫البعــض اآلخر أنه يضعف الصحفيين‬
‫أمام ســلطة مشــغليهم‪ ،‬ويحرمهم‬
‫من حريتهم الشخصية ‪.39‬‬

‫أهــم مســتجد جــاء بــه القانــون‬


‫الفرنســي‪ ،‬أنــه جعــل توقيــع‬
‫الصحفييــن لعقــود العمــل بمثابة‬
‫موافقــة ضمنيــة ىلع املواثيــق‬
‫األخالقية وإمكانية محاسبتهم بناء‬
‫عليها‪.‬‬

‫وكانــت وكالة األنباء الفرنســية من‬


‫بين أولى املؤسسات اإلعالمية التي‬
‫عالجــت موضوع أخالقيات النشــاط‬
‫الشــخصي لصحفييها عبر شــبكات‬
‫التواصــل االجتماعــي‪ .‬ويعــود أول‬
‫ظهور لهذا املوضــوع يف ميثاقها‬
‫إلى عام ‪ ،2011‬حيث منعت صحفييها‬
‫من إبداء آرائهم السياســية أو نشــر‬
‫أخبار عبر حساباتهم الشخصية‪ ،‬كي‬
‫ال تحسب مواقفهم ىلع املؤسسة‪.‬‬
‫بــل إنها وضعت قواعد دقيقة حول‬
‫كيفيــة التعامــل مع أي هجــوم أو‬
‫إســاءة تســتهدفهم عبر املنصات‬
‫اإللكترونية ‪.40‬‬

‫‪39‬‬
‫‪https://www.liberation.fr/debats/201616/12//loi-bloche-une-revolution-deontologique-a-double-‬‬
‫‪tranchant-pour-les-journalistes_1535726/‬‬
‫‪40‬‬
‫‪https://larevuedesmedias.ina.fr/chartes-medias-journalistes-reseaux-sociaux‬‬
‫‪50‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫تجارب مقارنة‪ :‬اللوائح الناظمة لسلوك‬


‫الصحفيين ىلع مواقع التواصل االجتماعي‬
‫تضع مجموعة من املؤسســات اإلعالمية‪ ،‬قيودا ىلع حرية الصحفيين يف‬
‫التعبير عن اآلراء واملواقف السياســية عبر حساباتهم الشخصية يف مواقع‬
‫التواصل االجتماعي‪ ،‬وهذه بعض التجارب الرائدة‪:‬‬

‫هيئة البث البريطانية ‪BBC 41‬‬

‫‪ .4‬ىلع الصحفييــن الوعــي بعدم‬ ‫أبرز النقاط‪:‬‬


‫وجود فرق بين الحســاب الشخصي‬
‫والرســمي‪ ،‬حتــى وإن ُوضــع تنويه‬ ‫‪ .1‬يمنــع ىلع الصحفــي التعبيــر‬
‫(‪ )Disclaimer‬يوضــح ذلــك‪ .‬وىلع‬ ‫عن آرائه الشــخصية حــول القضايا‬
‫الصحفيين أن ينتبهــوا ملا يضعون‬ ‫املتعلقــة بالسياســات العامــة‪،‬‬
‫عليــه إعجابــا أو يعيدون نشــره أو‬ ‫القضايــا السياســية‪ ،‬أو املواضيــع‬
‫تغريده‪ ،‬وكذلك للوسوم (‪)Hashtags‬‬ ‫الجدلية‪ .‬كما يمنع ىلع الصحفيين‬
‫التي يستخدمونها‪.‬‬ ‫انتقاد زمالئهم يف العلن‪ ،‬وعليهم‬
‫احتــرام خصوصيــة مــكان العمــل‬
‫‪ .5‬يمنع ىلع الصحفيين اســتخدام‬ ‫وسرية التعميمات الداخلية‪.‬‬
‫مكانتهم يف ‪ BBC‬من أجل تحقيق‬
‫مكاسب شخصية‪.‬‬ ‫‪ .2‬يجــب ىلع الصحفييــن معاملة‬
‫جميع املستخدمين باحترام‪ ،‬حتى‬
‫‪ .6‬تحــث ‪ BBC‬صحفييهــا ىلع‬ ‫أولئــك املســيئين منهــم‪ .‬تفترض‬
‫االمتناع عن دعم الحمالت التضامنية‬ ‫‪ BBC‬من العامليــن لديها أن يكونوا‬
‫(كاستخدام الوســوم املتعلقة بها‬ ‫مثاال للحوار العام املتحضر‪.‬‬
‫مثــا) مهمــا كانــت تلــك الحمالت‬
‫شرعية أو تدافع عن قضية عادلة‪.‬‬ ‫‪ .3‬حتى يف حالة نشر الصحفي ضمن‬
‫مجموعــات خاصة‪ ،‬أو نشــر محتوى‬
‫‪ .7‬تمنع ‪ BBC‬صحفييها من نشر األخبار‬ ‫مق ّيد الوصول لألصدقاء فقط‪ ،‬فعلى‬
‫العاجلة ىلع حســاباتهم الشخصية‬ ‫الصحفييــن تطبيــق ذات املعاييــر‬
‫قبل نشرها ىلع منصات ‪.BBC‬‬ ‫الخاصة باملنشورات العلنية‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪https://www.bbc.co.uk/editorialguidelines/guidance/individual-use-of-social-media‬‬

‫‪51‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫‪42‬‬
‫نيويورك تايمز‬

‫‪ -4‬تدعو نيويــورك تايمز صحفييها‬ ‫‪ -1‬تمنع نيويورك تايمــز صحفييها‬


‫إلى تجنب مشاركة اآلراء واألخبار التي‬ ‫من اســتخدام حســاباتهم للتعبير‬
‫تمثل طرفا واحدا من أطراف النقاش‬ ‫عــن آرائهــم الحزبيــة أو الترويــج‬
‫العام حــول القضايا‪ ،‬ألن ذلك يعطي‬ ‫لوجهــات نظــر سياســية أو دعم‬
‫انطباعا أنهم ينحازون لذلك الطرف‪.‬‬ ‫مرشــحين أو اإلدالء بتعليقــات‬
‫مســيئة أو القيام بــأي فعل يمس‬
‫‪ -5‬تحــذر نيويــورك تايمز صحفييها‬ ‫سمعة الصحيفة‪.‬‬
‫من نشــر األخبار التــي تنطوي ىلع‬
‫سبق صحفي من مؤسسات صحفية‬ ‫‪ -2‬تدعو نيويــورك تايمز صحفييها‬
‫أخرى قبــل أن تتأكد منها الصحيفة‬ ‫إلى عــدم تقديم شــكاوى متعلقة‬
‫بنفســها‪ ،‬ألن إعادة نشــر الخبر من‬ ‫بخدمات الزبائن ىلع مواقع التواصل‬
‫صحفــي يعمل يف نيويــورك تايمز‬ ‫االجتماعــي‪ ،‬ألن تلك الشــكاوى قد‬
‫قد ُيفسر ىلع أنه تأكيد منها ىلع‬ ‫تلقــى معاملة خاصــة ألنها صدرت‬
‫دقة ذلك الخبر‪.‬‬ ‫من موظف لدى الصحيفة‪.‬‬

‫‪ -3‬تحــث نيويورك تايمــز صحفييها‬


‫ىلع االلتزام بالشــفافية‪ ،‬فإذا قاموا‬
‫بتغريــد خطــأ أو غير الئــق ورغبوا‬
‫بحــذف التغريــدة‪ ،‬فيجــب عليهم‬
‫أن يشــيروا إلى الحــذف الذي حدث‬
‫بتغريدة أخرى‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪https://www.nytimes.com/editorial-standards/social-media-guidelines.html‬‬

‫‪52‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫ما ينشــرونه ىلع وســائل التواصل‬ ‫شبكة الجزيرة اإلعالمية‬


‫االجتماعي بشــكل ال يتعــارض مع‬
‫معايير الجزيرة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫وضعــت شــبكة الجزيــرة اإلعالمية‬
‫تنظم اســتخدام صحفييها‬ ‫سياسة ّ‬
‫• هل تنشــر الجزيرة وجهات نظر‬ ‫لوســائل التواصــل االجتماعي‪ ،‬ومن‬
‫مماثلة ىلع شاشتها أو مواقعها؟‬ ‫أبرز بنودها‪:‬‬
‫• هــل لــدى أي شــخص يقــرأ‬ ‫‪ .1‬يجــب أال ينخــرط املوظفون يف‬
‫منشــورك ســبب لالعتقاد بأنك‬ ‫الترويج للتطرف والعنف أو مناصرته‬
‫متحيز ملوضوع معين؟‬ ‫أو تبريره تحت أي ظرف من الظروف‪.‬‬
‫• هل يضر منشورك بقدرتك ىلع‬
‫‪ .2‬ال يجــوز ملوظفي الجزيرة مناصرة‬
‫أداء وظيفتك بكفاءة؟‬
‫أو الترويــج لخطــاب الكراهيــة أو‬
‫• هل يضر منشورك بقدرة زمالئك‬ ‫الحمالت الداعية له‪.‬‬
‫ىلع أداء عملهم بكفاءة؟‬
‫‪ .3‬يجــب ىلع املوظفيــن أال‬
‫• هل يمكن أن يشــك أي شــخص‬ ‫ينشــروا محتويــات أو وجهات نظر‬
‫يف قدرتك ىلع تغطية األحداث‬ ‫تضــر بنزاهتهــم أو مصداقيتهــم‬
‫اإلخبارية بنزاهة وحياد بنا ًء ىلع‬ ‫املهنيــة‪ ،‬بصرف النظر عن إعدادات‬
‫ما تنشــره ىلع وســائل التواصل‬ ‫الخصوصيــة‪ ،‬وحتى لو اســتخدموا‬
‫االجتماعي؟‬ ‫عبارة إخالء املسؤولية يف تعريفهم‬
‫ىلع صفحاتهم الشخصية‪.‬‬
‫‪ .6‬ويف حالــة القواعــد الخاصــة‬
‫بالحســابات الرســمية ملنصــات‬ ‫‪ .4‬تنبــه الجزيــرة صحفييهــا إلــى‬
‫املؤسســة املختلفة‪ ،‬تنص سياسة‬ ‫أنه حتــى عند تصرفهــم بصفتهم‬
‫الجزيــرة ىلع أنــه يجــب بشــكل‬ ‫الشــخصية‪ ،‬فإنــه ُســينظر لهم من‬
‫فــوري تصحيح مــا يتم نشــره خطأ‬ ‫قبل متابعيهــم ىلع أنهم ممثلون‬
‫مــن تغريــدات‪ ،‬أو منشــورات ىلع‬ ‫للجزيرة‪ .‬لذا توصــي الجزيرة بضرورة‬
‫وســائل التواصل االجتماعي األخرى‬ ‫اســتحضار الصحفييــن للســلطة‬
‫بالسرعة والشــفافية املطبقة يف‬ ‫التقديرية عند نشــر أي محتوى عبر‬
‫األخطــاء املوجــودة يف أي خدمة‬ ‫اإلنترنت‪ ،‬واالفتــراض بأن أي محتوى‬
‫من خدمات الجزيرة األخرى‪ .‬وإذا نشر‬ ‫ىلع اإلنترنــت هــو محتــوى عــام‬
‫ىلع حســابات الجزيرة أي خطأ فإن‬ ‫وسيبقى متاحا‪.‬‬
‫االستجابة املناســبة هي االعتراف‬
‫بالخطــأ‪ ،‬والتراجع عــن املحتوى أو‬ ‫‪ .5‬وضعت الجزيرة اختبارا من ‪ 5‬أسئلة‬
‫شرح الخطأ‪.‬‬ ‫يســاعد الصحفييــن ىلع تقييــم‬

‫‪53‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫عــن مواقــف أو آراء مؤسســاتهم‬


‫اإلعالمية‪ ،‬وهــو ما ال يعتبره البعض‬
‫ممارسات فضلى‪:‬‬
‫مقنعــا‪ ،‬ىلع اعتبــار أن الجمهــور‬
‫• تنص معظــم املواثيق األخالقية‬
‫يربــط تلقائيــا بين اســم الصحفي‬
‫الحديثــة ىلع إلــزام الصحفييــن‬
‫واملؤسســة التي ينتمي إليها‪ .‬يف‬
‫بالحيــاد بشــأن مــا يكتبونه ىلع‬
‫املقابل‪ ،‬تضمن بعض املؤسســات‬
‫صفحاتهم الشــخصية يف منصات‬
‫اإلعالميــة لصحفييهــا الحمايــة‬
‫التواصــل االجتماعــي‪ ،‬وأن يلتزمــوا‬
‫القانونيــة واملعنويــة‪ ،‬يف حــال‬
‫بقــدر مــن التحفــظ يف إبــداء‬
‫تعرضهــم للهجــوم أو اإلســاءة عبر‬
‫املواقف‪ ،‬وعدم نشــر ما ال يمكنهم‬
‫منصات التواصل‪ ،‬بســبب انتمائهم‬
‫نشــره عبر املنصات الرسمية‪ ،‬سواء‬
‫إلى املؤسسة‪.‬‬
‫من أخبار غير دقيقة أو شــائعات‪ ،‬أو‬
‫آراء مفرطة يف االنحياز واالصطفاف‬
‫• ال تعتبــر «بــي بي ســي» تنويه‬
‫السياسي‪.‬‬
‫الصحفي عبر حسابه الشخصي بأن‬
‫مــا ينشــره يلزمه هو ال املؤسســة‪،‬‬
‫• توجه «نيويورك تايمز» صحفييها‬
‫مبــررا ملخالفة القواعــد األخالقية‬
‫نحو طريقة فعالة تســاعدهم ىلع‬
‫الداخليــة املعتمــدة مــن طــرف‬
‫فحص املحتــوى ومعرفة ما إذا كان‬
‫املؤسســة‪ ،‬وتنصح بعدم استعمال‬
‫قابــا للنشــر عبر حســاباتهم أم ال‪،‬‬
‫مثل تلك العبارات أصال‪.‬‬
‫من خــال طرح بضعة أســئلة‪ :‬هل‬
‫يمكننــي نشــر مثل هــذا املحتوى‬
‫• يف حــال مشــاركة الصحفــي‬
‫ىلع منصــات املؤسســة؟ هــل‬
‫محتــوى منشــورا يف منصات أخرى‬
‫ســيجعلني أبدو منحازا؟ هل سيؤثر‬
‫(‪ ،)Retweet/Share‬ينطــوي ىلع‬
‫يف نظرة الجمهور للمؤسســة؟ هل‬
‫موقــف أو انحياز ما‪ ،‬ينصــح بإرفاقه‬
‫ســيؤثر يف قدرة الزمــاء ىلع أداء‬
‫بتعليق أنــه ال يتبنى ذلك املوقف‪،‬‬
‫عملهم؟ هل ســيدفع ما أنشره عبر‬
‫مع االنتباه إلى عدم تكرار مشــاركة‬
‫محتويات ّ‬ ‫حسابي إلى الشك يف قدرتي ىلع‬
‫تمثل ذات الرأي أو املوقف‬
‫القيام بتغطية موضوعية ومحايدة‬
‫املنحاز بشكل دائم ‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫‪43‬‬
‫لصالح املؤسسة التي أعمل بها؟‬
‫• يســمح عمومــا للصحفييــن‬
‫• يقوم بعــض الصحفييــن بإضافة‬
‫املتخصصيــن بالقضايا السياســية‬
‫تنويه إلى حســاباتهم الشــخصية‬
‫واألخبــار مثــا بالتعبيــر عــن آراء‬
‫ىلع منصات التواصــل االجتماعي‪،‬‬
‫ومواقــف شــخصية يف مجــاالت‬
‫يشــير إلى أن مــا ينشــرونه ال يعبر‬

‫‪43‬‬
‫‪https://www.nytimes.com/201713/10//reader-center/social-media-guidelines.html‬‬
‫‪44‬‬
‫‪https://ethics.journalists.org/topics/social-networks/‬‬

‫‪54‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫الترفيــه والرياضة شــريطة أال يكون‬


‫الصحفــي يعمــل يف تغطية هذه‬
‫املجاالت‪ ،‬إال أن إمكانية التأثير ىلع‬
‫عمــل زمالئهم الذيــن يغطون هذه‬
‫املجــاالت يظل قائمــا‪ ،‬األمــر الذي‬
‫يحتم عليهم أخذ الحيطة ‪.45‬‬

‫• ُيســتثنى من قيــود التعبير ىلع‬


‫اآلراء واملواقف‪ ،‬بمــا فيها املواقف‬
‫السياسية‪ ،‬الصحفيون كتاب األعمدة‬
‫واالفتتاحيات‪ ،‬أو مقدمــو زوايا الرأي‬
‫والتحليل‪ ،‬حيث يعتبر نشرهم لآلراء‬
‫واملواقف امتــدادا لعملهم األصلي‬
‫وترويجا للمحتوى الذي يطابق الخط‬
‫التحريري للمؤسسة‪.‬‬

‫• من الطبيعــي أن يدخل الصحفي‬


‫يف «صداقــات» افتراضيــة مــع‬
‫أشــخاص يشــكلون مصادر لألخبار‪،‬‬
‫لكنه مطالــب بالحرص ىلع متابعة‬
‫و«صداقة» أطراف مختلفة وبشــكل‬
‫متــوازن كــي ال يبــدو منحــازا يف‬
‫عالقاته الرقمية ‪.46‬‬

‫‪45‬‬
‫‪https://ethics.journalists.org/topics/social-networks/‬‬
‫‪46‬‬
‫‪https://ethics.journalists.org/topics/social-networks/‬‬

‫‪55‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫املوضوعية الصحفية يف العصر الرقمي‬


‫د‪ .‬معتز الخطيب – أستاذ فلسفة األخالق يف‬
‫جامعة حمد بن خليفة‬
‫‪ )1‬املوضوعية وإشكالياتها‪:‬‬

‫مصلحة خاصــة يف طريقة روايتها‬ ‫املوضوعية مبدأ تتفق عليه مواثيق‬


‫أو ما يترتب عليها‪.‬‬ ‫أخالقيات الصحافــة واإلعالم‪ ،‬وهي‬
‫كلمة مرادفة للحياد‪ ،‬وعدم االنحياز‪،‬‬
‫لكــن املوضوعية مفهوم إشــكالي‪،‬‬ ‫والتجرد‪ .‬وتأتــي أهمية املوضوعية‬
‫ويف العصــر الرقمــي باتــت أكثــر‬ ‫من االعتقاد بأن املراقب املتجرد أو‬
‫تعقيدا‪ ،‬وترجع تعقيداته إلى األمور‬
‫ً‬ ‫املوضوعي يستطيع أن يقدم رواية‬
‫اآلتية‪:‬‬ ‫ً‬
‫موثوقــا بهــا عــن األحداث؛‬ ‫أدق أو‬
‫وذلك لسبب بســيط وهو أنه ليس‬
‫ال وجــود لشــخص متجــرد من كل‬ ‫ً‬
‫طرفا فيمــا يجري كما أنــه ليس له‬
‫أفكاره ومشــاعره‪ ،‬وغير متفاعل مع‬
‫موضوعه بأي نوع من أنواع التفاعل؛‬
‫فهنــاك تحيزات إنســانية طبيعية‪،‬‬
‫ومشــاعر وعواطــف‪ ،‬وانتماء مكاني‬
‫وديني‪ ،‬وهناك أفكار وأيديولوجيات‬
‫تحرك البشــر وتؤثر يف تقويماتهم‬
‫وأفعالهــم‪ .‬ونظ ًرا لتنوع وشــمولية‬
‫التغطيــة الصحفية‪ ،‬فــإن الصحفي‬
‫قد يتطرق إلى موضوعات هو طرف‬
‫ينتم‬
‫ِ‬ ‫فيها بوجه من الوجوه (وإن لم‬
‫إلــى فريق أيديولوجي أو سياســي)‬
‫محليا‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫خصوصا إذا كان يغطي شأ ًنا‬
‫ً‬

‫العالم الرقمي يوفر ســلطة أوســع‬


‫قــادرة ىلع التحكــم واملنــع عبر‬
‫الخوارزميــات وتقنيــات الــذكاء‬
‫االصطناعــي‪ ،‬واألخير ليس مســألة‬
‫تقنيــة منزهة عن التحيز البشــري؛‬

‫‪56‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫عــدم انتهــاك خصوصيــات األفراد)‬ ‫ألنهــا نتــاج جهــد بشــري وبرمجة‬


‫وكالتحيــز إلى فئة املســتضعفين‬ ‫بشــرية تتحكــم فيهــا جملــة من‬
‫(ألن الصحافــة يفترض بها أال تخدم‬ ‫املعطيــات‪ ،‬كما أن الشــركات التي‬
‫فئة أصحاب القوة والنفوذ)‪ ،‬وكالتحيز‬ ‫تتحكــم بهــذه التقنيــات ومنصات‬
‫للقضايا العادلة واألخالقية الواضحة‬ ‫التواصــل واملؤسســات اإلعالميــة‬
‫كمقاومة االحتالل واالستبداد‪ ،‬فهذه‬ ‫الكبرى تنتمــي إلى جغرافيا محددة‬
‫مســائل ال تعبر عن وجهات نظر كما‬ ‫جدا ال تتوفر فيها العدالة‬
‫ومحدودة ًّ‬
‫ال تعبر عن مســائل خالفية‪ ،‬كما أنه‬ ‫والتوازن‪.‬‬
‫ال يقبــل فيها الحيــاد والتجرد التام؛‬
‫ألن الحياد هنا موقــف غير أخالقي‬ ‫وإذا كانــت هذه التعقيــدات تنفي‬
‫يتنافــى مــع قيم العمــل الصحفي‬ ‫وجود فكــرة املوضوعيــة املثالية‪،‬‬
‫نفسها‪.‬‬ ‫فــإن الصحفــي عليــه أن يتحلــى‬
‫بمــا يمكــن تســميته باملوضوعية‬
‫‪ -‬أال يترتــب ىلع هذا االنحياز إخالل‬ ‫املنضبطــة أي املحكومــة بمعايير‬
‫بقيم أخرى متفــق عليها‪ ،‬فال يجوز‬ ‫شفافة‪ ،‬فهي ال تنفي مطلق التحيز‪،‬‬
‫أن يختلــق وقائــع أو يبالــغ يف‬ ‫ولكنهــا تعتــرف بوجــود تحيــزات‬
‫تفاصيــل تحت ذريعــة االنحياز إلى‬ ‫مرتبطــة بقيــم محــددة‪ .‬وميــزة‬
‫القيــم الســابقة‪ ،‬فال يمكــن خدمة‬ ‫املوضوعيــة املنضبطة أنها تفصح‬
‫قضية عادلــة عبر اإلخــال بقيمة‬ ‫عن تحيزاتها ومن ثم فهي تخرج من‬
‫الصــدق والدقة واألمانــة يف رواية‬ ‫دائرة املسكوت عنه أو املخفي إلى‬
‫الواقــع كما هــو‪ ،‬فالصحفــي ليس‬ ‫دائرة ا ُ‬
‫مل َع ْقَلن عبر تقديم تسويغات‬
‫ال يف سبيل قضية‪،‬‬ ‫ً‬
‫ناشطا وال مناض ً‬ ‫عقلية لتحيزاتها‪.‬‬
‫راو يجــب أن يتوفر فيه ويف‬ ‫وإنمــا ٍ‬
‫روايته مــن الصفات ما يضمن تحقق‬
‫الصفة األخالقية يف شــخصه ويف‬ ‫‪ )2‬معاييرها وكيف نصوغها؟‬
‫معا‪.‬‬
‫روايته ً‬
‫املعاييــر الضابطــة لتحيــزات‬
‫‪ -‬أن يتــم مناقشــة وتنزيــل هــذه‬ ‫الصحفــي ومؤسســته يجــب أن‬
‫املعايير بشــكل يجمع بيــن تقاليد‬ ‫تســتند إلى معاييــر قويمة‪ ،‬وليس‬
‫املهنة الصحفية كما تشــكلت عبر‬ ‫إلى تفضيالت خاصــة تختلف فيها‬
‫املمارســة الطويلة مــن جهة‪ ،‬وبما‬ ‫املصالح ووجهات النظر الشــخصية‬
‫ال يتعــارض مع السياســة التحريرية‬ ‫والسياسية‪ ،‬ويمكن ضبطها باآلتي‪:‬‬
‫للوسيلة اإلعالمية املعينة من جهة‬
‫أخــرى‪ ،‬بحيث يكون هناك انســجام‬ ‫‪ -‬أن تســتند إلــى مبــادئ أخالقية‬
‫بين عمل الصحفي ومؤسســته من‬ ‫واضحــة ومتفــق عليهــا‪ ،‬كالتحيز‬
‫دون تنافــر‪ ،‬لضمان أكبــر قدر ممكن‬ ‫لجانــب القيم اإلنســانية مث ً‬
‫ال (مثل‬

‫‪57‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫والتطبيل السياســي الذي يأتمر بأمر‬ ‫من االتســاق والبعد عــن التحيزات‬
‫الســلطة أو ينطق باســمها ويعمل‬ ‫الشــخصية للصحفــي أو تحيــزات‬
‫ىلع خدمتها‪.‬‬ ‫املؤسسة يف ميدان التطبيق ىلع‬
‫الوقائع الجزئية املحددة‪.‬‬
‫هــذه املعايير تفــرض ً‬
‫أيضا التيقظ‬
‫يف اســتعمال اللغــة الصحفيــة‬ ‫ولضمان ذلك‪ ،‬يجــب أن تخضع هذه‬
‫(خاصــة املصطلحــات واملفاهيم)‪،‬‬ ‫املعايير وتطبيقاتها إلى نقاش عام‬
‫التي يجــب أن تخضع للنقاش العام‬ ‫داخل املؤسســة وبين الصحفيين‪،‬‬
‫وللمعايير السابقة‪ ،‬لتجنب استعمال‬ ‫وأن يتــم اإلفصــاح عنهــا للجمهور‬
‫مصطلحــات تنطــوي ىلع موقــف‬ ‫وبيــان املعاييــر التــي تلتزمهــا‬
‫مسبق‪ ،‬كما تتجنب الصمت والتعتيم‬ ‫املؤسســة الصحفيــة والعاملــون‬
‫ىلع جوانب محــددة من الواقع من‬ ‫فيها خاصة يف القضايا السياســية‬
‫شــأنها أن تؤثــر يف الســرد ودقة‬ ‫الجدليــة‪ ،‬ومن ثم يتحــول النقاش‬
‫الروايــة‪ ،‬أو الصياغة املختزلة للواقع‬ ‫من النقاش حــول مبدأ املوضوعية‬
‫التي ال تعطي الصورة الكاملة (الخبر‬ ‫املجرد إلى النقــاش حول اختيارات‬
‫معا)‪.‬‬
‫والسياق ً‬ ‫كل مؤسســة وتعليالتها لتحيزاتها‬
‫ومدى دقتها يف تطبيقها لها ىلع‬
‫‪ )3‬املوضوعية والفضاء العام‬ ‫الوقائع املختلفة‪.‬‬

‫ال بــد للصحفــي أن يعــي التغيرات‬ ‫من شــأن هــذه املعاييــر أن توضح‬
‫التــي طرأت ىلع العمــل الصحفي‬ ‫الفرق بين وسائل اإلعالم املختلفة‪،‬‬
‫ومحيطــه باالنتقــال مــن الصحافة‬ ‫ودرجــة تحيزهــا‪ ،‬واملســافة التي‬
‫التقليديــة إلــى الصحافــة الرقمية‬ ‫تفصل بين املهنــي وغير املهني‪.‬‬
‫ووســائل التواصــل االجتماعي التي‬ ‫فاملهنــي تحركه املحــددات التي‬
‫اتسمت بأمرين أساسيين‪:‬‬ ‫تفرضها تقاليد املهنة نفســها من‬
‫حيث املهام الواجبة وإدارة العالقة‬
‫‪ -1‬انفتــاح وتعددية مصــادر األخبار‬ ‫مع السلطة‪ ،‬وأساليب صياغة الخبر‪،‬‬
‫جدا يف‬‫واملعلومات (وهي تتفاوت ًّ‬ ‫ووضع السياســة التحريرية‪ ،‬والقيم‬
‫مهنيتها وموثوقيتها)‪.‬‬ ‫التي تحكم عمله خاصة يف الوقائع‬
‫الخالفيــة والجدليــة‪ ،‬وغيــر ذلــك‪.‬‬
‫‪ -2‬انتقــال الجمهور من مجرد متلق‬ ‫فنفي وجــود املوضوعية املثالية‬
‫سلبي إلى طرف فاعل ومساهم يف‬ ‫أو إثبــات التحيــز لــدى الجميع‪ ،‬وإن‬
‫صناعة الخبر أو نقله‪.‬‬ ‫بدرجات متفاوتة‪ ،‬ال يلغي املسافة‬
‫التي تفصــل ‪ -‬بوضوح ‪ -‬بين العمل‬
‫الصحفــي املهنــي وبيــن الدعاية‬

‫‪58‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫ويمكــن للعمل الصحفــي املهني‬ ‫ومن شــأن هذه التحوالت أن تفرض‬


‫أن يســتعيد فاعليتــه ودوره املهم‬ ‫ىلع الصحفــي إعــادة التأمــل يف‬
‫واملحترف‪ ،‬من خالل أربعة محددات‪:‬‬ ‫ثالثة أمور‪:‬‬

‫‪ .1‬وضع املعايير وممارســة العقلنة‬ ‫األول‪ :‬حــدود دوره الذي تقلص مع‬
‫يف الروايــة والتمحيــص وتعليــل‬ ‫ممارسة أطراف أخرى للعمل الصحفي‬
‫التحيــزات األخالقية وغير األخالقية‬ ‫أو ما يشبه العمل الصحفي‪ ،‬ومن ثم‬
‫والكشف عنها وإدارة النقاش العلني‬ ‫فعمله لــم يعد قاصــ ًرا ىلع مجرد‬
‫حولها‪.‬‬ ‫الرواية والقص‪ ،‬وإنما بات عليه ً‬
‫أيضا‬
‫نقديا ىلع جهتين‪:‬‬
‫ًّ‬ ‫أن يمارس عم ً‬
‫ال‬
‫‪ .2‬التقويم والنقد لوســائل التواصل‬ ‫جهــة تمحيص مصــادره التي باتت‬
‫االجتماعــي والجهــات املســاهمة‬ ‫محفوفة بمزيد من التحديات‪ ،‬وجهة‬
‫يف بث الروايــات املختلفة للواقع‪،‬‬ ‫نقده للروايات األخرى املتداولة عبر‬
‫والكشــف عــن الزائف وغيــر الزائف‬ ‫املنصات األخرى بعد اإلحاطة بها‪.‬‬
‫منها وتحديد معايير ذلك‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬معرفة جمهوره واالستجابة‬
‫‪ .3‬الكشــف عــن تحيــزات الســلطة‬ ‫للتحديات التــي يفرضها عليه‪ ،‬فلم‬
‫وقوى الهيمنة وأساليبها يف فرض‬ ‫يعد الصحفي يــروي لجمهور خالي‬
‫توجهــات معينة وغيــر معبرة عن‬ ‫الذهن‪ ،‬وإنما لجمهور لديه معلومات‬
‫الجمهور حقيقة‪.‬‬ ‫مضــادة أو مختلفة وغيــر ممحصة‪،‬‬
‫وهــذا يفــرض مســؤولية أكبر يف‬
‫‪ .4‬املراقبة والضبط يف مجال رواية‬ ‫كيفية صياغته لروايته وحججه يف‬
‫الواقــع بدقة وتقنيــات التالعب به‬ ‫إثبات دقتها كذلك‪ ،‬وتفنيد الروايات‬
‫التــي تطــورت يف العالــم الرقمي‬ ‫أو التفاصيل غير الصحيحة‪.‬‬
‫ووسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬
‫الثالــث‪ :‬معرفــة موازيــن القــوى‬
‫وتقنيــات التالعــب باملعلومــات‬
‫وصناعة الــرأي العــام أو التوجهات‬
‫(‪ )Trend‬حتى ال يتــورط يف نقلها‬
‫أو املشــاركة فيها‪ ،‬أو إعادة نشرها‪،‬‬
‫وأن يتعامــل معها بنقديــة عالية‬
‫ىلع جهتيــن أيضا‪ :‬جهــة تقنيات‬
‫صناعتهــا واختبارهــا‪ ،‬وجهــة نقد‬
‫مضمونها كذلك‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫الباب السابع‪:‬‬

‫أخالقيات استعمال‬
‫القوالب الجديدة‬
‫إلنتاج املحتوى‬

‫‪60‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫اإلشكاالت املطروحة‪:‬‬ ‫ال يقتصــر تدخــل وتأثيــر عمالقــة‬


‫اإلنترنــت ومنصــات التواصــل‬
‫‪ -‬العمل ىلع تحويل األخبار والقصص‬ ‫االجتماعــي ىلع مضمون ما ينتجه‬
‫الصحفية إلى تجســيد بصري‪ ،‬يضطر‬ ‫الصحفيون‪ ،‬من خــال الخوارزميات‬
‫املؤسســات الصحفيــة الســتخدام‬ ‫و»الترنــد» وغرف الصــدى فقط‪ ،‬بل‬
‫تصاميــم ورســوم تعبيريــة تحاكي‬ ‫يمتد هــذا التأثيــر ليشــمل قوالب‬
‫مضمون القصة‪ .‬هذا السلوك املهني‬ ‫املحتوى الصحفي يف نهاية مســار‬
‫ينبغي أن ترافقه شفافية توضح أن‬ ‫إنتاجه‪.‬‬
‫الصورة أو الفيديو هو مجرد تجســيد‬
‫للخبر وال يرتبط بالواقعة نفسها‪.‬‬ ‫عمالقة وادي الســيلكون يبسطون‬
‫ســيطرتهم أكثــر ىلع املحتــوى‬
‫‪ -‬خالفا لحقبــة الصحافة التقليدية‬ ‫اإلعالمي مــن خــال برمجتهم ملا‬
‫التــي كان فيهــا التصويــر تخصصا‬ ‫ينبغــي أن يكــون عليه من شــكل‬
‫مســتقال‪ ،‬دفعت القوالــب الجديدة‬ ‫وحجــم حتــى تســمح له بالــرواج‬
‫إلى دمــج عمليــة التصويــر بباقي‬ ‫والنفاذ إلــى املتلقي‪ :‬بيــن املادة‬
‫املهام الصحفيــة‪ ،‬فظهر الصحفي‬ ‫الصحفية القصيرة التي تنسجم مع‬
‫الشــامل الذي يجمــع بيــن الكتابة‬ ‫نمط اســتهالك الـ «ســاندويتش»‬
‫والتعليــق والتصوير والتوضيب‪ ،‬وهو‬ ‫وضــرورة اللجوء إلى الفيديو أو الصور‬
‫ما يفرض الجمع بين أخالقيات هذه‬ ‫أو البيانات املصورة‪ ،‬كشــرط مسبق‬
‫املهام مجتمعة‪.‬‬ ‫للســماح بالنشر‪ ،‬وهو ما يطرح عددا‬
‫من املعضالت املرتبطة بأخالقيات‬
‫‪ -‬تغليــب القالــب ىلع املضمون‪،‬‬ ‫املهنة‪.‬‬
‫جعــل الصحفــي يق ّيــم القصــص‬
‫الصحفية بنــا ًء ىلع مدى مواءمتها‬
‫للقوالب الرقمية ال بنا ًء ىلع القيمة‬ ‫املعضلة األخالقية‬
‫يحول قيم املفاضلة‬‫الخبرية‪ .‬وهذا ّ‬
‫بين القصص يف االجتماع التحريري‬ ‫تطــور تقنيــات ووســائل إنتــاج‬
‫ّ‬
‫بحجم مســاحة املعالجــة البصرية‬ ‫املحتوى الصحفي ونشــره ليســت‬
‫املمكنــة للقصة‪ .‬فقصة مهمة لكن‬ ‫معضلة يف حد ذاتها‪ ،‬ألنها تساعد‬
‫ال تملــك مســاحة معالجــة بصرية‬ ‫يف الوصــول وإطالع الجمهور ىلع‬
‫واســعة‪ُ ،‬تهمــل لصالح قصــة أقل‬ ‫مــا يجري حولــه‪ .‬لكن تطــور قوالب‬
‫أهمية تتوفر ىلع تلك املساحة‪.‬‬ ‫إنتاج املحتوى الصحفي لتتناســب‬
‫مع مــا «تريده» املنصــات الرقمية‪،‬‬
‫أوجد معضــات أخالقية جديدة قد‬
‫تعطي أفضليــة لهذه القوالب ىلع‬
‫حســاب القواعد املهنية‪ ،‬ومن بين‬

‫‪61‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫بتجســيد الخبر أو القصة الصحفية‬


‫يف محتوى سمعي أو بصري أو رسم‬
‫عناوين أخالقية يف‬
‫بياني‪ ،‬يجب أال يسقط الصحفي يف‬
‫اختالق املشــاهد ودعوة املعنيين‬ ‫التعامل مع القوالب‬
‫بها إلى «التمثيل» ومســاعدته يف‬
‫تحقيق املشــهد املطلوب وإظهار‬ ‫الجديدة‬
‫القصة بشكل «جذاب»‪.‬‬
‫من أبرز التحديات التي فرضتها قوالب‬
‫‪ -‬إذا كان هناك مشهد معين يتط ّلب‬ ‫النشــر الجديــدة؛ اســتخدام الصور‬
‫القيــام بحركة بعينهــا كأن يدعى‬ ‫والفيديــو وتحويــل التقارير واألخبار‬
‫شــخص إلى الوقــوف بجانب عمله‬ ‫من النص إلى التجسيد البصري الذي‬
‫الفني أو القيام بحركة معينة خدمة‬ ‫يجعلها قابلة للمشاهدة‪.‬‬
‫ألغــراض التجســيد الــذي يتطلبه‬
‫«اإلخراج» الصحفي‪ ،‬فينبغي اإلعالن‬ ‫ينبغي هنا ىلع الصحفي أن يتمكن‬
‫عن ذلك وإخبار الجمهور بأن اللقطة‬ ‫مــن التقنيــة أوال‪ ،‬حتــى يطوعها‬
‫لم تكن عفوية وأنها تمت بطلب من‬ ‫تصــوره للخبــر أو القصة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ويفــرض‬
‫الصحفي لتصويرها‪.‬‬ ‫ويــوازن بيــن الجــودة واســتعمال‬
‫التقنيات الجديدة‪ ،‬بــدل الخضوع لـ‬
‫‪ -‬إذا تــم التدخــل يف املحتــوى‬ ‫«قوانينهــا»‪ .‬وانطالقــا من املبادئ‬
‫وتعديله ألســباب أخالقية‪ ،‬كإخفاء‬ ‫األخالقيــة للصحافــة ومــا أفرزتــه‬
‫مالمــح وجــوه األشــخاص أو حذف‬ ‫املمارســة العملية‪ ،‬يمكن استلهام‬
‫بعض اللقطــات العنيفة أو املخلة‪،‬‬ ‫القواعد التالية‪:‬‬
‫فينبغــي أن تفصــح املؤسســة‬
‫الصحفية عن ذلك بكل شفافية‪.‬‬ ‫‪ -‬االهتمام بتسجيل الصوت والصورة‬
‫إلى جانب التحري وجمع املعطيات‬
‫‪ -‬اســتعمال املؤثــرات الصوتيــة‪،‬‬ ‫والوقائع‪ ،‬قد ينعكس ىلع مستوى‬
‫كإرفــاق مقطــع معيــن بصــوت‬ ‫تركيــز الصحفي وحرصه ىلع الدقة‬
‫موســيقى تجسد مشــاعر الحزن أو‬ ‫يف النقل وطرح األســئلة الضرورية‪،‬‬
‫يتحــول إلــى‬
‫ّ‬ ‫الفــرح‪ ،‬ال ينبغــي أن‬ ‫خاصــة أن بعــض املؤسســات‬
‫وســيلة للتأثير املفتعــل واصطناع‬ ‫اإلعالمية باتت تهتم بقوالب اإلنتاج‬
‫املشاعر‪ .‬اإلغراق يف استخدام هذه‬ ‫أكثر مــن مضمونه‪ ،‬وهــو ما ينبغي‬
‫التقنيات يســقط العمــل الصحفي‬ ‫للصحفي أن يعي مخاطره ويتجنبه‪.‬‬
‫يف نــوع من التضليل واالســتخدام‬
‫غير األخالقي ملشاعر الناس للتأثير‬ ‫‪ -‬الوعي بأهميــة القوالب الجديدة‬
‫فيهم‪.‬‬ ‫وضــرورة الحصــول ىلع ما يســمح‬

‫‪62‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫‪ -‬اســتخدام البيانات (إنفو غرافيك‬


‫مثــا) يف تقريــر إخبــاري أو قصة‬
‫صحفيــة‪ ،‬يتطلــب األمانــة يف‬
‫النقــل عن املصــدر واإلشــارة إليه‪،‬‬
‫لتمكين املستخدم من تقييم مدى‬
‫صدقيتها‪.‬‬

‫‪ -‬اســتعمال الخرائــط (الثابتــة أو‬


‫التفاعليــة) وتوظيــف املعطيــات‬
‫التاريخيــة‪ ،‬يتطلــب دقــة علميــة‬
‫لتجنب األخطاء التــي قد تؤدي إلى‬
‫إثــارة املشــاعر الوطنيــة والعرقية‬
‫والدينيــة‪ .‬إذا لــم يكــن الصحفــي‬
‫متمكنا من الخصوصيــات التاريخية‬
‫والثقافيــة والجغرافيــة فعليــه‬
‫أن يستشــير مختصــا يؤكــد صحة‬
‫املعطيات املوظفة‪.‬‬

‫‪ -‬الدقة مقدمة ىلع الســبق‪ .‬عامل‬


‫الســرعة الذي تتســم بــه القوالب‬
‫الجديدة إلنتــاج املحتوى الصحفي‪،‬‬
‫يجب أن ال يكون ىلع حساب قواعد‬
‫املهنة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫خاتمة‬

‫لم تترك منصات التواصل االجتماعي‬ ‫رافــق دخول الصحافــة عالم مواقع‬
‫أي مرحلة من مراحل العمل الصحفي‬ ‫التواصــل االجتماعي احتفــا ٌء هائل‬
‫إال وتدخلــت بها‪ ،‬وحتمــا رافق هذا‬ ‫بحجم الفضاءات العامة التي س ُيتاح‬
‫التدخل أســئلة أخالقيــة كبرى‪ ،‬وما‬ ‫للصحافة الوصول لهــا حول العالم‪،‬‬
‫هــذا الدليــل إال محاولــة لطرح تلك‬ ‫إال أن نشوة هذا االحتفاء حالت دون‬
‫التســاؤالت بصــوت أكثــر وضوحــا‬ ‫انتبــاه جــل املؤسســات الصحفية‬
‫ع ّلهــا تلقى االنتباه الــازم من قبل‬ ‫للتحديــات األخالقيــة الجمــة التي‬
‫املؤسســات الصحفيــة لتتحــرك‬ ‫هي بصدد التعرض لهــا‪ .‬ولم تدرك‬
‫ف ُتحكم مواثيقها األخالقية وتجعلها‬ ‫كثير من املؤسســات هذه املخاطر‪،‬‬
‫محصنة من هذا االستحواذ املطلق‬ ‫ّ‬ ‫إلى حد أنها بدت عاجزة عن إحداث‬
‫لوسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫التأثيــر املعتاد يف النقــاش العام‪،‬‬
‫وأن تلــك املنصــات‪ ،‬بخوارزمياتهــا‬
‫الغامضة‪ ،‬وأهدافها التجارية البحتة‪،‬‬
‫بدأت تتحكم يف املشهد الصحفي‬
‫ويف مســارات تدفق املعلومة‪ ،‬إلى‬
‫أن انتهى الحال بتلك الشــركات بأن‬
‫تجلس يف مقعد رئيس التحرير‪.‬‬

‫وكحال أي شــركة‪ ،‬لم تكترث مواقع‬


‫التواصــل االجتماعي ســوى بمعيار‬
‫الربــح وتحقيــق االنتشــار‪ ،‬حتى لو‬
‫كان ىلع حســاب انتشــار األخبــار‬
‫الزائفــة واملضللة‪ ،‬ومــا أدت له من‬
‫انتشار للخطاب املتطرف واملعادي‬
‫لألقليات واألجانب‪ ،‬الذي لم يكن يوما‬
‫ليجد منبرا يف اإلعالم املهني‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫دليل أخالقيات الصحافة‬

‫اطلع ىلع مراجع ذات صلة من معهد الجزيرة لإلعالم‪:‬‬

‫كتاب الصحافة يف زمن الحرب‬ ‫دليــل تجنــب التمييــز وخطاب‬


‫الكراهية يف اإلعالم‬

‫دورة االنحياز الصحفي‬

‫دليل تغطية قصص الالجئين‬


‫‪65‬‬
‫دليل‬

‫أخالقــيات‬
‫الصـــحافة‬
‫يف العصـر‬
‫الــرقــمي‬

‫أعد الدليل‪:‬‬
‫َّ‬
‫يونس مسكين‬
‫محمد خمايسة‬

‫تحرير‪:‬‬
‫منتصر مرعي‬

‫تدقيق لغوي‪:‬‬
‫سيد احريمو‬

‫تصميم‪:‬‬
‫أحمد فتاح‬

‫جميع الحقوق محفوظة‬


‫معهد الجزيرة لإلعالم ‪2022‬‬

You might also like