You are on page 1of 9

‫تأثيه عىل المجتمع‬

‫سوسيولوجيا العالم الجديد وقوة ر‬

‫رينا بنت سعد الرحيىل‬


‫ر ر‬
‫محاضة ف قسم علم االجتماع والخدمة االجتماعية‬
‫جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ‪ /‬السعودية‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫الت تبحث يف االنسان‪ .‬فقد عرف بأنه "علم دراسة اإلنسان‬


‫يتناول علم االجتماع الموضوعات والقضايا ي‬
‫المعط‪ ،1981 ،‬ص‪ .)15 :‬ومن فروع هذا‬ ‫ي‬ ‫العلم" (عبد‬
‫ي‬ ‫والمجتمع دراسة علمية تعتمد عىل المنهج‬
‫اإلعالم وهو يسلط الضوء عىل العملية اإلعالمية كعملية اجتماعية حيوية‪،‬‬
‫ي‬ ‫العلم‪ ،‬ينبثق علم االجتماع‬
‫وتؤدي وظائف مهمة يف المجتمع منها تربوية وتوجيهه يف شت المجاالت وتنعكس بدورها عىل المجتمع‬
‫ككل‪.‬‬

‫والت‬
‫وهذه الورقة محاولة علمية للتعرف عىل أهم القضايا المرتبطة بسوسيولوجيا اإلعالم الجديد ي‬
‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫يطرحها ويناقشها علم االجتماع‪ ،‬بالتكت عىل قضايا إجتماعية تتم من خالل عملية التفاعل‬
‫المتبادل الذي يمت هذا االعالم‪ ،‬وأهمية تأثته عىل عملية التنشئة االجتماعية داخل االس‪ ،‬و القدرة‬
‫عىل الحرية يف الطرح من قبل المستخدمي لهذا اإلعالم الجديد‪ ،‬يف ظل غياب السلطة الضابطة لها‪،‬‬
‫ا‬
‫والتأثت عىل الرأي العام‪ ،‬بل وتشكيله‪ ،‬وتكوين االتجاهات السياسية يف المجتمعات وصول اىل طرح‬
‫يعتت نتيجة‬
‫االجتماع الذي ر‬
‫ي‬ ‫الت تأثرت بالتغيت‬
‫مفهوم الهوية العالمية من خالل بوتقة القيم االجتماعية ي‬
‫لوج الهائل‪ ،‬الذي أوجد لنا هذا اإلعالم المؤثر يف حياتنا االجتماعية‪ .‬ومن خالل‬
‫حتمية للتطور التكنو ر ي‬
‫االجتماع الذي يعتمد عىل تحليل‬
‫ي‬ ‫العلم لهذا الموضوع عن طريق التحليل‬
‫ي‬ ‫عدة محاور‪ ،‬سيتم الطرح‬
‫الكتى والوحدات الصغرى والتفاعالت االجتماعية‪.‬‬ ‫الوحدات ر‬

‫ً‬
‫وال‪ :‬سوسيولوجيا العالم الجديد‪:‬‬ ‫أ‬
‫بباف النظم‬ ‫ت َ‬
‫عتت وسائل اإلعالم نظاما أو نسقا اجتماعيا له دوره ووظائفه‪ ،‬وله قدرة عىل التأثت والتأثر ي‬
‫ر‬
‫االجتماعية المحيطة بالفرد‪ ،‬وقد كان لتطور وسائل االتصال الحديثة‪ ،‬والتغت الذي حدث يف طريقة‬
‫إرسال الرسالة واستقبالها وطرق التأثت عىل الجمهور‪ ،‬أثر كبت عىل النساق االجتماعية المكونة للبناء‬
‫االجتماع ككل‪ .‬وركز علم االجتماع عىل دراسة مداخل نظرية عديدة توضح العالقة بي عناص االتصال‬ ‫ي‬
‫االجتماع‪ ،‬ومدى قدرة التقنيات الحديثة يف االتصال‪ ،‬إىل االقتاب‬
‫ي‬ ‫ودرجة تأثتها وكيف تعمل يف اإلطار‬
‫الشخص‪ ،‬ثم قدرة وسائل اإلعالم عىل إحداث التغيت يف المجتمع ببث أفكار‬‫ي‬ ‫من خصائص االتصال‬
‫حديثة‪ ،‬والتأثت يف العالقات االجتماعية‪ ،‬والقيم وتشكيالت هويات الفراد‪ ،‬ودور قادة الرأي والمؤثرين‬
‫الوظيق‬
‫ي‬ ‫المتلق‪ .‬وال ننىس أهمية الدور‬
‫ي‬ ‫يف مواقع التواصل كوسيط بي الرسالة اإلعالمية والمجتمع‬
‫لوسائل اإلعالم الحديثة‪ ،‬وكيف تتعدد هذه الوظائف‪ ،‬وتتنوع بتنوع وسائل اإلعالم‪ ،‬وتتطور بتطورها‬
‫العلم‪ ،‬وبتعدد اتجاهاته ومتطلباته وبتطور المجتمعات نفسها‪.‬‬
‫ي‬ ‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫وتتغت بتغت الجمهور‪ ،‬وتطوره‬
‫(أبو الحسن‪ ،2007 ،‬ص‪.)9:‬‬

‫الرقم الذي يعتمد عىل التفاعالت المبنية عىل خطي‬


‫ي‬ ‫ولقد عرف اإلعالم الجديد أو ما يسم باإلعالم‬
‫يف االتصال والتواصل‪ ،‬ويعتمد عىل االنتنت كوسيلة أساسية يف نقل المعلومات يف جميع مجاالتها‬
‫(‪ .)cote, 2020‬وعرفته غادة سيد (‪ )2017‬بأنها تلك الوسائل الحديثة ي‬
‫الت ظهرت بظهور الثورة‬
‫المعلوماتية الت كان من أهم إفرازاتها ما صار َ‬
‫يعرف يف الوساط االكاديمية بـ ‪ Web2.0‬أو تطبيقات‬ ‫ي‬
‫الت حولت المستقبل العادي يف‬
‫وه التفاعلية‪ ،‬ي‬
‫والت تمتت بسمة أساسية ي‬ ‫ي‬ ‫الثان للنتنت‪،‬‬
‫ي‬ ‫الجيل‬
‫حالة وسائل االعالم التقليدية (صحفة‪ ،‬إذاعة‪ ،‬تليفزيون) إىل منتج إلعالمه الخاص‪ ،‬من خالل مجموعة‬
‫الت توفرها الشبكة كالمدونات والمنتديات وموقع مشاركة الفيديو وشبكات‬
‫من التطبيقات والخدمات ي‬
‫التواصل متمثلة يف فيسبوك وتويت ولينكد إن (السيد‪ ،2017 ،‬ص‪.)393 :‬‬

‫وقد أصبح هذا اإلعالم جزءا من حياتنا اليومية‪ ،‬بحيث يقوم ببث المعلومات وتكرارها وتحديثها‬
‫الت يقدمها لنا‪ ،‬فلم يعد بوسع الفرد التفكت‪ ،‬أو البحث عن‬ ‫وبالتاىل‪ ،‬ال مفر من المعلومات ي‬
‫ي‬ ‫باستمرار‪،‬‬
‫الت ال تؤثر عىل حياة الفرد فحسب‪ ،‬بل عىل المجتمع بأكمله (قالعة‪،‬‬ ‫المعلومة من دون وسائل اإلعالم ي‬
‫الرقم‪ .‬ويمثل االنتنت‬
‫ي‬ ‫‪ .)2017‬وانتقلت المجتمعات اآلن من عص االختالف والندرة إىل عص التوافر‬
‫االساس لوسائل االتصال الجديدة يف عالمنا اليوم‪ ،‬والذي لم تشهد المجتمعات مثيل لها من‬ ‫ي‬ ‫المصدر‬
‫قبل‪ ،‬ال عىل مستوى تطبيقاتها وال االستخدام المكثف لها وال تأثتاتها وانعكاساتها‪.‬‬
‫الرقم للعام ‪ ،2019‬وصل عدد‬ ‫ي‬ ‫فحسب التقرير الصادر عن مؤسسة "هوتسويت" الكندية عن العالم‬
‫مستخدم مواقع التواصل نحو ‪ 1362‬مليون شخص أي بنسبة ‪ %53‬من عدد سكان الدول العربية؛ وأشار‬‫ي‬
‫ر‬
‫التقرير أن الدول العربية تزيد عن الدول المتقدمة يف مدة استخدام االنتنت بأكت من ساعة ونصف يوميا‪،‬‬
‫وذلك بالنسبة للفئة العمرية من (‪ )64-16‬عاما‪ ،‬وأن متوسط مدة تصفح المستخدمي يف السعودية كان‬
‫لمستخدم صفحات االنتنت‪ ،‬أو مواقع‬
‫ي‬ ‫‪ 4‬ساعات و‪14‬دقيقة (العيسوي‪ .)2020 ،‬هذا العدد الكبت‬
‫التواصل وتفاعلهم مع اآلخر المختلف يجعل المر غاية يف الهمية من ناحية الدراسة والتحليل ومعرفة‬
‫عوامل التحكم بالظاهرة وتوجهها بالشكل المطلوب لصالح استقرار وتنمية المجتمع وتقدمه‪.‬‬

‫االجتماع عن‬
‫ي‬ ‫إن التفاعل المكثف والمستمر الذي يمت هذه الوسائل الحديثة للعالم من خالل التواصل‬
‫تعط‬
‫ي‬ ‫وف مجاالت متنوعة ومثتة وشيقة يف الوقت نفسه‪،‬‬ ‫طريق المتة التفاعلية يف فتة زمنية بسيطة‪ ،‬ي‬
‫الت‬‫الخت والمعلومة أو التفاعل معها‪ ،‬وإبداء الرأي‪ .‬هذه الخاصية ي‬
‫الفراد المشاركي قوة وسيطرة لطرح ر‬
‫يطلق عليها علم االجتماع "السمة التفاعلية" بحيث يكون المشتكون مؤثرين ومتأثرين من خالل هذا‬
‫التفاعل المتبادل بي الفراد بدون أي حدود للزمان أو المكان (بولعويدات‪ ،2016 ،‬ص‪.)47 :‬‬

‫ومن هنا ريتز تأثت وسائل التواصل االجتماعية الجديدة يف التنشئة االجتماعية داخل السة‪ ،‬فقد أدت إىل‬
‫تعزيز العزلة بي أفرادها وضعفت قيم التواصل االسي‪ ،‬فاستبدل البناء االنتنت بآبائهم كمصدر‬
‫‪1‬‬
‫للمعلومات‪ ،‬والتصقوا بالتفاعل والحوار مع اآلخر المختلف حت وصل الفرد لمرحلة الشعور بالغرابة داخل‬
‫ا‬
‫الت أتاحت للفرد تقمص شخصية وهمية تتيح‬ ‫السة الواحدة‪ .‬فضال عن استخدام بعض ر‬
‫التامج والمواقع ي‬
‫له التفاعل مع مجتمع وأصدقاء وهميي‪ .‬ويرجع السبب يف انتشار هذه الظاهرة اىل فقدان التفاعل‬
‫اض عوضا عن‬‫الفعىل الذي يحيط به‪ ،‬ولذلك أصبح اللجوء اىل هذا المجتمع االفت ي‬
‫ي‬ ‫واالنسجام مع المجتمع‬
‫الطبيع مع الهل والقارب‪ ،‬وقضاء الساعات الطويلة يف استكشاف مواقع االنتنت‬ ‫ي‬ ‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫التفاعل‬
‫يعت تغتا يف منظومة القيم االجتماعية لألفراد‪ ،‬وذلك يؤدي إىل االستخدام المفرط للقيم‬
‫المتعددة‪ ،‬مما ي‬
‫ا‬
‫بدل من القيم االجتماعية ( إبراهيم‪،2019 ،‬ص‪.)91 :‬‬ ‫الفردية‬
‫وقد ساعدت مواقع التواصل االجتماع أيضا عىل إيجاد منصة إعالمية ر‬
‫أكت حرية مما كانت تقدمه وسائل‬ ‫ي‬
‫اإلعالم يف السابق‪ ،‬ومعها ضعف ضبط المجتمع‪ ،‬بحيث أصبح الفراد يف المجتمعات لديهم القدرة عىل‬
‫التعبت عن آرائهم بحرية و بدون قيود قمعية تمنع حرية التعبت‪ ،‬وكان لهذه الحرية صيبة عىل المجتمع‪،‬‬
‫نش‬‫بحيث أصبحت المجتمعات تواجه تيارات فكرية مختلفة ومن الممكن أن تكون متصارعة‪ ،‬وتقوم عىل ر‬
‫الت تفتعل بغرض التخريب‪ ،‬وقولبة المواضيع لحسابات تخريبية (‬ ‫الشائعات و الخبار الكاذبة ي‬
‫‪.)Alsadrah,2021;Ali,2011‬‬

‫هذا اإلعالم أصبح بال حدود وطنية للدول ولهذا يصفها البعض "إعالم العولمة"‪ ،‬وإنما يطرح حدودا‬
‫وف تكوين اتجاهاتهم وتعديلها‪ ،‬بل تغتها‬ ‫ر‬
‫افتاضية غت مرئية‪ ،‬وهذا ما جعله أكت فاعلية يف سلوك الفراد‪ ،‬ي‬
‫العالم‬
‫ي‬ ‫يف بعض الحيان‪ ،‬وتشكيل أفكاره جديدة تولد مع هذا التواصل المنفتح‪ .‬كما يتصف هذا اإلعالم‬
‫وبالتاىل تأسيس مجموعة أو عدة مجموعات تتبت مبادئ أو‬
‫ي‬ ‫فيكق االشتاك يف الموقع‪،‬‬
‫ي‬ ‫بخاصية مجانية‪،‬‬
‫أفكار بعينها (العيسوي‪.)2020 ،‬‬

‫وبالرغم من حداثة هذا اإلعالم‪ ،‬إال أن موضوع التنشئة السياسية أصبح من أهم المؤثرات يف تكوين اتجاهات‬
‫الفراد خالل مراحل حياتهم‪ ،‬بجانب الوسائل والطرق التقليدية كالمدرسة والسة والرفاق ودور العبادة‪.‬‬
‫التعاط معه‬
‫ي‬ ‫الثقاف ومقدرته عىل‬
‫ي‬ ‫وهذا التأثت يختلف ويتفاوت عىل حسب إدراك الفرد ووعيه ومستواه‬
‫الذي يفتح له آفاق مختلفة لتكوين اتجاهات سياسية جديدة عوضا عن المحيط المحدود له كما يف السابق‪.‬‬
‫وهذا ما أطلق عليه "التنشئة السياسية الذاتية غت الرسمية وغت موجهة من أي جهة رسمية أو غت رسمية‪،‬‬
‫فالفرد أصبح حرا يف اختيار المواضيع المطروحة وأيضا له كامل الحرية يف المشاركة برأيه والتعليق واالنتقاد‬
‫(الوحىس‪ ،2015 ،‬ص‪ .)284 :‬ويجد عدد من المفكرين يف مجال علم االجتماع‬ ‫ر‬ ‫للقضايا محل النقاش"‬
‫ي‬
‫االجتماع لها الثر الملحوظ عىل التنشئة السياسية داخل المجتمعات‪،‬‬ ‫ي‬ ‫السياس بأن وسائل التواصل‬
‫ي‬
‫ا‬ ‫ر‬
‫الوع‬
‫ي‬ ‫باإليجان‪ ،‬لما له من رفع مستوى‬
‫ري‬ ‫وخاصة عىل فئة الشباب الكت تداول لها‪ ،‬ويصف البعض هذا التأثت‬
‫أكت من مصدر يطرحه هذا الفضاء الجديد‪ ،‬وأنه يزيد من قيمة‬ ‫بالحقوق ومصداقية الخت أو المعلومة من ر‬
‫ر‬
‫االنتماء والوالء لمجتمعاتهم وأوطانهم‪ .‬مما يسهم يف زيادة المشاركة الفعالة يف تنمية الوطان وبنائها‪ ،‬والدفاع‬
‫عنها (العيسوي‪.)2020 ،‬‬

‫والتامج الحديثة‬
‫االجتماع ر‬
‫ي‬ ‫ولو أمعنا النظر يف القدرة عىل التأثت يف الرأي العام وما تسهم به وسائل التواصل‬
‫اإليجان يف بعض أوجه الحياة االجتماعية وتعديل االتجاهات والسلوكيات من خالل التفاعل مع‬‫ري‬ ‫يف التغيت‬
‫بعض القضايا ذات الصبغة اإلنسانية القيمية الجديدة يف مناطق مختلفة من العالم‪ ،‬وتساعد الفراد‬

‫‪2‬‬
‫الدوىل‪ ،‬ولكن يف المقابل البد من‬
‫ي‬ ‫الت تشكل رأيهم العام و‬
‫المستخدمي له يف فهم كثت من الفكار والقضايا ي‬
‫اإلعالم المحتمل وذلك بسب الحرية يف الطرح الذي من الممكن أن يوظف يف تحقيق‬
‫ي‬ ‫التنويه لفخ التضليل‬
‫أهداف معادية لدول أو لمجتمعات معينة‪ ،‬وخاصة أثناء االنتخابات أو التصويت عىل قضايا مصتية ترتبط‬
‫بمستقبل هذه الدولة (العيسوي‪.)2020 ،‬‬

‫االجتماع سيعة‪ ،‬وتأخذ قفزات كبتة يف حياتنا االجتماعية وأصبح العامل‬‫ي‬ ‫لقد أصبحت حركات التغيت‬
‫قت‪ ،‬فتايد اعتماد المؤسسات والمنظمات‬ ‫الساس الذي نعزو له هذا التغيت الشي ــع يعود للتقدم الت ي‬
‫ي‬
‫االجتماعية عىل هذه التقنيات يف معلوماتها واستثماراتها واستخدام نظم معلوماتية حديثة‪ .‬و يف هذا الصدد‪،‬‬
‫نجد أن اإلعالم الحديث يحفز و يطور حركة التغيت يف المجتمعات‪ ،‬وأنه من الحقائق الواضحة يف واقعنا‬
‫تعايىس وانسجام‪ ،‬وتزايدت الدعوات‬‫ر‬ ‫االجتماع والفكري والحضاري سعت هذه التغتات إىل إبراز فكر أ ر‬
‫كت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫الت تنادي بالتعايش الحضاري وفق انفتاح عوالم مختلفة‪ ،‬أ كت من الصدام الحضاري لهذه الثقافات‪ ،‬وهذا‬ ‫ي‬
‫االجتماع من مناظت فكرية مختلفة‬
‫ي‬ ‫بدوره يتيح المجال لمفكرين وباحثي علم االجتماع يف طرح قضايا التغت‬
‫وتشيعات تكفل لهذه المجتمعات واقع معاش‬ ‫عن السابق‪ ،‬والسع لرصدها وتحليلها والخروج بتنظتات ر‬
‫ي‬ ‫َ‬
‫اإلعالم واسع اآلفاق (عبيد‪ .)2020 ،‬هذا النوع من اإلعالم سالح مزدوج‪،‬‬ ‫كت تكيفا‪ ،‬يف ظل هذا الفضاء‬ ‫أ ر‬
‫ي‬
‫أكت توافقا‪ ،‬واتفاقا لليمان بمذهب التعايش والتكيف مع‬ ‫فمن الممكن توجيهه بدور إيجان لسيادة فكر ر‬
‫ري‬
‫ر‬
‫سلت وأكت خطورة‪،‬‬‫والسع لبناء عالم يسوده الحرية والسالم والعدالة‪ ،‬ومن الممكن توجيهه بشكل ر ي‬
‫ي‬ ‫االخر‪،‬‬
‫وفتك بالمجتمعات لما لديه من قدرة تغيتية يف الفكر والتأثت عىل االفراد والمجتمعات‪( .‬الديب‪،2019 ،‬‬
‫‪.)529‬‬

‫تأثي االعالم الجديد عىل المجتمع‪:‬‬


‫ثانيا‪ :‬قوة ر‬
‫مناج الحياة المختلفة‪ :‬من‬
‫ي‬ ‫يشكل هذا اإلعالم دورا هاما يف نقل الثقافة ونقل المعلومات يف شت‬
‫ا‬
‫العلوم واالقتصاد والسياسة والتفيه والقيم‪ ،‬وصول اىل المحيط الذي يستيد منه الفرد‪ ،‬وينهل‬
‫الت تجعل له آفاق أوسع يف مداركه من السابق‪ .‬ومع هذا التحول‪ ،‬أصبح متاحا‬
‫المعارف والمعلومات ي‬
‫ثقاف جديد لهذه المجتمعات‬
‫والت لها أثر بالغ يف بناء نسيج ي‬
‫له هذا الكم الهائل من التعددية الثقافية‪ ،‬ي‬
‫بفضاء عام‪.‬‬
‫فوجود سمة التفاعلية الممتة للعالم الحديث‪ ،‬يجعل لعملية التواصل قوة فاعلة يف عملية التغيت‬
‫والسلوك‪ .‬ووجود‬
‫ي‬ ‫والقيم‬
‫ي‬ ‫والتأثت والتأثر بأفراد مختلفي‪ ،‬ومن ثقافات مختلفة عىل الصعيد الفكري‬
‫ر‬
‫فكرة الالتزامنية تتيح للفرد حرية يف معرفة المعلومات‪ ،‬يف أي وقت يناسب الفرد‪ ،‬وليس مشوطا‬
‫بوقت محدد أو زمن معي‪ .‬وإمكانية الحركية أو التحرك معه يجعله سهل االستخدام‪ ،‬ومتاح يف أي‬
‫التعاط‪،‬‬
‫ي‬ ‫مكان فهو متاح يف الجهزة اللوحية‪ ،‬وموجود يف أجهزة الهاتف النقال‪ ،‬حيث يكون من السهل‬
‫والتعامل معها بشكل سي ــع ومتوفر‪ .‬ولها أيضا خاصية االنتشار الشي ــع الفوري للمعلومة يف نفس‬
‫الخت‪ ،‬وتصل لجميع مستوى وطبقات المجتمع‪ ،‬وهو ما يعزز فكرة‬ ‫ينش فيها المستخدم ر‬ ‫الثانية الت ر‬
‫ي‬
‫الكونية لدى هذا اإلعالم الجديد‪ ،‬فبيئة هذا اإلعالم عالمية ودولية‪ .‬وال ننىس وجود وسائط اتصال‬
‫الخت‪ ،‬أو الصوت‪ ،‬أو كلها مجتمعة معا‬
‫النواج االتصالية سواء الصورة‪ ،‬أو ر‬
‫ي‬ ‫متعددة له‪ ،‬تجمع جميع‬
‫المباس‪ ،‬أو التسجيل‪ ،‬مما يسمح بكثافة معلوماتية ضخمة تجمع يف طياتها ثقافات‬‫ر‬ ‫يف الفيديو سواء‬

‫‪3‬‬
‫ومعان ورموز عديدة‪ ،‬ما يجعل لها قدرة تأثتية جبارة يف تغت قناعات وسلوكيات االفراد داخل‬
‫ي‬ ‫متنوعة‬
‫المجتمعات (باتنة‪ ،2014 ،‬ص‪ .)216-215 :‬فنحن يف زمن الحداثة السائلة كما عرفها "باومان" أي‬
‫والمعان تصب يف كل االتجاهات (كتيبة‪ ،2018 ،‬ص‪.)99 :‬‬
‫ي‬ ‫أصبحت الصورة والرموز‬
‫الت تتشكل وتتكون من خالل ثقافة المجتمعات‪ ،‬فعند حدوث تغتات يف المجتمعات عىل‬ ‫أما القيم ي‬
‫ويتز عىل مستوى‬ ‫الطبيع أن تصل هذه التغيتات لنسق القيم االجتماعية‪ ،‬ر‬‫ي‬ ‫مستوى الثقافة فإنه من‬
‫وه تتعلق بالخالقيات‬ ‫تبت عليها المجتمعات أجيالها‪ ،‬ي‬ ‫الت ي‬
‫سلوك االفراد؛ فتعد القيم من أهم الركائز ي‬
‫تعت القيم عن التفضيالت اإلنسانية‬ ‫والمبادئ الضابطة لسلوكيات الفراد داخل مجتمعاتهم‪ .‬و ر‬
‫أكت عمومية (السيف‪ ،2003 ،‬ص‪ .)102 :‬وإن من مكونات‬ ‫والتصورات لما هو مرغوب عىل مستوى ر‬
‫المعرف يتيح للفرد حرية االنتقاء‬
‫ي‬ ‫والسلوك؛ فإن المكون‬
‫ي‬ ‫والوجدان‪،‬‬
‫ي‬ ‫المعرف‪،‬‬
‫ي‬ ‫القيم هو المكون‬
‫َ‬
‫للقيمة‪ ،‬ومن الممكن أن يتأثر الفرد بأي قيمة من القيم الموجودة يف هذا البحر الكبت من التواصل‪،‬‬
‫الوجدان يكمن‬
‫ي‬ ‫من خالل التعرف عىل قيم جديدة يف ثقافات مختلفة‪ ،‬وتبنيها لقناعة بها‪ .‬أما المكون‬
‫السلوك الذي‬‫ي‬ ‫الشعور بالسعادة واالعتاز بقيمة معينة والرغبة يف إعالنها عىل المأل‪ .‬وأختا‪ ،‬المكون‬
‫الت يتبناها الفرد‪ ،‬ويمارسها كلما سنحت له الفرصة بذلك (الديب‪،‬‬ ‫يتمثل يف الممارسة لهذه القيمة ي‬
‫‪ ،2019‬ص‪.)543 :‬‬
‫ا‬
‫اإليجان عىل‬
‫ري‬ ‫فهم (‪ )2016‬بأن اإلعالم الحديث أصبح أداة ووسيلة أساسية للتأثت‬ ‫ي‬ ‫وخلصت دراسة‬
‫المنظومة القيمية للشباب‪ ،‬وأن هذا التأثت لم يقتص فقط عىل اإلمداد بالمعلومات عن القضايا‬
‫المختلفة‪ ،‬أو التأثت يف االتجاهات والسلوك نحو بعض القضايا المثارة عىل الساحة‪ ،‬وإنما وصل المر‬
‫والت من المفتض ثباتها عىل نحو كبت‪ .‬وجاءت‬ ‫َ‬
‫ليصبح رافدا مؤثرا عىل المنظومة القيمية للشباب‪ ،‬ي‬
‫التأثتات القيمية عىل المنظومة القيمية للشباب بالدرجة الوىل‪ ،‬منصبة عىل التأثتات القيمية‬
‫االجتماع بالدرجة الوىل‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن‬
‫ي‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وهو ما يتناسب بالفعل مع كونه وسيلة للتواصل‬
‫التغيت يف القيم أصبح أمرا ملموسا عند الفراد‪ ،‬ليس فقط من خالل تغيت المواقف واالتجاهات‪ ،‬وإنما‬
‫اض‬‫شمل التغت يف الرغبات والطموحات وبعض أنماط السلوك‪ ،‬نتيجة النخراطه يف هذا العالم االفت ي‬
‫الذي يتعامل فيه ويتفاعل مع الخرين ويكتسب منهم ما يوجهه نحو تحقيق رغباته من خالل بعض‬
‫الت يتبناها (الديب‪ ،2019 ،‬ص‪.)542 :‬‬‫القيم الجديدة ي‬
‫الت نصل فيها للوجهة التغيتية يف معالجة هذا التأثت من قبل االعالم الحديث عىل المجتمع‬ ‫أما الهوية ي‬
‫فتعتت الهوية متجددة متفاعلة مع الزمكانية‬
‫ر‬ ‫االجتماع‪.‬‬
‫ي‬ ‫نعتتها عىل رأس الهرم يف قضية التغت‬ ‫الت ر‬‫ي‬
‫فه‬
‫جدلية بي النا واآلخر‪ ،‬وتشمل العديد من الشعوب واإليديولوجيات والثقافات والقوميات‪ ،‬ي‬
‫اجتماع‪ ،‬بأن الهوية‬
‫ي‬ ‫تجمع بذلك العديد من المقاربات الفكرية‪ ،‬ويتضح لنا من هذا المفهوم السيكو ‪-‬‬
‫وه تمكن الفراد‬‫تولد من خالل تفاعل الفراد مع بيئاتهم عن طريق انتمائهم لجماعات اجتماعية‪ ،‬ي‬
‫فه الوسط بي هوية ذاتية تتحدد بذاتها‪،‬‬ ‫من التعرف عىل ذواتهم وتعرف مجتمعاتهم عليهم‪ .‬ي‬
‫ومتعددة كونها تحدد من المجتمع‪ ،‬فال يمكننا فهم وتفست الهوية إال بالرجوع إىل الخلفية‬
‫السسيوتاريخية‪ ،‬فالتاكمات التاريخية والستورة من العناص االساسية للهوية‪ ،‬وتكون من ضمن‬
‫العالقات مع جماعات بجماعات أخرى مختلفة عنها يف المكان والزمان ومن مجتمع آلخر‪ ،‬وهذا من‬
‫تاىل يفش لنا زوال بعض المعايت والعادات‪ ،‬عىل الرغم من أنها كانت مقدسة‬‫شأنه أن يعيد إنتاجها؛ وبال ي‬
‫وع الفراد (كتيبة‪.)2018 ،‬‬‫التخىل عنها والبعض منها ال زالت قائمة يف ي‬
‫ي‬ ‫وتم‬

‫‪4‬‬
‫االجتماع بكونها حلقة وصل‬
‫ي‬ ‫ويساهم هذا الفضاء والشبكات المفتوحة عىل اآلخر ومواقع التفاعل‬
‫الت تجاوزت الزمكانية‬
‫مؤثرة بي الفاعلي االجتماعيي من مختلف الثقافات‪ ،‬فالوسائط والمضامي ي‬
‫الت يغوص الفرد بها للتعرف عىل اآلخر‪ ،‬وبناء ثقافة الحوار المفتوحة عىل‬
‫تضم الحداث والفكار ي‬
‫مصاعيها‪ ،‬من خالل إيجاد بيئة خصبة رلتوز هذا المزج بينها يف محاولة إدماج بعض من هذه المعارف‬
‫الت تعيد صياغة بعض القيم لديه‪ ،‬وتسهم يف تشكل هويتهم‪ .‬و يف هذا الصدد يرى المحيفظ" أن‬ ‫ي‬
‫وع بالذات‪ ،‬تحدده قوى العقل المجرد والمبدع والشكال الحديثة لتصور الحرية‬ ‫ه ي‬ ‫الهوية الحديثة ي‬
‫الذان ومتطلبات العناية والعدالة الكونية" (كتيبة‪ ،2018 ،‬ص‪:‬‬
‫ي‬ ‫وف مثل التحقيق‬
‫والكرامة والحقوق‪ ،‬ي‬
‫‪.)101‬‬
‫إن وجود اإلعالم الجديد كظاهرة اجتماعية وحقيقة ال يمكن التشكيك بقوته وتأثته‪ ،‬وقد أصبح جزءا‬
‫الوع والديمقراطية والمشاركة يف نقل االخبار‬ ‫ي‬ ‫من حياتنا اليومية‪ ،‬وحقق مستويات عالية من‬
‫الت قد تزيد‬ ‫ر ي‬
‫الخارج‪ ،‬وتزويد الفراد بالمعلومات ي‬ ‫والمعلومات وإ رساك المتابعي بالحداث وبالعالم‬
‫والتعاط مع مختلف الجناس والعراق والثقافات المختلفة‪ ،‬وهذا‬ ‫ي‬ ‫وختاتهم يف التعامل‬
‫من فهمهم ر‬
‫التخىل‬
‫ي‬ ‫الت من الممكن‬
‫ما يصنع التحوالت الجذرية يف قناعاتهم وآرائهم ورفع وعيهم ببعض النماط ي‬
‫عنها لنها أصبحت ال تتسم بصفة التكيف العصي مع متطلبات الواقع المعاش فيحدث هنا التغت‬
‫والتبت للهوية المشتكة الجديدة للعالم اليوم الذي ال يمكن تجاهل تأثته عىل الفراد‬
‫ي‬ ‫وتعديل السلوك‬
‫والمجتمعات بشكل واضح‪ .‬وبــهذا‪ ،‬يصبح اإلعالم الحديث هو المصدر الذي خلق هذه الهوية‬
‫الجديدة أو ما تسم اليوم بالهوية العالمية يف ظل التقنية المتصاعدة يف مختلف أقطار العالم عن‬
‫تاىل تعزز‬
‫الت ترفع من شعور االفراد بأهميتهم‪ ،‬وبال ي‬
‫طريق الحوار‪ ،‬وإبداء الرأي وطرح الفكار‪ ،‬وتبادلها ي‬
‫لديهم قيم الهوية المشتكة (كتيبة‪ ،2018 ،‬ص‪.)104-103 :‬‬
‫كثت من الباحثي يتخوف من طرح قضية كقضية الهوية العالمية‪ ،‬وذلك لن مفهوم الهوية بحد ذاته‬
‫يحتوي عىل أفكار ذات دالالت سياسية واجتماعية تمس عمق المجتمع‪ .‬فالخوف من فقدان الهوية‬
‫لهذه المجتمعات جعلهم ينظرون أو يفشون الموضوع من منطلق الحرب عليهم وانسالخهم من‬
‫هوياتهم وربطهم للهوية الوطنية بموضوع االستعمار واالستعباد لمجتمعاتهم (نعيجية‪ ،2016،‬ص‪:‬‬
‫الحاىل فالوضع الراهن مختلف تماما‬ ‫منح آخر عن ربطه بعصنا‬‫ا‬ ‫‪ .)112‬هذا التحليل أعط الموضوع‬
‫ي‬
‫الت تشكل حدث مهم‬ ‫عن هذه التأويالت الفكرية فنحن اليوم يف صدد مواكبة ثورة التكنولوجيا ي‬
‫الت ال مفر وال غت عنها‪ ،‬لو أردنا مواكبة هذا العالم المتطور والمتحرك‬
‫ومحرك لجميع المجتمعات ي‬
‫الرقم (إثراء‪)2021 ،‬‬
‫ي‬ ‫بشكل سي ــع‪ .‬وما طرحته الدكتورة هيلة يف مؤتمر إثراء من خالل برنامج االتزان‬
‫الحاىل يتم بطريقة عشوائية وفردية من قبل الشباب لذلك يجب‬ ‫ي‬ ‫تبت الهوية العالمية يف الوقت‬
‫" أن ي‬
‫تبت سياسات مجتمعية توجه هذا التغيت بما يتوافق ويوائم الهوية الوطنية"‪.‬‬ ‫ي‬
‫والسياس للدولة من‬
‫ي‬ ‫ما نراه اليوم من تواصل حضاري واستدماج للمعامالت عىل الصعيد االقتصادي‬
‫السلوك عن طريق عملية التفاعل‪ ،‬إليجاد نقاط‬
‫ي‬ ‫الوع‬
‫ي‬ ‫خالل مؤسساتها وأنظمتها‪ ،‬والفراد من خالل‬
‫مشتكة تجمع االفراد من خالل معايت اجتماعية عامة مشتكة هو بحد ذاته تحقيق لهذا االندماج بي‬
‫الهويات مع حفاظ المجتمعات عىل خصوصيتها الثقافية من خالل إبراز هويتهم وتعزيزها يف الجوانب‬
‫ثقاف وخصوصية للهوية‬‫وتعط إثراء ي‬
‫ي‬ ‫فه ما تمت الشعوب‬ ‫االيجابية وليس تهميشها‪ ،‬بل عىل العكس ي‬
‫الوطنية الخاصة بها‪ .‬ولو طرحنا رؤية المملكة العربية السعودية عىل سبيل المثال ال الحص‪ ،‬نجد أن‬
‫ما تم طرحه من برامج اقتصادية وثقافية مشتكة مع رسكات عالمية للتنمية وللتحديث تعتمد عىل‬

‫‪5‬‬
‫االجتماع بشكل كبت سواء للعالن او التسويق او التطوير وذلك‬
‫ي‬ ‫ون‪ ،‬ووسائل التواصل‬‫الفضاء االلكت ي‬
‫ر‬
‫عن طريق استخدام وسائل اإلعالم الحديثة الكت تأثتا عىل تغيت منظومة القيم والثقافة لدى أفراد‬
‫المجتمع السعودي‪ ،‬لكونهم مستخدمي بشكل فاعل لهذه التقنيات‪ .‬من خالل تجهت إطار فكري‬
‫الت تساهم هذا االدماج بشكل يسهل لهذه‬ ‫َ‬
‫تبت الفكار ي‬‫م جديد لدى أفراد المجتمع ومحاولة ي‬ ‫قي ي‬
‫والتعاط‬
‫ي‬ ‫التعامالت والتبادالت الفكرية والسلوكية بي الهوية الوطنية والهوية العالمية للتفاعل‬
‫وبالتاىل‪ ،‬تطوير مجتمعنا داخل الكوكبة العالمية‬ ‫بانسيابية وسهولة‪ ،‬ويسهم أ ر‬
‫كت يف تطوير االفراد‪.‬‬
‫ي‬
‫الحديثة‪ ،‬وهو ما يجعلنا نخوض يف هذا التطور والتواصل يف إعالم جديد وعالم متطور عىل أرض‬
‫نخىس االنسالخ من الهوية الوطنية منفتحة عن طريق أفراد قابلي ومتقبلي‬ ‫صلبة لنا جذور بها‪ ،‬وال ر‬
‫الرقم الذي ال مناص منه‪ ،‬بل البد من جعله أداة لتطويرنا‬
‫ي‬ ‫للتغت الذي يجوب العالم من خالل اإلعالم‬
‫ودفعنا لألمام‪.‬‬
‫عالم‬
‫ي‬ ‫ولو نظرنا اليوم ما يحدث يف دولة االمارات لوجدنا خت دليل لما قدمناه من طرح‪ ،‬فوجود حدث‬
‫دن شعارا لهذا المعرض وهو " تواصل العقول وصنع‬ ‫دن ‪ ،2020‬وما اتخذته ر ي‬ ‫مثل معرض إكسبو ر ي‬
‫المستقبل" الستوعبنا حقيقة ما يحدث من حولنا بوجود نقاط تشاركية بي الفراد بالرغم من اختالف‬
‫الهويات المكونة لهم من أقطاب العالم‪ ،‬ولم تنس اإلمارات أهمية وتأثت المفكرين‪ ،‬والمبدعي‪،‬‬
‫والحقيق يف نقل الصورة لهذا الحدث؛‬
‫ي‬ ‫االجتماع ودورهم الفعال‬
‫ي‬ ‫والمؤثرين عىل مواقع التواصل‬
‫اكت راساقا من ذي قبل‪ .‬فلدى الفراد وثقافاتهم نقاط مرجعية‬ ‫فالعالم اليوم يسع اىل إيجاد مستقبل ر‬
‫يف هوياتهم يشتكوا بها مع أفراد العالم‪ ،‬فالهدف هو رفع هذه القيم والهويات العالمية المشتكة‪،‬‬
‫العرف والفكري الذي يودي اىل التاع والتفرقة‪ ،‬من الممكن‬
‫ي‬ ‫والمحاولة يف التقليل من التنافر والتباعد‬
‫ا‬ ‫أن تكون النظرة هذه ر‬
‫أكت تفاؤل من الواقع المعاش لبعض المفكرين‪ ،‬ولكنها محاولة جادة وواقعية يف‬
‫التكنولوج والمتطور‪.‬‬
‫ر ي‬ ‫الت ستعيش يف هذا العالم‬ ‫حقيق لألجيال القادمة ي‬ ‫ي‬ ‫بناء مستقبل‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫الوع بالتغيت مطلب‪ ،‬إذا أردنا لهذا التغيت أن يكون إيجابيا يف مجتمعاتنا‪ .‬وحت تنعم مجتمعاتنا بالسلم‪،‬‬
‫ي‬ ‫إن‬
‫وواقع ليكون سببا‬
‫ي‬ ‫والتكيف‪ ،‬والتعايش‪ ،‬والتطوير‪ .‬فيلزم المجتمعات والشعوب استدراك المر بشكل واع‬
‫اإليجان لها‪ .‬فكان البد علينا من تناول‬
‫ري‬ ‫يف تحسي مستوى الحياة وجودته‪ ،‬إذا ما استخدم بالشكل‬
‫الت‬ ‫االجتماع لنفهم مدى عمق الظاهرة وتمفصالتها ي‬
‫ي‬ ‫سوسيولوجيا اإلعالم الجديد بنوع من التحليل‬
‫علم منظم‪ ،‬وذلك من خالل ربط اإلعالم‬ ‫ي‬ ‫عت نظرياته ودراساته بشكل‬ ‫يطرحها ويناقشها علم االجتماع‪ ،‬ر‬
‫االجتماع وهذا النسق يؤدي وظيفة داخل البناء وعالقته بالنساق‬
‫ي‬ ‫الذي يشكل نسقا من أنساق البناء‬
‫الخرى‪ ،‬وأيضا اعتباره وسيلة تنقل لنا التغت عىل جميع الصعدة من خالل تغيت الثقافة المشكلة‬
‫اجتماع‬
‫ي‬ ‫ون العام لخلقه مساحة عامة تعمل كحت‬ ‫الت يطرحها هذا الفضاء والمجال االلكت ي‬ ‫للمجتمعات ي‬
‫والت تسهم بشكل‬ ‫تاىل‪ ،‬تعديالت سلوكية من خاللها‪ ،‬ي‬ ‫يسهل إمكانية طرح أفكار بديلة للقيم وتبنيها‪ .‬وبال ي‬
‫الت تسمح بتنوعها وتعددها وتوافق‬‫فعال يف خلق هوية عالمية جديدة تحتضن بداخلها الهويات الوطنية ي‬
‫االجتماع المشتك؛ وهذا يبت من خالل إيجاد مساحة للتقبل والتكيف بي الفراد يف ظل‬ ‫ي‬ ‫عىل التعايش‬
‫هذا التنوع والتعددية الثقافية القابلة للتعايش كونهم يحملون صفات وقيم إنسانية مشتكة‪ ،‬ونرجو أن‬
‫يكون ما تم تقديمه نافع وممتع‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫سبتمت ‪ .18‬مؤتمر اطالق برنامج إثراء سنيك]ملف فيديو [‪ .‬يوتيوب‬ ‫ر‬ ‫إثراء‪،)2021( .‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=-BeWQNlQ8E8‬‬
‫بولعويدات‪ ،‬حورية (‪ .)2016‬مقاربة فكرية لثنائية االنتنيت والهوية‪ .‬الجزائر‪ :‬مجلة العلوم‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ .‬العدد ‪ .12‬ص‪ .‬ص ‪.62 -42‬‬
‫الديب‪ ،‬هبة أحمد (‪ .)2019‬تأثت اإلعالم الجديد عىل بعض القيم االجتماعية يف المجتمع‬ ‫‪-‬‬
‫ان – دراسة تطبيقية عىل عينة من طالب الجامعة‪ .‬مجلة المسار التبوي والعلوم‬ ‫اإلمار ي‬
‫االجتماعية‪ .‬المجلد ‪ .6‬ص‪ .‬ص ‪.554 -526‬‬
‫حميدة‪ ،‬نواصية (‪ )2019‬أثر اإلعالم الجديد عىل قيم الشباب دراسة ميدانية من منظور‬ ‫‪-‬‬
‫الحتمية القيمية يف اإلعالم عىل شباب مدينة – برج بوعريري ــج‪ .‬جامعة ربان عاشور – الجلفة‬
‫– مجلة آفاق للعلوم‪ .‬مجلد‪ .4‬العدد ‪ .15‬ص‪.103 -86 :‬‬
‫السيف‪ ،‬محمد إبراهيم‪ )2003( ،‬المدخل إىل دراسة المجتمع السعودي‪ ،‬ط ‪ ،2‬الرياض‪ :‬دار‬ ‫‪-‬‬
‫الخريح ر‬
‫للنش والتوزي ــع‪.‬‬ ‫ر ي‬
‫فهم‪ ،‬نجالء (‪ )2016‬دور اإلعالم الجديد يف تغيت المنظومة القيمية لدى الشباب – دراسة‬ ‫ي‬ ‫‪-‬‬
‫تطبيقية عىل الشباب المصي‪ .‬المجلة العلمية لبحوث العالقات العامة واإلعالن‪ .‬المجلد ‪.4‬‬
‫العدد‪ .8‬ص‪.229 -173 :‬‬
‫النش للجامعات‪.‬‬‫أبو الحسن‪ ،‬منال (‪ .)2007‬اساسيات علم االجتماع اإلعالم‪ .‬القاهرة‪ :‬دار ر‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬
‫إبراهيم‪ ،‬هبة إبراهيم جودة (‪ .)2019‬التأثتات السلبية للعالم الجديد وعالقتها بضعف التفاعل‬ ‫‪-‬‬
‫الواقع بي افراد السة‪ .‬القاهرة‪ :‬الدورية المصية‪ .‬العدد ‪ .18‬ص‪ .‬ص ‪.109 -85‬‬ ‫ي‬
‫بولعويدات‪ ،‬حورية (‪ .)2016‬مقاربة فكرية لثنائية االنتنيت والهوية‪ .‬الجزائر‪ :‬مجلة العلوم‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ .‬العدد ‪ .12‬ص‪ .‬ص ‪.62 -42‬‬
‫الديب‪ ،‬هبة أحمد (‪ .)2019‬تأثت اإلعالم الجديد عىل بعض القيم االجتماعية يف المجتمع اإلمار ي‬
‫ان‬ ‫‪-‬‬
‫– دراسة تطبيقية عىل عينة من طالب الجامعة‪ .‬مجلة المسار التبوي والعلوم االجتماعية‪ .‬المجلد‬
‫‪ .6‬ص‪ .‬ص ‪.554 -526‬‬
‫سيد‪ ،‬غادة ممدوح (‪ .)2017‬اإلعالم الجديد والشبكات االجتماعية ‪ social networking‬مدخل‬ ‫‪-‬‬
‫نظري لفهم الخصائص والسلبيات‪ .‬جامعة القاهرة‪ :‬المجلة العلمية لبحوث اإلذاعة والتلفزيون‪.‬‬
‫العدد‪ .9‬الصفحات‪.421 -389 :‬‬
‫االجتماع عىل الحركات االجتماعية وتشكيل الرأي‬ ‫ي‬ ‫عبيد‪ ،‬حسن (‪ )2020‬تأثت وسائل التواصل‬ ‫‪-‬‬
‫التاىل‬
‫ي‬ ‫الرابط‬ ‫عىل‬ ‫متاح‬ ‫‪.‬‬ ‫‪https://vistointernational.org/ar‬‬ ‫العام‪.‬‬
‫االجتماع‪-‬عىل‪-‬الح‪/‬‬
‫ي‬ ‫‪/https://vistointernational.org/ar‬مقاالت‪/‬تأثت‪-‬وسائل‪-‬التواصل‪-‬‬
‫االجتماع‪ :‬تأثتات متنامية وأدوار شائكة يف العالم‬ ‫ي‬ ‫العيسوي‪ ،‬رأسف (‪ .)2020‬وسائل التواصل‬ ‫‪-‬‬
‫التاىل‬
‫ي‬ ‫الرابط‬ ‫عىل‬ ‫متاح‬ ‫‪.‬‬ ‫‪/https://trendsresearch.org/ar‬‬ ‫العرن‪.‬‬
‫ري‬
‫االجتماع‪-‬تأثتات‪-‬متنا‪/‬‬
‫ي‬ ‫‪/https://trendsresearch.org/ar/insight‬وسائل‪-‬التواصل‪-‬‬
‫قالعة‪ ،‬كريمة (‪ .)2017‬وسائل اإلعالم ودورها يف بناء الحقائق االجتماعية‪" :‬انعكاس للواقع ان بناء‬ ‫‪-‬‬
‫وهم"‪ .‬جامعة صالح بوبنيدر قسنطينة‪ :‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ .‬العدد ‪ .47‬ص‪ .‬ص ‪.72 -61‬‬

‫‪7‬‬
‫ دعم ثقافة‬،‫ دور اإلعالم الجديد يف التنشئة السياسية‬.)2015( ‫عىل مصباح محمد‬ ‫ر‬ -
‫ ي‬،‫الوحيىس‬
‫ي‬
‫ العدد‬،‫ مجلة علوم اإلنسان والمجتمع‬.‫ جامعة الزوية‬:‫ ليبيا‬.‫ ترسيخ الثقافة الدستورية‬،‫المواطنة‬
.294 -275 ‫ ص‬.‫ ص‬.16

- Ali, A. H. (2011). The Power of Social Media in Developing Nations:


New Tools for Closing the Global Digital Divide and Beyond. Harvard
Human Rights Journal, 24.

- Alsadrah, S. A. (2021). Social media use for public health promotion in


the Gulf Cooperation Council. Saudi Medical Journal, 42(1), 9-20.
doi:10.15537/smj.2021.1.25470

You might also like