Professional Documents
Culture Documents
محاضرات في مقياس القيادة والاتصال المؤسساتي
محاضرات في مقياس القيادة والاتصال المؤسساتي
عنوان:
مطبوعة بيداغوجية موجهة لطلبة السنة األولى ماستر في علم االجتماع تخصص :علم
اجتماع التنظيم والعمل
إعداد األستاذة:
-د /سيساوي فضيلة
فهرس المحتويات
الصفحة العنوان
8-5 .Iمدخل عام للقيادة
5 -1مفهوم القيادة..................................................................................
7 -2إحراز القيادة..................................................................................
8 -3عناصر القيادة................................................................................
2
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
3
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
قائمة الجداول
الصفحة عنوان الجدول رقم
26 يوضح نظرية X Y 01
45 يوضح أغراض–أهداف -االتصال التنظيمي 02
52 يوضح فعالية وسائل االتصال المختلفة 03
قائمة األشكال
الصفحة عنوان الشكل رقم
12 يوضح عوامل الموقف 01
13 يوضح الفروقات بين القائد ،الزعيم ،الرئيس ،رجل األعمال ،والفوضوي 02
25 يوضح نظرية الشبكة اإلدارية 03
34 يوضح البيئة العامة أو السياق االجتماعي لالتصال 04
36 يوضح عناصر عملية االتصال عند كلود شانون" و "وارن ويفر 05
37 يوضح عناصر عملية االتصال عند "ويلبرشرام 06
57 يوضح مفهم المعبر أو الجسر أو االتصاالت الجانبية عند فايول 07
65 يوضح نموذج حلقة الوصل وفق "رنسيس ليكرت" 08
4
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
.1مفهوم القيادة:
لقد تعددت وتنوعت التعاريف المقدمة لمفهوم القيادة ،وهو ما يدل على مقدار ،وحجم االهتمام الذي ناله
موضوع القيادة ،بوصفه من أهم الموضوعات التي نالت اهتمام العلوم اإلنسانية بصورة عامة ،والعلوم
االجتماعية على وجه أدق.
لكن وقبل استعراض أهم التعاريف التي قدمت لمفهوم القيادة دعنا أوال نميز بين مفهوم القيادة ،ومفهوم
القائد .إذ يشير مفهوم القيادة إلى العملية ،في حين يشير مفهوم القائد إلى مركز بناء الجماعة.
(شفيق ،1994،ص )103
هذا ونجد من بين التعاريف التي قدمت لمفهوم القيادة ذلك التعريف الذي يرى بأن القيادة عبارة عن "تفاعل
اجتماعي نشيط مؤثر وموجه وليست مجرد "مركز أو مكانة وقوة"( .شفيق ،1994،ص )81والمالحظ على
هذا التعريف أنه ركز على البعد االجتماعي ،والعالئقي ،أو العاطفي ،في فهم القيادة أو عملية القيادة .ذلك
أن عملية القيادة مرتبطة ارتباطاً وثيقا بالجماعة ،وبنشاط ،وأهداف الجماعة ،حيث تلعب القيادة دور النشط،
المؤثر ،والموجه ألفراد الجماعة ،وليس مجرد االكتفاء بدور المستمع مع االستحواذ على مكانة ،والمركز
داخل الجماعة ،التي يشكل أعضاءها ما يعرف أو يسمى باألتباع .أي بمعنى أن للقيادة القدرة على التأثير
في أفراد لجماعة ،وتوجيه سلوكهم في اتجاه معين ،بهدف بلوغ الهدف ،أو جملة األهداف التي تكون
الجماعة قد اتفقت عليها ،أو سطرتها كغاية ألعضائها .كذلك عرفت القيادة على أنها ":سلوك يقوم به القائد
للمساعدة على بلوغ أهداف الجماعة ،وتحريك الجماعة نحو هذه األهداف وتحسين التفاعل االجتماعي بين
األعضاء والحفاظ على تماسك الجماعة وتيسير الموارد للجماعة"( .شفيق ،1994،ص )81ما نق أره في
هذا التعريف ،هو أن القيادة قبل كل شيء عملية اجتماعية ،فهي تهتم بحياة ،وأهداف الجماعة ،حيث يتولى
5
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
القائد مهمة المساعدة في توفير األدوات والوسائل ،كما تحديد السبل أو الطرق الكفيلة بتحقيقها ،ولكن
شريطة الحفاظ على تماسك أعضاء الجماعة ،فالقائد يشكل إحدى العناصر األساسية ،في تحقيق وضمان
التوافق ،واالتفاق بين أعضاء الجماعة حول الطرق ،كما الوسائل ،والغايات ،مع السعي إلى تحقيقه .كذلك
يتبين من هذا التعريف صفة الزعامة ،والتوجيه في القيادة بما أنها من تتولى أمر تسيير ،أو إدارة الحياة
داخل الجماعة التي تقبل بهذه القيادة أو تلك.
هذا ويعرف "ستوجدل" ( )1950القيادة بكونها "عملية" التأثير في أنشطة الجماعة إلعداد الهدف والحصول
عليه" (شفيق ،1994،ص ،)103ومعنى هذا أن القائد يتحلى بصفات الكاريزما كونه يتمتع بالقدرة على
التأثير في أعضاء الجماعة .وأما "تابنوم" و"ماسارك" فعرفا القيادة بأنها "عملية التأثير على األشخاص وهي
التي توجه عمليات االتصال من أجل الحصول على هدف أو أهداف خاصة"(،شفيق ،1994،ص .)103ما
يتبين من هذا التعريف ،هو أن القيادة كعملية ال يمكن أن تتم إال داخل جماعة ،كما أنها مرتبطة بعملية
التوجيه نحو هدف معين ،باالرتكاز على عملية االتصال باعتبارها إحدى العمليات األساسية ،وهي ترتبط
بمهام ،أو عدة عمليات أخرى ،تظهر على وجه الخصوص في خلق االنسجام ،وفي ضمان تحقيق االتفاق
حول األهداف ،مع مناقشة ،وتحديد الوسائل والسبل الكفيلة بتحقيق هذه األهداف ،حيث تكون عملية
االتصال كأداة على جانب من األهمية ،كونها الواسطة المعتمدة في تبليغ األهداف ،وفي تحقيق االتفاق
حولها ،وحول الوسائط الممكنة ،والكفيلة ببلوغها .أما "فيدلر" فعرف القيادة فيقوله بأنها" تعني أفعاال معينة
يزاولها القائد من توجيه وتآزر بما يقوم به أعضاء الجماعة من عمل"( .شفيق ،1994،ص )103ما
يالحظ على تعريف "فيدلر" أن القائد بما له من مكانة وسلطة داخل الجماعة ،أو بما يحظى به من تقدير،
واجماع ،يعمل على توجيه عملية القيادة ،ليس نحو األهداف الواجبة التحقيق فقط ،ولكن نحو خلق التضامن
بين أعضاء وداخل الجماعة أيضا ،ذلك أن تماسك الجماعة ،وانتفاء الصراع ،أو خفض حدته ،بين أعضائها
يساعد بشكل كبير هذه الجماعة على الوصول إلى تحقيق ما تريده من أهداف وغايات.
-1-1القيادة والرئاسة:
بناء على التعاريف السابقة للقيادة صار من الضروري رفع ذلك اللبس ،أو التداخل الذي قد يحدث بين
مفهوم القيادة والرئاسة.
ويمكن التمييز بينهما من خالل:
-بالنسبة للقيادة:
أ -تنبع القيادة من داخل الجماعة.
6
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-2إحراز القيادة:
تؤشر جملة التعريفات السابقة لمفهوم القيادة ،مع جملة االختالفات القائمة بين القيادة ،والرئاسة ،على أن
إحراز الفرد لمركز قيادي في جماعة معينة ليس حدثا صدفة ،بل أمر مرتبط بجملة من المتغيرات منها ما
هو متعلق بالفرد ،ومنها ما هو مرتبط بالموقف ،وبالجماعة في آن واحد .فقد لوحظ بأن مشاركة الفرد الفعالة
في حياة الجماعة ،يعد شرط ضروري إلحراز القيادة .وقد استنتجت البحوث والدراسات المهتمة بموضوع
احراز القيادة ،وبشروط بروز القادة أهمية ودور المشاركة العالية للقائد في حياة الجماعة ،في تأهيل فرد ما
ألن يصبح قائدا لهذه الجماعة أو تلك من الجماعات .زد على ذلك ضرورة امتالك القائد لجملة من الصفات،
أو الخصائص قياسا ،أو مقارنة باألفراد اآلخرين داخل الجماعة ومنها:
أ -المهارة.
ب-الذكاء.
7
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
جـ-القدرة التي تتماشى أو التي تتواءم مع الموقف ،أو الصالحة للظرف القائم.
د-الطالقة اللفظية.
ه -المهارة الكتابية.
و -الشرعية أو درجة الشرعية التي يمكن أن يتمتع بها القائد ،والتي تكون لها نتائج حاسمة على وظيفية
الجماعة ،وبالتالي على تحديد مدى التفاف األتباع حول القائد ،وحول األهداف ،وادارة تحقيق هاته األهداف.
(رضوان ،دون سنة نشر ،ص )105
وفي جملة مختصرة يمكن القول بأن هناك عالقة قوية بين الحصول على مركز قيادي ،وجملة الخصائص
الشخصية ،التي يمكن أن يتميز بها هذا الشخص ،أو ذاك ،زيادة على جملة من العوامل ذات الصلة
بالجماعة ،وبالطريقة ،أو بالكيفية التي تمت بها عملية الحصول ،أو طريقة ،وأسلوب الوصول إلى المركز
القيادي.
وعموما فقد الحظ بعض الدارسين المهتمين بموضوع إحراز القيادة ،أن الدوافع إلى القيادة تختلف من
شخص إلى آخر ،ويمكن وحسب "نيوكومب" تلخيصها في الدوافع التالية:
-الرغبة في الجزاء المادي.
-الحاجة أو الرغبة في السيطرة على اآلخرين.
-الحاجة إلى الشعور بالقوة والرغبة في استخدامها.
-الحاجة إلى الشهرة والمكانة االجتماعية العالية( .شفيق ،1994،ص )104
وانطالقا من ذلك يمكن تحديد عناصر القيادة في:
-3عناصر القيادة:
أ-عبارة عن عملية تفاعل اجتماعي :أي أن الشخص ال يمكنه أن يكون قائدا على نفسه.
ب-تحتاج عملية ممارسة القيادة إلى المشاركة الفعالة للقائد في حياة الجماعة ضمن موقف معين.
جـ-تعتمد القيادة على توفير صفات محددة في القائد.
د-تسعى إلى تحقيق أهداف بعينها.
ه-لها تأثير على مجموعات منظمة من الناس.
و-تعمل على شحذ طاقات وقدرات أفراد الجماعة للوصول إلى األهداف.
ز-للقيادة معايير الجماعة ومشاعرها( .مدحت ،2013 ،ص ص )151،150
حـ-تتوفر على القدرة على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل الرسمية وغير الرسمية.
8
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
9
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-1أركان القيادة:
تستند عملية القيادة على األركان التالية:
أ -وجود جماعة من الناس لها هده مشترك وتعمل على تحقيقه وتسمى الجماعة في مثل هذه الحالة
باألتباع.
ب -وجود شخص يتفاعل مع أعضاء الجماعة ويسعى معهم لتحقيق الهدف المشترك وهو الذي يتميز
بصفات خاصة مثل :الذكاء ،االتزان ،المهارة ،الخبرة ،والتعاون.
جـ -ظروف التفاعل ،أو الظرف الذي يتفاعل فيه أعضاء الجماعة ،والذي يتم في وجود القائد المتفاعل مع
الجماعة مثل :حجم الجماعة ،تجانس الجماعة ،استقرار الجماعة ،استقالل الجماعة ،ووعيها بذاتها.
د -اتخاذ الق اررات من أجل الوصول لتحقيق األهداف المسطرة ،بأقل جهد ،في أقصر وقت ،وبأقل التكاليف.
ه -المهام التي يقوم بعها أعضاء الجماعة والضرورية ألجل تحقيق أو إنجاز األهداف المشتركة( .نيال،
مدحت ،2013 ،ص ص )152،151
-2مهارات القيادة:
تحتاج عملية القيادة إلى توفر جملة من المهارات في الشخص القائد ،وتصنف هذه المهارات في الغالب
في المهارات التالية:
-1-2المهارات الفكرية أو العقلية:
وهي مهارات أساسية في عملية القيادة .إذ يحتاجها القائد كما في دراسة ،وتحديد الوسائل ،اإلمكانيات
واإلجراءات الالزمة لتحقيق األهداف ،أو إلنجاز الخطة المسطرة ،باالعتماد على أعضاء الجماعة ،أو على
خبراتهم ،مهاراتهم ،وقدراتهم على اإلنجاز ،والتنفيذ .كما في قدرته – القائد -على توقع المشكالت والحلول
المالئمة لها قبل حدوثها .ذلك أن القائد ،شخص متبصر ،قادر على استشراف المستقبل ،وعلى حث أعضاء
جماعة على العمل الجماعي المشترك من أجل الوصول إلى النتائج المتوخاة في جو من االنسجام والتوافق.
أي هي مهارات خاصة بالقدرة على تحليل المواقف واكتشاف البدائل عند الضرورة( .نيال ،مدحت،2013 ،
ص )152
-2-2المهارات الفنية:
وترتبط هذه المهارات غالبا بالجانب التنفيذي في العملية القيادية ،أو هي على عالقة بالخبرة ،بالمهارة
الالزمة ،وبالتخصص ،والمعرفة بقواعد واجراءات العمل واإلنجاز .وهي المهارات التي تكتسب من خالل
الدراسة والتكوين المتخصص ،كما بالخبرة أو الممارسة العملية ،أو التجربة الميدانية ،ومنها على سبيل
10
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
الذكر ال الحصر :مهارة اللغة واستخدام التقنيات في إنجاز المهام ،وغيرها من المهارات التقنية المتخصصة
الضرورية للقائد( .عبد المقصود ،2011 ،ص )12
-3-2المهارات اإلنسانية:
وتعني في جملة مختصرة ،القدرة على التعامل مع اآلخرين ،والحصول على ثقتهم ،ودفعهم للعمل ،أو توجيه
سلوكهم ،مما يستدعي الحاجة إلى مهارات شخصية تسمح للقائد بالتأثير في اآلخرين ،االتصال بهم ،فهم
شخصياتهم ،التعرف على مشكالتهم ،خالفاتهم ،والعمل على الحد منها بهدف ضبط سلوكهم أو تعديله بما
يخدم حياة الجماعة وقدرتها على التعاون ،التنسيق ،وانجاز األهداف المبتغاة أو التي تم تسطيرها والسعي
لتحقيقها( .دبري ،2011 ،ص )40
-3مراحل القيادة:
تمر عملية القيادة غالبا بالمراحل األربعة ( )04التالية:
-1-3مرحلة التكامل :وهي المرحلة التي تكون مهمة القائد فيها العمل ،والحث على تنمية ،وتطوير
خبرات ،قدرات ،ومهارات األتباع ،مع مساعدتهم على التعاون ،والتنسيق فيما بينهم ،من أجل إنجاز
الهدف أو األهداف المشتركة المنشودة.
-2-3مرحلة العمل الجماعي :وهي المرحلة التي يعنى فيها القائد بتدريب األتباع على العمل والتعاون
معه.
-3-3مرحلة الترغيب :يعمل القائد في هذه المرحلة على إقناع األتباع بقدراته على تسطير وانجاز
األهداف.
-4-3مرحلة الترهيب :وهي المرحلة التي يسعى فيها القائد على طبع األتباع بطابعه الخاص( .الصيرفي،
،2006ص )128
هذا في الوقت الذي تجرى فيه عملية القيادة ،ضمن ما نسميه بالظرف ،أو الموقف المحيط بعملية القيادة
والذي يتشكل من جملة من العوامل يمكن تلخيصها في المخطط البياني التالي:
11
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
القائد المرؤوسين
عوامل الموقف
المصدر :محمد الصيرفي ،2006 ،ص .129
يتضح من خالل من المخطط البياني السابق ،أن عملية "القيادة" تتم ضمن ظروف معينة ،أو ما نسميه
بعوامل الموقف .وأما القائد الناجح فهو القائد القادر على قراءة عوامل هذا الموقف ،وعلى فهم واستيعاب
الحاجات األساسية للمرؤوسين ،والسعي بالتالي من خالل توجيه سلوكهم ،على دفعهم ،وتحفيزهم من أجل
تحقيق األهداف المتوخاة ،وذلك ضمن هدف أسمى بالنسبة للقائد ،أال وهو تحقيق الفعالية في العمل وانجاز
الهدف ،فالقائد الناجح هو القائد القادر على الدمج بين أهدافه وأهداف الجماعة .حيث يمكن تحقيق
االنسجام ،والتوافق داخل الجماعة ،باالعتماد على المهارات التي يتوفر عليها هذا القائد في التوجيه والقيادة،
وعلى نحو خاص :جملة المهارات اإلنسانية ،الفنية أو التقنية ،والمهارات الفكرية أو العقلية.
-4القائد ،الزعيم ،الرئيس ،الفوضوي ورجل األعمال:
جدير بالتذكير هنا التذكير بوجود فروقات واضحة بين كل من القائد ،الزعيم ،الرئيس ،رجل األعمال
والفوضوي .ولعل المصفوفة الموالية تبين هذه الفروقات.
12
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
الشكل رقم ( :)02يوضح الفروقات بين القائد ،الزعيم ،الرئيس ،رجل األعمال ،والفوضوي
الرئيس القائد
رجال األعمال
الفوضوي الزعيم
-4أهداف القيادة:
13
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
مما ال شك فيه أن للقيادة أهداف وهي مرتبطة بشكل أساسي بنمط القيادة كما بطبيعة نشاط المنظمة ،إال
أنه وفي الظروف العادية ،أوفي ظل تعريفنا للقيادة ،باعتبارها عملية يسعى من خاللها القائد إلى التأثير
وتوجيه سلوك الجماعة من أجل تحقيق األهداف المشتركة ،فإنه ال يمكن قراءة هذه األهداف ،إال في عالقتها
بالوظائف ،وباألدوار المفروضة في القيادة ،أو المنوطة بالقائد ،لذلك فإنه ومن حيث المبدأ ،يمكن القول
بأن أهداف القيادة تتمثل في العناصر التالية:
أ -إشباع حاجات وتطلعات األفراد والجماعات في الحرية المساواة ،وغيرها من الحاجات االجتماعية
والعاطفية.
ب -خدمة أعضاء الجماعة من حيث تنمية مهاراتها في القيادة وضمان الوالء وتحقيق التعاون بين أعضائها
واكتسابهم الخبرة حول العمل الجماعي ،والعمليات الجماعية.
جــ -خلق وبناء التعاون الجماعي.
د -السعي لحل المشكالت الحاصلة بين أعضاء الجماعة حرضا على مصلحة الجماعة ككل أو كفريق
متضامن.
ه -القضاء على النزعات واالتجاهات الفردية للحفاظ على روح الفريق أو الجماعة( .شفيق ،1994،ص
)92
و -التوصل إلى تحقيق األهداف المسطرة.
ز -تحفيز أعضاء الجماعة من أجل تحقيق الهدف أو األهداف المتوخاة بتبني نمط االتصال وأسلوب
القيادة الناجح أو الفعال.
-5وظائف القيادة:
يمكن تلخيص أهم وظائف القيادة في جملة العناصر الموالية:
أ-التخطيط :تعد مهمة التخطيط لألهداف الطويلة األجل ،وتحديد المراحل ،الخطوات ،واإلجراءات الالزمة
للوصول إليها وظيفة أساسية من وظائف القيادة .وهي –التخطيط-كعملية يتوقف نجاحها على نمط وأسلوب
القيادة .وهنا فإن نمط القيادة الجماعي ،أو الديمقراطي على سبيل المثال ،يسمح بال شك بالحصول على
مشاركة إيجابية من أعضاء الجماعة في السعي إلى تحقيق األهداف المتوخاة.
ب -المسؤولية عن التنفيذ :ال تتوقف مهمة القائد عند التخطيط لألهداف ،تحديد المراحل ،والوسائل
الالزمة ،بل تتعداها إلى متابعة خطوات التنفيذ ،واإلشراف على عمليات التنفيذ ،وتحمل المسؤولية عن
التنفيذ.
14
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
جــ -توزيع األدوار وتنظيم العالقات :حيث يعمل القائد على تحديد األدوار بالنسبة ألعضاء الجماعة .حيث
تتوضح المسؤوليات ،والصالحيات بالنسبة لهم ،مما يمنع حدوث التداخل في األدوار والمهام ،أو حدوث
االزدواجية في األدوار ،ما يسمح بتحقيق التكامل ما بين المهام واألدوار داخل الجماعة.
د -المتابعة والتقييم والتحفيز والعقوبات :من المهام أو وظائف القيادة أيضا القيام بعملية المتابعة التقييم
التحفيز ،واصدار العقوبات إذا ما الزم األم ،وذلك في إطار حرص القيادة على متابعة توظيف الموارد
واستغالل الجهود المبذولة في خدمة األهداف المنشودة ،وبالتالي في خلق الدوافع الضرورية لبذل الجهد
الالزم ،ومباشرة النشاط ،وكذا المبادأة في العمل ،مع معاقبة المخالفين ألهداف الجماعة إن استدعت
الضرورة ذلك.
ه-المبادرة وروح االبتكار :أي على القيادة القيام بما تراه مناسبا من أجل تسهيل عمليات االبتكار وخلق
روح المبادأة أو المبادرة في العمل ،بمعنى أن على القائد أن يكون واعيا بأهمية ،وضرورة التغيير ،والتجديد
وخاصة في القرن الواحد والعشرين(ق )21حيث يصبح التمسك بقواعد العمل التقليدية ،أو الكالسيكية
والروتين مرضا تنظيميا مض ار بالجماعة ،أو بالحياة الجماعية وباستمرارها.
و -تعميق الشعور بالعضوية في الجماعة :أي أن تسعى القيادة إلى المساهمة بفعالية أو بشكل متزايد في
تقبل أعضاء الجماعة لبعضهم البعض.
ز -القدوة والنموذج للعاملين وممثل لهم في الخارج :فمن األمور الحاسمة ،أو الدقيقة بالنسبة لحياة
الجماعة ،أن يكون القائد قدوة ألعضائها ،وأن يجتهد في تمثيلها في الخارج ،بالدفاع عن مصالحها أمام
الجماعات ،واألطراف األخرى ،وأن يعمل على ترجمة مبادئ وشعارات الجماعة إلى حقائق واقعية.
ح -وسيط في حل الخالفات :حيث العمل على حل الخالفات التي قد تظهر ،أو تنشأ داخل الجماعة وذلك
باالستناد إلى معارفه وعالقاته ،زيادة على استعانته بذوي الخبرة ،واالختصاص ،كلما تحتم األمر مع الحزم
في اتخاذ الق اررات بغرض تفادي هدر الوقت ،الموارد ،والجهد( .النيال ،مدحت ،دون سنة نشر ،ص ص
.)156-154
-6أهمية القيادة:
مما شك فيه أن عملية القيادة ليست مجرد عالقة بين شخصين ،فتأثيرها يمتد إلى الجماعة ككل .ثم إن
العملية القيادية إذا ما صح التعبير عملية تسير في اتجاهين متعاكسين ،ففيها يؤثر القائد في األتباع مثلما
يتأثر بهم .ولذلك تكتسي عملية القيادة هاته أهمية بالغة تظهر في أهم العناصر التالية:
-1تحويل األهداف إلى نتائج.
15
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
16
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
−يسمح للمرؤوسين في هذا النمط من القيادة بإبداء آرائهم حيث يظل القرار
النهائي بيد القائد( .العدلوني ،200 ،ص )42
18
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
−تمارس هذا النمط من القيادة أسلوب منتصف الطريق. ن :أحيانا يهتم بالناس
−يغلب عليه الفشل في تحقيق التوازن. وبالعالقات
−من صفاته أنه( :متردد ،ضعيف الثقة بالنفس ،غير منجز ،يحب التعلم)... ع :أحيانا يهتم بالعمل
(العدلوني ،2000 ،ص )44 واإلنتاج
−يهتم بالعمل وبالعاملين -5القائد الجماعي
−يعد العمل الجماعي الركيزة األساسية إلنجاز األهداف حيث تسود المنظمة روح المتكامل
الجماعة أو الفريق. (ن +ع)+
−يعمل على إشباع الحاجات اإلنسانية. ن :اهتمام كبير بالناس
−يعمل على تحقيق المشاركة الفعالة للعاملين. وبالعالقات
−من صفاته (يستمد سلطته من األهداف واآلمال ،والمثل العليا ،يربط األفراد ع :اهتمام كبير بالعمل
بالمنظمة ،ويهتم بالتغيير( )...العدلوني ،2000 ،ص)44 وباإلنتاج
-3حسب نظرية الفاعلية والكفاءة لـ ريدانREDIN:
مرتكزات السلوك
-3درجة الفاعلية -2االهتمام بالعمل -االهتمام بالعاملين
مظاهر ومواصفات األنماط القيادية األنماط القيادية
−عدم االهتمام بالعمل والعالقات اإلنسانية.
−له تأثير سلبي على روح المنظمة زيادة على كونه غير فعال. -1القائد االنسحابي
−منسحب من العمل ،ويعيق اآلخرين عن التقدم.
−يجهل المعلومات الضرورية أو الالزمة عن العاملين .العدلوني ،2000 ،ص
)45
−يضع االنسجام بين العاملين فوق كل اعتبار. -2القائد المجامل
−تغيب لديه الفعالية نظ ار لرغبته في رؤية نفسه لدى اآلخرين كشخص طيب.
−غير مخاطر ،أو غير مجازف بالعالقات السائدة( .العدلوني ،2000 ،ص )45
−اهتمامه بالعمل فوق كل اعتبار. -3القائد اإلنتاجي
−تظهر عدم فعاليته في عدم اهتمامه بالعالقات. (األوتوقراطي)
−ثقته باآلخرين منخفضة ،يخافه اآلخرين وال يحبونه.
−يمارس ضغوطه على المرؤوسين
−غير قادر على اتخاذ قرار سليم أو غير راغب في اتخاذ قرار سليم. -4القائد الوسطي
−الحلول الوسط أسلوبه المستمر في العمل.
19
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
20
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
−درجة الدعم قليلة - .يحترم الهيكل التنظيمي ويحرص على االلتزام به. -1القائد الموجه D
−يحكم رقابته وسيطرته.
−يمارس هذا السلوك العاملين المنخفض الكفاءة ومرتفعي االلتزام (العدلوني،2000 ،
ص )48
−يمدح ويشجع العاملين. -2القائد المساند S
−يصغي بشكل جيد للعاملين.
−يقوم بدور الميسر والمساعد لتنفيذ المهام.
−يمارس هذا السلوك مع العاملين ذوي الكفاءة العالية ومتوسطي االلتزام(..العدلوني،
،2000ص )48
−يمنح الحرية للعاملين لتحمل المسؤوليات. -3القائد المعوض D
−يحيل إليهم المشكالت التخاذ الق اررات.
−يمارس هذا السلوك مع العاملين ذوي الكفاءة وااللتزام العاملين( .العدلوني،2000 ،
ص )48
−يوجه ويساعد في ذات الوقت. -4القائد الرئيسC
−يمارس هذا السلوك مع العاملين ذوي الكفاءة المتوسطة وااللتزام المنخفض.
−يزود المرؤوسين بالتعليمات ويقوم بتوضيحها ومساعدتهم على كيفية تنفيذها.
(العدلوني ،2000 ،ص )48
21
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
22
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-2-1نظرية السمات:
تلتقي نظرية السمات مع طرح نظرية الرجل العظيم ،بل وتأثرت بها ،ألنها بدورها تقوم على مسلمة أن القادة
يولدون قادة وال يصنعون ،ولذلك فهم يتسمون بجملة من السمات أو الصفات التي تصنع منهم قادة ناجحين
أو متميزين.
أما عن السمات ،أو الخصائص التي يجب توفرها في هؤالء القادة فتتمثل في:
-الذكاء.
-الثقة بالنفس.
-تحمل المسؤولية.
-الطموح والنشاط االجتماعي.
-السيطرة.
-الروح المرحة.
-األمانة.
23
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-2النظرية السلوكية:
ظهرت هذه النظرية بعد إثبات عجز وفشل نظرية الرجل العظيم ،ومثلها نظرية السمات في تفسير وفهم
القيادة .فقد صبت النظرية السلوكية اهتمامها في تناولها لموضوع القيادة على دراسة سلوك القادة من حيث:
ما يقومون به في الواقع ،وكيف يقومون به ،وفي هذا اإلطار تؤكد هذه النظرية على وجود أبعاد معينة في
القيادة والنمط القيادي تتمثل في:
-العمل على تحقيق األهداف المسطرة.
-السعي أو الحرص على الحفاظ على الجماعة.
-التفاعل والتعاون مع أعضاء الجماعة.
وأما من أهم النظريات التي تندرج تحت مسمى النظرية السلوكية فنجد:
5.5
القيادة المعتدلة:
اهتمام معتدل باإلنتاج
واألفراد
القيادة الضعيفة: القيادة المتسلطة:
-اهتمام ضعيف اهتمام عال باإلنتاج
باإلنتاج وباألفراد واهتمام ضعيف باألفراد
1.1 9.1
L العمل/اإلنتاج L
المصدر :عباس ،2004 ،ص .166
25
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
أطلق " ماك غريغور" على المجموعة األولى من االفتراضات ،Xفي حين أطلق على المجموعة الثانية من
االفتراضات ،Yوفي هذا يرى بأن افتراضات المجموعة األولى ،أو المجموعة Xهي االفتراضات الغالبة،
أو التي تحكم سلوك القادة تجاه العاملين في أمكان العمل( .منصور ،2007 ،ص )207
-3النظرية الموقفية:
تؤكد هذه النظرية على أن الظروف والمواقف هي التي تصنع أو تهيئ أفراد معنيين ليكونوا قادة .فالفرد
الذي يصلح ألن يكون قائدا في موقف ،أو في ظرف ماال يكون بالضرورة صالحا ألن يكون قائدا في ظرف
آخر مغاير أو مختلف ،ذلك أن السمات أو المهارات المطلوب توفرها في القائد ،تعتمد بدرجة عالية على
26
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
طبيعة الموقف ،أو الظرف الذي يعمل فيه ،وعلى الموقع القيادي الذي يشغله ،أي بمعنى أن النظرية
الموقفية حول القيادة ،ترى بأن فعالية القائد مرتبطة بتبنيه للسلوك الذي يتالءم ومتطلبات الموقف( .كنعان،
،2006ص ص )357-354
ولعله من بين أهم النظريات التي تندرج تحت مسمى النظرية الموقفية ما يلي:
27
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-2-3نظرية المسار/المسلك-الهدف:
تقول هذه النظرية التي وضعها كل من "هاوس" و"ميتشل" MICHELL and HOUSEأن دور القائد عند
تأديته لمهامه يشتمل على المهام التالية:
أ -توضيح المسار :الذي يأخذه الفرد ويتمكن من تحقيق أهدافه الشخصية (زيادة الراتب ،الترقية...الخ)
ومعها األهداف التنظيمية (زيادة اإلنتاج ،األرباح...إلخ).
ب -زيادة العوائد :وعلى القائد في هذه الحالة أن يشرح لألفراد العاملين كيف تقترن العوائد التنظيمية بأدائهم
لمهامهم.
وعليه يكون لزاما على القائد الفعال أن يعمل على تبني النمط القيادي الذي يسمح له بتحقيق رضا العاملين
معه ،أو المرؤوسين ،وتحفيزهم أو دفعهم لتحقيق النتائج اإليجابية في العمل ،بحيث تؤدي إلى زيادة العوائد
وبالتالي إلى تحقيق أهداف المنظمة وأهدافهم الشخصية.
هذا وتقوم هذه النظرية أيضا على عنصرين مهمين ال يمكن تجاهلهما من قبل القائد الناجح أال هما:
مصدر للرضا واشباع حاجاهم.
ا -المرؤوسون :الذي يرون في قائدهم
-المهمة :التي يقوم بها القائد بتوضيحها للمرؤوسين ،وتحديد المسار الواجب المرور به للوصول إلى
تحقيقها( .القحطاني ،2008 ،ص ص )99 ،98
وترى نظرية المسار/المسلك –الهدف ( )D-S-P-Achبوجود أربعة ( )04أنماط ،أو أساليب قيادية وهي:
أ -األسلوب الموجه :وهو أسلوب يشبه األسلوب المتسلط أو األوتوقراطي الذي يهتم بالعمل ،تحديد المهام،
وتوضيح األهداف على حساب العالقات اإلنسانية أو البعد العاطفي لألفراد.
ب -األسلوب المساعد :يوجه القائد اهتمامه في هذه الحالة للمرؤوسين ،حيث يكون مستعدا لتقديم النصائح،
واإلصغاء النشغاالتهم .وهو األسلوب القيادي الذي يرتكز على المرؤوسين أو العاملين.
جـــ-األسلوب المشارك :يعمل القائد في هذا النمط من القيادة على إشراك العاملين في عملية اتخاذ الق اررات.
د-أسلوب اإلنجاز :ويميل هذا النمط من القيادة إلى وضع توقعات وأهداف أدائية عالية ،مع جعل العمل
أكثر تحديا للفرد ،ولكنه قابل لإلنجاز( .القحطاني ،2008 ،ص )227
وفهم العملية التي يتمكن وفقها قادة بعينهم من إلهام األتباع أو المرؤوسين ،والعمل على إشباع حاجاتهم
وتطلعاتهم ،أي ببناء وتحقيق نظرة جديدة للعمل ،تسمح بدفع وتحفيز العاملين والهامهم .هذا ومن صفات
القائد التحويلي:
أ-سحر الهالة :يقدم رؤية ذات معنى ،يزرع الفخر ،وينال االحترام والثقة.
ب -اإللهام :يوصل توقعات عالية ،ويستخدم القيم والرموز لتركيز الجهود.
جــ -االستثارة الفكرية :يعمل على تطوير الذكاء ،العقالنية ،وحل المشكالت.
د -االعتبار الفردي :أي منح االهتمام الالئق والضروري لكل فرد من العاملين على حدة بحيث يتم تعليمه،
إلى جانب تدريبه ونصحه( .القحطاني ،2008 ،ص )233
هنا وتندرج ضن هذه النظرية ،نظرية كل من "باس" " "BASSو "وبيرنز" " "BURNS
29
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
30
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
مقابل ،في حين عرفته الجمعية األمريكية للتدريب بأنه ":عملية تبادل األفكار والمعلومات من أجل إيجاد
فهم مشترك وثقة بين العناصر اإلنسانية في المنظمة"( .السكارنه ،2009 ،ص )49
نفهم مما تقدم بأن ا التصال عبارة عن عملية تتم بين شخصين أو أكثر ،وهي تتم بهدف تبليغ رسالة من
جهة مرسلة إلى جهة ثانية مستقبلة ،حيث يكون هدفها تحقيق الفهم المشترك ،زيادة على خلق الثقة بين
األفراد داخل المنظمة لما لها من أهمية بالغة في تحقيق فعالية وفاعلية المنظمة وكذا األفراد العاملين بها.
هذا وقد عرفه بعض علماء االجتماع بكونه " العملية أو الطريقة التي تنتقل بها األفكار والمعلومات بين
الناس داخل نسق اجتماعي معين يختلف من حيث الحجم ،ومن حيث محتوى العالقات المتضمنة فيه".
(طلعت ،2002،ص .)18وأيا كان األمر فإن مفهوم االتصال" :يعبر عن عملية مستمرة وهي تتضمن
قيام طرف ما بتحويل أو نقل معلومات معينة سواء في شكل رسالة شفوية ،أو مكتوبة عن طريق وسيلة
اتصالية لطرف مقابل" .مثلما يشير إلى أنه عملية تفاعل اجتماعي يتم من خاللها نقل وتبادل ،ونشر
معلومات ،أو أفكار ،أو آراء ،أو مشاعر عبر قناة أو واسطة حاملة لها بين جهة مرسلة وجهة مستقبلة بغية
تحقيق الفهم المشترك والوصول إلى غاية أو هدف معين من وراء عملية االتصال هاته.
ومنه يمكن الحديث هنا عن وجود نمطين رئيسين من االتصال:
1-1-2نموذج أرسطو :يقول "أرسطو" في كتابه فن البالغة أن البالغة ،وكان يقصد بها االتصال البحث
عن كافة وسائل اإلقناع .وقد قسم دراسته إلى العناوين األساسية التالية:
-الخطيب :أو مرسل الرسالة.
-الخطبة :أو الرسالة.
-المستمع :أو المتلقي والجهة المستقبلة للرسالة( .مكاوي وآخرون ،2018 ،ص )37
31
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
وبما أن فن الخطابة كان هو الوسيلة األساسية المستخدمة في االتصال السياسي في المدينة اليونانية فقد
كان اإلقناع الشفوي هو األقرب لالتصال الشفوي الذي نعرفه اليوم.
:2-1-2نموذج هارولد الزويل :ويقترح خمسة أسئلة للتعبير عن عملية االتصال وهي:
? WHO -من؟
?WHAT DOES HE SAY -ماذا يقول؟
? WICH CHANNEL -بأية وسيلة؟
? TO WHOM -لمن؟
?AND WHITH WHAT EFFECT -وبأي تأثير؟
3-1-2نموذج جورج جربنر :يشتمل هذا النموذج على عشر( )10عناصر لالتصال وهي:
-شخص ما.
-يدرك حدثا.
-ويستجيب.
-في موقف ما.
-عبر وسائل.
-ليصنع مواد مناسبة.
-بشكل ما.
-وسياق.
-ينقل محتوى.
-له نتائج( .مكاوي وآخرون ،2018،ص )38
نق أر فيما تقدم أن عملية االتصال تضم عدة عناصر أساسية ،إال وهي الجهة المرسلة للرسالة ،والجهة
المستقبلة ،وأن الرسالة المرسلة ليست خالية من المعلومات أو البيانات بشأن الموضوع أو الحدث الذي
تدور حوله الرسالة ،وهي تتم عبر قناة ،أو قنوات اتصالية معينة ،كما أنها تجري ضمن سياق ثقافي أو بيئة
اجتماعية معينة ،ثم أن االتصال وفوق ذلك ،يتم بغرض غاية ما ،لذلك فستترتب عنه نتائج هي على عالقة
بالهدف من عملية االتصال.
32
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
4-1-2نموذج "شانون" و"ويفر" :يرتكز هذا النموذج على نظرية المعلومات التي قدمها" كلود شانون"
سنة .1948وهي النظرية التي تقوم على مفاهيم رياضية تجعل عملية االتصال شبيها بعمل اآلالت .أما
المكونات األساسية للنظام االتصالي في هذا النموذج فتتمثل في:
SOURCE. -مصدر المعلومات.
MESSAGE. -ينقل الرسالة.
TRANSMITTER. -عبر جهاز إرسال
SIGNAL. -يحمل إشارة.
NOISE. -يحدث تشويش او ضوضاء
DECODING. -جهاز استقبال يتلقى الرسالة.
DESTINATION. -الهدف.
يتبين مما تقدم أن عملية االتصال تتم من خالل جملة من العناصر حيث نجد مصدر المعلومات أو
المرسل ،ثم عملية نقل الرسالة عبر قناة معينة ،أو جهاز إرسال يقوم بتحويل الرسالة إلى رموز واشارات،
حيث تتعرض هذه الرسالة إلى التشويش عليها ،ليقوم بعد ذلك جهاز االستقبال بفك رموز الرسالة وتحويلها
إلى رسالة يستقبلها المتلقي أو الجهة المستقبلة للرسالة .ولذلك فإن عملية االتصال ليت عملية بسيطة ولكنها
عملية معقدة نظ ار إلى التشويش الذي يحدث للرسالة مما يؤثر على عملية تحقيق الغاية أو الغرض من
إرسال الرسالة.
5-1-2نموذج "ديفيد برلو" :يشتمل هذا النموذج على أربعة عناصر هي:
يتواجدان باستمرار ضمن سياق معين وهذا السياق بال شك يثر في فهم الرسالة المرسلة أو في تفكيك رموزها
واإلشارات التي تتضمنها.
-2-2النمط الثاني :وهو االتصال ذو الخطين أو ثنائي االتجاه :مما يعني أنه يختلف عن النمط األول
-االتصال ذو الخط الواحد-كونه يتميز بالتفاعل والتبادل في األفكار والمعلومات( .عودة دون سنة نشر،
ص .)06ولذلك يسمى هذا النمط من االتصال أيضا باالتصال التفاعلي ،أو هو عمليه تفاعلية مستمرة،
إذ هو تجميع للعديد من العمليات االتصالية حيث تتفاعل أطراف االتصال في هذا النمط من االتصال
بشكل ديناميكي ومستمر ،ولذلك يمكن تكهن وجود شبكات اتصال عديدة ،وهي بالتالي تخضع لخصوصية
السياق االجتماعي والثقافي بل وحتى السياسي الذي تتم فيه .والشكل الموالي يوضح ذلك.
هذا وتوجد في هذا النمط من االتصال عدة نماذج ولعل من أهمها نموذج " روس" ونموذج " ويلبرشرام".
1-2-2نموذج "روس" " :"Rossيتضمن نموذج "روس" ستة ( )06عناصر أساسية هي:
-المرسل.
-الرسالة.
-الوسيلة.
34
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-المتلقي.
-رجع الصدى.
-السياق( .مكاوي وآخرون ،2018 ،ص )41
من الواضح أن نموذج "روس" التفاعلي يؤكد في عناصره التي يتشكل منها على أهمية السياق الذي تتم فيه
عملية االتصال .ذلك أن رجع الصدى أو التغذية العكسية أو رد الفعل على الرسالة المرسلة سيتأثر ال
محالة بالسياق الذي تجري فيه ،حيث يتواجد كل من مرسل الرسالة ومستقبل الرسالة ضمن ظروف اجتماعية
ونفسية واقتصادية محددة تتدخل في فهم مضمون أو محتوى الرسالة ولذلك فهي إلى جوانب عوامل أخرى
قد ترتبط بلغة الرسالة مثال ،أو باتجاهات ومعتقدات مستقبل الرسالة ،تؤثر سواء بشكل مباشر أو غير
مباشر على فهم الرسالة ومن ثمة على الهدف من الرسالة.
الذي قدمه سنة 1954ثم طوره سنة 1971العناصر األساسية في نموذج " شانون" و"ويفر" مع إضافة
عنصرين جديدين هما :رجع الصدى والخبرة المشتركة( .مكاويوآخرون ،2018،ص )42وعلى هذا النحو
فإن نموذج " شرام" الجديد يتشكل من العناصر التالية:
-المصدر.
-الرسالة.
-مستقبل الرسالة.
-الوجهة أو المقصد.
-رجع الصدى.
-الخبرة المشتركة.
إن إضافة " شرام" لعنصرين جديدين إلى نموذجه القديم الذي كان قد قال به لداللة على انتباهه لألهمية
الشديدة للسياق الذي تجري فيه عملية االتصال ،التي ال تخلو من تأثير الخبرة المشتركة بين المرسل
ومستقبل الرسالة على رجع الصدى ،أو على استجابة مستقبل الرسالة ،وردة فعله تجاه الرسالة .أي وبمعنى
آخر للخلفية الثقافية لطرفي االتصال بما تحمله من عادات ،تقاليد ،اتجاهات ،لغة ،خبرات سابقة وغيرها
من العوامل تأثير بالغ على عملية االتصال بعناصرها المختلفة التي تتشكل منها.
35
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
إذن يرى " شرام" بأن وجود الخبرة المشتركة بين طرفي االتصال ،يعد ضمانة أساسية في نجاح عملية
االتصال ككل .حيث يعتمد فك رموز الرسالة من قبل مستقبل الرسالة ،على الثقافة والخبرة المشتركة التي
يمكن أن تجمعه بمرسل الرسالة ،والتي ستسمح بال شك بتولد خلفية داللية مشتركة وفهم محتوى الرسالة.
هذا أما إذا ما بحثنا في أصل كلمة االتصال Communicationفسنجد بأنها قد اشتقت من اللغة الالتينية
وتحديدا من الكلمة Communisالتي تعني في اللغة اإلنجليزية Communأو المشترك واشتراك .لذلك
فإننا حينما نتواصل ،أو نتصل مع اآلخرين ،فإننا نكون بصدد محاولة لتأسيس مشترك أو االشتراك مع
طرف ما ،قد يكون شخصا ،أو أكثر ،في المعلومات ،في األفكار ،في االتجاهات...الخ مما يسمح باستمرار
الحياة االجتماعية ،حيث أنها تعبر عن انتقال الرموز ذات المعنى ،وتبادلها بين األفراد والجماعات داخل
المجتمع.
36
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
الشكل رقم ( :)05عناصر عملية االتصال عند كلود شانون" و "وارن ويفر"
المرسل مصدر
المقصد مستقبل
أو الناقل إشارة المعلوما
أو الجهة الرسالة
ت
مصدر التشويش
37
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
الشكل رقم ( :)06عناصر عملية االتصال عند "ويلبر شرام ""Wilbur Schram
الوجهة المصدر
38
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
التنظيمي عدد من األهداف ولعله على رأس هذه األهداف خلق الفهم المشترك بين العناصر اإلنسانية داخل
المنظمة وبعث عنصر الثقة فيما بينها بهدف تحقيق األهداف التنظيمية ،التي يتوقف انجازها إلى حد بعيد
على كفاءة وفعالية االتصاالت داخل المنظمة ،إذ أنها تفيد في تبادل ونقل المعلومات والبيانات الضرورية
في إنجاز المهام ومختلف العمليات التي تقوم بها المنظمة أو تسعى إلى إنجازها خصوصا وأن وجودها
نجاحها ومن ثم استمرارها مرهون بذلك.
كذلك عرف االتصال التنظيمي بأنه "عبارة عن تدفق للمعلومات والتعليمات والتوجيهات واألوامر والق اررات
من جهة اإلدارة إلى المرؤوسين وتلقي المعلومات والبيانات الضرورية منهم في صورة تقارير وأبحاث
ومذكرات واقتراحات وشكاوى واستفتاءات وغيرها وذلك بقصد اتخاذ قرار معين( ".العالق ،2009 ،ص
.)115يفهم مما تقدم أن من أهداف االتصال التنظيمي الوصول إلى اتخاذ الق اررات الصائبة بناء على
المعلومات ،والبيانات التي تتلقاها اإلدارة من جهات مختلفة سواء من داخل المنظمة أو من خارجها والتي
ستساعدها في ضمان تحقيق األهداف المبرمجة من خالل االستغالل العقالني واألمثل للموارد واإلمكانات
المادية والبشرية التي تتوفر عليها هذه المنظمة وبالتالي في تحقيق قدرتها على البقاء واالستمرار ،خصوصا
وأن المنظمة تشتغل في ل ملة من الظروف والمعطيات الداخلية والخارجية التي ليست على الدوام أو
باستمرار ظروفا مواتية.
أي أن االتصال التنظيمي عبارة عن اتصال إنساني أيضا وهو يجري داخل المنظمة أو التنظيم بوجه عام
بغيه إحداث تفاعل بين أعضائه وأجزائه المختلفة .أو هو اتصال هادف يسعى إلى ضمان التعاون والتنسيق
بما يضمن خدمة أهداف التنظيم ككل من خالل ضمان التعاون وتبادل اآلراء والمعلومات بين أعضاء
وأجزاء التنظيم ،ذلك أن االتصال التنظيمي إحدى أدوات اإلدارة التي تسمح لها ببناء وتحقيق الفعالية بداخله.
بتعبير آخر االتصال التنظيمي اتصال يهدف إلى "...تدفق المعلومات الالزمة الستمرار العمليات اإلدارية
المختلفة عن طريق نقل هذه المعلومات وتجميعها في مختلف االتجاهات داخل الهيكل التنظيمي للمنظمة"...
(عالم ،حلمي ،2013 ،ص .)95وبمعنى آخر فإن االتصال التنظيمي ذو غايات تهدف في مجملها إلى
خدمة المنظمة بصورة عامة .وعليه فإن هذا النمط من االتصال يمكن أن يكون رسميا وغير رسمي كما أن
يكون صاعدا ،أو هابطا ،أو أفقيا .كما يمكن أن يكون اتصاال داخليا أو حتى خارجيا ،مما يعني بأن
المنظمة التي تتواجد ضمن بيئة اجتماعية ،واقتصادية ،وسياسية ،وقانونية ،محلية أو عالمية تؤثر وتتأثر
بهذه البيئة أيضا.
39
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-1-5االتصال التنظيمي الرسمي :ويتمثل في تلك االتصاالت المهيكلة أو المحددة من قبل اإلدارة،
وهي ترتبط بالهيكل التنظيمي للمنظمة .واالتصال الرسمي إما أن يكون اتصاال نازال أي من األعلى إلى
أسفل ،أو اتصاال صاعدا من األسفل إلى أعلى ،أو اتصاال أفقيا .في عبارة أخرى يتم االتصال التنظيمي
الرسمي عبر خطوط السلطة الرسمية ،بناء على العالقات والمستويات اإلدارية المقررة في نطاق الهيكل
التنظيمي للمنظمة ،حيث يشترط وضوح قنوات االتصاالت الرسمية ،وأن تتم وفقا لخطوط السلطة المسؤولة،
هذه االتصاالت التي غالبا ما تكون كتابية يتم من خاللها تبادل المعلومات بين طرفين في المنظمة يكون
ألحدهما فيها السلطة على الطرف الثاني ،وتأخذ عادة ثالث اتجاهات :نازلة ،صاعدة وأفقية.
(العالق ،2009،ص.)307
1-1-5االتصال النازل أو االتصال إلى أسفل :ويتعلق األمر باالتصاالت التي تتوجه من الرئيس
إلى المرؤوسين .أي من طرف أعلى في المنظمة إلى طرف آخر يكون في مستوى تنظيمي أدنى .يعمل
هذا النوع من االتصاالت تعريف المرؤوسين بكيفية العمل المطلوب منهم ،وكيفية القيام به او أدائه كما أنها
تسمح بنقل األفكار ،التوجيهات ،واألوامر ،والتعليمات من أعلى الهرم الى المستويات األدنى داخل المنظمة.
أي من األعلى إلى األسفل في انسياب مع خطوط السلطة الرسمية .هذا وتأخذ هذه النوعية من االتصاالت
صيغا عدة ومنها :المذكرات ،المراسالت الرسمية بأنواعها ،اللقاءات الجماعية ...الخ إال أنها غالبا ما تكون
التغذية العكسية فيها منخفضة( .الشماع ،حمود ،2005 ،ص)208
2-1-5االتصال الصاعد أو االتصال إلى أعلى :وهو اتصال يتدفق من جهة في مستوى تنظيمي
أدنى أو أقل إلى جهة في مستوى أعلى ،وغالبا ما يشتمل هذا النوع من االتصال على تقارير انجاز،
معلومات ،تبليغ عن مشكالت ،وتقديم مقترحات أو أفكار وغيرها من المستويات التنظيمية األدنى إلى
المستويات التنظيمية األعلى( .مسلم ،2013 ،ص )281فاالتصال الصاعد أو إلى أعلى هو االتصال
الذي يسمح لإلدارة العليا داخل المنظمة بالحصول على المعلومات والبيانات من المستويات الدنيا لمعرفة
مستوى اإلنجاز المحقق ،وبالتالي اكتشاف االختالالت أو المعوقات في حالة وجودها والبحث لها عن حلول
حتى تتمكن المنظمة من انجاز األهداف التنظيمية المسطرة( .حمو ،2015 ،ص )17
40
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
3-1-5االتصال األفقي :وهو اتصال يتدفق بين طرفين في نفس المستوى التنظيمي أو بين الزمالء
في نفس جماعة العمل ،وغالبا ما يهدف هذا النوع من االتصال إلى التنسيق والتعاون وتبادل المعلومات
من أجل السرعة في التنفيذ وانجاز المهام والعمليات المطلوبة( .مسلم ،2013 ،ص )281كذلك يعكس
االتصال األفقي مجمل عمليات التنسيق المختلفة التي تتم بين األقسام والمصالح المختلفة التي تنتمي إلى
ذات المستوى التنظيمي أو اإلداري .ذلك أن التعاون والتنسيق بين المصالح واألقسام وجماعات العمل يبرهن
على وجود قدرات داخل المنظمة قادرة على تحقيق العمل المشترك الذي يستلزم بالضرورة تحقيق النجاح
للمنظمة ،خصوصا في البيئات التي تعرف تقلبات شديدة وعدم استقرار حيث يتوقف نجاح المنظمة واستمرار
وجودها ،على مدى قدرة فرق وجماعات العمل بها على التنسيق ،والتعاون فيما بينها بغية الرد السريع على
متطلبات التغيرات الحاصلة في بيئتها سواء المحلية أو العالمية .ولهذا فإن االتصاالت األفقية تكتسي أهمية
بالغة بالنسبة للمنظمة المعاصرة( .أبو سمرة ،دون سنة نشر ،ص )304
هذا وقد تلجأ التنظيمات في اتصاالتها اإلدارية الرسمية إلى اعتماد بعض األساليب المتقدمة من االتصاالت
التي تساعدها في تحقيق أهدافها وتوفير تدفق فعال للمعلومات ومن بين هذه األساليب نجد:
-أنظمة الشكاوى :تعمد المنظمات إلى تشجيع العاملين بها على التعبير عن مشكالتهم ،وتساؤالتهم،
وتقديم شكاويهم الخاصة بالعمل وفق نظام مرسمي محدد .حيث تبدأ خطوات الشكاوى ،أو التظلمات المقدمة
من قبل أحد العاملين بالرئيس له المباشر في العمل ،فإذا لم يتمكن من حل المشكلة او لم ينصفه فإن نظام
النظام الرسمي يتيح له فرصة رفع الشكوى أو التظلم إلى الجهة األعلى .أما أنظمة الشكاوى هاته فتأخذ لها
تسميات مختلفة ومنها على سبيل الذكر :صندوق الشكاوى ،وسياسة الباب المفتوح وهي سياسة تسمح
للمعني بالشكوى أو بتقديم التظلم إلى الجهة اإلدارية األعلى ،بل وحتى تصعيد شكواه لمستويات أعلى في
حال لم يكن الشاكي راضيا عن الحل المقترح عليه.
-أنظمة المقابالت :تقوم المنظمات باعتماد نظام المقابالت باعتباره وسيلة المتصاص مشاعر عدم الرضا
والغضب لدى العاملين ،وحل مشاكلهم أيضا .أما من أنظمة هذه المقابالت فنجد ما يسمى بجماعات
النقاش ،والنقاش المفتوح .حيث يقوم أحد العاملين في المنظمة بطلب مقابلة بعد تحديده لموضوع المشكلة،
ليتم بعدها تحديد موعد للمقابلة حيث يتم مناقشة المشكلة واقتراح إحالتها إلى المختصين القتراح أو تقديم
الحل .كذلك تقوم بعض المنظمات بمقابالت دورية مع الموظفين والعاملين بها للرد على انشغاالتهم وحل
مشاكلهم في الحين ،أو عقد اجتماعات مع العاملين مرة كل شهر من أجل االطالع على انشغاالتهم التي
41
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
تدون في محضر يرفع إلى الجهة األعلى من أجل متابعة سير هذه االجتماعات والبحث عن حلول والرد
على هاته االنشغاالت( .ماهر ،2000 ،ص ص )51،52
-لوحة اإلعالنات :تسمح لوحة اإلعالنات للمنظمة بنشر اإلعالنات الرسمية ،واعالم العاملين بالقضايا
المستعجلة والهامة ،كما بالتغييرات التي قد تحدث في قواعد وأنظمة العمل.
-رفوف القراءة :يمكن للمنظمات أن تلجأ إلى استخدام رفوف للقراءة تضع عليها كتيبات ،نشريات خاصة،
بها موضوعات أو معلومات تهم السياسات المعتمدة تجاه العاملين ،كنظام األجور ،الحوافز ،نظام الترقيات،
التقاعد ،وغيرها ،وتعد هذه الرفوف بمثابة وسيلة للرد على استفسارات وتساؤالت العاملين بدل توجيهها إلى
المختصين داخل المنظمات بغية تخفيف الضغط عنهم وخصوصا عندما يكون عددهم قليال.
-المجلة :توظف المجلة في إخبار العاملين داخل المنظمات باألنشطة التي تجري داخلها ،سواء كانت
هذه األنشطة رسمية ،أو اجتماعية ،أو رياضية ،أو ثقافية ،أو ترفيهية .وتعد المجلة وسيلة إلشراك العاملين
في أنشطة المنظمة من خالل المقاالت ،األخبار ،والمعلومات كافة التي قد تتضمنها.
-مرفق الشيك الشهري :تلجأ المنظمات إلى استخدام مرفق الشيك الشهري أيضا في إخبار العاملين بعد
طباعة الشيك الشهري بأية تغييرات قد تمس سياسات األفراد بداخلها كالحوافز ،التأمينات ،األجور وغيرها.
(ماهر ،2000 ،ص )52
-البريد االلكتروني المهني :لقد أصبح بمقدور المنظمات اليوم ومع تطور تكنولوجيا االتصاالت
والمعلومات توظيف هذه التكنولوجيا الجديدة في االتصال بالعاملين فيها ،وتبليغهم بما تراه مهما ويجب
اطالعهم عليه ،خصوصا بالنسبة للمسائل المستعجلة حيث يسمح بوصول الرسالة إلى المعنيين بها في
الحين.
2-5االتصال غير الرسمي :بالرغم من وجود االتصال الرسمي فإن االتصاالت غير الرسمية تبقى
على جانب كبير من األهمية في حياة التنظيم نظ ار لدورها البالغ في إشباع حاجات األفراد االجتماعية
والعاطفية سواء داخل المنظمة أو خارجها .فاالتصاالت غير الرسمية تعبر عن العالقات غير الرسمية التي
تنشأ بين العاملين داخل المنظمة وهي بالتالي تتجاوز العالقات الرسمية التي تنشأ كمحصلة لبناء الهيكل
التنظيمي الرسمي لهذه المنظمة أو تلك بغض النظر عن طبيعة المنظمة ونشاطها االجتماعي أو االقتصادي
وغيره .ذلك أن األفراد العاملين داخل التنظيم يجدون لهم طرقهم الخاصة في التعبير عن مواقفهم وعواطفهم
واحتياجاتهم بعيدا عن القنوات الرسمية للمنظمة ،حيث تتشكل الجماعات غير الرسمية التي تتصف بالتجانس
والتن اغم بين أعضائها نظ ار لعدة عوامل تدخل في ظهور مثل هاته الجماعات التي أولت لها الدراسات
42
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
السوسيولوجية والنفسية أهمية بسبب دورها وتأثيرها على حياة المنظمة حيث تجد لها على الدوام منفذا
لالتصال داخل الهيكل التنظيمي الرسمي.
أي أن االتصاالت غير الرسمية هي تلك االتصاالت التي يعنى بها ذلك النوع من االتصاالت التي ال
تخضع لقواعد واجراءات مثبتة مكتوبة ورسمية ،وهي تتم بين مستويات مختلفة داخل المنظمة متخطية بذلك
خطوط السلطة الرسمية .وبالتالي فإن االتصاالت غير الرسمية ستكون اتصاالت غير مدونة أو اتصاالت
شفوية وتتم بين األفراد والجماعات في استقاللية تامة عن األعمال والوظائف الرسمية.
من ذلك يمكن القول بأن االتصاالت غير الرسمية تكتسي أهمية خاصة نظ ار لدورها داخل المنظمة ولعله
في أعمال " إلتون مايو"" " Elton MAYOومدرسة العالقات اإلنسانية ما يفسر أو يكشف هذه األهمية
الخاصة لالتصاالت غير الرسمية في حياة جماعات العمل داخل المنظمة ،وما مصطلح العالقات اإلنسانية
إال دليل على وجود حياة خاصة باألفراد وجماعات العمل غير الرسمية داخل التنظيم ،هاته الحياة التي تقوم
على التفاعالت التبادلية بين هؤالء األفراد والجماعات التي تشبع حاجاتهم العاطفية واالجتماعية ،بل أن
األفراد وجماعات العمل داخل المنظمة يخضعون في نشاطهم إلى معايير خاصة بهم متجاوزين بذلك
المعايير الرسمية للعمل(.علي ،2001،ص ص )128،129
وعموما فإن االتصاالت غير الرسمية تمثل أحد أكثر أنواع االتصال شيوعا سواء داخل المنظمة أو خارجها،
وهي ال تخضع لألطر الرسمية لالتصال ،حيث تنساب أو تتدفق المعلومات بين األفراد والجماعات بشكل
مرن وبسرعة كبيرة ،خصوصا وأنها تعتمد في الغالب على االتصاالت الشفوية .وهي اتصاالت موجودة في
كافة النظم االجتماعية وت تعايش جنبا إلى جنب مع االتصاالت الرسمية .وعليه فأمام جميع األفراد في أي
نظام كانوا الفرصة لبناء اتصاالت غير رسمية لكونها تتم بشكل عفوي بعيدا عن األطر والقنوات الرسمية،
بل وتعد بمثابة استجابة طبيعية لحاجة التفاعل االجتماعي.
هذا وتترجم االتصاالت غير الرسمية في شكل عالقات وتفاعالت وتتمثل في:
-اللقاءات العفوية بين الزمالء في.
-الحوارات غير الرسمية في أماكن العمل.
-االتصاالت المباشرة بيمن األفراد داخل أماكن العمل لنقل مباشر لرسائل أو معلومات بصورة سرية.
(عقلة ،2010 ،ص )101
وأيا كان األمر فإنما يمكن قوله بشأن تصنيف أنواع االتصال التنظيمي أنها قد جاءت متعددة ،ويمكن بهذا
الصدد أن نضيف على التقسيمات السابقة ،التقسيم الموالي الذي اقترح تقسيمها إلى:
43
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-اتصاالت لنقل المعلومات من المنظمة إلى العاملين(:االتصاالت النازلة) وتسعى إدارة المنظمة من
خالل هذا النوع من االتصاالت إلى إعطاء الشخصية المميزة للمنظمة وأسلوبها المتفرد في العمل واإلدارة،
زيادة على رفع والء العاملين للمنظمة .ومنها مطبوعة المنظمة ،الزيارات الدورية ،اإلعالنات ،دورات
التدريب ،دليل اإلجراءات ...الخ
-اتصاالت لنقل معلومات من العاملين إلى المنظمة والمستويات اإلدارية األعلى (االتصاالت صاعدة)
وهي االتصاالت التي يقوم بها العاملون في المنظمة أو من ينوب عنهم بإبالغ إدارة المنظمة أو المستويات
اإلدارية األعلى بسير العمل ،مدى التقدم في اإلنجاز ،المشاكل في العمل وغيرها .ومنها :صندوق الشكاوى،
التقارير والمذكرات ،المقابالت ،االستشارة ...الخ.
-اتصاالت لبناء شخصية متميزة للمنظمة وخلق والء العملين لها :حيث تقوم المنظمة باستخدام العديد
من الطرق التي تفيدها في منح شخصية متفردة للمنظمة مع العمل على خلق والء العاملين لها .ومن بين
األساليب أو الطرق :كتاب تاريخ المنظمة ،الملصقات على زجاج السيارات ،مجلة المنظمة ،الرحالت
الحفالت ،المعارض ...الخ( .ماهر ،2000،ص ص )50-48
داخل المنظمة ذلك أنه يحقق التفاعل المشترك بين العاملين أثناء أدائهم لمهامهم ،وأنشطتهم المختلفة ،وهو
ما يسمح لهم بتبادل الخبرات والمعلومات والتشاور والتنسيق فيما بينهم ،وهو ما يسمح بتحقيق األهداف
المرغوبة .كما أن لالتصال التنظيم دور في خلق الرضا واشباع الحاجات العاطفية واالجتماعية لألفراد
العاملين ،وبالتالي في الدفع بالجميع داخل المنظمة نحو العمل وبذل الجهد لتحقيق الفعالية أو تحسين
وتطوير أداء العاملين بما يسمح لهذه األخيرة من تحقيق أهدافها ،وانجاز برامجها ،وخططها المسطرة .وهو
ما يدعو المنظمة إلى توخي الحيطة أثناء وضعها أو تصميمها لبرامجها االتصالية ،واألخذ بعين االعتبار
لقنواتها االتصالية مع العمل على تحسينها وتطويرها بما يخدم عملية تحقيق االنسجام ،والتوافق بين العاملين
والخفض من حدة الصراع أو التوتر ،وبالتالي ضمان التنسيق والتعاون فيما بينهم ،والحفاظ على االستقرار
داخل المنظمة كونه أحد مكونات أو عناصر النجاح بالنسبة لها.
والجدول الموالي يختصر لنا أهم أهداف االتصال التنظيمي:
أ -التكامل :ويقصد به تحقيق الربط والتكامل بين أهداف العاملين وأهداف المنظمة ،وذلك من خالل
تشجيع روح التعاون والعمل الجماعي ،مما يساعد في تحقيق االستقرار والقضاء أو التخفيف من التوتر
والصراع بين العاملين داخل المنظمة.
45
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
ب -اإلقناع :يوظف االتصال التنظيمي في تحقيق المزيد من التشاور والنقاش والحوار داخل المنظمة
بغرض اإلقناع بمضمون أهداف الخطط والبرامج واألهداف التي تتبناها لمنظمة وتسعى إلى تحقيقها.
جـ -االنضباط :يساعد االتصال التنظيمي المنظمة باعتمادها على الرسائل المناسبة في إقناع العاملين
بها بأهمية األهداف المبتغاة مما يؤدي إلى تحقيق االنضباط وبالتالي االستقرار في العمل.
د -اإلعالم :إن من أهم وظائف االتصال التنظيمي جمع المعلومات وتخزينها وتحليلها ومعالجتها ونشرها
ه -التعليم :أي توفير المعلومات والبيانات الضرورية بغرض تنمية الخبرات والمهارات داخل المنظمة
فالمنظمة الناجحة هي المنظمة المعلمة والمتعلمة في آن واحد( .حمدي ،2010 ،ص )95
46
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
47
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-رموز األداء :ويقصد بها حركات الجسد مثل :تعبيرات الوجه ،حركات العيون االيماءات ،زيادة على
ما يطلق عليه بشبه اللغة والتي تظهر في :الكحة ،الضحك ،نوعية الصوت ...الخ.
-الرموز االصطناعية :كنوع المالبس ،أدوات الزينة ،األثاث ،أو كافة الرموز المعبرة عن المكانة
االجتماعية للشخص.
-الرموز اإلعالمية :وتكون نتيجة االختيارات والترتيب واالبتكارات مثل :نوع الصورة وحجم الخط األلوان
الظالل إلى جانب استخدام المؤثرات الصوتية والموسيقى.
-الرموز الظرفية :وتنتج عن استخدام الوقت والمكان من خالل ترتيب جلوس الزوار أو
المتصلين وغيرها.
أيا كان األمر وبغض النظر عن نمط االتصال أو أسلوب االتصال ،فإن االتصال الكتابي ،هو أكثر األنواع
أو الوسائل استخداما أو شيوعا في االتصال التنظيمي ،وان كان اللجوء إلى الوسائل األخرى كالشفهية ،أو
اللفظية وغير اللفظية ،غير مستبعد ،إذ تمليه عدة اعتبارات ،أو على حسب الظرف أو الموقف االتصالي،
ومنها الرغبة في الحصول على رد فعل ،أو على استجابة آنية وسريعة ،وخصوصا إن كانت هناك رغبة
لدى مرسل الرسالة في مالحظة انفعاالت مستقبل الرسالة ،التي تظهر في شكل تعبيرات حركية ،أو فيما
يسمى بلغة الجسد(.مكاوي وآخرون ،2018،ص )28
د -وسائل االتصال االلكترونية :يعتمد هذا النوع من االتصال التنظيمي على استخدام الحاسبات
االلكترونية في إيصال المعلومة ويمتاز بالسرعة والكفاءةكما هي الحال مع استخدام االنترنيت البريد
االلكتروني ومختلف الوسائل االلكترونية األخرى التي تسمح بحدوث التواصل بين الرؤساء والمرؤوسين في
الوقت الراهن داخل التنظيم ومنها شبكات التواصل االجتماعي المختلفة التي يمكن اللجوء اليها في عملية
االتصال التنظيمي.
عموما فإن المالحظ هو أن عملية االتصال التنظيمي ،تتم بعدة أشكال ،وطرق ،معتمدة في ذلك على عدد
من الوسائل المختلفة ،وهي في مجموعها مثلما تتميز بجملة من المزايا ،فإنها وبذات الوقت تعاني من عدة
عيوب أو نقائص .ولهذا فإن نجاح عملية االتصال مرتبط باستخدام الوسيلة االتصالية المناسبة مثلما بتنويع
الوسائل المستخدمة في هذه العملية كلما استدعت الضرورة ذلك.
-9خصائص االتصال التنظيمي:
يتميز االتصال التنظيمي بجملة من الخصائص التي يمكن تلخيصها في جملة العناصر الموالية:
هذه األهداف وانجاز البرامج والخطط المسطرة ثم أنها تتم في أوقات متباينة باستخدام وسائل متعددة فإنها
بال شك عملية معقدة للغاية وبالتالي يكون على اإلدارة العليا او المكلفين بعملية االتصال التنظيمي على
مستوى المنظمة اختيار الوسائل والطر واألوقات المناسبة إلنجاح هذه العملية.
49
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
أ -المصداقية :ويقصد بها مدى مصداقية مصدر الرسالة ،فهل هو خبير متمكن من تقديم اإلجابات
الصحيحة ،أو مدى قدرته على نقل الرسائل من دون تحيز ،حيث تنبع خبرة المصدر من عدة عوامل:
ومنها التدريب ،الخبرة بالموضوع ،والمهارات االتصالية وما تحتوي عليه من مهارات في الكالم ،في الكتابة،
في التعبير ،زيادة على االحترافية في العمل ضمن الوضع االجتماعي الذي يعيش فيه.
ب -الجاذبية :وتتحقق عندما يكون القائم بعملية االتصال قريبا من الجمهور المقصود ،وذلك من جميع
النواحي :االجتماعية ،الثقافية ،االيديولوجية ،والسياسية ،بل وحتى الجسمانية ،مما يسمح له بتحقيق
التجاوب ،والتناغم مع رسالته ،وبالتالي تقبل الجمهور المعني لمضمونها والغايات من ورائها.
جـ -السلطة :ويقصد بها قدرة الطرف في الموجود في مركز السلطة على تقديم العقاب والثناء وبالتالي
الحصول على موافقة الطرف المقابل على مضمون رسائله( .مكاوي وآخرون ،2018،ص ص )53
د -وضوح الرسالة :يرتبط أيضا نجاح عملية االتصال التنظيمي بمدى وضوح الرسالة .ولذلك فإن بناء
الرسالة وصياغتها على قدر كبير من األهمية ،ألن فهم المتلقي للرسالة مرتبط بقدرته وسهولة استيعابه
لمضمون هذه الرسالة .وقد حدد "جورج كلير" خمسة ( )05متغيرات في أسلوب الرسالة وهي:
-القابلية لالستماع أو القراءة :أي أن تكون الرسالة قابلة لالستماع إليها ،مع القدرة على قراءتها طالما
-تنوع مفردات الرسالة وتجنب التكرار :من األهمية بمكان االهتمام بصياغة محتوى الرسالة وبالتالي بلغة
وبمفردات الرسالة التي يجب أن يراعى في صياغتها المستوى التعليمي واالنتماء الثقافي للمتلقي أو مستقبل
الرسالة.
-الواقعية والقابلية للتحقق :أي التعبير عن الواقع المعاش وتجنب التجريد في سرد الوقائع واألحداث إلى
جانب قابلية مضمون الرسالة إلى التحقيق عمليا أو في الميدان.
50
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
و -السرعة :اذ تتميز كفاءة االتصاالت التنظيمية بسرعة تقديمها لمعلومات مرتدة ،تسجيلها ،وتأثيرها
بالتالي على سلوك العاملين وتحقيق األهداف المرجوة منها .ذلك أن وصول المعلومات إلى المعنيين بها
في الوقت المناسب أمر حيوي بالنسبة للمنظمة ،ألن المعلومات تفقد قيمتها إن لم تنقل في الوقت المناسب
التخاذ الق اررات المناسبة.
ز -االرتداد :فاالتصاالت الشفوية تسمح بالحصول على المعلومات المرتدة في الحين مما يسهل عملية
اتخاذ القرار المناسب والقيام باألعمال المطلوبة في وقتها .في حين نجد بأن االتصاالت المكتوبة
كالخطابات ،التقارير ،والمذكرات تستغرق في الوقت مما قد يحد من فعالية االتصال وفي الحصول على
رجع الصدى في الوقت المطلوب.
حـ -التسجيل :ويقصد بها تسجيل وحفظ الرسائل في الملفات والسجالت مما يفيد في إمكانية الرجوع إليها
عند اللزوم لمراقبة ومتابعة مدى التقدم في اإلنجاز وسير العمل في المنظمة.
51
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
طـ -الكثافة :تسمح بعض وسائل االتصال بتقديم معلومات غزيرة أو كثيفة مثل الخطابات والتقارير مما
يسمح باستخدامها في استعراض المعلومات المعقدة أو المسهبة أو في تقديم الخطط ،والبرامج ونتائج المتابعة
الميدانية ،وعموما فإنه كلما قدمت الوسيلة االتصالية معلومات كثيفة حول الموضوع كلما كان أفضل.
ي -الرسمية :عندما يكون موضوع الرسالة رسميا وجب اللجوء إلى وسائل االتصال الرسمي في تبلغيها.
ومنها على سبيل المثال إخبار العاملين بالترقيات ،أو النقل ،وكذا االتصاالت الداخلية بين األقسام والمصالح
المختلفة ،وان كانت االتصاالت بين زمالء العمل قد تحتاج في بعض األحيان إلى الوسائل غير الرسمية
كالتلفون واالتصاالت الشفوية عموما.
ك -التكلفة :أي كلما كانت وسيلة االتصال المستخدمة أقل تكلفة كلما كان ذلك أفضل بالنسبة للمنظمة.
حيث تشتمل التكلفة على :األدوات المكتبية المستخدمة ،تكلفة الطباعة ،البريد ،التلفون ،أجور العاملين
المشاركين في االتصال .أو هي تكلفة إرسال ،واستقبال ،وتخزين ،وتحليل ،واسترجاع المعلومات.
(ماهر ،2000،ص ص )42 ،41
ب -خصائص المتلقي :إذ يختلف األشخاص فيما بينهم في تلقي ،واالستجابة لذات الرسالة ،ألسباب مختلفة
منها :المستوى التعليمي ،الخبرات والتجارب السابقة ،البيئة االجتماعية ...الخ.
ج -اإلدراك االنتقائي :ذلك أن األفراد يتجهون في الغالب إلى سماع ما يرغبون به ،أو سماع جزء من
الرسالة واغفال ،أو إهمال الباقي ،وذلك لعدة أسباب ودوافع .ويحدث اإلدراك االنتقائي عندما يلجأ متلقي
الرسالة إلى تقييم طريقة االتصال ،وشخصية ،وقيم ،ودوافع ،ومزاج مرسل الرسالة.
د -المشكالت اللغوية :تعد اللغة المستخدمة في عملية االتصال بدورها من أبرز المعوقات ذلك أن المفردات
التي تستخدم في صياغة الرسالة تحمل معان مختلفة لدى األشخاص المختلفين ،فقد تكون لنفس الكلمة
معان متعددة بحيث تحمل عدة تفسيرات .وقد تكون اللغة المستخدمة أيضا متخصصة ،أو لمجموعة فنية
معينة بحيث يصعب على اآلخرين ممن هم خارج هذه المجموعة فهمها أو استيعابها.
ه-حجم المعلومات :من بين أهم معوقات االتصال التنظيمي كذلك كثرة أو اإلفراط في المعلومات المتداولة،
ذلك أن العاملين داخل المنظمات كثي ار ما يشتكون من ضغط المعلومات ،بحيث أنه إذا ما تم االهتمام
بكافة المعلومات سيكون ذلك على حساب العمل الفعلي داخل المنظمة( .السكارنه ،2009 ،ص ص ،58
)59
و -معوقات في الرسالة :فقد تتعرض المعلومات عند وضعها في الرسالة لبعض المؤثرات التي يمكن ان
تحيد عن الهدف المقصود من وراء الرسالة.
ز -معوقات في وسيلة االتصال :يمكن أن يؤدي عدم اختيار الوسيلة المناسبة إلرسال أو تبليغ الرسالة إلى
تشويه او انحراف الرسالة عن مضمونها والهدف من ورائها ،مما يؤدي إلى فشل عملية االتصال في حد
ذاتها .ولذلك فعلى مرسل الرسالة اختيار الوسيلة المناسبة التي تتماشى مع موضوع الرسالة ،مثلما مع
الوقت المناسب لتبليغ الرسالة ،وكذا األفراد الذين يتوجه إليهم بالرسالة ،باإلضافة إلى معرفته باإلجراءات
الرسمية في استخدام وسيلة االتصال.
حـ -معوقات بيئية أو تنظيمية :إن للعوامل البيئية أو التنظيمية تأثير على عملية االتصال التنظيمي.
ولذلك فإن أطراف االتصال يقعون في أخطاء عديدة نتيجة اغفالهم أو تجاهلهم لهذه العوامل المحيطة بهم
وبالبيئة التنظيمية في أثناء عملية االتصال ،مما يجعل من هذا االتصال اتصاال غير كامل أو اتصاال
تنظيميا مشوشا .أما عن أهم هذه العناصر أو العوامل فيمكن اختصارها فيما يلي:
-أحد أطراف االتصال أو كليهما ال يفهم أو ليس على علم بأهداف المنظمة.
-أحد أطراف االتصال تتعارض أهدافه مع أهداف المنظمة ،او مع أهداف الطرف اآلخر في االتصال.
53
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-أحد أطراف االتصال أو كليهما ال يفهمان الفائدة التي ستعود على المنظمة من وراء عملية االتصال
وبالتالي العواقب السيئة التي سيتعرض لها أو ستصيب المنظمة واآلخرين عند فشل االتصال.
-غياب الثقة والعدالة التنظيمية داخل المنظمة مما يحبط عملية االتصال.
-انعدام مبدأ المبادأة وغياب عنصر االبتكار واإلبداع داخل المنظمة.
-عدم توفر أو غياب رجع الصدى أو المعلومات المرتدة عن عملية االتصال مما يسبب فشلها.
(ماهر ،2000،ص ص)39،40
-مركزية التنظيم وتعدد المستويات اإلدارية وعدم تجانس الجماعة :فالمركزية في التنظيم تلزم الجميع
بالعودة إلى مركز اتخاذ الق اررات في كل مرة مما يعرقل ويعطل العمل ،أو تنفيذ األوامر في الوقت المناسب،
نتيجة تعطل سرعة االتصاالت بل وضياع المعلومات بفعل تعدد المستويات اإلدارية داخل المنظمة .فتعدد
المستويات اإلدارية داخل المنظمة يعرض المعلومات للتحريف ،أو الحذف ،أو الضياع نتيجة هذا الذهاب
واإلياب بين المستويات اإلدارية المختلفة( .القريوتي ،2003،ص )224
-1النظريات الكالسيكية:
وتضم العديد من النظريات ومن أهمها :نظرية اإلدارة العلمية ،نظرية التكوين اإلداري ،ونظرية التنظيم
البيروقراطي .وقبل التفصيل في هذه النظريات وتصورها لعملية االتصال التنظيمي داخل المنظمة يجدر
أوال التذكير ببعض مبادئها األساسية ،أو أهم االفتراضات الضمنية والصريحة التي تقوم عليها ومنها:
-نظرت إلى اإلنسان باعتباره آلة أو جزء من آلة العمل.
-أن اإلنسان كائن اقتصادي أو مادي.
-المركزية في اتخاذ الق اررات.
54
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
تصدرها اإلدارة ،هاته التي تظل إدارة مركزية ،تسيطر على عملية اتخاذ القرار في المنظمة .بمعنى أن
العامل الذي يتلقى األوامر من الجهة العليا ليس أمامه من اختيارات أخرى سوى االمتثال للسلطة العليا أو
لرئيسه والمشرف عليه في العمل ،خصوصا وان العامل تم تحديد وقياس ويتم العمل الخاص به والحركات
األساسية التي عليها العمل فقها إن كان يرغب في رفع األجر الذي يتلقاه ،كيف ال وقد تم ربط األجور بعدد
القطع المنتجة ،بل هناك طريقة وحيدة مثلى في العمل ،وهي الطريقة التي رأت بها اإلدارة ،أو في طريقة
تقسيمها للعمل بين العمال ،في تنميطها للعمليات ،وتوحيد اإلجراءات الخاصة بالقيام بالمهام المختلفة ،وفي
فرض الرقابة على العاملين.
وعليه فاالتصال التنظيمي بالنسبة لنظرية اإلدارة العلمية يتحدد في مساعدتها على إدارة األفراد في العمل
والرقابة عليهم ودفعهم لزيادة اإلنتاج ،وبالتالي زيادة األرباح ،دون مراعاة للجوانب اإلنسانية في العمل .أو
هو اتصال رسمي ،مكتوب ،يتم بشكل متسلسل ومخطط ،ويصدر من اإلدارة العليا إلى المستويات اإلدارية
األدنى .أي أن نظرية اإلدارة العلمية في تصورها للعمل ،ولالتصال التنظيمي تكون قد تغاضت عن
التفاعالت االجتماعية ،واالتصاالت غير الرسمية التي تنشأ في أماكن العمل ،عندما اعتقدت في أهمية
مخاطبة عقل العاملين ،ومن ثمة إمكانية التفرقة بينهم أمام شراهتهم للمال.
اإلطارات القادرة على تسير وادارة المؤسسات .أي أن " فايول" تعلم من تجربته الخاصة في صياغة مبادئ
نظرية التكوين اإلداري التي جاء بها ،وهي النظرية التي تقوم على جملة من المبادئ ومنها:
مبدأ تقسيم العمل ،مبدأ وحدة األمر ،مبدأ السلطة والمسؤولية ،مبدأ االنضباط ،مبدأ وحدة القيادة ،مبدأ هرمية
السلطة ،وغيرها من المبادئ ،كمبدأ التعاون ،العدالة ،روح المبادرة ،واالستقرار الشخصي ،وهي المبادئ
التي تكشف على أن نظرية التنظيم اإلداري أيضا تعتمد أسلوب االتصال الرسمي النازل من السلطة المركزية
إلى العاملين في المنظمة.
لكن مع ذلك لم يغفل عن أهمية االتصاالت الجانبية ،عندما اقترح فكرته حول ما أسماه بالجسر ،أو
المعبر ،الذي يسمح للمستويات اإلدارية باالتصال فيما بينها .فقد الحظ " فايول" بأن االتصال التنظيمي
الذي يعتمد فيه على المراسالت ،واإلجراءات اإلدارية المكتبية ،أو االتصال الرأسي سيأخذ وقتا طويال في
حالة ما إذا تم االكتفاء به مثلما كانت عليه الحال في ذلك الوقت .ويوضح " فايول" وفقا للشكل رقم ()07
أدناه كيف يكون على الشخص (ل) مثال إن رغب في االتصال بالشخص(ه) أن يصعد إلى األشخاص
والمناصب (ك)( ،ط)( ،ح)( ،أ) ،ثم يهبط إلى األشخاص والمناصب (ب)( ،ج)( ،د) ،ليصل أخي ار إلى
الشخص (ه) وهو المسار الذي يستغرق وقتا طويال على حساب انجاز العمل بأقل تكلفة( .ماهر ،2000
ص )31
الشكل رقم ( )07يوضح مفهوم المعبر أو الجسر أو االتصاالت الجانبية عند فايول
57
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
صدور األوامر منها بشأن مشكلة ما في ميدان العمل سيؤدي ذلك إلى تعقد المشكلة ،وتأخر وصول الحل
في الوقت المناسب( .العلواني ،2006 ،ص )45
غني عن البيان أن مفهوم المعبر أو الجسر الذي ابتدعه " فايول" كان مفهوما رائدا وقتها فقد سمح بظهور
االتصاالت الجانبية داخل التنظيم الرسمي الذي كان يعتمد حتى ذلك التاريخ على االتصاالت الرأسية ال
غير .فهو يسمح بـ:
-التنسيق بين الزمالء وبين المصالح واألقسام والوحدات المختلفة في المنظمة.
-تشجيع التعاون بين الزمالء في العمل وبالمصالح واألقسام المختلفة في المنظمة.
-تعزيز العالقات وشروط قيام المناخ اإليجابي والعالقات اإلنسانية في أماكن العمل.
-تبادل ونشر المعلومات والبيانات الضرورية ألداء المهام والعمليات داخل المصالح األقسام ،والوحدات
المختلفة داخل المنظمة( .ديري ،2007 ،ص )30
-االعتماد على القواعد الرسمية والمكتوبة داخل التنظيم( .لطفي ،2007،ص ص )99 ،98
-يعين الموظفون من قبل سلطة أعلى وال يتم انتخابهم.
-يتمتع الموظفون باستم اررية وظائفهم وبارتفاع مكانتهم طيلة حياتهم.
-يتلقى الموظفون رواتب ثابتة ومعاشات تقاعد.
يرى "فيبر" أن أفضل أنواع التنظيمات هو التنظيم البيروقراطي ألنه ال يقوم على العالقات الشخصية او
العاطفية ولكن على الكفاءة والجدارة واالستحقاق ،وعلى القواعد الرسمية التي تنظم العمل والعالقات ،على
تقسيم العمل وتحديد المسؤوليات والقواعد اإلجرائية ألداء العمل .ثم أنه وفوق ذلك هو النموذج الذي يقدم
أفضل الوسائل لتحقيق الكفاءة التنظيمية( .لطفي ،2007 ،ص )99
نفهم مما تقدم أن " فيبر" يشيد بمزايا التنظيم البيروقراطي الذي يقوم على التدرج اإليراركي في تحديد
المناصب والمسؤوليات .وهو بالتالي يصرح وان ضمنا بمزايا االتصال الرسمي داخل التنظيم الذي يمر عبر
القنوات الرسمية المحددة طبقا للتنظيم الهرمي أو اإليراركي ،معتقدا بذلك أن استبعاد العالقات العاطفية
سيسمح بتجاوز التنظيم للعقبات التي قد تنجم عن غياب القواعد الرسمية المنظمة للعالقات بين أعضاء
التنظيم.
وعليه فإن خط االتصاالت يسير رأسيا من أعلى إلى أسفل على شكل أوامر وتوجيهات وتعليمات خاصة
بالعمل تصدر بطبيعة الحال عن اإلدارة العليا ،أو السلطة المركزية التي تتولى مهمة أو عملية اتخاذ القرار
وما يتصل بها من عمليات إدارية أخرى ،مما يدفع إلى القول بأن التنظيم البيروقراطي يتجاهل أهمية
االتصاالت الصاعدة والجانبية أو األفقية ،خصوصا وأن "فيبر" قد شدد على أهمية القواعد الرسمية المكتوبة
في العمل ،أي على االتصاالت المكتوبة ،من تقارير ،منشورات وغيرها من الوسائل الكتابية األخرى التي
تعتمد في االتصال داخل التنظيمات البيروقراطية.
والحق أن النموذج البيروقراطي الذي قال به " ماكس فيبر" وان كان يعاني من بعض العيوب فمزاياه التي
تقضي بتعيين الموظفين في المناصب تبعا لكفاءاتهم ثم اعتماده على وضوح اإلجراءات وقواعد العمل
الفصل بين العمليات من خالل تقسيم العمل وتحديد المسؤوليات يسمح بال شك بقيام اتصاالت رسمية وفق
القواعد المنظمة مما يحول دون وقوع بعض المشكالت المتصلة بالطبيعة النفسية واالجتماعية لألفراد.
" لقد تعرض نموذج " فيبر" البيروقراطي إلى النقد وعلى رأس من انتقدوه " ألفن جولدنر"
"A.GOULDNERفي كتابه " أنماط البيروقراطية في الصناعة" الذي رأى بأن " فيبر" قد خلط بين نمطين
من أنماط السلطة القانونية التي يتميز بها التنظيم البيروقراطي وصورهما على أنهما نمطا واحدا .حيث نجد
59
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
النمط األول وهو نمط البيروقراطية النيابية وفيه توضع القاعد المنظمة باالتفاق بين الرئيس والمرؤوسين
وهو يرتكز إلى القواعد الديمقراطية وبالتالي يحوز على رضا الموظفين والعمال .أما النمط الثاني فهو النمط
المعروف بنمط البيروقراطية العقابية أو الجزائية ،حيث تفرض القواعد على األفراد فرضا أي هو يستمد
شرعيته من طرف واحد أال وهو اإلدارة العليا ،ولذلك يلقى معارضة او عدم قبول من قبل الموظفين والعمال.
(لطفي ،2007 ،ص)100
أيا كان األمر فإن للتنظيم البيروقراطي مزاياه وعيوبه .فإذا كان على سبيل الذكر يقوم على القواعد الرسمية
وليس على العالقات الشخصية أو العاطفية فإنه يمنح التحيز والمحاباة والمحسوبية ألن التعيين في المناصب
يتم على أساس الكفاءة والجدارة .لكنه في المقابل يعاني من عيوب البيروقراطية واجراءاتها وخصوصا عندما
يختفي المسؤولون إلخفاء إخفاقاتهم وفشلهم في اإلدارة وراء ضرامة القواعد واإلجراءات القانونية أو الرسمية،
خصوصا وأن التنظيمات البيروقراطية تعاني بمرور الوقت من تضخم القواعد واإلجراءات الشكلية التي
يتمسك بها بعض الموظفين ليس حفاظا على أهداف التنظيم ولكن حفاظا على مصالحهم ومكتسباتهم التي
تتعارض ومصلحة التنظيم ككل.
60
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
وبالفعل فقد تمكنت مدرسة العالقات اإلنسانية من خالل نتائج األبحاث التي أجرتها من الكشف على
األهمية الخاصة لمنطق المشاعر في توجيه سلوك العاملين داخل التنظيم ،بل وبقدرة هذه المشاعر على
خلق بناء غير رسمي قد تكون له أهداف منافية ،أو مختلفة على األقل مع أهداف التنظيم الرسمي التي
يفرضها منطق اإلدارة الذي ينشد الفعالية المطلوبة.
بمعنى أن مدرسة العالقات اإلنسانية من خالل تجارب مصانع هاوثورن التي أشرف عليها " التون مايو"
التي كانت تسعى إلى معرفة العالقة بين العوامل الفيزيقية واإلنتاجية في العمل قد تمكنت من التوصل إلى
التعرف على دور العوامل العالئقية ،القيم ،المعاير ،في التأثير على سلوك جماعات العمل ،على اتجاهاتهم
وعلى إنتاجيتهم في العمل ،مما دعا العالمان "ميللر"" "D.C. MILLERو"فورم" " "W.H.FORMإلى
القول بأن دراسات " مايو" وزمالئه تسمح بالخروج باالستنتاجات التالية:
-العمل نشاط جماعي.
-تتمركز حياة اإلنسان الراشد االجتماعية حول العمل.
-للشعور باألمن واالنتماء لجماعة العمل والتنظيم دو ار في تحديد إنتاجية العمال.
-تتحكم المطالب االجتماعية سواء جاءت من داخل التنظيم أو من خارجه في اتجاهات العاملين وفي
فعاليتهم في العمل.
-تمارس الجماعات غير الرسمية ضبطا اجتماعيا قويا على سلوك العامليين ،على عادات العمل ،كما
على اتجاهات العاملين في أماكن العمل.
-تفصح الشكوى غالبا ليس عن حقائق اجتماعية ولكن عن اضطراب في سلوك الفرد داخل مكان العمل.
(لطفي ،2007،ص)102
وهي االستنتاجات التي تبين مدى تأثير العالقات العاطفية ،المشاعر ،معايير الجماعة واتجاهاتها على
دافعتيهم وعلى إنتاجيتهم في العمل بل وعلى دور العالقات غير الرسمية في ضبط سلوك األفراد داخل
التنظيم ،مما يدل على أهمية االتصاالت غير الرسمية أيضا في حياة التنظيم وجماعات العمل فيه .وفي
عبارة أخرى يمكن القول بأن للعالقات االجتماعية والتفاعالت التي تنشأ بين العاملين في أماكن العمل
أهمية متميزة في خلق الدافعية لديهم ورضاهم عن العمل .ثم وفوق ذلك مدى أهمية العالقة التي تجمع
الرئيس بمرؤوسيه في العمل ،وتأثيرها على إنتاجية العاملين ،فقد الحظ الفريق الباحث بأن إنتاجية األفراد
كانت تنخفض في حالتين :عندما تسوء العالقة التي تجمعهم بالرئيس ،أو عندما تتأزم العالقات السائدة فيما
بينهم .ومن ثمة يمكن القول باألثر الواضح للعالقات االجتماعية التي تجمع العاملين فيما بينهم من جهة
61
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
وبرئيسهم في العمل من جهة أخرى على إشباع حاجاتهم األساسية وعلى الدافعية في العمل .أي بوجود
انقالب واضح على النظريات الكالسيكية في فهم االتصاالت داخل التنظيم حيث أكدت على أهمية
االتصاالت الصاعدة واالتصاالت الجانبية او األفقية .فاالتصاالت بالنسبة لمدرسة العالقات اإلنسانية أو
النظريات النيو كالسيكية ليست اتصاالت رأسية أو نازلة فقط بغرض تبليغ األوامر والتوجيهات الخاصة
بالعمل ولكنها اتصاالت صاعدة تسمح بنقل انشغاالت العاملين ومشاكلهم إلى رؤسائهم في العمل ،أو
لإلدارة العليا ،وأفقية أيضا تسمح بقيام واستمرار التفاعالت االجتماعية ما بين العاملين في المستويات
اإلدارية المختلفة ،التي تعمل على ضمان استمرار الحياة االجتماعية الداخلية للتنظيم ،بما فيها الحياة داخل
جماعات العمل ،بما أنها تعمل على إشباع حاجاتهم العاطفية ،باعتبارها من العوامل المحفزة على بذل
الجهد وبالتالي خلق الدافعية في أماكن العمل.
وعليه فقد تمكنت مدرسة العالقات اإلنسانية التي جاءت بأفكار وقيم جديدة ،من أن تؤكد على إنسانية
العاملين وأنهم ليسوا مجرد آالت يمكن تحفيزها ماديا أو اقتصاديا مثلما رأت النظريات أو المدرسة الكالسيكية،
فهم كتلة من المشاعر ،واألحاسيس ،أو العواطف ،التي يجب تعزيزها من قبل اإلدارة إلشعارهم باألهمية،
والرفع من مستوى اإلحساس لديهم باالنتماء ،والوالء للمؤسسة ،التي يعملون بها ،ومن ثم دفعهم لزيادة
اإلنتاجية وتحقيق الفعالية التنظيمية.
أي أن " التون مايو" استطاع أن يثبت لنا بأن لالتصاالت تأثي ار قويا على العالقات السائدة بين الزمالء في
العمل أو داخل المنظمة ،كما على التفاعالت التي تنشأ فيما بينهم ،وعلى الرضا عن عملهم ،وهو ما أحدث
انقالبا في مفهوم االتصاالت التي تحولت على يد مدرسة العالقات اإلنسانية إلى وسيلة للتعرف على العالم
الداخلي للعمل واألفراد ،ولتنمية والرفع من كفاءة األداء والرضا عنه .فقد رأى بـ:
-تأثر سلوك األفراد في أماكن العمل باحتياجاتهم االجتماعية.
-تأثر األفراد العاملون بطبيعة أو نوعية العالقات االجتماعية التي تجمعهم بزمالئهم في العمل أكثر من
تأثرهم بنظام الرقابة اإلدارية والمحفزات المادية.
-شعور األفراد بأهميتهم يكون من خالل عالقاتهم بزمالئهم في العمل.
وفي عبارة أخرى استطاعت مدرسة العالقات اإلنسانية أن تكشف عن األهمية الخاصة للجوانب االجتماعية
في أماكن العمل ،أي عن مكانة االتصاالت بأنواعها المختلفة داخل التنظيم ،بما في ذلك عن دور التنظيم
غير الرسمي ،الجماعات غير الرسمية وبالتالي االتصاالت غير الرسمية ،فالتنظيم عبارة عن نظام اجتماعي
تسوده عالقات غير رسمية وهي تؤثر في أنماط التفاعل القائمة فيه ).الشماع ،حمود ،2009،ص )6وهو
62
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
ما يمكن أن نقف عليه مع أعمال الحقة لما يمكن أن نطلق عليه امتدادات مدرسة العالقات اإلنسانية .ذلك
أن مدرسة العالقات اإلنسانية واسهاماتها التنظيرية في مجال دراسة التنظيم لم تتوقف عند أعمال "التون
مايو" بل تواصلت مع أعمال أخرى لرواد آخرين لهذه المدرسة حاولوا في أبحاثهم أن يتجاوزوا النقائص التي
وقع فيها "التون مايو" واالنتقادات التي وجهت لمدرسة العالقات اإلنسانية على إثرها عندما أغفل دراسة
تأثير البيئة الخارجية على البيئة الداخلية للتنظيم ،ذلك أن مدرسة العالقات اإلنسانية إذا ما حاولنا تتبع
تطورها التاريخي تنقسم إلى ثالث مدارس فكرية وهي:
-االتجاه الكالسيكي للمدرسة :وتمثله مدرسة "التون مايو" وزمالئه من الباحثين أمثال" :روثليسبرجر"
" ،"E. ROETHLISBERGERو"ديكسون" "." W. DICKSON
-اتجاه مدرسة شيكاغو :الذي تمثله أعمل "لويد وانر" " "W. WARNERولجنة العالقات اإلنسانية في
الصناعية األمريكية بجامعة شيكاغو تحت رئاسة "وارنر" وعضوية بعض العلماء ومنهم" :جاردنر" " B.
" GARDNERو"هاريسون" " ،"F. HARBISONأين حاول "وارنر" إعطاء أهمية خاصة في أبحاثة
للظروف االجتماعية الخارجية عن التنظيم كالتدرج االجتماعي ،مشكالت المجتمع المحلي ،التي تؤثر على
الحياة الداخلية للتنظيم.
-االتجاه التفاعلي :والذي أسهم بعض الباحثين من أمثال" :اليوت شابل"" " E. CHAPPLEو"كونراد
ارنسبرج" " "C. ARENSBERGمن جامعة "هارفارد" في تطويره ،من خالل االستعانة بمفهوم التفاعل
في دراسة موضوع الصناعة ،حيث يشير التفاعل إلى االتصاالت الشخصية المتبادلة في أماكن العمل.
(لطفي ،2007 ،ص ص )105-102
جدير بالذكر هنا أن امتدادات مدرسة العالقات اإلنسانية سنعثر عليها الحقا أو خالل فترة الستينات
السبعينات ،والثمانينات ،من القرن العشرين فيما سمي بمدرسة العالقات اإلنسانية الجديدة التي ضمت
مجموعة من الكتاب الذين حظيت أعمالهم باهتمام بالغ في معاهد دراسة علوم اإلدارة في الواليات المتحدة
األمريكية وفي أروبا وعلى رأسها أعمال " دوغالس ماك غريغور" " "Douglas Mc CREGORصاحب
نظرية Xو " ، Yرنسيس ليكرث" " " Rensis LIKERTصاحب نظرية الدافعية ثم "كريس أرجيريس"
" "Chris ARGYRISصاحب نظرية التناقض بين الفرد والتنظيم ،فهؤالء جميعا أكدوا على أهمية خلق
أبنية تنظيمية تسمح بتحقيق الذات للعاملين ،على عكس التنظيمات الرسمية التقليدية التي يشعرون فيها
بآالم نفسية أضرت بنتائجهم وبدافعيتهم للعمل (.لطفي ،2007،ص ص )108-106
63
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-3النظريات الحديثة:
قدمت النظريات الحديثة في اإلدارة والتنظيم إسهامات نظرية وميدانية عديدة في مجال االتصاالت التنظيمية
وسنحاول فيما يلي تقديم إسهامات بعض أهم هذه النظريات ومن بينها:
يقوم مفهوم حلقة الوصل عند "رنسيس ليكرث" على فكرة أن العديد من العاملين في المنظمة يلعبون دورين.
يتمثل الدور األول في كونهم قادة لجماعة من المرؤوسين ،أما الدور الثاني فيكمن في كونهم أعضاء في
جماعة يرأسها شخص آخر .وعلى هذا النحو يكون الفرد عبارة عن حلقة وصل بين جماعتين ،وعليه فهو
يقوم بنقل معلومات من أعلى إلى أسفل من جهة ومن أسفل إلى أعلى ومن جهة ثانية.
وهو ما يؤشر على وجود كثافة وتنوع في االتصاالت التنظيمية التي تتم بين األفراد من ناحية ،وبين
المستويات اإلدارية المختلفة من ناحية أخرى ،حيث يلعب األفراد داخل التنظيم بغض النظر عن مكانتهم،
أو منصبهم في العمل ،وعن المستوى اإلداري الذي يتواجدون فيه دور الناقل الحيوي للمعلومات أو الرسائل.
ولذلك يكون على إدارة المنظمة االعتناء بعملية االتصال التنظيمي واعطاء عناية فائقة لقنوات االتصال
ولحلقات الربط أو الوصل الموجودة أو المحتملة حرضا منها على دقة وصواب المعلومات التي يجب أن
تصل في وقتها إلى الجهة أو األطراف المعنية بها.
لقد انتبه " ليكرث" في دراسته التي سعى فيها إلى فهم كيف تؤدي طبيعة العالقات التي تربط الرؤساء
بمرؤوسيهم ضمن نفس اإلطار التنظيمي إلى نتائج متباينة إلى األهمية البالغة لدور ما أسماه بتدفق العالقة
رجل لرجل ) ( Man to Manأي إلى أهمية التفاعالت االجتماعية داخل التنظيم ،وهو ما دعاه إلى اقتراح
تبني اإلدارة لنمط جديد في التسيير ،نمط يقوم على جماعة العمل وعلى بناء عالقات الثقة بين أعضاء
التنظيم ،وهو ما يستدعي التأكيد مرة أخرى على أهمية دور حلقة الوصل في بناء جسور االتصال ،ومناخ
الثقة المتبادلة بين أعضاء التنظيم ،وفيها يلعب القادة دو ار محوريا ،خصوصا عندما يكون اهتمامهم منصبا
على خلق ودعم عنصر الدافعية والفعالية داخل التنظيم.
أي أن االتصاالت داخل التنظيم تلعب دو ار أساسيا في تدعيم عمل التنظيم ،وفي تحقيقه ألهدافه ،من خالل
تبني أسلوب التشاور الذي أوصى" ليكرث" قادة التنظيمات باعتماده كأسلوب في إدارة األفراد من أجل
ضمان مشاركتهم في تحقيق أهداف التنظيم ،هؤالء الذين ستتم مراقبتهم ليس بطريقة مباشرة مثلما كانت
عليه الحال مع منظري اإلدارة الكالسيكيين ،ولكن بطريقة غير مباشرة ،من خالل مراقبة نتائج عملهم ،أين
64
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
يلعب من أسماهم " ليكرث" بـ "حلقة الربط" أو "محاور الربط" أو المنسقون األكفاء ،دو ار محوريا في تحقيقها
بما أنهم مكلفون بالقيام بالعمليات التالية:
-مساعدة جماعة العمل على بلوغ اإلجماع حول مسألة معينة.
-نقل هذا اإلجماع المحقق من جماعة إلى جماعة أخرى.
-تسوية الصراعات بين أعضاء جماعة العمل( .مرسي ،2000 ،ص )181
يتبين مما تقدم أن "رنسيس ليكرث" قد أولى عناية خاصة لجماعة العمل وللمناخ االجتماعي الذي يسود
بين أعضائها عندما اقترح نمط جديد لإلدارة ،أال وهو اإلدارة بواسطة جماعة العمل ،الذي يسمح بخلق
مواقف أكثر تعاونا تساعد التنظيم على تحقيق أهدافه ،ورأى بوجوب باالهتمام بمشكالت األفراد العاملين
والتعرف على توقعاتهم ،احتياجاتهم ،ومعاييرهم الخاصة.
2-3نظرية النظم:
يرى أصحاب هذه النظرية بأن التنظيم عبارة عن نظام رئيسي يتشكل من أنظمة فرعية .وهو أيضا عبارة
عن نظام اجتماعي يضم أفرادا وأهدافا واتجاهات نفسية ودوافع مشتركة .لذلك فعلى اإلدارة أن تأخذ بالنظرة
الشمولية لهذا التنظيم ،ألن كفاءة التنظيم تتوقف على قدرة اإلدارة على التحكم في المكونات األساسية له
أو في أجزائه الفرعية ككل متكامل .أيأن دراسة أي تنظيم من منطلق نظرية النظم ،البد أن تعتني بتحليل
جميع المتغيرات وتأثيراتها المتبادلة .حيث نقلت نظرية النظم منهجا لتحليل إلى مستوى أعلى مما كانت
عليها الحال في النظرية الكالسيكية والنظرية السلوكية ،ذلك انها تصدت لتساؤالت جديدة لم تكن محل
اهتمام في السابق.
65
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
هذا ويتفرع عن هذه النظرية منظورين متمايزين :إذ يرى أصحاب المنظور األول بأن التنظيم عبارة عن
نظام مغلق ،في حين يرى أصحاب المنظور الثاني بأنه نظام أو نسق مفتوح على بيئته الخارجية.
وأما عن األنظمة الفرعية ،أو الجزئية ،التي يتشكل منها النظام ككل ،فتتمثل في األجزاء األساسية التالية:
أ -الجزء األساسي األول أو الفرد :سواء كان هذا الفرد قائدا أم منفذا ،وبصفة أساسية التركيب السيكولوجي
أو هيكل الشخصية الذي يحضره معه في المنظمة.
ب -الجزء األساسي الثاني أو الترتيب الرسمي للعمل :أو الهيكل التنظيمي وما يتبعه من المناصب.
ج-الجزء األساسي الثالث أو التنظيم غير الرسمي :وعلى وجه خاص أنماط العالقات بين المجموعات
وأنماط تفاعلهم مع بعضهم ،وعملية تكييف التوقعات المتبادلة.
د -الجزء األساسي الرابع أو تكنولوجيا العمل :مع متطلباتها الرسمية .فاآلالت والعمليات يجب تصميمها
بحيث تتماشى مع التركيب السيكولوجي والفسيولوجي لألفراد العاملين.
في حين يتمتع هذا النظام المتشكل من أجزائه األساسية أو الفرعية بأهم الخصائص التالية:
-يتألف النظام من نظم فرعية ،وهو يشكل مع غيره من النظم ذات العالقة أجزاء من نظام أكبر.
-لكل نظام حدود تفصله عن البيئة التي يعمل فيها ،بحيث يمكن القول بأن النظام يتميز بالكلية واالستقالل
عن بقية النظم الكائنة.
-ال يمكن للنظام أن يستمر إال إذا قام بتحقيق التوازن مع البيئة التي يعمل بها ويبقى في تغيير مستمر
ودائم إذ أن حالة الثبات يعني الموت.
-تتفاعل األجزاء التي يتكون منها النظام مع بعضها لتحقيق أهداف ،وال يستطيع الجزء أن يحقق أهداف
النظام بمعزل عن األجزاء أو النظم الفرعية األخرى التي يتألف منها النظام( .الشماع ،حمود،2007 ،
ص)84
أما من بين أهم رواد نظرية النظم فنجد على سبيل الذكر ال الحصر كل من ":فريديريك إمري" " F.E.
"EMERYو "إ .ل .تريست" " "E.L. TRISTاللذين قاال بهذه النظرية أو بالمقاربة النسقية وبالعالقة التي
تربط الجوانب التقنية بالجوانب االجتماعية في فهم المشكالت التنظيمية ،واللذين كانا من مؤسسي معهد
تافستوك للعالقات اإلنسانية بلندن سنة ،1946وهو المعهد الذي ضم عددا من علماء في علم النفس،
وعلم االجتماع المهتمين بدراسة مشكالت العمل داخل التنظيمات.
أيا كان األمر فالمؤكد هو أن التنظيم يعيش في بيئة معينة وهو بال شك يتأثر بها ،ويؤثر فيها ،أو يتفاعل
معها ،حيث يرتبط نجاحه بمدى قدرته على االستجابة السريعة للمتغيرات البيئية ،الداخلية منها كما الخارجية.
66
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
ولذلك فإن هذه النظرية تعتقد بأن التنظيم كنظام اجتماعي لن يستقيم ،إال في وجود نظام فعال لالتصاالت،
والتي هي عبارة عن عملية لتبادل الوسائل ،والمعاني بين المنظمة وبيئتها المحيطة ،أو الخارجية من جهة،
وبين الشبكة الداخلية ألنظمتها الفرعية ،أو بيئتها الداخلية من جهة ثانية .فنظرية النظم ترى بأن:
-االتصاالت جزء من النظام االجتماعي للعمل تؤثر وتتأثر به.
-االتصاالت هي الوسيلة الوحيدة لربط النظام االجتماعي للعمل ببيئته الخارجية ،من منظمات أخرى،
مساهمين ،موردين ،عمالء... ،الخ
-اعتماد توازن النظام االجتماعي للعمل على وجود نظام متكامل من االتصاالت الذي يربط أجزاءه الفرعية
وكذا أفراده ببعضهم البعض.
-يختلف نظام ووسائل االتصاالت باختالف الظروف المحيطة ،بمعنى أن الوسيلة تختلف كي توائم أو
تتناسب مع هذه الظروف القائمة( .ماهر ،2000 ،ص .)33
نفهم مما تقدم أن نظرية النظم وخاصة منها المنظور الذي يتصور المنظمة كنظام مفتوح تنظر لهذه األخيرة
– المنظمة– باعتبارها تركيبا موحدا مفتوحا ،مصمم لتحقيق أهداف معينة ،وبما أنه نظام مفتوح فهو يتفاعل
مع بيئته المحيطة ،حيث تلعب االتصاالت الداخلية كما الخارجية دو ار حيويا بالنسبة لحياة المنظمة
واستمرارها.
لقد اقتنع أخي ار أصحاب نظرية النظم بأن التنظيمات عبارة عن أنساق مفتوحة ،ولذلك فهي ملزمة بالسعي
إلى التالؤم مع محيطها ،أو بيئتها الخارجية باستمرار ،كونها تؤثر بشكل مباشر على بيئتها الداخلية ،التي
تلعب االتصاالت التنظيمية دو ار متمي از في أيه محاولة من إدارة التنظيم للسيطرة على األجزاء الفرعية التي
يتشكل منها ،وخصوصا إذا ما تصورنا فكرة تناقض األهداف بين األفراد والتنظيم ،والصراع بين جماعات
العمل من جهة وبينها وبين إدارة هذا التنظيم من جهة أخرى ،أو على نحو خاص عندما نتكهن عدم
امتثال األفراد العاملين آليا للقواعد المنظمة داخل التنظيم ،بل مقاومة هذه القواعد ،التي تظهر في سلوكاتهم
المعادية لها مما ينعكس سلبا على األهداف والغايات المتوقعة من وراء هذه القواعد بالنسبة للتنظيم ،األمر
الذي سيضطره إلى البحث عن قواعد جديدة للضبط .وهكذا سوف يؤدي الضبط الهادف المتمثل هنا في
هذه القواعد إلى نتائج غير متوقعة سيترتب عليها ال محالة الحاجة إلى ظهور ضبط من نوع جديد .مما
يعني بأن التنظيمات تعيش حالة حيوية باستمرار ،كيف ال وهي أنساق دينامية ال تكف لحظة عن التغير.
(الحسيني ،1985،ص ص .)101،100
67
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
3-3النظرية الموقفية:
في سياق متصل مع منظور األنساق المفتوحة في نظرية النظم ،جاءت النظرية الموقفية مع بداية الستينات
من القرن العشرين لتؤكد بدورها على تأثير عوامل المحيط ،أو البيئة الخارجية والداخلية على التنظيم ،سواء
كان ذلك هذا التأثير بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر ،وذلك في قولها بمفهوم محوري في تحليلها
للتنظيمات أال وهو مفهوم "الموقف"" "la contingenceوحيث الموقف وضعية خاصة ومتطورة تؤدي إلى
رفض الوصفات الفريدة المناسبة للجميع .وأما الموقف بالنسبة للتنظيمات فيكون بنائيا ،حيث تؤدي التغيرات
التي تط أر على مستوى المتغيرات الخارجية إلى إحداث تطورات أو تغيرات على مستوى العوامل الداخلية،
وبالتالي على بنية المنظمات التي تضطر ال محالة إلى إدخال التعديالت الضرورية حتى تتمكن من مواكبة
والرد على التغيرات الحاصلة في المحيط.
ولعل من أبرز ممثلي هذه النظرية كل من "برنز" " "BURNSو"ستولكر"""STALKERاللذان اهتما منذ
1963بدراسة تأثير البيئة أو المحيط على العمل داخل المنظمة وقاما على إثرها بتقسيم التنظيمات إلى
تنظيمات ميكانيكية أو البنى المتكيفة مع البيئات المستقرة والتنظيمات العضوية أو البنى المتكيفة مع البيئات
المتغيرة ،وكما هو معلوم فإن االتصاالت الداخلية كما الخارجية تلعب دو ار محوريا في محاولة المنظمات
الحفاظ على وجودها ،وفي حل مشكالتها الخاصة للتأقلم مع متطلبات المحيد الذي تتواجد فيه .فـ "لورنس"
""P. LAWRENCEو"لورش" ""J. LORCHEاللذان سعيا إلى البرهنة من خالل أبحاثهما على تأثير
درجة عدم استقرار المحيط العلمي ،التكنولوجي ،االقتصادي ،والتجاري على بنية المنظمات وحيث نحتا
مفهومين متمايزين حاوال من خاللهما شرع نوع التنظيم القادر على مواجهة التغيرات في البيئات مختلفة
هما:
-التمايز ،أو التمييز ،والتميزLa différenciation :
-االندماجL’intégration:
وعليه فكلما كانت المنظمة بوحداتها المختلفة متمايزة كلما كانت في حاجة الى االندماج والتكامل فيما بينها
حتى تتمكن من االستجابة لمتطلبات المحيط .وفي هذه الحالة فإن درجة الربط والتنسيق بين الوحدات
المختلفة للمنظمة تصبح على درجة عالية من األهمية ،مما يعني التأكيد على دور االتصاالت التنظيمية
بهذا الخصوص ،كونها وسيلة المنظمة في تحقيق الربط بين أجزائها ووحداتها المختلفة وتحقيق التكامل
بينها.
68
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
ثم "جوان وود وورد" " "J. WOODWARDالتي رأت بوجود عالقة بين التكنولوجيا المستخدمة وبنية
المنظمة ككل ،أين قامت على إثر نتائج أبحاثها الميدانية التي توصلت إليها بتقسيم المنظمات إلى ثالثة
( )03أنماط هي:
-منظمات ذات تكنولوجيا تعتمد نظام اإلنتاج بالقطعة أو بالوحدة.
-منظمات ذات تكنولوجيا تعتمد نظام اإلنتاج بمجموعات وكميات كبيرة.
-منظمات ذات تكنولوجيا تعتمد نظام اإلنتاج العمليات األتوماتيكية أو المستمرة.
ما يمكن مالحظته أن هذه التقسيمات التي قالت بها " جوان وودوارد" تفرض المحالة اعتماد أنظمة وأساليب
اتصال مختلفة ،فإذا كان أسلوب اإلنتاج بالوحدة أو بالقطعة سيعتمد على األسلوب المباشر ،أو جهة الوجه،
أو األسلوب اللفظي ،فإن أسلوب اإلنتاج بكميات كبيرة سيعتمد في غالب األحيان على االتصاالت المباشرة
أو الشخصية ،إلى االتصاالت جانب الكتابية ،وأما أسلوب اإلنتاج االتوماتيكي حيث العمال المهرة
والجماعات ذاتية التسيير فيتوقع أن األسلوب المهيمن في االتصاالت إلى جانب الكتابي بطبيعة الحال
سيكون لالتصاالت المباشرة ،حيث تفرض طبيعة العمل اللجوء إلى األسلوب التشاوري والى التفاوض
والحوار حول أفضل السبل لإلنجاز ،خصوصا وان "وود وورد" قد الحظت بأن الغلبة في هذا النمط من
العمليات يعود لألسلوب اللفظي ،مع انخفاض في التخصص بين العاملين ،وانخفاض استعمال أسلوب
الرقابة الرسمية واجراءات الموافقة.
فأصحاب نظرية "أستون" أو مجموعة "أستون"" "Le Groupe ASTONوهم مجموعة من علماء علم
االجتماع الصناعي بجامعة برمنغهام ببريطانيا الذين الحظوا بدورهم وجود عالقة بين التكنولوجيا المستخدمة
والهيكل التنظيمي للمنظمات ،كما بالسياق أو البيئة التي توجد فيها ،ما يعني بأن على المنظمات أن تتكيف
مع هذه المتغيرات مجتمعة ،أي أن توائم أسلوب االتصاالت الخاص بها بما يتماشى وبيئتها الخاصة،
داخلية كانت أم خارجية( .سيساوي ،2021،ص ص )127،137
ومجمل القول هو أن النظرية الموقفية ترى بغياب وعدم وجود طريقة مثلى أو فريدة ألداء العمل ،أو اإلدارة،
نظ ار لتغير واختالف البيئات التي تتواجد فيها المنظمات.
وعليه فالنظرية الموقفية ترى بضرورة ووجوب تكيف المنظمات مع بيئتها ،مما يستدعي تكييف أسلوب
االتصال المعتمد بها ليتماشى وبيئتها هذه البيئة التي يمكن أن تكون مساعدة ،مثلما يمكن أن تكون معادية
لها.
69
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
ومنه ستكون االتصاالت بال شك أداة إدارة المنظمة للتكيف مع المحيط ،وذلك بالحصول على حاجتها من
المعلومات والبيانات ،التي ستفيدها في التغلب على المشكالت التنظيمية ،أو التكنولوجية ،أو المالية وغيرها
من المشكالت ،أو المعوقات التي ستواجهها يوميا .وهو ما يفرض عليها أيضا اعتماد النظرة اإلستراتيجية،
واالستباقية في تصور ،أو توقع المشكالت المحتملة التي يمكن أن تتعامل معها إن على المدى القصي،
أو المتوسط ،أو حتى البعيد .نظرة ترتكز على المرونة ،واالبتعاد عن الروتين ،والجمود سواء في إدارة عملية
االتصال ،أو في تسيير المنظمة.
70
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
الراجعة التي تفيد اإلدارة في الوقوف على النتائج ،وتقييم مدى التقدم في تحقيق األهداف المسطرة تقتضي
منها االتصال المستمر بكافة األطراف المعنية بهذه العملية.
5-3النظرية اليابانية:
استلهمت النظرية اليابانية مبادئها أو األسس التي تقوم عليها من عدة مصادر ومنها :نظرية اإلدارة العلمية،
نظرية اإلدارة باألهداف ،باإلضافة إلى مكونات وعناصر الثقافة اليابانية.
جدير بالذكر هنا بأن البعض من المهتمين بعالم اإلدارة والتسيير كثي ار ما يخلطون بين النظرية اليابانية
ونظرية Zلصاحبها "وليام اوشي" " " W.OUCHIالتي قدمها سنة 1981تحت عنوان" :كيف نتعلم من
اليابان ونتفوق عليها؟" ال تشكل في واقع األمر إال جزءا من النظرية اليابانية التي تعبر بشكل أعم عن
الفلسفة اليابانية في اإلدارة .كما أن مسمى اإلدارة اليابانية لم يطرح في بادئ األمر من قبل العلماء اليابانيين
ولكن من قبل عالم اإلدارة األمريكي " جيمس كريستين ابيقلين" " "J. C. ABBEGLENعندما قام في
كتابه الشهير المنشور تحت عنوان " :المصنع الياباني" " "Japanes factoryبتحليل أسباب نمو االقتصاد
الياباني بعد الحرب العالمية الثاني ،حيث قام بطرح مفهوم اإلدارة اليابانية من خالل تحديده في العناصر
الثالثة التالية:
-التوظيف مدى الحياة.
-الترقية واألجور بحسب األقدمية.
-اتحاد النقابات داخل الشركات.
وهي العناصر التي يطلق عليها اليابانيون لفظ "الكنوز الثالثة " " "SANSHU NO JINGزيادة على
اعتمادها على عناصر أخرى من مثل:
-العمل بروح الفريق.
-الخبرة في العمل والقيادة.
-االهتمام الشامل باألفراد.
-القيادة القائمة على االنسجام.
-ترسيخ مبادئ االحترام المتبادل بين الرؤساء والمرؤوسين.
نق أر في جملة العناصر السابقة أن من أسس نجاح اإلدارة اليابانية زيادة على تحقيق االستقرار في العمل
وبالتالي الوالء للمنظمة ،االرتكاز على العمل بروح الفريق ،حيث تعمد القيادة على ضمان االنسجام داخل
المنظمة ،من خالل السعي لحل الخالفات التي قد تظهر في أماكن العمل .ولذلك فإن اللجوء إلى التشاور
71
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
يعد عملة أساسية في المنظمة اليابانية ،التي يبتعد فيها القادة ،أو الرؤساء في العمل ،عن فرض آرائهم
الخاصة ،أو ق ارراتهم ،على غيرهم من العاملين ،أو على المرؤوسين.
وعليه فالقائد الياباني ال يتخذ ق ارراته إال بعد استشارة المرؤوسين ،أو فريق العمل .وبالتالي فالمطلوب منه
التمتع بقدرة كبيرة على تحريك ،ودفع جماعة العمل ،نحو بذل المزيد من الجهد ،والتعاون ،من أجل تحقيق
األهداف المتوخاة .هذا القائد الذي ال يصل إلى منصب القيادة ،إال بعد خبرة عمل طويلة يكون فيها قد
شارف على األربعين من العمر ،مما يؤكد حرص اإلدارة اليابانية على توفير الخبرة الكافية ،إلى جانب
العلم ،بهدف اتخاذ الق اررات السليمة ،والناجعة في تحقيق األهداف المسطرة أو الموضوعة.
يفهم مما تقدم أن نظرية اإلدارة اليابانية ،أو فلسفة اإلدارة اليابانية ،تؤمن بأهمية االتصاالت الصاعدة منها
واألفقية على حد سواء ،أو قل بمكونات العملية االتصالية ككل ،نظ ار لدورها الحاسم في بناء التعاون
والتشاور ،في بعث االنسجام ،مثلما في خلق روح فريق العمل ،الذي يعتبر إحدى الركائز في نجاح المنظمة
عموما ،والمنظمة اليابانية على وجه الخصوص ،حيث يتميز للقائد فيها بقدرة كبيرة على إخفاء صفة الفردية
فيه ،وبالتالي على االندماج ،والذوبان في جماعة العمل.
https://www.kfcris.com/pdf/c702069ef153daa00d62d648c63153165bb5db447
34f5.pdf
6-3نظرية المعلومات:
ترى نظرية المعلومات بأن االتصاالت عبارة عن مجموعة من األنشطة الخاصة باستقبال المعلومات
بترميزها ،بتخزينها ،وبتحليلها ،واستعادتها ،ثم عرضها عند اللزوم أو الحاجة إليها .بمعنى أن هذه النظرية
تهتم بعملية ترميز المعلومات ،أو تحويلها من شكلها التقليدي الوصفي إلى رموز معينة ( .)codesهذا
ويمكن أيضا أن تأخذ المعلومات شكل اإلشارات الكهربائية مثلما يحدث في الحواسيب اآللية ،بلوحتي شكل
الرياضي واإلحصائي األمر الذي يسهل معالجتها بشكل أسرع( .ماهر ،2000 ،ص )34
وعليه يمكن القول بأن هذه النظرية قد استلهمت أفكارها من التطورات التي شهدتها الحواسيب اآللية منذ
الخمسينات من القرن الماضي حيث بينت قدرتها على استقال تخزين واسترجاع المعلومات ،وهي بذلك
تماثل الدماغ البشري أو الذاكرة البشرية في التعامل مع المعلومات ،مع األخذ بعين االعتبار للقدرة الهائلة
التي تتمتع بها الذاكرة أو الذهن البشري في تخزين المعلومات.
ولعل التطورات الحاصلة اليوم في مجال االتصاالت ،تكشف لنا عن األهمية الخاصة التي تحظى بها
المعلومات ،بل وتحولت إلى أداة هامة في بناء االستراتيجيات الخاصة بالدول ،كما بالمنظمات .فمفهوم
72
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
مجتمع المعلومات ،ومن بعدة مفهوم مجتمع المعرفة ،يكشف لنا بوضوح عن األهمية المطلقة للمعلومات
في حياة المنظمات .ولذلك فإن المنظمة الناجحة اليوم هي المنظمة القادرة على استخدام أو توظيف
المعلومات التي تحوزها في اتخاذ القرار المناسب في الظرف والوقت المناسب حيث يلعب نظام االتصاالت
المعتمد أهمية بالغة في تحقيق ذلك.
وبعبارة أخرى منظمة اليوم ،هي تلك المنظمة المستوعبة للتحديات التي يفرضها عليها هذا العصر .عصر
تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،والرقمنة ،الذي يجري فيه توليد معرفة جديدة بشكل مستمر وحيث الدور
المركزي للمعلومات يجعل منها مصد ار للقوة في بناء االستراتيجيات المتعلقة بالمستقبل.
بمعنى أنعلى المنظمات اعتماد نظام إلدارة المعلومات ،كونه نمط إداري يسمح باكتساب المعرفة والمشاركة
في إنتاجها من قبل العاملين بها ،وبالتالي فعليها تأهيلهم ،بإخضاعهم لدورات تكوينية ،تسمح لهم بتجديد
معارفهم ،ومعلوماتهم في مجال تخصصهم ،مما يفيدهم في اتخاذ الق اررات المناسبة عند الضرورة ،وهو ما
يسمح للمنظمة بمواجهة التحديات التي تفرضها عليها التحوالت الجارية في بيئة تكنولوجيا االتصاالت إن
على المستوى المحلي ،أو الدولي ،خصوصا وأن قنوات االتصاالت اليوم ،هي هذه التحوالت الحاصلة في
ميدان ابتكار تكنولوجيا االتصاالت والحواسيب.
العاملين داخل التنظيم ،طموحاتهم ،ثقافتهم ،وانشغاالتهم ،بحيث يكون بإمكانهم الرد ،أو االستجابة لها مما
يسمح للتنظيم باتخاذ القرار المناسب في الوقت ،أو الظرف المناسب ،في عالم يتميز اليوم بالتغير وبالتقلب
الشديد.
وعليه فتبني اإلدارة العليا ،أو قيادة المنظمة ،لنسق اتصال تنظيمي يمكنها من تبليغ أهدافها ،واستراتيجيتها
المستقبلية ،مع ضمان التفاف أعضاء التنظيم حولها ،يعد ركيزة أساسية في ضمان تحقيق النجاح،
واالستمرار بالنسبة للتنظيم ككل ،كونه يعكس جانبا من جوانب فعالية هذه القيادة ،في سعيها إلشراك األفراد
في أمور أو قضايا تتعلق بهم وبحياتهم المهنية داخل التنظيم( .الحسيني ،1985،ص )292
أي أن حرص اإلدارة العليا على الربط بين أهداف التنظيم وأهداف األفراد العاملين به ،أو العمل على تحقيق
مستوى مقبول من الرضا ،واإلشباع لديهم يعتبر من بين أهم العوامل في نجاحها – اإلدارة العليا -في خلق
الدافعية لديهم ،أو في بعث الحافز ،أو السند السيكولوجي الذي يحثهم على بذل مزيد من الجهد من أجل
ضمان فعالية التنظيم ،التي تبقى مرتبطة ،وبقوة بمدى استعداد األفراد العاملين لتقبل ،أو تفهم والعمل على
تجسيد ق اررات اإلدارة العليا على أرض الواقع ،بل والسعي لإلسهام في بعث الشروط المادية والمعنوية
الستمرار التنظيم ،ومساعدته على بناء ،وتطوير قدراته في مجال اإلبداع ،الذي يبقى أحد الشروط الضامنة
استمرره
ا لتطوير التنظيم ،بما يخدم أهدافه المسطرة ،إن على المدى القصير ،أو المتوسط والبعيد ،طالما أن
مرهون بقدراته في هذا المجال.
والحق قد أثبت أن التجارب الميدانية ،والعالمية ،بأن أفضل أنماط القيادة بالنسبة للتنظيم ،هو النمط
الديمقراطي ،أو النمط التشاركي .وذلك ألنه النمط القيادي القادر على تحفيز األفراد العاملين ،لكونه يزاوج
بين أهدافه ،وأهداف العاملين ،كما أنه يسمح لهم بتحقيق ،واشباع حاجاتهم لإلنجاز ،تحقيق الذات،
والحصول على التقدير ،واالعتراف االجتماعيين.
ومنه فالنمط القيادي الديمقراطي داخل التنظيم ،نمط يعتمد األسلوب ،أو النمط االتصالي التنظيمي الذي
يمكنه من تحقيق التشاور ،والحصول على اآلراء ،والحلول الممكنة ،والبديلة للمشكلة أو المشكالت المطروحة
من األطراف المعنية بها ،قبل اتخاذ أي قرار بشأنها .وتوجد بهذا الخصوص عدة طرق يمكن اللجوء إليها،
أو توظيفها في عملية التشاور ،واالستماع لمختلف اآلراء ،وتسهيل عملية اتخاذ القرار من خالل طرح،
ومناقشة بدائل الحلول المتاحة ،واختيار البديل األنسب منها في محصلة األمر ،شريطة التزام القائد في مثل
هاته الحالة بتتبع ،والتأكد من مدى التزام األفراد المعنيين بتنفيذ وتطبيق ما ورد في الق اررات المتخذة،
خصوصا وأن عالم التنظيم مثلما نعلم عالم للصراع ،أو عالم لعالقات السلطة ،حيث تسعى كل جماعة،
74
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
أو كل طرف فيه ،لفرض سلطته على اآلخرين ،وأين يلعب التفاوض دو ار رئيسيا بناء ،كما في فك ،واعادة
بناء عالقات السلطة ،وفي إدارة جوانب الصراع ،واألطراف المختلفة الداخلة في هذا الصراع داخل التنظيم،
نظ ار لتعدد االستراتيجيات ،وتنوع جماعات االنتماء.
إن على القيادة في التنظيمات الحديثة التمتع بالقدرة على توقع ،وادارة ،أو تسوية النزاعات في أماكن العمل.
وعليه فهي مطالبة بالتشخيص الدقيق ،والشامل للموقف ،وبتبني أسلوب االتصال التنظيمي المناسب الذي
يمكنها من التدخل ،ومعالجة الصراعات التنظيمية في الوقت المناسب ،مثلما تؤكد عليه نظرية االتفاق
بقيادة كل من "بولتونسكي" " "Boltanskiو"تيفينو" " "Thevenotعلى سبيل الذكر ،والتي ترى بوجوب
التفاوض في عالم التنظيم ،هذا التنظيم الذي يتميز بتعدد عوالمه ،وتعدد االستراتيجيات التي تسكنه ،أو
تخترقه .وأما هذه العوالم فتظهر في األنماط ،أو المدن الستة ( )06التالية :المدينة الملهمة المدينة العائلية،
مدينة الشهرة ،المدينة المدنية ،المدينة التجارية ،وأخي ار المدينة الصناعية .وهو األمر الذي يستوجب بطبيعة
الحال ،وألجل ضمان استمرار التنظيم ،دخول هذه العوالم ،أو المدن المتنافرة وذات االستراتيجيات المتباينة،
أو المتناقضة في عملية تفاوض ،مما يكشف عن األهمية الحاسمة التي يحظى بها االتصال التنظيمي في
حياة التنظيم ،هذا األخير الذي تتصارع بداخله عدة استراتيجيات وحيث يتحتم على األطراف الفاعلة
المتواجدة ضمن هذه العوالم ،البحث عن القواسم المشتركة فيما بينها والسعي للتوصل إلى اتفاق ،أو اتفاقيات،
تسمح لها بالتنسيق بين مصالحها المتناقضة ،خصوصا وأن وجودها ،واستم ارره ،مثلما إشباعها ،لحاجاتها
مرتبط بمدى قدرتها على التفاوض ،وعلى بناء االتفاقيات التي تسمح بتحقيق التسويات المرغوبة والتي
تضمن مصالح مختلف األطراف المتصارعة داخل التنظيم.)Plane, 2003 , pp 88-90(.
ذات الطرح وان بصيغ أخرى نجده لدى غيرها من النظريات ،ومنها تلك التي تقول بتعدد الهويات في أماكن
العمل ،أو بداخل التنظيم ،أو بشبكة الفاعلين التي تتجاوز حدود التنظيم إلى خارجه ،مثلما هي الحال مع
" ر .سانسوليو" " "R. SAINSAULIEUالذي قال بوجود أربعة ( )04نماذج من الهويات في أماكن
العمل أال وهي :نموذج االندماج أو الذوبان ،نموذج التفاوض ،نموذج االنجذاب أو التناغم ،ثم نموذج
االنسحاب .في حين حدد أنماط المؤسسة في خمسة ( )05أنماط هي :المؤسسة الثنائية ،المؤسسة
البيروقراطية ،المؤسسة المعصرنة ،المؤسسة في أزمة ،وأخي ار المؤسسة الجماعة .أما ما يميز هذه األنماط
عن بعضها فيكمن في كيفية جمعها ،أو الربط بين جملة من العوامل داخل المؤسسة ومنها :عوامل اإلنتاج،
طرق التسيير ،وادارة الموارد البشرية ،التنظيم الداخلي ،والعالقات مع العالم الخارجيC. Thuderoz, ( .
)1997, p40
75
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
هذا إلى جانب نظرية "الترجمة "مع كتابات "ميشال كالون" ""M. CALLONو"برونو التور"" B.
"LATOURاللذي ن حاوال من خاللها التأسيس لعلم اجتماع يهتم بموضوع العلوم والتقنيات ،حيث سمحت
لهما مقاربتهما حول التجديد التكنولوجي من الكشف عن شروط التجديد التكنولوجي ،التي تتطلب تجاوز أو
تجاهل حدود التنظيم .فنجاح عملية التجديد التكنولوجي يتوقف على الجمع بين عدد غير مسبوق من
الفاعلين الداخلين في هذه العملية .ال بل إن نجاح التجديد التكنولوجي يشترط من بين ما يشترط وجود القدرة
على التعاون ،والتنسيق بين كافة األطراف المعنية بعملية التجديد التكنولوجي ،والتي تظهر من خالل
المفاهيم التي نحتاها على منوال :مفهوم الترجمة ،مفهوم سلسلة الترجمة ،ومفهوم الشبكة السوسيو -تقنية.
فكلها مفاهيم تشرح كيف أن إنتاج التجديد التكنولوجي يحتاج إلى تجنيد عدد من الفاعلين ذوي االستراتيجيات
أو العقالنيات المختلفة أو المتباينة .والحق أن الربط أو الجمع بين عقالنيات متناقضة أو مختلفة ،يحتاج
فعال إلى جهد معتبر في مجال التفاوض ،لتقريب وجهات النظر ،وبالتالي التوصل إلى بناء المشترك الذي
يجمع بين عدد من األطراف ،التي قد تبدو في ظاهرها بعيدة كل البعد على أن تجتمع ،أو تلتقي حول
قاسم ،أو هدف مشترك ،يضمن لها تحقيق أهدافها ،أو مصالحها الخاصة .وفي هذا فإن عملية االتصال
التنظيمي ،تكتسي أهمية بالغة ،وهي تشترط على القائمين عليها التمتع بقدرة فائقة على تبليغ الرسالة ،أو
على اإلقناع بأهداف ،أو مضمون هذه الرسالة ،الذي يجب أن يستوعب استراتيجيات عدد من الفاعلين،
بحيث يكون بمقدور التنظيم الدخول في عالقات مع عدد من الجهات ذات الصلة باستمرار وجوده ،وبتطوره
في الحاضر وفي المستقبل ،أي طاقة التنظيم على تجاوز حدوده الداخلية ،وعلى بناء نظام من العالقات
المنسقة والحاسمة بالنسبة له.)Plane, pp 92-95( .
جدير بالذكر أن هذه الطروحات كانت قد سبقتها طروحات أصحاب النظرية الموقفية وعلى رأسها أعمال "
هنري مينزبورغ" " "H. MINTZBERGالتي ربط فيها بين بنية وبيئة المنظمة ،وان كان قد أكد على ضرورة
االبتعاد عن الربط الميكانيكي ،ذلك أن بنية المنظمة ذات عالقة أيضا باألهداف التي يقترحها قادة هذه
المنظمة ،كما على مفهوم إعادة الهيكلة الذي يسمح للمنظمة بالتكيف أو التأقلم المتجدد ،وذلك بالعمل على
تكييف بيئتها الداخلية حتى تتماشى والبيئة الخارجية ،رافضا بالمناسبة القول بفكرة "الطريقة المثلى والوحيدة"
التي نادت بها النظريات الكالسيكية ،والتايلورية على وجه التحديد .وضمن هذا اإلطار اقترح ستة ()06
نماذج قاعدية للتنظيم ،بحيث يتمحور كل نموذج منها حول قوة مهيمنة تهيكل حقل العالقات داخل التنظيم.
أما هذه النماذج فتتمثل في :نموذج ريادة األعمال أو النموذج الرسمي وفيه يتجسد مركز القوة ،أو الهيكلة
في القمة ،أوفي اإلدارة اإلستراتيجية التي تتولى مهمة الرقابة على عملية اتخاذ القرار ،واإلشراف على
76
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
المركز العملياتي .ثم النموذج البيروقراطي وفيه تكون القوة والهيمنة للبنية التقنية ،التي تبحث عن الترشيد
من خالل تنميط العمليات .فنموذج الخط اإليراركي والقوة المهيكلة .باإلضافة إلى نموذج الشركات الكبرى
الفعالة وفيها تتهيكل القوة حول قطبين استراتيجيين هما :قطب مقر الشركة الرئيسي الذي يعمل على بناء
إستراتيجية المجموع ،وقطب الفروع التابعة له ،والتي تعمل لتلبية طلبات السوق الخاص بها .كذلك نموذج
المنظمة المهنية والقوة هنا تكون للمركز العملياتي حيث االرتكاز على الكفاءة المعارف والمهنية في األداء.
ثم نموذج االدوقراطي وفيه تظهر الحاجة إلى فرق من الخبراء المتخصصين لحل المشكالت المطروحة،
وأخي ار نموذج األيديولوجيا ،أو الثقافة ،وهو النموذج الذي يتمحور حقل القوى فيه حول الغالف اجتماعي،
وأما ديناميكية التنسيق فترتكز على جملة المعايير والمعتقدات التي تحل محل اإلجراءات والقواعد التنظيمية،
أو هو النموذج الذي يلجأ إلى توظيف العناصر الثقافية لتجنيد العاملين به ،ففيه تهيمن عمليات أو إجراءات
اإلدماج واالنتقاء ،كما تتم ممارسة رقابة اجتماعية من خالل األيديولوجيا المشتركة ،باإلضافة إلى نظام
القيم والمعتقدات الذي يخص هذا النموذج أو النمط من التنظيماتAmblard et autres,2005, ( .
.)pp13-15
وفصل القول هنا ،هو أن التطور التاريخي لنظريات القيادة واالتصال المؤسساتي ،يكشف بالفعل عن تعقد
شديد في عمليتي القيادة ،واالتصال المؤسساتي ،كونهما عمليتان ال تخضعان فقط لجملة من الحسابات
التقنية ،أو اإلجرائية ،التي يمكن تعلمها والتحكم فيها بمرور الوقت سواء بالممارسة ومراكمة الخبرة العملياتية
اليومية ،أوعن طريق التكوين المتخصص ،والتدريب عليهما ،ولكن أيضا لجملة من العوامل اإلنسانية ،أو
االجتماعية ،والثقافية ،والبيئية الخاصة ،المتبدلة ،والمتغيرة ،مع تبدل ،وتغير الظرف أو الزمان ،وكذا المكان
والتحديات المرتبطة بهما .وهي العوامل التي تؤكد على الخطورة التي تكتنف أو تحيط بهاتين العمليتين
الحاسمتين بالنسبة لحياة التنظيمات مهما كانت نوعيتها وطبيعة النشاط الذي تمارسه ،وخصوصا إذا ما
أخذنا بعين االعتبار فكرة األطراف الفاعلة داخل وخارج هذه التنظيمات ،مثلما برهنت على ذلك نظرية
التحليل االستراتيجي لـ " ميشال كروزييه" " "M.Crozierالذي قدم بدوره جملة من المفاهيم ،والتصورات ،أو
األفكار حول التنظيمات ،والتي كشفت في مجموعها عن صعوبة بالغة للتكهن بسلوك ومواقف األفراد
العاملين ،وباألحرى الفاعلين لعدة اعتبارات لعله من أهمها:
-أن التنظيم بناء وليس إجابة ،بل هو بناء موقفي ،بناء كان يمكن أال يكون أو أن يكون مختلفا كلية.
-أن الفاعلين واعون بالمعوقات التي عليهم مواجهتها ،مع أنهم هم من سيبنون على أرض الواقع التنظيم
القادر على الرد عليها.
77
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-أن الفاعل حر نسبيا ،كون كل فاعل قادر على تقديم التفسير الذي يراه لدوره ،ولكونه قادر على توظيف
الغموض ،التناقضات ،والالتجانس القائم داخل التنظيم لفائدته أو لمصلحته.
-االختالف الحاضر دائما بين أهداف التنظيم وأهداف األفراد العاملين به.
-أن الفاعل يقوم بالحساب ولكن ضمن عقالنية محدودة ،ولذلك نجد بأن الق اررات اإلنسانية سواء الفردية
منها أو التنظيمية مرتبطة في الغالب باكتشاف االختيارات التي تحقق الرضا أو اإلشباع .فالفاعل ال يبحث
عن تحقيق األقصى ،ولكن عن اإلشباع.
-أن هوامش المناورة ،لعبة السلطة وتوزعها داخل التنظيم ،مناطق الشك ،تسمح بتفادي السقوط في فخ
التفسيرات السطحية لألفعال اإلرادية.) Amblard et autres,2005, pp 19-24).
من ذلك يمكن القول بأن مفهوم السلطة باعتباره مفهوم محوري عند " كروزييه" ال يحيل إلى مجرد تصور
ايراركي للسلطة ،بل إلى تصور عالئقي أيضا ،بل هو وقبل كل شيء تصور عالئقي .فسلطة فاعل ضمن
عالقة معينة مرتبطة في الواقع بقدرة هذا الفاعل على جعل نتائج هذه العالقة أو هذا التبادل لصالحه أو
في خدمة استراتيجيته الخاصة .ثم وبما إن السلطة مرتبطة أيضا بمناطق الغموض أو الشك فإنها تصبح
بالنتيجة محصلة قدرة الفاعلين على تجنيد موارد الغموض أو الشك التي يسيطرون عليها ،أو يتحكمون
فيها ،ضمن بنية معطاة للعبة العالقات ،والمفاوضات داخل التنظيم ،حيث توجد أربعة ( )04فئات متميزة
لموارد مناطق الغموض أو الشك أال وهي:
-التحكم في الروابط التي تربط المنظمة بجزء هام من محيطها.
-التحكم في االتصاالت والمعلومات.
-التحكم في كفاءة ما.
-التحكم في مناطق الغموض أو الشك الناتجة عن القواعد التنظيمية القائمةLandrieux-( .
)Kartochian,2010,p138
أي هي الموارد التي يكشف التحكم فيها ،ومنها بطبيعة الحال التحكم في االتصاالت والمعلومات ،أهمية
الدخول في مفاوضات لبناء اتفاقيات ،تسمح للتنظيم بالعمل ،وتجنبه الوقوع في صراعات يمكن أن تكون
مدمرة بالنسبة له ،خصوصا إذا ما تغاضت اإلدارة عنها ،أو فقدت القدرة على التكهن بها ،وبتطوراتها الحقا،
في ظل هذا التهديد الدائم لوجود التنظيم ،نظ ار للمنافسة الشرسة الحاصلة إن على المستوى المحلي ،أو
العالمي ،والتي يمكن أن تطيح حتى بالتنظيمات التي كانت ناجحة إلى وقت قريب.
78
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
ولعل نظرية الضبط المشترك ) (La théorie de la régulation conjointeلـ "رينو"" J. D.
"Reynaudالتي تهتم بفهم عملية بناء القواعد داخل التنظيم ،تسمح لنا بدورها بفهم أهمية الدخول في
مفاوضات لحل الصراعات بين مختلف الفاعلين ،والجماعات داخل التنظيم .هذه النظرية التي تعترف بوجود
قواعد مستقلة أو غير رسمية تنتجها وتفرضها جماعات العمل غير الرسمية على أعضائها داخل التنظيمات.
أي نظرية التنظيم المشترك تقول بأن التنظيمات تقوم على نوعين من القواعد وهي:
-قواعد الرقابة اإلدارية :وهي قواعد الرقابة أو الضبط التي تأتي من اإلدارة :حيث تتلقى جماعات العمل
التوجيهات من خارجها ،وهي توجيهات تتعلق بتوزيع العمل ،وبطرق العمل التي يجب تطبيقها من أجل
تحقيق مستوى اإلنتاج المطلوب.
-القواعد المستقلة أو الضبط المستقل :ويتعلق االمر بالقواعد غير الرسمية :وهي القواعد التي تنتج داخل
جماعة العمل ،أو القواعد التي تخلقها ،أو تضعها الجماعات لنفسها داخل أماكن العمل ،وهي قواعد
ضرورية لوجود هذه الجماعات ،بما أنها تسمح لها بالحصول ،أو بالتحكم في شكل معين للسلطة.
إن نظرية الضبط المشترك لـ " جون دانيال رينو" وان كانت لم تقدم لنا تصو ار واضحا عن طبيعة األدوات
التي يمكن توظيفها أثناء المفاوضات ،إال أنها بينت لنا مثلها مثل نظرية التحليل االستراتيجي فكرة أن
التحكم في مصادر إنتاج القواعد داخل التنظيم ،يسمح بالتحكم في مستوى معين من السلطة ،األمر الذي
يحتم على األطراف المعنية بإنتاج القواعد ،االلتقاء ،واالتفاق فيما بينها على قواعد التنظيم ،أو قواعد الضبط
المشترك ،التي تعبر في الغالب عن تقدم في حل الخالفات أو المشكالت المطروحة بين هذه األطراف،
والتوصل إلى حلول وسط ،تضمن في اتفاقيات تفيد التنظيم في بناء القواعد الضرورية للفعل الجماعي .فال
قيمة لهذه القواعد على حد تعبير " رينو" إال في قدرتها على تنظيم التفاعالت ،إذ تعمل هذه القواعد على
هيكلة الجماعات ،وتسمح بالتحرك ،كما بالعمل المشترك .فالقاعدة عند "رينو" عبارة عن "مبدأ تنظيمي وهي
على الغالب دليل للفعل ومعيار إلعطاء حكم أو نموذج لتوجيه الفعل"Landrieux-( .
)Kartochian,2010,p140,141
إن الحديث عن وجود القواعد مثلما عن إنتاج القواعد ،في الواقع دليل على وجود مشكالت ،أو على حاجة
بعض الجوانب تنظيمية للتنظيم ،أي إلى الهيكلة والضبط .وهو ما يدل على وجود الحاجة إلى وضع قيود
اجتماعية على أفعال الفاعلين لتنظيم الفعل المشترك ضمن مشروع مشترك ،أي بين من يؤلفون القواعد،
ومن يستقبلون هذه القواعد .وهو األمر الذي يبرهن مرة أخرى وان ضمنيا على وجود الحاجة أيضا إلى قادة
يشرفون ،يوجهون ،وينسقون هذه األفعال الجماعية.
79
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
من ذلك يمكن القول بأن من أهم وظائف القيادة واالتصال المؤسساتي ،التوصل إلى الجمع بين أهداف
عدد من األطراف المتنافرة ،والتي عليها العمل فيما بينها ،وتنسيق جهودها .أو طالما أن استمرار وجودها
مرتبط بتحقيق هذا الرهان ،الذي يبدو أحيانا مستحيال ،نظ ار للصعوبات التي قد تواجه مثل هاته العملية،
خصوصا مع التقلب الشديد التي تشهده بيئة التنظيم ،بل والتدفق القوي للمعلومات التي تبدو السيطرة عليها،
والتحكم فيها صعبة للغاية في العصر الذي نعيشه ،والذي ينعت بـ "المجتمع الشبكي" حيث أصبحت الشبكات
على رأي عالم االجتماع " مانويل كاستلز" " "M. Castellsتشكل الوجه االجتماعي لمجتمعاتنا ،أو حيث
يعمل منطق التشبيك على تعديل العمل ووجهه تعديال جوهريا .أو أين تعبر الشبكة عن حالة من الترابط
البنيوي بين عدد من النقاط المتباينة ،التي يطلق عليها في العادة اسم العقد ،التي تكون متصلة فيما بينها
بعدة روابط متداخلة فيما بينها ومتكررة ،بحيث يجري تأمين مثل هذا االتصال عبر الكثير من الروابط التي
تتقاطع بدورها مع روابط العقد األخرى( .بارني ،2015 ،ص .)12وهي التسمية التي كانت قد سبقتها من
قبل تسميات أخرى كثيرة من قبيل :عصر ما بعد الصناعة ،مجتمع ما بعد الفوردية ،عصر ما بعد الحداثة،
مجتمع المعلومات ،مجتمع المعرفة ،وغيرها من النعوت األخرى كنعت العولمة الذي يكشف بحق عن سعي
حثيث من الباحثين ،والدارسين المهتمين ،لفهم القوى المتحكمة في ديناميكية ،ومصير العالم الذي نعيش
فيه ،بحكم أن التاريخ يسير دائما إلى األمام ،ولكون أن قانون الحياة الطبيعية مثل المجتمعية هو التغير،
التحول ،والتطور الدائم .وفي كل هذا الخضم يعدنا مفهوم المجتمع الشبكي بأن مستقبل المجتمعات ،بما
في ذلك التنظيمات ،ومثلها العالقات االجتماعية ،أو اإلنسانية عموما ،سيتمحور حول عملية تاريخية
إلنتاج ،واعادة إنتاج الشبكة ،ومأسستها في كل مكان من المجتمعات الشبكية وبينها( .بارني ،2015 ،ص
)39
80
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
81
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-17سلم بن سعيد القحطاني :القيادة اإلدارية ،التحول نحو نموذج القيادي العالمي ،مكتبة الملك فهد
الوطنية ،دون طبعة ،الرياض.2008 ،
-18سعد عيد مرسي بدر :األيديولوجيا ونظرية التنظيم ،دار المعرفة الجامعية للطبع والنشر والتوزيع
اإلسكندرية.2000 ،
-19سيساوي فضيلة :نظريات التنظيم واإلدارة ،دار المفيد للنشر والتوزيع ،عين مليلة.2021 ،
-20شفيق رضوان :السلوكية واإلدارة ،ط ،1المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ،ط ،1بيروت.1994 ،
-21ضرار العتيبي :العملية اإلدارية مبادئ وأصول وعلم وفن ،دار اليازوري للنشر ،عمان.2013 ،
-22علي عباس :أساسيات علم اإلدارة ،دار المسيرة للطباعة والنشر ،عمان.2004 ،
-23علي عبد الهادي مسلم :تحليل وتصميم المنظمات ،الدار الجامعية للنشر والتوزيع ،اإلسكندرية
ط.2001 ،1
-24علي محمد منصور :مبادئ اإلدارة (أسس ومفاهيم) ،مجموعة النيل العربية ،ط ،2القاهرة.2004 ،
-25ماجدة بنت إبراهيم الجارودي :قيادة التحويل في منظمات مدخل إلى نظريات القيادة ،قرطبة للنشر
والتوزيع ،دون طبعة ،الرياض.2011 ،
-26مايسة النيال ،مدحت عبد الحميد :علم النفس اإلداري ،دار المعرفة الجامعية ،د ن ط ،اإلسكندرية
.2013
-27محمد أبو سمرة :االتصال اإلداري واإلعالمي ،أسامة للنشر والتوزيع ،عمان ،د س ن.
-28محمد أحمد درويش :نظريات القيادة واستراتيجيات االستحواذ على القوة ،عالم الكتب ،د ن ط
القاهرة.2009 ،
-29محمد أكرم العدلوني :القيادة الفعالة ،قرطبة لإلنتاج الفني ،دون طبعة ،الرياض.2000 ،
-30محمد الصيرفي :القيادة اإلدارية واإلبداعية ،دار الفكر الجامعي ،دون طبعة ،اإلسكندرية.2006 ،
-31محمد شفيق :القيادة تطبيقات العلوم السلوكية في مجال القيادة ،نهضة مصر للنشر ،د ن ط
القاهرة.2009 ،
-32محمد عبد المقصود محمد :القيادة اإلدارية ،مكتبة المجتمع للنشر والتوزيع ،ط ،1عمان.2011 ،
-33محمد على محمد :علم اجتماع التنظيم ،دار المعرفة الجامعية ،اإلسكندرية.2001،
-34محمد قاسم القريوتي :السلوك التنظيمي ،دار وائل للنشر والتوزيع ،عمان ،ط.2012 ،1
-35محمد يوسف عقلة :إدارة المؤسسات الدولية ،دار البداية للنشر والتوزيع ،عمان ،ط.2010 ،1
-36محمود أحمد فياض ،عيسى يوسف قدادة ،ربحي مصطفى عليان :مبادئ اإلدارة (وظائف المدير)
دار صفاء للنشر والتوزيع ،عمان.2010 ،
-37محمود عودة :أساليب االتصال والتغير االجتماعي ،دار النهضة العربية ،د ن ط ،بيروت ،د س
ن.
82
محاضرات في مقياس القيادة واالتصال المؤسساتي
-38منى محمود طلعت :مدخل إلى علم االتصال ،المكتب الجامعي الحديث للنشر والتوزيع اإلسكندرية،
.2002
-39نواف سالم كنعان :القيادة اإلدارية ،دار الثقافة ،دون طبعة ،عمان.2006 ،
-40هالة منصور :االتصال الفعال مفاهيمه وأساليبه ومهاراته ،المكتبة الجامعية للنشر والتوزيع
اإلسكندرية ،ط.2000 ،1
-41هاشم حمدي رضا :تنمية مهارات االتصال والقيادة اإلدارية ،دار الراية للنضر والتوزيع ،عمان
.2010
-42طلعت إبراهيم لطفي :علم اجتماع التنظيم ،دار غريب للنشر والتوزيع ،القاهرة ،ط.2007 ،1
83