المحاضرة الثالثة

‫محاضرات موجهة لطلبة سنة أولى جذع مشترك علوم اجتماعية‬
‫السنة الجامعية ‪2022‬م‪2023/‬م‬

‫ملخص املقياس‬
‫جامعة العربي بن مهيدي‬
‫د‪ /‬شفيقة بورايو‬
‫أم البواقي‬
‫المحور الثالث ‪:‬‬
‫‪ / .1‬العمليات األساسية في المنهج العلمي ‪:‬‬
‫أ‪ /‬االستقراء االستنباط ‪.‬‬

‫ب‪ /‬التحليل التركيب‪.‬‬
‫ج‪ /‬التجريب التجريد‪.‬‬
‫د‪ ./‬التصور و التصنيف‬
‫ه‪ /‬الفهم والتفسير‪.‬‬
‫ي‪ /‬الحكم‪ ،‬التعليم‪.‬‬
‫‪ / .2‬العناصر األساسية في المنهج العلمي‪:‬‬
‫أ‪/‬المبادئ‪.‬‬
‫ب‪ /‬المراحل‪.‬‬
‫ج‪ /‬األساليب‪.‬‬
‫د‪ /‬الوسائل‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪ / .1‬العمليات األساسية في المنهج العلمي ‪:‬‬
‫يعتمد المنهج العلمي على مجموعة من العمليات الجوهرية والتي تعتبر أساسية في‬
‫تطبيق المنهج العلمي ‪ .‬وهذه العناصر الضرورية تتوافق واإلشكاليات العلمية المختلفة‬
‫وتتناسب وطبيعة العملية البحثية ‪.‬فما هي هذه العمليات والعناصر الضرورية في‬
‫نجاح تطبيق أي بحث علمي؟‬
‫أ‪ /‬االستقراء واالستنباط (‪:)induction ; déduction‬‬

‫كانت الفلسفة اليونانية استنباطية (‪ ، )déductive‬كما عرفت بالقياس األرسطي‬
‫طاليسي أو المنطق الصوري‪.‬واالنقالب العقلي الذي دشنته العقلية اإلسالمية في‬
‫التاريخ‪ ،‬بتطوير قراءة الواقع بالفكر االستقرائي ‪ Inductive‬أي اعتماد الواقع‬
‫مصدرًا للمعرفة‪ ،‬والواقع يضم الطبيعة والنفس وأحداث التاريخ‪.‬‬
‫الفكر االستنباطي هو انتقال من الكل إلى الجزء‪ ،‬يضع القاعدة الكبيرة ليقيس عليها ‪،‬‬
‫من هنا أخذ اسم القياس‪ ،‬في حين أن طريقة االستقراء نمت من الجيب اإلسالمي‬
‫األندلسي على يد ابن رشد والمدرسة اإلسالمية التحرّر ية لتنتشر في أوروبا بدًء ا من‬
‫ايطاليا‪ .‬أي انتقال من الجزء إلى الكل فهو قراءة الواقع‪ ،‬وجمع المالحظات المشتركة‪،‬‬
‫الستخراج قانون عام‪ ،‬ينظم هذه المالحظات المبعثرة‪.‬‬
‫أما االستنباط فهو عملية التحليل العقلي من فوق لتحت‪ ،‬واالستقراء عملية معكوسة من‬
‫تحت لفوق؛ فهو العملية المنطلقة من الواقع الى بناء القوانين العليا الشاملة‪ ،‬التي تضم‬
‫أكبر قدر من المالحظات ‪ .‬من خالل جمع أكبر عدد من العينات ‪ ،‬ليبقى هذا القانون‬
‫صامدا‪ ،‬حتى يأتي قانون أعلى منه بآلية الحذف واإلضافة؛ فيضم مجموعة أضخم من‬
‫المالحظات؛ فيأخذ القانون صفة شمولية أكبر‪.‬‬
‫إذن االستقراء هو‪ " :‬أن يدرس الذهن عدة جزئيات فيستنبط منها حكمًا عامًا "‪ .‬كما لو‬
‫درسنا عدة أنواع من الحيوان فوجدنا كل نوع منها يحرك فكه األسفل عند المضغ‬
‫فنستنبط منها قاعدة عامة وهي‪ :‬أن كل حيوان يحرك فكه األسفل عند‬
‫المضغ‪; .‬واعتماد هذا المنهج معروف عند الجاحظ في كتابه "الحيوان"‪ .‬فهو األساس‬
‫لجميع أحكامنا الكلية وقواعدنا العامة ألن تحصيل القاعدة العامة والحكم الكلي ال‬
‫‪15‬‬
‫يكون إال بعد فحص الجزئيات واستقرائها فإذا وجدناها متحدة في الحكم نلخص منها‬
‫القاعدة أو الحكم الكلي‪ .‬فحقيقة االستقراء هو االستدالل بالخاص على العام وعكسه‬
‫القياس وهو االستدالل بالعام على الخاص ألن القياس البد أن يشتمل على مقدمة كلية‪،‬‬
‫الغرض منها تطبيق حكمها العام على موضوع النتيجة‪.‬و ينقسم االستقراء إلى قسمين‪:‬‬
‫تام وناقص ‪ .‬و القياس ‪،‬فإن األساس فيه ال محالة هو االستقراء لما قدمنا أن كل قاعدة‬
‫كلية ال تحصل لنا إال بطريق فحص جزئياتها‪.‬‬
‫ب‪/‬التحليل والتركيب ‪:Analyse et synthèse‬‬

‫التحليل والتركيب عمليتان عقليتان تقوم عليهما معظم المناهج‪ ،‬والمراد منهما التفكيك‬
‫العقلي لكٍّل ما إلى أجزائه المكونة أو عناصره أو أسبابه وشروطه‪ ،‬وإعادة تكوين‬
‫الكل من أجزائه‪ .‬فالتحليل عكس التركيب‪ .‬وللتحليل والتركيب أثر مهم في عملية‬
‫المعرفة‪ ،‬فَيِتُّم كل منهما ـ باعتبارهما منهجين للتفكير‪ ،‬يستخدمان التصورات المجردة‪،‬‬
‫ارتباطا وثيقًا بالعمليات الذهنية األخرى ـ التجريد والتعميم‪ ،‬وغيرهما‪،‬‬
‫ً‬ ‫ويرتبطان‬
‫حسب اختالف الموضوع والمذهب الفلسفي‪ .‬وكل تحليل يفترض مقدمًا تركيبًا‪ ،‬ألنه إذا‬
‫لم يكن أمام الذهن شيء مترابط‪ ،‬فإنه ال يستطيع أن يحل أو يفك‪.‬‬
‫ويتقدم الذهن في منهج التحليل من المركب إلى البسيط‪ ،‬من العرضي إلى‬
‫الجوهري‪ ،‬ومن التنوع إلى الوحدة‪ .‬وغرضه من ذلك إدراك األجزاء لهذا الكل وإقامة‬
‫الروابط بينها‪ ،‬ومعرفة القوانين التي تحكمها‪ .‬بيد أن التحليل يفضي إلى عزل‬
‫خصائص لم ترتبط بعد باألشكال المتعينة لمظاهرها‪.‬‬
‫أما منهج التركيب فيقوم بتوحيد األجزاء والخصائص والعالقات التي يفصلها‬
‫التحليل‪ ،‬في كل واحد‪ ،‬انتقاًال من المتوحد والجوهري إلى المختلف والمتنوع‪ ،‬فهو‬
‫يضم العام والفردي‪ ،‬الوحدة والتنوع في كل حي متعين‪ .‬وعليه فالتركيب يكّم ل‬
‫التحليل‪ ،‬وتضمهما معًا وحدة ال يمكن فصمها‪.‬‬
‫وثمة عدد كبير من الفالسفة القدماء ابتداء من السفسطائيين‪،‬‬
‫وسقراط وأفالطون وأرسطو‪ ،‬وصوًال إلى رنيه ديكارت‪ ،‬وفرنسيس بيكون وجون‬
‫لوك وبركلي ودفيد هيوم ثم إيمونويل كانط حتى نصل نهاية القرن العشرين قد فضلوا‬
‫التحليل منهجًا فلسفيًا‪ .‬فقد كان هدف السفسطائيين تحليل المعرفة واستخدم سقراط‬
‫منهج التحليل في معالجته التصورات األخالقية المختلفة‪ ،‬كالعدالة والتقوى والشجاعة‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫كما يظهر التحليل جليًا في محاورات أفالطون خاصة في "بارميندس"‪ ،‬ثم في منطق‬
‫الصوري مع أرسطو‪ .‬أما في الفلسفة الحديثة فقد عمل فرنسيس بيكون على تحليل‬
‫أخطاء العقل اإلنساني‪ ،‬وحددها باألوهام أو األصنام‪ ،‬وهو الموضوع األساسي عند‬
‫فالسفة التحليل المعاصرين (تيار تحليل اللغة العادية)‪ .‬وكذلك رنيه ديكارت الذي جعل‬
‫من التحليل سبيًال للوضوح في قواعده األساسية‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن التحليل كان مهمة الفلسفة بأكملها في حل المشكالت التصورية والمعرفية‬
‫والوجودية وكذلك اللغوية‪.‬‬
‫أما التركيب فهو عند الفالسفة القدماء مرادف للتأليف‪ ،‬بحيث تكّو ن األشياء‬
‫المتعددة ‪ ،‬ما يطلق عليه اسم الواحد‪ .‬لكن رنيه ديكارت جعل من التركيب مرادفًا‬
‫للترتيب فيقول في مؤلفه مقالة في الطريقة‪ " :‬إن أرتب أفكاري‪ ،‬فأبدأ بأبسط األمور‪،‬‬
‫وأيسرها معرفة‪ ،‬وأتدرج في الصعود شيئا فشيئا‪ ،‬حتى أصل إلى معرفة أكثر األمور‬
‫تركيبًا‪ ،‬بل أن أفرض ترتيبًا بين األمور التي ال يسبق بعضها بعضًا بالطبع‪ ،‬إشارة إلى‬
‫هذا التركيب العقلي"‪ .‬والتركيب عند هيغل هو جوهر فرضيته في الصراع بين‬
‫األضداد‪ ،‬الذي يوصل إلى الحقيقة المطلقة من اتحاد األضداد وانسجامها‪.‬‬
‫وترتبط مشكلة التركيبي والتحليلي ارتباطًا وثيقًا بالتمييز بين المعرفة التجريبية‬
‫المستندة إلى الواقع‪ ،‬والمعرفة النظرية الخاصة بالقوانين‪ .‬وقد عبر ليبنتز عن هذا‬
‫التمييز بتقسيم جميع الحقائق إلى حقائق ضرورية (المعرفة النظرية)‪ ،‬وحقائق‬
‫عرضية (المعرفة المستندة إلى الواقع)‪.‬‬
‫ج‪/‬التجريب والتجريد ‪:Expérimentation et abstraction‬‬

‫التجريب هو عملية يتم من خاللها اشتقاق المفاهيم من استخدام وتصنيف المفاهيم‬
‫الحرفية "الحقيقية " أو "المادية" أو المبادئ األولى أو وسائل أخرى‪ .‬و"التجريد" هو‬
‫نتاج هذه العملية ‪ -‬التي تعد مفهوًم ا يعمل كقاسم لجميع المفاهيم التابعة‪ ،‬كما أنه يربط‬
‫أي مفاهيم متصلة مثل مجموعة أو مجال أو فئة‪.‬يتجاوز تصور اينشتاين للمنهج‬
‫العلمي التجريبي التصورات السابقة إذ يعطي للنظرية والعقل الرياضي أهمية قصوى‬
‫فهذا العقل الذي بإمكانه تصور دينامكية الظواهر الطبيعية‪ ،‬دونما حاجة للمعاينة‬
‫والتجربة المباشرة عليها‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫هكذا يؤكد في أطروحته أن المفاهيم والبناء النظري للعلم خاصة في الفيزياء النظرية‬
‫هي أساسا اإلبداعات العقلية الحّر ة للعقل الرياضي ‪ ،‬وان هذه البناءات الرياضية‬
‫الخالصة تسمح بفهم الظواهر الطبيعية دونما حاجة للمالحظة العينية‪.‬‬
‫يري ألبرت اينشتاين أن المفاهيم العلمية إبداعات حّر ة للفكر البشري‪ ،‬يحاول‬
‫بواسطتها أن يكون لنفسه صورة اقرب ما تكون من حقيقة هذا الواقع نفسه‪ ،‬هذه‬
‫الحقيقة التي يقترب منها العلم دون أن يتمكن من اإلمساك بها كما هي‪ .‬مثل الرجل‬
‫الذي يحاول أن يفهم آلية اشتغال ساعته دون أن يملك القدرة على فتحها حيث يستطيع‬
‫تخيل وتكوين صورة عن تركيبها الداخلي ولكنه لن يكون على يقين بان الصورة التي‬
‫كونها تطابق حقيقة الجهاز‪.‬‬
‫إذن العلم ليس مجموعة من القوانين وال قائمة من األحداث الغير المترابطة ببعضها‬
‫البعض ‪،‬بل إنه إبتكار للفكر البشري شيد بواسطة أفكار ومفاهيم ابتدعها العقل‬
‫الرياضي بكل حرية فالنظريات الفيزيائية تحاول صياغة صورة عن الواقع وربط هذه‬
‫الصورة بعالم االنطباعات الحسية أو التجريبي‪ .‬فالعقل هو الذي يعطي للنسق‬
‫الفيزيائي بنيته أما التجربة فعليها أن تطابق القضايا الناتجة عن النظرية‪.‬‬
‫يتبن لنا من خالل المناقشة السابقة أن التصورات التي ناقشت النظريات والمنهاج‬
‫التجريبي العلمي هو انعكاس لصورة تطور النقاش الفلسفي الكالسيكي بين المذهب‬
‫التجريبي الذي كان يرى أن العقل صفحة بيضاء تملؤها معطيات التجربة ‪ ، ‬مما‬
‫يجعل من التجربة المصدر الوحيد للمعرفة ‪،‬وبين المذهب العقالني‪ ‬الذي كان يرى‬
‫أن العقل حائز على مبادئ فطرية أو قبلية تمكنه من بلوغ جميع المعارف دونما حاجة‬
‫إلى التجربة ‪.‬هذين التّو جهين الذين انتقدهما إمانويل كانط مبينا قصورهما في‬
‫انفصالهما وتطرفهما ‪ ،‬ومبينا ضرورة الجمع بينهما‪ ،‬فالعقل وحده بمبادئه القبلية‬
‫سيدور في فراغ ولن ينتج معارف يقينية بل قد ينتج نقائض ‪،‬أما التجربة وحدها فلن‬
‫‪ ‬جون لوك‬
‫‪ ‬رنيه ديكارت‬
‫‪ ‬العقلية النقدية‬
‫‪15‬‬
‫تقدم إال معطيات مبعثرة ال نظام وال معنى لها ‪،‬و من هنا رأى إمانويل كانط ضرورة‬
‫الجمع بين العقل والتجربة ‪.‬‬
‫فالعلم إذن يقوم على الحوار بين البراهين النظرية المؤسسة على العقل‪ ،‬وبين التجريب‬
‫والقوانين التجريبية المؤسسة على التجريب‪ .‬وال يجب النظر إليهما على أساس أنهما‬
‫يكونان ثنائية أو قطبين منفصلين بل على أساس كونهما يتكامالن أي يكمل منها‬
‫اآلخر في صورة نهائية هي المعرفة العلمية ‪.‬فان فكر اإلنسان تفكيرا علميا معناه أن‬
‫يضع نفسه في الحقل اإلبستمولوجي الذي يقوم كوسيط بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬بين‬
‫الرياضيات والتجربة أي بين العقل والحس‪.‬‬
‫نستخلص من هذا التصور أن العقل والتجربة القبلي والبعدي متكامالن ويوجدان في حوار‬
‫دائم في عالقة جدلية فالعقل يدرك التجارب من خالل ما لديه من مقوالت وهذه المقوالت‬
‫ليست ثابتة ونهائية ألنها تتأثر وتتطور بفعل التجربة‪.‬‬
‫د‪ /‬التصورو التصنيف ‪: Conception CLASSIFICATION‬‬
‫التصور نشاط ذهني طبيعي للعقل يفترض وجود عام حقيقي ليتحرك من خالله العقل‬
‫لمعالجة وفهم موضوع ما دون أن يكون هذا الموضوع بالضرورة حقيقي ولكن‬
‫المعالجة تبدو حقيقية منتجة قابلة لالنتقال بواقعية إلى الوجود الفعلي دون أن تصطدم‬
‫بالالواقعية أو المحال الال ممكن‪ ،‬وهنا يمكننا أن نفهم التصورات الذهنية على أنها‬
‫نشاط معرفي للعقل الذي يخترق بقدرة تكيفية وتكوينية عالم الوجود المادي إلى ما هو‬
‫خارج نطاقه ولكن يرتبط به برابط اإلمكان‪.‬‬
‫فالتصور إذن ليس اختراعا للوجود‪ ،‬بل ابتكار ماهيات بالصورة الذهنية المجردة‬
‫حاضرة بالزمن الالحسي أو الالزمن حسيا الهدف من خلق وابتكار هذه الماهية هو‬
‫الفتراض عالم يقبل بقوانين الوجود من غير حضورها المادي للوصول إلى نتائج من‬
‫خالل تفاعل الماهية المبتكرة هذه مع حال التجاوز هذا وخلق معالجة أو صنع وعي‬
‫خاص بحالة معين أو موضوع يجب أن يمتحن تحت قاعدة‪ ،‬هل يمكن أو ال يمكن‬
‫بمعنى أخر التصور هو بناء عقلي افتراضي في مساحة خالية من الحد الزمكاني‬
‫والمادة ال يخرج عن نطاق الفاعلية الذهنية ولكنه يستهدف الواقع محتسبا للزمان‬
‫والمكان وال بد أن يتقيد بقوانين المادة‪ .‬فليس التصور قفز على القوانين العامة التي‬
‫‪15‬‬
‫تحكم الوجود والموجود أو هو افتراضات ال تعير في عملها أهمية لها ألنها بذلك‬
‫تتجاهل حقيقة التكوين وموجبات تحققه وتتحول إلى وصف أخر‪..‬‬
‫إذن التصور نوع من أنواع المعرفة وشكل من أشكال النشاط العقلي وليس من‬
‫الصحيح ‪،‬وهو نوع من أنواع النظر الفكري المستند في تأسيسه على الذاكرة القريبة‬
‫والبعيدة على حد السواء‬
‫ويستعمل مصطلح "تصور" كذلك عوض "معارف أو معتقدات" ‪،‬عندما نريد اإلشارة‬
‫إلى مفاهيم الشخص واألفكار التي يمتلكها في مجال معين وهي الفهم‪ .‬أما عندما نريد‬
‫الحديث عن المعارف أو المعتقدات في حد ذاتها أي في مضمونها‪ ،‬فنتحدث عندئذ عن‬
‫"المعارف أو المعتقدات" ‪ ،‬فالمعرفة هي التصور الذي يكون متأكد من صحته سواء‬
‫كان صحيح أو خطأ‪ ،‬والمعتقد هو التصور الذي ال يكون متأكد من صحته‪.‬‬
‫أما التصنيف يمكن تعريفه بأنه العملية التي يتم من خاللها تمييز األشياء وتفريقها عن‬
‫بعضها البعض‪ ،‬حيث يتم تقسيمها على أساس محدّد إلى مجموعات متعددة‪،‬‬
‫إذ تضم كل مجموعة العديد من العناصر المتشابهة فيما بينها‪ ،‬حيث تربطها عالقة‬
‫وتميزها عن غيرها من المجموعات‪ ،‬ويندرج مصطلح التصنيف تحت العديد من‬
‫االستخدامات الحياتية ‪ .‬فمنها التصنيف الذي يتم في المنزل وينطلق النص من ضرور‬
‫تحديد مفهوم السبب في علم االجتماع ‪ ،‬اذ اليكفي النظرة في علم االجتماع ان تقترح‬
‫ان هذا سبب ذاك ‪،‬بل البد لها من تفسير كيف تقع عملية السببية تلك‪.‬‬
‫و التصنيف لغة هو التنويع والتأليف ومنه تصنيف الكتب‪.‬و إصطالحا هو تقسيم‬
‫األشياء أو المعاني وترتيبها في نظام خاص وعلى أساس معين بحيث تبدو صلة‬
‫بعضها ببعض ‪،‬و منه تصنيف الكائنات وتصنيف العلوم‪.‬و التصنيف الحقيقي هو الذي‬
‫يقوم على أساس من المميزات الذاتية والثابتة ‪،‬و التحكمي ما بني على أمور اعتبارية‬
‫وظاهرية‪.‬‬
‫و مما سبق نستنتج أن التصنيف عملية تنظيم المعارف والعلوم في صورة منمة‬
‫مكتوبة‪ ،‬أي إتباع مبدأ في تصنيف المادة العلمية ومراعاة قاعدة معينة في تصنيفها‪.‬‬
‫ومن ما ذكر نستنتج مفهومان للتصنيف‪:‬‬
‫‪15‬‬
‫ــــ‪ /‬مفهوم منطقي ‪ :‬يحدد فيه التصنيف على أنه عملية ذهنية يتم من خاللها إدراك‬
‫التشابه أو الوحدة ‪.‬‬
‫ـــ‪/‬مفهوم عملي ‪ :‬يقصد به ترتيب األشياء المادية ترتيبا تجريديا‪ ،‬و هذا المعنى أساسي‬
‫في المنهج العلمي ألن الغاية من تصنيف العلوم هو بيان حدودها الفاصلة بينها ونقاط‬
‫تداخلها ‪،‬مع ميزة إضفاء الدقة على المصطلحات الفنية في العلوم ‪.‬‬
‫أما في حالة الدراسات االجتماعية واإلنسانية ‪ ،‬هناك تصور بنيوي لمفهوم السبب‪ ،‬إذ‬
‫أن السبب ال يكمن في حادثة بعينها ‪،‬بل يكمن في ترتيب معين للعالقات ‪،‬هذه العالقات‬
‫تحدد إطارا وتشكل آلية سببية مثال زر اإلضاءة‪ ،‬تؤدي إذا الحركة إلى نتائج‬
‫معينة ‪.‬ويجب على النظرية آن تحدّد وتحّلل نوعية الظروف التي تجعل هذه اآللية‬
‫تعمل وتنجح في الوصول إلى نتائج ‪.‬‬
‫ه‪ /‬الفهم والتفسير‪:COMPREHENSION ET EXPLICATION .‬‬
‫الفهم فهو عملية تشترك مع التصور في ميكانيكية النشوء والبدء لكنها تفترق عنه من‬
‫أن األولى ال تراعي دائما حدود اإلمكان الحدوثي وال تلزم نفسها أبدًا بتوافق النتائج‬
‫وتطابقها مع الواقع المادي ببعديه الزمان والمكان لو قدر لهذه العملية أن تترجم‬
‫واقعيا‪ ،‬فهي أذن تبنى على افتراض يتملكه المحال إبتدًأ في الصيرورة والشكل‪.‬‬
‫فالفهم هو عالم من االفتراضات الذهنية تصاحب دائما حالة من العجز أو شعور‬
‫بالعجز أو االستحالة الحدوثية في ذهن المتخيل‪ ،‬ولكن في نفس الوقت هي ال تتصل‬
‫دائما بقوى النفس الثالثة الناطقة ‪ ،‬ولكنها تجد في قوى النفس الثانية داعما وأرضية‬
‫ترعى الفهم وتشبع رغبات ما تحت اإلدراك الواعي للنفس اإلنسانية‪.‬وبالتالي فيكون‬
‫التعاطي معها بالصورة السلبية كنوع من أنواع األمراض التي تصيب النفس فتعجز‬
‫عن محاولة استكشاف الواقع بالوسائل العقالنية أو المعرفية التي تتناسب مع القوة‬
‫األولية للعقل ذاته‪.‬‬
‫والفرق األساسي بين التصور والفهم هو القاعدة التي ينشأ بموجبها النشاط الذهني‬
‫وكيفية إنشاء هذه القواعد والنتائج المتحصلة من تلك المقدمات والمعطيات‪،‬‬
‫فالتخيل دائما يبنى على االعتباطية في تقديم وتأخير الخيارات الممكنة والمتوقعة‬
‫والقابلة للترجمة حدوثا وقبوال‪ ،‬وهنا يمكن أن نقول أن الفهم يبنى بصورة رئيسية على‬
‫‪15‬‬
‫ما يناسب قوى النفس الحسية ويتناغم مع توجهاتها دون أن يكون للمتخيل قدرة على‬
‫تعديل سير هذه القوى أو تقويمها من خالل هذا العمل الذهني أو يطور‪.‬‬
‫و للتصّو ر دور في تكوين المفاهيم وتخزينها في الذاكرة‪ ،‬فعند مواجهة أي موقف‬

‫يقوم العقل بالتعّر ف عليها من خالل مقارنتها بالمفاهيم المكتسبة سابقا‪ ،‬أو يقوم ببناء‬
‫تصّو ر جديد إذا كان المفهوم الجديد مطروحا في سياق محدث‪ ،‬ألن التصّو رات‬
‫الجديدة ال تبنى من الالشيء‪ ،‬بل من المكتسبات السابقة‪ ،‬سواء كانت صحيحة أو‬
‫خاطئة‪.‬واالنتقال بين التصّو ر والمفهوم يشبه االنتقال من المعرفة التلقائية إلى المعرفة‬
‫العلمية‪ ،‬إذ يحمل التصّو ر عناصر ذاتية تؤّثر على طبيعته‪ ،‬فلكل فرد تصّو ر خاص‬
‫به‪ ،‬أما المفهوم فهو ثابت نسبيا وهو معرفة علمية مشتركة بين عدد من األفراد وفي‬
‫مجال معّين‪ ،‬فمفهوم الدائرة في الرياضيات واحد‪ ،‬لكن عدد تصّو رات الدائرة عند‬
‫الرياضين متعدّد ‪.‬هذا في مقارنة صغيرة بين التصور والفهم لعالقتهما الوطيدة في‬
‫إنشاء المفاهيم والتصورات العلمية‪.‬‬
‫‪،‬إال آن االعتقاد هو أن التفسير الغائي على صعيد الممارسة متضمن بالفعل في كل‬
‫األشكال النظرية االجتماعية التي تتحدث عن الفعل اإلنساني‪.‬‬
‫ي‪ /‬الحكم‪ ،‬التعليم‪: JUGEMENT ET DIDACTICISME.‬‬
‫حسب الجرجاني في التعريفات ‪ ":‬الحقيقة اسم لما أريد به ما وضع له ‪ .‬وهي فعلية من‬
‫حق الشيء إذا ثبت ‪ ...‬هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطالح يتم به‬
‫التخاطب في مقابل المجاز والشيء الثابت قطعا ويقينا‪ .‬ويقال حق الشيء إذا ثبت ‪.‬‬
‫وهي اسم للشيء المستقر في محله‪ ،‬وما به الشيء هو أي ماهية الشيء كالحيوان‬
‫الناطق لإلنسان‪ /".‬أما الحق عند أهل المعاني‪" :‬هو الحكم المطابق للواقع‪ ،‬يطلق على‬
‫‪15‬‬
‫األقوال والعقائد والمذاهب ‪ ...‬باعتبارها تشتمل على ذلك ‪ .‬ويقابله الباطل ‪ .‬والصدق‬
‫قد شاع في األقوال خاصة ويقابله الكذب‪ .‬وقد يفرق بينهما بأن المطابقة تعتبر في‬
‫الحق من جانب الواقع وفي الصدق من جانب الحكم فمعنى صدق الحكم مطابقته‬
‫للواقع ومعنى حقيته مطابقة الواقع إياه‪.".‬‬
‫إال يالحظ أن هناك أشياء واقعية غير حقيقية‪ ،‬ـمثال ذلك الكذب يوجد في الواقع‪ ،‬في‬
‫حين نعتبر كثيرا من األشياء غير موجودة واقعيا‪ .‬فالذهب المزيف واقعي مثله مثل‬
‫الذهب الخالص‪ .‬والحقيقة تكمن في الحكم أو القضية‪ ،‬فقولنا هذا ذهب حقيقي ؟ هي‬
‫قضية قد تكون صادقة او غير صادقة كيف؟ أي أن األمر يتعلق ليس بالمعدن الذي‬
‫نشير إليه بل بحكمنا عليه ‪ ،‬فالحكم هذا ذهب هو الحقيقي أم غير حقيقي ‪ .‬بينما المعدن‬
‫الذي نشير إليه طبيعته هي ‪ ،‬فالقضية ستكون صادقة إذا ما طابقت طبيعة الشيء‬
‫الواقع وستكون كاذبة غير حقيقية إذا لم تتطابق معه‪ .‬وهذا ما يدفعنا الى التساؤالت‬
‫التالية‪ :‬هل الحقيقة توجد معطاة في الواقعي وهل يمكن القول أن الحقيقي واقعي أو أن‬
‫الواقعي حقيقي؟‬
‫أم أن الحقيقة توجد في العقل واألحكام والقضايا العقلية؟ وكيف يمكن التحقق من كون‬
‫آرائنا حقيقية أو غير حقيقة أو ما عالقة الرأي بالحقيقة؟ وما هي معايير الحقيقة وهل‬
‫هناك معيار واحد ام معايير متعددة حقيقة واحدة ام حقائق مختلفة ؟ حقيقة مطلقة أم‬
‫نسبية؟ وما الذي يجعلنا نرغب في الحقيقة ونبحث عنها ومن أين تستمد قيمتها؟‬
‫فالحقيقة ال توجد إذن في العالم الحسي والمعرفة الحسية مجرد ظنون ال تملك قيمة‬
‫الحقيقة‪ ،‬ألن الحقيقة هي أساسا عقلية ومعقولة ومجردة وتوجد في عالم المثل عالم‬
‫المعقوالت‪.‬‬
‫يمكن التمييز بين مستويين من المعرفة حسب برتراند راسل ‪ ،‬المعرفة باألشياء والتي‬
‫تكون مباشرة وال تحتمل الخطأ ‪ ،‬فإما أن نعرف األشياء أو ال نعرفها ‪ ،‬ومعرفة‬
‫الحقائق ‪ ،‬حيث نعتقد ما هو حق مثلما نتعقد ما هو خاطئ وباطل‪.‬‬
‫أما التعلم فيدخل التعلم ضمن العوامل االجتماعية‪ ،‬لكن ذو طبيعة مختلفة وأكثر‬
‫تنظيما‪ ،‬فالطرق المختلفة التي تدّر س بها مختلف المواضيع‪ ،‬يمكن أن تحّد د طبيعة‬
‫التفكير لدى التالميذ‪ ،‬ويتم بذلك تناول المواضيع وفقا للنماذج المتناولة في المدرسة‪،‬‬
‫‪15‬‬
‫كما أن المدرسة تلفت انتباه التالميذ إلى أفكار ومكّو نات لم يكونوا لينتبهوا إليها في‬
‫حياتهم اليومية دون تمدرس‪ ،‬وعليه فالتصّو رات تتأثر بالعملية التعليمية‪ ،‬كما تتأثر‬
‫بتصورات المعلم نفسه‪.‬‬
‫وعليه فلتصّو ر عالقة وطيدة بما يكتسبه الفرد وما يتعّلمه‪ ،‬فدون تصّو ر الموضوع ال‬
‫يمكن تعّلمه‪ ،‬كما أّن تكوين التصّو رات في حّد ذاته تعّلم عن المواضيع الخارجية‪،‬‬
‫فالنظام التصّو ري الذي يكتسبه الطفل تدريجيا أي نظرته للعالم وتصّو ره لذاته‪ ،‬ناتج‬
‫عن تفاعله مع المحيط‪ .‬ذلك أن دخول الطفل للمدرسة يجعله يواصل بناء تصّو راته‬
‫وإن كان التعليم موّج ها ألهداف محددة‪ ،‬فهذا ال يمنع أن يكون للتلميذ تصّو را عن كل‬
‫موضوع يتناوله‪.‬‬
‫يتميز البحث العلمي بأنه يتبنى األساليب والطرق المتعّد دة التي تتوافق مع عملية‬
‫البحث العلمي والتعامل مع المشكالت العلمية المختلفة‪ ،‬ويعتمد وفقًا لذلك على‬
‫مجموعة من المناهج البحثية التي تتناسب وطبيعة العملية البحثية ‪ ،‬حيث يمكن تعريف‬
‫المنهج على أنه مجموعة من الخطوات المنظمة التي يتبعها الباحث في معالجة‬
‫الموضوعات التي يقوم بدراستها حتى يصل إلى نتيجة معينة‪ ،‬أي الطريق الذي يقود‬
‫نحو الحقيقة من خالل جملة من القواعد العامة كما سبق أن أكدناه في المحاضرة‬
‫األولى‪.‬‬
‫ـــ‪ /‬تحديد المشكلة بشكل دقيق وواضح ‪،‬ألن ذلك يساعد الباحث على تناولها بالدراسة‬
‫والبحث‪.‬‬
‫ـــ‪ /‬يجب وضع الفروض التي تساعد الباحث على حّل المشكلة‪.‬‬
‫ـــ‪ /‬تحديد اإلجراءات الالزمة الختبار الفروض ‪ ،‬والوصول إلى حّل للمشكلة التي قام‬
‫الباحث بتحديدها‪.‬‬
‫أ‪/‬المبادئ‪:‬‬
‫أما المبادئ األساسية التي يستند إليها المنهج العلمي ويقبلها بصفتها مسلمات مفترضًا‬
‫صّح تها والتي تسمى بافتراضات العلم فهي على النحو التالي‪:‬‬
‫‪15‬‬
‫ـــ‪ /‬يفترض منهج البحث العلمي بأن لكل ظاهرة أو حادثة سبب أو أسباب أدت إلى‬
‫ظهورها‪ ،‬فالحوادث أو الظواهر لها أسبابها أو عواملها موجودة في األحداث التي‬
‫سبقتها(مبدأ السببية)‪.‬‬
‫ـــ‪ /‬يؤمن المنهج العلمي بأن الظواهر الطبيعية تتصف بالثبات واالضطراد يجعلها‬
‫تحتفظ بخصائصها ومميزاتها على مدى مدة محددة في ظروف معينة‪ ،‬ولكن هذا‬
‫الثبات واالضطراد ليس مطلقًا وإنما نسبي‪ ،‬والباحث الذي يقبل بهذه المسلمة ويراها‬
‫شرطًا من شروط البحث العلمي يتمكن من الوصول إلى نتائج علمية(مبدأ الحتمية)‪.‬‬
‫ـــ‪ /‬يؤمن المنهج العلمي بأن بعض الظواهر واألشياء والحوادث الموجودة في الطبيعة‬
‫متشابهة إلى درجة كبيرة ولها خصائص مشتركة أساسية يمكن تصنيفها إلى فئات وأصناف‬
‫وأنواع متعددة(التنبؤ)‪.‬‬
‫ب‪/‬المراحل‪:‬‬
‫باتباع الخطوات المتتالية التالية تحّو ل المعرفة االنسانية المكتسبة الى جزء من‬
‫المعرفة العلمية‪ ،‬وتلك الدائرة تتكون من المراحل التالية‪:‬‬
‫المالحظة‪.‬‬ ‫•‬
‫النظرية األولية أو إفترضات‪.‬‬ ‫•‬
‫التجربة أو جمع المعلومات‪.‬‬ ‫•‬
‫النظرية المعّد لة – التنبؤات‪.‬‬ ‫•‬
‫القانون‪.‬‬ ‫•‬
‫النقد‪.‬‬ ‫•‬
‫مع مالحظة ان مراحل المترابطة السابقة قد ال تسير على نفس النمط المذكور‪ ،‬فربما‬
‫بعد مرحلة التجربة نعود الى مرحلة المالحظة مرة اخرى ‪،‬وهو ما يحدث كثيرا‪.‬‬
‫وسنتحدث عن كل مرحلة بالتفصيل في المحاضرة الرابعة‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫ج‪/‬األساليب‪:‬‬
‫يتمّيز البحث العلمي بأسلوبه المنّظم‪ ،‬والذي بدوره يعتمد على الحقائق العلمّية‪،‬‬
‫المالحظة‪ ،‬والبيانات الصحيحة لدراسة ظاهرة البحث المحدّد ة بشكل موضوعي بعيدا‬
‫عن األهواء والميول الخاصة بالباحث‪ ،‬للوصول إلى الحقائق العلمّية الخاصة‬
‫بالظاهرة التي يمكن التعميم والقياس عليها‪ ،‬والمتالك بحث علمّي ذي مواصفات عالية‬
‫يجب أن يتوفر فيه عددًا من العناصر‪ ،‬متمّثلة في التنظيم الذي يسير الباحث ضمنه‬
‫وفق منهج وخطوات علمّية هادفة ومتكاملة‪ ،‬والحقيقة التي يسعى الباحث دومًا‬
‫للوصول إليها‪ ،‬والموضوعّية التي تجبر الباحث على عدم التحّيز لموقف ما‪ ،‬والتعميم‬
‫بعد توّص ل الباحث لنتيجة ما‪ ،‬والقياس الذي يوّظف على إثره الباحث المواقف التي‬
‫يمّر بها بالمستقبل‪ ،‬ويقيسها بما لديه من خبرات ومعلومات سابقة‪ .‬عادًة ُتجرى‬
‫البحوث لتحقيق بعض األهداف‪ ،‬ومنها‪ :‬الرغبة في الحصول على درجة أكاديمّية أو‬
‫علمّية‪ ،‬والرغبة في خدمة مجتمعنا‪ ،‬والرغبة في تحقيق المتعة الشخصّية‪ ،‬والرغبة في‬
‫التنافس والتحّد ي‪ ،‬والرغبة في الحصول على جائزة قّيمة أو ترقية في العمل‪ ،‬والشك‬
‫في نتائج بحث ما‪ ،‬والرغبة في تحسين ظروف العمل أو توجيهات المؤسسة‪.‬فالبحث‬
‫العلمي ‪ ،‬بحث يقوم به الباحث في مجال معين من مجاالت العلوم المختلفة‪ ،‬ويتميز‬
‫باألسلوب المنظم الذي يعتمد على الحقائق العلمية‪ ،‬المالحظة‪ ،‬والبيانات الصحيحة‬
‫لدراسة الظاهرة التي يقوم الباحث بدراستها بشكل موضوعي بعيدا كل البعد عن‬
‫األهواء الشخصية‪.‬‬
‫ومن خالل أداء الباحث لبحثه العلمي ‪ ،‬فإنه يتمكن من الوصول إلى الحقائق العلمية‬
‫المرتبطة بالظاهرة التي تمت دراستها‪ ،‬والتي من الممكن أن يقوم بالتعميم عليها‪ ،‬وأن‬
‫يقوم بقياسها‪ .‬ولكي يكون البحث العلمي بحثا جيدا وخاليا من األخطاء يجب على‬
‫الباحث أن يمتلك مجموعة من العناصر‪ ،‬أي أن يلتزم بعناصر البحث العلمي ويسير‬
‫عليها‪ ،‬كما يجب عليه أن يحدّد منهج البحث العلمي الذي يتناسب مع موضوع البحث‬
‫الذي يقوم به‪ ،‬لذلك يجب أن يمتلك إطالعا كبيرا على كافة مناهج البحث العلمي‪ ،‬كما‬
‫يجب عليه أن يعرف خصائص هذه المناهج ومميزات كل منهج منها‪ ،‬وذلك لكي‬
‫‪15‬‬
‫يختار المنهج الذي يتالءم مع بحثه العلمي‪ ،‬فقد يؤدي اختيار المنهج الخاطئ إلى نتائج‬
‫خاطئة‪.‬‬
‫كما يجب عليه أن يكون حياديا وموضوعيا أثناء قيامه بالبحث العلمي‪ ،‬أي عدم‬
‫التعصب لرأي معين‪ ،‬مع قبول كافة اآلراء‪ ،‬كما يجب أن يمتلك الجرأة الكافية ليعترف‬
‫بخطئه في حال وقع في ذلك‪.‬‬
‫د‪/‬الوسائل‪:‬‬
‫يعتمد البحث العلمي على مجموعة من الوسائل تختلف باختالف موضوع الدراسة‬
‫مثال ذلك االستبيان على جمع المعلومات‪ ،‬باإلجابة على مجموعة من األسئلة‪ ،‬التي يتم‬
‫تحليلها واستخراج النتائج منها فيما بعد‪ ،‬وتقسم االستبانة إلى أربعة أنواع‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ /1‬االستبانة المغلقة‪ :‬يحصر الباحث إجابة السؤال بعدد محدد من اإلجابات المحتملة‬
‫التي ُيختار بينها‪ ،‬األمر الذي يسهل عليه عملية الترميز والتحليل للبيانات المجموعة‪.‬‬
‫‪ /2‬االستبانة المفتوحة‪ :‬يفتح هذا النوع من االستبيان المجال أمام المجيب بالتعبير عن‬
‫ما يدور بذهنه حول األسئلة المطروحة بحرية تامة‪.‬‬
‫‪ /3‬االستبانة المغلقة المفتوحة‪ :‬هي مزيج من النوعين السابقين‪ ،‬مما يجعلها أفضلهما‬
‫على اإلطالق‪ ،‬فمرة ُيستخدم األسلوب المفتوح ومرة المغلق في اإلجابة عن األسئلة‪.‬‬
‫‪ /4‬االستبانة المصورة‪ :‬ال ُتستخدم الكلمات في االستبانة المصورة‪ ،‬ويستعاض عنها‬
‫بالرسوم‪ ،‬قد يتطلب تنسيق الرسوم وقتًا طويًال إذا ما قورن بغيره من األنواع‪ ،‬إال أّنه‬
‫يبقى األنسب‪ ،‬إذا كان مجتمع الدراسة مجموعة من األطفال أو األشخاص محدودي‬
‫المهارات اللغوية‪ .‬المصادر والوثائق تصنف مصادر المعلومات في البحث العلمي إلى‬
‫فئتين رئيسيتين هما كاآلتي‪:‬‬
‫‪ /1‬المصادر التقليدية‪ :‬هي مجموعة المصادر المستخدمة بشكل معهود عند جمع‬
‫المعلومات‪ ،‬كالتراجم والسير والمخطوطات والتسجيالت الصوتية‪ .‬المصادر‪.‬‬
‫‪ /2‬المصادر اإللكترونية‪ :‬هي تلك المصادر التي أتاحها التطور التكنولوجي‪ ،‬فيتم‬
‫الوصول إلى المعلومات وتبادلها بشكل رقمي‪ ،‬وتعد شبكة اإلنترنت من أبرز األمثلة‬
‫‪15‬‬
‫على هذا النوع من المصادر‪ .‬أدوات أخرى للبحث العلمي تتطرق النقاط التالية‪ ،‬إلى‬
‫بعض األدوات التي يمكن االستعانة بها عند إجراء البحوث العلمية‪.‬‬
‫‪ /3‬العينة‪ :‬يقصد بالعينة الجزء من المجتمع التي يقع االختيار عليها لتمثل مجتمع‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫‪ /4‬المالحظة‪ :‬تظهر فائدة هذه األداة جلية في مواضيع البحث التي تتطرق إلى القضايا‬
‫النفسية واالجتماعية‪ ،‬قد تحدث المالحظة بصورة تلقائية غير مقصودة‪ ،‬ويطلق عليها‬
‫في هذه الحالة المالحظة البسيطة‪ ،‬أو بصورة موجهة تحكمها أصول وأسس البحث‬
‫العلمي‪ ،‬ويطلق عليها عندها‪ ،‬المالحظة المنظمة‪.‬‬
‫‪ /5‬المقابلة‪ :‬يستخدم هذا النوع من األدوات عند إجراء بحوث ميدانية‪ ،‬أو تلك التي‬
‫تتطلب دراية باألبعاد النفسية للعينة المدروسة‪ ،‬أو تلك العينة التي يعاني أفرادها من‬
‫صعوبة في القراءة والكتابة‪.‬‬
‫‪15‬‬

المحاضرة الثالثة

Uploaded by

Document Information

Copyright

Available Formats

Share this document

Share or Embed Document

Sharing Options

Did you find this document useful?

Is this content inappropriate?

Copyright:

Available Formats

المحاضرة الثالثة

Uploaded by

Copyright:

Available Formats

‫محاضرات موجهة لطلبة سنة أولى جذع مشترك علوم اجتماعية‬

‫السنة الجامعية ‪2022‬م‪2023/‬م‬

‫المحور الثالث ‪:‬‬

‫‪ / .1‬العمليات األساسية في المنهج العلمي ‪:‬‬

‫أ‪ /‬االستقراء االستنباط ‪.‬‬

‫‪ / .2‬العناصر األساسية في المنهج العلمي‪:‬‬

‫‪ / .1‬العمليات األساسية في المنهج العلمي ‪:‬‬

‫أ‪ /‬االستقراء واالستنباط (‪:)induction ; déduction‬‬

‫ب‪/‬التحليل والتركيب ‪:Analyse et synthèse‬‬

‫ج‪/‬التجريب والتجريد ‪:Expérimentation et abstraction‬‬

‫و للتصّو ر دور في تكوين المفاهيم وتخزينها في الذاكرة‪ ،‬فعند مواجهة أي موقف‬

You might also like