You are on page 1of 666

‫"ال علم دون منهج علمي"‬

‫البشير معمرية‬
‫أستاذ القياس النفس ي ومناهج البحث النفس ي (سابقا)‬
‫جامعتا الحاج لخضر ـ باتنة‪ ،‬ومحمد ألامين دباغين ـ سطيف‬

‫املرجع في مناهج البحث النفس ي‬


‫وإجراءاته امليدانية‬

‫جميع الحقوق محفوظة للمؤلف‬

‫الطبعة ألاولى‬
‫‪2022‬‬

‫طباعة وتجليد ألاندلس للخدمات الجامعية ـ باتنة‬


‫فهرس املحتويات‬

‫املقدمة ‪1 .....................................................................................................‬‬
‫الفصل ألاول ‪ :‬العلم والبحث العلمي في العلوم إلانساني ـة ‪9 ............................‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬الطريقة العلمية في البحوث النفسية ‪25 ..................................‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬النظرية العلمية وبعض أمثلتها في علم النـفـس ‪43 ....................‬‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬لغة البحث العلمي في البحوث النفسية ‪111 ...............................‬‬
‫الفصل الخامس ‪ :‬موضوع البحث ومنظومته العلمية في الب ـحوث النفسية ‪149 ...‬‬
‫الفصل السادس ‪ :‬مشكلة البحث ‪ :‬تحليلها وتحديدها واقتراح حـلول لها ‪183 .......‬‬
‫الفصل السابع ‪ :‬الفرض العلمي في البحوث النفسية ‪211 ...................................‬‬
‫الفصل الثامن ‪ :‬أي منهج يناسب البحث في برامـج إلارش ـاد ؟ ‪253 ........................‬‬
‫الفصل التاسع ‪ :‬منهج بحـث الفـرد الواحـد وتصميماته التجريبية ‪303 .................‬‬
‫ّ‬
‫الفصل العاشر ‪ :‬املنهج العل ّي‪ /‬املقارن في البحوث النفسيـة ‪337 ..........................‬‬
‫الفصل الحادي عشر ‪ :‬املنهج الارتباطي في البحوث النفسية ‪365 .........................‬‬
‫الفصل الثاني عشر ‪ :‬العينة وأنواع املعاينة في البحوث النفسيـة ‪411 ..................‬‬
‫الفصل الثالث عشر ‪ :‬معايير استعمال ألاساليب إلاحصائية ‪471 .........................‬‬
‫الفصل الرابع عشر ‪ :‬مناهج البحث النفس ي بين التصنيفات ‪493 ........................‬‬
‫الفصل الخامس عشر ‪ :‬دور املقارنات بين ألافراد واملجموعات ‪505 .....................‬‬
‫الفصل السادس عشر ‪ :‬كارل بوبر والاستقرائيون ‪519 ........................................‬‬
‫الفصل السابع عشر ‪ :‬معرفة مصطلحات العلم والتقيد بها ‪529 .........................‬‬
‫الفصل الثامن عشر ‪ :‬تم اكتساب عادات بحثية خاطئة ‪535 ..............................‬‬
‫الفصل التاسع عشر ‪ :‬فهم طبيعة الارتباط بصفته منهجا للبحث ‪541 ................‬‬
‫الفصل العشرون ‪ :‬البحث العلمي يبدأ بسؤال‪ ،‬أي بمشكلة ‪545 ........................‬‬
‫الفصل الحادي والعشـرون ‪ :‬مجاالت البحـث النفس ي وتعـميم النتائج ‪553 ...........‬‬
‫الفصل الثاني والعشرون ‪ :‬تطوير املفاهيم في البحث الع ـلمي النفس ي ‪559 ...........‬‬
‫الفصل الثالث والعشرون ‪ :‬مالحظات نقدية ملناهج البحث والق ـياس ‪567 ...........‬‬
‫الفصل الرابع والعشرون ‪ :‬مقاالت إضافية في منهجية البحـث النفس ي ‪619 .........‬‬
‫املقدمة‪.‬‬
‫إن العلم (القوة الناعمة) في هذا العصر‪ ،‬هو العامل الفاصل بين تقدم ألامم وتخلفها‪،‬‬
‫وبين قوتها وضــعفها‪ ،‬وبين اســتقاللها وتبعيتها‪ .‬وبقدر ما تبذل ألامم في ســبيل طلب العلم من‬
‫جهد ومال‪ ،‬وتتمكن من معطياته النظرية والتطبيقية‪ ،‬واستعماله في التغلب على املشكالت‬
‫الاقتصادية وغيرها‪ ،‬بقدر ما يكون تقدمها وقوتها وسيطرتها على غيرها‪.‬‬
‫ويقـاس تقـدم املجتمعـات ورق هـا ماديا ومعنويا بمـدم تقـدم البحـث العلمي ف هـا‪ ،‬وإنتـاج‬
‫املعلومات التي أص ـ ـ ـ ــبحم اليوم من أهم مص ـ ـ ـ ــادر الدخل القومي للدول املتقدمة‪ .‬فالبحث‬
‫العلمي ركيزة هامة ألي تقدم اقتصادي واجتماعي‪.‬‬
‫والعلم ينتجــه البحــث الجــاد واملتواص ـ ـ ـ ـ ــل الــذي تش ـ ـ ـ ــرل عليــه املؤس ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ــات العلميــة‬
‫املتخص ـ ـص ـ ــة‪ ،‬ويقوم به العلماء والباحثون الجادون املتخص ـ ـص ـ ــون‪ ،‬الذين يقض ـ ــون معظم‬
‫س ــنوات أعمارهم في ممارس ــة البحث العلمي‪ ،‬وتحمل ص ــعوباته‪ .‬وتوجد الجامعة وأس ــاتذتها‬
‫البــاحثين في مقــدمــة هــذت املؤس ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ــات التي عت ر البحــث العلمي وإنتــاج املعرفــة من أهم‬
‫وظائفها‪ ،‬بل هناك من عت ر البحث العلمي الوظيفة ألاس ـ ـ ــاس ـ ـ ــية للجامعة‪ .‬أين تقاس مكانة‬
‫الجامعة وكفاءتها بمســتوم البحوث العلمية التي تنجي ف ها‪ ،‬والدراســات التي تنشــرها‪ .‬و ع ي‬
‫البحث العلمي إنتاج املعرفة وتطويرها نظريا وتطبيقيا‪.‬‬
‫والجــامعــة بص ـ ـ ـ ــفتهــا إحــدم الطال ع املتقــدمــة ألي مجتمع س ـ ـ ـ ــهى نحو النمو والا دهــار‪،‬‬
‫و عمــل على تبوأ مكــانــه بين املتقــدمين‪ ،‬هي املكــان التقليــدي ملمــارس ـ ـ ـ ـ ــة البحــث العلمي‪ ،‬بــل‬
‫البحث العلمي مهمة أولى وأس ــاس ــية للجامعة‪ .‬فمنها تخرج العلماء واملبتكرون ومنتجو الفكر‬
‫ال ــذين أاروا الحي ــاة البش ـ ـ ـ ــري ــة‪ ،‬وق ــادوهـ ـا نحو التق ــدم والرقي في مج ــاالت الحي ــاة العلمي ــة‬
‫والاقتصادية والاجتماعية‪.‬‬
‫وممارس ــة البحث العلمي من ألاعمال إلانس ــانية الراقية‪ ،‬وألانش ــطة ذات الشـ ـ ن الرفيع‬
‫قديما وحديثا‪ ،‬تمجدت املجتمعات كما تمجد املمارس ـ ـ ـ ــين له‪ .‬فالباحثون والعلماء هم الذين‬
‫يذللون الصعوبات ويحلون املشكالت‪.‬‬
‫واتسـ ــع نطاق البحث العلمي في هذا العصـ ــر فشـ ــمل جميع صـ ــنول املعرفة‪ ،‬من العلوم‬
‫التكنولوجية كالفيزياء والكيمياء إلى العلوم إلانسـ ـ ــانية مثل علم النفس والتربية والاقتصـ ـ ــاد‬
‫وعلم الاجتماع‪.‬‬
‫وتصنف العلوم املختلفة التي أنتجها العقل والجهد البشريين على أساسين هما ‪:‬‬
‫‪ .1‬مدم قدرتها على تناول مشكالت قابلة للحل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫النتائج‪،‬‬ ‫‪ .2‬مدم اعتمادها على أسـ ــاليب املنهج العلمي في إجراءات البحث واسـ ــتخال‬
‫ويصنف علم النفس ضمن هذت الفئة‪.‬‬
‫وال يمكن لعلم النفس أن يرقى إلى مستوم العلوم ألاكثر تطورا ويصل إلى مكانتها إال إذا‬
‫التزم باملنهج العلمي وأساليبه في بحثه للسلوك‪ .‬إن علم النفس بجميع فروعه الدقيقة‪ ،‬هو‬
‫كغيرت من العلوم‪ ،‬التي أنتجها العقل البشري‪ ،‬سهى إلى تحقيق أربعة أهدال‪ ،‬هي ‪ :‬الوصف‪،‬‬
‫والتفسير‪ ،‬والتنبؤ‪ ،‬والتحكم‪.‬‬
‫و عت ر الوصف‪ ،‬الهدل ألاساس ي ألي علم‪ ،‬ومعنات أن يقوم الباحث بتسجيل مالحظاته‬
‫عن الظواهر القابلة للمالحظة كما تحدث بالفعل "هنا وآلان"‪ ،‬وتحديد عالقاتها بالظواهر‬
‫ألاخرم‪ ،‬من خالل جمع املعلومات حولها باستعمال أدوات مناسبة‪ .‬فالسيكولوجيون‬
‫ستعملون املالحظة املوضوعية والقياس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ .‬و ستعملون‬
‫الاختبارات املوضوعية وإلاسقاطية واملقابالت الشخصية والاستبانات وغيرها من أدوات‬
‫القياس وأدوات جمع املعلومات‪ .‬إن علماء النفس ستطيعون مالحظة الكثير من جوانب‬
‫السلوك البشري‪ ،‬كالعدوان‪ ،‬ومساعدة آلاخرين‪ ،‬والتعاون وغيرت‪ .‬ولكنهم إذا أرادوا أن عرفوا‬
‫معلومات عن التفوق أو الفشل‪ ،‬أو عن الاتجات نحو العمل‪ ،‬فإنهم ستعملون املقابالت‬
‫الشخصية والاختبارات‪.‬‬
‫وتساعد عملية وصف الظواهر السلوكية على تصنيفها إلى فئات أو أنظمة‪ .‬فيتم‬
‫تصنيف السلوك إلى حركي وعقلي ووجداني‪ ،‬أو سوي وغير سوي‪ .‬كما يصنف السلوك‬
‫الالسوي إلى اضطرابات عقلية واضطرابات وجدانية‪ ،‬كما يصنف السلوك إلى املعرفة‬
‫والدوافع والانفعاالت والاتجاهات‪ ،‬وإلى سلوك متعلم وسلوك غير متعلم (موروث)‪.‬‬
‫ويقدم التصنيف فائدة نظرية هامة‪ ،‬إذ أنه يمكن من خالله تحقيق أهدال املعرفة‬
‫العلمية‪ ،‬وهو تكوين أنظمة من املعرفة‪ .‬فيمكن تصنيف كل سلوك إنساني في الفئة التي‬
‫تناسبه‪ ،‬ومن ام سهل الاحتفاظ به والبحث فيه وتطويرت والاستفادة منه عمليا‪.‬‬
‫وبعد وصف الظواهر السلوكية وتصنيفها‪ ،‬يتجه السيكولوجيون إلى تفسيرها‪ .‬ويتضمن‬
‫التفسير إلاجابة عن السؤال الرئيس ي الذي يطرحه علماء النفس‪ ،‬وهو ‪" :‬ملاذا سلك الناس‬
‫بالطريقة التي سلكون بها ؟"‪ .‬وتت لف عملية التفسير من شبكة من عالقات "السبب‬
‫والنتيجة"‪ .‬وتفسير السلوك يؤدي إلى فهمه‪ .‬فالسيكولوجي يريد أن يفهم مثال‪ ،‬ملاذا يرتفع‬
‫إقبال إلاناث على التعليم املدرس ي مقارنة بالذكور ؟ وملاذا يرتبط التحصيل الدراس ي عكسيا‬
‫(سلبا) بالعمر اليم ي ؟ وملاذا يصمد بعض ألافراد أمام ما يتحداهم من ضغوط الحياة‪،‬‬
‫بينهما ينهار آخرون ؟ ولبحث مثل هذت املوضوعات وغيرها‪ ،‬يقدم الباحثون تفسيرات مؤقتة‬

‫‪2‬‬
‫ومبدئية‪ ،‬تدعى "الفروض" التي تخضع لالختبار بعد ذلك بواسطة البحث العلمي بمناهجه‬
‫املختلفة‪.‬‬
‫ويؤدي التفسير الصحيح إلى التنبؤ الدقيق بحدوث السلوك‪ .‬فإذا كان الوصف هو‬
‫إلاجابة عن سؤال ‪ :‬ماذا حدث ؟ وإذا كان التفسير هو إلاجابة عن سؤال ‪ :‬ملاذا حدث ؟ فإن‬
‫التنبؤ يتولى إلاجابة عن سؤال ‪ :‬متى يحدث ؟ و عت ر التنبؤ اختبارا آخر للفرض الذي تم‬
‫اختبارت بالبحث العلمي في هدل التفسير‪ .‬حيث أنه إذا كان الفرض صحيحا‪ ،‬فإنه ينبغي أن‬
‫يكون قادرا على وصف ما سول يحدث في املواقف املرتبطة به‪ .‬ولنفرض أن علماء النفس‬
‫اكتشفوا بطريقة دقيقة وصحيحة أن الالتحاق بالتعليم يرفع من مستوم الذكاء‪ ،‬فإنه يمكن‬
‫التنبؤ عندئذ بارتفاع نسبة الذكاء لدم ألافراد الذين يلتحقون بالتعليم أو ببعض مراحله‪،‬‬
‫مقارنة ب ولئك الذين لم يلتحقوا به‪ .‬كما يكون تفاوت في مستويات الذكاء وفقا ملستوم‬
‫مراحل التعليم التي تم الالتحاق بها‪ .‬كما أنه إذا ابم أيضا أن مشاهدة ألاطفال آلبائهم وهم‬
‫يمارسون العدوان‪ ،‬ينمي لديهم السلوك العدواني‪ ،‬فإنه يمكن التنبؤ ب ن مشاهدة ألاطفال‬
‫ألفالم العنف في التلفييون‪ ،‬تييد من ممارسة السلوك العدواني لديهم‪.‬‬
‫وبعد مرور عملية البحث العلمي باألهدال الثالاة وهي ‪ :‬الوصف والتفسير والتنبؤ‪ ،‬ي تي‬
‫البحث حول تحقيق الهدل الرابع‪ ،‬وهو مدم إمكان التحكم في السلوك وضبطه‪ ،‬سواء في‬
‫حالة الرغبة في يادته أم في حالة التقليل منه أو إ الته‪ .‬ويتم التحكم في السلوك وضبطه‬
‫بنجاح‪ ،‬إذا توفرت معرفة دقيقة وصحيحة بالشروط التي يحدث أو يتغير وفقا لها‪ .‬ويتحقق‬
‫الضبط والت حكم في السلوك بشكل ناجح إذا كانم عمليتا التفسير والتنبؤ صحيحتين‬
‫ودقيقتين‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬إذا كانم مشاهدة أفالم العدوان في التلفييون تييد فعال من‬
‫عدوانية ألاطفال‪ ،‬فإنه يمكن أن يقلل من هذت العدوانية بوضع قيود على برامج العنف‬
‫التلفييونية‪ ،‬وكذلك بتدريب آلاباء على حل مشكالتهم بطرق التفاوض وليس بطريق العدوان‬
‫والشجار‪.‬‬
‫ويتميز العلم والبحث العلمي عن غيرت من أنش ـ ــطة العقل البش ـ ــري‪ ،‬بخص ـ ــائ معينة‪،‬‬
‫هي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ املوضوعية التي تع ي االاة أمور ‪:‬‬
‫ألاول‪ ،‬ابتعاد الباحث عن أهوائه الش ـ ـ ـ ــخص ـ ـ ـ ــية أو العرقية أو الجنس ـ ـ ـ ــية عند وص ـ ـ ـ ــف‬
‫الظاهرة أو تفسيرها‪.‬‬
‫الثان ـي وهو ألاه ـم‪ ،‬و عـ ي اش ـتراك أك ـثر من باح ـث فـي إدراك خصائ ـ الظاهرة موض ـوع‬

‫‪3‬‬
‫البحث بنفس الدرجة تقريبا‪ ،‬أي توفر أك ر قدر من الاتفاق بين أكثر من باحث‪ ،‬مس ـ ـ ــتقل كل‬
‫منهم عن آلاخر في إدراك الظاهرة‪ .‬وال ينبغي أن يحدث هذا الاتفاق عن طريق الص ـ ـ ـ ــدفة وأال‬
‫يييد مستوم الخط في النتائج عن ‪.0.05‬‬
‫الثــالــث إمكــان إعــادة إجراء البحــث بنفس الش ـ ـ ـ ــروط املنهجيــة على نفس املوض ـ ـ ـ ــوع أو‬
‫املشكلة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ القياس ‪ :‬و ع ي التعبير عن الوقا ع أو املش ـ ــاهدات تعبيرا كميا على أس ـ ــاس قواعد‬
‫معينة‪ .‬وذلك لتحديد مقدار وجود متغير‪ ،‬أو درجة ارتباطه بمتغير آخر‪ ،‬أو درجة ت ارت بمتغير‬
‫آخر أو تفاعله معه‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ الطابع التراكمي للعلم ‪ :‬حيث تض ـ ــال القض ـ ــايا العلمية التي يتم التحقق منها عن‬
‫طريق املنهج العلمي إلى التراث العلمي الذي سـ ـ ــبق التحقق منه وتمهد لنشـ ـ ــاط علمي الحق‪،‬‬
‫ممــا يحقق نوعــا من التقــدم العلمي بتراكم جهود العلمــاء‪ .‬وليس للعلم طــابع ي ـ ـ ـ ــخ ـ ـ ـ ـ ي أو‬
‫ملكية يخصية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وجود عالقة ديناميكية بين املشاهدات واملعلومات النظرية ‪ :‬فالعلم نشاط ديناميكي‬
‫تتفاعل فيه كل من املش ـ ـ ــاهدات امليدانية واملعلومات النظرية‪ .‬وهو بناء من املعرفة املنظمة‬
‫الذي قد يبدأ بالبيانات املس ـ ـ ـ ــتمدة من الوقا ع املحس ـ ـ ـ ــوس ـ ـ ـ ــة والقابلة للمش ـ ـ ـ ــاهدة‪ ،‬أو يبدأ‬
‫بنظريـ ــة أو بمفهوم مجرد أو بفرض معين‪ .‬والتفـ ــاعـ ــل بين الطرفين هو الـ ــذي يجعـ ــل العلم‬
‫نشاط نام‪ ،‬و ساعد على تقدمه وارتقائه‪ ،‬مما ينعكس على كفاءة الفهم العلمي‪ .‬أي ال بد أن‬
‫تفس ـ ـ ـ ــر النت ــائج املتوصـ ـ ـ ـ ـ ــل إل ه ــا‪ ،‬بع ــد إجراء بح ــث معين‪ ،‬وفق ــا ط ــار نظري مالئم‪ .‬وق ــال‬
‫السـ ــيكولوجي املصـ ــري‪ ،‬مصـ ــطف سـ ــويف ‪" :‬إن ألارقام وحدها ال تعطينا علما‪ ،‬وال يكفي أن‬
‫نصنع استبيانا ونطبقه لكي ينمو جسم العلم‪ ،‬بل ال بد من أن ندخل نتائج الاستبيان في بناء‬
‫نظري يجمع بينها وبين أجياء أخرم من معلوماتنا بطريقة متسقة"‪.‬‬
‫ويتفرع اهتمام البحث العلمي في علم النفس وغيرت من العلوم ألاخرم‪ ،‬إلى االث مجاالت‬
‫هي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ العلوم ألاسـ ــاسـ ــية‪ .‬وهي التي تسـ ــهى إلى الحصـ ــول على املعرفة واكتشـ ــال القوانين‬
‫العلمية‪ ،‬بغض النظر عن القيمة العلمية املباش ـ ـ ــرة أو العاجلة لهذت العلوم‪ .‬فعلماء النفس‬
‫ضمن هذت الفئة‪ ،‬يهتمون بإجراء بحوث الكتشال القوانين والشروط التي تتحكم في حدوث‬
‫السلوك وتغيرت‪ ،‬وال يهتمون بما يترتب عنها من تطبيقات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ العلوم التطبيقية‪ .‬وهي التي تسهى إلى تحسين الظرول التي تتحكم فـي السلوك عن‬

‫‪4‬‬
‫طريق استثمار ما يمكن الاستفادة منه من نتائج البحوث ألاساسية في مجال تعديل السلوك‬
‫وإرشاد ألافراد‪ ،‬أو تحسين طرق التدريب والتدر س‪ ،‬أو تحسين ألاداء وغيرت‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ـ مناهج البحث وفنونه‪ .‬وإلى جانب املجالين السابقين‪ ،‬يوجد مجال آخر من مجاالت‬
‫النش ـ ـ ـ ــاط العلمي في علم النفس‪ ،‬ال يمثل فرعا من فروع العلم ألاس ـ ـ ـ ــاس ـ ـ ـ ــية أو التطبيقية‪،‬‬
‫ولكنـه ذا أهميـة ك رم في ض ـ ـ ـ ــبط وإحكـام كـل من البحوث العلميـة ألاس ـ ـ ـ ــاس ـ ـ ـ ـيـة والتطبيقية‬
‫العملية‪ .‬ويتمثل في الجانب املنهجي ومنطق البحث العلمي‪ ،‬وتصميمات التجارب والدراسات‪،‬‬
‫واستعمال املعادالت والنماذج الرياضية في ابتكار معادالت إحصائية وغيرها‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬تتو ع اهتمامات علماء النفس في مجال البحث النفس ي بصفته أحد التخصصات‬
‫العلمية في مجال العلوم إلانسانية على االاة مجاالت هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬العلوم ألاساسية النظرية‪ .2 .‬العلوم التطبيقية‪ .3 .‬مناهج البحث النفس ي وفنونه‪.‬‬
‫ويتنوع البح ــث العلمي في الج ــامع ــة حس ـ ـ ـ ـ ــب املج ــاالت‪ ،‬حي ــث هن ــاك البحوث النظري ــة‬
‫ألاكاديمية والبحوث التطبيقية العملية والبحوث التي تجرم لتطوير مناهج البحث وفنونه‪.‬‬
‫يتضح مما تقدم‪ ،‬في هذت املقدمة‪ ،‬أن كال من منهج البحث وإلاحصاء والقياس النفس ي‬
‫وتعريف املفاهيم‪ ،‬يطلق عل ها فنون البحث العلمي‪ ،‬التي ينبغي أن يتقنها كل من اختار‬
‫ألاكاديمية (البحث العلمي) مهنته‪ ،‬بغض النظر عن تخصصه الفرعي في علم النفس‪.‬‬
‫والتقصير في إلاملام بهذت الفنون وعدم إتقانها‪ ،‬يجعل البحث ليس بحثا علميا‪ ،‬ويفقد‬
‫خصائصه كبحث علمي‪ .‬إن هذت الفنون هي التي تجعل ما ينتجه العقل البشري علما أو‬
‫ليس كذلك‪ .‬وهي التي تميز الباحث العلمي عن الباحث غير العلمي‪ .‬والذي الحظه الجميع‪ ،‬في‬
‫أعمال بحثية عديدة‪ ،‬أن هذت الفنون‪ ،‬ال يتقنها معظم الباحثين في علم النفس‪ .‬فشاع‪ ،‬مثال‪،‬‬
‫الخلط في مناهج البحث وعدم التمييز بين تصميماتها املختلفة‪ .‬وصياغة فرضيات بطريقة‬
‫خاطئة‪ .‬والخلط في تسمية طرق اختيار العينات‪ .‬وحساب الصدق باستشارة املحكمين‪،‬‬
‫وأهمل حسابه إحصائيا‪ ،‬وشاع استعمال معادالت إحصائية في غير موضعها‪ ،‬كاستعمال‬
‫إحصاء البارامتري بدال من بارامتري‪ ،‬وشاع ذكر مفاهيم ستعملها عادة الشخ العادي‪،‬‬
‫دون تحديدها علميا‪ ،‬وغيرها من ألاخطاء في فنون البحث العلمي التي تشوت البحث وتبعدت‬
‫إلى خارج نطاق العلم‪ .‬ألامر الذي جعل املؤلف يرم ضرورة القيام بإعداد دليل علمي في‬
‫مناهج البحث والقياس في علم النفس والتربية ووضعه في متناول الباحثين عس ى أن‬
‫ستفيدوا منه في إنجا بحوثهم بمنهجية علمية جيدة ال أخطاء ف ها‪.‬‬
‫تضمن الدليل محتوم علميا حول مناهج البحث النفس ي‪ ،‬تم تو عه على اا ي عشر‬
‫فصال‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫يتناول الفصل ألاول ‪ :‬العلم والبحث العلمي في العلوم إلانسانية‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الثاني الطريقة العلمية في البحوث النفسية‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الثالث النظرية العلمية وبعض أمثلتها في علم النفس‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الرابع لغة البحث العلمي في البحوث النفسية‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الخامس موضوع البحث ومنظومته العلمية في البحوث النفسية‬
‫ويتناول الفصل السادس مشكلة البحث ‪ :‬تحليلها وتحديدها واقتراح حلول لها "صياغة‬
‫الفرضيات"‪.‬‬
‫ويتناول الفصل السابع الفرض العلمي في البحوث النفسية ‪ :‬أنواعه‪ ،‬صياغته‪ ،‬اختبارت‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الثامن أي منهج يناسب البحث في برامج إلارشاد ؟ (التصميمات‬
‫التجريبية والعاملية وشبه التجريبية)‪.‬‬
‫ويتناول الفصل التاسع منهج بحـث الفـرد الواحـد وتصميماته التجريبية للباحثين‬
‫واملعالجين واملرشدين النفسيين‪.‬‬
‫ّّ‬
‫ويتناول الفصل العاشر املنهج العلي‪ /‬املقارن في البحوث النفسية‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الحادي عشر املنهج الارتباطي في البحوث النفسية‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الثاني عشر العينة وأنواع املعاينة في البحوث النفسية‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الثالث عشر معايير استعمال ألاساليب إلاحصائية في البحوث النفسية‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الرابع عشر مناهج البحث النفس ي بين التصنيفات وإلاجراءات‬
‫ويتناول الفصل الخامس عشر دور املقارنات بين ألافراد واملجموعات ملعرفة مستوياتهم‬
‫في الخصائ النفسية‪.‬‬
‫ويتناول الفصل السادس عشر كارل بوبر والاستقرائيون‪ ،‬و "فرضية ضربة الجن"‬
‫واملوضوعية والذاتية في العلم‪.‬‬
‫ويتناول الفصل السابع عشر معرفة مصطلحات العلم والتقيد بها دليل على التمكن‬
‫فيه‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الثامن عشر تم اكتساب عادات بحثية خاطئة يصعب التخل منها في‬
‫املنظور القريب‪.‬‬
‫ويتناول الفصل التاسع عشر فهم طبيعة الارتباط بصفته منهجا للبحث‪ ،‬وطريقة لفهم‬
‫العالقات بين الظواهر‬
‫ويتناول الفصل العشرون البحث العلمي يبدأ بسؤال‪ ،‬أي بمشكلة‪ ،‬وال يبدأ بعنوان‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الحادي والعشرون مجاالت البحث العلمي وتعميم النتائج‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ويتناول الفصل الثاني والعشرون تطوير املفاهيم في البحث العلمي النفس ي‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الثالث والعشرون مالحظات نقدية ملناهج البحث والقياس النفس ي في‬
‫البحوث امليدانية‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الرابع والعشرون مقاالت في منهجية البحث النفس ي‪.‬‬
‫أدعو هللا أن يتقبله قبوال حسنا إنه سميع مجيب‪.‬‬

‫نظام الترقيم للعناوين الفرعية في هذا الكتاب‬


‫استعملم نظاما لترقيم العناوين الفرعية كما يلي ‪:‬‬
‫استعملم للعناوين الفرعية ألاساسية في الفصل ‪:‬‬
‫أوال ‪:‬‬
‫اانيا ‪:‬‬
‫االثا ‪ .... :‬إلخ‬
‫وإذا تفرعم إلى عناوين أخرم استعمل الرقم وبعدت قوس‪ ،‬هكذا‪:‬‬
‫‪... )1‬‬
‫‪... )2‬‬
‫‪ ...)3‬إلخ‪.‬‬
‫وإذا تفرعم إلى عناوين أخرم استعمل الرقم وبعدت فراغ ام مطة‪ ،‬هكذا ‪:‬‬
‫‪1‬ـ‬
‫‪2‬ـ‬
‫‪ 3‬ـ ‪....‬إلخ‪.‬‬
‫وإذا تفرعم كذلك إلـ عناوين فرعية أخرم استعمل الرقم وبعدت مباشرة نقطة‪ ،‬كما‬
‫ي تي ‪:‬‬
‫‪.1‬‬
‫‪.2‬‬
‫‪.... .3‬إلخ‪.‬‬
‫وإذا تفرعم بدورها إلى عناوين فرعية استعمل الحرل وبعدت مباشرة نقطة‪ ،‬هكذا ‪:‬‬
‫أ‪.‬‬
‫ب‪.‬‬
‫ج‪... .‬إلخ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أرجو أني قدمم عمال مقبوال‪ ،‬ومفيدا‪.‬‬
‫‪.24 :‬‬ ‫ٌ‬ ‫"فقال رب إني ملا أنيلم ّ‬
‫إلي من خير فقير"‪ .‬القص‬
‫وهللا هو املعين واملوفق‪.‬‬

‫مراجع املقدمة‬
‫‪ .1‬عبد الحليم محمود السيد وآخرون (‪ .)1990‬علم النفس العام‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 25 :‬ـ ‪.28‬‬ ‫مكتبة غريب‪.‬‬
‫‪ .2‬لندا ل‪ .‬دافيدول (‪ .)1983‬مدخل علم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬سيد الطواب وآخرون‪ .‬مراجعة ‪:‬‬
‫فؤاد أبو حطب‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار مكجروهيل‪.59 : .‬‬

‫باتنة في ‪ 20 :‬يناير ‪2022‬‬

‫البشير معمرية‬
‫أستاذ القياس النفس ي ومناهج البحث النفس ي (سابقا)‬
‫جامعتا الحاج لخضر ـ باتنة‪ ،‬ومحمد ألامين دباغين ـ سطيف‬

‫‪8‬‬
‫الفصل ألاول‬
‫العلم والبحث العلمي في العلوم إلانسانية‬

‫أوال ‪ :‬أنواع املعرفة العلمية ومكانة العلوم إلانسانية ف ها‪.‬‬


‫اانيا ‪ :‬تعريف العلم وخصائصه‪.‬‬
‫االثا ‪ :‬مبادئ العلم‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أهدال العلم‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬تعريف البحث العلمي‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬مهمات البحث العلمي‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬خصائ البحث العلمي‪.‬‬
‫اامنا ‪ :‬مستويات البحث العلمي‪.‬‬
‫تاسعا ‪ :‬صعوبات البحث العلمي في العلوم إلانسانية‪.‬‬
‫املراجع‬

‫‪9‬‬
10
‫أوال ‪ :‬أنواع املعرفة العلمية ومكانة العلوم إلانسانية ف ها‪.‬‬
‫يمكن تقسيم املعرفة العلمية التي أنتجها العقل البشري إلى االث مجموعات‪ ،‬هي ‪:‬‬
‫ألاولى ‪ :‬هي العلوم التي تشترك في تناولها لقضايا ومشكالت قابلة للحل‪ ،‬وتعتمد املنهج‬
‫العلمي في إجراءات البحث واستخال النتائج‪ ،‬سواء كان الحل ممكنا عند بداية البحث‪،‬‬
‫أم في املستقبل عند إحرا تقدم في أساليب البحث العلمي‪ .‬ومن هذت العلوم ‪ :‬العلوم‬
‫الطبيعية كالفيزياء والكيمياء وعلوم ألاحياء‪ .‬والعلوم إلانسانية كعلم النفس وعلم الاجتماع‬
‫والتربية والاقتصاد وعلم السكان وغيرها‪( .‬وتم استبعاد العلوم الصورية‪ ،‬مثل الرياضيات‬
‫واملنطق ألنها تتناول القوالب الصورية للتفكير وال تضيف علما بالعالم الخارجي)‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬وهي نظم من املعرفة إلانسانية وال تعد علوما‪ ،‬وتشترك في كونها تتناول مشكالت‬
‫قابلة للحل‪ ،‬وال تعتمد املنهج العلمي في حلها‪ ،‬ومن هذت املعارل ‪ :‬الفنون وآلاداب واملوسيق‬
‫والفلسفة‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬هي النظم املعرفية التي يطلق عل ها الدراسات امليتافيزيقية‪ ،‬وتشترك في تناولها‬
‫ملشكالت غير قابلة للحل‪ ،‬وال تعتمد املنهج العلمي‪ ،‬ألنها تتجاو قدرات العلماء على تناولها‪،‬‬
‫رغم أن إلانسان ال ستطيع تجاهلها وعدم الانشغال بها‪ ،‬مثل ‪ :‬قضايا تتصل ب سباب وجود‬
‫هذا العالم‪ ،‬وما ينبغي أن يتصف به خالق الكون‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫يتبين من هذا التقسيم‪ ،‬أن مكانة علم النفس وهو من العلوم إلانسانية‪ ،‬يوجد ضمن‬
‫املجموعة ألاولى التي تتميز بخاصيتين هما ‪:‬‬
‫ألاولى ‪ :‬تتناول مشكالت قابلة للحل‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬تعتمد أساليب املنهج العلمي في إجراءات البحوث واستخال النتائج‪.‬‬

‫اانيا ‪ :‬تعريف العلم وخصائصه‬


‫‪ )1‬تعريف العلم ‪:‬‬
‫عرل العلم ب نه ‪" :‬الدراسة املوضوعية للظواهر‪ ،‬بهدل الوصول إلى تنظيم املعرفة في‬
‫أطر ونظريات‪ ،‬تتسم باالتساق والدقة والصدق‪ .‬ويتيمي العلم باستعمال عمليات خاصة‬
‫لجمع املعلومات والبيانات والوقا ع وتصنيفها‪ ،‬واستعمال مفاهيم محددة لتفسير هذت‬
‫املعلومات والبيانات والوقا ع"‪.‬‬
‫شير التعريف السابق إلى أن للعلم جانبان هما ‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫ألاول ‪ :‬ه ـو‪ ،‬املن ـه ـج الع ـل ـمي ال ـذي يـتـمـث ـل فـي ألاس ـالـيـب الب ـحـث ـي ـة املـنـظـم ـة التي يتـبـع ـها‬
‫العلماء‪ ،‬سعيا الكتشال املتغيرات (في الدراسات الاستكشافية) أو الربط بينها (في الدراسات‬
‫الارتباطية) أو محاولة تفسيرها (في الدراسات التجريبية أو شبة التجريبية)‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬هو‪ ،‬مضمون املعرفة العلمية‪ ،‬أي املعلومات التي تستخل باالعتماد على‬
‫املناهج السابقة‪ ،‬وتتراكم وتتكامل في أحد مجاالت املعرفة إلانسانية‪ ،‬مثل ‪ :‬الفيزياء وعلم‬
‫ألاحياء وعلم النفس والتربية وعلم الاجتماع وعلم السكان وغيرها‪.‬‬

‫العلم‪.‬‬ ‫‪ )2‬خصائ‬
‫للعلم عامة‪ ،‬أربع خصائ ‪ ،‬هي ‪:‬‬

‫الخاصية ألاولى ‪ :‬املوضوعية‪.‬‬


‫ويقصد بها معنيان‪ ،‬هما ‪:‬‬
‫ألاول ‪ :‬ويتمثل في الابتعاد عن ألاهواء وامليول الذاتية وألاغراض الشخصية‪ ،‬وإقصائها‬
‫عند وصف الوقا ع أو تفسيرها أو التنبؤ بها‪ .‬وفي الحقيقة ال ستقيم علم‪ ،‬إذا كان الباحث‬
‫فيه مصرا على أن يرم الظواهر واملعطيات‪ ،‬كما يرغب هو ويريد‪ ،‬وليس كما هي في الواقع‪،‬‬
‫مستقلة عن أهوائه وأمانيه وأغراضه‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬وهو ألاهم‪ .‬ويتمثل في إشراك أكثر من باحث في إدراك خصائ الظاهرة‪ ،‬موضوع‬
‫البحث‪ ،‬بنفس الدرجة تقريبا‪ .‬أي توفر أك ر قدر من الاتفاق بين أكثر من باحث‪ ،‬مستقل كل‬
‫منهم عن آلاخر‪ ،‬في إدراك الظاهرة أو خصائصها‪ ،‬أو بعض املعطيات عنها‪ .‬وال ينبغي أن يحدث‬
‫هذا الاتفاق عن طريق الصدفة‪ ،‬وأال يييد مستوم الخط في النتائج عن ‪.0.05‬‬
‫واملوضوعية هي ألاساس الذي تعتمد عليه الخصائ شديدة ألاهمية للنشاط العلمي‪.‬‬
‫ومن أهمها ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ القابلية للتحقق من الفروض والنظريات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ القابلية للعادة‪.‬‬

‫الخاصية الثانية ‪ :‬القياس‪.‬‬


‫كميا على أساس قواعد معينة‪،‬‬ ‫و ع ي التعبير عن وقا ع أو معطيات أو مشاهدات‪ ،‬تعبيرا ّ‬
‫وذلك لتحديد مقدار وجود متغير‪ ،‬أو درجة ارتباطه بمتغيـر آخر‪ ،‬أو درجة ت ارت بمتغيـر آخر‪،‬‬

‫‪12‬‬
‫وتتوفر هذت املتغيرات في ألاشياء أو في ألايخا ‪ .‬وأ ال إدخال القياس إلى علم النفس‪ ،‬كثيرا‬
‫من الفهم الخاطئ‪ ،‬لكون علم النفس مجرد أفكار ناتجة عن استعمالنا للفهم العام في تفسير‬
‫سلوك ألافراد‪ ،‬وأن القياس ال يمكن استعماله إال في العلوم الطبيعية‪ .‬ولكن مع تقدم‬
‫الدراسات النفسية‪ ،‬أمكن تطبيق الخصائ العامة للقياس بمختلف مستوياته على‬
‫املتغيرات النفسية‪ ،‬سواء ما تعلق منها بالفرد أم الجماعة‪ .‬كالذكاء والقلق والعدوانية والدافع‬
‫للنجا والتعاون والروح املعنوية وسرعة الاستجابة وغيرها‪ .‬وأاناء بحث هذت املتغيرات‪ ،‬يتم‬
‫تعريفها إجرائيا‪ ،‬والتعريف إلاجرا ي يتم بتحديد العمليات أو إلاجراءات املستعملة لقياس‬
‫املتغيرات أو مالحظتها‪ .‬مثل ‪ :‬تعريف الذكاء ب نه ‪" :‬الدرجة التي يحصل عل ها الفرد على اختبار‬
‫وكسلر ـ بلفيو"‪ .‬والقلق هو ‪" :‬الدرجة التي يحصل عل ها الفرد على قائمة القلق ـ السمة"‪.‬‬
‫والتعلم هو ‪" :‬الفرق في الدرجة على اختبار معين‪ ،‬قبل التدريب وبعدت"‪ .‬وهكذا تعرل إجرائيا‬
‫متغيرات مثل ‪ :‬الدافعية وإلادراك والتفكير وقدرات إلابداع وغيرها‪.‬‬

‫الخاصية الثالثة ‪ :‬الطابع التراكمي (غير الشخ ي) للعلم‪.‬‬


‫إن العمل العـلمي‪ ،‬سـواء تمثل في اخـتراع‪ ،‬أم اكـتشال‪ ،‬أم بـناء نظرية‪ ،‬أم تفسير ظاهرة‪،‬‬
‫أم إبدا ع منهج أم طريقة بحث‪ ،‬ينسب في مراحله ألاولى إلى العالم أو الباحث الذي قام‬
‫بإنجا ت‪ ،‬إال أن اتصال العمل العلمي باملوضوعية والقابلية للتحقق والقابلية للعادة‪،‬‬
‫يجعله ال يلبث أن يضال إلى التراث العلمي إلانساني‪ ،‬مما يفقدت بعد ذلك طابعه الشخ ي‪،‬‬
‫أو انتماءت إلى أحد العلماء‪ ،‬ويجعله يتصف بطابع غير يخ ي‪.‬‬
‫و ساعد هذا الطابع غير الشخ ي للعلم‪ ،‬أن يتصف بـ "التراكيمة"‪ .‬فتضال قضايات‬
‫التي تم التحقق منها عن طريق املنهج العلمي إلى التراث العلمي إلانساني الذي سبق التحقق‬
‫منه‪ ،‬كما تمهد لنشاط علمي الحق‪ ،‬مما يحقق نوعا من التقدم والارتقاء في الجهد العلمي‬
‫مع تراكم جهود العلماء‪.‬‬

‫الخاصية الرابعة ‪ :‬وجود عالقة ديناميكية بين املشاهدات أو الوقا ع‬


‫واملعلومات النظرية‪.‬‬
‫إن القيام بإجراء التجارب‪ ،‬أو جمع املشاهدات بطريقة مضبوطة‪ ،‬من أهم خصائ‬
‫النشاط العلمي‪ ،‬لكن هذا الجانب ال ستوعب النشاط العلمي كله‪ ،‬وإن كان يمثل شرطا‬
‫من أهم شروطه‪ ،‬ذلك أن النشاط العلمي نشاط ديناميكي‪ ،‬تتفاعل فيه كل من املشاهدات‬

‫‪13‬‬
‫الواقعية امليدانية‪ ،‬واملع ـلومات وامل ـفاهيم النظ ـرية‪ ،‬بح ـي ـث ال يم ـك ـن الت ـح ـدي ـد بدق ـة ن ـق ـط ـة‬
‫البداية لهذا النشاط‪ ،‬هل هو الوقا ع املشاهدة أو املعلومات واملفاهيم النظرية‪.‬‬
‫فالعلم بناء من املعرفة املنظمة‪ ،‬قد يبدأ بالبيانات املستمدة من الوقا ع املحسوسة‬
‫والقابلة للمشاهدة‪ ،‬أو يبدأ بنظرية أو بمفهوم مجرد أو بفرض معين‪ ،‬والتفاعل بين الطرفين‬
‫هو الذي يجعل العلم نشاط حي نام‪ ،‬و ساعد على تقدمه وارتقائه‪ ،‬مما ينعكس على كفاءة‬
‫َُ‬
‫الفهم العلمي‪ ،‬أي ال بد أن تف ّسر النتائج املتوصل إل ها بعد إجراء بحث معين وفقا طار‬
‫نظري مالئم‪ ،‬حتى تكون الكفاءة للتنبؤ والتحكم في السلوك‪ .‬وقال السيكولوجي املصري‬
‫مصطفي سويف (رحمه هللا) ‪" :‬إن ألارقام وحدها ال تعطينا علما‪ ،‬وال يكفي أن نصنع مقياسا‬
‫ونطبقه لكي ينمو جسم العلم‪ .‬بل ال بد من أن ندخل نتائج املقياس في بناء نظري يجمع بينها‬
‫وبين أجياء أخرم من معلوماتنا بطريقة متسقة"‪.‬‬

‫االثا ‪ :‬مبادئ العلم‬


‫إذا كان العلم يتميز بخصائ معينة‪ ،‬تجعله يختلف عن غيرت من املفاهيم ألاخرم‪ ،‬التي‬
‫تصف النشاط البشري‪ ،‬فإن له كذلك عدة مبادئ وأسس يقوم عل ها‪ ،‬هي ما يلي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ مبدأ السببية ‪ :‬أي أن لكل ظاهرة أسبابها املوضوعية التي يمكن إخضاعها للمالحظة‬
‫والتجريب والقياس‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ مبدأ خضوع الظواهر لقوانين اابتة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ مبدأ استقاللية الحقائق والقوانين عن إلانسان‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ مبدأ قابلية الحقائق والقوانين للمعرفة‪ ،‬حتى وإن كان بعضها غير معرول حاليا‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ مبدأ خضوع صدق القانون العلمي ملحك الواقع والتجربة منيا ومكانيا‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ مبدأ نسبية الحقيقة العلمية‪ ،‬فكل قانون علمي يكتشف‪ ،‬إال ويصور قدرا محدودا‬
‫من جوهر العالقات بين الظواهر‪ .‬ومن خالل التطبيق العملي‪ ،‬تكتشف باستمرار ثغرات في‬
‫يصور بدرجة أك ر جوهر الحقيقة‪ .‬والتسليم‬‫القانون‪ ،‬مما يدفع إلى تعديله مرات ومرات‪ ،‬حتى ّ‬
‫بنسبية املعرفة العلمية‪ ،‬هو الذي يجعلها تنمو باستمرار‪ ،‬وتقترب أكثر من جوهرها من خالل‬
‫مراجعتها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 7‬ـ مبدأ التغير ‪ :‬إن الحركة والتطور‪ ،‬من الصفات الال مة للظواهر‪ ،‬سواء كانم مادية‬
‫أم نفسية‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ مبدأ وحدة املعرفة إلانسانية وت ارها ببعضها البعض‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ 9‬ـ مبدأ موضوعية الباحث وفطنته‪.‬‬
‫‪ .10‬مبدأ اتباع الباحث لخطوات البحث العلمي‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬أهدال العلم‬


‫سهى العلم في نشاطه إلى تحقيق أهدال محددة‪ ،‬هي ‪ :‬الوصف والتفسير والتنبؤ‬
‫والتحكم‪ .‬وهذت ألاهدال ألاربعة‪ ،‬قد تكون عبارة عن مجاالت لبحوث مستقلة؛ حيث هناك‬
‫بحوث وصفية وبحوث تفسيرية وبحوث تنبؤية وبحوث تطبيقية (لضبط الظواهر والتحكم‬
‫ف ها)‪ .‬كما يمكن أن تكون كذلك سلسلة من بحوث متتابعة لظاهرة واحدة‪ ،‬فتبدأ بوصفها‬
‫ام تفسيرها ام التنبؤ بها ام ضبطها والتحكم ف ها‪ .‬وفيما يلي شرح ألهدال العلم ألاربعة‪.‬‬

‫‪ )1‬الوصف‪.‬‬
‫وهو الهدل ألاساس ي ألي علم‪ .‬ومعنات أن يقوم الباحث بتسجيل مالحظاته عن الظواهر‬
‫القابلة للمالحظة‪ ،‬كما تحدث بالفعل‪ ،‬على أساس مبدأ "هنا وآلان"‪ .‬وذلك بجمع الحقائق‬
‫حولها باستعمال وسائل وأدوات مناسبة‪ .‬فالسيكولوجيون مثال‪ ،‬ستعملون املالحظة‬
‫املوضوعية والقياس‪ .‬و ستعملون الاختبارات املوضوعية وإلاسقاطية‪ ،‬واملقابالت الشخصية‬
‫والاستفتاءات وغيرها‪ .‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬ستطيع علماء النفس مالحظة السلوك العدواني‬
‫لدم ألاطفال‪ ،‬أو كيف يتصرل الراشدون في املواقف السارة‪ .‬أو كيف يتصرل املراهقون في‬
‫مواقف إلاحباط‪ .‬وغيرت‪.‬‬
‫وتساعد عملية الوصف على تصنيف الظواهر النفسية في فئات أو أنظمة‪ .‬فيتم تصنيف‬
‫السلوك إلى سلوك معرفي وسلوك وجداني وسلوك نيوعي‪ .‬وإلى سلوك سوي وسلوك ال سوي‪.‬‬
‫كما يصنف السلوك الالسوي إلى اضطرابات عصابية واضطرابات ذهانية وظيفية وذهانية‬
‫عضوية وغيرها‪ .‬كما يصنف السلوك إلى دوافع وانفعاالت واتجاهات‪ ،‬وإلى سلوك متعلم‬
‫وسلوك غير متعلم ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫ويقدم التصنيف فائدة نظرية هامة‪ ،‬إذ يمكن تحقيق أهدال املعرفة العلمية‪ ،‬وهو‬
‫تكوين أنظمة من املعرفة‪ ،‬بحيث يصبح كل فعل إنساني من إلامكان وضعه في الفئة التي‬
‫تناسبه‪ ،‬ومن ام سهل الاحتفاظ به والبحث فيه وتطويرت‪ ،‬والاستفادة منه علميا‪.‬‬
‫ولكن‪ .‬ال يقتصر العلم على مجرد تصنيف الظواهر التي هي موضوع دراسته‪ .‬إن العلم‬
‫س ـعـ إلـ اك ـت ـشال الع ـالقات التـي تقوم بيـن هذت الظ ـواهر‪ .‬إنه محاول ـة اك ـت ـشال أنظمة‬

‫‪15‬‬
‫محددة‪ ،‬تعمل من خاللها الظواهر‪ .‬فال يكفي أن يقال مثال‪ ،‬إن مستوم الطموح من سمات‬
‫الشخصية‪ ،‬أو أن انحرال ألاحداث منتشر في ألاحياء الفوضوية‪ ،‬أو أن اليواج السعيد‬
‫مرغوب لدم ألافراد‪ ،‬أو أن إلادراك والانتبات والتفكير والذكاء من العمليات املعرفية‪ ،‬وأن‬
‫القيم والاتجاهات والحب والكرت والفرح والحين من الاستجابات الوجدانية‪ ،‬وهكذا‪ ،‬حتى‬
‫نقيم علما للسلوك‪ .‬ولكن ال بد من أن نعرل العالقات التي تربط بين هذت املتغيرات‪ .‬مثال‪،‬‬
‫العالقة بين مستوم الطموح والقيم الشخصية‪ ،‬والعالقة بين اليواج السعيد والذكاء أو‬
‫مستوم تعليم اليوجين‪ ،‬والعالقة بين انحرال ألاحداث وأساليب التربية الوالدية‪ ...‬إلخ‪ .‬حتى‬
‫يمكن القول أنه تكونم معرفة علمية بالسلوك البشري‪.‬‬

‫‪ )2‬الفهم والتفسير‪.‬‬
‫إن أهم ما يميز العلم كنشاط إنساني‪ ،‬أنه يهدل إلى كشف العالقات السببية التي تقوم‬
‫بين الظواهر املختلفة‪ .‬والواقع أن كشف العالقات السببية بين الظواهر ع ي فهمها‪ ،‬وبالتالي‬
‫تفسيرها‪ .‬أي إمكان إلاجابة عن السؤال الرئيس ي الذي يطرحه علماء النفس‪ ،‬وهو ‪" :‬ملاذا‬
‫سلك الناس بالطريقة التي سلكون بها ؟"‪ .‬وتت لف عملية التفسير من شبكة عالقات السبب‬
‫والنتيجة‪ .‬وتفسير السلوك يؤدي إلى فهمه‪ .‬فالسيكولوجي يريد أن يفهم‪ ،‬ملاذا يرتفع مستوم‬
‫القلق لدم بعض ألافراد ؟ وملاذا يحدث العنف في املجتمع ؟ وملاذا يدمن ألافراد على املخدرات‬
‫؟ وملاذا يحدث الطالق بنسب مرتفعة ؟ والطريقة العلمية للجابة عن هذت ألاسئلة‪ ،‬تقوم‬
‫على وضع إجابات‪ ،‬أو تفسيرات‪ ،‬محتملة ومؤقتة‪ ،‬يطلق عل ها لفظ "الفروض"‪ ،‬التي تخت ر‬
‫بعد ذلك بواسطة إجراءات البحث العلمي‪ .‬ومن أمثلة الفروض املعقولة والجيدة لحل‬
‫املشكالت السابقة ما يلي ‪" :‬إن ابتعاد الناس عن تعاليم الدين‪ ،‬أدم إلى ارتفاع مستوم القلق‬
‫ّ‬
‫لديهم"‪" .‬إن مشاهدة أفالم العنف في التلفييون علم الناس استعمال العنف لحل مشاكلهم"‪.‬‬
‫"إن عمل املرأة ورغبتها في التحرر من سيطرة الرجل اقتصاديا‪ ،‬أدم إلى ارتفاع نسبة الطالق"‪.‬‬
‫وهذت الفروض‪ ،‬بصفتها إجابات مؤقتة عن ألاسئلة السابقة‪ ،‬تعت ر فروضا تفسيرية‪ ،‬أي إذا‬
‫تحققم بطرق البحث العلمي‪ ،‬تعت ر تفسيرا وفهما للمشكالت التي تم التعبير عنها باألسئلة‪.‬‬

‫‪ )3‬التنبؤ‪.‬‬
‫يؤدي التفسير الصحيح إلى التنبؤ الدقيق بحدوث السلوك‪ .‬فإذا كان الوصف هو إلاجابة‬
‫عن سؤال ماذا حدث ؟ وإذا كان التفسير هو إلاجابة عن سؤاليـن هما ‪ :‬ملاذا حدث ؟ وكيف‬

‫‪16‬‬
‫حدث ؟ فإن التنبؤ يتضمن إلاجابة عن سؤال في أي ظرول أو شروط يحدث ؟ و عت ر التنبؤ‬
‫اختبارا آخر للفرض الذي تم إجراء التجريب عليه لتحقيق هدل التفسير‪ .‬حيث أنه إذا كان‬
‫الفرض صحيحا‪ ،‬فينبغي أن يكون قادرا على وصف ما سول يحدث في الظرول واملواقف‬
‫املرتبطة به‪.‬‬
‫فلنفرض أن علماء النفس فهموا بعد نتائج البحث العلمي أن الالتحاق بالتعليم‬
‫ومواصلته يرفع من مستوم الذكاء‪ ،‬فإنه يمكن التنبؤ عندئذ بارتفاع نسبة الذكاء لدم ألافراد‬
‫الذين يلتحقون بالتعليم‪ ،‬أو ببعض مراحله‪ ،‬مقارنة ب ولئك الذين لم يلتحقوا به‪ .‬كما أنه إذا‬
‫ابم أيضا أن مشاهدة ألاطفال ملمثلي ألافالم وهم يمارسون العنف ينمي لديهم سلوك‬
‫العنف‪ ،‬فإنه يمكن التنبؤ ب ن مشاهدة ألاطفال آلبائهم وهو يمارسون العنف لحل مشاكلهم‪،‬‬
‫يييد من سلوك العنف لديهم‪.‬‬

‫‪ )4‬الضبط والتحكم‪.‬‬
‫يتم ضبط السلوك والتحكم فيه‪ ،‬بناء على املعرفة الدقيقة بالشروط التي يحدث أو‬
‫يتغير وفقا لها‪ .‬ويتحقق الضبط بشكل ناجح عندما تكون عمليتا التفسير والتنبؤ دقيقتين‪.‬‬
‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬إذا كانم مشاهدة أفالم العنف تييد من عدوانية ألاطفال‪ ،‬فإنه يمكن‬
‫التقليل من هذت العدوانية بوضع قيود على برامج التلفييون‪ .‬وكذلك بتدريب آلاباء على حل‬
‫مشكالتهم ألاسرية بطرق أخرم غير العنف‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬تعريف البحث العلمي‬


‫إن البحث العلمي يخضع له كثير من أصنال املعرفة البشرية‪ ،‬سواء املادية والتقنية أم‬
‫إلانسانية والاجتماعية‪ .‬وذلك بفضل اتباعها ألساليب التفكير العلمي وخطواته‪ .‬رغم أن‬
‫العلوم إلانسانية والاجتماعية لها طبيعتها الخاصة التي تجعلها تالقي صعوبات متميزة أاناء‬
‫تطبيق املنهج العلمي على مشكالتها‪ .‬وقبل مناقشة كل هذا‪ ،‬ينبغي تقديم بعض التعريفات‬
‫ملفهوم البحث العلمي‪.‬‬
‫عرل وايت ي ‪ Whitney 1964‬البحث العلمي ب نه ‪" :‬استقصاء دقيق يهدل إلى اكتشال‬
‫حقائق وقواعد علمية‪ ،‬يكون التحقق منها مستقبال"‪ .‬و عرفه هلواي ‪ T. Hilway, 1964‬ب نه‬
‫‪" :‬وسيلة للدراسة يمكن بواستطها الوصول إلى حل مشكلة محددة‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫التق ي الشامل والدقيق لجميع الشواهد وألادلة التي يمكن التحقق منها‪ ،‬والتي تتصل بهذت‬

‫‪17‬‬
‫املشكلة"‪ .‬و عرفه بوالنسكي ‪ N. Polansky 1962‬ب نه ‪" :‬استعمال إجراءات وطرق منظمة‬
‫متقنة سعيا وراء الحصول على املعرفة"‪ .‬و عرفه أيضا كل من إبراهيم وجيه محمود‪ ،‬محمود‬
‫عبد الحليم منس ي ‪ 1983‬ب نه ‪" :‬طريقة من طرق التفكير املنظم أو الدراسة الدقيقة التي‬
‫تعتمد على وسائل موضوعية لجمع البيانات‪ ،‬وهي طريقة تؤدي إلى نتائج يمكن التحقق منها‬
‫في أي وقم من ألاوقات‪ ،‬كما يمكن تعميمها والخروج منها بقواعد‬
‫علمية تسمح بتفسير الظاهرة‪ ،‬وتتيح إمكان التنبؤ بها وضبطها والتحكم ف ها"‪.‬‬
‫يتبين من التعريفات السابقة‪ ،‬أن البحث العلمي‪ ،‬ع ي اتباع طرق وإجراءات منظمة‬
‫ومتقنة‪ ،‬تبدأ بتعيين الظاهرة املراد بحثها أو تحديد املشكلة‪ ،‬ام استعمال وسائل موضوعية‬
‫لجمع البيانات حولها‪ ،‬واستعمال وسائل أخرم موضوعية كذلك ملعالجة هذت البيانات‬
‫وعرضها‪ ،‬والخروج بنتائج يمكن الاستفادة منها وتعميمها‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬مهمات البحث العلمي‬


‫يؤدي البحث العلمي املهام التالية ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ حل مشكلة أو إلاجابة عن سؤال محير‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تنظيم املعرفة في أنساق نظرية تتسم باالتساق والصدق والدقة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تعديل ما هو قائم من املعلومات با ضافة إل ها‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ استكمال النق في املعلومات وألافكار والحقائق والتعميمات‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ نقل ألافكار من سياقها ألاصلي إلى سياقات جديدة‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ ـ تفنيد ما هو قائم من نظريات أو مفاهيم أو ممارسات تطبيقية عن طريق الدراسات‬
‫النقدية‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ تثبيم ودعم ما هو قائم من نظريات أو قوانين أو مبادئ أو ممارس ـ ـ ـ ــات عن طريق‬
‫الدراسات التوكيدية‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ توضيح املفاهيم والنظريات الغامضة‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ إنتاج معرفة جديدة من خالل إدراك ارتباطات جديدة وحلول أصيلة للمشكالت‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ تطوير تطبيقات من أجل حل مشكالت قائمة‪( .‬حامد ّ‬
‫عمار)‪.‬‬

‫البحث العلمي‬ ‫سابعا ‪ :‬خصائ‬


‫تميـيت عن غيـرت من ألانشـطـة إلانسانية ألاخرم‪ .‬وهـي ما‬ ‫يتميز البحـث العـلمي بخصائ‬

‫‪18‬‬
‫يلي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ البحث العلمي نشاط هادل يوجه إلى حل مشكلة محددة‪ .‬ومن ام فإنه سهى إلى‬
‫إلاجابة عن أسئلة معينة أو يخت ر فروضا باعتبارها إجابات أو حلول مؤقتة ملشكالت قائمة‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ 2‬ـ البحث العلمي ُي ْب ى على وقا ع يمكن مشاهدتها وقياسها‪ .‬ومن ام يتم إبعاد ألاسئلة‬
‫التي ال يمكن إلاجابة عنها بوقا ع يمكن مشاهدتها وقياسها‪ ،‬مهما كانم هذت ألاسئلة جيدة‪.‬‬
‫كما يتم الابتعاد عن الذاتية‪ ،‬والتفكير املغلق واملتحيز‪ ،‬والبـحـث فقـط فيما يم ـك ـن الت ـح ـق ـق‬
‫منه‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ البحث العلمي يتطلب مشاهدة ووصفا دقيقين‪ .‬ومن ام يتم إعداد أدوات البحث‬
‫إعدادا جيدا ودقيقا‪ .‬بحيث يمكن الت كد من مستوم صدقها واباتها‪ .‬وتجمع البيانات‬
‫واملعلومات من مصادرها ألاصلية‪ .‬ويكون التعبير عنها كميا‪ ،‬حتى يمكن معالجتها بسهولة‬
‫وصدق‪ .‬وتستخل النتائج والعالقات املتضمنة في هذت البيانات‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ 4‬ـ البحث العلمي ُي ْب ى على الخ رة النظرية املسبقة للمجال الذي يجرم فيه البحث‪.‬‬
‫ومن ام يتم التمكن من النظريات والدراسات السابقة في مجال البحث قبل البدء فيه‪ .‬ألن‬
‫ُ ْ َ ُ َ ُ‬
‫ض ُّم وت ْد َم ُج في نتائج البحوث السابقة التي‬ ‫النتائج التي تستخل من البحث الذي يجرم‪ ،‬ت‬
‫تم الت كد منها في موضوع البحث‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ البحث العلمي يتضمن تحليال موضوعيا ومنظما ومنطقيا‪ ،‬ملا تم الحصول عليه من‬
‫بيانات‪ .‬ومن ام يتم اختيار أساليب املعالجة إلاحصائية التي تتالءم مع تصميم البحث‬
‫وأهدافه‪ ،‬وفروضه وأسئلته‪ ،‬وخصائ عينته وأدواته‪ .‬وتتم الاستفادة من نتائج الدراسات‬
‫السابقة‪ ،‬مع الابتعاد عن العاطفة وألاهواء الشخصية عند املعالجة والتفسير‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ البحث العلمي بما أنه نشاط هادل‪ ،‬ال بد أن ينتهي بنتائج‪ .‬ومن ام يتم التوصل إلى‬
‫إجابات صريحة ودقيقة عن أسئلة البحث‪ ،‬أو اختبار فرضياته‪ .‬وال بد من وجود نتيجة عامة‬
‫تستخل من النتائج وتجيب بصفة عامة عن التساؤل الذي فرضته مشكلة البحث‪.‬‬
‫وفي الحاالت املثالية‪ ،‬يمكن أن تؤدي نتائج البحث إلى استنتاج تعميمات‪ ،‬أو مبادئ‬
‫منظمة في شكل نظريات‪ ،‬أو قوانين عامة‪ ،‬ينتج عنها املييد من القدرة على التحكم في ألاحداث‬
‫الطبيعية أو السلوكية التي قد تكون أسبابا‪ ،‬أو نتائج ألحداث طبيعية أو سوكية أخرم‪.‬‬

‫اامنا ‪ :‬مستويات البحث العلمي‬


‫يتدرج اهتمام البحث العلمي في علم النفس في االث مستويات هي ‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ ـ ـ العلوم ألاســاســية ‪ :‬وهي التي تســهى إلى الحصــول على املعرفة العلمية واكتشــال‬
‫القوانين العلمية‪ ،‬بغض النظر عن القيمة العلمية املباشرة أو العاجلة لهذت العلوم‪ .‬فعلماء‬
‫النفس ضمن هذت الفئة‪ ،‬يهتمون بإجراء دراسات الكتشال القوانين والشروط التي تتحكم‬
‫في حدوث الس ـ ـ ــلوك وتغيرت‪ ،‬وال يهتمون بما يترتب عنها من تطبيقات‪ .‬مثل البحوث التجريبية‬
‫التي كانم تجرم في ميدان التعلم‪ .‬ونتجم عنها نظريات وقوانين في التعلم‪ .‬والب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوث‬
‫العامـلـيـة ال ـتي كان ـم تـج ـرم ح ـول الذك ـاء والش ـخـصـيـة‪ ،‬ونتـج ـم ع ـن ـها نظ ـري ـات ف ـي الذكاء‪،‬‬
‫ونظريات في الشخصية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ـ ـ العلوم التطبيقية ‪ :‬وهي التي تســهى إلى تحســين الظرول التي تتحكم في الســلوك‬
‫عن طريق اس ــتثمار ما يمكن الاس ــتفادة منه من نتائج الدراس ــات ألاس ــاس ــية في مجال تعديل‬
‫السلوك وإرشاد ألافراد‪ ،‬أو تحسين طرق التدريب والتدر س‪ ،‬أو تحسين ألاداء‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ منـاهج البحـث وفنونـه ‪ :‬وإلى جــانــب املجــالين الس ـ ـ ـ ــابقين‪ ،‬يوجــد مجــال آخر من‬
‫مج ــاالت النش ـ ـ ـ ـ ــاط العلمي في علم النفس‪ ،‬ال يمث ــل فرع ــا من فروع العلم ألاس ـ ـ ـ ـ ــاس ـ ـ ـ ـي ــة أو‬
‫التطبيقية‪ ،‬ولكنه ذا أهمية ك رم في ضـ ـ ــبط وإحكام كل من الدراسـ ـ ــات العلمية ألاسـ ـ ــاسـ ـ ــية‬
‫والتطبيقية العملية‪ .‬ويتمثل في الجانب املنهجي ومنطق البحث العلمي‪ ،‬وتصــميمات التجارب‬
‫والدراسات‪ ،‬واستعمال املعادالت والنماذج الرياضية في إبداع معادالت إحصائية‪.‬‬

‫تاسعا ‪ :‬صعوبات البحث العلمي في العلوم إلانسانية‬


‫إن جوهر البحث العلمي وهدفه واحد‪ ،‬سواء في ميدان العلوم الطبيعية‪ ،‬أم في ميدان‬
‫العلوم إلانسانية‪ ،‬ولكن طرقه وأساليبه وأدواته‪ ،‬هي التي تختلف باختالل طبيعة مشكالت‬
‫كل ميدان‪ .‬فهدل البحث العلمي في امليدانين واحد‪ ،‬وهو وصف الظواهر وتفسيرها والتنبؤ‬
‫بحدوثها أو تغيرها‪ ،‬والتحكم في هذا الحدوث أو التغير‪ .‬وجوهر البحث العلمي في امليدانين‬
‫واحد‪ ،‬وهو اكتشال القوانين والعالقات بين الظواهر واملتغيرات‪ .‬كما أن مبادئ البحث‬
‫العلمي واحدة في امليدانين‪ .‬كما تم تناولها في فقرة سابقة‪ .‬ولكن نظرة فاحصة إلى كل ميدان‬
‫من امليدانين‪ ،‬يتبين منها أن هناك أوجه اختالل بينهما‪ .‬مما أدم إلى انفراد كل ميدان بطرقه‬
‫وأساليبه وأدواته‪ ،‬بما يتفق وطبيعة مشكالته‪.‬‬
‫ومع ى هذا‪ ،‬أن هناك اتفاقا عاما على طبيعة وهدل وجوهر املنهج العلمي في امليدانين‪،‬‬
‫ولكن هذا الاتفاق ال يتعارض مع وجود اختالل فيما هو خا بالطرق وألاساليب وألادوات‪،‬‬
‫أي فيما هو تفصيلي ونوعي بالنسبة لكل ميدان منهما‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫إن هذت النظرة‪ ،‬هي التي تجنب الوقوع في الخط الذي يتبنات كل واحد من الاتجاهين‬
‫آلاتيين ‪ :‬ألاول ال يرم أية فروق بين امليدانين‪ .‬والثاني ال يرم أية صلة بينهما‪ .‬حيث عجي‬
‫الاتجات ألاول عن فهم الاختالل الكيفي بين امليدانين في بعض الجوانب‪ ،‬فيتسم تطبيقه‬
‫للمنهج العلمي على الظواهر إلانسانية بالطابع امليكانيكي‪ ،‬وعدم إدراك ما هو خا وفريد‬
‫في الظواهر إلانسانية‪ .‬و عجي الاتجات الثاني عن رؤية ما هو مشترك بينهما‪ ،‬مما يؤدي‪،‬‬
‫بالضرورة‪ ،‬إلى عيل ميادين مهمة من املعرفة إلانسانية‪ ،‬وعيل الظواهر عن بعضها‪ .‬وفي‬
‫النهاية يؤدي كل ذلك إلى البقاء على النظرة الذرية للظواهر التي يرفضها العلم الحديث‪.‬‬
‫وبعد هذا‪ ،‬فإذا كانم هناك صعوبات عامة تعترض تطبيق املنهج العلمي‪ ،‬فهل توجد‬
‫صعوبات خاصة تعترض تطبيق املنهج العلمي في ميدان العلوم إلانسانية ؟ إن إلاجابة عن‬
‫هذا السؤال تكون با يجاب‪ ،‬ذلك أن تطبيق املنهج العلمي في ميدان العلوم إلانسانية‪،‬‬
‫تعترضه بعض الصعوبات املتميزة‪ ،‬التي يمكن ذكر أهمها فيما يلي‬

‫‪ )1‬الصعوبة في تحديد املصطلحات واملفاهيم‪.‬‬


‫فالباحث في العلوم إلانسانية‪ ،‬يجد صعوبة في تحديد املصطلحات واملفاهيم واملتغيرات‬
‫التي تتضمنها هذت العلوم‪ ،‬مثل ‪ :‬الذكاء والدافع والقلق وإلانجا والطموح والشخصية‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫في حين أن الباحث في العلوم الطبيعية‪ ،‬ال يجد صعوبة في تحديد متغيرات مثل ‪ :‬املساحة‬
‫والتيار الكهربا ي والكثافة والضغط‪ ،‬رغم أنها في امليدانين مفاهيم مجردة‪.‬‬

‫‪ )2‬صعوبة التحقق من مدم صدق النظرية أو القانون‪.‬‬


‫يصعب التحقق من مدم صدق النظرية أو القانون في العلوم إلانسانية منه في العلوم‬
‫الطبيعية‪ ،‬باستعمال محك الواقع أو التجربة‪ .‬فالتحقق من صدق قوانين التعلم‪ ،‬أو قوانين‬
‫التغير الاجتماعي‪ ،‬أصعب بكثير من التحقق من صدق قانون الجاذبية‪ ،‬أو قانون بويل‪.‬‬

‫‪ )3‬دخول إلانسان نفسه كعامل جوهري في الظاهرة‪.‬‬


‫فيزيد الاحتمال في تدخل ذاتيته‪ ،‬مما يبعدت عن املوضوعية‪ .‬واملثال على ذلك نظريات‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ )4‬تداخل العوامل املؤارة في الظاهرة إلانسانية‪.‬‬
‫وهذا يصعب معه تحديدها ومعرفة آاارها النسبية للعمل على عيلها‪ .‬فدراسة العوامل‬
‫املؤارة في ظواهر مثل ‪ :‬الفقر أو الانحرال أو الت خر الدراس ي أو العدوان أو الدافع للنجا ‪،‬‬
‫أكثر تشابكا وتعقيدا من تحديد العوامل املؤارة في ظاهرة فيزيقية‪ ،‬كالتمدد أو الحرارة أو‬
‫الضوضاء مثال‪.‬‬

‫‪ )5‬صعوبة بناء الاختبارات والاستبانات‪.‬‬


‫س ـواء م ـن حـيـث اخـتـيـار وح ـدات ـها‪ ،‬أم ط ـري ـق ـة ت ـص ـح ـي ـح ـها‪ ،‬أم ت ـق ـن ـي ـن ـها‪ .‬إذ تعـتـمـد ه ـذت‬
‫العملية‪ ،‬في جانب منها على ألاقل‪ ،‬على وجهة نظر الباحث إ اء طبيعة املتغير املراد قياسه‪.‬‬
‫فاختبارات الذكاء مثال‪ ،‬تعتمد على اختيار بنود بعينها‪ ،‬ام اختيار إجابات معينة‪ ،‬تعت ر وحدها‬
‫إلاجابات الصحيحة‪ ،‬وما عداها خط ‪ ،‬كما تعتمد في تقنينها على فئات اجتماعية بذاتها‪...‬‬
‫إلخ‪ .‬وفي كل خطوة من هذت الخطوات‪ ،‬يمكن أن يحدث ف ها تحيز واضح‪ ،‬فقد تكون بعض‬
‫ألاسئلة أ سر على فئة اجتماعية دون فئة أخرم‪ ،‬كما هو الحال بين البيض والسود في أمريكا‪،‬‬
‫أو بين سكان الريف وسكان الحضر‪ ،‬أو بين الذكور وإلاناث‪ ،‬أو بين ذوي املهن املختلفة‪ ...‬إلخ‪،‬‬
‫كما قد تكون عينات التقنين متحيزة في تمثيلها لفئة أو لفئات معينة دون فئات أخرم‪ ،‬مثل‬
‫فئات املتعلمين مقابل فئات ألاميين‪ ،‬كما قد يكون هناك سوء اختيار املعيار املستعمل في‬
‫تقويم نتائج الاختبار‪ ،‬هل ستعمل املعيار الجماعي‪ ،‬أو محك خارجي بصرل النظر عن مستوم‬
‫أداء الجماعة التي ينتمي إل ها املفحو ‪.‬‬

‫‪ )6‬صعوبة إجراء التجارب في العلوم إلانسانية‪.‬‬


‫وتتمثل هذت الصعوبة في سحب العينات املناسبة للبحث التجريبي‪ ،‬ومدم تمثيلها ألصلها‬
‫العام‪ ،‬أو في ضبط املتغيرات الدخيلة التي قد تؤار في نتائج البحث‪ ،‬أو في كيفية إدخال املتغير‬
‫املستقل‪ ،‬وتفعيله ومعالجته والتحكم فيه‪ ،‬أو في قياس املتغير التابع‪.‬‬

‫‪ )7‬ضعف الاستقرار للظواهر إلانسانية‪.‬‬


‫إن الظواهر النفسية تتغير باستمرار‪ ،‬وإلانسان نفسه يتغير‪ ،‬مما يييد من تعقد الظاهرة‬
‫عند دراستها‪ .‬فالدوافع تتغير وكذلك القيم والاتجاهات وامليول والاهتمامات والحاجات‬
‫والانفعاالت والقدرات والاستعدادات وسمات الشخصية وغيرها‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫واملت مل في هذت الصعوبات التي تعترض استعمال املنهج العلمي في مجال البحث في‬
‫العلوم إلانسانية‪ ،‬يجد أنها ترتبط بطبيعة الظواهر في هذت العلوم‪ ،‬من حيث تداخلها‬
‫وتشابكها وعدم استقرارها وصعوبة تحديدها‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬واجه الباحثون في العلوم إلانسانية هذت الصعوبات بتطويرهم لطرق‬
‫البحث العلمي في هذت العلوم‪ ،‬فجعلوها أكثر مرونة وتنوعا في أساليبها وأدواتها‪ ،‬بهدل تخطي‬
‫هذت العقبات واقترابا بنتائج بحوثهم من حيث الدقة‪ ،‬من نتائج البحوث في ميدان العلوم‬
‫الطبيعية‪.‬‬

‫‪23‬‬
24
‫مراجع الفصل ألاول‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ ـ ـ إبراهيم وجيه محمود‪ ،‬محمود عبد الحليم منسـ ي (‪ .)1983‬البحوث النفســية والتربوية‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار املعارل‪ 9 : .‬ـ ‪.10‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أحمد بدر (‪ .)1978‬أص ـ ـ ـ ــول البحث العلمي ومناهجه‪ .‬الطبعة الرابعة‪ .‬الكويم‪ ،‬وكالة‬
‫املطبوعات‪ 15 : .‬ـ ‪ 50 ،34‬ـ ‪.62‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ـ الدمردام سرحان‪ ،‬منير كامل (‪ .)1963‬التفكير العلمي‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة‬
‫ألانجلو املصرية‪ 69 : .‬ـ ‪.93‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ جابر عبد الحميد جابر وآخر (‪ .)1996‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ 17 : .‬ـ ‪.44‬‬
‫‪ 5‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ جودت ش ـ ـ ـ ــاكر محمود (‪ .)2007‬البحث العلمي في العلوم الس ـ ـ ـ ــلوكية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة‬
‫ألانجلو املصرية‪ 197 : .‬ـ ‪.216‬‬
‫‪ 6‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حامد عمار (‪ .)1996‬مهمات البحث العلمي وأخالقياته‪ .‬املجلة املص ـ ـ ـ ــرية للدراس ـ ـ ـ ــات‬
‫النفسية العدد ‪ .15‬القاهرة‪ ،‬الجمعية املصرية للدراسات النفسية‪ 14 : .‬ـ ‪.15‬‬
‫َ َ‬
‫‪ .7‬حمــدي أبو الفتوح ُعط ْيف ـة (‪ .)1996‬منهجيــة البحــث العلمي وتطبيقــاتهــا في الــدراس ـ ـ ـ ـ ــات‬
‫التربوية والنفسية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ 15 : .‬ـ ‪.43‬‬
‫‪ .8‬ديوبولــد ب‪ .‬فــان دالين (‪ .)1984‬منــاهج البحــث في التربيــة وعلم النفس‪ .‬ترجمــة ‪ :‬محمــد‬
‫نبيل نوفل وآخرون‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪ 36 : .‬ـ ‪.43‬‬
‫‪ .9‬ذوقــان عبيــدات وآخرون (‪ .)2001‬البحــث العلمي ‪ :‬مفهومــه وأدواتــه وأسـ ـ ـ ـ ــاليبــه‪ .‬الطبعــة‬
‫‪ 38 :‬ـ ‪.56‬‬ ‫السابعة‪ .‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ .10‬ع ــامر قن ــديلجي (‪ .)2002‬البح ــث العلمي واس ـ ـ ـ ــتعم ــال مصـ ـ ـ ـ ـ ــادر املعلوم ــات التقلي ــدي ــة‬
‫وإلالكترونية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬دار اليا وري العلمية للنشــر والتو ع‪ 33 : .‬ـ‬
‫‪.35‬‬
‫‪ .11‬عبـ ــد الحليم محمود الس ـ ـ ـ ـيـ ــد وآخرون (‪ .)1990‬علم النفس الع ــام‪ .‬الطبع ــة الثـ ــالث ــة‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة غريب‪ 13 : .‬ـ ‪.29‬‬
‫‪ .12‬عيت س ـ ـ ـ ـيــد إس ـ ـ ـ ـمــاعيــل (د‪ .‬ت)‪ .‬علم النفس التجريبي‪ .‬الطبعــة ألاولى‪ .‬الكويــم‪ ،‬وكــالــة‬
‫املطبوعات‪ 40 : .‬ـ ‪.41‬‬
‫‪ .13‬لندا ل‪ .‬دافيدول (‪ .)1983‬مدخل علم النفس‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬ترجمة ‪ :‬س ـ ـ ـ ــيد الطواب‬
‫وآخرون‪ .‬مراجعة ‪ :‬فؤاد أبو حطب‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار مكجروهيل للنشر‪.59 : .‬‬
‫‪ .14‬فؤاد كريا (‪ .)1989‬التفكير العلمي‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬الكويم‪ ،‬منشورات ذات السالسل‬

‫‪25‬‬
‫‪ 21 :‬ـ ‪.59‬‬
‫‪ .15‬محمد عماد الدين إسـ ــماعيل (‪ .)1970‬املنهج العلمي وتفسـ ــير السـ ــلوك‪ .‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪ 21 : .‬ـ ‪.39‬‬
‫‪ .16‬مور س أنجرس (‪ .)1996‬منهجية البحث العلمي في العلوم إلانس ـ ـ ـ ــانة ‪ :‬تدريبات عملية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬بو يد صحراوي وآخرون‪ .‬إشرال ومراجعة ‪ :‬مصطف ماض ي‪ .‬الجيائر‪ ،‬دار القصبة‬
‫للنشر‪ 31 : .‬ـ ‪.62‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الطريقة العلمية في البحث النفس ي‬

‫أوال ‪ :‬طرق اكتساب املعرفة أو مصادرها‬


‫‪ .1‬التفسير الغيبي والخرافي واكتساب املعرفة‪.‬‬
‫‪ .2‬السلطة واكتساب املعرفة‪.‬‬
‫‪ .3‬الخ رة الشخصية واكتساب املعرفة‪.‬‬
‫‪ .4‬الاستنباط واكتساب املعرفة‪.‬‬
‫‪ .5‬الاستقراء واكتساب املعرفة‪.‬‬
‫‪ .6‬املقارنة بين التفكير الاستنباطي والتفكير الاستقرا ي‪.‬‬
‫‪ .7‬الطريقة الاستقرائية وبناء النظريات العلمية‪.‬‬
‫‪ .8‬الطريقة العلمية واكتساب املعرفة‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬خطوات الطريقة العلمية‬
‫‪ .1‬الشعور بوجود مشكلة أو ظاهرة يصعب فهمها‪.‬‬
‫‪ .2‬جمع املعلومات أو تحليل املشكلة‪.‬‬
‫‪ .3‬تحديد املشكلة وحصرها‪.‬‬
‫‪ .4‬وضع الفروض‪.‬‬
‫‪ .5‬اختبار الفروض‪.‬‬
‫‪ .6‬عرض النتائج‪.‬‬
‫االثا ‪ :‬أوجه الطريقة العلمية‬
‫‪ .1‬افتراضات العلماء‪.‬‬
‫‪ .2‬اتجاهات العلماء وخصائصهم‪.‬‬
‫املراجع‬

‫‪27‬‬
28
‫أوال ‪ :‬طرق اكتساب املعرفة أو مصادرها‬
‫سهى إلانسان‪ ،‬ع ر العصور‪ ،‬إلى البحث عن املعرفة التي تجيبه عن تساؤالته ْ‬
‫وحيرته‪،‬‬
‫مما يالحظه في نفسه وفي البيئة املحيطة به‪ .‬ولج في سبيل ذلك إلى مصادر متباينة‪ ،‬واستعمل‬
‫طرقا مختلفة للحصول على املعرفة التي تساعدت على فهم وتفسير الظواهر التي ّ‬
‫حيرته‪ .‬ورغم‬
‫أن عنوان هذا الفصل هو الطريقة العلمية في البحث النفس ي‪ ،‬إال أني سول أستعرض‪ ،‬ولو‬
‫بإيجا ‪ ،‬بعض ألاساليب غير العلمية التي لج إل ها إلانسان قديما الكتساب املعرفة‪ .‬ام أنتقل‬
‫بعد ذلك إلى الطريقة العلمية في البحث النفس ي‪ .‬وقد كانم أساليبه غير العلمية تلك‪ ،‬كما‬
‫يلي ‪:‬‬

‫‪ )1‬التفسير الغيبي والخرافي واكتساب املعرفة‪.‬‬


‫يذكر الباحثون في طرق اكتساب إلانسان للمعرفة‪ ،‬أنه كان في بداية عهدت بالحياة‪،‬‬
‫يحصل على املعرفة عن طريق رجوعه إلى الغيب أو الخرافة أو املحاولة والخط ‪ .‬فإذا حدث‬
‫ش يء ال ستطيع فهمه‪ ،‬كان ينسبه إلى قوم غيبية‪ ،‬أو يقبل ما انتقل إليه من تفسيرات‬
‫أسالفه‪ .‬ولم تكن هذت الطرق في الحصول على املعرفة ناجحة‪ ،‬بل كانم تؤدي في كثير من‬
‫ألاحيان إلى أخطاء فادحة‪ ،‬كما أنها لم تستطع أن تب ي ترااا من املعلومات املفيدة‪ ،‬يمكن أن‬
‫تنمو وتساهم في تحقيق تقدم الفكر البشري‪.‬‬

‫‪ )2‬السلطة واكتساب املعرفة‪.‬‬


‫ليس املقصود هنا بالسلطة الحكام والسياسيون‪ ،‬وإنما كل من له نفوذ سياس ي أو علمي‬
‫أو دي ي أو اجتماعي‪ .‬فقد كان إلانسان البدا ي‪ ،‬يلج من أجل الحصول على املعرفة‪ ،‬لتفسير‬
‫الظواهر املغلقة على فهمه‪ ،‬إلى رئيس القبيلة وإلى الطبيب وإلى رجل الدين وإلى عادات‬
‫أسالفه‪ ،‬وكل من لديه خ رة في مجال معين‪ .‬ووجد إلانسان في هذت الطريقة اقتصادا في‬
‫الوقم والجهد‪ ،‬فبدال من أن يقض ي أوقاتا كثيرة ويبذل جهدا مضنيا في التفكير والبحث‪ ،‬كان‬
‫يختصر الطريق و ستشير ذوي السلطة‪ ،‬فيزودونه باملعرفة التي يحتاج إل ها‪ .‬ولكنه كثيرا ما‬
‫يقع في أخطاء‪ ،‬كذلك‪.‬‬

‫‪ )3‬الخ رة الشخصية واكتساب املعرفة‪.‬‬


‫كثيرا ما يلج إلانسان إلى خ راته الشخصية الكتساب املعرفة‪ ،‬وفهم ما يحيط به من‬
‫ظواهر‪ .‬وتع ي الخ رة الشخصية‪ ،‬أن إلانسان يحاول أن يحل مشكالته املعرفية عن طريق‬
‫‪29‬‬
‫تذكرت لكيفية حل مشكالت مشابهة في وقم سابق‪ .‬والحقيقة أن الرجوع إلى الخ رة‬
‫الشخصية في اكتساب املعرفة‪ ،‬طريقة شا عة ومفيدة‪ ،‬ولكنها قد تؤدي إلى نتائج خاطئة‪ ،‬إذا‬
‫تم الاستعانة بها دون تمحي ‪ ،‬ألنه قد يتم إغفال بعض الجوانب الجديدة في املشكلة‬
‫الحالية‪ ،‬أو تسيطر الذاتية‪ ،‬أو يتم التحيز إلى بعض ألافكار‪ ،‬وغيرت‪.‬‬

‫‪ )4‬الاستنباط واكتساب املعرفة‪.‬‬


‫في العصور القديمة‪ ،‬استطاعم مجموعة من نوابغ إلاغريق‪ ،‬تطوير طريقة التفكير‬
‫القياس ي أو الاستنباطي ‪ Deduction Reasoning‬كطريقة الكتساب املعرفة‪ .‬وفي التفكير‬
‫الاستنباطي‪ ،‬عتقد إلانسان أن ما يصدق على الكل يصدق أيضا على الجيء‪ .‬حيث يتدرج‬
‫هذا التفكير من الكل إلى الجيء‪ ،‬وفق قواعد املنطق املعمول بها‪ .‬وتستعمل طريقة عقلية في‬
‫التفكير الاستنباطي‪ ،‬تعرل بالقياس‪ .‬وهو عبارة عن استدالل شتمل على قضيتين ونتيجة‪.‬‬
‫يطلق على القضيتين املقدمتان‪ ،‬حيث أنهما تمهدان للوصول إلى النتيجة (املستنبطة)‪.‬‬
‫و عرل أرسطو القياس ب نه ‪" :‬قول تقرر فيه أشياء معينة‪ ،‬يتولد عنها بالضرورة ش يء آخر‬
‫غير ما سبق تقريرت"‪ .‬أو أن الاستنباط هو طريقة للتفكير الاستداللي‪ ،‬يقوم على التحقق من‬
‫صدق املعرفة الحالية قياسا إلى املعرفة السابقة بافتراض صحتها‪ .‬فاملعرفة السابقة تسم‬
‫مقدمة‪ ،‬واملعرفة الجديدة تسم نتيجة‪ .‬والقياس الحملي آلاتي يبين استعمال التفكير‬
‫الاستنباطي‪.‬‬
‫(مقدمة ك رم)‪.‬‬ ‫املتدينون املعتدلون سعداء‪.‬‬
‫(مقدمة صغرم)‪.‬‬ ‫عبد هللا متدين معتدل‪.‬‬
‫(نتيجة)‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬عبد هللا سعيد‪.‬‬
‫ويتضمن القياس الحملي عبارتين يفترض صدقهما‪ ،‬بينهما من الارتباط ما يحمل منطقيا‬
‫نتيجة معينة‪ .‬فإذا قبل الشخ املقدمتين‪ ،‬وجب عليه أن يوافق على النتيجة التي تعقبهما‪.‬‬
‫وظل التفكير الاستنباطي أهم طرق اكتساب املعرفة قرونا طويلة‪ .‬وال ييال إلى اليوم يفيد‬
‫الناس في حل املشكالت التي تواجههم في حياتهم الشخصية واملهنية‪ ،‬وحتى العلمية‪ .‬حيث‬
‫ستعمل الباحث التفكير الاستنباطي في بعض مراحل عمله‪.‬‬
‫لكن للتفكير الاستنباطي عيوبه‪ .‬فالقياس الحملي الذي عتمد عليه‪ ،‬ال ستنبط إال نتائج‬
‫املعرفة املتوفرة سابقا‪ ،‬وال ستطيع أن يذهب بعيدا في اكتشال معرفة جديدة‪.‬‬
‫وتك ـم ـن نق ـط ـة ض ـع ـف أخ ـرم ف ـي القـ ـياس الح ـم ـلي‪ ،‬فـي أن تـك ـون إح ـدم املق ـدمـت ـين غير‬

‫‪30‬‬
‫صادقة في الواقع‪ .‬أو أن تكون املقدمتان غير مرتبطتين‪ .‬ألنه عندئذ تصبح النتيجة غير‬
‫صحيحة‪ .‬والقياس الحملي التالي يوضح ذلك ‪:‬‬
‫الشباب الذين يتواجدون في حرم جامعة سطيف ‪ 2‬طالب جامعيون‪.‬‬
‫الشباب طارق ونوال وسعاد يتواجدون في حرم جامعة سطيف ‪.2‬‬
‫إذن‪ ،‬الشباب طارق ونوال وسعاد‪ ،‬طالب جامعيون‪.‬‬
‫إن النتيجة التي تقول ‪ :‬الشباب طارق ونوال وسعاد‪ ،‬طالب جامعيون‪ ،‬صادقة من حيث‬
‫أنها ترتبم بالضرورة على املقدمات املعطاة‪ ،‬ولكنها ليسم صحيحة في الواقع‪ .‬ألن كال من‬
‫الشاب طارق وآلانسة نوال ليسا طالبين جامعيين‪ ،‬بل موظفين‪ ،‬رغم أنهما يتواجدان في حرم‬
‫الجامعة‪ .‬أي أن النتيجة التي تستنبط‪ ،‬ال تكون محال للثقة‪ ،‬إال إذا اشتقم من مقدمتين‬
‫صحيحتين مرتبطتين ببعضهما‪ .‬فاملنطق الاستنباطي له حدودت ونقائصه‪ ،‬وال يمكن الاعتماد‬
‫عليه وحدت للحصول على معرفة يمكن الواوق ف ها‪ .‬رغم أنه وسيلة مفيدة للحصول على‬
‫املعلومات‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬وبالرغم من قصورت‪ ،‬فإنه يفيد في عملية البحث العلمي‪ .‬فهو يقدم وسيلة لربط‬
‫النظرية باملالحظة‪ .‬ويتيح للباحثين أن ستنتجوا من النظريات النفسية القائمة‪ ،‬الظواهر‬
‫التي ينبغي مالحظتها‪ .‬فاالستنتاج من النظرية‪ ،‬يتيح طرح فرضيات تعد جيءا حيويا من‬
‫البحث العلمي‪ .‬وفيما يلي بعض ألامثلة‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ مثال من نظرية أيينك ألبعاد الشخصية‪.‬‬
‫ألايخا ألانطوائيون خجولون‪.‬‬
‫محمد يخ انطوا ي‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬محمد يخ خجول‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مثال من نتائج البحوث النفسية والتربوية‪.‬‬


‫التالميذ ألاذكياء ناجحون دراسيا‪.‬‬
‫نبيل تلميذ ذكي‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬نبيل تلميذ ناجح في دراسته‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ مثال من املمارسات الدينية‪.‬‬


‫املؤمن التقي يقيم الصالة في وقتها‪.‬‬
‫سعيد مؤمن تقي‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫إذن‪ ،‬سعيد يقيم الصالة في وقتها‪.‬‬
‫إن النتائج الثالاة السابقة صادقة من حيث أنها ترتبم بالضرورة على املقدمات املعطاة‪،‬‬
‫ولكنها قد ال تكون صحيحة في الواقع‪.‬‬

‫‪ )5‬الاستقراء واكتساب املعرفة‪.‬‬


‫ما دامم النتائج التي يصل إل ها إلانسان عن طريق التفكير القياس ي الاستنباطي ال‬
‫تصدق إال إذا اشتقم من مقدمات صادقة‪ ،‬فقد وجب على إلانسان أن يجد وسيلة للتحقق‬
‫من صدق القضايا ألاساسية‪ .‬لذلك تم إبداع التفكير الاستقرا ي ‪.Inductive Reasoning‬‬
‫وكان فرنسيس بيكون (‪ 1561‬ـ ‪ )1626‬أول من دعا إلى إيجاد طريقة جديدة للمعرفة‪ ،‬واعتقد‬
‫أنه يجب على املفكرين أن يحرروا عقولهم من قبول قضايا تفرضها املرجعيات كحقيقة‬
‫مطلقة‪ .‬ويرم أنه يتوجب على الباحث أن يصل إلى نتائج عامة على أساس حقائق يتم جمعها‬
‫من خالل املالحظة املباشرة‪.‬‬
‫و س تعمل التفكير الاستقرا ي‪ ،‬للتحقق من صدق الفكرة الكلية (النظرية‪ ،‬مثال) من‬
‫خالل جمع مالحظات ومشاهدات جيئية صادقة‪.‬‬
‫أي أنه في التفكير الاستقرا ي‪ ،‬تجرم مالحظات على أحداث جيئية من ظاهرة معينة‪ ،‬ام‬
‫تعمم على الظاهرة كلها‪.‬‬

‫أمثلة على الاستقراء ‪:‬‬


‫يتوصل عدد من الباحثين مستقلين عن بعضهم‪ ،‬وكل منهم في مان ومكان مختلف‪ ،‬إلى‬
‫أن إلاناث أكثر قلقا من الذكور‪.‬‬
‫ويتوصل باحثون آخرون إلى أن الذكور أكثر عدوانية من إلاناث‪.‬‬
‫ويتوصل باحثون آخرون إلى أن ذوي الضبط الداخلي للتعييي‪ ،‬يكونون ذوي دوافع‬
‫مرتفعة للنجا ‪ ،‬مقارنة بذوي الضبط الخارجي للتعييي‪.‬‬
‫ويتوصل باحثون آخرون كذلك‪ ،‬إلى أن ألايخا معتدلي التدين‪ ،‬سعداء‪ .‬وهكذا‪.‬‬

‫‪ )6‬املقارنة بين التفكير الاستنباطي والتفكير الاستقرا ي‪.‬‬


‫الحظ أنه في التفكير‬ ‫وعندما املقارنة بين التفكير الاستنباطي والتفكير الاستقرا ي‪ُ ،‬ي َ‬
‫الاستنباطي‪ ،‬ينبغي أن تكون القضايا معروفة‪ ،‬قبل أي نتيجة يتم التوصل إل ها‪ .‬لكن في‬
‫الت ـف ـك ـيـر الاس ـت ـق ـرائ ـي‪ ،‬يـت ـم الت ـوص ـل إلى الن ـت ـي ـج ـة بواس ـط ـة م ـالحظ ـة ألام ـث ـل ـة أو ألاج ـياء‪ ،‬ا ـم‬

‫‪32‬‬
‫التعميم من ألامثلة أو ألاجياء إلى الكل‪.‬‬
‫يقوم التفكير الاستنباطي على القياس‪ ،‬وهو الدعامة ألاساسية له‪ ،‬ويقوم التفكير‬
‫الاستقرا ي على الاستقصاء‪ .‬فإذا تم الاستقصاء على جميع ألاجياء‪ ،‬فإن هذا يدعى باالستقراء‬
‫التام‪ .‬ك ن ُ ستق ى جميع ألاطفال ألاياسر‪ ،‬للتعرل على مشكالتهم في الكتابة‪ ،‬أو ُ ستق ى‬
‫جميع املدمنين للهروين ملعرفة ما إذا كانوا شعرون بالتعاسة‪ ،‬أو ُ ستق ى جميع النساء‬
‫كن حييات (يتسمن بالحياء)‪ .‬وبما أن هذا غير ممكن القيام به عمليا‪ ،‬فإنه يمكن‬ ‫إذا ّ‬
‫استقصاء عينة من هؤالء‪ ،‬ام تعمم النتيجة على الكل‪ ،‬و عرل هذا باالستقراء الناق أو‬
‫الجي ي‪ ،‬ألن الاستقراء التام‪ ،‬يمكن فقط عندما تكون املجموعة التي يتم استقصاؤها‬
‫صغيرة‪ ،‬ومعروفة كلها لدم الباحث‪ ،‬و سهل الاتصال بها‪ ،‬وأخذ معلومات منها‪ .‬وألن هذت‬
‫الحاالت ال تتوفر إال نادرا‪ ،‬فالباحثون يلجؤون إلى الاستقراء الناق أو الجي ي‪ .‬أي القيام‬
‫باملعاينة‪.‬‬
‫والفرق بين التفكير الاستنباطي والتفكير الاستقرا ي‪ ،‬يتبين من ألامثلة آلاتية ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ التفكير الاستنباطي ‪:‬‬
‫القاطنون في ألاحياء الفقيرة يتعاطون املخدرات‪.‬‬
‫سعيد ورشيد وجمال ونعيمة يقطنون في أحياء فقيرة‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬كل من سعيد ورشيد وجمال ونعيمة يتعاطون املخدرات‪.‬‬

‫التالميذ ألاذكياء ناجحون في دراستهم‪.‬‬


‫إن سمير وناصر وسعاد والمية تالميذ أذكياء‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬كل من سمير وناصر وسعاد والمية ناجحون في دراستهم‪.‬‬

‫الاستجابات املعي ة تستمر في الصدور‪.‬‬


‫صدرت من التلميذ صالح استجابة ناجحة فعي ها املعلم‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬ستستمر استجابة التلميذ صالح في الصدور‪.‬‬

‫التفكير الاستقرا ي ‪:‬‬


‫سعيد ورشيد وجمال يقطنون في أحياء فقيرة ويتعاطون املخدرات‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬فإن َّ‬
‫كل من يقطن في أحياء فقيرة يتعاط املخدرات‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫سمير وناصر وسعاد والمية تالميذ مسلمون يصومون رمضان‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬فإن كل مسلم يصوم رمضان‪.‬‬

‫سليم وجمال وليلى وخديجة وسارة وعا شة انطوائيون وخجولون‪.‬‬


‫وبناء على ذلك‪ ،‬فإن كل انطوا ي خجول‪.‬‬

‫‪ )7‬الطريقة الاستقرائية وبناء النظرية العلمية‪.‬‬


‫ساهمم الطريقة الاستقرائية أكثر من الطريقة الاستنباطية‪ ،‬في بناء املعرفة العلمية‪،‬‬
‫وخاصة النظريات العلمية‪ ،‬ذلك أنه عند تتبع مسار بناء العلماء للنظريات العلمية‪ ،‬في كل‬
‫التخصصات العلمية‪ ،‬أن جهودهم كانم تقوم بجمع املعلومات الجيئية‪ ،‬حول الظاهرة محل‬
‫البحث‪ ،‬ودراستها والربط بين تلك ألاجياء‪ ،‬للتوصل بعدها إلى فكرة عامة‪ ،‬تتضمن فهم‬
‫الظاهرة وتفسيرها‪ ،‬ام التنبؤ بها والتحكم ف ها‪.‬‬
‫وبالنسبة لعلم النفس‪ ،‬فإن املنظرين فيه‪ ،‬كل واحد منهم استغرق سنوات يجمع‬
‫املعلومات حول الظاهرة‪ ،‬محل اهتمامه‪ ،‬توصل بعدها إلى صياغة النظرية‪ ،‬بصفتها نتيجة‬
‫كلية‪ ،‬تفسر كل تلك ألاجياء‪.‬‬
‫لقد استغرق السيكولوجي إلانجليزي ج‪ .‬هـ‪ .‬إيينك ‪ 20‬سنة‪( ،‬من الحرب العاملية الثانية‬
‫إلى عام ‪ ،)1963‬وهو يجمع معلومات لبناء نظريته في أبعاد الشخصية‪.‬‬
‫واستغرق‪ ،‬الطبيب النمساوي‪ ،‬سيغموند فرويد‪ ،‬أكثر من ‪ 40‬سنة‪ ،‬وهو يجمع معلومات‬
‫لبناء نظرية التحليل النفس ي‪.‬‬
‫واستغرق السيكولوجي السو سري‪ ،‬جان بياجي‪ ،‬حوالي ‪ 50‬سنة‪ ،‬وهو يجمع معلومات‬
‫حول طرق تفكير ألاطفال‪ ،‬وكيف تنمو املعرفة عند إلانسان‪.‬‬
‫واشتغرق السيكولوجيون ألامريكيون (اورندايك‪ ،‬واطسن‪ ،‬سكينر‪ ،‬طوملان‪ ،‬جااري‬
‫وغيرهم)‪ ،‬عشرات السنين‪ ،‬وهم يجمعون معلومات عن طرق حدوث التعلم‪.‬‬
‫نالحظ أن العلم يبدأ باالستقراء‪ ،‬أي بحث ألاجياء والوحدات املفردة‪ ،‬ويتوصل إلى فهم‬
‫شملها كلها (استنباط) أي النظريات‪ .‬فالنظريات السيكولوجية السابق ذكرها‪ ،‬بعد أن تم‬
‫بناؤها عن طريق الاستقراء‪ ،‬يمكن بعد ذلك البداية منها كمرجعيات صادقة (استنباط)‬
‫لتفسير أحداث جيئية‪.‬‬
‫إن نظرية ألابعاد في الشخصية‪ ،‬ترم أن كل يخ يتسم بالد ستيميا ‪Dysthemia‬‬
‫(عـسـر امل ـياج)‪ ،‬أي الش ـخ ـ الان ـط ـوا ي‪ /‬الع ـص ـابي‪ ،‬ـع ـاني من اض ـط ـراب ـات الق ـل ـق امل ـع ـم ـم‬

‫‪34‬‬
‫التالية ‪ :‬الخول‪ ،‬القلق‪ ،‬الاكتئاب‪ ،‬توهم املرض‪ ،‬الوسواس القهري‪.‬‬
‫فنقول ‪:‬‬
‫ـ ألايخا الد ستيميون عانون من اضطرابات القلق املعمم‪.‬‬
‫ـ إبراهيم وسعاد وسارة أيخا د ستيميون‪.‬‬
‫ـ إذن‪ ،‬إبراهيم وسعاد وسارة عانون من اضطرابات القلق املعمم‪.‬‬
‫وترم نفس النظرية‪ ،‬كذلك‪ ،‬أن الانطوائيين‪ ،‬يتسمون بالتردد والخجل والجدية وألامانة‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫وهكذا يتبين أنه رغم شراسة فيلسول العلم‪ ،‬كارل بوبر‪ ،‬في نقدت الرافض لالستدالل‬
‫الاستقرا ي‪ ،‬كمصدر للمعرفة‪ ،‬إال أن املعرفة العلمية في جوهرية استقرائية‪.‬‬

‫‪ )8‬الطريقة العلمية واكتساب املعرفة‪.‬‬


‫استطاع العلماء‪ ،‬حوالي القرن السابع عشر‪ ،‬أن يبدعوا منهجا جديدا الكتساب املعرفة‪،‬‬
‫وهو املنهج الذي تولدت عنه الحركة العلمية الحديثة‪.‬‬
‫الحظ العلماء ب ن الاستقراء‪ ،‬الذي أبدعه فرانسيس بيكون‪ ،‬يؤدي إلى جمع كثير من‬
‫الحقائق بطريقة غير منظمة‪ ،‬و عطي في النهاية أكداسا كبيرة من املعلومات غير الهادفة‪ .‬ألنها‬
‫ال عالقة لها بمشكلة ما‪ .‬لذلك حاول علماء‪ ،‬أمثال نيوتن وجاليليو وخلفائهم‪ ،‬أن يصمموا‬
‫منهجا أكثر فاعلية في اكتساب املعرفة الهادفة واملواوق بها‪ .‬وجمعوا لذلك بين عمليات‬
‫التفكير الاستنباطي وعمليات التفكير الاستقرا ي‪ .‬وأنتج هذا الجمع بين الفكر واملالحظة‪،‬‬
‫ظهور الطريقة العلمية‪ ،‬أو منهج البحث العلمي‪ .‬وفيما يلي الخطوات أو املراحل التي سير‬
‫عل ها الباحث وفق أسلوب الطريقة العلمية‪.‬‬

‫اانيا ‪ :‬خطوات الطريقة العلمية‬


‫في الحقيقة‪ ،‬صارت خطوات الطريقة العلمية محددة ومعروفة‪ ،‬وال اختالل حولها بين‬
‫الباحثين‪ .‬وهي ال تختلف عن خطوات التفكير العلمي التي حددها جون ديوي ‪ J. Dewey‬في‬
‫كتابه "كيف نفكر ؟" عام ‪ ،1910‬بل هي نفسها‪ .‬وأعرضها كما يلي مع تقديم مثال يوضحها‬
‫للباحث املبتدئ‪.‬‬

‫‪ )1‬الشعور بوجود مشكلة أو ظاهرة يصعب فهمها‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫كـ ن ت ـواج ـه الف ـ َ‬
‫رد مش ـكل ـة أو ظاهـ ـرة غريبة يص ـع ـب فـهـم ـها وتـفـس ـيرها‪ .‬ول ـت ـك ـن ظاه ـرة‬

‫‪35‬‬
‫إلادمان على املخدرات مثال‪ ،‬هي التي سببم له الحيرة وأاارت عندت تساؤالت لم ستطع إلاجابة‬
‫عنها‪ .‬حيث الحظ أن هناك أفرادا يتعاطون عقارا مخدرا باستمرار‪ ،‬دون أن ستطيعوا‬
‫التوقف عن ذلك‪ ،‬رغم التحذيرات الطبية والنداءات ألاخالقية والاجتماعية التي تنبههم إلى‬
‫خطورة ذلك‪ ،‬على مستوم الصحة وتبديد ألاموال‪ ،‬وضياع ألاخالق‪ ،‬وتفكيك ألاسر‪.‬‬

‫‪ )2‬جمع املعلومات أو تحليل املشكلة‪.‬‬


‫وتبدأ هذت املرحلة با شارة إلى أهمية دراسة هذت الظاهرة‪ ،‬سواء من الناحية النظرية‬
‫أم العملية‪ .‬وتعريف مفاهيمها‪ ،‬بحيث يتم تمييزها عن مفاهيم أخرم مرتبطة بها‪ .‬فبالنسبة‬
‫لظاهرة إلادمان على املخدرات‪ ،‬ينبغي توضيح الفرق بين مفهوم إلادمان ومفهوم التعود‪.‬‬
‫والفرق بين التعود النفس ي والاعتماد البدني‪ .‬وتحديد املفهوم الذي شير بدقة إلى الظاهرة‬
‫موضع البحث‪ ،‬وإلاشارة كذلك إلى أنواع املخدرات‪ ،‬ومناقشة النظريات وألافكار التي وضعم‬
‫لتفسير هذت الظاهرة‪ .‬مثل ‪ :‬نظريات الطب وعلم النفس وعلم الاجتماع‪ ،‬كذلك نتائج‬
‫الدراسات لدم الهيئات العلمية كاملنظمة العاملية للصحة والجمعية ألامريكية لعلم النفس‬
‫وغيرها‪ ،‬للوصول إلى مفهوم واضح ودقيق لسلوك إلادمان‪ .‬مستعرضا‪ ،‬في نفس الوقم‪ ،‬نتائج‬
‫الدراسات السابقة التي أجريم حول هذت الظاهرة‪ ،‬في إطار تصور نظري مما سبق عرضه‪.‬‬
‫مع طرح بعض التساؤالت عن العوامل التي عتقد أنها هي املسؤولة عن إدمان املخدرات‪،‬‬
‫من خالل ما تم عرضه سابقا‪ ،‬واختبارها وفقا ملا تذهب إليه النطريات ونتائج الدراسات‬
‫السابقة‪ ،‬متجها إلى تضييق مشكلة بحثه بالتدريج إلى أن يصل إلى أكثر ألاسباب املشتبه ف ها‬
‫على أنها املسؤولة عن ظاهرة إدمان املخدرات‪.‬‬

‫‪ )3‬تحديد املشكلة وحصرها‪.‬‬


‫إن الجهد الذي قام به الباحث في الفقرة السابقة‪ ،‬كان هدفها ألاساس ي هو الوصول إلى‬
‫تحديد مشكلة البحث بدقة‪ ،‬بحيث تصير قابلة للبحث العلمي‪( .‬وكل ما ورد في هذت الفقرة‬
‫والفقرة السابقة‪ ،‬سول يتم شرحه في الفصل الرابع عند تناول مشكلة البحث ‪ :‬تحليلها‬
‫وتحديدها)‪.‬‬

‫‪ )4‬وضع الفروض‪.‬‬
‫بعد أن يقوم الباح ـث بتحليل مشكل ـة بح ـث ـه تح ـلي ـال جي ـدا‪ ،‬ويص ـل إلى وض ـع التساؤالت‬

‫‪36‬‬
‫عن ألاسباب التي توصل إلى كونها أكثر مسؤولية عن حدوث الظاهرة موضوع البحث‪ ،‬يقوم‬
‫بوضع الفروض‪ .‬ووضع الفروض ع ي أن الباحث دخل في مرحلة حل املشكلة‪ .‬ألن الفرض‬
‫ع ي تفسيرا مؤقتا‪ ،‬أو اقتراحا مؤقتا‪ ،‬أو حال مؤقتا للمشكلة‪ .‬فيضع مثال الفروض التالية ‪:‬‬
‫ـ يدمن ألافراد تعاطي املخدرات بسبب شعورهم بالتعاسة‪.‬‬
‫ـ يدمن ألافراد تعاطي املخدرات ألنهم عيشون في وسط تنتشر فيه املخدرات‪.‬‬
‫ـ يدمن ألافراد تعاطي املخدرات للتخفيف من آالمهم البدنية‪.‬‬
‫ـ يدمن ألافراد تعاطي املخدرات ملسايرة جماعاتهم املرجعية‪.‬‬
‫ـ يدمن ألافراد تعاطي املخدرات لتحقيق الشعور باالنتماء‪.‬‬
‫ـ يدمن ألافراد تعاطي املخدرات بسبب تفاقم مشكالتهم ألاسرية‪.‬‬

‫‪ )5‬اختبار الفروض‪.‬‬
‫وفي هذت املرحلة يضع الباحث خطة أو تصميما مالئما لبحثه يتم من خالله اختبار مدم‬
‫صحة الفروض التي صاغها‪ .‬فيحدد املنهج املناسب‪ ،‬والعينة وطرق اختيارها‪ ،‬وألادوات التي‬
‫يجمع بها املعلومات وطرق استعمالها وطرق معالجة البيانات التي يحصل عل ها من العينة‬
‫وطرق عرض النتائج‪.‬‬

‫‪ )6‬عرض النتائج‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن الباحث سول يتوصل إلى نتائج معينة‪ ،‬سفر عنها بحثه‪ .‬وهذت‬
‫النتائج تحتاج إلى مناقشة وفهم وتفسير‪ ،‬ليحكم على فروضه بالصحة أو بالخط ‪ ،‬وذلك‬
‫بإخضاع النتائج التي حصل عل ها إلى معيار الداللة إلاحصائية‪ ،‬ومن ام علن عن نتائج بحثه‬
‫وفقا ملا تذهب إليه التفسيرات النظرية ونتائج الدراسات السابقة‪.‬‬
‫توضح خطوات الطريقة العلمية هذت‪ ،‬كيف عمل الاستقراء والاستنباط كطريقتين‬
‫للتفكير يصل بهما الباحث إلى املعرفة العلمية الحقيقية‪.‬‬
‫فعندما يجمع الباحث املعلومات حول املشكلة (إلادمان) من النظريات ونتائج الدراسات‬
‫السابقة ويتوصل إلى صياغة الفروض‪ ،‬فهو يقوم باالستقراء‪ ،‬أما عندما يكتشف النتائج‬
‫املنطقية التي تترتب عن الفروض‪ ،‬و ستبعد الفروض التي ال تتفق مع الحقائق‪ ،‬فهو يقوم‬
‫باالستنباط‪ .‬ام عود إلى الاستقراء مرة أخرم ليسهم في تحقيق الفروض الباقية‪ .‬وهكذا‬
‫يتنقل الباحث باستمرار بين جمع الحقائق وإصدار تعميمات (فروض) لتفسير الحقائق‪،‬‬

‫‪37‬‬
‫واستنباط نتائج الفروض‪ ،‬ام البحث عن املييد من الحقائق الختبار صدق الفروض‪ ،‬حتى‬
‫يصل من خالل كل من الاستقراء والاستنباط إلى إنتاج معرفة يمكن الواوق بها‪.‬‬
‫ومهما يكن ترتيب هذت الخطوات‪ ،‬فليس من الضروري التقيد بها في كل ألاحوال‪ .‬بمع ى‬
‫أنها ال تسير باستمرار بنفس التتابع‪ .‬ذلك أن العقل البشري ال يتقيد بخطوات محددة‪ ،‬بل‬
‫قد ينتقل من خطوة إلى أخرم‪ ،‬ام عود إلى الخطوة ألاولى مرة اانية‪ .‬كما أنها ليسم بالضرورة‬
‫مراحل فكرية منفصلة‪ ،‬فقد يحدث كثير من التداخل بينها‪ .‬كذلك قد تتطلب بعض املراحل‬
‫جهدا ضئيال‪ ،‬بينما ستغرق البعض آلاخر جهدا ووقتا طويلين‪.‬‬
‫ويتضح مما سبق‪ ،‬أن أكثر خطوات الطريقة العلمية أهمية‪ ،‬هي تحديد املشكلة‪ .‬ألن‬
‫مشكلة البحث إذا كانم محددة‪ ،‬ستوجه الباحث بدقة نحو الحل‪ .‬أما إذا كانم غامضة‪،‬‬
‫فإنه سيستغرق وقتا طويال في جمع املعلومات والحقائق‪ ،‬التي سيشعر بعد جمعها أن الكثير‬
‫منها ليس ضروريا‪.‬‬

‫االثا ‪ :‬أوجه الطريقة العلمية‬


‫يمكن القول‪ ،‬في هذت الحالة‪ ،‬أن جميع العلوم تشترك في هذت الطريقة العلمية‪ ،‬عامة‪،‬‬
‫من أجل الوصول إلى معرفة يمكن الواوق بها‪ ،‬وذلك بالرغم من اختالل كل علم عن آلاخر‬
‫في الجوهر‪ ،‬أو في تميز فنيات البحث فيه‪ .‬إن الطريقة العلمية في البحث‪ ،‬هي التي تقرر فيما‬
‫إذا كان هذا الفرع من املعرفة علما أم ال‪ .‬وهناك أوجه للطريقة العلمية‪ ،‬وهي افتراضات‬
‫العلماء‪ ،‬واتجاهاتهم وخصائصهم‪ ،‬والنظرية العلمية‪ .‬أتناولها فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ )1‬افتراضات العلماء‪.‬‬
‫وضع العلماء مجموعة من الافتراضات‪ ،‬تمثل مجموعة من ألاسس التي يقوم عل ها املنهج‬
‫العلمي‪ .‬وأحد هذت الافتراضات‪ ،‬هي أن الظواهر التي يقومون ببحثها‪ ،‬منظمة وتخضع‬
‫لقوانين‪ ،‬بحيث ال توجد ظاهرة تحدث بالصدفة أو بسبب نيوة‪.‬‬
‫إن العلم ستند إلى الاعتقاد ب ن جميع الظواهر تحدث بعوامل تسبقها‪ .‬ويدعى هذا‬
‫الافتراض بـ "الحتمية العامة"‪ .‬وحتى البدائيين كانوا يفترضون أسبابا خارقة للطبيعة لألحداث‬
‫التي يالحظونها‪.‬‬
‫يتطور العلم الحديث‪ ،‬إال بعد أن بدأ الناس يتخلون عن التفسيرات الخارقة‬ ‫ّ‬ ‫ولم‬
‫للطبيعة‪ .‬وأخذوا يراقبون الطبيعة ذاتها للحصول على ألاجوبة عن أسئلتهم‪ .‬وترجمة هذا‬

‫‪38‬‬
‫الافتراض‪ ،‬هو أن أحدااا معينة‪ ،‬سول تقع تحم ظرول معينة‪ .‬فالسيكولوجي يفترض أن‬
‫الظواهر السلوكية‪ ،‬تخضع للقوانين وقابلة للتنبؤ‪.‬‬
‫ويفترض العلماء كذلك‪ ،‬أن الظواهر منظمة‪ ،‬ويمكن اكتشال هذا التنظيم بالطريقة‬
‫العلمية‪.‬‬
‫ويفترض العلماء أن حقيقة الظواهر يمكن اكتشافها من خالل املالحظة املباشرة‪،‬‬
‫والاعتماد على املالحظة العلمية‪ .‬وأن الطريقة العلمية هي التي تميز بين ما هو علمي وما هو‬
‫غير علمي‪ .‬فالعالم ال عتمد على مرجعيات كمصدر للحقيقة‪ ،‬بل يصر على الدليل الذي‬
‫تقدمه الطريقة العلمية‪.‬‬

‫‪ )2‬اتجاهات العلماء وخصائصهم‪.‬‬


‫يكتسب العلماء اتجاهات خاصة أاناء إنجا هم ألعمالهم‪ .‬وتعت ر هذت الاتجاهات من‬
‫خصائصهم التي يتصفون بها‪ ،‬ويتميزون بها عن غيرهم من ألايخا العاديين‪ .‬وتتمثل هذت‬
‫الاتجاهات والخصائ فيما ي تي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ عدم اليقين إ اء النتائج العلمية‪.‬‬


‫عت ر العلماء النتائج العلمية مؤقتة‪ ،‬وال يقبلونها إال إذا أمكن التحقق من صحتها‪.‬‬
‫ويحدث التحقق عندما يتمكن آلاخرون من إعادة البحوث والحصول على نفس النتائج‪.‬‬
‫ويخت ر العلماء الفروض وألاسئلة املتعلقة بالعالقات بين الظواهر‪ .‬و علنون لآلخرين‪ ،‬من‬
‫العلماء‪ ،‬الطرق التي تم بها الاختبار‪ ،‬ليتحققوا منها ومن النتائج التي توصلوا إل ها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ املوضوعية‪.‬‬
‫عند قيامهم باملالحظات والبحوث وتفسير النتائج‪ ،‬يبذل العلماء جهودا خاصة‪ ،‬بعاد‬
‫انحيا اتهم الشخصية من الت اير على مالحظاتهم وبحوثهم‪ .‬فهم يبحثون عن الحقيقة‪،‬‬
‫ويتقبلون النتائج‪ ،‬حتى ولو كانم متعارضة مع آرائهم الشخصية‪ .‬ويبدون استعدادهم لرفض‬
‫أية نظرية‪ ،‬إذا لم تؤيدها ألادلة بالطريقة العلمية‪ ،‬أو يقومون بتعديلها لتتفق مع البيانات‬
‫الحقيقية‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ 3‬ـ التعامل مع الحقائق وليس مع القيم‪.‬‬
‫عـن ـدما ين ـج ـي الع ـل ـماء بح ـوا ـه ـم‪ ،‬ال ش ـيرون مط ـل ـقا إلى أي ـة م ـضام ـين أخ ـالقي ـة مح ـت ـم ـل ـة‬
‫الستنتاجاتهم‪ .‬وال يصدرون أحكاما ملا هو جيد وما هو سيئ‪ .‬وال يقولون هذا حالل وهذا حرام‪.‬‬
‫فالعلماء يقدمون البيانات التي حصلوا عل ها بصفتها حقائق‪ ،‬خالية من كل ت ويل قيمي أو‬
‫أخالقي‪ .‬حتى ولو كانم هذت البيانات تتعلق بمشكلة تتضمن قيما‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ الدمج للنتائج العلمية‪.‬‬


‫من تقاليد البحث العلمي‪ ،‬أن يبدأ العلماء بحوثهم ومالحظاتهم من نظريات أو من نتائج‬
‫دراسات سابقة‪ .‬وإذا ما حصلوا على استنتاجات ذات مصداقية علمية‪ ،‬يقومون بإدماجها‬
‫ّ‬
‫ويتطور‪.‬‬ ‫في إلاطار املعرفي أو املنظومة العلمية التي انطلقوا منها‪ .‬لينموا العلم‬

‫‪ 5‬ـ الثقة بالعلم وبالبحث العلمي‪.‬‬


‫من اتجاهات العلماء‪ ،‬الثقة في العلم في إيجاد الحلول للمشكالت التي تواجه إلانسان‪.‬‬
‫وأن أسلوب مواجهة هذت املشكالت‪ ،‬تعتمد على استعمال البحث العلمي‪ .‬فالبحث العلمي‬
‫ساعد البشر على اكتشال املشكالت‪ ،‬وإيجاد حلول لها‪ .‬كما يثق الباحث العلمي‪ ،‬ب ن العلم‬
‫هو وسيلة إلانسان للوصول إلى الحقائق في املجال النظري‪ ،‬وتحسين أساليب الحياة في‬
‫املجال العملي‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ إلايمان بضرورة الاستمرار في البحث العلمي‪.‬‬


‫عتقد الباحث العلمي أن املشكالت التي تتحدم إلانسان متنوعة‪ .‬والحياة بطبيعتها‬
‫معقدة ومتغيرت باستمرار‪ .‬فالظواهر إلانسانية في تغير دائم ومستمر‪ .‬وال بد من دراستها‬
‫ومتابعتها باستمرار‪ ،‬حتى تكون التفسيرات التي يقدمها الباحث مسايرة لهذا التغير‪ .‬لذا‪ ،‬ال‬
‫يصل الباحث إلى درجة من الاكتفاء العلمي‪ .‬بل يبق مدفوعا إلى ممارسة البحث العلمي‬
‫باستمرار‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ الانفتاح العقلي‪.‬‬


‫يتخل العلماء من التزمم والتعصب والجمود والتحيز والاعتماد على املعتقدات‬
‫املسبقة‪ .‬فالباحث العلمي‪ ،‬يكون متفتح العقل‪ .‬ومتحررا أاناء البحث واكتشال الحقائق‪،‬‬

‫‪40‬‬
‫حتى ولو كانم مخالفة ملعتقداته وأحكامه‪ .‬ويكون مستعدا دائما لتغيير أفكارت‪ ،‬إذا ما وجد‬
‫وقا ع أو شواهد تعارضها‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ البعد عن الجدل‪.‬‬


‫إن الباحث العلمي ال يجادل غيرت‪ .‬فالجدال دليل على التعصب والتحيز والجمود‬
‫الفكري‪ .‬بل يقدم النقد البناء‪ ،‬ويقترح البديل‪ .‬فاملجادل عادة ما يثق في رأيه بصورة مطلقة‪،‬‬
‫فيحاول فرضه على آلاخرين‪ .‬بينما يميل الباحث العلمي إلى الاعتماد على املالحظة العلمية‬
‫وعلى ال قياس‪ .‬ويثق في املعلومات التي تم التوصل إل ها ب ساليب الطريقة العلمية‪ ،‬املتسمة‬
‫باملوضوعية‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ تقبل الحقائق‪.‬‬


‫يتميز الباحث العلمي ب نه يبحث عن الحقائق‪ ،‬ومن الطبيهي أن يتقبلها بعد أن يكتشفها‪.‬‬
‫كما أنه مستعد لتقبل الحقائق التي يكتشفها آلاخرون‪ .‬وال يتحيز لحقيقة معينة‪ ،‬وال يقف‬
‫منها موقفا معاديا‪ ،‬حتى ولو كانم مخالفة لرأيه‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ ألامانة والدقة‪.‬‬


‫إن الباحث العلمي أمين ودقيق في مالحظة الظواهر‪ ،‬وأمين ودقيق في وصفها‪ .‬وأمين‬
‫ودقيق في جمع ألادلة واملالحظات‪ .‬وأمين ودقيق في إعالن النتائج‪ .‬و عتمد على معايير‬
‫املوضوعية والكفاءة في تقدير ما يجمعه من أدلة ومالحظات‪.‬‬

‫‪ 11‬ـ الابتعاد عن التسرع والادعاء‪.‬‬


‫ال يتسرع الباحث العلمي في الوصول إلى القرارات أو ألاحكام‪ .‬وال ّيدعي معرفة لم يتوصل‬
‫إل ها بالبحث العلمي‪ ،‬أو ال يتوفر على أدلة قوية وموضوعية عل ها‪ .‬ويمتنع عن تقديم إلاجابات‬
‫عن ألاسئلة‪ ،‬ما لم يكن قادرا على إقامة الدليل على ما ّيدعي‪.‬‬

‫‪ 12‬ـ الاعتقاد في قانون العلية‪.‬‬


‫عتقد الباحث العلمي أن لكل ظاهرة سبب‪ ،‬أو مجموعة من ألاسباب والعوامل أدت إلى‬
‫حدوثها‪ .‬ولفهم أية ظاهرة‪ ،‬ال بد من الرجوع إلى أسبابها املباشرة‪ ،‬وال يمكن حدوثها بالصدفة‪،‬‬

‫‪41‬‬
‫وال عتمد عل ها في تفسير الظواهر‪ .‬كما يبتعد عن التفسيرات الغيبية أو الخرافية‪ ،‬أو التي‬
‫تعتمد على ألاحكام املسبقة‪.‬‬

‫‪ 13‬ـ النقد‪.‬‬
‫شار إلى النقد‪ ،‬ب نه ضمير العلم‪ .‬والنقد هو أول مع ى للموضوعية‪ .‬ومع ى ذلك‪ ،‬أن‬
‫ا لباحث العلمي ال يت ار باملسلمات القائمة أو الشا عة‪ .‬فهو ينقد نفسه وينقد آلاخرين‪ .‬وله‬
‫القدرة على أن يخت ر ألافكار السائدة‪ ،‬سواء على املستوم الشعبي‪ ،‬أم في ألاوساط العلمية‪.‬‬
‫وال يقبل أي نتائج صادرة عن أبحاث علمية‪ ،‬إال إذا كانم مقنعة وقائمة على أسس عقلية‬
‫وعلمية سليمة‪.‬‬

‫‪ 14‬ـ النزاهة‪.‬‬
‫تعت ر النزاهة كذلك مع ى اانيا أساسيا من معاني املوضوعية‪ .‬وترتبط ارتباطا قويا‬
‫بالقدرة على النقد‪ .‬فالعالم النزيه هو الذي يقف من أعماله موقفا نقديا‪ ،‬ويتقبل نقد‬
‫آلاخرين‪ .‬وتبدو نياهة الباحث العلمي كذلك‪ ،‬في التخل من عوامل الذاتية من عمله العلمي‪.‬‬
‫فحين يمارس عمال علميا‪ ،‬يطرح مصالحه وميوله واتجاهاته الشخصية جانبا‪ ،‬ويتناول عمله‬
‫بتجرد تام‪.‬‬

‫‪ 15‬ـ الحياد‪.‬‬
‫إذا كانم املوضوعية‪ ،‬هي الصفة التي تتضمن جميع جوانب ألاخالق العلمية‪ ،‬فإن املع ى‬
‫الثالث للموضوعية هو الحياد‪ .‬فالشخ املوضوعي يكون منطقيا محايدا‪ .‬بحيث ال ينحا‬
‫إلى أي طرل من أطرال النزاع العلمي والفكري‪ .‬فهو عطي لكل فكرة حقها الكامل للتعبير‬
‫عن نفسها‪ .‬ويين كل ألادلة بعقل خال من التحيز‪ .‬فاملوضوعات التي يتناولها‪ ،‬وألافكار التي‬
‫تقدم أمامه‪ ،‬ينظر إل ها كلها على قدم املساواة‪ ،‬دون تفضيل إحداها على آلاخرم‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مراجع الفصل الثاني‬
‫‪ 1‬ـ إبراهيم وجيه محمود‪ ،‬محمود عبد الحليم منس ي (‪ .)1983‬البحوث النفسية والتربوية‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار املعارل‪ 9 : .‬ـ ‪.21‬‬
‫‪ 2‬ـ أحمد بدر (‪ .)1978‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪ .‬الطبعة الرابعة‪ .‬الكويم‪ ،‬وكالة‬
‫املطبوعات‪ 37 : .‬ـ ‪.62‬‬
‫‪ 3‬ـ أحمد عطية أحمد (‪ .)2003‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس ـ رؤية نقدية‪ .‬الطبعة‬
‫الثانية‪ .‬القاهرة‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪.59 : .‬‬
‫‪ 4‬ـ أحمد محمد عبد الخالق (‪ .)1987‬ألابعاد ألاساسية للشخصية‪ .‬الطبعة الرابعة‪.‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪.47 : .‬‬
‫‪ 5‬ـ إكرام سيد غالب (‪ .) 1997‬وحدة املنهج العلمي في كل من العلوم الطبيعية وإلانسانية ‪:‬‬
‫دراسة تحليلية للطرق وألاساليب‪ .‬مجلة التربية للبحوث التربوية والنفسية والاجتماعية‬
‫العدد ‪ ،67‬القاهرة‪ ،‬جامعة ألا هر‪ 219 : .‬ـ ‪.261‬‬
‫‪ 6‬ـ الدمردام سرحان‪ ،‬منير كامل (‪ .)1963‬التفكير العلمي‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة‬
‫الانجلو املصرية‪ 69 : .‬ـ ‪ 143 ،93‬ـ ‪.158‬‬
‫‪ 7‬ـ بشير معمرية (‪ .)2001‬مصدر الضبط والصحة النفسية وفق الاتجات املعرفي السلوكي ـ‬
‫دراسة ميدانية‪ .‬الجيائر‪ ،‬دار الخلدونية‪ 88 : .‬ـ ‪.89‬‬
‫‪ 8‬ـ بوب ماتيو ‪ ،‬ليز روس (‪ .) 2016‬الدليل العملي ملناهج البحث في العلوم الاجتماعية‪ .‬ترجمة‬
‫‪:‬‬ ‫وتقديم وتعليق‪ :‬محمد الجوهري‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬املركي القومي للترجمة‪.‬‬
‫‪ 153‬ـ ‪.166‬‬
‫‪ 9‬ـ جابر عبد الحميد جابر‪ ،‬أحمد خيري كاظم (‪ .)1996‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ 17 : .‬ـ ‪.44‬‬
‫‪ .10‬جودت شاكر محمود (‪ .)2007‬البحث العلمي في العلوم السلوكية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة‬
‫ألانجلو املصرية‪ 247 : .‬ـ ‪ 305 ،250‬ـ ‪.307‬‬
‫‪ .11‬جو يف جاسترو (د‪ .‬ت)‪ .‬التفكير السديد‪ .‬ترجمة ‪ :‬نظمي لوقا (‪ .)1958‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مؤسسة الخانجي‪ 13 : .‬ـ ‪.76‬‬
‫‪ .12‬جيمس كييف‪ ،‬هيربرت ويل رج (‪ .)1992‬التدر س من أجل تنمية التفكير‪ .‬ترجمة ‪ :‬عبد‬
‫العييي بن عبد الوهاب البابطين (‪ .)1995‬الرياض‪ ،‬مكتب التربية العربي لدول الخليج‪: .‬‬
‫‪ 193‬ـ ‪.202‬‬
‫‪ .13‬حسين عبد الف ـتاح (‪ .)2005‬ع ـناص ـر محاض ـرات م ـادة الب ـح ـث الع ـل ـمي في التربية وع ـل ـم‬

‫‪43‬‬
‫‪ 12 :‬ـ ‪.14‬‬ ‫النفس‪ .‬قسم علم النفس ـ جامعة أم القرم بمكة املكرمة‪.‬‬
‫َ َ‬
‫‪ .14‬حمدي أبو الفتوح ُعط ْيفة (‪ .)1996‬منهجية البحث العلمي وتطبيقاتها في الدراسات‬
‫التربوية والنفسية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ 15 : .‬ـ ‪ 63 ،43‬ـ ‪.65‬‬
‫‪ .15‬عبد الحليم محمود السيد وآخرون (‪ .)1990‬علم النفس العام‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫مكتبة غريب‪ 336 : .‬ـ ‪ 382 ،339‬ـ ‪ 407 ،384‬ـ ‪.409‬‬
‫‪ .16‬علي معمر عبد املؤمن (‪ .)2008‬مناهج البحث في العلوم الاجتماعية ـ ألاساسيات‬
‫‪:‬‬ ‫والتقنيات وألاساليب‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬بنغا ي ـ ليبيا‪ ،‬منشورات جامعة ‪ 7‬أكتوبر‪.‬‬
‫‪ 97‬ـ ‪.105‬‬
‫‪ .17‬محمد محمود الكبيس ي (‪ .)2009‬فلسفة العلم ومنطق البحث العلمي‪ .‬بغداد‪ ،‬بيم‬
‫الحكمة العراقي‪.69 : .‬‬
‫‪ .18‬محمد عبد السميع عثمان (‪ .)1988‬رؤية منهجية الستعمال أدوات وأساليب البحث‬
‫العلمي في كل من العلوم الطبيعية وإلانسانية‪ .‬مجلة التربية باأل هر العدد ‪ .12‬القاهرة‪،‬‬
‫جامعة ألا هر‪ 113 : .‬ـ ‪.137‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫النظرية العلمية وبعض أمثلتها في علم النفس‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫هدل الدراسة‪.‬‬
‫أسئلة الدراسة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أهمية النظرية العلمية وأهدافها‬
‫‪ )1‬أهمية النظرية العلمية‪.‬‬
‫‪ )2‬أهدال النظرية العلمية‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬النظرية العلمية ـ نشوؤها‪ ،‬مالمحها‪ ،‬شروطها‬
‫‪ )1‬نشوء النظرية العلمية‪.‬‬
‫‪ )2‬مالمح النظرية العلمية‪.‬‬
‫‪ )3‬شروط النظرية العلمية‪.‬‬
‫االثا ‪ :‬التنظير ـ مدخالت‪ ،‬مصدرات‪ ،‬مستويات‬
‫‪ )1‬ما الذي ينبغي أن يتميز به املنظر ؟‬
‫دور إلابداع‪.‬‬
‫‪ )2‬مدخال البحث والتنظير‪.‬‬
‫‪ )3‬مصدرا التنظير‪.‬‬
‫‪ )4‬مستويا التنظير‪.‬‬
‫‪ )5‬إاارة مشكالت أخرم أاناء التنظير‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬الاستقراء والاستنباط وعملية التنظير‬
‫الاستقراء والاستنباط وإنتاج املعرفة العلمية قديما‪.‬‬
‫دور الاستقراء والاستنباط في إنتاج املعرفة العلمية‪.‬‬
‫الاستقراء طريق لالنتقال من الخا إلى العام‪.‬‬
‫ت رير استعمال الاستقراء في إنتاج املعرفة العلمية‪.‬‬
‫قوة الاستقراء وضعف الاستنباط في عملية التنظير‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬إسهامات النظرية العلمية في تقدم املعرفة‬
‫‪ )1‬تحديد الحقائق التي يراد بحثها‪.‬‬
‫‪ )2‬تصنيف الظواهر وبناء املفاهيم‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ )3‬تلخي الحقائق‪.‬‬
‫‪ )4‬التنبؤ يالحقائق‪.‬‬
‫‪ )5‬إظهار الحاجة إلى بحوث أخرم‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬النظرية العلمية والحقائق‬
‫‪ )1‬طبيعة الحقائق‪.‬‬
‫‪ )2‬مستويات الحقائق‪.‬‬
‫‪ )3‬الحقائق والعلم‪.‬‬
‫‪ )4‬الحقائق ويناء النظريات‪.‬‬
‫‪ )5‬استثارة التنظير‬
‫‪ )6‬اختبار النظريات عن طريق الحقائق‪.‬‬
‫‪ )7‬توضيح النظريات عن طريق الحقائق‪.‬‬
‫‪ )8‬تداخل النظريات والحقائق‪.‬‬
‫‪ )9‬الحقائق محك للنظريات‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬الخلفية الثقافية العلمية وعملية التنظير ـ بافلول كمثال‬
‫املناخ العلمي الذي ت ار به بافلول في أبحااه على الجها الهضمي ام على املنعكس‬
‫الشرطي‪.‬‬
‫تحول بافلول إلى البحث في املنعكس الشرطي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫اامنا ‪ :‬تعريف النظرية العلمية‬
‫تاسعا ‪ :‬مضامين النظرية العلمية‬
‫‪ )1‬الفروض العلمية‪.‬‬
‫‪ )2‬املفاهيم وتعريفها تجريبيا‪.‬‬
‫عاشرا ‪ :‬محكات النظرية العلمية‬
‫حادي عشر ‪ :‬وظائف النظرية العلمية‬
‫النظرية العلمية واملمارسة املهنية‪.‬‬
‫ااني عشر ‪ :‬الخصائ املميزة للنظرية العلمية‬
‫االث عشر ‪ :‬نسبية النظرية العلمية‬
‫النظرية العلمية ال توصف بكونها صحيحة أو خاطئة‪.‬‬
‫رابع عشر ‪ :‬تصنيف النظريات العلمية‬
‫‪ )1‬نظريات كيفية ونظريات كمية‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ 1‬ـ نظريات كيفية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ نظريات كمية‪.‬‬
‫‪ )2‬نظريات وصفية ونظريات تفسيرية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ نظريات وصفية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ نظريات تفسيرية‪.‬‬
‫‪ )3‬نظريات تم بناؤها بتجارب على الحيوانات ونظريات تم بناؤها بتجارب على البشر‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ نظريات تم بناؤها بتجارب على الحيوانات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ نظريات تم بناؤها بتجارب على البشر‪.‬‬
‫خامس عشر ‪ :‬النظرية العلمية والفرض والتجربة والقانون‬
‫‪ )1‬النظرية العلمية والفرض‪.‬‬
‫‪ )2‬النظرية العلمية والتجربة‪.‬‬
‫‪ )3‬النظرية العلمية والقانون‪.‬‬
‫سادس عشر ‪ :‬النظرية العلمية والبحث العلمي‬
‫‪ )1‬إستراتيجية النظرية ام البحث‪.‬‬
‫‪ )2‬إستراتيجية البحث ام النظرية‪.‬‬
‫خاتمة‪.‬‬
‫املراجع‬

‫‪47‬‬
48
‫"إن بناء نظرية جديدة‪ ،‬ال شبه هدم كوخ صغير وبناء ناطحة سحاب بدال منه‪ ،‬بل هو‬
‫أقرب شبها بحال رجل يتسلق جبال فيتسع أفق نظرت‪ ،‬ويرم آفاقا جديدة كلما اد ارتفاعه‪،‬‬
‫ويرم طرقا ومسالك جديدة تصل بين البقاع املوجودة في سفح الجبل مما كان يتعذر عليه‬
‫رؤيتها لو لم ي رح هذا السفح"‪ .‬ال رت اينشتاين (‪.)1938‬‬

‫‪49‬‬
50
‫مقدمة‪.‬‬
‫للتنظير مكانة متميزة في مسار العلم وتطورت‪ ،‬سواء أكان مجاله ظواهر طبيعية أم ظواهر‬
‫إنسانية‪ ،‬و علق عليه العلماء أهمية خاصة في تحديد هوية أي علم من العلوم‪ ،‬حتى أن‬
‫بعضا من هؤالء ذهبوا إلى جعل دورت أكثر من دور املنهج العلمي‪ ،‬على اعتبار أن املنهج العلمي‬
‫نشاط مشاع بين كل العلوم‪ ،‬و عد أساسا واحدا لكل العلوم‪ ،‬والاختالل‪ ،‬يكون فقط‪ ،‬في‬
‫بعض أدواته وفنياته التي تستدع ها بعض التخصصات والظواهر محل البحث‪ ،‬فاملالحظة‪،‬‬
‫مثال‪ ،‬خطوة أساسية في أي بحث علمي‪ ،‬سواء أكان علما طبيعيا‪ ،‬أم علما إنسانيا‪ ،‬يكون‬
‫الاختالل في أدواتها‪ ،‬التي قد تكون منظارا فلكيا‪ ،‬أو اختبارا نفسيا‪ ،‬أو دليل مالحظة‪ .‬أما‬
‫النظرية العلمية في أي تخص ‪ ،‬مثل علم النفس أو الاقتصاد أو غيرهما‪ ،‬فهي تحدد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تحديدها‪ ،‬ووظائفها‬ ‫موضوعه‪ ،‬ومفاهيمه‪ ،‬ونموت‪ .‬ونتيجة ألهمية النظرية العلمية‪ ،‬شغل‬
‫ومكوناتها عددا غير قليل من فالسفة العلم‪ ،‬واملشتغلين بمناهج البحث العلمي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وخصائصها‬
‫واملتخصصين في كل فروع العلم الطبيهي والعلم إلانساني‪( .‬الطيب‪ ،‬محمد‪ ،‬الدري ي‪ ،‬حسين‪،‬‬
‫بدران‪ ،‬شبل‪ ،‬الببالوي‪ ،‬حسن‪ ،‬نجيب‪ ،‬كمال‪.)14 . ،2005 ،‬‬
‫وت تي النظرية العلمية على قمة الهرم العلمي‪ ،‬بعد الحقائق أو البديهيات‪ ،‬ام القوانين‪.‬‬
‫وتوجد وجهات نظر عديدة حولها‪ ،‬تختلف باختالل رؤية كل باحث؛ فتم النظر إل ها على أنها‬
‫نظام من املفاهيم املجردة‪ ،‬التي تساعد على الربط بين مجموعة من الحقائق‪ ،‬أو أنها نسق‬
‫فكري ينظم مجموعة من املفاهيم‪ ،‬أو مجموعة من الظواهر املتشابهة‪ .‬وتربط النظرية‬
‫العلم ية بين الحقائق املفككة من ناحية‪ ،‬وتجمع الوحدات املشتركة من الحقائق والقوانين‬
‫في إطار فكري تكاملي‪ ،‬من ناحية أخرم‪ .‬وفي صياغة بسيطة‪ ،‬تساعد النظرية العلمية على‬
‫تحقيق ألاهدال ألاربعة للعلم‪ ،‬وهي ‪ :‬الوصف‪ ،‬التفسير‪ ،‬التنبؤ‪ ،‬التحكم‪ .‬إن النظرية العلمية‬
‫مسلمات ومبادئ عامة‪ ،‬وقوانين‪ ،‬تربط بين مجموعة من الحقائق وألافكار‪ ،‬مكونة بناء فكريا‬
‫متكامال‪ .‬إنها مجموعة من املفاهيم والفروض العلمية‪ ،‬التي تتعلق بظاهرة من الظواهر التي‬
‫يبحثها العلم‪( .‬عبد الرحمن‪ ،‬محمد السيد‪.)15 . ،1998 ،‬‬
‫وترتبط النظريات العلمية واملالحظات مع بعضها‪ ،‬مما يتيح الفرصة للعلماء لصياغة‬
‫عبارات عامة حول املفاهيم والعالقات بينها‪ .‬وتمتد النظريات العلمية من تعميمات قليلة‬
‫وبسيطة‪ ،‬إلى صياغة قوانين معقدة (‪ Jacobs ،Ary‬و‪ .)17 . ،2002 ،Razavieh‬كما ترتبط‬
‫باملنهج والتجربة‪ ،‬وأي طريقة للبحث العلمي وأدواته‪.‬‬
‫إن النـظ ـري ـة العلم ـي ـة مف ـي ـدة إن أم ـك ـن التـعـلـم مـن ـها‪ ،‬وال يم ـك ـن الت ـع ـل ـم م ـنـها‪ ،‬إال إذا تم‬

‫‪51‬‬
‫التعرل عن كيفية استعمالها‪ .‬بمع ى أن فهم النظرية العلمية مس لة تتعلق بتعلم التفكير‬
‫نظريا‪ ،‬أكثر من تعلم النظرية نفسها‪ .‬والحقيقة أن املشكالت أو القضايا التي تدفع البشر‬
‫للجوء إلى النظرية‪ ،‬ليسم مشكالت علمية فقط‪ ،‬بل مشكالت يواجهونها يوميا‪ ،‬كذلك‪،‬‬
‫كالسهي إلى فهم ما يحدث لهم وحولهم وتفسيرت‪ .‬إن جميع البشر يفكرون نظريا‪ ،‬دون أن‬
‫يكونوا واعين بذلك‪ ،‬كما لم يتعودوا كذلك‪ ،‬التفكير بطريقة منظمة‪ ،‬بكل ما يتطلبه ذلك من‬
‫دقة وص ر‪ ،‬وما عترضه من صعوبات‪( .‬كريب‪ ،‬إيان‪.)24 . ،1999 ،‬‬
‫إن النظرية العلمية‪ ،‬هي محاولة لتفسير الظواهر‪ ،‬وألاحداث والوقا ع والحقائق‪ ،‬في‬
‫البيئة وفي السلوك‪ ،‬سواء ما يتناوله العلماء‪ ،‬أم عامة الناس‪ ،‬إ اء ما شاهدونه من حقائق‪،‬‬
‫وما يتعرضون له من مشكالت‪ ،‬وال تكون لهم خ رة سابقة بها‪ ،‬فيما يتوفر لديهم من معلومات‪.‬‬
‫خضع العلماء ما يفكرون فيه من تفسير للظواهر‪ ،‬إلى إجراءات‬ ‫ُ‬
‫والختبار صدق النظرية‪ ،‬ي ِ‬
‫البحث العلمي‪ ،‬أما عامة الناس‪ ،‬فيحتكمون إلى النتائج املباشرة الختبار صدق نظرياتهم أو‬
‫تفنيدها‪ .‬وعادة ما يضع الفريقان فروضا يخت رانها باألسلوبين سابقي الذكر‪( .‬فوكس‪ ،‬دنيس‪،‬‬
‫بريليلتينسكي‪ ،‬إ اك‪ ،‬أوستين‪ ،‬ستيفاني‪.)705 . ،2016 ،‬‬
‫إن العلم موضوعي‪ ،‬ويتميز باتجاهه نحو تقبل الحقائق كما هي‪ ،‬حتى ولو كانم مخالفة‬
‫لرغبات الباحث الشخصية وآرائه‪( .‬إسماعيل‪ ،‬محمد عماد الدين‪.)80 . ،1970 ،‬‬
‫إن العلم موضوعي‪ ،‬من حيث إنه يمكن تحقيقه داخل حدود يمكن تعيينها‪ ،‬ولكنه ذاتي‬
‫من حيث إن الوقا ع املالحظة تفسر وفق ما يمكن للباحث أن يجعل له مع ى‪ .‬فالعلم يقوم‬
‫على الحقائق وعلى ألافكار‪ ،‬أي أنه موضوعي وذاتي في آلان نفسه‪ ،‬إنه نتاج معرفة تجريبية‪،‬‬
‫وتكوينات تخيلية عقلية‪ ،‬كما أنه يحقق تقدمه بقوة عمليات الاستدالل الاستقرا ي‬
‫والاستنباطي‪( .‬فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪.)101 . ،1984 ،‬‬
‫ّ‬
‫إن التقدم العلمي سيتوقف‪ ،‬لو ينبذ الباحثون الاستدالل‪ ،‬ويقصرون نشاطهم العلمي‬
‫على تقبل الحقائق التي تدرك مباشرة بالحواس‪ .‬يتم الاعتماد كثيرا على الاستقراء‪ ،‬أي مالحظة‬
‫الحقائق الجيئية‪ ،‬لكن الاستنباط مهم أيضا‪ ،‬لصياغة النظريات عن الحقائق‪( .‬فان دالين‪،‬‬
‫ديوبولد‪ .)93 . ،1984 ،‬ورغم أن املقررات الدراسية الجامعية التي يتلقاها الطلبة في‬
‫تخص علم النفس‪ ،‬تتناول النظريات السيكولوجية‪ ،‬حول ‪ :‬الشخصية والذكاء والنمو‬
‫النفس ي‪ ،‬والتعلم وغيرها‪ ،‬إال أنها ال تتطرق إلى الحديث عن التنظير وبناء النظريات العلمية‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫هدل الدراسة‪.‬‬
‫تهدل الدراسة إلى تقديم عرض عن مفهوم النظرية العلمية وبعض أمثلتها في علم‬
‫النفس‪.‬‬

‫أسئلة الدراسة‪.‬‬
‫تسهى الدراسة إلى إلاجابة عن ألاسئلة التالية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ما النظرية العلمية؟‬
‫‪ 2‬ـ ما أهميتها وأهدافها في العلم؟‬
‫‪ 3‬ـ ما محتوياتها؟‬
‫‪ 4‬ـ ما محكاتها؟‬
‫‪ 5‬ـ ما وظائفها؟‬
‫‪ 6‬ـ ما دور الخلفية الثقافية العلمية في عملية التنظير؟‬
‫‪ 7‬ـ كيف تسهم النظرية العلمية في نمو املعرفة العلمية؟‬
‫‪ 8‬ـ ما دور التفكير الاستداللي في عملية التنظير؟‬
‫‪ 9‬ـ ما دور الاستدالل الاستقرا ي في عملية التنظير؟‬
‫‪ 10‬ـ ما وجهة نظر كارل بوبر في إبستمولوجية التنظير؟‬
‫‪ 11‬ـ ما عالقة النظرية العلمية بالحقائق؟‬
‫‪ 12‬ـ ما عالقتها بالفرض العلمي؟‬
‫‪ 13‬ـ ما عالقتها بالتجربة العلمية؟‬
‫‪ 14‬ـ ما عالقتها بالقانون العلمي؟‬
‫‪ 15‬ـ ما عالقتها بالبحث العلمي‪ ،‬وأيهما أسبق‪ ،‬البحث العلمي أم النظرية العلمية؟‬

‫أوال ‪ :‬أهمية النظرية العلمية وأهدافها‬


‫‪ )1‬أهمية النظرية العلمية‪.‬‬
‫ُ َع ّد التنظير‪ ،‬أو بناء النظريات‪ ،‬عماد العلم الحديث‪ ،‬والوحدة ألاساسية في نسق التفكير‬
‫العلمي‪ ،‬إذ ال يوجد علم دون نظريات علمية‪ .‬فاملعرفة التجريبية أو امليدانية‪ ،‬تستلهم‬
‫ّ‬
‫للتحول بدورها إلى نظريات علمية‪( .‬أبرام‪ ،‬إبراهيم‪،‬‬ ‫النظريات العلمية‪ ،‬كما أن نتائجها قابلة‬
‫‪ .) 54 . ،2009‬و عتمد العلماء على عملية التنظير اعتمادا كبيرا في توسيع مجاالت املعرفة‪،‬‬

‫‪53‬‬
‫مستندين على الحقائق‪ ،‬أين تتفاعل الحقائق وعمليات التنظير بشكل مستمر‪ .‬إن جمع‬
‫الحقائق‪ ،‬ال تكون له أي جدوم دون أن تكون له نظريات‪ ،‬ومفاهيم تسمي الحقائق وتنظمها‪،‬‬
‫والحقائق هي أداة النظرية‪( .‬محمود‪ ،‬وجيه‪ ،2005 ،‬ص ‪ 29 .‬ـ ‪ ،)30‬تنطلق منها عن طريق‬
‫املالحظة والفرض والبحث العلمي بمناهجه املختلفة‪ .‬وتم إبداع النظريات بنجاح كبير في‬
‫العلوم الطبيعية‪ ،‬أكثر مما هو عليه في العلوم الاجتماعية‪ ،‬ألنها أسبق في الوجود‪،Ary( .‬‬
‫‪ Jacobs‬و‪ .)19 . ،2002 ،Razavieh‬ومن بين العلوم الاجتماعية التي نجحم‪ ،‬نسبيا‪ ،‬في‬
‫بناء نظريات ذات فائدة‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬علم النفس‪ ،‬فمنذ ظهورت كعلم مستقل بموضوعه‬
‫ومنهجه‪ ،‬في الربع ألاخير من القرن التاسع عشر‪ ،‬ظهرت نظريات أكاديمية وغير أكاديمية‬
‫عديدة‪ ،‬ابتداء من نظريات التحليل النفس ي (نظرية طبية نش ت في العيادات النفسية)‪،‬‬
‫والنظرية البنائية‪ ،‬ونظرية الجشتلط‪ ،‬ونظريات التعلم‪ ،‬والنظرية املعرفية‪ ،‬ونظريات الذكاء‪،‬‬
‫ونظريات الشخصية‪ ،‬ونظريات أخرم في الدافعية‪ ،‬وفي الانفعال‪ ،‬وفي النمو النفس ي وغيرت‪.‬‬
‫وتعمل النظريات في علم النفس‪ ،‬للجابة عن السؤال التقليدي الذي يطرحه علماء النفس‪،‬‬
‫وهو ‪" :‬ملاذا سلك الناس بالطريقة التي سلكون بها ؟"‪.‬‬
‫أما التربية‪ ،‬بصفتها علما اجتماعيا‪ ،‬فقد غاب ف ها التنظير‪ ،‬وانصب الت كيد وبذل الجهد‬
‫ف ها على التجريب‪ ،‬مع إهمال تفسير النتائج‪ .‬ويتعرض التربويون لالنتقاد بسبب اهتمامهم‬
‫الكبير بالحصول على الحقائق‪ ،‬أكثر من البحث عن ألاسباب‪ .‬ألامر الذي جعل هذت الحقائق‬
‫تتراكم بكميات كبيرة خالل الدراسات التربوية‪ ،‬دون أن يصحبها بناء نظريات تفسر تلك‬
‫الحقائق التربوية‪.‬‬
‫وتقوم النظرية بعمل مفيد‪ ،‬سهم في تطور العلم‪ ،‬ففي املقام ألاول‪ ،‬تقوم النظرية‬
‫بتنظيم الاستنتاجات من بين الكثير من البحوث املتفرقة‪ ،‬فتجمعها في إطار يقوم بتهيئة‬
‫تفسيرات للحقائق‪ .‬فالنظرية تبين املفاهيم ذات الصلة‪ ،‬والكيفية التي تربط بينها‪ .‬وعلى سبيل‬
‫املثال‪ ،‬قد تفسر نظرية حول التعلم‪ ،‬العالقة بين سرعة التعلم وكفاءته‪ ،‬ومتغيرات‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫الدافعية‪ ،‬التعييي‪ ،‬واملمارسة‪ Jacobs ،Ary( .‬و‪ .)18 . ،2002 ،Razavieh‬وتثير النظريات‬
‫َ ّ‬
‫وتمكن العلماء من املض ي في التنبؤ والتحكم‪ ،‬في نهاية ألامر‪ ،‬من إلاطار‬ ‫عملية تطوير املعرفة‪.‬‬
‫التفسيري ألية نظرية‪ .‬فاالستنتاجات من أية نظرية‪ ،‬تسمح بالتنبؤات بحدوث الظواهر‪ ،‬التي‬
‫لم تجر مالحظتها بعد‪ .‬واختبار الاستنتاجات من أية نظرية‪ ،‬يؤكد النظرية ويطورها‪،Ary( .‬‬
‫‪ Jacobs‬و‪.)18 . ،2002 ،Razavieh‬‬
‫إن تجميع كميات ضخمة من الح ـقائق املنعيل ـة‪ ،‬يمكن أن س ـهم إس ـهاما ضئيال في نـمـ ـو‬
‫الـم ـعـرف ـ ـة‪ ،‬وتـق ـدم ـ ـها‪ ،‬ومـن ا ـم‪ ،‬ف ـإن الـغـايـ ـة الق ـص ـوم الـ ـتي يـن ـش ـدها ال ـع ـ ِال ـم‪ ،‬ل ـي ـس تـجـم ـي ـع‬

‫‪54‬‬
‫الحقائق‪ ،‬وإنما تنمية النظريات‪ ،‬التي سول توضح جانبا معينا من الحقائق‪.‬‬
‫نظريا يوضح الحقائق‪ ،‬والعالقات السببية‬‫بناء ًّ‬
‫يتبع العلماء طرق الاستدالل‪ ،‬فيقدمون ً‬
‫املتبادلة بينها‪ .‬فالنظريات ليسم كلها ت مالت‪ ،‬ألنها تب ى جيئيا على الحقائق‪ ،‬والحقائق‬
‫املنفصلة قليلة الجدوم‪ ،‬ما لم يقم يخ ما ببناء نظرية تضع هذت الحقائق داخل نمط‬
‫له مع ى‪ ،‬فالنظريات توفر التفسيرات املنطقية للحقائق‪( .‬فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪. ،1984 ،‬‬
‫‪.)92‬‬
‫وأيا كان الاتجات الذي سلكه الباحثون‪ ،‬تكون النظرية جيءا منه‪ ،‬والعلماء جميعهم‬
‫باحثون‪ ،‬فهم جميعا مفكرون يقومون بالتنظير‪ .‬والناس في كل طريق سلكونه في حياتهم‬
‫اليومية‪ ،‬عتمدون على ما يؤمنون به من نظريات في تفسير ما يحدث‪( .‬ماتيو ‪ ،‬بول‪ ،‬روس‪،‬‬
‫ليز‪ ،2009 ،‬ص ‪ 95 .‬ـ ‪ .)96‬التالميذ يتغيبون عن املدرسة‪ ،‬ألن التدر س غير ّ‬
‫مشوق‪ .‬التالميذ‬
‫يتغيبون عن املدرسة‪ ،‬ألن أولياء أمورهم ال يراقبونهم‪ .‬بعض الناس يتعاطون املخدرات‪ ،‬ألنهم‬
‫شعرون بالتعاسة‪ .‬معدل حاالت الطالق في الحضر أك ر منه في الريف‪ ،‬ألن املرأة في الحضر‬
‫التحقم بالعمل‪ ،‬فاستقلم اقتصاديا عن الرجل‪ .‬أسعار املواد الغذائية النباتية مرتفعة‪،‬‬
‫ألن العرض قليل مقابل كثرة الطلب‪ .‬وهذت التفسيرات النظرية‪ ،‬تخضع للبحث لت كيدها أو‬
‫لرفضها‪ ،‬ألنها عبارة عن فروض‪.‬‬

‫‪ )2‬أهدال النظرية العلمية‪.‬‬


‫عتقد الكثير من الذين يحتكون قليال بالعلم وممارسته‪ ،‬أن ما شغل العلماء أساسا‪،‬‬
‫هو جمع املعلومات حول ظواهر وحقائق بعينها‪ ،‬لكن بعد الاطالع على أي مؤلف تدر س ي في‬
‫العلم‪ ،‬يظهر بدال من ذلك وجود كثير من النظريات والقوانين‪ ،‬كما يظهر أن كمية املعلومات‬
‫املتعلقة بظواهر ووقا ع بعينها‪ ،‬أقل بكثير مما يفترض‪ .‬وهكذا يتبين أن مهمة العلم ألاساسية‪،‬‬
‫تكمن في سعيه إلى بناء النظريات وصياغة القوانين‪ ،‬وجمع الحقائق لت ييدها‪ .‬و سهى العلماء‬
‫في هذا الطريق‪ ،‬لحاجتهم إلى النظريات والقوانين‪ ،‬ألنهما يحققان هدفين من أهم أهدال‬
‫العلم‪ ،‬وهما ‪ :‬تفسير ما تمم مالحظته‪ ،‬والتنبؤ بما سول تتم مالحظته‪( .‬برودي‪ ،‬باروخ‪،‬‬
‫‪.)25 . ،1997‬‬
‫إذن‪ ،‬تستعمل النظريات العلمية‪ ،‬في علم النفس وغيرت‪ ،‬من أجل تفسير العالقات بين‬
‫املفاهيم‪ ،‬ومن أجل التنبؤ بحدوث السلوك أيضا‪ .‬ألن التنبؤ بحدوث الظاهرة السلوكية‪ ،‬التي‬
‫عد أحد ألاهدال الهامة للنظرية العلمية‪ .‬واختبار التنبؤات‬ ‫لم يتم الكشف عنها بعد‪ّ ،‬‬
‫املستنتجة من النظرية‪ ،‬تـ ـؤدي إلى تح ـق ـي ـق ه ـدل آخ ـر‪ ،‬ه ـو تطوير املعرفة‪ ،‬من خالل تدعيم‬

‫‪55‬‬
‫البحوث لتلك الاستنتاجات‪.‬‬
‫ومن أهدال النظرية العلمية‪ ،‬كذلك‪ ،‬الوصول إلى قوانين‪ ،‬أي تفسيرات علمية‪ ،‬اابتة‬
‫نسبيا‪( .‬إسماعيل‪ ،‬محمد عماد الدين‪ .)85 . ،1970 ،‬وتؤدي النظرية العلمية‪ ،‬كذلك‪،‬‬
‫ألادوار التالية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ إنها تجمع حقائق كانم منفصلة عن بعضها وتحدد عالقات‪ ،‬دائمة نسبيا‪ ،‬بينها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إنها تب ي املعرفة في أنظمة علمية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ إنها تفسر العالقات بين الحقائق‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ إنها تدفع إلى تطوير املعرفة العلمية‪.‬‬
‫وتهدل النظريات كذلك‪ ،‬إلى ملء الفجوات املوجودة في املعرفة‪ ،‬فهي توضح كيف‬
‫تتحقق أو تنسجم النتائج معا‪ ،‬وما هي دالالتها‪ .‬وتسهى إلى أداء دورين؛ فهي‪ ،‬من ناحية‪ ،‬تمد‬
‫بالفهم الذي هو الهدل ألاساس ي للبحث العلمي‪ ،‬ومن ناحية أخرم‪ ،‬تستثير الحاجة إلى إجراء‬
‫بحوث أخرم‪ ،‬لتؤدي إلى معلومات جديدة‪( .‬دافيدول‪ ،‬لندا ل‪.)60 . ،1983 .‬‬

‫اانيا ‪ :‬النظرية العلمية ـ نشوؤها‪ ،‬مالمحها‪ ،‬شروطها‬


‫‪ )1‬نشوء النظرية العلمية‪.‬‬
‫يتجه العلم إلى البحث عن النظام في الطبيعة‪ ،‬أي البحث عن العالقات بين الحقائق‪.‬‬
‫فيبدأ بمالحظة الحاالت الفردية‪ ،‬وينتهي إلى التعميمات‪ ،‬بإنشاء النظريات وصياغة القوانين‪.‬‬
‫ويتقدم العلم من مجموعة من القواعد واملبادئ إلى تنظيمات أك ر ف ك ر‪ .‬و سم التنظيم‬
‫الذي شمل عدة قوانين في عالقات بعضها ببعض‪ ،‬بالنظرية العلمية‪( .‬إسماعيل‪ ،‬محمد‬
‫عماد الدين‪ .)82 . ،1970 ،‬وتؤدي الطريقة العلمية في البحث‪ ،‬إلى بناء نظرية علمية‪ ،‬وهو‬
‫الهدل النها ي للعلم‪ ،‬وهذا ما ينبغي أن ينال اهتمام الباحثين العلماء‪ .‬فمن خالل الاستقصاء‬
‫العلمي‪ ،‬يقوم ال علماء بجمع حقائق كثيرة‪ ،‬ولكن في الوقم الذي تتجمع فيه هذت الحقائق‪،‬‬
‫ت ر الحاجة إلى التجميع‪ ،‬والترتيب‪ ،‬والتصنيف‪ ،‬والتنظيم عطاء مع ى لهذت الحقائق‬
‫املنعيلة‪ Jacobs ،Ary( .‬و‪.)17 . ،2002 ،Razavieh‬‬
‫تبدأ العلوم عادة‪ ،‬في النشوء بالت كيد على املالحظة والتجريب‪ ،‬فيوجه العلماء اهتمامهم‬
‫إلى جمع الحقائق في مجاالت معينة‪ ،‬وعند وصولها إلى مرحلة النضج‪ ،‬يبدأ العلم بضم‬
‫الحقائق‪ ،‬واملعارل املعيولة‪ ،‬ودمجها في نظرية‪.‬‬
‫يحاول امل ـن ـظ ـر‪ ،‬أن يرم العـ ـالق ـات بين الح ـقائق‪ ،‬وي ـب ـ ي مفاهيم تخيلية تم ـدت بالحـلـقات‬

‫‪56‬‬
‫ّ‬
‫املفقودة‪ ،‬ويظل يتن ـاول ألاف ـكار باملعالجة الذهنية‪ ،‬ح ـتى عثر على مفهوم ج ـوه ـري يمكنه من‬
‫تنظيم الكثير من الحقائق في نمط له مع ى‪.‬‬
‫إن الطريقة البديهية ألاولية لنصف العلم (أو أكثر)‪ ،‬تكمن في أنه يت سس على‬
‫املشاهدات الجيئية التي تصاغ عل ها النظريات فيما بعد‪ ،‬واستخال النظرية من‬
‫املشاهدات الجيئية املتفرقة‪ ،‬عرل باالستقراء‪( .‬باركر ‪،‬كر س‪ ،‬بيتسرانج‪ ،‬نانس ي‪ ،‬إليوت‪،‬‬
‫روبرت‪ .)42 ، ،1999 ،‬أخذ س‪ .‬فرويد ‪ )1939-1856( S. Freud‬عدة مالحظات من‬
‫معاصريه‪ ،‬مثل جان‪ .‬م‪ .‬شاركو ‪ )1893-1825( J. M. Charcot‬جو يف بروير ‪J. Breuer‬‬
‫(‪( .)1925 -1842‬ودورث‪ ،‬روبرت‪ .)217 ، ،1981 ،‬ومن مرضات العصابيين‪ ،‬الذين اروت في‬
‫عيادته في فيينا‪ ،‬استنتج ب ن وراء كل اضطراب هستيري مشكلة جنسية‪ ،‬ف سس نظرية في‬
‫التحليل النفس ي‪ ،‬تقوم على الجنس‪ .‬ومنظرون آخرون يفعلون نفس الش يء‪ ،‬أي ستقرئون‪.‬‬
‫تطور بهدل تقديم شكل‬ ‫ويتفق معظم الكتاب الذين ّبينوا معالم تطور العلم‪ ،‬أنه ّ‬
‫ّ‬
‫للمعرفة بديال للشكل الذي تولد من الخ رة (املالحظة) والتفكير العقلي‪( .‬الت مل)‪ .‬ويرم كوهن‬
‫ً‬
‫منحى مختلفا بصورة‬ ‫‪ Cohen‬و مانيون ‪ ،)1994( Manion‬أن العلم صار جذابا‪ ،‬ألنه ّ‬
‫قدم‬
‫جذرية‪ ،‬عن أسلوب الخ رة‪ ،‬إذ يتضمن صياغة نظرية يمكن اختبارها إم ريقيا (على محك‬
‫الواقع)‪ ،‬وليسم قائمة على "املعرفة البديهية"‪ .‬كما استطاع العلم أن يتجاو التعليل‬
‫منحى يجمع بين الاستقراء املستمد من قدر ضخم‬ ‫ً‬ ‫الاستقرا ي‪ ،‬والتعليل الاستنباطي‪ ،‬فقدم‬
‫من البيانات الخاضعة للمالحظة‪ ،‬إضافة إلى الاختبار املنهجي والدقيق للفروض التي وضعها‬
‫الباحث قبل ذلك‪( .‬تشيرتون‪ ،‬ميل‪ ،‬براون‪ ،‬آن‪.)698 . ،2012 ،‬‬
‫وتب ى النظرية بجمع الكثير من املعلومات من بحوث متفرقة‪ ،‬وتنظيمها في تناسق ضمن‬
‫إطار معرفي‪ ،‬يقوم بتهيئة املجال لتفسير الظواهر‪ .‬فالنظرية العلمية تحدد املفاهيم والطريقة‬
‫التي تربط بينها‪ .‬فالنظرية التي تناولم التعلم‪ ،‬قامم بربط العالقات بين مفاهيم‪ :‬املثير‬
‫والاستجابة والدافع واملمارسة والتعييي والارتباط الشرطي وغيرها‪ ،‬لتفسر كيف يتم تعلم‬
‫السلوك‪ .‬ونظرية التحليل النفس ي التي تناولم نشوء العصاب‪ ،‬قامم أيضا بربط العالقات‬
‫بين مفاهيم معينة؛ كالالشعور والكبم والتثبيم والنكو ‪ ،‬ومراحل النمو النفس ي الجنس ي‪،‬‬
‫وألاساليب التربوية‪ ،‬والطرح‪ ،‬وألاحالم‪ ،‬والتداعي الحر وغيرها‪ ،‬لتفسر كيف تنش ألامراض‬
‫العصابية‪ ،‬وكيف يمكن عالجها‪.‬‬
‫وال يمكن أن تب ى نظرية من بحث واحد‪ ،‬بل ال بد من إجراء بحوث عديدة‪ ،‬والربط بين‬
‫استنتاجات عديدة‪ ،‬واختبارها مرات عديدة‪ ،‬مع بقائها‪ ،‬دائما‪ ،‬مفتوحة للتغيير والتعديل‪،‬‬
‫ومن ام التطوير‪ .‬وال يمكن‪ ،‬كذلك‪ ،‬أن تب ى نظرية في من قصير‪ ،‬فقد استغرق العلماء‬

‫‪57‬‬
‫املنظرون سنوات وعقودا‪ ،‬يجمعون الحقائق‪ ،‬ويخضعونها للبحث العلمي‪ ،‬سواء في علوم‬
‫الطبيعة أم في العلوم إلانسانية‪ ،‬ففي علم النفس‪ ،‬على سبيل املثال؛ استغرقس‪ .‬فرويد أكثر‬
‫من ‪ 40‬سنة في بنائه لنظريته في التحليل النفس ي‪ .‬وقض ى ج‪ .‬بياجي ‪)1980-1896( J. Piaget‬‬
‫‪ 50‬سنة‪ ،‬وهو يبحث في طرق نمو املعرفة‪ ،‬أو إلابستيمولوجيا التكوينية‪ .‬وبذل إ‪ .‬ب‪ .‬بافلول‬
‫‪ )1936-1849( I. P. Pavlov‬أكثر من ‪ 40‬سنة في سبيل معرفة دور لعاب الكالب في العملية‬
‫الهضمية‪ ،‬واكتشال الاستجابة الشرطية‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬التي قامم عل ها املدرسة السلوكية في‬
‫أمريكا‪ ،‬ابتداء من عام ‪ .1913‬وبذل إ‪ .‬ل‪ .‬اورندايك ‪ )1949-1874(E. L. Thorndike‬أكثر من‬
‫‪ 40‬سنة ينظر في التعلم باملحاولة والخط ‪ ،‬وبذل ب‪ .‬ل‪ .‬سكنر ‪)1990 - 3 190( B. F. Skinner‬‬
‫أكثر من ‪ 30‬سنة في سبيل تطوير إلاشراط إلاجرا ي‪ ،‬نظريا وعمليا‪ .‬وبذل دافيد ماكليالند ‪D.‬‬
‫‪ 35 McClelland‬سنة في سبيل البحث عن العوامل املسؤولة عن ظهور الدافع إلى إلانجا‬
‫في املجتمع‪ ،‬وغيرهم أمثال ‪ :‬هـ‪ .‬ج‪ .‬أيينك ‪ ،H. J. Eyzenck‬ج‪ .‬ب‪ .‬جلفورد ‪J. P. Guilford‬‬
‫(‪ ،)1990-1897‬ر‪ .‬ب‪ .‬كاتل‪ ،R. B. Catell 1905 - ....‬وم‪ .‬إ‪ .‬سيلجمان ‪.M. E. Seligman‬‬
‫و سلم صاحب النظرية بمسلمات معينة‪ ،‬قد تكون هذت املسلمات فلسفية سلم بها‬
‫املنظر‪ ،‬وتتناول طبيعة الواقع أو الحقيقة‪ ،‬وقد سلم بمسلمات منهجية لها عالقة بإجراءات‬
‫دراسة الظاهرة‪.‬‬
‫والقول ب ن املوضوعية‪ ،‬هي ألاساس لبناء نظرية‪ ،‬هي مسلمة منهجية‪ .‬بل إن قرار املنظر‬
‫بدراسة جوانب معينة من الظاهرة وتفضيلها على جوانب أخرم‪ ،‬يتضمن مسلمة منهجية‪.‬‬
‫و ستحيل التنظير دون التسليم بمسلمات‪ ،‬والسبب الهام في وجود عدة نظريات ملوضوع‬
‫واحد (نظريات الذكاء‪ ،‬نظريات التعلم‪ ،‬نظريات الشخصية)‪ ،‬هو أن املنظرين يختلفون فيما‬
‫يتبنون من مسلمات‪.‬وتقوم النظرية‪ ،‬كذلك‪ ،‬على مجموعة من التعريفات إلاجرائية‪ ،‬التي‬
‫تربط النظرية املجردة بمالحظات محسوسة‪ .‬وينبغي أن تكون مسلمات النظرية مالئمة‬
‫ملوضوع الدراسة‪ ،‬ومتصلة ببعضها‪ ،‬وتكون دقيقة بقدر ما تسمح به املعلومات املتوفرة‪ ،‬وال‬
‫تحتكر النظرية الحقيقة كلها‪( .‬جابر‪ ،‬جابر عبد الحميد‪ .)11 . ،1990 ،‬واملسلمات في حالة‬
‫النظرية العلمية‪ ،‬ليس من الضروري أن تكون صادقة تماما‪ ،‬بل تصل النظرية العلمية إلى‬
‫تحقيق مسلماتها على أساس من الشواهد‪ ،‬واملالحظات املباشرة لصحة النتائج املترتبة عل ها‪.‬‬
‫(إسماعيل‪ ،‬محمد عماد الدين‪.)86 . ،1970 ،‬‬
‫والنظرية العلمية وسيلة وغاية في الوقم نفسه؛ فهي وسيلة لتفسير العالقات بين‬
‫الحقائق‪ ،‬وغاية سهى العلماء للوصول إل ها لفهم الحقائق‪ ،‬والتنبؤ بحدوثها‪ .‬وإذا ظهر أن‬
‫النظرية عاجية على أن تحقق املطلوب منها‪ ،‬يتم الانصرال عنها إلى بناء نظرية أخرم أجدر‬

‫‪58‬‬
‫منها‪ .‬أو إذا لم تدعم نتائج البحث‪ ،‬النظرية‪ ،‬يقوم صاحبها بتنقيحها‪ ،‬وبعد ذلك يجمع بيانات‬
‫أكثر الختبار النظرية املنقحة‪ Jacobs ،Ary( .‬و‪ .)18 . ،2002 ،Razavieh‬ذلك أن العلم‬
‫سهى باستمرار إلى يادة إلايضاح للعالقات املوجودة بين الحقائق‪ ،‬وتتوقف املس لة كلها على‬
‫أداء النظرية للوظيفة املتوقعة منها‪ ،‬أي مقدار دقتها وشمولها في التفسير‪( .‬إسماعيل‪ ،‬محمد‬
‫عماد الدين‪.)82 . ،1970 ،‬‬

‫‪ )2‬مالمح النظرية العلمية‪.‬‬


‫استمد علماء النفس وغيرهم من علماء العلوم الاجتماعية‪ ،‬مفهوم النظرية من العلوم‬
‫الطبيعية‪ ،‬وهناك االاة مالمح لها في هذا الصدد‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫امللمح ألاول‪ .‬إن النظرية في العلوم الاجتماعية‪ ،‬ومن بينها علم النفس‪ ،‬تعرل بوصفها‬
‫عاما على حقائق سلوكية‪ .‬و ع ي هذا أن عالم النفس‪ ،‬سهى إلى الذهاب إلى‬ ‫حكما تقريريا ّ‬
‫هدل آخر أبعد من مجرد الوصف البسيط لبعض الوقا ع املحدودة واملنفصلة عن بعضها‪،‬‬
‫والتوصل إلى مستوم آخر من الوصف‪ .‬من هنا تغطي ألاحكام النظرية عددا من الوقا ع‬
‫املتماالة أو املتشابهة‪ ،‬وتحاول بلورة أوجه الشبه بينها‪ ،‬وأسباب وجود أي فروق أو اختالفات‬
‫بينها‪.‬‬
‫امللمح الثاني‪ .‬وهو املهم من مالمح النظرية‪ ،‬و ع ي أن النظرية تسهى إلى تفسير‬
‫الظواهر‪ ،‬بتحديد أسباب مقنعة‪ ،‬يوجد ما يدل عل ها‪ ،‬بوجود فروق بين العينات‪ ،‬أو وجود‬
‫ارتباطات بين املتغيرات‪ .‬والهدل من تفسير الظواهر‪ ،‬هو إمكان التنبؤ بحدوثها مستقبال‪،‬‬
‫ومن ّ‬
‫ام العمل على تغييرها أو تعديلها‪.‬‬
‫امللمح الثالث‪ .‬هو أن الحكم التقريري النظري‪ ،‬يجب أن يكون قابال للتمحي‬
‫واملراجعة من جانب علماء آخرين لم شاركوا في عملية التوصل إليه‪( .‬تشيرتون‪ ،‬ميل‪ ،‬براون‪،‬‬
‫آن‪ ،2012 ،‬ص ‪ 20 .‬ـ ‪.)22‬‬

‫‪ )3‬شروط النظرية العلمية‪.‬‬


‫ّ‬
‫تعد النظرية العلمية أرقى مستويات املعرفة العلمية‪ ،‬ولكي تكون كذلك‪ ،‬ال بد أن تقوم‬
‫على الشروط آلاتية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أن تكون مكوناتها واضحة‪ ،‬محددة ألالفاظ واملعاني واملضامين‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن تع ر بإيجا عما تشمل من الظواهر التي تتناولها‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ 3‬ـ أن تشمل الجوانب التي تتناولها من الظاهرة؛ بالوصف والتفسير والتنبؤ والتحكم‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أن تنفرد بموضوعها‪ ،‬ألن وجود نظرية أخرم تدرس املوضوع نفسه‬
‫ْ‬
‫وباملفاهيم‪ ،‬وإلاجراءات‪ ،‬والتفسيرات نفسها‪ ،‬يضعف النظرية ويجعلها تكرارا ال مسوغ له؛ إذ‬
‫أنه يتنافى مع الاقتصاد في العلم‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أن توجد أرضية واقعية‪ ،‬تتضمن حقائق عيانية قابلة للبحث العلمي‪ ،‬من أجل فهمها‬
‫وتفسيرها‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ أن تكون قادرة على التنبؤ بحدوث الوقا ع والحقائق‪ ،‬فالنظرية التي تقف عند‬
‫الوصف فقط‪ ،‬تفيد لكنها ناقصة‪ ،‬والنظرية التي تفسر فقط مفيدة‪ ،‬ولكن ال بد من التنبؤ‬
‫بمآل الظواهر التي تدرسها‪( .‬عبد املعطي‪ ،‬عبد الباسط‪ ،‬الهواري‪ ،‬عادل‪ ،1986 ،‬ص ‪13 .‬‬
‫ـ ‪.)14‬‬
‫وتقوم النظرية العلمية‪ ،‬كذلك‪ ،‬على الشروط التالية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أن تتوفر على مفاهيم تشير إلى حقائق وقضايا محددة تحديدا دقيقا‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن تتناسق القضايا التي تتناولها‪( .‬فمثال‪ ،‬عند قيام مخت في التحليل النفس ي‪،‬‬
‫بشرح مفهوم النكو ‪ ،‬يجد نفسه أنه ال بد من شرح مراحل النمو النفس ي الجنس ي‪،‬‬
‫وألاسلوب التربوي ألاسري‪ ،‬والالشعور والتثبيم‪ ،‬وغيرها من مفاهيم أخرم في نظرية التحليل‬
‫النفس ي)‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أن تسهم القضايا التي تروج لها في اشتقاق تعميمات بطريقة استنباطية‪ ،‬أي من‬
‫النظرية إلى تفسير السلوك‪ .‬مثل ‪ :‬أبناء العدوانيين عدوانيون‪ .‬تفسير سلوك العدوان عن‬
‫طريق التقليد‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أن ُ ستدل على قضاياها من خالل مجموعة من الاستقراءات‪ ،‬أي الاستدالل على‬
‫ّ‬
‫فكرة عامة (نظرية) من السلوك‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أن تكون خاضعة باستمرار للنقد واملراجعة والتعديل‪( .‬صيام‪ ،‬يحاتة‪،2009 ،‬‬
‫ص ‪ 15 .‬ـ ‪.)16‬‬

‫االثا ‪ :‬التنظير ـ مدخالت‪ ،‬مصدرات‪ ،‬مستويات‬


‫‪ )1‬ما الذي ينبغي أن يتميز به املنظر ؟‬
‫إن الخطوة ألاولى نحو التنظير في العلم‪ ،‬هي الانشغال فعال بحقائق معينة في امليدان‪،‬‬
‫الذي ينال اهتمام الباحث أو اختصاصه‪ .‬والطريق إلى التنظير‪ ،‬ال يمكن السير فيه بنجاح‬
‫دون التمكن من مناهج البحث وفنونه‪( .‬سويف‪ ،‬مصطف ‪ .)47 . ،2005 ،‬إضافة إلى‬

‫‪60‬‬
‫ذلك‪ ،‬ضرورة تمكن الباحث من التخص العلمي الذي يمكنه التنظير فيه‪ ،‬وتخصصات‬
‫علمية أخرم قريبة‪ .‬كما ينبغي أن يتصف بخصائ املبدعين‪.‬‬
‫إن إلابداع في بناء النظريات العلمية‪ ،‬ال يت ت لكل العقول‪ ،‬وال يقوم به معظم الباحثين؛‬
‫فهناك فئة معينة منهم‪ ،‬ستطيعون القيام بذلك‪ ،‬إنهم يتوفرون على قدرات عقلية وسمات‬
‫يخصية‪ ،‬وخصوبة في التصور والتخيل‪ ،‬مما جعلهم يدركون الكيفية التي تنتظم بها‬
‫الحقائق‪ .‬فمن هؤالء ؟ وإذا كان أشهر وصف لهم‪ ،‬أنهم مبدعون‪ ،‬فما هو إلابداع؟‬
‫عرل سيمون‪ ،‬إلابداع‪ ،‬ب نه ‪" :‬اتجات املبادأة لدم الفرد‪ ،‬ويتمثل في قدرته على الخروج‬ ‫ّ‬
‫من سياق العادي وامل لول‪ ،‬واتباع نمط جديد في التفكير"‪.‬‬
‫ويقدم جلفورد‪ ،‬تعريفا للبداع‪ ،‬ب نه ‪" :‬نوع من التفكير التباعدي‪ ،‬الذي يتم من خالل‬
‫نسق مفتوح‪ ،‬يتميز إلانتاج فيه بخاصية التنوع في ألافكار‪ ،‬التي ال تتحدد باملعلومات املعطاة‬
‫سلفا"‪.‬‬
‫أما تورانس‪ ،‬فيعرفه‪ ،‬ب نه ‪" :‬عملية إدراك الثغرات‪ ،‬أو الاختالل في املعلومات والعناصر‬ ‫ّ‬
‫املفقودة‪ ،‬أو عدم الاتساق‪ ،‬وتبدأ عملية الوعي الذاتي للبحث عن دالئل في املوقف‪،‬‬
‫واستعمال ما لدم الفرد من معلومات‪ ،‬وتبدأ عملية فرض الفروض‪ ،‬واستخال القرائن‬
‫والربط بين النتائج‪ ،‬وإجراء التعديالت‪ ،‬وإعادة اختبار الفروض"‪( .‬قنديل‪ ،‬شاكر‪،1993 ،‬‬
‫‪.)234 .‬‬
‫ويتوفر الشخ املبدع على عدد من القدرات والسمات‪ّ ،‬بينها ج‪ .‬ب‪ .‬جلفورد‪ ،‬ب سلوب‬
‫التحليل العاملي‪ ،‬عام ‪ ،1950‬وهي كما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬الحساسية للمشكالت‪ .‬وتع ي هذت القدرة أو السمة‪ ،‬أن يرم الفرد مشكالت وغموضا‬
‫في ظواهر بديهية‪.‬‬
‫‪ .2‬ألاصالة‪ .‬وتع ي أن ي تي الفرد ب فكار أو حلول أو إنتاجات جديدة وفريدة وذات فائدة‪.‬‬
‫‪ .3‬الطالقة‪ .‬وتع ي أن ينتج الفرد عددا كبيرا من ألافكار أو الحلول أو ألالفاظ في من‬
‫محدد‪.‬‬
‫‪ .4‬املرونة‪ ،‬وتع ي توفر الفرد على السهولة في تغيير وجهته العقلية‪.‬‬
‫‪ .5‬إعادة التنظيم أو إعادة التحديد‪ ،‬وتتمثل في إعادة صياغة املشكلة‪ ،‬أو إعادة تنظيم‬
‫أشياء معينة ليصير لها فهم جديد أو استعمال جديد‪.‬‬
‫‪ .6‬التـح ـل ـي ـل والت ـ ل ـي ـف‪ ،‬إذ يت ـوف ـر إلاب ـداع ع ـلى ق ـدرات تـح ـلـيـلـيـ ـة للـف ـك ـرة أو لل ـم ـشكلـة أو‬
‫للش يء‪ ،‬ام إعادة ت ليفه من جديد‪ ،‬فيصير له مع ى جديد لم يكن موجودا فيه من قبل‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ .7‬التركيب في البناء التصوري‪.‬‬
‫‪ .8‬التقييم‪( .‬سويف‪ ،‬مصطف ‪ ،1970 ،‬ص ‪.)352 - 350 .‬‬

‫‪ )2‬مدخال البحث والتنظير‪.‬‬


‫هناك مدخالن للبحث والتنظير في علم النفس؛ أحدهما مدخل املشكلة‪ ،‬وآلاخر مدخل‬
‫الاختبار‪ ،‬أو مدخل التوجه الام ريقي‪ .‬بالنسبة للمدخل ألاول‪ ،‬يبدأ النشاط البحثي‪ ،‬بانشغال‬
‫الباحث بمشكلة نفسية ما‪ ،‬ألن الانشغال الجاد واملتواصل باملشكلة‪ ،‬يجعل ألافكار تتوارد‬
‫على شكل عناصر خام‪ ،‬حتى ولو كانم ساذجة‪ ،‬فإذا عرل الباحث كيف يقتنصها‪ ،‬وي خذها‬
‫م خذ الجد‪ ،‬ويفكر ف ها كثيرا‪ ،‬بمرونة عقلية‪ ،‬فمن املرجح‪ ،‬أن تؤدي إلى ظهور أفكار أخرم‬
‫جديدة (أصيلة) وهامة‪ ،‬تضفي على النتائج الام ريقية مع ى‪( .‬سويف‪ ،‬مصطف ‪. ،2005 ،‬‬
‫‪ .)173‬أما مدخل الاختبار‪ ،‬أو التوجه إلام ريقي‪ ،‬وهو الشا ع‪ ،‬فالباحث غريه ظهور اختبار‬
‫نفس ي جديد‪ ،‬أو يصمم هو اختبارا نفسيا‪ ،‬ويركي اهتمامه على قيمة هذا الاختبار‪ ،‬وصالحيته‪.‬‬
‫ويخرج‪ ،‬بعد تطبيقه على مجموعة من ألافراد‪ ،‬بنتائج رقمية‪ ،‬لدرجات أولئك ألافراد على‬
‫الاختبار‪ ،‬ويتوقف عندها‪ ،‬ويكون عاجيا تماما عن املساهمة ب ي تنظير حول النتائج التي‬
‫ّ‬
‫تحصل عل ها‪ ،‬و عتمد‪ ،‬لتفسير تلك ألارقام‪ ،‬على ما قدمه آلاخرون من أفكار نظرية‪( .‬سويف‪،‬‬
‫مصطف ‪.)174 . ،2005 ،‬‬

‫‪ )3‬مصدرا التنظير‪.‬‬
‫من الناحية العملية‪ ،‬هناك مصدران أساسيان يمكن للباحث أن ستمد منهما‪ ،‬أو من‬
‫أحدهما‪ ،‬املادة الخام للعمل التنظيري؛ املصدر ألاول هو مواقف الحياة الواقعية‪ .‬واملصدر‬
‫الثاني هو املادة العلمية التي ت تي على شكل تساؤالت في املناقشات التي يختم بها الباحثون‬
‫بحوثهم‪.‬‬
‫بالنسبة للمصدر ألاول‪ ،‬يمكن أن تكون جميع مواقف الحياة اليومية‪ ،‬مصدرا ملشكالت‬
‫تصلح للبحث العلمي النفس ي‪ .‬وت رير ذلك أن موضوع علم النفس‪ ،‬هو الدراسة العلمية‬
‫للسلوك‪ ،‬وأيا كان هذا السلوك‪( .‬سويف‪ ،‬مصطف ‪ .)48 . ،2005 ،‬فقد يالحظ الباحث‬
‫سلوكا معينا في ميدان ما من ميادين الحياة؛ في ألاسرة‪ ،‬في املدرسة‪ ،‬في جماعات العمل وغيرت‪،‬‬
‫فيثير لديه أسئلة‪ ،‬فيشرع في البحث للجابة عنها‪ ،‬فإذا به يجد نفسه يتعمق في ج ـم ـع‬
‫املـع ـلوم ـات وم ـعال ـج ـت ـها م ـوض ـوع ـيا‪ ،‬ويرب ـط شتات ـها مك ـ ّونا نس ـقا تجريديا‪ ،‬يج ـم ـع ما توصل‬

‫‪62‬‬
‫إليه من نتائج‪ ،‬يقدم خالله تفسيرا للحقائق التي بحثها‪.‬‬
‫أما املصدر الثاني‪ ،‬فيتمثل في الكتابات العلمية لباحثين آخرين‪ .‬تتكون ألاوراق البحثية‬
‫امليدانية واملعملية‪ ،‬من االاة أقسام رئيسية ‪ :‬يتضمن القسم ألاول مشكلة البحث وأسئلته‪.‬‬
‫ويتضمن القسم الثاني إجراءات البحث املتبعة للجابة عن ألاسئلة‪ .‬ويتضمن القسم الثالث‬
‫عرض النتائج ومناقشتها‪ ،‬والقسم الثالث هو الذي يهم‪ .‬فالباحث هنا يوضح‪ ،‬ما إذا أجابم‬
‫النتائج عن أسئلة البحث‪ ،‬أو أيدت تنبؤاته‪ ،‬مبينا جوانب الاتفاق وجوانب الاختالل مع نتائج‬
‫بحوث أخرم‪ ،‬حول املشكلة نفسها أو القريبة منها‪ ،‬مقدما أحيانا تفسيرات مبدئية‪ ،‬أو عوامل‬
‫تسهم في التفسير‪ ،‬ويثير في النهاية أسئلة بحثية أخرم‪ ،‬في حاجة إلى إلاجابة عنها‪( .‬سويف‪،‬‬
‫مصطف ‪.)51 . ،2005 ،‬‬

‫‪ )4‬مستويا التنظير‪.‬‬
‫هناك مستويان للتنظير العلمي؛ أحدهما‪ ،‬وهو ألادن ‪ ،‬يتمثل في إبرا املع ى املباشر‬
‫للنتائج التي تم التوصل إل ها‪ ،‬سواء أكانم كمية أم لفظية‪ ،‬وبيان ما إذا كانم تجيب عن‬
‫ألاسئلة الرئيسية للبحث‪ ،‬ام بيان كيف تلتقي وكيف تختلف مع نتائج باحثين آخرين‪ ،‬ممن‬
‫تعرضوا للمشكلة نفسها‪ ،‬أو ملا هو قريب منها‪ .‬أما املستوم الثاني من التنظير‪ ،‬فيصعد فيه‬
‫الباحث ع ر عمليات تجريدية نحو مستوم ستوعب نتائجه املباشرة ويتجاو ها‪ ،‬ليصل إلى‬
‫ويحمل الباحث نتائج بحثه من التنظير ما‬‫ّ‬ ‫طرح قضايا جديدة من وحي نتائجه ومناقشتها‪،‬‬
‫يتسع الستيعاب نتائج أخرم‪ ،‬توصل إل ها باحثون آخرون‪( .‬سويف‪ ،‬مصطف ‪ ،2005 ،‬ص ‪.‬‬
‫‪ 47‬ـ ‪.)48‬‬

‫‪ )5‬إاارة مشكالت أخرم أاناء التنظير‪.‬‬


‫إذا قام الباحث بدفع عملية التنظير في مسارها‪ ،‬فمن ش ن ذلك أن يثير تساؤالت تتحول‬
‫إلى مشكالت بحثية جديدة‪ ،‬وهذا ما حر على القيام به الكثير من الباحثين‪( .‬سويف‪،‬‬
‫مصطف ‪ ،)48 . ،2005 ،‬فإذا باملعرفة العلمية تنمو وتتطور وتتسع‪.‬فعلى سبيل املثال‪،‬‬
‫ّ‬
‫نظر هـ‪ .‬ج‪ .‬أيينك ‪ H. J. Eysenck‬في الشخصية‪ ،‬وكانم البداية بافتراضه لبعدين لها‪ ،‬هما ‪:‬‬
‫بعد الانبساط ـ الانطواء‪ ،‬وبعد العصابية ـ الاتيان الانفعالي‪ .‬وتوصل إلى وجودهما بعد قيامه‬
‫ّ‬
‫ب بحاث مستفيضة‪ ،‬ب سلوب التحليل العاملي‪ ،‬وباملنهج العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬في سنوات الحرب‬
‫العاملية الثانية وما بعدها‪ ،‬في لندن‪ .‬ولكن مشكالت بحثية أخرم بر ت من رحم نتائجه ألاولى‪،‬‬

‫‪63‬‬
‫منها ‪ :‬ما هي خصائ الانبساطيين ؟ وما هي خصائ الانطوائيين ؟ وما الفرق بين‬
‫الانبساطيين والانطوائيين في بعض جوانب السلوك ؟ وما هي خصائ الانبساطي العصابي؟‬
‫وما هي خصائ الانطوا ي العصابي ؟ هل توجد أبعاد أخرم للشخصية ؟ فتوسعم‬
‫النظرية‪ ،‬وشملم جوانب كثيرة من السلوك‪ ،‬وكشفم عن عالقات أخرم بين الحقائق التي‬
‫بحثتها النظرية‪ ،‬لم تكن معروفة من قبل‪.‬‬
‫وكرس الفييولوجي الروس ي‪ ،‬بافلول‪ ،‬جهودت البحثية في الفييولوجيا‪ ،‬حول دور اللعاب‬ ‫ّ‬
‫في العملية الهضمية‪ ،‬ول كن الذي دفعه للبحث في هذا الاتجات‪ ،‬أدم به إلى اكتشال حقيقة‬
‫أخرم‪ ،‬مرتبطة باألولى‪ ،‬جيئيا‪ ،‬انصرل إل ها كليا‪ ،‬لبحثها‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬وهي ‪ :‬الاستجابة‬
‫الشرطية‪ ،‬أو املنعكس الشرطي‪ ،‬أو إلاشراط الاستجابي‪ ،‬كما يطلق عليه في مؤلفات نظريات‬
‫التعلم‪.‬‬
‫واهتم السيكولوجي ألامريكي‪ /‬مارتن سيلجمان‪ ،‬في بداية انشغاله بالبحث النفس ي‪،‬‬
‫بظاهرة العجي املتعلم والاكتئاب‪ ،‬وأجرم تجارب معملية ناجحة على الكالب ام على البشر‪،‬‬
‫تبين له أن هناك كالبا‪ ،‬كما أن هناك بشرا‪ ،‬ال يمكن تفسير سلوكهم بنموذج العجي واملرض‬
‫النفس ي‪ .‬وعند دفعه للبحث إلى ألامام‪ ،‬وتحويل اهتمامه نحو أولئك ألاقوياء الذين ال يتعلمون‬
‫العجي‪ ،‬أحدث تغييرا جذريا في مسار علم النفس‪ ،‬الذي كان عليه منذ عقود من اليمن‪،‬‬
‫فحول الاهتمام بالسلوك الالسوي واملرض والعجي والفشل والانحرال‪ ،‬إلى الاهتمام بعلم‬ ‫ّ‬
‫نفس السعادة والتفاؤل والرضا والتدفق والنجاح‪ ،‬أي من علم النفس السلبي إلى علم النفس‬
‫إلايجابي‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬الاستدالل وعملية التنظير العلمي‬


‫‪ )1‬الاستنباط والاستقراء وإنتاج املعرفة العلمية قديما‪.‬‬
‫ذكر فيلسول العلم‪ ،‬إلانجليزي‪ /‬برتراند رسل ‪ ،)1970-1872( B. Russell‬في كتابه ‪:‬‬
‫النظرة العلمية (‪ ،)1949 ،1931‬أن إلاغريق‪ ،‬وبسبب نبذهم للعمل اليدوي‪ ،‬لم يكونوا‬
‫تجريبيين‪ ،‬وهذت مشكلة خاصة بهم‪ ،‬بل كانوا يقومون بالتنظير عن طريق الت مل‪ ،‬وخاصة في‬
‫الفلك‪ ،‬ومن ّ‬
‫ام فقد كانوا استنباطيين (قياسيين)‪ .‬أما املسلمون‪ ،‬الذين جاؤوا بعدهم‪ ،‬فقد‬
‫يجربون‪ ،‬وخاصة في الكيمياء‪ ،‬ولكن مشكلتهم‪ ،‬تختلف عن مشكلة إلاغريق‪،‬‬‫كانوا استقرائيين‪ّ ،‬‬
‫فقد كانوا يحصلون على حقائق منفصلة‪ ،‬دون أن يتمكنوا من الحصول على مبادئ عامة‪،‬‬
‫تفسر تلك الحقائق‪ ،‬فلم تكن لديهم القدرة على التنظير‪ ،‬أو استخال قوانين عامة من‬
‫الحقائق التي اكتشفوها (رسل‪ ،‬برتراند‪ ،2008 ،‬ص ‪ 16 .‬ـ ‪ .)17‬ولعل التنظير لم يكن ه ـدفا‬

‫‪64‬‬
‫علـم ـيا لدي ـه ـم‪ ،‬فق ـد كان ه ـدل املس ـل ـم ـين‪ ،‬م ـن الق ـيام بالتـجـري ـب‪ ،‬ه ـو السهي إلى تحويل‬
‫املعادن إلى ذهب‪.‬‬
‫وت ار الكثير من الفالسفة وأهل العلم ألاوروبيين‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬با غريق‪ ،‬تفكيرا ومنهجا‪،‬‬
‫وتعصبوا لهم‪ ،‬ولتفكيرهم القياس ي‪ ،‬فصاروا ال يقبلون بطريقة الاستقراء في الحصول على‬
‫الحقائق‪ ،‬وعان من هذا الجفاء كل من جاليليو جاليلي ‪ ،)1642 - 1564( Galili G.‬وأل رت‬
‫اينشتاين ‪ )1955 - 1879( A. Einstein‬اللذين كانا استقرائيين تجريبيين‪ ،‬فصار جاليلي محل‬
‫استهياء في محاضراته‪ ،‬وحدث أن صعد إلى قمة بيزا ومعه اقالن‪ ،‬ليجري تجربة حول سقوط‬
‫ألاجسام‪ ،‬وكان ألاساتذة في ذلك الوقم‪ ،‬يمرون وطالبهم ذاهبون إلى قاعات الدراسة‪،‬‬
‫فاسترعى انتباههم‪ ،‬ام ألق بالثقلين من قمة ال رج إلى أقدامهم‪ ،‬وشاهد ألاساتذة ذلك‪ ،‬ولكنهم‬
‫اعتقدوا أن أعينهم خدعتهم‪ ،‬ال محالة‪ ،‬ألن أرسطو ال يجو عليه الخط ‪ .‬ونفس املصير القات‬
‫مقربا‪ ،‬ودعا ألاساتذة أن ينظروا من خالله إلى أقمار‬ ‫ّ‬
‫إينشتين في برلين‪ ،‬عندما صنع منظارا ِ‬
‫عطارد‪ ،‬فرفضوا‪ ،‬ألن أرسطو لم يذكر هذت التوابع‪ .‬وتعرض جاليلي ملضايقات من محاكم‬
‫التفتيش‪ ،‬التي أرغمته على التنا ل عن أفكارت التي تتعارض مع ألافكار املقدسة للكنيسة‬
‫الكااوليكية في روما‪( .‬رسل‪ ،‬برتراند‪ ،2008 ،‬ص ‪ 19 .‬ـ ‪ .)20‬ويرم برتراند رسل‪ ،‬أن الصدام‬
‫بين جاليلي ومحاكم التفتيش‪ ،‬لم يكن صداما بين الفكر الحر والتعصب‪ ،‬أو بين العلم‬
‫والدين‪ ،‬بل بين التفكير الاستقرا ي والتفكير الاستنباطي‪( .‬رسل‪ ،‬برتراند‪.)29 . ،2008 ،‬‬

‫‪ )2‬دور الاستقراء والاستنباط في إنتاج املعرفة العلمية‪.‬‬


‫يتكون من مجموعة من القضايا بعضها فوق بعض‬ ‫ّ‬ ‫إن العلم في مثاليته النهائية‪،‬‬
‫درجات‪ ،‬يتعلق أدناها بالحقائق الخاصة‪ ،‬ويتعلق أعالها بقانون عام يصدق على جميع‬
‫الحقائق الخاصة‪ .‬واملستويات املختلفة للحقائق‪ ،‬يرتبط بعضها ببعض بعالقتين منطقيتين؛‬
‫إحداهما صاعدة وألاخرم هابطة؛ فالعالقة الصاعدة‪ ،‬عالقة استقرائية‪ ،‬والعالقة الهابطة‬
‫عالقة استنباطية‪ .‬ومع ى ذلك أنه في التحقيق العلمي‪ ،‬ينبغي أن سير الباحث على الطريق‬
‫آلاتي ‪ :‬الحقائق الفردية أو الجيئية‪ ،‬أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج‪ ،‬د إلخ‪ ،‬توحي باحتمال قانون عام‪ ،‬وتكون كلها‪،‬‬
‫إن كان صحيحا‪ ،‬أمثلة له‪ ،‬وتوحي مجموعة أخرم من الحقائق بقانون عام آخر‪ ....‬وهكذا‪.‬‬
‫وكل القوانين العامة توحي‪ ،‬عن طريق الاستقراء‪ ،‬بقانون أعلى مرتبة في التعميم‪ ،‬فإذا ظهر‬
‫صحيحا‪ ،‬كانم له هذت القوانين العامة مجرد أمثلة‪ .‬وستكون هناك مراحل كثيرة من هذا‬
‫القبيل في الانتقال من الحقائق املدركة باملالحظة‪ ،‬إلى أشد القوانين في عموميتها‪ .‬ومن هذا‬

‫‪65‬‬
‫القانون العام يكون الاتجات إلى الهبوط اانية‪ ،‬عن طريق الاستنباط‪ ،‬للوصول إلى الحقائق‬
‫الخاصة التي بدأ منها الاستقراء السابق‪ .‬والاستنباط مكانه الكتب‪ ،‬أما الاستقراء فمكانه‬
‫العمل‪( .‬رسل‪ ،‬برتراند‪ .)52 . ،2008 ،‬وأنا أقول ‪ :‬إن الاستنباط مكانه الت مل والفكر‪،‬‬
‫والاستقراء مكانه الاستقصاء والتجريب‪.‬‬
‫ض ُد مسارها بمالحظة حقائق منفردة‪ ،‬فتصل باالستقراء‬ ‫إن الطريقة العلمية املثلى‪َ ،‬ت ْع ُ‬
‫إلى قانون عام‪ ،‬وتستنبط من القانون العام حقائق فردية أخرم‪ .‬لقد جمع أيينك حقائق‪،‬‬
‫فتوصل إلى تعميم ب ن الشخ الانطوا ي‪ /‬العصابي (يطلق عليه الد ستيميا‪ ،‬أي عسر‬
‫املياج) ترتفع ل ديه مشاعر القلق‪ ،‬وللقياس على هذا التعميم (أي استعمال الاستنباط)‪،‬‬
‫ترتفع لدم الشخ العصابي‪ /‬الانطوا ي‪ ،‬كذلك‪ ،‬مشاعر الاكتئاب والوسواس وتوهم‬
‫املرض‪ ،‬ألنها من الد ستيميا أيضا‪ ،‬وال يظهر لديه السلوك الهستيري أو السلوك إلاجرامي‪،‬‬
‫ألنهما ليسا من الد ستيميا‪.‬‬

‫إلى العام‪.‬‬ ‫‪ )3‬الاستقراء طريق لالنتقال من الخا‬


‫إن الاستقراء في اللغة هو التتبع‪ ،‬ومن استقرأ الش يء‪ ،‬تتبعه ملعرفة أحواله‪ .‬وعند‬
‫الكل لثبوت ذلك الحكم على الجيء‪ .‬إن الاستدالل الاستقرا ي‬ ‫العمليين‪ ،‬هو الحكم على ّ‬
‫يقابله الاستدالل الاستنباطي‪ ،‬والاستنباط استدالل هابط من مقدمات كلية إلى نتائج جيئية‬
‫تترتب عنها بالضرورة‪ ،‬ودون حاجة إلى تجريب‪ ،‬وهو منهج العلوم الصورية‪ ،‬كاملنطق‬
‫والرياضيات‪( .‬الخولي‪ُ ،‬يم ى طريف‪ ،2000 ،‬ص ‪ 129 .‬ـ ‪.)130‬‬
‫العالم‪ /‬الباحث‪ ،‬يبدأ بمالحظة الظاهرة املفردة‪،‬‬
‫ويتلخ الاستدالل الاستقرا ي‪ ،‬في أن ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ام يفترض ويكثر من مالحظة الظواهر املفردة املتشابهة‪ ،‬و غير ويبدل في شروط حدوث‬
‫الظاهرة إلى أن يصل‪ ،‬بعد اختبار الفرضيات املمكنة‪ ،‬إلى تقرير فرضية منها‪ ،‬تصير‪ ،‬عند‬
‫الت كيد‪ ،‬نظرية أو قانونا يصدق على كل الظواهر املشابهة للظاهرة‪ ،‬أو الظواهر‪ ،‬التي الحظها‬
‫(بوعية‪ ،‬الطيب‪ ،)2016 . ،‬أي الانتقال من الجيء إلى الكل‪.‬‬
‫إن العلم مع أنه يبدأ بمالحظة الجيء‪ ،‬فهو ال ُ ع ي في جوهرت بالجيء‪ ،‬بل بالكل (رسل‪،‬‬
‫برتراند‪ .)51 . ،2008 ،‬ففي البحث العلمي (النفس ي)‪ ،‬التجريبي وإلام ريقي‪ ،‬يكون العمل‬
‫مع العينة (كجيء)‪ ،‬ولكن ألاصل العام (املجتمع) هو املستهدل‪ .‬ويكون العمل باالستقراء في‬
‫جمع بيانات البحث‪ ،‬لكن الهدل هو الوصول إلى تعميم‪ ،‬ام الاستنباط منه‪ .‬إن الاستقراء‬
‫ع ي القيام بجمع حقائق متفرقة‪ ،‬والوصول بها إلى تعميم‪ ،‬أي نظرية‪ ،‬ام إلى قانون‪ .‬إن كل‬
‫القوانين العلمية تقوم على الاستقراء‪ .‬ولكن الاستقراء كعملية منطقية عرضة للشك‪ ،‬وعاجي‬

‫‪66‬‬
‫عن إعطاء نتائج يقينية (رسل‪ ،‬برتراند‪ .)61 . ،2008 ،‬فاالستقراء سير‪ ،‬غالبا‪ ،‬كما ي تي‬
‫‪ :‬يتم التعرل على حدث جانح‪ ،‬فإذا هو يقطن في حي غير منظم‪ ،‬ويتم التعرل على حدث‬
‫جانح آخر‪ ،‬فإذا هو يقطن أيضا في حي غير منظم‪ ،‬ويتم التعرل على حدث جانح آخر‪ ،‬يقطن‬
‫في حي غير منظم‪ ،‬كذلك‪ ،‬ويتم التعرل على حدث جانح رابع وخامس وسادس‪ ،‬و‪ .......‬وكلهم‬
‫يقطنون في أحياء غير منظمة‪ ،‬فيكون التعميم أن الجنوح يتطور في ألاحياء الفوضوية‪ .‬ويبق‬
‫هذا التعميم صامدا‪ ،‬كلما ظل ألاحداث الجانحون يقطنون في ألاحياء الفوضوية‪ ،‬لكن إذا‬
‫تم التعرل على حدث جانح آخر‪ ،‬يقطن في حي منظم‪ ،‬وراق‪ ،‬فإن التعميم السابق يرفض‪.‬‬
‫ومثال آخر‪ ،‬هناك فرض مفادت‪ ،‬أن "ألاذكياء سعداء"‪ ،‬والختبارت يتم سحب عينة من ألافراد‬
‫ألاذكياء‪ ،‬وبعد بحثهم يتبين أنهم سعداء‪ ،‬يبق هذا الفرض مقبوال‪ ،‬طاملا ظل ألاذكياء سعداء‪،‬‬
‫لكن سيرفض هذا الفرض‪ ،‬إذا ظهر يخ ذكي وليس سعيدا‪ ،‬ولهذا ينتقد كارل بوبر ‪K.‬‬
‫‪ )1994 - 1902( Popper‬الاستقراء‪ ،‬ألنه ال يؤدي إلى معرفة اابتة‪ ،‬ويقينية‪ ،‬ويقوم هذا النوع‬
‫من الاستقراء على أساس "التعداد البسيط"‪ ،‬وهو نوع من الاستدالل بالغ الخطورة‪( .‬رسل‪،‬‬
‫برتراند‪ .)62 . ،2008 ،‬كما عرل أيضا باالستقراء الجي ي أو الناق ‪.‬‬
‫ويمكن معالجة عجي الاستقراء عن التوصل إلى معرفة اابتة‪ ،‬ويقينية‪ ،‬نسبيا‪ ،‬باالبتعاد‬
‫عن طريقة "التعداد البسيط" في سحب الحقائق الجيئية (العينات)‪ ،‬والقيام بسحب حقائق‬
‫(عينات) كثيرة "التعداد الكبير"‪ ،‬بخصائ عديدة‪ ،‬وفي أماكن كثيرة‪ ،‬وفي أ منة مديدة‪،‬‬
‫فمثال‪ ،‬إذا قام الاستقراء على عينة واحدة‪ ،‬طالب جامعة باتنة‪ ،‬مثال‪ ،‬وفي من محدد‪ ،‬فهذا‬
‫"تعداد بسيط"‪ ،‬مشكوك في نتيجته‪ ،‬ولكن إذا قام على تعداد كبير‪ ،‬شمل عينات أخرم‪،‬‬
‫بخصائ متنوعة‪ ،‬وفي مناطق كثيرة‪ ،‬وفي أ منة مديدة‪ ،‬فإن نتيجته‪ ،‬سول تكون محل اقة‪،‬‬
‫إلى حد ما‪ ،‬ألنها قامم على أدلة استقرائية عديدة‪ .‬وهذا ما قام به املنظرون في علم النفس‪،‬‬
‫أمثال ‪ :‬إ‪ .‬ب‪ .‬بافلول‪ ،‬س‪ .‬فرويد‪ ،‬ج‪ .‬بياجي‪ ،‬هـ‪ .‬ج‪ .‬أيينك‪ ،‬جوليان ب‪ .‬روتر ‪J. B. Rotter‬‬
‫(‪ ،)... -1916‬أل رت باندور ‪ )... - 1925( A. Bandura‬وغيرهم‪ ،‬فقد ظلوا سنين طويلة‪،‬‬
‫يجمعون الحقائق الجيئية من عينات عديدة‪ ،‬ذات خصائ متباينة‪ ،‬فتمكنوا بذلك من‬
‫بناء نظريات علمية عتيدة‪.‬‬

‫‪ )4‬ت رير استعمال الاستقراء في إنتاج املعرفة العلمية‪.‬‬


‫قدم فيلسول العلم‪ ،‬ألاملاني‪ /‬هاني راينشباخ‪ ،‬أو رايخنباخ ‪- 1891( H. Reinchenbach‬‬
‫‪ ،)1953‬ت ريرا الستعمال الاستقراء‪ ،‬من خالل مثال عن ‪ :‬مدم عقالنية يخ عاني من‬
‫مرض ميمن‪ ،‬وبقيم له أيام قليلة عيشها‪ ،‬ويريد أن يقرر ما إذا كان من الصواب إجراء‬

‫‪67‬‬
‫عملية جراحية‪ ،‬لم يؤكد الطب نجاحها‪ ،‬ومن ّ‬
‫ام ال يتوفر لديه أي م رر يدعوت إلى الاعتقاد‬
‫ب نها سول تنقذ حياته‪ .‬إن املهم هنا‪ ،‬هو أن الاختيار وقع بين موت محقق‪ ،‬واحتمال ضئيل‬
‫في البقاء على قيد الحياة‪ .‬وبما أن الشخ املع ي يواجه هذا الاختيار‪ ،‬فمن العقالنية‪،‬‬
‫القول‪ ،‬إن عليه اختيار إجراء العملية‪ ،‬حتى وإن لم تتوفر لديه م ررات جيدة تدعوت إلى‬
‫الاعتقاد ب نها سول تكلل بالنجاح‪ .‬أي إذا كان هناك أي ش يء يمكن أن ينقذ حياة هذا‬
‫الشخ ‪ ،‬فهو إجراء هذت العملية‪( .‬بريتشارد‪ ،‬دنكان‪.)177 . ،2013 ،‬‬
‫وباملثل‪ ،‬فإن الباحث يواجه‪ ،‬هو كذلك‪ ،‬الاختيار بين عدم استعمال الاستقراء ومن امّ‬
‫فقدان كل فرصة للحصول ع لى حقائق عن العالم املحيط به‪ ،‬أو استعماله مع احتمال أن‬
‫يكسب الكثير من الحقائق عن العالم املحيط به‪ .‬وحين يصل الاختيار إلى هذت الصيغة‪ ،‬يبدو‬
‫أن استعمال الاستقراء يكون تصرفا عقالنيا تماما‪ ،‬حتى ولو افتقر الباحث إلى ت رير الستعمال‬
‫هذا ألاسلوب من الاستدالل‪( .‬بريتشارد‪ ،‬دنكان‪.)177 . ،2013 ،‬‬
‫ويقوم الاستقراء على الاستقصاء‪ ،‬والبحث‪ ،‬بينما يقوم الاستنباط على القياس على‬
‫قضايا كلية‪ ،‬أو مرجعيات تكون صادقة‪ ،‬مثلما نجد في القرآن الكريم "وما من دابة في ألارض‬
‫إال على هللا ر قها"‪" .‬وما بكم من نعمة فمن هللا"‪" .‬كل نفس ذائقة املوت"‪" .‬وما خلقم الجن‬
‫وإلانس إال ليعبدون"‪ .‬أتذكر‪ ،‬وأنا تلميذ في املرحلة الثانوية‪ ،‬درسم في املنطق الصوري‪ ،‬مثاال‬
‫لالستنباط من خالل القضية املنطقية الصورية آلاتية‪ :‬كل إنسان فان‪ ،‬وسقراط إنسان‪،‬‬
‫إذن‪ ،‬سقراط فان‪.‬‬

‫‪ )5‬قوة الاستقراء وضعف الاستنباط في عملية التنظير‪.‬‬


‫إن الاستقراء‪ ،‬وفق راينشباخ‪ ،‬هو أداة املنهج العلمي‪ ،‬الذي يهدل إلى الكشف عن حقائق‬
‫مجرد تلخي للمالحظات السابقة‪ ،‬ومن ام ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عد الاستقراء‪ ،‬أداة‬ ‫جديدة‪ ،‬ويتعدم كونه‬
‫للمعرفة التنبؤية‪ .‬ولعل في هذا التوضيح لطبيعة الاستقراء‪ ،‬ما يبين اختالفه عن الاستنباط‪،‬‬
‫الذي عد استدالال فارغا‪ ،‬ألنه ال يضيف معرفة جديدة إلى املقدمات التي ب ى عل ها‬
‫استنتاجه‪ ،‬عكس الاستقراء الذي هو استدالل غير فارغ‪ ،‬ألنه يؤدي إلى نتائج جديدة ليسم‬
‫متضمنة في املقدمات‪ .‬فاالستقراء ذو أهمية كبيرة‪ ،‬ألنه سهم في إاراء املعرفة العلمية ونموها‪.‬‬
‫واملهمة ألاكثر فائدة التي يؤديها الاستقراء‪ ،‬ال تتمثل في كشفه لنظرية‪ ،‬أو لصياغة قانون‪ ،‬بل‬
‫يتجاو هذا ألامر‪ ،‬ويقوم بتسو غ النظرية‪ ،‬على أساس املعطيات التي تمم مالحظتها‪( .‬ولد‬
‫يوسف‪ ،‬نعيمة‪ ،2015 ،‬ص ‪ 54 .‬ـ ‪.)55‬‬

‫‪68‬‬
‫افترض السيكولوجي إلانجليزي‪ /‬تشارلي سبيرمان ‪ ،)1945 - 1863( Ch. Spearman‬نظرية‬
‫العاملين في النشاط العقلي‪ ،‬عامل عام وعامل خا ‪ ،‬وقام بجمع املالحظات واملشاهدات‬
‫لت ييدها‪ .‬وافترض مواطنه‪ ،‬السيكولوجي‪ /‬هاني ج‪ .‬أيينك‪ ،‬نظرية ألابعاد في الشخصية‪ ،‬وقام‬
‫باستقراء معلومات ومشاهدات سلوكية لت ييدها‪ .‬وافترض جوليان ب‪ .‬روتر أن بعض ألافراد‬
‫ذوو ضبط داخلي لسلوكهم‪ ،‬وبعضهم ذوو ضبط خارجي لسلوكهم‪ ،‬سواء في حالة النجاح أم‬
‫في حالة الفشل‪ ،‬وقام بجمع معلومات سلوكية لت ييدها‪ .‬وهكذا يتبين‪ ،‬أنه على الرغم من‬
‫شراسة فيلسول العلم‪ ،‬كارل بوبر‪ ،‬في نقدت الرافض لالستدالل الاستقرا ي‪ ،‬كمصدر‬
‫للمعرفة العلمية‪ ،‬إال أن العلم‪ ،‬وبناء النظريات‪ ،‬وصياغة القوانين العلمية‪ ،‬يقوم في جوهرت‬
‫على الاستقراء‪.‬‬

‫‪ )6‬إبستمولوجية كارل بوبر لبناء النظريات العلمية‪.‬‬


‫من الضروري تناول وجهة نظر فيلسول العلم النمساوي‪ ،‬الناقد العنيد والشرس‪ ،‬كارل‬
‫ريموند بوبر‪ .‬فال تكون املناقشة راقية‪ ،‬وال تكتمل الفكرة في مجال التنظير‪ ،‬إال بتناول وجهة‬
‫نظرت في بناء النظرية العلمية‪ .‬لم ينشغل كارل بوبر‪ ،‬ببناء نظرية جديدة في العلم‪ ،‬بل قدم‬
‫ّ‬
‫إبستمولوجيا لبناء النظريات العلمية‪ .‬و عد كارل بوبر من أكثر فالسفة العلم ت ايرا في‬ ‫منهجا‬
‫القرن العشرين‪ ،‬وربما كان ت ايرت في العلماء املشتغلين بالعلوم الاجتماعية‪ ،‬أك ر من ت ايرت في‬
‫الفالسفة‪( .‬ر ن رج‪ ،‬أليكس‪.)222 . ،2011 ،‬‬
‫ن م بنفسه عن الانتماء لجماعة الوضعية املنطقية املعروفة باسم حلقة فيينا‪،‬‬
‫وانتقدها‪ ،‬ورفض معيار قابلية التحقق وركائيت ألاساسية املؤلفة من املالحظة‪ ،‬والخ رة‬
‫الحسية‪ ،‬والانتقال من الجي ي إلى الكلي (الاستقراء)‪ ،‬والهدل من هذا الرفض‪ ،‬هو إلاعداد‬
‫عما هو سائد‪ ،‬وانتقد معيار قابلية‬‫لطرح طريقة إبستمولوجية بديلة لصياغة معيار أفضل‪ّ ،‬‬
‫وبين مجمل فكرت‪ ،‬بقوله‪" :‬إن ي بوجه خا ‪:‬‬ ‫التحقق‪( .‬اختيار‪ ،‬ماهر‪ّ .)96 . ،2010 ،‬‬
‫ْ‬
‫والفرض ي‪ ،‬واقهي"‪.‬‬ ‫مضاد ملبدأ الاستقراء‪ ،‬مضاد للمذهب الحس ي‪ ،‬نصير ألولوية النظري‬
‫(بوبر‪ ،‬كارل‪ .)116 . ،1999 ،‬وفيما يلي ألافكار الفلسفية التي انتقدها في فلسفة العلم‬
‫ومناهجه‪ ،‬والبديل الذي قدمه‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ نقدت للمالحظة كبداية في بناء النظرية العلمية‪.‬‬


‫اعترض بوبر‪ ،‬على املالحظة‪ ،‬كبداية لصياغة نظرية علمية‪ ،‬بقوله‪" :‬إن املرء‪ ،‬ببساطة‪،‬‬
‫ال يمكنه أن يالحظ ألاشياء دون خلفية نظرية‪ .‬وأن الاعتقاد ب نه يمكن البدء باملالحظات‬

‫‪69‬‬
‫الخالصة وحدها‪ ،‬بمعيل عن أية نظرية‪ ،‬هو أمر محال"‪( .‬جيليز‪ ،‬دونالد‪.)153 . ،2009 ،‬‬
‫وقدم في هذا الصدد مثاال‪ ،‬أنه طلب من طالبه‪ ،‬قائال ‪" :‬أمسك قلما وورقة‪ ،‬الحظ بدقة‪ ،‬ام‬
‫عما أريد منهم أن يالحظوت‪ .‬وصار من الواضح‬ ‫دون ما الحظته‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬س ل ي الطالب ّ‬ ‫ّ‬
‫أن كلمة "الحظ" وحدها‪ ،‬ال تع ي شيئا‪ ،‬وال تؤدي إلى ش يء‪ .‬فاملالحظة تكون دائما انتقائية‪،‬‬
‫وتتطلب موضوعا مختارا‪ ،‬وتستهدل تحقيق مهمة محددة‪ ،‬ويحركها اهتمام معين‪ ،‬كما أنه‬
‫ال بد أن تستند إلى وجهة نظر‪ ،‬وأن تسهى إلى حل مشكلة ما"‪( .‬جيليز‪ ،‬دونالد‪. ،2009 ،‬‬
‫‪.)154‬‬
‫وفي هذا الاتجات‪ ،‬قال الفيلسول الفرنس ي‪ ،‬غاستون باشالر ‪ ،G. Bachelard‬إن املسهى‬
‫العلمي املنتج للمعرفة‪ ،‬ينطلق من وجود مس لة أو مشكلة أو انشغال مسبق‪ ،‬لدم الباحث‪،‬‬
‫وليس املالحظة‪ .‬ويقول في هذا الصدد‪ ،‬إنه بالنسبة للفكر العلمي‪ ،‬فإن كل معرفة تكون‬
‫جوابا عن سؤال مطروح‪ ،‬فإذا لم يكن هناك سؤال مطروح‪ ،‬فلن تكون هناك معرفة علمية‪.‬‬
‫(لورس ي‪ ،‬عبد القادر‪.)10 ، ،2013 ،‬‬
‫وبين بوبر‪ ،‬أن النظرية العلمية ال تبدأ باملالحظة‪ ،‬كما ييعم أصحاب الاتجات الاستقرا ي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫العالم أن يفند هذت الحدوس‪ ،‬بتعريضها للنقد‬ ‫ِ‬ ‫بل تبدأ بالحدوس الافتراضية‪ ،‬ام يحاول‬
‫والاختبار (املالحظات والتجارب)‪ .‬والحدس الافتراض ي الذي يتجاو عددا من الاختبارات‬
‫الناقدة الحاسمة‪ ،‬يمكن قبوله مؤقتا‪ ،‬فقط على سبيل التجربة‪ ،‬فال يمكن‪ ،‬إطالقا‪ ،‬أن نقول‬
‫أنها نظرية علمية‪ ،‬أو قانونا‪ ،‬أو تعميم معرفة يقينية‪ ،‬ألنه ربما يثبم الاختبار أو املالحظة‬
‫القادمة‪ ،‬خط ما‪( .‬د جيليز‪ ،‬دونالد‪.)160 . ،2009 ،‬‬
‫ّ‬
‫وأيد وجهة نظر بوبر‪ ،‬الفيزيا ُّي إلانجليز ُّي‪ ،‬ستيفن هوكنج ‪ )... -1942( S. Hawking‬الذي‬
‫ُ‬
‫قال‪" :‬لم أسمع عن أية نظرية ك رم طرحم على أساس من التجربة فقط‪ ،‬فالنظرية هي التي‬
‫تكون دائما أوال (‪ ،)....‬ام تعطي النظرية تنبؤات‪( ،‬أي حدوس وفروض)‪ .‬وهذت يمكن اختبارها‬
‫باملالحظة‪ .‬وإذا اتفقم املالحظات مع التنبؤات‪ ،‬فإن هذا ال ي رهن على النظرية‪ ،‬بل تظل‬
‫النظرية باقية لتصنع تنبؤات جديدة‪ ،‬تخت ر مرة أخرم باملالحظة‪ ،‬وإذا لم تتفق املالحظات‬
‫مع التنبؤات‪ ،‬ترفض النظرية"‪( .‬هوكنج‪ ،‬ستيفن‪ .)35 . ،2016 ،‬ووفق بوبر‪ ،‬تتميز النظرية‬
‫الجيدة‪ ،‬ح قيقة‪،‬ب نها تصنع عددا من التنبؤات‪ ،‬يمكن من حيث املبدأ تفنيدها باملالحظات‪.‬‬
‫بحيث إذا تم في كثير من املرات أن اتفقم نتائج التجارب مع تنبؤات النظرية‪ ،‬فإن النظرية‬
‫تبق وتيداد الثقة بها‪ ،‬أما إذا حدث أن ُوجدت مشاهدة جديدة تعارض تنبؤات النظرية‪ ،‬فإن‬
‫تعدل‪( .‬هوكنج‪ ،‬ستيفن‪ .)35 . ،2016 ،‬وتكون النظرية صحيحة‪ ،‬إذا‬ ‫النظرية تنبذ‪ ،‬أو ّ‬
‫كان ما تقوله يناظر الواقع‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪.)15 . ،1999 ،‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ 2‬ـ نقدت لالستقراء كمنهج لبناء النظرية العلمية‪.‬‬
‫ذكر إسحق نيوتن ‪ ،)1727 - 1643( I. Newton‬في كتابه "املبادئ ‪ ،"Principia‬أن‬
‫النظريات العلمية ستدل عل ها في الفلسفة التجريبية من الظواهر (الجيئية)‪ ،‬ام تعمم‬
‫باالستقراء‪ .‬لكن بوبر‪ ،‬رفض هذا القول‪ ،‬مبينا أن الخيال ي تي أوال ‪ :‬فالعلماء يبدؤون أوال‬
‫بصياغة حدوس أو فرضيات‪ ،‬ام يتجهون إلى اختبارها باملالحظة والتجريب‪ .‬وال تعد الفرضية‬
‫عل مية‪ ،‬إال إذا كانم قابلة لدحضها تجريبيا‪ .‬وإذا تبين أن الفرضية غير كافية‪ ،‬يصوغ العالم‬
‫فرضية جديدة‪ ،‬وتخضع هي بدورها لالختبار التجريبي‪ .‬وبهذت الطريقة تتطور العلوم ع ر‬
‫التفاعل بين التخمينات املتخيلة والتفنيدات التجريبية‪ .‬ورأم أنه ال بد أن تكون للنظريات‬
‫العلمية نظريات علمية أخرم منافسة لها‪( .‬بيروتي‪ ،‬ماكس‪ّ .)203 . ،1999 ،‬‬
‫وبين بوبر‪،‬‬
‫أنه في منهج الاستقراء‪ ،‬ال يهم عدد املشاهدات‪ ،‬ألنه مهما كثر عددها‪ ،‬فمشاهدة حالة واحدة‬
‫مناقضة‪ ،‬تجعل ما سبق من مشاهدات ملغاة‪( .‬هيلي‪ ،‬باتريك‪ .)138 . ،2008 ،‬وأن املنطق‬
‫ييود بمعيار مالئم للتمييز‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪ ،‬د‪ .‬ت‪ .)71 . ،‬إن الاستقراء‪ ،‬أي‬‫الاستقرا ي ال ّ‬
‫الاستدالل القائم على مالحظات عديدة‪ ،‬خرافة‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪ ،‬د‪ .‬ت‪.)28 . ،‬‬

‫‪ 3‬ـ منهجه في إلابستمولوجيا ومفاهيمه في بناء النظريات العلمية‪.‬‬


‫ذكر بوبر في ‪ :‬الحدوس الافتراضية والتفنيدات ‪" :‬بدأ عملي في فلسفة العلم‪ ،‬منذ خريف‬
‫عام ‪ ،1919‬حين كان أول صراع لي مع املشكلة ‪ :‬متى ينبغي أن تعد نظرية ما على أنها نظرية‬
‫علمية ؟ أو‪ ،‬هـل هـناك معـيار يحـدد الطبيعة أو املنزلـة العلمية لنظرية مـا ؟" (بوبر‪ ،‬كارل‪ ،‬د‪.‬‬
‫ت ـ ب‪ .)19 . ،‬وقال أيضا ‪" :‬ولم تكن املشكلة التي ّأرقت ي آنئذ‪ ،‬هي ‪ :‬متى تكون النظرية‬
‫صادقة ؟‪ ،‬وال متى تكون النظرية مقبولة ؟‪ ،‬كان ما ّأرق ي هو ش يء آخر‪ ،‬كنم أريد أن أميز‬
‫بين العلم والعلم اليائف‪ ،‬وأنا على تمام إلادراك‪ ،‬ب ن العلم كثيرا ما يخطئ‪ ،‬وأن العلم اليائف‬
‫قد يتفق له أن عثر على الحقيقة‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪ ،‬د‪ .‬ت ـ ب‪.)19 . ،‬‬
‫ويتحدد مسار املنهج في إلابستمولوجيا لدم بوبر كما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬السؤال أو املشكلة‪،‬‬
‫‪ )2‬طرح حدوس افتراضية كحلول‪،‬‬
‫‪ )3‬اختبارها ب سلوب املحاولة والخط ‪ ،‬والنقد العقالني‪،‬‬
‫‪ )4‬استعمال معيار التمييز‪ ،‬بصفته مبدأ للتكذيب أو التفنيد‪،‬‬
‫‪ )5‬إبعاد الحلول الخاطئة‪،‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ )6‬طرح حدوس افتراضية جديدة لحل املشكلة‪ ،‬فيتواصل البحث العلمي‪.‬‬
‫إن العلم فروض‪ ،‬ومعرفة حدسية‪ ،‬ومنهج العلم هو املنهج النقدي‪ :‬منهج البحث الة‬
‫ألاخطاء ملصلحة الحقيقة‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪.)15 . ،1999 ،‬‬
‫إن تفكير بوبر حدس ي واستنباطي في آلان نفسه‪ .‬تحدام في فقرة سابقة عن الاستدالل‬
‫الاستنباطي‪ ،‬أما الحدس فهو إدراك غير استداللي‪ ،‬وال يتم على مراحل‪ ،‬بل دفعة واحدة‪،‬‬
‫وليس يقينا‪ ،‬بل مؤقتا‪ ،‬قابال للنقد والاختبار‪ ،‬وللتفنيد أيضا‪ ،‬أي أنه فرض‪( .‬الخولي‪ ،‬يم ى‬
‫طريف‪ ،2000 ،‬هامش‪.)324 . ،‬‬
‫وفيما ي تي مفاهيم تقوم عل ها إبستمولوجية بوبر في بناء النظرية العلمية ‪:‬‬
‫‪ .1‬مشكلة التمييز‪ .‬إن مشكلة التمييز أساسية في فلسفة العلم‪ ،‬وتناولها الفيلسول‬
‫إيمانويل كانط‪ ،،‬في القرن الثامن عشر‪ ،‬وأطلق عل ها بوبر مشكلة كانط‪ ،‬بل هي‪ ،‬وفق كارل‬
‫بوبر‪ ،‬املشكلة ألاساسية التي تتفرع عنها كل املشاكل ألاخرم في فلسفة العلم‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪ ،‬د‪.‬‬
‫ت‪.)71 ، ،‬‬
‫إن مشكلة العثور على معيار يمكن من التمييز بين العلوم إلام ريقية من ناحية‪،‬‬
‫ُ‬
‫طل ُق عل ها ‪:‬‬
‫والرياضيات واملنطق‪ ،‬وامليتافيزيقا‪ ،‬من ناحية أخرم‪ ،‬هذت املشكلة‪ ،‬هي ما أ ِ‬
‫مشكلة التمييز‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪ ،‬د‪ .‬ت‪.)71 ، ،‬‬
‫وتع ي ضرورة وضع معيار علمي يحدد متى تكون نظرية ما علمية‪ ،‬ومتى تطرد أخرم من‬
‫دائرة العلم‪ .‬أي ما هو املعيار املالئم الذي بواسطته ستطيع الباحث التمييز بين العلم‬
‫والالعلم ؟ (اختيار‪ ،‬ماهر‪.)25 ، ،2010 ،‬‬
‫‪ .2‬مبدأ قابلية التكذيب كمعيار للتمييز‪ .‬ال يؤسس علم‪ ،‬إال إذا قام تكامل بين‬
‫الفكرة والواقع‪ ،‬ويقوم هذا التكامل على إجراء اختبارات للنظرية‪ ،‬التي قد تؤدي في النهاية‬
‫عد الخضوع لالختبارات وإمكان التفنيد التجريبي‪ ،‬هو ما يميز النظرية العلمية‬‫إلى تفنيدها‪ .‬و ّ‬
‫عن النظرية غير العلمية‪( .‬الخولي‪ ،‬يم ى طريف‪.)339 ، ،1989 ،‬‬
‫فإذا تناقضم التنبؤات املستنبطة من النظرية مع الواقع التجريبي‪ ،‬يصدر حكم بتكذيب‬
‫النظرية‪ ،‬وتفنيدها‪ ،‬ودحضها‪ ،‬ورفضها‪ ،‬ومن ام استبعادها‪( .‬اختيار‪ ،‬ماهر‪، ،2010 ،‬‬
‫‪.)18‬‬
‫إن محك املنزلة العلمية لنظرية من النظريات‪ ،‬هو «قابليتها لالختبار» ‪ .Testability‬أو‬ ‫َّ‬
‫«قابليتها للتكذيب» ‪ Falsifiability‬أو «قابليتها للتفنيد» ‪( .Refutability‬بوبر‪ ،‬كارل‪ ،‬د‪ .‬ت ـ‬
‫ب‪.)24 ، ،‬‬

‫‪72‬‬
‫إن مـبـدأ الت ـح ـق ـق‪ ،‬أو التـ ك ـي ـد‪ ،‬ال ـذي ع ـم ـل بـه الاستقرائيون‪ ،‬مرفوض‪ ،‬وبديله هو مبدأ‬
‫التكذيب‪ ،‬كمعيار للتمييز‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪ ،‬د‪ .‬ت ـ ب‪.)76 ، ،‬‬
‫إن إحالل مبدأ قابلية التكذيب‪ ،‬محل مبدأ قابلية التحقق من الصدق‪ ،‬كمعيار للتمييز‪،‬‬
‫ضروري للفصل بين العلم وامليتافيزيقا‪( .‬جيليز‪ ،‬دونالد‪ ،2009 ،‬ص ‪ 14 ،‬ـ ‪ .)15‬والعلوم‬
‫الصورية‪.‬‬
‫وعاصر بوبر‪ ،‬نظريات املاركسية‪ ،‬والتحليل النفس ي الفرويدي‪ ،‬وعلم النفس الفردي‬
‫ألدلر‪ ،‬فاعت ر هذت النظريات علوما ائفة‪ ،‬أو أساطير‪ ،‬ألنه ال يمكن إخضاعها ملعيار التمييز‪.‬‬
‫(جيليز‪ ،‬دونالد‪ .)388 ، ،2009 ،‬وهو قابليتها للتكذيب‪.‬‬
‫والنظريات العلمية‪ ،‬لدم بوبر‪ ،‬فروض‪ ،‬قد ت تي ب ية طريقة؛ مثلما ت تي الفكرة الفنية‪،‬‬
‫أو الخرافة‪ ،‬أو ألاسطورة‪ ،‬ولكن ما يميز العلم عن نشاط عقلي آخر‪ ،‬هو قابليته املستمرة‬
‫للتكذيب بواسطة التجريب‪( .‬الخولي‪ ،‬يم ى طريف‪.)339 ، ،1989 ،‬‬
‫فالتنظير‪ ،‬عند بوبر‪ ،‬يبدأ بمشكلة‪ ،‬تظهر في عقل الباحث على شكل فكرة غامضة‪ ،‬أو‬
‫مشكلة في حاجة إلى حل‪ ،‬يتعرل عل ها الباحث‪ ،‬عن طريق الحدس والتخمين‪ ،‬ام يضع لها‬
‫حلوال (فروضا) عديدة‪ ،‬شرع في اختبارها‪ ،‬ليس من أجل ت كيدها‪ ،‬بل من أجل تكذيب ما‬
‫ليس صحيحا منها‪.‬‬
‫ُ‬
‫يوضع فرض ذه ي‪ ،‬ومن أجل اختبارت‪ ،‬تجمع معلومات‪ ،‬ليس بهدل ت ييدت‪ ،‬وت كيدت‪،‬‬
‫كما هو العمل لدم الاستقرائيين‪ ،‬بل لتكذيبه‪ .‬فالنظرية تكتسب طابعها العلمي‪ ،‬عندما‬
‫تكون قابلة‪ ،‬فقط‪ ،‬للتكذيب بواسطة حادث يمكن إدراكه‪( .‬هيلي‪ ،‬باتريك‪.)140 ، ،2008 ،‬‬
‫يالحظ الاستقرائيون أن متوسط عمر النساء أعلى من متوسط عمر الرجال‪ ،‬فيضعون‬
‫فرضا وفق هذت املالحظة‪" ،‬النساء أقوم مناعة مقارنة بالرجال"‪ ،‬فيجمعون معلومات لت ييد‬
‫الفرض وت كيدت‪ ،‬بإجراء مقارنات بين النساء والرجال في املناعة‪ .‬فإذا وجدوا أن النساء فعال‬
‫أقوم مناعة مقارنة بالرجال‪ ،‬فإن الفرض يت يد ويت كد‪ .‬ولكن إذا ظهرت حالة واحدة‪ ،‬تكون‬
‫ف ها املرأة أقل مناعة من الرجل‪ ،‬فالنظرية تصير غير صحيحة‪.‬‬
‫أما كارل بوبر‪ ،‬ال يالحظ‪ ،‬بل يطرح في البداية سؤالا‪ /‬مشكلة‪ ،‬ملاذا النساء أطول عمرا‬
‫من الرجال‪ ،‬ويضع عدة فروض‪ /‬حلول‪ ،‬ام يخت ر هذت الحلول‪ ،‬بمنهج املحاولة والخط ‪،‬‬
‫فيجمع معلومات ليس بهدل ت ييد الفروض‪ /‬الحلول‪ ،‬بل بهدل تكذيبها‪ .‬أي يجمع املعلومات‬
‫التي تكذبها‪ ،‬وال يجمع املعلومات التي تؤيدها‪ .‬فإذا استبعد الفروض‪ /‬الحلول غير الصحيحة‪،‬‬
‫يحتفظ بالفروض الصحيحة‪ ،‬فتت يد النظرية وتتعي ‪ ،‬ولكن تبق دائما عرضة للنقد‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫يالحظ أن الاستقرائيين‪ ،‬يفترضون حال واحدا للمشكلة‪ ،‬ويجمعون املعلومات لت ييدت‪،‬‬
‫أما بوبر‪ ،‬فيفترض حلوال عديدة‪ ،‬ويخت رها تباعا‪ ،‬لتفنيدها‪ ،‬حتى يصل إلى الحل الصحيح‪،‬‬
‫الذي يبق ‪ ،‬أيضا‪ ،‬عرضة للنقد العقلي والاختبار التجريبي‪ ،‬وهكذا ستمر البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ .3‬التعييي‪ .‬عندما يتعرض الفرض لالختبار‪ ،‬إما أن ينتهي إلى تكذيب أو قبول مؤقم‪،‬‬
‫فإذا صمد الفرض أمام محاوالت الباحثين املتكررة لتكذيب نتائجه من خالل اختبارات‬
‫تجريبية حاسمة‪ ،‬يقال‪ ،‬عندئذ‪ ،‬عن هذا الفرض ب نه على درجة عالية من التعييي‪( .‬اختيار‪،‬‬
‫ماهر‪.)19 . ،2010 ،‬‬
‫‪ 4‬ـ منهج املحاولة والخط ‪ .‬املحاولة = فرض‪ ،‬والخط = تكذيب‪.‬اعتمد بوبر منهج‬
‫املحاولة والخط في أبحااه إلابستمولوجية‪ ،‬ورأم أن الباحث يبدأ من مشكلة نظرية‪ ،‬ام‬
‫يقترح حال لها‪ ،‬وال يتم الركون للحل إال بعد نقدت‪ ،‬واستبعاد أخطائه‪( .‬اختيار‪ ،‬ماهر‪،2010 ،‬‬
‫‪ .)23 .‬ويرم أن ما نفعله في الواقع‪ ،‬هو استعمال طريقة املحاولة والخط ‪ ،‬التي تخت ر‬
‫بواسطة النقد‪ ،‬الذي يقود إلى مشكلة جديدة تخضع للتقويم النقدي نفسه (هيلي‪ ،‬باتريك‪،‬‬
‫‪.)138 . ،2008‬‬
‫أوضح السيكولوجي ألامريكي‪ /‬إ‪ .‬ل‪ .‬اورندايك ‪ ،E. L. Thorndike‬أن الحيوانات تحل‬
‫املشكالت بطريقة املحاولة والخط ‪ .‬ففي دراسته (‪ )1898‬التي استعمل ف ها "صندوق‬
‫املشكلة"‪ّ ،‬بين اورندايك أن القطط لم تتمكن من التوصل إلى معرفة كيفية فتح امليالج‬
‫للهرب من الصندوق‪ ،‬من محاولة واحدة‪ ،‬بل قامم بعدد كبير من املحاوالت‪ ،‬وبينما تم إبعاد‬
‫وحذل املحاوالت الفاشلة‪ ،‬تعي ت املحاوالت التي أتاحم الوصول إلى الهدل‪( .‬كالين‪،‬‬
‫ستيفن ب‪ 2003 .‬ـ ب‪ .)539 . ،‬وهو حل املشكلة‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ منهج حل املشكلة رباعي املراحل‪ .‬إن السلوك‪ ،‬وأي سلوك‪ ،‬ليس إال محاولة‬
‫لحل مشكلة معينة‪ ،‬لذلك ال بد أن تكون املعرفة بدورها ليسم إال نشاطا لحل مشاكل‪ .‬وفي‬
‫منهجه إلابستمولوجي‪ ،‬لحل املشكالت‪ّ ،‬بين بوبر أن عملية حل املشكالت‪ ،‬تمر ب ربع مراحل‪،‬‬
‫هي ما ي تي‪:‬‬
‫املرحلة ألاولى‪ .‬يبدأ العلم من موقف مشكل‪ ،‬أو بمشكلة محددة تثير تساؤال (م‪،)1‬‬
‫املرحلة الثانية‪ .‬ت تي محاوالت الحل للمشكلة (ح ح)‪ ،‬والتي تنش عن فروض قابلة‬
‫لالختبار والتكذيب‪.‬‬
‫املرحلة الثالثة‪ .‬يتخذ النقد العقلي دورا أساسيا في مناقشة الحلول املقترحة‪ ،‬إضافة‬
‫إلى التجريب‪ ،‬ومن خالل ذلك يتم استبعاد ما هو خاطئ منها (استبعاد الخط ‪ :‬أأ)‪،‬‬

‫‪74‬‬
‫املرحلة الرابعة‪ .‬بعد استبعاد الحلول الخاطئة‪ ،‬ي ر موقف جديد‪ ،‬أو مشكلة جديدة‬
‫(م‪( .)2‬بوبر‪ ،‬كارل‪ .)40 . ،1998 ،‬وبهذت الطريقة ييداد العلم نموا‪ .‬والشكل رقم (‪ )1‬يبين‬
‫املنهج رباعي املراحل ‪:‬‬

‫م‪2‬‬ ‫أأ‬ ‫حح‬ ‫م‪1‬‬


‫شكل ‪ .1‬خطاطة توضح املنهج رباعي املراحل‬

‫تم وضع اانين من حرل الحاء‪ ،‬ألن الباحث يخت ر أكثر من حل‪ ،‬كما تم وضع‬
‫اانين من حرل أ‪ ،‬ألن الباحث ستبعد أكثر من فرض أو أكثر من حل خاطئ‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ منهج العقالنية النقدية‪ .‬يقول بوبر‪ ،‬إن املشكلة التي تثير اهتمامه هي تلك التي‬
‫تتعلق باألسس العقالنية واملوضوعية للنقد‪ ،‬لتفضيل نظرية على أخرم‪ ،‬في البحث عن‬
‫الحقيقة‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪.)15 . ،1999 ،‬‬
‫فالعقالنية النقدية متضمنة في مراحل الاستبعاد‪ ،‬وتع ي نقد الفرد للحلول املقترحة‪،‬‬
‫العالم الحلول التي يفترضها ليكتشف أخطاءت‪ ،‬وينتقدت‬ ‫الكتشال ما ف ها من أخطاء‪ ،‬ينتقد ِ‬
‫الغير‪ ،‬كما ينتقد هو غيرت‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪ .)12 . ،1998 ،‬ويقول بوبر ‪ :‬إن القضية الرئيسية‬
‫التي أدعو إل ها‪ ،‬هي أنه من خالل املناقشة النقدية‪ ،‬ينش العلم‪( .‬بوبر‪ ،‬كارل‪. ،1998 ،‬‬
‫‪ .)44‬ويتواصل من خالل الحدوس القابلة للتكذيب تجريبيا‪( .‬ماكسويل‪ ،‬نيقوالس‪ ،‬د‪ .‬ت‪،‬‬
‫‪.)24 .‬‬
‫أراد بوبر أن يؤسس علما صحيحا نقيا‪ ،‬رغم أنه نسبي‪ ،‬ال يخالطه ما هو ليس بعلم‪.‬‬
‫فاتبع منهج املحاولة والخط ‪ ،‬ومعيار التمييز هو القابلية للتكذيب‪ .‬مثال ‪ :‬ملاذا فشل التلميذ‬
‫في املدرسة ؟ هناك عدة إجابات (حلول) ‪ :‬سوء الحظ‪ ،‬نق الذكاء‪ ،‬نق الدافعية‬
‫الدراسية‪ .‬ام البدء في اختبار كل حل واستبعادت‪ ،‬إذا كان خاطئا‪ ،‬حتى الوصول إلى الحل‬
‫الصحيح‪ ،‬الذي يبق دائما معرضا بدورت للنقد العقلي والقابلية للتفنيد‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬إسهامات النظرية العلمية في تقدم املعرفة‬


‫تسهم النظرية العلمية‪ ،‬في سبيل تطوير املعرفة العلمية‪ ،‬بما ي تي ‪:‬‬
‫‪ )1‬تحديد الحقائق التي يراد بحثها‪ .‬فالباحث عندما يكون بصدد إنجا بحث‪ ،‬عليه‬

‫‪75‬‬
‫أن يحدد نوع الظاهرة التي يبحثها‪ ،‬وطبيعتها‪ ،‬ام يركي عل ها اهتمامه وجهدت‪ .‬ألنه ال ستطيع‬
‫أن يجمع الحقائق عن عدد كبير من الظواهر‪ .‬فعندما يبحث مثال‪ ،‬دور الدافعية في التحصيل‬
‫الدراس ي‪ ،‬عليه أن يجمع معلومات عن هذت القضية فقط‪.‬‬
‫‪ )2‬تصنيف الظواهر وبناء املفاهيم‪ .‬ينش ئ كل علم من العلوم بناء نظريا ينظم‬
‫ويصنف حقائقه‪ ،‬و سهم في تيسير البحث‪ .‬فالعلماء ليس بإمكانهم العمل بكفاءة وفاعلية مع‬
‫كميات كبيرة من الحقائق املتنوعة‪ ،‬بل ال بد من تنظيم تلك الحقائق‪ .‬ففي علم النفس‪ ،‬تم‬
‫تصنيف موضوعاته إلى الذكاء والدافعية والشخصية وغيرها‪ ،‬وهذت بدورها صنفم إلى‬
‫موضوعات فرعية‪ ،‬كالذكاء املعرفي‪ ،‬الذكاء الوجداني‪ ،‬الذكاء املوسيقي وغيرت‪ .‬وقامم هذت‬
‫التصنيفات على فح الظواهر بعناية‪ ،‬وإدراك ما بينها من تشابه أو اختالل أو عالقات‪ ،‬ام‬
‫وضعم أطر نظرية لتصنيفها‪ .‬وخالل هذت الطريقة‪ ،‬فلن ستطيع العلماء التقدم في عملهم‪،‬‬
‫ويصيروا غير قادرين على تنمية املعرفة العلمية تنمية لها قيمتها‪ .‬وال يكفي تصنيف الحقائق‬
‫والظواهر في أطر نظرية‪ ،‬بل ال بد من إبداع مفاهيم أو رمو ومصطلحات متميزة لوصفها‪،‬‬
‫وتحمل للعلماء املتخصصين معلومات مركية واضحة‪ ،‬تيسر التعامل مع الحقائق‪ ،‬وتوصل‬
‫النتائج إلى مالئهم (فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪ ،1984 ،‬ص ‪ 93 .‬ـ ‪.)95‬‬
‫الحقائق‪ .‬سهم التنظير في تلخي املعرفة العلمية في ميدان ما من‬ ‫‪ )3‬تلخي‬
‫ميادينها‪ .‬وتوضع التلخيصات على درجات متفاوتة من الشمول والدقة‪ ،‬كما تتراوح بين‬
‫التعميمات البسيطة نسبيا‪ ،‬والعالقات النظرية التي تبلغ حدا كبيرا من التعقيد‪ .‬ويصف‬
‫التلخي مدم محدودا من ألاحداث‪ .‬و سهى العلماء الاجتماعيون‪ ،‬باستمرار‪ ،‬إلى تلخي‬
‫املعرفة عن السلوك‪ .‬فالتنظير يؤدي إلى تكامل الحقائق داخل أطر مختصرة‪ ،‬ومركية للمعرفة‬
‫العلمية‪ ،‬تيود الباحثين وغيرهم‪ ،‬بفهم أفضل للظواهر‪ .‬وتدل النظرية ألاكثر شموال على علم‬
‫أكثر نضجا (فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪ ،1984 ،‬ص ‪ 95 .‬ـ ‪.)96‬‬
‫‪ )4‬التنبؤ بالحقائق‪ .‬إن التعميم من البيانات أو النظرية‪ ،‬ساعد على التنبؤ بوجود‬
‫حاالت غير مالحظة تتفق معها‪( .‬فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪ .)96 . ،1984 ،‬فمثال‪ ،‬توصل‬
‫التربويون‪ ،‬إلى الدور الهام ملفهوم الذات في تعلم التالميذ ملهارات القراءة‪ ،‬وعلى أساس هذت‬
‫النظرية‪ ،‬يمكن التنبؤ بدور مفهوم الذات في تعلم مواد تعليمية أخرم‪ ،‬كالحساب‪ .‬إن النظرية‬
‫تمكن من التنبؤ حينما ال تكون البيانات ميسرة‪ ،‬كما تبين ما يمكن مالحظته‪ ،‬فهي تعمل‬
‫كمنارة قوية توجه الباحث في بحثه عن الحقائق (فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪.)96 . ،1984 ،‬‬
‫‪ )5‬إظهار الحاجة إلى بحوث أخرم‪ .‬وألن النظريات تعمم على حقائق‪ ،‬وتتنب ب خرم‪،‬‬
‫فإنها تكون قادرة على أن تبين أين يوجد النق في املعرفة‪ .‬فالنظريات‪ ،‬وخاصة في العلوم‬
‫‪76‬‬
‫الاجتماعية‪ ،‬قد عو ها دليل يؤيدها في جانب أو أكثر من املعرفة‪ ،‬إن مثل هذت النظريات‬
‫تحتاج إلى مييد من ألادلة املؤيدة لها‪ ،‬لكي تكون حيوية وناضجة‪ ،‬وتؤدي وظيفتها العلمية‬
‫بكفاءة‪ .‬واملستوم املنخفض من التنظير‪ ،‬يمكن أن يظهر الحاجة إلى بحوث جديدة (فان‬
‫دالين‪ ،‬ديوبولد‪ ،1984 ،‬ص ‪ .)97-96 .‬فقد يصل بحث إلى التعميم التالي‪ :‬إن ألايخا‬
‫املنبسطين سعداء‪ .‬إن هذا التعميم‪ ،‬يتبين منه أنه ينبغي البحث عن مييد من الحقائق‪،‬‬
‫فمثال‪ ،‬هل يتعلق بالذكور أو إلاناث أو بكل هما ؟ وهل يتعلق باألطفال أو الشباب أو الكبار؟‬
‫وهل يمكن إدراج متغيرات أخرم في تحديد كون املنبسطين سعداء‪ ،‬مثل املستوم التعليمي‬
‫واملستوم الاجتماعي الاقتصادي واليواج ونوع الوظيفة وغيرها‪ .‬إن التنظير على أي مستوم‪،‬‬
‫ساعد على فتح آفاق واسعة‪ ،‬وميادين بحث جديدة (فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪.)98 . ،1984 ،‬‬

‫سادسا ‪ :‬النظرية العلمية والحقائق‬


‫ترتبط النظرية بالحقائق من أوجه عديدة‪ ،‬هي ما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬طبيعة الحقائق‪ .‬إن الحقائق في طبيعتها ليسم واضحة وال اابتة‪ ،‬وليسم نهائية‪،‬‬
‫وال يقينية‪ .‬يكتشفها العالم‪ /‬الباحث‪ ،‬وتخضع للتطور والتغير‪ .‬فهي خ رات حسية‪ ،‬أو أحداث‬
‫أو وقا ع‪ ،‬يثبم الباحث وجودها ب دلة موضوعية كافية‪ ،‬في إطار بحث علمي‪ ،‬ويمكن التعبير‬
‫عنها كميا أو لفظيا (دويدري‪ ،‬رجاء وحيد‪ .)116 . ،2002 ،‬وتصنف الحقائق‪ ،‬إلى حقائق‬
‫يخصية‪ ،‬وحقائق عامة‪ ،‬وحقائق طبيعية‪.‬‬
‫فالحقائق الشخصية‪ ،‬هي تلك املعلومات واملشاعر التي يخ رها الشخ بمفردت وال‬
‫شاركه ف ها غيرت؛ كالذكريات واملشاعر والعواطف والحاجات‪.‬‬
‫والحقائق العامة‪ ،‬هي تلك التي تتوفر في فرد‪ ،‬أو في جماعة معينة؛ كاألسرة‪ ،‬أو جماعة‬
‫عمل‪ ،‬أو في املجتمع ككل‪ ،‬كاملستوم التعليمي واملستوم الاقتصادي‪ ،‬واليواج والبطالة‪ ،‬ومنها‬
‫ما يمكن مالحظته مباشرة‪ ،‬وما يمكن مالحظته بواسطة أدوات البحث العلمي‪.‬‬
‫أما الحقائق الطبيعية‪ ،‬فهي الظواهر الطبيعية‪ ،‬سواء في إلانسان؛ كمظاهر النمو‬
‫الجسمي‪ ،‬ومظاهر الصحة واملرض‪ ،‬والظواهر الطبيعية امل لوفة للناس مثل املتعلقة باملناخ‪،‬‬
‫واليمن‪ ،‬أو الظواهر الطبيعية الخفية التي يتم اكتشافها تباعا‪ ،‬بواسطة البحث العلمي‬
‫(محمود‪ ،‬وجيه‪ ،2005 ،‬ص ‪ 27 .‬ـ ‪.)28‬‬
‫‪ )2‬مستويات الحقائق‪ .‬ليسم الحقائق كلها متشابهة أو في مستوم واحد؛ فبعض‬
‫الحقائق تستمد مباشرة من وقع املثيرات على الحواس‪ ،‬وبعضها يتم التعرل عليه عن طريق‬

‫‪77‬‬
‫إدراكه بالتصور الذه ي‪ ،‬وفيما يلي االاة مستويات للحقيقة‪ ،‬هي‪:‬‬
‫املستوم ألاول ويتضمن الحقائق التي يصير الفرد واعيا بها عن طريق الخ رات الحسية‬
‫املباشرة‪.‬‬
‫املستوم الثاني ويتضمن الحقائق التي يتعرل عل ها عن طريق وصف خ راته املباشرة أو‬
‫تفسيرها‪.‬‬
‫املستوم الثالث ويتضمن الحقائق التي يتعرل عل ها عن طريق قيامه بعملية الاستدالل‪،‬‬
‫وهي على درجة عالية من التجريد (دويدري‪ ،‬رجاء وحيد‪.)116 . ،2002 ،‬‬
‫‪ )3‬الحقائق والعلم‪ .‬يتعامل العلم مع الحقائق أو بيانات قابلة للمالحظة‪ .‬والعلماء‪،‬‬
‫في أي تخص ‪ ،‬ينبغي أن عملوا على بينة‪ ،‬وأن اانين من العلماء أو أكثر‪ ،‬ينبغي أن يكونوا‬
‫قادرين على املوافقة على الحقائق التي الحظوها‪ ،‬أو الحظوا ما يدل عل ها‪ ،‬فالسيكولوجيون‪،‬‬
‫مثال‪ ،‬بعد أن يالحظوا ما يقوله أو يفعله الشخ ‪ ،‬ستخلصوا استنتاجات تتعلق بحاالته‬
‫الداخلية‪ ،‬كاألفكار واملشاعر والحاجات‪ ،‬ومتفقون على أن املالحظات تتعلق بالسلوك الخارجي‬
‫(بلول‪ ،‬دونالد س‪.)13 . ،1997 .‬‬
‫‪ )4‬الحقائق ويناء النظريات‪ .‬عتمد العلماء اعتمادا كبيرا على عملية التنظير لتوسيع‬
‫آفاق املعرفة‪ ،‬إال أنهم ال ستطيعون بناء أية نظرية أو ت ييدها‪ ،‬دون اللجوء إلى الحقائق‪.‬‬
‫وخالل البحث العلمي‪ ،‬تتفاعل الحقائق والنظريات باستمرار‪ ،‬فال توجد أية فجوة بينهما‪ ،‬بل‬
‫تعتمد إحداهما على ألاخرم‪ ،‬أي أنهما يتالحمان في نسيج معرفي واحد‪ ،‬متشابك‪ .‬والعلم ال‬
‫يمكنه أن ستمر في طريقه نحو فهم أعمق وضبط جيد للظواهر‪ ،‬إال إذا استمر في اكتشال‬
‫حقائق جديدة‪ ،‬لتنمية نظريات قائمة‪ ،‬أو بناء نظريات جديدة (فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪،1984 ،‬‬
‫‪.)98 .‬‬
‫إن النظرية والحقيقة مرتبطتان‪ ،‬ففي الوقم الذي تمثل فيه الحقيقة مالحظة ام ريقية‪،‬‬
‫فإن النظرية تحدد العالقة بين الحقائق‪ ،‬أو تعمل على تنظيمها بطريقة لها مع ى‪( .‬الضامن‪،‬‬
‫منذر‪ .)79 . ،2007 ،‬فعلى سبيل املثال‪ .‬الحظ سكينر الحقائق آلاتية‪ :‬حمامة جا عة‪،‬‬
‫استجابات إجرائية‪ ،‬حبات القمح أو الشعير أو الذرة‪ ،‬كتعييي‪ ،‬كمية التعييي ووقته‪ ،‬ربط بين‬
‫هذت الحقائق ونظمها‪ ،‬فب ى منها نظرية في التعلم بطريقة إلاشراط إلاجرا ي‪.‬‬
‫وقام بالربط بين الحقائق وتنظيمها كما ي تي‪ :‬حمامة جا عة‪ ،‬و عنـي أن دافعيتها مستثارة‬
‫نحو الحصول على الطعام‪ ،‬ولكي تحصل على الطعام‪ ،‬تقوم باستجابات تلقائية وإجرائية‪،‬‬
‫وتع ي تلقائية أنها ال تسبقها مثيرات محددة‪ ،‬وتع ي إجرائية أنها يمكن مالحظتها مباشرة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫املش ي‪ ،‬والالتفات‪ ،‬والنقر‪ ..‬أي أن حصول الحمامة على الطعام‪ ،‬مشروط بقيامها بهذت‬

‫‪78‬‬
‫الاستجابات إلاجرائية‪ ،‬ولهذا أطلق عليه‪" ،‬إلاشراط إلاجرا ي"‪ ،‬ام يختار سكينر‪ ،‬الاستجابات‬
‫املطلوبة‪ ،‬ويقوم بتعيييها بحبات من القمح أو الشعير أو الذرة‪ ،‬فتتناولها الحمامة‪ ،‬ام ينتظر‬
‫غير من كميات التعييي‪ ،‬ومن‬ ‫قيامها باستجابات أخرم مطلوبة‪ ،‬فيعي ها كذلك‪ ،‬وهكذا‪ .‬ام ّ‬
‫املدة اليمنية التي تفصل بين الاستجابة إلاجرائية وتقديم التعييي‪ ،‬فيجد أنه كلما كانم كمية‬
‫ّ‬
‫يتكون‬ ‫التعييي أك ر‪ ،‬واليمن الذي يفصل بين الاستجابة إلاجرائية وتقديم التعييي أقل‪،‬‬
‫إلاشراط إلاجرا ي بدرجة أقوم‪ ،‬أي أن الحمامة تتعلم بسرعة‪ ،‬وال تنس ى ما تعلمته‪..‬‬
‫‪ )5‬استثارة التنظير عن طريق الحقائق‪ .‬تعد الحقائق حوافي تستثير عملية التنظير‬
‫وتحركها‪ .‬ولكن ليس كل من يالحظ الحقائق‪ ،‬يب ي نظرية حولها‪ ،‬فهناك أيخا معينون‬
‫لهم عقول مهي ة لالنتقال من الحقيقة إلى النظرية (فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪.)98 . ،1984 ،‬‬
‫يحسون ببلل في أفواههم‪ ،‬عندما شاهدون شريحة لحم‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬كل الناس ّ‬
‫يتخيلونها‪ ،‬وهذت حقيقة‪ ،‬ولكن العالم الروس ي‪ ،‬بافلول‪ ،‬فقط‪ ،‬هو الذي استطاع‬ ‫تشوم‪ ،‬أو ّ‬
‫أن يب ى على هذت الحقيقة نظرية‪ .‬وكل الناس خ روا حقائق ألاحالم وأخطاء اللسان‪ ،‬ولكن‬
‫فرويد‪ ،‬فقط‪ ،‬هو الذي عرل دورها‪ ،‬في الحياة النفسية للفرد وصراعاته الالشعورية‪ .‬وهذا‬
‫عالم النفس السو سري‪ ،‬ج‪ .‬بياجي‪ ،‬ملا كان بصدد تقنين استجابات ألاطفال الفرنسيين على‬
‫اختبارات الاستدالل التي وضعها إلانجليزي‪ /‬سيرل بيرت ‪ ،C. Burt‬الحظ أن متابعة أحاديث‬
‫ألاطفال‪ ،‬وهم يجيبون عن أسئلة الاختبارات‪ ،‬أهم كثيرا من مجرد حصر كم إجابة جاءت‬
‫صحيحة وكم إجابة جاءت خاطئة‪ .‬بل إن ألاحاديث التي تؤدي إلى إلاجابات الخاطئة‪ ،‬هي التي‬
‫كانم ذات أهمية‪ ،‬وانصرل كليا‪ ،‬عندئذ‪ ،‬لبحث هذت الحقائق‪ ،‬وأنجي نظرية في النمو املعرفي‬
‫للطفل‪ ،‬أو إلابستيمولوجيا التكوينية‪.‬‬
‫وهذا آرون ت‪ .‬بيك ‪ ،A. T. Beck‬الطبيب النفس ي ألامريكي‪ ،‬بدأ كمعالج نفس ي وفق تعاليم‬
‫نظرية التحليل النفس ي‪ ،‬ولكنه اكتشف من أحاديث مرضات‪ ،‬أن مشكالتهم ليسم ناتجة عن‬
‫صراعات نفسية طفلية لم تجد لها حال‪ ،‬بل تدل على أنهم ينظرون إلى أنفسهم وإلى مستقبلهم‬
‫وإلى الحياة‪ ،‬نظرة سلبية تشاؤمية‪ .‬وكما أشار لو س باستور ‪،)1895-1822( L. Pasteur‬‬
‫عندما يقوم الناس بمالحظات‪" ،‬تميل الصدفة إلى العقل املهي "‪ .‬ومن ام ينبغي أن يكون‬
‫املالحظ أرضية واسعة وعميقة من املعرفة‪ ،‬إذا أراد أن يتعرل على حقيقة غير عادية‪،‬‬ ‫لدم ِ‬
‫باستبصارت الفجا ي‪ .‬إن الحقائق تستطيع‪ ،‬فقط‪ ،‬أن تمهد لصياغة النظريات‪ ،‬إذا الحظها‬
‫عقل يقظ ومنظم‪ ،‬قادر على التخيل‪ ،‬ووضع لها تفسيرا معقوال (فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪،1984 ،‬‬
‫‪.)99 .‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ )6‬اختبار النظريات عن طريق الحقائق‪ .‬إن الحقائق هي التي تحدد ما إذا كان من‬
‫املمكن ت ييد نظرية‪ ،‬أو ينبغي رفضها‪ ،‬أو إعادة صياغتها‪ .‬ألن النظرية‪ ،‬ينبغي أن تتفق مع‬
‫الحقائق‪ ،‬وليس العكس‪ .‬وقد ال تكون الحقائق متوفرة بشكل مباشر‪ ،‬لت ييد النظرية أو‬
‫دحضها‪ ،‬إال أنها ضرورية بالنسبة لتقبلها أو رفضها نهائيا‪ .‬وتتدعم النظرية باكتشال حقائق‬
‫جديدة تؤيدها‪ .‬ولكن إذا وجدت حقائق ال تتفق مع النظرية‪ ،‬فينبغي نبذها أو إعادة صياغتها‬
‫لكي تالئم الحقائق الجديدة (فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪.)99 . ،1984 ،‬‬
‫‪ )7‬توضيح النظريات عن طريق الحقائق‪ .‬تكون النظريات في العلوم إلانسانية غير‬
‫دق يقة‪ ،‬ومحدودة في تفسير الظواهر‪ ،‬ولكن مع الاستمرار في جمع الحقائق‪ ،‬والكشف عن‬
‫حقائق أخرم‪ ،‬سواء عن طريق املالحظة أم التجريب‪ ،‬تتسع النظرية وتصير أكثر وضوحا‪،‬‬
‫وأشمل في تفسيرها للظواهر‪ .‬فمثال‪ ،‬في نظريات التعلم (فان دالين‪ ،‬ديوبولد‪. ،1984 ،‬‬
‫‪ ،)100‬كانم البداية مع بافلول في إلاشراط الاستجابي‪ ،‬واورانديك في التعلم باملحاولة‬
‫والخط ‪ ،‬ولكن جمع حقائق أخرم عن ظاهرة التعلم‪ ،‬قام بها بورهوس ل‪ .‬سكينر‪،‬وإدوارد‬
‫طوملان‪ ،‬وإدوين جااري‪ ،‬وكالرك هل‪ ،‬وجوليان ب‪ .‬روتر وأل رت باندورا‪ ،‬وغيرهم كثيرون‪،‬‬
‫أضافم فهما عميقا‪ ،‬واتساعا أكثر لطبيعة التعلم ونظريته أو نظرياته‪.‬‬
‫‪ )8‬تداخل النظريات والحقائق‪ .‬إن تداخل النظريات والحقائق‪ ،‬يحدث تقدما كبيرا‬
‫في العلم‪ .‬تتفاعل الحقائق بالنظريات‪ ،‬فال يوجد فاصل بين الاانين‪ ،‬فكلما انكشفم حقائق‬
‫جديدة تعدلم النظرية وتطورت‪ ،‬أو انتهم ونشطم نظرية أخرم‪ ،‬فالحقائق محفيات‬
‫ّ‬
‫املمهدة دائما لصياغة النظريات‪ ،‬فالحقيقة أمر ضروري لبناء النظرية أو‬ ‫للتنظير‪ ،‬وهي‬
‫هدمها‪ .‬وتخت ر النظريات عن طريق الحقائق‪ ،‬في مدم تطابقها معها‪ .‬فالحقائق هي التي توضح‬
‫النظريات وتجعلها موضوعية (محمود‪ ،‬وجيه‪.)30 . ،2005 ،‬‬
‫‪ )9‬الحقائق محك للنظريات‪ .‬إن وضع النظرية على املحك العملي‪ ،‬وقدرتها على‬
‫التحدي والاستجابة ملتطلبات الحقائق والواقع‪ ،‬شرط أساس ي من شروط النظرية العلمية‪.‬‬
‫فالنظرية ال ت خذ هذت الصفة ملجرد الانسجام‪ ،‬والاتساق املنطقي بين حججها‪ ،‬وبياناتها‪ ،‬بل‬
‫تتعدم ذلك إلى التحقق العلمي الناتج عن اختبار أدلتها‪ ،‬وافتراضاتها اختبارا عتمد على‬
‫التجريب والقياس‪ ،‬وغيرهما من وسائل البحث العلمي‪ .‬وهذا ما أكد عليه كارل بوبر‪ ،‬في أكثر‬
‫من موضع في كتاباته‪ ،‬حيث يرم أن النظرية العلمية‪ ،‬هي النظرية القابلة لالختبار "أي بإمكان‬
‫محاولة تكذيبها‪ ،‬وإذا كانم هذت املحاوالت بارعة بما يكفي‪ ،‬فإنها تستطيع في النهاية أن ت رهن‪،‬‬
‫ليس على أن النظرية صحيحة‪ ،‬وهذا مستحيل‪ ،‬بل إنها تتضمن‪ ،‬حقا‪ ،‬عنصرا من الحقيقة"‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫(أبرام‪ ،‬إبراهيم‪.)57 . ،2009 ،‬‬
‫ولكن‪ ،‬بالرغم من أن معظم النظريات يقذل بها في النهاية‪ ،‬وقد قال سكينر هذا الكالم‪،‬‬
‫إال أن البحوث التي أنجيت في إطارها‪ ،‬غالبا ما تبق وتعيش‪ ،‬وتدمج‪ ،‬فيعاد تفسيرها ضمن‬
‫نظريات أخرم (هايمان‪ ،‬ري‪.)175 . ،1989 ،‬‬

‫سابعا ‪ :‬الخلفية الثقافية العلمية وعملية التنظير ـ حالة بافلول‪.‬‬


‫هناك دائما خلفية علمية‪ ،‬ومناخ اقافي علمي‪ ،‬يقف وراء إلانجا ات العلمية‪،‬‬
‫ويتقبلها‪.‬تيامن اكتشال الروس ي‪ /‬إيفان ب‪ .‬بافلول‪ ،‬مع اكتشال ألامريكي‪ /‬إدوين ب‪ .‬تويتماير‬
‫‪ ،)1943 - 1873( E. B. Twitmeyer‬لالستجابة الشرطية‪ ،‬لكن بافلول حقق نجاحا باهرا في‬
‫إبرا ها‪ ،‬وب ى عل ها صرحا علميا قويا‪ ،‬نظريا وتطبيقيا‪ ،‬وحقق بها تفوقا‪ ،‬ونال بها مكانة‪ ،‬بينما‬
‫فشل تويتماير‪.‬‬
‫أكيد هناك عوامل‪ ،‬ذات طابع اقافي علمي‪ ،‬توفرت لبافلول‪ ،‬فساعدته على النجاح‪،‬‬
‫ولم تتوفر لتويتماير‪ ،‬ففشل‪.‬لقد استفاد بافلول من دراساته ألاولى‪ ،‬واملناخ العلمي السائد‬
‫في روسيا‪ ،‬وفي أوروبا‪ ،‬أما بالنسبة لتويتماير‪ ،‬فقد ال يكون هذا املناخ العلمي‪ ،‬متوفرا له في‬
‫أمريكا‪ .‬وتشير هذت املقارنة‪ ،‬بين الرجلين‪ ،‬إلى أن ألافكار العلمية ال ت تي من فراغ‪ ،‬بل ال بد من‬
‫توفر خلفية علمية‪ ،‬ومناخ اقافي خا ‪ ،‬يقف وراء نجاح إلانجا ات العلمية‪ ،‬ويتقبلها‪ .‬وأتناول‬
‫تحول من البحث في الجها‬ ‫في هذت الفقرة‪ ،‬املناخ العلمي الذي ت ار به بافلول‪ ،‬ام كيف ّ‬
‫الهضمي إلى البحث في املنعكس الشرطي‪.‬‬

‫‪ ) 1‬املناخ العلمي الفييولوجي والفلسفي الذي ت ار به بافلول في أبحااه على‬


‫الجها الهضمي ام على املنعكس الشرطي‪.‬‬
‫عد بافلول من أك ر العلماء الفييولوجيين في العالم‪ ،‬في عصرت‪ ،‬وتم انتخابه بهذت‬
‫الصفة عام ‪ .1936‬اشتهر بافلول بتجاربه على املنعكس الشرطي‪ ،‬أو الاستجابة الشرطية‪،‬‬
‫وناسبم تجاربه هذت‪ ،‬مناخا عقليا وعلميا للفييولوجيا الروسية‪ ،‬والعلم ألاوروبي‪ .‬وت ار‬
‫بافلول بمن سبقوت فييولوجيا وفلسفيا‪.‬فمن ناحية ت ارت بالعلم الفييولوجي‪ ،‬تلق بافلول‬
‫تعليمه ألاول فـي الفييولوجيا‪ .‬ويقول إنه اتجه فـي صغرت إلى دراسة الفييولوجيا بت ايـر من‬
‫كتاب‪ ،‬ال ريطاني‪ /‬جورج هنري لو س‪ ،‬عن ‪ :‬فييولوجيا الحياة العامة‪ .‬وت ار بافلول في تجاربه‬
‫ب فكار داروين‪ ،‬ح ـول وظيفة التكيف‪ ،‬وبالتقدم الهائ ـل فـي الفييولوجيا فـي منتصف القرن‬

‫‪81‬‬
‫التاسع عشر‪ ،‬في أوروبا‪ .‬وأنجي علماء الفييولوجيا الروس أعماال عظيمة حول استعمال‬
‫أنابيب املعدة في الحيوانات‪ ،‬ودراسة العملية الهضمية أاناء حدوثها‪ .‬وفي الفترة نفسها‪ ،‬كان‬
‫علماء فيبولوجيون آخرون‪ ،‬يضيفون بحواا هامة لفكرة أن الجها الهضمي إنما ينتظم‬
‫بواسطة الجها العصبي‪ ،‬وهؤالء العلماء صاروا فيما بعد معلمين لبافلول‪ .‬ومصدر آخر من‬
‫الت ايـر على بافلول جاء من غرب أوروبا‪ ،‬أين تلق الكثير من الروس تدريبهم العلمي‪ ،‬فقد‬
‫كان ألاملان يؤكدون على املادية والوضعية‪ ،‬أي الدراسة املوضوعية للفييولوجيا‪ ،‬ودرس‬
‫بافلول على أحد الفييولوجيين ألاملان‪ ،‬وهو كارل لودفيج ‪ .)1895 - 1816( C. Ludvig‬وت ار‬
‫بافلول‪ ،‬كذلك‪ ،‬بكتاب مواطنه‪ ،‬إيفان م‪ .‬سيشينول ‪ ،I. M. Sechenov, 1829 - 1905‬حول‪،‬‬
‫منعكسات الدماغ ‪ ،Reflexes of the Brain‬الصادر عام ‪( 1863‬سيالمي‪ ،‬نوربير‪. ،1991 ،‬‬
‫‪.)24‬‬
‫قرأ بافلول في كتاب جورج هنري لو س‪ ،‬عن فييولوجيا الحياة العامة‪ ،‬أن الظواهر‬
‫النفسية يمكن أن تجد لها تفسيرا في الفييولوجيا‪ .‬وكانم الفكرة ألاساسية لـ "املنعكس‬
‫الشرطي" قد حدام لباحثين آخرين كثيرين‪ ،‬وإن كانم بصورة محتشمة‪ ،‬قبل انتشارها‬
‫الناجح بفضل بافلول‪.‬‬
‫ت ار بافلول كذلك‪ ،‬بمحاضرات‪ ،‬الفرنس ي‪ /‬كلود برنارد ‪)1878-1813( C. Bernard‬‬
‫املنشورة عام ‪ ،1855‬حول إمكان إجراء دراسات حول ت اير العوامل النفسية على إفرا‬
‫اللعاب‪ ،‬ووصف برنارد‪ ،‬كيف يمكن أن تحل إلااارة النفسية محل إاارة الفم املباشرة في‬
‫إنتاج اللعاب في فم الحصان‪ .‬وأشار إلى أنه يمكن اكتشال الغدة اللعابية في الحصان‪ ،‬بنفس‬
‫الطريقة التي استعملها بافلول على الكلب‪ ،‬فيما بعد‪ .‬واعترل بافلول عام ‪ ،1904‬ب نه كان‬
‫على علم ب فكار برنارد‪ ،‬في هذا الش ن‪.‬‬
‫امت بافلول‪ ،‬بقوة‪ ،‬أفكارا عظيمة من هذا امليراث الثقافي العلمي الغيير‪ ،‬وكان يؤكد‬
‫بعناد‪ ،‬أن الظاهرة النفسية والنشاط العصبي ألاعلى‪ ،‬يجب بحثهما موضوعيا‪.‬أما من ناحية‬
‫ّ‬
‫ت ارت بالفلسفية‪ ،‬فقد تمثل بافلول‪ ،‬قانون الاقتران أو الارتباط في الفلسفة الربطية‪ ،‬للناطق‬
‫الرسمي بها‪ ،‬إلانجليزي‪ /‬جون لوك ‪ )1704-1632( J. Locke‬أو قانون تداعي ألافكار‪ ،‬الذي‬
‫منطوقه‪" :‬أن فكرتين قد تخطران على العقل في نفس الوقم ألنهما سبق أن ظهرتا معا‪ ،‬أي‬
‫ارتبطتا معا‪ ،‬في املاض ي" (مدنيك‪ ،‬سارنول أ‪ .‬وآخرون‪.)46 . ،1981 ،‬‬
‫و عد اكتشال بافلول عظيما‪ ،‬ألنه نقل املضمون العقلي لهذا القانون إلى التناول‬
‫املوضوعي السلوكي‪ ،‬وتمثلم عظمة الاكتشال في جانبين هامين‪ ،‬هما‪ )1 :‬املعرفة ألول مرة‪،‬‬
‫أن هناك أحدااا بيئية يمكن أن ترتبط باستجابة حيوان وتتحكم ف ها‪ )2 .‬أنه ألول مرة‪،‬‬

‫‪82‬‬
‫كذلك‪ ،‬يمكن القيام بذلك موضوعيا‪ ،‬تماما‪ ،‬وليس عقلي (مدنيك‪ ،‬سارنول أ‪ .‬وآخرون‪،‬‬
‫‪.)46 . ،1981‬هذت الخلفية العلمية الغنية باألفكار واملعلومات والتجارب‪ ،‬التي توفرت‬
‫للروس ي بافلول‪ ،‬إضافة إلى استقرارت املنهي‪ ،‬إذ مكث مديرا للمعمل الفييولوجي في معهد‬
‫الطب التجريبي‪ ،‬بجامعة القد س بطرس‪ 46 ،‬عاما (‪ 1890‬ـ ‪( .)1936‬بيركنز‪ ،‬دان جي‪،1983 .‬‬
‫ص ‪ 84 .‬ـ ‪ ،) 85‬إضافة إلى عقله اليقظ‪ ،‬هذت العوامل كلها‪ ،‬جعلته مؤهال إلى أن يبدع‪،‬‬
‫ويقدم عمال عظيما‪ ،‬لعلم النفس‪ ،‬خاصة‪.‬‬

‫‪ّ )2‬‬
‫تحول بافلول إلى البحث في املنعكس الشرطي‪.‬‬
‫بدأ بافلول البحث العلمي الفييولوجي‪ ،‬بإجرائه لتجارب على دور اللعاب في العملية‬
‫وتحصل بفضل تلك البحوث على جائية نوبل عام ‪ ،1904‬ام ّ‬
‫تحول‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الهضمية‪ ،‬لدم الكالب‪.‬‬
‫كليا‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬إلى البحث في املنعكس الشرطي‪ ،‬كيف حدث ذلك؟‬
‫إن الحقيقة التي كانم‪ ،‬في البداية‪ ،‬موضوع بحوث بافلول‪ ،‬على الجها الهضمي‪ ،‬هو أن‬
‫اللعاب سيل في فم الكلب‪ ،‬عندما يوضع طعام حقيقي في فمه‪ ،‬ولكن الحقيقة ألاخرم التي‬
‫لم تكن في حسبانه‪ ،‬أن ذلك اللعاب‪ ،‬صار سيل من فم الكلب‪ ،‬مع مرور اليمن‪ ،‬بمجرد رؤيته‬
‫للطعام‪ ،‬أو رؤية الشخ الذي يقدمه له‪ ،‬أو سماع صوت وقع أقدامه‪ .‬وكانم هذت الحقيقة‬
‫الجديدة‪ ،‬التي الحظها بافلول‪ ،‬عام ‪ ،1902‬أ عجته في بداية مالحظته لها‪ ،‬وتردد كثيرا إ اءها‪،‬‬
‫ّ‬
‫وفكر في كيفية التخل منها‪ ،‬ولكنه‪ ،‬في نهاية ألامر‪ ،‬غامر لبحثها‪ ،‬وتلق على ذلك‪ ،‬تشجيعا‪،‬‬
‫خاصا‪ ،‬من الفييولوجي ال ريطاني‪ /‬تشارلي شرنجتون ‪ )1952-1875( Ch. Sherrington‬ويرم‬
‫املتخصصون في علم النفس‪ ،‬أن الاستجابة الشرطية‪ ،‬اكتشال عظيم‪ .‬فقد أسهم بافلول‬
‫بهذا الاكتشال في قيام نظرية قوية في سيكولوجية التعلم‪ ،‬إضافة إلى جهود معاصرت‬
‫ّ‬
‫السيكولوجي ألامريكي‪ /‬إدوارد لي اورندايك‪ .‬وأار بافلول بصورة قطعية‪ ،‬بهذا الاكتشال‪،‬‬
‫إضافة إلى أعمال‪ ،‬مواطنه‪ /‬فالديمير بكتريف ‪ ،)1927-1857( V. Bechterev‬في قيام املدرسة‬
‫السلوكية في أمريكا‪ ،‬وتطور عملية التعلم عن طريق الارتباط الشرطي‪ ،‬ونظريات تعلم أخرم‪،‬‬
‫لدم السيكولوجيين ألامريكيين (مدنيك‪ ،‬سارنول أ‪ .‬وآخرون‪ ،1981 ،‬ص ‪ 45 .‬ـ ‪ .)46‬ورغم‬
‫أن عمل بافلول أاار جون ب‪ .‬واطسن ‪ ،)1959-1878( J. B. Watson‬إال أن بكتريف‪ ،‬الذي‬
‫ترجمم أعماله‪ ،‬حول املنعكسات الشرطية‪ ،‬إلى اللغة إلانجليزية عام ‪ ،1913‬له الت اير ألاك ر‬
‫على واطسن‪ ،‬الذي أعلن قيام املدرسة السلوكية‪ .‬وفي حين استعمل بافلول مثيرات غير‬
‫شرطية سارة‪ ،‬فقد استعمل بكتـريف مثيـرات غيـر شرطية مؤلـمة ومنفرة (كالصدمة‪ ،‬مثال)‬

‫‪83‬‬
‫لدراسة الاستجابة الشرطية (كالين‪ ،‬ستيفن ب‪ 2003 .‬ـ أ‪ .)60 . ،‬واستعمل واطسن‪،‬‬
‫أيضا‪ ،‬مثيرات غير شرطية مؤملة ومخيفة‪( .‬أحدث صوتا ميعجا بالضرب على عامود معدني)‪.‬‬
‫ونظرا إلى تعلم بافلول من املناخ العلمي الذي عام فيه‪ ،‬استطاع أن ينجح‪ ،‬أما ألامريكي‪/‬‬
‫تويتماير‪ ،‬فلم يكن هذا املناخ العلمي متوفرا له‪ ،‬ففشل‪ .‬ألنه حدث أن قدم بحثا في رسالته‬
‫للدكتورات‪ ،‬مفادت أنه بينما كان يدرس انتفاضة الركبة‪ ،‬الحظ‪َ ،‬ع َرضا‪ ،‬كما الحظ بافلول‪،‬‬
‫أنه‪ ،‬أحيانا‪ ،‬عندما يدق جرسا لكي ينذر بحدوث الضربة التالية‪ ،‬فإن ركبة املفحو تنتفض‬
‫قبل أن تضربها املطرقة‪ ،‬ف درك أهمية هذت الاستجابة املكتسبة‪ ،‬وتابعها بمييد من املالحظات‬
‫والتجارب‪ ،‬ولكنه عندما قدم تقريرا عنها إلى الجمعية ألامريكية لعلم النفس‪ ،‬عام ‪ ،1904‬لم‬
‫يبد أي عالم نفس من املجتمعين‪ ،‬تحم رئاسة وليام جيمس ‪ W. James‬أي اهتمام‪ ،‬وربما‬
‫قلة التشجيع هذت جعلته ينصرل عن متابعة البحث ف ها (هايمان‪ ،‬ري‪54 . ،1989 ،‬؛‬
‫مدنيك‪ ،‬سارنول أ‪ .‬وآخرون‪ ،1981 ،‬ص ‪ 45 .‬ـ ‪ .)46‬ولنظرية بافلول في التعلم تطبيقات‬
‫ناجحة‪ ،‬خاصة‪ ،‬في مجال العالج النفس ي السلوكي‪ ،‬الذي بدأته ماري كوفر جوني ‪M. C. Jones‬‬
‫عام ‪ ،1924‬وطورت أكثر‪ ،‬الطبيب النفس ي‪ ،‬الجنوب إفريقي‪ /‬جو يف وولب ‪ J. Wolpe‬عام‬
‫‪ ،1958‬كما لها تطبيقات ناجحة‪ ،‬كذلك‪ ،‬في مجال إلاعالنات (مدنيك‪ ،‬سارنول أ‪ .‬وآخرون‪،‬‬
‫‪ ،1981‬ص ‪.)55 ،54 ،50 .‬‬

‫اامنا ‪ :‬تعريف النظرية العلمية‬


‫يثير تعريف النظرية العلمية كثيرا من اللبس‪ ،‬حيث تتداخل التعريفات العلمية للنظرية‬
‫مع املفاهيم السائدة لدم العامة‪ .‬وأاار ماركس ميلفن ‪ ،M. Melvin‬هذت املشكلة‪ ،‬حين قال‬
‫‪ :‬ستعمل أوال‪ ،‬مصطلح النظرية استعماال عاما‪ ،‬للشارة إلى الجوانب املتعلقة بالخ رة‬
‫الواقعية‪ ،‬و ستعمل اانيا‪ ،‬لكي شير إلى كل مبدأ تعميمي تفسيري‪ ،‬وعادة ما يتكون هذا النوع‬
‫من النظريات من قضية تقرر عالقة وظيفية بين املفاهيم‪ ،‬وحين تكون النظرية قريبة من‬
‫الواقع‪ ،‬يطلق على املبدأ التعميمي مصطلح القانون‪ ،‬أما حينما تكون أكثر تجريدا‪ ،‬فغالبا ما‬
‫ستعمل مصطلح النظرية‪ .‬وتع ي النظرية االثا‪ ،‬مجموعة من القوانين املتسقة‪ ،‬وصار ذلك‬
‫هو الاستعمال املفضل‪ ،‬ألنه يالئم العلوم التي قطعم أشواطا كبيرة في تطورها‪ ،‬كما أنه‬
‫يرتبط بمفهوم النسق الذي يتضمن ترتيبا معينا للقضايا النظرية‪ .‬ورابعا‪ ،‬وأخيرا‪ ،‬ستعمل‬
‫مصطلح النظرية استعماال ضيقا‪ ،‬للشارة إلى العبارات التلخيصية‪ ،‬التي تتخذ صورة‬
‫مجموعة من القوانين تم التوصل إل ها بالبحث التجريبي (أبرام‪ ،‬إبراهيم‪.)54 . ،2009 ،‬‬

‫‪84‬‬
‫وتعددت التعريفات املعطاة ملفهوم النظرية‪ ،‬وهناك فرق بين الاستعمال الشا ع ملفهوم‬
‫النظرية‪ ،‬الذي ع ي كل ما هو نظري وت ملي‪ ،‬وقائم على التصورات‪ ،‬وبين املع ي العلمي‬
‫الحديث للنظرية‪ ،‬الذي يربط بين الجانب النظري والواقع التجريبي واملعيش‪ .‬وتكون النظرية‬
‫العلمية على عالقة جدلية مع الواقع‪ ،‬تتطور به ويتطور فهمه بها (أبرام‪ ،‬إبراهيم‪،2009 ،‬‬
‫‪.)54 .‬‬
‫إن أبسط تعريف للنظرية العلمية‪ ،‬في إطار البحوث النفسية‪:‬‬
‫"أنها شبكة من العالقات بين عدد من املفاهيم‪ ،‬وتكون بعض هذت العالقات قائمة‬
‫بطرق البحث العلمي‪ ،‬وبعضها قائم على شكل فروض وتنبؤات"‪ .‬ووفق هذا التحديد‪ ،‬فإن‬
‫الوظيفة الرئيسية للنظرية‪ ،‬في منظومة العلم‪ ،‬هي تجميع الحقائق التي أمكن التثبم من‬
‫صحتها‪ ،‬في مجال معرفي ما‪ ،‬والتنبؤ بحقائق أخرم‪ .‬فإذا صح التنبؤ‪ ،‬تصير النظرية أساسا‬
‫للكشف عن مييد من الحقائق (سويف‪ ،‬مصطف ‪.)29 ،. 2005 ،‬‬
‫وأنها‪" :‬بناء تصوري يبنيه الفكر ليربط بين مبادئ ونتائج معينة"‪.‬‬
‫وأنها‪" :‬إطار فكري يفسر مجموعة من الحقائق‪ ،‬ويضعها في نسق علمي مترابط"‪ .‬وأنها‬
‫"تفسير لظاهرة معينة من خالل نسق استنباطي"‪.‬‬
‫وأنها‪" :‬مجموعة من القضايا التي ترتبط معا بطريقة منظمة‪ ،‬التي تعمل على تحديد‬
‫العالقات السببية بين املفاهيم"‪.‬‬
‫وأنها‪" :‬عبارة عن مجموعة مترابطة من املفاهيم والتعريفات والقضايا‪ ،‬التي ّ‬
‫تكون رؤية‬
‫منظمة للظواهر عن طريق تحديدها للعالقات بين املتغيرات‪ ،‬بهدل تفسير الظواهر والتنبؤ‬
‫بها" (أبرام‪ ،‬إبراهيم‪.)55 . ،2009 ،‬‬
‫وحسب جي ز ‪ ،Gibbs‬فإن النظرية‪ ،‬عبارة عن مجموعة من القضايا التي ترتبط ارتباطا‬
‫منطقيا فيما بينها‪ ،‬في صورة ت كيدات ام ريقية‪ ،‬تتعلق بخصائ مجموعة من ألاحداث أو‬
‫ألاشياء‪ ،‬توحد النظر إلى خصائصها املشتركة‪ ،‬بغرض فهمها وتفسيرها (صيام‪ ،‬يحاتة‪،‬‬
‫‪.)16 . ،2009‬‬
‫إنها‪" :‬مجموعة أفكار أو مفاهيم مترابطة‪ ،‬يمكن استعمالها لشرح وفهم حدث‪ ،‬أو موقف‪،‬‬
‫أو لشرح وفهم الحقائق‪ ،‬أي تفسير العالقة بين حقيقتين أو خاصيتين‪ ،‬وتفسير حدوث وقا ع‬
‫معينة‪ ،‬وتفسير كيف يؤول ألامر ببعض ألافراد إلى إلادمان‪ ،‬أو التصرل ب ساليب معينة"‬
‫(ماتيو ‪ ،‬بوب‪ ،‬روس‪ ،‬ليز‪.)95 . ،2016 ،‬‬
‫و ع ـ ّرف ـها أرن ـول ـد روس ‪ ،)1954( A. Ross‬ب ن ـها‪" :‬ب ـناء م ـتكام ـل ي ـض ـم مجموعة تعريفات‪،‬‬
‫واف ـتراض ـات وق ـضايا عام ـة‪ ،‬تت ـع ـل ـق بظاه ـرة معينة‪ ،‬بح ـي ـث يمكن أن تستنبط منها‪ ،‬منطـقيا‪،‬‬

‫‪85‬‬
‫مجموعة من الفروض القابلة لالختبار" (أبرام‪ ،‬إبراهيم‪.)55 . ،2009 ،‬‬
‫ويتفق هاني يتربرج ‪ H. Zetterberg‬مع روس‪ ،‬على الخطوط العريضة لهذا التعريف‪،‬‬
‫حيث يرم أن العناصر املؤلفة للنظرية هي‪:‬‬
‫ـ املصطلحات ألاولية أو املفاهيم ألاساسية‪.‬‬
‫ـ املفاهيم املشتقة ويتم تحديدها وفق املفاهيم ألاساسية‪.‬‬
‫ـ الفروض‪ ،‬وهي قضايا تحدد العالقات بين املفاهيم التي تم تحديدها‪.‬‬
‫ـ مسلمات النظرية‪ ،‬وهي مجموعة من املبادئ تشتق منها قضايا النظرية (أبرام‪،‬‬
‫إبراهيم‪.)55 . ،2009 ،‬‬
‫عرفها كرلنجر ‪ ،)1986( F. Kerlinger‬ب نها‪ :‬مجموعة من املفاهيم توجد بينها عالقة‪،‬‬ ‫و ّ‬
‫تعرض بطريقة منظمة لدراسة الظاهرة من خالل تحديد العالقة بين املفاهيم بهدل التفسير‬
‫والتنبؤ‪ .‬فالنظرية هي‪ :‬مجموعة من التعميمات التي من خاللها يمكن تفسير الظاهرة بطريقة‬
‫منظمة (الضامن‪ ،‬منذر‪.)39 . ،2007 ،‬‬
‫و عرفها املجذوب (‪ ،)2003‬ب نها ‪ :‬مجموعة من املفاهيم التي تنظم مالحظات واستدالالت‬
‫الباحثين‪ .‬كما أنها تفسر الظواهر وتتنب بها‪ .‬وتب ى النظريات من املالحظات إلام ريقية‪ ،‬ومن‬
‫املنطق الاستقرا ي‪ .‬ومجال استعمال النظرية في البحوث ألاساسية الكمية أكثر منها في‬
‫البحوث ألاساسية الكيفية (الضامن‪ ،‬منذر‪.)39 . ،2007 ،‬‬
‫و عرل هول‪ ،‬ليند ي‪ ،‬النظرية العلمية‪ ،‬ب نها‪" :‬مجموعة من املتواضعات" أي مسلمات‬
‫وبديهيات‪ ،‬يضعها صاحب النظرية (هول‪ ،‬ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪.)24 . ،1969 .‬‬
‫وينبغي أن تكون املتواضعات التي يضعها صاحب النظرية‪ ،‬ذات عالقة قوية بموضوع‬
‫النظرية‪ ،‬وأن تقوم بصورة منظمة بكشف العالقات فيما بينها‪ ،‬كما يجب أن تشمل النظرية‬
‫مجموعة من املفاهيم‪ ،‬وتعريفاتها القابلة للبحث إلام ريقي (عبد الرحمن‪ ،‬محمد السيد‪،‬‬
‫‪.)15 . ،1998‬‬
‫إن النظرية‪ ،‬في حقيقتها‪ ،‬ال تقدمها الطبيعة أو تحددها البيانات سلفا‪ ،‬أو أي عملية‬
‫أخرم محددة‪ ،‬إنها تب ى على البيانات التي يجمعها الباحث عن الحقيقة‪ .‬إن الطريقة التي‬
‫تب ى بها النظريات إبداعية‪ ،‬وتعسفية كذلك‪ ،‬ويؤدي هذا‪ ،‬بصورة طبيعية‪ ،‬إلى مالحظة أنه‬
‫يمكن تحديد كيف يمكن تقويم نظرية أو تقديرها‪ ،‬ولكن ال يمكن تحديد كيف يجب بناء‬
‫نظرية‪ .‬فال توجد صيغة محددة لبناء نظرية مثمرة (هول‪ ،‬ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪.)25 . ،1969 .‬‬
‫إن النظرية هي نسق من املعرفة التعميمية التي يتم جمعها‪ ،‬سواء من املالحظة‪ ،‬أم‬
‫تستخل بطريقة استقرائية‪ ،‬ويتم تحليلها وتصنيفها ومعالجتها إحصائيا أو كيفيا‪ ،‬ام اختبار‬

‫‪86‬‬
‫جدواها‪ ،‬فهي نسق أو بناء استنباطي عمل على صوغ الواقع صياغة عقلية‪ ،‬أو هي بناء أو‬
‫نسق استنباطي يجمع شتاتا من النتائج واملعارل التعميمية التي تفسر جوانب الواقع‬
‫املعيش‪ .‬وتكون عملية التنظير عملية مستمرة متحركة إلى ألامام وإلى الخلف‪ ،‬ودائما ما يطرأ‬
‫عل ها التغيير والتعديل (صيام‪ ،‬يحاتة‪.)17 . ،2009 ،‬‬
‫ّ‬
‫إن النظرية العلمية‪ ،‬هي فكرة أو تصور وضع مسبقا لتفسير ظاهرة ما‪ ،‬ومن ام فهي‬
‫ت مل‪ .‬و عتقد البعض‪ ،‬أن النظرية العلمية ال تختلف كثيرا عن الفرض العلمي‪ ،‬فهي قضية‬
‫تحمل تفسيرا مبدئيا‪ ،‬أو حال مقترحا ملشكلة معينة‪ ،‬وبعض آخر‪ ،‬عت ر النظرية العلمية بمثابة‬
‫مبدأ أو قانون علمي‪ ،‬أي بوصفها قضية دقيقة تختزل سلسلة من الحقائق العلمية أو‬
‫تختصرها في صيغة رياضية‪.‬‬
‫ويقرر آخرون‪ ،‬أن النظرية العلمية تمثل نموذجا‪ ،‬أو تقترب من عملية صياغة ألانماط‬
‫بوصفها نوعا من التنميط ساعد على تحديد العالقات املتداخلة بين ظواهر هناك محاولة‬
‫لفهمها وتفسيرها‪ .‬وتمثل النظرية أرفع املستويات العلمية جميعها‪ .‬تتراكم جهود العلماء في‬
‫تخص علمي معين‪ ،‬تنتهي إلى صياغة تعميمات‪ ،‬من خالل تجميع شتات النتائج املبعثرة‬
‫التي أمكن الوصول إل ها‪ ،‬وتوحيدها لبناء نظرية (الخواجة‪ ،‬محمد ياسر‪.)10 . ،2010 ،‬‬
‫وتعرل النظ رية العلمية‪ ،‬كذلك‪ ،‬على أنها‪" :‬مجموعة من املفاهيم ذات العالقات‬ ‫ّ‬
‫املتبادلة‪ ،‬والتعريفات‪ ،‬والقضايا‪ ،‬التي تطرح نظرة منهجية للظواهر‪ ،‬وذلك بتحديد العالقات‬
‫بين املفاهيم‪ ،‬بهدل تفسير الظواهر والتنبؤ بها" ( ‪ .)17 . Ary, Donald & al (2004).‬و شير‬
‫هذا التعريف إلى االاة أفكار أساسية وهي‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ إن النظرية عبارة عن مجموعة من القضايا تتكون من مفاهيم وتكوينات محددة‬
‫ومتصلة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إن النظرية تحدد العالقات بين مجموعة من الحقائق‪ ،‬وبعملها هذا ت ر نظرة منظمة‬
‫لهذت الحقائق‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ إن النظرية في النهاية تفسر الظواهر‪ ،‬وذلك بتحديد أي الحقائق يتصل بغيرت وكيفية‬
‫ام تمكن الباحث من التنبؤ بحقائق معينة أخرم (سعودي‪ ،‬محمد محمود‬ ‫الصلة‪ ،‬ومن ّ‬
‫خليل‪.)26 . ،1989 ،‬‬
‫إن النظرية تفسير مؤقم ملجموعة من الظواهر الواقعية‪ ،‬وتتدرج من حيث الشمولية‪،‬‬
‫من تفسير عدد قليل من الظواهر إلى تفسير عدد كبير منها (صي ي‪ ،‬سعيد إسماعيل‪،1994 ،‬‬
‫‪ .)53 .‬و عرل بريثويم ‪ Brathwaite‬النظرية ب نها‪" :‬تت لف من مجموعة من الفرضيات‪،‬‬
‫تؤلف بينها نسقا استنباطيا‪ ،‬بحيث تكون بعض الفروض مقدمات تتبعها منطقيا فروض‬

‫‪87‬‬
‫أخرم" (سعودي‪ ،‬محمد محمود خليل‪ .)25 . ،1989 ،‬وتعرل كذلك‪ ،‬على أنها‪ :‬مجموعة‬
‫من املفاهيم والتعريفات والفرضيات املرتبطة‪ ،‬التي تمثل نظرة منظمة للظواهر‪ ،‬وتحديد‬
‫العالقات بينها‪ ،‬بغرض تفسيرها‪ ،‬والتنبؤ بها (الييباري‪ ،‬طاهر حسو‪.)45 . ،2011 ،‬‬
‫فالنظرية‪ ،‬إذن‪ ،‬هي ذلك إلاطار التصوري القادر على تفسير عالم الخ رة الواقعية‪ ،‬أي‬
‫الظواهر والعالقات‪ ،‬بهدل البحث عن العلل وألاسباب‪ ،‬والتنبؤ أيضا‪ ،‬أو كما يقول نيقوال‬
‫تيماشيف ‪ )1978( N. Timashiff‬إن النظرية‪ ،‬بصورة عامة‪ ،‬هي مجموعة من القضايا‪ ،‬التي‬
‫تتوافر ف ها الخصائ التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن تكون املفاهيم ف ها محددة بدقة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن تشتق القضايا الواحدة من ألاخرم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أن توضع بشكل يجعل من املمكن اشتقاق التعميمات القائمة اشتقاقا استنباطيا‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أن تكون القضايا خصبة ومثمرة‪ ،‬تستكشف الطريق ملالحظات أبعد وتعميمات تنمي‬
‫مجال املعرفة (أبرام‪ ،‬إبراهيم‪.)55 . ،2009 ،‬‬
‫وتحدث فيلسول العلم‪ ،‬كارل بوبر‪ ،‬عن النظرية العلمية‪ ،‬ب نها‪ :‬عبارة عن نظام من‬
‫املفاهيم ذي طابع رميي ومنطقي‪ ،‬ستجيب لعدة شروط‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ املالءمة في مواجهة مشكالت محددة‪ ،‬وموضوعات معينة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ التماسك بين املفاهيم والقضايا التي تستعملها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الاختبار في مواجهة إجراءات عملية (ميدانية) توظف لجمع البيانات‪.‬‬
‫وتقوم النظرية دائما بعملية اختزال للمشكالت التي مهدت لتحديدها‪ ،‬إنها محددة‪،‬‬
‫وتشير إلى مجال دقيق ومحدد من الواقع‪ ،‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فهي تحتفظ بطابعها الافتراض ي‪،‬‬
‫قابلة للمراجعة‪ ،‬قابلة ابات خطئها (تفنيدها) (هارمان‪ ،‬جاك‪.)15 . ،2010 ،‬‬
‫و ستنتج مما سبق‪ ،‬أن النظرية نظام موحد ومبسط من املبادئ واملسلمات التي تتعلق‬
‫بظا هرة معينة‪ ،‬أو بمجموعة من الظواهر املترابطة‪ .‬بحيث سمح هذا النظام بشرح وفهم‬
‫العالقات بين املفاهيم بشكل مبسط‪ ،‬تنتظم فيه الحقائق تنظيما منطقيا ومترابطا‪.‬‬
‫والاقتصاد مع البساطة‪ ،‬عت ر من أهم خصائ جودة النظريات‪ ،‬وتميزها عن سواها‪.‬‬
‫وفي تحديد العالقة بين النظرية كبناء نظري وحقائق الواقع الذي تع ر عنه النظرية‪ ،‬يمكن‬
‫القول إن النظرية ال بد وأن توضح كيف تترابط تلك الحقائق‪ .‬ويمكن تحديد عالقة النظرية‬
‫بالواقع فيما ي تي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن توضح النظرية ارتباط الحقائق باملبادئ واملسلمات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن تقدم النظرية نظاما للتصنيف وتكوين املفاهيم‪ ،‬وال تكون تلك املفاهيم مصنفة‬

‫‪88‬‬
‫أو مرتبة في الواقع‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أن تقدم النظرية تلخيصا وتبسيطا لحقائق الواقع‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أن تقدم النظرية تنبؤا عما سيكون‪ ،‬أو املحتمل أن يكون‪ ،‬مستقبال‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أن تحدد النظرية الحاجة إلى أبحاث أخرم في املستقبل (قنديل‪ ،‬شاكر‪. ،1993 ،‬‬
‫‪.)803‬‬
‫ويكاد يكون هناك اتفاق على أن النظرية العلمية‪ ،‬نسق فكري حول ظاهرة أو مجموعة‬
‫من الظواهر املتجانسة‪ ،‬ويتضمن النسق إطارا تصوريا ومفاهيم وقضايا نظرية‪ ،‬توضح‬
‫العالقات بين الوقا ع‪ ،‬وتنظمها بطريقة دالة وذات مع ى‪ .‬كما أنها ذات بعد ام ريقي في‬
‫اعتمادها على الواقع ومعطياته‪ ،‬وذات توجه تنبؤي ساعد على تفهم مستقبل الظاهرة‪ ،‬ولو‬
‫من خالل تعميمات احتمالية (عبد املعطي‪ ،‬عبد الباسط‪ ،‬الهواري‪ ،‬عادل‪.)12 . ،1986 ،‬‬

‫تاسعا ‪ :‬مضامين النظرية العلمية‬


‫في محاولة لتحديد أكثر فيما يتعلق بماهية النظرية‪ ،‬ما هو بالضبط ذلك الذي تتكـون‬
‫منه النظرية في شكلها الذي تعرل به ؟ يجـب أن تتضمن النظـرية فروضا ذات صلة‬
‫بموضوعها‪ ،‬يرتبـط بعضـها ببعض ارتباطا منظما‪ ،‬كما يجب أن تتضمن مجموعة من‬
‫التعريفات التجريبية ملفاهيمها (هول‪ ،‬ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪.)25 . ،1969 .‬‬

‫‪ )1‬الفروض العلمية‪.‬‬
‫تكون نسقا استنباطيا"‪.‬‬‫يذكر برات وايم‪ ،‬أن النظرية‪ ،‬هي ‪" :‬مجموعة من الفروض التي ّ‬
‫(صيام‪ ،‬يحاتة‪ .)17 . ،2009 ،‬ويجب أن تكون الفروض ذات عالقة بالوقا ع التجريبية‬
‫التي تهتم بها النظرية‪ .‬فإذا كانم النظرية للدافعية‪ ،‬كواقع‪ ،‬يجب أن تكون للفروض عالقة‬
‫بالدافعية نفسها‪ .‬وعادة ما تمثل طبيعة هذت الفروض الخصائ الكيفية املميزة للنظرية‪.‬‬
‫فاملنظر املمتا ‪ ،‬هو الشخ الذي ستطيع أن ستخل فروضا مفيدة‪ ،‬أو تنبؤية‪ ،‬تتصل‬
‫بالوقا ع التجريبية في مجاله‪ .‬ويتوقف على طبيعة النظرية احتمال أن هذت الفروض عامة‬
‫للغاية‪ ،‬أو خاصة إلى حد ما‪ .‬فقد يختار املنظر السلوكي أن يفترض أن جميع أنواع السلوك‬
‫مدفوع‪ ،‬وأن ألاحداث التي تقع في الطفولة املبكرة أكثر محددات السلوك في الرشد أهمية‪،‬‬
‫وأن سلوك ألانواع الحيوانية املختلفة تحكمه املبادئ العامة نفسها‪ .‬كما قد يفترض أن‬
‫القلق املرتفع‪ ،‬يؤدي إلى تناق ألاداء الحركي‪ ،‬أو أن متغيـرا معينا كالذكاء‪ ،‬يتو ع اعتداليا‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫كما قد تختلف هذت الفروض من حيث الشكل‪ ،‬ابتداء من دقة الصياغة إلى الافتقار النسبي‬
‫للدقة‪ ،‬الذي يتمثل في معظم الفروض التي تم تقديمها ك مثلة‪( .‬هول‪ ،‬ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪،1969 .‬‬
‫‪ .)25 .‬ينبغي أن تكون الفروض واضحة‪ ،‬وأن تكون العناصر داخل النظرية مرتبطة فيما‬
‫بينها بوضوح‪ .‬أي أنه يجب أن تكون هناك قواعد للتفاعل املنظم بين الفروض والعناصر‬
‫داخل النظرية‪ ،‬ولكـي يتوفر للنظرية التناسق املنطقـي‪ ،‬و سمح بعملية الاشتقاق‪ ،‬يجب أن‬
‫تكون هناك عالقة داخلية واضحة‪ ،‬ودون هذا التحديد النوعي‪ ،‬يصير من الصعب أو‬
‫املستحيل استخال نتائج تجريبية من النظرية‪ .‬إذا كان الفرض هو‪ :‬إن ا دياد القلق سيؤدي‬
‫إلى انخفاض ألاداء الحركي‪ .‬وأن ا دياد تقدير الذات سيؤدي إلى التحسن في ألاداء الحركي‪ .‬إذا‬
‫لم عرل الباحث أكثر من ذلك‪ ،‬فإن العالقة بين املتغيرين ستكون غير محددة‪ .‬إذ أن الباحث‬
‫يحتاج إلى معرفة ش يء عن العالقة بين القلق وتقدير الذات‪ ،‬قبل أن ستطيع القيام ب ي‬
‫تنبؤ بما يمكن أن يحدث في ظل ظرول يدخل ف ها املتغيران‪ .‬إن الصياغة الكافية لفروض‬
‫النظرية‪ ،‬يجب أن تيود مستعمل النظرية بتحديد واضح للعالقة بين هذين املتغيرين (هول‪،‬‬
‫ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪.)26 . ،1969 .‬‬

‫‪ )2‬املفاهيم وتعريفها تجريبيا‪.‬‬


‫إن تعريف املفاهيم تجريبيا‪ ،‬سمح بقدر‪ ،‬يييد أو يقل‪ ،‬من التفاعل الدقيق بين حدود‬
‫أو مفاهيم معينة داخل النظرية‪ ،‬واملادة التجريبية‪ .‬وهكذا تصل النظرية بواسطة هذت‬
‫التعريفات في مناطق معينة محددة سلفا‪ ،‬إلى اتصال محدد بالواقع أو بمادة املالحظة‪.‬‬
‫وتسم هذت التعريفات بالتعريفات إلاجرائية‪ ،‬إذ أنها تحاول أن تحدد العمليات التي يمكن‬
‫بها قياس املتغيرات أو املفاهيم الهامة‪ .‬إن الاهتمام بالتعريفات التجريبية‪ ،‬سمة أو عالمة‬
‫على الرغبة في البحث‪ .‬كما أنه من ألاسلم القول‪ :‬أنه إذا كانم النظرية ستسهم في نهاية ألامر‬
‫في علم تجريبي‪ ،‬فال بد أن تتوفر لها طريقة للترجمة التجريبية‪ .‬ومن ناحية أخرم‪ ،‬يجب أن‬
‫يكون واضحا أن هذت التعريفات‪ ،‬توجد على متصل يمتد من التحديد الكامل والدقيق‪ ،‬إلى‬
‫املياعم العامة للغاية والكيفية‪ .‬وبالرغم من أنه كلما كانم الدقة أكثر‪ ،‬كان ذلك أفضل‪ ،‬فإن‬
‫إلاصرار املبكر على التحديد الكامل‪ ،‬يمكن أن يحطم مسارات كثيرة مثمرة للبحث‪ .‬إن تعريف‬
‫الذكاء ببساطة ب نه‪" :‬ما تقيسه اختبارات الذكاء"‪ ،‬أو مساواة القلق ببعض التغيرات‬
‫الفييولوجية فقط‪ ،‬كما يقيسها الجلفانومتر‪ ،‬قد يكون دقيقا‪ ،‬إال أنه يبدو أن كال التعريفين‬
‫وحدهما يحتمل أال يؤديا إلى فكر مثمر‪ ،‬أو إلى بحث‪ .‬إن الاتجات املناسب إ اء التعريفات‬

‫‪90‬‬
‫التجريبية‪ ،‬هو أن تكون دقيقة بقدر ما تسمح به الظرول داخل مجال الدراسة املع ي (هول‪،‬‬
‫ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪ ،1969 .‬ص ‪.)27-26 .‬‬

‫عاشرا ‪ :‬محكات النظرية العلمية‬


‫يحدد باترسون ‪ ،)1986( Paterson‬عددا من املحكات املنطقية التي يمكن من خاللها‬
‫الحكم على جودة النظرية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ )1‬ألاهمية ‪ .Importance‬أن تكون النظرية هامة‪ ،‬وذات فائدة‪ ،‬سواء في جانبها النظري‪،‬‬
‫أم في جانبها العملي التطبيقي‪.‬‬
‫‪ )2‬الدقة والوضوح ‪ .Preciseness‬أي أن تتصف النظرية بإمكان استيعابها أو فهمها‬
‫جيدا‪ ،‬وتتصف باالتساق الداخلي‪ ،‬والتحرر من الغموض‪ ،‬ويمكن اختبار مدم وضوح‬
‫النظرية من خالل ربطها بالنتائج‪ ،‬واملمارسات العملية لها‪ ،‬أو بقدرتها على تطوير فروض أو‬
‫تكوين توقعات أو اختبار ذاتها‪.‬‬
‫‪ )3‬الاقتصاد أو البساطة ‪ .Parsimony or Simplicity‬نال مفهوم الاقتصاد النظري‪ ،‬أو‬
‫البساطة‪ ،‬قبوال واسعا ك حد الخصائ ألاساسية للنظرية الجيدة‪ .‬و ع ي أن النظرية‬
‫الجيدة‪ ،‬هي التي تحتوي على أقل قدر من التعقيدات والفروض‪ .‬وأيد إسحق نيوتن‪ ،‬هذا‬
‫القول‪ ،‬حين أكد أن ‪ :‬الطبيعة تبتهج للبساطة‪ .‬و عرل هذا في مجال البحث العلمي‪ ،‬بمبدأ‬
‫الاقتصاد والتركيز في العلم (بدر‪ ،‬أحمد‪.)112 . ،1994 ،‬‬
‫‪ )4‬الشمولية ‪ .Comprehensiveness‬وتع ي أن تتصف النظرية بالكمال‪ ،‬فتغطي مجال‬
‫الاهتمام‪ ،‬وتشتمل على كل البيانات املعروفة في املجال‪.‬‬
‫‪ )5‬إلاجرائية ‪ .Operationality‬و ع ي أن تتصف النظرية بالقابلية الختصار إجراءاتها‪،‬‬
‫بغرض اختبار فروضها أو توقعاتها‪ ،‬وأن تتصف مفاهيمها بالدقة الكافية‪ ،‬حتى يمكن قياسها‬
‫أو تجريبها‪.‬‬
‫‪ )6‬الصدق إلام ريقي أو القابلية للتحقق ‪ .Empirical Validity or Verifiability‬و ع ي‬
‫ضرورة أن تدعم الخ رة والبحوث التجريبية ما تذهب إليه النظرية‪ ،‬كما يجب أن تتولد عنها‬
‫معرفة جديدة‪ .‬وبشكل غير مباشر‪ ،‬قد تؤدي النظرية التي ال تؤيدها البحوث التجريبية إلى‬
‫معرفة جديدة‪ ،‬فتظهر بشكل أفضل‪.‬‬
‫‪ )7‬إلانتاجية (إلاامار) ‪ .FruitFulness‬ويقصد با نتاجية‪ ،‬قدرة النظرية على أن تؤدي‬
‫إلى توقعات قابلة لالختبار والتجريب‪ ،‬وتطوير معرفة جديدة‪ ،‬وتعد النظرية مثمرة‪ ،‬أحيانا‪،‬‬

‫‪91‬‬
‫حتى ولو لم تؤد إلى توقعات معينة‪ ،‬ولكنها قد تولد تفكيرا‪ ،‬وتطور أفكارا جديدة‪ ،‬أو حتى‬
‫نظريات‪ ،‬ويرجع ذلك غالبا إلى أنها تقاوم معارضة آلاخرين لها‪.‬‬
‫‪ )8‬القابلية للتطبيق العملي ‪ .Practicality‬وهو املحك ألاخير للنظرية الجيدة الذي قد‬
‫يهمل‪ .‬و شير إلى أن النظرية الجيدة‪ ،‬يجب أن تكون مفيدة للممارسين في تنظيم أفكارهم‪،‬‬
‫وإجراءاتهم‪ ،‬فتزودهم بإطار مفاهيمي للممارسة‪ ،‬وتساعدهم على التحرك ألبعد من مجرد‬
‫املستوم التطبيقي القائم على املحاولة والخط ‪ ،‬إلى التطبيق املنطقي والعقالني للقواعد‬
‫وألاسس (عبد الرحمن‪ ،‬محمد السيد‪ ،1998 ،‬ص ‪ 17 .‬ـ ‪.)18‬‬

‫حادي عشر ‪ :‬وظائف النظرية العلمية‬


‫تبين آلان‪ ،‬بصورة عامة‪ ،‬ما الذي تتكون منه النظرية العلمية‪ .‬والسؤال التالي هو‪ :‬ما‬
‫الذي تفعله النظرية العلمية؟ أي ما هي وظائفها؟ إن أول ما تفعله النظرية العلمية وأكثرت‬
‫أهمية‪ ،‬هو أنها تؤدي إلى جمع أو مالحظة عالقات تجريبية ذات أهمية لم تالحظ بعد‪ .‬ويجب‬
‫أن تؤدي النظرية العلمية إلى اتساع منظم للمعرفة املتصلة بالظواهر ذات ألاهمية‪ ،‬وهذا‬
‫الاتساع يجب أن يكون‪ ،‬بصورة مثالية‪ ،‬الوسيط إليه أو املحرك‪ ،‬له قضايا تجريبية نوعية‬
‫مشتقة من النظرية العلمية (أي فروض النظرية العلمية أو ما تقررت أو ما تتنب به)‪ ،‬وأن‬
‫تكون خاضعة لالختبار التجريبي‪ .‬وبمع ى أساس ي‪ ،‬إن جوهر أي علم‪ ،‬يكمن في اكتشال‬
‫عالقات تجريبية اابتة بين الوقا ع أو املفاهيم (هول‪ ،‬ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪ .)27 . ،1969 .‬وفيما‬
‫ي تي وظائف النظرية العلمية‪.‬‬

‫الوظيفة ألاولى للنظرية العلمية‪ ،‬هي أن تدفع خط هذت العملية بطريقة منظمة‪.‬‬
‫َ‬
‫إن النظرية تفكر وتنتج الفروض‪ ،‬ام تخت رها تجريبيا‪ ،‬ام إما قبولها أو رفضها‪ ،‬وفق املادة‬
‫التجريبية محكمة الضبط‪ .‬إن املشتقات أو الفروض‪ ،‬أو ألافكار املستمدة من النظرية‪ ،‬هي‬
‫وحدها التي يمكن اختبارها تجريبيا‪ ،‬أما النظرية نفسها فهي تفترض‪ ،‬ويتحدد قبولها أو‬
‫رفضها بمقدار نفعيتها (فائدتها)‪ ،‬وليس وفقا لصدقها أو خطئها (هول‪ ،‬ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪،1969 .‬‬
‫‪.)27 .‬‬
‫وبهذا املع ى يصير لهذت النفعية مكونان‪ ،‬هما‪:‬‬
‫‪ .1‬القابلية للتحقق من الصدق‪ ،‬وتشير إلى قدرة النظرية على توليد التنبؤات التي‬
‫تت يد عندما تجمع املعلومات التجريبية املتصلة بها‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫ّ‬
‫‪ .2‬الشمول‪ ،‬و شير إلى مدم نق هذت املشتقات أو اكتمالها‪ .‬وقد توجد نظرية ولدت‬
‫نتائج كثيرا ما ت يدت‪ ،‬إال أنها تتناول جوانب قليلة فقط للظواهر ذات ألاهمية‪ .‬ويجب على‬
‫النظرية من الناحية املثالية‪ ،‬أن تؤدي إلى تنبؤات دقيقة‪ ،‬تتناول بصفة عامة جدا أو شاملة‪،‬‬
‫الوقا ع التجريبية التي تهدل النظرية إلى إلاحاطة بها (هول‪ ،‬ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪.)27 . ،1969 .‬‬

‫الوظيفة الثانية للنظرية العلمية‪ ،‬هي أن تيسر النظرية وتسهل عملية إدماج النتائج‬
‫التجريبية املعروفة‪ ،‬في إطار يتسم بالتناسق املنطقي والبساطة املعقولة‪ .‬إن النظرية وسيلة‬
‫لتنظيم وتكامل كل ما هو معرول عن مجموعة متصلة من الواقع‪ .‬فالنظرية الكافية عن‬
‫التعلم‪ ،‬يجب أن تتضمن بطريقة متناسقة جميع النتائج املواوق بها التي تتناول عملية‬
‫التعلم‪ .‬تبدأ النظريات‪ ،‬دائما‪ ،‬بذلك الذي تمم مالحظته وتقريرت‪ .‬وبهذا املع ى‪ ،‬تبدأ بمرحلة‬
‫استقرائية مسترشدة بما هو معرول‪ ،‬وإلى حد ما محكومة به‪ .‬إن البساطة‪ ،‬كما تسم‬
‫أحيانا‪ ،‬الاقتصاد‪ ،‬أمر له أهميته‪ ،‬لكنه ي تي في املرتبة الثالثة بعد إقرار ما يتعلق بالشمول‬
‫والقابلية للتحقق من الصدق (هول‪ ،‬ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪.)28 . ،1969 .‬‬

‫الوظيفة الثالثة للنظرية العلمية‪ .‬وهناك وظيفة أخرم يجب أن تقوم بها النظرية‪،‬‬
‫وهي أن تحمي الباحث‪ /‬املنظر من الاندهام والاستغراق فيما تشمله النظرية من تعقيد بالغ‬
‫للوقا ع الطبيعية أو العيانية‪ .‬فال شغل الباحث نفسه بجميع جوانب الواقعة التي يدرسها‪،‬‬
‫وتحدد ملستعملها عددا محدودا من ألابعاد واملتغيرات املهنية ذات ألاهمية القصوم‪ ،‬أما‬
‫الجوانب ألاخرم للموقف‪ ،‬فيمكن إهمالها إلى حد ما (هول‪ ،‬ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪.)29 . ،1969 .‬‬
‫وهناك وظائف أخرم للنظرية العلمية‪ ،‬هي آلاتية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ تساعد النظرية أي علم على تحديد هويته وموضوعاته ألاساسية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ نظرا لتشعب الظواهر الطبيعية وإلانسانية‪ ،‬وتعقدها‪ ،‬فالنظرية العلمية تعد نقطة‬
‫البدء ألاولى‪ ،‬حين تمد الباحث بإطار تصوري ساعدت على تحديد ألابعاد والعالقات التي‬
‫عليه دراستها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تجمع النظرية بين ألافكار والتصورات من ناحية‪ ،‬والبيانات والحقائق التي تجمع من‬
‫الواقع من ناحية أخرم‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ التنبؤ بالوقا ع‪ ،‬أي ما سول يحدث للظاهرة إذا توفرت نفس الشروط التي تقول بها‬
‫النظرية وأيدها البحث إلام ريقي‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ 5‬ـ تحديد أوجه النق والفراغات املوجودة في املعرفة العلمية‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ ترشيد التطبيق العملي‪ ،‬حين ستفاد من نتائج البحوث العلمية النظرية في إصالح‬
‫ما هو موجود في الواقع العملي‪ ،‬وتعديله وتنميته (أحمد‪ ،‬سمير نعيم‪ ،1979 ،‬ص ‪ 33 .‬ـ‬
‫‪.)34‬‬
‫إن النظرية‪ ،‬ينبغي أن تكتشف عالقات مستقرة بين الوقا ع واملتغيرات‪ ،‬عالقات يمكن‬
‫بيانها‪ .‬وتؤدي إلى الكشف عن بيانات جديدة‪ ،‬وعالقات بين البيانات‪ ،‬وتقدر على تمثل النتائج‬
‫إلام ريقية املعروفة في إطار متسق بسيط بدرجة معقولة‪ ،‬وتساعد الباحث على اختيار‬
‫املسائل الهامة للدراسة‪ ،‬وتمكنه من عيلها عن غيرها‪( .‬جابر‪ ،‬جابر عبد الحميد‪. ،1990 ،‬‬
‫‪.)12‬‬

‫النظرية العلمية واملمارسة املهنية‪.‬‬


‫توجد عالقة بين النظرية النفسية واملمارسة العملية‪ ،‬ويقصد باملمارسة العملية كل ما‬
‫يتعلق بالنشاط املنهي‪ ،‬كا رشاد والعالج والتدريب وتقديم املشورة‪ ،‬في املدارس وألاسر ومقرات‬
‫العمل‪ .‬و ستعمل املنظرون مصطلح التطبيقات العملية‪ .‬والعالقة جدلية بين النظرية‬
‫واملمارسة العملية‪ ،‬أين تقدم النظرية معلومات عن املمارسة العملية‪ ،‬وتقدم فيه املمارسة‬
‫العملية معلومات نظرية‪ .‬ولكن عادة ما تنفصل ألافكار النظرية عن املمارسة العملية‪ .‬وهناك‬
‫في هذا الصدد االاة عناصر‪ ،‬هي ‪ :‬النظرية‪ ،‬وبيانات البحث‪ ،‬واملمارسة املهنية‪ ،‬يمكن ربط‬
‫عالقات بينها‪ ،‬لكن تبين أن العالقة بين النظرية واملمارسة املهنية أقل وضوحا وتحديدا من‬
‫العالقة بين النظرية وبيانات البحث العلمي (فوكس‪ ،‬دنيس‪ ،‬وآخرون‪ 709 ،2016 ،‬ـ ‪.)710‬‬

‫النظرية العلمية‬ ‫ااني عشر ‪ :‬خصائ‬


‫ينبغي على أية نظرية علمية جيدة أن تتميز بالخصائ التالية ‪:‬‬
‫َ‬
‫املالحظة ذات العالقة بالظاهرة التي تتناولها‪.‬‬ ‫‪ .1‬أن تكون قادرة على تفسير الحقائق‬
‫َ‬
‫املالحظة ومع املعرفة السابقة والحقائق املتراكمة‪.‬‬ ‫‪ .2‬أن تنسجم مع الحقائق‬
‫ّ‬
‫‪ .3‬أن تقدم وسائل اختبارها وتحقيقها‪ ،‬بوضع استنتاجات على شكل فروض‪ ،‬تبين نتائج‬
‫يتوقع الباحث مالحظتها‪ ،‬إذا ما كانم النظرية صحيحة‪ ،‬وجودة النظرية ليسم بمعيار‬
‫الصحة أو الخط ‪ ،‬ولكن قبولها أو رفضها‪ ،‬عتمد في ألاساس على مدم فائدتها‪ ،‬وفائدة‬
‫النظرية عتمد على مدم كفاءتها بالتنبؤ بنتائج أخرم يمكن الت كد منها‪ ،‬من خالل البحث‬

‫‪94‬‬
‫العلمي‪ .‬ومن ام‪ ،‬فإن أي نظرية تعت ر مؤقتة‪ ،‬وخاضعة للتنقيح‪ ،‬إلى حين ظهور أدلة جديدة‬
‫حول ما تذهب إليه‪.‬‬
‫‪ .4‬أن تكون النظرية قادرة على إحرا اكتشافات جديدة‪ ،‬وتشير إلى مجاالت أخرم في‬
‫حاجة إلى اكتشال ‪ Ary, Donald & al, (2004).‬ص ‪ 18 .‬ـ ‪.)19‬‬

‫التالية‪.‬‬ ‫وتتميز النظرية العلمية كذلك‪ ،‬بالخصائ‬


‫‪ 1‬ـ وجود مالحظات منظمة للواقع‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ التركيز على املوضوعية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الاعتماد على القياس والتجربة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ تفسير العالقات املتداخلة عن طريق مبدأ السببية‪.‬‬
‫‪.)65 .‬‬ ‫‪ 5‬ـ التوصل إلى قوانين (عبد الرحمن‪ ،‬عبد هللا محمد‪،2006 ،‬‬

‫االث عشر ‪ :‬نسبية النظرية العلمية‬


‫قال أحد عظماء العلم‪ ،‬الفييولوجي الروس ي‪ ،‬إيفان ب‪ .‬بافلول‪ ،‬ما ي تي ‪" :‬كلما اكتشفنا‬
‫أشياء أكثر‪ ،‬كشف املجهول عن نفسه أكثر‪ ،‬وظهر أمامنا مييد من املسائل‪ ....‬إن طريق‬
‫املعرفة ال نهاية له"‪( .‬تود ‪ ،‬دانيال‪.)104 . ،2009 ،‬‬
‫يتواصل البحث العلمي‪ ،‬وال يتوقف عند أي نتيجة‪ ،‬فاملعرفة العلمية نسبية‪ ،‬وليسم‬
‫يقينية‪ ،‬وال نهائية‪ .‬تم بحث الذاكرة والتذكر والنسيان‪ ،‬عام ‪ ،1885‬على يد ألاملاني هرمان‬
‫ابنجهاوس‪ ،‬وما ال البحث في الذاكرة مستمرا رغم مرور أكثر من قرن واالاين سنة‪ ،‬وسيبق‬
‫مستمرا‪.‬‬
‫ال يمكن‪ ،‬أبدا‪ ،‬اعتبار أي نظرية أنها صحيحة بشكل نها ي‪ ،‬دون عرضها باستمرار لالختبار‬
‫في مواجهة وقا ع أخرم‪ ،‬وحقائق أخرم (‪1972 ،Popper‬؛ هارمان‪ ،‬جاك‪.)16 . ،2010 ،‬‬
‫فكل نظرية في من ما‪ ،‬سول تفندها نظرية أخرم‪ ،‬وتحل محلها كليا أو جيئيا (باركر‪،‬‬
‫كر س‪ ،‬وآخرون‪ .)45 . ،1999 ،‬أو تختلف عنها فت تي بمفاهيم أخرم‪ ،‬وبفروض أخرم‪،‬‬
‫وتفسيرات أخرم‪ ،‬للظاهرة نفسها‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لنظريات التعلم والنظريات‬
‫إلانسانية‪ ،‬والنظريات املعرفية‪ ،‬في علم النفس‪.‬‬
‫إن النظريات العلمية ليسم تلك القضايا التي تتصف بالصحة املطلقة أو باليقين‬
‫ألاكيد‪ ،‬بل هي نسبية الت كيد ومحدودة الشمولية والتعميم‪ ،‬فالنظريات ال توضع من أجل‬

‫‪95‬‬
‫الوصول إلى اليقين املطلق‪ ،‬بل تسهى إلى معرفة نسبية ومؤقتة‪ ،‬ومن هنا تعمل النظرية‬
‫أحيانا على أنها فرض من الدرجة الثانية (أبرام‪ ،‬إبراهيم‪.)56 . ،2009 ،‬‬
‫إن تطور العلم‪ ،‬لم يؤد إلى يادة يقينية املعرفة العلمية‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬أدم إلى إاارة‬
‫الشكوك حول ما كان عتقد حول يقينية املعرفة العلمية‪ ،‬وهو ألامر الذي انعكس بدورت‬
‫على النظرية العلمية‪ .‬إن مفهوم النظرية الذي كان شا عا‪ ،‬بصفته نسقا من املقوالت‬
‫ألاكيدة‪ ،‬صار مهددا ب ن يفقد معنات‪ ،‬وفي هذا السياق‪ ،‬ع ر كثير من العلماء عن تشككهم في‬
‫يقينية النظريات العلمية‪ .‬إن أوجسم كونم‪ ،‬يقول ‪" :‬إن املعاني املطلقة‪ ،‬تبدو ليسم‬
‫مستحيلة جدا‪ ،‬إلى درجة أنه على الرغم من دالئل الصدق التي أراها في نظرية الجاذبية‪،‬‬
‫فإني ال أكاد أجرؤ على ضمان استمرارها"‪ .‬وفي نفس إلاطار‪ ،‬يقول ج‪ .‬سوليفان ‪J. Sullivan,‬‬
‫‪ ، 1949‬في كتابه "حدود العلم"‪ ،‬إن النظرية العلمية الحقة‪ ،‬ليسم إال فرضا عاما ناجحا‪،‬‬
‫وأنه من املحتمل جدا‪ ،‬أن كل النظريات العلمية خاطئة (أبرام‪ ،‬إبراهيم‪.)56 . ،2009 ،‬‬
‫أما كارل بوبر‪ ،‬فربط بين افتراضية العلم ونسبية النظرية‪ ،‬مميزا بين النظرية والعلم من‬
‫جانب‪ ،‬والدين أو العقيدة من جانب آخر‪ .‬فالدين هو الذي يملك صفة إلاطالق واليقينية‪،‬‬
‫وال يقبل النقام‪ ،‬أو إعادة النظر‪ .‬ووصف كلود برنارد‪ ،‬مفهوم النظرية بالقول‪ ،‬إنها‪ :‬مجرد‬
‫درجات نستريح عندها حتى نتقدم في البحث‪ ،‬فهي تع ر وتعكس الوضع الراهن ملعرفتنا‪ ،‬ولذا‬
‫يجب أال نؤمن بها إيماننا بعقائد الدين‪ ،‬وأن نعدلها تبعا لتقدم العلم (أبرام‪ ،‬إبراهيم‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص ‪ 56 .‬ـ ‪.)57‬‬
‫إن النظريات املفضلة علميا‪ ،‬هي تلك القابلة لالختبار‪ ،‬أي تلك التي يمكن ت ييدها أو‬
‫دحضها بواسطة بحوث أخرم للتحقق من صحتها وفائدتها (دافيدول‪ ،‬لندا ل‪. ،1983 .‬‬
‫‪.)60‬‬
‫إن النظرية العلمية نسبية‪ ،‬قابلة للتغيير والتعديل بتطور الاكتشافات العلمية‪ ،‬وبتطور‬
‫الحياة الاجتماعية واملعرفة إلانسانية‪ .‬وما دام العقل إلانساني في حالة تطور‪ ،‬فال عقل أن‬
‫يبق مقيدا بنظريات تجاو ها اليمن‪ ،‬وتجاو تها املعرفة املحصلة حديثا‪ .‬ف ي تقدم علمي‪،‬‬
‫في ميدان من امليادين‪ ،‬ينتج عنه ضرورة إعادة النظر في النظريات املطروحة سابقا‪ ،‬في امليدان‬
‫نفسه‪ ،‬كما أن فشل النظرية‪ ،‬من خالل احتكاكها بالواقع‪ ،‬في إابات الحقيقة‪ ،‬أو ظهور‬
‫حقائق أخرم متناقضة معها‪ ،‬يتطلب أن تخلي مكانها لنظرية أخرم‪ ،‬أكثر قدرة على إابات‬
‫الحقيقة‪ ،‬والتعامل مع الواقع‪ .‬و عد تصارع النظريات في شتى امليادين‪ ،‬مظهرا من مظاهر‬
‫التطور املعرفي‪ ،‬وشرطا لتطور املعارل إلانسانية (أبرام‪ ،‬إبراهيم‪.)57 . ،2009 ،‬‬

‫‪96‬‬
‫النظرية العلمية ال توصف بكونها صحيحة أو خاطئة‪.‬‬
‫إن أكثر املفاهيم شيوعا‪ ،‬هو أن النظرية توجد في مقابل الحقيقة‪ .‬فالنظرية العلمية‬
‫فرض لم يت يد بعد‪ ،‬أو ت مل حول الوقا ع‪ ،‬لم يت كد بعد‪ ،‬بصورة تقطع بصحته‪ ،‬وعندما‬
‫تت يد النظرية‪ ،‬تصير حقيقة‪ .‬وامة قدر من الاتفاق بين العلماء‪ ،‬أن النظريات ال تعرل صحتها‪.‬‬
‫وامة قدر من الاختالل كذلك‪ ،‬فيما يتعلق بالنظرة الشا عة التي ترم أن النظرية صادقة‪ ،‬أو‬
‫حقيقية عندما تجمع البيانات املناسبة‪ ،‬وإذا كانم هذت البيانات مؤيدة لها‪ .‬والنظرية ال تكون‬
‫صحيحة أو خاطئة‪ ،‬وإن كانم مشتقاتها أو متضمناتها يمكن أن تكون كذلك (هول‪ ،‬ك‪.‬‬
‫ليند ي‪ ،‬ج‪ ،1969 .‬ص ‪ 23 .‬ـ ‪.)24‬‬
‫إن الحقيقة التي تقول ‪ :‬إن النظرية اختيار تقليدي متواضع عليه‪ ،‬وليسم شيئا ال مفر‬
‫منه‪ ،‬أو تمليه العالقات التجريبية املعروفة‪ ،‬يؤكد أن اتصال النظرية بخصائ كالصح أو‬
‫الخط ‪ ،‬أمر غير موفق‪ .‬إن النظرية إما أن تكون مفيدة أو غير مفيدة فقط‪ .‬ويتحدد ذلك‪،‬‬
‫أساسا‪ ،‬طبقا ملدم كفاءة النظرية في توليد التنبؤات أو القضايا املتعلقة بالوقا ع الهامة‪،‬‬
‫والتي ابم التحقق منها (هول‪ ،‬ك‪ .‬ليند ي‪ ،‬ج‪.)25 . ،1969 .‬‬
‫يمكن أن تحظ النظرية بو ن كبير في العلم‪ ،‬إذا استطاعم أن تثبم التنبؤات بالحقائق‬
‫التي قامم عل ها‪ ،‬ولكن أي نظرية علمية قد تقوم بشرح جيء من الحقائق‪ ،‬وتفشل في تفسير‬
‫ألاجياء ألاخرم‪ .‬وال توجد‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬في أي مجال معرفي‪ ،‬نظرية كافية وشاملة ونهائية‪.‬‬
‫كما أن النظرية الناجحة‪ ،‬هي تلك التي لها قدرات على أن تفتح مجاالت أخرم كانم مغلقة‬
‫من قبل في مجالها (بدر‪ ،‬أحمد‪.)112 . ،1994 ،‬‬

‫رابع عشر ‪ :‬تصنيف النظريات العلمية‬


‫تعد عملية التصنيف في العلم‪ ،‬من القضايا الهامة والضرورية‪ ،‬فالتصنيف ساعـد على‬ ‫ّ‬
‫فهم خـصائـ كل ظاهرة‪ ،‬أو فكرة‪ ،‬ومميزاتها‪ ،‬والاختالل بينها‪ ،‬من أجل ت رير تصنيفها في‬
‫فئة معينة دون فئة أخرم‪ .‬وعند تحديد املميزات والخصائ ‪ ،‬يتم التركيز على جوهر‬
‫الظاهرة‪ ،‬أو الفكرة‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن التصنيف ييسر عمليات املقارنة واملظاهاة بين‬
‫خصائ ما تم تصنيفه‪ .‬وفعال‪ ،‬فإذا لم تصنف الظواهر وألاشياء‪ ،‬وألافراد في فئات مستقلة‬
‫بذاتها‪ ،‬فال يمكن إقامة مقارنة بينها‪ .‬وأعرض فيما ي تي تصنيفا مقترحا بسيطا للنظريات في‬
‫علم النفس‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫‪ )1‬نظريات كيفية ونظريات كمية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ نظريات كيفية‪ .‬وهي نظريات ظهرت مبكرا في علم النفس‪ ،‬وشملم النظرية البنائية‪،‬‬
‫والتحليل النفس ي‪ ،‬الذي نش في العيادات‪ ،‬والنمو املعرفي للطفل‪ ،‬الذي تناوله بياجي في‬
‫الحياة الواقعية‪ ،‬بعيدا عن التجارب املعملية‪ .‬ونظريات التعلم التي نش ت في بدايتها على‬
‫التجارب املعملية على الحيوانات‪ .‬وهذت النظريات لم تستعمل الكم الختبار فروضها‪ ،‬بل‬
‫كانم تصف الحقائق ونتائج البحث‪ ،‬بطريقة لفظية في أغلبها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ نظريات كمية‪ .‬وتشمل نظريات الذكاء ونظريات الشخصية‪ ،‬وهي أول النظريات في‬
‫تاريخ علم النفس‪ ،‬وأشهرها‪ ،‬كان أصحابها عالجون البيانات التي يجمعونها عن حقائقها‪،‬‬
‫كميا‪ ،‬ب سلوبي الارتباطات والتحليل العاملي‪ ،‬خاصة‪.‬‬
‫إن الدور الذي يؤديه القياس والكم في العلم كبير جدا‪ ،‬ولكن هناك مبالغة في تقديرت‬
‫أحيانا‪ .‬إن ألاسلوب الرياض ي أسلوب قوي‪ ،‬والعلماء يتلهفون‪ ،‬على إمكان تطبيقه كلما أتيحم‬
‫لهم الفرصة إلى ذلك‪ .‬ولكن القانون يمكن أن يكون تام العلمية‪ ،‬دون أن يكون كميا‪ .‬ومن‬
‫أمثلة ذلك قوانين بافلول الخاصة باألفعال املنعكسة الشرطية (رسل‪ ،‬برتراند‪. ،2008 ،‬‬
‫‪ .)59‬ومعظم قوانين التعلم‪.‬‬

‫‪ )2‬نظريات وصفية ونظريات تفسيرية‪.‬‬


‫‪ 1‬ـ نظريات وصفية‪ .‬ومن أشهر هذا النوع من النظريات‪ ،‬في علم النفس‪ ،‬نظرية سكينر‬
‫في التعلم با شراط إلاجرا ي‪ .‬فهذت النظرية ال تفسر الحقائق‪ ،‬بتحديد السبب والنتيجة‪ ،‬كما‬
‫حدث في تجارب تشكيل السلوك على الحمامة‪ ،‬بل تصف أحدااا سلوكية وغير سلوكية وقعم‬
‫أاناء التجربة‪ .‬يقول سكينر‪ :‬هناك أشياء معينة؛ مثل حبات القمح أو الشعير أو الذرة‪ ،‬عندما‬
‫تعقب استجابات معينة‪ ،‬فإن تلك الاستجابات تستمر في الصدور‪ .‬أو بلغة أخرم‪ ،‬عندما‬
‫تصدر الحمامة استجابة معينة‪ ،‬كالنقر في مكان معين‪ ،‬وتتلق على تلك الاستجابة تعيييا‬
‫(حبات القمح أو الشعير أو الذرة)‪ ،‬فإنها تميل إلى الاستمرار في إصدار تلك الاستجابة‪ ،‬دون‬
‫غيرها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ نظريات تفسيرية‪ .‬أما كالرك هل‪ ،‬وهو سيكولوجي أمريكي‪ ،‬بحث أيضا في نظريات‬
‫التعلم‪ ،‬فقد قدم تفسيرا لعالقة التعييي (الطعام)‪ ،‬وصدور الاستجابة‪ ،‬في تجربة حمامة‬
‫سكينر‪ ،‬هو أن الحمامة‪ ،‬بما أنها كانم جا عة‪ ،‬فالدافع املستثار لديها هو دافع تناول الطـ ـعام‪،‬‬

‫‪98‬‬
‫وأن التـع ـيي ـي الذي كان ي ـق ـدم لها هو الط ـعام‪ ،‬ل ـذا ك ـان تعيييا مـناس ـبا‪ ،‬ألن ـه ـش ـب ـع دافعا‬
‫مستثارا‪.‬‬
‫‪ )3‬نظريات تم بناؤها بتجارب على الحيوانات ونظريات تم بناؤها بتجارب على‬
‫البشر‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ نظريات تم بناؤها بتجارب على الحيوانات‪ .‬ومن أشهرها‪ ،‬على إلاطالق‪ ،‬نظريات‬
‫التعلم الارتباطية‪ ،‬التي قام بها كل من بافلول‪ ،‬واورندايك‪ ،‬واطسن‪ ،‬سكينر‪ ،‬جااري‪ ،‬هل‪،‬‬
‫وطوملان‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ نظريات تم بناؤها بتجارب على البشر‪ .‬ومن أشهرها النظرية البنائية عند‬
‫فندت‪ ،‬وتجارب قام بها أل رت باندورا في إطار نظرية التعلم باملحاكاة‪ ،‬وتجارب في علم النفس‬
‫الاجتماعي‪ ،‬وتجارب سيلجمان في بحواه على العجي املتعلم‪.‬‬

‫خامس عشر ‪ :‬النظرية العلمية والفرض والتجربة والقانون‬


‫‪ )1‬النظرية العلمية والفرض‪.‬‬
‫إن طبيعة الحقائق في علم النفس تجريدية‪ ،‬وال يمكن اختبار الفروض ف ها بطريقة‬
‫مباشرة‪ ،‬وينبغي على الباحث‪ ،‬هنا‪ ،‬أن ع ر عنها بشكل معين يجعلها با مكان مالحظتها بشكل‬
‫مباشر‪ ،‬ك حداث سلوكية‪ ،‬فيمكن إصدار الحكم عندئذ ب ن هذا السلوك يتفق مع الفرض‬
‫بطريقة منتظمة أو ال يتفق معه (بدر‪ ،‬أحمد‪ .)104 . ،1994 ،‬وهنا ي ر دور النظرية التي‬
‫ستنبط منها الفرض‪ ،‬كما تساهم في تفسير النتيجة املتوصل إل ها‪ ،‬فالفرض العلمي‪ ،‬ال ي تي‬
‫من فراغ‪ ،‬وال يذهب إلى فراغ‪ ،‬فهناك إلاطار النظري الذي شتق منه‪ ،‬ام عود إليه‪ ،‬عن‬
‫طريق إدماج النتائج في النظرية‪.‬‬
‫وقبل أن يصل الباحث إلى صياغة نظرية متكاملة نسبيا‪ ،‬فإن الحقائق (البيانات) التي‬
‫يجمعها يمكن أن توحي له ب كثر من حل (فرض) للمشكلة‪ ،‬فيخت رها كلها بعناية لتقرير صحتها‬
‫أو بطالنها‪ ،‬وفي ألاخير قد يتمسك بفرض واحد منها‪ ،‬أو بعضها أو كلها‪ .‬وبعد أن يصوغ الباحث‬
‫فرضا أو فروضا‪ ،‬فإن هذت الفروض سول توجه بحثه املستقل للظاهرة‪( .‬بدر‪ ،‬أحمد‪،‬‬
‫‪ ،1994‬ص ‪ 107 .‬ـ ‪ .)108‬وتتضمن بعض النظريات فروضا بسيطة‪ ،‬بينما تتصف نظريات‬
‫أخرم بتعقيدات كبيرة‪ ،‬وتقوم على جمع قدر كبير من املعلومات لتخت ر فروضا عديدة‬
‫(دافيدول‪ ،‬ليندا ل‪.)60 . ،1983 .‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ )2‬النظرية العلمية والتجربة‪.‬‬
‫ينقسم العلماء‪ ،‬تقليديا‪ ،‬إلى معسكرين ت سيسا على نوع العمل الخا بكل منهم‪ .‬عمل‬
‫املعسكر ألاول داخل املعامل‪ ،‬عاكفين على اكتشال طبيعة ألاشياء والظواهر في العالم الذي‬
‫عيشون فيه‪ .‬أما املعسكر الثاني فهم الذين يحاولون تفسير النتائج وإنتاج نماذج نظرية تمثل‬
‫ظ واهر العالم‪ .‬و شار إلى املعسكرين بالتجربة والنظرية على التوالي‪ .‬وحدد العلماء‪ ،‬نمطيا‪،‬‬
‫اختيارهم بين هذين الطريقين الكبيرين‪ ،‬فيقدم أصحاب النظريات تفسيراتهم وتنبؤاتهم‪ ،‬بينما‬
‫يتولى أصحاب التجارب مهمة‪ :‬إما تحقيق ت كيد هذت التفسيرات والتنبؤات داخل املعمل‪ ،‬أو‬
‫نف ها (تريفل‪ ،‬جيمس‪ .)237 . ،2010 ،‬جاء الحديث في الفقرة السابقة‪ ،‬عن دور التجريب‬
‫في بناء النظرية‪ ،‬ولكن النظريات‪ ،‬وخاصة في العلوم‬
‫في بداية ظهورت كعلم مستقل‪ ،‬وأع ي نظريات الذكاء ونظريات الشخصية‪ ،‬تم بناؤها عن‬
‫طريق الدراسات الارتباطية والفارقية‪ ،‬باستثناء نظريات التعلم‪ ،‬التي اشتغل أصحابها‬
‫بالتجريب (على الحيوانات) كطريقة أساسية ووحيدة في البحث في ظاهرة التعلم‪.‬‬

‫‪ )3‬النظرية العلمية والقانون العلمي‪ :‬أمثلة من علم النفس‪.‬‬


‫يطلق على املبدأ التعميمي في العلم‪ ،‬مصطلح القانون‪ .‬وتصف القوانين في علم النفس‬
‫وفي العلوم ألاخرم العالقات املنتظمة التي يمكن استعمالها في التنبؤ‪ .‬وفيما يلي بعض‬
‫القوانين في علم النفس‪ ،‬وخاصة في سيكولوجية التعلم‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أراد السيكولوجي ألامريكي كالرك ل‪ .‬هل‪ ،‬في إطار نظريته في التعلم‪ ،‬تفسير حدوث‬
‫السلوك‪ ،‬أو جهد الاستجابة‪ ،‬فجمع مجموعة من الحقائق هي ‪ :‬قوة العادة‪ ،‬الحافي‪ ،‬الباعث‪،‬‬
‫دينامية شدة املثير‪ ،‬فربط بينها‪ ،‬فصارت قانونا‪ ،‬كما يلي ‪ :‬جهد الاستجابة = قوة العادة ×‬
‫الحافي × الباعث × دينامية شدة املثير (بروكس‪ ،‬شارلي إي‪ .)77 . ،1986 .‬وتسجل بمعادلة‬
‫رياضية كما يلي ‪ :‬م ج س = م ع س × م × ل × ر – (ك س ‪ +‬م ك س)‪.‬‬
‫حيث أن‪:‬‬
‫م ج س = جهد الاستجابة (امليل لالستجابة)‪.‬‬
‫م ع س = قوة العادة‪.‬‬
‫م = شدة املثير‪.‬‬
‫ل = الحافي (الدافع)‪.‬‬
‫ر = قيمة التعييي‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫ك س = الكف الاستجابي (الجهد الكفي املؤقم)‪.‬‬
‫م ك س = الكف الشرطي (الجهد الكفي املتعلم) (ويتيج‪ ،‬أرنو ل‪.)28 . ،1981 .‬‬
‫‪ 2‬ـ قامم نظرية الفييولوجي الروس ي‪ ،‬إيفان ب‪ .‬بافلول‪ ،‬في التعلم على الحقيقة التالية‬
‫‪ :‬إن سيالن اللعاب كان ينتجه أصال وجود طعام حقيقي في فم الكلب‪ ،‬وبعد ذلك صارت‬
‫تنتجه رؤية الطعام أو شمه أو أية إشارة تسبق عادة تقديم الطعام‪ ،‬وتم تحويلها إلى قانون‪،‬‬
‫كما يلي ‪" :‬حين يكون الباعث على فعل منعكس غير شرطي قد اقترن مرارا‪ ،‬أو ُس ِبق مباشرة‪،‬‬
‫بب اعث آخر‪ ،‬فهذا الباعث آلاخر وحدت سينتج مع الوقم نفس الاستجابة التي كانم للباعث‬
‫ألاصلي للفعل املنعكس غير الشرطي" (رسل‪ ،‬برتراند‪.)44 . ،2008 ،‬‬
‫‪ 3‬ـ قامم نظرية التعلم للسيكولوجي ألامريكي بورهوس ل‪ .‬سكينر‪ ،‬على الحقائق آلاتية‪:‬‬
‫حمامة جا عة‪ ،‬صدور استجابات إجرائية‪ ،‬يتلق بعضها التعييي‪ ،‬الذي يختلف في كميته‬
‫ووقته‪ .‬فتم التوصل إلى املبدأ آلاتي أو القانون‪" :‬يت ار السلوك بالبيئة ويتشكل عن طريق‬
‫إلاجراء والتعييي"‪ .‬والربط بين الحقائق السابقة‪ ،‬تم كما ي تي‪ :‬حمامة جا عة داخل قف‬
‫للطيور‪ ،‬تصدر استجابات تلقائية‪ ،‬يتلق بعضها تعيييا فيستمر في الصدور‪ ،‬والاستجابات‬
‫غير املعي ة‪ ،‬تختفي‪ .‬فتشكل القانون آلاتي‪" :‬الاستجابات املعي ة تستمر في الصدور"‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وضع كل من ر‪ .‬م‪ .‬يركس ‪ ،)1956-1876( R. M. Yerkes‬ج‪ .‬د‪ .‬ددسن ‪J. D. Dadson‬‬
‫(‪ ،)1908‬قانونا سم باسمهما‪( ،‬قانون يركس ـ ددسن)‪ ،‬حول العالقة بين الدافعية والعمل‪،‬‬
‫ومضمونه كما يلي ‪ :‬تؤدي الدافعية إلى سهولة ألاداء عند مستوم معين منه‪ ،‬وهو عندما‬
‫يكون ألاداء صعبا‪ ،‬عندئذ‪ ،‬يتدهور ألاداء مهما ادت قوة الدافعية (مدنيك‪ ،‬سارنول أ‪.‬‬
‫وآخرون‪ ،) 100 . ،1981 ،‬أي أن العالقة بين الدافعية وألاداء‪ ،‬عالقة منحنية وليسم‬
‫عالقة خطية‪.‬‬
‫‪ -5‬قانون الاقتران أو الارتباط‪ .‬صدرت القوانين النفسية السابقة عن أعمال تجريبية‪،‬‬
‫ولكن هذا القانون صدر عن فلسفة‪ ،‬الفلسفة الربطية‪ ،‬التي عت ر‪ ،‬إلانجليزي‪ /‬جون لوك‪،‬‬
‫الناطق الرسمي بها‪ ،‬والقائل بالقانون التالي‪ .‬ون هذا القانون كما ي تي‪" :‬إذا حدث أن ظهر‬
‫محسوسان أو أكثر في املجال الحس ي للكائن الحي‪ ،‬فإن ظهور أحدهما أو أحدها‪ ،‬ستدعي‬
‫ظهور آلاخر"‪ .‬وبصيغة أخرم‪" :‬إن فكرتين قد تخطران على العقل في نفس الوقم‪ ،‬ألنهما‬
‫سبق أن ظهرتا (ارتبطتا) معا في املاض ي"‪ .‬أو "إن فكرة ما تؤدي إلى فكرة أخرم‪ ،‬إذا كانم‬
‫هاتان الفكرتان قد ظهرتا (ارتبطتا) معا في املاض ي‪ ،‬سواء في نفس اليمان أو في نفس املكان"‬
‫(مدنيك‪ ،‬سارنول أ‪ .‬وآخرون‪ .)46 . ،1981 ،‬و سم قانون الاقتران‪ ،‬أيضا‪ ،‬بقانون تداعي‬
‫املعاني‪ ،‬أو تداعي ألافكار‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫فإذا سمعم اسم يخ تعرفه‪ ،‬فإن هناك أفكارا أخرم أو محسوسات أخرم‪ ،‬تتداعي‬
‫في عقلك؛ كمالمح وجهه‪ ،‬وجنسه‪ ،‬وسنه‪ ،‬ووظيفته‪ ،‬ومقر إقامته‪ ،‬وبعض من خصائصه‪،‬‬
‫والخ رات التي كانم لك معه‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فاملعلومات التي اكتسبناها‪ ،‬تنتظم في عقولنا على‬
‫شكل سلسلة من الارتباطات‪.‬‬
‫و عت ر بافلول‪ ،‬أول عالم تجريبي‪ ،‬يخرج هذا القانون من التصور التجريدي الفلسفي‪،‬‬
‫إلى أفعال قابلة للمالحظة‪ ،‬وبعدت صار هذا القانون موجها نظريا في معامل علم النفس في‬
‫أمريكا‪ ،‬أين كان السلوكيون ُيجرون تجارب على الحيوانات‪ ،‬وفق نظريات الارتباط الشرطي‪،‬‬
‫أو النظريات ذات التوجه الارتباطي؛ أمثال ‪ :‬اورندايك‪ ،‬سكينر‪ ،‬جااري‪ ،‬طوملان‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ قانون ألاار‪ .‬وضع هذا القانون السيكولوجي ألامريكي‪ /‬إدوارد لي اورندايك‪ ،‬ضمن‬
‫نظريته في التعلم باملحاولة والخط ‪ .‬ونصه كما يلي ‪ّ :‬‬
‫"يقوي إلاشباع أو الارتياح الرابطة بين‬
‫املثيرات والاستجابات‪ ،‬أما الحرمان‪ ،‬فليس من الضروري أن يضعف الرابطة بين املثيرات‬
‫والاستجابات"‪.‬‬

‫سادس عشر ‪ :‬النظرية العلمية والبحث العلمي‬


‫عندما ُ ْس ُل طالب دكتورات ‪ :‬ما هي أطروحتك ؟ فإن مع ى ذلك ‪ :‬ما هي النظرية التي‬
‫تبحث ف ها‪ ،‬أو تدافع عنها ؟ (بدر‪ ،‬أحمد‪.)108 . ،1994 ،‬‬
‫تستند العلوم الاجتماعية والفروع العلمية ألاخرم‪ ،‬على ركنين أساسيين ‪ :‬النظرية‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والبحث الام ريقي‪ .‬فالعلماء الاجتماعيون كغيرهم من العلماء‪ ،‬عملون في عاملين ‪ :‬عالم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫املالحظة والتجربة‪ ،‬وعالم ألافكار والنظريات‪ .‬إن ت سيس رابطة منهجية بين هذين العاملين‪،‬‬
‫عمل على تعييي أهدال العلوم الاجتماعية ـ شرح النظرية وإنشاء التنبؤات حولها‪ .‬ولكن‬
‫كيف يمكن ت سيس هذت الرابطة؟ هل تؤسس النظرية أوال ام الانتقال إلى الام ريقية ؟ أو أن‬
‫البحث الام ريقي أوال ام النظرية ؟ (شافا فرانكفورت ـ ناشميا ‪ ،‬دافيد ناشميا ‪،2004 ،‬‬
‫ص ‪ 58 .‬ـ ‪ .)59‬هناك إستراتيجيتان‪.‬‬

‫‪ )1‬إستراتيجية النظرية ام البحث‪.‬‬


‫طور كارل بوبر‪ ،‬بطريقة نظامية‪ ،‬في كتابه ‪ :‬منطق الكشف العلمي ‪The Logic of‬‬ ‫ّ‬
‫‪ ،Scientific Discovery‬إستراتيجية النظرية ام البحث ‪.Theory-then-research strategy‬‬
‫فرأم أن املعرفة العلمية تتقدم بشكل أسرع عندما ّ‬
‫يطور العلماء ألافكار (الحدوس)‪،‬‬
‫ويحاولون دحضها عن طريق البحث الام ريقي (نظرية الدحض)‪ .‬وأنكر الاستناد املنهجي‬

‫‪102‬‬
‫للنظرية على البحث الام ريقي‪ .‬واعتقد أن البحث الام ريقي‪ ،‬نادرا ما ينتج نظريات جديدة‪،‬‬
‫وال عت ر طريقة منطقية لبناء نظرية‪ ،‬ويمكن الوصول إلى النظرية عن طريق الحدس فقط‪،‬‬
‫بناء على عالقة فكرية مع ألاشياء التي تقع ضمن الاهتمام والخ رة‪.‬‬
‫وتتطلب هذت إلاستراتيجية املراحل الخمس التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ بناء نظرية بشكل واضح وصريح‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ اختيار قضية تشتق من النظرية للتحقق الام ريقي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تصميم مشروع بحث الختبار القضية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ إذا رفضم القضية املشتقة من النظرية من قبل البيانات الام ريقية‪ ،‬تخضع النظرية‬
‫أو مشروع البحث للتغيير‪ ،‬ام الرجوع إلى املرحلة رقم ‪.2‬‬
‫‪ 5‬ـ إذا لم ترفض النظرية‪ ،‬يتم اختيار قضايا أخرم لالختبار بهدل إابات النظرية (عبد‬
‫املؤمن‪ ،‬علي معمر‪.)90 . ،2008 ،‬‬
‫وتخدم النظرية البحث العلمي في عدة جوانب هي‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ تحديد البحث‪ .‬فالنظرية تقل مدم الحقائق‪ ،‬فهي تساعد على اختيار جوانب من‬
‫الظاهرة محل البحث‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تيود الباحث باملفاهيم املتعلقة بالظاهرة محل البحث من أجل تحديد موضوع‬
‫البحث‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تلخ ما تمم معرفته من جوانب الظاهرة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ تتنب بالحقائق من خالل استعمال التعميم النظري‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ تتعرل على الفجوات في املعرفة‪ ،‬فالنظريات تدل على جوانب من الظاهرة لم‬
‫تكتشف‪ ،‬وهذت الفجوات يمكن معرفتها من خالل ألاسئلة التي تثار حول الظاهرة‬
‫(الضامن‪ ،‬منذر‪ ،2007 ،‬ص ‪ 39 .‬ـ ‪.)40‬‬
‫‪ 6‬ـ تقترح مشكلة البحث‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ تصوغ فروض البحث‪.‬‬
‫‪8‬ـ ّ‬
‫تحدد البيانات املراد جمعها‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ تجعل نتائج البحث واضحة‪ ،‬و سهل دمجها في النظرية (الضامن‪ ،‬منذر‪. ،2007 ،‬‬
‫‪.)41‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ )2‬إستراتيجية البحث ام النظرية‪.‬‬
‫ذك ـر روب ـرت م ـورتـ ـون ‪ ،Robert Merton‬أحـ ـد أن ـص ـار إس ـتراتيج ـي ـة الب ـح ـث اـ ـم النـظ ـري ـة‬
‫‪ ،Research-then-Theory strategy‬ما يلي‪:‬‬
‫ّ‬
‫إن فكرتي الرئيسية حول البحث التجريبي‪ ،‬ت خذ بعدا أك ر من دورت الفعال في التحقق‬
‫من النظرية واختبارها‪ ،‬إنه يقوم ب كثر من إابات الفروض أو رفضها‪ .‬إن البحث التجريبي‬
‫يؤدي دورا فعاال في ت دية أربع وظائف على ألاقل‪ ،‬تساعد في تطوير النظرية‪ .‬إنه يبتكر نظرية‪،‬‬
‫و عيد تشكيلها‪ ،‬و عدلها‪ ،‬ويوضحها‪.‬‬
‫وتت لف هذت إلاستراتيجية من املراحل ألاربعة التالية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ استكشال الظاهرة وتوضيح خصائصها بدقة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ قياس الخصائ في حاالت متنوعة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تحليل البيانات الناتجة الكتشال ما إذا كان هناك أنساق منظمة للتباين‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ عند اكتشال أنساق منظمة‪ ،‬يتم إنشاء نظرية (عبد املؤمن‪ ،‬علي معمر‪،2008 ،‬‬
‫ص ‪ 92 .‬ـ ‪.)93‬‬
‫ويخدم البحث العلمي النظرية من خالل الجوانب التالية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ سهم البحث العلمي في بناء النظرية‪ .‬فالتجارب والبحوث العلمية في علم النفس‪،‬‬
‫أسفرت عن قيام نظريات‪ ،‬في الذكاء والشخصية والتعلم والدافعية والانفعال وغيرها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ يقوم البحث العلمي بفح نظرية قائمة واختبارها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ عيد البحث العلمي صياغة النظرية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ترفض النظرية إذا لم تتفق فروضها مع نتائج البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ سهم البحث العلمي في ت ييد النظرية‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ يوضح البحث العلمي النظرية و شرحها (الضامن‪ ،‬منذر‪.)40 . ،2007 ،‬‬

‫خالصة‪.‬‬
‫قامم النظريات العلمية في كل من العلوم الطبيعية والعلوم إلانسانية‪ ،‬لكنها في العلوم‬
‫الطبيعية أسبق‪ .‬وتناولم هذت الورقة‪ ،‬النظرية العلمية في جوانبها املختلفة؛ أهميتها‪،‬‬
‫أهدافها‪ ،‬تعريفها‪ ،‬محتوياتها‪ ،‬محكاتها‪ ،‬وظائفها‪ ،‬إسهاماتها في تقدم املعرفة‪ ،‬عالقتها‬
‫بالحقائق‪ ،‬عالقتها بالفرض العلمي‪ ،‬والتجربة العلمية‪ ،‬والبحث العلمي‪.‬‬
‫تعتمد النظرية العلمية على البديهيات واملسلمات واملبادئ القوية‪ ،‬فتطرح وفقها فروضا‬
‫وتعد النظرية العلمية شاملة لكل هذت الجوانب تتصف بها وتوجه‬ ‫تخت رها بالبحث العلمي‪ّ .‬‬

‫‪104‬‬
‫عملها‪ .‬تنمي النظرية العلمية املعرفة العلمية بدفعها نحو النمو‪ .‬تقوم النظرية العلمية بجمع‬
‫الحقائق وألافكار املعيولة عن بعضها‪ ،‬فتربط بينها‪ ،‬لتفسير ما تمم مالحظته من عالقات بين‬
‫الحقائق‪ ،‬والتنبؤ بحدواه‪ .‬وتوجه النظرية العلمية مسار البحث العلمي وتراقب نتائجه‪ .‬إن‬
‫النظريات العلمية هي مؤسسات الفكر‪ ،‬ونوادي العلم‪ ،‬ولوال النظريات لذهب العلم في مهب‬
‫الريح‪ ،‬إنها تقوم بجمع شتات ألاجياء من الحقائق وألافكار والخ رات‪ ،‬وتلم شمل النتائج‬
‫العلمية‪ ،‬في نظام فكري وتصوري اابم‪ ،‬نسبيا‪ ،‬وتعطي لها مع ى‪ .‬ولوال النظرية العلمية لضاع‬
‫العلم‪ ،‬وضاعم جهود العلماء‪ .‬فالنظريات العلمية برهنم على أنها أفضل حافظة لنتائج‬
‫البحث العلمي‪.‬‬
‫إن النظرية العلمية‪ ،‬ليسم وجهة نظر خاصة تجات حقائق معينة‪ ،‬فالنظرية العلمية‬
‫بناء عقالني تصوري‪ ،‬ونظام منسق من ألافكار والحقائق‪ ،‬يخضع للموضوعية‪ ،‬بعد تناوله‬
‫من عديد من الباحثين املتخصصين‪ ،‬فتزدهر وتصل إلى نضجها النسبي‪ ،‬فتنمو وتستمر‪ ،‬أو‬
‫تضمحل وتتوقف‪ .‬فالنظرية العلمية هي قمة النشاط العلمي وذروته‪ ،‬وهدفه النها ي‬
‫والسامي‪ .‬فالنظرية العلمية هي التي تجمع النتائج العلمية وتنظمها في بناء كلي‪ .‬إن النتائج‬
‫العلمية املعيولة ال فائدة منها بالنسبة لتقدم العلم‪ .‬ومن ام‪،‬فعملية التنظير‪ ،‬ومحاولة تفسير‬
‫الوقا ع والحقائق‪ ،‬ليسم عمل العلماء فقط‪ ،‬بل هو عمل يقوم به جميع الناس‪ .‬إن التنظير‬
‫على أي مستوم‪ ،‬ساعد على فتح آفاق فكرية واسعة‪ ،‬وميادين بحث جديدة‪.‬‬

‫‪105‬‬
104
‫مراجع الفصل الثالث‬
‫‪ -‬أبرام إبراهيم (‪ .)2009‬املنهج العلمي وتطبيقاته في العلوم الاجتماعية‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫عمان‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬‫ّ‬
‫‪ -‬أحمد‪ ،‬سمير نعيم (‪ .)1979‬النظرية في علم الاجتماع‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار املعارل‪.‬‬
‫‪ -‬اختيار‪ ،‬ماهر (‪ .)2010‬إشكالية معيار قابلية التكذيب عند كارل بوبر في النظرية والتطبيق‪.‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ .‬منشورات الهيئة السورية العامة للكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬إسماعيل‪ ،‬محمد عماد الدين (‪ .)1970‬املنهج العلمي وتفسير السلوك‪ .‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار النهضة املصرية‪.‬‬
‫‪ -‬الخواجة‪ ،‬محمد ياسر (‪ .)2010‬مقدمة الترجمة‪ ،‬لكتاب ‪ :‬النظريات الاجتماعية واملمارسة‬
‫البحثية (فيليب جوني)‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مصر العربية للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ -‬الخولي‪ُ ،‬يم ى طريف (‪ .)1989‬فلسفة كارل بوبر ـ منهج العلم‪ ،‬منطق العلم‪ .‬القاهرة‪ ،‬الهيئة‬
‫املصرية العامة للكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬الخولي‪ُ ،‬يم ى طريف (‪ .)2000‬فلسفة العلم في القرن العشرين ‪ :‬ألاصول‪ ،‬الحصاد‪ ،‬آلافاق‬
‫املستقبلية‪ .‬عالم املعرفة‪ ،‬العدد ‪ .264 :‬الكويم‪ ،‬املجلس الوط ي للثقافة والفنون وآلاداب‪.‬‬
‫‪ -‬الييباري‪ ،‬طاهر حسو (‪ .)2011‬أساليب البحث العلمي في علم الاجتماع‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫بيروت‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتو ع‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬الضامن‪ ،‬منذر (‪ .)2007‬أساسيات البحث العلمي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان ـ ألاردن‪ ،‬دار املسيرة‬
‫للنشر والتو ع والطباعة‪.‬‬
‫‪ -‬الطيب‪ ،‬محمد‪ .‬الدري ي‪ ،‬حسين‪ .‬بدران‪ ،‬شبل‪ .‬البيالوي‪ ،‬حسن‪ .‬نجيب‪ ،‬كمال (‪.)2005‬‬
‫مناهج البحث في العلوم التربوية والنفسية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬إلاسكندرية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪.‬‬
‫‪ -‬باركر‪ ،‬كر س‪ .‬بيتسرانج‪ ،‬نانس ي‪ .‬إليوت‪ ،‬روبرت (‪ .)1999‬مناهج البحث في علم النفس‬
‫إلاكلينيكي وإلارشادي‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد نجيب الصبوة وآخرون‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو‬
‫املصرية‪.‬‬
‫‪ -‬بدر‪ ،‬أحمد (‪ .)1994‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪ .‬املكتبة ألاكاديمية‪.‬‬
‫‪ -‬ويتيج‪( ،‬أرنو ل‪ .)1981( .‬سيكولوجية التعلم‪ .‬ترجمة ‪ :‬عادل عي الدين ألاشول وآخرون‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار مكجروهيل للنشر‪.‬‬
‫‪ -‬برودي‪ ،‬باروخ (‪ .)1997‬قراءات في فلسفة العلوم‪ .‬ترجمة ‪ :‬نجيب الحصادي‪ .‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ .‬بيروت‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫‪ -‬بروكس‪ ،‬شارلي إي‪ .)1986( .‬نظرية الحافي لهل‪ .‬في ‪ :‬جورج إم‪ .‬غا دا وآخرون‪ .‬نظريات‬
‫التعلم ‪ :‬دراسة مقارنة‪ .‬ترجمة ‪ :‬علي حسين حجاج‪ .‬مراجعة ‪ :‬عطية محمود هنا‪ .‬عالم‬
‫املعرفة‪ ،‬العدد ‪ .108 :‬الكويم‪ ،‬املجلس الوط ي للثقافة والفنون وآلاداب‪.‬‬
‫‪ -‬بريتشارد‪ ،‬دنكان (‪ .)2013‬ما املعرفة ؟ ترجمة ‪ :‬مصطف ناصر‪ .‬عالم املعرفة رقم ‪.404 :‬‬
‫الكويم‪ ،‬املجلس الوط ي للثقافة والفنون وآلاداب‪.‬‬
‫‪ -‬بلول‪ ،‬دونالد س‪ .)1997( .‬تجارب في علم النفس ـ دراسات معملية للسلوك الحيواني‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬عباس محمود عوض‪ .‬إلاسكندرية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪.‬‬
‫‪ -‬بوبر‪ ،‬كارل (‪ .)1998‬الحياة ب سرها حلول ملشاكل‪ .‬ترجمة ‪ :‬بهاء درو ش‪ .‬إلاسكندرية‪ ،‬منش ة‬
‫املعارل‪.‬‬
‫‪ -‬بوبر‪ ،‬كارل (‪ .)1999‬بحثا عن عالم أفضل‪ .‬ترجمة ‪ :‬أحمد مستجير‪ .‬القاهرة‪ ،‬الهيئة املصرية‬
‫العامة للكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬بوبر‪ ،‬كارل (د‪ .‬ت ـ أ)‪ .‬منطق الكشف العلمي‪ .‬ترجمة ‪ :‬ماهر عبد القادر محمد علي‪ .‬بيروت‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬بوبر‪ ،‬كارل (د‪ .‬ت ـ ب)‪ .‬مذهب التكذيب‪ .‬في ‪ :‬عادل مصطف (مترجم)‪ .‬كارل بوبر ‪ :‬مئة عام‬
‫من التنوير‪ .‬مؤسسة هنداوي س ي آي س ي‪.‬‬
‫‪ -‬بوعية‪ ،‬الطيب (‪ .)2016‬في القراءة الفلسفية لالستقراء العلمي‪ .‬جريدة الشرق ألاوسط‪،‬‬
‫العدد ‪.13912 :‬‬
‫‪ -‬بيركنز‪ ،‬دان جي‪ .)1983( .‬نظرية إلاشراط الكالسيكي لبافلول‪ .‬في ‪ :‬جورج إم‪ .‬غا دا وآخرون‪.‬‬
‫نظريات التعلم ‪ :‬دراسة مقارنة‪ .‬ترجمة ‪ :‬علي حسين حجاج‪ .‬مراجعة ‪ :‬عطية محمود هنا‪.‬‬
‫عالم املعرفة‪ ،‬العدد ‪ .70 :‬الكويم‪ ،‬املجلس الوط ي للثقافة والفنون وآلاداب‪.‬‬
‫‪ -‬بيروتي‪ ،‬ماكس (‪ .)1999‬ضرورة العلم ‪ :‬دراسات في العلم والعلماء‪ .‬عالم املعرفة‪ ،‬العدد ‪:‬‬
‫‪ .245‬الكويم‪ ،‬املجلس الوط ي للثقافة والفنون وآلاداب‪.‬‬
‫‪ -‬تريفيل‪ ،‬جيمس (‪ .)2010‬ملاذا العلم ؟ ترجمة ‪ :‬شوقي جالل‪ .‬عالم املعرفة رقم ‪.372 :‬‬
‫الكويم‪ ،‬املجلس الوط ي للثقافة والفنون وآلاداب‪.‬‬
‫‪ -‬تشيرتون‪ ،‬ميل‪ .‬براون‪ ،‬آن (‪ .)2012‬علم الاجتماع ـ النظرية واملنهج‪ .‬ترجمة ‪ :‬هناء الجوهري‪.‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬املركي القومي للترجمة‪.‬‬
‫‪ -‬تود ‪ ،‬دانيال (‪ .)2009‬إيفان بافلول ـ استكشال ألالة الحيوانية‪ .‬ترجمة ‪ :‬هشام الدجاني‬
‫دمشق‪ ،‬و ارة الثقافة ـ منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -‬جابر‪ ،‬جابر عبد الحميد (‪ .)1990‬نظريات الشخصية ـ البناء‪ ،‬الديناميات‪ ،‬النمو‪ ،‬طرق‬
‫البحث‪ ،‬التقويم‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬جيليز‪ ،‬دونالد (‪ .)2009‬فلسفة العلم في القرن العشرين‪ .‬ترجمة ودراسة ‪ :‬حسين علي‪.‬‬
‫مراجعة ‪ :‬إمام عبد الفتاح إمام‪ .‬بيروت‪ ،‬التنوير للطباعة والنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ -‬دافيدول‪ ،‬ليندا ل‪ .)1983( .‬مدخل علم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬سيد الطواب وآخرون‪ .‬مراجعة‬
‫‪ :‬فؤاد أبو حطب‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار مكجوهيل للنشر‪.‬‬
‫‪ -‬دويدري‪ ،‬رجاء وحيد (‪ .)2002‬املنهج العلمي ـ أساسياته النظرية وممارساته العملية‪ .‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ .‬دمشق‪ ،‬دار الفكر‪ .‬بيروت‪ ،‬دار الفكر املعاصر‪.‬‬
‫‪ -‬رسل‪ ،‬برتراند (‪ .)2008‬النظرة العلمية‪ .‬ترجمة ‪ :‬عثمان نويه‪ .‬مراجعة ‪ :‬إبراهيم حلمي عبد‬
‫الرحمن‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬دمشق‪ ،‬دار املدم للنشر والثقافة‪.‬‬
‫‪ -‬رو ن رج‪ ،‬أليكس (‪ .)2011‬فلسفة العلم ـ مقدمة معاصرة‪ .‬ترجمة ‪ :‬ترجمة وتقديم ‪ :‬أحمد‬
‫عبد هللا السماحي وأخرون‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬املركي القومي للترجمة‪.‬‬
‫‪ -‬سعودي‪ ،‬محمد محمود خليل (‪ .)1989‬دراسة لدافع حب الاستطالع وعالقته ببعض قدرات‬
‫التفكير الابتكاري‪ .‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬كلية التربية جامعة ألا هر‪.‬‬
‫‪ -‬سويف‪ ،‬مصطف (‪ .)1970‬ألاسس النفسية للبداع في الشعر خاصة‪ .‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار املعارل‪.‬‬
‫‪ -‬سويف‪ ،‬مصطف (‪ .)2005‬مشكالت منهجية في بحوث علم النفس العيادي‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة‬
‫الدار العربية للكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬سيالمي‪ ،‬نوربير (‪ .)1991‬املعجم املوسوعي لعلم النفس‪ .‬ترجمة وإعداد ‪ :‬رالف ر ق هللا‪.‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ .‬بيروت‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ -‬شافا فرانكفورت ـ ناشميا ‪ ،‬دافيد ناشميا (‪ .)2004‬طرائق البحث في العلوم الاجتماعية‪.‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ .‬دمشق‪ ،‬بترا للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ -‬صيام‪ ،‬يحاتة (‪ .)2009‬النظرية الاجتماعية من املرحلة الكالسيكية إلى ما بعد الحدااة‪.‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مصر العربية للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ -‬صي ي‪ ،‬سعيد إسماعيل (‪ .)1994‬قواعد أساسية في البحث العلمي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬بيروت‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمن‪ ،‬عبد هللا محمد (‪ .)2006‬النظرية في علم الاجتماع ـ النظرية الكالسيكية‪.‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمن‪ ،‬محمد السيد (‪ .)1998‬نظريات الشخصية‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار قباء للطباعة والنشر‬
‫والتو ع‪.‬‬
‫‪ -‬عبد املعطي‪ ،‬عبد الباسط‪ .‬الهواري‪ ،‬عادل (‪ .)1986‬في النظرية املعاصرة في علم الاجتماع‪.‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪.‬‬
‫‪ -‬عبد املؤمن‪ ،‬علي معمر (‪ .) 2008‬مناهج البحث في العلوم الاجتماعية ـ ألاساسيات واملناهج‬
‫والتقنيات‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬منشورات جامعة ‪ 7‬أكتوبر ـ ليبيا‪.‬‬
‫‪ -‬فان دالين‪ ،‬ديوبولد (‪ .)1984‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد نبيل‬
‫نوفل‪ ،‬سليمان الخضري الشيخ‪ ،‬طلعم منصور غ ريال‪ .‬مراجعة ‪ :‬سيد أحمد عثمان‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ -‬فوكس‪ ،‬دنيس‪ ،‬بريليلتينسكي‪ ،‬إ اك‪ ،‬أوستين‪ ،‬ستيفاني (‪ .)2016‬مقدمة في علم النفس‬
‫النقدي‪ .‬ترجمة وتقديم ‪ :‬فكري محمد العتر‪ .‬مراجعة ‪ :‬فيصل عبد القادر يونس‪ .‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬املركي القومي للترجمة‪.‬‬
‫‪ -‬قنديل‪ ،‬شاكر (‪ .)1993‬في ‪ :‬فرج عبد القادر طه وآخرون (محررون)‪ .‬موسوعة علم النفس‬
‫والتحليل النفس ي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬الكويم‪ ،‬دار سعاد الصباح‪.‬‬
‫‪ -‬كريب‪ ،‬إيان (‪ .)1999‬النظرية الاجتماعية من بارسوني إلى هابرماس‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد حسين‬
‫غلوم‪ .‬مراجعة ‪ :‬محمد عصفور‪ .‬عالم املعرفة‪ ،‬رقم ‪ .244 :‬الكويم‪ ،‬املجلس الوط ي للثقافة‬
‫والفنون وآلاداب‪.‬‬
‫‪ -‬كالين‪ ،‬ستيفن ب‪ 2003( .‬ـ أ)‪ .‬التعلم ‪ :‬مبادئه وتطبيقاته‪ .‬الجيء ألاول‪ .‬ترجمة ‪ :‬رباب حس ي‬
‫هاشم‪ .‬مراجعة الترجمة ‪ :‬إبراهيم بن علي البداح‪ .‬مركي البحوث ـ معهد إلادارة العامة ـ اململكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -‬كالين‪ ،‬ستيفن ب‪ 2003( .‬ـ ب)‪ .‬التعلم ‪ :‬مبادئه وتطبيقاته‪ .‬الجيء الثاني‪ .‬ترجمة ‪ :‬رباب‬
‫حس ي هاشم‪ .‬مراجعة الترجمة ‪ :‬إبراهيم بن علي البداح‪ .‬مركي البحوث ـ معهد إلادارة العامة‬
‫ـ اململكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -‬لورس ي‪ ،‬عبد القادر (‪ .)2013‬محددات البحث العلمي وضوابطه في ضوء التصويبات‬
‫العقالنية لكارل بوبر ـ ارتدادات وإسقاطات على راهن الدراسات في العلوم النفسية‬
‫والاجتماعية‪ .‬دراسات نفسية وتربوية‪ ،‬مخ ر تطوير املمارسات النفسية والتربوية‪ ،‬عدد ‪.10‬‬
‫‪ -‬ماتيوس‪ ،‬بوب‪ ،‬روس‪ ،‬ليز (‪ .)2016‬الدليل العملي ملناهج البحث في العلوم الاجتماعية‪.‬‬
‫ترجمة وتقديم وتعليق ‪ :‬محمد الجوهري‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬املركي القومي للترجمة‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ -‬ماكسويل‪ ،‬نيقوالس (د‪ .‬ت)‪ .‬في فلسفة العلم التجريبية موجهة الهدل‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫دوير‪ .‬روافد للنشر والتو ع‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬محمود‪ ،‬وجبه (‪ .)2005‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬عمان ـ ألاردن‪ ،‬دار‬
‫املناهج للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ -‬مدنيك‪ ،‬سارنول أ‪ .‬بوليو‪ ،‬هوارد ر‪ .‬لوفتس إليزابيم ل‪ .)1981( .‬التعلم‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫عماد الدين إسماعيل‪ .‬مراجعة ‪ :‬محمد عثمان نجاتي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬
‫‪ -‬هارمان‪ ،‬جاك (‪ .)2010‬خطابات علم الاجتماع في النظرية الاجتماعية‪ .‬ترجمة ‪ :‬العياش ي‬
‫عنصر‪ .‬الطبعة ألاولى‪ّ .‬‬
‫عمان‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ -‬هايمان‪ ،‬ري (‪ .)1989‬طبيعة البحث السيكولوجي‪ .‬ترجمة ‪ :‬عبد الرحمن عيسوي‪ .‬مراجعة‬
‫‪ :‬محمد عثمان نجاتي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬
‫‪ -‬هوكنج‪ ،‬ستيفن (‪ .)2016‬تاريخ موجي لليمان ـ من الانفجار الكبير حتى الثقوب السوداء‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬مصطف إبراهيم فهمي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬بيروت‪ ،‬دار التنوير للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ -‬هول‪ ،‬ك‪ .‬لند ي‪ ،‬ج‪ .)1969( .‬نظريات الشخصية‪ .‬ترجمة ‪ :‬فرج أحمد فرج‪ ،‬قدري محمود‬
‫حف ي‪ ،‬لطفي محمد فطيم‪ .‬مراجعة ‪ :‬لو س كامل مليكة‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫‪ -‬هيلي‪ ،‬باتريك (‪ .)2008‬صور املعرفة ـ مقدمة لفلسفة العلم املعاصرة‪ .‬ترجمة ‪ :‬نور الدين‬
‫شيخ عبيد‪ .‬مراجعة ‪ :‬حيدر حاج إسماعيل‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬بيروت‪ ،‬املنظمة العربية للترجمة‪.‬‬
‫‪ -‬ودورث‪ ،‬روبرت (‪ .)1981‬مدارس علم النفس املتعاصرة‪ .‬ترجمة ‪ :‬كمال دسوقي‪ .‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬يوسف‪ ،‬نعيمة ولد (‪ .)2015‬مشكلة الاستقراء في إبستيمولوجيا كارل بوبر‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫الجيائر‪ ،‬ابن النديم للنشر والتو ع‪ .‬بيروت‪ ،‬دار الروافد الثقافية ـ ناشرون‪.‬‬
‫‪Donald Ary, Lucy Cheser Jacobs & Asghar Razavieh (2004).‬‬
‫‪ -‬مقدمة للبحث في التربية‪ .‬ترجمة ‪ :‬سعد الحسي ي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬دار الكتاب الجامهي ـ‬
‫إلامارات العربية املتحدة‪.‬‬

‫‪109‬‬
110
‫الفصل الرابع‬
‫لغة البحث العلمي‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريف املفاهيم في البحث النفس ي ت سيسيا وإجـرائيا‬
‫املفهوم‪.‬‬
‫أهمية املفهوم في املعرفة العلمية‪.‬‬
‫وظائف املفهوم في البحث العلمي‪.‬‬
‫التكوينات الفرضية‪.‬‬
‫التعريف‪.‬‬
‫التمييز بين الاستدالل والقياس والتجريب‪.‬‬
‫تعريف املفاهيم‪.‬‬
‫التعريف الت سيس ي‪.‬‬
‫أمثلة عن التعريفات الت سيسية للمفاهيم في علم النفس‪.‬‬
‫ليسم كل الظواهر ّ‬
‫تعرل‪.‬‬
‫إلاجرائية‪.‬‬
‫إلاجرائية في الفيزياء‪.‬‬
‫التعريف إلاجرا ي في الفيزياء‪.‬‬
‫املذهب الوضهي وإلاجرائية‪.‬‬
‫الوضعية في علم النفس‪.‬‬
‫إلاجرائية في علم النفس‪.‬‬
‫في السلوكية‪.‬‬
‫في مرحلة العمليات إلاجرائية عند بياجي‪.‬‬
‫في مجال ألاهدال التعليمية‪.‬‬
‫التعريف إلاجرا ي‪.‬‬
‫هدل استعمال التعريف إلاجرا ي‪.‬‬
‫طبيعة التعريف إلاجرا ي وأهميته‪.‬‬
‫أهمية التعريف إلاجرا ي في البحث العلمي‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫التعريف إلاجرا ي في علم النفس‪.‬‬
‫طبيعة املفاهيم النفسية‪.‬‬
‫مجال التعريف إلاجرا ي وحدودت‪.‬‬
‫مفاهيم تعرل إجرائيا خط ‪.‬‬
‫خصائ التعريف إلاجرا ي‪.‬‬
‫شروط التعريف إلاجرا ي‪.‬‬
‫هناك قضيتان‪.‬‬
‫القضية ألاولى ‪ :‬مشكلة التوافق بين التعريفين الت سيس ي وإلاجرا ي‪.‬‬
‫اعتماد التعريف إلاجرا ي على التصور النظري للمفهوم‪.‬‬
‫القضية الثانية ‪ :‬املع ى النظري للمفهوم‪.‬‬
‫تنوع الصياغة للتعريفات إلاجرائية‪.‬‬
‫التعريف إلاجرا ي كمي وكيفي‪.‬‬
‫التعريف إلاجرا ي وأسئلة البحث‪.‬‬
‫التعريف إلاجرا ي وخصائ عينة البحث‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬املتغيرات‬
‫االثا ‪ :‬تصنيف املتغيرات‬
‫‪ )1‬تصنيف املتغيرات في املوقف التجريبي‪.‬‬
‫‪ )2‬تصنيف املتغيرات إلى كمية ونوعية‬
‫‪ )3‬تصنيف املتغيرات حسب مستويات القياس‬
‫‪ 1‬ـ املتغير الاسمي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ املتغير الرتبي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ املتغير املسافي‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ املتغير النسبي‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫مقدمة‪.‬‬
‫تحتاج أي منظومة علمية إلى لغة واضحة ومحددة لوصف وتلخي املالحظات‪ .‬ويحتاج‬
‫العلماء إلى مفاهيم على مستوم البحث‪ ،‬لكي يصفوا مالحظات معينة‪ .‬كما يحتاجون أيضا‬
‫إلى مفاهيم على املستوم النظري للشارة إلى العمليات الافتراضية التي قد ال تخضع‬
‫للمالحظة املباشرة‪ .‬وقد ستعمل العلماء كلمات ي خذونها من اللغة اليومية‪ ،‬لكنهم ينسبون‬
‫إل ها معان جديدة خاصة‪ ،‬ال توجد عادة في الاستعماالت العادية‪ .‬أو يتحتم عل هم أحيانا‬
‫إدخال مفاهيم فنية جديدة ليسم جيءا من اللغة اليومية‪ .‬وتهدل الفقرات آلاتية إلى‬
‫التعريف باستعمال املفاهيم في البحث‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريف املفاهيم في البحث النفس ي ت سيسيا وإجـرائيا‬


‫"إن السلوك الذي يكون محل بحث علمي‪ ،‬سواء كان بسيطا كمسك قلم‪ ،‬أم معقدا‬
‫كالشخصية‪ ،‬يختزل في كلمة واحدة‪ ،‬تدعى ‪ :‬املفهوم‪ ،‬لذا ينبغي الاهتمام باملفهوم قبل أي‬
‫ش يء آخر"‪.‬‬
‫إن ما يبحثه العلم هو املفاهيم‪ ،‬وتقوم العلوم كلها على املفاهيم‪ ،‬فهي أسماء ورمو‬
‫وخصائ لأليخا وألاشياء والظواهر‪ ،‬وعند الشروع في بحثها‪ ،‬ال بد من تحديدها‬
‫بوضوح‪ ،‬من خالل تعريفها وتمييزها عن غيرها من املفاهيم ألاخرم‪ّ .‬‬
‫وتعرل املفاهيم في البحث‬
‫العلمي‪ ،‬سواء في علم النفس أم في غيرت من العلوم‪ ،‬التي أنتجها العقل البشري‪ ،‬بنوعين من‬
‫التعريفات هما ‪ )1 :‬التعريفات الت سيسية أو الاستداللية‪ ،‬أو البنائية أو التكوينية الفرضية‪،‬‬
‫و ‪ ) 2‬التعريفات إلاجرائية‪ ،‬وكال النوعين من التعريفات لهما مجال الاستعمال وطريقة‬
‫الصياغة‪.‬‬
‫واملفاهيم في العلم‪ ،‬بعضه ا حس ي عياني‪ ،‬وبعضها مجرد استداللي‪ ،‬وتوجد املفاهيم‬
‫املجردة الاستداللية في كل العلوم؛ ففي الفيزياء‪ ،‬هناك مفاهيم مجردة‪ ،‬مثل ‪ :‬الجاذبية‬
‫والكهرباء والحرارة والضغط‪ ،‬التي ال تالحظ مباشرة‪ ،‬ويوجد علم النفس في مقدمة العلوم‬
‫السلوكية‪ ،‬ومتغيراته كلها مجردة‪ ،‬وتعرل املفاهيم املجردة ت سيسيا‪ ،‬وهذت التعريفات مهمة‬
‫وضرورية‪ ،‬ألنها تحدد هوية املفهوم‪ ،‬وخصائصه وتميزت عن املفاهيم ألاخرم‪ ،‬وألنها مجردة‬
‫واستداللية‪ ،‬ال يتفق املتخصصون‪ ،‬عادة‪ ،‬على تعريفها في تخص علمي واحد؛ فالذكاء‬
‫مثال‪ ،‬عرفه علماء النفس ت سيسيا ب كثر من طريقة‪ ،‬وب كثر من وجهة نظر ‪" :‬الذكاء هو القدرة‬
‫على التفكير املجرد"‪" ،‬الذكاء هو القدرة على الفهم"‪" ،‬الذكاء هو القدرة على التصرل بنجاح‬

‫‪113‬‬
‫في املواقف الطارئة"‪" ،‬الذكاء هو القدرة على التوافق مع متطلبات البيئة"‪" ،‬الذكاء هو القدرة‬
‫على النجاح في املدرسة"‪ ،‬وهذت التعريفات‪ ،‬من ناحية كلها صحيحة‪ ،‬ومن ناحية أخرم‪ ،‬أي‬
‫منها عت ر تعريفا حقيقيا وصحيحا للذكاء ؟ لكن يمكن القول‪ ،‬أن هذت التعريفات للذكاء‬
‫كلها‪ ،‬وغيرها أخرم‪ ،‬تشير إلى أوجه متعددة ملفهوم الذكاء‪ .‬والتعريفات الت سيسية‪ ،‬تجعل‬
‫املفاهيم ّ‬
‫تؤول إلى أكثر من مع ى‪،‬‬
‫وهذا من خصائ املفاهيم املجردة‪ ،‬لكن املشكلة ألاساسية للتعريفات الت سيسية‪ ،‬أنها‬
‫تجعل املفهوم املجرد يبق دائما مجردا‪ ،‬ألنه عرل بمفاهيم أخرم مجردة كذلك‪ ،‬تحتاج‬
‫بدورها إلى تعريفات خاصة بها‪ ،‬مما يجعل املفهوم يبق دائما غير قابل للمالحظة املباشرة‪،‬‬
‫فيصعب التعامل معه في البحوث امليدانية‪ ،‬لذا‪ ،‬لج العلماء إلى إبداع نوع آخر من التعريف‪،‬‬
‫هو التعريف إلاجرا ي‪ ،‬الذي يقوم فيه الباحث بإجراءات معينة تجعل املفهوم محل مالحظة‬
‫مباشرة في البحث امليداني‪ ،‬وأول من أشار إلى هذا النوع من التعريف‪ ،‬صراحة‪ ،‬الفيزيا ي‬
‫ألامريكي‪ ،‬الحائي على جائية نوبل عام ‪ ،1946‬برس ي و‪ .‬بردجمان ‪Percy. W. Bridgman, 1882‬‬
‫‪ ،- 1961‬في كتابه ‪" :‬منطق الفيزياء الحديثة ‪ "The Logic of Modern Physics‬الصادر عام‬
‫ّ‬
‫‪ .1927‬الذي الحظ‪ ،‬أن املفاهيم العلمية اختلطم باملفاهيم امليتافيزيقية‪ ،‬فحذر علماء‬
‫الطبيعة (الفيزياء) من الوقوع في هذا الغموض في تعريف املفاهيم الفييائية‪ ،‬فقال ‪" :‬إننا‬
‫عموما ال نع ي ب ي مفهوم شيئا أكثر من مجموعة إجراءات‪ ،‬فاملفهوم ما هو إال مرادل‬
‫ملجموعة إلاجراءات التي يصدق عل ها"‪ .‬ولكن إلاجرائية‪ ،‬لم تبدأ عند بردجمان والفيزياء‬
‫فقط‪ ،‬بل لها قصة أخرم‪ ،‬وخاصة في علم النفس‪ ،‬كما سيتبين في الفقرات القادمة‪ ،‬من‬
‫هذا املقال‪.‬‬

‫املفهوم‪.‬‬
‫يقتض ي التفكير استعـمال اللغة‪ ،‬واللغـة نـظام تواصـل‪ ،‬يت لف من رمو ‪ ،‬ومجموعة‬
‫قواعد تسمح بتآلف هذت الرمو مع بعضها‪ ،‬بطرق عديدة ومتنوعة‪ ،‬واملفهوم أحد أهم رمو‬
‫اللغة‪ ،‬ويتعلق بشكل خا بعملية البحث‪ ،‬وهو تجريد أو رمي لتمثيل ظاهرة معينة‪ ،‬أو ش يء‬
‫ما‪ ،‬أو إحدم خصائصه‪ .‬يبدأ الباحثون عملية البحث بتشكيل املفاهيم لوصف واختزال‬
‫موضوع البحث‪ ،‬واملفاهيم بالنسبة ألي تخص علمي‪ ،‬هي اللغة املهنية املتداولة بين‬
‫يطور مفاهيمه الخاصة به‪ ،‬ومن‬ ‫الباحثين في هذا العلم‪ ،‬بحيث أن كل تخص علمي ّ‬
‫املفاهيم شا عة التداول في علم النفس؛ التعلم‪ ،‬إلادراك‪ ،‬القلق‪ ،‬الذكاء‪ ،‬الشخصية‪،‬‬

‫‪114‬‬
‫الاكتئاب‪ ،‬وغيرها‪ ،‬فمثال‪ ،‬عندما ستعمل باحث في علم النفس‪ ،‬مفهوم "التعلم"‪ ،‬فإن كل‬
‫املتخصصين في علم النفس يدركون أنه شير إلى التغير الذي يحدث في السلوك بعد التدريب‪،‬‬
‫أما غير املتخصصين في علم النفس‪ ،‬فيتعاملون مع مفهوم التعلم بفهم آخر‪.‬‬
‫تبدأ ألاعمال البحثية‪ ،‬عادة بسؤال أو بفرضية‪ ،‬ويمكن أن تبدأ أحيانا‪ ،‬دون فرضية‪،‬‬
‫عندما يكون العمل البحثي استكشافيا‪ ،‬ولكن املفهوم ال بد منه في أي عمل بحثي‪ ،‬إنه ينظم‬
‫املالحظات في تصور واحد‪ ،‬ويقود مجريات البحث‪ ،‬وينبغي أن يحدد بدقة‪ ،‬ويكون واضحا‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫غموض‬ ‫ومتفقا عليه بين أهل الاختصا ‪ ،‬ومميزا عن غيرت من املفاهيم‪ ،‬وإال أصاب البحث‬
‫وفشل‪ .‬يقول علماء املنهجية ‪" :‬إن ما يؤخر تقدم العلم‪ ،‬ليس هو عدم مالءمة فنون البحث‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫من مناهج وقياس وإحصاء‪ ،‬بل هو عدم مالءمة املفاهيم"‪.‬‬
‫واملفاهيم اصطالحات تجريدية ألحداث تمم مالحظتها‪ ،‬فهي كلمات تمثل أحدااا متشابهة‬
‫ملوضوعات أو لظواهر‪ ،‬يتم جمع مالحظات حولها من مظاهر معينة تتميز بالتشابه والتناسق‪،‬‬
‫فكلمات ‪ :‬كرس ي ويجرة وطائر وسائل‪ ،‬وآالل أخرم من الكلمات في لغتنا‪ ،‬تمثل مظاهر‬
‫مشتركة ألشياء تختلف باختالل تلك املظاهر‪ ،‬ففي مظاهر السلوك‪ ،‬عد ارتباط ألاحداث‬
‫السلوكية التالية‪ ،‬وظهورها معا‪ ،‬وهي ‪ :‬املثابرة في العمل‪ ،‬إتقان العمل‪ ،‬الاستغراق في العمل‪،‬‬
‫تحمل املسؤولية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬مؤشرا على مفهوم "الدافعية"‪ ،‬وتجمع مالحظات عن أحداث‬
‫سلوكية أخرم‪ ،‬فيطلق عل ها "ذكاء"‪ ،‬وتجمع مالحظات عن أحداث سلوكية أخرم‪ ،‬فيطلق‬
‫عل ها "قلق"‪ ،‬وهكذا‪ .‬وكما نالحظ‪ ،‬فهي مفاهيم مجردة‪ ،‬بل ذات مستوم عال من التجريد‪،‬‬
‫ويطلق عل ها‪ ،‬كذلك‪ ،‬مفاهيم "بنائية"‪ ،‬ألنها تب ى من أحداث سلوكية تالحظ مباشرة‪ ،‬والهدل‬
‫من مفهوم ما‪ ،‬هو تبسيط التفكير بواسطة شمول عدد من املظاهر تحم اسم واحد‪.‬‬
‫وتكون بعض املفاهيم قريبة جدا من ألاشياء التي تمثلها‪ ،‬فمفهوم "يجرة" يمكن‬
‫توضيحه بسهولة‪ ،‬با شارة إلى أيجار محددة‪ ،‬إن مفهوم الشجرة تجريد للخصائ التي‬
‫تشترك ف ها كل ألايجار‪ ،‬كالجذوع وألاغصان وألاوراق‪ ،‬وهي خصائ يمكن مالحظتها‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫ولكن مفاهيم مثل ‪ :‬الدافعية والقدرة والعدالة‪ ،‬ال يمكن توضيحها بسهولة‪ ،‬با شارة‬
‫شيد بها بيم‬ ‫إلى حدث أو ش يء ما‪ ،‬فهي تجريدات قام الناس ببنائها‪ ،‬وبنفس الطريقة التي ُ ّ‬
‫ما‪ ،‬بواسطة مواد البناء في نمط ذي غاية مقصودة‪ ،‬فمثال‪ ،‬مفاهيم مثل حدة النظر‪ ،‬والتمييز‬
‫بين الرمو ‪ ،‬والتوجه من اليمين إلى اليسار‪ ،‬أو من اليسار إلى اليمين‪ ،‬ومفردات إلاصغاء‪،‬‬
‫وأخرم غيرها يجري دعمها بطريقة هادفة نتاج املفهوم البنا ي آلاتي‪ ،‬وهو ‪" :‬الاستعداد‬

‫‪115‬‬
‫للقراءة"‪ ،‬واملفاهيم البنائية مفيدة في تفسير البيانات التجريبية‪ ،‬وفي بناء النظريات‪،‬‬
‫وتستعمل املفاهيم البنائية للتعبير عن الانتظامات املالحظة وعن العالقات‪.‬‬
‫ويؤدي تحديد املع ى من املفهوم دورا أساسيا في ترسيخ املفهوم‪ ،‬فإذا ابتعد املفهوم في‬
‫معنات عن الحقائق العلمية‪ ،‬أو عن الظواهر التي من املقصود أن يمثلها‪ ،‬اد إمكان سوء‬
‫الفهم‪ ،‬وظهرت الحاجة إلى تعريفات دقيقة‪ ،‬وإبداع مفاهيم أكثر مالءمة للمعاني املقصودة‪،‬‬
‫فاملعاني الدقيقة للكلمات املوجودة في مفردات العلماء‪ ،‬ينبغي ترسيخها‪ .‬وتصاغ املفاهيم‬
‫البنائية من أجل تلخي املالحظات وتقديم التفسيرات‪ ،‬ويتم التخلي عن املفهوم البنا ي‬
‫عندما توجد طريقة أفضل‪ ،‬لتفسير وتلخي املالحظات تحل مكانه‪ .‬فقد تم التخلي عن‬
‫مفهوم "الغريية" لتفسير السلوك‪ ،‬واستعمال مفهوم "الدافع"‪ ،‬في علم النفس‪ ،‬بإبداع من‬
‫السيكولوجي ألامريكي‪ ،‬روبرت وودورث ‪ ،R. Woodworth‬عام ‪ ،1918‬ملا وجد أنه أفضل وأكثر‬
‫فائدة واتساقا مع طبيعة السلوك البشري املرن واملعقد في آن واحد‪.‬‬
‫وتخلى كذلك‪ ،‬جوليان ب‪ .‬روتر ‪ J. B. Rotter, 1954‬عن مفهوم "التعييي"‪ ،‬كما ستعمل‬
‫في نظريات التعلم الشرطية‪ ،‬ألنه ال يالئم لتفسير حدوث السلوك البشري‪ ،‬واستعمل مكانه‬
‫مفهوم "قيمة التعييي"‪.‬‬

‫أهمية املفهوم في املعرفة العلمية‪.‬‬


‫يحتاج أي نظام علمي إلى لغة محددة‪ ،‬لوصف وتلخي املالحظات في مجال تخصصه‪،‬‬
‫ويحتاج العلماء إلى مفاهيم على املستوم النظري‪ ،‬للشارة إلى العمليات الافتراضية التي قد‬
‫ال تخضع للمالحظة املباشرة‪ ،‬كما يحتاجون إلى مفاهيم على املستوم التجريبي‪ ،‬لكي يصفوا‬
‫مالحظاتهم ل لظواهر التي يبحثونها‪ ،‬وقد ستعمل العلماء مفاهيم ي خذونها من لغة الحياة‬
‫اليومية‪ ،‬لكنهم ينسبون إل ها‪ ،‬في أغلب ألاحيان‪ ،‬معاني جديدة خاصة‪ ،‬ال توجد عادة في‬
‫الاستعماالت العادية‪ ،‬أو ربما يتحتم عل هم‪ ،‬في بعض ألاحيان‪ ،‬إدخال مصطلحات فنية جديدة‬
‫ليسم جيءا من اللغة اليومية‪.‬‬

‫وظائف املفهوم في البحث العلمي‪.‬‬


‫إن املفاهيم هي الوحدات البنائية للنظريات‪ ،‬وت خذ املعرفة العلمية شرعيتها أو صدقها‬
‫من العقل والتجربة‪ ،‬وهنا ينبغي على الباحثين العمل على مستويين متماييين ومتداخلين‬

‫‪116‬‬
‫ومتكاملين‪ ،‬هما ‪ :‬النظري‪ /‬املفهومي من ناحية‪ ،‬والتجربة‪ /‬املالحظة من ناحية أخرم‪ ،‬واملفهوم‬
‫تج ريد لتمثيل ظاهرة معينة‪ ،‬وتؤدي املفاهيم عددا من الوظائف في البحث العلمي‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫وظيفة التواصل‪ .‬وهي أول هذت الوظائف وأهمها‪ ،‬ففي غياب مجموعة من املفاهيم‬
‫املتفق عل ها‪ ،‬يصعب على الباحث إيصال نتائجه أو تكرار بحوث آلاخرين‪ ،‬أما عند وجود‬
‫مفاهيم متفق عل ها‪ ،‬يصير التواصل املشترك‪ ،‬وإعادة إجراء البحوث ممكنا‪.‬‬
‫وظيفة إدراك الظواهر‪ .‬من خالل صياغة املفهوم العلمي‪ ،‬عط الواقع املدرك‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫املفهوم الباحث من ربطه‬ ‫انتظاما واتساقا ال يمكن إدراكه قبل تلك الصياغة‪ ،‬إذ يمكن‬
‫ببعض جوانب الواقع‪ ،‬وتعريفه على أساس سمة مشتركة‪.‬‬
‫وظيفة التصنيف والتعميم‪ .‬أي أن الباحثين يصنفون و عممون وينظمون نتائج‬
‫تجاربهم ومالحظاتهم على شكل مفاهيم‪.‬‬
‫وظيفة التعريف بمضمون النظريات‪ .‬تسهم املفاهيم‪ ،‬بصفتها أهم مكونات‬
‫النظريات‪ ،‬في إجراء عمليتي التفسير والتنبؤ‪ ،‬وتساهم في التعريف بمضمون النظرية‬
‫وخصائصها‪.‬‬
‫وإذا كانم املفاهيم تقوم بهذت الوظائف ألاربع‪ ،‬فينبغي أن تكون واضحة ودقيقة ومتفقا‬
‫عل ها‪ ،‬فمثال‪ ،‬مفاهيم مثل ‪ :‬القلق والسعادة والرضا‪ ،‬تشير إلى معاني مختلفة عند أفراد‬
‫مختلفين‪ ،‬كما أنها تستعمل في سياقات مختلفة‪ ،‬لتوحي بفهم مختلف ومتنوع‪ ،‬وال ينجم عن‬
‫هذت الاختالفات مشاكل كبيرة في التواصل اليومي‪ ،‬ولكن من الصعب أن يتقدم العلم‬
‫باستعمال لغة غامضة وغير دقيقة‪.‬‬

‫التكوينات الفرضية‪.‬‬
‫يطلق على املفاهيم كذلك‪ ،‬لفظ التكوينات الفرضية ‪،Constructs/ Hypotheticals‬‬
‫وهي مفاهيم يخترعها أو يفترضها العالم أو الباحث عن قصد‪ ،‬ليحقق بها غرضا علميا‪،‬‬
‫كتفسير سلوك ما‪ ،‬فإذا الحظ أن أحد ألافراد يقبل على العمل ويؤديه بإتقان‪ ،‬أبدع مفهوما‬
‫لتفسير هذا السلوك‪ ،‬ويكون "الدافعية"‪ ،‬وإذا الحظ أن فردا آخر يبدي تجنبا لبعض‬
‫املواقف‪ ،‬وإذا اتفق ووجد نفسه ف ها‪ ،‬اضطرب سلوكه وحاول الابتعاد عنها وتجنبها‪ ،‬أبدع‬
‫كذلك مفهوما لتفسير هذا السلوك‪ ،‬ويكون "الخول"‪.‬‬
‫ويتميز التكوين الفرض ي ب نه خال من أي محتوم كمي‪ ،‬إال إذا تم التعبير عنه فـي موقف‬

‫‪117‬‬
‫قياس ي‪ ،‬عن طريق ألاداء على بعض الاختبارات‪ ،‬فيصير مفهوما كميا‪.‬‬

‫التعريف‪.‬‬
‫إن التعريف عبارة عن ذكر ش يء تستليم معرفته معرفة ش يء آخر‪ ،‬فهو مجموع‬
‫تكون مفهوم الش يء مميزا عما عدات‪ ،‬وهو ضروري من أجل الوصول إلى بناء‬ ‫الخصائ التي ّ‬
‫معرفة تصورية في العلوم كلها‪.‬‬
‫وبسبب الحاجة إلى الدقة في تعريف املفاهيم‪ ،‬يهتم كل تخص علمي بمفرداته اللغوية‪،‬‬
‫وحاول علماء النفس ت سيس منظومة من املفاهيم الواضحة والدقيقة‪ ،‬لتحديد سمات‬
‫وخصائ املوضوعات التي يبحثونها‪ ،‬وعلى الرغم من إبداعهم للعديد من املفاهيم‪ ،‬وإدخال‬
‫التعديالت على بعضها‪ ،‬أو استبعاد بعضها آلاخر‪ ،‬إال أن الكثير من هذت املفاهيم بقي غامضا‬
‫وغير متسق‪ ،‬وهذا ليس غريبا‪ ،‬فعلماء النفس يواجهون مشكلة شاقة‪ ،‬في بعض ألاحيان‪ ،‬في‬
‫التفريق بين مفاهيمهم وتلك الشا عة بين عامة الناس‪ ،‬عند إجراء البحوث عل ها‪ ،‬ولكن‪ ،‬ومع‬
‫تقدم العلوم إلانسانية‪ ،‬فإن صياغة مفردات البحث العلمي تتجه نحو التطور‪.‬‬
‫و عت ر موضوع التعريف مبحثا أساسيا من مباحث املنطق‪ ،‬وليس من مباحث املنهج‬
‫العلمي‪ ،‬لكن ما يهمنا هنا‪ ،‬هو إمكان الاستفادة من دراسات املنطق في وضع التعريفات الال مة‬
‫للمفاهيم في الدراسات النفسية‪ ،‬ومن وجهة نظر املنطق‪ ،‬هناك نوعان أساسيان من‬
‫التعريف هما ‪:‬‬
‫التعريف الشيئي ‪ :‬ويهدل هذا النوع من التعريف إلى تحديد عناصر الش يء ّ‬
‫املعرل‪،‬‬
‫حتى يمكن التعرل على حقيقة ذلك الش يء‪ ،‬ويتم تحديد ما الذي يجعل الش يء على ما هو‬
‫عليه‪.‬‬
‫التعريف الاسمي ‪ :‬ويهدل هذا النوع من التعريف إلى تحديد الطريقة التي تستعمل‬
‫بها كلمة من الكلمات‪ ،‬وتحديد الصفات التي تكون أساسا لتسمية هذا الش يء بذلك الاسم‪،‬‬
‫ومن أنواعه التعريف القاموس ي والتعريف الاشتراطي‪.‬‬

‫التمييز بين الاستدالل والقياس والتجريب‪.‬‬


‫إن التعرل على املفهوم‪ ،‬يتم إما من خ ـ ـ ـ ـ ـالل الاس ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـدالل‪ ،‬أو القـ ـ ـ ـياس والتـ ـج ـ ـ ـريب‪،‬‬
‫فيعط لها اسم أو مفهوم‪،‬‬ ‫الحظ مجموعة من التصرفات تحدث معا‪ُ ،‬‬ ‫فاالستدالل هو أن ُت َ‬
‫أي أنه ستدل عل ها للتعرل على مفهوم معين‪ ،‬أما في القياس والتجريب‪ ،‬فيتم التعرل على‬

‫‪118‬‬
‫املتغيرات من خالل املشاهدة الفعلية أو الواقعية‪ ،‬والفرق بين الطريقتين‪ ،‬ليس تاما‪ ،‬ألن‬
‫الاستدالل سيحدث إن آجال أو عاجال‪ ،‬أي يحتاج إليه الباحث في مسار البحث عطاء املع ى‬
‫النفس ي للبيانات التي تم تجميعها‪.‬‬

‫تعريف املفاهيم‪.‬‬
‫يتمثل التحدي ألاك ر في أي بحث علمي في إلاجابة على السؤال آلاتي ‪" :‬كيف يمكن‬
‫التحقق من صدق مفاهيمنا ؟"‪.‬‬
‫يضمن التعريف املوضوعي الدقيق للمفاهيم وحدة الفكر بين الباحثين‪ ،‬وتعت ر قضية‬
‫التعريف من قضايا العلم الهامة‪ ،‬ولذلك عتمد الباحثون في تعريفهم للمفاهيم موضوع‬
‫الدراسة‪ ،‬على ما يمكن مالحظته‪ ،‬دون ت ويل أو تفسير‪ ،‬مثل وصف سلوك الشخ الخائف‬
‫بشحوب وجهه وتجنب املثير املخيف‪ ،‬ووصف الشخ الخجول باجمرار وجهه وط ط ة رأسه‪.‬‬
‫ويلج الباحثون في تعريفهم للمفاهيم على وصف إلاجراءات والشروط التي أدت إلى مالحظة‬
‫السلوك الذي يطلق عليه املفهوم‪ ،‬مثل تعريف نسبة الذكاء‪ ،‬ب نها ‪" :‬العمر العقلي مقسوما‬
‫على العمر اليم ي مضروبا في مئة"‪ ،‬وكذلك تعريف العمر العقلي ب نه ‪" :‬الاختبارات العقلية‬
‫التي ستطيع الفرد إلاجابة عنها في عمر معين وما قبله"‪.‬‬
‫وبسبب الحاجة إلى الدقة‪ ،‬تهتم العلوم‪ ،‬كل علم في تخصصه‪ ،‬بضرورة جعل مفرداتها‬
‫دقيقة‪ ،‬ومتفق عل ها‪ ،‬وحاول علماء العلوم إلانسانية‪ ،‬ت سيس منظومة من املفاهيم‬
‫الواضحة والدقيقة املجردة‪ ،‬لتحديد سمات املوضوعات التي يدرسونها‪ ،‬ومن أجل بلوغ‬
‫الدقة والوضوح‪ ،‬عند استعمال املفاهيم في البحث العلمي‪ ،‬يوظف الباحثون نوعين من‬
‫التعريفات ‪ :‬ت سيسية وإجرائية‪.‬‬
‫إن تعريف املفاهيم بمصطلحات مجردة‪ ،‬تنقل املع ى العام الذي يفترض أنها تحتويه‪،‬‬
‫ّ‬
‫ستفعل بها في دراسة تجريبية‪،‬‬ ‫وتعرل كذلك بمصطلحات إلاجراءات التي ستقاس بها‪ ،‬أو‬
‫ُوي ْدعى النموذج ألاول للتعريف بالتعريف الت سيس ي‪ ،‬ويدعى النموذج الثاني بالتعريف‬
‫إلاجرا ي‪.‬‬

‫التعريف الت سيس ي‪.‬‬


‫سم التعريف الت سيس ي أو املفهومي أو البنا ي أو التكوي ي أو الاستداللي للمفهوم‪ ،‬ألن‬
‫يكون أو ستدل على‬ ‫واضعه يتوصل إلى صياغة هذا التعريف‪ ،‬بعد أن يؤسس أو يب ي أو ّ‬

‫‪119‬‬
‫املفهوم‪ ،‬محل اهتمامه وبحثه‪ ،‬إن صاحب التعريف من هذا النوع‪ ،‬وهو يبدع مفهوما معينا‪،‬‬
‫يقوم بجمع املعلومات حوله‪ ،‬سواء عن طريق املالحظة أو التجريب‪ ،‬وهو يؤدي هذت العمليات‬
‫املنهجية‪ ،‬يقوم بت سيس وبناء املفهوم والاستدالل عليه‪ ،‬وقد ستغرق ذلك شهورا وسنوات‪،‬‬
‫كما في حالة بناء النظريات‪ ،‬حتى يصل به إلى درجة من الوضوح والاستقرار النسبي‪ ،‬وعندئذ‬
‫يضع له تعريفا وفقا للمعلومات التي جمعها حوله‪.‬‬
‫إن التعريف الت سيس ي ‪ ،Constitutive Definition‬أو التعريف البنا ي ‪Construct‬‬
‫‪ ،Definition‬عبارة عن ذكر ش يء تستليم معرفته شيئا آخر‪ ،‬فهو مجموع الصفات‬
‫تكون مفهوم الش يء مميزا عما عدات‪ ،‬وهو ضروري من أجل الوصول إلى‬ ‫والخصائ التي ّ‬
‫تصورية في العلوم كلها‪ ،‬إذ ال يمكن بناء قضايا علمية مؤلفة من مفاهيم دون‬ ‫بناء معرفة ّ‬
‫أن يكون مع ى هذت املفاهيم معروفا‪ ،‬سواء أكان بافتراض املع ى‪ ،‬أم بالتعريف‪ ،‬فإذا كانم‬
‫النظرية العلمية تبدأ بمجموعة محددة من املفاهيم‪ ،‬فإن تعريف وتوضيح هذت املفاهيم‪،‬‬
‫وتحديدها بدقة‪ ،‬يصير مطلوبا لتجنب الغموض‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫إن التعريف املفهومي ‪ Conceptual Definition‬يج َرم فيه تعريف املفاهيم بمفاهيم‬
‫أخرم‪ ،‬فمثال عرل الذكاء ب نه ‪" :‬القدرة على حل املشكالت"‪ ،‬أو "القدرة على التفكير املجرد"‪،‬‬
‫أو "القدرة على الفهم والاستيعاب"‪ ،‬و ساعد هذا النوع من التعريفات على إيصال الصفة‬
‫العامة والخصائ البنائية التي تتميز بها الظاهرة التي يهتم بها الباحث إلى آلاخرين‪ ،‬ويبين‬
‫عالقاتها بمفاهيم مشابهة استعملم في بحوث أخرم‪ُ .‬يالحظ على التعريفات السابقة‪ ،‬أنها‬
‫قامم على مفاهيم أخرم تحتاج هي بدورها إلى تعريفات‪ ،‬ألن أي يخ ‪ ،‬يمكنه أن يتساءل‬
‫عن مع ى "القدرة" ومع ى "املشكالت" ومع ى "التفكير املجرد" وهكذا‪.‬‬
‫وهناك نقطة أساسية‪ ،‬وهي أن التعريف الت سيس ي أو البنا ي أو املفهومي‪ ،‬ليس صحيحا‬
‫ّ‬
‫وليس خاطئا‪ ،‬فاملفاهيم رمو تمكن من التواصل‪ ،‬وقد تكون مفيدة في عملية التواصل هذت‬
‫وقد ال تكون‪ ،‬ربما يتعرض وضوح أو جالء التعريف لالنتقاد‪ ،‬أو ربما يظهر تساؤل عن مدم‬
‫استعماله بشكل متسق‪ ،‬ولكن ال توجد طريقة النتقاد صحة التعريف املفهومي‪ ،‬فالتعريف‬
‫هو ما وضعه من ّ‬
‫عرفه‪.‬‬
‫والتع ـري ـفـات الت سـيـسـيـة أو املـف ـهوم ـي ـة التي تـع ـي الت ـواصـ ـل بـيـن الـبـاحـث ـي ـن‪ ،‬تـش ـتـرك في‬
‫السمات آلاتية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أن يبين التعريف الخصائ الفريدة ملا يتم تعريفه‪ ،‬بحيث يتضمن كل الحاالت التي‬
‫شملها و ستبعد كل الحاالت التي ال شملها‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪ 2‬ـ أال يكون التعريف دائريا‪ ،‬بمع ى أنه يجب أال يتضمن أي عنصر من الظاهرة أو الش يء‬
‫املراد تعريفه‪ ،‬فمثال تعريف "الذكاء" دائريا‪ ،‬على أنه ‪" :‬مجموعة التصرفات التي تتصف‬
‫بالذكاء"‪ .‬أو تعريف "السعادة" دائريا‪ ،‬على أنها ‪" :‬املشاعر التي يخ رها ألايخا السعداء"‪.‬‬
‫إن التعريفات من هذا النوع‪ ،‬قد ال تعي وظيفة التواصل‪ ،‬وال تبين هوية املفهوم وصفاته‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أن يصاغ التعريف بمفاهيم واضحة وذات مع ى ومتفق عل ها بين أهل الاختصا ‪.‬‬

‫أمثلة عن التعريفات الت سيسية للمفاهيم في علم النفس‪.‬‬


‫تعريف الذكاء‪.‬‬
‫عرل الذكاء ت سيسيا أو بنائيا‪ ،‬أو استدالليا كما ي تي ‪" :‬القدرة على تعام اللغة كالما‬
‫وفهما‪ ،‬القدرة على حل مختلف أنواع املشكالت‪ ،‬إدراك الفروق بين املتشابهات او إدراك‬
‫التشابه بين الظواهر املختلفة‪ ،‬التعبير عن رأي نقدي‪ ،‬التعامل بكفاءة مع الواقع أو حسن‬
‫التوافق‪ ،‬التعامل مع الرمو املجردة‪ ،‬إنتاج رمو مجردة جديدة‪ ،‬دمج انطباعات مختلفة‬
‫وإعطاؤها مع ى‪ ،‬إدراك العناصر ألاساسية في بعض املواقف والاستجابة لها بشكل مالئم‪،‬‬
‫إصدار أحكام عقلية‪ ،‬الاستبصار بالعالقات بين ألاشياء‪ ،‬و ستدل على الذكاء كذلك‪ ،‬من‬
‫بعض ألانماط السلوكية التي تشير إلى عمليات معالجة املعلومات‪ ،‬مثل ‪ :‬إلادراك‪ ،‬التذكر‪،‬‬
‫التفكير‪ ،‬التخيل‪ ،‬التعلم"‪.‬‬
‫تمم صياغة هذا التعريف باستعمال وصف لفظي ملظاهر السلوك الذكي وخصائصه‪،‬‬
‫كما تم التعرل عل ها من خالل املالحظة ونتائج البحث العلمي املتواتر‪.‬‬

‫تعريف الشخصية‪.‬‬
‫عرل ج‪ .‬هـ‪ .‬أيينك‪ ،‬الشخصية‪ ،‬ب نها ‪" :‬املجموع الكلي ألنماط السلوك الفعلية أو‬
‫الكامنة لدم الفرد‪ ،‬ونظرا ألنها تتحدد بالورااة والبيئة‪ ،‬فإنها تنمو وتتطور من خالل التفاعل‬
‫الوظيفي ألربعة قطاعات رئيسية تنتظم ف ها تلك ألانماط السلوكية‪ ،‬وهي ‪ :‬القطاع املعرفي‪،‬‬
‫القطاع النزوعي‪ ،‬القطاع الوجداني‪ ،‬القطاع البدني"‪.‬‬
‫تمم صياغة هذا التعريف كذلك‪ ،‬باستعمال وصف لفظي ملظاهر أنماط السلوك في‬
‫الشخصية‪ ،‬كما تم التعرل عل ها من خالل املالحظة ونتائج البحث العلمي املتواتر‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫تعريف القلق‪.‬‬
‫إن إحدم التعريفات الت سيسية أو البنائية‪ ،‬أو الاستداللية للقلق‪ ،‬تكون كما ي تي‬
‫"القلق خ رة وجدانية من الخشية‪ ،‬وتوقع الشر‪ ،‬والعجي‪ ،‬وإلاحباط‪ ،‬وال يرتبط بموقف أو‬
‫بمثير بيئي معين‪ ،‬بل هو شعور عام طليق‪ ،‬يمكث مع الفرد في كل املواقف‪ ،‬وهو خ رة نفسية‬
‫شا عة بين الناس‪ ،‬و عاني منه ألافراد في كل ألاعمار‪ ،‬ويتميز على املستوم السلوكي باستجابات‬
‫التجنب والتحاش ي"‪.‬‬
‫تمم صياغة هذا التعريف كذلك‪ ،‬باستعمال وصف لفظي ملظاهر القلق‪ ،‬كما تم‬
‫التعرل عل ها من خالل املالحظة ونتائج البحث العلمي املتواتر‪.‬‬
‫ُيالحظ أن التعريفات السابقة‪ ،‬تستعمل العديد من ألالفاظ لوصف املفاهيم‬
‫الاستداللية املجردة‪ ،‬ويتم بناء التعريفات الت سيسية أو البنائية‪ ،‬أو الاستداللية‪ ،‬من خالل‬
‫جمع معلومات بطريقة متواصلة عن املفهوم‪ ،‬سواء عن طريق املالحظة‪ ،‬أم عن طريق البحث‬
‫العلمي‪ ،‬من أجل بنائه‪ .‬وتنبثق هذت التعريفات‪ ،‬في كثير من ألاحيان‪ ،‬من نظريات سيكولوجية‪،‬‬
‫كما هو الحال في تعريف الشخصية‪ ،‬لدم أيينك‪ ،‬صاحب نظرية ألابعاد في الشخصية‪.‬‬
‫وهذت التعريفات اللفظية الاستداللية‪ ،‬يصعب تناولها علميا ملا تشير إليه في البحوث‬
‫امليدانية‪ ،‬إال بعد صياغتها إجرائيا‪.‬‬

‫ليسم كل املفاهيم ّ‬
‫تعرل ت سيسيا‪.‬‬
‫تعرل ت سيسيا‪ ،‬فالباحثون‪ ،‬قد يواجهون‪ ،‬عند‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬ليسم كل املفاهيم ّ‬
‫نقطة معينة من هذت العملية‪ ،‬بعض املفاهيم التي ال يمكن تعريفها بمفاهيم أخرم‪ ،‬وتدعى‬
‫هذت املفاهيم باملصطلحات ألاولية ‪ .Primitive Terms‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬تعت ر ألالوان‬
‫(أبيض‪ ،‬أسود‪ ،‬أحمر‪...‬إلخ) وألاصوات (بكاء‪ ،‬صهيل‪ ،‬مواء‪...‬إلخ) والتذوق (حلو‪ ،‬مر‪،‬‬
‫حامض‪...‬إلخ)‪ ،‬مصطلحات أولية‪ .‬لكن هذت املصطلحات ليسم غامضة‪ ،‬فالعلماء‬
‫وألايخا العاديون متفقون على معان ها التي تنقل عادة من خالل أمثلة حسية واضحة‬
‫(قلم أحمر‪ ،‬بكاء طفل‪ ،‬تفاح حلو)‪ .‬وقد يرم باحث مثال‪ ،‬سلوكا من واقع الحياة‪ ،‬فيعرفه‬
‫بالغضب‪ ،‬وهذا التوضيح ملصطلح الغضب‪ ،‬قد استعمل كتعريف ظاهري ‪Ostensive‬‬
‫‪ ،Definition‬بمع ى أن الغضب‪ ،‬يمثل مجموعة من أنواع السلوك القابل للمالحظة بسهولة‪،‬‬
‫وفي مثل هذت الحالة‪ ،‬يمكن أن ستعمل الغضب كمصطلح أولي في صياغة النظرية والبحث‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫وإضافة إلى املصطلحات ألاولية‪ ،‬هناك مصطلحات مشتقة ‪ ،Derived Terms‬وهي تلك‬
‫التي يمكن تعريفها باستعمال املصطلحات ألاولية‪ ،‬فإذا كان هناك اتفاق على مصطلحات‬
‫أولية‪ ،‬مثل ‪" :‬فرد"‪" ،‬تفاعل"‪" ،‬انتظام"‪ ،‬يمكن أن نعرل مفهوم "املجموعة" (مصطلح‬
‫مشتق) على أنه تفاعل فردين أو أكثر بانتظام‪ .‬وتعت ر املصطلحات املشتقة أكثر فاعلية في‬
‫الاستعمال من املصطلحات ألاولية‪ ،‬فمن السهل استعمال كلمة "مجموعة" عوضا عن تكرار‬
‫املصطلحات ألاولية التي يت لف منها تعريف "املجموعة"‪.‬‬
‫والتعريف الت سيس ي شرح املفهوم‪ ،‬ويقدم للباحث بعض الفهم للخاصية التي يصفها‬
‫املفهوم‪ ،‬ولكن التعريف الت سيس ي أو املفهومي‪ ،‬ال يتيح للباحث أن ستدل على وجود املفهوم‬
‫بطريقة تجعله قابال للمالحظة‪ ،‬أاناء قيامه بالبحث امليداني‪ ،‬وهنا ال بد من القيام بإجراءات‬
‫معينة لتحويل املفهوم إلى أحداث قابلة للمالحظة‪ ،‬وهنا ي تي دور التعريف إلاجرا ي‪ ،‬الذي‬
‫سي تي الحدبث عنه‪ ،‬بإذن هللا‪ ،‬في فقرات قادمة‪.‬‬

‫إلاجرائية‪.‬‬
‫إلاجرائية في الفيزياء‪.‬‬
‫إن إلاجرائية في أصلها قضية ظهرت في ميدان الفيزياء‪ ،‬ونش ت من الصعوبات التي‬
‫واجهتها الفيزياء الحديثة في تعريف املفاهيم املجردة‪ ،‬فقد الحظ بردجمان‪ ،‬أن الفيزيائيين‬
‫عرفون مفهوما فيزيائيا واحدا بعدة تعريفات ت سيسية‪ ،‬مما يجعل التواصل بينهم‪ ،‬وهم‬ ‫ّ‬
‫أصحاب تخص واحد‪ ،‬في فهم إجراءات بحوثهم ونتائجها‪ ،‬غير ممكن‪ ،‬فرأم أنه للخروج من‬
‫هذت املشكلة‪ ،‬ال بد من إبداع تعريف آخر للمفاهيم الفيزيائية‪ ،‬يجعل كل الفيزيائيين يتفقون‬
‫عليه‪ ،‬دون ت ويله إلى معاني أخرم‪ .‬وهدل التعريف املقترح‪ ،‬أن يجعل املفهوم قابال للمالحظة‬
‫املباشرة‪ ،‬أو من خالل ما يدل عليه‪ ،‬ف طلق عليه التعريف إلاجرا ي‪ ،‬ألن الباحث يتعرل على‬
‫املفهوم‪ ،‬فيالحظه مباشرة في ميدان البحث‪ ،‬من خالل إجراءات معينة يقوم بها لهذا الغرض‪،‬‬
‫وهي إما إجراء عملية قياس للمفهوم‪ ،‬أو إجراء تجربة عليه‪.‬‬
‫وتعت ر النزعـة إلاج ـرائ ـي ـة الـتي تيع ـم ـها بريدج ـمان‪ ،‬من الات ـجاه ـات الوض ـع ـي ـة الجديـدة في‬
‫ميدان الفيزياء‪ ،‬في ذلك الوقم‪ ،‬ولعلها من أكثر الاتجاهات الوضعية تطرفا‪ ،‬ذلك ألنه إذا‬
‫كانم النزعة الوضعية‪ ،‬عموما‪ ،‬ال تعترل إال بالظواهر‪ ،‬فإن النزعة إلاجرائية ال تعترل إال‬
‫بالظواهر التي تقبل القياس أو التجريب‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫واملعرفة العلمية في تصورها نسبية وغير يقينية‪ ،‬وهي تلح على أن تكون مفاهيم العلم‬
‫ذات طابع إجرا ي‪ ،‬بمع ى أنها ال تقدم أية معرفة وال أي يقين عن الواقع إال ما كان منهما‬
‫َ‬
‫يتوفر على ُمناظر له في التجربة‪ ،‬وبالتالي فهي مفاهيم تبين طريقة القياس ال ماهية الش يء‬
‫الذي يقاس‪ ،‬وكذلك التعريف إلاجرا ي‪ ،‬فهو تعريف يبين الطريقة التي يحدد بها الش يء‪ ،‬أو‬
‫عرل بواسطتها على عالقاته بغيرت من ألاشياء املماالة‪ ،‬ال حقيقته كش يء في ذاته‪.‬‬
‫وتحم وط ة هذا الجو‪ ،‬حددت فلسفة العلوم توجهها الحديث‪ ،‬الذي يتلخ في امتحان‬
‫ألاسس التي ستند إل ها العلم كمنظومة عقالنية‪.‬‬
‫والخط ألاساس ي في علم الطبيعة (الفيزياء)‪ ،‬وفق بردجمان‪ ،‬يرجع إلى أنه حدث تسرب‪،‬‬
‫دون الانتبات إلى ذلك‪ ،‬لعناصر ميتافيزيقية إلى مسلمات الفكر الطبيهي النيوتوني‪.‬‬
‫ومن أجل أال يتكرر هذا الخط ‪ ،‬مرة أخرم‪ ،‬قال بردجمان‪ ،‬إن توجهه الرئيس ي هو‬
‫استئصال املفاهيم املجردة‪ ،‬من خالل ربطها تماما بمجموعة العمليات أو إلاجراءات الال مة‬
‫لقياسها‪ .‬وجاء في كتابه‪ ،‬سالف الذكر‪" ،‬إن ما نعنيه ب ي مفهوم ال يييد على مجموعة من‬
‫إلاجراءات‪ ،‬وعلى ذلك‪ ،‬فاملفهوم مرادل ملجموع إلاجراءات املتعلقة به"‪.‬‬

‫التعريف إلاجرا ي في الفيزياء‪.‬‬


‫إن إلاجرائية في العلم‪ ،‬ال تقبل إال بالظواهر التي تقبل القياس أو التجريب‪ ،‬والتعريف‬
‫إلاجرا ي للمفهوم‪ ،‬يبين الطريقة التي تتحدد بها الظاهرة‪ ،‬وتصير قابلة للمالحظة‪ ،‬من خالل‬
‫القياس أو التجريب‪.‬‬
‫إن موقف إلاجرائية إ اء تعريف املفاهيم‪ ،‬يختلف عما سبقه من أساليب لتعريفها‪ ،‬فإذا‬
‫تعلق ألامر‪ ،‬مثال‪ ،‬بمفهوم فيزيا ي بسيط‪ ،‬وليكن الطول‪ ،‬فماذا ع ي طول ش يء من ألاشياء‬
‫؟ فمن ناحية الاستدالل‪ ،‬فالطول معرول‪ ،‬وهو عبارة عن امتداد ش يء ما‪ ،‬أيا كان هذا‬
‫الش يء‪ ،‬وللحصول على طول ش يء من ألاشياء‪ ،‬ال بد من القيام بإجراءات معينة‪ ،‬وبالتالي‪،‬‬
‫فإن مفهوم الطول يتحدد عندما تتحدد إلاجراءات التي بواسطتها يقاس الطول‪ ،‬وبنظرة‬
‫دقيقة‪ ،‬فإن الذي ُ ْع ى بمفهوم ما‪ ،‬ال يتعدم مجموعة من إلاجراءات‪ ،‬إن املفهوم ومجموعة‬
‫من إلاجراءات التي تناظرت مترادفان‪ ،‬وال بد من الحر على أن تكون مجموعة إلاجراءات‬
‫التي تتكاف مع املفهوم مجموعة وحيدة‪ ،‬وإال ظهرت عند التطبيق العملي جوانب عديدة‬
‫غامضة‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫إن إلاجرائية في التعريف‪ ،‬تع ي الحر على تعريف املفاهيم بواسطة إلاجراءات الفعلية‬
‫للتعرل عل ها‪ ،‬وليس بواسطة الخصائ ‪ ،‬إن إلاجراءات التي يناظرها املفهوم‪ ،‬هي التي تعرفه‬
‫إجرائيا‪ ،‬بحيث أن املفهوم ال عرل إال في حدود إجراءات القياس الفعلي‪ ،‬أو في حدود التجربة‬
‫الفعلية‪ ،‬أما خارج هذت الحدود‪ ،‬فتبق غير معروفة أو فارغة املع ى‪.‬‬
‫إن تعريف املفاهيم عن طريق خصائصها هو الخط ‪ ،‬في حين أن الصواب هو تعريفها‬
‫عن طريق إلاجراءات الال مة لقياسها أو تفعيلها‪.‬‬

‫املذهب الوضهي وإلاجرائية‪.‬‬


‫تطور الاتجات الوضهي في فلسفة العلم في القرن التاسع عشر‪ ،‬وهناك عدة فالسفة‬
‫تحداوا عنه‪ ،‬لكنه ينسب كثيرا إلى الفيلسول الفرنس ي أوجسم كومم ‪August Comte,‬‬
‫‪ ،1798 - 1857‬وهو أحد رواد الفلسفة الوضعية‪ ،‬أو املذهب الوضهي في املعرفة العلمية‪.‬‬
‫وكان للفلسفة الوضعية ت اير قوي على املهتمين بالعلوم إلانسانية‪ .‬وتتسم هذت الحركة‬
‫الفلسفية بالت كيد على نموذج العلوم الطبيعية في البحث‪ ،‬كمصدر وحيد للمعرفة‪ .‬وتتسم‬
‫أيضا بالتفرقة الحادة بين عالم الواقع (الوضهي) وعالم القيم (املعياري)‪ ،‬وبالعداء الشديد‬
‫للدين وللفلسفة التقليدية‪ ،‬وخاصة امليتافيزيقا‪ .‬وتتمثل الاعتقادات الرئيسية للمذهب‬
‫الوضهي فيما ي تي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ إن العلم ينبغي أن يقتصر اهتمامه على الحقائق القابلة للمشاهدة فقط (فكلمة‬
‫وضهي‪ ،‬بهذا املع ى‪ ،‬يقصد بها التعامل مع ألاشياء التي لها وجود واقهي)‪ .‬أما املفاهيم‬
‫الاستداللية التي ُ ستدل على وجودها فقط‪ ،‬وإن لم تكن شاخصة في الواقع‪ ،‬فليس ملثلها‬
‫مكان في العلم‪ ،‬و عت ر هذا الاعتقاد أحد أشكال املذهب التجريبي (وهو الاعتقاد ب ن املعرفة‬
‫برمتها مستمدة من الخ رة الحسية)‪" .‬فالحواس تقدم معرفة ال لبس ف ها"‪ .‬فقد قال عالم‬
‫الاجتماع الفرنس ي‪ ،‬إ‪ .‬دوركايم ‪" ،E. Durkheim, 1858 - 1917‬إن العالم‪ /‬الباحث‪ ،‬ال ستطيع‬
‫أن ينهج منهجا آخر غير اعتبار إلاحساس نقطة بداية لدراسته‪ .‬ولن ستطيع أن يتحرر من‬
‫ألافكار الشا عة ومن ألالفاظ التي تع ر عن هذت املعاني‪ ،‬إال إذا جعل إلاحساس هو املادة‬
‫ّ‬
‫ألاولية التي ال بد منها في نش ة كل مع ى كلي"‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إن م ـناه ـج الع ـلوم الطبيـعي ـة (من ق ـب ـي ـل الت ـك ـم ـي ـم والت ـص ـن ـي ـف إلى متـغيرات مستقلة‬
‫وأخرم تابعة‪ ،‬وصياغة القوانين العامة) يجب أن تطبق في العلوم الاجتماعية كذلك‪ ،‬واعتبار‬
‫نموذج العلوم الطبيعية سلطة مرجعية للعلوم إلانسانية والاجتماعية‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫‪ 3‬ـ إخضاع الظواهر الاجتماعية وإلانسانية للتجريب‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ إن العلم موضوعي ومتحرر من ألاحكام القيمية‪.‬‬
‫وترم النزعة الطبيعية في الفلسفة‪ ،‬أنه ال يوجد م رر للتمييز بين نموذجين للعلم؛‬
‫أحده ما للموضوعات الطبيعية‪ ،‬والثاني للموضوعات إلانسانية والاجتماعية‪ .‬وأنه ليس‬
‫للعلوم إلانسانية والاجتماعية سوم احتذاء العلوم الطبيعية‪ .‬وتنسب للنزعة الطبيعية‬
‫اتجاهات كثيرة‪ ،‬منها ‪ :‬الوضعية باتجاهاتها املتعددة؛ كالنقدية التجريبية – ‪Empiroi‬‬
‫‪ ،Criticism‬والنزعة الفيزيائية ‪ ،Physicalism‬والنزعة إلاجرائية ‪ ،Operationism‬والسلوكية‬
‫‪.Behaviourism‬‬
‫وفي بداية القرن العشرين‪ ،‬ظهر تطور في املذهب الوضهي‪ ،‬تمثل في الوضعية املنطقية‬
‫‪ ،Logical Positivism‬وارتبط هذا املذهب بجماعة من الفالسفة عرفوا باسم "حلقة فيينا‬
‫‪ ،"Vienna Circle‬ومنهم رودولف كارناب ‪ ،Carnap‬فيتجنشتين ‪ ،Wittgenstein‬أير ‪.Ayer‬‬
‫وذهب هذا املذهب إلى تحليل القضايا ليبين أيها تحمل مع ى وأيها تخلو منه‪ ،‬ام دعا إلى‬
‫اقتصار الخطاب الفلسفي على ألامور التي يمكن الكالم عنها بشكل دقيق‪ ،‬و عكس امل اور‬
‫الشهير لفيتجنشتين (‪ )Wittgenstein, 1921‬هذا املع ى تماما ‪" :‬أي ش يء يمكن قوله‪ ،‬يجب‬
‫أن يقال بوضوح‪ ،‬وما ال يمكن الكالم عنه أو الخوض فيه‪ ،‬فاألولى السكوت عنه"‪ .‬واملحك‬
‫الرئيس ي للوضعية املنطقية‪ ،‬هو أن تقبل كل القضايا الفلسفية الاختبار وفق الخ رة الحسية‬
‫‪.Sensory experience‬‬
‫وقدم أير‪ ،‬من خالل كتابه املعنون بـ ‪" :‬اللغة‪ ،‬والحق‪ ،‬واملنطق"‪ ،‬الصادر عام ‪،1936‬‬
‫الخطوط العريضة الرئيسية املبكرة للوضعية املنطقية‪ .‬يبدأ أير بالقول‪ ،‬ب ن أي عبارة لغوية‬
‫إما أن تكون ذات مع ى أو تكون لغوا ال قيمة له‪ ،‬ولكي يكون للعبارة مع ى‪ ،‬يجب أن تكون‬
‫هذت العبارة قابلة المتحان صدقها أو يفها‪ ،‬ومن ام فإن مبدأ التحقيق أو امتحان الصدق‪،‬‬
‫مبدأ أساس ي في هذا الصدد‪ ،‬ولكي يمكن امتحان صدق أي عبارة أو قضية‪ ،‬ال بد من أن‬
‫تنطوي على إلاحالة إلى خ رة حسية‪ ،‬فا حالة إلى الخ رة الحسية‪ ،‬هو جوهر املع ى‪ ،‬وما يصدق‬
‫على العبارات أو القضايا‪ ،‬يصدق كذلك بالنسبة لألسئلة‪ ،‬فالسؤال الذي ال يحيل إلى خ رة‬
‫حسية‪ ،‬يكون فاقد املع ى وال قيمة له‪.‬‬
‫وه ـن ـاك ع ـال ـم الاج ـت ـم ـاع الف ـرن ـس ـي‪ ،‬إم ـي ـل دورك ـاي ـم‪ ،‬وه ـو ك ـذل ـك‪ ،‬م ـن رواد الـف ـل ـس ـف ـة‬
‫الوضعية فـي العلم‪ ،‬الذي قال فـي كتابه ‪ :‬قواعد املنهج في علم الاجتماع‪ ،‬الصادر عام ‪1895‬‬
‫‪" :‬إن الظواهر الاجتماعية أشياء"‪ ،‬وينبغي أن تدرس على أنها أشياء‪ .‬وال ع ي هذا أن الوقا ع‬

‫‪126‬‬
‫تعرل من الداخل‪ ،‬بينما ّ‬
‫عرل الش يء‬ ‫الاجتماعية أشياء مادية‪ ،‬فالش يء تقابله الفكرة التي ّ‬
‫من الخارج‪ .‬ووفقا لهذت الطرح‪ ،‬يمكن القول‪ ،‬بكل بساطة‪ ،‬أن التعريف الت سيس ي‪ ،‬هو‬
‫تعريف املفهوم من الداخل‪ ،‬والتعريف إلاجرا ي هو تعريف املفهوم من الخارج‪ .‬فمثال‪ّ ،‬‬
‫عرل‬
‫دافع الجوع من الداخل (ت سيسيا)‪ ،‬على أنه ‪ :‬طاقة داخلية ّ‬
‫تحرض الكائن للقيام بسلوك‬
‫للحصول على الطعام شباعه‪ .‬أما تعريفه من الخارج (إجرائيا)‪ ،‬فهو ‪ :‬الدرجة التي يحصل‬
‫عل ها املفحو على مقياس يقيس دافع الجوع‪ ،‬أو هو ‪ :‬سلوك الفرد وهو يبحث عن الطعام‪،‬‬
‫أو هو مرور أكثر من أربع ساعات على تناول الفرد آخر وجبة طعام‪.‬‬

‫الوضعية في علم النفس‪.‬‬


‫اعتاد علماء النفس أن يهتموا بدراسة ما يجري داخل عقول الناس‪ .‬وإلى اليوم‪ ،‬ما ال‬
‫على علم النفس أن يهتم بالخ رة الداخلية للفرد‪ ،‬واعت رت عمليات مثل ‪ :‬التفكير والشعور‬
‫والاختيار‪ ،‬أبر ما يميز كل ألانشطة إلانسانية‪ .‬لكن السلوكية أدت‪ ،‬في بداية القرن العشرين‪،‬‬
‫إلى تغيير هذت النظرة‪ ،‬عندما تيعمم اورة ضد الاستبطان‪ ،‬وأقصم املضمون العقلي (الخ رة‬
‫الشعورية) من علم النفس‪ ،‬وقررت أن على علم النفس أن يهتم بتلك الجوانب من السلوك‪،‬‬
‫أو العمليات القابلة للمالحظة من الناحية الخارجية‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬دخلم الوضعية علم النفس من باب السلوكية‪ ،‬التي من أشهر مؤسس ها واطسن‬
‫‪ J. B. Watson, 1913‬ومن أشهر الباحثين ف ها سكينر ‪ .B. F. Skinner‬وهدل كالهما إلى تقلي‬
‫مجال الدراسة في علم النفس لكي يصير "علم السلوك" فقط‪ ،‬ودون أدن اعتبار ألي متغيرات‬
‫داخلية‪ ،‬مثل ‪ :‬ألافكار والحاالت الوجدانية‪ .‬وحث واطسن علماء النفس على ذلك‪ ،‬قائال ‪:‬‬
‫"دعونا نقتصر في دراستنا النفسية على ألاشياء التي نستطيع مشاهدتها‪ ،‬ونصوغ القوانين‬
‫بش ن هذت ألاشياء فقط"‪ .‬وصار دعاة السلوكية‪ ،‬ال يقولون إن الف ر جا ع‪ ،‬ألن الجوع مفهوم‬
‫استداللي‪ ،‬ولكنهم يقولون‪ ،‬بدال من ذلك‪ ،‬إن الف ر ُحرم من الطعام ملدة امان ساعات‪ ،‬أو أنه‬
‫صار يين االاة أرباع و نه ألاصلي‪ .‬وباملثل‪ ،‬ال يتكلمون عن العدوان‪ ،‬أو أن الشخ عدواني‪،‬‬
‫ولكنهم يتحداون عن أشكال محددة من السلوك العدواني‪ ،‬مثل ‪ :‬الركل واللكم والسب‪.‬‬
‫وميزة الاق ـت ـصار على الس ـلوك القاب ـل للم ـشاه ـدة‪ ،‬ه ـي أن يكون الش يء الذي نتكلم عنه‬
‫واضحا‪ ،‬وأن ستطيع الباحثون استعادة ما انتهم إليه البحوث ألاخرم من نتائج‪ .‬وفي العمل‬
‫العيادي‪ ،‬كذلك‪ ،‬دعم حركة املذهب الوضهي املنطقي‪ ،‬إلى ضرورة أن يصير التقدير‬

‫‪127‬‬
‫(التشخي ) العيادي وايق الصلة بالسلوك القابل للمشاهدة‪ ،‬حتى يمكن تجنب‬
‫الاستدالالت التي ينتهي إل ها املعالج عندما يقرر مثال‪ ،‬أن الحالة لديه يخصية هستيرية‪.‬‬

‫إلاجرائية في الفيزياء وعلم النفس‪.‬‬


‫هناك سـؤال مشترك بين علماء الفيزياء وعلماء النفس‪ ،‬وهـو ‪" :‬كيف يتم إحكام التنظير‬
‫لي تي على قدر املشاهدة ؟ أو كيف تصاغ العالقة بين البناء النظري وجسم الواقع"‪.‬‬

‫علماء النفس سبقون علماء الفيزياء في العمل با جرائية‪.‬‬


‫يقول شيخ مؤرخي علم النفس‪ ،‬السيكولوجي ألامريكي‪ ،‬إدوين بورنج ‪،E. Boring, 1957‬‬
‫إن ما قدمه بردجمان لم يكن جديدا تماما على جميع علماء النفس‪ ،‬فقولهم ب ن الخ رة‬
‫الشعورية‪ ،‬كخ رة خاصة‪ ،‬ال مع ى لها بالنسبة للعلم‪ ،‬ليس أمرا جديدا بالنسبة لبعض علماء‬
‫النفس‪ ،‬الذين رأوا أن عملية الاستبطان لن تكون لها قيمة علمية ما لم تحدد لها معالم‬
‫عامة‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فقد كان لكلمة بردجمان و ن إضافي في القضية‪ ،‬ألنه نطق بصوت علم‬
‫الطبيعة (الفيزياء) الذي ينظر إليه علماء النفس كمثل أعلى النضباط العلم‪.‬‬
‫ويذكر بورنج‪ ،‬أنه قبل أعمال بردجمان‪ ،‬وبعيدا عنها‪ ،‬كانم هناك بحوث تجريبية‪ ،‬أنجيت‬
‫في النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪ ،‬بفضل علماء نفس كبار في أملانيا‪ ،‬مثل ‪ :‬جوستال‬
‫تيودور فخنر ‪ ،G. T. Fichner, 1860‬فلهلم فندت ‪ ،W. Wundt, 1879‬هرمان فون إبنجهاوس‬
‫‪ .H. V. Ebbinghaus, 1885‬كانم لها إسهامات واضحة في ت سيس التوجه إلاجرا ي في تناول‬
‫مفاهيم في علم النفس‪ .‬وكذلك‪ ،‬أعمال كل من الفرنس ي‪ ،‬ألفريد بي ي ‪ ،A. Binet, 1905‬في‬
‫قياس الذكاء‪ ،‬والتعبير عنه من خالل نسبة الذكاء‪ ،‬التي يتم حسابها بقسمة العمر العقلي‬
‫على العمر اليم ي والناتج يضرب في مئة‪ .‬وإلانجليزي‪ ،‬فرنسيس جالتون ‪ ،F. Galton, 1882‬في‬
‫قياس الذكاء من خالل أنشطة حسية‪.‬‬
‫ويجدر هنا ذكر علماء النفس الذين كانوا يجرون التجارب على الحيوانات‪ ،‬في إطار‬
‫ّ‬
‫التنظير في التعلم‪ ،‬أمثال ‪ :‬بافلول ‪ ،Pavlov, 1897‬اورندايك ‪ Thorndike, 1898‬وتوملان‬
‫يجوعون الحيوانات بحرمانها من الطعام‬ ‫‪ Tolman‬وجثري ‪ Guethre‬وسكنر ‪ ،Skinner‬كانوا ّ‬
‫لساعات‪ ،‬حتى ينق و نها‪ ،‬و عت ر هذا إلاجراء تعريفا إجرائيا للجوع‪ ،‬حتى ولو لم يصرحوا‬
‫يتعرفون على حدوث التعلم‪ ،‬إجرائيا‪ ،‬لدم‬ ‫بذلك‪ ،‬وقاموا بذلك‪ ،‬قبل بردجمان‪ .‬كما كانوا ّ‬
‫حيوانات تجاربهم‪ ،‬بسيالن لعاب الكلب عند إلاحساس باملثير الشرطي (بافلول)‪ ،‬أو النق‬

‫‪128‬‬
‫التدريجي للمحاوالت الخاطئة وانعدامها في النهاية تماما‪ ،‬في سهي القط إلى حل املشكلة‬
‫(اورندايك)‪ ،‬أو نقر الحمامة على القر ذي اللون ألاخضر بدال من النقر على القر ذي‬
‫اللون ألاحمر (سكينر)‪.‬‬
‫وهذت ألاعمال‪ ،‬كما نالحظ‪ ،‬تتضمن إلاجرائية في جوهرها‪ ،‬بالرغم من أن أصحابها لم‬
‫ينطقوا بها صرحة‪.‬‬

‫إلاجرائية في أعمال علمية نفسية وتربوية‪.‬‬


‫ُأ ْنجي‪ ،‬كـذلـك‪ ،‬في النصف ألاول من القـرن العشـرين‪ ،‬ع ٌ‬
‫ـدد من ألاعـمال العلمية في علم‬ ‫ِ‬
‫النفس والتربية‪ ،‬تجريبية وغير تجريبية‪ ،‬استعملم كلمة "إجرا ي" ووظفم "إلاجرائية" في‬
‫التعامل مع السلوك النفس ي والتربوي‪ ،‬هي ما ي تي ‪:‬‬

‫في السلوكية‪.‬‬
‫وفي مجال "إلاشراط إلاجرا ي"‪ ،‬الذي تقوم عليه نظرية التعلم لصاحبها السيكولوجي‬
‫ألامريكي‪ ،‬ب‪ .‬ل‪ .‬سكنر ‪ ،B. F. Skinner‬هناك "إشراط" وهناك "إجراء"‪ ،‬أي لكي يحدث‬
‫إشراط بين عنصرين تجريبيين (استجابة وتعييي)‪ ،‬ال بد من القيام بإجراء معين‪ .‬لقد كان‬
‫سكينر‪ ،‬يدخل حمامة جا عة إلى قف للطيور‪ ،‬ويتركها تصدر (تجري‪ /‬إجراء) استجابات‬
‫معينة‪ ،‬كاملش ي والرفرفة والنقر والالتفات‪ ،‬ويالحظها وهي تقوم بذلك‪ ،‬ام يختار استجابة‬
‫واحدة من هذت ويقدم عل ها تعيييا (طعاما؛ حبات القمح أو الذرة أو الشعير) للحمامة‪ .‬في‬
‫هذت التجربة‪ ،‬حدث إجراء (سلوك يالحظ مباشرة) قامم به الحمامة‪ ،‬فقدم املجرب تعيييا‬
‫لهذا السلوك‪ ،‬فحدث إشراط أو ارتباط شرطي بين سلوك الحمامة (إجراء) وتقديم الطعام‬
‫(تعييي)‪ ،‬أي أن حصول الحمامة على الطعام (تعييي)‪ ،‬وهي جا عة‪ ،‬مشروط بإجرائها لسلوك‬
‫معين يريدت املجرب‪ ،‬فتمم تسميته بـ ‪" :‬إلاشراط إلاجرا ي ‪."Operational Conditioning‬‬

‫في مرحلة العمليات إلاجرائية عند بياجي‪.‬‬


‫عند بنائه لنظريته في النمو املعرفي‪ ،‬تب ى بياجي أسلوب تقسيم النمو املعرفي إلى مراحل‬
‫كما ي تي‪:‬‬

‫‪129‬‬
‫املرحلة الحسية الحركية‪ ،‬ومدتها سنتان ‪:‬‬
‫وف ها ستجيب ألاطفال معرفيا لألشياء التي يتعرفون عل ها حسيا؛ أي شاهدونها أو‬
‫سمعونها أو يلمسونها‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫مرحلة ما قبل العمليات‪ ،‬وتستمر إلى عمر ‪ 6‬ـ ‪7‬سنوات ‪:‬‬


‫وف ها ستجيب الطفل معرفيا بفضل نمو الوظيفة الرميية‪ ،‬والاستدالل‪ ،‬والتمركي حول‬
‫الذات‪ ،‬والتصنيف‪ ،‬و سيطر على نشاطه املعرفي في هذت املرحلة التفكير الحدس ي الذي يجعل‬
‫الطفل ستجيب لألحداث التي تقع أمامه في اتجات واحد املعاكس للتفكير املنطقي‪ ،‬ألنه ال‬
‫يتوفر على قواعد عقلية‪ ،‬التي تجعله يدرك ألاحداث وعكسها‪ ،‬مثل ‪ ،4 = 2 + 2 :‬و ‪= 2 – 4‬‬
‫عوض في العرض‪ ،‬الحجم ال يتغير بتغير الشكل‪ ...‬وغيرها‪ .‬وهذت القواعد العقلية‬ ‫‪ .2‬الطول ّ‬
‫ُ‬
‫أو "العمليات"‪ ،‬ال ستوعبها الطفل في هذت املرحلة‪ ،‬حتى ولو شاهد وقا عها "ت ْجرم" أمامه‪،‬‬
‫بسبب سيطرة التفكير الحدس ي على تفاعله معرفيا مع ألاحداث‪ .‬ولهذا أطلق عل ها "مرحلة‬
‫ما قبل العمليات"‪.‬‬

‫مرحلة العمليات إلاجرائية‪ ،‬وتقع بين ‪ 7‬ـ ‪ 12‬سنة ‪:‬‬


‫في هذت املرحلة تنمو لدم الطفل القواعد العقلية املنطقية التي يطلق عل ها بياجي‬
‫"العمليات"‪ ،‬ولهذا أطلق على هذت املرحلة "مرحلة العمليات"‪ .‬فالطفل هنا ستطيع أن‬
‫يتجاوب معرفيا مع الخ رات‪ ،‬التي يكتسبها‪ ،‬في أكثر من اتجات معرفي‪ ،‬فإذا كان في املرحلة "ما‬
‫قبل الع مليات"‪ ،‬سيطر عليه التفكير الحدس ي‪ ،‬الذي يجعل التفكير سير في اتجات معرفي‬
‫واحد‪ ،‬فإنه في هذت املرحلة‪ ،‬ستطيع أن يدرك ويتعرل على الخ رات من وجهات نظر متعددة‪،‬‬
‫ويفهم قواعد عقلية مثل ‪ :‬الاحتفاظ والانعكاس والتعويض‪ ،‬و ستوعبها‪ ،‬لكن بشرط أن‬
‫"تجرم" أمامه ويخت رها حسيا‪ ،‬وليس أن تقال له لفظيا‪ ،‬ولهذا أطلق عل ها "العمليات‬
‫إلاجرائية"‪ ،‬مثال على قاعدتي أو عمليتي الاحتفاظ والتعويض ‪ :‬يؤت أمام الطفل بإناءين؛‬
‫أحدهما طويل وضيق وآلاخر قصير وواسع‪ ،‬وفي إلاناء الطويل يوجد لتر من املاء‪ُ ،‬ويطلب من‬
‫الطفل أن يركي انتباهه على العمل الذي سول "يجرم" أمامه‪ ،‬فيتم صب ذلك املاء كله من‬
‫إلاناء الطويل الضيق في إلاناء القصير الواسع‪ ،‬و س ل الطفل ‪ :‬هل كمية املاء نقصم ؟ ورغم‬
‫أن كمية املاء تبدو ظاهريا منخفضة‪ ،‬إال أن الطفل يصرح أن كمية املاء بقيم كما هي لم‬

‫‪130‬‬
‫ينق منها ش يء (ابات الكمية)‪ ،‬حيث أن الطول تم تعويضه في الاتساع (الاحتفاظ بالكم‬
‫أو الحجم)‪.‬‬

‫في مجال ألاهدال التعليمية‪.‬‬


‫في إسهامات عالم التربية ألامريكي‪ ،‬بنيامين بلوم ‪ ،B. Bloom‬في مجال ألاهدال التعليمية‪،‬‬
‫هناك نوع من ألاهدال يطلق عل ها ألاهدال إلاجرائية‪ ،‬وهي ألاهدال التي تصاغ بلغة تجعلها‬
‫قابلة للمالحظة املباشرة وقياسها‪ ،‬بصفتها سلوكا يقوم به التلميذ بعد تلقيه لدرس معين‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬أن يكتب التميذ‪ ....‬أن يرسم التلميذ‪ ....‬أن يصنف التلميذ‪ .....‬أن يقرأ التلميذ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫إن فعل الكتابة وفعل الرسم وفعل التصنيف وفعل القراءة‪ ،‬كلها إجرائية‪ ،‬ألن التلميذ يقوم‪،‬‬
‫وفق هذت ألافعال‪ ،‬بسلوك يمكن مالحظته وقياسه؛ فكم حرفا أو كم كلمة قام بكتابتها في‬
‫ّ‬
‫يتصور‬ ‫مدة ‪ 5‬دقائق‪ ،‬مثال‪ .‬أما ألافعال التالية ‪ :‬أن عتقد التلميذ‪ ....‬أن يفهم التلميذ‪ ....‬أن‬
‫التلميذ‪ ،‬أن يؤمن التلميذ‪ ....‬فإن فعل الاعتقاد‪ ،‬وفعل الفهم‪ ،‬وفعل التصور‪ ،‬وفعل إلايملن‪،‬‬
‫ليسم إجرائية‪ ،‬ألن السلوك الذي يقوم به التلميذ وفق هذت ألافعال‪ ،‬ال يمكن مالحظته‬
‫مباشرة وال قياسه‪.‬‬

‫التعريف إلاجرا ي‪.‬‬


‫طبيعة التعريف إلاجرا ي وأهميته‪.‬‬
‫إن التعريف إلاجرا ي ‪ ،Operational Definition‬هو تعريف ينسب فيه املع ى إلى‬
‫مفهوم ت سيس ي‪ ،‬يتم بتحديد إلاجراءات التي يتوجب القيام بها من أجل قياس املفهوم أو‬
‫تفعيله (تجريبيا)‪ ،‬وهذا النوع من التعريف‪ ،‬ضروري في البحث العلمي امليداني‪ ،‬ألنه ينبغي‬
‫جمع البيانات بلغة أحداث قابلة للمالحظة‪ .‬ويمكن للعلماء الباحثين التعامل مع مفاهيم‬
‫بنائية استداللية على مستوم نظري‪ ،‬ولكن قبل أن يقوموا ببحثها ميدانيا‪ ،‬ينبغي عل هم‬
‫تحديدها ك حداث قابلة للمالحظة‪ ،‬تمثل تلك املفاهيم البنائية‪ .‬ويختار الباحثون أحدااا‬
‫وظواهر قابلة للمالحظة كمؤشرات للمفاهيم املجردة‪ ،‬ام يصممون إجراءات للحصول على‬
‫بيانات ذات عالقة باملفهوم‪ ،‬وذلك لتعريفه إجرائيا‪.‬‬
‫ويتيح التعريف إلاجرا ي للباحث‪ ،‬التقدم من مستوم املفهوم الت سيس ي أو الاستداللي‬
‫املجرد‪ ،‬املرتبط بالنظرية‪ ،‬إلى مستوم املالحظة املباشرة للمفهوم‪ ،‬التي ستند إل ها العلم‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫و سبق وضع تعريف إجرا ي‪ ،‬استعمال أداة القياس أو إجراء تجربة‪ ،‬ألن هذا سهل‬
‫عملية الصياغة إلاجرائية‪ ،‬فيتم تعريف املفهوم بطريقة تمكن من قياسه بسهولة‪.‬‬
‫القياس أو التجريب‪.‬‬ ‫التعريف إلاجرا ي‬ ‫املفهوم الاستداللي‬
‫ويختار الباحث تنفيذ التعريف إلاجرا ي للمفهوم الاستداللي بناء على طبيعة املفهوم‪ ،‬إذا‬
‫كان يقاس فقط‪ ،‬أو يمكن إخضاعه للتجريب‪ ،‬وبناء كذلك على املوارد وإلامكانات املتاحة له‬
‫للقياس أو للتجريب‪.‬‬
‫ويختار الباحثون من مجموعة متنوعة من التعريفات إلاجرائية املمكنة‪ ،‬تلك التي تمثل‬
‫بطريقة أحسن أسلوبهم في التعامل مع املفهوم املجرد ميدانيا‪.‬‬

‫أهدال استعمال التعريف إلاجرا ي‪.‬‬


‫يحتاج الباحثون إلى التعريفات إلاجرائية للمفاهيم من أجل ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن يتمكنوا من فهم بعضهم البعض فيما يقومون به من بحوث‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن يقوموا بتكرار أعمالهم البحثية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أن يثق الباحث أنه يالحظ الخاصية بنفس الطريقة التي الحظها بها باحثون آخرون‪،‬‬
‫وفي غياب التعريف إلاجرا ي‪ ،‬ال يمكن للباحث أن يطمئن إلى أنه يالحظ الخاصية نفسها‪،‬‬
‫وسول يؤدي ذلك إلى عدم اتساق البحث حول نفس الخاصية‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ 4‬ـ أن ّ‬
‫ييود التعريف إلاجرا ي الباحث بمؤشر يتيح له أن عرل أن الخاصية التي يدرسها‬
‫موجودة ومتحقق منها في الواقع امليداني‪.‬‬

‫أهمية التعريف إلاجرا ي في البحث العلمي‪.‬‬


‫إن التعـريف إلاجـرا ي‪ ،‬ال ستنفذ املعـ ى العـلمي التام للمفهوم‪ ،‬وألنـه محدد جدا في‬
‫املع ى‪ ،‬فإن غايته وضع حدود للمفهوم ال يتعداها‪ ،‬وذلك من أجل الت كيد على أن أي فرد‬
‫يهمه ألامر‪ ،‬يفهم الطريقة الخاصة التي ستعمل بها املفهوم في امليدان‪.‬‬
‫وتمم إلاشارة في مقدمة هذت الدراسة‪ ،‬إلى أن التعريف الت سيس ي للمفهوم املجرد‪ ،‬تكون‬
‫له عدة ت ويالت‪ ،‬أما التعريف إلاجرا ي‪ ،‬فيكون له ت ويل واحد فقط‪ ،‬وفق الطريقة إلاجرائية‬
‫املستعملة لتعريفه‪.‬‬
‫وتعت ر التعريفات إلاجرائية أساسية للبحث العلمي‪ ،‬ألنها تتيح للباحثين قياس املفاهيم‬
‫املجردة‪ ،‬أو إخضاعها للتجريب‪ .‬وتظهر أهمية وفائدة التعريف إلاجرا ي‪ ،‬في أنه يبين كيف‬

‫‪132‬‬
‫املجردة ميدانيا‪ ،‬أي في ميدان البحث‪ ،‬وهنا تكمن واحدة من‬ ‫ّ‬ ‫يتعامل الباحث مع املفاهيم‬
‫جوانب قوته‪.‬‬
‫وت ـساه ـم الت ـع ـري ـفات إلاج ـرائ ـي ـة فـي تـوج ـي ـه الباح ـث ـين إلى الاس ـت ـم ـرار في منـهج الاستقصاء‬
‫الذي يتعذر القيام به في مستوم املفاهيم الت سيسية املجردة‪ .‬فالتعريف إلاجرا ي الذي‬
‫ستند إلى القياس‪ ،‬يتيح للباحث الاستمرار في عملية القياس ليحيط علما بجوانب كثيرة‬
‫للمفهوم محل البحث‪ ،‬وكذلك التعريف إلاجرا ي املستند إلى التجريب‪ ،‬يتيح للباحث التكرار‬
‫في التجريب‪ ،‬ليتعرل على خصائ املفهوم محل البحث‪ ،‬وكذلك التعريف إلاجرا ي املستند‬
‫إلى أساليب أخرم كيميائية وغيرها‪ ،‬يتيح للباحث تتبع تطور الظواهر محل البحث في حاالتها‬
‫املختلفة‪.‬‬
‫ويضمن التعريف إلاجرا ي املوضوعية‪ ،‬أي عدم تدخل ميول وأهواء الباحث في البحث‪،‬‬
‫ألن تحديد إلاجراءات الال مة حداث املفهوم‪ ،‬وتحديد الوسائل الال مة لقياسه‪ ،‬تكون محل‬
‫اتفاق علمي بين الباحثين املختصين في ميدان ذلك العلم‪.‬‬

‫التعريف إلاجرا ي‪.‬‬ ‫خصائ‬


‫يختلف التعريف إلاجرا ي عن التعريف الت سيس ي بدرجة كبيرة‪ ،‬فهو يتميز بالخصائ‬
‫آلاتية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ليس مجردا إطالقا‪ ،‬بل يرتبط دائما باملقاييس أو بالتجارب‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ توجد تعريفات إجرائية متنوعة وعديدة ألي مفهوم‪ ،‬أو خاصية‪ ،‬أو عملية‪ ،‬وفق تعدد‬
‫أدوات القياس‪ ،‬وتنوع طرق إجراء التجارب‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تعت ر التعريفات إلاجرائية ذات نطاق ضيق‪ ،‬وتطبق على مواقف محدودة‪ ،‬وهي تهدل‬
‫إلى الدقة‪ ،‬مع التضحية بالعمومية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ عرل من كلمة إجراء‪ ،‬أي أن التعريف إلاجرا ي يصاغ من كون الباحث يقوم بإجراء‬
‫ما إ اء مفهوم معين في بحثه‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ إن املفهوم الذي يقوم الباحث إ اءت بإجراء معين لتعريفه‪ ،‬هو مفهوم مجرد‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ إن التعريف إلاجرا ي يصاغ للمفهوم املجرد‪ ،‬ألن املفهوم املجرد ال يالحظ مباشرة‪،‬‬
‫والتعريف إلاجرا ي يجعله قابال للمالحظة‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ إن إلاجراء الذي يقوم به الباحث إ اء املفهوم املجرد‪ ،‬يتحدد إما من خالل إجراءات‬
‫القياس أو إجراءات التجريب أو نتائج التحاليل الكيميائية‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫‪ 8‬ـ وعندما يتم تعريف املفهوم إجرائيا‪ ،‬يصير قابال للمالحظة من خالل ما يدل عليه‪،‬‬
‫عندئذ سهل التعامل معه في ميدان البحث‪ ،‬سواء كميا أم كيفيا‪.‬‬
‫والتعريف إلاجرا ي‪ ،‬وفق هذت الخصائ ‪ ،‬عت ر مهما جدا‪ ،‬إذ عطي املفاهيم املجردة‬
‫معاني محددة متفقا عل ها‪ ،‬فدافع الجوع مفهوم مجرد‪ ،‬ويمكن تعريفه إجرائيا بعدد‬
‫الساعات التي حرم ف ها إلانسان أو الحيوان من تناول الطعام‪ ،‬و عت ر هذا التعريف إجرائيا‪،‬‬
‫ألنه حدد إلاجراءات التي أمكن إتباعها حداث دافع الجوع‪ ،‬وهذت إلاجراءات ينبغي الاتفاق‬
‫عل ها بين الباحثين‪.‬‬

‫شروط التعريف إلاجرا ي‪.‬‬


‫هناك عدة شروط ينبغي الالتزام بها عند القيام بصياغة تعريفات إجرائية للمفاهيم‬
‫املجردة‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن يكون التعريف إلاجرا ي صادقا ومرتبطا تمام الارتباط بمتغيرات البحث‪ ،‬وأن يكون‬
‫صالحا لالستعمال في جمع البيانات التي تساعد الباحث على إلاجابة عن أسئلة البحث‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن يكون مرتبطا كليا بسياق البحث‪ ،‬ومصمما بطريقة خاصة للمشروع البحثي‬
‫املع ي‪ ،‬بحيث يكون غير صالح ألي مشار ع بحثية أخرم‪.‬‬
‫وأضيف شرطين آخرين ‪:‬‬
‫‪ 3‬ـ أن يكون للمفهوم املعرل إجرائيا تعريف ت سيس ي ستند إليه‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أن يكون املفهوم الذي ينبغي تعريفه إجرائيا مفهوما كميا‪ ،‬أي يقاس‪.‬‬

‫التعريف إلاجرا ي في علم النفس‪.‬‬


‫طبيعة املفاهيم النفسية‪.‬‬
‫عندما يكون الباحث‪ ،‬في علم النفس‪ ،‬بصدد إجراء بحث ميداني‪ ،‬حول مفهوم "الدافع"‬
‫وعرفه ت سيسيا فقط‪ ،‬كما ي تي ‪" :‬الدافع طاقة داخلية تحرض الكائن للقيام بسلوك‬ ‫ّ‬
‫عرفه ب نه ‪" :‬انحرال الشروط البيئية عن حاجات الكائن الحي"‪ .‬إن هذين‬ ‫هادل"‪ ،‬أو ّ‬
‫التعريفين جعال الدافع مفهوما مجردا‪ ،‬ال ستطيع الباحث التعرل عليه في ميدان البحث‪،‬‬
‫وال كيف يتعامل معه في الواقع‪ ،‬وال كيف يحددت كميا‪ ،‬ملعرفة مستوم ارتفاعه أو انخفاضه‪،‬‬
‫لدم الفرد أو لدم املجموعة‪ ،‬أو ارتباطه بمتغيرات أخرم‪ .‬وفي هذت الحالة‪ ،‬يقوم الباحث‬

‫‪134‬‬
‫بإجراءات معينة إ اء مفهوم "الدافع"‪ ،‬لجعله قابال للمالحظة‪ ،‬ويمكن التعامل معه‪ ،‬مباشرة‪،‬‬
‫في ميدان البحث‪.‬‬
‫وبلغة إلاجرائية التي وضعها بردجمان‪ ،‬فإن ‪" :‬الدافع‪ ،‬ال يتضمن شيئا سوم إلاجراءات‬
‫ّ‬
‫تحصل‬ ‫التي يتحدد الدافع من خاللها"‪ ،‬أو بلغة أخرم‪ ،‬إن ‪" :‬الدافع‪ ،‬ما هو إال الدرجات التي‬
‫عل ها املفحو الذي أدم على اختبار يقيس الدافع"‪ .‬أو الدافع هو ‪ :‬السلوك الذي قام به‬
‫الفرد في التجربة‪.‬‬
‫فالباحث النفس ي‪ ،‬يتعرل على الدافع من خالل ش يء يالحظه في الواقع‪ ،‬وهو درجة الفرد‬
‫أو درجات ألافراد‪ ،‬أو السلوك أاناء تجربة‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬تصاغ التعريفات إلاجرائية‪ ،‬في علم النفس‪ ،‬ب سلوب القياس‪ ،‬وب سلوب التجريب‪،‬‬
‫وتصاغ كذلك ب ساليب أخرم؛ كالتحاليل الطبية‪ /‬الكيميائية والقياسات الفيزيائية‬
‫وامليكانيكية وغيرها‪.‬‬
‫فالتعريف إلاجرا ي ب سلوب القياس‪ ،‬شير إلى إلاجراءات التي يقوم بها الباحثون لقياس‬
‫مفهوم‪ ،‬فمثال‪ ،‬عرل الذكاء إجرائيا ب نه ‪" :‬الدرجة التي يحصل عل ها املفحو على اختبار‬
‫ستانفورد ـ بي ي للذكاء املقنن لسنه‪ ،‬بحيث شير ارتفاع الدرجة إلى ارتفاع ذكائه‪ ،‬وانخفاض‬
‫الدرجة إلى انخفاض ذكائه"‪.‬‬
‫و عرل إلابداع إجرائيا ب نه ‪" :‬الدرجة التي يحصل عل ها املفحو على اختبار تورانس‬
‫للتفكير إلابداعي‪ ،‬و شير ارتفاع الدرجة إلى ارتفاع قدرته على الابداع"‪.‬‬
‫و عرل قلق السمة إجرائيا ب نه ‪" :‬الدرجة على استبيان سبيل رج وآخرون لقياس قلق‬
‫السمة‪ ،‬و ع ي ارتفاع الدرجة على الاستبيان‪ ،‬ارتفاع مشاعر القلق‪ ،‬و ع ي انخفاضها‪،‬‬
‫انخفاض مشاعر القلق"‪.‬‬
‫أما التعريف إلاجـرا ي ب سـلوب التجريب‪ ،‬فيع ي إلاجراءات التي يتخذها الباحث حداث‬
‫ظرول تجريبية معينة للتعرل على املفهوم‪ ،‬فالتعريف إلاجرا ي‪ ،‬ب سلوب التجريب للحباط‪،‬‬
‫تعوق الفرد عن الوصول إلى هدفه"‪.‬‬ ‫شير إلى ‪" :‬ألاحداث التي ّ‬
‫و عرل إلاحباط‪ ،‬إجرائيا كذلك‪ ،‬ب نه ‪" :‬الاستجابات اللفظية للفرد بعد تعرضه للعاقة‬
‫عن الوصول إلى هدفه"‪.‬‬
‫و شير التعريف إلاجرا ي ب سلوب التجريب للتنافر املعرفي إلى ‪" :‬إليام املفحوصين‬
‫بالتصريح بمعلومات علنية مخالفة ملعتقداتهم الخاصة"‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫أما التعريف إلاجرا ي ب سلوب التحاليل الطبية والكميائية والفيزيائية‪ ،‬فهي إجراءات‬
‫التحاليل الطبية للتعرل على الاكتئاب‪ ،‬أو مدم قوة أو ضغف جها املناعة وغيرها‪.‬‬
‫والتعريفات إلاجرائية الفيزيائية وامليكانيكية كقياس الضغط العضلي وألاو ان وألاحجام‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫وفيما يلي توضيح لحدود التعريف إلاجرا ي للمفاهيم النفسية‪.‬‬

‫حدود التعريف إلاجرا ي للمفاهيم النفسية‪.‬‬


‫إن الظواهر التي يتعامل معها العقل البشري‪ ،‬وفق طبيعتها‪ ،‬توجد على شكلين هما ‪:‬‬
‫الظواهر الحسية ‪ :‬وهي تلك الظواهر التي يدركها الفرد بحواسه‪ ،‬وتكون حاضرة بعينها‬
‫في صور مادية‪ ،‬مثل ‪ :‬الشجرة والتربة والكرس ي والقلم والكتاب وغيرها‪.‬‬
‫الظواهر املجردة أو الاستداللية ‪ :‬وهي تلك الظواهر التي ال يدركها الفرد بحواسه‪ ،‬وال‬
‫تكون حاضرة بعينها‪ ،‬وليس لها وجود صريح في الواقع‪ ،‬بل يكتسبها بإدراكه العقلي‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫العدالة وإلايمان والتقوم واملواطنة والسعادة والقلق والطموح وغيرها‪ ،‬و ستدل عل ها من‬
‫خالل ما شير إل ها‪.‬‬
‫هذا بالنسبة لعامة الناس‪ ،‬ولعامة العقول البشرية‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ما رأي العلم في هذت املس لة ؟ أو بلغة صحيحة‪ ،‬ما هي معايير العلم في التعامل‬
‫مع هذين الشكلين من الظواهر ؟‬
‫للجابة عن هذا السؤال‪ ،‬نعود إلى الفلسفة الوضعية‪ ،‬التي ترم أن الظواهر التي ال‬
‫يمكن مالحظتها حسيا‪ ،‬أي بعينها مباشرة‪ ،‬ال تدرج ضمن خانة العلم‪ ،‬إال أن ألاخذ بهذا املعيار‪،‬‬
‫قد يتسبب في إبعاد كثير من الظواهر من حظيرة العلم‪ ،‬رغم ما لها من و ن ومكانة محترمة‬
‫في عقيدة العلم والعلماء‪ ،‬مثل ‪ :‬الجاذبية والكهرباء والاستطاعة والنضج والطول وغيرها‪،‬‬
‫إن نيوتن سيغضب بشدة إذا عاد إلى الحياة‪ ،‬وعلم بإبعاد ظاهرة الجاذبية من عائلة الظواهر‬
‫العلمية‪ ،‬أما الظواهر في علم النفس‪ ،‬أو متغيرات ومفاهيم علم النفس‪ ،‬فيتم إبعادها تلقائيا‬
‫من خا نة العلم‪ ،‬كما أوص ى بذلك‪ ،‬فيلسول العقل‪ ،‬ألاملاني‪ ،‬إيمانويل كانط‪ .‬وهذا ألامر غير‬
‫مقبول‪ .‬لذا تم إدراج معيار آخر‪ ،‬وهو ‪ :‬أن تالحظ الظاهرة املجردة من خالل ما شير إل ها‪،‬‬
‫أي من خالل ما ستدل عل ها؛ فالجاذبية تالحظ و ستدل عل ها من خالل حركة ألاجسام في‬
‫الفضاء واتجاهها إلى ما يجذبها إل ها كاألرض‪ .‬والكهرباء تالحظ و ستدل عل ها من خالل إضاءة‬
‫مصباح أو تشغيل جها ‪ .‬والنضج يالحظ و ستدل عليه من خالل أداء العضو الناضج‬

‫‪136‬‬
‫لوظيفته‪ ،‬وهكذا‪ .‬وهنا تجد الظواهر النفسية مكانا لها في العلم‪ ،‬فالسيكولوجيون يالحظون‬
‫الظواهر النفسية ويتعرفون عل ها من خالل إجراءات القياس والتجريب التي يجرونها على ما‬
‫شير إل ها ويدل عل ها وهو السلوك‪.‬‬
‫وه ـناك ع ـالق ـة متـيـنـة ودائـم ـة ب ـي ـن الع ـل ـم وال ـب ـح ـث الع ـل ـم ـي‪ ،‬وت ـوج ـد أن ـواع م ـن الب ـح ـث‬
‫العلمي وأساليبه؛ كالبحث ألاساس ي‪ ،‬والبحث التطبيقي‪ ،‬والبحث املقارن‪ ،‬والبحث النوعي‪،‬‬
‫والبحث امليداني والبحث غير امليداني وغيرها‪.‬‬
‫إن البحث امليداني قد يكون أساسيا‪ ،‬وقد يكون تطبيقيا‪ ،‬وتكون الظواهر موضوع‬
‫البحث حسية أو مجردة‪ ،‬فإذا كانم الظواهر حسية‪ ،‬فإنها تظهر بعينها‪ ،‬وتبحث بطريقة‬
‫مباشرة في إج راءات البحث امليداني‪ ،‬أما إذا كانم مجردة‪ ،‬فإن الباحث ال ستطيع التعامل‬
‫معها مباشرة في ميدان البحث‪ ،‬أو من خالل ما شير إل ها‪ ،‬وهنا يتساءل‪ ،‬ما هو إلاجراء الذي‬
‫ينبغي القيام به لجعل الظاهرة املجردة‪ ،‬أو املفهوم املجرد موجودا في ميدان البحث‪ ،‬ويمكن‬
‫التعامل معه على أنه موجود حقيقة‪ .‬إذن‪ ،‬فالعبارة التي يقولها الباحث بالصيغة السابقة‪،‬‬
‫وهي ‪" :‬ما هو إلاجراء الذي ينبغي القيام به ‪ ،".............‬هي التي صيغ منها التعريف إلاجرا ي‪.‬‬
‫فالتعريف إلاجرا ي للمفاهيم املجردة في البحث امليداني‪ ،‬يقول به الباحث‪ ،‬عند قيامه بإجراء‬
‫معين‪ ،‬يجعل من خالله املفهوم املجرد مفهوما يالحظ في ميدان البحث كميا أو كيفيا‪ ،‬وتم‬
‫تحديد هذا إلاجراء في أسلوبين هما ‪ 1 :‬ـ القياس‪ 2 .‬ـ التجريب‪.‬‬
‫تحصل عل ها الفرد على مقياس‬ ‫ّ‬ ‫عرل العدوان‪ ،‬ب نه ‪" :‬الدرجة التي‬ ‫ـ بالنسبة للقياس‪ّ ،‬‬
‫يقيس السلوك العدواني"‪.‬‬
‫ـ أم ا بالنسبة للتجريب‪ ،‬فإن الباحث يصمم موقفا تجريبيا‪ ،‬يجعل فيه أحد ألافراد‬
‫متحمسا جدا لبلوغ هدل هام كان سهى إليه‪ ،‬وفي لحظة حاسمة يحرمه من ذلك‪ ،‬فإذا‬
‫عرل العدوان‬ ‫صدر من هذا الفرد سلوك عدواني‪ ،‬بسبب ذلك إلاحباط الذي تعرض له‪ّ ،‬‬
‫ب نه ‪" :‬الشتم والضرب والتحطيم لألشياء الذي صدر من املجرب عليه بعد تعرضه للحباط"‬
‫(الحرمان من بلوغ الهدل)‪ .‬والعالقة بين إلاحباط والعدوان تناولتها أقدم النظريات التي‬
‫حاولم تفسير السلوك العدواني (نظرية ‪ :‬إلاحباط‪ /‬العدوان)‪ ،‬وقال بها السيكولوجيان‬
‫ألامريكيان؛ نيل ميلر‪ ،‬جون دوالرد ‪ ،Neal Miller & John Dollard‬في الخمسينات من القرن‬
‫العشرين‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫والنتيجة التي يتم التوصل إل ها‪ ،‬هي أن التعريف إلاجرا ي ستعمله الباحث‪ ،‬فقط‪،‬‬
‫عندما ‪ )1 :‬يكون البحث ميدانيا‪ )2 ،‬ويكون املفهوم مجردا‪ ،‬واملقصود هنا مفاهيم البحث‪،‬‬
‫وليس املفاهيم التي توصف بها العينات (خصائ العينات)‪.‬‬
‫مفاهيم تعرل إجرائيا خط ‪.‬‬
‫ولك ـن ال ـذي ي ـالح ـظ فـي الب ـح ـوث الن ـف ـس ـي ـة التي تـن ـجـي في الجامعات‪ ،‬سواء على مستوم‬
‫بحوث الحصول على شهادات علمية‪ ،‬أم بحوث الترقية‪ ،‬أن هناك فوض ى في تعريف مفاهيم‬
‫البحث إجرائيا‪ ،‬فهناك أخطاء كثيرة ترتكب من قبل الباحثين في صياغة هذت التعريفات‪،‬‬
‫فيقومون بصياغة تعريفات إجرائية للمفاهيم سيئة وخاطئة‪ ،‬تفقد دورها في البحث؛‬
‫فيعرفون املفاهيم ت سيسيا ويقولون عنها أنها إجرائية‪ ،‬و عرفون أي مفهوم تعريفا إجرائيا‪،‬‬
‫وفي أحيان كثيرة‪ ،‬عرفون مفهوما متعلقا بخصائ العينة‪ ،‬ويقولون أنه تعريف إجرا ي‪.‬‬
‫عرل الباحث‬ ‫وهكذا يملؤون بحوثهم بهذت التعريفات‪ ،‬التي تكون في معظمها خاطئة‪ ،‬وإذا لم ّ‬
‫متغيرات البحث بطريقة صحيحة‪ ،‬سواء ت سيسيا أم إجرائيا‪ ،‬ستترتب عن ذلك أخطاء‬
‫فادحة كثيرة‪ ،‬من أهمها وأخطرها موضوع البحث‪ ،‬الذي يصير غير واضح‪ ،‬عندما يكون‬
‫تعريف املفهوم غير دقيق‪ ،‬ألن كل جوانب البحث ألاخرم‪ ،‬تصير‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬غير صحيحة‪،‬‬
‫ويكون جهد الباحث كله ال قيمة له‪.‬‬
‫وبعد هذا‪ ،‬با مكان الحكم على املفاهيم التالية ب ن تعريفها إجرائيا غير صحيح‪ ،‬رغم‬
‫عرفونها‪ ،‬عن جهل‪ ،‬إجرائيا ‪ :‬التلميذ‪ ،‬الطالب الجامهي‪ ،‬الطفل‬ ‫أن الكثير من الباحثين ّ‬
‫التوحدي‪ ،‬الطفل العدواني‪ ،‬الطفل املتبول الإراديا‪ ،‬الكتاب املدرس ي‪ ،‬ألاستاذ الجامهي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الطفل املعتدم عليه جنسيا‪ ...‬وغيرها‪ ،‬ألن هذت املفاهيم؛ أوال ‪ :‬تتعلق بعينات البحث وليس‬
‫بمفاهيم البحث‪ ،‬واانيا ‪ :‬هي موجودة بعينها وتدرك حسيا في ميدان البحث‪ ،‬واالثا ‪ :‬لم يقم‬
‫الباحث ب ي إجراء‪ ،‬في القياس أو في التجريب‪ ،‬ليجعلها موجودة ومتحقق منها واقعيا في‬
‫عرفها‪ ،‬لكن ال سم ها تعريفات إجرائية‪.‬‬ ‫ميدان البحث‪ .‬ويمكن للباحث أن ّ‬
‫والطريقة السليمة‪ ،‬هي ‪ :‬أن يكون التعريف للعينات في املكان‪ ،‬من تقرير البحث‪ ،‬الخا‬
‫بالحديث عن العينات وخصائصها‪ ،‬وال يدرج لها بعد ذلك أي نوع من التعريفات في أي مكان‬
‫آخر من تقرير البحث‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫هناك قضيتان‪.‬‬
‫هناك قضيتان مهمتان ت ر ان عند انتقال الباحثين من املستوم املفهومي إلى املستوم‬
‫إلاجرا ي في التعريف‪.‬‬

‫القضية ألاولى ‪ :‬مشكلة التوافق بين التعريفين الت سيس ي وإلاجرا ي‪.‬‬
‫إذا تم تعريف الذكاء ت سيسيا على أنه ‪" :‬القدرة على حل املشكالت"‪ .‬وتم تعريفه إجرائيا‬
‫ب نه "الدرجة التي يحصل عل ها املفحو على اختبار يقيس الذكاء"‪ .‬فما هي درجة التوافق‬
‫تحصل عل ها املفحو على اختبار الذكاء املستعمل‪ ،‬تمثل‬ ‫ّ‬ ‫بين التعريفين ؟ هل الدرجة التي‬
‫يقيم العلماء درجة التوافق بين التعريف الت سيس ي‬‫الذكاء كما تم تعريفه ت سيسيا ؟ هنا ّ‬
‫والتعريف إلاجرا ي من خالل اختبارات الصدق ‪ ،Tests of validity‬وخاصة الصدق البنا ي‪،‬‬
‫ألن الباحث هنا يحر على أن غطي الاختبار ببنودت جميع عناصر املفهوم (أو عينة ممثلة‬
‫منها) كما جاء به التعريف الت سيس ي‪.‬‬

‫اعتماد التعريف إلاجرا ي على التصور النظري للمفهوم‪.‬‬


‫ولهذا ينبغي أن يربط التعريف إلاجرا ي بين املستوم النظري‪ /‬املفهومي الاستداللي من‬
‫ناحية‪ ،‬واملستوم القياس ي والتجريبي‪ /‬املالحظ من ناحية أخرم‪ ،‬أي عتمد التعريف إلاجرا ي‬
‫للمفهوم اعتمادا كليا على الطريقة التي يتم بها تصورت على املستوم النظري‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫املثال‪ُ ،‬ع ّد عدد ألافراد الذين يقعون في محيط الشبكة الاجتماعية للشخ أو تقدير نوعية‬
‫العالقات السائدة داخل هذت الشبكة‪ ،‬وكلتاهما طريقتان لتعريف املساندة الاجتماعية‬
‫إجرائيا‪ ،‬وكلتاهما تنطوي على دالالت متباينة فيما يتعلق باملراد بمفهوم املساندة الاجتماعية‬
‫ذاته ‪ :‬فهل املقصود باملساندة الاجتماعية الفعالة هو توافر عدد كبير من العالقات املؤا رة‬
‫املتاحة‪ ،‬أو وجود عدد قليل من هذت العالقات بشرط أن يكون فعاال ؟ وتعرل هذت القضية‬
‫باعتماد النظرية على املشاهدة‪.‬‬

‫القضية الثانية ‪ :‬املع ى النظري للمفهوم‪.‬‬


‫وتتعلق القضية الثانية بصعوبة تعريف بعض املفاهيم إجرائيا‪ ،‬بمع ى أن هناك مفاهيم‬
‫ال يمكن مالحظتها بشكل مباشر أو غير مباشر‪ .‬مثل ‪" :‬ألانا" "عقدة أوديب" "الالشعور" وغيرها‬
‫من املفاهيم التي لم تحظ بتعريفات إجرائية إطالقا‪ .‬وطبقا للمذهب الوضهي في العلم وفي‬

‫‪139‬‬
‫إلاجرائية‪ ،‬يجب أال ستعمل املفهوم الذي يصعب تعريفه إجرائيا في البحث العلمي‪ ،‬ألنه غير‬
‫قبل للتحقق من وجودت حقيقة‪ ،‬وأدت هذت الصرامة إلى فصل العلم عن امليتافيزيقا‪ ،‬ولكن‬
‫هذا الالتزام املتطرل بالتعريف إلاجرا ي للمفاهيم‪ ،‬صار مشكلة حقيقية‪ ،‬وهنا ال ّ‬
‫يقيم العلماء‬
‫املفاهيم من ناحية قابليتها للمالحظة املباشرة‪ ،‬بل من ناحية معناها النظري‪ ،‬بمع ى أن بعض‬
‫املفاهيم تكون ذات مع ى ضمن سياقها النظري فقط‪ ،‬فاملفاهيم آلاتية "عقدة أوديب"‬
‫"الالشعور" "التثبيم"‪ ،‬لها مع ى واضح في نظرية التحليل النفس ي‪ ،‬ومفهوم "ألانا" له مع ى‬
‫كذلك في النظريات السيكولوجية‪ ،‬إذن‪ ،‬ال عد التعريف إلاجرا ي ألاساس الوحيد واملعياري‬
‫للمفاهيم العلمية‪ ،‬فالسياق النظري‪ ،‬كذلك‪ ،‬معيار آخر ال غ ى عنه‪ ،‬وال بد من التوا ي‬
‫والتوافق بين تشكيل املفهوم وتشكيل النظرية في القضايا العلمية‪ ،‬وهكذا‪ ،‬ال ّ‬
‫تقيم املفاهيم‬
‫وفق مرجعيتها التجريبية والقياسية‪ ،‬وإنما وفق مرجعيتها النظرية كذلك‪ ،‬وبعبارة أخرم‪،‬‬
‫تحقق املفاهيم معناها التجريبي من خالل التعريفات إلاجرائية‪ ،‬وتحقق معناها النظري ضمن‬
‫سياق النظرية التي توظف هذت املفاهيم‪.‬‬

‫تنوع الصياغات للتعريفات إلاجرائية للمفاهيم في علم النفس‪.‬‬


‫وكما نعرل كلنا آلان‪ ،‬تع ي إلاجرائية تحويل املفاهيم املجردة من وضعية ال تالحظ ف ها‬
‫مباشرة إلى وضعية تالحظ ف ها مباشرة‪ ،‬أي أن الصياغة إلاجرائية للمفهوم‪ ،‬هي املصطلح‬
‫الف ي الذي يطلق على عملية الانتقال من املفهوم املجرد إلى إجراء عملية القياس أو التجريب‬
‫عليه‪ ،‬للتعرل عليه ميدانيا‪ .‬وفيما يلي أمثلة عن تنوع الصياغات إلاجرائية للمفاهيم املجردة‬
‫في علم النفس‪.‬‬
‫الخول املرض ي ‪ :‬يمكن مشاهدته من خالل رصد سلوك التجنب لدم الفرد‪ ،‬أو من‬
‫خالل التقرير الذاتي بالخول‪ ،‬أو القياسات الفييولوجية بعد استثارة الجها العصبي‬
‫السمبتاوي‪.‬‬
‫ألالم ‪ :‬يمكن مشاهدته من خالل التقرير الذاتي عن شدة ألالم‪ ،‬أو مالحظة التحمل‬
‫السلوكي للمنبهات املؤملة‪ ،‬أو حكم أحد العياديين‪.‬‬
‫قلق املوت ‪ :‬يمكن قياسه عن طريق مقابلة شبه مقننة‪ ،‬أو باستعمال الاستخبارات‬
‫املقننة‪.‬‬
‫إن املفاهيم الثالاة السابقة‪ ،‬تعرل ب نها تكوينات فرضية أو مفاهيم أو متغيرات‪ ،‬أما‬
‫طريقة مشاهدتها أو مالحظتها‪ ،‬فتعرل ب نها مقاييس أو تجارب لهذت املفاهيم‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫والصياغة إلاجرائية ليسم بالعملية البسيطة أو املغلقة‪ ،‬فاملالحظ على ألامثلة الثالث‬
‫للتعريفات السابقة‪ ،‬وجود طرق عدة ومتنوعة لصياغة تعريفات إجرائية‪ ،‬و عتمد استعمال‬
‫طريقة منها أو أكثر على أسئلة البحث‪ ،‬وإلاطار النظري (طبيعة املفهوم)‪ ،‬واملوارد أو ألادوات‬
‫املتوفرة للباحث‪.‬‬

‫التعريف إلاجرا ي كمي وكيفي‪.‬‬


‫إن التعريفات إلاجرائية الكمية هي التي ستعمل ف ها القياس‪ ،‬وتمنح درجة أو درجات‬
‫لنتيجته‪ ،‬ومن خاللها يصاغ التعريف إلاجرا ي‪ ،‬مثال ‪" :‬الانبساط هو الدرجة التي يحصل‬
‫عل ها املفحو على قائمة إيينك للشخصية"‪" ،‬السعادة عي الدرجة التي يحصل عل ها‬
‫املفحو على مقياس أكسفورد للسعادة"‪.‬‬
‫أما التعريفات إلاجرائية الكيفية‪ ،‬فتصاغ لفظيا‪ ،‬أين يدلي الفرد بكالم عن حالة من‬
‫حاالته العقلية أو الوجدانية؛ ك ن عطي الفرد مع ى وتفسيرا (إدراك) ملثير ما‪ ،‬أو ع ر عن‬
‫خوفه من ش يء ما‪ ،‬أو ع ر عن تعلقه بش يء ما‪ ،‬أو عن معاناته من وضع ما‪.‬‬

‫التعريفات إلاجرائية عامة ونوعية‪.‬‬


‫وتكون التعريفات إلاجرائية عامة‪ ،‬مثل ‪ :‬تعريف التنافر املعرفي على أنه استجابة لفظية‬
‫تناقض الاتجات‪ .‬وتعريفات إجرائية نوعية؛ فالتنافر املعرفي تكون له تعريفات حسب مجال‬
‫الاتجاهات‪ ،‬وهذا ليس ضعفا‪ ،‬بل قوة‪ ،‬ألنه يتنوع حسب موضوع البحث واملواقف‬
‫السلوكية‪ ،‬والطريق ة إلاجرائية املستعملة؛ فاالكتئاب‪ ،‬مثال‪ ،‬يمكن تعريفه وفق نظرية بيك‪،‬‬
‫وتعريفه وفق السلوكيين‪ ،‬وتعريفه وفق النظرية البيو كيميائية‪ ،‬ويكون هذا مجال خصب‬
‫للمقارنة‪.‬‬

‫التعريف إلاجرا ي وأسئلة البحث‪.‬‬


‫توجد عالقة بين التعريف إلاجرا ي وأسئلة البحث‪ ،‬وفيما ي تي أمثلة على ذلك ‪:‬‬
‫البحث هو ‪" :‬العالقة بين التحصيل الدراس ي والتوجيه املدرس ي"‪.‬‬
‫أسئلة البحث هي ‪ :‬ما التحصيل الدراس ي ؟ وكيف يمكن التعرل عليه في ميدان البحث؟‬
‫وكيف يمكن تعريفه إجرائيا ؟ هل عن طريق القياس‪ ،‬أو عن طريق التجريب ؟ وما التوجيه‬

‫‪141‬‬
‫املدرس ي ؟ وك يف يمكن التعرل عليه في ميدان البحث ؟ وكيف يمكن تعريفه إجرائيا ؟ هل‬
‫عن طريق القياس‪ ،‬أو عن طريق التجريب ؟‬
‫البحث هو ‪" :‬العالقة بين التربية ألاسرية وسلوك ألابناء"‪.‬‬
‫أسئلة البحث هي ‪ :‬ما التربية ألاسرية ؟ وكيف يمكن التعرل عل ها في ميدان البحث ؟‬
‫وكيف يمكن تعريفها إجرائيا ؟ هل عن طريق القياس‪ ،‬أو عن طريق التجريب ؟ وما سلوك‬
‫ألاب ـناء ؟ وكيف يمكن الت ـع ـرل عليه فـي م ـي ـدان البحث ؟ وكيف يمكن تعريـفـه إجرائيا ؟ هل‬
‫عن طريق القياس‪ ،‬أو عن طريق التجريب ؟‬
‫إن إلاجابات الصحيحة عن ألاسئلة السابقة‪ ،‬من خالل التعريفات إلاجرائية للمفاهيم‪،‬‬
‫هي التي تضع البحث النفس ي امليداني في الطريق الصحيح‪.‬‬

‫عينة البحث‪.‬‬ ‫التعريف إلاجرا ي وخصائ‬


‫عندما شمل التعريف إلاجرا ي للمفهوم إلاشارة إلى عينة البحث‪ ،‬فمع ى هذا أنه حدد‬
‫خصائ العينة التي ينبغي سحبها‪ ،‬وال سمح بتخط ها‪.‬‬

‫أمثلة ‪:‬‬
‫"التفوق الدراس ي هو الحصول على معدل عام سنوي ساوي ‪ 20 /16‬ف كثر"‪ .‬وهنا‬
‫سحب الباحث أفراد العينة من الطالب الذين حصلوا على املعدل املذكور في التعريف‬
‫إلاجرا ي‪.‬‬
‫"البطالة هي عدم مياولة الفرد‪ ،‬ملدة ستة شهور ف كثر‪ ،‬ألي عمل يدر عليه دخال اابتا"‪.‬‬
‫وهنا سحب الباحث أفراد العينة من البطالين كما ورد ذكرهم في التعريف إلاجرا ي وال‬
‫يتخطاهم إلى غيرهم‪.‬‬
‫"الشعور املرتفع بالسعادة‪ ،‬هو الحصول على درجة خام على مقياس السعادة تفوق‬
‫املتوسط الحسابي للمجموعة بانحرافين معياريين موجبين"‪ .‬وهنا سحب الباحث أفراد‬
‫العينة من السعداء كما ورد ذكرهم في التعريف إلاجرا ي وال يتخطاهم إلى غيرهم‪.‬‬

‫ليس لكل مفهوم تعريف إجرا ي‪.‬‬


‫وتجدر إلاشارة إلى أنه ليس با مكان دائما‪ ،‬أو املرغوب فيه‪ ،‬باستمرار‪ ،‬تقديم تعريف‬
‫ّ‬
‫إجرا ي لكل مفهوم‪ .‬ومع أن السلف ألاول من الباحثين لقنوا مبدأ إلاجرائية الذي يقض ي ب ن‬

‫‪142‬‬
‫يكون املفهوم متطابقا تماما مع إجراءات قياسه‪ ،‬إال أنه في أحيان كثيرة ال يمكن إلاحاطة‬
‫التامة بالعديد من املفاهيم بواسطة أساليب القياس أو التجريب املتوفرة حاليا‪.‬‬

‫اانيا ‪ :‬املتغيرات‬
‫يطلق الباحثون لفظ متغيرات ‪ Variables‬على كل صفات الكائن البشري الجسمية التي‬
‫تميزت من حيث البناء العام للجسم والطول واللون وغيرها‪ ،‬والفيزيولوجية املتعلقة بوظائف‬
‫ألاعضاء‪ ،‬كالتنفس والهضم والسمع والبصر والحركات الجسمية املختلفة وغيرها‪ ،‬وتندرج‬
‫ضمن لفظ متغيرات حاالت إيقاعية معينة مثل الجوع والعطش والتعب‪ ،‬وحاالت الصحة‬
‫واملرض وغيرها‪ ،‬كما شمل لفظ متغيرات‪ ،‬الخصائ الشخصية على مدم تاريخ حياة‬
‫الفرد‪ ،‬كالقدرات العقلية‪ ،‬والسمات املياجية‪ ،‬والاستعدادات والدوافع والحاجات‬
‫والانفعاالت وامليول والقيم والاتجاهات وغيرها‪.‬‬
‫و شير لفظ متغير إلى أي ش يء يتغير‪ ،‬بحيث ي خذ أكثر من قيمة عند قياسه‪ ،‬أي التعبير‬
‫عنه بصورة رقمية كمية‪ .‬سواء في هذا وحدات اليمن أو املكان أو السرعة أو القوة أو عدد‬
‫املحاوالت‪ ،‬أو الكلمات‪ ،‬أو درجة إلاضاءة‪ ،‬أو درجة الت ييد أو املعارضة‪ ،‬أو قدرة عقلية‪ ،‬أو‬
‫تحصيل دراس ي‪ ،‬أو سمة من سمات الشخصية وغيرها‪ .‬وبعبارة أخرم‪ ،‬فإن التحصيل‬
‫الدراس ي متغير‪ ،‬ألن املتعلمين يحصلون في الامتحانات على درجات متنوعة ومختلفة (متغير)‬
‫وال يحصلون على درجة واحدة اابتة‪ .‬كما أن أعمارهم مختلفة (متغير)‪ .‬ومستويات ذكائهم‬
‫مختلفة (متغير)‪ .‬ودوافعهم نحو الدراسة متباينة (متغير)‪ .‬وأطوالهم مختلفة (متغير) وهكذا‪.‬‬

‫االثا ‪ :‬تصنيف املتغيرات‬


‫تصنف املتغيرات ب كثر من طريقة‪ .‬وسول أعرض ذلك فيما ي تي ‪:‬‬

‫‪ )1‬تصنيف املتغيرات في املوقف التجريبي‪.‬‬


‫يطلق لفظ متغير هنا على أي جانب من جوانب املوقف التجريبي‪ ،‬يضعه الباحث في‬
‫تصميم البحث‪ .‬إما من أجل معرفة مقدار ت ايرت (متغير مستقل)‪ ،‬أو درجة ت ارت (متغير تابع)‪،‬‬
‫أو لتثبيم ت ايرت (متغير دخيل) أو يكون متغيرا ّ‬
‫معدال للنتيجة‪.‬‬
‫ِ‬
‫يطلق لفظ متغير مستقل ‪ Independent Variable‬على ذلك الجيء من املوقف التجريبي‬
‫الذي يضعه الباحث في حسابه‪ ،‬و سجل ت ايرت في متغيرات أخرم‪ .‬وهو متغير يكون مفروضا‬

‫‪143‬‬
‫على الكائن الحي أاناء التجربة‪ .‬وقد يتناوله املجرب بالتغيير‪ ،‬يادة أو نقصا‪ ،‬لكي عرل أارت‪.‬‬
‫ويوصف ب نه مستقل‪ ،‬ألنه مستقل عن خصائ املجرب عل هم‪ ،‬ومتحرر من ت اير متغيرات‬
‫أخرم عليه‪ ،‬بل هو الذي يحدث الت اير خالل املوقف التجريبي‪.‬‬
‫ويطلق عليه في املنهج التجريبي املستغير املستقل الفعال والنشط‪ ،‬ألن الباحث ّ‬
‫يفعله‬
‫ّ‬
‫وينشطه حين عرضه على ألافراد‪ .‬و ستعمل املتغير املستقل كذلك‪ ،‬في املنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫ويدعى املتغير املستقل املنسوب‪ .‬ألنه موجود قبل إجراء البحث‪ ،‬وتنسب إليه نتيجة البحث‪.‬‬
‫ويطلق لفظ متغير تابع ‪ Dependent Variable‬على ذلك الجيء من املوقف التجريبي‬
‫الذي يالحظ الباحث درجة ت ارت باملتغير املستقل‪ .‬ويمثل النتائج الناجمة عن املتغير املستقل‪،‬‬
‫أي تلك النتائج الناجمة عن املتغيرات املفروضة على الكائن موضع التجربة‪ .‬وبعبارة أخرم‪،‬‬
‫يتم التعرل على املتغير التابع من خالل القياسات التي تجرم الستجابات الكائن املجرب‬
‫عليه‪ ،‬حين تعرضه ملتغير مستقل‪ .‬مثل التغيرات الفيزيولوجية املتمثلة في نبضات القلب أو‬
‫ضغط الدم‪ .‬والاستجابات العقلية مثل ‪ :‬القدرة على التركيز وغيرت‪ .‬والتغيرات املياجية‪،‬‬
‫كالقلق والخول وارتفاع الدافعية‪ .‬وتعت ر التغيرات التي تالحظ على املتغير التابع‪ ،‬ب نها النتائج‬
‫ألاساسية للتجربة‪.‬‬
‫ويطلق لفظ متغير معدل ‪ Moderator Variable‬على املتغير الذي يمكن أن غير في ألاار‬
‫الذي يحداه املتغير املستقل في املتغير التابع‪ ،‬إذا اعت رت املجرب متغيرا مستقال اانويا إلى‬
‫جانب املتغير املستقل ألاساس ي في التجربة‪ .‬ويقع تحم سيطرة الباحث‪ ،‬وهو الذي يقرر فيما‬
‫إذا كان من الضروري إدراجه في التجربة أم ال‪.‬‬
‫ومثال ذلك ‪ :‬إذا اعت رنا عدد الساعات التي تمر بعد آخر وجبة غذائية عادية تناولها‬
‫قل عدد الساعات ّ‬
‫قل‬ ‫الفرد‪ ،‬متغيرا مستقال‪ .‬واعت رنا الشعور بالجوع متغيرا تابعا‪ .‬أي كلما ّ‬
‫الشعور بالجوع‪ ،‬وكلما اد عدد الساعات اد الشعور بالجوع‪ .‬ويمكن اتخاذ العمر اليم ي‬
‫متغيرا معدال‪ .‬فتكون عينة التجربة من ألاطفال ومن الكبار‪ .‬فيتوصل الباحث إلى أن متغير‬
‫العمر‪ ،‬يجعل نتيجة التجربة تختلف من عينة الصغار إلى عينة الكبار‪ .‬بمع ى أنه عندما‬
‫أدخل متغير العمر في التجربة‪ ،‬تغيرت النتيجة‪ .‬فعدد الساعات التي عرفنا بها الشعور بالجوع‪،‬‬
‫ليس هو نفسه لدم العينتين‪.‬‬
‫ويطلق لفظ متغير مضبوط ‪ Controled Variable‬على املتغير الذي يحاول املجرب إلغاء‬
‫أارت في التجربة‪ ،‬ويقع تحم سيطرته‪ ،‬ويرم أن ضبطه سول يقلل من مصادر الخط في‬
‫التجربة‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫ويطلق لفظ متغير دخيل ‪ Extraneous Variable‬على بعض جوانب املوقف التجريبي‬
‫التي تؤار في املتغير التابع‪ ،‬دون أن يتمكن الباحث من التحكم ف ها‪ .‬لكنه يحاول ضبطها حتى‬
‫ال يختلط أارها ب ار املتغير املستقل على املتغير التابع‪.‬‬

‫‪ )2‬تصنيف املتغيرات إلى كمية ونوعية‪.‬‬


‫إذا كانم القيمة تشير إلى مقدار ما يوجد لدم الفرد من خاصية جسمية كالطول أو‬
‫الو ن‪ .‬أو فيزيولوجية كضغط الدم أو نسبة السكر في الدم‪ .‬أو عقلية كالذكاء والتفكير‪ .‬أو‬
‫وجدانية كاالتجات وامليل‪ .‬أو نيوعية كالدافع والحاجة‪ .‬أو يخصية كالخضوع والطموح‬
‫وغيرها‪ .‬فإن هذت القيمة تحمل مع ى كميا‪ ،‬ويكون املتغير كميا‪ .‬أي تلك املتغيرات القابلية‬
‫للقياس والتي تتو ع اعتداليا وتظهر ف ها الفروق الفردية‪.‬‬
‫وتصنف املتغيرات الكمية إلى ‪ :‬متغيرات كمية متصلة‪ ،‬وهي التي ت خذ أي قيمة صحيحة‬
‫أو كسرية‪ ،‬مثل ‪ :‬ألاطوال ودرجات الذكاء ودرجات التحصيل الدراس ي وغيرها‪ .‬وإلى متغيرات‬
‫كمية منفصلة‪ ،‬وهي التي ت خذ قيما صحيحة فقط‪ .‬مثل ‪ :‬املستوم الدراس ي أو التعليمي‪،‬‬
‫حجم ألاسرة‪.‬‬
‫أما إذا كانم القيمة ال تع ر عن مقدار الخاصية عند الفرد‪ ،‬بل تع ر عن وجودها أو عدم‬
‫وجودها عندت‪ ،‬أي إذا كان يمتلك الخاصية أو ال يمتلكها‪ ،‬وهي من املتغيرات التي تصنف‬
‫ألافراد إلى فئات منفصلة عن بعضها‪ .‬مثل الجنس ‪ :‬ذكر‪ /‬أنثى‪ .‬ومستوم التعليم ‪ :‬أمي‪/‬‬
‫متعلم‪ .‬والتخص التعليمي ‪ :‬أدبي‪ /‬علمي‪ .‬عامل‪ /‬بطال‪ .‬فإن القيمة في هذت الحالة تحمل‬
‫مع ى نوعيا كيفيا‪ ،‬ويكون املتغير نوعيا‪ .‬واملتغيرات النوعية ال تقاس وال تظهر ف ها فروق‬
‫فردية‪.‬‬

‫‪ )3‬تصنيف املتغيرات حسب مستويات القياس‪.‬‬


‫تصنف املتغيرات حسب مستويات القياس إلى نوعية وكمية كما يلي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ املستوم الاسمي‪.‬‬


‫إن املتغيرات في هذا املستوم نوعية (كيفية)‪ .‬وتصنيفية‪ .‬يصنف ف ها ألافراد وفق‬
‫خصائصهم النوعية‪ ،‬مثل الجنس ‪ :‬ذكر‪ /‬أنثى‪ .‬واملرحلة العمرية ‪ :‬طفل‪ ،‬مراهق‪ ،‬شاب‪ ،‬كهل‪،‬‬

‫‪145‬‬
‫مسن‪ .‬ومنطقة السكن ‪ :‬تلي‪ /‬هضابي‪ /‬صحراوي‪ .‬والحالة الاجتماعية ‪ :‬أعيب‪ /‬متزوج‪ /‬مطلق‪/‬‬
‫أرمل‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ املستوم الرتبي‪.‬‬


‫في الحقيقة ال يوجد متغير رتبي‪ .‬إن الذي يحدث فـي هذا املستوم هو ترتيب ألافراد وفق‬
‫درجاتهم على متغير كمي‪ .‬أي ّ‬
‫تحول درجاتهم إلى رتب‪ ،‬فيرتبون تنا ليا أو تصاعديا في املتغير أو‬
‫الخاصية‪ ،‬ويوصفون ب قوم وب ضعف‪ .‬أو ب ك ر وب صغر‪ .‬أو قوي‪ ،‬متوسط‪ ،‬ضعيف‪ .‬وغيرها‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ املستوم املسافي‪.‬‬


‫إن املتغيرات أو الخصائ في هذا املستوم كمية‪ ،‬ويتو ع ف ها ألافراد اعتداليا‪ .‬فتكون‬
‫الفروق بينهم في متغيرات الذكاء والدافعية والقلق والطول وغيرت‪ ،‬فروق في الكم‪ .‬أي كل‬
‫ألافراد يتوفرون على الخصائ السابقة‪ ،‬وتكون الفروق بينهم في كم وجود هذت الخصائ‬
‫(الفرق في الدرجة)‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ املستوم النسبي‪.‬‬


‫وهو أعلى مستوم بالنسبة للمتغيرات السابقة من حيث توفرت على القياس الكمي التام‪.‬‬
‫ويتميز بجميع الخصائ السابقة للمستويات الاسمية والرتبية واملسافية‪ ،‬إضافة إلى توفرت‬
‫على الصفر املطلق الذي شير إلى غياب الخاصية مثل الطول والو ن وألاشياء املادية‪ .‬وفي‬
‫العلوم إلانسانية ال نتطلع إلى هذا املستوم من القياس الكمي‪ .‬فاملتغيرات في العلوم إلانسانية‬
‫تصل إلى قمتها إذا قيسم ب سلوب مسافي‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫مراجع الفصل الرابع‬
‫‪ 1‬ـ أحمد عطية أحمد (‪ .)2003‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس ـ رؤية نقدية‪ .‬الطبعة‬
‫الثانية‪ .‬القاهرة‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪.59 : .‬‬
‫‪ 2‬ـ أحمد محمد عبد الخالق (‪ .)1987‬ألابعاد ألاساسية للشخصية‪ .‬الطبعة الرابعة‪.‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪.47 : .‬‬
‫‪ 3‬ـ إ‪ .‬م‪ .‬كولي (‪ .)1992‬املدخل إلى علم النفس املرض ي الاكلينيكي‪ .‬ترجمة ‪ :‬عبد الغفار عبد‬
‫الحكيم الدماطي‪ ،‬ماجدة حامد حماد‪ ،‬حسن علي حسن‪ .‬مراجعة ‪ :‬أحمد محمد عبد الخالق‪.‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪.212 : .‬‬
‫‪ 4‬ـ بوب ماتيو ‪ ،‬ليز روس (‪ .)2016‬الدليل العملي ملناهج البحث في العلوم الاجتماعية‪ .‬ترجمة‬
‫‪:‬‬ ‫وتقديم وتعليق‪ :‬محمد الجوهري‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬املركي القومي للترجمة‪.‬‬
‫‪ 153‬ـ ‪.166‬‬
‫‪ 5‬ـ جودت شاكر محمود (‪ .)2007‬البحث العلمي في العلوم السلوكية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو‬
‫‪ 247 :‬ـ ‪.250‬‬ ‫ملصرية‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ حسين عبد الفتاح (‪ .)2005‬عناصر محاضرات مادة البحث العلمي في التربية وعلم النفس‪.‬‬
‫‪ 12 :‬ـ ‪.14‬‬ ‫قسم علم النفس ـ جامعة أم القرم بمكة املكرمة‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أسغار را افيه (‪ .)2004‬مقدمة للبحث في التربية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬سعد الحسي ي‪ .‬مراجعة ‪ :‬عادل عبد الكريم ياسين‪ .‬العين‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‪،‬‬
‫دار الكتاب العربي‪ 31 : .‬ـ ‪.33‬‬
‫‪ 8‬ـ شافا فرانكفورت ـ ناشميا ‪ ،‬دافيد ناشميا (‪ .)2004‬طرائق البحث في العلوم الاجتماعية‪.‬‬
‫‪ 39 :‬ـ ‪.48‬‬ ‫ترجمة ‪ :‬ليلى الطويل‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬دمشق ـ سوريا‪ ،‬بترا للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ صالح قنصوت (‪ .)1984‬املوضوعية في العلوم إلانسانية ‪ :‬عرض نقدي ملناهج البحث‪.‬‬
‫الطبعة الثانية‪ .‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬دار التنوير للطباعة والنشر‪.81 : .‬‬
‫‪ .10‬عبد الحليم محمود السيد وآخرون (‪ .)1990‬علم النفس العام‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 336 :‬ـ ‪.337‬‬ ‫مكتبة غريب‪.‬‬
‫‪ .11‬فرانك ت‪ .‬سيفرين (‪ .)1978‬علم النفس إلانساني‪ .‬ترجمة ‪ :‬طلعم منصور‪ ،‬عادل عي‬
‫‪ 301 :‬ـ ‪.307‬‬ ‫الدين‪ ،‬فيوال الببالوي‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ .12‬كر س باركر‪ ،‬نانس ي بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت (‪ .)1999‬مناهج البحث في علم النفس‬

‫‪147‬‬
‫الاكلينيكي وإلارشادي‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد نجيب الصبوة‪ ،‬ميرفم أحمد شوقي‪ ،‬عا شة السيد‬
‫‪ 93 :‬ـ ‪.98‬‬ ‫رشدي‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ .13‬لندا ل‪ .‬دافيدول (‪ .) 1983‬مدخل علم النفس‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬ترجمة ‪ :‬سيد الطواب‬
‫وآخرون‪ .‬مراجعة ‪ :‬فؤاد أبو حطب‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار مكجروهيل للنشر‪ 60 : .‬ـ ‪.66‬‬
‫‪ 14‬ـ مادلين غراويتز (‪ .)1993‬مناهج العلوم الاجتماعية‪ .‬الكتاب الثاني ـ منطق البحث في‬
‫العلوم الاجتماعية‪ .‬ترجمة ‪ :‬سام عمار‪ .‬مراجعة ‪ :‬فاطمة الجيوش ي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬دمشق‪،‬‬
‫‪ 53 :‬ـ ‪.59‬‬ ‫املركي العربي للتعريب والترجمة والت ليف والنشر‪.‬‬
‫‪ .15‬محمد الطيب‪ ،‬حسين الدري ي‪ ،‬شبل بدران‪ ،‬حسن البيالوي‪ ،‬كمال نجيب (‪ .)2005‬مناهج‬
‫‪ 100 :‬ـ ‪.103‬‬ ‫البحث في العلوم التربوية والنفسية‪ .‬إلاسكندرية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪.‬‬
‫‪ .16‬محمد عابد الجابري (‪ .)2002‬مدخل إلى فلسفة العلوم ـ العقالنية املعاصرة وتطور الفكر‬
‫‪ 441 :‬ـ ‪.443‬‬ ‫العلمي‪ .‬الطبعة الخامسة‪ .‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬مركي دراسات الوحدة العربية‪.‬‬
‫‪ .17‬محمد عماد الدين إسماعيل (‪ .)1970‬املنهج العلمي وتفسير السلوك‪ .‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪.203 : .‬‬
‫‪ 18‬ـ محمد محمد أمييان (‪ .)1992‬منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية واملعيارية‪ .‬الطبعة‬
‫‪.55 ،53 ،51 :‬‬ ‫الثانية‪ .‬الرياض‪ ،‬الدار العاملية للكتاب املدرس ي‪.‬‬
‫‪ .19‬محمد محمود الكبيس ي (‪ .)2009‬فلسفة العلم ومنطق البحث العلمي‪ .‬بغداد‪ ،‬بيم‬
‫الحكمة العراقي‪.69 : .‬‬
‫‪ .20‬مصطف سويف (‪ .)2000‬علم النفس ‪ :‬فلسفته وحاضرت ومستقبله ككيان اجتماعي‪.‬‬
‫‪ 31 :‬ـ ‪.44‬‬ ‫الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫موضوع البحث ومنظومته العلمية في البحث النفس ي‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬اختيار موضوع البحث‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬العوامل املؤارة في اختيار موضوع البحث‪.‬‬
‫االثا ‪ :‬مصادر اختيار موضوع البحث‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬عنوان البحث‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬مقدمة البحث‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬املنظومة العلمية للبحث (إلاطار النظري)‪.‬‬
‫‪ )1‬النظريات واملفاهيم‪.‬‬
‫‪ )2‬الدراسات السابقة‪.‬‬
‫‪ )3‬فوائد الدراسات السابقة‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬أهمية مراجعة املنظومة العلمية ذات العالقة بمشكلة‬
‫البحث‪.‬‬
‫اامنا ‪ :‬إعداد خطة البحث‪.‬‬
‫املراجع‬

‫‪149‬‬
150
‫مقدمة‪.‬‬
‫عندما يريد باحث إنجا بحث في موضوع اختارت‪ ،‬ال بد أن يبذل جهدا لبحثه بكفاءة‪،‬‬
‫وفقا للفائدة النظرية والعملية التي سول تج ى منه‪ ،‬ووفقا كذلك مكانات الباحث وقدراته‪.‬‬
‫ويمثل اختيار املوضوع وتقويم قابليته للنجا ‪ ،‬خطوة هامة من املسار في البحث العلمي‪.‬‬
‫وبمجرد اختيار موضوع البحث‪ ،‬ت تي املرحلة الثانية وهي التنقيب بالقراءة والاطالع في‬
‫ألادبيات العلمية املتصلة به؛ من مفاهيم ونظريات ونتائج الدراسات السابقة‪ .‬وفي املرحلة‬
‫الثالثة يتم تحديد املشكلة التي ينبغي أن تستنبط من أدبيات املوضوع‪ ،‬وهي عبارة عن سؤال‬
‫ّ‬
‫ومحير يتطلب الحل من خالل إجراء البحث‪.‬‬ ‫غامض‬

‫أوال ‪ :‬اختيار موضوع البحث‬


‫شكل اختيار موضوع البحث‪ ،‬نقطة هامة في عملية القيام بإنجا بحث علمي في ميدان‬
‫من ميادين املعرفة إلانسانية‪ .‬ذلك أنه باختيار موضوع البحث وتحديدت‪ ،‬يكون الباحث قد‬
‫خطا الخطوة ألاولى والهامة للدخول ملباشرة عمليات البحث ألاخرم بعد ذلك‪ ،‬ومن أهمها‬
‫تحديد مشكلة البحث‪ .‬ويختلف موضوع البحث عن كل من عنوان البحث ومشكلة البحث‪،‬‬
‫رغم أن املفاهيم الثالاة تشير إلى نفس الش يء‪ ،‬ولكن من وايا مختلفة‪ .‬ليتم في النهاية بناء‬
‫صرح واحد متكامل‪ ،‬هو البحث الذي يتم إنجا ت بطريقة علمية صحيحة‪ ،‬في إطار إجراءات‬
‫منهجية متناسقة ومتكاملة‪.‬‬
‫ويبدأ الباحث باختيار موضوع بحثه بتحديد املجال الذي سيجري فيه البحث‪ ،‬كالسلوك‬
‫العدواني أو الدافع للنجا أو القلق أو الاتجات نحو تحديد النسل أو القيادة أو الضغوط‪...‬‬
‫إلخ‪ .‬ولكن هذت املوضوعات تبق عامة بهذت الصياغة‪ ،‬وتحتاج إلى تحديد أكثر‪ .‬فبالنسبة‬
‫للباحث الذي اختار السلوك العدواني كموضوع للبحث‪ ،‬يمكنه أن يحددت أكثر‪ ،‬فيكون‬
‫السلوك العدواني لدم ألاطفال مثال‪ .‬و ستمر في تحديدت أكثر‪ ،‬فيكون السلوك العدواني لدم‬
‫أطفال التعليم التحضيري (ما قبل املدرسة الابتدائية)‪ .‬ام يحددت أكثر من الناحية الفنية‬
‫فيكون كما يلي ‪" :‬السلوك العدواني لدم أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية وفقا للفروق بين‬
‫الجنسين وتقارب الوالدات واملستوم العمراني للحي السك ي لألسرة"‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن التحديد‬
‫الدقيق ملوضوع البحث‪ ،‬يبق قابال للتغيير‪ ،‬بعد الاطالع الجيد على إلاطار النظري للموضوع‪.‬‬
‫كالنظريات التي تناولم العدوان البشري من حيث أنماطه ومظاهرت وأسبابه‪ ،‬والدراسات‬
‫السابقة التي تم إجراؤها في املوضوع‪ .‬وعندئذ يتم تحديد مشكلة البحث‪ ،‬التي هي املوضوع‬

‫‪151‬‬
‫الحقيقي للبحث‪ .‬ألن اختيار موضوع البحث أو مجاله‪ ،‬شير فقط إلى أن هناك موضوعا أو‬
‫ميدانا للبحث‪.‬‬
‫ومن خالل هذا املثال‪ ،‬يتبين أن اختيار موضوع البحث أو مجاله‪ ،‬يتم قبل صياغة عنوانه‬
‫وتحديد مشكلته‪ .‬أما عنوان البحث فينبغي أن يتضمن املتغيرات ألاساسية في البحث‬
‫صراحة‪ ،‬ويتضمن املنهج والعينة‪.‬‬
‫واختيار موضوع البحث‪ ،‬عت ر مرحلة هامة بالنسبة للباحث‪ .‬ويترتب عليه الانتقال إلى‬
‫عمليات أخرم‪ ،‬تتعلق باختيار العينة وألادوات وغيرت‪ .‬والباحث صاحب الخ رة‪ ،‬ال يجد‬
‫صعوبة في اختيار موضوع بحثه‪ .‬فهو يرم‪ ،‬بحكم خ رته الواسعة بميدان تخصصه‪ ،‬كثيرا من‬
‫املوضوعات التي يمكن البحث ف ها‪ ،‬وعليه أن يختار منها ما يرات جديرا بالبحث‪ ،‬أو يتصل‬
‫باهتمامه وحبه لالستطالع‪.‬‬
‫أما الباحث املبتدئ‪ ،‬فاألمرعندت مختلف‪ ،‬ألنه بحكم خ رته املحدودة بميدان تخصصه‪،‬‬
‫يجد صعوبة في اختيار موضوع مناسب للبحث‪ .‬فقد يفكر في بعض الظواهر وألاحداث‬
‫السلوكية التي يالحظها‪ ،‬أو من خالل قراءاته‪ ،‬فتثير انتباهه‪ ،‬ولكنه يجد صعوبة في بلورتها‬
‫إلى مشكلة بحثية واضحة‪ .‬وقد يلفم انتباهه موضوع أخر فيرات جديرا بالبحث‪ ،‬ويتحمس‬
‫له‪ ،‬ولكن بعد استشارة أهل الخ رة كاألستاذ املشرل مثال‪ ،‬يجد أن هذا املوضوع غير قابل‬
‫للبحث العلمي‪ ،‬لعدم توفر منظومة علمية تمكنه من دراسته‪ ،‬أو ألنه ال يقدم إضافة علمية‬
‫ملا هو قائم‪ ،‬أو يتميز بالصعوبة التي ليس بإمكان الباحث التغلي عل ها‪ .‬وقد يهتدي إلى‬
‫موضوعات آخرم‪ ،‬ولكنه ال ستطيع اختيار موضوع منها صالح للبحث‪ .‬وهنا تكون استشارة‬
‫الباحثين ذوي الخ رة الطويلة في ممارسة البحث ضرورية‪ ،‬ملساعدة الباحث املبتدئ على‬
‫الخروج من الدوامة التي يجد نفسه ف ها‪ .‬وخاصة ألاستاذ الذي تم الاتفاق معه على أن‬
‫شرل على البحث‪ .‬إضافة إلى أساتذة باحثين آخرين ممن عتقد الباحث أنهم سيفيدونه‬
‫ويوجهونه توج ها سليما‪ .‬ومن الصعوبات التي تعترض الباحث املبتدئ‪ ،‬وإلارشادات التي‬
‫يتلقاها من ذوي الخ رة في البحث العلمي‪ ،‬يتعلم أن ليس كل موضوع يفكر فيه وينشغل به‪،‬‬
‫يمكن بحثه‪ .‬ألنه إما أن تكون هناك عوائق نظرية‪ ،‬أو ميدانية‪ ،‬أو يتعدم مستوم كفاءته‪ .‬أو‬
‫أنه موضوع ليس ذا أهمية بالنسبة ملسار العلم‪ ،‬وال يضيف شيئا للمعرفة القائمة‪ ،‬أو ألن‬
‫بحثه ال ساهم في حل مشكلة محددة من مشكالت املجتمع‪.‬‬
‫ومن أشهر الصعوبات التي يتعرض لها الباحث املبتدئ‪ ،‬ما يتعلق باتساع أو ضيق‬
‫موضوع بحثه‪ .‬بالنسبة التساع املوضوع‪ ،‬كثيرا ما يتحمس الباحثون املبتدئون للبحث في‬

‫‪152‬‬
‫موضوعات معينة‪ ،‬ويتصورون أنه في استطاعتهم البحث ف ها‪ ،‬ألنها ذا أهمية بالنسبة‬
‫لقطاعات اجتماعية أو اقتصادية أو تعليمية وغيرها‪ .‬فيقوم البعض منهم باختيار موضوعات‬
‫واسعة ومتشعبة وغامضة‪ ،‬تتضمن كثيرا من املتغيرات‪ ،‬وتحتاج إلى وسائل كثيرة‪ ،‬وأدوات‬
‫متعددة‪ ،‬وجهد كبير‪ ،‬ووقم طويل‪ .‬وعندما يبدؤون في مباشرة البحث ف ها‪ ،‬وألنهم لم يقوموا‬
‫بتحديدها تحديدا دقيقا‪ ،‬وخاصة من الناحية تحديد املتغيرات‪ ،‬يكتشفون أن هناك عقبات‬
‫من الصعب عل هم تخط ها‪ ،‬نظرا التساع هذت املوضوعات وتشعبها‪ .‬فيكتشفون أنهم‪ ،‬بعد أن‬
‫ضيعوا وقتا وجهدا كبيرين‪ ،‬هما في أمس الحاجة إل هما‪ ،‬كمن يريد نقل املاء من بركة صغيرة‪،‬‬
‫فيكتشف أنها متصلة بمحيط‪ .‬وفيما يلي بعض النماذج من هذت البحوث ‪:‬‬
‫ـ "صعوبات تطبيق نظام ل م د في الجامعة الجيائرية"‪.‬‬
‫ـ "أ مة التربية في الجيائر"‪.‬‬
‫ـ "آلااار النفسية والاجتماعية للبطالة"‪.‬‬
‫ـ "واقع العملية التربوية من حيث ألاهدال واملناهج وطرق التدر س وأساليب التقويم‬
‫املتبعة وعالقة التلميذ باملدرسة وإلادارة في مجال العلوم الطبيعية على مستوم املرحلتين‬
‫املتوسطة والثانوية"‪.‬‬
‫إن املالحظ على هذت العناوين‪ ،‬أنها تشير إلى موضوعات ذات أهمية بالنسبة للمجاالت‬
‫التي تنتمي إل ها‪ ،‬ولكن كال منها في حاجة إلى فريق بحث نجا ت‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فإنه من الصعب‬
‫إنجا كل منها كبحث منفرد‪ .‬ومن الصعب كذلك‪ ،‬أن يقوم بها باحث واحد‪ .‬كما أنها تشترك‬
‫كلها في عيب واحد‪ ،‬وهو صعوبة تحديد املفاهيم ألاساسية ف ها‪ .‬فمثال‪ ،‬ما املقصود بـ‬
‫"الصعوبات ؟" وما املقصود بـ "ألا مة ؟"‪ .‬كما أن هذين املفهومين شيران إلى أن هناك نظرة‬
‫تشاؤمية تجات التربية‪ ،‬بحيث ال يرم صاحباهما إال الصعوبات والعراقيل وألا مات واملشكالت‪.‬‬
‫تحيزا أو نظرة سطحية جانبية نابعة من فكرة مسبقة‪ّ ،‬‬
‫تنم‬ ‫وهذا في الحقيقة يمكن اعتبارت ّ‬
‫وجهة نظر سلبية وانهيامية تجات التربية‪ .‬ولكن ليس مع ى هذا أن التربية ال تتعرض لصعوبات‬
‫ومشكالت من أنواع مختلفة‪ ،‬إال أن الباحث يمكن أن يتناولها ب سلوب آخر ستطيع تحديد‬
‫موضوعه بدقة‪ .‬كما يبتعد عن التحيز وخاصة التشاؤمي‪ .‬وإذا عدنا إلى العناوين ألاخرم‪،‬‬
‫نتساءل أيضا‪ ،‬ما املقصود بـ "آلااار النفسية والاجتماعية للبطالة"‪ .‬وكم عدد هذت آلااار التي‬
‫يمكن أن تؤار نفسيا واجتماعيا؟ وما املقصود بـ "واقع العملية التربوية"‪ .‬إنها كلها مفاهيم‬
‫عامة ضبابية يصعب تحديدها بدقة‪ .‬وأول عائق عترض الباحث‪ ،‬هو صعوبة قياسها‪ .‬وكلنا‬
‫نعرل مكانة القياس في البحوث امليدانية في علم النفس والتربية‪ .‬إذ ال يمكن تناول أي مفهوم‬

‫‪153‬‬
‫مهما كان واضحا ومعروفا لدم الباحث‪ ،‬إذا لم تحدد أداة القياس التي يقاس بها‪ ،‬ومن ام‬
‫تعريفه إجرائيا‪ ،‬للتعرل عليه في ميدان البحث‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فإنه ال يمكن تناول املوضوعات السابقة‪ ،‬وهي بهذا الوصف الغامض غموضا‬
‫شديدا‪ ،‬وذات الاتساع املخل بشروط وخصائ البحث العلمي‪ .‬وللخروج من هذت‬
‫الصعوبات‪ ،‬يمكن تناول جوانب منها بعد تحديدها تحديدا جيدا‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإنه بالنسبة‬
‫للموضوع ألاول‪ ،‬يمكن أن يتناول صاحبه جانبا صغيرا منه‪ ،‬وهو مهم كذلك بالنسبة للمشكلة‬
‫ككل‪ ،‬وهي صعوبات تطبيق ل م د في الجامعة الجيائرية‪ .‬إنه ستطيع أن يتناول موضوعا‬
‫بعنوان ‪" :‬اتجاهات أساتذة الجامعة نحو ل م د"‪ .‬وإذا توصل إلى أن النتائج تبين أن اتجاهات‬
‫ألاساتذة نحو ل م د هي الرفض له‪ ،‬فهذا في حد ذاته عت ر صعوبة وعائقا عترض تطبيق ل‬
‫م د في الجامعة الجيائرية‪ .‬وإذا توصل إلى نتائج تبين أن اتجاهات ألاساتذة نحو نظام ل م د‬
‫هي القبول له‪ ،‬فهذت النتيجة مفيدة أيضا‪ ،‬ألن الباحث سول عرل أنه ال توجد صعوبات‬
‫في تطبيق ل م د‪ ،‬فيما يتعلق باتجاهات ألاساتذة نحوت‪ .‬ونفس الش يء يمكن قوله بالنسبة‬
‫للموضوعات ألاخرم‪ .‬حيث أنه بالنسبة للموضوع ألاخير‪" ،‬واقع العملية التربوية‪ ."......‬يمكن‬
‫أن يجيأ إلى املوضوعات التالية التي تتميز بخاصية إمكان بحثها‪.‬‬
‫ـ املفاهيم العلمية في كتب العلوم الطبيعية للمرحلة الثانوية‪.‬‬
‫ـ مدم توفر الوسائل التعليمية في تدر س العلوم الطبيعية في املرحلة الثانوية من وجهة‬
‫نظر ألاساتذة‪.‬‬
‫ـ اكتظاظ ألافواج الدراسية واتجاهات التالميذ نحو الدراسة وتحصيلهم الدراس ي‪.‬‬
‫وغيرها من املوضوعات التي يمكن للباحث أن يحددها تحديدا دقيقا‪ ،‬وفي نفس الوقم‪،‬‬
‫فإن كل موضوع منها يتناول واقع العملية التعليمية في جانب جي ي ومهم منها‪ .‬أما أن يتناول‬
‫الباحث موضوعا واسعا ومتشعبا وغامضا‪ ،‬كاملوضوعات التي أوردناها سابقا ك مثلة‪ ،‬فهذا‬
‫ليس من البحث العلمي في ش يء‪ .‬ألن البحث العلمي له خصائصه ومبادئه وخطواته ينبغي‬
‫أن تؤخذ بعين الاعتبار‪.‬‬
‫وباحثون آخرون سيرون في طريق معاكس لسابق هم‪ ،‬فيختارون موضوعات ضيقة‬
‫وبسيطة وعديمة ألاهمية‪ ،‬ولكنها سهلة التناول بالبحث‪ .‬وهذا يذكرنا بقصة ذلك املخمور‬
‫ال ـذي ض ـي ـع م ـفات ـي ـح م ـن ـيل ـه ف ـي ط ـري ـق مـظ ـل ـم‪ ،‬ف ـذه ـب ي ـب ـح ـث ع ـنها تحم عامود إلانلرة‪ ،‬ألنه‬
‫ستطيع أن يرم ألاشياء‪ .‬وهذت بعض النماذج من هذا النوع من البحوث الضيقة ‪:‬‬

‫‪154‬‬
‫ـ درجة إلاضاءة والسرعة في القراءة‪.‬‬
‫ـ تعاطي املنشطات والقدرة على الفو في املنافسات الرياضية‪.‬‬
‫ـ السرعة في سياقة السيارات وارتكاب حوادث املرور‪.‬‬
‫إننا نتوقع أن النتائج التي ستسفر عنها هذت البحوث‪ ،‬ال تقدم شيئا مهما للعلم‪ ،‬ألنها لن‬
‫تختلف كثيرا عما هو شا ع من املعلومات التي تقدمها الجهات املختصة‪ ،‬وخاصة بالنسبة‬
‫للبحثين الثاني والثالث‪ .‬إال إذا كان الباحث يملك إلامكانات العقلية التي يملكها إينشتين‬
‫الذي أجاب‪ ،‬عندما سئل عن كيفية اكتشافه للنسبية‪ ،‬ب نه كان يتحدم البديهيات والعالقات‬
‫البسيطة بين الظواهر‪.‬‬
‫ولذا‪ ،‬فإن الذي نستنتجه من املثالين السابقين‪ ،‬أو من مجموعتي العناوين السابقة‪ ،‬أن‬
‫الباحث مطالب أا ـناء اختيار موضوع بحثه‪ ،‬أن ي خذ بعيـن الاعتبار خاصيتيـن أساسيتيـن‬
‫هما ‪:‬‬
‫ألاولى ‪ :‬أهمية املوضوع الذي اختارت من حيث أهمية املشكلة‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬إمكان بحثه‪.‬‬

‫اانيا ‪ :‬العوامل املؤارة في اختيار موضوع البحث‬


‫ينبغي على الباحث املبتدئ‪ ،‬إضافة إلى ما سبق‪ ،‬أن يضع في اعتبارت كثيرا من ألامور التي‬
‫لها عالقة بإجراءات إنجا بحثه‪ .‬عليه أن يطرح على نفسه بعض ألاسئلة العملية التي ينبغي‬
‫أن يجيب عنها‪ ،‬قبل الشروع في عملية اختيار موضوع بحثه‪ .‬ألنه بهذت إلاجابات‪ ،‬سول يتعرل‬
‫على العوامل املؤارة في عملية الاختيار‪ .‬وهي نفس العوامل التي ينبغي عليه أن ي خذها بعين‬
‫الاعتبار عند اختيارت ملشكلة البحث‪ .‬وهي‬

‫‪ )1‬امليل إلى موضوع البحث‪.‬‬


‫أن س ل نفسه إذا كان يميل يخصيا إلى القيام بالبحث في املوضوع الذي اختارت‪ .‬ألنه‬
‫كلما كانم للباحث رغبة يخصية‪ ،‬وميل واهتمام بموضوع البحث‪ ،‬ساعد ذلك على إنجا ت‬
‫بطريقة جيدة‪ .‬وتوخي فيه املوضوعية والدقة وألامانة العلمية‪ ،‬خالفا ملا إذا كان قد تم تكليفه‬
‫به من قبل بعض الجهات‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫العلمي للباحث‪.‬‬ ‫‪ )2‬عالقة املوضوع بالتخص‬
‫أن س ل عن مدم عالقة املوضوع الذي اختارت للبحث بتخصصه العلمي‪ .‬ومدم‬
‫إمكاناته العلمية للقيام بالبحث فيه‪ .‬فقد يتطلب البحث إلاملام بميادين معينة من املعرفة‬
‫تعت ر ضرورية‪ ،‬سواء في ميدان تخصصه‪ ،‬كا ملام با طار النظري وبمنهج البحث وباألساليب‬
‫إلاحصائية وطرق القياس‪ ،‬بالنسبة للباحث في علم النفس أو في التربية‪ ،‬أم في تخص أخر‬
‫له عالقة ببحثه‪ .‬ك ن يختار أحد الباحثين من تخص آخر (الاقتصاد مثال) موضوعا نفسيا‬
‫أو تربويا‪ ،‬ويريد دراسته من الناحية الاقتصادية‪ .‬أو يختار باحث ذو تخص في علم النفس‬
‫موضوعا اقتصاديا‪ .‬ففي هذت الحاالت؛ يكون الباحث ألاول مطالبا با ملام بجوانب أساسية‬
‫في ميدان التربية‪ .‬والباحث الثاني يكون مطالبا با ملام بجوانب أساسية في الاقتصاد‪ .‬وإال‬
‫ستكون البحوث قليلة الفائدة من الناحية العلمية‪.‬‬

‫‪ )3‬إمكان إنجا البحث‪.‬‬


‫أن س ل عما إذا كان ممكنا إجراء بحثه حول املوضوع الذي اختارت في املجتمع الذي‬
‫يريد إجراء البحث فيه‪ .‬هناك بعض املجتمعات ال تسمح بإجراء بعض البحوث‪ ،‬أو يصعب‬
‫إجراؤها في بيئاتها‪ .‬كالبحوث التي تتعلق بالديانات أو بالسياسة أو بالتربية أو باالقتصاد أو‬
‫بمرحلة البلوغ أو بالسلوك الجنس ي أو باملشكالت ألاسرية‪ ...‬إلخ‪ .‬فقد كانم السلطات التربوية‬
‫في الجيائر‪ ،‬في وقم ما‪ ،‬تمنع إجراء البحوث حول بعض القضايا التربوية‪ .‬كما منعم نفس‬
‫الجهات باحثين من إجراء دراسة كان الهدل منها‪ ،‬معرفة العمر الذي يحدث فيه البلوغ لدم‬
‫الفتيان والفتيات‪ .‬وسبب املنع هو أن موضوع البحث‪ ،‬يتعارض مع الاتجاهات ألاخالقية‬
‫ملجتمعنا‪.‬‬

‫‪ )4‬إسهام البحث في تطوير املعرفة‪.‬‬


‫أن س ل عن مدم إسهام بحثه في تقديم معلومات جديدة‪ ،‬تساهم في فهم الظاهرة‬
‫موضوع البحث خاصة‪ ،‬وفي نمو املعرفة عامة‪ .‬وهذا يتطلب من الباحث إملاما واسعا بامليدان‬
‫الذي سيبحث فيه‪ ،‬وبحدودت املعرفية‪ .‬وهذا في الحقيقة ال يت ت إال بالقراءات املركية في‬
‫نطاق بحثه‪ .‬فالطالب الذي يختار أن يبحث في الطموح‪ ،‬مطالب ب ن يكون على دراية واسع‬
‫بالنظريات املفسرة ملفهوم الطموح‪ .‬والبحوث التي أجريم حوله‪ ،‬من حيث أماكنها وأ منتها‬

‫‪156‬‬
‫وعيناتها‪ ،‬واملتغيرات ألاخرم‪ ،‬التي تم بحث عالقاتها بمتغير الطموح‪ .‬والنتائج التي تم التوصل‬
‫إل ها‪ ،‬حتى يتس ى له وضع بحثه في املكان املناسب له بالنسبة ملا سبقه من بحوث‪.‬‬

‫‪ )5‬إمكان إنجا البحث ماديا‪.‬‬


‫أن س ل عن إمكاناته املادية للقيام بالبحث‪ .‬ك ن يتطلب شراء أدوات أو أجهية أو طبع‬
‫اختبارات أو القيام بسفر‪ ،‬أو دفع أجور وغير ذلك من النفقات املالية‪ .‬ولذا ينبغي أن يكون‬
‫لدم الباحث تصور واضح عن تكاليف بحثه حتى يكون على بينة بما هو مطلوب منه‪.‬‬

‫‪ )6‬إمكان الحصول على تعاون‪.‬‬


‫أن س ل عما إذا كانم الجهات التي سيجري بحثه امليداني أو التوايقي في بيئتها ستتعاون‬
‫معه لتنفيذ إجراءات بحثه‪ .‬كاألفراد الذين يكونون عينة بحثه‪ ،‬واملؤسسات كاملدارس‬
‫وإلادارات واملعامل والسجون واملستشفيات وألاسر وغيرها‪.‬‬

‫‪ )7‬مدم توفر الوقم نجا البحث‪.‬‬


‫أن س ل كذلك عن الوقم الال م الذي سيكفيه نجا بحثه‪ .‬فقد يكون هدل الباحث‬
‫هو تقديم بحثه في مؤتمر علمي عقد في موعد م ي محدد‪ .‬أو أنه يهدل إلى الحصول على‬
‫درجة علمية‪ ،‬أو ترقية مشروطة بفترة منية محددة‪ ،‬أو تعيين في وظيفة معينة‪ .‬لذا ينبغي‬
‫الانتهاء منه في وقم محدد‪ .‬إلى غير ذلك من العوامل ذات الطابع اليم ي‪.‬‬

‫‪ )8‬إمكان الحصول على املراجع الضرورية‪.‬‬


‫أن س ل عن إمكان الحصول على املصادر واملراجع والواائق الضرورية نجا بحثه‪.‬‬
‫كالكتب واملجالت والدوريات والرسائل العلمية‪ .‬وهل هي متوفرة في مكتبة الجامعة التي‬
‫سجل ف ها بحثه‪ ،‬أو توجد في أماكن أخرم‪ .‬وهل بإمكانه السفر إل ها‪ ،‬إلى غير ذلك مما ينبغي‬
‫معرفته في هذا املجال‪ .‬ألن املصادر واملراجع الجيدة‪ ،‬كما ونوعا‪ ،‬ال يمكن الاستغناء عنها في‬
‫تقوم هذت البحوث من حيث جودتها وأهميتها من خالل ما‬ ‫مجال إنجا البحوث العلمية‪ .‬بل ّ‬
‫اعتمدت عليه من مراجع حديثة ومتعلقة مباشرة باملوضوع‪.‬‬
‫وتختلف البحوث العلمية في موضوعاتها كما تختلف في أهدافها‪ .‬وبالتالي فهناك ‪:‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ .1‬البحوث ألاكاديمية التي تجرم من أجل فهم أحسن للظواهر‪.‬‬
‫‪ .2‬البحوث املهنية التي تجرم من أجل تحسين أداء ألاعمال املهنية في الصناعة أو في‬
‫التربية أو في إلادارة وغيرها‪.‬‬
‫‪ .3‬بحوث لنيل درجة علمية كاملاجستير والدكتورات‪.‬‬
‫‪ .4‬بحوث وظيفية وتجرم من أجل الحصول على الترقية في الوظيفة‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن هذت البحوث‪ ،‬وردت فئات منفصلة‪ ،‬ولكنها متداخلة‪ .‬فالبحث‬
‫ألاكاديمي مثال‪ ،‬يمكن أن يكون من أجل نيل شهادة جامعية‪ ،‬أو من أجل الحصول على ترقية‪.‬‬
‫هذت ألاسئلة‪ ،‬إذا أجاب عنها الباحث لنفسه‪ ،‬فإنه من املتوقع أن تجنبه الوقوع في‬
‫ألاخطاء التي يقع ف ها عادة الباحثون املبتدئون‪ .‬وسيبدأ بحثه وهو على علم بإمكاناته وقدراته‬
‫على حل املشكالت التي تعترضه‪ ،‬وبذا سير في بحثه وكله اطمئنان واقة‪.‬‬

‫االثا ‪ :‬مصادر اختيار موضوع البحث‬


‫أما املصادر التي تساعد الباحث على اختيار موضوع بحثه‪ ،‬فهي كما يلي ‪:‬‬

‫‪ )1‬القراءات املركية واملتعددة في ميدان التخص ‪.‬‬


‫والحقيقة أال أحد ينكر دور الاطالع وإلاملام الجيد والواسع بميدان التخص ‪ .‬وهو‬
‫الخلفية النظرية الرئيسية للقدرة على اختيار موضوع البحث وكذلك مشكلته‪ .‬حيث أن وفرة‬
‫الاطالع وغيارته في ميدان التخص ‪ ،‬وامليادين القريبة منه‪ ،‬يمثل الخطوة ألاولى وألاساسية‬
‫نجا البحث‪ .‬فإذا كان الباحث واسع الاطالع‪ ،‬ملما بالبحوث التي أجريم في ميدان‬
‫تخصصه‪ ،‬فمن غير شك‪ ،‬أنه سيكون على دراية باملوضوعات التي ال الم في حاجة إلى‬
‫البحث والدراسة‪ .‬فالثغرات توجد في كل مجال من مجاالت املعرفة البشرية‪ ،‬وهي تمثل تحديا‬
‫للباحثين‪ ،‬وعل هم اكتشافها والعمل على ملئها بنتائج بحوثهم التي يجرونها لهذا الغرض‪ ،‬وهو‬
‫الغرض ألاسم من البحث العلمي‪.‬‬

‫‪ )2‬دافع الاستطالع‪.‬‬
‫إن دافع الاستطالع‪ ،‬كان دائما املوجه ألاول للعقل البشري ومحركه ألاساس ي‪ ،‬نحو‬
‫اكتشال املجهول‪ .‬وهو دافع طبيهي‪ ،‬يكمن خلف انطالق إلانسان الكتشال ما حوله‪ ،‬وفهمه‬
‫والتحكم فيه‪ .‬ألن الباحث عادة ما يقرر دراسة ظاهرة ما‪ ،‬ألنها تثير ميله لالستطالع‬

‫‪158‬‬
‫والاكتشال‪ ،‬وألنه يريد فهمها‪ .‬فاالهتمام الذي ستشعرت الباحث نحو ظاهرة معينة‪ ،‬هو‬
‫عامل حاسم في إجادة البحث‪ .‬وعندما يصبح الباحث مقتنعا بالحاجة إلى دراسة موضوع‬
‫بعينه‪ .‬فإن ذلك يدفعه إلى بذل الجهد وإلاخال فيه وإتقانه‪ .‬مما شعرت باالعتزا بالنفس‬
‫وبالعمل الذي قام به‪ .‬ألن ذلك يحقق له إلاشباع والرضا والقيمة الذاتية‪ ،‬وألاهمية في نظر‬
‫نفسه وآلاخرين‪.‬‬

‫‪ )3‬تصحيح جوانب خاطئة في بحوث سابقة‪.‬‬


‫قد يكتشف باحث عند اطالعه على بعض البحوث‪ ،‬أن هناك أخطاء في هذت البحوث‪.‬‬
‫سواء ما يتعلق ب دوات القياس‪ ،‬أم بإجراءات تطبيقها‪ ،‬أم ب سلوب اختيار العينات‪ ،‬أم‬
‫باألساليب إلاحصائية‪ ...‬إلخ‪ .‬فيدفعه ذلك إلى القيام ببحث آخر‪ ،‬يكون موضوعه هو‪،‬‬
‫تصحيح ملا ورد في تلك البحوث من أخطاء‪ .‬وقد يؤدي ذلك إلى اكتشال معلومات جديدة‪،‬‬
‫تضيف معرفة جديدة هامة‪ ،‬تتعلق بالظاهرة محل البحث‪.‬‬

‫‪ )4‬مالحظات الباحث اليومية‪.‬‬


‫فالباحث الذي يتوفر على حساسية مرتفعة‪ ،‬تجات املشكالت القابلة للبحث‪ ،‬كثيرا ما‬
‫يصادل في حياته اليومية أحدااا تثير اهتمامه وشهيته للبحث‪ .‬فقد يقرأ في جريدة يومية‪،‬‬
‫أن أبا قتل ابنته الوحيدة حرقا بالنار‪ .‬فيثير ذلك رغبته في إجراء بحث على يخصية هذا‬
‫ألاب‪ ،‬للتعرل على العوامل النفسية التي تكمن خلف ارتكابه لهذت الجريمة‪ .‬وقد سمع باحث‬
‫آخر ألحد املعلمين‪ ،‬يتحدث عن ظاهرة إخفاق معظم التالميذ في مادة الرياضيات في التعليم‬
‫الابتدا ي‪ .‬فيثير ذلك اهتمامه‪ ،‬ويقرر إجراء بحث حول العوامل التي تكمن خلف هذا‬
‫إلاخفاق‪ .‬وقد يالحظ باحث آخر‪ ،‬أاناء يارته العادية لبعض إلادارات‪ ،‬لقضاء بعض شؤونه‬
‫ف ها‪ ،‬أن هناك تفشيا واضحا لظاهرة غياب املوظفين عن مكاتبهم‪ .‬فيثير ذلك تساؤال لديه‬
‫حول أسباب هذت الظاهرة‪ .‬وقد يبلورها إلى مشكلة بحث جديرة بالدراسة‪ .‬وقد يالحظ باحث‬
‫آخر السلوك التخريبي الذي يقوم به ألاطفال والشباب تجات البيئة وعناصرها‪ ،‬وخاصة‬
‫املمتلكات العمومية‪ .‬كاأليجار التي يتم غرسها لتجميل املحيط‪ ،‬والسياجات املحيطة‬
‫باملؤسسات أو الحدائق العمومية‪ ...‬إلخ‪ .‬فيثير ذلك لديه الاهتمام ببحث هذت الظاهرة‪ ،‬قصد‬
‫معرفة العوامل النفسية التي تكمن وراء هذا السلوك‪ .‬وقد يتجول باحث في أحياء مدينة‬
‫باتنة‪ ،‬فيالحظ ان هناك أحياء‪ ،‬تم بناؤها فوضويا شوارعها ضيقة ووسخة‪ ،‬سكناتها متقاربة‬

‫‪159‬‬
‫جدا وضيقة‪ ،‬طرقاتها غير معبدة وميدحمة يوميا باألطفال واملارة‪ .‬وأحياء أخرم تم بناؤها‬
‫بطريقة منظمة‪ ،‬شوارعها واسعة ونظيفة‪ ،‬سكناتها متباعدة وواسعة‪ ،‬طرقاتها معبدة وغير‬
‫ميدحمة باألطفال واملارة‪ .‬فتؤدي هذت املالحظات ملواصفات الحيين إلى إاارة الاهتمام لدم‬
‫الباحث لدراسة أار هذت الاختالفات في املواصفات العمرانية السابقة لألحياء‪ ،‬على بعض‬
‫ألانماط السلوكية لدم سكانها‪ ،‬كانحرال ألابناء‪ ،‬أو العدوان‪ ،‬أو مستوم التحصيل الدراس ي‬
‫للتالميذ‪ ،‬أو تحمل الضغوط‪ ،‬أو التوافق اليواجي‪ ،‬أو إلاصابة ببعض الاضطرابات النفسية‪...‬‬
‫إلخ‪ .‬وقد تؤدي النتائج التي يتم التوصل إل ها من هذا البحث‪ ،‬إلى لفم انتبات املسؤولين على‬
‫التنظيم العمراني‪ ،‬وتخطيط املدن‪ ،‬إلى خطورة ألاحياء غير املنظمة على الصحة النفسية‬
‫للمجتمع‪ ،‬ودورها في برو آلافات الاجتماعية‪.‬‬
‫وهكذا ينشط البحث العلمي في العلوم إلانسانية‪ ،‬فيتصل بحياة ألافراد الواقعية‬
‫مباشرة‪ .‬و ساهم في التعرل على أسباب مشكالتهم التي تصيبهم يوميا‪ ،‬سواء على مستوم‬
‫ألافراد أم على مستوم املجتمع‪ .‬ويقدم إسهاماته لفهمها من الناحية العلمية‪.‬‬

‫‪ )5‬البحوث التطبيقية‪.‬‬
‫عادة ما تتوصل البحوث ألاكاديمية إلى صياغة قوانين يمكن الاستفادة منها عمليا في‬
‫امليادين التي تمم ف ها الدراسة ألاكاديمية‪ ،‬أو نقلها إلى ميادين أخرم‪ .‬كما هو الحال في تطبيق‬
‫قوانين التعلم‪ ،‬ونقلها إلى ميدان التعلم إلانساني‪ .‬أو ميدان العالج السلوكي‪ .‬واملعرول أنه‬
‫قبل تطبيق هذت القوانين مباشرة‪ ،‬فإن ألامر يتطلب إجراء بحوث ملعرفة مدم صالحيتها‪،‬‬
‫وإمكان الاستفادة منها‪ ،‬وطرق تطبيقها‪ .‬وتسم هذت بالبحوث التطبيقية‪.‬‬

‫‪ )6‬املناقشات في املؤتمرات العلمية‪.‬‬


‫إن املؤتمرات العلمية‪ ،‬هي برملانات العلماء‪ .‬وحضور الباحثين املبتدئين إلى هذت‬
‫املؤتمرات‪ ،‬والاستماع إلى مناقشات أهل الاختصا من ذوي الخ رة الواسعة في تخصصهم‬
‫للبحوث التي تقدم في هذت املؤتمرات‪ ،‬يفتح كثيرا من ألابواب على املوضوعات واملشكالت‬
‫التي يمكن بحثها‪ ،‬والوصول ف ها إلى فوائد علمية‪ .‬تساهم في تنمية العلم من ناحية‪ ،‬وتوحي‬
‫بحل مشكالت فردية أو اجتماعية معينة من ناحية أخرم‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫‪ )7‬الت كد من صدق نظرية‪.‬‬
‫قد يكون الدافع إلى القيام بإجراء البحث‪ ،‬هو الت كد من التفسير الذي تقدمه بعض‬
‫النظريات لبعض الظواهر السلوكية‪ .‬سواء في املجتمع الذي تمم فيه صياغة تلك النظرية‪،‬‬
‫أم الختبارها في مجتمع آخر (البحوث الحضارية)‪ .‬مثل البحوث التي تم إجراؤها حول مدم‬
‫صدق نظرية بياجي في النمو املعرفي ومراحله‪ ،‬على عينات أخرم خارج مدينة جنيف بسو سرا‪.‬‬
‫واختبار مدم صدق أو عاملية نظرية أيينك في أبعاد الشخصية وغيرها‪.‬‬

‫‪ )8‬إبداع وسائل جديدة‪.‬‬


‫أو يكون الدافع إلى إجراء بحث‪ ،‬هو التوصل إلى إبداع وسائل جديدة‪ ،‬كما هو الحال في‬
‫إبداع أج هية تساعد على إجراء البحوث‪ .‬أو إبداع منهج جديد للبحث‪ ،‬كما فعل بياجي‬
‫بداعه للطريقة العيادية لدراسة خصائ التفكير لدم ألاطفال‪ .‬أو بناء اختبارات نفسية‬
‫جديدة‪ ،‬او صياغة معادالت إحصائية مالئمة أحسن من سابقتها في معالجة نتائج البحوث‪...‬‬
‫إلخ‪.‬‬

‫‪ )9‬تلقي معلومات من املسؤولين‪.‬‬


‫إن مهمة البحث العلمي‪ ،‬في أي ميدان من ميادين املعرفة‪ ،‬هي املساهمة في التعرل على‬
‫املشكالت التي تعترض إلانسان في حياته‪ .‬من حيث أسبابها وطبيعتها وعالقاتها بمشكالت أو‬
‫ظواهر أخرم من أجل التغلب عل ها‪ .‬أو البحث من أجل التعرل على أحسن ألاساليب ألداء‬
‫أعمال معينة‪ ،‬أو الاستفادة من ظواهر طبيعية (الطاقة الشمسية) أو إنسانية معينة (النبوغ‬
‫العقلي)‪ .‬واملجتمعات الغربية أعطم هذا الدور للعلم‪ .‬واستفادت منه في كل ميادين الحياة‬
‫باستثمارها لنتائجه‪ .‬إن للعلم أفضاال كثيرة على املجتمعات الغربية‪ .‬ألن التقليد عندهم هو‬
‫أنه كلما ظهرت مشكالت في ميادين الصناعة أو اليراعة أو إلانتاج أو التربية أو إلادارة أو‬
‫ألاسرة أو البيئة وغيرها‪ ،‬يلجؤون إلى العلم‪ .‬فيتصلون بالجامعات ومراكي البحث العلمي‪،‬‬
‫طالبين من باحث ها تقديم حلول علمية لهذت املشكالت التي تشغلهم كمسؤولين على هذت‬
‫معوقة للتطور‪ ،‬وتحسين‬ ‫القطاعات‪ .‬وفي املجتمعات النامية‪ ،‬توجد مظاهر سلوكية كثيرة ّ‬
‫الظرول الاجتماعية والتربوية وإلادارية والاقتصادية والصحية‪ ،‬فهناك إلاهمال في تحمل‬
‫املسؤولية‪ ،‬وعدم إتقان العمل والتخلي عن ألادوار‪ .‬وهناك تفش ي الرشوة والجريمة‬
‫والانحرافات السلوكية وتعاطي املخدرات والعنف البدني واللفظي وغيرت‪ .‬وألاجدر بالباحثين‬

‫‪161‬‬
‫في العلوم إلانسانية‪ ،‬وخاصة علم النفس والتربية وعلم الاجتماع‪ ،‬أن يوجهوا اهتماماتهم إلى‬
‫بحث هذت املظاهر السلوكية السيئة‪ .‬من أجل التخطيط للتغلب عل ها‪ .‬وبذلك ي خذ العلم‬
‫عندنا دورت الطبيهي‪ ،‬وهو إلاسهام في تنمية املجتمع‪.‬‬
‫وهكذا يتصل العلم باملجتمع ويتعرل على قضايات ومشكالته‪ ،‬ويتصدم إلى بحثها وإيجاد‬
‫طرق للتغلب عل ها‪ .‬وهذا هو في الحقيقة دور العلم والعلماء والباحثين‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬عنوان البحث‬


‫يتعين على الباحث أن يصيغ عنوان بحثه‪ ،‬الذي ينبغي أن ُي َح ِّد َد تحديدا دقيقا موضوع‬
‫البحث وطبيعته ونوعه‪ ،‬فتشير مفرداته إلى مضمونه بدقة‪ .‬ويمكن للباحث املبتدئ أن‬
‫ستفيد من البحوث السابقة‪ ،‬ومن التشاور بينه وألاستاذ املشرل على بحثه‪ ،‬أو من بعض‬
‫أهل الخ رة‪ .‬إن العنوان الجيد للبحث‪ ،‬هو الذي يتضمن االاة عناصر أساسية‪ ،‬هي ‪ 1 :‬ـ‬
‫املتغيرات‪ 2 .‬ـ العينة‪ 3 .‬ـ املنهج‪ .‬فمثال العناوين التالية تتضمن العناصر السابقة‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ الكفاءة الاجتماعية والاكتئاب ‪ :‬دراسة ارتباطية على عينات من طالب الجامعة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ القلق والعدوان لدم عينات من ألاحداث الجانحين ومجهولي الوالدين واملقيمين مع‬
‫ّ‬
‫أسرهم ‪ :‬بحث علي‪ /‬مقارن‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ التوجه الدي ي والشعور بالسعادة ‪ :‬بحث ارتباطي على عينات من الشباب‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ البناء النفس ي للمدمن على الهروين ‪ :‬دراسة عيادية متعمقة باتباع منهج دراسة‬
‫الحالة‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ الاعتداء على ألاساتذة ‪ :‬دراسة مسحية على التالميذ العدوانيين في املرحلة الثانوية‪.‬‬
‫وعلى الباحث‪ ،‬أن ستعمل املصطلحات العلمية استعماال صحيحا‪ ،‬تماشيا مع ما هو‬
‫يبين ما يقصد باملصطلح إذا استعمله بمع ى جديد‪.‬‬ ‫متعارل عليه بين أهل الاختصا ‪ ،‬أو ّ‬

‫خامسا ‪ :‬مقدمة البحث‬


‫يتعرض الباحث في مقدمة بحثه إلى العناصر التالية ‪:‬‬
‫الذي يبحث‬ ‫‪ 1‬ـ التعريف بمفاهيم البحث وأهميتها‪ ،‬سواء في ميدان التخص‬
‫فيه‪ ،‬أم في وصف السلوك وتفسيرت‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أه ـدال البح ـث الن ـظ ـرية والعملية ‪ :‬فاأله ـدال النظرية يقصد بها الن ـتائ ـج التي‬

‫‪162‬‬
‫سيسفر عنها البحث‪ ،‬والتي تضال إلى ما سبق بحثه حول املوضوع‪ .‬أو تقديم معلومات‬
‫جديدة عن الظاهرة السلوكية موضوع البحث‪ ،‬من حيث إيجاد فروق ف ها بين ألافراد أو بين‬
‫الجماعات‪ ،‬أو إيجاد ارتباط بينها واملتغيرات ألاخرم‪ ،‬أو ت اير متغير على متغير آخر‪ ،‬أو ال يوجد‬
‫ت اير‪ ...‬إلخ‪ .‬أما ألاهدال العملية‪ ،‬فاملقصود بها مدم إمكان الاستفادة من نتائج البحث‬
‫النظرية في إحداث إصالحات وتعديالت في امليدان الذي أجري فيه البحث‪ .‬فإذا أسفرت نتائج‬
‫البحث‪ ،‬مثال‪ ،‬عن وجود فروق بين امللتحقين بالتعليم التحضيري وغير امللتحقين به في‬
‫التوافق الدراس ي والاجتماعي والانفعالي لصالح امللتحقين في اتجات التوافق‪ ،‬فإنه يكون من‬
‫أهدال البحث العملية‪ ،‬ما يلي ‪" :‬توجيه انتبات املعنيين باألمر (مسؤولي التربية والتعليم‬
‫وألاولياء) إلى أهمية تعميم مؤسسات التعليم التحضيري‪ ،‬وإلحاق أطفال ما قبل املدرسة‬
‫به"‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أهمية البحث من خالل أهمية مفاهيمه‪ ،‬وما يمكن أن سفر عنه البحث من‬
‫نتائج ذات فائدة‪ ،‬والجهات التي سول تستفيد من نتائجه‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ دواعي وم ررات البحث‪ .‬وتتضمن‪ ،‬عادة‪ ،‬دوافع ذات طابع يخ ي‪ .‬مثل اهتمام‬
‫الباحث بهذا املوضوع‪ ،‬أو من خالل مالحظاته الشخصية لسلوك ألافراد في مجال معين‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ محتوم البحث من خالل عرض موجي لفصوله ومضامينها‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ صعوبات البحث (إن وجدت)‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ حدود البحث ‪ :‬تتعين حدود البحث من خالل مدم إمكان تعميم النتائج املتحصل‬
‫عل ها وفقا ألهدال البحث ومتغيراته وعينته وأدواته وألاساليب إلاحصائية املستعملة‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬إلاطار النظري أو الخلفية النظرية للبحث‬


‫عند الاطالع على البحوث التي أنجيت وأجيزت‪ ،‬نجد‪ ،‬أن امليدانية منها‪ ،‬عادة ما تتضمن‬
‫قسمين أساسيين (إضافة إلى بعض العناصر ألاخرم؛ كمقدمة البحث وفهرس املحتويات‬
‫وفهرس الجداول وغيرها‪ ،‬وبعضها في نهايته كاملراجع واملالحق)‪ .‬وهذان القسمان ألاساسيان‬
‫هما ‪ :‬القسم النظري والقسم امليداني‪ ،‬إضافة إلى نتائج البحث‪.‬‬
‫فالق ـس ـم الن ـظ ـري أو إلاط ـار النظري‪ ،‬كما يط ـلق عليه عادة‪ ،‬أو الخلفية النظرية للبحث‪،‬‬
‫يكون ضروريا لكل بحث‪ ،‬سواء غلب عليه الطابع النظري أو الطابع العملي التطبيقي‪.‬‬
‫ويتضمن القسم النظري‪ ،‬أي إلاطار النظري‪ ،‬النظريات واملفاهيم‪ ،‬وكذلك نتائج الدراسات‬

‫‪163‬‬
‫السابقة‪ ،‬ذات العالقة بمشكلة البجث‪ .‬و ستند إليه الباحث في جميع تصوراته النظرية‪،‬‬
‫وإجراءاته امليدانية وتفسير نتائج البحث‪ .‬ولذا فهو مهم جدا‪ .‬بحيث ال يقوم أي بحث علمي‬
‫ّ‬
‫جيد بدونه‪ .‬ولذا‪ ،‬ينبغي على الباحث أن يتسلح بفهم عميق للطار النظري لبحثه‪.‬‬
‫َ‬
‫ويمد فهم إلاطار النظري للبحث الباحث بقدرة جيدة على ت رير الحاجة إلى البحث‪ .‬ومن‬
‫ام إبرا القيمة العلمية لبحثه‪ .‬ويتحقق للباحث‪ ،‬الفهم العميق للطار النظري لبحثه‪ ،‬من‬
‫خالل الاطالع على النظريات‪ ،‬أو املعلومات النظرية‪ ،‬ذات العالقة بالبحث‪ .‬ونتائج الدراسات‬
‫السابقة ذات العالقة بالبحث‪ .‬واملفاهيم ذات العالقة بالبحث‪ .‬وتعد أطروحات الدكتورات‬
‫ورسائل املاجستير‪ ،‬والبحوث املنشورة في املجالت العلمية املحكمة املتخصصة‪ ،‬والبحوث‬
‫املنشورة ضمن أعمال املؤتمرات العلمية املتخصصة‪ ،‬إضافة إلى قواعد البيانات إلالكترونية‬
‫على الانترنم‪ ،‬مصدرا خصبا‪ ،‬لفهم إلاطار النظري ملشكلة البحث‪ .‬وأتناول فيما ي تي‪ ،‬جوانب‬
‫إلاطار النظري ‪:‬‬

‫‪ )1‬املفاهيم والنظريات‪.‬‬
‫تيخر العلوم إلانسانية بالنظريات واملفاهيم التي صاغها العلماء لتفسير الوقا ع‬
‫السلوكية التي يقومون بدراستها‪ .‬والنظرية هي مجموعة من التعميمات التي تفسر العالقات‬
‫بين الوقا ع وألاحداث التي تتولى دراستها‪ .‬وينبغي أن تكون هذت التعميمات مترابطة ومنسجمة‬
‫داخليا فيما بينها‪ .‬حتى تكون تفسيراتها منسجمة كذلك‪( .‬الحظ على سبيل املثال‪ ،‬نظريات‬
‫التعلم ونظرية التحليل النفس ي ونظرية بياجي في النمو املعرفي ونظرية أبعاد الشخصية أليينك‬
‫وغيرها‪ ،‬كيف أن مفاهيم هذت النظريات وفروضها منسجمة مع بعضها في نسق كلي‪ ،‬مما‬
‫جعلها تستحق اسم نظرية‪ ،‬بجدارة)‪ .‬وتستعمل كل نظرية‪ ،‬في سع ها لتفسير الظواهر‪،‬‬
‫مجموعة من املفاهيم واملصطلحات التي يمكن دراستها تجريبيا أو كميا‪.‬‬
‫ففي علم النفس‪ ،‬يوجد الكثير من النظريات والنماذج تستعمل مفاهيم مختلفة‪،‬‬
‫كتعميمات لتفسير ألاحداث السلوكية التي تقوم بدراستها‪ .‬فهناك نظرية الجشطلم واملجال‬
‫ونظرية التحليل النفس ي والنظرية السلوكية‪ ،‬تحتوي على نظريات فرعية تختلف فيما بينها‬
‫اختالفا جيئيا‪ .‬وهناك أيضا نظرية بياجي في النمو املعرفي‪ .‬ونظرية أيينك في الشخصية‪،‬‬
‫ونظرية كارل روجر في الذات ونظرية ماكليالند في الدافع للنجا ‪ ،‬ونظرية أل رت باندورا في‬
‫التعلم باملالحظة ونظرية جوليان ب‪ .‬روتر في التعلم الاجتماعي بالتوقع وقيمة التعييي وغيرها‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫وتستعمل هذت النظريات مفاهيم‪ ،‬تفسر بها ألاحداث السلوكية والعالقات بينها‪.‬‬
‫واملتخصصون في علم النفس يتعاملون مع هذت املفاهيم في بحوثهم‪ .‬مثل ‪ :‬الاستبصار‪،‬‬
‫املوقف النفس ي‪ ،‬الالشعور‪ ،‬الكبم‪ ،‬عقدة أوديب‪ ،‬الجنسية الطفلية‪ ،‬املثيرات‪ ،‬الاستجابات‬
‫الشرطية‪ ،‬التعييي‪ ،‬التشكيل‪ ،‬التعميم‪ ،‬التمييز‪ ،‬التمثل‪ ،‬املواءمة‪ ،‬البعد‪ ،‬العصابية‪،‬‬
‫الانبساطية‪ ،‬التوقع‪ ،‬القيمة‪ ،‬التفكير إلابداعي‪ ،‬الدافع للنجا وغيرت‪.‬‬
‫ويبدع أصحاب هذت النظريات مناهج وطرق للبحث واستخبارات لقياس املتغيرات التي‬
‫تتضمنها هذت النظريات‪ .‬وعلى سبيل املثل‪ ،‬فقد أبدع فرويد طريقة التداعي الحر للتعرل‬
‫على الخ رات الانفعالية الطفلية في الالشعور‪ .‬وأبدع بياجي الطريقة العيادية لدراسة‬
‫خصائ التفكير املنطقي عند ألاطفال‪ .‬وأبدع أيينك طريقة خاصة في التحليل العاملي‬
‫لدراسة أبعاد الشخصية‪ .‬وأبدع الجشطلتيون والسلوكيون واملعرفيون التجارب املعملية‬
‫ّ‬
‫وطور‬ ‫لدراسة سلوك الحيوان وإلانسان في مجاالت التعلم وإلادراك وحل املشكالت‪.‬‬
‫ماكليالند استخبار تفهم املوضوع لهنري أ‪ .‬موراي الستعماله في قياس الدافع للنجا ‪ .‬وصمم‬
‫روتر استباينا لقياس مفهوم مصدر الضبط الداخلي‪ /‬الخارجي للتعييي‪ ،‬املشتق من نظريته‬
‫للتعلم الاجتماعي‪ .‬وهكذا‪.‬‬
‫وينبغي على كل باحث جاد‪ ،‬أن يكون ملما بجميع جوانب النظرية التي تبناها في بحثه‪،‬‬
‫من حيث مفاهيمها وفروضها والتداخل بينها‪ ،‬ونظريات أخرم في تفسير نفس ألاحداث‬
‫السلوكية‪ .‬وكذلك مناهجها وأدوات القياس التي تستعملها‪ ،‬وجوانب القوة والضعف ف ها‪،‬‬
‫والانتقادات املوجهة إل ها‪ ،‬ونتائج البحوث التي أجريم حول ما تذهب إليه عند تفسيرها‬
‫عدل‪ ،‬ال بد قبل ذلك من الاطالع الشامل‬ ‫للسلوك‪ ،‬وغيرت‪ .‬ألن الباحث إذا أراد أن ينتقد أو ّ‬
‫على كل جوانب النظرية التي يبحث في إطارها‪ .‬وال يت ت له ذلك‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬إال بالقراءات‬
‫املركية للكتابات املتخصصة التي أنجيت حول مشكلة بحثه‪.‬‬
‫فالكتب‪ ،‬وخاصة املصادر منها‪ ،‬تيود الباحث ب صول النظرية وب فكارها ألاساسية‪ .‬أما‬
‫املراجع الحديثة‪ ،‬فتزودت بالتطورات التي طرأت على النظرية‪ .‬أما املجالت والدوريات‬
‫والرسائل الجامعية‪ ،‬فتزودت بمعلومات عن تطور البحث في النظرية‪ ،‬وبمدم صدقها في‬
‫التفسيرات التي تذهب إل ها‪ ،‬من خالل نتائج البحوث والدراسات التي أجريم في هذا الصدد‪.‬‬
‫وتيودت كذلك باملعلومات عن الجوانب التي تم بحثها‪ ،‬وما مكانة النتائج املتوصل إل ها في إطار‬
‫النظرية‪ .‬وبذلك ستطيع الباحث أن يضع بحثه في املكان املالئم له‪ .‬حيث يبدأ من النقطة‬

‫‪165‬‬
‫التي انتهم عندها الدراسات السابقة (وهذت في الحقيقة هي ألارضية التي تصاغ ف ها مشكلة‬
‫البحث) مع أخذ نتائج الدراسات السابقة بعين الاعتبار‪.‬‬
‫ومن فوائد إلاطار النظري ما يلي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ توفير منظومة علمية تمكن الباحث من إجراء بحثه في إطارها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تحديد مشكلة البحث‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تفسير نتائج البحث‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ إدماج نتائج البحث الحالي في إلاطار النظري السابق‪.‬‬

‫‪ )2‬الدراسات السابقة وكيفية كتابتها في تقرير البحث النفس ي‪.‬‬


‫تمثل نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬جانبا هاما في الخلفية النظرية للبحث النفس ي‪ ،‬ألنه إذا‬
‫كانم املفاهيم والنظريات‪ ،‬مجموعة من الفروض التي ال تيال تحم الاختبار العلمي‪ ،‬فإن‬
‫نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬هي نتائج لبعض الاختبار العلمي لهذت الفروض‪ .‬إن نتائج الدراسات‬
‫السابقة‪ ،‬لها دور هام في البحث العلمي‪ ،‬ال يقل أهمية عن املفاهيم والنظريات‪ ،‬إذا أحسن‬
‫الباحث كتابتها في أماكنها املالئمة من تقرير البحث‪ ،‬ووفق أهدال البحث‪.‬‬
‫لكن الشا ع في كتابة إلاطار النظري‪ ،‬في البحوث النفسية امليدانية الجامعية‪ ،‬سواء على‬
‫مستوم أطروحات الدكتورات‪ ،‬أم أطروحات املاجستير‪ ،‬أم بحوث املاستر‪ ،‬أن عناصرت‪ ،‬وهي‬
‫‪ :‬املفاهيم واملعلومات النظرية ونتائج الدراسات السابقة‪ ،‬تفكك‪ ،‬كما يفكك جها مادي إلى‬
‫أجياء وقطع صغيرة‪ ،‬فعندما يفكك جها مثل محرك سيارة‪ ،‬وتفصل كل القطع عن بعضها‪،‬‬
‫يصير ليس محرك سيارة أبدا‪ ،‬ألنه فقد خاصيته كمحرك تعمل أجياؤت في تالحم واتساق‪،‬‬
‫ليؤدي وظيفته بنجاح‪.‬‬
‫وكذلك تقارير البحوث العلمية‪ ،‬في جانبها النظري‪ ،‬تفكك عناصرها‪ ،‬وتفصل عن‬
‫بعضها‪ ،‬فكل عنصر يوضع في مكان منفرد من تقرير البحث؛ توضع تعريفات املفاهيم‪ ،‬سواء‬
‫الت سيسية أم إلاجرائية‪ ،‬في مكان منعيل‪ ،‬وتوضع املعلومات النظرية‪ ،‬كذلك‪ ،‬في فصول‬
‫منعيلة عن تعريفات املفاهيم‪ ،‬ونتائج الدراسات السابقة توضع أيضا في مكان منعيل عن‬
‫تعريفات املفاهيم وعن املعلومات النظرية‪ ،‬وهذت الطريقة ليسم من البحث العلمي‬
‫ألاكاديمي في ش يء‪.‬‬
‫وفيما يتعـلـق بكـتاب ـة نـتائ ـج الدراس ـات الس ـابـقـة‪ ،‬ع ـرض ـها الباحثون بطريقة سـيئـة‪ ،‬ك ـما‬
‫ي تي ‪:‬‬

‫‪166‬‬
‫‪" .1‬تعرض" في فصل أو في جيء من فصل‪ ،‬من البحث‪ ،‬في مكان منعيل عن املفاهيم‬
‫واملعلومات النظرية‪.‬‬
‫‪" .2‬تعرض"‪ ،‬تاريخيا‪ ،‬من أقدم دراسة إلى أحدثها‪ ،‬وتوضع لها عناوين فرعية‪ ،‬وفق أسماء‬
‫مؤلف ها؛ دراسة فالن‪ ،‬دراسة فالن‪ ....‬إلى نهايتها‪.‬‬
‫‪" .3‬تعرض" بتصنيفها اقافيا‪ ،‬ضمن عناوين فرعية؛ دراسات عربية ودراسات أجنبية‪.‬‬
‫‪" .4‬تعرض" بتفاصيلها دون محاولة الاستفادة منها في إاراء إلاطار النظري للبحث‪ ،‬أو في‬
‫صياغة مشكلة البحث‪ ،‬أو في مناقشة النتائج‪.‬‬
‫‪" .5‬تعرض" كلها بهذت الطريقة وفي مكان واحد‪ ،‬من تقرير البحث‪ ،‬دون نقد أو تعقيب أو‬
‫مناقشة‪.‬‬
‫‪" . 6‬تعرض" في معظم البحوث‪ ،‬بعد عرض املشكلة أو إلاشكالية‪ ،‬وألاسئلة والفرضيات‪،‬‬
‫رغم أن للدراسات السابقة سبق م ي عل ها‪.‬‬
‫‪ .7‬وألاخطر من ذلك كله‪ ،‬أنها تكتب وتسرد دون هدل محدد وواضح‪.‬‬
‫إن عرض الدراسات السابقة‪ ،‬تاريخيا‪ ،‬يكون مفيدا‪ ،‬إذا كان هدل البحث هو تتبع تطور‬
‫البحث منيا حول متغير معين‪ .‬وعرضها في تصنيف اقافي‪ ،‬إلى دراسات عربية ودراسات‬
‫أجنبية‪ ،‬يكون مفيدا كذلك‪ ،‬إذا كان هدل البحث هو دراسة متغير البحث دراسة ع ر اقافية‬
‫(املقارنة بين الثقافات)‪.‬‬
‫إن أهدال البحث‪ ،‬من العوامل التي تحدد الطريقة التي ينبغي أن تكتب بها الدراسات‬
‫السابقة في تقرير البحث‪ .‬أما خارج أهدال البحث‪ ،‬وبعض العوامل ألاخرم التي س ذكرها في‬
‫حينها‪ ،‬فإن الطرق السابقة لعرض نتائج البحوث السابقة‪ ،‬غير مالئمة تماما‪ ،‬وسيئة‪ ،‬من‬
‫الناحية ألاكاديمية‪ ،‬ألنها ال تتيح للباحث معرفة مكانة بحثه بين نتائج البحوث السابقة‪ ،‬فهو‬
‫يحتاج إلى أن عرل‪ ،‬من خالل نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬وبشكل دقيق‪ ،‬وفي حدود اطالعه‪،‬‬
‫ما الذي تم بحثه‪ ،‬وكيف تم بحثه‪ ،‬وما الذي لم يتم بحثه‪ ،‬وألامر هنا ال يتعلق بنتائج‬
‫الدراسات السابقة‪ ،‬التي ت تي على شكل فروق وارتباطات وتفاعالت وانحدارات وغيرها‪ ،‬بل‬
‫يتعلق ألامر باملفاهيم أو املتغيرات التي تم بحثها‪ ،‬وهذا هو ألاهم‪ ،‬ألن البحث العلمي يتناول‬
‫املفاهيم‪.‬‬
‫فكيف عرل الباحث إلاسهامات التي سول يقدمها بحثه للمعرفة العلمية القائمة‪ ،‬في‬
‫م ـوض ـوع الب ـحـ ـث‪ ،‬إذا ل ـم ي ـط ـل ـع ج ـي ـدا ع ـل ـ م ـا ت ـم ب ـح ـث ـه س ـاب ـق ـا‪ ،‬مل ـف ـه ـوم أو مل ـفاهـيم بحثه‪،‬‬
‫والنتائج التي تم التوصل إل ها حولها‪ ،‬من خالل عرضها بطريقة نقدية‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫إن الباحث‪ ،‬ومن خالل نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬ستطيع أن يتعرل على الجوانب التي‬
‫تم بحثها في املوضوع‪ ،‬والنتائج التي تم التوصل إل ها‪ ،‬والجوانب التي لم يتم بحثها‪ ،‬ومن ام‬
‫معرفة موقع مشكلة بحثه بالنسبة ملا تم بحثه في نفس املوضوع‪ ،‬و عرل كذلك‪ ،‬وهو الهدل‬
‫ألاساس ي للبحث‪ ،‬إلاسهامات املتوقع إضافتها ملوضوع البحث‪ ،‬لتنمية املعرفة العلمية فيه‪.‬‬
‫والطريقة التي تكتب بها نتائج البحوث السابقة‪ ،‬كما ذكرتها سابقا‪ ،‬ال تتيح للباحث‬
‫التعرل على هذت الجوانب‪ ،‬وبالتالي يصير بحثه‪ ،‬رغم الجهد الذي بذله في إنجا ت‪ ،‬ال قيمة‬
‫له‪ ،‬ألنه ال يضيف شيئا واضحا للمعرفة العلمية القائمة‪ ،‬التي أهملها الباحث ولم عمل على‬
‫تحديدها بوضوح‪.‬‬
‫إن الكتابة ألاكاديمية الصحيحة والجيدة‪ ،‬تكتب نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬وفقا لها‪ ،‬في‬
‫أماكن متعددة وهامة من تقرير البحث‪ ،‬ابتداء من املقدمة‪ ،‬بطريقة تجعل حوارا يدور‪،‬‬
‫ومناقشة نقدية تجرم‪ ،‬بين املفاهيم (في تعريفها الت سيس ي)‪ ،‬واملعلومات النظرية‪ ،‬ونتائج‬
‫البحوث السابقة‪ ،‬في تالحم وتآ ر‪.‬‬
‫وهناك أربعة أماكن‪ ،‬من تقرير البحث‪ ،‬تكتب ف ها نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬هي ‪.1 :‬‬
‫مقدمة البحث‪ .2 ،‬إلاطار النظري للبحث‪ .3 ،‬مشكلة البحث‪ .4 ،‬مناقشة النتائج‪.‬‬
‫والباحث‪ ،‬وهو يجمع نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬ويطلع عل ها‪ ،‬ال يجدها على مسافة‬
‫واحدة في القرب من موضوع البحث‪ ،‬من حيث متغيراته وعيناته؛ يجد دراسات تتعلق بكل‬
‫متغيرات البحث‪ ،‬ودراسات أخرم تتعلق ب حد أو ببعض متغيرات البحث‪ ،‬ودراسات أخرم‬
‫تتعلق بعينة أو بعينات البحث‪ ،‬ودراسات أخرم تتعلق بمتغيرات البحث وال تتعلق بعينة أو‬
‫بعينات البحث‪ ...‬وغيرها‪ ،‬وفي هذت الحاالت‪ ،‬ينبغي على الباحث أن عرل كيف يضع نتائج‬
‫الدراسات السابقة في أماكنها الصحيحة واملالئمة من تقرير البحث‪ ،‬وفق أهدافه‪ .‬وفي ما يلي‬
‫عرض لألماكن ألاربعة التي تكتب وتناقش ف ها نتائج الدراسات السابقة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ نتائج الدراسات السابقة القريبة جدا من موضوع البحث‪ ،‬وتعي أهمية‬
‫إجرائه ‪:‬‬
‫يذك ـر البـاحـ ـث ن ـتائ ـج ب ـع ـض الدراس ـات الس ـاب ـق ـة في املقدم ـة‪ ،‬عندما يتحدث عن أهمية‬
‫الب ـح ـث الذي ي ـج ـري ـه‪ ،‬ودورت فـي ت ـق ـدي ـم م ـع ـل ـوم ـات ج ـدي ـدة وج ـدي ـرة ب ـفهم الس ـلوك م ـوض ـ ـع‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫‪ 2‬ـ نتائج الدراسات السابقة القريبة نسبيا و منيا من مشكلة البحث‪ ،‬وكذلك‬
‫التشابه في خصائ العينات‪ ،‬وإلاطار الثقافي والحضاري ‪:‬‬
‫ويتناول الباحث كذلك‪ ،‬في الفصول الخاصة بتحليل مفاهيم البحث (إلاطار النظري)‪،‬‬
‫كل دراسة سابقة في مكانها املالئم‪ ،‬ألن ذلك يثري املناقشة التي يديرها أاناء تحليله ملفاهيم‬
‫البحث‪ ،‬وتبين في نفس الوقم الجوانب التي تناولتها البحوث السابقة حول موضوع بحثه‪،‬‬
‫وما هي النتائج التي تم التوصل إل ها‪ .‬والطريقة العلمية الهادفة لتناول هذا النوع من‬
‫الدراسات‪ ،‬هي كما يلي ‪:‬‬
‫مثال ‪ :‬لنفرض‪ ،‬أن باحثا أراد إجراء دراسة حول دور "التوقع ‪ "Expectation‬في تفسير‬
‫السلوك‪ ،‬بصفته دافعا معرفيا‪ ،‬ستعرض‪ ،‬بالتفصيل‪ ،‬أفكار وفروض النظريات التي تناولم‬
‫هذا املفهوم‪ ،‬لدم علماء النفس‪ ،‬في نظريات التعلم‪ ،‬خاصة أصحاب الاتجات املعرفي‪ ،‬مثل‬
‫توملان وباندورا وروتر‪ ،‬وبعض السيكولوجيين الذين يربطون بين التعلم والشخصية‪ ،‬مثل‬
‫روتر وميشيل وإتكنسون‪ ،‬في تفسيرهم للسلوك إلانساني املتعلم‪ ،‬وأاناء مناقشته لهذت‬
‫النظريات والفروض التي طرحتها‪ ،‬يورد نتائج الدراسات التي تم التوصل إل ها حول هذا‬
‫املفهوم‪ ،‬الختبار هذت الفروض‪ ،‬ومناقشتها ونقدها كال في مكانها املالئم‪ ،‬تبعا لفروض كل‬
‫نظرية لدم السيكولوجيين سابقي الذكر‪ ،‬فيقدم إطارا نظريا اريا ب فكار متناسقة ومنظمة‬
‫تكون منظومة علمية وخلفية نظرية علمية قوية ملفهوم "التوقع"‬ ‫في تالحم واتساق‪ ،‬بحيث ّ‬
‫كموضوع للبحث‪.‬‬
‫مثال آخر ‪ :‬قرر باحث إجراء بحث في املوضوع التالي ‪" :‬العالقة بين مفهوم الذات والدافع‬
‫للنجا لدم تالميذ التعليم الثانوي ـ بحث ارتباطي"‪ ،‬أو "الفروق بين مرتفهي ومنخفض ي‬
‫الدافع إلى إلانجا في مفهوم الذات لدم تالميذ التعليم الثانوي ـ بحث مقارن"‪ .‬وعند اطالعه‬
‫على نتائج الدراسات السابقة التي أجريم على املفهومين‪ ،‬وجدها متعددة ومتنوعة؛ فبعضها‬
‫تناول مفهوم الذات وعالقته بمتغيرات أخرم‪ ،‬مثل ‪ :‬القلق‪ ،‬مستوم الطموح‪ ،‬الانبساط‪،‬‬
‫أساليب املعاملة الوالدية‪ ،‬مصدر الضبط‪ ،‬التخص الدراس ي‪ ...‬إلخ‪ .‬وبعضها تناول الدافع‬
‫للنجا وعالقته بمتغيرات أخرم‪ ،‬مثل ‪ :‬الذكاء‪ ،‬الاتجاهات الدراسية‪ ،‬الطموح ألاكاديمي‪،‬‬
‫الجنس‪ ،‬التحصيل الدراس ي‪ ...‬إلخ‪ .‬وبعضها تناول املفهومين‪ ،‬ولكن لدم عينات أخرم‪.‬‬
‫في هذت الحالة‪ ،‬يقوم الباحث بتسجيل هذت الدراسات القريبة نسبيا من موضوع‬
‫البحث‪ ،‬فيكتبها في الفصلين الخاصين بمتغيري البحث (مفهوم الذات والدافع للنجا )‬
‫ويناقشها بصورة نقدية‪ ،‬مقارنا بين نتائج كل دراسة وأخرم‪ ،‬في نتائجها‪ ،‬وفق مناهجها‬

‫‪169‬‬
‫وعيناتها وأدوات جمع بياناتها‪ ،‬وأساليبها إلاحصائية‪ ،‬فيخرج بتصور واضح حول كل مفهوم‬
‫والعالقة بينه ومفاهيم أخرم‪ ،‬وكذلك العالقة بين املفهومين‪ ،‬وكذلك منهج كل بحث‪ ،‬مع‬
‫املناقشة النقدية لكل هذا‪ .‬وهذا كله إاراء ملوضوع البحث وت صيل له‪ ،‬من ناحية‪ ،‬ومن ناحية‬
‫أخرم‪ ،‬معرفة أين وصل البحث العلمي النفس ي فيه‪ ،‬وأين يتجه‪ ،‬فيعرل مكان بحثه بين‬
‫البحوث التي اطلع عل ها‪ ،‬وهذا يخول له تقديم معرفة علمية جديدة ملا سبق بحثه‪ ،‬فيساهم‬
‫في نمو العلم‪ ،‬ومن ناحية االثة يختار املنهج املالئم نجا بحثه‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ نتائج الدراسات السابقة التي أجريم في نفس املوضوع‪ ،‬ويراعي ف ها القرب‬
‫اليم ي من البحث‪ ،‬ولكنها متناقضة في نتائجها‪ ،‬أو سودها غموض أو نق في‬
‫املعلومات حول تفسير السلوك محل البحث ‪:‬‬
‫يجد الباحث دراسات سابقة أخرم تناولم العالقة بين مفهوم الذات والدافع إلى‬
‫إلانجا ‪ ،‬ويكون بعضها غير متفق في النتائج‪ ،‬أو متناقضة‪ ،‬أو سودها غموض‪ ،‬أو نق في‬
‫املعلومات حول متغير أو متغيرات البحث‪ ،‬فيورد هذت الدراسات ويناقشها في الفصل الخا‬
‫بمشكلة البحث‪( ،‬و ستحسن عدم إلاكثار من هذت الدراسات في هذا املكان)‪ .‬وهنا ينبغي على‬
‫الباحث أن يحدد أوال خصوصية بحثه‪ ،‬أي ما سهى إلى تناوله بدقة‪ ،‬ام بعد ذاك ستعرض‬
‫ما تناولته الدراسات السابقة في موضوع بحثه‪ ،‬وإذا وجد أن هناك غموضا أو تناقضا أو‬
‫نقصا في املعلومات‪ ،‬اتخذ ذلك "مشكلة لبحثه"‪ .‬ألن ألاسئلة التي يثيرها الباحث حول موضوع‬
‫بحثه‪ ،‬ولم تجب عنها الدراسات السابقة‪ ،‬هي التي ستكون مشكلة بحثه الحقيقية‪( .‬انظر‬
‫ذلك بالتفصيل في الفصل الرابع الخا بتحليل مشكلة البحث وتحديدها من هذا الدليل)‪.‬‬
‫إن املراجعة املعمقة والناقدة للدراسات السابقة‪ ،‬تقود الباحث إلى استنتاجات تعي‬
‫قيامه بالبحث‪ ،‬فقد ستنتج بعد مراجعته للدراسات السابقة‪ ،‬أن امة جوانب نق أو عدم‬
‫ابات أو غموض في نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬تتعلق بمشكلة بحثه‪ ،‬تقودت إلى الشعور بعدم‬
‫الثقة في اعتماد نتائجها‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن إجراء بحث جديد‪ ،‬قد ساهم في حسم ذلك الغموض‬
‫أو التناقض‪ ،‬فيقدم معلومات جديدة أو إضافية‪ ،‬تتعلق بموضوع البحث‪.‬‬
‫ويمكن كذلك‪ ،‬بعد مراجعة الدراسات السابقة‪ ،‬اكتشال عدم أو قلة توافر معلومات‬
‫ذات عالقة بموضوع بحثه‪ ،‬عندئذ‪ ،‬يقود هذا الاكتشال الباحث إلى مشروعية القيام ببحث‬
‫جديد‪ ،‬بهدل توفير تلك املعلومات‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫‪ 4‬ـ نتائج الدراسات السابقة الحديثة جدا وأجريم في نفس املوضوع‪.‬‬
‫ونتائج الدراسات السابقة‪ ،‬التي أجريم على نفس املتغيرات‪ ،‬ونفس العينات‪ ،‬وحديثة‪،‬‬
‫من املفيد أن يوردها عند مناقشته لنتائج البحث فيدعمها بها‪ .‬ألن القرب اليم ي لنتائج‬
‫البحوث في مشكلة واحدة‪ ،‬يدعم مصداقية هذت البحوث‪ ،‬لكونها تتناول موضوعا حديثا في‬
‫حاجة إلى مواصلة البحث فيه لفهم طبيعته وعالقاته‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬إن نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬ينبغي أن يكتبها الباحث في ألاماكن التالية‬
‫من البحث‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫في مقدمة البحث‪ ،‬عندما يحاول إبرا أهمية إجراء البحث‪ ،‬فيدعم ذلك بنتائج الدراسات‬
‫السابقة‪.‬‬
‫أاناء العرض النظري ملفاهيم البحث‪ .‬فيتناول نتائج الدراسات السابقة مع املفاهيم‬
‫ونظريات البحث بطريقة نقدية‪ ،‬فيبين جوانب الاتفاق وجوانب التعارض‪ ،‬وجوانب الغموض‬
‫والنق في نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬بالنسبة ملوضوع البحث‪.‬‬
‫أاناء تحليل مشكلة البحث وتحديدها‪ .‬فيتناول نتائج الدراسات السابقة التي تبين وجود‬
‫جوانب غامضة في موضوع البحث‪ ،‬أو تناقض‪ ،‬أو نق في املعلومات‪ ،‬فيتخذ منها ت ريرا‬
‫لوجود مشكلة علمية في حاجة إلى بحث‪.‬‬
‫أاناء مناقشة نتائج البحث‪ ،‬وخاصة نتائج الدراسات السابقة الحديثة جدا‪ ،‬واملتعلقة‬
‫جدا بمشكلة البحث ونتائجه‪ ،‬لي ر أن املوضوع حديث‪ ،‬وأنه في حاجة إلى مواصلة البحث‬
‫لفهم طبيعة املتغيرات وعالقاتها‪.‬‬
‫والباحث الجاد‪ ،‬ال ستفيد من الدراسات السابقة في مجال اختيار موضوع البحث‪ ،‬أو‬
‫إاراء إلاطار النظري‪ ،‬أو تحديد مشكلة البحث‪ ،‬أو مناقشة نتائج البحث فقط‪ ،‬بل ستفيد‬
‫منها كذلك في اخت يار املنهج املالئم للبحث‪ ،‬وفي اختيار ألادوات املالئمة لجمع البيانات‪ ،‬وفي‬
‫طريقة سحب العينة‪ ،‬وفي اختيار ألاسلوب إلاحصا ي املالئم ملعالجة بيانات البحث‪ .‬ولذا ينبغي‬
‫أن يتضمن عرض الدراسات السابقة‪ ،‬اسم الباحث وعنوان البحث وأهدافه وتاريخ إجرائه‬
‫ومكانه‪ ،‬ووصفا للعينة من حيث خصائصها وطريقة اختيارها‪ ،‬وألادوات املستعملة لجمع‬
‫البيانات وخصائصها السيكومترية‪ ،‬وألاسلوب إلاحصا ي املستعمل ملعالجة البيانات‪،‬‬
‫وملخصا ألهم النتائج التي تم التوصل إل ها‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫إن الاهتمام الجدي بالدراسات السابقة‪ ،‬من حيث حسن اختيارها ومناقشتها‪ ،‬وحسن‬
‫تنظيمها بطريقة تتفق مع أهدال البحث ومتطلباته املنهجية‪ ،‬يقدم فرصا كثيرة لنجاح‬
‫البحث‪ ،‬في جوانبه املختلفة‪.‬‬
‫ولذا‪ ،‬فإن عرض نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬ال يتم باألسلوب السردي الحيادي بدعوم‬
‫الالتزام باملوضوعية‪ ،‬فاملوضوعية تع ي الابتعاد عن الذاتية وألاهواء الشخصية‪ ،‬أما الحياد‬
‫فيع ي الانسحاب والسلبية‪ ،‬والباحث ال ينبغي أن يكون منسحبا وسلبيا‪ ،‬بل أن يكون في غاية‬
‫إلاقدام وإلايجابية‪ ،‬فيعرض الدراسات السابقة بطريقة نقدية وفقا ألهدال بحثه‪ ،‬فيتناول‬
‫بمناقشاته النقدية النتائج املتوصل إل ها‪ ،‬إذا كانم فروقا أو ارتباطات أو تفاعالت وغيرها‪.‬‬
‫ويتناول خصائ العينات وطرق اختيارها وأدوات جمع البيانات‪ ،‬وإجراءات البحث‪ ،‬وطرق‬
‫املعالجات إلاحصائية‪ .‬ألن نقائ أو أخطاء الدراسات السابقة‪ ،‬التي ي ر ها الباحث بعد‬
‫عرضه النقدي‪ ،‬تفيدت من ناحيتين ‪ :‬فمن الناحية ألاولى‪ ،‬يتفاداها في إجراءات بحثه‪ ،‬ومن‬
‫الناحية الثانية‪ ،‬ستفيد منها في إاارة تساؤالت جديدة تكون أساسا ملشكلة بحثه‪ .‬وبهذا يقدم‬
‫بحثه بطريقة جديدة وبرؤية جديدة‪ ،‬ويصل بالتالي إلى نتائج جديدة‪ .‬ألنه ال فائدة ألي بحث‪،‬‬
‫وال تكون له أية قيمة علمية‪ ،‬إذا كان عبارة عن تكرار ملا قام به آلاخرون الذين سبقوا‬
‫الباح ث‪ .‬فالباحث عليه أن يضيف إلى املعرفة العلمية الذي يبحث ف ها‪ ،‬وال يمكن له ذلك‬
‫إال إذا قام باطالع جيد‪ ،‬أوال‪ ،‬على ما تم بحثه في املجال أو املوضوع الذي يجري فيه بحثه‪.‬‬
‫حتى يتس ى له معرفة النقائ املوجودة في موضوعه‪ ،‬فيتصدم لها من خالل بحثه‪ .‬إال إذا‬
‫كان هدل البحث هو إعادة اختبار نظرية أو قانون أو منهج بحث جديد (كما هو الحال في‬
‫البحوث التي يتم إجراؤها الختبار بعض النظريات أمام الاختالفات الثقافية والحضارية‪،‬‬
‫كاختبار نظرية أبعاد الشخصية أليينك‪ ،‬ونظرية النمو املعرفي لبياجي)‪ ،‬فعندئذ ينبغي أن‬
‫يكون التكرار كليا بالنسبة لجميع إجراءات البحث وخطته‪( ،‬أو ما كان يقوم به‬
‫السيكولوجيون إلانجليز والسيكولوجيون ألامريكيون‪ ،‬بإعادة بحوثهم التي كانوا يجرونها‬
‫ب سلوب التحليل العاملي‪ ،‬بهدل معرفة عدد العوامل التي توصل إل ها كل فريق‪ ،‬هل هي‬
‫نفسها عند إلانجليز وألامريكيين‪ ،‬أو هناك اختالل بينهما)‪.‬‬
‫والح ـق ـي ـق ـة أن ـه م ـن الخ ـط ‪ ،‬أن ي ـض ـع الباح ـث تص ـم ـي ـما أو خ ـطة لبحثه‪ ،‬سواء في جانبه‬
‫الن ـظ ـري أم فـي جانـب ـه امليداني‪ ،‬قبل أن يقوم باط ـالع كال على نتائج الدراس ـات الساب ـق ـة في‬
‫مجال بحثه‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫إن إحدم العمليات العقلية ألاساسية‪ ،‬التي يقوم بها الباحث‪ ،‬أيا كان مجال بحثه‪ ،‬قبل‬
‫أن ستقر على التحديد الدقيق للموضوع الذي سول يتولى معالجته‪ ،‬وألاسئلة الرئيسية‬
‫التي يتجه إلى إلاجابة عنها‪ ،‬هي الاطالع على بحوث آلاخرين الذين سبقوت إلى البحث في امليدان‪،‬‬
‫ودرسوا بعض موضوعاته‪ .‬وهناك مجموعة من الفوائد يجن ها الباحث من الاطالع على‬
‫البحوث السابقة‪.‬‬

‫فوائد الدراسات السابقة‪.‬‬


‫بعد عرض هذا الوصف املوجي عن الدراسات السابقة وأهميتها في إجراء البحوث‪ ،‬أورد‬
‫فيما يلي بعض فوائدها العملية كتلخي ملا سبق ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أنها تدعم الحاجة إلى القيام ببحث جديد‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أنها تساعد الباحث على التعرل على ما تم بحثه في مجال موضوع بحثه‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أنها تساعد الباحث على فهم جوانب بحثه‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أنها تساعد الباحث على تحليل مشكلة بحثه وتحديدها‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أنها تساعد الباحث على وضع فروض بحثه‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ أنها تساعد الباحث على اختيار املنهج املالئم جراء بحثه‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ أنها تساعد الباحث على التعرل على خطوات بحثه‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ أنها تساعد الباحث على التعرل على أدوات بحثه‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ أنها تساعد الباحث على اختيار ألاساليب إلاحصائية املالئمة ملعالجة بيانات بحثه‪.‬‬
‫‪ .10‬أنها تجعل الباحث يتجنب تكرار دراسة ما تمم دراسته من قبل باحثين آخرين‪.‬‬
‫‪ .11‬أنها تجعل الباحث أكثر تمكنا من تفسير نتائج بحثه‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬طريقة كتابة إلاطار النظري‬


‫هناك طريقتان للكتابة‪ ،‬أكاديمية وغير أكاديمية ‪:‬‬

‫‪ )1‬الكتابة ألاكاديمية‪.‬‬
‫وتس ـ ـ ـ ــتخــدم في مجــال كتــابــة البحوث العلميــة‪ .‬حين س ـ ـ ـ ــتعرض البــاحــث مفــاهيم بحثــه‬
‫ونظريته ونتائج الدراس ـ ــات الس ـ ــابقة في كل منس ـ ــجم يكمل بعض ـ ــه بعض ـ ــا في وحدة عض ـ ــوية‬
‫علمية متسقة‪ .‬فيعرل املفاهيم ويحللها وفق إلاطار النظري الذي يتبنات‪ ،‬ويدعم ذلك بنتائج‬

‫‪173‬‬
‫ال ــدراس ـ ـ ـ ـ ــات الس ـ ـ ـ ـ ــابق ــة في املوض ـ ـ ـ ــوع‪ ،‬مبين ــا جوان ــب الاتف ــاق وجوان ــب الاختالل بين نت ــائج‬
‫الــدراسـ ـ ـ ـ ــات السـ ـ ـ ـ ــابقــة‪ ،‬م ر ا بطريقــة نقــديــة‪ ،‬جوانــب الض ـ ـ ـ ــعف والنق وجوانــب القوة‪،‬‬
‫وجوانب الغموض‪ .‬فيتعرل على الجوانب التي تم بحثها والجوانب التي تحتاج إلى املييد من‬
‫البحث والتق ي‪ ،‬فيتخذ منها مشكلة بحثه‪.‬‬
‫واملعلومات التي سـ ـ ــتعرضـ ـ ــها الباحث بطريقة الكتابة ألاكاديمية‪ ،‬تكون عادة معلومات‬
‫ْ‬
‫غير مؤكدة وغير نهائية‪ ،‬ألن "التخص العلمي" الذي ُين َج ُي فيه البحث‪ ،‬يبق دائما مفتوحا‬
‫للتغيير والتعديل وإلاضافة وإلا الة والتنقيح‪ ،‬وهكذا ينمو العلم ويتراكم‪.‬‬
‫والحقيقة أن الكتابة بهذت الطريقة‪ ،‬هي التي تض ـ ـ ــفي على البحث ص ـ ـ ــبغته العلمية‪ ،‬ألن‬
‫الباحث س ل و ستق ي وينقد‪ ،‬ويجيب عن تساؤالته من خالل التصورات النظرية ونتائج‬
‫الدراس ـ ــات الس ـ ــابقة‪ ،‬فيتعرل فعال وبص ـ ــورة جيدة عن جوانب املوض ـ ــوع الذي يبحث فيه‪،‬‬
‫فيتس ى له اكتشال النق والغموض الذي يتخذت مشكلة لبحثه‪.‬‬

‫‪ )2‬الكتابة غير ألاكاديمية‪.‬‬


‫وتستخدم في مجال الت ليف التقليدي للكتب املدرسية وحتى للكتب غير املدرسية‪ ،‬حين‬
‫يتم عرض املعلومات بطريقـة س ـ ـ ـ ــردية في فص ـ ـ ـ ــول أو دروس بص ـ ـ ـ ــفتهـا حقـائق نهـائيـة ت كـدت‬
‫ص ـ ـ ــحتها‪ ،‬دون مناقش ـ ـ ــتها في إطار منظومة علمية معينة برا ما ف ها من خط أو ص ـ ـ ــواب أو‬
‫نق أو غموض‪ .‬ك ن يكتب أحدنا كتابا أو فص ـ ـ ـ ــال عن القلق‪ .‬فيبدؤت بتعريف أو تعريفات‬
‫للقلق ام أنواع القلق ام أعراض القلق ام نظري ــات القلق ام قي ــاس القلق ام عالج القلق‪.‬‬
‫فت تي معلومات هذا الفص ـ ـ ــل أو الكتاب على ش ـ ـ ــكل حقائق تكاد تكون حاس ـ ـ ــمة ونهائية‪ ،‬وال‬
‫تحتاج إلى أي تقييم نقدي أو تعديل أو تغيير أو إ الة‪ .‬وهذت الطريقة ال تفيد في مجال البحث‬
‫العلمي‪ .‬وكمــا نجــد كــذلــك‪ ،‬في طريقــة تـ ليف الكتــب املــدرس ـ ـ ـ ـيــة للتعليم املتوس ـ ـ ـ ــط والثــانوي‬
‫والابتدا ي‪.‬‬

‫اامنا ‪ :‬أهمية مراجعة إلاطار النظري ذو العالقة بمشكلة البحث‬


‫قبل املباشرة في إجراء البحث‪ ،‬ينبغي الاطالع ّ‬
‫الجيد والعميق عن إلاطار النظري للبحث‬
‫(النظريات واملفاهيم والدراسات السابقة) ذات العالقة بمشكلة البحث‪ .‬وهذا الاطالع ّ‬
‫يقدم‬
‫عدة وظائف مهمة هي ‪:‬‬

‫‪174‬‬
‫ّ‬
‫‪ )1‬يمكن الباحث من معرفة حدود بحثه‪.‬‬
‫من حيث املنهج والعينة وأدوات القياس أو أدوات جمع املعلومات وألاساليب إلاحصائية‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ )2‬يمكن الباحث من وضع أسئلته وفقا للوضع الصحيح‪.‬‬
‫بحيث عرل فيما إذا كان من املحتمل أن يضيف بحثه شيئا إلى املعرفة القائمة‪ ،‬بطريقة‬
‫مفيدة‪ .‬فاملعرفة العلمية في أي مجال‪ ،‬تتكون من النتائج املتراكمة للعديد من البحوث التي‬
‫قام بها أجيال من الباحثين‪ ،‬ومن النظريات التي تدمج ف ها واملفسرة للظواهر َ‬
‫املالحظة‪ .‬لذا‬
‫كان من الضروري مراجعة إلاطار النظري ملوضوع البحث‪ ،‬بهدل إيجاد العالقة بين البحث‬
‫الحالي واملعرفة املتراكمة في ميدان اهتمام الباحث‪ .‬ألن البحوث التي ال عالقة لها باملعرفة‬
‫القائمة‪ ،‬نادرا ما تقدم إسهامات مهمة إلى امليدان‪ .‬فبحوث كهذت‪ ،‬تميل إلى إنتاج أجياء‬
‫معيولة من املعلومات‪ ،‬تكون فائدتها محدودة‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ )3‬يمكن الباحث من تحديد أسئلته‪.‬‬
‫إن مراجعة إلاطار النظري للبحث‪ ،‬تفيد الباحث في إدراكه لألسئلة التي يطرحها‪ ،‬فيما‬
‫إذا كانم واسعة جدا بحيث يصعب بحثها‪ ،‬أو ضيقة جدا‪ ،‬أو غامضة أكثر مما ينبغي‪ ،‬بحيث‬
‫ال يمكن العمل وفقا لها‪ .‬فيتس ى له تنقيحها حتى يمكن بحثها‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ )4‬يمكن الباحث من تعريف مفاهيم الدراسة‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن املراج ـعـ ـة الدقيقة للطار النظري للبحث‪ ،‬تم ـك ـن الب ـاح ـث من توضيح امل ـف ـاهـيـم‬
‫البنائية (الت سيسية) املستعملة في البحث‪ ،‬وتعريفها إجرائيا‪ .‬ألن معظم املفاهيم البنائية في‬
‫علم النفس‪ ،‬ال تساعد كثيرا في البحث العلمي ما لم يجر تحديدها إجرائيا من خالل أسلوب‬
‫قياسها‪ ،‬أو طريقة التعرل عل ها تجريبيا‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ )5‬تمكن الباحث من صياغة فروض بحثه‪.‬‬
‫وتساعد مراجعة إلاطار النظري للبحث‪ ،‬من تمكن الباحث من صياغة فروض بحثه‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ )6‬يمكن الباحث من فهم أسباب النتائج املتناقضة في البحوث‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫إن التناقض بين نتائج البحوث في العلوم إلانسانية أمر م لول‪ .‬وألاسباب الكامنة وراء‬
‫عدم الثبات في نتائج البحوث‪ ،‬قد عود إلى أنواع ألاساليب املتبعة في حل املشكلة‪ ،‬أو إلى‬
‫خصائ العينات‪ ،‬أو إلى أنواع ألادوات املستعملة في جمع البيانات‪ ،‬أو إلى إغفال بعض‬
‫املتغيرات املؤارة‪ ،‬أو إلى طرق البحث‪ ،‬أو املعالجات إلاحصائية‪ .‬و عت ر حل التناقض بين نتائج‬
‫البحوث العلمية تحد قوي‪ .‬لكن التصدي لهذا ألامر‪ ،‬سول يقدم مساهمة هامة للمعرفة‬
‫العلمية‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬وجد في بعض البحوث‪ ،‬أن الفشل يضعف التعلم‪ .‬ووجد في بحوث أخرم أن‬ ‫ُ‬
‫الفشل سهل التعلم‪ .‬لكن عند ألاخذ بعين الاعتبار‪ ،‬في تصميم البحث لعاملي تصور‬
‫املفحوصين للفشل‪ ،‬وصعوبة املهمات‪ ،‬أو سهولتها‪ ،‬ال بدرجة كبيرة ذلك التناقض في النتائج‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ )7‬يمكن الباحث من التعرل على طرق البحث املفيدة‪.‬‬
‫عند مراجعة إلاطار النظري للبحث‪ ،‬سول يتمكن الباحث من التعرل على الكثير من‬
‫نماذج البحوث التي تتغير وفقا لطبيعة املشكالت وأهدافها‪ .‬ويدرك أن البحوث ليسم‬
‫متكافئة كلها‪ ،‬مما يجعله ناقدا لها‪ ،‬ومالحظا للطرق التي أنجيت وفقا لها‪ .‬مما يدفعه إلى‬
‫العمل على تحسينها في تصميماتها وأدوات جمع املعلومات واملعالجات إلاحصائية‪ .‬وكلما تعمق‬
‫الباحث في مراجعة ألاطر النظرية للبحوث السابقة‪ ،‬يكتشف املسار الصحيح للبحث فيتبعه‪،‬‬
‫ويدرك الجيد والرديء منها‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ )8‬يمكن الباحث من تجنب التكرار لبحوث سابقة‪.‬‬
‫إن مراجعة إلاطار النظري للبحث‪ ،‬تمكن الباحث من اكتشافه أن تلك الفكرة ّ‬
‫القيمة‬
‫التي أخذ يطورها للبحث ف ها‪ ،‬يوجد بحث مماال لها جدا قد جرم إنجا ت سابقا‪ ،‬أو عدة‬
‫بحوث‪ .‬وفي هذت الحالة‪ ،‬ينبغي على الباحث؛ إما أن يتعمد إعادة البحث السابق‪ ،‬أو غير‬
‫الخطة ويبحث في جانب آخر من جوانب املشكلة‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ )9‬يمكن الباحث من تفسير وإدماج نتائج بحثه‪.‬‬
‫إن مـراج ـع ـة إلاط ـار الن ـظ ـري للب ـح ـث‪ ،‬من ن ـظ ـريات ون ـت ـائـ ـج البـ ـح ـوث السابـقـة‪ ،‬وإلاملام‬
‫العميق بها‪ ،‬تمكن الباحث من حسن تفسير نتائج بحثه‪ ،‬ومن ام إدماجها في املعرفة العلمية‬
‫السابقة‪ ،‬لتصبح جيءا منها‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫تاسعا ‪ :‬إعداد خطة البحث‬
‫خطة البحث عبارة عن تصور شامل للبحث من بدايته إلى نهايته‪ .‬ويضع الباحثون‬
‫خططا لبحوثهم‪ ،‬سجلون ف ها وجهات نظرهم‪ ،‬ورؤيتهم وطريقة تفكيرهم في تحديد املشكلة‪،‬‬
‫وإجراءات بحثها‪ .‬والحقيقة أن البحث الناجح‪ ،‬هو الذي تكون خطة إجراءاته ّ‬
‫جيدة‪ .‬ويرجع‬
‫فشل كثير من البحوث‪ ،‬إلى أن الباحث ربما تسرع في القيام ببحثه من اختيار العينة‬
‫يكون تصورا واضحا وشامال‬ ‫واستعمال أدوات جمع البيانات ومعالجتها إحصائيا‪ ،‬قبل أن ّ‬
‫لجميع تفاصيل بحثه‪ .‬وعلى الطالب الباحث أن عرل أن تخطيط البحث‪ ،‬أشبه ما يكون‬
‫بالتخطيط الهندس ي املعماري‪ ،‬يتطلب تصورا واضحا للتنظيم الكلي للبناء‪ .‬ويترجم ذلك في‬
‫خريطة تصميم‪ ،‬تتضمن كل التفاصيل التي سير عل ها البناؤون‪ .‬فكذلك تخطيط البحث‬
‫يحتاج‪ ،‬قبل القيام به‪ ،‬ملثل هذت الخريطة التفصيلية‪ .‬ألن خطة البحث تساعد الباحث على‬
‫تنظيم أفكارت‪ .‬كما تساعدت على معرفة ما يتطلبه بحثه من إجراءات وإمكانات مادية وبشرية‪.‬‬
‫وتحدد له الطريق الذي سير فيه‪ .‬وتقدم هذت الخطة‪ ،‬عادة‪ ،‬إلى ألاستاذ املشرل على البحث‪،‬‬
‫أو إلى هيئة علمية في الجامعة التي سجل ف ها الباحث بحثه‪ ،‬ليتم الاطالع عل ها‪ .‬ومن ام‬
‫يمكن لهذت الجهات أن تتعرل على موضوع البحث ومشكلته وإجراءاته‪ ،‬وبالتالي تجيزت أو‬
‫ترفضه‪ ،‬أو تطلب إجراء تعديالت عليه‪ .‬وينبغي أن تشمل خطة البحث‪ ‬ما يلي ‪:‬‬

‫‪ )1‬املقدمة‪.‬‬
‫وهذا النوع من املقدمة‪ ،‬يكون للبحث كله‪ .‬فيتناول ف ها مفاهيم البحث أو موضوع‬
‫البحث‪ .‬فيتحدث عن أهمية هذت املفاهيم في علم النفس أو التربية (حسب التخص الذي‬
‫يبحث فيه)‪ .‬ام يتحدث عن أهميتها في وصف أو تفسير السلوك‪ .‬ام شير إلى نتائج بعض‬
‫الدراسات السابقة (إن ُوجدت) التي تدعم هذت ألاهمية‪.‬‬

‫‪ )2‬أهدال املوضوع وأهميته‪.‬‬


‫وتعت ر أهدال البحث من أهم العناصر في خطة البحث‪ .‬وهي التي تقود أنشطة الباحث‬
‫وتوجهه إلى ما يريد أن يصل إليه بعد الانتهاء من بحثه‪ .‬وفي البحوث التي تتناول موضوعات‬

‫‪ ‬الغريب أن معظم اليمالء عتقدون‪ ،‬خط ‪ ،‬أن خطة البحث هي فهرس املحتويات‪ ،‬و سجلونها بهذا‬
‫الاسم في بحوثهم‪ ،‬أو يرشدون طالبهم إل ها !‬

‫‪177‬‬
‫ذات طابع ميداني واقهي‪ ،‬يتم تحديد أهدال البحث‪ ،‬عادة‪ ،‬في جانبين ‪ :‬أحدهما نظري‪.‬‬
‫وتتمثل ألاهدال هنا في النتائج ذات الطابع املعرفي النظري التي سهى الباحث إلى الوصول‬
‫إل ها‪ .‬مثل ‪ :‬التعرل على حجم الارتباط واتجاهه بين تحمل الغموض وامليل إلى إلاجرام لدم‬
‫فئة من الجانحين‪ .‬أو التعرل على مدم جوهرية الفروق بين النساء املتزوجات والنساء غير‬
‫املتزوجات في الشعور بالتعاسة‪ ....‬وغيرها‪ .‬واان هما عملي‪ .‬وتتمثل ألاهدال العملية في ذكر‬
‫الجهات التي يمكن أن تستفيد من نتائج البحث‪ .‬ويتعلق هذا عادة بما إذا كان البحث يتناول‬
‫موضوعا يتحدد في نشاط يمارس في مؤسسات اجتماعية‪ .‬كاألسرة أو املدرسة أو املصنع‬
‫وغيرت‪ .‬فإذا كان البحث يتناول ألاسلوب التربوي في ألاسرة وعالقته بانحرال ألاحداث‪ .‬فإنه‬
‫يكون من بين ألاهدال العملية التي سهى الباحث إلى تحقيقها ما يلي ‪" :‬لفم انتبات آلاباء‬
‫إلى دور ألاسلوب التربوي ألاسري في بناء يخصية ألابناء سواء في الاتجات السوي أو الالسوي"‪.‬‬
‫و شير الباحث كذلك إلى أهمية البحث ‪ :‬وعادة ما يكتسب البحث أهميته من املوضوع‬
‫الذي يتناوله‪ ،‬واملنهج الذي يتبعه‪ ،‬والعينة التي يجرم عل ها البحث‪ ،‬وأدوات القياس التي‬
‫استعملها‪ ،‬وألاهدال التي سهى إلى تحقيقها‪ ،‬والنتائج التي سول يتوصل إل ها‪ ،‬والعائد من‬
‫هذت النتائج نظريا وعمليا‪.‬‬

‫‪ )3‬إلاطار النظري للبحث (مختصر)‪.‬‬


‫ويطلق عليه هكذا‪ .‬لكن يمكن تسميته املنظومة العلمية للبحث‪ .‬وفيه شير الباحث‪،‬‬
‫باختصار‪ ،‬إلى الجوانب النظرية الهامة في املوضوع كاملفاهيم والنظريات وأهم نتائج‬
‫الدراسات السابقة في املوضوع‪ ،‬مبينا جوانب نقصها وضعفها وإهمالها‪ ،‬والتساؤالت التي‬
‫بقيم دون إجابة‪ ،‬ولكن دون الخوض في تفاصيلها‪.‬‬

‫‪ )4‬منهج البحث‪.‬‬
‫يذكر الباحث هنا منهج البحث الذي سول سير في خطواته نجا بحثه‪ .‬وتصنف‬
‫ّ‬
‫البحوث عادة على أكثر من أساس‪ .‬تجريبية وشبه تجريبية‪ .‬وعلية‪ /‬مقارنة وارتباطية وعيادية‬
‫ومسحية وغيرها‪ .‬وتحدد طبيعة املوضوع وألاهدال املراد تحقيقها نوع منهج البحث املالئم‪.‬‬

‫‪ )5‬مشكلة البحث‪.‬‬
‫عبارة عن سؤال ّ‬
‫يحيـر الباحث‪ ،‬وال يجد له إجابة فيما يتوفر لديه من معلومات قبل‬

‫‪178‬‬
‫إجراء البحث‪ .‬أو هي عبارة عن مشكلة غامضة ال يوجد لها حل فيما يتوفر لدم الباحث من‬
‫معلومات‪ ،‬قبل إجراء البحث‪ .‬وحتى تكتسب مشكلة البحث‪ ،‬شرعية علمية في البحث‪ ،‬ينبغي‬
‫أن تستنبط من إلاطار النظري للبحث‪( .‬النظريات‪ ،‬املفاهيم‪ ،‬نتائج الدراسات السابقة)‪.‬‬
‫وعادة ما ع ر الباحثون عن مشكالت بحوثهم‪ ،‬بعد تحديدها‪ ،‬في شكل أسئلة‪.‬‬

‫‪ )6‬فروض البحث‪.‬‬
‫وهي عبارة عن حلول مؤقتة يقترحها الباحث‪ ،‬للجابة عن أسئلة البحث‪ ،‬أو هي حلول‬
‫مؤقتة للمشكلة التي يتناولها البحث‪ .‬وتكتسب هي أيضا شرعيتها العلمية‪ ،‬إذا كانم تتفق مع‬
‫الاتجاهات النظرية للبحث‪ ،‬أو نتائج الدراسات السابقة‪.‬‬

‫‪ )7‬عينة البحث‪.‬‬
‫وهي جيء من كل‪ .‬وتسحب من ألاصل العام‪ .‬فيذكر الباحث طريقة سحبها وخصائصها‬
‫من حيث العدد والجنس والعمر واملستوم التعليمي واملهنة وإلاقامة وغيرها‪ ،‬وهذا كله وفق‬
‫أهدال بحثه وحدودت‪.‬‬

‫‪ )8‬أدوات البحث وإجراءات تطبيقها‪.‬‬


‫يذكر الباحث هنا ألادوات والوسائل التي سول ستعملها لجمع املعلومات من ميدان‬
‫بحثه‪ .‬من حيث نوعها وإجراءات استعمالها‪ .‬وهل هي من نوع املقابالت أو الاختبارات‬
‫املوضوعية أو إلاسقاطية‪ ،‬وهل طريقة تطبيقها فردية أو جماعية‪ .‬دون الدخول في التفاصيل‬
‫الفنية عداد هذت ألادوات وشروطها السيكومترية من حيث الصدق والثبات‪.‬‬

‫‪ )9‬تصميم البحث أو إجراءات اختبار الفروض‪.‬‬


‫إن تصـمـيـم البـح ـث ه ـو الت ـخ ـط ـي ـط الذي ع ـدت الباح ـث‪ .‬ليتمكن خ ـاللـه من إلاجابة عن‬
‫سؤال البحث‪ ،‬أو يخت ر خالله فرض البحث‪.‬‬
‫وتب ى تصميمات البحوث‪ ،‬عادة‪ ،‬وفقا لطبيعة املتغيرات وأعداد املجموعات‪ .‬ويتم إعداد‬
‫تصميمات البحوث بشكل واضح في املناهج التي يقوم ف ها الباحثون بمقارنات بين مجموعات‬
‫ّ‬
‫أو عينات‪ .‬وهي املنهج التجريبي وشبه التجريبي واملنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫ففي املنهج التجريبي وشبه التجريبي‪ ،‬تكون املقارنة بين مجموعة أو مجموعات تجريبية‬
‫ّ‬
‫ومجموعة أو مجموعات ضابطة‪ .‬وفي املنهج العلي‪ /‬املقارن تكون املقارنة بين مجموعات غير‬
‫تجريبية ومجموعات غير ضابطة‪ .‬لكن إحداهما أو بعضها تتصف بخاصية أو خصائ‬
‫معينة‪ ،‬يطلق عل ها متغير مستقل منسوب‪ .‬وألاخرم ال تتصف به‪ .‬مثل املقارنة بين أطفال‬
‫تربوا في أسرهم‪ ،‬وأطفال تربوا في مؤسسات‪ ،‬في النمو الوجداني‪.‬‬

‫‪ )10‬ألاساليب إلاحصائية ملعالجة بيانات البحث‪.‬‬


‫يذكر الباحث هنا نوع املعالجة إلاحصائية لبيانات بحثه‪ .‬هل هي من النوع الوصفي أو‬
‫الاستداللي‪ ،‬وهل هي بارامترية أو البارامترية‪ .‬وهل هي الختبار عالقات أو تنبؤات أو فروق أو‬
‫تفاعالت وغيرها‪ .‬و شترط ف ها أن تكون مالئمة لطبيعة البيانات التي تم جمعها‪ ،‬ومالئمة‬
‫الختبار الفروض‪ ،‬وألهدال البحث‪ ،‬دون الدخول في تفاصيل هذت ألاساليب‪.‬‬

‫‪ )11‬قائمة املراجع ألاولية‪.‬‬


‫يتعين على الباحث أن يورد في نهاية خطة بحثه قائمة من املراجع ألاولية‪ ،‬التي ينبغي أن‬
‫تتضمن أهم املراجع التي لها عالقة بموضوع بحثه‪ ،‬وتتوفر ف ها الحدااة‪ .‬ومتنوعة ما بين‬
‫كتب ومجالت ورسائل علمية‪.‬‬
‫وعندما ينهي الباحث خطة بحثه بهذا الشكل‪ ،‬يقوم بعرضها على الجهات املعنية‬
‫لتقويمها‪( .‬ألاستاذ املشرل أو هيئة علمية)‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬فإنه من املمكن أن يتلق‬
‫مالحظات تقويمية على الخطة‪ .‬فيضطر إلى إحداث تغييرات وتعديالت عل ها‪ ،‬إن كثيرا أو قليال‪.‬‬
‫وعلى الباحث أن يتقبل هذت املالحظات‪ ،‬حتى ولو جاءت متعارضة مع وجهة نظرت‪ .‬ألن الهدل‬
‫ألاساس ي في هذت الحالة‪ ،‬هو تطوير البحث العلمي وتكوين الباحث من خالل تنويرت بتلك‬
‫املالحظات‪ .‬وتبصيرت بالصعوبات التي سول تعترضه أاناء إجراءات بحثه‪ ،‬وبالتالي عليه أخذ‬
‫تلك املالحظات والتوج هات بعين الاعتبار‪ .‬فيعيد تنظيم خطة بحثه بما يتفق مع ما أسفرت‬
‫عنه املناقشات مع ألاستاذ املشرل أو الهيئة العلمية أو حلقة البحث‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫مراجع الفصل الخامس‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ إبراهيم وجيه محمود وآخر (‪ .)1983‬البحوث النفس ــية والتربوية‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار املعارل‪.‬‬
‫‪ 23 :‬ـ ‪.38‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أحمد بدر (‪ .)1978‬أص ـ ـ ـ ــول البحث العلمي ومناهجه‪ .‬الطبعة الرابعة‪ .‬الكويم‪ ،‬وكالة‬
‫املطبوعات‪ 15 : .‬ـ ‪ 50 ،34‬ـ ‪.62‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ جابر عبد الحميد جابر وآخر (‪ .)1996‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ 58 : .‬ـ ‪.65‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ جودت ش ـ ـ ـ ــاكر محمود (‪ .)2007‬البحث العلمي في العلوم الس ـ ـ ـ ــلوكية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة‬
‫ألانجلو املصرية‪ 197 : .‬ـ ‪.216‬‬
‫َ َ‬
‫‪ 5‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حمدي أبو الفتوح ُعط ْيفة (‪ .)1996‬منهجية البحث العلمي وتطبيقاتها في الدراس ـ ـ ـ ــات‬
‫التربوية والنفسية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ 15 : .‬ـ ‪.43‬‬
‫‪ 6‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ديوبولد ب‪ .‬فان دالين (‪ .)1984‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫نبيل نوفل وآخرون‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪ 36 : .‬ـ ‪.43‬‬
‫‪ 7‬ـ دونالد أري وآخرون (‪ .)2004‬مقدمة للبحث في التربية‪ .‬ترجمة ‪ :‬سعد الحسي ي‪ .‬مراجعة‪:‬‬
‫عــادل عبــد الكريم يــاس ـ ـ ـ ــين‪ .‬العين‪ ،‬إلامــارات العربيــة املتحــدة‪ ،‬دار الكتــاب العربي‪ 74 : .‬ـ‬
‫‪.76‬‬
‫‪ 8‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ذوقان عبيدات‪ ،‬س ـ ــهيلة أبو الس ـ ــميد (‪ .)2002‬البحث العلمي ‪ :‬البحث النوعي والبحث‬
‫الكمي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتو ع‪ 33 : .‬ـ ‪.38‬‬
‫‪ 9‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ذوقــان عبيــدات‪ ،‬عبــد الرحمن عبيــدات‪ ،‬كــايــد عبــد الحق (‪ .)2001‬البحــث العلمي ‪:‬‬
‫مفهومه وأدواته وأس ـ ـ ـ ــاليبه‪ .‬الطبعة الس ـ ـ ـ ــابعة‪ .‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنش ـ ـ ـ ــر‬
‫‪ 73 :‬ـ ‪.83‬‬ ‫والتو ع‪.‬‬
‫‪ .10‬رحيم يونس كرو العياوي (‪ .)2008‬مقــدمــة في منهج البحــث العلمي‪ .‬الطبعــة ألاولى‪ .‬دار‬
‫‪ 23 :‬ـ ‪.24‬‬ ‫دجلة‪ ،‬عمان‪ /‬ألاردن‪ .‬بغداد‪ /‬العراق‪.‬‬
‫‪ .11‬ص ـ ـ ـ ــالح بن حمد العس ـ ـ ـ ــال (‪ .)1995‬املدخل إلى البحث في العلوم الس ـ ـ ـ ــلوكية‪ .‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ .‬الرياض‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ 50 : .‬ـ ‪.55‬‬
‫‪ .12‬صــالح مصــطف الفوال (‪ .)1982‬منهجية العلوم الاجتماعية‪ .‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪.‬‬
‫‪ 23 :‬ـ ‪.38‬‬
‫‪ .13‬عامر قنديلجي (‪ .)2002‬البحث العلمي واستعمال مصادر املعلومات التقليدية‬

‫‪181‬‬
‫‪ 75 :‬ـ‬ ‫وإلالكترونية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬دار اليا وري العلمية للنشــر والتو ع‪.‬‬
‫‪.77‬‬
‫‪ .14‬عييي حنــا داود وآخرون (‪ .)1991‬منــاهج البحــث في العلوم الس ـ ـ ـ ــلوكيــة‪ .‬القــاهرة‪ ،‬مكتبــة‬
‫ألانجلو املصرية‪ 7 : .‬ـ ‪.35‬‬
‫‪ .15‬لندا ل‪ .‬دافيدول (‪ .)1983‬مدخل علم النفس‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬ترجمة ‪ :‬س ـ ـ ـ ــيد الطواب‬
‫وآخرون‪ .‬مراجعة ‪ :‬فؤاد أبو حطب‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار مكجروهيل للنشر‪.59 : .‬‬
‫‪ .16‬مج ــدي عييي إبراهيم (‪ .)1989‬من ــاهج البح ــث العلمي في العلوم التربوي ــة والنفس ـ ـ ـ ـي ــة‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪ 7 : .‬ـ ‪.32‬‬
‫‪ .17‬مور س أنجرس (‪ .)1996‬منهجية البحث العلمي في العلوم إلانس ـ ـ ـ ــانة ‪ :‬تدريبات عملية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬بو يد صحراوي وآخرون‪ .‬إشرال ومراجعة ‪ :‬مصطف ماض ي‪ .‬الجيائر‪ ،‬دار القصبة‬
‫للنشر‪ 122 : .‬ـ ‪.140‬‬

‫‪182‬‬
‫الفصل السادس‬
‫مشكلة البحث ‪ :‬تحليلها وتحديدها واقتراح حلول لها "صياغة الفرضيات"‬

‫"يبدأ البحث العلمي بالشعور باملشكلة‪ ،‬ام تحديدها"‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬ضرورة التعرل على مشكلة جديرة بالبحث‪.‬‬
‫‪ )1‬الخطوة ألاولى في البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ )2‬الباحثون املبتدئون‪.‬‬
‫‪ )3‬بداية التعرل على مشكلة بحث‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬تحليل مشكلة البحث‪..‬‬
‫‪ )1‬مصادر تحليل مشكلة البحث‪.‬‬
‫‪ )2‬كيف يكتب الباحث تحليل مشكلة البحث ؟‬
‫‪ )3‬مثال عن الشعور بمشكلة بحث وتحليلها‪.‬‬
‫‪ )4‬هدل تحليل مشكلة البحث‪.‬‬
‫‪ )5‬كيف يكون تحليل مشكلة البحث ؟‬
‫‪ .1‬املفاهيم‪.‬‬
‫‪ .2‬النظريات‪.‬‬
‫‪ .3‬البحوث السابقة‪.‬‬
‫االثا ‪ :‬تحديد مشكلة البحث‬
‫صياغة مشكلة البحث‪.‬‬
‫صياغة الفرضيات‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬كيفية تسجيل كل هذت املعلومات في تقرير البحث‪.‬‬
‫‪ )1‬حجم البحث‪.‬‬
‫‪ )2‬أهمية املعلومات بالنسبة للبحث‪.‬‬
‫‪ )3‬البحوث السابقة‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬عرض مشكلة البحث‬
‫سادسا ‪ :‬مقومات مشكلة البحث‬

‫‪183‬‬
‫‪ )1‬إضافة معرفة علمية جديدة للمعرفة العلمية القائمة‪.‬‬
‫‪ )2‬إاارة مشكالت بحثية أخرم‪.‬‬
‫‪ )3‬القابلية للبحث‪.‬‬
‫‪ )4‬ألاهمية والفائدة بالنسبة للباحث‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬الفرق بين مشكلة البحث وأهدال البحث‬
‫‪ )1‬مشكلة البحث‪.‬‬
‫‪ )2‬أهدال البحث‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ بالنسبة لألهدال النظرية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ بالنسبة لألهدال العملية‪.‬‬
‫املراجع‬

‫‪184‬‬
‫مقدمة‪.‬‬
‫رغم ضرورة وجود مشكلة كت رير جراء بحث علمي‪ ،‬إال أن الكثير من البحوث التي أتيح‬
‫لي الاطالع عل ها‪ ،‬ال تتوفر على مشكلة جديرة بالبحث‪ .‬فالشا ع لدم الباحثين في جامعاتنا‪،‬‬
‫أن البحث يبدأ دائما‪ ،‬أو في أغلب ألاحوال‪ ،‬باملوضوع أو بالعنوان‪ .‬فالباحث يختار موضوعا‬
‫(الضغوط النفسية‪ ،‬مثال) أو عنوانا لبحث‪ ،‬مثال ‪" :‬الضغوط النفسية لدم ألامهات‬
‫العامالت"‪ .‬ام ينجي بحثه على هذا ألاساس‪ ،‬وال يبين ما إذا كانم هناك مشكلة جديرة بالبحث‬
‫تتعلق بالضغوط التفسية لدم ألامهات العامالت‪.‬‬
‫ويكتب الباحثون ضمن تقارير بحوثهم عنوانا فرعيا هو ‪ :‬مشكلة البحث‪ ،‬ولكن عند‬
‫قراءة ما كتبوت ضمن هذا العنوان‪ ،‬ال يوجد ش يء شير إلى مشكلة بحث‪ .‬إن الذي يكتبونه‬
‫هو مجرد عرض لبعض ألافكار عن متغيرات البحث‪ ،‬تعقبه مجموعة من ألاسئلة أو‬
‫التساؤالت‪ ،‬ليس لها أي م رر لكونها مشكلة‪ ،‬أو غموض‪ ،‬أو حيرة‪ .‬ام ينتقلون مباشرة إلى‬
‫الفرضيات‪ ،‬كحلول مقترحة للمشكلة التي لم يحددوها أبدا‪.‬‬
‫والبحوث التي ال تقوم على وجود مشكلة في حاجة إلى حل‪ ،‬ال ترقى إلى مستوم البحث‬
‫العلمي‪ ،‬كما ينبغي أن يكون‪ ،‬وال تضيف شيئا إلى املعرفة العلمية القائمة‪ ،‬حول الظاهرة‬
‫محل البحث‪ .‬فهي مجرد كتابات عتقد أصحابها أنهم يقدمون شيئا للعلم لكي يتطور‪ ،‬ولكنهم‪،‬‬
‫في حقيقة ألامر‪ ،‬ال يقدمون شيئا يمكن إضافته إلى هيكل العلم‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫مضر بالبحث‬ ‫رر أساس ٌّي للقيام بالبحث‪ ،‬وأن الجهل بها‬ ‫ونظرا ألن وجود املشكلة م ٌ‬
‫العلمي النفس ي في جامعاتنا‪ ،‬فإني رأيم أن أتناول في هذا الفصل‪ ،‬التعرل على مشكلة‬
‫صالحة للبحث‪ ،‬ومصادرها‪ ،‬وكيفية تحليلها ومن ام تحديدها‪ ،‬وخطوات عرضها‪ ،‬ومقوماتها‪.‬‬
‫وما ألاسلوب الذي ينبغي اتباعه في كل ذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫استبصارا أعمق ب ساليب البحث العلمي النفس ي‬ ‫ُ‬
‫الفصل الباحثين‬ ‫َّ‬
‫عطي هذا‬ ‫وأرجو أن‬
‫في تحديد املشكلة املراد بحثها‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬ضرورة التعرل على مشكلة جديرة بالبحث‬


‫إن مشكلة البحث ببساطة‪ ،‬هي عبارة عن ‪" :‬سؤال حول ظاهرة سلوكية غامضة ومحيرة‪،‬‬
‫ال توجد لدم الباحث إجابة عنه فيما يتوفر لديه من معلومات قبل إجراء البحث"‪.‬‬
‫وأي س ـؤال ي ـراد إلاج ـاب ـة ع ـن ـه‪ ،‬أو أي ف ـرض ي ـراد اخ ـت ـب ـارت‪ ،‬أو فـ ـك ـرة ي ـراد ب ـح ـثها ‪ :‬بهدل‬

‫‪185‬‬
‫ت كيدها أو تحديها أو تفنيدها أو دحضها يمكن أن عت ر "مشكلة بحث علمي" إذا اتبعم‬
‫املنهجية العلمية للوصول إلى إجابة أو إجابات عن تلك ألاسئلة "املشكلة"‪.‬‬
‫و عت ر اكتشال املشكلة أو الشعور بها‪ ،‬ام تحليلها وتحديدها وعرضها‪ ،‬شرطا مسبقا‬
‫وأساسيا جرا ء أي بحث علمي‪ .‬ألن وجود املشكلة أو الصعوبة في فهم الظاهرة‪ ،‬هو أساس‬
‫البحث‪ .‬بحيث ال يمكن أن يقوم البحث‪ ،‬إذا لم تكن أمام الباحث مشكلة‪ ،‬أو ظاهرة يكتنفها‬
‫الغموض‪ ،‬أو سؤال ّ‬
‫محير لم تظهر له إجابة بعد‪.‬‬
‫وليس هناك ت رير للقيام ببحث علمي‪ ،‬ما لم تكن هناك مشكلة يتم إدراكها‪ ،‬والتفكير‬
‫ف ها‪ ،‬وصياغتها بطريقة مفيدة‪.‬‬

‫‪ )1‬الخطوة ألاولى في البحث العلمي‪.‬‬


‫تحدث الفيلسول واملربي ألامريكي‪ ،‬جون ديوي في كتابه كيف نفكر ؟ الصادر عام ‪،1910‬‬
‫عن الخطوة ألاولى في الطريقة العلمية‪ ،‬وهي الشعور بوجود مشكلة‪ ،‬فقال ب نها ‪" :‬إلادراك‬
‫بوجود صعوبة محسوسة‪ ،‬وعقبة أو مشكلة ّ‬
‫تحير الباحث"‪.‬‬
‫إن تحديد املشكلة هو صلب البحث وجوهرت‪ .‬حيث تصمم كل الخطوات وإجراءات‬
‫البحث ألاخرم من أجل إيجاد حل لها‪ .‬فهي من أهم الخطوات التي يمر بها الباحث وأصعبها‪.‬‬
‫ملا سينتج عنها من اختيار ملنهج البحث وعينته‪ ،‬وأدوات جمع البيانات والطرق إلاحصائية‬
‫املالئمة ملعالجتها‪.‬‬
‫ونظرا لهذت ألاهمية ملشكلة البحث‪ ،‬فإن معظم املهتمين بالبحث العلمي‪ ،‬عت رونها‬
‫نصف البحث‪.‬‬

‫‪ )2‬الباحثون املبتدئون‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬رغم هذت ألاهمية‪ ،‬هناك كثير من الباحثين املبتدئين يهملون هذا الجانب‪ ،‬وي خذون‬
‫أي موضوع يخطر ببالهم ويبحثونه‪ .‬ويقضون الشهور وألاعوام في جمع املعلومات املتعلقة‬
‫بموضوعاتهم الواسعة الغامضة‪ ،‬دون أن يتضح لهم ما يريدون بحثه‪ .‬ولذا تكون النتائج التي‬
‫يتوصلون إل ها‪ ،‬في أغلب ألاحيان‪ ،‬ال قيمة لها من الناحية العلمية‪ .‬ألنهم لم يحددوا بدقة ما‬
‫الذي يتصدون لبحثه‪ .‬وتصبح حالهم كحال الذي يتجول بال خريطة في أرض ال عرفها‪.‬‬
‫فالباحث الذي ال يحدد مشكلة بحثه تحديدا دقيقا‪ ،‬فليس غريبا أن يجد نفسه أنه يبحث‬
‫في أي موضوع‪ .‬وبالتالي ال يقدم شيئا للم ـع ـرف ـة العل ـم ـي ـة املتـعـل ـق ـة بمـوضوع‬

‫‪186‬‬
‫بحثه‪ ،‬ما دام لم يحدد املشكلة التي يبحثها‪.‬‬
‫إن مشكلة البحث تتضمن دائما عنصرين‪ ،‬هما ‪:‬‬
‫ألاول ‪ :‬السؤال الغامض ّ‬
‫املحير‪.‬‬
‫املحير‪ ،‬تكون بمثابة إضافة معرفة‬ ‫الثاني ‪ :‬أن إلاجابة التي تقدم عن السؤال الغامض ّ‬
‫علمية جديدة إلى املعرفية العلمية القائمة‪ ،‬املتعلقة بالسؤال الغامض ّ‬
‫املحير‪.‬‬
‫تصو ٌر غير واقهي عن املوضوع الذي اختارت‬ ‫ومن الشا ع أن يكون لدم الباحث املبتدئ ّ‬
‫للبحث‪ ،‬وعن املشكلة التي يبحث عن حل لها‪ .‬حيث وهو بصدد القيام بالبحث‪ ،‬ستحوذ‬
‫عليه انفعال وحماس ائدان‪ .‬فينخرط في نشاط محموم‪ ،‬يحاول إقامة صرح شاهق للبحث‬
‫الذي ينوي إنجا ت‪ .‬وعادة ما ينتابه القلق كالطفل‪ ،‬ألنه يريد أن يقفي مرة واحدة إلى املرحلة‬
‫التي علن ف ها عن إجاباته عن التساؤالت التي كانم تشغله‪ .‬ودون أن عطي اهتماما جديا‬
‫لألستاذ املشرل‪ ،‬أو لذوي الخ رة في البحث‪ ،‬الذين س لونه هذت ألاسئلة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ هل حددت مشكلة بحثك ؟‬
‫‪ 2‬ـ هل تعرل ما هي املتغيرات التي تتضمنها ؟‬
‫‪ 3‬ـ هل تملك املهارات ألاساسية لحل هذت املشكلة ؟‬
‫‪ 4‬ـ هل لديك معرفة باملجال العلمي املتعلق باملشكلة ؟‬
‫فإنه يمض ي في جمع املعلومات من املراجع‪ .‬و عتقد أنه طاملا يتوفر على مراجع جيدة كما‬
‫ونوعا‪ ،‬و ستعمل مصطلحات ملفتة لالنتبات‪ ،‬وطرقا للبحث تتسم بالعلمية‪ ،‬وسول ستعمل‬
‫أساليب إحصائية تتسم بالتعقيد‪ ،‬فإنه في الطريق الصحيح‪ .‬فيتملكه الغرور‪ ،‬ويتصور أنه‬
‫سينجي بحثه‪ ،‬ويحل املشكلة بنجاح‪ .‬ولكنه بعد حين يكتشف أنه سير في طريق وعرة‪ ،‬وأنه‬
‫سبح في الخيال‪ ،‬وربما يكون خاطئا‪ ،‬ألنه لم يهتد إلى طريقه بعد‪ .‬فاملشكلة في جانب وتفكيرت‬
‫في جانب آخر‪.‬‬
‫إن الباحث حتى وإن كان متمكنا من استعمال أدوات البحث‪ ،‬من طرق وأساليب‬
‫إحصائية وغيرها‪ ،‬فإن هذا ال يكفي نجا بحث جيد‪ .‬ألن هذت ألادوات واملعادالت إلاحصائية‪،‬‬
‫هي في الحقيقة وسائل ستعملها الباحث من أجل تحقيق غاية‪ .‬وال يمكن أن ستعملها بذكاء‪،‬‬
‫إال إذا كان عرل مشكلة بحثه‪.‬‬
‫إن التخطيط للبحث‪ ،‬من خالل التحديد الجيد للمشكلة‪ ،‬هو إلاجراء الذي ينبغي أن‬
‫ع ـم ـل ل ـه كـ ـل ح ـساب في الب ـح ـث الع ـلـمي‪ .‬أما ت ـن ـف ـي ـذ الخ ـط ـة‪ ،‬ف ـهو إلى ح ـد ك ـب ـير عملية آلية‬
‫تحتاج إلى مثابرة وبذل الجهد‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫وال يمكن للباحث أن يحل مشكلة بحثه‪ ،‬إال إذا ّ‬
‫تعرل عل ها‪ .‬وملا كان التعرل على املشكلة‬
‫وأبعادها بصورة دقيقة‪ ،‬له أهمية كبيرة في البحث العلمي‪ ،‬فمن الضروري أن يتعلم الباحث‬
‫كيف يحلل املشكلة ويتعرل عل ها ويحددها‪.‬‬

‫‪ )3‬بداية التعرل على مشكلة بحث‪.‬‬


‫ت زغ مشكلة البحث ضمن ما أطلق عليه جون ديوي "الشعور باملشكلة"‪ .‬وهي الخطوة‬
‫ألاولى ضمن الخطوات التي وضعها للتفكير العلمي‪ .‬وت زغ مشكلة البحث‪ ،‬كذلك‪ ،‬مما سميه‬
‫ج‪ .‬ب‪ .‬جلفورد "الحساسية للمشكالت"‪ .‬وهي من ضمن العمليات املتضمنة في التفكير‬
‫إلابداعي‪ ،‬كما قدمها في نموذجه لبناء العقل الشامل عام ‪.1950‬‬
‫وبما أن الباحث متخص في مجال معين من املعرفة العلمية‪( ،‬علم النفس مثال)‪ ،‬فإنه‬
‫للتعرل على مشكلة بحث‪ ،‬ربما يبدأ أوال بتحديد املجال العام للمشكلة (السلوك العدواني‪،‬‬
‫أو الدافعية‪ ،‬أو علم نفس الصحة وغيرت)‪ ،‬ويجمع عن هذا املجال العام معلومات كثيرة‬
‫وواسعة‪ ،‬ليتمكن بعد ذلك من توجيه أسئلة يمكن أن يجيب عنها من خالل ما يتحصل عليه‬
‫من معلومات‪ ،‬او تعت ر تلك ألاسئلة‪ ،‬هي مشكلة بحث‪ .‬وإذا لم تكن للباحث معرفة علمية‬
‫واسعة عن املجال الذي يريد البحث فيه‪ ،‬فلن تكون لديه فكرة واضحة عن املعرفة العلمية‬
‫التي هو في حاجة إل ها‪ ،‬أو كيفية الحصول عل ها من خالل البحث الذي يجريه‪.‬‬
‫وت زغ مشكلة البحث‪ ،‬كذلك‪ ،‬أو يتعرل عل ها الباحث‪ ،‬بصفته متخصصا في علم النفس‪،‬‬
‫على شكل تساؤالت يطرحها إ اء بعض القضايا أو ألاحداث السلوكية التي يالحظها‪ ،‬وتمثل‬
‫ً‬
‫صعوبة ما‪ ،‬أو شيئا ما ّ‬
‫محيرا‪.‬‬ ‫بالنسبة له ظواهر لم تتضح أسبابها أو عالقاتها‪ ،‬أو أن هناك‬
‫مما يجعلها تسبب له عدم الارتياح املعرفي‪ ،‬وتدفعه إلى بحثها من أجل إ الة الغموض عنها‪.‬‬
‫ومن هذت الظواهر الغامضة‪ ،‬والتي لم تتضح عللها‪ ،‬ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬فقد يالحظ أن الفتيات يتفوقن على الفتيان في التحصيل الدراس ي في جميع مراحل‬
‫التعليم‪ .‬فيثير لديه هذا تساؤال‪.‬‬
‫‪ .2‬ويالحظ أن التحصيل الدراس ي يتناق مع الييادة في العمر‪ .‬فيعت ر ذلك مشكلة‬
‫محيرة في حاجة إلى إ الة الغموض عنها‪.‬‬
‫‪ .3‬وإذا كان يدرس إلاحصاء لطالب علم النفس‪ ،‬يالحظ أن معظمهم يخطئ في إجراء‬
‫العمليات الحسابية البسيطة‪ .‬فيتساءل عن سبب هذت ألاخطاء‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫‪ .4‬ويالحظ مجموعة من ألافراد يمارسون القمار‪ ،‬فيتساءل عن الدوافع التي تدفع هؤالء‬
‫إلى ممارسة هذا السلوك املدمر للذات ولألسرة وللمجتمع‪.‬‬
‫‪ .5‬ويالحظ أيضا أن هناك أفرادا يتفوقون على عامة الناس بإنتاجاتهم الفريدة واملفيدة‪،‬‬
‫فيتساءل عن طبيعة العملية إلابداعية‪.‬‬
‫‪ . 6‬ويالحظ كذلك أن هناك تفشيا خطيرا في غياب العمال واملوظفين عن أعمالهم‬
‫ووظائفهم‪ .‬فيثير لديه ذلك تساؤال عن سبب هذت الظاهرة‪.‬‬
‫‪ .7‬ويتساءل أيضا عن عالقة الذكاء بالنجاح في الحياة ألاسرية‪ .‬وعن عالقة الدافع إلى‬
‫إلانجا بالسعادة‪ .‬وعن عالقة الفقر با جرام‪ .‬وعن العوامل املسؤولة عن التسرب املدرس ي‪.‬‬
‫إلى غير ذلك من ألاحداث السلوكية والقضايا النفسية والتربوية التي تشغل عقل‬
‫الباحث‪ ،‬وتثير حساسيته لبحثها‪ ،‬وكشف الغموض عنها‪.‬‬
‫شعور ب ن حداا ّ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫محيرا في حاجة إلى فهم وتفسير‪ ،‬واستبد به‬ ‫وهكذا‪ ،‬فإذا راود الباحث‬
‫الشوق للحصول على تصور أوضح للعوامل املسببة لهذا الحدث ّ‬
‫املحير‪ ،‬فإنه يكون قد خطا‬
‫الخطوة ألاولى للتعرل على املشكلة وتحديدها‪.‬‬
‫لكن التساؤالت السابقة إ اء بعض القضايا الغامضة واملحيرة‪ ،‬والصعبة على الفهم‬
‫تعين فقط مجاال أو موضوعا‬ ‫لبعض ألاحداث السلوكية‪ ،‬ال تمثل في حد ذاتها مشكلة‪ ،‬إنما ّ‬
‫توجد فيه مشكلة‪.‬‬
‫ألاولي‪ ،‬أن الشخ الذي ارت في عيادته مريض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فإذا عرل الطبيب من خالل الفح‬
‫فهذا بداية الشعور بوجود مشكلة‪ .‬ولكنه ال ستطيع أن يقدم العالج املناسب للمريض (حل‬
‫ّ‬
‫املشكلة) إال إذا يخ مرضه وتعرل عليه وحددت بدقة‪ .‬وكذلك الحال بالنسبة للمشكالت‬
‫البحثية‪.‬‬
‫إن التعرل أو الشعور بموقف مشكل عام‪ ،‬يمد الباحث بنقطة انطالق البحث فقط‪.‬‬
‫أما إذا أراد الباحث التصدي للجابة عن أحد التساؤالت السابقة‪ ،‬فإنه قبل املض ي قدما في‬
‫البحث‪ ،‬عليه أن عيل النقاط املناسبة التي أاارت املشكلة‪ ،‬وأن يحللها ويوضح جوانبها‬
‫املختلفة‪ ،‬فيما يتعلق بخصائصها ومفاهيمها وعالقاتها‪.‬‬
‫ومن أجل أن تتضح العملية أحسن‪ ،‬بالنسبة للباحث املبتدئ‪ ،‬أرم أن أقدم مثاال‬
‫توضيحيا‪ ،‬يتم من خالله شرح عملية تحليل املشكلة وتحديدها‪ ،‬خطوة خطوة‪ .‬ام تقديم‬
‫نموذج لعرض املشكلة وألاسلوب الذي ينبغي اتباعه في ذلك‪ ،‬يكون ذا فائدة كبيرة‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫اانيا ‪ :‬تحليل مشكلة البحث‬
‫إن الخطوة الثانية‪ ،‬بعد الشعور باملشكلة‪ ،‬حسب جون ديوي‪ ،‬هي جمع املعلومات‬
‫حولها‪ .‬ويتم جمع املعلومات حول املشكلة من أجل تحليلها‪.‬‬

‫‪ )1‬مصادر تحليل مشكلة البحث‪.‬‬


‫عند القيام بتحليل مشكلة البحث‪ ،‬ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار‪ ،‬كل من املفاهيم‬
‫والنظريات ونتائج البحوث السابقة‪ ،‬ومالحظات الباحث في الحياة العملية‪.‬‬
‫ألن املشكلة الجديرة بالبحث‪ ،‬يمكن أن تظهر في املفاهيم‪ .‬ك ن يتساءل باحث ‪ :‬ما‬
‫الفرق بين العدوان والعنف واملشكالت السلوكية‪ .‬وما العالقة بين الدافعية واملثابرة‬
‫ومواصلة الاتجات‪ .‬وما الفرق بين الحاجة للنجا ‪ ،‬لدم هنري موراي‪ .‬والدافع إلى إلانجا لدم‬
‫دافيد ماكليالند‪ .‬وما الفرق بين النمط لدم السيكولوجيين ألاوربيين والسمة لدم‬
‫السيكولوجيين ألامريكيين‪.‬‬
‫وتظهر مشكالت قابلة للبحث كذلك في النظريات‪ .‬ففي الربع ألاول من القرن العشرين‪،‬‬
‫حدث نقام علمي نظري وتجريبي حاد حول طرق تعلم سلوك حل املشكالت‪ ،‬بين‬
‫الجشطالتيين (كهلر ‪ ،)W. Kohler‬الذي يقول بدور عملية الاستبصار في تعلم سلوك حل‬
‫املشكالت‪ ،‬وفق ما توصلم إليه تجاربه على قردة الشمبانيي‪ ،‬في جير الكناري سنة ‪.1916‬‬
‫والسلوكيين (‪ )E. L. Thorndike‬الذي يقول بطريقة املحاولة والخط في تعلم سلوك حل‬
‫املشكالت‪ ،‬وفق ما توصل إليه من خالل تجاربه على القطط‪ ،‬ابتداء من عام ‪ 1898‬إلى غاية‬
‫‪ ،1932‬في جامعة هارفارد‪ ،‬ام في جامعة كولومبيا بنيويورك‪.‬‬
‫ويمكن ألي باحث مهتم بنظريات التعلم وطرقه‪ ،‬أن يطرح السؤال التالي ‪ :‬ما املشكالت‬
‫التي يمكن تعلم حلها أفضل لدم البشر‪ ،‬بطريقة الاستبصار‪ ،‬وما املشكالت التي يمكن تعلم‬
‫حلها أفضل لدم البشر‪ ،‬بطريقة املحاولة والخط ؟‬
‫كما يمكن أن تظهر مشكلة البحث في البحوث السابقة‪ .‬فبعد الحرب العاملية الثانية‪،‬‬
‫تناول دافيد ماكليالند‪ ،‬جون إتكنسون و مالؤهما ‪D. McKlelland, J. Etkinson & others‬‬
‫الدافع إلى إلانجا بالبحث‪ .‬واستعملوا اختبارات إسقاطية لجمع املعلومات حول هذا املتغير‪.‬‬
‫وكانم عينات البحث من الذكور وإلاناث‪ .‬ولكن عند وضع أفراد العينة‪ ،‬من الجنسين‪ ،‬في‬
‫مواقف منافسة‪ ،‬ويقدمون لهم الاختبارات إلاسقاطية‪ ،‬للجابة عنها‪ ،‬كانم إلاناث أقل‬
‫استجابة أو ال ستج ن إطالقا‪ ،‬فتم استبعادهن من البحث‪ .‬لكن طالبة دكتورات (تدعى ماتينا‬

‫‪190‬‬
‫هورنر ‪ ) M. Horner‬في جامعة متشجان‪ ،‬اعت رت عدم إقبال إلاناث عن إلاجابة على‬
‫يكن في موقف منافسة مع الذكور‪ ،‬مشكلة تستحق البحث‪ .‬وفي‬‫الاختبارات إلاسقاطية عندما ّ‬
‫بحثها للدكتورات‪ ،‬عام ‪ ،1958‬تحم إشرال جون إتكنسون‪ ،‬افترضم مفهوما تفسيريا هو ‪:‬‬
‫الخول من النجاح‪ .‬أي أن ألانثى عندما تجد نفسها في موقف تنافس ي مع الرجل‪ ،‬تتراجع‬
‫وتخال من النجاح أمامه‪ ،‬ألن ذلك سول ينجر عنه ابتعاد الرجل عنها‪ ،‬وهي ال تطيق ذلك‪.‬‬

‫‪ )2‬كيف يكتب الباحث تحليل مشكلة البحث ؟‬


‫في الكتابة ألاكاديمية الجادة‪ ،‬يتم تناول كل من املفاهيم والنظريات ونتائج البحوث‬
‫ْ‬
‫السابقة‪ ،‬في اتحاد متكامل‪ ،‬كما ُيقرأ في تقرير البحث‪.‬‬
‫فيتناول الباحث تعريف املتغير‪ ،‬ام مكانته في بعض النظريات‪ ،‬ام نتائج البحوث السابقة‬
‫حوله‪ ،‬تناوال نقديا‪ ،‬م ر ا جوانب الاتفاق وجوانب الاختالل‪ ،‬وما هو واضح وما هو غامض‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫ولكن باحثينا‪ ،‬عند قراءة تقارير بحوثهم‪ ،‬نجدهم يفصلون هذت العناصر عن بعضها‪،‬‬
‫فيضعون املفاهيم وتعريفاتها في مكان منعيل‪ .‬ويضعون نتائج البحوث السابقة كذلك‪ ،‬في‬
‫مكان آخر منعيل‪ .‬ويضعون النظريات في مكان منعيل كذلك‪ .‬في تي البحث مميقا ومشرذما‪،‬‬
‫فيفقد الارتباط العضوي لعناصرت‪ .‬ويفقد "التنظيم الجشطلتي" الذي ينبغي أن يظهر عليه‪،‬‬
‫مما يفقدت كثيرا من ميايا البحوث ألاكاديمية الجيدة‪ ،‬وخاصة إمكان التعرل على مشكلة‬
‫جديرة بالبحث‪.‬‬
‫وهذا دليل على عجي باحثينا وفشلهم في تحليل مشكالت بحوثهم من أجل التعرل عل ها‬
‫جيدا‪ ،‬وفصلها عن مشكالت بحثية أخرم‪ .‬وسبب كل ذلك‪ ،‬أنهم ال يقرؤون قراءات الباحثين‪،‬‬
‫وية وعميقة وناقدة‪ ،‬إنهم متسرعون دائما من أجل الحصول‬ ‫وم َت َر ّ‬
‫التي ينبغي أن تكون واسعة ُ‬
‫على الشهادات الجامعية‪ ،‬فيطلعون على عدة مراجع‪ ،‬عتمدون عل ها في كتابة املعلومات‬
‫النظرية لبحوثهم بطريقة سردية ودون نقدها أو تقييمها‪ ،‬فت تي كتاباتهم ك نها ت ليف‪ ،‬فاقدة‬
‫لخصائ الكتابة ألاكاديمية‪.‬‬

‫‪ )3‬مثال عن الشعور بمشكلة بحث وتحليلها‪.‬‬


‫وآلان‪ ،‬إلـيـك ـم امل ـثال ال ـذي أقـتـرحـ ـه علـيـك ـم لل ـت ـدري ـب ع ـلـ ت ـح ـل ـي ـل م ـشكلة بحث‪ .‬وليكن‬
‫موضوعه ‪" :‬السلوك العدواني لدم أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية"‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫الحظ باحث في علم النفس‪ ،‬من خالل مشاهداته اليومية ألطفال ما قبل املدرسة‬
‫الابتدائية‪ ،‬في أماكن لعبهم‪ ،‬وفي تجمعاتهم في ألاحياء السكنية‪ ،‬أنه تسود في سلوكهم مظاهر‬
‫السلوك العدواني‪ ،‬والسلوك العنيف املتعارل عليه لدم هذت الفئة العمرية؛ كالشتم‬
‫والضرب والدفع وشد الشعر ونيع اللعبة والحرمان من املشاركة في اللعب‪ .‬ف اار لديه ذلك‬
‫ّ‬
‫تساؤال حول علة هذا السلوك العدواني‪ ،‬لدم هذت الفئة العمرية من ألاطفال‪.‬‬
‫فالباحث إذن أمام مشكلة في حاجة إلى بحث‪ .‬حيث هناك سؤال محير‪ ،‬ال توجد لديه‬
‫إجابة عليه‪ ،‬فيما يتوفر من معلومات‪ ،‬حول ظاهرة سلوكية‪ ،‬يكتنفها الغموض‪ .‬فقرر‬
‫التصدي للتعرل على املشكلة وتحديدها‪ ،‬ام بحثها‪ .‬والبداية تكون بتحليلها (جمع املعلومات‬
‫املتعلقة بها)‪.‬‬

‫‪ )4‬هدل تحليل مشكلة البحث‪.‬‬


‫تهدل عملية تحليل مشكلة البحث إلى التعرل بالتفصيل على جوانبها من حيث املفاهيم‬
‫والنظريات ونتائج البحوث السابقة‪ ،‬حتى يتس ى معرفة الجوانب الغامضة ف ها وغير‬
‫الغامضة‪ .‬ومن ام وضع خطة لبحثها بالطريقة املالئمة‪.‬‬
‫إن املوضوع الذي نحن بصدد تحليله للتعرل على مشكلة البحث فيه‪ ،‬جاء كما هو مبين‬
‫في العنوان التالي ‪" :‬السلوك العدواني لدم أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية"‪.‬‬
‫وتعت ر املشكلة التي واجهها الباحث‪ ،‬جديرة ب ن تستثير بحثا في علم النفس‪ .‬ولكن عرضها‬
‫بهذا ألاسلوب الغامض‪ ،‬وعلى شكل عنوان‪ ،‬ال ساعد على تحديدها بدقة‪ ،‬وال يمكن وضع‬
‫خطة جراءات بحثها‪ .‬وإذا لم يحللها ويتعرل على كل جوانبها‪ ،‬ليتس ى له تحديدها بدقة‪،‬‬
‫فقد يتيه ويجمع كثيرا من املعلومات التي تكون غير منظمة‪ ،‬وال ستطيع الاستفادة منها‪ ،‬ألنها‬
‫تفقد طابعها العلمي‪.‬‬
‫فقد يتب ى كثيرا من التعميمات السطحية والتفسيرات الجانبية التي يمكن أن يتحيز لها‪،‬‬
‫دون تحديد ما إذا كانم هذت التعميمات والتفسيرات لها عالقة فعال بالسلوك العدواني لدم‬
‫أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية‪.‬‬

‫‪ )5‬كيف يتم تحليل مشكلة البحث ؟‬


‫من امل ـؤك ـد‪ ،‬ك ـما أش ـرت س ـاب ـقا‪ ،‬أن ي ـت ـم تـ ـح ـل ـي ـل مشكل ـة البـح ـث في إطارها النظري‪ ،‬أو‬

‫‪192‬‬
‫منظومتها العلمية‪ ،‬من مفاهيم ونظريات ونتائج بحوث سابقة‪ ،‬تتعلق بالسلوك العدواني‬
‫عامة‪ ،‬والسلوك العدواني لدم ألاطفال خاصة‪.‬‬
‫فيشرع الباحث في جمع املعلومات حولها من خالل قراءاته العميقة الناقدة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ املفاهيم‪.‬‬
‫يتناول في البداية بالتحليل‪ ،‬مفهوم العدوان‪ .‬ألن تحليل مفاهيم البحث‪ ،‬جيء أساس ي‬
‫من عملية تحليل املشكلة‪ .‬فيالحظ أنه يتداخل مع بعض املفاهيم ألاخرم ذات العالقة به‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬الغضب وت كيد الذات والعناد والتمرد والتخريب وإلافراط في الحركة واملنافسة‬
‫والطموح وإلانجا ‪ .‬فيحدد الجوانب السلوكية التي تلتقي ف ها هذت املفاهيم‪ .‬وهي إلحاق‬
‫الضرر باآلخرين أو تحطيم ألاشياء املادية وتخريبها‪.‬‬
‫كما يبين أيضا الجوانب التي تختلف ف ها‪ .‬وهي خلو السلوك الذي تصفه معظم املفاهيم‬
‫السابقة‪ ،‬مثل ‪ :‬التخريب وت كيد الذات وإلافراط في الحركة واملنافسة والطموح وإلانجا ‪،‬‬
‫من القصد والنية في العدوان بمعنات الصريح‪.‬‬
‫فالسلوك العدواني الذي يصدر من الفرد‪ ،‬ويوصف بهذت املفاهيم‪ ،‬يخلو عادة من الدافع‬
‫العدا ي‪ .‬كما أن أهدافه ليسم هي إلحاق الضرر باآلخرين‪ ،‬أو تحطيم ألاشياء‪ .‬فيخرج من‬
‫هذا التحليل الوصفي الفارقي لهذت املفاهيم‪ ،‬بمفهوم واضح ودقيق للسلوك العدواني الذي‬
‫يتصدم لدراسته‪ .‬وهو ذلك السلوك الذي يحركه دافع عدا ي‪ ،‬ويكون هدفه إلحاق الضرر‬
‫باآلخرين‪ ،‬أو حرمانهم من إشباع حاجاتهم‪ ،‬أو تحطيم أشيائهم املادية‪.‬‬
‫إن املالحظة على هذت الخطوة من تحليل املشكلة‪ ،‬أنها ال تمدنا إال بمعلومات بسيطة‪.‬‬
‫ولكنها تعطينا بعض الاستبصار بعمليات التفكير التي ينبغي على الباحث أن يقوم بها ليوضح‬
‫مشكلة بحثه‪ .‬ألن املعلومات التي جمعها إلى حد آلان‪ ،‬ال تكفي للتعرل على املشكلة بشكل‬
‫جيد‪.‬‬

‫إن البحث العلمي نشاط هادل‪ ،‬وموجه إلى حل مشكلة‪.‬‬

‫ومن أجل ذلك‪ ،‬يواصل الباحث تحليل املشكلة‪ .‬فيقوم بجمع املعلومات عن أشكال‬
‫العدوان وصورت وأبعادت‪ .‬كالعدوان اللفظي مقابل البدني‪ ،‬والعدا ي مقابل الوسيطي‪،‬‬
‫واملبادئ مقابل املضاد‪ ،‬واملوجه إلى املعتدي مقابل التحويلي‪ ،‬واملوجه إلى الذات مقابل‬

‫‪193‬‬
‫املوجه إلى آلاخر‪ ،‬واملوجه إلى ألافراد مقابل املوجه إلى ألاشياء املادية‪ ،‬واملباشر مقابل غير‬
‫املباشر‪ ،‬وإلاقدامي مقابل الانسحابي وغيرها‪ .‬فيستعرض هذت ألانماط املختلفة للسلوك‬
‫العدواني‪ ،‬ويناقشها وفقا للخصائ املتعلقة بمظاهر النمو النفس ي للطفل في هذت املرحلة؛‬
‫كالنمو الحركي واللغوي واملعرفي والاجتماعي والانفعالي‪ ،‬ووفقا لنتائج البحوث التي أجريم في‬
‫هذا املوضوع‪ .‬فيجد أن هناك عدم اتفاق بين البحوث حول مدم استعمال ألاطفال في سن‬
‫ما قبل املدرسة الابتدائية‪ ،‬ألنماط العدوان آلاتية ‪ :‬العدوان الوسيطي والتحويلي والانسحابي‬
‫وغير املباشر‪ .‬كما يجد أن هناك بحواا بينم أن ألاطفال في مثل هذا العمر‪ ،‬ال يفهمون معاني‬
‫بعض ألالفاظ التي تستعمل للشتم (العدوان اللفظي)‪ .‬وأن العدوان املوجه إلى ألاشياء املادية‬
‫(التخريب) كثيرا ما يكون دافعه الاستطالع‪( .‬نالحظ أن الباحث يتناول بالتحليل واملناقشة‬
‫كال من املفاهيم والنظريات ونتائج البحوث السابقة في نظام واحد متكامل‪ ،‬دون أن يفصل‬
‫بينها‪ ،‬وهذت هي الكتابة ألاكاديمية‪ ،‬أو كتابة البحث العلمي)‪.‬‬
‫وفي سبيل التعرل على مشكلة البحث بشكل جيد‪ ،‬يقوم الباحث بالتجوال في بعض‬
‫ألاحياء السكنية الفوضوية الفقيرة وألاحياء السكينة املنظمة الراقية عمرانيا‪ ،‬ليالحظ عن‬
‫كثب السلوك العدواني وأشكاله لدم ألاطفال في كال الحيين‪ ،‬والفروق بينها‪ .‬كما يقوم بالييارة‬
‫إلى بعض املؤسسات الخاصة بالتعليم ما قبل املدرسة‪ ،‬فيحاور املعلمات الالتي شرفن عل هم‬
‫حول املظاهر املتعلقة بالسلوك العدواني‪ ،‬والظرول املرتبطة به‪.‬‬
‫وتساعدت املعلومات التي يجمعها من هذت املصادر‪ ،‬على تضييق مشكلة بحثه‪ .‬فيبعد‬
‫بعض أنماط السلوك العدواني من مجال بحثه‪ .‬محددا شكل العدوان الذي يكون موضوع‬
‫دراسته‪ .‬وهو العدوان اللفظي والبدني املبادئ الاستجابي املباشر إلايجابي املوجه إلى ألاطفال‬
‫من نفس السن‪ .‬والذي يظهر في ألانماط السلوكية التالية ‪ :‬الشتم والضرب ب عضاء بدنية أو‬
‫بوسائل أخرم‪ ،‬والعض والدفع ونتف الشعر ونيع اللعبة والحرمان من اللعب‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ النظريات‪.‬‬
‫ولتعميق تحليل املشكلة أكثر‪ ،‬قصد تحديدها بدقة‪ ،‬يقوم بطرح العديد من ألاسئلة‬
‫الذكية‪ ،‬التي يحصل بعدها على إجابات تجعله يضع قائمة باألسباب والعوامل املشتبه ف ها‬
‫على أنها املسؤولة عن ظهور السلوك العدواني لدم هذت الفئة من ألاطفال‪ ،‬وفقا ملا تذهب‬
‫إليه النظريات املفسرة للسلوك العدواني‪ .‬كالنظريات البيولوجية والتحليل النفس ي‬
‫والسلوكية والتعلم الاجتماعي لباندورا‪ .‬ونظرية الحاجة ـ الضغط ملوراي‪ .‬ونظرية إلاحباط ـ‬

‫‪194‬‬
‫العدوان لجون دوالرد‪ .‬ونظرية املجال لكورت ليفين‪ .‬ونظرية التوقع ـ القيمة لروتر وغيرها‪.‬‬
‫مناقشا بطريقة نقدية ما تذهب إليه هذت النظريات واملفاهيم التي تستعملها مع نتائج‬
‫البحوث السابقة التي أجريم في إطار تلك الن ظريات‪ .‬فيتوصل بعد هذا العرض املسهب إلى‬
‫تكوين تصور جيد عن مشكلة بحثه‪ .‬ساعدت على السير في الطريق الصحيح نحو تحديد‬
‫مشكلة بحثه‪ .‬فيضع قائمة بالعوامل املختلفة املسؤولة عن السلوك العدواني هي ما يلي‪ ،‬ام‬
‫يناقشها‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ الورااة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الشذوذ في الصبغيات‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الاضطرابات في وظيفة الدماغ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ اضطرابات الغدة الدرقية‪.‬‬
‫مكون غرييي للعدوان‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ توفر ألاطفال على ّ‬
‫‪ 6‬ـ التلذذ بإلحاق ألاذم باآلخرين‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ العدوان سلوك متعلم‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ تقليد العدوانيين‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ اضطراب ألاسرة‪.‬‬
‫‪ .10‬تقارب الوالدات‪.‬‬
‫‪ .11‬انخفاض املستوم الاجتماعي الاقتصادي لألسرة‪.‬‬
‫‪ .12‬حجم ألاسرة‪.‬‬
‫‪ .13‬املستوم العمراني للحي السك ي‪.‬‬
‫‪ .14‬تدني مستوم تعليم الوالدين‪.‬‬
‫‪ .15‬أسلوب التنشئة الوالدية‪.‬‬
‫‪ .16‬الذكور أكثر عدوانا من إلاناث‪.‬‬
‫إلى غير ذلك من التفسيرات التي يمكن أن يفكر ف ها (يفترضها) أو ستمدها من النظريات‬
‫السابقة املفسرة للسلوك العدواني‪.‬‬
‫وبعد أن يضع الباحث هذت التساؤالت التي تتضمن العوامل التي عتقد أن لها عالقة‬
‫بمشكلة بحثه‪ ،‬يقوم بجمع ألادلة والحقائق التي تؤيد أو تنفي هذت العالقات‪ .‬وما إذا كانم‬
‫هناك حقائق أو تفسيرات أو عالقات أخرم لها دور ما في ظهور السلوك العدواني‪ .‬ألنه من‬
‫الضروري أن يتفح التساؤالت والافتراضات التي وضعها قبل أن يواصل السير في بحثه‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫والحقيقة أنه بقدر ما ستطيع الباحث أن يفكر فيه من الحقائق‪ ،‬ويجمع من املعلومات‬
‫املشتبه ف ها‪ ،‬حول مشكلة البحث‪ ،‬بقدر ما تكون أمامه فر كثيرة لتعيين أسباب الظاهرة‪.‬‬
‫إن السلوك العدواني يبدو في ظاهرت مشكلة بسيطة‪ ،‬ولكن عند تحليله‪ ،‬قصد معرفة‬
‫جوانبه املختلفة‪ ،‬يتضح أنه ظاهرة معقدة‪ ،‬تتطلب جهدا ووقتا كبيرين‪ ،‬وقراءات كثيرة‬
‫ومركية‪ ،‬لتكوين صورة متكاملة عن كل العوامل املسؤولة عنه‪ .‬ولكن ال يمكن للباحث أن‬
‫يحدد مشكلة بحثه ما لم يقم بذلك‪.‬‬
‫ولكي يحصل على الحقائق املطلوبة‪ ،‬يقوم بييارات أخرم إلى مؤسسات التعليم‬
‫التحضيري في ألاحياء املختلفة‪ .‬ليقوم بجمع معلومات أخرم أكثر دقة وتركيزا‪ .‬سواء من خالل‬
‫مالحظاته الشخصية‪ ،‬أم من سجالت ألاطفال في مؤسسات التعليم التحضيري‪ ،‬حول الوضع‬
‫الصحي وألاسري‪ ،‬ومعلومات أخرم ذات أهمية بالنسبة للمشكلة‪ .‬وكذلك مالحظات من‬
‫املعلمات عن سلوك ألاطفال عامة‪ ،‬والسلوك العدواني خاصة‪ .‬و ستعرض أيضا ما كتب‬
‫سابقا من بحوث عن العدوان لدم ألاطفال في مثل هذا العمر‪.‬‬
‫"ال ستطيع الباحث ان يحدد مشكلة بحثه بشكل دقيق‪ ،‬ويصل‪ ،‬بعد دراستها‪ ،‬إلى نتائج‬
‫تفيد في تطور املعرفة العمية‪ ،‬إال إذا كان على علم بما تم بحثه سابقا في نفس املشكلة‪.‬‬
‫ليتس ى له تجنب التكرار من ناحية‪ ،‬وتقديم معرفة علمية جديدة تضال إلى ما سبق بحثه‬
‫من ناحية أخرم"‪.‬‬
‫ويبدأ في فح التساؤالت السابقة تدريجيا‪ .‬بالنسبة للتفسيرات التي تطرحها النظريات‬
‫البيولوجية‪ ،‬ستبعد العامل الوراثي‪ ،‬ألنه وجد من الصعب الحصول على عينة تفي بغرض‬
‫البحث من حيث التمثيل‪ .‬ألنه عادة ما تكون العينات التي يخت ر بها العامل الوراثي من‬
‫التوائم بنوع ها (الحقيقية وغير الحقيقية)‪ .‬وتتم املقارنة بينها وبين عينات أخرم من غير‬
‫التوائم ألاقارب وغير ألاقارب‪ .‬كما أن هذا العامل قد تم بحثه إلى الحد الذي توصل فيه‬
‫الباحثون إلى إجابات تعت ر حاسمة نسبيا عن مسؤوليته في ظهور السلوك العدواني‪.‬‬
‫أما العامل املتعلق بالشذوذ في الصبغيات )‪ ،(Chromosomes‬فقد ستبعدت أيضا‪،‬‬
‫نظرا لصعوب ـة الحصول على نتائ ـج معملية لتحليل الصـبـغ ـيات لألط ـفال العدوانيين‪ .‬وقد ال‬
‫يجد من يقدم له هذت املساعدة التقنية في هذا املجال‪.‬‬
‫أما العامل املتعلق باضطراب وظائف الدماغ‪ ،‬فقد حصل على حقائق تقول إن رسم‬
‫ْ‬
‫الدماغ في الطفولة املبكرة‪ ،‬ال ُيظ ِه ُر الشذوذ املسبب للعدوان‪ ،‬لعدم نضج الجها العصبي في‬
‫هذت السن‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫أما اضطرابات الغدة الدرقية‪ ،‬فوجد أن هناك أدلة علمية تشير إلى أن هذا الاضطراب‪،‬‬
‫ال سبب السلوك العدواني بصورة مباشرة‪ ،‬وإنما سبب التوتر وإلافراط في الحركة لدم‬
‫الطفل‪ ،‬مما يؤدي به إلى أن يلحق الضرر أو التخريب دون قصد‪ ،‬بسبب إلافراط في الحركة‪.‬‬
‫واملعرول من خالل نتائج البحوث التشخيصية والعيادية‪ ،‬أن إلافراط في الحركة لدم‬
‫الطفل‪ ،‬غالبا ما يكون مرتبطا بظاهرة نق الانتبات‪ .‬كما أن الاضطراب نادر الحدوث‪ .‬وبالتالي‬
‫تم استبعادت هو أيضا‪.‬‬
‫وهكذا ستمر الباحث في فح التساؤالت السابقة تدريجيا‪ ،‬وفقا للمعلومات التي‬
‫جمعها من املصادر املختلفة سابقة الذكر‪ .‬فيستبعد أيضا التفسيرات املستمدة من فرضيات‬
‫مدرس ة التحليل النفس ي‪ ،‬كالسادية وغريية املوت‪ .‬ألن الحقائق التي تم جمعها عن هذت‬
‫التفسيرات التي تطرحها هذت املدرسة‪ ،‬من خالل نسقها املعرول عن دور الدوافع العدوانية‬
‫والجنسية في السلوك‪ ،‬وخاصة في جانبه الالسوي‪ ،‬تبين أن هذت التفسيرات تتعلق بالسلوك‬
‫العدواني في مرحلة الرشد‪.‬‬
‫وبهذت الطريقة يتس ى للباحث تضييق ميدان مشكلة بحثه تدريجيا‪ ،‬والعمل على النفاذ‬
‫إلى جوهرها‪ .‬والباحث الناجح ال بد له أن عمل على تضييق ميدان مشكلة بحثه إلى الحجم‬
‫الذي يجعل معالجتها ممكنة‪ .‬ألن ذلك عت ر في غاية ألاهمية من الناحية املنهجية‪ .‬ويدل‬
‫بوضوح على مستوم التمكن العلمي واملنهجي للباحث‪.‬‬
‫ويفح كذلك التفسيرات التي تطرحها النظريات البيئية كالسلوكية والتعلم الاجتماعي‬
‫والحاجة‪ /‬الضغط واملجال النفس ي وعلم النفس البيئي‪.‬‬
‫وتطرح هذت النظريات تفسيرات متعددة لتفسير السلوك‪ ،‬ولكنها ترتبط كلها باملثيرات‬
‫البيئية التي عيش ف ها الكائن البشري؛ كالظرول ألاسرية والاجتماعية والاقتصادية‬
‫ّ‬
‫والعمرانية‪ .‬وأاناء فحصه للمعلومات التي جمعها من قراءاته املركية والناقدة لنتائج البحوث‬
‫السابقة‪ ،‬التي أجريم في إطار مفاهيم وتفسيرات هذت النظريات‪ ،‬الحظ أنها ركيت على دور‬
‫التعييي والتعلم بالتقليد وأار الطالق وتفكك ألاسرة وتدني مستوم تعليم ألابوين وأساليب‬
‫املعاملة الوالدية وغيرها‪ .‬لكنها أهملم العوامل املتعلقة بالبيئة املادية والعمرانية وألاسرية‪،‬‬
‫كنوع الحي السك ي والا دحام‪ ،‬والحياة في املدينة‪ ،‬وتقارب الوالدات‪ ،‬وحجم ألاسرة‪ .‬ألنه أاناء‬
‫ياراته لألحياء السكنية وملؤسسات التعليم التحضيري‪ ،‬وحديثه مع املعلمات املشرفات على‬
‫هؤالء ألاطفال‪ ،‬حول السلوك العدواني لديهم‪ ،‬الحظ أن هؤالء املعلمات قدمن له معلومات‬
‫ومالحظات ملفتة لالنتبات وجديرة باالهتمام‪ .‬فقد أشرن إلى وجود اختالل في السلوك‬

‫‪197‬‬
‫العدواني بين هؤالء ألاطفال باختالل املستوم العمراني لألحياء السكنية التي ي تون منها‪ .‬كما‬
‫أشرن كذلك إلى أنه في بعض الحاالت التي يكون ف ها أخوان شقيقان ملتحقين بالتعليم‬
‫التحضيري في نفس الوقم‪ ،‬نظرا لتقاربهما في السن‪ ،‬يكون ألاخ ألاك ر أكثر عدوانية بشكل‬
‫ملفم لالنتبات‪ .‬كما استنتج هو من مالحظات املعلمات‪ ،‬أن هناك عالقة بين السلوك العدواني‬
‫لدم الطفل وعدد ألافراد في ألاسرة الواحدة يقابله قلة عدد غرل املسكن‪ .‬وهذت كلها عوامل‬
‫أسرية وبيئية‪.‬‬
‫وأمام هذت املالحظات‪ ،‬وجد أنه ال بد أن يتفح ما تم بحثه‪ ،‬فيما يتعلق بالعوامل‬
‫البيئية وأارها على السلوك العدواني‪.‬‬
‫َ‬
‫وتج ر طبيعة البحث العلمي الباحث‪ ،‬وهو يحلل مشكلة بحثه‪ ،‬على أن يطلق العنان‬
‫لخياله ويتصور الحلول املمكنة‪ .‬وهذا دليل على سعيه نحو الفهم وتقديم عمل جيد وناجح‪.‬‬
‫يتصورت وفق ما هو موجود من النظريات‪ ،‬ونتائج البحوث‬ ‫ّ‬ ‫"ولكن‪ ،‬ال بد أن ّ‬
‫يقوم ّ‬
‫أي حل‬
‫السابقة"‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ البحوث السابقة‪.‬‬


‫ومن خ ـالل اط ـالع ـه على الب ـح ـوث التي أج ـري ـم في هذا املجال‪ ،‬وخاص ـة في علم النفس‬
‫البيئي‪ ،‬وجد أن املوضوعات الرئيسية لهذا التخص هي ‪ :‬العمران‪ ،‬واملكان‪ ،‬والا دحام‪،‬‬
‫وت اير العيش في املدينة وفي الريف على السلوك‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫بالنسبة لت اير املكان‪ ،‬وجد أن البحوث التي أجريم في هذا املجال‪ ،‬بينم أن سلوك‬
‫الناس يختلف باختالل املكان املحيط بهم‪ .‬فاستجابات ألافراد في املدينة تختلف عن‬
‫استجاباتهم في القرية‪ ،‬وفي الريف‪ .‬كما تختلف في املدينة من حي إلى آخر‪ ،‬حسب تنظيمه‬
‫العمراني؛ إذا كان حيا واسعا ومنظما ونظيفا‪ ،‬أو إذا كان آهال بالسكان وميدحما وفوضويا‪.‬‬
‫أما بالنسبة لت اير الا دحام على السلوك‪ ،‬فقد وجد أن له ت اير س يء وضاغط‪ ،‬وخاصة‬
‫على الحيوانات‪ .‬وله عالقة ب نماط السلوك الالسوي لدم إلانسان‪ .‬وسواء كان الا دحام في‬
‫الحي السك ي أم في املنزل أم في املدرسة أم في وسائل النقل أم في الشارع‪ .‬ألن التكدس السكاني‬
‫في املنا ل‪ ،‬وهو حدث ضاغط‪ ،‬تصحبه‪ ،‬عادة‪ ،‬مظاهر سلوكية سيئة وغير مرغوبة‪ ،‬كالغضب‬
‫والشعور باالغتراب وإلاحباط والانحرال والتخريب‪.‬‬
‫وعند استعراضه للدراسات السابقة التي أجريم في هذا املجال‪ ،‬استعراضا نقديا‪ .‬تبين‬
‫له أن العوامل التي الحظها بمعية املعلمات‪ ،‬وهي ‪ :‬املستوم العمراني للحي السك ي‪ .‬وتقارب‬

‫‪198‬‬
‫الوالدات‪ .‬وحجم ألاسرة‪ ،‬لم تبحث فيما يتعلق بعالقتها بالسلوك العدواني لدم أطفال ما‬
‫قبل املدرسة الابتدائية‪ .‬حيث ركيت البحوث السابقة على دور العوامل البيئية مثل الا دحام‬
‫ونوع املكان على السلوك العدواني لدم الحيوانات‪ ،‬وخاصة الفئران والقردة‪ .‬أما لدم‬
‫إلانسان‪ ،‬فقد ركيت على عينات من املراهقين والراشدين في املدن وألاريال واملدارس‬
‫والجامعات واملعامل وغيرها‪ .‬أما العوامل التي الحظها الباحث‪ ،‬فلم تلق الاهتمام من قبل‬
‫الباحثين في عالقتها بالسلوك العدواني لدم أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية‪.‬‬

‫االثا ‪ :‬تحديد مشكلة البحث‬


‫من خـالل العـرض السابق‪ ،‬لعملية تحليل مشكلة البحث‪ ،‬يتبين أن الباحـث توصل إلى‬
‫أن هناك فجوات في املعرفة العلمية‪ ،‬املتعلقة بالعوامل املسؤولة عن السلوك العدواني لدم‬
‫أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية‪ ،‬نتجم عن نق أو انعدام في البحوث السابقة‪ ،‬حول‬
‫هذت املشكلة‪ .‬حيث هناك أسئلة حول العوامل املسؤولة عن السلوك العدواني لدم أطفال‬
‫ما قبل املدرسة الابتدائية‪ ،‬لم تجب عنها البحوث السابقة‪ ،‬واملعرفة العلمية املتوفرة لدم‬
‫الباحث‪ ،‬مما يدفع إلى القيام بالبحث للجابة عنها‪.‬‬
‫وهنا يصل التحليل العميق والشامل ملشكلة البحث إلى هدفه‪ ،‬ومرحلته ألاخيرة‪ ،‬وهي‬
‫تحديد املشكلة التي يتصدم الباحث لبحثها‪ ،‬وإيجاد حل لها‪.‬‬
‫"تحديد املشكلة هي الخطوة الثالثة من خطوات البحث العلمي‪ ،‬حسب جون ديوي"‪.‬‬
‫وهي بحث مدم مسؤولية العوامل التالية عن السلوك العدواني لدم أطفال ما قبل‬
‫املدرسة الابتدائية‪ ،‬التي تم تحديدها فيما يلي‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ املستوم العمراني للحي السك ي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تقارب الوالدات بين إخوة عيشون في أسرة واحدة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ عدد ألافراد في ألاسرة الواحدة‪.‬‬
‫وهي عوامل تتعلق كلها‪ ،‬كما نالحظ‪ ،‬بالبيئة‪ ،‬سواء الفيزيقية أم ألاسرية‪.‬‬
‫صياغة مشكلة البحث‪.‬‬
‫وعلى الباحث آلان‪ ،‬تحديد مشكلة بحثه بشكل أكثر وضوحا‪ ،‬ب ن يقدمها في صيغة‬
‫استفهامية على شكل سؤال أو أسئلة‪ ،‬ألن عرض املشكلة في صيغة سؤال‪ ،‬يتطلب بالضرورة‪،‬‬
‫إجابة محددة‪ .‬وتصبح هذت إلاجابة عندئذ هي هدل البحث‪ .‬كما أن صياغتها على شكل‬
‫سؤال‪ ،‬يجعلها أكثر تحديدا بحيث ال يفكر الباحث في غيرها‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫"ومع ذلك‪ ،‬فإن ألاسئلة ليسم هي املشكلة‪ ،‬فاملشكلة هي التي تكتشف بعد التحليل‬
‫العلمي الذي قبل ألاسئلة"‪.‬‬
‫وألاسئلة التالية تبين جوهر مشكلة البحث‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ هل يكون أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية عدوانيين بسبب انخفاض املستوم‬
‫العمراني للحي الذي سكنون فيه ؟‬
‫‪ 2‬ـ هل يكون أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية عدوانيين بسبب تقارب ألاعمار بينهم وبين‬
‫إخوتهم الذين عيشون معهم في نفس ألاسرة ؟‬
‫‪ 3‬ـ هل يكون أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية عدوانيين بسبب عدد ألافراد في ألاسرة‬
‫الواحدة ؟‬
‫وبع د هذا التحديد الواضح للمشكلة‪ ،‬يمكن للباحث أن يصيغ عنوان بحثه كما يلي ‪:‬‬

‫"املستوم العمراني للحي السك ي وتقارب ألاعمار وحجم ألاسرة‪ ،‬عوامل مسؤولة‬
‫عن السلوك العدواني لدم أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية ـ بحث مقارن"‪.‬‬

‫يتبين مما سبق‪ ،‬أن من خصائ مشكلة البحث‪ ،‬أنها تشير إلى خصوصيات البحث‬
‫الحالي التي تميزت عن البحوث ألاخرم‪ ،‬التي تم إجراؤها في نفس املوضوع‪ ،‬أو القريبة منه‪،‬‬
‫وتشير إلى الجوانب التي ينفرد بها بين البحوث ألاخرم في نفس املوضوع‪ .‬وبالتحديد‪ ،‬ما هي‬
‫ألاسئلة التي ت تعلق باملشكلة ولم تتم إلاجابة عنها في البحوث السابقة‪ ،‬ويتولى البحث الحالي‬
‫إلاجابة عنها ؟‬
‫ّ‬
‫نالحظ أن هذا الوصف املختصر واملركي لتحليل مشكلة من املشكالت القابلة للبحث في‬
‫علم النفس‪ ،‬عطينا إدراكا وفهما بهدل وب همية جمع املعلومات والحقائق‪ ،‬ومناقشتها من‬
‫أجل القيام باكتشال شامل للعوامل املسؤولة عن ظاهرة سلوكية معينة‪ ،‬قبل م ـحاول ـة‬
‫ت ـح ـدي ـدها ب ـدق ـة‪ .‬ك ـما أن ت ـح ـل ـي ـل املـش ـك ـل ـة بهذت الط ـريقة‪ ،‬ـساعدنا على تحديد أي‬
‫املعلومات نبحث عنها‪ .‬وأي طريق نسلك من أجل ذلك‪ .‬وأي هدل نسهى للوصول إليه‪.‬‬
‫بعد هذا العرض لعملية تحليل مشكلة البحث وتحديدها‪ ،‬نالحظ أن الباحث بمجرد‬
‫شعورت باملشكلة‪ ،‬ورغبته في بحثها‪ ،‬قام في سبيل ذلك‪ ،‬بعدة أنشطة معرفية استكشافية‪،‬‬
‫نلخصها فيما يلي‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫‪ .1‬جمع املعلومات التي لها عالقة باملشكلة‪.‬‬
‫‪ . 2‬فح هذت املعلومات فيما إذا كانم تتعلق باملشكلة وفقا لنتائج البحوث السابقة‬
‫واملالحظات املنظمة‪.‬‬
‫‪ .3‬عرض النظريات املختلفة املتعلقة باملشكلة‪ ،‬وفح التفسيرات التي تقدمها‪.‬‬
‫‪ .4‬اقتراح تفسيرات أو فروض متعددة‪ ،‬وحلول تتضمن أسباب الظاهرة محل البحث‬
‫وفحصها وفقا لحقائق التي تم جمعها‪.‬‬
‫‪ .5‬املرونة في تناول املعلومات ومناقشتها‪.‬‬
‫‪ .6‬التغيير والتعديل باستمرار في جوانب املشكلة تبعا ملا يحصل عليه من معلومات‪.‬‬
‫‪ .7‬الاعتماد على عدة مصادر للحصول على املعلومات‪ ،‬كالقراءات املركية الناقدة‬
‫واملالحظات الشخصية‪ ،‬واملناقشات مع ألايخا الذين تتوفر لديهم معلومات ميدانية‬
‫واقعية‪.‬‬
‫‪ .8‬إلابعاد التدريجي للعوامل وألاسباب التي ال تتعلق باملشكلة‪ ،‬وإبرا الحقائق‬
‫والتفسيرات التي يحتمل أنها تتعلق باملشكلة‪.‬‬
‫‪ .9‬وأخيرا‪ ،‬تحديد املشكلة بتعيين ألاسباب أو املتغيرات التي يفترض أنها املسؤولة أو‬
‫املرتبطة بالسلوك العدواني لدم أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية‪.‬‬

‫صياغة الفرضيات‪.‬‬
‫وفي هذا الوقم‪ ،‬وفي هذت املرحلة فقط‪ ،‬أي بعد تحليل املشكلة وتحديدها‪ ،‬يجو للباحث‬
‫أن يقترح لها حال أو حلوال مؤقتة‪ ،‬أي الفرضيات‪( .‬وضع الحلول)‪،‬‬
‫"الفرضيات‪ ،‬هي املرحلة الرابعة‪ ،‬من مراحل البحث العلمي‪ ،‬حسب جون ديوي"‪.‬‬
‫ويمكن أن سجلها بالصيغة الفارقية التالية‪.‬‬
‫‪ . 1‬أطفال ألاحياء السكنية الفوضوية أكثر عدوانا من أطفال ألاحياء السكنية املنظمة‪.‬‬
‫‪ .2‬ألاطفال املتقاربون في الوالدة أكثر عدوانا من ألاطفال املتباعدين في الوالدة‪.‬‬
‫‪ .3‬أطفال ألاسر أك ر حجما أكثر عدوانا من أطفال ألاسر أقل حجما‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬كيفية تسجيل كل هذت املعلومات في تقرير البحث‬
‫وآلان‪ ،‬بعد أن أنهينا توضيح عملية تحليل املشكلة والوصول إلى تحديدها فنيا‪ ،‬وصياغة‬
‫الفرضيات‪ ،‬فإن الباحث املبتدئ يتساءل عن كيف ستعمل كل تلك املعلومات والحقائق‬
‫التي جمعها أاناء تحليله للمشكلة‪ .‬وكيف ستفيد منها في ترقية مستوم بحثه‪ .‬فالباحث ذو‬

‫‪201‬‬
‫تدرب على كيفية تنظيم تلك املعلومات وعرضها في تقرير‬ ‫الخ رة ال يجد صعوبة في ذلك‪ .‬ألنه ّ‬
‫البحث على شكل فصول في أماكنها املالئمة من إلاطار النظري للبحث‪ .‬أما الباحث املبتدئ‪،‬‬
‫بحكم نق خ رته‪ ،‬فإنه يقع في حيرة‪ .‬وال عرل كيف يتصرل في هذا الكم الضخم من‬
‫املعلومات الذي قام بجمعه‪ .‬والذي يتوفر على حقائق ومعلومات‪ ،‬ومفاهيم ونظريات‪ ،‬ونتائج‬
‫َّ‬
‫هتدي بها‬ ‫لبحوث سابقة‪ .‬ولذا فإنه من الضروري إعطاء بعض التوج هات للباحث املبتدئ‪ ،‬ل‬
‫في مثل هذا ألامر‪ .‬إال أن هذت التوج هات ليسم أوامر نهائية‪ .‬بل هي مجرد توج هات ترشدت‬
‫إلى كتابة إلاطار النظري وتنظيم معلوماته في تقرير البحث‪ ،‬وفقا لالعتبارات التالية ‪:‬‬

‫‪ )1‬حجم البحث‪.‬‬
‫من حيث اتساع أو ضيق مضمونه‪ ،‬وعدد املتغيرات والنظريات املتضمنة فيه؛ كالبحوث‬
‫التي تنجي للحصول على درجات املاجستير والدكتورات‪ .‬ففي البحث الذي تناولنا مشكلته‬
‫سابقا‪ ،‬عت ر من البحوث كبيرة الحجم نسبيا‪ .‬ألنه يتضمن مفاهيم ينبغي تحليلها وتوضيحها‪،‬‬
‫ونظريات ينبغي استعراضها ومناقشتها‪ ،‬واستعراض البحوث التي أجريم حول التفسيرات‬
‫التي تذهب إل ها تلك النظريات‪ .‬ويمكن للباحث أن ينظم كل ذلك كما يلي ‪ :‬يبدأ بالنظريات‬
‫البيولوجية والتحليل النفس ي‪ ،‬ام نظريات التعلم السلوكية ونظريات التعلم املعرفية‬
‫الاجتماعية‪ ،‬ام نظريات علم النفس البيئي والعمراني‪ .‬ويركي على نظريات التعلم السلوكية‬
‫والتعلم املعرفية الاجتماعية‪ ،‬وعلم النفس البيئي والعمراني‪ .‬أما إذا كان بحثه صغير الحجم‪،‬‬
‫كالبحوث التي تنشر عادة في املجالت والدوريات‪ ،‬حيث يخص لها حيز ضيق للنشر‪ .‬فإن‬
‫الباحث يمكنه اختصار بحثه‪ ،‬أو إبعاد بعض النظريات منه‪ ،‬كالبيولوجية والتحليل النفس ي‪.‬‬
‫ألنها ال تفسر‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬السلوك العدواني لدم ألاطفال الصغار‪.‬‬

‫‪ )2‬أهمية املعلومات بالنسبة للبحث‪.‬‬


‫يمكن تـصـنـيـف امل ـعـلوم ـات ال ـتي يجـمـع ـها الـبـاح ـث‪ ،‬إلـ مـعـلوم ـات أس ـاسـية وذات أهمية‬
‫كبيرة‪ ،‬ومعلومات اانوية‪ ،‬حسب مشكلة البحث وأهدافه‪ .‬وفي هذت الحالة‪ ،‬يمكن للباحث أن‬
‫يتصرل ف ها على هذا ألاساس‪ .‬ففي البحث السابق "السلوك العدواني لدم ألاطفال" رأينا‬
‫أن بعض املعلومات املتعلقة بالنظريات البيولوجية والتحليل النفس ي‪ ،‬قليلة ألاهمية بالنسبة‬
‫لتفسير السلوك العدواني لدم أطفال يوجدون في الطفولة املبكرة‪ .‬وبالتالي يمكن إبعادها‬

‫‪202‬‬
‫من املناقشات النظرية للبحث‪ ،‬أو يتناولها بشكل مختصر جدا‪ .‬والت كيد على النظريات‬
‫السلوكية والبيئية‪ ،‬ألنها ألاقوم بالنسبة للموضوع‪ .‬وتدمج ف ها نتائج البحث امليدانية‪.‬‬

‫‪ )3‬البحوث السابقة‪.‬‬
‫ينبغي أأل تكتب في فصل مستقل ومنعيل عن إلاطار النظري للبحث‪ .‬فتصبح في وضع ال‬
‫تخدم البحث‪ ،‬سواء اراء إلاطار النظري ومناقشة نظرياته ومفاهيمه‪ ،‬أم في تفسير نتائجه‪،‬‬
‫أم في دمج هذت النتائج‪ .‬بل تكتب كل دراسة في املكان الذي يالئمها وفق نظريات البحث‬
‫ومفاهيمه‪ .‬حتى تشارك في مناقشة ما تذهب إليه هذت النظريات التي تناولم السلوك‬
‫العدواني لدم ألاطفال الصغار‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬يكون الباحث املبتدئ‪ ،‬وهو ينجي بحثه‪ ،‬دائما تحم رعاية ألاستاذ‬
‫املشرل ذي الخ رة‪ ،‬يتلق منه التوج هات وإلارشادات املنهجية والعلمية املناسبة لذلك‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬عرض مشكلة البحث‬


‫بعد تحديد مشكلة البحث في صيغة سؤال أو أسئلة واضحة‪ ،‬ي تي دور عرضها ووصفها‬
‫بطريقة تجعلها قابلة للبحث‪ .‬والعرض الجيد للمشكلة يجب أن يتضمن جانبين هما ‪ :‬ألاول‬
‫‪ :‬أن يوضح الباحث بدقة املشكلة التي يجب حلها‪ .‬الثاني ‪ :‬أن يحصر موضوع البحث في سؤال‬
‫محدد‪.‬‬
‫وغالبا ما تكون لدم الباحثين املبتدئين فكرة عامة عن املشكلة‪ ،‬مما يجعلهم يواجهون‬
‫صعوبات في صياغتها كسؤال بحثي قابل للنجا ‪.‬‬
‫وعرض املشكلة عملية فنية‪ ،‬تحتاج إلى أسلوب يتميز بالدقة والوضوح في وصف‬
‫املفاهيم‪ ،‬واستعراض الخلفية النظرية للتفسيرات املفترضة‪ ،‬والبحوث السابقة القريبة من‬
‫مشكلة البحث‪ ،‬ووضع ألاسئلة‪ ،‬وصياغة الفرضيات‪ ،‬وتحديد املفاهيم إجرائيا‪ .‬أي ال بد من‬
‫عرضها بطريقة ت ر خصائصها التي تميزها عن غيرها من مشكالت بحث أخرم‪.‬‬
‫وبالتالي فإن الباحث عرض مشكلة بحثه وفقا ملا يلي ‪:‬‬
‫‪ . 1‬شير إلى متغيرات (مفاهيم) البحث وأهميتها في تفسير السلوك العدواني‪ ،‬وإلى‬
‫النظريات التي تستند إل ها‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪ .2‬شير إلى جوهر موضوع بحثه وأهدافه وأهميته‪ .‬وهو البحث في العالقة بين بعض‬
‫املتغيرات ألاسرية والبيئية والسلوك العدواني لدم أطفال ما قبل املدرسة الابتدائية‪ .‬ويبين‬
‫أهمية بحثه من الناحية النظرية والعملية‪.‬‬
‫‪ .3‬يذكر بعض البحوث السابقة القريبة جدا من املشكلة‪ ،‬من حيث عيناتها وأدواتها‬
‫ونتائجها‪.‬‬
‫‪ .4‬يذكر ألاسئلة التي أاارتها مشكلة البحث ولم تجب عنها البحوث السابقة‪ ،‬مع إبرا‬
‫خصوصيات البحث الحالي‪ ،‬فيما يتعلق ب سئلته ومتغيراته وعينته‪ .‬وإلاشارة إلى إلاضافات‬
‫التي يمكن أن يقدمها من خالل النتائج التي سيسفر عنها‪.‬‬
‫‪ .5‬يضع الفرضيات التي سيخت رها البحث امليداني أو التجريبي‪.‬‬
‫‪ .6‬يحدد ألاصل العام (املجتمع إلاحصا ي) وطريقة املعاينة‪.‬‬
‫‪ .7‬يحدد مفاهيم البحث و ّ‬
‫عرفها إجرائيا‪.‬‬
‫‪ .8‬يذكر أساليب املعالجات إلاحصائية للبيانات التي سول يجمعها من ميدان البحث‪.‬‬
‫وعليه أن ينظم هذت العناصر بطريقة توضح عالقاتها ببعضها في تسلسل منطقي‪ ،‬ألنه‬
‫من خاللها تتحدد خطوات وجوانب البحث امليداني أو التجريبي بعد ذلك‪.‬‬
‫والحقيقة أن مشكلة البحث‪ ،‬ال تظهر فقط في صورة أسئلة تتعلق ب سباب ظاهرة معينة‬
‫لم تجب عنها البحوث السابقة‪ ،‬وإنما ت ر املشكلة كذلك من خالل وجود تناقضات في نتائج‬
‫البحوث السابقة حول الفروق بين العينات؛ كالفروق بين الجنسين في السلوك العدواني‬
‫مثال‪ ،‬أو في الطموح‪ ،‬أو من خالل البحث عن وجود ارتباط بين متغيرين أو أكثر لدم عينة‬
‫معينة‪ ،‬أو البحث عن التوجهات التي تسير عل ها البحوث املتعلقة بمشكالت الشباب‪ ،‬مثال‬
‫‪...‬إلخ‪.‬‬
‫وأيا كان املوضوع أو املجال الذي تظهر فيه مشكلة البحث‪ ،‬أو ألاسلوب الذي تصاغ به‪،‬‬
‫فإنه ينبغي تحديدها بدقة ووضوح‪ ،‬حتى يمكن بحثها بجدارة‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬مقومات مشكلة البحث‬


‫إن البـح ـث الع ـل ـمي ل ـي ـس ه ـواي ـة ي ـم ـارس ـها ال ـف ـرد في أوق ـات ف ـراغ ـه‪ ،‬م ـن أجل الاستجمام‬
‫والترفيه عن النفس‪ .‬إن البحث العلمي عمل جاد وهادل يبذل فيه الجهد‪ ،‬وتنفق فيه‬
‫ألاموال‪ ،‬وتستغرق فيه الوقم‪ .‬وبالتالي فإن اختيار مشكلة البحث‪ ،‬ال يجب أن يكون مجرد‬
‫وسيلة رضاء رغبة طارئة‪ ،‬أو لنيل شهرة يخصية‪ .‬فالفائدة النظرية والعملية للبحث‪،‬‬

‫‪204‬‬
‫وكذلك القيمة الاقتصادية والاجتماعية لنتائجه‪ ،‬تحتم أن تكون املشكلة ذات أهمية خاصة‪،‬‬
‫وذات معلومات جيدة ت ر ضرورة بحثها‪ .‬ومن هذت املقومات ما يلي ‪:‬‬

‫‪ )1‬إضافة معرفة علمية جديدة للمعرفة العلمية القائمة‪.‬‬


‫سواء في الجانب النظري أم في الجانب العملي‪ ،‬حول موضوع البحث‪ .‬ويتحتم على‬
‫الباحث أن يوضح مدم إسهام الدراسة في سد ثغرات في املعرفة القائمة‪ ،‬أو تساهم في حل‬
‫التناقضات في نتائج البحوث السابقة‪.‬‬
‫و شيع في هذا الصدد‪ ،‬أن يركي الباحثون ذوو الخ رة على استنباط مشكالت بحوثهم من‬
‫النظريات‪ .‬بينما ينتقي الباحثون املبتدئون مشكالت بحوثهم من خ راتهم اليومية‪.‬‬
‫وفي سبيل إضافة معرفة جديدة إلى املعرفة القائمة‪ ،‬يطرح الباحثون سؤالا هو ماذا‬
‫يحدث بعد إلاعالن عن النتائج ؟ هل يؤدي حل املشكلة إلى إضافة معلومات جديدة في‬
‫املعرفة القائمة ؟ هل تهتم جهات معينة بنتائج البحث ؟‬
‫وعادة ما يختار الباحثون املبتدئون مشكالت تتضمن عالقات سطحية ال أهمية لها‪ .‬مثل‬
‫‪ :‬ما العالقة بين شعبية الفرد في وسط أقرانه وقدرته على القراءة ؟ إن أهمية هذت املشكلة‬
‫ضئيلة جدا‪ ،‬كما أن عالقتها ببحوث أخرم ضئيلة‪ ،‬وال تتبناها أي نظرية‪ .‬أو يختارون مشكالت‬
‫ال يضيف حلها أي معلومات جديدة بسبب إجراء كثير من البحوث حولها‪ ،‬وصار إجراء بحوث‬
‫أخرم جديدة حولها غير ضروري‪ .‬مثل ‪ :‬ما العالقة بين الذكاء والتحصيل في القراءة ؟‬

‫‪ )2‬إاارة مشكالت بحثية أخرم‪.‬‬


‫ويتحقق هذا إذا بدأ الباحث بربط مشكلة بحثه باملعرفة املنظمة القائمة‪ ،‬نظريات أو‬
‫نتائج بحوث سابقة‪ .‬فإن النتائج التي يتوصل إل ها‪ ،‬تثير أسئلة بحثية أخرم‪ .‬لقد أسفرت‬
‫نتائح البحث في مبادئ التعلم لدم الحيوانات‪ ،‬عن إاارة تساؤالت أخرم حول إمكان استعمال‬
‫نفس املبادئ في تعلم إلانسان‪.‬‬

‫‪ )3‬القابلية للبحث‪.‬‬
‫سواء من حيث املوضوع‪ ،‬أم من حيث إلامكانات املتوفرة للبحث‪ ،‬أم من حيث املالءمة‬
‫ألاخالقية‪ .‬حيث هناك مشكالت ال يمكن إخضاعها للبحث‪ .‬سواء من حيث صعوبة تحديد‬
‫متغيراتها‪ ،‬أم من حيث تصميم خطتها‪ .‬وما إذا كانم تتوفر للباحث املهارات الضرورية في‬

‫‪205‬‬
‫الاستمرار في البحث إلى نهايته‪ .‬فربما يتوجب عليه بناء أدوات قياس وجمع البيانات‪ ،‬أو تكون‬
‫هناك حاجة إلى معالجات إحصائية معقدة‪ .‬أو ربما يكون الواقع السياس ي والاجتماعي القائم‬
‫ال ساعد على بحث املشكلة‪ .‬ويجب كذلك الت كد فيما إذا كانم البيانات الضرورية للجابة‬
‫عن السؤال متوفرة أو قد تتوفر‪ .‬وينبغي الت كد من مدم توفر أفراد العينة الال مة‪ ،‬أو إمكان‬
‫الوصول إلى بعض السجالت أو مصادر للمعلومات‪ .‬وينبغي الت كد كذلك من إمكان إنهاء‬
‫البحث في وقم محدد‪ .‬فالقيام ببحث علمي يتطلب عادة أداء مجموعة من ألانشطة‪ .‬بداية‬
‫م ن القراءة وجمع املعلومات النظرية‪ ،‬تصميم أدوات قياس واستعمالها لجمع املعطيات‪،‬‬
‫معالجة املعطيات إحصائيا‪ ،‬إلافصاح عن النتائج‪ ،‬وأخيرا كتابة التقرير‪.‬‬
‫وينبغي من الناحية ألاخالقية أال يتسبب حل املشكلة في أذم بدني أو نفس ي للعينات‬
‫البشرية التي ستشارك في الدراسة‪.‬‬

‫‪ )4‬ألاهمية والفائدة بالنسبة للباحث‪.‬‬


‫وتكـون املشكلة مهمة للباحـث‪ ،‬عندما ساهم حلها في تنمية معلوماته النظرية‪ ،‬أو‬
‫تحسين أدائه املنهي‪ .‬وهنا يجب أن تكون املشكلة في مجال عرفه الباحث وله فيه بعض‬
‫الخ رة‪ .‬فالباحث يحتاج إلى أن تكون له معرفة بالنظريات القائمة واملفاهيم‪ ،‬والحقائق‬
‫القائمة ليتمكن من تشخي مشكلة تستحق الاهتمام‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬الفرق بين مشكلة البحث وأهدال البحث‬


‫نالحظ أن بعض الباحثين يخلطون بين مشكلة البحث وأهدال البحث‪ .‬حيث هناك‬
‫باحثون يضعون عنوانا أساسيا أو فرعيا بهذت الصيغة ‪" :‬تحديد مشكلة البحث"‪ .‬ام‬
‫يتحداون في مضمونه مبتدئين بالعبارة التالية ‪ :‬يهدل البحث الحالي إلى بحث‪..........‬‬
‫والحقيقة أن هناك فرقا واضحا بين املفهومين‪.‬‬

‫‪ )1‬مشكلة البحث‪.‬‬
‫شار بمشكلة البحث إلى موضوع البحث‪ ،‬وإلى ما يريد الباحث أن يبحثه ويجد له حال‪.‬‬
‫فهي جوهر املوضوع الذي يتم بحثه‪ .‬وبالتالي ع ر عنها بسؤال "ماذا"‪ .‬فيس ل الباحث نفسه‪،‬‬
‫ماذا أبحث ؟ ويقال له أيضا‪ ،‬ماذا تبحث ؟ أو ما هو موضوع بحثك ؟ أو ما هي املشكلة التي‬
‫ًّ‬
‫تريد أن تجد لها حال ؟ فيجيب بقوله ‪ :‬إني أريد أن أبحث‪ ،‬هل تؤار إلاقامة في ألاحياء‬

‫‪206‬‬
‫الفوضوية على مفهوم الذات لدم الشباب ؟ أو ما هي العالقة بين إلادمان على مخدر ألافيون‬
‫وسمتي الاندفاعية واملخاطرة ؟ أو هل توجد فروق بين أطفال الحضر وأطفال الريف في‬
‫السلوك العدواني ؟‬

‫‪ )2‬أهدال البحث‪.‬‬
‫شار إلى أهدال البحث‪ ،‬على أنها السبب في القيام بالبحث‪ .‬أو النتيجة التي يريد الباحث‬
‫الوصول إل ها‪ .‬و ع ر عنها بالسؤال ‪" :‬ملاذ ؟"‪ .‬فالباحث س ل نفسه‪ ،‬ملاذا أقوم بهذا البحث ؟‬
‫أو س له آلاخرون‪ ،‬ملاذا تقوم بهذا البحث ؟ فيجيب ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ بالنسبة لألهدال النظرية‪.‬‬


‫يركي الباح ـث في تح ـدي ـدت أله ـدال بح ـث ـه‪ ،‬على املع ـرفة العلمية التي ـس ـهى إلـ الوص ـول‬
‫إل ها‪ .‬وتقديمها كإضافة ملا هو قائم منها‪ .‬مثال ‪:‬‬
‫ـ معرفة أار إلاقامة في ألاحياء الفوضوية على مفهوم الذات لدم الشباب‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ بالنسبة لألهدال العملية‪.‬‬


‫يركي الباحث هنا على تحديد الجهات في الحياة العملية التي يمكن أن تستفيد من نتائج‬
‫البحث‪ .‬مثال ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ـ أللفم انتبات مخططي ألاحياء السكنية إلى أن نوعية الحي السك ي الذي يقطنه الشباب‪،‬‬
‫يؤار بصورة سيئة على إدراكهم لذواتهم‪.‬‬
‫ولذا‪ ،‬يجب على الباحثين أن يحددوا بدقة مشكلة البحث وأهدال البحث‪.‬‬

‫‪207‬‬
208
‫مراجع الفصل السادس‬
‫‪ 1‬ـ جودت شاكر محمود (‪ .)2007‬البحث العلمي في العلوم السلوكية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو‬
‫‪ 197 :‬ـ ‪.216‬‬ ‫املصرية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ جيمس كييف‪ ،‬هيربرت ويل رج (‪ .)1992‬التدر س من أجل تنمية التفكير‪ .‬ترجمة ‪ :‬عبد‬
‫العييي بن عبد الوهاب البابطين (‪ .)1995‬الرياض‪ ،‬مكتب التربية العربي لدول الخليج‪.‬‬
‫‪ 193 :‬ـ ‪.202‬‬
‫‪ 3‬ـ ديوبولد ب‪ .‬فان دالين (‪ .)1984‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫‪ 36 :‬ـ ‪.43‬‬ ‫نبيل نوفل وآخرون‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را اف ههيه (‪ .)2004‬مقدمة للبحث في التربية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬سعد الحسي ي‪ .‬مراجعة ‪ :‬عادل عبد الكريم ياسين‪ .‬العين‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‪،‬‬
‫‪ 47 :‬ـ ‪.72‬‬ ‫دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ عبد هللا فالح املنيزل‪ ،‬عدنان يوسف العتوم (‪ .)2010‬مناهج البحث في العلوم التربوية‬
‫‪:‬‬ ‫والنفسية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬الشارقة‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ .‬ألاردن‪ ،‬إاراء للتو ع والنشر‪.‬‬
‫‪ 39‬ـ ‪.54‬‬
‫‪ 6‬ـ عيت سيد إسماعيل (‪ .)1988‬سيكولوجية إلارهاب وجرائم العنف‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫‪ 25 :‬ـ ‪.63‬‬ ‫الكويم‪ ،‬منشورات ذات السالسل‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ فرنسيس ت‪ .‬ماك أندرو (‪ .)1993‬علم النفس البيئي‪ .‬ترجمة ‪ :‬عبد اللطيف محمد خليفة‪،‬‬
‫جمعة سيد يوسف‪ .‬الطبعة ألاولى (‪ .)1999‬إعادة الطبعة (‪ .)2002‬جامعة الكويم‪ ،‬مجلس‬
‫‪.37 :‬‬ ‫النشر العلمي‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ مصطف سويف (‪ .)2005‬مشكالت منهجية في علم النفس العيادي‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫‪ 195 :‬ـ ‪.196‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬مكتبة الدار العربية للكتاب‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ مصطف عشوي (‪ .)2015‬ألاخطاء الشا عة في صياغة مشكالت البحث وفرضياته‪ .‬ندوة‬
‫دولية حول ألاخطاء املنهجية الشا عة في بحوث علم النفس وعلوم التربية‪ .‬جامعة قاصدي‬
‫مرباح – ورقلة ـ الجيائر‪ .‬يومي ‪ 24 - 23 :‬ف راير ‪.2015‬‬
‫‪ .10‬مور س أنجرس (‪ .)1996‬منهجية البحث العلمي في العلوم إلانسانة ‪ :‬تدريبات عملية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬بو يد صحراوي وآخرون‪ .‬إشرال ومراجعة ‪ :‬مصطف ماض ي‪ .‬الجيائر‪ ،‬دار القصبة‬
‫‪ 141 :‬ـ ‪.147‬‬ ‫للنشر‪.‬‬

‫‪209‬‬
210
‫الفصل السابع‬
‫الفرض العلمي في البحوث النفسية ‪ :‬أنواعه‪ ،‬صياغته‪ ،‬اختبارت‬
‫مع نقد لفروض في بحوث نفسية وتربوية‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫أهدال الدراسة‪.‬‬
‫أهمية الدراسة‪.‬‬
‫مشكلة الدراسة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الفرض العلمي تعريفه إنتاجه أهميته مكانته‬
‫‪ 1‬ـ تعريف الفرض العلمي ‪:‬‬
‫‪ 2‬ـ إنتاج الفرض العلمي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أهمية الفرض العلمي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ مكانة الفرض العلمي‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬مصادر الفرض العلمي‬
‫االثا ‪ :‬طرق التفكير الاستداللي واشتقاق الفروض‬
‫‪ 1‬ـ الفرض الاستنباطي‬
‫‪ 2‬ـ الفرض الاستقرا ي‬
‫الفرض والنظرية‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬شروط ومعايير وضع الفرض العلمي النفس ي‬
‫خامسا ‪ :‬وظائف الفرض العلمي النفس ي‬
‫سادسا ‪ :‬أنواع الفرض العلمي النفس ي‬
‫‪ )1‬أنواع الفرض العلمي النفس ي من حيث عدد املتغيرات‪.‬‬
‫‪ )2‬أنواع الفرض العلمي النفس ي من حيث ألاهدال‪.‬‬
‫‪ )3‬أنواع الفرض العلمي النفس ي من حيث موقعه في البحث وأسلوب اختبارت إحصائيا‪.‬‬
‫‪ .1‬فرض البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬الفرض إلاحصا ي‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬مع ى فرض البحث وخصائصه وصور صياغته‬
‫‪ )1‬مع ى فرض البحث‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ )2‬خصائ فرض البحث الجيد‪.‬‬
‫‪ )3‬الصورة العامة لصياغة فرض البحث‪.‬‬
‫‪ )4‬الصور الفرعية لصياغة فرض البحث‪.‬‬
‫اامنا ‪ :‬مع ى ودور وأنواع الفرض إلاحصا ي‬
‫‪ )1‬مع ى ودور الفرض إلاحصا ي‪.‬‬
‫‪ )2‬أنواع الفرض إلاحصا ي‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ الفرض إلاحصا ي البديل‬
‫‪ .1‬الفرض إلاحصا ي البديل املوجه‬
‫‪ .2‬الفرض إلاحصا ي البديل غير املوجه‬
‫االث مالحظات‪.‬‬
‫‪ )2‬الفرض إلاحصا ي الصفري‪.‬‬
‫تاسعا ‪ :‬اختبار الفرض العلمي النفس ي‬
‫‪ )1‬صياغة فرض البحث‪.‬‬
‫‪ )2‬الحصول على بيانات إحصائية من عينة البحث‪.‬‬
‫‪ )3‬اختيار الاختبار إلاحصا ي املناسب‪.‬‬
‫‪ )4‬حساب إحصاء الاختبار إلاحصا ي من بيانات عينة البحث‪.‬‬
‫‪ )5‬مقارنة القيمة إلاحصائية املحسوبة بالقيمة إلاحصائية الاحتمالية‪.‬‬
‫‪ )6‬اتخاذ القرار إلاحصا ي املناسب فيما يتعلق بالفرض الصفري‪.‬‬
‫سؤال هام‪.‬‬
‫إلاجابة‪.‬‬
‫عاشرا ‪ :‬الفروض العلمية وما يترتب عنها‬
‫هل الفرض العلمي ضروري في كل البحوث ؟‬
‫حادي عشر ‪ :‬مالحظات نقدية لفروض في بحوث نفسية‬

‫‪212‬‬
‫مقدمة‪.‬‬
‫إن البحث العلمي من ألاعمال إلانسانية الراقية‪ ،‬وألانشطة ذات الش ن الرفيع قديما‬
‫وحديثا‪ ،‬تمجدت ألامم كما تمجد ممارسيه‪ ،‬نظرا ملا ساهم به الباحثون في حل املشكالت التي‬
‫تعترض ألامم في سبيل تطورها‪.‬‬
‫والعلم هو العامل الفاصل بين تقدم ألامم وتخلفها وبين قوتها وضعفها وبين استقالليتها‬
‫وتبعيتها‪ .‬وبقدر ما تبذل ألامم في سبيل البحث العلمي من جهد ومال‪ ،‬وتتمكن من معطياته‬
‫وتطبيقاته‪ ،‬بما عود عل ها من فوائد في مجال النمو الاقتصادي والتكنولوجي والثقافي‪ ،‬بقدر‬
‫ما يكون تقدمها وقوتها وسيطرتها على غيرها‪.‬‬
‫والبحث العلمي لم عد قاصرا على العلوم الطبيعية والتكنولوجية فحسب‪ ،‬بل تعدم‬
‫إلى العلوم إلانسانية والاجتماعية‪ ،‬مثل علم النفس وعلم الاجتماع والاقتصاد‪ .‬وصارت‬
‫العلوم تصنف على أساس معيارين هما ‪:‬‬
‫‪ .1‬مدم قدرتها على تناول مشكالت قابلة للحل‪.‬‬
‫‪ .2‬مدم اعتمادها على أساليب املنهج العلمي في إجراءات البحث واستخال النتائج‪.‬‬
‫وتم تصنيف علوم إنسانية واجتماعية مثل علم النفس وعلم الاجتماع والاقتصاد ضمن‬
‫هذت الفئة‪( .‬عبد الحليم محمود السيد وآخرون‪.)21 ،1990 ،‬‬
‫ويهدل البحث العلمي إلى إنتاج املعرفة وتطويرها نظريا وتطبيقيا‪ .‬و عتمد على خطوات‬
‫متتابعة منطقيا‪ ،‬تبدأ بالشعور باملشكلة وتحديدها بدقة‪ ،‬وصياغة الفروض‪ ،‬وجمع البيانات‬
‫حولها الختبارها‪ ،‬وعرض النتائج بطريقة موضوعية‪ ،‬وإدماج النتائج في املنظومة العلمية‬
‫موضع البحث‪.‬‬
‫والفرض من أهم العناصر في خطوات البحث العلمي‪ .‬ألن البحث ال بد وأن يخت ر فرضا‬
‫أو يجيب عن سؤال‪ .‬فكل فعاليات البحث العلمي ينبغي أن تركي على اختبار الفرض الذي تم‬
‫طرحه‪.‬‬
‫و عد الفرض العلمي ألاداة العقلية الرئيسية في البحوث العلمية‪ .‬وهو أكثر صور التعبير‬
‫عن املشكلة العلمية خصوبة وإنتاجا‪ ،‬وأكثرها إيجابية في الاتجات نحو فهم الظواهر‪ .‬وتتضح‬
‫قيمته في أنه ساهم في ت ليف الوقا ع العلمية والربط بينها للوصول إلى حل مشكلة قائمة‪.‬‬
‫ويحدد الباحثون مهمته في فتح الطريق أمام تجارب ومشاهدات وتفسيرات جديدة‪.‬‬
‫و عتقدون أن الفرض سول يؤدي فعال إلى اكتشافات جديدة‪ ،‬حتى وإن كان فرضا غير‬

‫‪213‬‬
‫صحيح‪ .‬ومن وجهـة نظر علمية‪ ،‬فإن البحوث ال تكون لها قيمة‪ ،‬إذا لم تكن قد قامم على‬
‫هدل محدد‪ ،‬وهـو اختبار فـرض قائم‪.‬‬
‫والفرض العلمي رغم أهميته ليس ضروريا في كل أنواع البحوث‪ .‬ألن وضع الفرض يرتبط‬
‫ب هدال البحث‪ ،‬فإذا كان هدل البحث هو وصف أو تشخي ظاهرة ما‪ ،‬أو تحليل خصائ‬
‫مجتمع ما‪ ،‬أو استكشال ظاهرة ما‪ ،‬أو تق ي حياة يخ ما‪ ،‬أو نشاط مؤسسة ما‪ ،‬فإن‬
‫الفرض هنا ليس ضروريا‪ .‬ألن الباحث في هذت الحاالت ال يهدل إلى حل مشكلة‪ ،‬بل سهى‬
‫فقط إلى الاستطالع والاكتشال‪ ،‬وجمع معلومات وتقرير حقائق حول ظاهرة أو يخ أو‬
‫مؤسسة‪ .‬إال أن املعلومات التي يتم جمعها والحقائق التي يقررها‪ ،‬قد تصبح مصادر لفروض‬
‫علمية‪ .‬أما إذا كان الباحث يهدل إلى إيجاد حل ملشكلة قائمة‪ ،‬ففي هذت الحالة تكون‬
‫الفروض ال مة باعتبارها حلوال مقترحة للمشكلة‪ ،‬قابلة لالختبار والفح ‪.‬‬
‫ووضع الفرض العلمي ليس باألمر السهل أو املبتذل‪ ،‬بل يحتاج إلى خ رة عميقة بفنون‬
‫البحث العلمي‪ ،‬وتمكن جيد با طار النظري للبحث‪ ،‬وبطرق اختبار الفروض باملعالجات‬
‫إلاحصائية املالئمة‪.‬‬
‫وقد رأم الباحث الحالي تقديم خ رته املتواضعة بالكتابة في هذا املوضوع‪ .‬فيتناول في‬
‫هذت الدراسة الفرض في البحوث العلمية النفسية‪ ،‬مع نقد صياغة الفروض في مجموعة‬
‫من البحوث النفسية‪.‬‬

‫أهدال الدراسة‪.‬‬
‫تهدل هذت الدراسة إلى تحقيق ألاهدال التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬التعريف بفرض البحث العلمي النفس ي وب نواعه وبطرق صياغته‪.‬‬
‫‪ .2‬التعريف ب ساليب اختبارت إحصائيا‪.‬‬
‫‪ .3‬تناول نقدي لصياغات الفروض العلمية في بعض البحوث النفسية‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪.‬‬
‫تكتس ي هذت الدراسة أهمية من خالل املعطيات التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬أنها تتناول عنصرا له مكانة علمية هامة وهو الفرض العلمي النفس ي‪.‬‬
‫‪ .2‬أن ـها س ـول ت ـيود الـبـاح ـث ـيـن املـب ـت ـدئـيـن بمـعـلومـات حـول الـفـرض العـل ـمي النـفـس ي من‬
‫حيث أنواعه وشروط صياغته وطرق اختبارت‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫‪ .3‬أنها تتناول بالنقد طرق صياغة الفروض العلمية في مجموعة من البحوث النفسية‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‪.‬‬
‫أتيحم ملعد هذت الدراسة فرصة الاطالع على عينة من رسائل املاجستير وأطروحات‬
‫الدكتورات التي أجيزت بين عامي ‪ 1995‬ـ ‪ 2003‬بقسمي علم النفس وعلوم التربية بجامعة‬
‫قسنطينة وجامعة باتنة‪ .‬فالحظ أن الباحثين‪ ،‬وخاصة املبتدئين منهم‪ ،‬يضعون فروض‬
‫بحوثهم بطرق سيئة‪ ،‬الكثير منها بعيد عن املعايير التي تصاغ بها الفروض في البحوث العلمية‪،‬‬
‫مما جعلهم يقعون في أخطاء واضحة‪ .‬فظهرت هذت البحوث بعيدة كثيرا عن املواصفات‬
‫الصحيحة للبحوث العلمية‪ .‬فهناك من يصرح بفروض موجبة موجهة ام يصرح بها سالبة‬
‫في نفس املكان من البحث‪ ،‬ومنهم من يضع فرضا واحدا سميه فرضا عاما‪ ،‬ام ستخرج منه‬
‫عددا كبيرا من الفروض سم ها جيئية أو فرعية أو إجرائية‪ .‬ومنهم من يضعها ب لفاظ يصعب‬
‫اختبارها مثل لفظ "تلعب وتخلق"‪ .‬وقد اعت ر معد هذت الدراسة أن هذت ألاساليب غير‬
‫الصحيحة لوضع الفروض العلمية‪ ،‬دليل على نق املعرفة بشروط صياغة الفرض العلمي‬
‫تحول هذا ألامر إلى انشغال بحثي لدم معد‬‫وأنواعه وطرق اختبارت لدم هؤالء الباحثين‪ .‬وقد ّ‬
‫هذت الدراسة‪ ،‬رأم أنه جدير بالتناول‪ .‬ويمكن التعبير عن هذا الانشغال بطرح ألاسئلة التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬ما مفهوم الفرض العلمي النفس ي وما مكانته في البحث ؟‬
‫‪ .2‬ما مصادر صياغة الفرض العلمي النفس ي ؟‬
‫‪ .3‬ما معايير وشروط صياغة الفرض العلمي النفس ي ؟‬
‫‪ .4‬ما أنواع الفرض العلمي النفس ي ؟‬
‫‪ .5‬ما طرق اختبارت ؟‬
‫‪ .6‬كيف صاغ الباحثون محل هذت الدراسة فروض بحوثهم ؟‬
‫ووفقا ملقدمة الدراسة وأهدافها وأهميتها ومشكلتها وأسئلتها‪ ،‬سول تتناول الدراسة‬
‫العناصر التالية ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريف الفرض العلمي ومكانته في البحث‪ ،‬ومصادرت ومعايير وصور صياغته‬
‫وأنواعه‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬تناول نقدي لصياغة الفروض في بعض البحوث النفسية‪.‬‬
‫االثا ‪ :‬تقديم النتائج املتوصل إل ها والتوصيات‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫أوال ‪ :‬الفرض العلمي تعريفه إنتاجه أهميته مكانته‬
‫‪ 1‬ـ تعريف الفرض العلمي ‪:‬‬
‫عندما تكون لدم الباحث مشكلة‪ ،‬فإنه يتوقع احتماالت لحلها‪ ،‬وهذت التوقعات أو‬
‫الاحتماالت حول الحلول املمكنة أو املؤقتة للمشكلة‪ ،‬هي التي يطلق عل ها فروض أو فرضيات‪.‬‬
‫والفرض العلمي أهم وسيلة عقلية لدم الباحث‪ ،‬وهو أساس الطريقة العلمية‪.‬‬
‫فالحقيقة البحثية الراسخة‪ ،‬هي أن معظم البحوث تجرم من أجل اختبار فروض‪ .‬ووظيفته‬
‫الرئيسية أنه يوحي بمالحظات وتجارب جديدة‪.‬‬
‫إن وضع فرض علمي عتمد على مالحظة ظاهرة يكتنف الغموض بعض جوانبها‪ .‬مثل ‪:‬‬
‫ما العوامل املسؤولة عن السلوك العدواني لدم ألاطفال ؟ وال يوجد لها تفسير فيما يتوفر‬
‫من معلومات‪ .‬عندئذ يطلق الباحث العنان لتفكيرت وخياله‪ ،‬ويدخل في أحالم يقظة منظمة‬
‫وموجهة‪ .‬فإذا استطاع أن يتخيل بعض الحقائق غير املعروفة قبل ذلك (السلوك العدواني‬
‫يكتسب باملحاكاة) التي لو اتسقم مع حقائق معروفة (السلوك العدواني لدم ألاطفال) ومع‬
‫نظرية قائمة (نظرية التعلم الاجتماعي باملحاكاة) فإن الباحث يكون قد خط خطوة كبيرة‬
‫نحو حل املشكلة‪ ،‬وأضال معرفة جديدة ملا هو قائم منها‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬بعد أن يحدد الباحث مشكلة بحثه‪ ،‬يبدأ في التفكير مباشرة في إيجاد حل لها‪.‬‬
‫فيضع الحل على شكل فرض يخت رت بإجراءات البحث‪.‬‬
‫وأفضل تعريف للفرض العلمي‪ ،‬هو أنه ‪" :‬تفسير أو حل مؤقم للمشكلة محل البحث‪،‬‬
‫أو هو جواب مؤقم عن سؤال ال توجد له إجابة فيما يتوفر من معلومات‪ ،‬يتبنات الباحث‬
‫مؤقتا إلى حين ظهور النتيجة‪ ،‬ليتم قبوله أو رفضه"‪ .‬أو هو ‪" :‬نتيجة متوقعة من املحتمل أن‬
‫يصل إل ها الباحـث عند نهاية بحثه"‪( .‬عبد العاطي أحمد الصياد‪ .)61 ،1983 ،‬أو هو "تصريح‬
‫يتنبؤ بعالقة بين متغيرين أو أكثر في الواقع‪ ،‬ويتضمن تحقيقا تجريبيا أو ميدانيا"‪( .‬مور س‬
‫أنجرس‪.)150 ،2004 ،‬‬
‫فالفرض من حيث صياغته‪ ،‬جملة علمية تع ر عن حل متوقع أو محتمل للمشكلة‪،‬‬
‫سول يحاول الباحث من خالل سلسلة من إلاجراءات أن يتحقق منه‪.‬‬
‫والكـلمة "ف ـرض" ‪ Hypothesis‬تـع ـ ي في اللغة ألانجليزية "الظ ـن ـي ـة" وهي مـرح ـل ـة أق ـل من‬
‫الت كيد‪ .‬ألن الكلمة تتكون من مقطعين هما ‪ Hypo :‬وتع ي شيئا أقل من‪ ...‬و ‪ Thesis‬وتع ي‬
‫ألاطروحة‪ .‬فالفرض ع ي أقل من ألاطروحة‪ .‬وهو عبارة عن حدس يرشد إلى الحل‪ .‬أو توقع‬
‫معقول للنتيجة التي سول يتوصل إل ها البحث‪( .‬أحمد بدر‪.)89 ،1978 ،‬‬

‫‪216‬‬
‫ويتحرك الباحث في مسار محدد‪ ،‬للوصول إلى إبداع فرض علمي‪ ،‬يبدأ أوال بالت مل‬
‫‪ ،Speculation‬ام الحدس ‪ ،Intuition‬ام الفرض العلمي القابل لالختبار‪( .‬مصطف سويف‪،‬‬
‫‪.)18 ،2005‬‬
‫إن الفرض العلمي هو التطور املنهجي للحدس‪ .‬والفرق الجوهري بين الاانين‪ ،‬هو أن‬
‫الحدس فكرة غير قابلة لالختبار الام ريقي‪ ،‬أما الفرض العلمي فهو قابل لالختبار العلمي‪.‬‬
‫(وهذا أحد شروطه)‪ .‬وهناك طريقان الختبار الفرض العلمي ‪ :‬إما عن طريق التحقق من‬
‫صحة ما يدعيه أو يتنب به‪ ،‬وإما عن طريق الت كد من أنه ال يوجد ما يكذبه‪ ،‬وهو ما سم‬
‫برهان التكذيب‪( .‬مصطف سويف‪ 20 ،2005 ،‬ـ ‪ .)21‬بمع ى أن الفرض العلمي‪ ،‬يظل حدسا‬
‫أو احتماال أو توقعا‪ ،‬حتى يثبم البحث صحته أو خط ت‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ إنتاج الفرض العلمي‪.‬‬


‫إن الطريقة العلمية نتاج الفرض العلمي‪ ،‬هي أنه بعد الاطالع على إلاطار النظري ونتائج‬
‫الدراسات السابقة‪ ،‬واستيعاب ما جاء ف ها بعمق‪ ،‬يكون الباحث‪ ،‬عندئذ‪ ،‬مهيئا لصياغة‬
‫الفرض‪ .‬والفرض عبارة‪ ،‬تتضمن حال‪ ،‬يتبنات الباحث لتفسير ظاهرة ما‪ ،‬ام يب ي عليه‬
‫محاكمته املنطقية‪ ،‬كما لو كان الفرض صحيحا‪ ،‬وذلك في محاولة للوصول إلى حقيقة لم‬
‫تكن معروفة من قبل‪ .‬و عرض الفرض توقع الباحث حول العالقة بين املتغيرات تتضمنها‬
‫مشكلة البحث‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪.)106 ،2004 ،‬‬
‫يكون الفرض عبارة عن اقتراح مؤقم يقدم تفسيرا لظاهرة ما‪ ،‬وينبغي أن يوضع هذا‬
‫الاقتراح في صيغة معينة‪ ،‬حتى يمكن اختبارت بهدل إاباته أو دحضه‪ .‬وهناك صورتان‬
‫لصياغة الفرض‪ ،‬غالبا ما تستعمل في البحوث النفسية‪ ،‬وهما ‪ :‬الفرض الصفري والفرض‬
‫املوجه وغير املوجه‪( .‬أرنو ل‪ .‬ويتيج‪.)26 ،1983 ،‬‬

‫‪ 2‬ـ أهمية الفرض العلمي‪.‬‬


‫يرم العلماء أنه بالرغم من أهمية املالحظة والتجربة في إنتاج املعرفة العلمية‪ ،‬إال أنهما‬
‫غـيـر كافـيـتـيـن وحـدهـما‪ ،‬ولـهـذا فالـب ـح ـث الع ـل ـمي فـي حاج ـة إلـ أداة أخ ـرم تـساه ـم في تـط ـوير‬
‫املعرفة العلمية‪ ،‬وتساند املالحظة والتجربة‪ ،‬وهذت ألاداة هي الفرض العلمي‪( .‬محمد محمود‬
‫الكبيس ي‪.)110 ،2009 ،‬‬

‫‪217‬‬
‫ّ‬
‫والفرض أداة قوية في الاستقصاء العلمي‪ ،‬تمكن من ربط النظرية باملالحظة واملالحظة‬
‫بالنظرية‪ ،‬باستعمال آراء الفالسفة الاستقرائيين مع ت كيدهم على املالحظة‪ ،‬وأيضا باستعمال‬
‫ّ‬
‫وتتوحد الفروض بين‬ ‫منطق الفالسفة الاستنباطيين في ت كيدهم على التعليل املنطقي‪.‬‬
‫املالحظة والتعليل املنطقي نتاج أدلة قوية تبحث عن الحقيقة‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر‬
‫جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪.)106 ،2004 ،‬‬

‫‪ 3‬ـ مكانة الفرض العلمي في البحث‪.‬‬


‫تتبين مكانة الفرض العلمي في البحث من أن عالقته باملشكلة كعالقة إلاجابة بالسؤال‪.‬‬
‫وهو ملتق الطرق الذي ينتهي إليه تحليل املشكلة وتحديدها‪ .‬ويمثل موقعه من خطوات‬
‫التحول من البناء النظري للبحث إلى تصميم الدراسة التجريبية أو امليدانية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫البحث نقطة‬
‫والقرار الذي يتخذت الباحث لقبول الفرض أو رفضه‪ ،‬هو النتيجة التي ينتهي إل ها البحث‪.‬‬
‫"إن حل املشكالت يتم عن طريق التخمين الجريء املتخيل‪ .‬لذلك يندمج الباحث‪ ،‬بعد‬
‫تعيين ظاهرة محيرة في ألعاب عقلية ماهرة‪ ،‬فعن طريق أحالم اليقظة املنظمة يب ي الفروض‪،‬‬
‫وهي تفسيرات محتملة متعددة للموقف أو الحدث‪ .‬هذت الفروض هي أكثر أدواته فائدة في‬
‫التنقيب عن املعلومات وهي تؤدي في حل مشكالته دورا عادل في أهميته دور الحقائق القوية‬
‫الرصينة‪ .‬وإذا لم يقم الباحث ببناء هذت الفروض‪ ،‬فلن يكون له ش يء يوجهه في انتقاء‬
‫وتصنيف الحقائق لحل املشكلة‪ ،‬ألن الحقائق ال تتحدث عن نفسها أبدا‪ ،‬ولكنها تتحدث‬
‫فقط ملن يكون لديه فرض يريد التحقق منه"‪( .‬ديوبولد ب‪ .‬فان دالين‪.)224 ،1962 ،‬‬
‫ومن ألادلة على أهمية الفرض العلمي أنه قد تكون بعض ألاحداث والوقا ع ال قيمة لها‬
‫من الناحية العلمية‪ ،‬لوال إدراجها في فرض‪( .‬و‪ .‬أ‪ .‬ب‪ .‬بفردج‪ .)84 ،1983 ،‬حيث هناك فرق‬
‫في إدراك بعض املشاهدات السلوكية والوصول إلى استنتاجات حول السلوك العدواني‪ ،‬بين‬
‫من يحمل في عقله فرضا مفادت أن السلوك العدواني يكتسب عن طريق التقليد واملحاكاة‪،‬‬
‫ومن ال يحمل هذا الفرض‪ .‬وهناك كذلك فرق في إدراك الكثير من الظواهر الفلكية‬
‫والاكتشافات الجغرافية‪ ،‬بين من كانوا قد حملوا في عقولهم فرضا مفادت أن ألارض ك ـرويـة‪،‬‬
‫ومـن ال يح ـم ـل ـون ه ـذا الف ـرض‪ .‬فالف ـروض العلم ـي ـة لـها أه ـم ـي ـة في تـنـشـي ـط التفكير وفتح آفاق‬
‫واسعة من الاستنتاجات وتطوير املعرفة‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫اانيا ‪ :‬مصادر الفرض العلمي النفس ي‬
‫من خالل عرضنا ملفهوم الفرض العلمي ومكانته في البحث‪ ،‬يتبين أنه ال يصاغ من فراغ‪،‬‬
‫بل ستنبط من مصادر أساسية وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬النظرية التي يجرم البحث في إطارها‪.‬‬
‫‪ .2‬نتائج الدراسات السابقة في موضوع البحث‪.‬‬
‫‪ .3‬املمارسات العملية سواء كانم اجتماعية أو تربوية أو نفسية أو مهنية‪.‬‬
‫فالفروض العلمية تستنبط دائما من خلفية علمية‪ ،‬وال قيمة للفرض العلمي إذا كان‬
‫منعيال عن منظومة علمية أو عملية معينة‪ .‬فالباحث قبل أن يضع فروض بحثه‪ ،‬يقوم‬
‫بتحليل شامل ومعمق للنظرية واملفاهيم والدراسات السابقة املتصلة بموضوع بحثه‪ .‬ألن‬
‫هذا التحليل سيوفر له فائدتين هما ‪:‬‬
‫ألاولى ‪ :‬التعرل على جوانب الظاهرة السلوكية أو الاجتماعية التي ما ال الجدل العلمي‬
‫قائما حولها أو يكتنفها الغموض‪ ،‬حتى يطرح فرضه الذي قد سهم في حسم الجدل أو يوضح‬
‫الغموض‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬التعرل على اتجات الحقائق العلمية املتوفرة حول الظاهرة السلوكية أو‬
‫الاجتماعية موضوع البحث حتى ال يناقضها الباحث عند طرح فروضه‪.‬‬
‫ومن ألامثلة على الفروض العلمية ومصادر استنباطها في مجال العلوم إلانسانية ما يلي‬
‫‪ .1‬أبناء العدوانيين عدوانيون (نظرية التعلم باملحاكاة)‪.‬‬
‫‪ .2‬ممارسة ألانشطة السارة تخفض من مشاعر الاكتئاب (النظرية السلوكية في‬
‫الاكتئاب)‪.‬‬
‫‪ .3‬التعيييات الاجتماعية أفضل من التعيييات ألاولية في مقاومة الاستجابات املتعلمة‬
‫لالنطفاء (نظرية سكينر في التعييي)‪.‬‬
‫‪ .4‬الحرمان الحس ي في الطفولة املبكرة‪ ،‬يؤدي إلى ت خر النمو املعرفي في املراحل املقبلة‬
‫من العمر (نتائج الدراسات السابقة)‪.‬‬
‫‪ .5‬يتعاط ألافراد مخدر الهروين لشعورهم بالتعاسة (نتائج الدراسات السابقة ونتائج‬
‫تشخيصات املدمنين)‪.‬‬
‫‪ .6‬ي ـرت ـبـ ـط ان ـ ـحـ ـرال ألاب ـناء ب ـ ـاألس ـ ـلوب الت ـرب ـوي لـ ـألس ـرة (نـ ـتـ ـائ ـ ـج الـ ـدراسـ ـات ال ـس ـاب ـق ـة‬
‫واملالحظات العملية)‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫‪ .7‬التدريب املو ع أفضل من التدريب املجمع في تحسين ألاداء (املمارسة العملية)‪.‬‬
‫ّ‬
‫املتكونون تربويا‪ ،‬أحسن أداء من املعلمين غير املتكونين تربويا (مستنبط‬ ‫‪ .8‬املعلمون‬
‫من املمارسة املهنية)‪.‬‬
‫‪ .9‬تدر س الجغرافيا بطريقة الاكتشال‪ ،‬أفضل من تدر سها بطريقة إلالقاء (املمارسة‬
‫العملية)‪.‬‬
‫‪ .10‬التحاق املرأة بالعمل واستقاللها اقتصاديا عن الرجل‪ ،‬أدم إلى ارتفاع معدالت‬
‫الطالق (املالحظات العملية)‪.‬‬
‫نالحظ أن الفروض السابقة إما مستنبطة من نظريات‪ ،‬أو من نتائج الدراسات السابقة‪،‬‬
‫أو من املالحظات واملمارسات العملية‪.‬‬
‫كما تستنبط الفروض كذلك من مصادر أخرم مثل ‪ :‬التخص العلمي للباحث‪،‬‬
‫التخصصات العلمية ألاخرم‪ ،‬اقافة املجتمع‪ ،‬الثقافات الفرعية‪ ،‬خ رة الباحث وخياله‪.‬‬

‫االثا ‪ :‬طرق التفكير الاستداللي واشتقاق الفروض‬


‫رأينا في الفصل الثاني‪ ،‬أن الطريقة العلمية تقوم على أسلوبين للتفكير الاستداللي هما ‪:‬‬
‫التفكير الاستداللي الاستنباطي والتفكير الاستداللي الاستقرا ي‪ .‬هذا من ناحية ومن ناحية‬
‫أخرم‪ ،‬فإن أصل بحث ما‪ ،‬إما أن يكون مشكلة عملية‪ ،‬أو مراجعة لدراسات سابقة‪ ،‬أو‬
‫تعميم نظرية‪ .‬بمع ى أن الفرض إما أن شتق استنباطيا من نظرية ما‪ ،‬أو من نتائج بحوث‬
‫سابقة‪ .‬أو شتق استقرائيا من مالحظات السلوك‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ الفرض الاستنباطي ‪.Deductive Hypotheses‬‬


‫هناك فروض تشتق بطريقة الاستنباط من نظريات‪ .‬وتؤدي هذت الفروض إلى نظام‬
‫معرفي أكثر عمومية‪ ،‬بصفته إطارا معرفيا يدمج النتائج في مجموعة املعارل املتضمنة فعال‬
‫ّ‬
‫يتطور بكفاءة إذا بقيم كل دراسة فيه لوحدها‬ ‫ضمن النظرية ذاتها‪ .‬وال يمكن ألي علم أن‬
‫كجهد منعيل‪ .‬فالعلم نشاط إنساني‪ ،‬ينمو بالبناء وإلاضافة‪ ،‬من خالل تراكم جهود العلماء‪.‬‬
‫والنظريات عبارة عن تعميمات تنطبق على جميع الحاالت املمكنة للظواهر التي تسهى‬
‫إلى تفسيرها‪ .‬وتكمن قوة النظرية في قدرتها على التنبؤ بمالحظة حدوث سلوك معين‪.‬‬
‫ومن النظريات الس ـي ـكولوجية املفيدة التـي يمكن الق ـيام باستنتاج فروض منها للبحث‪،‬‬

‫‪220‬‬
‫نظرية ج‪ .‬بياجي ‪ J. Piaget‬حول تطور التفكير املنطقي لدم ألاطفال‪ .‬فقد ّبين أن ألاطفال‬
‫يمرون ع ر مراحل متتابعة أاناء تطورهم العقلي‪ .‬وإحدم هذت املراحل‪ ،‬هي مرحلة العمليات‬
‫املحسوسة التي تبدأ في سن السابعة أو الثامنة‪ .‬ويتميز ف ها تفكير ألاطفال باالنتقال من‬
‫الاعتماد على التفكير الحدس ي والتمركي حول الذات‪ ،‬إلى القدرة على استعمال بعض‬
‫العمليات املنطقية‪ ،‬وتقع في املستوم املحسوس‪ ،‬لكنها تشمل على بعض التفكير الرميي‪.‬‬
‫واستعمال هذت النظرية كنقطة بداية‪ ،‬يجعل الباحث يفترض أن نسبة ألاطفال ذوي التاسعة‬
‫من أعمارهم‪ ،‬والذين يكونون قادرين على إلاجابة الصحيحة على مشكلة الاستنتاج التلقا ي‪،‬‬
‫وهي ‪( :‬عمر أطول من سعيد‪ ،‬وسعيد أطول من طارق‪ .‬فمن هو ألاطول من الثالاة ؟) أعلى‬
‫من نسبة ألاطفال في سن السادسة الذين يتمكنون من إلاجابة الصحيحة على تلك املشكلة‪.‬‬
‫ونظرية التعلم الاجتماعي عن طريق التقليد‪ ،‬لباندورا‪ ،‬التي ترم أن الكثير من السلوك‬
‫يتم تعلمه عن طريق التقليد واملحاكاة‪ ،‬يمكن استنتاج فروض منها لتفسير أنماط من السلوك‬
‫املكتسب‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الفرض الاستقرا ي ‪.Inductive Hypotheses‬‬


‫يقوم الباحث‪ ،‬في الطريقة الاستقرائية‪ ،‬بصياغة فرض كتعميم ناتج عن مالحظة‬
‫السلوك والعالقات املحتملة‪ .‬ويفترض عندئذ تفسيرا لذلك السلوك املالحظ‪ .‬وال بد أن‬
‫يصاحب عملية الاستدالل هذت‪ ،‬فح للدراسات السابقة لتحديد النتائج التي توصل إل ها‬
‫باحثون آخرون حول املشكلة‪.‬‬
‫فقد يالحظ باحث أن ألافراد‪ ،‬تالميذ أو عماال‪ ،‬الذين يتلقون املدح واملكافآت والتشجيع‪،‬‬
‫يرتفع مستوم ألاداء وإلانجا لديهم‪ .‬فيعتقد في عالقة التعييي بييادة الدافعية نحو العمل‪.‬‬
‫ويالحظ باحث آخر‪ ،‬أن ألافراد الذين يوصفون باألحداث املنحرفين‪ ،‬ي تون‪ ،‬غالبا‪ ،‬من‬
‫أسر ف ها طالق‪ ،‬أو أسر غاب ف ها ألاب‪ ،‬أو أسر مضطربة‪ .‬فيعتقد أن هناك عالقة بين السلوك‬
‫املنحرل والتفكك ألاسري‪.‬‬
‫في التفكير الاستقرا ي‪ ،‬يقوم الباحث بمالحظات السلوك‪ ،‬ويفكر في املشكلة‪ ،‬و عود إلى‬
‫البحوث السابقة ليتزود ببعض القرائن عما اعتقدت‪ ،‬ام يقوم بمالحظات إضافية‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك يقوم بصياغة أحد الفروض الذي عتقد أنه يفسر السلوك املالحظ‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫الفرض والنظرية‪.‬‬
‫ً‬
‫دعونا نقرر أننا ال نعرل أيهما أسبق‪ ،‬البيضة أو الدجاجة‪ ،‬فاألمر هنا أيضا شبيه به‪،‬‬
‫ً‬
‫أيهما أسبق الفرض أو النظرية‪ ،‬فالذين عتقدون أن الفرض ابن النظرية‪ ،‬نقول لهم أيضا‬
‫أن النظرية ابنة الفرض‪ ،‬فالنظريات‪ ،‬رغم وسعها في املفاهيم وفي املجال الذي تفسرت‪ ،‬إال‬
‫أنها بدأت في ظهورها من فرض ضيق‪ ،‬وذات عدد صغير من املفاهيم‪ ،‬وبمواصلة البحث‪،‬‬
‫تصير نظرية‪ ،‬تنجب فروضا‪ ،‬ولكي تب ى نظرية ينبغي أن يكون هناك بحث أكثر و ستغرق وقتا‬
‫أطول‪ ،‬ال تب ى نظرية علمية من بحث واحد‪ ،‬وفي شهر واحد‪ ،‬أو في عام واحد‪.‬‬
‫تتشكل الفروض قبل جمع الحقائق‪ .‬فالفروض تتعامل مع مدم ضيق من ألافكار‪ .‬إنها‬
‫أفكار أولية تبناها الباحث من أجل تفسير الظاهرة‪ .‬بينما النظرية من جهة أخرم‪ ،‬هي تعميم‬
‫يتم التوصل إليه بعد البحث املستمر‪ ،‬وتتعامل مع مجموعة من الحقائق‪ .‬إنها مصدر من‬
‫مصادر الفروض‪( .‬منذر الضامن‪.)79 ،2007 ،‬‬
‫إن النظرية هي توضيح لكيفية الظواهر‪ ،‬وملاذا هي هكذا‪ .‬والنظرية مفهوم واسع يوضح‬
‫الحقائق ويفسرها ويتنب بها‪ ،‬أما الفرض فهو مفهوم ضيق‪ ،‬ويمكن أن سحب من النظرية‪.‬‬
‫(منذر الضامن‪ 79 ،2007 ،‬ـ ‪.)80‬‬
‫لكي تخت ر النظرية ويتم السهي إلى تنميتها وتطويرها‪ ،‬تستنبط منها فروض‪ ،‬وهذت تدفع‬
‫الباحث إلى اختيار البيانات والحقائق من الواقع فيخت رها‪ ،‬ونتائج الفرض‪ ،‬تمتحن بها‬
‫النظرية فتؤيدها أو تفندها‪.‬‬
‫فالنظرية تكون في مرحلة اختبار ولكنها أكثر رسوخا من الفرض‪ ،‬ألنها تكون تجاو ت‬
‫الاختبار مرة أو مرات عديدة‪ ،‬أما الفرض فلم يتم اختبارت بعد‪( .‬سعيد إسماعيل صي ي‪،‬‬
‫‪.)53 ،1994‬‬
‫ّ‬
‫ويكون الفرض هو الخطوة السابقة لتكوين النظرية‪ ،‬وال تكون الفروض املتعددة نظرية‪،‬‬
‫إال إذا صمدت أمام الاختبار‪ ،‬وال تصير مجموعة الحقائق الجيئية حقيقة‪ ،‬إال إذا صمدت‬
‫أمام الاختبار بواسطة الفروض املنطلقة من نظريات‪ .‬فالفروض ملتصقة بالحقيقة والواقع‪،‬‬
‫ويمكن اختبارها‪ ،‬أما النظريات فهي مجردة‪ ،‬وتستنبط منها الفروض من أجل اختبارها في‬
‫الواقع‪ .‬وبعبارة أخرم‪ ،‬هناك عالقة أخذ وعطاء متبادلة بين الفروض والنظريات‪ ،‬ستمد‬
‫الفرض قوته من النظرية أو املسلمات القوية‪ ،‬ويتم تطوير النظرية بواسطة الفروض‪( .‬سعيد‬
‫إسماعيل صي ي‪ 50 ،1994 ،‬ـ ‪.)51‬‬

‫‪222‬‬
‫وه ـك ـذا ي ـق ـوم الف ـرض الع ـل ـم ـي بـوظ ـي ـف ـت ـيـن ‪ )1 :‬تـنـمـيـة نـظـري ـة ج ـدي ـدة‪ ،‬أو اخـت ـبار نـظرية‬
‫قائمة‪ ،‬للت كد من فائدتها‪ )2 ،‬أو تلغي نظرية أو تثبتها أو تعدلها‪( .‬سعيد إسماعيل صي ي‪،‬‬
‫‪.)51 ،1994‬‬
‫و ع ي هذا أن ابوت فرض واحد ال ع ي نشوء نظرية‪ ،‬فاألمر يتطلب اختبار الفروض‬
‫عدة مرات‪ ،‬وفي ظرول متنوعة‪ .‬وال تنش النظرية إال بعد ابوت عدة فروض متناسقة من‬
‫وايا متعددة‪ ،‬تشير إلى وجود نسق نظري لتفسيرها‪( .‬سعيد إسماعيل صي ي‪.)51 ،1994 ،‬‬
‫من الصعب الفصل بين النظرية والفرض‪ ،‬فالفرق ألاساس ي بينهما في الدرجة وليس في‬
‫النوع‪ ،‬فالنظرية في مراحلها ألاولى تسم "الفرض" وعند اختبار الفرض بمييد من الحقائق‬
‫بحيث يتالءم الفرض معها‪ ،‬فإن هذا الفرض يصير نظرية‪( .‬أحمد بدر‪.)97 ،1994 ،‬‬
‫هناك تشابه بين الفرض والنظرية‪ ،‬كما أن بينهما اختالل‪ ،‬فالتشابه بينهما هو أن كل هما‬
‫عمال عقليا تصوريا بطبيعتهما‪ ،‬ومن حيث أن أهدافهما ألاساسية هي تفسير الظواهر‬
‫والحقائق‪ .‬أما الفرق بينهما‪ ،‬فهو يقوم على درجة تعقد واتساع مجال الظواهر التي يراد‬
‫تفسيرها‪ ،‬أو في مدم اتساع هذا املجال‪ ،‬فمجال الفرض العلمي‪ ،‬أقل تعقيدا‪ ،‬وأقل اتساعا‪،‬‬
‫وأضيق شموال‪ ،‬أما النظرية العلمية‪ ،‬فهي أكثر تعقيدا‪ ،‬وأكثر اتساعا‪ ،‬وأوسع شموال‪ .‬مما‬
‫يجعلها تشمل عدة فروض علمية‪ ،‬وإذا كانم املجاالت الجيئية من الحقائق التي تتناولها‬
‫الفروض مرتبطة ببعضها‪ ،‬في نظام أشمل‪ ،‬هو ما نسميه نظرية‪( .‬محمد عماد الدين‬
‫إسماعيل‪.)69 ،1970 ،‬‬
‫يقول كلود برنارد ‪ ،1865‬إن الفكرة املتوقعة‪ ،‬أو الفرض‪ ،‬هو نقطة البداية لكل تفكير‬
‫استداللي تجريبي‪ .‬وبدونه‪ ،‬ال يمكن إجراء أي بحث إطالقا‪ ،‬وال يتحقق تعلم أي ش يء‪ ،‬وإنما‬
‫يمكن جمع وحشد مالحظات عقيمة‪ .‬إذا تم إجراء تجربة دون أفكار مدركة مسبقا‪ ،‬فسول‬
‫يكون العمل عشوائيا‪( .‬ري هايمان‪.)43 ،1989 ،‬‬

‫رابعا ‪ :‬شروط ومعايير وضع الفرض العلمي النفس ي‬


‫هناك شروط ومعايير لوضع الفروض العلمية هي ما يلي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الاستنباط من منظومة علمية أو عملية ‪:‬‬


‫ولهذا السبب يطلق عليه "فرض البحث"‪ .‬فالباحث عندما يحلل نظرية علمية معينة أو‬
‫نتائج دراسات سابقة أو مالحظات عملية ب سلوب نقدي‪ ،‬يكتشف بعض الغموض أو النق‬

‫‪223‬‬
‫أو التناقض‪ ،‬فيثير لديه ذلك انشغاال علميا‪ ،‬أي يثير لديه سؤالا ال توجد إجابة عليه فيما‬
‫يتوفر من معلومات‪ ،‬وهذ ا الوضع نع ر عنه بـ "مشكلة" التي تحتاج إلى حل‪ ،‬فيقترح الباحث‬
‫هذا الحل مؤقتا‪ ،‬ام يقوم باختبار صحته من خطئه عن طريق البحث العلمي‪ .‬والحل املقترح‬
‫الذي يضعه الباحث‪ ،‬واملستنبط من نظرية معينة‪ ،‬أو من نتائج دراسات سابقة‪ ،‬أو من‬
‫ممارسات عملية معينة‪ ،‬هو ما سم بـ "فرض البحث"‪ .‬وال قيمة لفرض علمي إذا كان منعيال‬
‫عن تنظيم نظري معين‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ تحديد املتغيرات ‪:‬‬


‫لكي سهل على الباحث اختبار فروض بحثه بطريقة موضوعية‪ ،‬عليه أن يحدد املتغيرات‬
‫التي تتضمنها‪ ،‬ليتس ى له توفير أدوات البحـث املالئمة الستعمالـها‪ .‬فإذا وضـع الباحـث فرضا‬
‫بحثيا هو "إلاحباط يؤدي إلى العدوان"‪ .‬فإنه رغم وضوح املع ى املتضمن في الفرض‪ ،‬إال أن‬
‫املتغيرين الواردين فيه ليسا محددين إلى الدرجة التي يمكن قياسهما‪ .‬ولذا ينبغي تحديد‬
‫مع ى إلاحباط ومع ى العدوان إجرائيا‪ .‬فيقول ‪ :‬إلاحباط هو كما ع ر عنه لفظيا من خالل‬
‫إجابات املفحوصين على استبيان يقيس الشعور با حباط‪ .‬والعدوان هو كما ع ر عنه لفظيا‬
‫من خالل إجابات املفحوصين على استبيان يقيس السلوك العدواني‪ .‬وينبغي كذلك أن يبتعد‬
‫على استعمال املصطلحات العامة مثل ‪ :‬التربية املدرسية‪ ،‬الشخصية‪ ،‬الظرول ألاسرية‪ .‬بل‬
‫أن يقول ‪ :‬سمات الشخصية عند كاتل‪ ،‬التدر س عن طريق إلالقاء‪ ،‬املستوم الاجتماعي‬
‫الاقتصادي لألسرة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الشمول والاتساق ‪:‬‬


‫شير هذا الشرط إلى أن شمل الفرض جميع الحقائق الجيئية املتوفرة عن الفرض‬
‫محل البحث‪ ،‬وأن يصاغ في الاتجات الذي تذهب إليه املنظومة العلمية التي يجرم ف ها‬
‫البحث‪ .‬إن نظريات التعلم الارتباطي الشرطي التي وضعها كل من بافلول واورندايك وسكينر‪،‬‬
‫ترم أن جميع أنماط السلوك مثل ‪ :‬القراءة‪ ،‬الكتابة‪ ،‬قيادة السيارة‪ ،‬إدارة اجتماع‪ ،‬حل‬
‫مس لة رياضية‪ ،‬حفظ قصيدة شعر‪ ،‬حفظ جدول الضرب‪ .‬وأنماط سلوكية أخرم مثل ‪:‬‬
‫التفاؤل‪ ،‬التشاؤم‪ ،‬العجي‪ ،‬السيطرة‪ ،‬التعاون‪ ،‬الوسواس‪ ،‬ألانانية‪ ،‬املثابرة‪ ،‬القلق‪ ،‬إلادمان‪،‬‬
‫إلانجا ‪ ،‬الحب وغيرها‪ ،‬هي أنماط سلوكية مكتسبة‪ ،‬تم تعلمها عن طريق الارتباط الشرطي‬
‫بين املنبهات والاستجابات والتعيييات‪ .‬وعلى الباحث الذي يضع فروضا بحثية في مجال‬

‫‪224‬‬
‫سيكولوجية التعلم‪ ،‬أن ي خذ املبادئ والتعميمات التي توصلم إل ها نظريات التعلم بعين‬
‫الاعتبار‪ .‬فالفرض الذي يقول ‪" :‬الاستجابات املعي ة تستمر في الصدور"‪ .‬يتسق مع ما تذهب‬
‫إليه نظريات التعلم الارتباطي الشرطي من ناحية‪ ،‬و شمل كل أنواع التعلم من ناحية أخرم‪.‬‬
‫ومثله الفروض التي تقول ‪ :‬التعييي إلايجابي يؤدي إلى تعلم الج ر‪ .‬التنوع في التنب هات البيئية‬
‫يؤدي إلى التنوع في الاستجابات‪ .‬التعيييات الاجتماعية أفضل من التعيييات ألاولية في مقاومة‬
‫الاستجابات للنسيان‪ .‬التعلم السابق يؤار في التعلم الالحق‪ .‬ممارسة ألانشطة السارة تخفض‬
‫من مشاعر الاكتئاب‪ ....‬وغيرها‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ الخلو من التناقض ‪:‬‬


‫بمع ى أال يتناقض الفرض العلمي مع الحقائق العلمية التي ت كد صدقها‪ .‬فالفرض الذي‬
‫يقول ‪ :‬كلما اد طول الفرد كان أكثر ذكاء‪ ،‬عت ر فرضا متناقضا مع الحقائق العلمية التي‬
‫تؤكد عدم وجود ارتباط بين أطوال ألافراد ودرجات ذكائهم‪ .‬والفرض الذي يقول ‪ :‬الذكور‬
‫أذك من إلاناث‪ ،‬يتناقض كذلك مع الحقائق العلمية التي أابتتها البحوث أن ال أحد من‬
‫الجنسين يتفوق على آلاخر في الذكاء‪ .‬فصياغة الفرض العلمي وفقا للمعرفة املتوفرة ضرورة‬
‫ُ‬
‫علمية‪ .‬وقد بينم في فقرة سابقة الفائدتين اللتين يجن هما الباحث من قيامه بمسح إلاطار‬
‫النظري للبحث قبل أن يضع فرض بحثه‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ التعددية ‪:‬‬


‫بمع ى أن عتمد الباحث على عدة فروض في نفس الوقم وليس على فرض واحد‪ .‬بمع ى‬
‫أن يتصور عدة حلول للمشكلة وليس حال واحدا‪ .‬فالباحث الذي يضع هدل بحثه هو‬
‫التعرل على العوامل املسؤولة عن السلوك العدواني لدم أطفال ما قبل املدرسة‪ ،‬يفترض‪:‬‬
‫‪ )1‬انخفاض املستوم العمراني للحي السك ي لألسرة‪ )2 .‬تقارب ألاعمار بين إلاخوة‪ )3 .‬كثرة‬
‫عدد أفراد ألاسرة‪ .‬ام يقوم باختبارها كلها فيدحض الخاطئ منها ويثبم الصحيح‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ البساطة وإلايجا ‪:‬‬


‫أن يتضمن عددا قليال من املتغيرات‪ ،‬وتكون قابلة لالختبار‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫خامسا ‪ :‬وظائف الفرض العلمي النفس ي‬
‫إن الفرض العلمي النفس ي جسر "يصل" بين النظرية والبحث التجريبي أو امليداني‪ ،‬وله‬
‫عدة وظائف يؤديها‪.‬‬
‫‪ .1‬أنه يقدم حال مقترحا للمشكلة‪ ،‬ويختار هذا الحل من بين حلول أخرم محتملة‪.‬‬
‫‪ .2‬أنه أداة الختبار مدم صدق نظرية‪.‬‬
‫‪ .3‬أنه أداة لتطوير املعرفة‪.‬‬
‫‪ .4‬أنه يجعل الباحث يتوقع نتائج معينة‪.‬‬
‫‪ .5‬أنه ساعد الباحث على رسم خطوات بحثه‪.‬‬
‫‪ .6‬أنه ساعد الباحث على اختيار املنهج املالئم لبحثه‪.‬‬
‫‪ .7‬أنه ساعد على اختيار التصميمات البحثية الضرورية‪.‬‬
‫‪ .8‬أنه ساعد على اختيار ألاساليب إلاحصائية املالئمة في معالجة بيانات البحث‪.‬‬
‫‪ .9‬أنه ساعد على تقويم ألادوات وأساليب البحث املستخدمة لحل املشكلة‪.‬‬
‫‪ .10‬أنه ساعد على تنظيم املعارل العلمية املتعلقة بحل املشكلة‪.‬‬
‫‪ .11‬أنه ساعد على وضع تنظيم نظري علمي ييسر تقديم النتائج بطريقة تسهل‬
‫للمناقشة والفهم‪.‬‬
‫‪ . 12‬أنه ساعد على تعميم النتائج املتوصل إل ها على املجتمع ألاصلي لعينة البحث‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬أنواع الفرض العلمي النفس ي‬


‫شير الباحثون إلى أنواع الفروض العلمية من حيث عدد املتغيرات‪ ،‬ومن حيث أهدافها‪،‬‬
‫ومن حيث موقعها في البحث‪ ،‬وأسلوب معالجتها إحصائيا‪ .‬وفي الفقرات التالية أتناول هذت‬
‫ألانواع مع التوضيح باألمثلة‪.‬‬

‫‪ )1‬أنواع الفرض العلمي النفس ي من حيث عدد املتغيرات‪.‬‬


‫شير الباحثون في هذا املجال إلى االاة أنواع من الفروض العلمية‪( .‬مور س أنجرس‪،‬‬
‫‪ 155 ،2004‬ـ ‪ ،)156‬وهي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الفرض العلمي النفس ي أحادي املتغير‪.‬‬
‫يركي الفرض هنا على متغير واحد والتنبؤ ب حواله‪ .‬أمثلة ‪:‬‬

‫‪226‬‬
‫ـ ييداد مع مرور اليمن ميل ألابناء إلى التخلي عن إلاحسان إلى آلاباء‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الفرض العلمي النفس ي انا ي املتغيرات‪.‬‬


‫يركي الفرض هنا على توقع وجود عالقة بين متغيرين‪ .‬وقد تكون العالقة ارتباطية أو‬
‫ّ‬
‫سببية أو علية‪ /‬مقارنة أو تنبؤية أو تفاعلية أو عاملية‪.‬‬
‫الفرض الارتباطي ‪ :‬يركي الفرض هنا على توقع حدوث اقتران أو اشتراك في التغير بين‬
‫متغيرين‪ .‬حين يرتبط تغير ظاهرة ما بالييادة أو بالنق بتغير ظاهرة أخرم بالييادة أو بالنق‬
‫كذلك‪ .‬مثل ‪:‬‬
‫ـ يرتبط العمر العقلي بالعمر اليم ي‪ .‬إن املتغيرين في الفرض هما ‪ :‬العمر العقلي والعمر‬
‫اليم ي‪.‬‬
‫الفرض السببي ‪ :‬يركي الفرض هنا على توقع ت اير متغير في حدوث متغير آخر‪ .‬مثل ‪:‬‬
‫ـ تؤدي الضوضاء إلى تشتم الانتبات‪ .‬إن املتغيرين في الفرض هما ‪ :‬الضوضاء وتشتم‬
‫الانتبات‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفرض العلي‪ /‬املقارن ‪ :‬يركي الفرض هنا على توقع أن يكون غياب أحد املتغيرات‬
‫عند عينة وحضورت لدم عينة أخرم هو السبب في الفرق بينهما في متغير آخر‪ .‬مثال ‪:‬‬
‫ـ يختلف اليتام وغير اليتام في النمو الوجداني‪ .‬إن املتغيرين في الفرض هما ‪ :‬اليتم‬
‫والنمو الوجداني‪.‬‬
‫الفرض التنبؤي ‪ :‬يركي الفرض هنا على توقع أن ارتباط متغيرين يجعل معرفة حجم‬
‫أحدهما ساهم في التنبؤ بحدوث (أو عدم حدوث) املتغير آلاخر‪ .‬مثال ‪:‬‬
‫ـ يمكن التنبؤ بإصابة الفرد باضطراب نفس ي إذا تم التعرل على حجم الضغوط التي‬
‫يتعرض لها‪ .‬إن املتغيرين في الفرض هما ‪ :‬إلاصابة باالضطراب النفس ي وحجم الضغوط‪.‬‬
‫الفرض التفاعلي ‪ :‬يركي الفرض هنا على توقع أن تفاعل متغيرين سول يؤدي إلى‬
‫تغير في متغير آخر‪ .‬مثال ‪:‬‬
‫ـ يؤدي التفاعل بين الذكاء الوجداني واملهارات الاجتماعية إلى الفعالية في القيادة‪ .‬إن‬
‫املتغيرين في الفرض هما ‪ :‬الذكاء الوجداني واملهارات الاجتماعية من ناحية والفعالية في‬
‫القيادة من ناحية أخرم‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫الفرض العاملي ‪ :‬يركي الفرض هنا على توقع أن املتغير ّ‬
‫يتكون من عدة عوامل وأبعاد‬
‫فرعية وليس من عامل واحد أو متغير واحد‪ .‬مثال‪:‬‬
‫ـ يختلف الذكور وإلاناث في التركيب العاملي للشعور بالوحدة‪ .‬إن املتغيرين في الفرض‬
‫هما ‪ :‬الذكور وإلاناث والشعور بالوحدة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الفرض العلمي النفس ي متعدد املتغيرات‪.‬‬


‫يركي الفرض متعدد املتغيرات على توقع وجود عالقة بين متغيرات عديدة‪ .‬سواء كانم‬
‫ّ‬
‫العالقة ارتباطية أو سببية أو علية‪ /‬مقارنة أو تنبؤية أو تفاعلية أو عاملية‪.‬‬
‫الفرض الارتباطي ‪ :‬يرتبط كل من القلق والاكتئاب والي س واحتمال الانتحار‪.‬‬
‫الفرض السببي ‪ :‬يؤدي ارتفاع درجة الحرارة والضوضاء إلى انخفاض الدافعية و يادة‬
‫إلااارة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفرض العلي‪ /‬املقارن ‪ :‬املتفوقون عقليا وألاصحاء جسميا يكونون متفوقين دراسيا‬
‫وناجحين مهنيا وأصحاء نفسيا مقارنة من غير املتفوقين عقليا وغير ألاصحاء جسميا‪.‬‬
‫الفرض التنبؤي ‪ :‬يمكن التنبؤ بإبداعية الفرد إذا تم التعرل على درجاته في كل من ‪:‬‬
‫الحساسية للمشكالت وألاصالة والطالقة واملرونة‪.‬‬
‫الفرض التفاعلي ‪ :‬يؤار التفاعل بين إدراك الذات والصالبة النفسية والتفاؤل في‬
‫الفعالية على مواجهة الضغوط‪.‬‬
‫الفرض العاملي ‪ :‬يختلف الذكور وإلاناث في التركيب العاملي ملتغيرات الدافع للنجا‬
‫والعدوان ومفهوم الذات‪.‬‬

‫‪ )2‬أنواع الفرض العلمي النفس ي من حيث ألاهدال‪.‬‬


‫تتنوع الفروض العلمية من حيث أهدال البحث كذلك إلى فروض ارتباطية وفروض‬
‫سببية وفروض سببية مقارنة وفروض تنبؤية وفروض تفاعلية وفروض عاملية‪ .‬أتناولها‬
‫باألمثلة فيما يلي ‪( :‬أمحمد تغيم‪ 703 ،1998 ،‬ـ ‪.)705‬‬
‫الفرض الارتباطي ‪ :‬يضع الباحث هذا الفرض حين يكون هدفه هو التعرل إذا كان‬
‫التغير في ظاهرة ما يقترن بالتغير في ظاهرة أخرم يادة أو نقصانا‪ .‬مثل ‪ :‬يرتبط مفهوم الذات‬
‫بالتوافق الاجتماعي‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫الفرض السببي ‪ :‬ي ـض ـع الباح ـث ه ـذا الفـ ـرض حيـن يك ـون هدف ـه ه ـو التع ـرل إذا كان‬
‫التغير فـي متغير ما سببا فـي حدوث تغير فـي م ـت ـغ ـيـر آخ ـر‪ .‬ال ـيي ـادة فـي العمر اليم ـ ي ي ـؤدي إلى‬
‫النضج الجسمي‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفرض العلي‪ /‬املقارن ‪ :‬يضع الباحث هذا الفرض حين يكون هدفه هو التعرل إذا‬
‫كان غياب أحد املتغيرات عند عينة وحضورت لدم عينة أخرم‪ ،‬هو السبب في الفروق بينهما‬
‫في متغير آخر‪ .‬مثال ‪ :‬هناك فرق بين املتعلمين وغير املتعلمين في الاتجات نحو تعدد اليوجات‪.‬‬
‫الفرض التنبؤي ‪ :‬يضع الباحث هذا الفرض حين يكون هدفه هو التعرل إذا كان‬
‫وجود ارتباط بين متغيرين يجعل معرفة حجم أحدهما ساهم في التنبؤ بحدوث (أو عدم‬
‫حدوث) املتغير آلاخر‪ .‬مثال ‪ :‬يمكن التنبؤ بالتفوق في الفيزياء إذا حدث تفوق في الرياضيات‪.‬‬
‫الفرض التفاعلي ‪ :‬يضع الباحث هذا الفرض حين يكون هدفه هو التعرل إذا كان‬
‫التفاعل بين متغيرين أو أكثر يؤار في متغير أو متغيرات أخرم‪ .‬مثال ‪ :‬يؤار التفاعل بين مصدر‬
‫الضبط والدافع للنجا والتوافق النفس ي في القدرة على اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫الفرض العاملي ‪ :‬يضع الباحث هذا الفرض حين يكون هدفه هو التعرل إذا كان‬
‫املتغير يتكون من عامل واحد أو متعدد العوامل‪ .‬مثال ‪ :‬يتكون الذكاء الوجداني من عوامل‬
‫متعددة‪.‬‬
‫بعد أن تم تناول الفروض العلمية في العلوم إلانسانية من حيث عدد املتغيرات ومن‬
‫حيث أهدال البحث‪ ،‬أنتقل إلى تناول أنواع الفروض من حيث موقعها في البحث ومعالجتها‬
‫إحصائيا‪.‬‬

‫‪ )3‬أنواع الفرض العلمي النفس ي من حيث موقعه في البحث وأسلوب اختبارت‬


‫إحصائيا‪.‬‬
‫شـير الباحــثون إلى نوعـين من الفـروض العلمية هـما ‪ :‬فـرض البـحـث والفرض إلاحصا ي‪.‬‬
‫ولكل منهما موقع ووظيفة في البحث‪.‬‬
‫‪ .1‬فرض البحث ‪ :‬موقع فرض البحث في الرسائل الجامعية والتقارير العلمية هو عند‬
‫الحديث عن فروض البحث في القسم الخا بها‪ .‬أما وظيفته فهي توجيه الباحث إلى البحث‬
‫عن بيانات معينة توصله إلى الحل‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫‪ .2‬الف ـرض إلاح ـصا ي ‪ :‬أم ـا م ـوق ـع الف ـرض إلاح ـصائـي ف ـه ـو في القـسم الخا باختبار‬
‫الف ـروض ع ـن ـد م ـناق ـش ـة ن ـتائ ـج الب ـح ـث‪ .‬ووظيـف ـت ـه ه ـي التـرج ـم ـة إلاح ـصائ ـي ـة ل ـف ـرض الب ـح ـث‬
‫باستعمال تصميم إحصا ي مناسب‪( .‬كمال الفولي‪ ،‬سالم سيد سالم‪ 2 ،1987 ،‬ـ ‪.)3‬‬
‫بعد هذا العرض عن أنواع الفروض العلمية‪ ،‬نتساءل عن مع ى فرض البحث والفرض‬
‫إلاحصا ي وصور صياغة فرض البحث‪ .‬أتناول ذلك في الفقرة التالية بالتفصيل وباألمثلة‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬مع ى فرض البحث وخصائصه وصور صياغته‬


‫‪ )1‬مع ى فرض البحث‪.‬‬
‫سم فرض البحث ألنه ستنبط من إلاطار النظري للبحث الذي يطلق عليه "املنظومة‬
‫العلمية للبحث"‪ .‬التي تتضمن نظرية البحث ومفاهيمها ونتائج الدراسات السابقة حول‬
‫موضوع البحث‪ .‬حيث يقوم الباحث بمناقشة هذت العناصر الثالاة في عرض أكاديمي‪.‬‬
‫فيكتشف غموضا أو نقصا أو تناقضا في املنظومة العلمية‪ .‬أي أن هناك سؤالا لم تجب عنه‬
‫املعلومات التي وفرتها الدراسات السابقة فيعت ر ذلك مشكلة بحث‪ .‬وبعد أن يكتشف املشكلة‬
‫ويحددها‪ ،‬يضع فروضا كإجابات عن ألاسئلة وكحلول مؤقتة للمشكلة‪ .‬و سم عندئذ "فرض‬
‫البحث" ألنه أوال ‪ :‬مستنبط من املنظومة العلمية للبحث‪ .‬واانيا ‪ :‬تقوم فعاليات البحث‬
‫امليدانية كلها الختبارت‪ .‬وهو الفرض الذي يتم التصريح به في املكان الخا بالفروض في متن‬
‫البحث‪.‬‬
‫و سم فرض البحث ب سماء أخرم‪ ،‬منها ‪ :‬الفرض العلمي‪ ،‬الفرض الجوهري‪ ،‬الفرض‬
‫التجريبي‪ .‬لكن التسمية الشا عة هي فرض البحث‪ ،‬وذلك وفقا للوظيفة التي يؤديها في البحث‪.‬‬
‫و عرل ب نه ‪" :‬حدس جيد أو توقع معقول للنتيجة التي سول يتوصل إل ها البحث"‪( .‬فؤاد‬
‫أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪ .)331 ،1991 ،‬و عرل أيضا ب نه ‪" :‬عالقة محتملة بين متغيرين أو‬
‫أكثر من متغيرات الدراسة"‪( .‬ديوبولد ب‪ .‬فان دالين‪.)225 ،1962 ،‬‬

‫فرض البحث الجيد‪.‬‬ ‫‪ )2‬خصائ‬


‫لفرض البحث الجيد (كمال‬ ‫وضع ب‪ .‬و‪ .‬تكمان ‪ B. W. Tuckman 1978‬االاة خصائ‬
‫الفولي‪ ،‬سالم سيد سالم‪ )3 ،1987 ،‬هي ما يلي ‪:‬‬

‫‪230‬‬
‫‪ 1‬ـ "أن تكون لفرض البحث القدرة على التنبؤ بطبيعة العالقة بين متغيرين ف كثر"‪.‬‬
‫ولكي يكتسب "فرض البحث" هذت القدرة‪ ،‬ينبغي أن ي تي كخالصة لت مل الباحث وفهمه‬
‫العميقين للعالقة بين متغيرات البحث‪ .‬وهذا الت مل والفهم العميقان‪ ،‬هما نتيجة للدراسة‬
‫الجادة لنظرية معينة‪ ،‬أو لنتائج دراسات سابقة أو لخ رة عملية واسعة‪ ،‬وهذت جميعا تؤلف‬
‫إلاطار النظري للبحث‪ .‬ومع ى ذلك أن فرض البحث يجب أن يكون وايق الصلة بهذا إلاطار‪،‬‬
‫أي أن ستنبط منه‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ "أن يصاغ فرض البحث في جملة خ رية أو عبارة تقريرية"‪.‬‬
‫ألن صيغة السؤال ال تصلح لهذا الغرض‪ .‬والسبب الجوهري في ذلك‪ ،‬أن الصيغة الخ رية‬
‫أو التقريرية‪ ،‬هي وحدها التي نحكم عل ها بالصحة أو الخط ‪ .‬مثل ‪ :‬ممارسة ألانشطة السارة‬
‫تخفض من مشاعر الاكتئاب‪ .‬أما صيغة السؤال فليسم كذلك‪ .‬مثل ‪ :‬هـل ممارسـة ألانشطة‬
‫السـارة تخفض من مشاعر الاكتئاب ؟ فالسؤال يثير مشكلة‪ ،‬أما الفرض فهو اقتراح لحل‬
‫مشكلة‪ ،‬و سهى البحث إلى الحكم على هذا الحل املقترح بالصواب أو الخط ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ "أن يكون فرض البحث قابال لالختبار"‪.‬‬
‫فالباحث بعد أن يضع فرض بحثه‪ ،‬يقوم بجمع ألادلة من أجل اختبارت‪ .‬وهذت ألادلة‬
‫سواء كانم معملية أو ميدانية‪ ،‬يجمعها الباحث بوسائل جمع البيانات املعروفة في كل‬
‫تخص علمي‪.‬‬
‫ونقدم هنا بعض ألامثلة عن كيفية وضع فروض البحث من مشكالت بحثية‪ ،‬لنرم مدم‬
‫انطباق الخصائ الثالاة السابقة عل ها‪.‬‬
‫املشكلة ‪ :‬هل الجماعة املنسجمة تؤار على أعضائها ؟‬
‫ّ‬
‫فرض البحث ‪ :‬إذا اد الانسجام بين أعضاء جماعة ما أارت بقوة على أعضائها‪.‬‬
‫املشكلة ‪ :‬هل املستوم الاجتماعي الاقتصادي لألسرة عامل في جنوح ألاحداث؟‬
‫فرض البحث ‪ :‬نسبة ألاحداث الجانحين من املستوم الاجتماعي الاقتصادي املنخفض‬
‫لألسرة‪ ،‬تفوق نسبة ألاحداث الجانحين من املستوم الاجتماعي الاقتصادي املرتفع لألسرة‪.‬‬
‫املشكلة ‪ :‬هل يؤار التعلم الالحق على تذكر التعلم السابق ؟‬
‫فرض البحث ‪ :‬يؤار تعلم مادة جديدة على تذكر مادة قديمة‪.‬‬
‫نقوم فيما يلي بفح فرض البحث ألاخير‪ ،‬لنرم إذا كانم الخصائ الثالث السابقة‬
‫تصدق عليه‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫بالنسبة للخاصية ألاولى ‪ :‬يتنب الفرض بطبيعة العالقة بين تعلم مادة جديدة (التعلم‬
‫الالحق) وتذكر مادة قديمة (تذكر التعلم السابق)‪ .‬وظهرت طبيعة العالقة بين املتغيرين من‬
‫خالل كلمة "يؤار"‪.‬‬
‫بالنسبة للخاصية الثانية ‪ :‬جاء الفرض في جملة تقريرية خ رية مباشرة‪ .‬وتضمن املتغيرين‬
‫اللذين هما موضع الدراسة‪( .‬تعلم مادة جديدة) و (تذكر مادة قديمة)‪.‬‬
‫بالنسبة للخاصية الثالثة ‪ :‬يمكن جمع املعلومات عن املتغيرين املذكورين في الفرض‪.‬‬
‫فاملتغير ألاول‪ ،‬تعلم مادة جديدة‪ ،‬يمكن جمع املعلومات عنه بالوسائل املناسبة‪ .‬واملتغير‬
‫الثاني‪ ،‬تذكر مادة قديمة‪ ،‬يمكن جمع املعلومات عنه كذلك بالوسائل املناسبة‪ .‬ولهذا‬
‫فالفرض قابل لالختبار‪.‬‬

‫‪ )3‬الصورة العامة لصياغة فرض البحث‪.‬‬


‫ال توجد قاعد اابتة لكيفية وضع فروض البحث‪ ،‬إال أن الغالبية العظم منها يمكن‬
‫كتابتها على الصورة التالية ‪" :‬إذا ‪ ...........‬سول ‪ ."...........‬أي أنه إذا كان هناك "س" فسول‬
‫متغيرات البحث‪( .‬كمال الفولي‪ ،‬سالم سيد سالم‪،‬‬ ‫يكون " "‪ .‬حيث أن كال من س‪،‬‬
‫‪ .)5 ،1987‬أو كلما حدث "أ" حدث "ب"‪ .‬وكل من أ‪ ،‬ب متغيرات البحث كذلك‪ .‬وفيما يلي‬
‫أمثلة لفروض البحث حسب الصورتين السابقتين ‪:‬‬
‫"إذا تدرب الطفل جيدا على أداء مهارة القراءة‪ ،‬فسول تقل أخطاؤت عند أداء هذت‬
‫املهارة"‪.‬‬
‫"كلما تلق املعلمون تكوينا تربويا جيدا‪ ،‬كلما كانم مهاراتهم التدر سية جيدة"‪.‬‬
‫"إذا كانم أعمار أطفال أسرة ما متقاربة‪ ،‬بسبب تقارب الوالدات‪ ،‬فسول يظهر بينهم‬
‫السلوك العدواني"‪.‬‬
‫"كلما تقاربم أعمار ألاطفال الذين عيشون في أسرة واحدة‪ ،‬كلما ظهر بينهم السلوك‬
‫العدواني"‪.‬‬
‫"إذا تعلمم املرأة تعليما عاليا و اد ميلها لالستقالل‪ ،‬فسول يظهر سوء التوافق‬
‫اليواجي في أسر ف ها وجات متعلمات تعليما عاليا"‪.‬‬
‫"كلما تفاعل الذكاء الوجداني والسيطرة والتعاون‪ ،‬كلما ارتفعم فعالية القيادة"‪.‬‬
‫"إذا كان هناك حرمان حس ي مبكر فسول يكون تخلف عقلي الحقا"‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫‪ )4‬الصور الفرعية لصياغة فرض البحث‪.‬‬
‫هناك االث صور لطريقة صياغة فرض البحث (وأقدم أمثلة هنا عن الفروض الفرقية‬
‫والفروض الارتباطية ألن الفروض التنبؤية والتفاعلية والعاملية مشتقة منها)‪.‬‬
‫بالنسبة للفرض الفرقي ‪ :‬إذا كان الباحث بصدد املقارنة بين طريقتين للعالج النفس ي‬
‫الة ألاعراض‪ ،‬هما ‪ :‬طريقة العالج السلوكي وطريقة العالج بالتحليل النفس ي‪ ،‬فإن الصور‬
‫الثالث لوضع فرض البحث هي كما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬العالج السلوكي أفضل من العالج بالتحليل النفس ي الة أعراض املرض‪.‬‬
‫‪ .2‬العالج بالتحليل النفس ي أفضل من العالج السلوكي الة أعراض املرض‪.‬‬
‫‪ .3‬هناك تساو بين العالج بالتحليل النفس ي والعالج السلوكي في إ الة أعراض املرض‪.‬‬
‫بالنسبة للفرض الارتباطي ‪ :‬إذا كان الباحث بصدد دراسة الارتباط بين ألاسلوب التربوي‬
‫الذي تتبعه ألاسرة لتربية أبنائها وانحرال هؤالء ألابناء‪ ،‬فإن الصور الفرعية الثالث لوضع‬
‫فرض البحث هي ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬يرتبط ألاسلوب التربوي ألاسري إيجابا مع السلوك املنحرل لألبناء‪.‬‬
‫‪ .2‬يرتبط ألاسلوب التربوي ألاسري سلبا مع السلوك املنحرل لألبناء‪.‬‬
‫‪ .3‬ستقل ألاسلوب التربوي ألاسري عن السلوك املنحرل لألبناء‪.‬‬
‫إن هذت الصور الثالث التي يتبعها الباحثون عند وضع فروض بحوثهم‪ ،‬ال يتم الاختيار‬
‫بينها عشوائيا‪ ،‬وهذا هو ألاهم بالنسبة لدور الفرض في البحث العلمي‪ .‬فعلماء البحث يؤكدون‬
‫على الباحثين أن يقدموا ت ريرات علمية‪ ،‬إما نظرية أو إم ريقية ـ ميدانية أوكل هما معا‪،‬‬
‫يدعمون بها اختيارهم لصورة أو ألخرم من صور وضع فروض بحوثهم‪ .‬وامل ررات النظرية‬
‫تتطلب من الباحث تقديم حجج مبنية على مفاهيم ونظريات معروفة في التخص الذي‬
‫ُْ‬
‫يبحث فيه‪ ،‬ومرتبطة بفروض بحثه‪ .‬أي عليه أن يذكر‪ ،‬اعتمادا على تلك املفاهيم والنظريات‪،‬‬
‫ألاسباب التي جعلته يختار صورة دون أخرم من صور وضع فرض البحث‪ .‬فالباحث الذي‬
‫يبحث في إطار نظرية التعلم باملحاكاة‪ ،‬التي ترم أن السلوك يكتسب عن طريق التقليد‪ ،‬ال‬
‫يمكنه أن يضع فرضا لبحثه شير إلى أن السلوك العدواني وراثي‪ .‬أما امل ررات الام ريقية ـ‬
‫امليدانية فتعتمد على تقديم نتائج الدراسات السابقة التي تؤكد الفرض الذي ذهب إليه‬
‫الباحث‪ .‬فالباحث الذي عرض نتائج لدراسات سابقة تشير إلى أن إلاناث أكثر خوفا من‬
‫النجاح من الذكور‪ ،‬ال يمكنه أن يضع فرض بحثه إال في هذا الاتجات‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫وهنا ينبغي لفم انتبات الباحثين الذين يلجؤون إلى وضع أي فروض لبحوثهم‪ ،‬كحيلة‬
‫هروبية يتخلصون ف ها من بذل الجهد املعرفي الال م لبناء إطار نظري واضح‪ ،‬ومناسب‬
‫ُْ‬
‫ملوضوع البحث‪ .‬فقد أن ِجيت بحوث لدرجتي املاجستير والدكتورات جاءت أطرها النظرية عبارة‬
‫عن أفكار ومعلومات متناارة ال عالقة بينها من ناحية‪ ،‬وبينها وبين الفروض املصاغة لها من‬
‫ناحية أخرم‪ .‬فهي عبارة عن عروض مدرسية للمعلومات ال يمكن استنباط فروض البحث‬
‫منها‪ ،‬مما يجعل فروض هذت البحوث التي تقوم عل ها كل إجراءات الدراسة امليدانية معيولة‬
‫عن إطارها النظري‪ ،‬ونتائج اختبارها التي هي نتائج البحث معيولة كذلك عن إلاطار النظري‬
‫للبحث‪ ،‬مما يفقد البحث الصلة التي ينبغي أن تربط بين إطارت النظري وفروضه ونتائجه‪،‬‬
‫فيفقد بالتالي وحدته ألاساسية‪ .‬والبحوث التي تتفكك عناصرها بهذا الشكل‪ ،‬تعت ر بحواا‬
‫معيولة ال تضيف شيئا للعلم وال تساهم في نموت وتطورت‪ .‬فالعلم ينمو عن طريق التراكم من‬
‫إدماج املعلومات الجديدة في املنظومة العلمية القائمة‪ّ ،‬‬
‫لتكون نسقا نظريا متكامال‪.‬‬

‫اامنا ‪ :‬مع ى ودور وأنواع الفرض إلاحصا ي‬


‫‪ )1‬مع ى ودور الفرض إلاحصا ي‪.‬‬
‫الختبار فرض البحث‪ ،‬يقرر الباحث هل يخت رت كيفيا أم كميا‪ .‬ففي حالة البحوث‬
‫التاريخية والتوايقية يخت ر الفرض كيفيا‪ ،‬وذلك بجمع أدلة وبراهين وحقائق تجعل الفرض‬
‫صحيحا أو خاطئا‪ .‬أما في حالة البحوث التجريبية وامليدانية الوصفية‪ ،‬فإن اختبار الفرض‬
‫ف ها يكون كميا‪ .‬وفي الاختبار الكمي للفرض ال بد من اختيار أسلوب إحصا ي مناسب‪ ( .‬كريا‬
‫الشربي ي‪.)57 ،1990 ،‬‬
‫و عرل الفرض إلاحصا ي ب نه ترجمة إحصائية لفرض البحث‪ .‬وال يصرح به في متن‬
‫البحث‪ .‬و ع ر عنه صراحة عندما علن الباحث عن نتائج البحث ويناقشها‪ .‬حين يتم اختبار‬
‫صحة أو عدم صحة الفرض إحصائيا باستعمال تصميم إحصا ي مناسب‪ .‬ومن وجهة نظر‬
‫إحصائية نقول ‪ :‬إن فرض البحث رغم أهميته في البناء ألاساس ي للبحث وتوجيه فعالياته‪،‬‬
‫إال أنه ال يكفي وحدت الختبار الارتباطات أو الفروق أو التنبؤات أو التفاعالت أو تحديد‬
‫مقاديرها إحصائيا‪ .‬فكل ما ع ر عنه هو توقع ارتباط أو فرق أو تنبؤ أو تفاعل‪ .‬وبالتالي يصعب‬
‫اختبار فرض البحث للحكم على صحته أو خطئه‪ ،‬أو التخاذ قرار بالنسبة لتحققه أو عدم‬
‫تحققه‪ .‬ولكي يتم اختبار فرض البحث في جميع ألاحوال‪ ،‬ال بد من ترجمته إلى فرض إحصا ي‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫والاختبار إلاحصا ي للفرض هو مجموعة أساليب إحصائية يمكن بوساطتها قبول أو رفض‬
‫فرض البحث‪.‬‬

‫‪ )2‬أنواع الفرض إلاحصا ي‪.‬‬


‫يميز الباحثون بين نوعيـن من الفروض إلاحصائية هما ‪ :‬الفرض إلاحصا ي البديل‬
‫والفرض إلاحصا ي الصفري‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ الفرض إلاحصا ي البديل ‪: Alternative Hypothesis‬‬


‫يقصد بالفرض إلاحصا ي البديل‪ ،‬توقع الباحث أن يكون البارامتران أو أكثر (متوسطات‬
‫حسابية‪ ،‬معامالت ارتباط وغيرها) الخاصان ب صول معالجتين أو أكثر‪ ،‬مختلفين على الرغم‬
‫من عشوائية الاختيار للعينات‪ .‬وحينئذ ال مفر من استنتاج أن ذلك يرجع إلى استقالل‬
‫املتغيرات عن بعضها (في حالة بحوث الارتباط) أو إلى أار املتغيرات املستقلة في املتغيرات‬
‫التابعة وظهور فروق بين العينات في حالة البحوث التجريبية والبحوث العلية املقارنة‬
‫الوصفية‪ .‬وللفرض إلاحصا ي البديل حالتان هما ‪ :‬الفرض إلاحصا ي البديل املوجه والفرض‬
‫إلاحصا ي البديل غير املوجه‪.‬‬

‫‪ .1‬الفرض إلاحصا ي البديل املوجه ‪: Directive‬‬


‫في حالة توقع الباحث وجود فروق أو ارتباطات‪ ،‬كما تشير إلى ذلك نظرية البحث أو نتائج‬
‫الدراسات السابقة أو معطيات املمارسات العملية‪ ،‬وكما يحددها فرض البحث‪ ،‬فإن الفرض‬
‫إلاحصا ي البديل يصبح حينئذ فرضا موجها تبعا لذلك‪ .‬فيكون هناك اتجات محدد لالختالل‬
‫أو لالرتباط بين القيمة الحقيقية والقيمة املفترضة بالييادة أو بالنق ‪ ،‬وبا يجاب أو السلب‪.‬‬
‫وهنا ستعمل الباحث اختبارا إحصائيا لداللة الطرل الواحد أو الذيل الواحد ‪.one tailed‬‬
‫(فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪( )334 ،1991 ،‬ممدوح الكناني‪.)194 ،2002 ،‬‬
‫ومن أمثلة فروض البحث التي تقود الباحث في الاختبار إلاحصا ي لداللة الفرق أو لداللة‬
‫الارتباط إلى الفرض إلاحصا ي البديل املوجه ما يلي ‪:‬‬
‫ـ إلاناث أكثر حياء من الذكور‪.‬‬
‫ـ تتفوق طريقة التدريب املو ع على طريقة التدريب املجمع في تعلم قيادة السيارة‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫‪ .2‬الفرض إلاحصا ي البديل غير املوجه ‪: Non Directive‬‬
‫أما في حالة توقع الباحث عدم وجود فروق أو ارتباطات‪ ،‬وفق ما تشير إلى ذلك نظرية‬
‫البحث أو نتائج الدراسات السابقة أو معطيات املمارسات العملية‪ ،‬وكما يحددها فرض‬
‫البحث‪ ،‬فإن الفرض إلاحصا ي البديل يصبح حينئذ فرضا غير موجه تبعا لذلك‪ .‬فال يكون‬
‫هناك اتجات للفروق أو الارتباطات بين القيمة الحقيقية والقيمة املفترضة بالييادة أو‬
‫بالنق ‪ ،‬وبا يجاب أو بالسالب‪ .‬وهنا ستعمل الباحث اختبارا إحصائيا لداللة الطرفين أو‬
‫الذيلين ‪( .Two tailed‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪( )335 ،1991 ،‬ممدوح الكناني‪،2002 ،‬‬
‫‪.)195‬‬
‫ومن أمثلة فروض البحث التي تقود الباحث في الاختبار إلاحصا ي لداللة الفرق أو لداللة‬
‫الارتباط إلى الفرض إلاحصا ي البديل غير املوجه ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬ترتفع مشاعر الحياء عند أحد الجنسين دون آلاخر‪.‬‬
‫‪ .2‬تختلف طريقة التدريب املو ع على طريقة التدريب املجمع في تعلم قيادة السيارة‪.‬‬

‫سـؤال‪.‬‬
‫قبل الانتقال إلى الحـديث عن الفـرض إلاحـصا ي الصفري‪ ،‬ي تي السـؤال التالي في الواجهة‬
‫وهو ‪ :‬هل " فرض البحث" الذي يتوقع نتيجة معينة للبحث‪ ،‬سواء كان هذا التوقع موجها أو‬
‫غير موجه‪ ،‬يتكاف تماما مع الفرض إلاحصا ي البديل ؟‬

‫إجـابـة‪.‬‬
‫إلاجابة تكون بالنفي‪ .‬ألن الفرض إلاحصا ي البديل سم هكذا‪ ،‬ألنه بديل لنوع آخر‬
‫وأكثر أهمية من الفروض إلاحصائية هو الفرض إلاحصا ي الصفري‪ .‬الذي يفترض أن معلمات‬
‫‪ Parameters‬ألاصول متساوية أو مستقلة أي (ال توجد فروق وال توجد ارتباطات)‪ .‬أما‬
‫الفرض إلاحصا ي البديل‪ ،‬فإنه على العكس من ذلك‪ ،‬يفترض أن معلمات ألاصول غير‬
‫متساوية أو غير مستقلة أي (توجد فروق وتوجد ارتباطات)‪ .‬هذا من ناحية ومن ناحية أخرم‪،‬‬
‫فإن الفرض إلاحصا ي البديل يكون متعددا‪ ،‬أما فرض البحث يكون واحدا دائما‪.‬‬
‫فالفـرض إلاحـصا ي الصـفري لالرتــباط بين الذكـاء واملثابـرة مثـال‪ ،‬هـو ‪ :‬ال يوجـد ارتــباط‬
‫بين الذكـاء واملثابرة‪ .‬أي توقع استقالل املتغيرين عن بعضهما‪ ،‬وبالتالي يكون معامل الارتباط‬

‫‪236‬‬
‫بينهما صفرا‪ .‬أما الفروض إلاحصائية البديلة لهذا الفرض إلاحصا ي الصفري‪ ،‬فهي متعددة‬
‫كما يلي‬
‫‪ .1‬يوجد ارتباط بين الذكاء واملثابرة (فرض بديل غير موجه ال يتفق مع فرض البحث)‪.‬‬
‫‪ .2‬يوجد ارتباط موجب بين الذكاء واملثابرة (فرض بديل موجه ال يتفق مع فرض البحث)‪.‬‬
‫‪ .3‬يوجد ارتباط سالب بين الذكاء واملثابرة (فرض بديل موجه يتفق مع فرض البحث)‪.‬‬
‫وبعد هذت ألامثلة الثالاة‪ ،‬نالحظ أن فرض البحث هو أحد الفروض البديلة‪.‬‬
‫وبعد هذا التوضيح عن الفرض إلاحصا ي البديل‪ ،‬أذكر املالحظات التالية‪.‬‬

‫االث مالحظات‪.‬‬
‫ألاولى ‪ :‬إن الفرض إلاحصا ي البديل ال يخضع لالختبار إلاحصا ي املباشر‪ ،‬فالفرض الذي‬
‫يخضع لالختبار إلاحصا ي املباشر هو الفرض إلاحصا ي الصفري‪ .‬أما وظيفة الفرض‬
‫إلاحصا ي البديل أاناء املعالجة إلاحصائية‪ ،‬فتكمن في أنه يحدد كون الاختبار إلاحصا ي‬
‫بطرل واحد (ذيل واحد) للداللة إلاحصائية ‪One tailed test of statistical significance‬‬
‫أو بطرفين (ذيلين) للداللة إلاحصائية ‪ ( .Two tailed test of statistical significance‬كريا‬
‫الشربي ي‪.)59 ،1990 ،‬‬
‫والسبب الذي يجعل الفرض إلاحصا ي البديل ال يخضع لالختبار إلاحصا ي املباشر‪ ،‬هو‬
‫أن هذا الفرض شير دائما إلى وجود ارتباطات بين املتغيرات‪ ،‬أو فروق بين العينات‪ .‬والباحث‬
‫ال ستطيع إابات الفرض بهذا الشكل أبدا‪ .‬فعلى سبيل املثال إذا وضع الباحث الفرض التالي‬
‫‪ :‬جميع النساء يتسمن بالحياء مقارنة بالرجال‪ .‬فإن عليه أن يخت ر جميع النساء في العالم‬
‫وفي كل ألاعمار وفي كل الظرول الاجتماعية والاقتصادية والحضارية وغيرها حتى يتمكن من‬
‫إابات فرضه‪ ،‬وهذا مستحيل‪ .‬وحتى إذا قام بهذا العمل‪ ،‬فإن عثورت على امرأة واحدة ال‬
‫تتسم بالحياء من بين ماليين النساء الالتي اخت رهن‪ ،‬يجعل فرضه باطال‪ .‬إذن وملا كان من‬
‫املستحيل إابات الفرض البديل إحصائيا بصورة مطلقة‪ ،‬فإن الباحث بدال من ذلك يقوم‬
‫باختبار الفرض إلاحصا ي الصفري الذي يقرر ‪ :‬عدم اتسام جميع النساء بالحياء‪ .‬وإذا نجح‬
‫في رفض الفرض إلاحصا ي الصفري‪ ،‬يكون قد قدم بعض الت ييد للفرض إلاحصا ي البديل‪،‬‬
‫ويكون قد اخت رت بطريقة غير مباشرة‪( .‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪.)336 ،1991 ،‬‬
‫الثانية ‪ :‬الفرض إلاحصا ي ع ي استعمال إلاحصاء الاستداللي الذي من وظائفه اختبار‬
‫الفروض‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫الثالثة ‪ :‬ف ـرض ال ـب ـح ـث ين ـس ـح ـب ع ـلى املـج ـت ـم ـع ألاصلي للدراسة (املجتمع الذي سحبم‬
‫منه عينة الدراسة) وليس على العينة التي أجريم عل ها الدراسة فقط‪ ،‬ولهذا ستعمل‬
‫إلاحصاء الاستداللي الذي من وظائفه كذلك تعميم النتائج على املجتمع ألاصلي للدراسة‪.‬‬

‫‪ )2‬الفرض إلاحصا ي الصفري ‪.Null Hypothesis‬‬


‫هو الفرض الذي يقرر عدم وجـ ـود ارتباطات بيـن الـمتغيـرات‪ ،‬وعدم وجود فروق بيـن‬
‫العينات‪ ،‬وإذا وجدت فعن طريق الصدفة‪ .‬ويوضح ب‪ .‬د‪ .‬ليدي ‪ P. D. Leedy 1980‬هذا ألامر‬
‫بقوله ‪ :‬من بين املسلمات التي ال تحتاج إلى إابات‪ ،‬أنه ال توجد ارتباطات بين املتغيرات أو‬
‫فروق بين العينات إال إذا وجدت عوامل أدت إلى تلك الارتباطات أو تلك الفروق‪ .‬ويقول حامد‬
‫أ‪ .‬العبد ‪ H. A. EL – Abd 1973‬إن الفرض الصفري شير إلى عدم وجود عالقة بين املتغيرات‬
‫في املجتمع‪ ،‬وأن العالقات التي قد توجد في عينة ما‪ ،‬قد تكون بسبب الصدفة العشوائية‪،‬‬
‫وهي بذلك ال تشير إلى وجود عالقات‪ .‬أي أن الارتباطات أو الفروق ال وجود لها إال إذا تم إابات‬
‫وجودها‪ .‬وعليه فالباحث الذي يريد أن يثبم وجود ارتباطات بين املتغيرات‪ ،‬عليه أن يرفض‬
‫الفرض الصفري القائل ‪ :‬ال يوجد ارتباط بين املتغيرات‪( .‬كمال الفولي‪ ،‬سالم سيد سالم‪،‬‬
‫‪ 6 ،1987‬ـ ‪.)7‬‬
‫ويقوم الفرض إلاحصا ي الصفري على قاعدة مفادها‪ ،‬أن جميع الظواهر مستقلة عن‬
‫بعضها‪ ،‬إال إذا ُوجد ما يربط بينها‪ .‬ولهذا يمكن إابات الفرض إلاحصا ي الصفري‪ ،‬وال يمكن‬
‫إابات الفرض إلاحصا ي البديل‪.‬‬
‫ُ‬
‫قلم‪ ،‬إن الفرض إلاحصا ي البديل ال يخضع لالختبار إلاحصا ي املباشر‪ .‬فالفرض الذي‬
‫يخضع لالختبار إلاحصا ي املباشر هو الفرض إلاحصا ي الصفري‪ .‬كيف ذلك ؟ إلاجابة في‬
‫الفقرة التالية ‪:‬‬

‫تاسعا ‪ :‬اختبار الفرض العلمي النفس ي‬


‫قلم فيما سبق من هذت الدراسة‪ ،‬أن فرض البحث هو الذي يصرح به الباحث علنا في‬
‫مكانه الخا به في تقرير البحث‪ ،‬أما الفرض إلاحصا ي بنوعيه الصفري والبديل‪ ،‬ال يصرح‬
‫به إال أاناء مناقشة نتائج البحث‪ ،‬فيرفض الفرض الصفري ويقبل الفرض البديل أو العكس‪.‬‬
‫هذا من ناحية ومن ناحية أخرم‪ ،‬فإنه الختبار صحة الفرض العلمي ال بد من توافر بيانات‬

‫‪238‬‬
‫إحصائية‪ .‬والفرق بين البيانات إلاحصائية والفرض‪ ،‬هو أن البيانات إلاح ـصائ ـي ـة ت ـشـيـر إلـ‬
‫املـع ـلوم ـات املـت ـح ـص ـل علـيـها فعـال من عـيـنات البـحـث‪ .‬أما الفرض فهو‬
‫نتيجة يتوقعها الباحث‪.‬‬
‫مثال عن اختبار فرض بحثي مستنبط من نظرية ‪ :‬يتبع الباحث الخطوات التالية ‪:‬‬

‫‪ )1‬صياغة فرض البحث‪.‬‬


‫"إن مشاهدة ألافراد ألفالم العنف جعلهم يلجؤون إلى حل مشاكلهم بالعنف تقليدا ملا‬
‫شاهدونه في هذت ألافالم"‪ .‬وهذا الفرض يصرح به في مكانه الخا من البحث‪.‬‬
‫وعندما يترجم الباحث هذا الفرض إلى فرض إحصا ي‪ ،‬وهو بديل أو صفري‪ .‬فالفرض‬
‫إلاحصا ي البديل إما أن يكون موجها أو غير موجه‪ .‬وهذا الفرض موجه‪ ،‬ألنه يتوقع وجود‬
‫فرق لصالح العينة التي شاهد أفرادها أفالم العنف‪ ،‬كما تشير إلى ذلك نظرية البحث‪ ،‬وهي‬
‫نظرية التعلم الاجتماعي عن طريق التقليد‪ .‬أما الفرض إلاحصا ي الصفري فال يوجد فرق‬
‫بين العينتين‪ .‬والفرض إلاحصا ي بشقيه ال يصرح به الباحث في متن البحث‪.‬‬

‫‪ )2‬الحصول على بيانات إحصائية من عينة البحث‪.‬‬


‫يتبع الباحث إحدم طرق تصميم البحث‪ ،‬وهي أن يختار عينتين ‪ :‬إحداهما تشاهد أفالم‬
‫العنف وإلاجرام‪ ،‬وألاخرم ال تشاهد هذا النوع من ألافالم‪ .‬ام يضع أفراد العينتين في مواقف‬
‫صراع ومشاكل مع آلاخرين‪ .‬ام يقيس درجة ممارسة أفراد كل عينة لسلوك العنف والعدوان‬
‫لحل الصراعات والتغلب على املشاكل ويمنح ألفراد كل مجموعة درجات على ممارستهم‬
‫للعنف والعدوان في صورة أرقام‪ ،‬وهي بمثابة بيانات إحصائية‪ .‬أو يخت ر أفراد العينتين عن‬
‫طريق إعطائهم استبيانا يقيس السلوك العدواني‪ .‬ويصحح إجاباتهم على الاستبيان بمنحهم‬
‫درجات‪ ،‬وهي بمثابة بيانات إحصائية كذلك‪.‬‬

‫‪ )3‬اختيار الاختبار إلاحصا ي املناسب‪.‬‬


‫الاختبار إلاحصا ي الذي سول يختارت‪ ،‬وهو إحصاء استداللي بطبيعة الحال‪ ،‬يخضع‬
‫ملجموعة من الشروط تتعلق بهدل البحث وبنوع الفرض وبطريقة جمع البيانات إلاحصائية‬
‫من العينات وبمستويات القياس وبحجم العينة وبعدد العينات وبتجانسها أو عدم تجانسها‬
‫وبنوع املتغيرات كمية أو كيفية‪ ،‬ليس هنا مكان شرحها‪ .‬ولكن خاصيته ألاساسية هي أن يكون‬

‫‪239‬‬
‫قويا‪ .‬وقوة الاختبار إلاحصا ي ‪ Power of the statistical test‬تكمن في قدرته على رفض‬
‫الفرض الصفري عندما يكون في حقيقته ليس صحيحا‪ .‬بمع ى أنه إذا كانم ال توجد ارتباطات‬
‫بين املتغيرات‪ ،‬أو ال توجد فروق بين العينات كما تذهب إلى ذلك نظرية البحث‪ ،‬وتبينه نتائج‬
‫الدراسات السابقة‪ ،‬فإن الاختبار إلاحصا ي‪ ،‬إذا كان قويا‪ ،‬عليه أن يثبم ذلك‪.‬‬

‫‪ )4‬حساب إحصاء الاختبار إلاحصا ي من بيانات عينة البحث‪.‬‬


‫عندما يختار الباحث الاختبار إلاحصا ي املناسب‪ ،‬يحسب به بيانات البحث ويتوصل إلى‬
‫قيمة إحصائية تشير إلى الفرق بين العينتين في السلوك العدواني‪.‬‬

‫‪ )5‬مقارنة القيمة إلاحصائية املحسوبة بالقيمة إلاحصائية الاحتمالية‪.‬‬


‫أي أن الباحث يقارن بين قيمتين إحصائيتين؛ إحداهما حصل عل ها من حساب الفرق‬
‫بين العينتين في ال سلوك العدواني‪ ،‬ويطلق عل ها القيمة إلاحصائية املحسوبة‪ .‬واان هما من‬
‫جدول التو ع إلاحصا ي الاحتمالي املتعلق باالختبار إلاحصا ي الذي اختارت‪ ،‬ويطلق عل ها‬
‫القيمة إلاحصائية الجدولية أو الاحتمالية‪ .‬و ستعمل الباحث مفهوم الداللة إلاحصائية‬
‫‪ Level of Significance‬ومستوياتها‪ .‬ويقصد بالداللة إلاحصائية الحد ألادن الحتمال الوقوع‬
‫في الخط نمط واحد ‪ Type 1 Error‬عند اختبار الفرضية الصفرية‪ .‬أي عند رفض الفرض‬
‫الصفري في الوقم الذي ينبغي قبوله ألنه صحيح‪.‬‬
‫وفي الدراسات إلانسانية شيع استعمال مستويين للداللة إلاحصائية هما ‪.0.01 ،0.05 :‬‬
‫يقابلهما مستويان للثقة على التوالي هما ‪ .0.99 ،0.95 :‬وبجمع كل من مستوم الداللة‬
‫ومستوم الثقة فإن الناتج ساوي واحدا صحيحا‪ .‬وابتداء من هذت الخطوة شير الباحث في‬
‫لغته البحثية إلى نوعي الفرض وهما ‪ :‬الفرض إلاحصا ي الصفري والفرض إلاحصا ي البديل‪،‬‬
‫وإلى نوعي الفرض إلاحصا ي البديل املوجه وغير املوجه‪ .‬وبما أن الفرض إلاحصا ي البديل‬
‫موجه يتم البحث في الداللة إلاحصائية للطرل الواحد باستعمال درجات الحرية املناسبة‪.‬‬

‫‪ )6‬اتخاذ القرار إلاحصا ي املناسب فيما يتعلق بالفرض الصفري‪.‬‬


‫واعتمادا على املعلومات إلاحصائية التي تم ذكرها في الخطوة السابقة‪ ،‬يتخذ الباحث‬
‫قرارت فيما يتعلق بمصير فرض بحثه‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫فإذا كانم القيمة إلاحصائية املحسوبة للفرق بين العينتين في السلوك العدواني أقل من‬
‫أدن قيمة ألك ر مستوم داللة إحصائية للطرل الواحد وهي ‪ 0.05 :‬عند درجة حرية معينة‪،‬‬
‫يتخذ القرار بقبول الفرض الصفري (فرض العدم) ورفض الفرض البديل‪ ،‬أي ال يوجد فرق‬
‫بين العينتين في السلوك العدواني تحم ت اير التقليد‪.‬‬
‫أما إذا كانم القيمة إلاحصائية املحسوبة للفرق بين العينتين في السلوك العدواني‪،‬‬
‫تساوي أدن قيمة ألك ر مستوم للداللة إلاحصائية للطرل الواحد وهي ‪ 0.05 :‬أو أعلى منها‬
‫عند درجة حرية معينة‪ ،‬أو تساوي أدن قيمة ألقل مستوم للداللة إلاحصائية عند الطرل‬
‫الواحد‪ ،‬وهي ‪ 0.01 :‬أو أعلى منها عند درجة حرية معينة‪ ،‬يقرر الباحث رفض الفرض الصفري‬
‫(فرض العدم) وقبول الفرض البديل‪ ،‬الذي يتفق هنا مع فرض البحث‪ ،‬بوجود فرق بين‬
‫العينتين في السلوك العدواني لصالح العينة التي شاهدت أفالما تعرض أيخاصا يمارسون‬
‫العنف والعدوان في حل مشاكلهم‪ .‬ويناقش هذت النتيجة والقرار الذي اتخذت في فرض بحثه‪،‬‬
‫وفقا ملا تذهب إليه نظرية البحث‪ ،‬وهي نظرية التعلم الاجتماعي بالتقليد‪ ،‬ويدعم ذلك بنتائج‬
‫الدراسات السابقة في املوضوع‪ .‬ويدمج نتيجة البحث في املنظومة العلمية املتعلقة باكتساب‬
‫السلوك العدواني‪.‬‬
‫هذت هي قصة الفرض في البحث العلمي النفس ي‪.‬‬

‫سؤال هام‪.‬‬
‫هل يمكن أن يكون الفرض الصفري فرضا بحثيا ؟‬

‫إلاجابة‪.‬‬
‫يقول الباحثون إن الفرض العلمي ينبغي أن يكتب بطريقة تحدد اتجاها ما لطبيعة‬
‫الت اير املتوقع أو الارتباط أو الفرق وغيرت‪ ،‬مثل الفرض التالي ‪" :‬الالتحاق بالتعليم يرفع من‬
‫مستوم الذكاء"‪ .‬لكن أن يكتب بطريقة صفرية (انعدام الت اير‪ ،‬انعدام العالقة‪ ،‬انعدام‬
‫الفرق‪ )...‬مثل الفرض التالي ‪" :‬ال يؤار الالتحاق بالتعليم في رفع مستوم الذكاء"‪ .‬فهذا الفرض‬
‫غير وظيفي‪ ،‬وغير م لول وغير مستعمل ‪ .Unusual‬وال يتفق مع طبيعة الفرض العلمي الذي‬
‫هو عبارة عن حل مؤقم للمشكلة‪( .‬كمال الفولي‪ ،‬سالم سيد سالم‪.)5 ،1987 ،‬‬

‫‪241‬‬
‫عاشرا ‪ :‬الفروض العلمية وما يترتب عنها‬
‫يـمـك ـن الت ـح ـق ـق م ـن ص ـح ـة أو خـط بعض الفروض بسرعة وبطريقة مباشرة‪ ،‬أما بعض‬
‫الفروض‪ ،‬وخاصة العلمية منها‪ ،‬فيتم التحقق منها بطريقة غير مباشرة‪ .‬فإذا وجد يخ‬
‫أن مصباحا كهربائيا في منزله ال يض يء‪ ،‬فيمكنه التحقق من ذلك بسرعة وبطريقة مباشرة‪،‬‬
‫من خالل فح عدة فروض مثل ‪ :‬احتراق املصباح‪ .‬فساد السلك املوصل للتيار الكهربا ي‪.‬‬
‫انقطاع التيار الكهربا ي‪.‬‬
‫أما التحقق من الفرض الذي يقول ‪" :‬ألارض كروية"‪ .‬أو الفرض الذي يقول ‪" :‬السلوك‬
‫العدواني يكتسب عن طريق التقليد واملحاكاة"‪ .‬أو الفرض الذي يقول ‪" :‬تدخل آلاباء في‬
‫الحياة العاطفية لألبناء يييد من تفاقم هذت العواطف"‪ .‬فإنه ال يمكن مالحظة هذت الحقائق‬
‫التي تشير إل ها هذت الفروض مباشرة‪ .‬ولكن يمكن اختبارها بطريقة غير مباشرة من خالل‬
‫استنباط ما يترتب عنها‪ .‬إن الباحث ستنتج ‪ :‬إذا كانم الفروض حقيقية‪ ،‬فيمكن مالحظة‬
‫ما يترتب عنها واختبارت بطريقة مباشرة‪( .‬ديوبولد ب‪ .‬فان دالين‪.)237 ،1984 ،‬‬
‫ففي الفرض ألاول يمكن أن ستنتج املرء أنه ما دامم ألارض كروية‪ ،‬فإن الذي يترتب‬
‫عن ذلك هو إمكان السفر من مكان معين والدوران حول ألارض والعودة إلى نفس املكان‪.‬‬
‫وقد استحوذت هذت الفكرة على كرستوفر كولومبس الذي اعتقد بإمكان بلوغ الشرق با بحار‬
‫غربا من ال رتغال‪.‬‬
‫وفي الفرض الثاني ستنتج الباحث أن الذي يترتب عليه إذا كان صحيحا ‪ :‬أن ألافراد‬
‫الذين عيشون مع آباء يلجؤون إلى حل مشاكلهم عن طريق العنف‪ ،‬يكونون أكثر عنفا من‬
‫ألافراد الذين عيشون مع آباء يحلون مشاكلهم بطرق ودية‪ .‬أو ستنتج أن ألافراد الذين‬
‫شاهدون أفالم العنف‪ ،‬يكونون أكثر عنفا من ألافراد الذين ال شاهدون هذا النوع من‬
‫ألافالم‪ .‬أو ستنتج أن ألاحداث الذين يصاحبون أقرانا عدوانيين سول يكونون عدوانيين‬
‫مقارنة باألحداث الذين يصاحبون أقرانا مساملين‪ .‬وهنا ستطيع أن يخت ر املترتبات بطريقة‬
‫مباشرة‪ ،‬فيقارن بين ألافراد الذين عيشون مع آباء يلجؤون إلى حل مشاكلهم عن طريق‬
‫العنف وألافراد الذين عيشون مع آباء يحلون مشاكلهم بطرق ودية‪ .‬والنتيجة التي يتوصل‬
‫إل ها هي اختبار للفرض من خالل ما يترتب عنه‪.‬‬
‫والختبار الفرض الثالث يقوم بجمع معلومات عن قص العشاق الذين تدخل آباؤهم‬
‫في حياتهم العاطفية وحالوا بينهم وبين من يحبون‪ ،‬مثل نموذجي قيس وليلى وروميو وجولييم‪،‬‬
‫ويخت ر فرضه‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫واعـتـم ـاد الباحـثـيـن على مـا يـتـرتـب عن الف ـروض إذا كـان ـم صـحـيـح ـة‪ ،‬ج ـع ـل ـه ـم يـضـعـون‬
‫فروض بحوثهم على شكل املترتبات‪ .‬فمثال بدال من وضع الفرض التالي هكذا ‪" :‬الالتحاق‬
‫بالتعليم التحضيري يؤدي إلى التوافق النفس ي والاجتماعي للتالميذ في مرحلة التعليم‬
‫الابتدا ي"‪ .‬فإنه يوضع هكذا ‪" :‬توجد فروق بين التالميذ امللتحقين بالتعليم التحضيري وغير‬
‫امللحقين به في التوافق النفس ي والاجتماعي في مرحلة التعليم الابتدا ي"‪ .‬وبدال من وضع‬
‫الفرض التالي هكذا ‪" :‬ممارسة ألانشطة السارة تخفض من مشاعر الاكتئاب" فإنه يوضع‬
‫هكذا ‪" :‬توجد فروق بين املمارسين وغير املمارسين لألنشطة السارة في انخفاض مشاعر‬
‫الاكتئاب لصالح املمارسين لألنشطة السارة"‪.‬‬
‫إن املالحظ على هذت الصياغات أنها ال تشير إلى فرض البحث صراحة بل تتعدات إلى ما‬
‫يترتب عليه إذا كان صحيحا‪ .‬حيث أنه إذا كان الفرض ‪" :‬ممارسة ألانشطة السارة تخفض‬
‫من مشاعر الاكتئاب" صحيحا‪ ،‬فإن الذي يترتب عليه أن توجد فروق دالة إحصائيا بين‬
‫املمارسين وغير املمارسين لألنشطة السارة في انخفاض مشاعر الاكتئاب لصالح املمارسين‬
‫لألنشطة السارة‪.‬‬

‫هل الفرض العلمي ضروري في كل البحوث ؟‬


‫بالرغم من أهمية الفرض في البحث العلمي‪ ،‬وكونه يخدم عدة أهدال مهمة‪ ،‬إال أنه‬
‫ليس ضروريا‪ ،‬بصورة مطلقة‪ ،‬في كل البحوث ألاكاديمية‪ .‬فالفرض أداة للبحث‪ ،‬وليس هدفا‬
‫في حد ذاته‪ .‬كثيرا ما تجرم بحوث تكون ف ها املعلومات ألاساسية‪ ،‬املتعلقة بمشكلة البحث‪،‬‬
‫ضئيلة‪ .‬فإذا افتقر الباحث إلى إدراك عميق في مجال مشكلة بحث ما‪ ،‬أو في متغيرات رئيسية‪،‬‬
‫تؤار في ظاهرة البحث‪ ،‬أو في الطريقة التي تعمل بها املتغيرات‪ ،‬فيكون من الصعب عندئذ‬
‫صياغة فروض ذات جدوم‪ .‬فمثال بحوث املسح التي تسهي إلى وصف خصائ ظاهرة ما‪،‬‬
‫أو الت كد من آراء أو اتجاهات جماعات معينة‪ ،‬عادة ما تجرم دون فروض‪ .‬أما في البحوث‬
‫النوعية‪ ،‬فنادرا ما تصاغ فروض في بداية البحث‪ .‬فالفروض تتولد عادة‪ ،‬عندما تتجمع‬
‫البيانات‪ ،‬وعندما يحصل الباحث على فهم عميق للظاهرة محل البحث‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي‬
‫تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪.)106 ،2004 ،‬‬
‫إن ال فرض عمل جيد‪ ،‬فمن مهامه توجيه البحث إلام ريقي الوجهة الصحيحة‪ ،‬إال أنه‬
‫ليس ضروريا في كل البحوث‪ ،‬فاألسئلة التي تبحث عن الحقائق‪ ،‬وال تحتوي على مشكالت‪،‬‬

‫‪243‬‬
‫كالبحوث املسحية‪ ،‬وكذلك الحال في البحوث الاستكشافية‪ ،‬ال تحتاج إلى فرض‪ .‬أما البحوث‬
‫التجريبية‪ ،‬فيعد اختبار فرض أمرا ضروريا‪ ،‬وهاما‪( .‬منذر الضامن‪ 71 ،2007 ،‬ـ ‪.)72‬‬
‫وال يكون الفرض ذا قيمة علمية‪ ،‬وجدير باالختبار‪ ،‬إال إذا كان ستند إلى‪ /....‬أو تؤيدت‬
‫حقائق مؤكدة أو قوية‪ ،‬مثل النظريات‪ ،‬أو نتائج البحوث السابقة‪( .‬سعيد إسماعيل صي ي‪،‬‬
‫‪ 1994‬ـ ‪.)50‬‬
‫ويكون الفرض العلمي ضروريا في الدراسات التي تقوم على الاستقراء‪ ،‬وخاصة‬
‫التجريبية‪( ،‬سعيد إسماعيل صي ي‪ 1994 ،‬ـ ‪ .)51‬وكذلك الدراسات التي تقوم على الاستنباط‬
‫من النظريات أو املسلمات واملبادئ القوية‪.‬‬

‫حادي عشر ‪ :‬مالحظات نقدية لفروض في بحوث نفسية‬


‫أتيحم لكاتب هذت الدراسة فرصة الاطالع على ‪ 30‬بحثا أنجيت لدرجتي الدكتورات‬
‫واملاجستير بقسمي علم النفس وعلوم التربية بجامعتي باتنة وقسنطينة‪ .‬وبعد تفح‬
‫الجوانب املنهجية التي أنجيت بها‪ ،‬وخاصة جانب كتابة الفروض واختبارها إحصائيا‪ ،‬سجل‬
‫املالحظات التالية ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ كثرة ألاسماء الوصفية للفروض وتدرجها من فروض عامة إلى فروض فرعية وجيئية‬
‫وإجرائية وتسمية مترتبات الفروض بـ ‪" :‬فروض إجرائية"‪ .‬مما ينتج عنه ارتباك في فهم معاني‬
‫هذت ألاسماء املتعددة للفروض وما الفرق بينها‪ ،‬ويربك الباحث عند عرض النتائج ومناقشتها‬
‫وفق هذت ألاسماء املختلفة للفرض العلمي التي ال طائل من ورائها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وضع نوعين متناقضين من الفروض في نفس الوقم؛ يوضع النوع ألاول في صيغة‬
‫ْ‬
‫موجبة بصفته فرضا بحثيا‪ ،‬مثل ‪ :‬توجد فروق‪ ...‬أو ارتباطات‪ ،‬ام ُيت َبع صراحة بعدد من‬
‫الفروض إلاحصائية الصفرية ‪ :‬ال توجد فروق‪ .‬مع أن الفروض إلاحصائية ال يصرح بها إال‬
‫عند مناقشة نتائج البحث‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ صياغة الفروض ب سلوب صفري‪ ،‬رغم أن هذا النوع من الفروض تنقصه خاصية‬
‫حل املشكلة التي يطرحها الباحث‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ تذكر الفروض مرتين ‪ :‬ألاولى في الفصل التمهيدي والثانية في الفصل الخا‬
‫بإجراءات البحث تحم عنوان فرعي ‪ :‬التذكير بالفروض‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ صياغة عدة فروض بنفس ألاسلوب تقريبا‪ ،‬يطلق على بعضها فروض عامة وأخرم‬
‫فروض إجرائية (بصياغة صفرية)‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫الحظ املثالين التاليين ‪( :‬فضيلة ذيب)‪.‬‬
‫مثال للفرض العام ‪ :‬ال توجد صورة والدية راجعة لتبطن ألادوار الوالدية لدم ألاطفال‬
‫املسعفين‪.‬‬
‫مثال للفرض إلاجرا ي ‪ :‬ال تتمكن املؤسسة إلاسعافية من استبدال الدورين الوالديين‬
‫لدم ألاطفال املسعفين‪( .‬تم اختبار الفرض كيفيا)‪.‬‬
‫و "إلاجرائية" كمفهوم تتعارض مع "الفرض" كمفهوم‪ .‬فا جرائية تع ي أن الظاهرة التي‬
‫توصف بها يمكن مالحظتها مباشرة وقياسها‪ .‬أما الفرض فهو مجرد تصور في عقل الباحث‬
‫يمكن اختبارت‪ .‬فكيف يوصف التصور با جرائية ؟ وكيف يصاغ الفرض إجرائيا وال يخت ر‬
‫كميا ؟‬
‫والباحثون الذين يضعون فرضا عاما واحدا ام يجيئونه إلى عدة فروض فرعية أو جيئية‬
‫أو إجرائية دليل على عجي الباحث على استنباط فروض البحث من املنظومة العلمية التي‬
‫يبحث ف ها‪ ،‬وعندما تتعدد الفروض العامة والفروض الجيئية‪ ،‬نتساءل عن الفرض الذي‬
‫يخت ر‪ ،‬هل هو الفرض العام أم الفرض الجي ي؟‬
‫ّ‬
‫‪ 6‬ـ عيوب واضحة في لغة صياغة الفروض العلمية مما صعب في اختبارها‪ .‬مثل ‪" :‬تلعب‬
‫بعض العوامل النفسية والاجتماعية دورا في تحديد مفهوم وأشكال العنف املمارس من قبل‬
‫الطفل"‪( .‬بركو ميو ) كيف يتم اختبار كلمة "تلعب" وهي الكلمة التي تشير إلى العالقة بين‬
‫املتغيرات‪.‬‬
‫وهناك فرض آخر ‪" :‬معا شة ألاطفال لساحات العنف تخلق لديهم صدمة نفسية"‪.‬‬
‫(أميرة شيبي)‪ .‬كيف يتم اختبار كلمة "تخلق" وهي الكلمة التي تشير إلى العالقة بين املتغيرات‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ توضع فروض يمكن اختبارها فرقيا ام تشتق منها فروض جيئية ارتباطية‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ تكتب الفروض مرتين وب سلوبين متناقضين الختبار عالقة واحدة في نفس البحث‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬وضع أحد الباحثين فرضين في مكانين متباعدين من البحث‪ ،‬مع عيوب لغوية في‬
‫الصياغة أحدهما فرض موجب أطلق عليه فرض عام‪ .55 : ،‬وألاخر فرض صفري أطلق‬
‫عليه فرض إجرا ي‪ 290 : ،‬كما يلي ‪:‬‬
‫ـ الفرض العام ‪" :‬نتوقع وجود فروق ذات داللة إحصائية لجميع مدراء معاهد الجامعات‬
‫الشرقية في اختبار فيدلر (مقياس الدافع‪ ،‬عالقة املشرل باألعضاء‪ ،‬مقياس هيكلة املهمة‪،‬‬
‫مقياس سلطة املركي)‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫ـ الفرض إلاجرا ي ‪" :‬ال يوجد فرق ذو داللة إحصائية لجميع مدراء معاهد الجامعات‬
‫الشرقية على مقياس الدافع ‪ :‬منخفض‪ /‬عالي"‪( .‬لونيس أوقاس ي)‪.‬‬
‫من ْ‬
‫ومن تكون الفروق‪.‬‬ ‫في الصياغتين السابقتين لم يبين الباحث بين ْ‬
‫وبعد أن اخت ر الفرض إلاجرا ي باألسلوب إلاحصا ي الالبارامتري كا‪ ²‬التي جاءت غير دالة‬
‫إحصائيا‪ ،‬كتب أسفل الجدول عنوانا فرعيا هكذا ‪ :‬التعليق على الجدول‪ .‬ام كتب ما يلي ‪:‬‬
‫ـ ال يوجد اختالل ذو داللة إحصائية بين عينة الدراسة على مقياس الدوافع‪ .‬أي أننا‬
‫نقبل الفرض الصفري ونرفض الفرض إلاجرا ي‪ .‬هل هذا مفهوم !؟ وقد صاغ الفرض إلاجرا ي‬
‫صياغة صفرية‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ سيادة الفروض الفرقية والارتباطية وغياب الفروض السببية والتنبؤية والتفاعلية‬
‫والعاملية‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ الفصل بين مشكلة البحث وفروضه‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ النمطية في وضع الفروض‪ .‬هناك اعتقاد لدم الباحثين ب ن كل بحث ال بد له من‬
‫فروض يخت رها‪ .‬إال أن هناك بحواا ال تتطلب فروضا عندما يكون هدفها هو معرفة العوامل‬
‫التي أدت إلى ظهور الفرد بالوضعية التي هو عل ها؛ مدمنا أو فاشال أو متفوقا‪ ...‬إلخ (دراسة‬
‫حالة)‪ .‬أو يكون هدفها هو معرفة آراء أساتذة الجامعة حول عالقة التكوين الجامهي بعالم‬
‫الشغل (نبيل بو يد) أو يكون هدفها هو اكتشال خصائ سلوكية لفئة من ألافراد‬
‫كاملتبولين ال إراديا (نورة أوشيح)‪ .‬أو يكون هدفها هو التعرل على الحاجات إلارشادية لغير‬
‫املتوافقين في اليواج (لندة مونية آمال يحي باي) فالبحوث من هذا النوع غلب عل ها الطابع‬
‫الاستكشافي‪ ،‬أي أنها ال تتوفر على مشكالت‪ ،‬والفرض يوضع لحل مشكلة‪ ،‬وليس الكتشال‬
‫متغيرات‪ .‬ومع ذلك فقد تم وضع فروض لهذت البحوث ال تتوفر على شروط ومعايير الفروض‬
‫العلمية‪ .‬ومن ألامثلة عل ها ما يلي ‪:‬‬
‫‪" .1‬مواضيع ومحتويات أحالم ألاطفال تتميز بخصائ "‪( .‬فريدة لوشاحي)‪.‬‬
‫‪" .2‬تتسم يخصية املراهق املتبول ال إراديا بسمات متعددة"‪( .‬نورة أوشيح)‪.‬‬
‫‪" .3‬من املمكن إعداد برنامج للرشاد اليواجي انطالقا من تجربة الالمتوافقين في‬
‫اليواج"‪( .‬لندة مونية آمال يحي باي)‪.‬‬
‫هل يمكن أن تكون هذت فروض علمية ؟ (يمكن للقارئ الكريم الرجوع إلى الفقرة‬
‫الخاصة بشروط صياغة الفروض العلمية للحكم على هذت الصياغات الثالث)‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫‪ 12‬ـ كل الفروض في البحوث التي تم الاطالع عل ها لم تستنبط من إلاطار النظري للبحث‪.‬‬
‫ألن الباحثين كانوا يكتبون ألاطر النظرية لبحوثهم بطريقة مدرسية‪ ،‬وهذت الطريقة ال تساهم‬
‫في تحليل ومناقشة إلاطار النظري للبحث واكتشال املشكالت واستنباط الفروض‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ معظم املعالجات إلاحصائية الختبار الفروض تمم باختبار كا‪ ²‬أو بالنسب املئوية‪.‬‬

‫‪247‬‬
248
‫مراجع الفصل السابع‬
‫‪ 1‬ـ أحمد بدر (‪ .)1978‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪ .‬الطبعة الرابعة‪ .‬الكويم‪ ،‬وكالة‬
‫املطبوعات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أرنو ل‪ .‬ويتيج (‪ .)1983‬مقدمة في علم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬عادل عي الدين ألاشول وآخرون‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار مكجروهيل للنشر‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أمحمد تغيم (‪ .)1998‬واقع املقاربة التنظيرية واملنهجية لعلم النفس لقضايا املجتمع في‬
‫العالم العربي ‪ :‬محاولة نقدية تقويمية‪ .‬عروض ألايام الوطنية الثالثة لعلم النفس وعلوم‬
‫التربية ‪ :‬علم النفس وقضايا املجتمع الحديث‪ .‬الجيء الثاني‪ .‬جامعة الجيائر‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أميرة شيبي (‪ .)2002‬أار العنف والصدمة النفسية على ألاطفال ضحايا إلارهاب‪ .‬ماجستير‬
‫في علم النفس العيادي أجيزت بقسم علم النفس وعلوم التربية جامعة قسنطينة‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ بركو ميو (د‪ .‬ت)‪ .‬مساهمة في دراسة آراء ألاطفال حول ظاهرة العنف عند ألاطفال‬
‫وأشكال العقاب املمارس على الطفل العنيف ‪ :‬دراسة ميدانية بمدارس والية باتنة‪ .‬ماجستير‬
‫أجيزت بقسم علم النفس وعلوم التربية جامعة قسنطينة‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه (‪ .)2004‬مقدمة للبحث في التربية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬سعد الحسي ي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬دار الكتاب الجامهي ـ إلامارات العربية املتحدة‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ديوبولد ب‪ .‬فان دالين (‪ .)1962‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫نبيل نوفل وآخرون (‪ .)1984‬مراجعة ‪ :‬سيد أحمد عثمان‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ ري هايمان (‪ .)1989‬طبيعة البحث السيكولوجي‪ .‬ترجمة ‪ :‬عبد الرحمن عيسوي‪ .‬مراجعة‬
‫‪ :‬محمد عثمان نجاتي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ كريا الشربي ي (‪ .)1990‬إلاحصاء الالبارامتري في العلوم النفسية والتربوية والاجتماعية‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ سعيد إسماعيل صي ي (‪ .)1994‬قواعد أساسية في البحث العلمي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬بيروت‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ عبد الحليم محمود السيد وآخرون (‪ .)1990‬علم النفس العام‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫مكتبة غريب‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ عبد العاطي أحمد الصياد (‪ .)1983‬فرض البحث وعالقته بالفرض إلاحصا ي في البحث‬
‫إلام ريقي‪ .‬مجلة كلية التربية‪ ،‬العدد الثاني‪ .‬القاهرة‪ ،‬جامعة ألا هر‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق (‪ .)1991‬مناهج البحث والتحليل إلاحصا ي في البحوث‬

‫‪249‬‬
‫النفسية والتربوية والاجتماعية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ .14‬فريدة لواشاحي (د‪ .‬ت)‪ .‬مساهمة في دراسة خصائ الحياة الحلمية لألطفال ‪ 8 :‬ـ ‪11‬‬
‫سنة‪ .‬ماجستير في علم النفس العيادي أجيزت بقسم علم النفس وعلوم التربية جامعة‬
‫قسنطينة‪.‬‬
‫‪ .15‬فضيلة ذيب (د‪ .‬ت)‪ .‬الصورة الوالدية لدم الطفل املسعف غير املتمدرس ‪ :‬مساهمة في‬
‫البحث عن تبطن دوري ألام وألاب‪ .‬ماجستير أجيزت بقسم علم النفس وعلوم التربية جامعة‬
‫قسنطينة‪.‬‬
‫‪ .16‬كمال الفولي‪ ،‬سالم سيد سالم (‪ .)1987‬طبيعة العالقة بين الفرض الصفري والفرض‬
‫البحثي في البحوث النفسية‪ .‬مجلة البحث في التربية وعلم النفس‪ ،‬املجلد ألاول‪ ،‬العدد الثاني‪.‬‬
‫جامعة املنيا‪.‬‬
‫‪ .17‬لندة مونية آمال يحي باي (‪ .)2002‬الحاجات إلارشادية لغير املتوافقين في اليواج‪.‬‬
‫ماجستير قسم علم النفس وعلوم التربية جامعة باتنة‪.‬‬
‫‪ .18‬لونيس أوقاس ي (د‪ .‬ت)‪ .‬ألانماط القيادية السائدة وأساليب التسيير ملدراء املعاهد‬
‫بجامعات الشرق الجيائري‪ .‬دكتورات الدولة أجيزت بقسم علم النفس وعلوم التربية جامعة‬
‫قسنطينة‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ محمد عماد الدين إسماعيل (‪ .)1970‬املنهج العلمي وتفسير السلوك‪ .‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار النهضة املصرية‪.‬‬
‫‪ 20‬ـ محمد محمود الكبيس ي (‪ .)2009‬فلسفة العلم ومنطق البحث العلمي‪ .‬بغداد‪ ،‬بيم‬
‫الحكمة‪.‬‬
‫‪ 21‬ـ مصطف سويف (‪ .)2005‬مشكالت منهجية في بحوث علم النفس العيادي‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫مكتبة الدار العربية للكتاب‪.‬‬
‫‪ .22‬ممدوح عبد املنعم الكناني (‪ .)2002‬إلاحصاء الوصفي والاستداللي في العلوم السلوكية‬
‫والاجتماعية‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 23‬ـ منذر الضامن (‪ .)2007‬أساسيات البحث العلمي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان ـ ألاردن‪ ،‬دار‬
‫املسيرة للنشر والتو ع والطباعة‪.‬‬
‫‪ .24‬مور س أنجرس (‪ .)1996‬منهجية البحث العلمي في العلوم إلانسانة ‪ :‬تدريبات عملية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬بو يد صحراوي وآخرون (‪ .)2004‬إشرال ومراجعة ‪ :‬مصطف ماض ي‪ .‬الجيائر‪ ،‬دار‬
‫القصبة للنشر‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫‪ .25‬نبيل بو يد (‪ .)2003‬التكوين الجامهي وإعداد الطالب للعمل والوظيفة (باللغة‬
‫الفرنسية)‪ .‬دكتورات الدولة أجيزت بقسم علم النفس وعلوم التربية جامعة قسنطينة‪.‬‬
‫‪ .26‬نورة أوشيح (د‪ .‬ت)‪ .‬مساهمة في دراسة بعض سمات يخصية املراهق املتبول الإراديا ‪:‬‬
‫دراسة ميدانية لسم حاالت‪ .‬ماجستير أجيزت بقسم علم النفس وعلوم التربية جامعة‬
‫قسنطينة‪.‬‬
‫‪ .27‬و‪ .‬أ‪ .‬ب‪ .‬بفردج‪ .‬ف ّـن البـحـث العـلمي‪ .‬ترجمة ‪ :‬كريا فهمي (‪ )1983‬مراجعة ‪ :‬أحمد‬
‫مصطف أحمد‪ .‬الطبعة الرابعة‪ .‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬دار اقرأ‪.‬‬

‫‪251‬‬
252
‫الفصل الثامن‬
‫أي منهج يناسب البحث في برامج إلارشاد النفس ي ؟‬
‫(التصميمات التجريبية والعاملية وشبه التجريبية‬
‫وتصميم تدوير املجموعات)‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬املنهج التجريبي ‪ :‬تعريفه‪ ،‬خطواته‪ ،‬وشروطه ومتغيراته‬
‫‪ )1‬املنهج التجريبي‪.‬‬
‫‪ )2‬خطوات املنهج التجريبي‪.‬‬
‫‪ )3‬الشروط أو املكونات ألاساسية للمنهج التجريبي‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ الشرط ألاساس ي ألاول ‪ :‬الضبط التجريبي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الضبط في التجارب النفسية‪.‬‬
‫‪ .1‬ضبط املوقف التجريبي‪.‬‬
‫‪ .2‬ضبط خصائ املفحوصين‪.‬‬
‫‪ .3‬ضبط ت اير املجرب‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ طرق ضبط املتغيرات في التجارب النفسية‪.‬‬
‫‪ .1‬التحكم الفيزيقي‪.‬‬
‫‪ .2‬التحكم الانتقا ي‪.‬‬
‫‪ .3‬التحكم إلاحصا ي‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ الشرط ألاساس ي الثاني ‪ :‬املعالجة التجريبية‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ الشرط ألاساس ي الثالث ‪ :‬تسجيل ألاار على املتغير التابع‪.‬‬
‫‪ )4‬املتغيرات في منهج البحث النفس ي التجريبي وتصنيفها‪.‬‬
‫‪ )5‬املقارنة التجريبية‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬كيف تم إنجا البحوث في ال رامج إلارشادية ؟‬
‫‪ )1‬بالنسبة للضبط التجريبي‪.‬‬
‫‪ )2‬بالنسبة للمعالجة التجريبية‪.‬‬
‫‪ )3‬املفحوصون‪.‬‬
‫‪ )4‬تشخي السلوك موضوع إلارشاد‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫وإلارشاد‪.‬‬ ‫‪ )5‬التدريب على التشخي‬
‫‪ )6‬أار هاواورن‪.‬‬
‫االثا ‪ :‬ومبدئيا‪ ،‬إليكم املناهج املناسبة لبحوث إلارشاد‬
‫‪ )1‬املنهج التجريبي ‪.‬‬
‫‪ )2‬املنهج شبه التجريبي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ )3‬املنهج ال ِع ِلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫‪ )1‬في املنهج التجريبي‪.‬‬
‫‪ )2‬في املنهج شبه التجريبي‪.‬‬
‫‪ )3‬في املنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬وآلان‪ ،‬ما املنهج املناسب للبحوث في برامج إلارشاد ؟‬
‫‪ )1‬املنهج التجريبي‪.‬‬
‫‪ )2‬الصدق الداخلي للتجربة والعوامل املؤارة فيه‪.‬‬
‫‪ )3‬الصدق الخارجي للتصميمات التجريبية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ الصدق الخارجي لألصل العام‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الصدق الخارجي البيئي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الصدق الخارجي للعمليات (أو صدق التكوين الفرض ي)‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬التصميمات التجريبية‬
‫‪ )1‬التصميمات التجريبية الضعيفة‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ تصميم املجموعة التجريبية الواحدة ذو القياس البعدي فقط‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تصميم املجموعة التجريبية الواحدة ذو القياسين القبلي والبعدي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تصميم مقارنة املجموعات الثابتة‪.‬‬
‫‪ )2‬التصميمات التجريبية القوية أو الفعلية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ التصميم التجريبي ب سلوب مجموعة أو مجموعات تجريبية ومجموعة أو‬
‫مجموعات ضابطة‪.‬‬
‫‪ .1‬تصميم املجموعة الضابطة وفق تخصي (تو ع) عشوا ي لألفراد وقياس‬
‫بعدي فقط‪.‬‬
‫‪ .2‬تصميم املجموعة الضابطة وفق تناظر عشوا ي لألفراد وقياس بعدي فقط‪ ،‬أو‬
‫طريقة ألا واج املتناظرة‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫(تو ع) عشوا ي لألفراد وقياسين‬ ‫‪ .3‬تصميم املجموعة الضابطة وفق تخصي‬
‫قبلي وبعدي‪ ،‬أو طريقة املجموعات العشوائية‪.‬‬
‫‪ .4‬تصميم سولومون ذو املجموعات الثالاة‪.‬‬
‫‪ .5‬تصميم سولومون ذو املجموعات ألاربعة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ التصميم التجريبي ب سلوب تقديم املتغير املستقل بكميات متفاوتة‪.‬‬
‫مجموعات تجريبية عديدة وال وجود ملجموعات ضابطة‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬التصميمات العاملية‬
‫‪ 1‬ـ التصميم العاملي البسيط (‪.)2 × 2‬‬
‫‪ 2‬ـ التصميم العاملي املتعدد ‪.2 × 3 × 2‬‬
‫سابعا ‪ :‬التصميمات شبه التجريبية‬
‫‪ 1‬ـ تصميم املجموعة الضابطة غير العشوائية ذو القياسين القبلي والبعدي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تصميم تدوير املجموعات‪ ،‬أو تصميم املوا نة‪ ،‬أو التكافؤ الدوري‪ ،‬وقياس قبلي‪/‬‬
‫بعدي‪ ،‬أو بعدي فقط‪.‬‬
‫اامنا ‪ :‬تصميمات السالسل اليمنية‬
‫‪ 1‬ـ تصميم السلسلة اليمنية ذو املجموعة الواحدة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تصميم السلسلة اليمنية ذو املجموعة الضابطة‪.‬‬
‫تاسعا ‪ :‬ضبط أار هاواورن أو اتجاهات املفحوصين‬
‫املراجع‬

‫‪255‬‬
256
‫مقدمة‪.‬‬
‫يندفع الكثير من الباحثين‪ ،‬على مستوم الدكتورات‪ ،‬نحو البحث في فعاليات ال رامج‬
‫إلارشادية‪ ،‬وأدم ذلك إلى رفض بعض الجامعات‪ ،‬مشار ع بحوث في هذا املوضوع‪ ،‬بسبب‬
‫كثرة ما أنجي فيه‪ .‬وفي مقابل هذا الاندفاع في مجال البحث‪ ،‬ال يوجد إرشاد على املستوم‬
‫العملي‪ /‬امليداني‪ ،‬كا رشاد الطالبي في التعليم قبل الجامهي والتعليم الجامهي‪ ،‬وإلارشاد‬
‫التعليمي واملنهي واليواجي وألاسري‪ ،‬وإلارشاد في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرت‪ .‬هذا‬
‫من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرم‪ ،‬وهذا ما دفع ي إلى الكتابة في هذا املوضوع‪ ،‬أن الطالب الذين‬
‫أنجيوا بحواا في الدكتورات‪ ،‬في مجال إلارشاد‪ ،‬استعملوا املنهج التجريبي‪ ،‬كمنهج بحث‪،‬‬
‫ب سلوب تصميم العينة الواحدة‪ ،‬وقياس قبلي‪ /‬بعدي‪ ،‬أو بعدي فقط للمتغير التابع‪ .‬وكل‬
‫البحوث‪ ،‬التي أتيحم لي فرصة الاطالع عل ها‪ ،‬استعملم هذا التصميم‪ ،‬وبينم أن برامجها‬
‫إلارشادية ناجحة وحققم أهدافها‪ ،‬ألنها خففم مما تعانيه عينات البحث من اضطرابات‬
‫وضغوط ومنغصات‪ ،‬أو ساهمم في تنمية قدرات أو سمات أو عوامل ضبط‪ ،‬أو تعديل سلوك‪.‬‬
‫ّ‬
‫املحصل عل ها دالة إحصائيا دائما‬ ‫وبلغة املعالجات إلاحصائية الفارقية‪ ،‬كانم البيانات‬
‫ولصالح القياس البعدي‪.‬‬
‫ويصرح الباحثون ب نهم اتبعوا املنهج التجريبي‪ ،‬ك نه نوع من التباهي بهذا املنهج الذي‬
‫عتقدون أنه سول يضفي على الدراسة جانبا من الثقة واملصداقية‪.‬‬

‫أسئلة البحث‪.‬‬
‫أحاول في هذت الدراسة‪ ،‬إلاجابة عن ألاسئلة التالية ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ما املنهج التجريبي ؟‬
‫‪ 2‬ـ وكيف مارسه باحثو ال رامج إلارشادية ؟‬
‫‪ 3‬ـ وما هي املناهج املناسبة للبحوث إلارشادية ؟‬
‫للجابة عن هذت ألاسئلة‪ ،‬ينبغي التعرل أوال على املنهج التجريبي‪ ،‬وشروطه‪ ،‬ام كيف تم‬
‫إنجا البحوث في برامج إلارشاد وفق هذا املنهج‪ ،‬وألاخطاء التي ارتكبها الباحثون‪ ،‬ام تقديم‬
‫عدد من التصميمات البديلة‪ ،‬وعلى الباحثين أن يختاروا منها ما يرونه مالئما لبحوثهم‪ ،‬وما‬
‫ستطيعون القيام به‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫أوال ‪ :‬املنهج التجريبي ‪ :‬تعريفه‪ ،‬خطواته‪ ،‬وشروطه ومتغيراته‬
‫‪ )1‬املنهج التجريبي‪.‬‬
‫يقوم التجريب في البحث العلمي‪ ،‬على اعتقاد مفادت‪ ،‬أن ما يحدث في التجارب‪ ،‬هو نفسه‬
‫ما يحدث في الواقع‪ ،‬لو يتم ضبط العوامل والظرول في الواقع كما يحدث في التجارب‪.‬‬
‫عرل التجريب ب نه ‪" :‬تغيير متعمد ومضبوط للشروط املحددة لحدث ما‪ ،‬مع مالحظة‬ ‫و ّ‬
‫التغيرات الواقعة في ذات الحدث وتفسيرها"‪( .‬نقال عن ‪ :‬جودت شاكر محمود‪.)131 ،2007 ،‬‬
‫و عرل تيم ‪ ،Tate, 1988‬التجربة الحقيقية‪ ،‬ب نها ‪" :‬بحث تكون فيه وحدات التجربة‬
‫عشوائية على معالجات تجريبية مختلفة"‪ ( .‬ايد بن عجير الحارثي‪.)97 ،1994 ،‬‬
‫و عرل كيدر‪ ،‬جود ‪ ،Kidder & Judd, 1986‬التجربة العشوائية‪ ،‬على أنها ‪" :‬تصميم بحثي‬
‫عين فيه ألافراد عشوائيا على مستويات املتغير املستقل"‪ .‬وتتطلب من املجرب أن يكون قادرا‬‫ّ‬
‫على ضبط أو تغيير املتغير املستقل واستعمال نظام التعيين العشوا ي‪ .‬وهذا عادة‪ ،‬ما يتحقق‬
‫ببساطة في املواقف املعملية‪ .‬ولكن يمكن إجراء التجربة العشوائية في مواقف الحياة‬
‫الحقيقية‪ .‬إن العلم ال ي بدأ وال ينتهي بالتجربة العشوائية‪ .‬إنما هو عملية اكتشال حيث‬
‫تستخدم أفضل ألادوات املتاحة للجابة عن ألاسئلة‪ ( .‬ايد بن عجير الحارثي‪ 97 ،1994 ،‬ـ‬
‫‪.)98‬‬
‫و عرل التجريب كذلك‪ ،‬ب نه ‪ :‬إحداث عامل أو متغير أو عدة متغيرات في موقف معين‪،‬‬
‫أو حذل هذت املتغيرات أو بعضها‪ ،‬بهدل معرفة ما يحدث ملتغير آخر‪ ،‬أو ملتغيرات أخرم‪.‬‬
‫فالتجربة تبدأ بفرض في حاجة إلى اختبار‪ .‬وأبسط الفروض‪ ،‬هو أن حداا ما ينتج عنه حدث‬
‫آخر‪ .‬فالحدث ألاول يدعى سببا والحدث الثاني يدعى نتيجة‪ .‬وبلغة التجريب‪ ،‬يدعى الحدث‬
‫ألاول املتغير املستقل‪ ،‬والحدث الثاني املتغير التابع‪( .‬فرانسيس ت‪ .‬مك أندرو‪.)37 ،2002 ،‬‬

‫‪ )2‬خطوات املنهج التجريبي‪.‬‬


‫لكي يتم تنفيذ التجربة في البحث النفس ي والتربوي‪ ،‬ينبغي على الباحث‪ ،‬أن يتبع‬
‫الخطوات التالية‪.‬‬
‫‪ .1‬التعرل على املشكلة وتحديدها‪.‬‬
‫‪ .2‬صياغة الفروض واستنباط ما يترتب عل ها‪.‬‬
‫‪ .3‬وضع تصميم تجريبي مناسب‪.‬‬
‫‪ .4‬تنفيذ التجربة‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫‪ .5‬تنظيم البيانات الخام واختصارها بطريقة تؤدي إلى أفضل تقدير غير متحيز لألار‬
‫الذي يفترض وجودت‪.‬‬
‫‪ .6‬استعمال اختبار داللة مناسب لتحديد مدم الثقة في نتائج البحث‪( .‬جودت شاكر‬
‫محمود‪.)133 ،2007 ،‬‬

‫‪ )3‬الشروط أو املكونات ألاساسية للمنهج التجريبي‪.‬‬


‫هناك االاة شروط أو مكونات أساسية عمل معها الباحث بنشاط عند إجراء أي تجربة‪،‬‬
‫وهي ‪ :‬الضبط التجريبي‪ .‬املعالجة التجريبية‪ .‬تسجيل ألاار على املتغير التابع‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ الشرط ألاساس ي ألاول ‪ :‬الضبط التجريبي‪.‬‬


‫عد الضبط جوهر الطريقة التجريبية في البحث‪ ،‬ومطلب رئيس ي ف ها‪ .‬فإذا تم إغفال‬
‫س فيه‪ .‬أو‬ ‫عملية الضبط‪ ،‬ستحيل تقييم آاار املتغير املستقل في املتغير التابع‪ ،‬بشكل ال ُل ْب َ‬
‫الخروج باستنتاجات حول السببية‪ .‬كما أن إغفال الضبط التجريبي‪ ،‬يهدم الصدق الداخلي‬
‫للتجربة‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪.)335 ،2004 ،‬‬
‫وتستند العلوم التجريبية‪ ،‬أساسا‪ ،‬على افتراضين يتعلقان باملتغيرات ‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا تكاف موقفان في كل جانب عدا املتغير الذي يضال أو يحذل من أحد املوقفين‪،‬‬
‫فإن أي اختالل يظهر بين املوقفين‪ ،‬يمكن أن عيم إلى ذلك املتغير‪ .‬و شار إلى هذت العبارة‬
‫باسم "قانون املتغير املستقل الواحد"‪.‬‬
‫‪ . 2‬إذا لم يتكاف موقفان‪ ،‬غير أنه يمكن ت كيد أنه يتعذر ألي من املتغيرات‪ ،‬عدا املتغير‬
‫املستقل‪ ،‬أن يكون متميزا في إحداث الظاهرة محل البحث‪ ،‬أو إذا أمكن إقامة تكافؤ بين‬
‫متغيرات متميزة‪ ،‬عدا املتغير املستقل‪ ،‬فإن أي اختالل يقع بين املوقفين‪ ،‬بعد إدخال متغير‬
‫جديد (متغير مستقل) إلى أي من املوقفين‪ ،‬يمكن أن عيم إلى املتغير الجديد‪ .‬تدعى هذت‬
‫العبارة باسم "قانون املتغير الواحد املتميز"‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار‬
‫را افيه‪.)335 ،2004 ،‬‬
‫وت ـب ـدأ ع ـم ـلـي ـة الض ـب ـط الت ـج ـري ـ ـبي‪ ،‬بت ـع ـي ـين امل ـت ـغ ـيرات املس ـت ـق ـل ـة وامل ـتـ ـغ ـيـرات ال ـدخ ـي ـل ـة‬
‫واملتغيرات التابعة في البحث‪ .‬ويدعى املتغير املستقل‪ ،‬كذلك‪ ،‬املتغير التجريبي‪ ،‬أو متغير البحث‪.‬‬
‫واملتغير املستقل‪ ،‬في البحث التجريبي‪ ،‬هو املتغير الذي يريد الباحث أن عرل أارت على‬
‫متغير آخر‪ ،‬أاناء التجربة‪ ،‬يدعى املتغير التابع‪( .‬صالح بن حمد العسال‪.)308 ،1995 ،‬‬

‫‪259‬‬
‫ويتحدد هدل الضبط في أي بحث تجريبي‪ ،‬في إعداد موقف يمكن أن يدرس فيه أار‬
‫املتغيرات‪ .‬ويتم الوفاء بشروط الضبط في قانون املتغير املستقل الواحد في العلوم الطبيعية‬
‫أكثر منه في علم النفس والعلوم إلانسانية عامة‪ .‬ونظرا ألن البحث النفس ي يجرم على البشر‪،‬‬
‫فهناك دائما العديد من املتغيرات التي تتدخل فيه‪ .‬ولذا يكفي إتباع مبدأ أو قانون املتغير‬
‫الواحد املتميز‪ .‬فعند بحث آلااار املختلفة لطريقتين في إرشاد الطالب على مهارات املذاكرة‪،‬‬
‫ينبغي على الباحث أن يقوم باختيار مجموعتين من ألافراد متطابقين في كل ش يء إال في طريقة‬
‫إلارشاد على مهارات املذاكرة‪ .‬ونظرا ألنه ستحيل أن يجد املجرب مجموعتين متطابقتين من‬
‫ألافراد‪ ،‬بصورة مطلقة‪ ،‬فإنه سهى حضار مجموعتين متشابهتين‪ ،‬قدر إلامكان‪ ،‬فيما يتعلق‬
‫باملتغيرات ألاخرم ذات الصلة بالسلوك الذي يقع عليه إلارشاد (مهارات املذاكرة)‪ ،‬وتدعى‬
‫املتغيرات الدخيلة؛ كالذكاء والدافعية والقدرة اللغوية والرضا عن الشعبة الدراسية‬
‫واملستوم التعليمي وغيرها‪ .‬وتهمل متغيرات أخرم التي ال يحتمل أبدا أن تكون لها صلة‬
‫بمهارات املذاكرة‪ ،‬مثل اللياقة البدنية أو لون الشعر أو رقم حجم الحذاء‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي‬
‫تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪.)336 ،2004 ،‬‬
‫و شمل الضبط في التجارب‪ ،‬املتغيرات وإلاجراءات واملفحوصين واملجربين أنفسهم‪ ،‬وكل‬
‫ّ‬
‫املتغير املستقل‪ ،‬أو املتغير التجريبي‪.‬‬ ‫ما يحتمل أن يؤار في املتغير التابع ما عدا‬
‫ومن الطرق الفنية لضبط املتغيرات الدخيلة‪ ،‬بإبعادها من املوقف التجريبي‪ ،‬جعل‬
‫ألافراد املجرب عل هم‪ ،‬متماالين‪ ،‬بقدر إلامكان‪ ،‬في هذت املتغيرات‪ .‬أما إذا كان بعضهم يتصف‬
‫بهذت املتغيرات‪ ،‬بدرجة مرتفعة‪ .‬والبعض آلاخر يتصف بها‪ ،‬بدرجة منخفضة‪ .‬فإن الباحث ال‬
‫ستطيع تفسير ت اير طريقة إلارشاد على تعلم مهارات املذاكرة‪ ،‬هل تعود إلى طريقة إلارشاد‬
‫وحدها أم إلى عوامل أخرم‪ ،‬فيصعب عليه الفصل بين آاار املتغير املستقل وآاار املتغيرات‬
‫الدخيلة على املتغير التابع‪ .‬وهذا يضر بالصدق الداخلي للتجربة‪ ،‬ألن الصدق الداخلي‬
‫للتجربة يتحقق عندما يتم ضبط املتغيرات الدخيلة ضبطا جيدا‪.‬‬
‫ويتعرل الباحث على املتغيرات الدخيلة من خالل خ رته السابقة بالظواهر السلوكية‪،‬‬
‫والعالقات بينها‪ ،‬ومن خالل التحليل الدقيق للمشكلة‪ .‬كما أن الاطالع الواسع على البحوث‬
‫التي تناولم نفس املتغير التابع‪ ،‬يمد باملعلومات عن املتغيرات التي وجد باحثون آخرون أنها‬
‫تيسر فهما أوسع وأعمق للظواهر‬ ‫تؤار فيه‪ .‬فكل باحث يكشف عن مييد من املعلومات التي ّ‬
‫السلوكية‪ .‬وتعت ر نتائج الدراسات السابقة أغ ى مصدر يمد الباحث بمعلومات عن املتغيرات‬
‫التي يجب ضبطها في التجربة‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫فمثال‪ ،‬وجد الباحثون في املهارات الحسية الحركية كمتغير تابع‪ ،‬عالقة ضعيفة بين‬
‫درجات الذكاء والتعلم الحس ي الحركي‪ .‬ولكنهم تعرفوا على عدد من العوامل ألاخرم التي‬
‫ترتبط بهذت املهارات‪ .‬مثل ‪ :‬القوة والسرعة والدقة وقوة التحمل ورشاقة الحركات وحجم‬
‫الجسم و من الرجع والثبات والتوا ن والتحكم في الحركات إلارادية‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي‬
‫تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪.)336 ،2004 ،‬‬
‫وإذا أراد باحث أن يكشف عما إذا كانم متغيرات أخرم تؤار في املتغير التابع‪ ،‬فال بد أن‬
‫يتعرل عل ها‪ ،‬ويجد طريقة لضبطها (عيلها وتثبيتها)‪ ،‬حتى ال تؤار في نتائج بحثه‪ .‬ومن أك ر‬
‫ألاخطاء التي يقع ف ها الباحثون‪ ،‬الاندفاع إلى وضع تصميم تجريبي‪ ،‬قبل أن تتوفر لديهم‬
‫معلومات كافية باملتغيرات التي يجب ضبطها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الضبط في التجارب النفسية‪.‬‬


‫إن أكثر إلاجراءات املميزة للتجارب العلمية في علم النفس‪ ،‬هي ضبط جميع املتغيرات‬
‫التي قد تمنع الباحث من اختبار إمكان ت اير املتغير املستقل في املتغير التابع‪ .‬ولذا يحاول‬
‫املجربون ضبط كل من املوقف التجريبي وخصائ املفحو وت اير املجرب نفسه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الباحثون‬

‫‪ .1‬ضبط املوقف التجريبي‪.‬‬


‫ّ‬
‫يتكون املوقف التجريبي من خ رات كثيرة‪ ،‬التي يمكن أن تؤار في املتغير التابع‪ ،‬وعلى‬
‫املجرب أن يتعرل عل ها ويضبطها جيدا‪ .‬وإحدم أفضل طرق الضبط التجريبي‪ ،‬أن يتعرض‬
‫املفحوصون لنفس الخ رات في املوقف التجريبي (إجراءات التجربة‪ ،‬ألاماكن التي تجرم ف ها‬
‫التجربة‪ ،‬التعليمات التي تقدم للمفحوصين‪ ،‬املهام التي يؤدونها وغيرها)‪ .‬بمع ى أن تكون‬
‫الخ رات موحدة‪ .‬فمثال‪ ،‬لو تجرم التجربة على عملية "تركيز الانتبات"‪ .‬ويحدث أن تجرم‬
‫التجربة على بعض املفحوصين من املجموعة التجريبية في الصباح‪ ،‬وفي قاعة واسعة‪ ،‬ويلقي‬
‫التعليمات باحث صاحب خ رة‪ ،‬وتنجي املهام في التجربة بطريقة شفوية‪ .‬بينما تجرم على‬
‫البعض آلاخر من نفس املجموعة التجريبية في املساء‪ ،‬وفي حجرة ضيقة‪ ،‬ويلقي التعليمات‬
‫باحث مبتدئ‪ ،‬وتنجي املهام في التجربة بطريقة كتابية‪ .‬فإن هذت الفروق في الخ رات التي‬
‫تعرض لها املفحوصون في املوقف التجريبي‪ ،‬سول تحجب ت اير املتغير املستقل على املتغير‬
‫التابع‪ .‬وكذلك‪ ،‬إذا كانم هناك ظرول فيزيقية أاناء إجراء التجربة‪ ،‬كالضوضاء وشدة‬

‫‪261‬‬
‫إلاضاءة ودرجة التهوية وغيرها‪ ،‬فإن هذت الظرول من الطبيهي أن تؤار في نتائج التجربة‪.‬‬
‫(لندا ل‪ .‬دافيدول‪ 80 ،1983 ،‬ـ ‪( .)81‬ديوبولد فان دالين‪.)382 ،1984 ،‬‬

‫املفحوصين‪.‬‬ ‫‪ .2‬ضبط خصائ‬


‫تعد صفات املجرب عل هم عامال مؤارا في نتائج التجارب‪ .‬لذا يحاول الباحثون إحضار‬
‫محفوصين متكافئين بقدر إلامكان في جميع الخصائ (املتغيرات) الهامة التي يحتمل أن‬
‫تشوم على ت اير املتغير املستقل‪ .‬ويتبعون في هذا املسهى عدة طرق؛ منها ‪ .1 :‬السحب‬
‫العشوا ي للعينة‪ ،‬وهو أحد إلاجراءات الشا عة الختيار عينة البحث‪ ،‬في املنهج التجريبي‪ .‬حيث‬
‫يتم اختيار املفحوصين بطريقة يكون ف ها لكل فرد منهم فرصة متساوية في احتمال اختيارت‬
‫كمفحو في البحث‪ .2 .‬التعيين العشوا ي‪ ،‬أو طريقة املطابقة‪ ،‬حيث يكون ألافراد في‬
‫املجموعة التجريبية واملجموعة الضابطة أو في املجموعات التجريبية متكافئين ومتشابهين في‬
‫الخصائ (املتغيرات) الهامة التي من املحتمل أن تؤار على املتغير التابع‪ .‬فلو كان موضوع‬
‫التجربة هو املقارنة بين طريقتين لتعلم الحساب في املرحلة الابتدائية‪ ،‬فإنه ينبغي على املجرب‬
‫أن يحضر أطفاال متكافئين ومتشابهين في خصائ (متغيرات) الجنس والعمر والذكاء‬
‫والخ رات السابقة بتعلم الحساب والدافعية والقدرة اللغوية‪ .‬ألن هذت املتغيرات‪ّ ،‬‬
‫تبين من‬
‫نتائج البحوث السابقة أنها تؤار في عملية التعلم بصفة عامة‪ ،‬وفي تعلم الحساب بصفة‬
‫خاصة‪( .‬لندا ل‪ .‬دافيدول‪.)81 ،1983 ،‬‬

‫‪ .3‬ضبط ت اير املجرب‪.‬‬


‫يتعمدوا ذلك‪ ،‬حاجبين بذلك‬‫في بعض ألاحيان‪ ،‬يؤار املجربون على نتائج بحوثهم دون أن ّ‬
‫ّ‬
‫(املجرب‬ ‫أار املتغير املستقل‪ .‬ومن أشهر الت ايرات في هذا الصدد‪ ،‬ألاار الناجم عن معرفة الفرد‬
‫عليه) أنه موضع مالحظة واهتمام‪ ،‬وانتباهه إلى ذلك‪ .‬وهذا ما عرل ب ار هاواورن (أار‬
‫الاهتمام على ألاداء)‪ .‬وفي هذت التجارب يتم وضع املجموعة الضابطة واملجموعة التجريبية‬
‫في نفس ظرول العمل الفيزيقية‪ ،‬ولكن يتم إعالم أفراد املجموعة التجريبية فقط‪ ،‬أنهم‬
‫موضع بحث تجريبي‪ .‬ولتجنب هذت املشكلة‪ ،‬عطي الباحثون نفس نوع ومقدار الاهتمام لكل‬
‫املجموعات‪ .‬أي إعالمهم جميعا أنهم موضع بحث تجريبي‪ .‬ومن ت ايرات املجربين على نتائج‬
‫بحوثهم‪ّ ،‬‬
‫تحيزاتهم إلى اتجات معين يريدون أن تظهر عليه النتائج‪ .‬ويؤار املجربون كذلك‪ ،‬ببعض‬
‫جوانب سلوكهم أاناء إجراء التجارب‪ ،‬ك ن يصدروا تعليمات غير واضحة تماما‪ ،‬أو يؤارون‬

‫‪262‬‬
‫عن طريق تعبيرات وجوههم ون رات أصواتهم‪ ،‬أو حركاتهم أو تلميحات وإيماءات معينة‪ .‬ويطلق‬
‫على هذت التصرفات التي تصدر من املجرب‪ ،‬مصطلح "خصائ املطلب"‪( .‬لندا ل‪.‬‬
‫دافيدول‪ 82 ،1983 ،‬ـ ‪.)84‬‬

‫‪ 3‬ـ طرق ضبط املتغيرات في التجارب النفسية‪.‬‬


‫أبدع الباحثون في منهج البحث التجريبي عددا من الطرق لضبط املتغيرات‪ .‬ويقترح براون‬
‫‪ ،Brown‬غيزيللي ‪ ،Ghiselli‬تصنيفها إلى االث فئات ك رم‪ ،‬هي ‪:‬‬

‫‪ .1‬التحكم الفيزيقي‪.‬‬
‫تستعمل عدة طرق في التحكم الفيزيقي من أجل أن ‪ )1 :‬يتم تعرض جميع املفحوصين‬
‫لنفس الدرجة من الت اير للمتغير املستقل‪ )2 .‬يتم عيل ت اير املتغيرات املستقلة غير التجريبية‬
‫(الدخيلة) في املتغير التابع‪.‬‬
‫ولتحقيق ذلك‪ ،‬يتم اللجوء إلى استعمال وسائل فيزيائية ‪ :‬فقد يقوم املجرب بإعداد‬
‫حجرات عا لة للصوت‪ ،‬وتتوفر ف ها نفس الدرجة من التهوية ونفس املساحة والارتفاع‪ ،‬ونفس‬
‫تلوين الجدران‪ ،‬لكي عيل املتغيرات غير املرغوبة‪ .‬وقد ستعمل املجرب نافذة للرؤية من‬
‫جانب واحد ملالحظة املجرب عل هم‪ .‬حتى ال غير وجودت من سلوكهم‪ ،‬ويؤار فيه أاناء التجربة‪.‬‬
‫وقد ستعمل أجهية صوتية أو بصرية أو ملسية ليقدم من خاللها معلومات للمفحوصين‪ .‬كما‬
‫يمكن أن ستعمل وسائل كهربائية ‪ :‬لتوفير عملية الضبط‪ ،‬كالتحكم في درجة شدة إلاضاءة‬
‫ونوعها ولونها‪ .‬كما يمكن استعمال أساليب جراحية ‪ :‬مثل القيام بنزع غدد معينة من‬
‫الجسم‪ ،‬أو إتالل أجياء معينة من املخ‪ ،‬لكي حدد آاارها في السلوك‪ .‬كما يمكن استعمال‬
‫وسائل غذائية أو صيدالنية ‪ :‬مثل التغيير في تغذية املفحوصين‪ ،‬في النوع وفي الكم وفي الوقم‪.‬‬
‫أو جعلهم يتناولون عقاقير طبية معينة‪ ،‬أو هرمونات معينة‪( .‬ديوبولد فان دالين‪،1984 ،‬‬
‫‪( .)388‬صالح بن حمد العسال‪.)308 ،1995 ،‬‬

‫‪ .2‬التحكم الانتقا ي‪.‬‬


‫هناك متغيرات ال يمكن ضبطها بالتحكم الفيزيقي املباشر‪ ،‬لكن يمكن ضبطها بالتحكم‬
‫غير املباشر‪ .‬فقد يحقق الباحث ضبط املتغيرات عن طريق ‪ :‬اختيار املواد املستعملة في‬
‫التجربة‪ .‬فعلى سبيل املثال؛ في بحث يتناول مقدار الوقم الضروري لتذكر مواد ذات أطوال‬

‫‪263‬‬
‫مختلفة؛ لفظية أو عددية‪ ،‬مثل قوائم من مقاطع عديمة املع ى‪ ،‬قد يؤار ش يء آخر غير طول‬
‫املواد في الوقم الضروري للتعلم‪ ،‬كعامل الصعوبة مثال‪ .‬وهنا ينبغي على الباحث أن يجعل‬
‫املقاطع القصيرة والطويلة متساوية في عامل الصعوبة‪.‬‬
‫ومن الطرق غير املباشر لضبط املتغيرات‪ ،‬طريقة اختيار املفحوصين‪ .‬فمثال‪ ،‬إذا أراد‬
‫الباحث معرفة أي الطريقتين "س" أو " " أفضل في إلارشاد النفس ي للتخل من مشكلة‬
‫نفسية‪ ،‬فهناك أحداث معينة إلى جانب طريقتي إلارشاد النفس ي‪ ،‬يمكن أن تؤار في عملية‬
‫التخل من املشكلة النفسية محل إلارشاد‪ .‬فإذا كان أفراد الطريقة "س" أك ر سنا أو أعلى‬
‫تعليما أو أكثر إقباال على إلارشاد من أفراد الطريقة " "‪ ،‬فمن املحتمل أال يكون تخلصهم‬
‫من املشكلة النفسية سببه هو طريقة إلارشاد فقط‪ .‬وللتخل من ت اير عوامل السن‬
‫والتعليم وإلاقبال على إلارشاد‪ ،‬يتم التزاوج بين كل املفحوصين‪ ،‬ام يو عون عشوائيا على‬
‫املجموعتين فرد من كل وج لكل طريقة‪ .‬وبطريقة اختيار املفحوصين‪ ،‬يتخل الباحث من‬
‫املتغيرات غير املرغوبة‪ ،‬مثل الاتجاهات واملستوم الاجتماعي‪ /‬الاقتصادي والدين والخ رات‬
‫السابقة وغيرها‪( .‬ديوبولد فان دالين‪.)388 ،1984 ،‬‬

‫‪ .3‬التحكم إلاحصا ي‪.‬‬


‫يتم استعمال التحكم إلاحصا ي‪ ،‬حينما ال يتيسر خضوع املتغيرات للتحكم الفيزيقي أو‬
‫للتحكم الانتقا ي‪ .‬ويمكن أن تحقق عمليات الضبط إلاحصا ي نفس املستوم من الدقة الذي‬
‫تيسرت الطرق ألاخرم‪ ،‬حينما تستعمل في تقدير أار متغير ما‪ .‬وتفيد هذت الطريقة بصفة‬
‫خاصة في املواقف التي قد تساهم ف ها متغيرات متعددة في إحداث أار معين‪ ،‬كما هو الحال‬
‫في العلوم الاجتماعية غالبا‪( .‬صالح بن حمد العسال‪.)308 ،1995 ،‬‬
‫وقد كان عيل متغير معين‪ ،‬والتغيير فيه‪ ،‬ودراسة أارت بمفردت على املتغير التابع‪ ،‬قاعدة‬
‫أساسية في التجارب التقليدية‪ .‬إال أن الباحث إذا فعل ذلك‪ ،‬أاناء دراسته ملشكالت معقدة‪،‬‬
‫فإنه ال ستطيع أن يتجاهل أو أن يحول دون العمل املتآني للمتغيرات التي يتفاعل معها‬
‫املتغير التجريبي في املواقف الطبيعية‪ .‬ولكي يتغلب على هذت املشكلة‪ ،‬يمكن أن يبحث عددا‬
‫من املتغيرات املستقلة تباشر عملها معا في الت اير على املتغير التابع‪ ،‬ام ستعمل ألاساليب‬
‫إلاحصائية بعد ذلك‪ ،‬لكي عيل ويقدر أار كل واحد من املتغيرات على حدة‪ .‬ولتوضيح ذلك‪،‬‬
‫فإن كال من الذكاء والدافعية والرضا الدراس ي‪ ،‬كمتغيرات مستقلة‪ ،‬تعمل معا وفي آن واحد‬
‫في الت اير على التحصيل الدراس ي للتلميذ‪ ،‬كمتغير تابع‪ .‬فإذا توصل الباحث إلى معرفة العالقة‬

‫‪264‬‬
‫بين الذكاء والتحصيل الدراس ي فقط‪ ،‬فإن النتائج تكون خادعة‪ ،‬ألن متغير الذكاء هو جيء‬
‫من تفاعله مع كل من الدافعية والرضا الدراس ي‪ .‬ولذلك ال بد من القيام بعيل املتغيرين؛‬
‫الدافعية والرضا الدراس ي‪ ،‬لكي يتيسر تحديد العالقة الدقيقة بين الذكاء والتحصيل‬
‫الدراس ي‪ .‬وكذلك إعطاء التقدير الصحيح لألهمية النسبية ملا ساهم به كل متغير مستقل‪،‬‬
‫الدافعية والرضا الدراس ي‪ ،‬من أار في املتغير تابع (التحصيل الدراس ي)‪( .‬ديوبولد فان دالين‪،‬‬
‫‪.)388 ،1984‬‬

‫‪ 4‬ـ الشرط ألاساس ي الثاني ‪ :‬املعالجة التجريبية‪.‬‬


‫شير مفهوم املعالجة التجريبية‪ ،‬وهو عمل مخطط له يقوم به املجرب‪ ،‬إلى تفعيل‬
‫وتنشيط املتغير املستقل‪ .‬وفي علم النفس والتربية‪ ،‬تتم عملية املعالجة التجريبية بواحد من‬
‫إلاجراءين التاليين وهما ‪:‬‬
‫‪ .1‬إقامة مجموعات معالجة تتكون من مجموعات تجريبية ومجموعات‬
‫ضابطة‪.‬‬
‫وأبسط تجربة تقوم على مجموعة واحدة تجريبية‪ ،‬في أساليب إلاجراء القبلي‪ /‬البعدي‪،‬‬
‫ام مجموعة تجريبية ومجموعة ضابطة‪ ،‬ام مجموعات تجريبية وأخرم ضابطة‪ .‬وحددت هذت‬
‫التعريفات‪ ،‬املجموعة التجريبية على أنها املجموعة التي تحظ بتعرضها للمتغير املستقل‪،‬‬
‫واملجموعة الضابطة ال تتعرض للمتغير املستقل‪ .‬واستعمال املجموعة الضابطة‪ ،‬عين‬
‫الباحث على تخفيض عدد التفسيرات البديلة لت اير املعالجة‪ .‬ويفضل املجربون استعمال‬
‫أكثر من مجموعة تجريبية واملقارنة بينها‪ ،‬أفضل من استعمال مجموعة واحدة تجريبية‬
‫وأخرم ضابطة‪ .‬وينبغي أن تكون املجموعات كلها‪ ،‬تجريبية وضابطة‪ ،‬متكافئة في جميع‬
‫املتغيرات الدخيلة التي قد تؤار في املتغير التابع‪.‬‬
‫‪ .2‬تعرض املجموعات التجريبية للمتغير املستقل في مستويات أو كميات‬
‫متفاوتة‪ ،‬أو كيفيات مختلفة‪ .‬وتمثل مستويات أو كيفيات املتغير املستقل اانين أو أكثر‪.‬‬
‫في الكم أو الدرجة‪ ،‬مثل ‪( :‬تعرض لدرجات من الضوضاء أو لدرجات من الحرارة أو ملقادير‬
‫متفاوتة من إلارشاد أو التدريب)‪ .‬أما في الكيف أو النوع‪ ،‬مثل ‪( :‬طرق وأساليب التدريب‪،‬‬
‫مو عة‪ /‬مركية‪ .‬أو التدر س‪ ،‬محاضرة‪ /‬مناقشة‪ .‬أو العالج النفس ي‪ ،‬سلوكي‪ /‬معرفي‪ .‬أو‬
‫تعليمات‪ ،‬محايدة‪ /‬منافسة)‪ ،‬استنادا إلى طبيعة املعالجة التجريبية‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي‬

‫‪265‬‬
‫تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪ 336 ،2004 ،‬ـ ‪( .)337‬محمد نجيب الصبوة‪ ،‬عبد الفتاح‬
‫القرش ي‪.)42 ،1995 ،‬‬

‫‪ 5‬ـ الشرط ألاساس ي الثالث ‪ :‬تسجيل ألاار على املتغير التابع‪.‬‬


‫وهو نتيجة التجربة وهدفها‪ .‬هل حدث تغير في املتغير التابع بفعل ت اير املتغير املستقل؟‬
‫ويتم تسجيل ذلك من خالل التغير الذي حدث في سلوك ألافراد موضع التجربة؛ كانخفاض‬
‫مشاعر القلق‪ ،‬أو ارتفاع مشاعر الثقة بالنفس‪ ،‬أو يادة في الدافع إلى إلانجا ‪ ،‬أو تعلم مهارات‬
‫جديدة‪ ،‬أو اكتساب معلومات جديدة‪ ،‬أو اتجاهات جديدة وغيرت‪ .‬وعادة ما يكون تسجيل‬
‫التغير الذي حدث في املتغير التابع‪ ،‬على شكل درجات كمية كقياسات‪ ،‬تقارن ف ها قياسات‬
‫املجموعة التجريبية بقياسات املجموعة الضابطة‪ .‬أو تقارن قياسات مجموعات تجريبية‪ .‬وال‬
‫بد أن تبين املقارنة للباحث‪ /‬املجرب‪ ،‬أن الفرق بين املجموعتين أو املجموعات في املتغير‬
‫التابع‪ ،‬تعود إلى الاختالل في تعرضها للمتغير املستقل وحدت‪.‬‬

‫‪ )4‬املتغيرات في مناهج البحث النفس ي التجريبي وتصنيفها‪.‬‬


‫يجرم تصميم البحوث في العلوم إلانسانية وفق الاختالل والتنوع بين ألافراد والظرول‪،‬‬
‫ويهدل النشاط البحثي‪ ،‬عموما‪ ،‬إلى محاولة فهم كيف تتغير الظواهر وألاحداث‪ ،‬وأسباب‬
‫تغيرها‪ .‬و شير مصطلح "متغير" إلى أن ظاهرة ما أو حداا ما يتغير‪ ،‬أي ي خذ قيما مختلفة‬
‫ومتفاوتة‪ ،‬فالطول يتفاوت من فرد إلى آخر‪ ،‬وكذلك إلاضاءة ودرجة الحرارة والذكاء‬
‫والدافعية‪ .‬وفيما يلي عدد من املتغيرات التي يتم تناولها في التجارب‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ املتغير املستقل‪ .‬هو املتغير الذي سهى الباحث إلى معرفة أارت في املتغير التابع‪.‬‬
‫ويكون مستقال عن خصائ ألافراد‪ .‬ويتحكم فيه الباحث‪ ،‬بحيث يقدمه للمفحوصين في‬
‫كميات متفاوتة‪ ،‬في الكم أو في الشدة أو في املدة اليمنية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ املتغير التابع‪ .‬هو املتغير الذي سهى الباحث إلى معرفة أار املتغير املستقل فيه‪ .‬من‬
‫خالل قياس ذلك ألاار موضوعيا‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ املتغير املـ ـعـ ـدل‪ .‬هـ ـو املت ـغ ـير الذي‪ ،‬إذا أدرجـ ـه الباحث في التجربة‪ ،‬ق ـد غير في ألااـر‬
‫الذي يحداه املتغير املستقل في املتغير التابع‪ .‬مثال‪ ،‬أار الدافعية في ألاداء‪ ،‬تكون له نتيجة‬
‫معينة‪ .‬ولكن هذت النتيجة قد تتغير إذا أدخلنا متغير العمر أو الجنس‪ ،‬أو نوع العمل أو درجة‬
‫صعوبته‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫‪ 4‬ـ املتغير الضابط‪ .‬هو املتغير الذي يقع تحم سيطرة الباحث‪ ،‬و عمل على إبعادت‬
‫(عيله) من التجربة‪ ،‬حتى يقلل من مصادر الخط في التجربة‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ املتغير الدخيل أو العارض‪ .‬هو املتغير الذي ال يريدت الباحث ضمن تصميم‬
‫التجربة‪ ،‬وفي نفس الوقم ال يقع تحم سيطرته‪ ،‬وال ستطيع إبعادت‪ .‬ولكنه يؤار على نتائج‬
‫البحث‪ ،‬أي يؤار على املتغير املستقل‪ .‬وفي هذت الحالة‪ ،‬ينبغي على الباحث‪ ،‬أن ي خذت بعين‬
‫الاعتبار عند مناقشة النتائج وتفسيرها‪ ( .‬كرياء الشربي ي‪( .)24 ،1995 ،‬محمد نجيب‬
‫الصبوة‪ ،‬عبد الفتاح القرش ي‪ 40 ،1995 ،‬ـ ‪.)41‬‬

‫‪ )5‬املقارنة التجريبية‪.‬‬
‫تبدأ التجربة بفرضية تجريبية التي تعد تنبؤا ب ن املعالجة التجريبية سيكون لها ت اير‬
‫معين‪ .‬وتع ر الفرضية عن التوقعات مثل الاستنتاجات الناجمة عن التغيرات التي سيتم‬
‫إدخالها‪ .‬أي أن مجموعات املعالجة التجريبية ومجموعات الالمعالجة‪ ،‬سول تختلف بسبب‬
‫ت اير املعالجة التجريبية‪ .‬ويتم التخطيط للتجربة وتنفيذها بهدل جمع ألادلة التي لها عالقة‬
‫بالفرضية‪ .‬وبالنسبة ألبسط تجربة‪ ،‬هناك حاجة ملجموعتين من ألافراد "املجموعة‬
‫التجريبية" و "املجموعة الضابطة"‪ .‬وتعرل املجموعة التجريبية ب نها املجموعة التي تحظ‬
‫بمعالجة خاصة (تتعرض للمتغير املستقل)‪ .‬بينما ال تحظ املجموعة الضابطة ب ية معالجة‬
‫(ال تتعرض للمتغير املستقل)‪ .‬إن استعمال املجموعة الضابطة‪ ،‬عين الباحث على تخفيض‬
‫عدد من التفسيرات البديلة لت اير املعالجة‪ .‬مثال‪ ،‬إذا أدم التدر س بطريقة الاستقراء ملادة‬
‫الجغرافيا إلى نتائج جيدة لدم مجموعة من التالميذ مقارنة بمجموعة أخرم لم تدرس بهذت‬
‫الطريقة‪ ،‬فإن تفسير هذت النتيجة بت اير طريقة الاستقراء في التدر س يكون مقبوال‪( .‬دونالد‬
‫آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪.)337 ،2004 ،‬‬
‫وعلى كل‪ ،‬فإن املوقف امل لول في املقارنات التجريبية في علم النفس والتربية‪ ،‬هو املوقف‬
‫الذي تتم فيه املقارنة بين مجموعات تحظ بمعالجات مختلفة‪ ،‬وتدعى هذت "مجموعات‬
‫املقارنة"‪ .‬وتدرس أغلب التجارب في علم النفس والتربية‪ ،‬في نتائج اانين أو أكثر من املعالجات‬
‫بدال من الفرق بين نتائج معالجة واحدة مقابل عدم املعالجة كليا‪ .‬فمثال‪ ،‬يبدو ألامر ال فائدة‬
‫منه‪ ،‬إذا تمم املقارنة بين مجموعتين في التحصيل في مادة الحساب‪ ،‬إحداهما تم تدر سها‬
‫بالطريقة الاستقرائية‪ ،‬وألاخرم لم يتم تدر سها ب ية طريقة‪ .‬وألافضل من ذلك‪ ،‬أن تتم‬
‫املقارنة بين مجموعتين إحداهما تم تدر سها بطريقة (أ) وألاخرم تم تدر سها بطريقة (ب)‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫وتفيد املقارنة بين مجموعات حظيم بمعالجات تجريبية مختلفة‪ ،‬مثلما هو الحال بمقارنة‬
‫مجموعات تعرضم ملعالجات تجريبية ومجوعات لم تتعرض لذلك‪ .‬و شير مصطلح‬
‫"املجموعة الضابطة" إلى املجموعة التي لم تحظ ب ية معالجة تجريبية بديلة‪ .‬واملقارنات بين‬
‫املجموعات‪ ،‬تصميم مهم جدا في البحث العلمي النفس ي والتربوي‪ .‬فمقارنة مجموعة تعرضم‬
‫ملعالجة تجريبية مع مجموعات لم تتعرض ملعالجة تجريبية‪ ،‬أو مجموعة مكافئة‪ ،‬أو‬
‫مجموعات تعرضم ملعالجات تجريبية بديلة‪ ،‬تجعل من املمكن الحصول على نتائج محل‬
‫اقة‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪ 337 ،2004 ،‬ـ ‪.)338‬‬
‫ولنجاح عملية املقارنة التجريبية‪ ،‬يجب أن تكون املجموعات التجريبية والضابطة‬
‫متكافئة في جميع املتغيرات التي يحتمل أن تؤار على املتغير التابع‪ ،‬وتختلف فقط في تعرضها‬
‫للمتغير املستقل‪.‬‬

‫اانيا ‪ :‬كيف تم إنجا البحوث في ال رامج إلارشادية ؟‬


‫وبعد عرض هذت املعلومات عن املنهج التجريبي‪ ،‬نتساءل‪ ،‬هل أخذ الباحثون في مجال‬
‫إلارشاد النفس ي‪ ،‬باملكونات ألاساسية الثالاة للبحث التجريبي في تصميمات بحوثهم ؟‬

‫‪ )1‬بالنسبة للضبط التجريبي‪.‬‬


‫‪ 1‬ـ املتغير املستقل ‪ :‬إن ال رنامج إلارشادي الذي يتم إنجا ت‪ ،‬وهو املتغير املستقل‪.‬‬
‫صحيح أنه ال وجود له قبل التجربة‪ ،‬وليس خاصية من خصائ املفحوصين‪ ،‬ويقوم الباحث‬
‫بتفعيله وتنشيطه‪ ،‬ولكن هل يتم التحكم فيه وتفعيله وتنشيطه بدرجة تامة ؟ ألنه إذا كانم‬
‫الجلسات إلارشادية فردية‪ ،‬فإن ما يحدث بين املرشد وأحد املفحوصين‪ ،‬في أحد الجلسات‪،‬‬
‫ليس هو ما يحدث في الجلسات ألاخرم مع مفحوصين آخرين من نفس املجموعة التجريبية‪.‬‬
‫ألن هناك العديد من الظرول والعوامل التي تتدخل أاناء الجلسات إلارشادية‪ ،‬فتجعلها‬
‫مختلفة‪ ،‬أي خالل تنفيذ التجربة‪ .‬وهذت الظرول والعوامل بعضها يتعلق باملرشد نفسه‪،‬‬
‫من حيث مدم صفاء مياجه‪ ،‬واستعدادت للعمل إلارشادي‪ ،‬وخ رته‪ ،‬واقته في كفاءته وفيما‬
‫ينجيت‪ .‬ومنها ما يتعلق باملسترشد‪ ،‬من حيث درجة اتصافه باالضطراب محل العملية‬
‫إلارشادية‪ ،‬ومدم اقته باملسترشد‪ ،‬وانضباطه في حضور الجلسات إلارشادية‪ ،‬واتجاهه نحو‬
‫العملية إلارشادية‪ .‬وهنا يتبين أن تحكم الباحث في املتغير املستقل‪ ،‬وهو مكون أساس ي في‬
‫املنهج التجريبي‪ ،‬ضعيف‪ ،‬مما يهدم الصدق الداخلي للتجربة‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫‪ 2‬ـ املتغيرات الدخيلة‪ .‬إذا لم يتم ضبطها‪ ،‬ال ستطيع الباحث أن يجيم أن ال رنامج‬
‫إلارشادي الذي تعرض له املفحوصون‪ ،‬هو فقط الذي كان له ألاار على املتغير التابع (السلوك‬
‫الذي أنش ئ من أجله ال رنامج إلارشادي)‪ .‬فالباحث الذي عد برنامجا إرشاديا بغرض خفض‬
‫مشاعر قلق الامتحان لدم مجموعة من املتمدرسين‪ ،‬عليه أن يختار مفحوصين متجانسين‬
‫جدا في املتغيرات التي تبين أن لها عالقة باألداء في الامتحانات‪ ،‬كالذكاء‪ ،‬والدافعية‪ ،‬وسهولة‪/‬‬
‫صعوبة أسئلة الامتحان‪ ،‬واملعرفة السابقة بموضوع الامتحان (بالنسبة للمتمدرسين‬
‫املعيدين للعام الدراس ي) وغيرها‪ ،‬وإال ال يمكنه أن يكون مت كدا من أن ال رنامج إلارشادي‬
‫وحدت هو الذي أدم إلى خفض مشاعر قلق الامتحان‪.‬‬
‫ومن املؤكد‪ ،‬أن الباحثين لم يضبطوا املتغيرات الدخيلة‪ ،‬ولم يكن لهم اهتمام بها‪ .‬وهذا‬
‫من ش نه أن يهدم الصدق الداخلي للتجربة‪.‬‬

‫‪ )2‬بالنسبة للمعالجة التجريبية‪.‬‬


‫تم استعمال تصميم العينة التجريبية الواحدة‪ ،‬والقياس قبلي‪ /‬بعدي للمتغير التابع‪،‬‬
‫وهو من أضعف التصميمات التجريبية‪ .‬ولم تستعمل املجموعة الضابطة‪ ،‬ولم يتم كذلك‪،‬‬
‫تقديم املتغير املستقل بكميات متفاوتة‪.‬‬

‫‪ )3‬املفحوصون‪.‬‬
‫بالنسبة للمفحوصين الذين استدعم حاالتهم التدخل إلارشادي‪ ،‬كيف تم سحبهم ؟‬
‫هل كانوا قد اتصلوا بالباحثين وطلبوا منهم إرشادهم بسبب مشكالت أو منغصات عانون‬
‫منها ؟ أم أن الباحثين هم الذين طلبوا من أيخا ‪ ،‬وعادة ما يكونون من طالب الجامعة‬
‫ألاسوياء‪ ،‬أن يتطوعوا ك صحاب مشكالت في حاجة إلى إرشاد ؟ إنه في حدود علمي‪ ،‬يتم‬
‫اختيار املفحوصين عادة‪ ،‬من بين ألاصل العام السوي‪ .‬ولم يحدث أن كانوا من الذين يترددون‬
‫على مصحات نفسية أو إرشادية‪ .‬كما يتم اختيارهم من الذين ترتفع درجاتهم على أداة‬
‫القياس املستعملة (وليس التشخي )‪ .‬وتستعمل للمرة الواحدة‪ .‬وهنا نتساءل‪ ،‬هل يكفي‬
‫أن ترتفع درجة الفرد على أداة تقيس قلق الامتحان‪ ،‬فيتم اعتبارت يخصا في حاجة إلى إرشاد‬
‫؟ وإذا كانم العينات سوية‪ ،‬ما هي حاجاتها إلارشادية ؟ أم لكونها عينات سوية‪ ،‬جعلم برامج‬
‫إلارشاد كلها ناجحة ؟ وإذا كانم عينات غير سوية‪ ،‬فما مصدرها ؟ ألنه‪ ،‬في حدود علمي‪ ،‬ال‬
‫تتوفر لدينا مراكي أو عيادات تتولى إلارشاد ميدانيا‪ ،‬سواء في مجال التربية أو العمل أو ألاسرة‬

‫‪269‬‬
‫أو غيرت‪ ،‬حتى تسحب العينات منها‪ .‬فالعينات املستعملة‪ ،‬كثيرا ما كانم من طالب الجامعة‪،‬‬
‫الذين لم يحدث أن طلبوا خدمات نفسية بسبب صعوبات حياتية تعرضوا لها‪ ،‬وبالتالي‬
‫يفترض ف هم السواء‪.‬‬

‫السلوك موضوع إلارشاد‪.‬‬ ‫‪ )4‬تشخي‬


‫كيف تم تشخي السلوك‪ ،‬الذي أنش ئ من أجله ال رنامج إلارشادي لتعديله ؟ هل تتوفر‬
‫ألادوات املستعملة على شروط أدوات التشخي بحيث تتميز بشروط سيكومترية جيدة ؟‬
‫واستخرجم لها معايير التقنين على املجتمع الذي سحبم منه عينة إلارشاد ؟ وهل يكفي‬
‫التشخي ب داة واحدة‪ ،‬وملرة واحدة‪ ،‬أم ال بد من استعمال وسائل تشخي أخرم‪،‬‬
‫كاملقابلة‪ ،‬أو استعمال أداة تشخي أكثر من مرة ؟ وربما تم التشخي ب دوات ال تستعمل‬
‫عادة في التشخي ‪ ،‬مثل قائمة آرون بيك لالكتئاب‪.‬‬

‫وإلارشاد‪.‬‬ ‫‪ )5‬التدريب على التشخي‬


‫هل الباحثون الذي أنجيوا بحواا حول ال رامج إلارشادية‪ ،‬ومارسوا التشخي وإلارشاد‪،‬‬
‫مدربون على التشخي وأساليبه‪ ،‬ومدربون على إلارشاد وفنياته ؟ خاصة وأن مجاالت‬
‫إلارشاد متعددة بتعدد مجاالت الحياة‪ .‬إن ال رنامج إلارشادي الذي عد من أجل التوافق مع‬
‫مشكالت أسرية‪ ،‬غير ال رنامج الذي عد من أجل التوافق مع مشكالت مهنية‪ .‬وتتعدد كذلك‬
‫النظريات التي تؤسس خلفية علمية ل رامج إلارشاد‪.‬‬

‫‪ )6‬أار هاواورن‪.‬‬
‫وهل أدرك الباحثون في إلارشاد أار هاواورن‪ ،‬فعملوا على حجب ت ايرت في نتائج بحوثهم؟‬

‫االثا ‪ :‬ومبدئيا‪ ،‬إليكم املناهج املناسبة لبحوث إلارشاد‬


‫اعتمدت البحوث حول ال رامج إلارشادية على املقارنة‪ ،‬أي الفرق بين القياس القبلي‬
‫والقياس البعدي للمتغير التابع‪ .‬أو الفرق بين املجموعات التجريبية والضابطة‪ .‬وهناك االاة‬
‫مناهج في البحوث الفارقية‪ ،‬أي التي تتعرل على نتيجة البحث من خالل مالحظة الفروق‬
‫بين القياسات أو بين العينات‪ ،‬هي ‪ )1 :‬املنهج التجريبي‪ )2 .‬شبه التجريبي‪ )3 .‬املنهج العلي‪/‬‬
‫املقارن‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫وفي العرض السابق‪ ،‬من هذت الورقة‪ ،‬تم الحديث عن املنهج التجريبي‪ .‬وللفرق بين‬
‫املناهج الثالاة‪ ،‬ينبغي تقديم أمثلة لبحوث تجرم وفق لها ‪:‬‬

‫‪ )1‬املنهج التجريبي‪.‬‬
‫أمثلة‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أار الضوضاء على تركيز الانتبات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أار التعييي على التحصيل الدراس ي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أار التوتر على التفكير في حل املشكالت‪.‬‬
‫‪ )2‬شبه التجريبي ‪:‬‬
‫أمثلة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أار عدد ساعات املذاكرة على التحصيل الدراس ي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أار الكافيين على استجابة إلااارة العصبية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أار عدد أفراد ألاسرة على السلوك العدواني لدم ألابناء‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ )3‬املنهج ال ِع ِلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫أمثلة‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ الفرق بين الجنسين في الدافع إلى إلانجا ‪ :‬بحث مقارن‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الالتحاق برياض ألاطفال والنمو الاجتماعي لديهم ‪ :‬بحث مقارن‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ عدد سنوات التعليم وتقدير الذات ‪ :‬بحث مقارن‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ اليتم والنمو الاجتماعي لدم ألاطفال ‪ :‬بحث مقارن‪.‬‬
‫نالحظ أن الفرق بين املناهج الثالاة‪ ،‬يتمثل فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ . 1‬وجود أو عدم وجود املتغير املستقل قبل إجراء التجربة أو البحث‪ ،‬ومنفصل أو غير‬
‫منفصل عن أي خاصية من خصائ العينات‪.‬‬
‫‪ .2‬مدم قدرة الباحث أو عدم قدرته على التحكم في املتغير املستقل وتفعيله وتنشيطه‬
‫أاناء التجربة‪ ،‬وكذلك ضبط املتغيرات الدخيلة‪.‬‬

‫‪ )1‬في املنهج التجريبي‪.‬‬


‫ستطيع الباحث التحكم في املتغير املستقل‪ ،‬وهو الضوضاء أو التعييي أو التوتر‪ ،‬فيقوم‬
‫بتنشيطه أاناء التجربة‪ ،‬وقد كان منعدما قبل إجراء التجربة‪ ،‬ومنفصال عن خصائ‬

‫‪271‬‬
‫املفحوصين‪ .‬ويقدمه للمفحوصين بكميات متفاوتة‪ .‬وتجرم عملية الضبط التجريبي بإعداد‬
‫مجموعة من املفحوصين متشابهين في املتغيرات ألاخرم (املتغيرات الدخيلة) التي من طبيعتها‬
‫أن تؤار في املتغير التابع (الانتبات أو التحصيل الدراس ي أو سلوك حل املشكالت)‪ .‬ففي البحث‬
‫حول أار الضوضاء على تركيز الانتبات‪ ،‬يقسم الباحث املفحوصين عشوائيا إلى االث‬
‫مج موعات؛ يضع ألاولى في حجرة شديدة الضوضاء‪ ،‬ويضع املجموعة الثانية في حجرة‬
‫متوسطة الضوضاء‪ ،‬ويضع املجموعة ألاخيرة في حجرة ضعيفة الضوضاء‪ .‬و ستطيع أن‬
‫ستعين بمهندس الصوت عداد مستويات الضوضاء املطلوبة‪ .‬ام يقدم للمجموعات‬
‫الثالاة‪ ،‬في نفس الوقم‪ ،‬فيلما قصيرا‪ ،‬حول موضوع ما‪ ،‬مدته ‪ 20‬دقيقة‪ .‬وبعد ذلك يخت ر‬
‫املجموعات الثالاة في مدم انتباههم إلى ما شاهدوت في الفيلم‪ .‬ام يقارن بينها في املتغير التابع‪،‬‬
‫وهو تركيز الانتبات‪.‬‬

‫‪ )2‬في شبه التجريبي‪.‬‬


‫يتحكم الباحث جيئيا في املتغير املستقل‪ ،‬وهو عدد الساعات التي يذاكر ف ها التالميذ‬
‫دروسهم في اليوم‪ .‬فاملتغير املستقل ال يحداه الباحث كليا‪ ،‬إنه موجود قبل إجراء التجربة‬
‫كسلوك يمارسه املفحوصون‪ .‬إن دور الباحث هنا يتمثل في تو ع املفحوصين في مجموعات‬
‫وفق كميات وجود املتغير املستقل لديهم‪ .‬فتكون املجموعة ألاولى من الذين يذاكرون أكثر من‬
‫‪ 4‬ساعات في اليوم‪ .‬وتكون املجموعة الثانية من الذين يذاكرون بين ‪ 2‬ـ ‪ 4‬ساعات في اليوم‪.‬‬
‫أما املجموعة الثالثة فتكون من الذين يذاكرون أقل من ‪ 2‬ساعتين في اليوم‪ .‬ويتم تقسيمهم‬
‫هكذا وفقا جاباتهم عن سؤال يوجه إل هم لهذا الغرض‪ .‬ويكونون جميعهم متساوين في‬
‫املتغيرات التي من طبيعتها أن تؤار في املتغير التابع (التحصيل الدراس ي)‪ .‬ولقياس ألاار في‬
‫املتغير التابع‪ ،‬ستعمل الباحث اختبارا تحصيليا جيدا‪ .‬وبعدها يقارن بين املجموعات الثالاة‬
‫في املتغير التابع (التحصيل الدراس ي)‪( .‬فؤاد أبو ح ـط ـب‪ ،‬آم ـ ـال صادق‪.)96 ،1991 ،‬‬

‫‪ )3‬في املنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬


‫و سم كذلك‪ ،‬البحث الالحق أو الراجع للحدث‪ .‬و سم املتغير املستقل فيه باملتغير‬
‫املنسوب ‪ ،Attribute variable‬ألنه تنسب إليه نتيجة البحث‪ ،‬وهو الفرق بين العينات‪ .‬إن‬
‫الباحث ال يتحكم إطالقا في املتغير املنسوب‪ ،‬وال ستطيع تفعيله أو تنشيطه‪ .‬فهو موجود‬
‫قبل إجراء البحث‪ ،‬بصفته خاصية من خصائ املفحوصين‪ ،‬يتصفون به قبل إجراء‬

‫‪272‬‬
‫البحث‪ ،‬أو وضع يوجدون فيه أو وجدوا فيه قبل إجراء البحث‪ ،‬وليس للباحث أي دور في‬
‫إحدااه قبل البحث أو أاناءت‪ .‬ففي البحث الذي يتناول الفرق بين الجنسين في الدافع إلى‬
‫إلانجا ‪ ،‬ع ت ر الجنس‪ ،‬وهو هنا متغير مستقل‪ ،‬خاصية أحداتها العوامل البيولوجية‪ ،‬ليس‬
‫للباحث أي دور في إحدااه‪ .‬وما عليه إال تقسيم املفحوصين وفقه إلى مجموعتين؛ ذكور‬
‫وإناث‪ ،‬ومتجانسين في كثير من الخصائ ألاخرم‪ ،‬التي هي بمثابة متغيرات دخيلة‪ ،‬كالسن‬
‫واملستوم الاجتماعي الاقتصادي واملستوم التعليمي وغيرها‪ .‬ام يقيس الدافع إلى إلانجا‬
‫(املتغير التابع) لدم كل مجموعة ب داة قياس مناسبة‪ .‬وبعدها يقارن بين املجموعتين في‬
‫املتغير التابع‪ .‬وفي املنهج العلي املقارن‪ ،‬ال نقول املتغير املستقل‪ ،‬بل نقول املتغير املنسوب‪،‬‬
‫ألن أي فرق تتم مالحظته بين العينات ينسب إلى هذا املتغير‪ .‬فإذا كان الفرق لصالح الذكور‬
‫في الدافع إلى إلانجا ‪ ،‬فإن هذا الفرق ينسب إلى عامل الجنس الذكوري‪( .‬دونالد أري‪ ،‬لوس ي‬
‫تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افييه‪ 399 ،2004 ،‬ـ ‪.)400‬‬
‫وبعد ما سبق عرضه‪ ،‬يمكن القول‪ ،‬أنه ‪:‬‬
‫عندما تكون املتغيرات املستقلة في استطاعة الباحث تفعيلها وتنشيطها بصورة تامة‪،‬‬
‫فإنه بوسعه إتباع املنهج التجريبي‪.‬‬
‫أما إذا كان تفعيله وتنشيطه للمتغيرات املستقلة جيئيا‪ ،‬فيمكنه إتباع املنهج شبه‬
‫التجريبي‪.‬‬
‫أما عندما تكون لدم الباحث متغيرات مستقلة منسوبة‪ ،‬بحيث ال دور له في إحداثها‪،‬‬
‫وال ستطيع تنشيطها‪ ،‬فعليه أن يتحول إلى املنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬وآلان‪ ،‬ما املنهج املناسب للبحوث في برامج إلارشاد ؟‬


‫هناك االاة مناهج‪ ،‬ي تي ذكرها فيما يلي بتصميماتها املختلفة‪ ،‬باختصار‪ .‬وكل باحث له‬
‫الاختيار للمنهج الذي يالئم هدل بحثه‪ ،‬وقدراته على استعماله‪.‬‬

‫‪ )1‬املنهج التجريبي‪.‬‬
‫تناولم في فقرات سابقة املنهج التجريبي من حيث تعريفه وشروطه ألاساسية‪ .‬وال بد من‬
‫تناول تصميماته حتى تكتمل الصورة وتتضح لدم القارئ الباحث‪ .‬ولكن قبل ذلك‪ ،‬أشير إلى‬
‫املقصود بالصدق الداخلي للتجربة وأبين العوامل التي تؤار فيه‪ .‬ألنه من خالل هذت العوامل‬
‫نحكم على أي تصميم تجريبي بالنجاح أو بالفشل‪.‬‬

‫‪273‬‬
‫‪ )2‬الصدق الداخلي للتجربة والعوامل املؤارة فيه‪.‬‬
‫إن املعيار ألاول للتصميم البحثي‪ ،‬هو الصدق الداخلي للتجربة‪ .‬و شير الصدق الداخلي‬
‫للتجربة إلى اقة الباحث‪ /‬املجرب في أن التغيرات التي الحظها على املتغير التابع‪ ،‬كان سببها‬
‫املتغير املستقل الذي قام بتفعيله وتنشيطه في التجربة‪ .‬وهذت الثقة ال يصل إل ها الباحث‪/‬‬
‫املجرب‪ ،‬إال إذا وضع تصميما يضبط املتغيرات الدخيلة ضبطا جيدا‪ ،‬بإبعادها حتى ال تؤار‬
‫على املتغير التابع‪.‬‬
‫وحدد كامبل‪ ،‬ستانلي ‪ ،Campbell & Stanley, 1966‬عشر متغيرات دخيلة‪ ،‬تمثل‬
‫تهديدات للصدق الداخلي للتصميم التجريبي للبحث‪ .‬وهي ما يلي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ التاريخ‪ .‬أاناء تقديم املتغير املستقل للمفحوصين‪ ،‬أي في تلك املدة اليمنية بين‬
‫القياس القبلي والقياس البعدي‪ ،‬يمكن أن تقع أحداث وظرول تؤار في املتغير التابع‪ .‬هذت‬
‫ألاحداث والظرول‪ ،‬شار إل ها على أنها أار التاريخ‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬في الوقم الذي يتعرض‬
‫فيه تالميذ مقبلون على امتحانات البكالوريا ل رنامج إرشادي لخفض مشاعر قلق الامتحان‬
‫لديهم (املتغير التابع)‪ ،‬تنقل وسائل إلاعالم خ را مضمونه أن و ارة التربية الوطنية حددت‬
‫مجموعة من الدروس يجرم ف ها الامتحان دون غيرها‪ .‬وفي هذت الحالة‪ ،‬ال ستطيع الباحث‬
‫أن يت كد إذا كان التغير الذي حدث في املتغير التابع‪ ،‬سببه ال رنامج إلارشادي (املتغير‬
‫املستقل) فقط‪ ،‬أو هناك ت اير من الخ ر‪ .‬إن الت ايرين متداخالن‪ ،‬مما يؤدي إلى استحالة‬
‫معرفة مقدار الت اير الذي أحداه ال رنامج إلارشادي‪ ،‬ومقدار الت اير الذي أحداه الخ ر‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ النضج والعمليات الداخلية‪ .‬هذت العمليات التي تحدث داخل ألافراد مع مرور‬
‫اليمن‪ ،‬أاناء البحث التجريبي‪ ،‬قد تؤار على الصدق الداخلي‪ ،‬بسبب ما تحداه من ت اير على‬
‫املتغير التابع‪ .‬ففي القياس البعدي‪ ،‬قد يكون املفحوصون أك ر عمرا‪ ،‬أو أكثر تعبا‪ ،‬أو أقل‬
‫دافعية أو أكثر خ رة مما كانوا عليه في القياس القبلي‪ .‬مما يجعل الباحث ال علم يقينا‪ ،‬أن‬
‫بعض املشكالت السلوكية لدم ألافراد التي أراد التخل منها من خالل ال رنامج إلارشادي‪،‬‬
‫قد الم بسببه أم الم بسبب يادة أعمار املفحوصين‪ ،‬أو بسبب دافعيتهم نحو التحسن‬
‫سلوكيا وغيرت‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ القياس القبلي‪ .‬قد يؤار التعرض للقياس القبلي على أداء املفحوصين في القياس‬
‫البعدي‪ ،‬بغض النظر عن املعالجة التجريبية‪ .‬ألنه قد يتعلم املفحوصون املادة من القياس‬
‫القبلي‪ ،‬فيؤدون بشكل أفضل في القياس البعدي‪ .‬ألنهم صاروا ي لفون صيغة الاختبار والبيئة‬
‫الاختبارية‪ ،‬أو طوروا إستراتيجيات لألداء الحسن في القياس البعدي‪ ،‬أو صاروا أقل قلقا في‬

‫‪274‬‬
‫القياس البعدي‪ .‬إن آاار املمارسة هذت‪ ،‬يمكن أن ترفع من درجات املفحوصين في القياس‬
‫البعدي‪ ،‬وال يكون للمتغير املستقل أي ت اير إطالقا على هذت الدرجات‪ .‬فقد وجدت أنستا ي‬
‫‪ Anastazi‬يادة في املعدل الذه ي بين قياس الذكاء ألول مرة ولثاني مرة‪ .‬وفي حاالت قياس‬
‫الاتجاهات والشخصية‪ ،‬فإن القياس القبلي قد يجعل املفحوصين أكثر تكيفا في القياس‬
‫البعدي‪ ،‬أو يحفيهم على التفكير في ألاسئلة والقضايا التي يتناولها الاستبيان فيعطون في‬
‫القياس البعدي إجابات مختلفة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أدوات القياس‪ .‬إن طبيعة أدوات القياس‪ ،‬ومدم صالحيتها للقياس‪ ،‬تؤار على نتائج‬
‫قياس املتغير التابع‪ .‬فإذا كانم أداة القياس في القبلي والبعدي عبارة عن مقابلة‪ ،‬فإن‬
‫الباحث‪ /‬املجرب‪ ،‬قد ال يجري املقابلة بنفس ألاسلوب أاناء إجراء القياسين‪ .‬فقد يكون في‬
‫القياس البعدي أكثر صرامة وأكثر خ رة أو أكثر ملال أو إهماال أو تساهال‪ .‬كما أن أدوات القياس‬
‫القبلي والبعدي‪ ،‬قد تكون أقل كفاءة للقياس من حيث ضعف شروطها السيكومترية‪ ،‬أو‬
‫تكون أداة القياس القبلي مختلفة كثيرا عن أداة القياس البعدي‪ ،‬من حيث السهولة‬
‫والصعوبة‪ ،‬أو من حيث طول الاختبار وقصرت في القياسين‪ .‬وهناك مسلمة بحثية مفادها أنه‬
‫كلما ضعف ابات التكافؤ ألدوات القياس‪ ،‬أار ذلك في النتيجة‪ .‬إن هذت العوامل التي قد ال‬
‫ينتبه إل ها الباحث‪ /‬املجرب‪ ،‬تؤار على الصدق الداخلي للتجربة‪ ،‬مما يؤدي إلى عدم الثقة في‬
‫نتائجها‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ الارتداد إلاحصا ي‪ .‬و ع ي أن املفحوصين الذين يحصلون على درجات عليا‬
‫(متطرفة) والذين يحصلون على درجات دنيا (متطرفة) في القياس القبلي‪ ،‬فإنهم سيحصلون‬
‫على درجات تقترب من الوسط الحسابي في القياس البعدي‪ .‬إذن‪ ،‬فاالرتداد إلاحصا ي ع ي‬
‫نيعة (ميل) الدرجات املتطرفة إلى التحرك نحو الوسط الحسابي في القياسات البعدية‪ .‬وهذا‬
‫ينتج فرقا بين القياسين القبلي والبعدي‪ ،‬ليس مصدرت املتغير املستقل‪ ،‬ولكن يكون مصدرت‬
‫الارتداد إلاحصا ي‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ الاختيار الفارقي للمفحوصين‪ .‬عند اختيار الباحث‪ /‬املجرب للمفحوصين الذين‬
‫يكونون محل بحثه التجريبي‪ ،‬قد ال عمل بنفس املعايير عند تقسيمهم إلى مجموعة تجريبية‬
‫ومجموعة ضابطة‪ .‬فقد يولي اهتماما جيدا للمجموعة التجريبية‪ ،‬ولكنه يتخلى عن هذا‬
‫الاهتمام لدم اختيارت للمجموعة الضابطة‪ .‬واختالل املعايير عند اختيار املجموعتين‪ ،‬يضع‬
‫الباحث في موقف املتحيز‪ .‬فقد تتميز املجموعة التجريبية بخصائ معينة ال تتوفر لدم‬
‫أفراد املجموعة الضابطة؛ كالسن أو املستوم التعليمي أو الذكاء‪ ،‬أو يكون أفراد املجموعة‬

‫‪275‬‬
‫التجريبية من املتطوعين لالشتراك في التجربة (لديهم دافعية) وأفراد املجموعة الضابطة‬
‫ليسوا من املتطوعين‪ .‬وعندئذ ينخفض مستوم الصدق الداخلي للتجربة‪ ،‬فتت ار نتيجة‬
‫التجربة بالفروق في املتغيرات الدخيلة‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ التسرب التجريبي‪ .‬يحدث بين القياس القبلي والقياس البعدي‪ ،‬أن ينق عدد‬
‫ألافراد في املجموعة التجريبية أو في املجموعة الضابطة‪ ،‬ويكون هذا النوع من التسرب أو‬
‫الفقد في التجارب ذات الفترات اليمنية الطويلة‪ .‬ألنه قد سافر بعضهم‪ ،‬أو ع رون عن عدم‬
‫رغبتهم في الاستمرار في التجربة‪ ،‬أو غيبون عن بعض مراحلها‪ .‬وتظهر آاار هذا التسرب أو‬
‫يقوض الصدق الداخلي للتجربة‪.‬‬ ‫الفقد في القياس البعدي للمتغير التابع‪ ،‬أي النتيجة‪ .‬مما ّ‬
‫‪ 8‬ـ تفاعل القياس وعوامل أخرم‪ .‬يحدث هذا‪ ،‬خاصة‪ ،‬في التصميمات شبه‬
‫التجريبية‪ ،‬عندما يتم إجراء التجربة على مجموعات تامة واابتة‪ ،‬لم يتم اختيارها وتو عها‬
‫عشوائيا‪ ،‬مثل الصفول الدراسية‪ .‬ففي حين عتقد الباحث‪ /‬املجرب‪ ،‬أن املجموعات‬
‫(الصفول) متكافئة أاناء القياس القبلي‪ ،‬إال أنه قد يكون بين تالميذ أحد الصفول من هم‬
‫من املعيدين للسنة الدراسية ذوي سن متقدمة‪ ،‬بينما ال يوجد بين تالميذ الصف آلاخر من‬
‫هم من املعيدين‪ .‬إن الفرق بين الصفين في العمر‪ ،‬متغير دخيل يؤار في النتيجة‪ .‬أو يكون‬
‫أفراد املجموعة التجريبية من املتطوعين لالشتراك في التجربة‪ ،‬وأفراد املجموعة الضابطة‬
‫من غير املتطوعين‪ .‬إن عامل التطوع‪ ،‬متغير دخيل‪ ،‬سول يؤار في النتيجة‪ .‬مما س يء إلى‬
‫الصدق الداخلي للتجربة‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ التـن ـف ـي ـذ‪ .‬أاـ ـناء الت ـن ـف ـي ـذ الف ـع ـلي لل ـت ـجـ ـرب ـة‪ ،‬ق ـد ي ـح ـدث ما يهـدد الصدق الداخلي‬
‫للتجربة‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬في بحث تجريبي حول إلارشاد بطريقتين‪ ،‬قد يقوم بإرشاد أفراد‬
‫املجموعة التجريبية مرشد ذو خ رة جيدة‪ ،‬بينما يرشد املجموعة الضابطة مرشد قليل‬
‫الخ رة‪ .‬وقد يحدث هذا عمدا أو سهوا‪ .‬وقد يحدث تحيز من الباحث‪ /‬املجرب‪ ،‬عندما يقارن‬
‫بين أسلوبين للرشاد‪ ،‬يكون أحد ألاسلوبين من تصميمه وتطويرت‪ ،‬فيعتقد أنه أفضل من‬
‫ألاساليب ألاخرم‪ ،‬فيميل عن غير قصد إلى جعل املجموعة التجريبية تتحسن في نتيجتها‬
‫مقارنة باملجموعة الضابطة‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار وا افيه‪،2004 ،‬‬
‫‪ 339‬ـ ‪ ( .)345‬كريا الشربي ي‪ ( .)34 ،1995 ،‬ايد بن عجير الحارثي‪ 99 ،1994 ،‬ـ ‪( .)100‬كر س‬
‫باركر‪ ،‬نانس ي بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت‪ 228 ،1999 ،‬ـ ‪( .)229‬صالح بن حمد العسال‪،1995 ،‬‬
‫‪ 309‬ـ ‪.)310‬‬

‫‪276‬‬
‫‪ 10‬ـ أار هاواورن أو اتجاهات املفحوصين ‪ .Hawthorne effect‬بين عامي‬
‫‪ ،1932 ،1927‬كانم تجرم بحوث في مصانع هاواورن‪ ،‬التابعة لشركة الكهرباء الغربية‬
‫‪ Western Electric‬بشيكاغو‪ ،‬بالواليات املتحدة ألامريكية‪ ،‬حول العوامل التي تؤدي إلى يادة‬
‫إلانتاج‪ .‬افترض الباحثون‪ ،‬في أول ألامر‪ ،‬وعلى رأسهم جورج إلتون مايو ‪ ،G. Elton Mayo‬أن‬
‫تحسين الظرول املادية والطبيعية سول يحل املشكلة‪ .‬فاختاروا مجموعتين من العمال‪،‬‬
‫قاموا بتحسين الظرول املادية والطبيعية حداهما (املجموعة التجريبية) فارتفع إنتاجها‪.‬‬
‫إال أن املجموعة ألاخرم (املجموعة الضابطة) ارتفع إنتاجها كذلك‪ ،‬مما أربك الباحثين‪ ،‬ألن‬
‫هذت النتيجة تشير إلى وجود عامل مجهول وراء يادة إلانتاج غير املتوقعة لدم املجموعة‬
‫الضابطة‪ .‬وهكذا بدأت سلسلة تجارب هاواورن الشهيرة للبحث عن هذا العامل‪( .‬ال أطيل‬
‫الشرح هنا‪ ،‬ومن أراد الاستزادة سيجد ذلك في مراجع علم النفس الصناعي وعلم نفس‬
‫التنظيم والعمل)‪ .‬لكن مع ى أار هاواورن‪ ،‬الذي تم اشتقاقه من هذت التجارب‪ ،‬هو معرفة‬
‫الفرد أو املفحو أنه محل مالحظة واهتمام‪ .‬فاملجموعة الضابطة اد إنتاجها كذلك‪ ،‬رغم‬
‫أنها لم يتم تحسين ظروفها املادية والطبيعية‪ ،‬ألنها عرفم أنها تشارك في البحث التجريبي‪،‬‬
‫الذي تقوم به الشركة لرفع إلانتاج‪ .‬مما جعل أفرادها عتقدون أنهم ساهمون في نجاح‬
‫وتطوير الشركة من خالل مشاركتهم في البحث التجريبي‪ ،‬فشعروا بالفخر والاعتزا ‪ ،‬فارتفعم‬
‫دافعيتهم نحو العمل و يادة إلانتاج‪( .‬فرج عبد القادر طه‪ 168 ،1993 ،‬ـ ‪.)169‬‬
‫وبعد عرض العوامل العشرة املؤارة في الصدق الداخلي للتجربة‪ ،‬أتناول فيما يلي‪،‬‬
‫العوامل املؤارة في الصدق الخارجي للتصميمات التجريبية‪.‬‬

‫‪ )3‬الصدق الخارجي للتصميمات التجريبية‪.‬‬


‫إن املعيار ألاول للتصميم التجريبي هو الصدق الخارجي‪ .‬أما املعيار الثاني للتصميم‬
‫التجريبي هو الصدق الخارجي‪ .‬إن الباحثين عند سحبهم لعينات بحوثهم من أصول عامة‪ ،‬ال‬
‫تتوقف اهتماماتهم على العينة فقط‪ .‬إنهم يرغبون في أن تتجاو نتائج بحوثهم حدود العينات‬
‫التي شاركم في البحوث‪ .‬أي أنهم يرغبون في تعميم نتائج بحوثهم على مجتمعات وظرول‬
‫ومواقف وأشياء أخرم‪ ،‬غير تلك التي أجري عل ها البحث‪ .‬إذن‪ ،‬يتعلق الصدق الخارجي‬
‫للتجربة أو للبحث‪ ،‬أساسا‪ ،‬بمدم قابلية نتائج البحث الذي أجري على عينة معينة لتعميمها‬
‫على أصلها العام‪ ،‬أو على أناس أو أشياء لم يكونوا ضمن عينة البحث‪ .‬وهنا س ل الباحث‪،‬‬
‫ألية أصول عامة‪ ،‬وأوضاع‪ ،‬ومتغيرات تجريبية‪ ،‬ومتغيرات قياس‪ ،‬يمكن تعميم نتائج البحث‬

‫‪277‬‬
‫عل ها ؟ إن تعميم النتائج من العينة على أصلها العام‪ ،‬هو من أهدال إلاحصاء الاستداللي‪،‬‬
‫حيث ينتقل الاستنتاج من الخا إلى العام (الاستقراء الجي ي)‪ .‬وهذت العملية تعد ّ‬
‫مقوما‬
‫مقومات العمل العلمي‪ ،‬عند إجراء البحث على عينة‪ ،‬بسبب صعوبة إجرائه‬ ‫أساسيا من ّ‬
‫على ألاصل العام املستهدل‪ .‬والعامل ألاساس ي الذي يتحكم في درجة الصدق الخارجي لبحث‬
‫ما‪ ،‬هو العينة التي أجري عل ها البحث‪ .‬والشرط الوحيد للعينة الجيدة‪ ،‬هو تمثيلها ألصلها‬
‫العام‪ .‬ووفق املدم الذي يمكن تعميم نتائج التجربة أو البحث على ألاصل العام‪ ،‬والظرول‬
‫وأدوات القياس‪ ،‬يمكن القول ب ن التجربة أو البحث يمتلك صدقا خارجيا‪ .‬وحدد الباحثان‬
‫‪ ،Smith & Glass, 1987‬االاة أنواع من الصدق الخارجي للتصميم التجريبي‪ ،‬أتناولها في‬
‫الفقرات آلاتية‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار وا افيه‪.)353 ،2004 ،‬‬

‫‪ 1‬ـ الصدق الخارجي لألصل العام‪.‬‬


‫إن الصدق الخارجي لألصل العام ‪ ،Population Validity‬يتعلق بتحديد املجتمع الذي‬
‫تعمم عليه نتائج التجربة‪ .‬ويطرح الباحث هنا السؤال التالي ‪ :‬ما هو مجتمع ألافراد الذين‬
‫يتوقع لهم أن يتصرفوا بنفس الطريقة التي تصرل بها أفراد عينة البحث ؟ أو ما هو املجتمع‬
‫الذي يتم التوصل‪ ،‬عند بحثه كله‪ ،‬إلى نفس النتائج التي تم التوصل إل ها عند بحث عينة ؟‬
‫لنفرض أن باحثا توصل إلى أن طريقة إرشاد معينة أفضل من طرق أخرم‪ ،‬في خفض‬
‫مشاعر الخول من املدرسة‪ ،‬لدم تالميذ السنة ألاولى من التعليم الابتدا ي‪ ،‬في مدارس ببلدية‬
‫معينة‪ ،‬وفي والية معينة‪ ،‬وربما لجميع تالميذ القطر الجيائري‪ .‬ولكي ستطيع الباحث تعميم‬
‫نتائج صادقة‪ ،‬من النتائج التجريبية‪ ،‬على مجتمعات أك ر وأوسع‪ ،‬عليه أن يحدد بشكل‬
‫وميز ‪ ،Kempthorne, 1961‬بين مجتمع‬ ‫صحيح املجتمعات التي يمكن تعميم النتائج عل ها‪ّ .‬‬
‫سهل املنال‪ ،‬تجريبيا‪ ،‬واملجتمع املستهدل‪ .‬و شير مجتمع سهل املنال‪ ،‬تجريبيا‪ ،‬إلى مجتمع‬
‫ألافراد الذين سهل على الباحث الوصول إل هم‪ ،‬وسحب عينة البحث منهم‪ .‬أما املجتمع‬
‫املستهدل‪ ،‬فهو ألاصل العام لألفراد الذين يريد الباحث أن عمم عل هم نتائج البحث‪ .‬وعلى‬
‫أساس املثال السابق‪ ،‬يمكن أن يكون املجتمع سهل املنال‪ ،‬هو تالميذ السنة ألاولى باملدارس‬
‫الابتدائية في والية باتنة‪ .‬أما املجتمع املستهدل‪ ،‬فهو كل تالميذ السنة ألاولى باملدارس‬
‫الابتدائية في القطر الجيائري‪.‬‬
‫وهنا تجرم التعميمات في مرحلتين ‪:‬‬

‫‪278‬‬
‫في املرحلة ألاولى يتم التعميم من العينة إلى املجتمع سهل املنال‪ .‬فإذا اختار الباحث‬
‫عينة عشوائية من مجتمع سهل املنال (تالميذ السنة ألاولى الابتدائية من مقاطعة تعليمية‬
‫بوالية باتنة) فإن النتائج يمكن تعميمها دون صعوبة على كل تالميذ السنة ألاولى الابتدائية‬
‫لوالية باتنة‪ ،‬بصفتهم مجتمعا سهل املنال‪ .‬فا حصاء الاستداللي‪ ،‬شير إلى احتمال أن ما هو‬
‫صحيح لعينة‪ ،‬هو صحيح أيضا للمجتمع الذي سحبم منه‪.‬‬
‫وفي املرحلة الثانية‪ ،‬يريد الباحث التعميم من املجتمع سهل املنال إلى املجتمع‬
‫املستهدل (جميع تالميذ السنة ألاولى الابتدائية لكل القطر الجيائري)‪ .‬وهنا‪ ،‬ال يمكن إجراء‬
‫التعميم بنفس الثقة‪ ،‬كما هو الحال في املرحلة ألاولى‪ .‬ألن إجراء هذا التعميم يتطلب معرفة‬
‫جيدة وعميقة بخصائ كال املجتمعين (املجتمع سهل املنال واملجتمع املستهدل)‪ .‬فكلما‬
‫كان التشابه أك ر بين املجتمعين‪ ،‬كانم الثقة أك ر في التعميم من مجتمع إلى آخر‪ .‬والتعميم‬
‫من املجتمع سهل املنال إلى املجتمع املستهدل‪ ،‬ال يجرم إحصائيا‪ ،‬بل هو مس لة حكم يتوصل‬
‫ْ‬
‫املجتمعين‪ .‬ويجب أن‬ ‫إليه الباحث‪ ،‬من خالل ما يتوفر لديه من معلومات عن خصائ‬
‫يوصف املجتمع سهل املنال بشكل جيد قدر إلامكان‪ .‬والتعرل بطريقة جيدة على الجوانب‬
‫التي يختلف ف ها عن املجتمع املستهدل‪ .‬وفي هذت الحالة‪ ،‬يمكن للباحث أو القارئ إصدار‬
‫أحكام جيدة حول مدم إمكان تعميم النتائج على املجتمع املستهدل‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي‬
‫تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪ 353 ،2004 ،‬ـ ‪.)355‬‬

‫‪ 2‬ـ الصدق الخارجي البيئي‪.‬‬


‫يتعلق الصدق الخارجي البيئي ‪ ،Ecological Validity‬بتعميم نتائج التجربة في ظرول‬
‫أخرم‪ ،‬غير تلك التي أجريم ف ها التجربة‪ .‬وهنا يطرح الباحث السؤال التالي ‪ :‬في أية أوضاع‬
‫وظرول بيئية أخرم‪ ،‬يمكن توقع النتائج نفسها ؟‬
‫وللحصول على الصدق الخارجي البيئي‪ ،‬يجب أن يوفر تصميم البحث‪ ،‬الت كيد على أن‬
‫ّ‬
‫الفعال في املتغير التابع‪ ،‬مستقل عن البيئة التجريبية‬ ‫ألاار الذي أحداه املتغير املستقل‬
‫املعنية‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فإن املطلب ألاول للصدق الخارجي البيئي‪ ،‬هو أن يقدم الباحث وصفا تاما‬
‫ودقيقا للبيئة التجريبية للبحث‪ .‬وعندئذ فقط‪ ،‬يمكن الحكم على املدم الذي يمكن فيه‬
‫للنتائج أن تعمم في أوضاع وظرول أخرم‪ .‬فمثال‪ ،‬هل تعمم نتائج أجريم في الحضر على‬
‫الريف‪ .‬وهل يمكن تعميم نتائج صادرة عن تجربة معملية على ظرول في البيئة الواقعية ؟‬

‫‪279‬‬
‫إن تجارب أجريم تحم ضبط جيد للمتغيرات الدخيلة‪ ،‬وهذا إجراء ضروري لتعييي‬
‫الصدق الداخلي للتجربة‪ ،‬ولكن هذا الضبط التجريبي عندما يكون غير مماال للبيئة‬
‫الواقعية‪ ،‬يقلل من الصدق الخارجي البيئي للتجربة أو للبحث‪.‬‬
‫وقد يكون هناك أار رد فعل بسبب الترتيبات التجريبية‪ .‬فمعرفة ألافراد أنهم شاركون‬
‫في تجربة‪ ،‬قد يؤار على استجاباتهم للمعالجة التجريبية‪ .‬وأحيانا‪ ،‬فإن وجود مراقبين أو أجهية‬
‫خالل تقديم املعالجة التجريبية‪ ،‬قد يجعل ألافراد املساهمين في التجربة غيرون من‬
‫استجاباتهم العادية‪ ،‬بحيث ال يمكن التعميم املتعلق ب ار املتغير التجريبي على أيخا‬
‫تعرضوا له في بيئة غير تجريبية‪ .‬و عت ر أار هاواورن‪ ،‬أحد ألامثلة عن ت اير رد الفعل باعتبارت‬
‫مشكلة صدق خارجي بيئي‪ .‬ولعالج مشكلة أار هاواورن‪ ،‬ينبغي ضبطه بوضع املجموعة‬
‫الضابطة في موقف تجريبي آخر‪ ،‬ال تكون له عالقة باملتغير التابع في البحث‪ .‬ألن كال‬
‫املجموعتين‪ ،‬التجريبية والضابطة‪ ،‬ستت اران ب ار هاواورن‪ .‬وبالتالي تكون املقارنة بين‬
‫املجموعتين أكثر قابلية‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار وا افيه‪ 355 ،2004 ،‬ـ‬
‫‪.)356‬‬

‫‪ 3‬ـ الصدق الخارجي للعمليات (أو صدق التكوين الفرض ي)‪.‬‬


‫يتعلق الصدق الخارجي للعمليات‪ ،‬أو صدق التكوين الفرض ي ‪ Construct Validity‬بمدم‬
‫تمثيل التعريفات إلاجرائية وإلاجراءات التجريبية للتعريفات الت سيسية للمفاهيم البنائية‬
‫التي هي متغيرات البحث‪ .‬وهنا يطرح الباحث السؤال التالي ‪ :‬هل تعريف الدافع إلى إلانجا‬
‫إجرائيا‪ ،‬وفق مقياس هرماني‪ ،‬يتفق مع التعريف الت سيس ي لهذا الدافع ؟‬
‫ويتعلق الصدق الخارجي للعمليات كذلك‪ ،‬بإمكان وصول باحث آخر‪ ،‬إلى نفس النتائج‪،‬‬
‫إذا قام ببحث نفس املشكلة‪ ،‬مستعمال إجراءات مختلفة ؟ وهنا يطرح السؤال التالي ‪ :‬هل‬
‫سيصل باحث آخر إلى نفس النتيجة (الذكور أكثر دافعية إلى إلانجا من إلاناث) لو استعمل‬
‫مقياسا آخر‪ ،‬غير مقياس هرماني؟‬
‫إن أحد العوامل الذي يؤخذ بعين الاعتبار‪ ،‬في هذت الحالة‪ ،‬هو التعريفات إلاجرائية‬
‫للمتغيرات املستقلة واملتغيرات التابعة‪ .‬واملثال على ذلك‪ ،‬أنه في بعض التجارب على متغير‬
‫القلق‪ ،‬ستثار القلق بصدمة كهربائية‪ .‬وينبغي تعريفه إجرائيا وفق هذا إلاجراء التجريبي‪ .‬وفي‬
‫تجارب أخرم‪ ،‬ستثار القلق بالتعليمات الشفوية للمبحواين‪ .‬وينبغي تعريفه إجرائيا كذلك‪،‬‬
‫وفق هذا إلاجراء التجريبي‪ .‬وفي هذين املثالين‪ ،‬ما املدم الذي يمكن فيه تعميم استنتاجات‬

‫‪280‬‬
‫بحث استعمل تعريفا إجرائيا ما على بحث استعمل تعريفا إجرائيا آخر ؟ وهناك مثال آخر‪،‬‬
‫هل إلاحباط الذي سببه فشل الفرد في الوصول إلى هدفه‪ ،‬هو نفسه إلاحباط الذي سببه‬
‫تلقي إهانة ؟ وفي الاختبارات التحصيلية‪ ،‬هل النتيجة التي يتم الحصول عل ها باستعمال‬
‫اختبار موضوعي‪ ،‬تكون هي النتيجة نفسها عند استعمال اختبار املقال ؟ هل التفكير إلابداعي‬
‫الذي يقيسه اختبار تورانس‪ ،‬هو نفسه التفكير إلابداعي الذي يقيسه اختبار جلفورد ؟ وهنا‪،‬‬
‫يقيم مدم ابات وصدق التعريفات إلاجرائية‪ ،‬وإجراء حكم يتعلق بمدم‬ ‫يجب على الباحث أن ّ‬
‫مالءمة التعريفات إلاجرائية للتعريفات الت سيسية للمفاهيم البنائية التي لها مع ى لديه‪.‬‬
‫إن الصدقين الداخلي والخارجي للتجارب أمر ضروري ومطلوب‪ .‬فالباحث في حاجة إلى‬
‫اختيار تصميم متين في كل من الصدقين الداخلي والخارجي‪ .‬ولكن‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬يميل‬
‫الحصول على نوع معين من الصدق إلى تهديد ألانواع ألاخرم‪ .‬فمثال‪ ،‬عندما يرتب الباحث‬
‫ضبطا صارما وشديدا‪ ،‬في تجربة تعليمية‪ ،‬قد يييد من يفها‪ ،‬ويقطع سبيل قابلية تطبيق‬
‫النتائج على وضع تعليمي فعلي (في الواقع)‪ ( .‬ايد بن عجير الحارثي‪( .)100 ،1994 ،‬دونالد‬
‫آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار وا افيه‪ 356 ،2004 ،‬ـ ‪.)358‬‬
‫واملطلوب هو الوصول إلى حل وسط بين الصدقين؛ الداخلي والخارجي‪ ،‬بما يرقى إلى‬
‫اختيار تصميم يوفر ضبطا كافيا لجعل النتائج قابلة للتفسير‪ ،‬مع الاحتفاظ ببعض الواقعية‪،‬‬
‫لكي يتم تعميم النتائج على ألاوضاع املطلوبة‪.‬‬
‫وبعد عرض العوامل العشرة املؤارة في الصدق الداخلي للتجربة‪ ،‬وألانواع الثالاة‬
‫للصدق الخارجي للتجربة‪ ،‬أتناول فيما يلي‪ ،‬بعض التصميمات التجريبية‪ ،‬وخاصة الشهيرة‬
‫منها‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬التصميمات التجريبية‬


‫إن التصميم التجريبي هو تصور فكري تجرم التجربة ضمنه‪ .‬ومن الناحية العملية‪ ،‬هو‬
‫خطة الباحث‪ /‬املجرب لتنفيذ التجربة‪ .‬وتختلف التصميمات التجريبية في جانبين هما ‪:‬‬
‫‪ .1‬في عدد املتغيرات املستقلة التي يتم تفعيلها‪.‬‬
‫‪ .2‬في طريقة تخصي (تو ع) ألافراد إلى معالجات تجريبية مختلفة‪.‬‬
‫وتوجد التصميمات التجريبية في مستويين‪ ،‬هما ‪ :‬التصميمات التجريبية الضعيفة‪،‬‬
‫والتصميمات التجريبية القوية‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫‪ )1‬التصميمات التجريبية الضعيفة‪.‬‬
‫هناك االاة تصميمات تجريبية توصف بالضعيفة‪ ،‬سواء في عملية الضبط التجريبي أم‬
‫في املعالجة التجريبية‪ ،‬كما تسم أيضا بالتصميمات قبل التجريبية‪ ،‬أو التصميمات‬
‫التمهيدية‪ ،‬وهي االاة‪ ،‬كما يلي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ تصميم املجموعة التجريبية الواحدة ذو القياس البعدي فقط‪.‬‬


‫في هذا التصميم يتم تقديم معالجة تجريبية معينة (متغير مستقل) ملجموعة من‬
‫املفحوصين دون إخضاعهم لعملية مالحظة أو قياس قبلي على املتغير التابع‪ .‬وبعد الانتهاء‬
‫من تقديم املعالجة التجريبية‪ ،‬يتم إخضاع املفحوصين للمالحظة أو القياس البعدي على‬
‫املتغير التابع‪.‬‬
‫وكمثال على هذا النوع من التصميمات‪ ،‬تلك التصميمات الشا عة في عمليات تطوير‬
‫املناهج الدراسية وتطوير برامج التدريب وتطوير برامج إلارشاد والعالج النفس ي‪ .‬حيث يتم‬
‫تقديم منهج جديد أو برنامج تدريب جديد أو برنامج إرشادي جديد أو أسلوب عالجي جديد‬
‫لألفراد لفترة محددة‪ .‬وبعد ذلك يتم القياس البعدي ملكتسبات ألافراد في املنهج الدراس ي أو‬
‫التدريب أو إلارشاد أو العالج النفس ي‪ .‬ومن خالل النتائج التي تتم مالحظتها‪ ،‬يتم تقويم مدم‬
‫تحقيق ألاهدال من املنهج الدراس ي أو ال رنامج التدريبي أو إلارشادم أو الع ـالج ـي‪ .‬ف ـإذا تبيـن‬
‫أن هناك تحسنا في مكتسبات املفحوصين‪ ،‬كان ذلك دليل على فعالية ما تم تقديمه لهم‪.‬‬
‫و عت ر هذا التصميم مضلال‪ ،‬ففي حالة تعرض مجموعة من املفحوصين ل رنامج‬
‫إرشادي‪ ،‬ام قياس أار هذا ال رنامج في السلوك املع ي با رشاد‪ ،‬فإنه من غير املقبول اعتبار‬
‫النتيجة التي ظهرت‪ ،‬أنها بفعل ال رنامج إلارشادي املقدم‪ .‬ألنه ربما يرجع إلى عوامل أخرم‬
‫دخيلة‪ .‬بمع ى أن ألاار‪ ،‬الذي يحداه ال رنامج إلارشادي على السلوك غير واضح‪ .‬ولوضوح‬
‫ألاار‪ ،‬فإن ألامر ستليم وجود مجموعة أخرم ضابطة مماالة للمجموعة التجريبية التي تلقم‬
‫ال رنامج إلارشادي‪ ،‬تتلق برنامجا إرشاديا بطريقة أخرم‪ ،‬ويقاس أيضا أار ال رنامج إلارشادي‬
‫لدم أفرادها‪ .‬فإذا وجد فرق بين املجموعتين في القياس البعدي لصالح املجموعة التجريبية‪،‬‬
‫دل ذلك على فعالية ال رنامج إلارشادي في تحقيق أهدافه‪( .‬كر س باركر‪ ،‬نانس ي بيسترانج‪،‬‬
‫روبرت إليوت‪ 225 ،1999 ،‬ـ ‪( .)226‬ديوبولد فان دالين‪.)391 ،1984 ،‬‬

‫‪282‬‬
‫‪ 2‬ـ تصميم املجموعة التجريبية الواحدة ذو القياسين القبلي والبعدي‪.‬‬
‫شمل تصميم املجموعة الواحدة ذو القياسين قبلي‪ /‬بعدي‪ ،‬عادة‪ ،‬االث خطوات ‪:‬‬
‫‪ .1‬إجراء اختبار قبلي لقياس املتغير التابع‪.‬‬
‫‪ .2‬تعرض املفحوصين للمعالجة التجريبية (املتغير املستقل)‪.‬‬
‫‪ .3‬إجراء اختبار بعدي وقياس املتغير التابع مرة أخرم‪.‬‬
‫ام تقييم الفرق الذي عيم إلى املعالجة التجريبية عن طريق مقارنة درجات الاختبارين‬
‫القبلي والبعدي‪( .‬كر س باركر‪ ،‬نانس ي بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت‪ 226 ،1999 ،‬ـ ‪.)228‬‬
‫إن القصور الكبير في تصميم املجموعة الواحدة‪ ،‬هو أن الباحث ال يمكنه‪ ،‬بسبب عدم‬
‫استعمال مجموعة ضابطة‪ ،‬أن يت كد من أن التغير بين القياسين‪ ،‬القبلي والبعدي‪ ،‬أحداته‬
‫املعالجة التجريبية‪ .‬فهناك دائما احتمال قيام بعض املتغيرات الدخيلة‪ ،‬بالتغيير كله أو بجيء‬
‫منه في املتغير التابع‪ ( .‬ايد بن عجير الحارثي‪ 105 ،1994 ،‬ـ ‪( .)106‬دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر‬
‫جاكوبس‪ ،‬أصغار را افييه‪ 359 ،2004 ،‬ـ ‪.)360‬‬

‫‪ 3‬ـ تصميم مقارنة املجموعات الثابتة‪.‬‬


‫بس ـب ـب الع ـي ـب امل ـوج ـود فـي الت ـص ـم ـي ـم ـيتن السابقين‪ ،‬وهو عدم وجود مجموعة مقارنة‬
‫(ضابطة)‪ ،‬تجعل الباحث يط ـم ـئـن إلى أن التغير في املتغير التابع راجع ف ـع ـال إلى املعالجة التي‬
‫تلقتها املجموعة التجريبية‪ ،‬وليس إلى متغيرات أخرم دخيلة‪ ،‬فإن التصميم الحالي يحاول‬
‫تفادي نقطة الضعف هذت‪ ،‬باستعماله مجموعتين أو أكثر‪ ،‬موجودة قبال تامة أو اابتة‪ ،‬واحدة‬
‫منها فقط هي التي تتعرض للمعالجة التجريبية‪ .‬واملثال على ذلك‪ ،‬أن يقارن الباحث بين‬
‫نتيجة مجموعة من التالميذ تعرضم لتدر س الحساب بطريقة معينة‪ ،‬ونتيجة مجموعة‬
‫أخرم من التالميذ‪ ،‬من نفس املستوم الدراس ي‪ ،‬تعرضم لتدر س الحساب بطريقة أخرم‪.‬‬
‫أو يقارن بين نتيجة مجموعة تعرضم للرشاد وفق العالج املتمركي حول العميل‪ ،‬ونتائج‬
‫مجموعة أخرم تعرضم للرشاد وفق نموذج آخر‪ ،‬كالنموذج السلوكي أو النموذج املعرفي‪.‬‬
‫لكن عيب هذا التصميم‪ ،‬أنه يهمل العشوائية في تو ع ألافراد على املجموعات التجريبية‬
‫والضابطة‪ .‬فالباحث يفترض فقط أن املجموعات متكافئة في جميع الجوانب التي لها عالقة‬
‫بالتجربة‪ .‬وأي فرق يظهر بينها سببه هو الاختالل في تعرضها أو عدم تعرضها للمعالجة‬
‫التجريبية‪ .‬لكن التكافؤ املفترض بين املجموعات التجريبية والضابطة غير كال‪ .‬ألنه قد تكون‬
‫بينها فروق في متغيرات تؤار على املتغير التابع‪ ،‬وبالتالي تكون هذت الفروق هي التي أارت على‬

‫‪283‬‬
‫املتغير التابع‪ ،‬وأدت إلى ظهور فروق بين املجموعات التجريبية والضابطة‪ ،‬وليس املتغير‬
‫املستقل هو الذي أدم إلى ظهور هذت الفروق‪.‬‬
‫نالحظ أن التصميمات الثالاة السابقة‪ ،‬توصف بالضعيفة ألنها ‪:‬‬
‫‪ .1‬تفتقر إلى التو ع العشوا ي للمفحوصين والعينات‪.‬‬
‫‪ .2‬ال تستعمل املجموعات الضابطة للمقارنة‪( .‬دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪،‬‬
‫أصغار را افيه‪ ( .)361 ،2004 ،‬ايد بن عجير الحارثي‪.)107 ،1994 ،‬‬
‫وبعد عرض هذت التصميمات الثالاة‪ ،‬يتبين لنا أن هذت التصميمات هي املتبعة في بحوث‬
‫فعالية ال رامج إلارشادية التي تنجي في جامعاتنا‪.‬‬

‫‪ )2‬التصميمات التجريبية القوية أو الفعلية‪.‬‬


‫تدعى بهذا الاسم‪ ،‬ألنها تشترك كلها في الاختيار والتخصي العشوائيين للمفحوصين‪،‬‬
‫وفي تعدد املجموعات التجريبية والضابطة‪ .‬وهي تصميمات يوص ى بها بشكل جدي للتجريب‬
‫في علم النفس والتربية‪ ،‬بسبب الضبط التجريبي الذي توفرت‪( .‬دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر‬
‫جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪ .)361 ،2004 ،‬وأتناولها تباعا في الفقرات التالية‬

‫‪ 1‬ـ التصميم التجريبي ب سلوب مجموعة أو مجموعات تجريبية ومجموعة أو‬


‫مجموعات ضابطة‪.‬‬
‫ويتضمن خمسة تصميمات فرعية متنوعة‪ ،‬وهي كما ي تي ‪:‬‬

‫(تو ع) عشوا ي لألفراد‬ ‫‪ .1‬تصميم املجموعة الضابطة وفق تخصي‬


‫وقياس بعدي فقط‪.‬‬
‫هذا التصميم بسيط‪ ،‬رغم أنه أقوم التصميمات التجريبية الحقيقية‪ .‬فهو يتطلب‬
‫سحب عينة من ألاصل العام يكون أفرادها متجانسين في خصائ لها عالقة بمتغيرات‬
‫البحث‪ .‬ام يو ع (يخص ) أفراد العينة على مجموعتين بطريقة عشوائية‪ .‬وال يجرم أي‬
‫قياس قبلي للمتغير التابع‪ .‬ويضبط التو ع (التخصي ) العشوا ي جميع املتغيرات الدخيلة‬
‫املحتملة‪ .‬وتعيم أية فروق بين املجموعتين‪ ،‬قبل التجربة‪ ،‬إلى الصدفة فقط‪ .‬و ع ي التو ع‬
‫أو التخصي العشوا ي‪ ،‬أن يختار الباحث مجموعة من املفحوصين‪ ،‬يكونون متماالين في‬

‫‪284‬‬
‫املتغيرات الدخيلة‪ ،‬أي متساوون في الدرجات التي يحصلون عل ها في القياسات املتعلقة‬
‫باملتغيرات الدخيلة‪( .‬دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افييه‪.)361 ،2004 ،‬‬
‫فإذا كان البحث إلارشادي يجرم حول أساليب تكوين عالقات اجتماعية ناجحة في‬
‫الجامعة‪ ،‬فإن املتغيرات الدخيلة التي ينبغي أن يتساوم ف ها املفحوصون (ضبطها)‪ ،‬هي على‬
‫سبيل املثال ‪ :‬الدوافع الاجتماعية‪ ،‬والانبساط‪ ،‬وتقبل آلاخر‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والجنس‪ ،‬والسن‪،‬‬
‫واملستوم التعليمي وغيرها‪ .‬وبعد أن يحصل على مجموعة من ألافراد بهذت الصفات‪ ،‬يو عهم‬
‫أو يخصصهم عشوائيا إلى مجموعتين؛ فيسمي إحداهما تجريبية وألاخرم ضابطة‪.‬‬
‫وبعدها تتعرض املجموعة التجريبية للمتغير املستقل‪ ،‬وتترك املجموعة الضابطة‪ .‬ام‬
‫يقاس املتغير التابع لدم املجموعتين‪ .‬وتقارن درجات املجموعتين لتحديد ت اير املتغير‬
‫املستقل‪ .‬فإذا تبين أن املتوسطين الحسابيين للمجموعتين بينهما فرق دال إحصائيا‪ ،‬فإنه‬
‫بوسع الباحث أن يكون على اقة ب ن املتغير املستقل هو املسؤول عن الفرق‪.‬‬
‫والخاصية الهامة في هذا التصميم‪ ،‬هي العشوائية‪ ،‬التي جعلم املجموعتين متكافئتين‬
‫إحصائيا‪ ،‬قبل إدخال املتغير املستقل على إحداهما‪.‬‬
‫وتنبغي إلاشارة‪ ،‬إلى أنه كلما اد عدد ألافراد‪ ،‬اد احتمال العشوائية بتوفير مجموعتين‬
‫متكافئتين‪ .‬وينبغي أن يكون حجم كل مجموعة ‪ 15‬فردا أو أكثر قليال‪.‬‬
‫ومن فوائد هذا التصميم‪ ،‬أنه يضبط آاار كل من التاريخ والنضج والارتداد إلاحصا ي‬
‫والاختبار القبلي‪.‬‬
‫ويوص ى بهذا التصميم في البحوث التي ال يكون ف ها القياس القبلي مناسبا‪ ،‬كما هو‬
‫الحال في البحوث التي تجرم برياض ألاطفال أو الصفول ألاولى‪ ،‬حيث ستحيل إجراء القياس‬
‫القبلي ألن التعلم لم يتضح بعد‪.‬‬
‫ويمكن توسيع هذا التصميم إلى أكثر من مجموعتين عند الضرورة‪( .‬كر س باركر‪ ،‬نانس ي‬
‫بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت‪ 231 ،1999 ،‬ـ ‪.)233‬‬
‫أما املشكالت املحتملة فتتعلق باتجاهات ألافراد (أار هاواورن) وأخطاء التنفيذ‪ ،‬التي‬
‫قد تؤار على الصدق الداخلي للتجربة‪( .‬دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افييه‪،‬‬
‫‪.)361 ،2004‬‬

‫‪285‬‬
‫‪ .2‬تصميم املجموعة الضابطة وفق تناظر عشوا ي لألفراد وقياس بعدي‬
‫فقط‪ ،‬أو طريقة ألا واج املتناظرة‪.‬‬
‫ستعمل في هذا التصميم أسلوب التناظر العشوا ي‪ ،‬وليس التخصي العشوا ي‪،‬‬
‫للحصول على مجموعات متكافئة‪ .‬ويتم تناظر ألافراد وفق متغير أو أكثر‪ ،‬يمكن قياسه بطريقة‬
‫مناسبة‪ .‬مثل الذكاء والقراءة واملستوم التعليمي واملستوم الاقتصادي والجنس والسن‪.‬‬
‫واملتغيرات التي يتم ضبطها في التناظر العشوا ي‪ ،‬هي تلك التي لها ارتباط دال مع املتغير‬
‫التابع‪ .‬ورغم أن القياس القبلي غير مع ي في هذا التصميم‪ ،‬إال أنه إذا تيسرت درجاته حسب‬
‫املتغير التابع‪ ،‬فإنه يمكن استعمالها بصورة فعالة في إجراءات التناظر العشوا ي لألفراد‪.‬‬
‫وتجرم مناظرة القياسات بطريقة تكون ف ها درجات ألافراد املتناظرين قريبة من بعضها قدر‬
‫إلامكان‪ .‬فإذا استطاع الباحث أن يجد أفرادا متماالين في الذكاء وفي املستوم التعليمي وفي‬
‫القدرة على القراءة وفي املستوم الاجتماعي الاقتصادي‪ ،‬عليه أن يخص عشوائيا بعضا‬
‫منهم للمجموعة التجريبية والبعض آلاخر للمجموعة الضابطة‪.‬‬
‫فإذا كان البحث إلارشادي يجرم حول أساليب املذاكرة‪ ،‬فإن املتغيرات التي ينبغي أن‬
‫يتناظر ف ها أ واج املفحوصين (يكون لكل مفحو في مجموعة‪ ،‬نظير له في املجموعة ألاخرم)‬
‫هي الذكاء والدافعية وامليل إلى املادة الدراسية وغيرت‪ .‬ففي الذكاء مثال‪ ،‬إذا حصل مفحوصان‬
‫على نفس الدرجة‪ ،‬أو على درجتين قريبتين جدا من بعضهما‪ ،‬في قياس الذكاء‪ ،‬يوضع أحدهما‬
‫عشوائيا في املجموعة (أ) وآلاخر في املجموعة (ب)‪ .‬وهكذا بالنسبة لجميع املفحوصين في‬
‫جميع املتغيرات‪( .‬ديوبولد فان دالين‪ 399 ،1984 ،‬ـ ‪.)400‬‬
‫و عد هذا التصميم مفيدا جدا للدراسات التي تكون عيناتها صغيرة‪ .‬ألنه في العينات‬
‫الصغيرة‪ ،‬تؤدي الصدفة وحدها في تو ع العينات‪ ،‬إلى وضع تكون فيه املجموعات العشوائية‬
‫مختلفة أساسا عن بعضها‪.‬‬
‫إن تصميم التناظر العشوا ي لألفراد‪ ،‬يفيد في تقلي املدم الذي تعيم فيه الفروق‬
‫التجريبية إلى الفروق ألاولية بين املجموعتين‪ .‬أي أنه يضبط الفروق املوجودة بين ألافراد‬
‫قبل إجراء التجربة‪ ،‬حسب متغيرات مرتبطة جدا باملتغير التابع الذي صممم التجربة للت اير‬
‫فيه‪ .‬ولذا عد الاختيار (السحب) العشوا ي لأل واج املتناظرة للمجموعات‪ ،‬أحد خصائ‬
‫قوة هذا التصميم‪.‬‬
‫وللتخل من صعوبات هذا التصميم‪ ،‬ينبغي أن يكون التناظر لكل ألافراد املحتملين‬
‫تاما‪ .‬كما يجب أن يكون تو ع ألافراد لكل وج للمجموعتين عشوائيا‪ .‬فإذا تم وضع مفحو‬

‫‪286‬‬
‫في أية مجموعة دون أن يكون له نظير مناسب في املجموعة ألاخرم‪ ،‬فإن ذلك سيعمل على‬
‫تحيز تلك املجموعة‪ .‬إن استعمال هذا التصميم يقوم على إيجاد مناظر لكل فرد‪ ،‬ولو بصورة‬
‫تقريبية‪ ،‬قبل التو ع العشوا ي‪ .‬ويمكن استعمال هذا التصميم مع مجموعتين أو أكثر من‬
‫خالل إيجاد فئات متناظرة‪ ،‬وتخصي فرد عشوائيا من كل فئة لكل مجموعة في التجربة‪.‬‬
‫(دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪ 362 ،2004 ،‬ـ ‪.)363‬‬

‫‪ .3‬تصميم املجموعة الضابطة وفق تخصي (تو ع) عشوا ي لألفراد‬


‫وقياسين قبلي وبعدي‪ ،‬أو طريقة املجموعات العشوائية‪.‬‬
‫في هذا التصميم يو ع ألافراد للمجموعتين التجريبية والضابطة عن طريق التخصي‬
‫(التو ع) العشوا ي‪ ،‬وقياسين قبلي وبعدي للمتغير التابع‪ .‬ويقدم املتغير املستقل للمجموعة‬
‫التجريبية ملدة محددة‪ ،‬يقاس بعدها املتغير التابع لدم املجموعتين‪ .‬ويحسب الفرق بين‬
‫نتيجتي القياسين‪ ،‬لدم املجموعتين‪.‬‬
‫واملجموعة املسماة بالضابطة‪ ،‬ال تعف من التعرض ألية خ رة إطالقا‪ ،‬بل تكون تحم‬
‫ت اير متغير آخر‪ ،‬ليس هو املتغير املستقل املع ي بالبحث التجريبي‪ .‬ففي مجال إلارشاد اليواجي‪،‬‬
‫تتعرض املجموعة التجريبية للرشاد اليواجي بطريقة التمركي حول العميل‪ ،‬أما املجموعة‬
‫الضابطة فتتلق إلارشاد اليواجي باألسلوب العقالني الانفعالي‪.‬‬
‫إن املجموعة الضابطة تضبط ت اير املتغير املستقل في املتغير التابع لدم املجموعة‬
‫التجريبية‪ ،‬من خالل تعرضها هي ملتغير آخر‪ .‬ولهذا تسم مجموعة ضابطة‪ .‬أما إذا لم تتعرض‬
‫ألية خ رة أاناء التجربة‪ ،‬فتدعى مجموعة مهملة‪ ،‬ويمكن استعمال هذت املجموعة‪ ،‬بعد أن‬
‫تكون متماالة مع املجموعة التجريبية واملجموعة الضابطة‪ ،‬من حيث التو ع العشوا ي‪،‬‬
‫وضبط املتغيرات الدخيلة‪ ( .‬كريا الشربي ي‪ 46 ،1995 ،‬ـ ‪.)47‬‬

‫‪ .4‬تصميم سولومون ذو املجموعات الثالاة‪.‬‬


‫اقترح سولومون عام ‪ ،1949‬تصميمين؛ أحدهما ذي االث مجموعات‪ ،‬وآلاخر ذي أربع‬
‫مجموعات‪ .‬ستعمل أول تصميمي سولومون االث مجموعات مع تخصي عشوا ي ألفراد‬
‫املجموعات‪ .‬وميزة هذا التصميم أنه ستعمل مجموعة ضابطة اانية‪ .‬وهو بذلك يتغلب على‬
‫الصعوبة املال مة للتصميم السابق املتمثل في الت اير التفاعلي للقياس القبلي واملتغير املستقل‬

‫‪287‬‬
‫(ال رنامج إلارشادي)‪ .‬وال تتعرض املجموعة الضابطة الثانية‪ ،‬للقياس القبلي‪ ،‬بل تتعرض‬
‫للمتغير املستقل‪ .‬وتتعرض لقياس بعدي ملعرفة ت اير التفاعل‪ .‬ويتم إلاجراء التجريبي كما ي تي‪:‬‬
‫االث مجموعات عشوائية ‪ :‬مجموعة تجريبية واحدة ومجموعتان ضابطتان‪.‬‬
‫تتعرض املجموعة التجريبية واملجموعة الضابطة ألاولى للقياس القبلي‪.‬‬
‫ام تتعرض املجموعة التجريبية واملجموعة الضابطة الثانية للمتغير املستقل‪.‬‬
‫وبعد ذلك تتعرض املجموعات الثالاة للقياس البعدي‪.‬‬
‫ويتم تحصيل أار التفاعل (بين القياس القبلي واملتغير املستقل) من خالل مقارنة‬
‫الدرجات في القياس البعدي‪ .‬ويتم إدخال درجات القياس البعدي فقط في املقارنة‪.‬‬
‫وربما يكون للمجموعة التجريبية متوسط حسابي في القياس البعدي أعلى بشكل دال‬
‫إحصائيا من املتوسط الحسابي للمجموعة الضابطة ألاولى‪ ،‬إال أنه ال سع الباحث أن يكون‬
‫وااقا من أن الفرق عيم إلى املتغير املستقل‪ .‬ألنه قد يكون ذلك بسبب حساسية متزايدة‬
‫للمجموعة التجريبية بعد القياس القبلي وتفاعل تلك الحساسية مع املتغير املستقل‪.‬‬
‫وإذا كان املتوسط الحسابي للمجموعة الضابطة الثانية أعلى بشكل دال إحصائيا من‬
‫املتوسط الحسابي للمجموعة الضابطة ألاولى‪ ،‬فعندئذ يمكن للباحث أن يفترض أن املتغير‬
‫املستقل (املعالجة التجريبية) وليس تفاعل القياس القبلي مع املتغير املستقل‪ ،‬هو السبب‬
‫في ظهور الفرق‪ ،‬ألن املجموعة الضابطة الثانية لم تتلق القياس القبلي‪ .‬وهذت املجموعة رغم‬
‫أنها تلقم املتغير املستقل إال أنها تعمل في التجربة كمجموعة ضابطة‪ ( .‬كريا الشربي ي‪،‬‬
‫‪ 47 ،1995‬ـ ‪( .)48‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪ 366 ،2004 ،‬ـ ‪.)367‬‬

‫‪ .5‬تصميم سولومون ذو املجموعات ألاربعة‪.‬‬


‫يقدم هذا التصميم ضبطا أكثر فاعلية‪ ،‬وذلك بتوسيع التصميم السابق ليشمل‬
‫مجموعة ضابطة أخرم‪ .‬وال تحظ هذت املجموعة الرابعة بقياس قبلي أو معالجة تجريبية‪.‬‬
‫ومرة أخرم‪ ،‬فإن املجموعة الثالثة (املجموعة الضابطة الثانية)‪ ،‬رغم تعرضها للمعالجة‬
‫التجريبية (املتغير املستقل)‪ ،‬إال أنها تعمل كمجموعة ضابطة‪.‬‬
‫وتكمن قوة هذا التصميم‪ ،‬في أنه يقدم ضبطا جيدا ملخاطر الصدق الداخلي‪ .‬ويتم‬
‫إلاجراء التجريبي كما يلي ‪:‬‬
‫أربع مجموعات عشوائية؛ مجموعة واحدة تجريبية واالث مجموعات ضابطة‪.‬‬
‫تتعرض املجموعة التجريبية واملجموعة الضابطة ألاولى للقياس القبلي‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫ام تتعرض املجموعة التجريبية واملجموعة الضابطة الثانية فقط للمتغير املستقل‬
‫(ال رنامج إلارشادي)‪.‬‬
‫وبعد ذلك تتعرض املجموعات ألاربعة للقياس البعدي‪.‬‬
‫ويجري الباحث في هذا التصميم عدة مقارنات لتحديد ت اير املتغير املستقل‪.‬‬
‫فإذا كان املتوسط الحسابي للقياس البعدي لدم املجموعة التجريبية أك ر بداللة‬
‫إحصائية من املتوسط الحسابي للمجموعة الضابطة ألاولى‪.‬‬
‫وإذا كان املتوسط الحسابي للقياس البعدي للمجموعة الضابطة الثانية أك ر بداللة‬
‫إحصائية من املتوسط الحسابي للمجموعة الضابطة الثالثة‪.‬‬
‫يكون لدم الباحث دليل على فعالية املعالجة التجريبية (ت اير املتغير املستقل‪ ،‬أي‬
‫ال رنامج إلارشادي)‪.‬‬
‫ويمكن تحديد ت اير الظرول التجريبية في مجموعة أخذت القياس القبلي عن طريق‬
‫م ـقارن ـة الق ـياسـات البـعـدي ـة لك ـل من املـجـم ـوع ـة التـج ـريبـيـة واملـجـم ـوع ـة الضـابـط ـة ألاولـ ‪ ،‬أو‬
‫التغيرات القبلية والبعدية لكل من املجموعة التجريبية واملجموعة الضابطة ألاولى‪.‬‬
‫كما أن ت اير التجربة على املجموعة التي لم ت خذ القياس القبلي تتضح بمقارنة‬
‫املجموعتين الضابطتين الثانية والثالثة‪.‬‬
‫وإذا كان متوسط الفرق بين درجات القياس البعدي بين املجموعة التجريبية واملجموعة‬
‫الضابطة ألاولى‪ ،‬وبين املجموعة الضابطة الثانية واملجموعة الضابطة الثالثة متمااال تقريبا‪،‬‬
‫فال بد أن للتجربة‪ ،‬عندئذ‪ ،‬ت اير متماال تقريبا في املجموعات التي أخذت القياس القبلي‬
‫والتي لم ت خذت‪.‬‬
‫ويقوم هذا التصميم على إجراء تجربتين؛ واحدة مع قياسات قبلية‪ ،‬وأخرم دون قياسات‬
‫قبلية‪ .‬فإذا اتفقم نتائج هاتين التجربتين‪ ،‬فإن الباحث تكون له اقة في النتائج‪.‬‬
‫لكن العيب الرئيس ي لهذا التصميم‪ ،‬يظهر في الصعوبة التي ينطوي عل ها تنفيذت في وضع‬
‫عملي‪ .‬فهناك حاجة لوقم وجهد أك ر جراء تجربتين متزامنتين‪ ،‬وهناك مشكلة تحديد العدد‬
‫املتزايد ألفراد يملكون نفس الخصائ ‪.‬‬
‫وتوجد صعوبة أخرم في املعالجة إلاحصائية‪ ،‬فال توجد أربع مجموعات كاملة من‬
‫القياسات للمجموعات ألاربع‪ .‬لكن كامبل‪ ،‬ستانلي ‪ ،Cambpell & Stanley, 1966‬يقترحان‬
‫استعمال درجات القياس البعدي فقط عن طريق تصميم تحليل التباين ذي الاتجاهين‪.‬‬
‫واتخاذ القياس القبلي متغيرا مستقال اانيا‪ ،‬إضافة إلى املتغير املستقل التجريبي‪ ( .‬كريا‬

‫‪289‬‬
‫الشربي ي‪ 49 ،1995 ،‬ـ ‪( .)50‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪367 ،2004 ،‬‬
‫ـ ‪.)368‬‬

‫الجدول رقم (‪ )1‬يبين تصميم سولومون ذي املجموعات ألاربعة‬


‫لم تتلق املتغير املستقل‬ ‫تلقم املتغير املستقل‬
‫(ال رنامج إلارشادي)‬ ‫(ال رنامج إلارشادي)‬
‫تلقم القياس القبلي‬
‫مجموعة ضابطة ‪1‬‬ ‫مجموعة تجريبية‬
‫للمتغير التابع‬
‫لم تتلق القياس القبلي‬
‫مجموعة ضابطة ‪3‬‬ ‫مجموعة ضابطة ‪2‬‬
‫للمتغير التابع‬
‫القياس البعدي‬
‫×‬ ‫×‬ ‫×‬ ‫×‬
‫للمتغير التابع‬
‫يبين الجول رقم (‪ )2‬تصميم التنفيذ إلاحصا ي‪ ،‬ب سلوب تحليل التباين ذي الاتجاهين‬

‫مجموعة‬ ‫مجموعة مجموعة‬ ‫مجموعة‬


‫املجموعات‬
‫ضابطة ‪3‬‬ ‫ضابطة ‪ 1‬ضابطة ‪2‬‬ ‫تجريبية‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫×‬ ‫×‬ ‫القياس القبلي للمتغير التابع‬
‫املتغير املستقل‬
‫‪-‬‬ ‫×‬ ‫‪-‬‬ ‫×‬
‫(ال رنامج إلارشادي)‬
‫×‬ ‫×‬ ‫×‬ ‫×‬ ‫القياس البعدي للمتغير التابع‬

‫‪ 2‬ـ التصميم التجريبي ب سلوب تقديم املتغير املستقل بكميات متفاوتة‪.‬‬


‫مجموعات تجريبية عديدة وال وجود ملجموعات ضابطة‪.‬‬
‫هذا التصميم‪ ،‬وفي حدود اطالعي‪ ،‬ال تذكرت مراجع مناهج البحث التجريبي في علم النفس‬
‫والتربية‪ .‬ولكنه ستعمل عندما يكون املتغير املستقل فييائيا أو كميائيا‪ ،‬أو ماديا‪ ،‬بصفة‬
‫عامة‪ ،‬واملتغير التابع سلوكيا‪ .‬ومن مثل البحوث التي تجرم وفق هذا التصميم‪ ،‬ما ي تي ‪:‬‬
‫‪ .1‬أار الضوضاء عل تركيز الانتبات‪.‬‬
‫‪ .2‬أار الا دحام على السلوك العدواني‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫‪ .3‬أار الحرارة على سلوك حل املشكالت‪.‬‬
‫ففي املثال ألاول‪ ،‬الذي جاء بعنوان ‪ :‬أار الضوضاء على تركيز الانتبات‪ .‬الذي يتم فيه‬
‫تعرض املفحوصين للمتغير املستقل (الضوضاء) بكميات متفاوتة‪ .‬يقوم الباحث‪ /‬املجرب‬
‫بإعداد االث حجرات عا لة للصوت‪ ،‬وبمساعدة مهندس الصوت‪ ،‬يحدث بداخلها ضوضاء‬
‫بكميات متفاوتة في الحجرات الثالاة‪ ،‬التي توجد ف ها االث مجموعات من املفحوصين‪ ،‬يتم‬
‫تخصيصهم عشوائيا لهذت الحجرات‪.‬‬
‫وفي املثال الثاني‪ ،‬بعنوان ‪ :‬أار الا دحام على السلوك العدواني‪ .‬يقوم الباحث بإعداد‬
‫االث غرل متساوية من حيث مساحتها‪ُ .‬ويجلس ف ها أفرادا‪ ،‬يقومون ب داء نشاط حركي ما‪.‬‬
‫ويكونون متفاوتين في أعدادهم‪ ،‬في كل غرفة‪ .‬فيضع في الغرفة ألاولى فردا واحدا‪ ،‬يجلس ملدة‬
‫ساعتين‪ .‬ويضع في الغرفة الثانية ‪ 6‬أفراد‪ ،‬يجلسون كذلك ملدة ساعتين‪ .‬ويضع في الغرفة‬
‫الثالثة ‪ 12‬فردا‪ ،‬يجلسون ملدة ساعتين أيضا‪ .‬وأاناء التجربة وفي نهايتها‪ ،‬يتعرل على‬
‫السلوك العدواني لديهم‪ ،‬إما باملالحظة املباشرة‪ ،‬أو من خالل قياس ّ‬
‫كمي‪.‬‬
‫وفي املثال الثالث‪ ،‬بعنوان ‪ :‬أار الحرارة على سلوك حل املشكالت‪ .‬يضع الباحث أفرادا‬
‫في حجرة‪ ،‬ويدرج ف ها درجة الحرارة من املستوم املريح ملدة ساعة‪ ،‬ام مستوم غير مريح ملدة‬
‫نصف ساعة‪ ،‬ام مستوم من الحرارة غير املريح جدا‪ ،‬ملدة نصف ساعة كذلك‪ .‬وأاناء التجربة‬
‫كلها يقوم ألافراد بنشاط يتعلق بحل مشكالت‪ .‬وفي كل مدة من املدد الثالاة‪ ،‬يقيس لديهم‬
‫فعالياتهم في سلوك حل املشكالت‪.‬‬
‫وعلى غرار هذت ألامثلة‪ ،‬اقترحم التصميم السابق (تقديم املتغير املستقل بكميات‬
‫متفاوتة) على طالبة دكتورات في جامعة سطيف‪ ،‬استشارت ي في هذا ألامر‪ .‬وكان برنامجها‬
‫إلارشادي يهدل إلى خفض مشاعر قلق الامتحان‪ ،‬فاقترحم عل ها أن تنجي بحثها بواحدة من‬
‫الطريقتين آلاتيتين ‪:‬‬
‫الطريقة ألاولى ‪ :‬تضع خطة لتنفيذ برنامجها إلارشادي في ‪ 12‬جلسة‪ .‬تسحب مجموعة‬
‫من املفحوصين (‪ 15‬مفحوصا‪ ،‬مثال)‪ ،‬الذين تم تشخيصهم على أنهم عانون من مشاعر‬
‫القلق من الامتحان‪ .‬تقسمهم عن طريق التخصي العشوا ي إلى االث مجموعات فرعية‪.‬‬
‫يتعرض الجميع للجلسات ألاربع ألاولى من إلارشاد‪ .‬ام تبعد منهم عشوائيا مجموعة أولى (‪5‬‬
‫أفراد)‪ .‬ام يتعرض املفحوصون الباقون ألربع جلسات أخرم‪ ،‬ام تبعد منهم عشوائيا مجموعة‬
‫اانية (‪ 5‬أفراد‪ ،‬كذلك)‪ .‬ام تكمل تنفيذ برنامجها إلارشادي مع املجموعة الثالثة (‪ 5‬أفراد)‬

‫‪291‬‬
‫ب ربع جلسات الباقية‪ .‬فتصير لديها االث مجموعات‪ ،‬وفق تعرضها لكميات متفاوتة من‬
‫ال رنامج إلارشادي (املتغير املستقل)‪ .‬وهي كما يلي ‪:‬‬
‫املجموعة التجريبية ألاولى تعرضم لل رنامج إلارشادي مدة أربع جلسات‪.‬‬
‫املجموعة التجريبية الثانية تعرضم لل رنامج إلارشادي مدة اماني جلسات‪.‬‬
‫املجموعة التجريبية الثالثة تعرضم لل رنامج إلارشادي مدة اانتي عشرة جلسة‪.‬‬
‫ام تقارن بينها في املتغير التابع‪ ،‬وهو قلق الامتحان‪.‬‬
‫الطريقة الثانية ‪ :‬تتعرض املجموعة ألاولى للجلسات ألاربعة ألاولى‪ .‬ام تلحق بها املجموعة‬
‫الثانية فتتعرض املجموعتان للجلسات ألاربعة الثانية‪ .‬ام تلحق بهما املجموعة ألاخيرة‪،‬‬
‫فتتعرض املجموعات الثالاة للجلسات ألاربعة ألاخيرة من ال رنامج إلارشادي‪ .‬وبذلك تكون ‪:‬‬
‫املجموعة التجريبية ألاولى تعرضم ألربع جلسات‪.‬‬
‫املجموعة التجريبية الثانية تعرضم لثماني جلسات‪.‬‬
‫املجموعة التجريبية الثالثة تعرضم الانتي عشرة جلسة‪.‬‬
‫ام يقارن بينها في املتغير التابع‪ ،‬وهو قلق الامتحان‪.‬‬
‫وكما نالحظ‪ ،‬فهو تصميم ال ستعمل مجموعات ضابطة‪ .‬و عتقد علماء املنهجية أن‬
‫التصميمات التي تستعمل مجموعات تجريبية فقط‪ ،‬أفضل من التصميمات التي تستعمل‬
‫مجموعات تجريبية ومجموعات ضابطة‪.‬‬
‫عوق استعمال املنهج التجريبي‪ ،‬من الناحية العملية‪ ،‬في علم النفس‬ ‫لكن أهم ما ّ‬
‫والتربية‪ ،‬عامالن هما‬
‫‪ .1‬صعوبة ضبط املتغيرات الدخيلة‪.‬‬
‫‪ .2‬صعوبة التخصي العشوا ي للمفحوصين‪.‬‬
‫ولهذا ستحسن الابتعاد عن التصميمات التجريبية‪ ،‬وإتباع التصميمات شبه التجريبية‬
‫املختلفة‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬التصميمات العاملية‬


‫إن التصميمات املقدمة إلى حد آلان‪ ،‬هي تصميمات كالسيكية ذات متغير واحد؛ ستعمل‬
‫ف ها الباحث متغيرا مستقال واحدا حداث ت اير على املتغير التابع‪ .‬ولكن‪ ،‬في حالة الظواهر‬
‫السلوكية املعقدة هناك‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬عدة متغيرات مستقلة تتفاعل في نفس الوقم‪،‬‬
‫حداث ت اير على متغير تابع‪ ( .‬كريا الشربي ي‪ .)60 ،1995 ،‬وأي بحث يقوم على متغير واحد‪،‬‬

‫‪292‬‬
‫قد يفرض بساطة مصطنعة على وضع سلوكي معقد‪ .‬إن متغيرا مستقال واحدا قد ال يحدث‬
‫الت اير نفسه كما يحداه حين يتفاعل مع متغير مستقل آخر‪ .‬ومن ام‪ ،‬فإن استنتاجات من‬
‫تصميمات ذات متغير مستقل واحد‪ ،‬قد تكون دون مع ى‪ .‬فمثال‪ ،‬قد تعتمد فاعلية طريقة‬
‫إرشادية معينة على عدد من املتغيرات املستقلة‪ ،‬كالعمر والجنس‪ ،‬والاستعداد لتلقي إلارشاد‪،‬‬
‫وكفاءة املرشد‪ ،‬ومناخ الجلسات إلارشادية‪ ،‬وكون إلارشاد فردي أم جماعي وغيرها‪ .‬إن‬
‫تصميما كالسيكيا بمتغير واحد‪ ،‬لن يكشف عن الت اير التفاعلي للطريقة إلارشادية‬
‫والاستعداد لتلق ها‪ .‬ومن املمكن الييادة في حاصل املعلومات من التجربة‪ ،‬عن طريق ت كيد‬
‫الت ايرات املتزامنة ملتغيرين مستقلين أو أكثر في تصميم عاملي‪.‬‬
‫وظهرت التصميمات العاملية في البحوث النفسية والتربوية‪ ،‬بفضل إسهامات إلاحصا ي‬
‫إلانجليزي‪ ،‬دونالد فيشر ‪ .D. Fisher‬وساهمم في تطورها‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر‬
‫جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪.)369 ،2004 ،‬‬
‫إن التصميم العاملي‪ ،‬يتم فيه تفعيل اانين أو أكثر من املتغيرات املستقلة‪ ،‬في نفس‬
‫الوقم‪ ،‬بهدل دراسة الت اير املستقل لكل متغير في املتغير التابع‪ ،‬وكذلك الت ايرات الناجمة‬
‫عن التفاعالت بين عدة متغيرات مستقلة‪.‬‬
‫وتكون التصميمات العاملية على نوعين ‪:‬‬
‫في النوع ألاول واحد فقط من املتغيرات املستقلة يتم استعماله تجريبيا‪ .‬وفي هذت الحالة‪،‬‬
‫يهتم الباحث أساسا بت اير متغير مستقل واحد‪ .‬ولكن يجب أن ي خذ بعين الاعتبار متغيرات‬
‫أخرم قد تؤار على املتغير التابع‪ .‬وبصورة نموذجية‪ ،‬فإن هذت املتغيرات ألاخرم‪ ،‬هي متغيرات‬
‫منسوبة‪ /‬نوعية؛ كالجنس‪ ،‬والذكاء‪ ،‬والوضع الاجتماعي الاقتصادي وغيرت‪ .‬ويمكن التحقق‬
‫من ت ايرها (وضبطها في نفس الوقم) عن طريق بناء املتغير التابع مباشرة في التصميم‬
‫ويقيم الباحث ت اير املتغير املستقل الرئيس ي لكل مستوم من املستويات املتعددة‬ ‫العاملي‪ّ .‬‬
‫لواحد أو أكثر من املتغيرات املنسوبة املستقلة‪ .‬إن املستويات املختلفة للمتغير املنسوب‪ ،‬تمثل‬
‫بشكل نموذجي مجموعات ألايخا املختارة بصورة طبيعية‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر‬
‫جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪ .)369 ،2004 ،‬كما يقوم مثال‪ ،‬بحث معين باستعمال الذكور‬
‫وإلاناث ومرتفهي ومنخفض ي الذكاء ومرتفهي ومنخفض ي الوضع الاجتماعي الاقتصادي‪ ،‬في‬
‫برنامج لتنمية دافع إلانجا ‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫يبين الجدول رقم (‪ )3‬التصميم العاملي ‪.2 × 2 × 2‬‬
‫املتغير املستقل الفعال = برنامج تنمية الدافع إلى إلانجا‬
‫الوضع الاجتماعي‬ ‫متغيرات‬
‫مستوم الذكاء‬ ‫الجنس‬
‫الاقتصادي‬ ‫مستقلة‬
‫ذكور إناث مرتفع منخفض مرتفع منخفض‬ ‫منسوبة‬
‫متغير تابع‬
‫‪.....‬‬ ‫‪.....‬‬ ‫‪.....‬‬ ‫‪.....‬‬ ‫‪.....‬‬ ‫‪.....‬‬
‫(تنمية دافع إلانجا )‬

‫في النوع الثاني قد يجرم تفعيل جميع املتغيرات املستقلة تجريبيا‪ .‬وهنا يهتم الباحث‬
‫بعدة متغيرات مستقلة فعالة‪ .‬ويرغب في تقييم كل من ت ايرها املنفصلة واملدمجة‪ .‬مثال‪ ،‬قد‬
‫تقارن تجربة ت ايرات حجم الصف وكذلك إدخال التدر س املدعوم بالحاسوب على تعلم‬
‫املفاهيم العلمية‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪ .)369 ،2004 ،‬في هذا‬
‫ّ‬
‫سيفعل الباحث كال املتغيرين‪ ،‬وسيكون هناك مستويان للمتغير هما ‪ :‬طريقة التدر س‬ ‫البحث‬
‫(أي املدعومة بالحاسوب مقابل التقليدية) وللمتغير الثاني‪ ،‬حجم الصف (مكتظ مقابل غير‬
‫مكتظ)‪ .‬إن مثل هذا التصميم‪ ،‬سمح بتحليل آلااار الرئيسية لكل من املتغيرات التجريبية‬
‫وتحليل التفاعل بين املعالجات‪.‬‬

‫يبين الجدول رقم (‪ )4‬التصميم العاملي للبحث ‪2 × 2‬‬


‫طريقة التدر س‬ ‫طريقة التدر س‬
‫املتغيرات املستقلة الفعالة‬
‫التقليدية‬ ‫بالحاسوب‬
‫الصف الصف غير الصف الصف غير‬
‫حجم الصف‬
‫مكتظ‬ ‫مكتظ‬ ‫مكتظ‬ ‫مكتظ‬
‫املتغير التابع‬
‫‪.........‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫‪.........‬‬
‫(اكتساب املفاهيم العلمية)‬

‫‪ )1‬التصميم العاملي البسيط (‪.)2 × 2‬‬


‫تم تطوير التصميمات العاملية على مستويات مختلفة من التعقيد‪ .‬وأبسط تصميم‬
‫عاملي‪ ،‬هو التصميم ‪ .2 × 2‬وفي هذا التصميم‪ ،‬يكون لكل متغير من املتغيرين املستقلين اانان‬

‫‪294‬‬
‫من املستويات‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪.)369 ،2004 ،‬‬
‫و يضاح ذلك‪ ،‬نفترض أن الباحث مهتم بمقارنة فاعلية نوعين من طرق إلارشاد النفس ي؛‬
‫هما ‪ :‬إلارشاد السلوكي وإلارشاد املعرفي‪ ،‬لخفض مشاعر القلق الاجتماعي‪ ،‬لعينتين من الذكور‬
‫وإلاناث‪ .‬في هذت التجربة‪ ،‬هناك معالجتان تجريبيتان‪ ،‬ومجموعتان من ألافراد‪ .‬نالحظ أن‬
‫التصميم ‪ 2 × 2‬يتطلب أربع مجموعات من ألافراد‪ ،‬حيث يتم تو ع عشوا ي لألفراد ضمن‬
‫كل جنس (ذكور إناث)‪ ،‬ولطريقتي إلارشاد السلوكي واملعرفي‪.‬‬

‫يبين الجدول رقم (‪ )5‬التصميم العاملي ‪2 × 2‬‬


‫طريقة إلارشاد السلوكي طريقة إلارشاداملعرفي‬ ‫املتغيرات املستقلة الفعالة‬
‫إلاناث‬ ‫الذكور‬ ‫إلاناث‬ ‫الذكور‬ ‫الجنس (متغير منسوب)‬
‫املتغير التابع‬
‫‪.........‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫‪.........‬‬
‫(انخفاض مشاعر القلق الاجتماعي)‬

‫‪ )2‬التصميم العاملي املتعدد ‪.2 × 3 × 2‬‬


‫من التصميمات العاملية املعقدة هو التصميم ‪ .2 × 3 × 2‬أي هناك متغيران مستقالن ام‬
‫االاة متغيرات مستقلة‪ ،‬ام متغيران مستقالن‪ .‬أراد باحث القيام ببحث يقارن فيه بين فعالية‬
‫طريقتين للرشاد من أجل الحفاظ على البيئة‪ .‬ويقارن فيه بين أفراد من االاة أعمار هم ‪:‬‬
‫ألاطفال واملراهقون والراشدون‪ .‬ويقارن فيه بين الجنسين‪ .‬في هذا التصميم هناك معالجتان‬
‫تجريبيتان‪ .‬وهناك االاة مجموعات من ألافراد‪ .‬وهناك جنسان‪.‬‬

‫يبين الجدول رقم (‪ )6‬التصميم العاملي للبحث ‪2 × 3 × 2‬‬


‫الطريقة الثانية للرشاد‬ ‫الطريقة ألاولى للرشاد‬
‫راشدون‬ ‫مراهقون‬ ‫أطفال‬ ‫راشدون‬ ‫مراهقون‬ ‫أطفال‬
‫إ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ذ‬
‫املتغير التابع هو ‪ :‬اكتساب معلومات حول املحافظة على البيئة‬

‫‪295‬‬
‫سابعا ‪ :‬التصميمات شبه التجريبية‬
‫‪ )1‬تصميم املجموعة الضابطة غير العشوائية ذو القياسين القبلي والبعدي‪.‬‬
‫في هذا التصميم ال يتم دائما تخصي املفحوصين عشوائيا في مجموعات تجريبية‬
‫وضابطة‪ .‬فكل ما هنالك هو أن توجد مجموعات اابتة وتامة‪ ،‬كالصفول الدراسية‪ ( .‬كريا‬
‫الشربي ي‪ .)52 ،1995 ،‬فإذا كان البحث حول إرشاد التالميذ في السنة الثانية من التعليم‬
‫الثانوي لتنمية رضاهم عن شعبة تسيير واقتصاد التي تم توج ههم إل ها‪ ،‬فيمكن للباحث‬
‫استعمال صفين من هذت الشعبة؛ أحدهما كمجموعة تجريبية وآلاخر كمجموعة ضابطة‪.‬‬
‫وتتعرض املجموعتان للقياس القبلي للمتغير التابع‪ ،‬وهو الرضا عن شعبة تسيير واقتصاد‪.‬‬
‫ام تتعرض املجموعة التجريبية للمتغير املستقل (ال رنامج إلارشادي)‪ ،‬وتغفل املجموعة‬
‫الضابطة (لكن ستحسن أن تتعرض هذت املجموعة ل رنامج إرشادي في موضوع آخر)‪ .‬وبعد‬
‫انتهاء تنفيذ ال رنامج إلارشادي‪ ،‬تتم املقارنة بين املجموعتين في املتغير التابع‪ ،‬وهو الرضا عن‬
‫شعبة تسيير واقتصاد‪.‬‬
‫ومما يدعم هذا التصميم‪ ،‬أن املجموعتين تتعرضان معا للقياس القبلي والقياس‬
‫البعدي‪ .‬كما يتعرض أفراد املجموعة التجريبية لل رنامج إلارشادي في نفس الفترة اليمنية‪.‬‬
‫وأن الذي يقوم بتنفيذ ال رنامج إلارشادي هو الباحث‪ /‬املجرب نفسه‪.‬‬
‫لكن صعوبات تنفيذ هذا التصميم‪ ،‬قد ت تي من مسؤولي املدارس الذين ال يوافقون على‬
‫إحداث تغييرات في التو ع اليومي للحص الدراسية من أجل إجراء تجربة على فوجين‬
‫دراسيين في نفس الوقم‪ ( .‬ايد بن عجير الحارثي‪ 108 ،1994 ،‬ـ ‪( .)109‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي‬
‫تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪.)374 ،2004 ،‬‬

‫‪ )2‬تصميم تدوير املجموعات‪ ،‬أو تصميم املوا نة‪ ،‬أو التكافؤ الدوري‪ ،‬وقياس‬
‫قبلي‪ /‬بعدي‪ ،‬أو بعدي فقط‪.‬‬
‫يمكن استعمال هذا التصميم مع مجموعات تامة واابتة‪ ،‬وتدويرها في فترات خالل‬
‫ُْ‬
‫تعقب كل مجموعة موضع املجموعة ألاخرم في تعرضها للمتغيرات املستقلة‪.‬‬ ‫التجربة‪ .‬أي‬
‫ويتغلب تصميم تدوير املجموعات على ضعف تصميم املجموعة الواحدة‪.‬‬
‫و شيع استعمال هذا التصميم في الحاالت التي يكون ف ها عدد املفحوصين قليال‪ ،‬أو‬
‫حين يتم إرشاد أو عالج أو تدر س أو تدريب بطريقتين مختلفتين أو أكثر‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫يتم إعداد مفحوصين متماالين جدا في املتغيرات التي لها ارتباط باملتغير التابع‪.‬‬
‫وتقسيمهم عشوائيا إلى مجموعتين؛ املجموعة (أ) واملجموعة (ب)‪.‬‬
‫في املرحلة ألاولى‪ ،‬تتعرض املجموعة (أ) للطريقة إلارشادية (س)‪ ،‬وتتعرض املجموعة‬
‫(ب) للطريقة إلارشادية ( )‪ .‬ام يقاس الفرق بينهما‪.‬‬
‫وفي املرحلة الثانية‪ ،‬تتبادل املجموعتان دوريهما‪ .‬فتتعرض املجموعة (أ) لألسلوب‬
‫إلارشادي ( )‪ ،‬وتتعرض املجموعة (ب) لألسلوب إلارشادي (س)‪ .‬ام يقاس الفرق بينهما‪.‬‬
‫( كريا الشربي ي‪ 54 ،1995 ،‬ـ ‪.)55‬‬
‫مثال‪ .‬يكون هدل الباحث هو املقارنة بين طريقتين رشاد التالميذ بهدل خفض مشاعر‬
‫قلق الامتحان في مرحلة التعليم الثانوي‪.‬‬
‫بعد أن يقسم الباحث‪ /‬املجرب املفحوصين إلى مجموعتين‪ .‬تتعرض في املرحلة ألاولى‪،‬‬
‫املجموعة (أ) للرشاد وفق أسلوب التمركي حول العميل‪ .‬وتتعرض املجموعة (ب) للرشاد‬
‫وفق أسلوب التوقع وقيمة التعييي‪ .‬وبعدها يقاس لدم كل مجموعة مستوم مشاعر قلق‬
‫الامتحان‪ .‬وفي املرحلة الثانية‪ ،‬تتعرض املجموعة (أ) للرشاد وفق أسلوب التوقع وقيمة‬
‫التعييي‪ .‬وتتعرض املجموعة (ب) للرشاد وفق أسلوب التمركي حول العميل‪ .‬وبعدها يقاس‬
‫لدم كل مجموعة مستوم مشاعر قلق الامتحان‪ .‬فيحصل الباحث‪ /‬املجرب على أربعة‬
‫قياسات‪ ،‬عالج الفروق بينها ب سلوب تحليل التباين‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪،‬‬
‫أصغار را افيه‪ 377 ،2004 ،‬ـ ‪( .)379‬ديوبولد فان دالين‪ 402 ،1984 ،‬ـ ‪.)406‬‬

‫يبين الجدول رقم (‪ )7‬تصميم تدوير املجموعات‬


‫املرحلة الثانية‬ ‫املرحلة ألاولى‬ ‫املراحل‬
‫املجموعة‬ ‫املجموعة‬
‫املجموعة أ‬ ‫املجموعة أ‬ ‫املجموعات‬
‫ب‬ ‫ب‬
‫التمركي‬ ‫التوقع‬ ‫التوقع‬ ‫التمركي‬
‫حول‬ ‫وقيمة‬ ‫وقيمة‬ ‫حول‬ ‫ال رامج إلارشادية‬
‫العميل‬ ‫التعييي‬ ‫التعييي‬ ‫العميل‬
‫×‬ ‫×‬ ‫×‬ ‫×‬ ‫القياسات‬

‫‪297‬‬
‫تتميز طريقة تدوير املجموعات ب نها تعطي الفرصة لتدوير الفروق التي قد توجد بين‬
‫ّ‬
‫املحصل عل ها‬ ‫املجموعتين‪ .‬وبما أن كال املجموعتين تتعرضان للمتغير املستقل‪ ،‬فإن النتائج‬
‫ال يمكن أن تعيم إلى فروق موجودة مسبقا لدم املفحوصين‪.‬‬
‫ولكن عيب هذا التصميم‪ ،‬هو أنه قد تؤار طريقة إرشاد على طريقة أخرم‪ .‬كما أن كثرة‬
‫القياسات قد تصيب املفحوصين بامللل‪.‬‬

‫اامنا ‪ :‬تصميمات السالسل اليمنية‬


‫‪ )1‬تصميم السلسلة اليمنية ذو املجموعة الواحدة‪.‬‬
‫هذا التصميم ال ستعمل مجموعة ضابطة‪ .‬ويقوم على تكرار القياس ملجموعة واحدة‪،‬‬
‫وإدخال معالجة تجريبية في السلسلة اليمنية للقياسات‪ .‬ويتم تنفيذ التصميم كما يلي ‪:‬‬
‫يقاس املتغير التابع عدة مرات‪ ،‬ولتكن أربعة‪ ،‬ام تتعرض املجموعة التجريبية للمتغير‬
‫املستقل‪ ،‬وبعد ذلك يقاس املتغير التابع عدة مرات‪ ،‬ولتكن أربعة كذلك‪ .‬ويكون الفرق اليم ي‬
‫بين كل قياس والذي يليه أكثر من أسبوعين‪ .‬أما القياسات البعدية فاألحسن أن تمتد مدتها‬
‫الكلية أكثر من االاة شهور وحتى إلى ستة شهور‪ .‬بحيث تكون في بدايتها متقاربة وفي نهايتها‬
‫متباعدة‪ .‬و سير التنفيذ مرحليا‪ ،‬كما ي تي ‪:‬‬
‫ـ ق ـياس قـبـلي ‪ 1‬للمـتـغـيـر التاب ـع‪ .‬م ـرور أكثـر من أس ـبوعيـن‪ .‬ق ـياس قـبـلي ‪ 2‬للمتغيـر التاب ـع‪.‬‬
‫مرور أكثر من أسبوعين‪ .‬قياس قبلي ‪ 3‬للمتغير التابع‪ .‬مرور أكثر من أسبوعين‪ .‬قياس قبلي ‪4‬‬
‫للمتغير التابع‪.‬‬
‫ـ تقديم املتغير املستقل‪.‬‬
‫ـ قياس بعدي ‪ 1‬للمتغير التابع‪ .‬قياس بعدي ‪ 2‬للمتغير التابع‪ .‬قياس بعدي ‪ 3‬للمتغير‬
‫التابع‪ .‬قياس بعدي ‪ 4‬للمتغير التابع‪ ( .‬ايد بن عجير الحارثي‪.)109 ،1994 ،‬‬
‫وأخيرا القيام باملقارنة بين القياسات القبلية والقياسات البعدية للمجموعة‪ .‬وتتم‬
‫املقارنات بين قياس قبلي وقياس بعدي وفق ترتيبها‪ .‬كما تتم املقارنة بين املتوسطين‬
‫الحسابيين للقياسات القبلية والقياسات البعدية‪ ( .‬كريا الشربي ي‪ 52 ،1955 ،‬ـ ‪.)53‬‬
‫إن القياسات املتكررة في هذا التصميم‪ ،‬تبعد بعض ألاخطار على الصدق الداخلي‬
‫للتجربة‪ ،‬مثل ‪ :‬النضج والارتداد إلاحصا ي وأدوات القياس‪ .‬ويوص ى بعدم إجراء أي تغيير في‬
‫أدوات القياس خالل فترة الدراسة‪ .‬لكن ضعف هذا التصميم‪ ،‬يتمثل في إخفاقه في إبعاد أار‬

‫‪298‬‬
‫التاريخ‪( .‬كر س باركر‪ ،‬نانس ي بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت‪ 236 ،1999 ،‬ـ ‪( .)237‬دونالد آري‪،‬‬
‫لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪ 379 ،2004 ،‬ـ ‪.)381‬‬

‫‪ )2‬تصميم السلسلة اليمنية ذو املجموعة الضابطة‪.‬‬


‫ستعمل هذا التصميم مجموعة ضابطة‪ .‬ويقوم على تكرار القياسات القبلية والبعدية‬
‫ملجموعتين؛ إحداهما تجريبية وألاخرم ضابطة‪ ،‬وإدخال املعالجة التجريبية في السلسلة‬
‫اليمنية للقياسات للمجموعة التجريبية فقط‪ .‬ويتم تنفيذت كما هو الحال في التصميم ذي‬
‫املجموعة الواحدة‪ ،‬ولكن مع إدخال املجموعة الضابطة التي تتعرض لكل القياسات القبلية‬
‫والبعدية‪ ،‬وال تتعرض للمعالجة التجريبية (املتغير املستقل)‪ ( .‬ايد بن عجير الحارثي‪،1994 ،‬‬
‫‪ 116‬ـ ‪.)117‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬تجرم املقارنات بين القياسات القبلية والقياسات البعدية للمجموعتين؛‬
‫التجريبية والضابطة‪ .‬وتتم املقارنات بين قياس قبلي وقياس بعدي وفق ترتيبها للمجموعتين‬
‫كل على حدة‪ .‬كما تتم املقارنة بين املتوسطين الحسابيين للقياسات القبلية والقياسات‬
‫البعدية للمجموعتين؛ التجريبية والضابطة‪ .‬وأخيرا‪ ،‬وهو املطلوب‪ ،‬إجراء مقارنة بين قياسات‬
‫املجموعة التجريبية وقياسات املجموعة الضابطة في املتغير التابع‪( .‬دونالد آري‪ ،‬لوس ي تشيزر‬
‫جاكوبس‪ ،‬أصغار را افيه‪ 381 ،2004 ،‬ـ ‪.)382‬‬

‫تاسعا ‪ :‬ضبط أار هاواورن أو اتجاهات املفحوصين‬


‫مع ى أار هاواورن‪ ،‬وكيفية عيل أارت على املتغير التابع‪ .‬تناولم مع ى أار هاواورن في فقرة‬
‫سابقة بعنوان اتجاهات املفحوصين أو أار هاواورن‪ .‬ولكن ي في هذت الفقرة‪ ،‬س ّبين كيف يؤار‬
‫على املتغير التابع‪ ،‬وكيف يتم عيل ت ايرت‪ ،‬بصفته متغيرا دخيال‪.‬‬
‫لنفرض أن باحثا أعد مجموعتين من ألافراد لبحثه حول فعالية برنامج إرشادي معين؛‬
‫إحداهما‪ ،‬مجموعة تجريبية‪ ،‬وألاخرم مجموعة ضابطة‪ .‬أخضع املجموعة التجريبية لل رنامج‬
‫إلارشادي‪ ،‬كما أعلم أفرادها ب نهم شاركون في تجربة‪ ،‬لكن املجموعة الضابطة كان أفرادها‬
‫عبارة عن أيخا استطاع الحصول عل هم بسهولة ولم علمهم ب نهم شاركون في تجربة‪.‬‬
‫فإذا ُو ِجد فرق بين املجموعتين في املتغير التابع‪ ،‬فإن هذا الفرق يمكن أن يكون سببه ال رنامج‬
‫إلارشادي‪ ،‬كما يمكن أن يكون سببه العلم باملشاركة في التجربة‪ .‬وهذا من الطبيهي أن يؤار‬
‫في املتغير التابع‪ .‬إضافة إلى ت اير املتغير املستقل (ال رنامج إلارشادي)‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫ولعيل ت اير هاواورن على املتغير التابع‪ ،‬يقوم الباحث‪ /‬املجرب بإعالم كال املجموعتين؛‬
‫التجريبية والضابطة‪ ،‬ب نهما تشاركان في البحث التجريبي‪ .‬أي يمنحهما كل هما نفس املقدار‬
‫من الاهتمام والانتبات‪.‬‬
‫ويذكر الباحثون مفهوما آخر يقابل مفهوم أار هاواورن أو عاكسه‪ ،‬وهو أار جون هنري‬
‫‪ .John Henry Effect‬و شير إلى ميل أفراد املجموعة الضابطة‪ ،‬ممن عرفون أنهم محل‬
‫تجربة‪ ،‬إلى أن يقوموا بجهد إضافي‪ ،‬ويؤدوا عمال أكثر من معدلهم العادي واملتوقع‪ ،‬ألنهم قد‬
‫يتصورون أنهم في تنافس مع املجموعة التجريبية‪ ،‬ويريدون أن يؤدوا العمل مثلهم أو أفضل‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فإن الاختالل بين املجموعات التجريبية والضابطة‪ ،‬أو عدم وجود هذا الاختالل‪،‬‬
‫قد عيم إلى الدافعية املتزايدة لدم أفراد املجموعة الضابطة‪ ،‬وليس إلى املجموعة‬
‫التجريبية‪ ( .‬كريا الشربي ي‪( .)35 ،1995 ،‬دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افييه‬
‫(‪.)345 ،2004‬‬

‫خاتمة‪.‬‬
‫عت ر املنهج التجريبي أرقى مناهج البحث العلمي‪ ،‬ملا له من مصداقية واقة في نتائجه في‬
‫جميع العلوم‪ ،‬لكنه أكثر دقة في العلوم الطبيعية منها في العلوم إلانسانية‪ .‬وتناولم هذت‬
‫الورقة استعمال هذا املنهج في علم النفس‪ ،‬وفي مجال إلارشاد‪ ،‬خاصة‪ .‬واستعرضم الورقة‬
‫معلومات عن املنهج التجريبي وشروطه‪ ،‬ومقارنته بمناهج أخرم فارقية كذلك‪ .‬وتناولم‬
‫الورقة كذلك‪ ،‬مالحظات نقدية للطرق التي اتبعها الباحثون في إنجا هم لبحوثهم حول‬
‫إلارشاد‪ ،‬ولفم انتباههم إلى ألاخطاء املنهجية التي وقعوا ف ها‪ .‬وتبين عدم تمكنهم من إجراءات‬
‫استعمال هذا املنهج‪ ،‬بطرق صحيحة‪ ،‬وقدمم الورقة عدة تصميمات تجريبية البسيطة منها‬
‫واملركبة‪ ،‬كما قدمم تصميمات أخرم عاملية وشبه تجريبية‪ ،‬وتصميمات باستعمال‬
‫السالسل اليمنية‪ ،‬مدعمة كلها ب مثلة توضيحية وتدريبية في مجال إلارشاد دائما‪ .‬عس ى أن‬
‫يتمكن منها الباحثون عند إجراء بحوثهم مستقبال‪ ،‬سواء في مجال إلارشاد أو في غيرت من‬
‫املوضوعات النفسية والتربوية ألاخرم‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫مراجع الفصل الثامن‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ جودت ش ـ ـ ـ ــاكر محمود (‪ .)2007‬البحث العلمي في العلوم الس ـ ـ ـ ــلوكية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة‬
‫ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ـ ـ دونالد أري‪ ،‬لوسـ ي تشــيزر جاكوبس‪ ،‬أصــغار را افييه (‪ .)2004‬مقدمة للبحث في التربية‪.‬‬
‫ترجمــة ‪ :‬س ـ ـ ـ ـعــد الحس ـ ـ ـ ــي ي‪ .‬مراجعــة ‪ :‬عــادل عبــد الكريم يــاس ـ ـ ـ ــين‪ .‬العين‪ ،‬إلامــارات العربيــة‬
‫املتحدة‪ ،‬دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ديوبولد ب‪ .‬فان دالين (‪ .)1984‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫نبيل نوفل ســليمان الخضــري الشــيخ‪ ،‬طلعم منصــور غ ريال‪ .‬مراجعة ‪ :‬ســيد أحمد عثمان‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ ايد بن عجير الحارثي (‪ .)1994‬الحاجة إلى استعمال التصاميم شبه التجريبية في دراسة‬
‫الس ـ ـ ـ ــلوك الاجتمــاعي في الوطن العربي‪ .‬في ‪ :‬لو س كــامــل مليكــة (إعــداد وتنس ـ ـ ـ ــيق وتقــديم)‪.‬‬
‫قراءات في علم النفس الاجتمـ ــاعي في الوطن العربي‪ .‬املجلـ ــد الس ـ ـ ـ ـ ـ ــادس‪ .‬القـ ــاهرة‪ ،‬الهيئـ ــة‬
‫املصرية العامة للكتاب‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ كريا الش ـ ـ ــربي ي (‪ .)1995‬إلاحص ـ ـ ــاء وتص ـ ـ ــميم التجارب في البحوث النفس ـ ـ ــية والتربوية‬
‫والاجتماعية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ .6‬شافا فرانكفورت ـ ناشميا ‪ ،‬دافيد ناشميا (‪ .)2004‬طرائق البحث في العلوم الاجتماعية‪.‬‬
‫‪ 105 :‬ـ‬ ‫ترجمة ‪ :‬ليلى الطويل‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬س ــوريا ـ ـ ـ ـ ـ ـ دمش ــق‪ ،‬بترا للنش ــر والتو ع‪.‬‬
‫‪.158‬‬
‫‪ 7‬ـ ـ صالح بن حمد العسال (‪ .)1995‬املدخل إلى البحث في العلوم السلوكية‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫الرياض‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق (‪ .)1991‬مناهج البحث وطرق التحليل إلاحصا ي في العلوم‬
‫النفسية والتربوية والاجتماعية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ فرج عبد القادر طه (‪ .)1993‬موس ـ ــوعة علم النفس والتحليل النفس ـ ـ ي‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫الكويم‪ ،‬دار سعاد الصباح‪.‬‬
‫‪ .10‬فرنس ـ ـ ـ ــيس ت‪ .‬م ــاك أن ــدرو (‪ .)2002‬علم النفس البيئي‪ .‬ترجم ــة ‪ :‬عب ــد اللطيف محم ــد‬
‫خليفة‪ ،‬جمعة سيد يوسف‪ .‬إعادة الطبعة ألاولى‪ .‬جامعة الكويم‪ ،‬مجلس النشر العلمي‪.‬‬
‫‪ .11‬كر س باركر‪ ،‬نانس ي بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت (‪ .)1999‬مناهج البحث في علم النفس‬
‫الاكلينيكي وإلارشادي‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد نجيب الصبوة‪ ،‬ميرفم أحمد شوقي‪ ،‬عا شة السيد‬

‫‪301‬‬
‫رشدي‪ .‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ .12‬لندا ل‪ .‬دافيدول (‪ .) 1983‬مدخل علم النفس‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬ترجمة ‪ :‬سيد الطواب‬
‫وآخرون‪ .‬مراجعة ‪ :‬فؤاد أبو حطب‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار مكجروهيل للنشر‪.‬‬
‫‪ .13‬محمد نجيب الصبوة‪ ،‬عبد الفتاح القرش ي (‪ .)1995‬علم النفس التجريبي‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار القلم للنشر والتو ع‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫الفصل التاسع‬
‫منهج بحـث الفـرد الواحـد وتصميماته التجريبية‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬بحث الفرد الواحد تاريخيا‬
‫‪ )1‬في النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫املحطة رقم ‪1‬‬
‫املحطة رقم ‪2‬‬
‫املحطة رقم ‪3‬‬
‫املحطة رقم ‪4‬‬
‫‪ )2‬في بداية القرن العشرين‪.‬‬
‫‪ )3‬ام التق علم النفس با حصاء‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬مشكالت استعمال منهج املقارنة بين املجموعات‬
‫االثا ‪ :‬منهج بحث الفرد الواحد‬
‫أهمية منهج بحث الفرد الواحد‪.‬‬
‫منهج بحث الفرد الواحد ومنهج دراسة الحالة‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬إلاجراءات املنهجية في بحث الفرد الواحد‬
‫خامسا ‪ :‬التصميمات التجريبية الحديثة لبحث لفرد الواحد‬
‫‪ 1‬ـ التصميم التجريبي أ ب‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ التصميم التجريبي أ ب أ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ التصميم التجريبي أ ب أ ب‪( ،‬التصميم الارتدادي أو العكس ي)‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ تصميم خط القاعدة متعدد التدخالت‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ تصميم محك التغيير (تصميم التغير كمحك)‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬تسجيل البيانات‬
‫سابعا ‪ :‬مقارنة تصميمات الفرد الواحد وتصميمات املجموعات‪.‬‬

‫‪303‬‬
304
‫يقوم منهج بحث الفرد الواحد في علم النفس على املبدأ‬
‫التالي ‪" :‬الفرد هو الذي سلك وليسم الجماعة"‪.‬‬

‫"إن موضوع البحث في الشخصية‪ ،‬هو ‪ :‬الكائنات الحية ك فراد‪،‬‬


‫وليس الكائنات الحية كمجموعات"‪.‬‬
‫السيكولوجي ألامريكي‪ ،‬هنري أ‪ .‬موراي‪.1938 ،‬‬

‫‪305‬‬
306
‫مقدمة‪.‬‬
‫تقرؤون في هذا الفصل ما يلي ‪:‬‬
‫ستقرؤون عن املناهج إلاديوغرافية واملناهج الناموسية‪ ،‬ومجاالت استعمال كل منهما‪،‬‬
‫وعن القياس في كال املنهجين‪.‬‬
‫وتقرؤون عن استعمال مناهج بحث الفرد الواحد في بداية ظهور علم النفس العلمي‪.‬‬
‫وتقرؤون عن الفرق بين منهج بحث الفرد الواحد ومنهج دراسة الحالة‪.‬‬
‫وتقرؤون عن التقاليد العلمية التي دعمم قيام منهج بحث الفرد الواحد‪.‬‬
‫وتقرؤون عن أهم املحطات العلمية تاريخيا في استعمال منهج بحث الفرد الواحد‪.‬‬
‫وتقرؤون عن ظهور مناهج البحث باستعمال املجموعات بظهور إلاحصاء والتقائه بعلم‬
‫النفس‪ ،‬في إنجلترا‪.‬‬
‫وتقرؤون عن مشكالت البحث بمنهج املقارنة بين املجموعات‪.‬‬
‫وتقرؤون عن إلاجراءات املنهجية في بحث الفرد الواحد‪.‬‬
‫وتقرؤون عن أهم التصميمات البحثية في منهج بحث الفرد الواحد وإجراءات تنفيذها‪،‬‬
‫وطرق تسجيل نتائجها‪.‬‬
‫وتقرؤون عن املقارنة بين تصميمات بحوث الفرد الواحد وتصميمات بحوث املجموعات‪.‬‬
‫أرجو أن تجدوا في هذا الفصل ما يفيدكم‪ ،‬سواء في مجال البحث أم في مجال العالج‬
‫وإلارشاد‪.‬‬
‫إن أهم ما يميز إجراءات بحوث تعديل السلوك عن غيرت من الاتجاهات السائدة في علم‬
‫النفس أنها تقوم على منهجية ام ريقية تشمل على محاوالت منظمة‪ ،‬الهدل منها الكشف‬
‫عن العالقات الوظيفية أو العالقات السببية بين املتغيرات املستقلة واملتغيرات التابعة‪.‬‬
‫فاملتغير امل ستقل هو العلة املفترضة للقيمة أو للتغير الذي يحدث للمتغير التابع‪ .‬فاملتغير‬
‫املستقل هو الذي يتناوله املجرب بالتغيير بشكل منظم وبإحكام في التجربة‪ ،‬ويالحظ أاناء‬
‫ذلك ما يحدث من تغير في املتغير التابع‪.‬‬
‫وحتى ستطيع الباحث الكشف عن العالقة الوظيفية‪ ،‬أي أن التغير الذي يحدث في‬
‫السلوك املستهدل وظيفة أو دالة لطريقة العالج أو إلارشاد املستعملة‪ ،‬ينبغي استعمال‬
‫تصميم البحث املناسب‪ .‬فالقياس والتعبير الكمي عن مدم حدوث التغير في السلوك‬
‫املستهدل‪ ،‬ال ساعد كثيرا على اكتشال العالقة الوظيفية‪ .‬فهذت العالقات ال تتضح إال إذا‬

‫‪307‬‬
‫ّبين الباحث من خالل التحقق إلام ريقي أن التغير في السلوك املستهدل قد حدث عند تعرضه‬
‫للعالج املستعمل وليس لش يء آخر‪.)Tawney & Gast, 1984( .‬‬
‫وفي إجراءات بحوث تعديل السلوك يتم الاعتماد على تصميمات بحث الفرد الواحد‬
‫‪ Single – Subject Research Designs‬يضاح العالقات الوظيفية بين ألاسباب والنتائج‪.‬‬
‫أكثر من الاعتماد على تصميمات املقارنة بين املجموعات ‪.Group – Comparison Desings‬‬
‫يفرق علماء املنهجية في البحوث النفسية بين مناهج بحث الفرد‬ ‫وفي هذا الصدد‪ّ ،‬‬
‫الواحد ومناهج بحث املجموعات‪ ،‬أو املناهج إلاديوغرافية مقابل املناهج الناموسية‬
‫‪ .Idiographic VS nomothetic methods‬وتبحث املناهج إلايديوغرافية كل ما يتصل بالفرد‬
‫الواحد‪ .‬أما اهتمام املناهج الناموسية فينصب على التصميمات التجريبية والتصميمات‬
‫شبه التجريبية التي تجرم على عينات ك رم‪.‬‬
‫و شير املؤلفون في منهجية البحوث النفسية‪ ،‬إلى أن تصميمات العينات الصغرم‪ ،‬مثل‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫تلك التي تستعمل في إجراء تجارب على الفرد الواحد‪ ،‬هي الطريقة التي ُيحتكم إل ها بقوة‬
‫للجمع بين العلم واملمارسة‪ .‬ألنها تمكن العياديين واملرشدين النفسيين من توظيف مناهج‬
‫البحث الرسمية في عملهم اليومي‪.‬‬
‫وتتعرض املناهج الناموسية النتقادات تنطلق من فكرة مفادها‪ ،‬أن ألاداء والاستجابات‬
‫النوعية الخاصة بالفرد‪ ،‬تفقد معناها ألنها تذوب في أداء الجماعة وفق معايير التوسط‬
‫والاعتدال‪.‬‬
‫ويلفم الباحثون النفسيون النظر‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬إلى أن هناك فرضا خفيا يتبنات‬
‫املعالجون النفسيون الذين يجرون بحوثهم على املرض ى‪ ،‬مضمونه وجود درجة من التشابه‬
‫ّ‬
‫والتماال بين كل الحاالت املرضية‪ .‬ومن ام سلم املعالجون‪ ،‬كل على حدة‪ ،‬ب ن التدخل‬
‫العالجي ينبغي أن يكون متمااال وموحدا‪ .‬ففي بحث ما عن أار عالج نفس ي معين الضطراب‬
‫القلق‪ ،‬يظهر أن الفرق بين متوسط أداء املجموعة قبل الخضوع للعالج ومتوسطها بعد‬
‫الخضوع للعالج‪ ،‬على مقياس للقلق‪ ،‬ربما شير إلى درجة من التحسن سببه العالج‪ .‬ولكن‬
‫هذا التحسن ككل‪ ،‬ربما يخفي حقيقة مضمونها أنه على الرغم من أن معظم الحاالت قد‬
‫تحسنم‪ ،‬فإن أقلية منهم لم تتحسن أو ا دادت تدهورا‪.‬‬
‫تعرض له الجميع‪ ،‬ال يمكن اكتشافها‬‫إن مثل هذت النتائج املتباينة‪ ،‬لنوع واحد من العالج ّ‬
‫إال بالتركيز على نمط التحسن لدم كل فرد على حدة‪ .‬ألن الفروق الفردية بين املرض ى لها‬
‫أهمية قصوم ال يمكن تجاهلها‪ .‬ألامر الذي ال تهتم به املناهج الناموسية‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫إن تصميمات بحث الفرد الواحد‪ ،‬بتسهيلها‪ ،‬بطريقة دقيقة جدا‪ ،‬تطبيق املناهج‬
‫إلاديوغرافية لبحث الفرد الواحد‪ ،‬أ احم بعض العقبات املتعلقة بتصميمات املناهج‬
‫الناموسية‪ ،‬التي تستهدل املقارنة بين املجموعات‪.‬‬
‫وفي مجال القياس‪ ،‬هناك مقاييس يجيب عنها ألافراد كمجموعات‪ ،‬ومقاييس يجيب عنها‬
‫فرد واحد‪ .‬و شمل النوع ألاول املقاييس معيارية املرجع والاختبارات محكية املرجع‪.‬‬
‫إن املقاييس معيارية املرجع‪ ،‬تقوم على مقارنة أداء فرد ب داء أفراد آخرين‪ ،‬وتندرج معظم‬
‫املقاييس النفسية ضمن هذت الفئة‪ .‬وهنا ال يكون للدرجات مع ى مطلقا في حد ذاتها‪ ،‬ولكنها‬
‫تدل فقط على موقع الفرد بالنسبة لباقي الجماعة التي أجابم معه على نفس الاختبار في‬
‫نفس الجلسة‪ .‬فالدرجات على اختبار ستانفورد – بي ي للذكاء‪ ،‬مثال‪ ،‬معيارية املرجع‪ ،‬لها‬
‫متوسط جماعي ساوي ‪ 100‬وانحرال معياري ساوي ‪.16‬‬
‫أما الاختبارات محكية املرجع‪ ،‬فيقارن ف ها أداء كل فرد بمحك مطلق‪ .‬فمثال‪ ،‬حفظ‬
‫قصيدة شعر تتكون من ‪ 20‬بيتا في ساعة واحدة‪ ،‬تشير إلى قوة الذاكرة واملهارة في الحفظ‬
‫والتخيين لدم الفرد‪ .‬واملقارنة تكون في إطار معرفة ما استطاع كل فرد‪ ،‬على حدة‪ ،‬أن يحفظه‬
‫من أبيات الشعر في قصيدة بها ‪ 20‬بيتا‪ ،‬في مدة منية هي ساعة واحدة‪( .‬ساعة واحدة هي‬
‫محك مطلق)‪.‬‬
‫أما النوع الثاني من املقاييس والاختبارات‪ ،‬فيركي على قياس السلوك لدم فرد واحد‬
‫فقط‪ ،‬دون إلاشارة إلى آلاخرين‪ .‬وال تحدث ف ها أية مقارنة‪.‬‬
‫وتاريخيا‪ ،‬شار إلى أن مناهج بحث الفرد الواحد‪ ،‬تمثل الوجهة العلمية التي سادت في‬
‫الطب وعلم النفس حتى العقود املبكرة من القرن العشرين‪ .‬وبعد ذلك ظهر الت اير القوي‬
‫للبداعات في إلاحصاء‪ ،‬التي قام بها الرواد ألاوائل في إلاحصاء‪ ،‬في إنجلترا‪ ،‬وهم كل من‬
‫فرنسيس جالتون ‪ ،F. Galton‬كارل برسون ‪ ،K. Pearson‬رونالد فيشر ‪ ،R. Fisher‬كحساب‬
‫معامالت الارتباط واختبار "ت" وتحليل التباين‪ ،‬التي هي منتشرة حاليا ملعالجة البيانات في‬
‫البحوث النفسية التي تجرم على املجموعات‪.‬‬
‫وسادت مناهج بحث الفرد الواحد ابتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى‬
‫بدايات القرن العشرين‪ ،‬ام ُب ِعثم من جديد في العقود ألاخيرة‪ ،‬واستمدت قوتها الدافعة من‬
‫تقاليد علمية عديدة‪ ،‬يذكر املؤلفون منها ما يلي‪.‬‬
‫ُ‬
‫ي تي في املقام ألاول‪ ،‬التقليد العلمي الذي ع ِرل باسم تحليل السلوك التطبيقي‬
‫‪ .Applied bihaviour analysis‬واملثال على ذلك إلاجرائية السلوكية‪ ،‬كما صاغها ب‪ .‬ل‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫سكنر ‪ B. F. Skinner 1953‬التي قادته إلى أن يقول ‪" :‬إن هدل العلم السلوكي‪ ،‬هو التنبؤ‬
‫بسلوك الكائن الحي الفرد والتحكم فيه وضبطه"‪.‬‬
‫وكان هدل التصميمات التجريبية للفرد الواحد‪ ،‬في الخمسينات والستينات من القرن‬
‫العشرين‪ ،‬هو بيان إمكان التنبؤ بالسلوك وضبطه‪ .‬ولذا تكاارت البحوث التي استعملم هذت‬
‫التصميمات في السبعينات‪.‬‬
‫وي تي في املقام الثاني‪ ،‬إبداع طرق وأساليب قياس نتائج تصميمات الحالة الفردية على‬
‫يد مونتجومري شابيرو ‪ ،M. B. Shapiro‬الذي كان في طليعة من وضعوا أسس هذت الطرق‪.‬‬
‫وطور ألاسلوب املعرول باسم استخبار شابيرو الشخ ي‪ ،‬الذي من خالله نتمكن من تحديد‬ ‫ّ‬
‫املشكالت التي عاني منها املريض‪ ،‬كل منها على حدة‪ ،‬تحديدا كميا‪ ،‬ورصد تطوراتها من حيث‬
‫التحسن أو التدهور‪ ،‬يوميا أو أسبوعيا‪.‬‬
‫وعلى النقيض من منحى سكنر إلاجرا ي ‪ ،Operational‬فإن منحى شابيرو ظاهراتي‬
‫‪ ،Phenomenological‬ألنه ي خذ في اعتبارت وضع تصميم يتفق ووجهة نظر الفرد في مشاكله‬
‫الخاصة‪ ،‬وليس وجهة نظر املعالج‪ ،‬إضافة إلى اهتمامه باملعالجات التجريبية للعالجات‬
‫وأشكال التدخل‪.‬‬
‫وي تي في املقام الثالث‪ ،‬منحى بحث الفرد الواحد‪ ،‬كما ورد في بحوث علم النفس العصبي‪.‬‬
‫ويؤرخ عالم املخ وعلم النفس العصبي‪ ،‬الروس ي‪ ،‬ألكسندر لوريا ‪ ،A. Luria, 1973‬مليالد علم‬
‫النفس العصبي العلمي بعام ‪ ،1861‬عندما وصف الطبيب الفرنس ي بول بروكا ‪P. Broca‬‬
‫حالة اضطراب الكالم (ألافا يا) التي ارتبطم بعطب في منطقة بالف الجبهي ألا سر للمخ‪.‬‬
‫ومنذ ذلك التاريخ‪ ،‬استمرت بحوث الفرد الواحد في الظهور‪ ،‬وأداء أدوار مهمة في تطور هذا‬
‫املجال‪.‬‬
‫وي تي في املقام الرابع‪ ،‬املنحى إلاديوغرافي الذي انتشر بشدة في بحوث الشخصية‪ .‬فقد‬
‫انتقد السيكولوجي ألامريكي جوردون ألبورت ‪ ،G. Allport‬عام ‪ ،1962‬بشدة‪ ،‬الاعتماد العلمي‬
‫واقتصار نشاطه تقريبا على املناهج الناموسية التي تبحث عن القوانين العامة‪ .‬وقال في هذا‬
‫الصدد ‪" :‬بدال من تنامي نفاذ الص ر لدينا من بحث الفرد الواحد وتعجلنا للوصول إلى تعميم‬
‫ما‪ ،‬فلماذا ال ننمي نفاذ الص ر لدينا من التعميمات والقوانين التي نتعجل ظهورها من‬
‫الجماعات‪ ،‬وال نتعجل ظهورها من النموذج الداخلي للفرد الواحد"‪.‬‬
‫كما طور السيكولوجي ألامريكي‪ ،‬بجامعة هارفارد‪ ،‬هنري ألكسندر موراي ‪،H. A. Murray‬‬
‫عام ‪ ،1938‬منحى لدراسة الشخصية بناء على الفحو املكثفة‪ .‬وكان أحد أهم افتراضات‬

‫‪310‬‬
‫نظريته ‪" :‬إن أهدال البحث في هذا املجال‪ ،‬عبارة عن الكائنات الحية ك فراد‪ ،‬وليس مجمل‬
‫الكائنات الحية كمجموعات"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫وفي ختام هذت املقدمة‪ ،‬أشير إلى أنه عتقد أن بحوث الفرد الواحد‪ ،‬استعملم أوال في‬
‫بحوث علم النفس العيادي وإلارشاد النفس ي‪ .‬مثلما نجد في أعمال كل من بروير ‪Breuer‬‬
‫وفرويد ‪ ،)1895( Freud‬ضمن إلانتاج الفكري للتحليل النفس ي‪ ،‬وكذلك في حالة أل رت‬
‫الصغير ‪ ،Little Albert‬لواطسن ‪ Watson‬ورينر ‪ ،)1920( Rayner‬ضمن إلانتاج الفكري‬
‫للسلوكية‪ .‬ولكن هناك أعماال أخرم قوية جدا في إسهاماتها العلمية‪ ،‬استعملم منهج بحث‬
‫الفرد الواحد‪ ،‬قام بها كل من فخنر وفندت وابنجهاوس وغيرهم‪ ،‬كانم رائدة في مناهج بحث‬
‫الفرد الواحد‪ .‬س ذكر هذت إلاسهامات العلمية في حينها‪ ،‬في الفقرات القادمة من هذت الورقة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬بحث الفرد الواحد تاريخيا‬


‫‪ )1‬في النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫بدأ علم النفس نشاطه كعلم مستقل بموضوعه ومنهجه ببحث الفرد الواحد‪ ،‬سواء‬
‫كان بطرق كمية أم بطرق كيفية‪ .‬وقدمم تلك البحوث إسهامات رائدة‪ ،‬أارت جيدا في انطالق‬
‫علم النفس كعلم ناش ئ‪ ،‬سواء في مجال املنهج‪ ،‬أم في مجال إبرا‬
‫موضوعاته البحثية‪ ،‬أم في دورت في حل مشكالت نفسية وتعليمية وسلوكية‪ .‬وتلك البحوث‬
‫هي آلان محطات مضيئة في تاريخ علم النفس‪ ،‬ما ال الباحثون يضعونها في مكانة راقية‪،‬‬
‫و ستشهدون بها إلى اليوم‪ .‬إليكم بعض هذت ألاعمال وأصحابها‪.‬‬

‫املحطة رقم ‪: 1‬‬


‫في عام ‪ ،1860‬ظهر كتاب الفيزيا ي ألاملاني‪ ،‬جوستال تيودور فخنر ‪،G. T. Fechner‬‬
‫املعنون بـ ‪" :‬عناصر السيكوفيزيقا" أو "عناصر علم النفس الفييا ي"‪ .‬أو "مبادئ الفيزياء‬
‫النفسية"‪ .‬وحدد فخنر موضوع السيكوفيزيقا‪ ،‬ب نه ‪" :‬علم العالقات بين الجسم والنفس"‪.‬‬
‫و شرح السيكولوجي ألامريكي‪ ،‬جوي بول جلفورد ‪ ،J. P. Guilford‬هذا التعريف‪ ،‬باللغة‬
‫الحديثة لعلم النفس‪ ،‬ب نه ‪" :‬العالقات الكمية بين املنبهات والاستجابات"‪ .‬أي تقديم منبه‬
‫فيزيا ي في املجال الحس ي للفرد (كالصوت أو الضوء‪ ،‬أو خاصية ميكانيكية كالحرارة أو‬
‫الضغط)‪ ،‬ام تسجيل ما يظهر من خاصية نفسية وعقلية معينة كاستجابة للمنبه الفيزيا ي‬
‫(كا دراك أو تركيز الانتبات أو تغير في السلوك وغيرت)‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫وأجرم فخنر في ذلك الوقم بحواه على إلاحساس‪ ،‬فاستعمل ألاو ان املختلفة‪،‬‬
‫واملسافات املبصرة‪ ،‬واملسافات اللمسية‪ .‬وكان يتوصل إلى صياغة القانون بعد إجراء التجربة‬
‫عدة مرات على الفرد الواحد‪ ،‬ومن استعادتها على الفرد وعلى عدة أفراد آخرين‪.‬‬

‫املحطة رقم ‪: 2‬‬


‫وفي عام ‪ ،1879‬أسس ألاملاني كذلك‪ ،‬فلهلم فندت ‪ ،W. Wundt‬معمله التجريبي للبحث‬
‫في علم النفس‪ ،‬في جامعة مدينة الي زغ ‪ Leipzig‬ب ملانيا‪ .‬ومعظم علماء النفس يؤرخون لظهور‬
‫علم النفس العلمي‪ ،‬بتاريخ إقامة هذا املعمل‪ .‬وكان فندت يبحث في الخ رة الشعورية املباشرة‬
‫للفرد ويحللها‪ ،‬بعد تعرضه للمثيرات أو ألاحداث‪ ،‬مستعمال املنهج الاستبطاني‪ .‬أي كان يبحث‬
‫كيف يصف الفرد بلغته خ رته الشعورية بعد تعرضه للمثيرات الحسية‪.‬‬
‫كان فندت‪ ،‬يدرب أيخاصا راشدين أسوياء‪ ،‬على طريقة إدالئهم بكالمهم حول ما‬
‫شعرون به‪ ،‬فيقوم هو بعد ذلك بتحليله‪ .‬كان عرض على كل واحد منهم مثيرا معينا‪ ،‬ويطلب‬
‫منه أن يتحدث عنه مباشرة‪ ،‬مركيا انتباهه على شعورت (استبطان)‪.‬‬
‫واستخل من خالل هذت التجارب على ألافراد‪ ،‬كل على حدة‪ ،‬وباستعماله ملنهج‬
‫الاستبطان‪ ،‬أن هناك االث عمليات نفسية أساسية‪ ،‬تتضمنها الخ رة الشعورية للفرد‪ ،‬هي ‪:‬‬
‫املعرفة ‪ ،Cognition‬والوجدان ‪ ،Affect‬والنزوع (إلارادة) )‪.Conation (Will‬‬
‫كان فندت يحلل كالم الفرد‪ /‬املفحو فيتعرل على العمليات النفسية الثالاة‪ ،‬كما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫ـ يالحظ في كالم املفحو أنه يتحدث عن معرفته باملثير الذي تم تقديمه له في مجاله‬
‫الحس ي (مقطوعة موسيقية ملو ارت مثال)‪ .‬وهذت (معرفة)‪.‬‬
‫ـ يالحظ في كالم املفحو أنه ع ر عن مشاعرت إ اء املثير باستحسانه له واستمتاعه به‪،‬‬
‫أو باستهجانه وملله منه‪ .‬وهذا (وجدان)‪.‬‬
‫ـ ويالحظ أن املفحو الذي ع ر عن استحسانه واستمتاعه باملوسيق ‪ ،‬ع ر عن إرادته‬
‫في مواصلة الاستماع إل ها وإلاقبال عل ها‪ ،‬واملفحو الذي ع ر عن استهجانه وملله منها‪،‬‬
‫ع ر عن رغبته في الانصرال وإلاحجام عن سماعها‪ .‬وهذا (نيوع)‪.‬‬
‫كما استخل فندت كذلك‪ ،‬أن كل الخ رات الوجدانية إلانسانية‪ ،‬مثل الفرح والحين‬
‫والقلق والانشراح وغيرها‪ ،‬تحدث ضمن االاة عناصر أساسية‪ ،‬يمكن وصف كل منها على‬
‫أساس بعد مستقل ذي قطبين‪ ،‬هي ‪ :‬السرور مقابل الكدر‪ ،‬والشدة مقابل الاسترخاء‪ ،‬وإلااارة‬

‫‪312‬‬
‫مقابل الهدوء‪ .‬وبناء على هذا‪ ،‬يمكن وصف أي خ رة وجدانية إنسانية ب نها سارة أو مكدرة‪،‬‬
‫تتسم بالشدة أو باالسترخاء‪ ،‬وباالستثارة أو بالهدوء‪.‬‬
‫وفيما يلي مثال آخر على العمليات النفسية الثالاة‪ ،‬التي استخلصها فندت من تجاربه‬
‫على ألافراد‪ ،‬كل على حدة (بالنسبة لقارئ هذا املقال) ‪:‬‬
‫إن كل قارئ لهذا املقال‪ ،‬تتكون لديه العمليات النفسية الثالاة كما يلي ‪:‬‬
‫فاملعرفة‪ ،‬هي أن هذا املقال‪ ،‬بصفته مثيرا يخ رت القارئ‪ ،‬فيعرل أن موضوعه هو منهج‬
‫البحث للفرد الواحد‪.‬‬
‫أما الوجدان‪ ،‬فإن قارئ هذا املقال‪ ،‬بمجرد معرفته بموضوع املقال‪ ،‬ينش لديه شعور‬
‫إما باالستحسان والقبول لهذا املقال‪ ،‬أو باالستهجان والرفض له‪.‬‬
‫أما النزوع‪ ،‬أي إلارادة‪ ،‬فإن الذي يترتب على الشعور باالستحسان والقبول‪ ،‬هو نشوء‬
‫إرادة لدم القارئ فيقبل على قراءة املقال‪ .‬أما الذي يترتب على الشعور باالستهجان والرفض‪،‬‬
‫هو عدم نشوء إرادة لدم القارئ لقراءة املقال‪ ،‬فيحجم عن قراءته‪.‬‬
‫وماذا عن موضوعات علم النفس‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬بصفته تخصصا مستقال‪ ،‬إ اء نتائج بحوث‬
‫فندت ؟ أقول ‪ :‬يمكن ألي متخص في علم النفس‪ ،‬الذي قطع أشواطا طويلة في فهمه‬
‫واستيعاب موضوعاته‪ ،‬أن يقرر أن موضوعات علم النفس ومتغيراته التي يتناولها تخص‬
‫علم النفس بجميع فروعه‪ ،‬تتناول السلوك البشري ضمن هذت العمليات النفسية الثالاة ‪:‬‬
‫املعرفة‪ ،‬الوجدان‪ ،‬النزوع (إلارادة)‪ .‬أي أن املتغيرات التي يتناولها علماء النفس بالبحث‬
‫والدراسة‪ ،‬إما أن تكون عمليات معرفية‪ ،‬أو استجابات وجدانية‪ ،‬أو استجابات نيوعية‪/‬‬
‫إرادية‪.‬‬
‫وماذا عن إلاشارات النفسية في القرآن الكريم‪ ،‬فيما يتعلق بالعمليات النفسية الثالاة؟‬
‫هناك جيء من آلاية رقم ‪ 18 :‬من سورة الكهف‪ ،‬وردت ف ها إشارات صريحة للعمليات‬
‫النفسية الثالاة التي قال بها فندت‪ .‬وآلاية كما يلي ‪" :‬لو اطلعم عل هم (معرفة) لوليم منهم‬
‫فرارا (نيوع) ومللئم منهم رعبا (وجدان)"‪.‬‬
‫ُ‬
‫الحظوا أني رتبم العمليات النفسية الثالاة لدم فندت كما يلي ‪ :‬معرفة‪ ،‬وجدان‪ ،‬ن ـيوع‪.‬‬
‫أم ـا في آلاي ـة الق ـرآن ـي ـة ف ـجـاء ت ـرت ـي ـب ـها كـما يـلي ‪ :‬م ـع ـرف ـة‪ ،‬ن ـيوع‪ ،‬وج ـدان‪ .‬وهـنا نتساءل‬
‫جميعا‪ ،‬أي الترتيبين أصح ؟‬
‫تعالوا نتعرل على الترتيب الصحيح للعمليات النفسية الثالاة‪ ،‬من خالل انفعال‬
‫"الخول" كمثال في الفقرات التالية‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫مكونات الانفعال‪ ،‬ترم ‪ :‬أن الكائن يتعرل على‬ ‫‪ .1‬كانم وجهة النظر الكالسيكية إ اء ّ‬
‫مثير الانفعال أوال‪ .‬ام يخ رت وجدانيا اانيا‪ ،‬ام تتبعه التغيرات البدنية بعد ذلك‪ .‬فمثال‪ ،‬لو أن‬
‫طفال صغيرا‪ ،‬ممن يقطنون املدن‪ ،‬شاهد حيوانا (وهو مثير غير م لول لديه‪ ،‬يدركه كمصدر‬
‫تهديد له)‪ ،‬فخال منه‪ .‬فإن ترتيب مسار العمليات النفسية الثالاة لدم هذا الطفل‪ ،‬يكون‬
‫كما يلي ‪ :‬طفل شاهد حيوانا مهددا (معرفة)‪ ،‬شعر بالخول منه (وجدان)‪ ،‬جسمه يتهي‬
‫للهرب (نيوع)‪.‬‬
‫‪ .2‬في عام ‪ 1885‬ظهرت نظرية جيمس ـ النج في الانفعال‪ ،‬التي قال بها‪ ،‬في نفس الوقم‪،‬‬
‫عاملان كل منهما مستقل عن آلاخر‪ ،‬هما ‪ :‬الدانماركي‪ ،‬كارل جورج النج ‪.C. G. Lange‬‬
‫وألامريكي‪ ،‬وليام جيمس ‪ .W. James‬ووفق هذت النظرية‪ ،‬يكون ترتيب مسار العمليات‬
‫النفسية الثالاة‪ ،‬كما يلي ‪ :‬طفل شاهد حيوانا مهددا (معرفة)‪ ،‬جسمه يتهي للهرب (نيوع)‪،‬‬
‫شعر بالخول (وجدان)‪ .‬إن الاستجابات البدنية تسبق الشعور بالخول‪ ،‬وتكون له سببا‪.‬‬
‫ومر بنا أن آلاية القرآنية رتبم مسار العمليات النفسية الثالاة كما يلي ‪" :‬لو اطلعم‬ ‫ّ‬
‫عل هم"‪ .‬أي لو شاهدتهم يا محمد وعرفم حاالتهم‪" .‬لوليم منهم فرارا"‪ .‬أي لهربم منهم‪ ،‬وهي‬
‫استجابة بدنية‪" .‬ومللئم منهم رعبا"‪ .‬أي لشعرت شعورا قويا بالرعب‪.‬‬
‫بدأت العمليات النفسية الثالاة في آلاية القرآنية‪ ،‬با دراك ملصدر الانفعال‪ ،‬فحدام‬
‫الاستجابات الحشوية والجسمية‪ ،‬والذي يصل منها إلى املخ تترتب عليه الخ رات الانفعالية‬
‫(الخول‪ ،‬مثال)‪.‬‬
‫وما الذي ترتب عن هذا في بعض املمارسات العملية في علم النفس‪ ،‬كالعالج السلوكي‪،‬‬
‫مثال‪ ،‬وفق ترتيب العمليات النفسية الثالاة في القرآن الكريم‪ ،‬ولدم جيمس – النج ؟‬
‫في العالج السلوكي للخول والقلق‪ ،‬بطريقة التدرج في إ الة الحساسية‪ ،‬يركي املعالج‪ ،‬في‬
‫العالج السلوكي بالكف النقيض (الذي أبدعه جو يف وولب)‪ ،‬على خفض حساسية الفرد‬
‫إ اء املثير الذي يخيفه‪ ،‬وذلك بجعله سترخي بدنيا‪.‬‬

‫املحطة رقم ‪: 3‬‬


‫وفي عام ‪ ،1885‬كان هناك رائد أملاني‪ ،‬كذلك‪ ،‬في البحث التجريبي على الفرد الواحد‪،‬‬
‫وه ـو ه ـرم ـان ف ـون ابنجهاوس ‪ ،H. V. Ebbinghaus‬ال ـذي أج ـرم ت ـجارب على الذاكرة والتذكر‬
‫مستعمال نفسه كمبحوث‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫أجرم بحواا منظمة على أار كل من مع ى الكلمات‪ ،‬واليمن‪ ،‬املمتد بين التعلم والتذكر‪،‬‬
‫ملا سبق أن تعلمه من ألفاظ‪ .‬وركي اهتمامه على ما يمكن أن يتذكرت من كلمات‪ ،‬بعد مرور‬
‫فترات منية معينة‪ ،‬ودور املع ى في ذلك‪.‬‬
‫وكانم املادة التجريبية عبارة عن مقاطع صوتية باللغة ألاملانية‪ ،‬بعضها لها مع ى‬
‫وبعضها ليس لها مع ى‪ .‬وبلغة املنهج التجريبي لوصف املتغيرات‪ ،‬اخت ر أار متغيرين مستقلين‬
‫هما ‪ :‬املع ى واليمن‪ ،‬واملتغير التابع هو التذكر‪.‬‬
‫بالنسبة للمع ى‪ ،‬استخل أن املقاطع الصوتية (كلمات) التي لها مع ى‪ ،‬قاومم النسيان‬
‫ملدة منية أطول من املقاطع الصوتية التي ليس لها مع ى‪.‬‬
‫أما بالنسبة لليمن‪ ،‬استخل أن نسيان املعلومات‪ ،‬التي تم حفظها‪ ،‬يتم سر عا في‬
‫البداية ام يكون بطيئا بصورة متدرجة بعد ذلك‪ .‬وسجل ذلك في منح ى النسيان‪ ،‬املعرول‬
‫باسمه‪.‬‬
‫إن جهود العلماء الثالاة؛ فخنر‪ ،‬فندت‪ ،‬إبنجهاوس‪ ،‬في إتباعهم للمنهج التجريبي‪ ،‬في‬
‫بحوثهم على الفرد الواحد‪ ،‬كانوا يهدفون إلى النفاذ بموضوعية إلى العمليات النفسية‪ ،‬كما‬
‫تحدث داخل الفرد‪ ،‬ام استنتاج ما يمكن استنتاجه من قوانين قابلة للتعميم‪.‬‬

‫املحطة رقم ‪: 4‬‬


‫في أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬كذلك‪ ،‬كانم هناك أعمال شاركو ‪ J. M. Charcot‬وبيير‬
‫جاني ‪ P. Janet‬في فرنسا‪ .‬فرويد ‪ S. Freud‬وأتباعه‪ ،‬في فيينا‪ ،‬في مجال التحليل النفس ي‪،‬‬
‫وأبحاثهم في الحاالت الفردية عن أسباب الاضطرابات العصابية باستعمالهم للطريقة‬
‫العيادية‪.‬‬
‫ويذكر تاريخ التحليل النفس ي الفرويدي‪ ،‬أن الفتاة "دورا" كانم أول الحاالت الفردية‬
‫التي تعرضم للتشخي والعالج ب سلوب التحليل النفس ي‪ ،‬ضمن خمس حاالت فردية‬
‫مشهورة‪.‬‬

‫‪ )2‬في بداية القرن العشرين‪.‬‬


‫في عام ‪ ،1905‬وفي مدينة بار س‪ ،‬كان السيكولوجي الفرنس ي‪ ،‬ألفريد بي ي ‪ A. Binet‬بدأ‬
‫في تطوير مقياس‪ ،‬يجرم فرديا‪ ،‬لقياس الذكاء لدم أطفال املدارس‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫في مدينة جنيف بسو سرا‪ ،‬كان جان بياجي ‪ ،J. Piaget‬في العشرية الثالثة من القرن‬
‫العشرين‪ ،‬ستعمل الطريقة العيادية لبحث طرق التفكير واللغة لدم ألاطفال‪ ،‬كحاالت‬
‫فردية‪.‬‬
‫وفي أمريكا‪ ،‬استطاع جون بروداس واطسن‪ ،‬رو الي رينر ‪ ،J. B. Watson & R. Rayner‬عام‬
‫‪ ،1920‬جعل الطفل أل رت ‪ ،Albert‬ذي ‪ 9‬شهور من عمرت‪ ،‬كحالة فردية‪ ،‬يكتسب شرطيا‬
‫استجابة الخول املرض ي من الفئران‪.‬‬
‫واستطاعم ماري كوفر جوني ‪ ،Mary Cover Jones‬عام ‪ ،1924‬تفكيك (عالج) استجابة‬
‫الخول املرض ي من الفئران للطفل‪ ،‬بتر ‪ ،Peter‬كحالة فردية‪( .‬وبعد حوالي ‪ 35‬سنة‪ ،‬أي في‬
‫سنة ‪ ،1958‬ظهر كتاب الطبيب العقلي‪ ،‬جنوب إفريقي‪ ،‬جو يف وولب ‪ ،Josef Wolpe‬عن ‪:‬‬
‫العالج السلوكي بالكف النقيض‪ ،‬أو بالكف املتبادل ‪.)Reciprocal Inhibition Therapy‬‬
‫وأذكر هنا‪ ،‬كذلك‪ ،‬البحث الذي قام به ونشرت‪ ،‬أوبري ييتس ‪ ،A. Yates, 1958‬على حالة‬
‫سيدة كانم تعاني من عدة خلجات ‪ .Tics‬وفي هذا البحث‪ ،‬قدم ييتس تصورا مفادت النظر‬
‫إلى أن بعض الخلجات هي استجابات تجنب شرطية ملنبه مؤذ‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬صاغ فرضا‬
‫مضمونه‪ ،‬أنه إذا صح هذا‪ ،‬يكون من املمكن عالج هذت الخلجات (أي إطفاؤها‪ ،‬بلغة‬
‫السلوكيين) باستعمال أسلوب املمارسة العكسية املكثفة (يمارس املريض تلك الخلجات‬
‫إراديا‪ ،‬مرات كثيرة‪ ،‬فيحدث لها كف تدريجي حتى تيول)‪ .‬وأجرم تجاربه في هذا الاتجات على‬
‫وبين كيف أن حالتها تحسنم عياديا بدرجة ملحوظة‪.‬‬ ‫املريضة‪ّ ،‬‬
‫يتبين مما سبق‪ ،‬أن هناك بحواا علمية لها مكانتها وو نها العلمي في مسار البحث العلمي‬
‫في علم النفس إلى اليوم‪ ،‬أجريم على الفرد الواحد‪ .‬مما شير إلى أن القيمة العلمية ألي‬
‫بحث نفس ي‪ ،‬ليس محصورا فقط على تلك البحوث التي تقوم وفق نظرية العينات‬
‫إلاحصائية‪.‬‬

‫‪ )3‬ام التق علم النفس با حصاء‪.‬‬


‫وموا اة مع بحوث الفرد الواحد‪ ،‬التي قام بها العلماء والسيكولوجيون‪ ،‬فيما تم عرضه‬
‫في الفقرات السابقة‪ ،‬كانم هناك جهود أخرم بذلها علماء آخرون في انجلترا‪ ،‬أسفرت عن‬
‫ظهور البحوث التي تجرم على مجموعات‪ ،‬وتعالج بياناتها إحصائيا‪ .‬أي أن التطور الذي‬
‫حدث في مناهج البحث النفس ي‪ ،‬وظهرت إارت البحوث التي تجرم على مجموعات‪ .‬وقع عندما‬

‫‪316‬‬
‫التق علم النفس با حصاء‪ ،‬وكان ذلك‪ ،‬بداية‪ ،‬في إنجلترا‪ .‬وتميز هذا التحول بالخصائ‬
‫التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬تراجعم البحوث القائمة على الفرد الواحد‪.‬‬
‫‪ .2‬برو نموذج املجموعات في البحث‪.‬‬
‫‪ .3‬ظهور الاختبارات النفسية‪.‬‬
‫‪ .4‬ظهور إلاحصاء كوسيلة ملعالجة البيانات في الفروق بين املجموعات‪.‬‬
‫وتذكر املراجع‪ ،‬أن هناك االاة علماء في إنجلترا‪ ،‬كانم لهم الريادة في هذا املجال‪ .‬وهم ‪:‬‬
‫فرنسيس جالتون ‪ ،F. Galton‬كارل بيرسون ‪ ،K. Pearson‬التق الاانان‪ ،‬والتق معهما االث‬
‫يدعى ‪ :‬ولدون ‪ .Weldon‬وساهم في هذا التطور‪ ،‬الاهتمام الواضح لجالتون بموضوع الفروق‬
‫الفردية‪ ،‬الذي فتح الباب أكثر للنموذج إلاحصا ي والبحث في املجموعات للتعرل على الفروق‬
‫بينها‪.‬‬
‫وقبل عرض ومناقشة منهح بحث الفرد الواحد وتصميماته املختلفة‪ ،‬ينبغي توضيح‬
‫املشكالت التي يمكن أن تترتب عن استعمال منهج املقارنة بين املجموعات‪.‬‬

‫اانيا ‪ :‬مشكالت استعمال منهج املقارنة بين املجموعات‬


‫من املعرول أن منهج البحث التجريبي أو شبه التجريبي الشا ع وتصميماته هو املنهج‬
‫الذي يقارن بين املجموعات‪ ،‬الذي يكون إما بتصميم مجموعة واحدة وقياس قبلي‪ /‬بعدي‪،‬‬
‫أو بتصميم مجموعتين؛ مجموعة تجريبية ‪ Experimental Group‬ومجموعة ضابطة‬
‫‪ .Control Group‬وتهدل هذت التصميمات إلى تقييم فعالية طرق أو برامج إلارشاد أو العالج‬
‫أو برامج التدريب من خالل املعالجات إلاحصائية‪ .‬فاملرشد أو املعالج أو املدرب‪ ،‬الذي يتبع‬
‫يبين مدم فعالية الطريقة أو ال رنامج الذي نفذت‪ ،‬من خالل ‪:‬‬ ‫هذا املنهج‪ ،‬يتعين عليه أن ّ‬
‫‪ .1‬إما بمقارنة متوسط نفس املجموعة في املتغير التابع (محل العالج أو إلارشاد أو‬
‫التدريب) قبل تعرضها للعالج أو إلارشاد أو التدريب بمتوسطها بعد تعرضها للعالج أو إلارشاد‬
‫أو التدريب‪.‬‬
‫‪ .2‬أو بمقارنة متوسط أداء املجموعة التجريبية (وهي املجموعة التي تعرضم لطريقة‬
‫العالج أو للرشاد أو للتدريب) بمتوسط أداء املجموعة الضابطة (املجموعة التي لم تتعرض‬
‫لنفس طريقة العالج أو للرشاد أو للتدريب‪ ،‬أو تعرضم لطريقة أخرم)‪ .‬ولكن الـب ـاح ـث ـيـن‪،‬‬

‫‪317‬‬
‫مـث ـل ‪ ،Harsen & Barlow, 1976‬ي ـذك ـرون أن ه ـ ـذت الـت ـص ـم ـي ـم ـ ـات ت ـت ـرت ـب ع ـن ـها مشكالت‬
‫كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ .1‬تظهر املشكلة الرئيسية في تصميمات املقارنة بين املجموعات‪ ،‬حين يكتشف الباحث‬
‫أنه من الصعب‪ ،‬بل من املستحيل أن يحصل على أعداد ضرورية من ألافراد املتجانسين في‬
‫يكون منهم مجموعات تجريبية‬ ‫كثير من الخصائ السلوكية‪ ،‬التي لها عالقة بالبحث‪ ،‬حتى ّ‬
‫وضابطة‪.‬‬
‫‪ .2‬واملشكلة الثانية في تصميمات املجموعات‪ ،‬فهي مشكلة التباين ‪ .Variability‬إن هذت‬
‫التصميمات وإن كانم ت خذ بعين الاعتبار التباين بين أداء ألافراد في املجموعة – ‪Inter‬‬
‫‪ ،Sebject Variability‬فهي تتجاهل التباين في أداء الفرد الواحد ‪Intra – Sebject‬‬
‫‪ Variability‬الذي يحدث أاناء املراحل التجريبية‪ .‬فنادرا ما يتم قياس املتغير التابع أكثر من‬
‫مرتين؛ مرة قبل العالج أو إلارشاد أو التدريب ‪ Pretest‬ومرة بعد العالج ‪ Posttest‬في تصميمات‬
‫بحث املقارنة بين املجموعات‪ .‬رغم أن دراسة هذا التباين لها أهمية كبيرة في تعديل السلوك‪.‬‬
‫ّ‬
‫املحصل‬ ‫‪ .3‬وتتعلق املشكلة الثالثة بطريقة معالجة النتائج وتقويمها‪ .‬فعند تقويم النتائج‬
‫عل ها في تصميمات املقارنة بين املجموعات‪ ،‬يتم الاكتفاء باملقارنة بين متوسط أداء أفراد‬
‫املجموعات التجريبية والضابطة‪ ،‬ويتم تحديد أهمية الفرق بين متوسطي املجموعتين‬
‫باستعمال أسلوب إحصا ي معين‪ .‬وتكون طريقة العالج أو إلارشاد أو التدريب فعالة إذا كان‬
‫الفرق دالا إحصائيا‪ .‬إال أنه تبين أن كون النتائج دالة إحصائيا‪ ،‬ال ع ي أنها ذات داللة عيادية‬
‫أو اجتماعية أو تربوية أو مهنية‪ ،‬ولعل هذت الدالالت ألاخيرة هي ألاهم في البحوث التطبيقية‪.‬‬
‫‪ .4‬وتتعلق املشكلة الرابعة‪ ،‬ب ن التصميمات التي تقارن بين املجموعات‪ ،‬تكتفي باعتبار‬
‫أن العالج فعال إذا كان الفرق دالا إحصائيا بين املجموعتين لصالح القياس البعدي أو‬
‫لصالح املجموعة التجريبية‪ ،‬إال أن هذا ال ع ي أن كل فرد في املجموعة قد تحسنم حالته‬
‫تعلم أو ّ‬‫ّ‬
‫تدرب جيدا‪ .‬فاالهتمام باملتوسط الحسابي للمجموعة‪ ،‬يخفي أار العالج على‬ ‫أو‬
‫مستوم كل فرد على حدة‪ .‬فإذا كان متوسط ألاداء البعدي أو متوسط أداء املجموعة‬
‫التجريبية ككل‪ ،‬شير إلى التحسن نتيجة للمعالجة‪ ،‬فهذا ال شير إلى أن كل أفراد املجموعة‬
‫قد تحسنوا‪ ،‬فقد يكون هناك أفراد لم يتغيروا نحو التحسن أن تغيروا نحو التدهور‪ .‬هناك‬
‫خاصية حقيقية في السلوك البشري وهي الفروق الفردية‪ ،‬وال ت خذها تصميمات املقارنة بين‬
‫املجموعات بعين الاعتبار‪ .Van Hasselt & Harsen, 1981 .‬فاملعالج أو املرشد أو املدرب‪،‬‬

‫‪318‬‬
‫يتعين عليه تحديد طريقة التدخل املناسبة على مستوم الفرد الواحد‪ ،‬الذي يكون موضع‬
‫التدخل‪.‬‬
‫‪ .5‬وتتعلق هذت املشكلة بتعميم النتائج ‪ .Generality‬بما أن نتائج تصميمات البحوث‬
‫التي تقارن بين املجموعات ال تعكس سلوك الفرد بل تعكس سلوك املجموعة‪ ،‬فإنه ليس من‬
‫السهل تعميم تلك النتائج على أي فرد من ألافراد الذين لم تتم دراستهم‪ .‬ألن الباحث ال‬
‫ستطيع أن عرل إلى أي مدم شبه سلوك ذلك الفرد‪ ،‬موضع التعميم‪ ،‬سلوك الجماعة‬
‫التي تمم دراستها‪ ،‬الذي شار إليه من خالل رقم (املتوسط الحسابي)‪ .‬وإذا كان تصميم‬
‫املقارنة بين املجموعات‪ ،‬يتطلب تكوين مجموعات متجانسة بهدل تعميم النتائج على‬
‫املجتمع الذي سحبم منه مجموعات البحث‪ .‬فاملشكلة هنا هي أنه كلما ا داد تجانس‬
‫مجموعات البحث‪ ،‬صار إمكان تعميم النتائج على املجتمع أكثر صعوبة‪ ،‬ألن املجموعة‬
‫املتجانسة جيدا‪ ،‬تع ي عدم قدرة الباحث على استيعاب نطاق الفروق الفردية الواسعة في‬
‫املجتمع‪.‬‬
‫‪ .6‬إن البحوث التي تقوم على املقارنة بين املجموعات‪ ،‬كثيرا ما تكون مكلفة في الجهد‬
‫والوقم واملال‪ ،‬فهناك الجهد الذي يبذل في البحث الطويل واملستمر من أجل تكوين‬
‫مجموعات متجانسة في خصائ سلوكية تتعلق بالسلوك محل التجربة‪ .‬وهناك الجهد الذي‬
‫يبذل في تنفيذ البحث التجريبي على مجموعة البحث من حيث إيجاد املكان املالئم جراء‬
‫التجربة‪ ،‬ومن حيث ضبط املتغيرات وتو ع ألافراد عشوائيا‪ .‬وهناك الجهد الذي يبذل في‬
‫املحصل عل ها‪ .‬إن هذت الصعوبات وغيرها‪ ،‬تجعل البحوث‬ ‫ّ‬ ‫املعالجات إلاحصائية للبيانات‬
‫التي تقارن بين املجموعات‪ ،‬أقل اقة في نتائجها العلمية مقارنة ببحوث الفرد الواحد‪.‬‬

‫االثا ‪ :‬منهج بحث الفرد الواحد‬


‫سول شعر قارئ الفقرات التالية بالتناقض في املصطلحات‪ .‬ألنه سيتساءل‪ ،‬كيف‬
‫يمكن لتجربة أن تجرم على عينة حجمها فرد واحد فقط ؟ لكن البحوث التجريبية التي‬
‫تناولم فردا واحدا‪ ،‬هي التي بدأ بها علم النفس أنشطته العلمية كعلم ناش ئ‪ ،‬وتطور بها منذ‬
‫عام ‪ .1879‬والبحث املستفيض لسلوك الفرد الواحد‪ ،‬وإن كانم ذات تاريخ طويل‪ ،‬إال أنها ال‬
‫تيال أقل استعماال مقارنة بتصميمات بحث املجموعات‪ .‬و عود ذلك إلى طبيعة نظرة‬
‫الاتجاهات النفسية السائدة في السلوك‪ .‬وتبين في املدة ألاخيرة‪ ،‬أن بحوث الفرد الواحد‬
‫معروفة منذ أكثر من ‪ 40‬سنة‪ .‬ويدافع مناصرو هذا املنهج بقولهم‪ ،‬أنه يمكن للضبط‬

‫‪319‬‬
‫التجريبي أن يتحقق بالطرق غير التقليدية‪ .‬وفي التصميم التجريبي للفرد الواحد‪ ،‬ال يكون‬
‫هناك اختيار عشوا ي وال تخصي (تو ع) عشوا ي‪ ،‬وال مجموعات ضابطة‪.‬‬
‫إن التصميمات التقليدية الشا عة لدم الباحثين في البحوث الكمية‪ ،‬هي البحوث التي‬
‫تستعمل مجموعات‪ ،‬وتقارن بينها في خاصية سلوكية‪ .‬وتخضع لشروط العشوائية والضبط‬
‫التجريبي ونظام املعالجات وغيرها‪ .‬هذا عندما تتوفر للباحث مجموعات كثيرة ألافراد‪ .‬ولكن‬
‫في بعض ألاحيان‪ ،‬ال تتوفر لدم الباحث حاالت كثيرة من ألافراد محل البحث لتشكيل‬
‫مجموعا ت‪ ،‬كما هو الحال في مجال التربية الخاصة وإلاعاقات والسلوك املنحرل والسلوك‬
‫املضطرب‪.‬‬
‫فالباحث الذي يريد البحث في إعاقة معينة‪ ،‬قد ال يجد إال عددا قليال من ألافراد‬
‫ليكون مجموعة صالحة للبحث واملقارنة‪ .‬كما هو الحال‪ ،‬عندما يرغب أب أو معلم‬‫املعوقين ّ‬
‫ّ‬
‫أو أخصا ي نفس ي‪ ،‬في تعديل سلوك طفل واحد‪ .‬ولذا‪ ،‬فإن استعمال تصميم بحث الفرد‬
‫الواحد‪ ،‬يكون حال مناسبا‪ .‬خاصة وأنه تبين لبعض الباحثين أن البحوث التي تعتمد على‬
‫املتوسط الحسابي للمجموعات‪ ،‬جاءت فائدتها محدودة‪ ،‬عندما يراد تعديل سلوك فرد‬
‫واحد‪.‬‬

‫أهمية منهج بحث الفرد الواحد‪.‬‬


‫من هنا تبدو أهمية منهج بحث الفرد الواحد‪ .‬فالذين يدافعون عن هذا املنهج‪ ،‬يقولون‬
‫إن الذي سلك هو الفرد وليس الجماعة‪ .‬والتدخل العالجي وإلارشادي الذي كان شا عا في‬
‫بداية ظهور العالج النفس ي‪ ،‬سواء لدم املحللين النفسيين أم غيرهم‪ ،‬كالسلوكيين‪ ،‬كان‬
‫أسلوب ا لعالج الفردي‪ .‬ولم يظهر العالج الجماعي إال بعد الحرب العاملية الثانية‪ ،‬عندما‬
‫عادت أعداد كبيرة من املجندين الذين أصيبوا باالنهيار العصبي‪ ،‬ويحتاجون إلى العالج‬
‫النفس ي صالح أحوالهم النفسية‪ ،‬ولم يوجد حينئذ إال عدد قليل من ألاخصائيين املعالجين‪،‬‬
‫فتم عندئذ إبداع العالج الجماعي‪ .‬ويرم املدافعون على منهج بحث الفرد الواحد‪ ،‬أن مراقبة‬
‫سلوك عدد كبير من ألافراد مرة واحدة‪ ،‬ليس بديال عن مراقبة سلوك فرد واحد مدة منية‬
‫طويلة‪ .Johnston & Pennypacker, 1980 .‬ويرون أن السلوك هو محصلة للتفاعل املستمر‬
‫بين الفرد والبيئة‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫منهج بحث الفرد الواحد ومنهج دراسة الحالة‪.‬‬
‫ينبغـي عدم الخلط بيـن منهج بحث الفرد الواحد (‪ )Single Subject Method‬ومنهج‬
‫دراسة الحالة (‪ ،)Case Study Method‬رغم أنهما يتناوالن كل هما فردا واحدا‪ ،‬أو عدد قليال‬
‫من ألافراد (ال يطلق عل هم مجموعة)‪ .‬وينبغي ذكر الفروق بينهما فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬إن منهج دراسة الحالة‪ ،‬ال يكشف عن عالقات وظيفية (سبب ونتيجة) بين متغيرات‬
‫مستقلة ومتغيرات تابعة‪ ،‬ألنه ال ستعمل الضبط التجريبي‪ .‬إن السلوك الذي يتم بحثه في‬
‫منهج دراسة الحالة‪ ،‬قد يكون وظيفة أو دالة ملتغيرات عديدة ال عمل الباحث على ضبطها‪.‬‬
‫أما منهج بحث الفرد الواحد‪ ،‬فهو عمل على ضبط العوامل التي تهدد الصدق الداخلي‬
‫والصدق الخارجي للتجربة‪ ،‬مثلها في ذلك مثل تصميمات املقارنة بين املجموعات‪.‬‬
‫ولكن الفرق ألاساس ي بين تصميمات الحالة الواحدة وتصميمات مقارنة املجموعات‪ ،‬هو‬
‫في كيفية إيضاح كل منهما للضبط التجريبي‪.Wilson & O’Leary, 1980 .‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬في منهج بحث الفرد الواحد ّ‬
‫يفعل (ينشط) الباحث‪ ،‬بطريقة مقصودة‪ ،‬متغيرا مستقال‬
‫واحدا أو أكثر (عالج أو إرشاد أو تدريب)‪ .‬بينما عمل الباحث‪ ،‬في منهج دراسة الحالة‪ ،‬على‬
‫مالحظة تفاعل الفرد مع ألاحداث التي تقع في حياته بصورة طبيعية‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ .3‬ينتمي بحث الفرد الواحد إلى املنهج التجريبي امل ْحكم‪ ،‬الذي يتم من خالله ضبط‬
‫املتغيرات وقياسها‪ ،‬وفهم الظرول التي تحدث ف ها الظواهر السلوكية‪ .‬أما منهج دراسة‬
‫الحالة‪ ،‬فينتمي إلى املنهج العيادي الذي يتضمن ت مال واستبصارا‪ .‬وبينما يركي املنهج التجريبي‬
‫على املتغيرات والوصول إلى القوانين العامة‪ ،‬يركي املنهج العيادي على فهم الفرد والعمل على‬
‫حل صراعاته‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬إلاجراءات املنهجية في بحث الفرد الواحد‬


‫في منهج بحث الفرد الواحد‪ ،‬تكون إلاجراءات املنهجية كما يلي فبدال من مقارنة أداة‬
‫مجموعة تجريبية ب داء مجموعة ضابطة‪ ،‬يقارن أداء الفرد نفسه في مرحلة الخط‬
‫القاعدي )‪ (Baseline Phase‬ب دائه في مرحلة العالج )‪ ،(Treatment Phase‬بهدل توضيح‬
‫وت كيد العالقة الوظيفية بين طريقة العالج والتغير في السلوك املستهدل‪.)Sidman, 1960( .‬‬
‫إن منهج بحث الفرد الواحد ستند إلى منطق الخط القاعدي (‪ .)Baseline Logic‬واملقصود‬
‫بذلك‪ ،‬هو مقارنة سلوك الفرد قبل املعالجة بسلوكه بعد املعالجة‪ ،‬وتوضيح ما إذا كان‬
‫السلوك في مرحلة العالج قد تغير عما كان عليه في مرحلة الالعالج‪ .‬وينبغي الت كيد من خالل‬

‫‪321‬‬
‫تبين بوضوح‪ ،‬أن التغير الذي حدث في السلوك‪ ،‬كان‬ ‫تقديم أدلة كافية وبيانات صادقة‪ ،‬التي ّ‬
‫نتيجة للعالج وليس ألي ش يء آخر‪.Wolf & Risley, 1971 .‬‬
‫وهناك مميزات أساسية جراءات بحث الفرد الواحد‪.‬‬
‫فامليزة ألاولى أنه عند استعمال تصميمات بحث الفرد الواحد‪ ،‬يبدأ ألاخصا ي النفس ي‬‫‪ّ )1‬‬
‫عادة بمالحظة وقياس السلوك املستهدل بشكل متواصل لفترة منية كافية (مرحلة الخط‬
‫القاعدي)‪ ،‬وذلك قبل الشروع في املعالجة‪ .‬وملرحلة الخط القاعدي وظائف عدة منها ما ي تي‪:‬‬
‫‪ .1‬إن مالحظة وقياس السلوك املستهدل قبل الشروع في التدخل العالجي أو إلارشادي‪،‬‬
‫يوضح للباحث طبيعة املشكلة السلوكية التي عاني منها الفرد‪.‬‬
‫‪ .2‬شكل الخط القاعدي أساسا للتنبؤ بسلوك الفرد مستقبال إذا هو لم عالج‪ .‬أي أن‬
‫قياس السلوك املشكل في هذت املرحلة ساعد املعالج أو املرشد على تقييم فعالية العالج‪.‬‬
‫‪ .3‬إن القياس املتكرر للسلوك املستهدل أاناء مرحلة الخط القاعدي ساعد الباحث‬
‫على التعرل على املتغيرات التي لها عالقة بالسلوك املستهدل‪ ،‬و ساهم هذا في وضع‬
‫إستراتيجية عالجية مناسبة‪.‬‬
‫‪ .4‬هناك عدة أنواع من الخطوط القاعدية‪ ،‬التي يجد الباحث أنه يتعين عليه التعامل‬
‫معها؛ منها ‪:‬‬
‫الخط القاعدي التنا لي ‪ Decsending Baseline‬وهو الذي يتجه فيه السلوك املستهدل‬
‫نحو الانخفاض والنقصان‪.‬‬
‫الخط القاعدي التصاعدي ‪ Ascending Baseline‬وهو الذي يتجه فيه السلوك‬
‫املستهدل نحو الارتفاع والييادة‪.‬‬
‫الخط القاعدي الثابم ‪ Stable Baseline‬وهو الذي يتجه فيه السلوك املستهدل نحو‬
‫الثبات والاستقرار‪.‬‬
‫الخط القاعدي املتغير ‪ Variable Baseline‬وهو الذي يتجه فيه السلوك املستهدل نحو‬
‫التغير وعدم الاستقرار‪ ،‬يادة ونقصانا‪.‬‬
‫في هذت الحاالت‪ ،‬كيف يقرر الباحث مدة مرحلة الخط القاعدي‪ ،‬وكيف يقرر وقم‬
‫الشروع في التدخل العالجي أو إلارشادي ؟ في الحقيقة ال توجد إجابات حاسمة ونهائية على‬
‫مثل هذت ألاسئلة‪ .‬ولكن‪ ،‬ينبغي إتباع املبدأ العام في هذا ألامر‪ .‬وهو القيام بمالحظة وقياس‬
‫السلوك املستهدل ملدة تكفي للحصول على صورة واضحة وصادقة على طبيعته ومعدل‬
‫حدواه‪ .‬وينصح باالستمرار في قياس السلوك املستهدل إلى أن يصبح اابتا إلى درجة كبيرة‬

‫‪322‬‬
‫أاناء مرحلة الخط القاعدي‪ .‬و عد السلوك املستهدل اابتا‪ ،‬أاناء الخط القاعدي‪ ،‬إذا لم‬
‫يظهر تباين كبير في القياسات املختلفة (خمس مرات أو أكثر)‪ .‬وإذا تبين أن قياسات السلوك‬
‫املستهدل اابتة‪ ،‬شرع في التدخل العالجي أو إلارشادي‪.‬‬
‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرم‪ ،‬فإذا كان السلوك املستهدل يتجه نحو الييادة‬
‫والارتفاع أاناء الخط القاعدي‪ ،‬وكان الهدل من التدخل العالجي أو إلارشادي هو تقليل‬
‫السلوك‪ ،‬ستطيع الباحث الشروع في التدخل العالجي‪ .‬وإذا كان السلوك املستهدل يتجه‬
‫نحو النقصان أاناء الخط القاعدي‪ ،‬وكان الهدل من التدخل العالجي هو الييادة في السلوك‪،‬‬
‫فإنه بإمكان الباحث الشروع في التدخل العالجي‪.‬‬
‫وامليزة الثانية جراءات بحث الفرد الواحد‪ ،‬هي ما سم بقاعدة املتغير الواحد ( ‪The‬‬ ‫‪ّ )2‬‬
‫‪ .)Single Variable Rule‬فالباحث عمل على إيضاح الصدق الداخلي للبحث (أي أن املتغير‬
‫املستقل هو وحدت املسؤول عن تغير السلوك املستهدل) من خالل تعريض الفرد أو ألافراد‬
‫قيد البحث ملتغير مستقل واحد في املرحلة التجريبية الواحدة‪.(Harsen & Barlow, 1976) .‬‬
‫وهناك من ستعمل أكثر من متغير مستقل في املرحلة التجريبية الواحدة‪ ،‬بهدل معرفة أار‬
‫يح ّد من قدرة الباحث على تقييم‬ ‫التفاعل بين املتغيرات‪ .‬إال أن استعمال أكثر من متغير قد ُ‬
‫أار أي متغير على حدة‪.)Gay, 1981( .‬‬
‫وامليزة الثالثة تتعلق باملحكات املستعملة لتقييم أهمية التغير الذي حدث في السلوك‬ ‫‪ّ )3‬‬
‫ّ‬
‫املستهدل نتيجة معالجته‪ .‬ففي مجال تعديل السلوك هناك محكان للحكم على فعالية‬
‫ّ‬
‫التدخل العالجي؛ وهذان املحكان هما ‪ :‬املحك التجريبي ‪ Experimental Criterion‬واملحك‬
‫العيادي ‪Clinical Criterion‬‬
‫واملقصود باملحك التجريبي‪ ،‬هو تقديم ألادلة التي تبين أن التغير الذي حدث في السلوك‬
‫املستهدل‪ ،‬كان وظيفة للمتغير املستقل (التدخل العالجي أو إلارشادي) وليس ألي متغير آخر‪.‬‬
‫و شمل هذا املحك‪ ،‬مقارنة حالة أو قيمة السلوك املستهدل أاناء مرحلة الخط القاعدي‬
‫بحا لته وقيمته بعد مرحلة العالج‪ .‬ويتم الحكم على مدم تحقيق هذا املحك من خالل‬
‫الفح البصري للرسوم البيانية التي تمثل قيم املتغير التابع في املراحل التجريبية املختلفة‪.‬‬
‫فالباحث يرم أنه إذا كانم الرسوم البيانية توضح أن السلوك قد تغير تغيرا كبيرا وواضحا‪،‬‬
‫فإن املحك قد تحقق‪ ،‬وال حاجة إلى إجراء التحليالت إلاحصائية (‪،)Jones & Others, 1977‬‬
‫ك ـما ي ـت ـم ال ـعـ ـمـ ـل ب ـذلك‪ ،‬في ال ـب ـح ـوث ال ـتي ت ـقارن بين املجموعات‪ ،‬تجريبية وضابطة‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫أما املقصود باملحك العيادي‪ ،‬فهو تقييم أار العالج على التغير في السلوك الذي حدث‬
‫بقدر كال‪ ،‬مما يجعل الفرد أكثر قدرة على القيام بما هو متوقع منه‪ .‬ألن تحقيق املحك‬
‫التجريبي ال ع ي بالضرورة تحقيق املحك العيادي‪ .‬فاملحك التجريبي موضوعي‪ ،‬أما املحك‬
‫َ‬
‫العيادي فيتم‪ ،‬من خالله‪ ،‬تقييم التغير الذي حدث في السلوك من الشخ املعالج نفسه‪،‬‬
‫ومن ألايخا املهمين في حياته؛ ك فراد ألاسرة واملعلمين ورؤساء العمل واليمالء‪.‬‬
‫إن تصميمات بحث الفرد الواحد‪ ،‬تعمل على إيضاح الصدق الداخلي بشكل مقنع‪.‬‬
‫وذلك من خالل تكرار أار العالج‪ .‬فإذا تبين للباحث أن السلوك يتغير كلما تغيرت املرحلة‬
‫التجريبية‪ ،‬فإنه باستطاعته الاستنتاج أن التغير السلوكي الذي حدث‪ ،‬هو نتيجة للجراءات‬
‫التجريبية التي هي قيد البحث‪.‬‬
‫إال أن إحدم الانتقادات ألاساسية التي توجه إلى منهج بحث الفرد الواحد‪ ،‬تتعلق‬
‫بالصدق الخارجي‪ .‬أي إلى أي مدم يمكن تعميم النتائج على ألافراد الذين لم يتم بحثهم ؟‬
‫(‪ .)Harsen & Barlow, 1976‬بمع ى أنه كيف يمكن معرفة أن إلاجراء العالجي الذي كان‬
‫فعاال في معالجة مشكلة الفرد موضع البحث‪ ،‬سيكون فعاال في عالج مشكالت ألافراد آلاخرين‬
‫تبين عمومية‬ ‫؟ والجواب على هذا السؤال‪ ،‬هو أن تصميمات بحث الفرد الواحد‪ ،‬تستطيع أن ّ‬
‫النتائج من خالل تكرار البحث‪ .‬إن تكرار البحث هو إلاستراتيجية املناسبة لتعميم النتائج‪.‬‬
‫وهناك نوعان أساسيان للتكرار ‪:‬‬
‫‪ .1‬التكرار املباشر ‪ ،Direct Replication‬وهو التحقق من فعالية طريقة العالج من‬
‫املعالج نفسه في تغيير السلوك نفسه لدم أكثر من يخ واحد‪.‬‬
‫‪ .2‬التكرار املنظم ‪ ،Systematic Replication‬وهو التحقق من فعالية طريقة العالج في‬
‫تغيير سلوك أكثر من يخ من معالجين مختلفين في ظرول مختلفة‪Harsen & Barlow, ( .‬‬
‫‪.)1976‬‬
‫وفي ألاخير‪ ،‬بالنسبة لهذت الفقرة‪ ،‬نقول‪ ،‬إن هناك إجراءين في منهج بحث الفرد الواحد؛‬
‫يتعلق ألاول بتحديد خط القاعدة أو خط ألاساس للسلوك املراد بحثه أو عالجه‪ .‬ويتعلق‬
‫الثاني بالتدخل العالجي أو إلارشادي‪ .‬ولتنفيذ تصميم بحث الفرد الواحد‪ ،‬فإن ألامر يتطلب‬
‫إعداد مقاييس تقبل الاستعمال املتكرر‪ .‬وال بد أن تكون مختصرة وقصيرة‪ ،‬وال تترك أارا على‬
‫الفرد أو على ذاكرته‪ .‬وبعد اختيار املقياس املالئم‪ ،‬يتم اختيار التكرار املالئم للقياس‪ ،‬هل يتم‬
‫أسبوعيا أو يوميا أو على مدار الساعة‪.‬‬

‫‪324‬‬
‫وتبدأ جميع تصميمات بحث الفرد الواحد‪ ،‬بسلسلة من القياسات لتحديد خط‬
‫القاعدة للسلوك موضع التدخل‪ .‬وتستمر القياسات حتى تستقر نتائجها عند درجات محددة‪.‬‬
‫وعادة ما يتراوح عدد مرات القياسات من ‪ 10‬إلى ‪ 20‬قياسا‪ .‬وبعد تحديد خط القاعدة‬
‫للسلوك موضع التدخل‪ ،‬يتم تقديم املعالجة التجريبية ألاولى (تدخل عالجي أو إرشادي أو‬
‫تدريبي)‪.‬‬
‫ولتسجيل عناصر إلاجراءين في هذت التصميمات‪ ،‬تستعمل رمو لذلك‪ ،‬كالحرول‬
‫الهجائية‪ ،‬فيشير حرل أ إلى إجراء تحديد خط القاعدة‪ ،‬أو مرحلة عدم تقديم عالج أو إرشاد‬
‫أو تدريب‪ ،‬وتشير الحرول ب ت ث ج إلى آخرت‪ ،‬إلى مراحل التدخل العالجي أو إلارشادي أو‬
‫التدريبي‪.‬‬
‫وهناك العديد من تصميمات بحث الفرد الواحد‪ .‬سول أعرض في الفقرات التالية‪،‬‬
‫التصميمات املشهورة منها‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬التصميمات التجريبية الحديثة لبحث لفرد الواحد‬


‫َ‬
‫ُينظر إلى التصميمات التجريبية لبحث الفرد الواحد‪ ،‬على أنها تلك التصميمات التي من‬
‫(يجرب) الفاح عالجا أو تدخال ما‪ ،‬بناء على أداء فرد واحد على بعض‬ ‫ّ‬ ‫خاللها يخت ر‬
‫املقاييس بشكل متكرر‪ ،‬ليرم ما إذا كان العالج أو التدخل مؤارا وفعاال أم ال‪ ،‬أي هل يجعل‬
‫حالة الفرد تتحسن أم تتدهور‪ .‬وبلغة منهجية تعد هذت التصميمات‪ ،‬تصميمات تجريبية‬
‫عد الفرد الواحد الذي‬‫ملجموعة واحدة غير عشوائية‪ ،‬وليس لها مجموعة ضابطة‪ ،‬حيث ُ ّ‬
‫يخضع لها فردا ضابطا لنفسه‪.‬‬
‫وتسم تصميمات بحث الفرد الواحد‪ ،‬تصميمات ن = ‪( 1‬حالة واحدة)‪ ،‬أين تجرم‬
‫قياسات كمية متكررة ألداء فرد واحد‪ ،‬ذكر أو أنثى‪ ،‬على أحد املتغيرات‪.‬‬
‫وتصميم بحث الفرد الواحد‪ ،‬شبه أو هو تعديل لتصميم السالسل اليمنية‪ .‬والاختالل‬
‫فقط في عملية جمع املعلومات من فرد واحد‪ .‬و ستعمل تصميم بحث الفرد الواحد لبحث‬
‫التغيرات التي تحدث في السلوك الذي يظهرت الفرد‪ ،‬بعد تعرضه لعالج من نوع معين‪،‬‬
‫و ستعمل هذا التصميم في التربية الخاصة‪ ،‬واملمارسات العيادية‪ ،‬وأنماط السلوك املنحرل‬
‫واملضطرب‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫‪ 1‬ـ التصميم التجريبي أ ب‪.‬‬
‫إن أحد التصميمات التجريبية في بحث الفرد الواحد‪ ،‬هو تصميم أ ب (أ هو خط‬
‫القاعدة‪ ،‬ب هو املعالجة)‪.‬‬
‫يهتم الباحث في هذا التصميم بتعريض نفس الفرد إلى إجراءين (مرحلتين أو ظرفين)؛‬
‫إلاجراء ألاول قبل املعالجة‪ ،‬ويدعى مرحلة خط القاعدة ‪ ،Baseline Period‬ويرمي لها بـ أ‪.‬‬
‫وخالل هذت إلاجراء‪ ،‬يقوم الباحث بمالحظة سلوك الفرد بشكل متكرر وقياسه لعدة مرات‪،‬‬
‫حتى يت كد أن السلوك املع ي اابم في ظهورت‪ ،‬بصفته اضطرابا وسلوكا غير مرغوب فيه‪ .‬وبعد‬
‫عرض الفرد ملعالجة من نوع معين (تدخل عالجي أو إرشادي أو تدريبي)‪ ،‬تعرل بالرمي‬ ‫ذلك ّ‬
‫ب‪ .‬وخالل تطبيق أو بعد تطبيق كل معالجة‪ ،‬يالحظ سلوك الفرد املضطرب مباشرة بعد‬
‫املعالجة‪.‬‬
‫واملثال على ذلك‪ ،‬وجود تلميذ ال ينجي واجباته املدرسية‪ ،‬كما يجب أن يقوم بها وفق‬
‫تعليمات معلميه‪ .‬تتم مالحظة سلوك هذا التلميذ ملدة معينة‪ ،‬فإذا تبين أن سلوكه املتمثل‬
‫في التخلي عن إنجا واجباته املدرسية اابم بصورة مؤكدة‪ ،‬يتعرض ملعالجة (إرشاد) ملدة‬
‫معينة‪ ،‬وبعد ذلك يالحظ سلوكه بعد املعالجة‪ .‬ونفس هذا إلاجراء يتبع في حالة املوظف‬
‫الذي يلتحق بعمله مت خرا في معظم ألايام‪ ،‬أو يتغيب عن عمله دون ت رير‪ ،‬أو غادر مقر عمله‬
‫قبل الوقم املحدد‪ ،‬ويخالف بذلك تعليمات املؤسسة التي عمل ف ها‪.‬‬
‫واملشكلة في هذا التصميم أنه شبه تجريبي ‪ ،Quasi - Experimental‬وهو عرضة لألخطار‬
‫املختلفة التي تهدد الصدق الداخلي (‪ .)Cooper, 1981‬فنتيجة لعدم تكرار أار العالج‪ ،‬فإن‬
‫الباحث ال ستطيع أن عرل إذا كان السلوك‪ ،‬محل العالج‪ ،‬تغير بفعل املعالجة أم ال‪ .‬ألنه‬
‫قد يكون هناك سبب آخر لتغير السلوك‪ .‬فالتلميذ مثال‪ ،‬تغير سلوكه وصار ينجي واجباته‬
‫املنزلية بصورة متواصلة وبطريقة جيدة‪ ،‬ليس بفعل إلارشاد الذي تعرض له‪ ،‬ولكن بسبب‬
‫عودة أبيه إلى املنزل بعد غيابه ملدة طويلة‪ .‬وتغير سلوك املوظف وصار يحضر إلى مقر عمله‬
‫في الوقم املناسب وبصورة منتظمة‪ ،‬وال يتغيب كذلك عن عمله دون م رر‪ ،‬ليس بسبب‬
‫إلارشاد الذي تلقات‪ ،‬ولكن بسبب تغيير املسؤول املشرل على عمله‪ .‬أو ألنه استطاع أن يتغلب‬
‫على مشكالته ألاسرية‪ .‬أو أن سلوك كل من التلميذ واملوظف تغير بفعل أار هاواورن‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ التصميم التجريبي أ ب أ‪.‬‬


‫وهذا التصميم التجريبي فـي بحث الفرد الواحد‪ ،‬هو تصميم أ ب أ (أ خط القاعدة‪ ،‬ب‬

‫‪326‬‬
‫معالجة‪ ،‬أ خط القاعدة)‪.‬‬
‫يهتم الباحث في هذا التصميم بتعريض نفس الفرد إلى االاة إجراءات؛ إلاجراء ألاول قبل‬
‫املعالجة‪ ،‬ويدعى مرحلة خط القاعدة الذي يرمي لها بـ أ‪ .‬وخالل هذا إلاجراء‪ ،‬الذي يمتد ملدة‬
‫معينة‪ ،‬يقوم الباحث بمالحظة سلوك الفرد بشكل متكرر وقياسه لعدة مرات‪ ،‬حتى يت كد‬
‫أن السلوك املع ي اابم في ظهورت‪ .‬وبعد ذلك يقدم له عالجا أو إرشادا من نوع معين‪ ،‬ملدة‬
‫ُ‬
‫الفرد في إجراء يدعى خط القاعدة بعد العالج أو إلارشاد‪،‬‬ ‫معينة‪ ،‬تعرل بالرمي ب‪ .‬ام َ‬
‫يالحظ‬
‫ملدة معينة أيضا‪ ،‬تتم فيه مالحظة الفرد‪ ،‬حتى يقرر الباحث أن العالج أو إلارشاد قد أار في‬
‫السلوك الذي يرمي له بـ أ‪.‬‬
‫وفي هذا التصميم‪ ،‬إذا كان السلوك تحسن بعد العالج أو إلارشاد‪ ،‬مقارنة ملا كان عليه‬
‫ّ‬
‫قبل ذلك‪ ،‬فإن الباحث يكون له ت كيد ب ن العالج أو إلارشاد هو الذي أار‪.‬‬
‫واملشكلة في هذا التصميم‪ ،‬كذلك‪ ،‬أن الباحث ال ستطيع أن عرل‪ ،‬بصورة مؤكدة‪ ،‬إذا‬
‫كان السلوك املنحرل أو املضطرب‪ ،‬محل البحث‪ ،‬تغير بفعل العالج أو إلارشاد أم بفعل عامل‬
‫آخر‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ التصميم التجريبي أ ب أ ب‪( ،‬التصميم الارتدادي أو العكس ي)‪.‬‬


‫يدعى هذا التصميم في بحث الفرد الواحد‪ ،‬تصميم أ ب أ ب (أ خط القاعدة‪ ،‬ب معالجة‪،‬‬
‫أ خط القاعدة‪ ،‬ب معالجة)‪ .‬و عت ر من أكثر التصميمات استعماال في مجال تعديل السلوك‬
‫في منهج بحث الفرد الواحد‪ .‬فهو يقدم للباحث دليال مقنعا جدا على العالقة الوظيفية بين‬
‫طريقة العالج أو إلارشاد والسلوك‪ .‬ألنه شتمل على التكرار املباشر ألار العالج‪ .‬وفي هذا‬
‫التصميم يهتم الباحث بتعريض نفس الفرد إلى أربعة إجراءات‪.‬‬
‫يبدأ إلاجراء ألاول قبل العالج أو إلارشاد‪ ،‬ويدعى مرحلة خط القاعدة الذي يرمي له بـ أ‬
‫ألاولى‪ .‬وخالل هذا إلاجراء‪ ،‬الذي يمتد منا معينا‪ ،‬يقوم الباحث بمالحظة سلوك الفرد بشكل‬
‫متكرر وقياسه عدة مرات‪ ،‬حتى يت كد أن السلوك املع ي اابم في ظهورت‪ .‬مثل ‪ :‬عدد املرات‬
‫التي يتخلى التلميذ عن ارتداء املئزر‪ .‬أو عدد املرات التي يدخن ف ها الفرد‪ .‬أو عدد املرات التي‬
‫يترك ف ها الفرد الصالة‪ .‬أو عدد املرات التي يثير ف ها موظف مشكالت في مقر عمله‪ .‬إن‬
‫م ـالح ـظ ـة الس ـلوك ق ـب ـل الع ـالج أو إلارش ـ ـاد‪ ،‬ي ـف ـي ـد ك ـم ـرح ـل ـة ض ـاب ـط ـة ت ـت ـم مـقارنتها بت ايرات‬
‫العالج فيما بعد‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫وبعد الت كد من أن السلوك اابم في ظهورت‪ ،‬ي تي إلاجراء الثاني وهو تقديم معالجة من‬
‫نوع معين‪ ،‬ملدة منية معينة كذلك‪ ،‬تعرل بالرمي ب ألاولى‪ .‬وفي هذا العالج ألاول‪ ،‬تقدم للفرد‬
‫بعض التعيييات الفارقية (إذا صدر منه السلوك محل العالج عي ‪ ،‬وإذا صدر منه سلوك‬
‫آخر ال عي )‪ .‬وتتم مالحظة السلوك بشكل متواصل خالل العالج‪ ،‬حتى يتبين أن للعالج ت ايرا‪،‬‬
‫حيث ستقر معدل السلوك‪ ،‬محل العالج‪ ،‬في الاتجات املرغوب فيه‪.‬‬
‫وعند توقيف العالج‪ ،‬يالحظ الفرد‪ ،‬مرة أخرم‪ ،‬في إجراء يدعى خط القاعدة الثاني يرمي‬
‫له بـ أ الثانية‪ ،‬بعد مرحلة العالج ألاولى‪ ،‬ملدة منية معينة كذلك‪.‬‬
‫وبعد إجراء خط القاعدة الثاني‪ ،‬يقدم للفرد عالج من نوع معين‪ ،‬ملدة معينة كذلك‪،‬‬
‫عرل بالرمي ب الثانية‪ .‬ويمكن للباحث أن يمدد هذا العالج لفترة طويلة‪ ،‬حسب تقديرت‪.‬‬
‫لكن أاناء خط القاعدة الثاني‪ ،‬الذي يرمي له بـ أ الثانية‪ ،‬من املفروض أن يتحقق ضبط‬
‫تجريبي أكثر في هذا إلاجراء‪ .‬فالعالج ألاول (ب ألاولى) يتوقف‪ ،‬وينقطع معه التعييي‪.‬‬
‫ويبدو أن هناك عيبا في هذا إلاجراء‪ ،‬هو عودة السلوك املراد عالجه إلى حالته كما كان‬
‫أاناء خط القاعدة ألاول‪ .‬فعندما يتوقف العالج ويتوقف معه التعييي‪ ،‬عود السلوك إلى‬
‫حاله قبل العالج‪ .‬وهنا‪ ،‬ما الحل ؟‬
‫يتم تدارك ألامر هنا إما بإعادة العالج ب مرة أخرم‪ ،‬أو باستعمال أكثر من عالج في‬
‫التصميم‪ .‬مثال استعمال صيغة أ ب ج أ ب ج‪ .‬حيث أ خط القاعدة لتقدير السلوك‪ ،‬وكل‬
‫من ب ج عالجات متناوبة‪.‬‬
‫ويظهر هنا‪ ،‬أن تصميم أ ب أ ب عاني من االث مشكالت أساسية‪:‬‬
‫تكمن املشكلة ألاولى في أن آاار التدخالت العالجية أو إلارشادية املتعددة‪ ،‬ال تقبل الارتداد‬
‫أو التكرار العكس ي‪ .‬فربما يحدث تعلم دائم أو تغير في الشخصية‪ ،‬أو ربما تختفي املشكلة‬
‫بمجرد عالجها‪.‬‬
‫وتكمن املشكلة الثانية‪ ،‬في أنه حتى إذا كان التدخل العالجي يقبل الارتداد أو التكرار‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫بعض املشكالت ألاخالقية شديدة الت اير تتعلق بسحب‬ ‫العكس ي‪ ،‬فسول تواجه الباحث‬
‫العالج أو قطعه أو إيقافه في املرحلة الثانية من التدخل‪ ،‬وفي إجراءات خط القاعدة التالية‪.‬‬
‫ألن منع العالج عن املريض بعد تقديمه له عد موقفا أسوأ من عدم تقديمه له من البداية‪.‬‬
‫فالتلميذ قد عود إلى التخلي عن إنجا واجباته املنزلية‪ ،‬وإلى التخلي عن ارتداء املئزر‪،‬‬
‫واملدخن عود إلى التدخين‪ ،‬واملصلي عود إلى ترك الصالة‪ ،‬والعامل املشكل عود إلى إاارة‬

‫‪328‬‬
‫املشكالت‪ .‬وقد تيداد حدة السلوك الذي تعرض للعالج ام توقف عنه‪ ،‬مما يييد من احتمال‬
‫حدوث مضاعفات وأضرار نفسية وسلوكية‪ ،‬بسبب ذلك‪.‬‬
‫أما املشكلة الثالثة‪ ،‬فتكمن في أن تقديم العالج ام منعه ربما تنتج عنه عواقب نفسية‬
‫وخيمة‪ ،‬أهمها أن الفرد قد يفقد الثقة في املعالج النفس ي‪ ،‬أو أن السلوك‪ ،‬محل العالج‪،‬‬
‫الذي عاني منه الفرد قد يتفاقم وال يرجى له شفاء‪ ،‬وقد ال يقبل التعديل وإلاخماد بعد ذلك‪،‬‬
‫ألن فعل التعديل الذي يخضع لقوانين تكوين العادة‪ ،‬وجداول التعييي لم يتم تنفيذت‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ تصميم خط القاعدة متعدد التدخالت‪.‬‬


‫يتم في تصميم خط القاعدة متعدد التدخالت‪ ،‬قياس أنواع السلوك املختلفة في نفس‬
‫الوقم‪ ،‬خالل إجراء خط القاعدة‪ .‬وتكون أنواع السلوك مستقلة عن بعضها‪ .‬وتعد كلها‬
‫هدفا للعالج أو إلارشاد‪.‬‬
‫تغيب املوظف عن عمله دون استئذان‬ ‫فمثال‪ ،‬سجل (يقيس) الباحث عدد املرات التي ّ‬
‫من صاحب العمل‪ .‬وعدد املرات التي أاار مشكالت مع مالئه في العمل‪ .‬وعدد املرات التي‬
‫رفض تطبيق تعليمات املشرل‪.‬‬
‫و سجل باحث آخر‪ ،‬عدد املرات التي تحدث التلميذ أاناء الدرس دون استئذان من‬
‫املعلم‪ .‬وعدد املرات التي لم يرتد املئزر‪ .‬وعدد املرات التي تخلى عن إنجا واجباته املنزلية‪.‬‬
‫و سجل باحث آخر‪ ،‬كذلك‪ ،‬عدد املرات التي رفض الطفل تناول طعامه‪ .‬وعدد املرات‬
‫التي أظهر نوبات من الغضب‪ .‬وعدد املرات التي تبول الإراديا‪.‬‬
‫أو في حالة تكرار صدور سلوك مضطرب واحد في مواقف مستقلة‪ .‬ك ن يبدي الفرد‬
‫سلوك القلق الاجتماعي أو الخجل في مواقف مستقلة عن بعضها؛ عندما يكون بصدد إلقاء‬
‫كلمة أمام جماعة من الغرباء‪ .‬وعندما يريد أن يدخل إلى غرفة يوجد بها جماعة من الناس‪.‬‬
‫وعندما يريد أن يرد سلعة إلى البا ع ألنه وجد بها عيبا‪.‬‬
‫ويمكن تسجيل نفس السلوك لعدة أفراد في نفس الوقم‪ .‬كما يبق العالج نفسه ع ر‬
‫كل إجراءات التدخل‪ .‬ويجرم الضبط التجريبي في خط القاعدة متعدد التدخالت من بدء‬
‫العالج‪ ،‬في نقطة منية مختلفة لكل سلوك أو لكل يخ مع ي‪ ،‬وليس من العودة إلى خط‬
‫القاعدة‪.‬‬
‫وكـ ـمـا ق ـل ـم ف ـي ال ـب ـداي ـة‪ ،‬ي ـس ـت ـع ـم ـل فـي ه ـذت الح ـاالت تص ـم ـي ـم خ ـط ال ـق ـاع ـدة متعدد‬

‫‪329‬‬
‫التدخالت‪ .‬فيتم تقديم التدخالت العالجية أو إلارشادية لكل سلوك على حدة بشكل متتابع‪،‬‬
‫ام يقاس ت ايرها على جميع ألوان السلوك التي كانم هدفا للعالج أو إلارشاد‪.‬‬
‫وينبغي قياس أار العالج أو إلارشاد على كل سلوك منها على حدة‪ ،‬نظرا الختالل أنواع‬
‫العالج باختالل أنواع السلوك‪ .‬والفكرة ألاساسية في هذا التصميم‪ ،‬تكمن في توضيح نتيجة‬
‫كل تدخل عالجي الخاصة بعالج مشكلة محددة‪.‬‬
‫ويجرم تصميم خط القاعدة متعدد التدخالت كما يلي ‪ :‬فبعد تحديد خط القاعدة‪،‬‬
‫شرع بالبدء في عالج السلوك رقم ‪ .1‬ويتم الاستمرار في خط القاعدة لكل من السلوك رقم ‪2‬‬
‫والسلوك رقم ‪ .3‬وعند البدء في عالج السلوك رقم ‪ ،2‬يبق الاستمرار في عالج السلوك رقم ‪1‬‬
‫وخط القاعدة للسلوك رقم ‪ .3‬وأخيرا شرع في عالج السلوك رقم ‪.3‬‬
‫نالحظ أن تصميم خط القاعدة متعدد التدخالت‪ ،‬يقوم على تصميم أ ب كوحدة‬
‫أساسية له‪ .‬فلو يكون هناك إجراء‪ ،‬غير العالج‪ ،‬هو السبب الفعلي في تغير السلوك‪ ،‬محل‬
‫العالج‪ ،‬فإنه سول يؤار على كل أنواع السلوك‪ ،‬أو على كل ألافراد‪ ،‬في نفس الوقم‪ .‬وكما‬
‫قلم في تصميم أ ب‪ ،‬إن التلميذ تغير سلوكه‪ ،‬وصار ينجي واجباته املنزلية‪ ،‬بصورة متواصلة‬
‫وبطريقة جيدة‪ ،‬ليس بفعل إلارشاد الذي تعرض له‪ ،‬ولكن بسبب عودة أبيه إلى املنزل بعد‬
‫غيابه ملدة طويلة‪.‬‬
‫وهناك العديد من املشكالت لتصميم خط القاعدة متعدد التدخالت‪ .‬منها ‪ :‬أن أحد‬
‫افتراضاته‪ ،‬تشير إلى أن العالج يؤار على كل أنواع السلوك بصورة محددة‪ .‬فال يتوقع من‬
‫تعييي سلوك واحد‪ ،‬ارتداء املئزر‪ ،‬مثال‪ ،‬أن يييد من سلوك إنجا الواجبات املنزلية في‬
‫مواعيدها‪ .‬وينبغي أن تكون أنواع السلوك مستقلة‪ ،‬حتى يتضح مدم ت اير العالج‪ .‬ولكن في‬
‫أحيان أخرم‪ ،‬يصعب الحصول على استقالل السلوك‪ .‬ألن تعديل سلوك القلق الاجتماعي‬
‫املتعلق بإلقاء كلمة أمام أيخا غرباء‪ ،‬سيؤار على سلوك الدخول إلى حجرة بها جماعة‬
‫من الناس‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ تصميم محك التغيير (تصميم التغير كمحك)‪.‬‬


‫ستعمل هذا التصميم ابات أن التحكم التجريبي والضبط الذي تم إجراؤت من أجل‬
‫تعديل أو عالج سلوك شاذ‪ ،‬سول يؤدي إلى إخماد حدة ذلك السلوك الشاذ تدريجيا حتى‬
‫يختفي تماما‪ .‬ولذا ستعمل هذا التصميم في عالج حاالت الاعتماد على ألادوية النفسية أو‬
‫الكحول أو املخدرات‪ .‬ومن ام يمكن استعماله مثال‪ ،‬في مساعدة إلاقالع عن التدخين‪ ،‬حيث‬

‫‪330‬‬
‫توضع محكات‪ ،‬يمثل كل منها هدفا عالجيا بعينه‪ ،‬ينبغي على الفرد أن عمل على تحقيقها‬
‫تدريجيا‪ ،‬بحيث يتم خفض جرعة وعدد مرات التدخين على مدم فترة منية محددة‪( .‬فمثال‪،‬‬
‫يتطلب املحك ألاول‪ ،‬أن يخفض الفرد عدد السجاير إلى ‪ 20‬سيجارة في اليوم بعد أن كانم‬
‫‪ ،30‬ويتطلب املحك الثاني تدخين ‪ 15‬سيجارة في اليوم‪ ،‬ويتطلب املحك الثالث تدخين ‪10‬‬
‫سجاير في اليوم‪ ،‬وهكذا حتى يقلع تماما عن التدخين)‪ .‬ويمكن استعمال هذا التصميم في‬
‫عالج أنماط أخرم من السلوك الشاذ‪ ،‬الذي يمكن تقسيمه إلى أهدال عالجية جيئية‬
‫متتابعة‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬تسجيل البيانات‬


‫يمكن عرض البيانات والنتائج التي يتم الحصول عل ها من تجربة الفرد الواحد في تقارير‬
‫بحثية أو عالجية أو إرشادية بالطريقة اللفظية‪ ،‬كلمات أو أرقام‪ ،‬ولكن يفضل تمثيلها في شكل‬
‫رسوم بيانية‪ .‬ألن تسجيل النتائج في رسم بياني‪ ،‬يجعل الباحث يتتبع مدم تقدم العمل‪ .‬وأن‬
‫أي نجاح أو فشل في التدخل العالجي‪ ،‬يمكن إدراكه بوضوح وبشكل مباشر‪.‬‬
‫إن الرسوم البيانية التي تعرض لبيانات بحث الفرد الواحد‪ ،‬تجسد مسار نجاح التدخل‬
‫العالجي وإلارشادي أو فشله‪ ،‬وتجعلها ماالة أمام عينيه‪ .‬كما أنها تكون مفيدة للحاالت‬
‫نفسها‪ ،‬ألنها تساعدهم على مراقبة تقدمهم ومعرفة مدم تحسنهم‪ ،‬وتفصح لهم بوضوح عن‬
‫فعالية التدخل‪ ،‬أو عدم فعاليته لدم حاالت بعينها‪ ،‬وفي إجراءات بعينها‪ ،‬وفي عالج مشكالت‬
‫سلوكية بعينها‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬مقارنة تصميمات الفرد الواحد وتصميمات املجموعات‬


‫من حيث الهدل‪ .‬يهدل البحث في كل من تجارب املجموعات وتجارب الفرد الواحد‪ ،‬إلى‬
‫معرفة وجود العالقات بين املتغيرات‪ ،‬من خالل تفعيل املتغير املستقل (املعالجة التجريبية)‬
‫ومعرفة أارت على املتغير التابع (السلوك)‪.‬‬
‫من حيث إجراءات البحث‪ .‬تقوم تصميمات املجموعات على التخصي العشوا ي‬
‫لألفراد في املجموعة التجريبية واملجموعة الضابطة‪ .‬وهذا من ش نه أن يبعد التفسيرات‬
‫الدخيلة للنتائج‪ .‬ويمكن تقييم ت ايرات املعالجة التجريبية (بين املجموعات) بت ايرات التغير‬
‫(داخل املجموعات)‪ ،‬من خالل استعمال اختبارات إحصائية مناسبة‪ ،‬التي تحدد ما إذا كانم‬
‫النتائج تعود إلى املعالجة التجريبية أم إلى عوامل أخرم‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫و ستعمل تصميم الفرد الواحد طرقا أخرم‪ .‬فالباحث مطالب بضبط مقدار الوقم‬
‫فعالين‪ ،‬ومقدار تمديد فترة خط‬ ‫إج َر َاءا خط القاعدة والتدخل العالجي ّ‬ ‫الذي يكون فيه ْ‬
‫القاعدة حتى ستقر السلوك‪ ،‬موضع العالج‪.‬‬
‫وألجل الحصول على تفسير للنتائج يكون محل اقة‪ ،‬ال بد أن يكون خط القاعدة محددا‬
‫نسبيا‪ .‬وتكمن إحدم عيوب ضبط طول مرحلة إجراء العالج لدم الباحث‪ ،‬في النزوع نحو‬
‫استمرار العالج حتى يحدث ش يء ما‪ .‬فإذا لم يتبع بداية العالج تغير في السلوك‪ ،‬فيمكن أن‬
‫يكون هناك متغير غير تجريبي‪ ،‬تسبب في التغير املالحظ‪.‬‬
‫تتجنب تصميمات بحث الفرد الواحد‪ ،‬مصدر الخط في تصميمات املجموعات‪ ،‬وهو‬
‫التغير داخل املجموعات‪ .‬فكل فرد عمل ضابطا لنفسه‪ ،‬لذا ال تكون املقارنة مشكلة‪ .‬فوسيلة‬
‫الضبط الرئيسية هي إلاعادة‪ ،‬وهو إجراء ال يدمج في تصميمات املجموعات‪ .‬ويقوم تصميم أ‬
‫ب أ ب على إعادة واحدة باستعمال الفرد نفسه‪ ،‬بينما عيد تصميم خط القاعدة املتعدد‬
‫أكثر من معالجة‪ .‬إن إعادة تصميم القاعدة املتعدد‪ ،‬يجعل من غير املحتمل أن تنسب‬
‫الت ايرات التي تعيم إلى العالج‪ ،‬إلى حاداة دخيلة أو متغيرات ألافراد‪.‬‬
‫وبالنسبة للصدق الداخلي (جودة الضبط التجريبي)‪ ،‬فإن التصميم الجيد لبحث الفرد‬
‫الواحد‪ ،‬يمكن أن يلبي مطالب الصدق الداخلي‪.‬‬
‫أما بالنسبة للصدق الخارجي (إمكان تعميم النتائج)‪ ،‬فإنه من الصعب تعميم النتائج‬
‫عن طريق تصميمات بحثية استعملم فردا واحدا أو أفرادا قليلين‪ .‬فمثال‪ ،‬إذا أدم تدريب‬
‫الفرد الخجول‪ ،‬أو القلق اجتماعيا‪ ،‬على التغلب على صعوبة إلقاء كلمة أمام جمع من‬
‫الناس‪ ،‬هل يمكن تعميم هذا على نفس سلوك هذا الفرد في مواقف أخرم‪ ،‬أو على أفراد‬
‫آخرين ؟ ولكن رغم أن البحوث التي تجرم على فرد واحد أو أفراد قليلين‪ ،‬تكون منخفضة‬
‫في صدقها الخارجي‪ ،‬إال أن كثرة البحوث املشابهة التي تصف املواقف وألافراد والعالجات‪،‬‬
‫سول تجعل الحصول على الصدق الخارجي للنتائج ممكن‪.‬‬
‫وانبثقم فكرة السلسلة املتكررة من إلاعادات العيادية من مفهوم كرونباخ ‪Cronbach,‬‬
‫‪ 1975‬الذي يتصل باملشاهدة املكثفة ‪ Locally intensive observation‬لفرد بعينه‪ .‬وألن أية‬
‫نتيجة يمكن اختبارها في مواقف أخرم‪ ،‬فإن الظرول املتباينة سول تخت ر حدود صدقها‬
‫الخارجي‪ ،‬وتقودنا إلى نظرية أكثر اراء‪ .‬ويقول كرونباخ ‪" :‬ألن الباحث ينتقل من موقف إلى‬
‫آخر‪ ،‬فإن مهمته ألاولى تكمن في وصف وتفسير الت اير مرة اانية في كل موضع على حدة‪ ،‬وربما‬
‫ي خذ في حسابه متغيرات فريدة من نوعها‪ ،‬أو عوامل جديدة ترتبط بهذا املوضع بالذات‪...‬‬

‫‪332‬‬
‫ونظرا لتراكم النتائج‪ ،‬فإن الشخ الذي يبحث عن الفهم‪ ،‬سيبذل قصارم جهدت ليقتفي‬
‫أار العوامل الدخيلة‪ ،‬ليعرل إلى أي مدم يمكن أن تكون سببا في الانحرافات املوضعية عن‬
‫ألاار الناتج عن التدخل العالجي‪ .‬وهذا ع ي أن التعميم الذي يتوصل إليه‪ ،‬في وقم الحق‪،‬‬
‫يكون مت خرا‪ ،‬وأن الشذوذ عن هذا التعميم أو الاستثناء يؤخذ في الاعتبار ش نه في ذلك ش ن‬
‫القاعدة التي تم التوصل إل ها"‪.‬‬
‫خمس خصال لبحث الفرد الواحد‪ ،‬يمكنها إذا تحققم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ووضع كا دان ‪،Kazdan, 1981‬‬
‫تتحسن قابليته للصدق الداخلي‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬الحصول من بحث الفرد الواحد على بيانات كمية منظمة‪.‬‬
‫‪ .2‬تقديرات نفسية متعددة لرصد التغير ع ر اليمن‪.‬‬
‫‪ .3‬حدوث تغير في املشكالت التي كانم مستقرة في ألا منة السابقة‪.‬‬
‫‪ .4‬حدوث تغيرات وآاار مباشرة أو ملحوظة تالية للتدخل العالجي‪.‬‬
‫‪ .5‬يتم ذلك على حاالت متعددة‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن ألاخذ بهذت الخصال معا‪ ،‬يحسن من قدرة الباحث تماما على الاستنتاج ب ن العالج‬
‫كان له ت اير فعال‪.‬‬

‫‪333‬‬
334
‫مراجع الفصل التاسع‬
‫‪ 1‬ـ القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أوبري ييتس (‪ )1985‬تطبيق نظري ــات التعلم في عالج الخلج ــات‪ .‬ترجم ــة ‪ :‬محي ال ــدين‬
‫حس ـ ـ ــين‪ .‬في مص ـ ـ ــطف س ـ ـ ــويف‪ .‬مرجع في علم النفس الاكلينيكي‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار املعارل‪: .‬‬
‫‪.352‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ جمال الخطيب (‪ .)1987‬تعديل السلوك ـ ـ ـ القوانين وإلاجراءات‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.221 ،215 ،214 ،213 :‬‬ ‫مكتبة النهضة املصرية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را اف هيه (‪ .)2004‬مقدمة للبحث في التربية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬سعد الحسي ي‪ .‬مراجعة ‪ :‬عادل عبد الكريم ياسين‪ .‬العين‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‪،‬‬
‫‪،392 ،391 ،390 ،389 ،388 ،387 ،386 ،385 ،384 ،383 :‬‬ ‫دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪.395 ،394 ،393‬‬
‫‪ 5‬ـ سارنول أ‪ .‬ميدنيك‪ ،‬هوارد ر‪ .‬بوليو‪ ،‬إليزابيم ل‪ .‬لوفتس (‪ .)1981‬التعلم‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫عماد الدين إسماعيل‪ .‬مراجعة ‪ :‬محمد عثمان نجاتي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬
‫‪.56 ،55 ،54 :‬‬
‫‪ 6‬ـ شافا فرانكفورت ـ ناشميا ‪ ،‬دافيد ناشميا (‪ .)2004‬طرائق البحث في العلوم الاجتماعية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬ليلى الطويل‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬سوريا‪ ،‬دمشق‪ ،‬بترا للنشر والتو ع‪.152 : .‬‬
‫‪ 7‬ـ عبد الحليم محمود السيد وآخرون (‪ .)1990‬علم النفس العام‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫مكتبة غريب‪.479 : .‬‬
‫‪ 8‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عبد العييي عبد هللا الدخيل (‪ .)1990‬س ـ ـ ـ ــلوك الس ـ ـ ـ ــلوك ‪ :‬مقدمة في أس ـ ـ ـ ــس التحليل‬
‫السلوكي ونماذج من تطبيقاته‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة الخانجي‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ عبد هللا فالح املنيزل‪ ،‬عدنان يوسف العتوم (‪ .)2010‬مناهج البحث في العلوم التربوية‬
‫‪244 :‬‬ ‫والنفسية‪ .‬الجيء ألاول‪ .‬الشارقة‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ .‬ألاردن‪ ،‬إاراء للنشر والتز ع‪.‬‬
‫ـ ‪.252‬‬
‫‪ .10‬كر س بــاركر‪ ،‬نــانس ـ ـ ـ ـ ي بيس ـ ـ ـ ــترانج‪ ،‬روبرت إليوت (‪ .)1999‬منــاهج البحــث في علم النفس‬
‫العيادي وإلارشـ ـ ــادي‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد نجيب الصـ ـ ــبوة‪ ،‬مرفم أحمد شـ ـ ــوقي‪ ،‬عا شـ ـ ــة السـ ـ ــيد‬
‫‪،265 ،264 ،258 ،255 ،253 ،125 ،108 :‬‬ ‫رشدي‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪.268 ،266‬‬

‫‪335‬‬
‫‪ .11‬لورنس أ‪ .‬برفين (‪ .)2010‬علم الش ـ ـ ـ ــخص ـ ـ ـ ــية‪ .‬الجيء ألاول‪ .‬ترجمة ‪ :‬عبد الحليم محمود‬
‫الس ـ ـ ـ ـيــد‪ ،‬أيمن محمــد عــامر‪ ،‬محمــد يحي الرخــاوي‪ .‬مراجعــة ‪ :‬عبــد الحليم محمود الس ـ ـ ـ ـيــد‪.‬‬
‫‪.78 ،66 :‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬املركي القومي للترجمة‪.‬‬
‫‪ .12‬مصـ ـ ـ ــطف سـ ـ ـ ــويف (‪ .)2005‬مشـ ـ ـ ــكالت منهجية في بحوث علم النفس العيادي‪ .‬الطبعة‬
‫‪ 61 :‬ـ ‪.68‬‬ ‫ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة الدار العربية للكتاب‪.‬‬
‫‪ .13‬مونتجومري شابيرو (‪ .)1985‬منحى اكلينيكي لبحوث أساسية مع إشارة خاصة لدراسة‬
‫املريض كحالة فردية‪ .‬ترجمة ‪ :‬ناهد رميي‪ .‬في ‪ :‬مصطف سويف‪ .‬مرجع في علم النفس‬
‫الاكلينيكي‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار املعارل‪.421 .‬‬
‫‪ .14‬نبيل موس ى (‪ .)2002‬إبنجهاوس‪ .‬في ‪ :‬موسوعة مشاهير العالم ‪ :‬أعالم علم النفس وأعالم‬
‫التربية والطب النفس ي والتحليل النفس ي‪ .‬الجيء الثاني‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬بيروت‪ ،‬دار الصدقة‬
‫‪ 49 :‬ـ ‪.52‬‬ ‫العربية‪.‬‬

‫‪336‬‬
‫الفصل العاشر‬
‫ّ‬
‫املنهج العل ّي‪ /‬املقارن في البحوث النفسية‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫ّّ‬
‫أوال ‪ :‬املنهج ال ِعلي‪ /‬املقارن واملنهج التجريبي‪.‬‬
‫ّ‬
‫اانيا ‪ :‬تعريف املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫ّ‬
‫االثا ‪ :‬طرق ج‪ .‬س‪ .‬مل في اكتشال العالقات العل ّية‪.‬‬
‫‪ .1‬طريقة التال م في الحدوث‪.‬‬
‫‪ .2‬طريقة التال م في التخلف‪.‬‬
‫‪ .3‬طريقة التال م في الحدوث وفي التخلف‪.‬‬
‫‪ .4‬طريقة التغير النسبي أو طريقة التال م في التغيير‪.‬‬
‫نقد واعتراض على طرق ج‪ .‬س‪ .‬مل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رابعا ‪ :‬مفهوم العل ّية والتفسيرات املتعددة في املنهج ال ِعلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫الدليل ألاول‪ ،‬التغاير‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪ ،‬الال يفية‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ ،‬الترتيب اليم ي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خامسا ‪ :‬تفسيرات بديلة في املنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫‪ .1‬العلة املشتركة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .2‬العلة املعكوسة‪.‬‬
‫‪ .3‬متغيرات مستقلة منسوبة محتملة أخرم‪.‬‬
‫ّ‬
‫سادسا ‪ :‬الضبط الجي ي في املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫‪ .1‬درجات ّ‬
‫التغير‪.‬‬
‫‪ .2‬التناظر أو املياوجة‪.‬‬
‫‪ .3‬تحليل التباين الاقتراني‪.‬‬
‫‪ .4‬املجموعات املتجانسة‪.‬‬
‫‪ .5‬دمج متغيرات دخيلة في التصميم‪.‬‬
‫ّ‬
‫سابعا ‪ :‬تصميما املنهج ال ِعلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫التصميم ألاول‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫التصميم الثاني‪.‬‬
‫ّ‬
‫اامنا ‪ :‬خصائ املنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫ّ‬
‫تاسعا ‪ :‬تقييم املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫مقدمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫يفضل الباحثون استعمال الطرق التجريبية‪ ،‬حينما يبحثون عن العل ّية‪ ،‬ولكن الطرق‬
‫ّ‬
‫العل ّية‪ /‬املقارنة‪ ،‬تكون في بعض ألاحيان الطرق الوحيدة التي يمكن استعمالها للتصدي‬
‫حدم املشكالت البحثية‪ .‬ففي الطرق التجريبية‪ ،‬يرتب الباحثون املواقف أو الظرول‪،‬‬
‫يتحكمون فيه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ويقدمونه بطرق‬ ‫ويضبطون كل املتغيرات‪ ،‬فيما عدا متغيرا مستقال محددا‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبكميات متباينة للمفحوصين‪ ،‬لكي عرفوا ما يحدث للمتغير التابع نتيجة لذلك‪ .‬إال أنه ال‬
‫يمكن استعمال الطرق التجريبية لدراسة بعض املشكالت البحثية‪.‬‬
‫إن إلاجابة عن ألاسئلة‪ ،‬مثل ‪ :‬ملاذا يكون بعض ألاحداث جانحين‪ ،‬وبعض ألاحداث ليسوا‬
‫كذلك ؟ وملاذا يهرب بعض ألاطفال من املدرسة‪ ،‬وبعضهم ال يفعل ذلك ؟ وملاذا يتعاط بعض‬
‫ألافراد املخدرات‪ ،‬وبعضهم ال يتعاطونها‪ ،‬وغيرها‪ ،‬ال يمكن بحثها بالطرق التجريبية‪ .‬ألنه يتعذر‬
‫إعداد عينات عشوائية‪ ،‬وضبط املتغيرات املستقلة املسؤولة عن الجنوح‪ ،‬والهروب من‬
‫املدرسة‪ ،‬وتعاطي املخدرات‪ ،‬بالطرق التي يتطلبها املنهج التجريبي‪.‬‬
‫فاملتغيرات املستقلة في املنهج التجريبي‪ ،‬تدعى املتغيرات املستقلة النشطة الفعالة‬
‫‪ .Actives Variables‬ألن الباحث‪ /‬املجرب ينشطها أاناء تعرض املفحوصين لها في التجربة‪،‬‬
‫وهي ليسم من خصائ ألافراد‪ ،‬وال توجد قبل إجراء البحث‪ .‬بينما املتغيرات املستقلة في‬
‫ّ‬
‫املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‪ْ ،‬تدعى املتغيرات املستقلة املنسوبة ‪ .Attributes variables‬واملتغير‬
‫املستقل املنسوب‪ ،‬خاصية يمتلكها الفرد‪ ،‬أو وضع يوجد فيه قبل إجراء البحث‪.‬‬
‫فعاال (ليس خاصية‬ ‫ولذا‪ ،‬فإنه عندما تكون هناك مشكلة بحثية‪ ،‬تتضمن متغيرا مستقال ّ‬
‫سلوكية في الفرد‪ ،‬وليس وضعا يوجد فيه الفرد)‪ ،‬مثل ‪ :‬أار طريقة تعلم‪ ،‬أار ضوضاء‪ ،‬أار‬
‫عدد أفراد الجماعة‪ ،‬أار عدد ألافراد في حيز مكاني‪ ...‬وغيرت‪ .‬فبوسع الباحث اتباع طرق املنهج‬
‫التجريبي أو شبه التجريبي‪ .‬أما عندما تتضمن املشكلة البحثية على متغيرات مستقلة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتحول إلى املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‪ .‬ويدعى أحيانا (البحث الالحق أو‬ ‫منسوبة‪ ،‬فعلى الباحث أن‬
‫الراجع للحادث ‪ .)Ex post facto research‬وجاءت هذت التسمية (‪ )ex post facto‬من‬
‫الالتينية‪ ،‬وتع ي (من بعد الحقيقة)‪ .‬وتفيد في إيضاح أن البحث املع ي‪ُ ،‬ي ْج َرم بعد حدوث‬
‫املتغير املستقل املنسوب في السياق الطبيهي أو الاجتماعي للظواهر‪ .‬مثل ‪ :‬التدخين‪ ،‬الحالة‬
‫الاجتماعية‪ ،‬املستوم التعليمي‪ ،‬مقر إلاقامة‪ ،‬العمر‪ ،‬اليتم‪ ،‬العمل وغيرت‪ .‬إن هذت املتغيرات‬
‫حدام قبل أن يجري الباحث بحثه‪ .‬فالناس يمكن تقسيمهم إلى مدخنين وغير مدخنين‪ ،‬وإلى‬
‫عياب ومتزوجين‪ ،‬وإلى أميين ومتعلمين‪ ،‬وإلى ريفيين وحضريين‪ ،‬وإلى فئات عمرية متعددة‪،‬‬

‫‪339‬‬
‫وإلى يتام وغير يتام ‪ ،‬وإلى بطالين وعمال وغيرت‪ .‬فالباحث ال ستطيع التحكم املباشر في‬
‫املتغيرات املستقلة املنسوبة‪ ،‬وال يمكن له تفعيلها إما بسبب طبيعتها‪ ،‬أو ألنها وقعم مسبقا‪.‬‬
‫ونظرا ألن هذا النوع من البحث‪ ،‬غالبا‪ ،‬ما يجرم للتعرل على علل الظواهر السلوكية التي‬
‫ّ‬
‫حدام بالفعل‪ ،‬عن طريق مقارنة الظرول القائمة سابقا‪ ،‬فإنه يدعى املنهج ال ِعل ّي‪ /‬املقارن‪.‬‬

‫ّ‬
‫العل ّي‪ /‬املقارن واملنهج التجريبي‬
‫أوال ‪ :‬املنهج ِ‬
‫ّ‬
‫هناك جوانب شترك ف ها املنهج التجريبي واملنهج العلي‪ /‬املقارن‪ .‬وهي ‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬شترك كال املنهجين في سع هما إلى اكتشال العالقات السببية والعل ّية بين املتغيرات‪.‬‬
‫‪ .2‬يخت ر املنهجان الفروض القائلة بوجود عالقات بين متغيرات مستقلة ومتغيرات تابعة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .3‬من حيث املنطق ألاساس ي‪ ،‬تتشابه الطرق التجريبية والعل ّية‪ /‬املقارنة في ألاهدال‪،‬‬
‫وهي البحث عن علل السلوك‪.‬‬
‫‪ .4‬كما أن هناك كثيرا من املعلومات ذاتها‪ ،‬التي توفرها الطرق التجريبية‪ ،‬يمكن أن‬
‫ّ‬
‫توفرها الطرق ال ِعل ّية‪ /‬املقارنة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولذا عت ر املنهج ال ِعل ّي‪ /‬املقارن‪ ،‬أقرب املناهج إلى املنهج التجريبي‪.‬‬
‫هذا من جانب ومن جانب آخر‪ ،‬فإن املنهجين يختلفان فيما يلي‪.‬‬
‫‪ .1‬ستعمل املنهج التجريبي عندما يكون الهدل من البحث هو معرفة أار متغير معين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(علة) في حدوث تغير في متغير آخر (نتيجة)‪ .‬أما املنهج ال ِعل ّي‪ /‬املقارن‪ ،‬ف هدل إلى الكشف عن‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫ال ِعلة املحتملة للسلوك محل البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬ستعمل املنهج التجريبي‪ ،‬حينما يكون املتغير املستقل حاضرا‪ ،‬ومستقال عن‬
‫خصائ ألافراد‪ ،‬ويتحكم فيه الباحث‪ ،‬فيعرضه على املفحوصين بالطريقة التي شاء‪،‬‬
‫وبالكميات التي شاء (وفق تصميم البحث)‪ .‬وال توجد‪ ،‬في الوقم نفسه‪ ،‬موانع أخالقية أو‬
‫إنسانية‪ ،‬أو ذات كلفة كبيرة في الجهد والوقم واملال‪ ،‬جراء التجارب‪ .‬أما املتغير املستقل في‬
‫ّ‬
‫املنهج ال ِعل ّي‪ /‬املقارن‪ ،‬فقد حدث سابقا‪ ،‬وهو من خصائ ألافراد‪ ،‬أو يمثل وضعا مستقرا‬
‫نسبيا في حياتهم‪ ،‬وبالتالي يكون خارجا عن نطاق تحكم الباحث‪ ،‬وال ستطيع تفعيله‪.‬‬
‫ّ‬
‫وف ـي ـما ي ـلي‪ ،‬ه ـذا امل ـثال ال ـذي يوض ـح الف ـرق بين املنهج الت ـج ـريبي واملنهج العِـل ّي‪ /‬املقارن‪،‬‬
‫من خالل مشكلة بحثية واحدة‪ .‬ولتكن مشكلة "القلق وألاداء على اختبار تحصيلي"‪.‬‬
‫ّ‬
‫فإذا اتبع الباحث الطريقة ال ِعل ّية‪ /‬املقارنة‪ ،‬فإنه يقوم بقياس القلق الذي هو خاصية‬
‫سلوكية لدم املفحوصين‪ ،‬ويتصفون بها وقم ألاداء على الاختبار التحصيلي‪ ،‬ام يقارن بين‬

‫‪340‬‬
‫ذوي القلق املرتفع وذوي القلق املنخفض (متغير مستقل منسوب) في ألاداء على الاختبار‬
‫ّ‬
‫التحصيلي (متغير تابع)‪ .‬ويكمن ضعف املنهج ال ِعل ّي‪ /‬املقارن‪ ،‬في أنه ال يمكن الاستنتاج ب ن‬
‫ّ‬
‫القلق لدم الطلبة‪ ،‬هو ال ِعلة في ظهور الفرق املالحظ في أدائهم على الاختبار‪ .‬ألنه ربما ت ارت‬
‫ّ‬
‫كال املجموعتين بعوامل ِعل ّية أخرم‪ ،‬كالذكاء العام أو املعرفة باملوضوع أو الدافعية‪ .‬وهذت‬
‫العوامل ألاخيرة‪ ،‬قد تكون أسبابا لكل من ‪ :‬مستوم القلق وألاداء على الاختبار التحصيلي‪.‬‬
‫أما بحث نفس هذت املشكلة بالطريقة التجريبية‪ ،‬فيكون كاآلتي‪:‬‬
‫تجرم التجربة تحم ظرفين متطابقين في كل الجوانب وفي ضبط العوامل الدخيلة‪ ،‬غير‬
‫أن أحد الظرفين يثير القلق (موقف تجريبي) والظرل آلاخر ال يثير القلق (موقف محايد)‪ .‬في‬
‫املوقف التجريبي‪ ،‬ي تي الباحث بمجموعة من املمتحنين (مجموعة تجريبية) وفي بداية‬
‫الامتحان يثار القلق لديهم‪ ،‬بإعطائهم واحدة من التعليمات التالية ‪" :‬إن تقديرهم النها ي‬
‫عتمد على أدائهم في هذا الامتحان"‪" .‬إن هذا الامتحان صعب جدا"‪" .‬إن الهدل من هذا‬
‫الامتحان هو التعرل على غير ألاكفاء منهم"‪ .‬بينما تكون التعليمات التي تتلقاها املجموعة‬
‫ألاخرم (مجموعة ضابطة) هي أن يطلب منهم أن يتعاونوا مع الباحث في ألاداء على الاختبار‬
‫من أجل نجاح التجربة‪ .‬وفي نهاية التجربة‪ ،‬إذا تبين من نتيجتها أن املجموعة الضابطة أفضل‬
‫في ألاداء على الامتحان‪ ،‬يمكن الاستنتاج ب ن القلق يؤار سلبا على ألاداء في الامتحان‪ .‬أما إذا‬
‫تبين أن املجموعة التجريبية أفضل من املجموعة املحايدة‪ ،‬في ألاداء على الامتحان‪ ،‬يمكن‬
‫ميسرا لألداء في الامتحان‪( ،‬وك نه يؤدي دور الدافع‪ ،‬هنا)‪.‬‬ ‫الاستنتاج أن للقلق ت ايرا ّ‬
‫لعل القارئ املتخص في علم النفس‪ ،‬يالحظ أن متغير القلق تم بحثه هنا بصفتين؛‬
‫ّ‬
‫إحداهما جعلته متغيرا مستقال منسوبا (بحث ِعلي‪ /‬مقارن)‪ .‬وألاخرم جعلته متغيرا مستقال‬
‫فعاال (بحث تجريبي)‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬و عت ر القلق‪ ،‬إضافة إلى الدافعية وإلايحاء وإلاحباط‪ /‬العدوان‪ ،‬من املتغيرات‬
‫السلوكية القليلة‪ ،‬التي يمكن أن تكون متغيرا مستقال فعاال‪ ،‬أو متغيرا مستقال منسوبا‪.‬‬
‫إن الباح ـث في املن ـه ـج الت ـج ـري ـبي‪ ،‬بإح ـداا ـه م ـوق ـفا م ـص ـط ـن ـعا (تج ـربـة)‪ ،‬يض ـب ـط املت ـغ ـير‬
‫املستقل‪ ،‬ويمنعه من العمل املتآني (في آن واحد) مع املتغيرات املستقلة ألاخرم‪ ،‬التي تعمل‬
‫عادة معا للت اير في املتغير التابع (السلوك)‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬إذا أراد باحث معرفة أار إلايحاء كطريقة عالجية (متغير مستقل)‪ ،‬في عالج مرض‬
‫معين (الربو مثال‪ ،‬متغير تابع)‪ .‬يمكنه أن يصمم التجربة كما يلي ‪:‬‬

‫‪341‬‬
‫تبين للباحث أنها‬‫يختار عينة من املرض ى بالربو‪ ،‬متجانسة في كثير من املتغيرات (التي ّ‬
‫تساهم في عالج مرض الربو)‪ .‬ويقسمها عشوائيا إلى مجموعتين (مجموعة تجريبية ومجموعة‬
‫ضابطة)‪.‬‬
‫ودواء آخر على شكل حبوب‬‫ً‬ ‫دواء حقيقيا على شكل حبوب لعالج مرض الربو‪،‬‬ ‫ام يحضر ً‬
‫أيضا‪ ،‬ولكنه وهمي‪ ،‬ال تتوفر تركيبته الكيميائية على أية فعالية عالجية للمرض‪ .‬وتكون‬
‫حبوب الدوائين متشابهة تماما في شكلها ولونها وحجمها‪.‬‬
‫ومن أجل ضبط أار هاواورن‪ ،‬يخ ر أفراد املجموعتين ب ن هذا الدواء فعال في عالج‬
‫املرض الذي أصيبوا به‪ .‬ويقدم الدواء الحقيقي للمجموعة التجريبية‪ ،‬والدواء الوهمي‬
‫للمجموعة الضابطة‪ ،‬ملدة معينة يتم تحديدها طبيا‪.‬‬
‫وبعد انقضاء تلك املدة‪ ،‬يقيس درجة الشفاء من املرض لدم املجموعتين‪ ،‬طبيا‪ .‬فإذا‬
‫دل ذلك على أن مرض الربو ال يت ار عالجه‬ ‫كان الشفاء في جانب املجموعة التجريبية فقط‪ّ ،‬‬
‫دل ذلك على أن عالج الربو‬ ‫با يحاء‪ .‬أما إذا ظهر أن هناك من ُش ِف َي من العينة الضابطة‪ّ ،‬‬
‫يت ار‪ ،‬إلى حد ما‪ ،‬با يحاء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أما في البحث ال ِعل ّي‪ /‬املقارن‪ ،‬فيكون املتغير املستقل خارج نطاق تحكم الباحث‪ ،‬فقد‬
‫يكون حدث في املاض ي‪ ،‬أو يكون خاصية في املفحوصين‪ ،‬أو ال ستطيع الباحث إحدااه ملوانع‬
‫قانونية أو إنسانية‪ ،‬أو نتيجة لتكاليفه الكبيرة‪.‬‬
‫ض ٌع حدث في املاض ي‪ ،‬وهناك ظرول أحداته‪ ،‬ليس للباحث دخل ف ها‪ ،‬وال‬ ‫فاليتم مثال‪َ ،‬و ْ‬
‫يجو له أن يحداه إذا أراد ذلك‪ ،‬ألن القوانين ال تسمح له أن يقتل آلاباء ليوفر عينة من‬
‫ألاطفال اليتام ‪ .‬ولكن يوجد في املجتمع يتام ألسباب مختلفة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ونفس الش يء‪ ،‬إذا أراد باحث التعرل على التدخين ك ِعلة في إلاصابة بسرطان الرئة‪.‬‬
‫ْ‬
‫فليس مقبوال أن ُيخ ِضع مجموعة من ألافراد للتدخين مدة معينة‪ ،‬ام يقارنها بعينة أخرم‬
‫من غير املدخنين في إلاصابة بسرطان الرئة‪ .‬ولكن يوجد في املجتمع من يتعاط التدخين‪،‬‬
‫ويمكن للباحث أن سحب من هؤالء عينة ممث ـل ـة‪ ،‬ام يقارنـها بعينة أخرم من غير املدخنين‬
‫في إلاصابة بمرض سرطان الرئة‪.‬‬
‫ّ‬
‫والش يء نفسه‪ ،‬إذا أراد باحث التعرل على الحرب ك ِعلة للصابة بالصدمات النفسية‪.‬‬
‫فليس باستطاعته أن يحدث الحرب في منطقة ما‪ ،‬ام يقارن بين مفحوصين سكنون في هذت‬
‫املنطقة‪ ،‬ومفحوصين سكنون في منطقة أخرم‪ ،‬عيش سكانها في سالم‪ ،‬في إلاصابة‬
‫بالصدمات النفسية‪ .‬ولكن الحروب تحدث باستمرار‪ ،‬ويمكن للباحث أن سحب من‬

‫‪342‬‬
‫مناطقها عينة ممثلة‪ ،‬ويقارنها بعينة أخرم من منطقة تعيش في سالم‪ ،‬في إلاصابة بالصدمات‬
‫النفسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫في املنهج ال ِعلي‪ /‬املقارن‪ ،‬تجرم البحوث في ظرول وفي بيئات طبيعية‪ ،‬فال تجرم ف ها أية‬
‫َ‬
‫ترتيبات مصطنعة‪ ،‬أو إرغام املفحوصين على أداء سلوك معين‪ .‬فعند إجراء بحث في ِعلل‬
‫الاضطرابات الانفعالية لدم ألاطفال‪ ،‬يتم سحب مجموعتين من ألاطفال‪ ،‬إحداهما مضطربة‬
‫انفعاليا وألاخرم متزنة انفعاليا‪ ،‬من بيئاتهم الطبيعية‪ ،‬ام يقارن بينهما في املتغير الذي تم‬
‫ّ‬
‫افتراضه ك ِعلة لالضطراب الانفعالي وليكن اضطرابات ألاسرة‪ ،‬أو غياب ألاب‪ ،‬مثال‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحظنا من مناقشتنا للفقرة السابقة‪ ،‬أن كال من البحث التجريبي والبحث ال ِعل ّي‪/‬‬
‫املقارن‪ ،‬ستعمالن للتعرل على علل الظواهر السلوكية‪ ،‬ولكن كال بشروطه الخاصة‪ .‬ولذا‬
‫ّ‬
‫من الطبيهي أن نتساءل عن مفهوم العل ّية‪ .‬وهذا ما س تناوله في الفقرة الرابعة‪ ،‬من هذت‬
‫الدراسة‪.‬‬

‫ّ‬
‫اانيا ‪ :‬تعريف املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‬
‫هو ‪" :‬البحث الذي يقارن فيه الباحث بين من يتصف بخاصية معينة‪ ،‬أو يوجد في ظرل‬
‫معين‪ ،‬وبين من ال يتصف بتلك الخاصية‪ ،‬وال يوجد في ذلك الظرل‪ ،‬من أجل التعرل على‬
‫علل حدوث السلوك محل البحث"‪( .‬يبدأ الباحث بتحديد املتغير املستقل املنسوب‪ ،‬ام‬
‫يصمم بحثه للتعرل على علة ذلك املتغير املستقل املنسوب في املتغير التابع)‪.‬‬
‫وهو كذلك ‪" :‬البحث الذي سهى فيه الباحث إلى التعرل على علل الفروق التي تظهر‬
‫في سلوك املجموعات املختلفة من ألافراد"‪( .‬يبدأ الباحث بتحديد املتغير التابع‪ ،‬ام يصمم‬
‫بحثه بهدل التعرل على املتغير املستقل املنسوب املحتمل)‪.‬‬
‫ّ‬
‫وفي املثالين التاليين‪ ،‬نتعرل ملاذا سم ‪ :‬املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫‪ .1‬البدء باملتغير املستقل املنسوب‪ ،‬ام البحث عن املتغير التابع‪ .‬هناك أطفال يتام‬
‫وأطفال آخرون غير يتام ‪ ،‬فاملجموعة ألاولى تتصف بخاصية اليتم‪ ،‬أما املجموعة الثانية ال‬
‫تتصف بخاصية اليتم‪ .‬وهنا يمكن للباحث أن يقارن بين املجموعتين في سلوك معين‪ ،‬وليكن‬
‫ّ‬
‫النمو الوجداني للطفل‪ .‬فيتعرل على ِعلة النمو الوجداني لدم ألاطفال‪ .‬نالحظ أن الباحث‬
‫ّ‬
‫يريد أن عرل ِعلة السلوك (النمو الوجداني) من خالل عقد مقارنة بين اليتام وغير اليتام ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولهذا سم ‪ :‬املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫‪ .2‬البدء باملتغير التابع ام البحث عن املتغير املستقل املنسوب املحتمل‪ .‬هناك موظفون‬
‫يتغيبون عن العمل وموظفون ال يتغيبون‪ ،‬فاملجموعة ألاولى من املوظفين تتصف بخاصية‬
‫سلوكية وهي الغياب عن العمل‪ ،‬أما املجموعة ألاخرم من املوظفين ال تتصف بخاصية‬
‫سلوك الغياب عن العمل‪ .‬وفي البحث يفترض الباحث متغيرا مستقال منسوبا محتمال‪ ،‬وليكن‬
‫ّ‬
‫الرضا عن العمل‪ ،‬فيقارن فيه بين املجموعتين‪ .‬نالحظ أن الباحث يريد أن عرل ِعلة سلوك‬
‫الغياب عن العمل‪ ،‬من خالل عقد مقارنة بين الراضين عن العمل وغير الراضين عنه‪ .‬ولهذا‬
‫ّ‬
‫سم ‪ :‬املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‪.‬‬

‫ّ‬
‫االثا ‪ :‬طرق ج‪ .‬س‪ .‬مل في اكتشال العالقات العل ّية‬
‫ّ‬
‫ينبع نمط البحوث العل ّية‪ /‬املقارنة‪ ،‬من طرق الفيلسول إلانجليزي‪ ،‬جون ستوارت مل‬
‫ّ‬
‫‪ ،J. S. Mill‬التالية في اكتشال العالقات العل ّية‪.‬‬

‫‪ .1‬طريقة التال م في الحدوث‪.‬‬


‫تفترض هذت الطريقة أن العلة والنتيجة متال متان في الحدوث‪ ،‬بحيث إذا ظهرت العلة‬
‫ظهرت النتيجة‪ .‬ومضمون هذت الطريقة أنه ‪" :‬إذا كان لحالتين أو أكثر للظاهرة‪ ،‬محل البحث‪،‬‬
‫ظرل واحد فقط تشترك فيه‪ ،‬فإن الظرل الذي تشترك فيه وحدت كل الحاالت‪ ،‬يكون هو‬
‫العلة"‪.‬‬
‫وللبحث عن علة أي ظاهرة سلوكية‪ ،‬يدرس الباحث عدة أفراد يظهر لديهم السلوك‬
‫محل البحث‪ ،‬فإذا تبين له أن هناك شيئا واحدا فقط‪ ،‬يتفقون في الاشتراك فيه‪ ،‬استنتج‬
‫أن ذلك الش يء الذي شتركون فيه هو علة السلوك‪.‬‬

‫أمثلة ‪:‬‬
‫ـ يالحظ باحث أن هناك أفرادا شتركون في ميول قوية لالنتماء إلى العصابات إلاج ـرامية‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبعد الب ـح ـث يت ـع ـرل على ِعلة ذلك‪ ،‬وهو أن ه ـؤالء ألاف ـراد يتـسـمـون بشخصيات عدوانية‪،‬‬
‫ّ‬
‫وهذت هي ال ِعلة (متغير مستقل منسوب)‪.‬‬
‫ـ يالحظ باحث آخر أفرادا يتميزون بالذكاء العام‪ ،‬حين يتعرضون ملواقف تتطلب القدرة‬
‫على الفهم‪ ،‬مقارنة ب فراد آخرين ال يتميزون بالذكاء العام‪ ،‬حين يتعرضون ملواقف تتطلب‬
‫القدرة على الفهم‪ ،‬رغم أنهم متساوون معهم في خصائ هامة‪ ،‬كالعمر والوظيفة واملستوم‬

‫‪344‬‬
‫الاجتماعي‪ /‬الاقتصادي‪ ...‬وغيرت‪ .‬وبعد البحث‪ ،‬يجد أن الذين يتفوقون في الذكاء العام‪،‬‬
‫شتركون في خاصية واحدة أو ظرل واحد‪ ،‬هو إكمالهم للدراسة في مرحلة التعليم الثانوي‪،‬‬
‫ّ‬
‫الذي هو ال ِعلة (متغير مستقل منسوب)‪.‬‬
‫ـ يالحظ باحث آخر أفرادا يتسمون باضطراب في هويتهم الجنسية‪ .‬وبعد البحث‪ ،‬يجد‬
‫أنهم شتركون في خاصية واحدة أو ظرل واحد‪ ،‬هو غياب ألاب عن ألاسرة في طفولتهم املبكرة‪،‬‬
‫ّ‬
‫الذي هو ال ِعلة (متغير مستقل منسوب)‪.‬‬
‫ـ يالحظ باحث آخر طالبا يحققون نجاحا دراسيا مرتفعا في كل مرة‪ .‬وبعد البحث‪ ،‬يجد‬
‫أنهم شتركون في خاصية واحدة أو ظرل واحد‪ ،‬هو الجدية واملثابرة في الدراسة‪ ،‬الذي هو‬
‫ّ‬
‫ال ِعلة (متغير مستقل منسوب)‪.‬‬
‫ـ يالحظ باحث آخر أحدااا يتميزون بخصائ السلوك الجانح‪ .‬وبعد البحث‪ ،‬يجد أنهم‬
‫شتركون في خاصية واحدة أو ظرل واحد‪ ،‬هو أنهم يقطنون في أحياء فوضوية‪ ،‬الذي هو‬
‫ّ‬
‫ال ِعلة (متغير مستقل منسوب)‪.‬‬

‫‪ .2‬طريقة التال م في التخلف‪.‬‬


‫تفترض هذت الطريقة أن العلة والنتيجة متال متان في التخلف‪ .‬بحيث إذا اختفم العلة‬
‫اختفم النتيجة‪ .‬وتع ي أنه ‪" :‬إذا وجدت حالة واحدة ال تظهر ف ها الظاهرة محل البحث‪،‬‬
‫وحالة أخرم تظهر ف ها تلك الظاهرة‪ ،‬وكانم الحالتان متفقتين في كل ش يء إال في جانب واحد‬
‫فقط‪ ،‬ال يظهر في الحالة ألاولى التي ال تحدث ف ها الظاهرة‪ ،‬ويظهر في الحالة الثانية التي‬
‫تحدث ف ها الظاهرة‪ ،‬كان هذا الجانب الذي تختلف فيه الحالتان هو العلة املسؤولة عن‬
‫حدوث الظاهرة"‪.‬‬

‫أمثلة‪.‬‬
‫ـ عندما يكف أحد ألافراد عن تناول القهوة مساء‪ ،‬ال يتعرض في تلك الليلة لألرق‪ ،‬وعندما‬
‫ّ‬
‫يت ـناول الق ـه ـوة م ـساء‪ ،‬ي ـت ـع ـرض ل ـألرق‪( .‬إن ع ـدم ت ـناول الق ـه ـوة م ـسـاء ِع ـل ـة في عدم حدوث‬
‫ألارق في الليلة التالية)‪.‬‬
‫ّ‬
‫ـ عندما تكف ألام عن املبالغة في تحيزها العاطفي نحو طفلها ذي السنتين من عمرت‪ ،‬ال‬
‫يظهر طفلها ذو أربع سنوات من عمرت سلوك الغيرة‪( .‬إن عدم مبالغة ألام في تحيزها العاطفي‬

‫‪345‬‬
‫ّ‬
‫تجات طفلها ذي السنتين من عمرت‪ِ ،‬علة في عدم إظهار طفلها ذي أربع سنوات من عمرت‬
‫سلوك الغيرة)‪.‬‬
‫ـ إن ألاحداث املقيمين في أحياء سكنية راقية‪ ،‬ال يظهر بينهم سلوك الجنوح‪( .‬إن غياب‬
‫إلاقامة في أحياء فقيرة علة في غياب الجنوح)‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتحصلون على نتائج متدنية في الامتحانات‪( .‬إن غياب‬ ‫ـ إن الذين يدرسهم معلم غير كفء‬
‫كفاءة املعلم علة في غياب التفوق الدراس ي لدم التالميذ)‪.‬‬
‫ـ إن معظم ألافراد غير املتعاطين للمخدرات ال شعرون بالتعاسة‪( .‬إن غياب الشعور‬
‫بالتعاسة علة في غياب تعاطي املخدرات)‪.‬‬
‫ـ إن معظم املوظفين الذين ال يتغيبون عن وظائفهم‪ ،‬ال شعرون بعدم الرضا الوظيفي‪.‬‬
‫(إن عدم الرضا الوظيفي علة في عدم الالتزام الوظيفي)‪.‬‬

‫‪ .3‬طريقة التال م في الحدوث وفي التخلف‪.‬‬


‫وتجمع هذت الطريقة بين الطريقتين السابقتين‪ .‬وتقرر أنه ‪" :‬إذا كان لحالتين أو أكثر من‬
‫الحاالت التي تحدث ف ها الظاهرة‪ ،‬ظرل واحد مشترك فقط‪ ،‬بينما ال يكون بين حالتين أو‬
‫أكثر من الحاالت التي ال تحدث ف ها الظاهرة ش يء مشترك سوم غياب ذلك الظرل‪ ،‬فإن هذا‬
‫الظرل الذي تختلف فيه وحدت هاتان املجموعتان‪ ،‬هو العلة"‪ .‬أي أنه إذا ظهرت العلة ظهرت‬
‫النتيجة‪ ،‬وإذا غابم العلة غابم النتيجة‪.‬‬

‫أمثلة‪.‬‬
‫ـ يالحظ باحث‪ ،‬أن هناك أطفاال في سن ما قبل املدرسة عدوانيون‪ ،‬وأطفاال آخرين من‬
‫ّ‬
‫نفس السن ليسوا عدوانيين‪ .‬وبعد البحث العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬يجد أن ألاطفال العدوانيين‬
‫عيشون في أسر يحل أفرادها مشكالتهم بطريقة عدوانية‪ ،‬بينما عيش ألاطفال غير‬
‫العدوانيين في أسر يحل أفرادها مشكالتهم وديا وبالتفاوض (الصلح)‪( .‬إن محاكاة سلوك‬
‫الوالدين في طرق حل مشكالتهم علة في تعلم ألاطفال للسلوك العدواني‪ ،‬وعدم تعلمه)‪.‬‬
‫ـ يـالح ـظ ب ـاح ـث آخـ ـر‪ ،‬م ـع ـل ـم ـيـن ي ـت ـق ـن ـون م ـهارات ال ـت ـدر ـس‪ ،‬وم ـع ـل ـمين آخرين ال يتقنون‬
‫ّ‬
‫مهارات التدر س‪ .‬وبعد البحث العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬وجد أن املعلمين املتقنين ملهارات التدر س‪،‬‬
‫تلقوا تكوينا تربويا قبل ممارستهم للتدر س‪ ،‬بينما املعلمون الذين ال يتقنون مهارات التدر س‬

‫‪346‬‬
‫لم يتلقوا تكوينا تربويا قبل ممارستهم للتدر س‪( .‬إن تلقي املعلم للتكوين التربوي أو عدم‬
‫تلقيه علة تقانه مهارات التدر س‪ ،‬وعدم إتقانها)‪.‬‬
‫ـ يالحظ باحث آخر‪ ،‬طالبا يتفوقون في الدراسة وطالبا آخرين ال يتفوقون‪ .‬وبعد البحث‬
‫ّ‬
‫العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬يجد أن الطالب املتفوقين في الدراسة يقضون أوقاتا أطول في املذاكرة‪ ،‬بينما‬
‫غير املتفوقين يقضون أوقاتا أقصر في املذاكرة‪( .‬إن استغراق أوقات أطول واستغراق أوقات‬
‫أقصر في املذاكرة‪ ،‬علة في التفوق والت خر الدراسيين)‪.‬‬

‫‪ .4‬طريقة التغير النسبي أو طريقة التال م في التغير‪.‬‬


‫تستند هذت الطريقة إلى أن النتيجة تتغير مع تغير العلة‪ .‬بحيث أي تغير في العلة ستليم‬
‫تغيرا موا يا له في النتيجة‪ .‬وفي هذت الطريقة ينبغي التعبير عن التال م في التغير بطريقة كمية‬
‫دقيقة‪ .‬وع ر مل ‪ Mill‬عن هذت الطريقة بالقانون التالي ‪" :‬إذا تغيرت ظاهرة ما وكان التغير‬
‫ف ها مصحوبا بتغير في ظاهرة أخرم بشكل ما‪ ،‬كانم تلك الظاهرة علة أو نتيجة أو مقترنة بها‬
‫اقترانا عليا بشكل ما"‪.‬‬

‫أمثلة‪.‬‬
‫ـ يالحظ الباحثون في النمو النفس ي‪ ،‬أن مظاهر السلوك اللغوي والسلوك املعرفي‬
‫والسلوك الاجتماعي‪ ،‬تتغير مع التغير في العمر اليم ي‪( .‬يتغير العمر فيتغير السلوك‪ ،‬ويمكن‬
‫التعبير عن هذا التال م كميا)‪.‬‬
‫ـ يالحظ الباحثون‪ ،‬أنه كلما ادت الدافعية نحو الدراسة اد مستوم التحصيل الدراس ي‪،‬‬
‫وكلما انخفضم الدافعية نحو الدراسة انخفض مستوم التحصيل الدراس ي‪( .‬حدث تغير في‬
‫الدافعية الدراسية فحدث تغير في التحصيل الدراس ي‪ ،‬ويمكن التعبير عن هذا التال م كميا)‪.‬‬
‫ـ يالحظ باحثون آخرون‪ ،‬أنه كلما استقلم املرأة اقتصاديا عن الرجل بالتحاقها بالعمل‪،‬‬
‫تفاقمم حوادث الطالق‪ ،‬وكلما اعتمدت اقتصاديا على الرجل‪ ،‬انخفضم حوادث الطالق‪.‬‬
‫(استقالل اليوجة اقتصاديا عن اليوج علة في يادة حوادث الط ـالق‪ ،‬اعـتـماد اليوج ـة على‬
‫ّ‬
‫ال ـيوج اق ـت ـصاديا ِعل ـة فـي ق ـل ـة حوادث الطالق‪ ،‬ويمكن التعبير عن هذا التال م كميا‪.‬‬

‫نقد واعتراض على طرق ج‪ .‬س‪ .‬مل‪.‬‬


‫هناك نقد واعتراض ُو ِ ّجه إلى طرق ج‪ .‬س‪ .‬مل‪ ،‬هي ما يلي‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫َّ‬
‫‪ .1‬إن النتائج في العلوم إلانسانية‪ ،‬ال تكون دائما ب ِعلة واحدة معينة يمكن عيلها‪ ،‬بل‬
‫غالبا ما تكون مرتبطة بشبكة متفاعلة من العوامل التي تعمل معا حداث النتيجة التي‬
‫تالحظ‪.‬‬
‫ـ إن تعاطي الفرد للمخدرات‪ ،‬ال تتمثل علته في الشعور بالتعاسة فقط‪.‬‬
‫ـ إن إتيان فرد آخر بسلوك عدواني‪ ،‬ال تكمن علته في تقليد آلاباء الذين يحلون مشاكلهم‬
‫عدوانيا فقط‪.‬‬
‫ـ إن نجاح الطالب في الامتحان أو رسوبه‪ ،‬ال تكمن علته في ارتفاع الدافعية نحو الدراسة‬
‫فقط‪.‬‬
‫إن حدوث الظواهر السلوكية‪ ،‬تكمن علتها في شبكة من التفاعالت بين عوامل عديدة‬
‫ّ‬
‫التي تعمل معا في ال ِعلة‪ ،‬ويصعب تحديد أار كل عامل منها بدقة‪.‬‬
‫‪ .2‬إن نتيجة واحدة تكون لها علل مختلفة؛ فالرسوب في الدراسة‪ ،‬مثال‪ ،‬يكون بسبب‬
‫إلاهمال‪ ،‬ويكون بسبب انخفاض الدافعية‪ ،‬ويكون بسبب عدم مالءمة املنهاج الستعدادات‬
‫التلميذ‪ ،‬ويكون بسبب عدم كفاءة املعلم وغيرت من علل أخرم‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .3‬إن الكثير مما عتقد أنه علل لنتائج معينة‪ ،‬يمكن أن يكون مجرد تال م غير علي بين‬
‫متغيرين‪ ،‬أو مجرد تال م عرض ي‪ .‬فالعالقة بين الانطوائية والخجل مثال‪ ،‬هي عالقة ارتباطية‪،‬‬
‫ّ‬
‫وليسم عالقة عل ّية‪ .‬والعالقة بين الطول وحجم مقياس الحذاء‪ ،‬في سن الرشد‪ ،‬ولدم عينة‬
‫صغيرة في عدد ألافراد‪ ،‬هي مجرد تال م عرض ي‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رابعا ‪ :‬مفهوم العل ّية والتفسيرات املتعددة في املنهج ال ِعلي‪ /‬املقارن‬
‫إن الفرق بين املتغير املستقل الفعال واملتغير املستقل املنسوب‪ ،‬ضروري وهام‪ .‬فعندما‬
‫ستطيع الباحث ضبط املتغير املستقل‪ ،‬ام يالحظ ما يحدث للمتغير التابع‪ ،‬يكون قد حصل‬
‫ّ‬
‫على دليل مقبول ب ن املتغير املستقل ِعلة في التغير الذي حدث في املتغير التابع‪ .‬ولكن‪ ،‬إذا‬
‫لم ستطع ضبط املتغير املستقل‪ ،‬فربما يصل إلى استنتاجات ائفة‪ .‬ولذا‪ ،‬ينبغي‬
‫عليه اللجوء إلى تفسيرات أخرم بديلة‪ ،‬للعالقة بين املتغير املستقل املنسوب واملتغير التابع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إن ال ِعل ّية خاصية مجردة يتم الربط من خاللها بين ِعلة ونتيجة‪ .‬ولتفسير ما إذا كانم‬
‫ّ‬
‫عالقة بين متغيرين أو أكثر عالقة ِعلية أم ال‪ ،‬هناك االاة أنواع من ألادلة‪ ،‬وهي ‪:‬‬

‫‪348‬‬
‫الدليل ألاول‪ ،‬التغاير ‪.Covariation‬‬
‫تشير كلمة التغاير‪ ،‬في البحث العلمي‪ ،‬إلى قياس العالقات‪ ،‬أي الارتباطات أو الاشتراكات‬
‫في الحدوث‪ .‬ومن أجل الاستدالل على أن ظاهرة ما علة ألخرم‪ ،‬ينبغي على الباحث أن يجد‬
‫ّ‬
‫دليال على الارتباط بين الظواهر‪ .‬فمثال‪ ،‬لو أن س هي ال ِعلة في ‪ ،‬فإنه من الطبيهي أن يكون‬
‫هناك شكل من أشكال الارتباط (تغاير) بين س‪. ،‬‬
‫ّ‬
‫فلو نفترض أن الشعور بالتعاسة ِعلة في تعاطي املخدرات‪ ،‬فإنه من املتوقع أن تكون‬
‫نسبة من شعرون بالتعاسة من بين متعاطي املخدرات‪ ،‬أعلى من نسبة أولئك الذين ال‬
‫يتعاطونها‪ .‬وليس من الضروري أن شعر بالتعاسة كل من يتعاطي املخدرات‪ ،‬أو ال شعر‬
‫بالتعاسة على إلاطالق من ال يتعاطون املخدرات‪ .‬ولو أدم الشعور بالتعاسة دائما إلى تعاطي‬
‫ّ‬
‫املخدرات‪ ،‬فإنه يصبح بذلك دليال كافيا على ال ِعل ّية‪ .‬بينما الشرط الضروري هنا‪ ،‬هو أن يتم‬
‫تعاطي املخدرات بعد الشعور بالتعاسة فقط (السبق اليم ي)‪ .‬ولعمل تحديد كامل عن‬
‫ّ‬
‫الارتباط العل ّي‪ ،‬يحتاج الباحثون إلى التعرل‪ ،‬ليس فقط على وجود ارتباط ما‪ ،‬ولكن أيضا‬
‫على مقدار (حجم) هذا الارتباط‪.‬‬
‫وكمثال آخر على التغاير‪ ،‬يمكن القول أن التعليم يتغاير مع الدخل‪ .‬بمع ى أن ألافراد‬
‫ذوي املستوم التعليمي ألاعلى يحصلون على دخل أك ر من ذوي املستوم التعليمي ألادن ‪.‬‬
‫وإذا لم يرافق التغير في املستوم التعليمي تغير في الدخل‪ ،‬فإن التعليم ال يتغاير مع الدخل‪،‬‬
‫َّ‬
‫وال يكون علته‪ .‬ومثال آخر كذلك‪ ،‬إذا كان الفقر ال يرتبط بالجنوح (ال يتغاير معه)‪ ،‬فإنه ال‬
‫ّ‬
‫يمكن أن يكون علته‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ ،‬الال يفية ‪.Nonspuriousness‬‬


‫ال يكفي أن يرتبط (يتغاير) املتغير املستقل املنسوب واملتغير التابع كشرط كال‬
‫ّ‬
‫لالستدالل على ال ِعل ّية‪ .‬لذا‪ ،‬فإن الدليل الثاني‪ ،‬يطلب من الباحث أن ي رهن على أن التغاير‬
‫املالحظ ليس ائفا‪ .‬والعالقة غير اليائفة‪ ،‬هي عالقة بين متغيرين ال يمكن تفسيرها بمتغير‬
‫االث‪ .‬إذا تم ضبط آاار جميع املتغيرات ذات العالقة‪ ،‬وتم الحفاظ على العالقة بين املتغيرين‬
‫ألاصليين (املتغير املستقل املنسوب واملتغير التابع)‪ ،‬محل البحث‪ ،‬تعت ر العالقة غير ائفة‪.‬‬
‫والعالقة اليائفة ‪ ،Sperious Relation‬هي عالقة يمكن تفسيرها بمتغيرات غير تلك التي ذكرت‬
‫في الفرضية‪ .‬فمثال‪ ،‬إذا ورد في الفرضية أن ألافراد الذين يتعاطون مخدر الهروين تعساء‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫فإنه لكي تكون العالقة التفسيرية غير ائفة‪ ،‬ينبغي أال يكون هناك متغير آخر ساهم في تفسير‬
‫سلوك تعاطي مخدر الهروين غير متغير الشعور بالتعاسة‪.‬‬
‫ّ‬
‫فالعالقة اليائفة‪ ،‬تع ي أن عوامل أخرم‪ ،‬غير واردة في الفرضية‪ ،‬يمكن أن تفسر الارتباط‬
‫(التغاير)‪ .‬بمع ى أن عامال االثا (متغير مستقل منسوب آخر)‪ ،‬هو العلة في ظهور النتيجة‬
‫(املتغير التابع)‪ .‬وأنه العلة في ارتباط املتغير املستقل املنسوب واملتغير التابع معا‪ .‬ك ن تكون‬
‫علة تعاطي مخدر الهروين ليس هو الشعور بالتعاسة‪ ،‬ولكن البحث عن املكانة الاجتماعية‪،‬‬
‫أو الرغبة في الانتماء إلى جماعة معينة‪ ،‬أو مسايرة ألاصدقاء‪ .‬أو أن البحث عن املكانة‬
‫الاجتماعية‪ ،‬هي العلة لكل من الشعور بالتعاسة وتعاطي مخدر الهروين‪.‬‬
‫وعندما يتحقق الباحثون ب ن العالقة ليسم ائفة‪ ،‬يتوفر لديهم دليل قوي على وجود‬
‫ّ‬
‫رابطة علية مت صلة بين املتغيرين‪ ،‬وأن التغاير املالحظ بين املتغيرين‪ ،‬ال يقوم على ارتباط مع‬
‫بعض املتغيرات املرافقة‪.‬‬

‫الدليل الثالث‪ ،‬الترتيب اليم ي ‪.Time Order‬‬


‫ّ‬
‫يتطلب الدليل الثالث‪ ،‬وهو الترتيب اليم ي‪ ،‬من الباحث أن ي رهن على أن ال ِعلة‬
‫تغيرت قبل ألاار املفترض (النتيجة)‪ .‬إن أحد مبادئ املنطق الرئيسية‬ ‫املفترضة‪ ،‬حدام أوال أو ّ‬
‫نتائجها"‪ .‬فلو أن الشعور بالتعاسة حدث قبل تعاطي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫العلل‬ ‫يقول ‪" :‬يجب أن تسبق‬
‫املخدرات‪ ،‬ألمكن القول أن الشعور بالتعاسة علة في تعاطي املخدرات‪ .‬أما إذا سبق تعاطي‬
‫املخدرات الشعور بالتعاسة‪ ،‬ال يمكن القول أن الشعور بالتعاسة هو العلة في تعاطي‬
‫املخدرات‪ .‬وكذلك إذا سبق اليتم اضطراب النمو الوجداني لدم الطفل‪ ،‬ألمكن القول أن‬
‫اليتم علة في اضطراب النمو الوجداني لدم الطفل‪ .‬ولو أن إهمال الطالب لدروسه سبق‬
‫رسوبه‪ ،‬ألمكن القول أن إهمال التلميذ لدروسه علة في رسوبه‪.‬‬
‫إن القرار الذي يتخذت الباحث حول العالقة اليمنية بين املتغير املستقل املنسوب واملتغير‬
‫التابع‪ ،‬يقوم إما على ‪:‬‬
‫‪ .1‬أساس منطقي‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫ـ سبق التدخين إلاصابة بسرطان الرئة وليس العكس‪ ،‬ولهذا فالتدخين علة في إلاصابة‬
‫بسرطان الرئة‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫ـ سبق املستوم الاجتماعي‪ /‬الاقتصادي لألسرة التوقعات التعليمية واملهنية لألبناء‬
‫وليس العكس‪ ،‬ولهذا فاملستوم الاجتماعي‪ /‬الاقتصادي لألسرة علة في التوقعات التعليمية‬
‫واملهنية لألبناء‪.‬‬
‫ـ سبق الاكتئاب والي س الانتحار وليس العكس‪ ،‬ولذا فاالكتئاب والي س علة في الانتحار‪.‬‬
‫ـ تسبق الخ رات املبكرة الخ رات الالحقة وليس العكس‪ ،‬ولذا فالخ رات املبكرة علة في‬
‫تطور النمو الذاتي للفرد الحقا‪.‬‬
‫‪ .2‬أو يقوم على أساس نتيجة قياسات متكررة‪ ،‬تبين أن املجموعتين أو املجموعات‪ ،‬محل‬
‫املقارنة‪ ،‬بينها فروق في املتغير التابع بسبب اختالفها في املتغير املستقل املنسوب‪.‬‬
‫ك ن يتبين أن الذكور وإلاناث‪ ،‬وهما مختلفان في خاصية الجنس‪ ،‬والجنس متغير مستقل‬
‫منسوب‪ ،‬بينهما فروق في سلوك البكاء‪ ،‬وسلوك الاعتماد على الغير‪ ،‬وسلوك التمركي حول‬
‫الذات‪ ،‬وسلوك الحنان‪ ،‬وسلوك الحياء‪ ،‬وتبين ذلك بفضل قياسات متواترة في بحوث‬
‫متواترة‪.‬‬

‫ّ‬
‫خامسا ‪ :‬تفسيرات بديلة في املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‬
‫يركي الباحثون على التفرقة بين املتغير املستقل الفعال واملتغير املستقل املنسوب‪ ،‬ويرون‬
‫ذلك أمرا بالغ ألاهمية‪ .‬فعندما ستطيع الباحثون ضبط املعالجة التجريبية (تقديم املتغير‬
‫املستقل الفعال‪ ،‬وإبعاد متغيرات دخيلة) ويالحظون ما يحدث للمتغير التابع‪ ،‬يكون لديهم‬
‫ّ‬
‫دليل معقول ب ن املتغير املستقل الفعال علة للمتغير التابع‪ .‬أما إذا لم ستطيعوا ضبط‬
‫املعالجة التجريبية‪ ،‬فقد يقدمون استنتاجات غير دقيقة‪ ،‬وغير محل اقة‪ .‬وعليه‪ ،‬فإنه عند‬
‫ّ‬
‫البحث باملنهج العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬يتم اللجوء إلى تفسيرات أخرم بديلة‪ ،‬وهي ‪:‬‬

‫ّ‬
‫‪ .1‬ال ِعلة املشتركة‪.‬‬
‫ّ‬
‫في البحث الالحق للحادث‪ ،‬أي البحث ال ِع ِلي‪ /‬املقارن‪ ،‬يمكن أن يكون كل من املتغيرين‬
‫املستقل والتابع‪ ،‬في بحث معين‪ ،‬نتيجتين منفصلتين ملتغير االث‪ .‬فمثال‪ ،‬في عالقة بين تطور‬
‫الذكاء في مرحلة الطفولة و يادة املحصول اللغوي للطفل‪ ،‬قد يفسر على أن تطور الذكاء في‬
‫ّ‬
‫مرحلة الطفولة كمتغير مستقل‪ ،‬هو ِعلة في يادة املحصول اللغوي للطفل‪ .‬ولكن التفسير‬
‫ألاك ـثر ق ـب ـوال‪ ،‬ه ـو أن ك ـال م ـن ت ـط ـور ال ـذك ـاء و ي ـادة امل ـحـصول اللغوي‪ ،‬نتيجة للنمو العام‬
‫ّ‬
‫للطفل‪ ،‬ك ِعلة مشتركة‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫وقد يفسر بعض املعلمين‪ ،‬أن مواظبة بعض الطالب على الحضور مبكرا‪ ،‬إلى مواعيد‬
‫ّ‬
‫الدراسة‪ِ ،‬علة في حصولهم على درجات مرتفعة في الامتحانات‪ .‬ولكن التفسير املالئم‪ ،‬هو أن‬
‫كال من املواظبة على الحضور املبكر إلى املدرسة‪ ،‬والحصول على درجات مرتفعة في‬
‫الامتحانات‪ ،‬نتيجة ملتغير آخر‪ ،‬هو الدافع إلى الانجا ألاكاديمي لدم هؤالء الطالب‪.‬‬
‫وهناك مثال آخر‪ ،‬تم تقديمه‪ ،‬فقد لوحظ وجود عالقة بين شدة إقبال الناس على‬
‫تناول املثلجات وكثرة الغرقى من الذين يمارسون السباحة في البحر‪ .‬ولكن هناك متغيرا االثا‬
‫هو العلة في وجود هذت العالقة‪ ،‬وهو ارتفاع درجة الحرارة‪ ،‬الذي جعل الناس من ناحية‪،‬‬
‫يكثرون من استهالك املثلجات‪ ،‬ومن ناحية أخرم‪ ،‬يمارسون السباحة ب عداد كبيرة‪ ،‬فيرتفع‬
‫عدد الغرقى‪ ،‬نتيجة لذلك‪ .‬أما عندما تنخفض درجة الحرارة‪ ،‬فإن الناس ال يتناولون املثلجات‬
‫بكثرة‪ ،‬كما يحجمون عن السباحة‪ ،‬فيقل عدد الغرقى‪.‬‬
‫وهناك مثال آخر في هذا السياق‪ .‬حيث ّبين عدد من البحوث أن التعرض لالعتداء‬
‫َ‬ ‫الجسدي في الطفولة (س)‪ ،‬يييد من احتمال ّ‬
‫تحول‬
‫املعتدم عليه إلى ممارسة العنف عند‬
‫الرشد ( )‪ .‬وفسر الباحثون هذت العالقة إلاحصائية على أنها إشارة إلى أن التعرض لالعتداء‬
‫ّ‬
‫الجسدي في الطفولة (س)‪ ،‬علة في ممارسة العدوان والعنف في مراحل العمر التالية ( )‪.‬‬
‫ويطلق على هذا التفسير‪ ،‬فرضية "دورة العنف"‪ .‬ولكن‪ ،‬هل هذا التفسير صحيح ؟‬
‫في البداية ستبعد تماما أن تكون هناك عالقة عكسية بين س‪ . ،‬أي أنه ال تكون‬
‫ّ‬
‫( ) علة في (س)‪ ،‬نظرا ألن ( ) وقعم بعد (س)‪ .‬وسبق أن أشرت ‪،‬آنفا‪ ،‬إلى إحدم قواعد‬
‫املنطق الرئيسية‪ ،‬التي تقول ‪" :‬يجب أن تسبق العلل النتائج"‪ .‬ولكن ال ستبعد احتمال أن‬
‫يفسر متغير االث وهو (ع)‪ ،‬حدوث كل من (س) و ( )‪ .‬وهنا تكون النزعة الورااية نحو‬
‫العدوانية‪ ،‬ربما متغيرا االثا محتمال‪ .‬فربما يحمل آلاباء وألامهات الذين عتدون على أبنائهم‬
‫جسديا‪ ،‬نيعة ورااية نحو العدوانية‪ ،‬ينقلونها إلى أطفالهم‪ .‬وهناك أدلة بحثية قوية على أن‬
‫العدوانية تت ار جيئيا بالجينات الورااية‪ .‬وهذت النزعة الورااية (ع)‪ ،‬يمكن أن تؤدي إلى عالقة‬
‫بين حادث الاعتداء الجسدي في الطفولة (س) وسمة العدوانية التي تظهر الحقا في ألافراد‬
‫الذين تعرضوا لتلك الحوادث ( )‪ ،‬على الرغم من أن (س) و ( ) ال توجد بينهما عالقة‬
‫ّ‬
‫عل ّية‪.‬‬
‫ّ‬
‫إذن‪ ،‬في البحـث ال ِع ـلي‪ /‬املقارن‪ ،‬ين ـب ـغـي على الباحثين‪ ،‬عند تفسيرهم لنتائج بحوثهم‪ ،‬أن‬
‫يفكروا في احتمال وجود علل مشتركة التي تسبب العالقة بين املتغيرات محل البحث‪ ،‬وال‬
‫يكتفون بما افترضوت والحظوت‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫ّ‬
‫‪ .2‬ال ِعلة املعكوسة‪.‬‬
‫ّ‬
‫من التفسيرات البديلة كذلك‪ ،‬في املنهج ال ِعلي‪ /‬املقارن‪ ،‬أن الباحث ينبغي عليه أن يضع‬
‫ّ‬
‫الاحتمال التالي في اعتبارت عند تفسير النتيجة‪ ،‬وهو أنه ربما يكون املتغير التابع هو ال ِعلة في‬
‫حدوث املتغير املستقل املنسوب‪ ،‬فيفسر النتيجة عكس الفرضية املقترحة‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬في إطار ت ايرات ممارسات تربية ألاطفال‪ ،‬كشفم البحوث أن هناك أطفاال‬
‫يرتكبون مخالفات سلوكية يتعرضون للعقاب بشكل متكرر‪ .‬فهل يمكن الاستنتاج أن ألاطفال‬
‫الذين يرتكبون مخالفات سلوكية يجلبون ألنفسهم العقاب‪ ،‬أم أن العقاب يؤدي إلى ظهور‬
‫أطفال يرتكبون مخالفات سلوكية ؟‬
‫ّ‬
‫في التفسير بال ِعل ّية املشتركة‪ ،‬قد يكون هناك الكثير من العلل املشتركة في كل حالة‪ ،‬بما‬
‫ّ‬
‫يمكن أن ينجر عنها أكثر من عالقة ائفة‪ .‬أما في التفسير بال ِعل ّية املعكوسة‪ ،‬فهناك احتمال‬
‫واحد فقط ب ن تكون العالقة بين املتغير املستقل املنسوب واملتغير التابع ائفة‪.‬‬
‫ألنه في العالقة العكسية‪ ،‬ومن حيث السبق اليم ي لحدوث املتغيرات‪ ،‬يكون من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املستبعد جدا‪ ،‬احتمال ال ِعلة املعكوسة في بعض العالقات ال ِعل ّية بين املتغيرات‪ .‬ففي حالة‬
‫ّ‬
‫أن التدخين علة في إلاصابة بسرطان الرئة‪ ،‬ال يمكن التفسير بال ِعلة املعكوسة‪ ،‬فيقال أن‬
‫ّ‬
‫إلاصابة بسرطان الرئة ِعلة في التدخين‪.‬‬
‫ّ‬
‫وكذلك ألامر في العالقة ال ِعل ّية بين درجة الوظيفة وألاجر‪ .‬إن درجة الوظيفة التي شغلها‬
‫املوظف‪ ،‬من حيث مكانتها في سلم الوظائف‪ ،‬هي العلة في كمية الراتب الذي يتقاضات‪ ،‬وال‬
‫يمكن تفسير العلة هنا بطريقة معكوسة‪ ،‬فيقال إن كمية الراتب الذي يتقاضات املوظف هو‬
‫العلة في درجة الوظيفة التي شغلها‪.‬‬
‫ّ‬
‫وكذلك ألامر‪ ،‬في العالقة بين التعرض لالعتداء الجسدي في الطفولة‪ ،‬واحتمال تحول‬
‫َ‬
‫املعتدم عليه إلى ممارسة العنف عند الرشد‪ .‬حيث أن التعرض لالعتداء الجسدي في‬
‫ّ‬
‫الطفولة‪ ،‬علة في ممارسة العنف في مراحل العمر التالية‪ .‬فال يمكن تفسير العلة هنا بطريقة‬
‫ّ‬
‫معكوسة‪ ،‬فيقال إن ممارسة العنف عند الرشد‪ ،‬علة في التعرض لالعتداء الجسدي في‬
‫الطفولة‪.‬‬

‫‪ .3‬متغيرات مستقلة منسوبة أخرم محتملة‪.‬‬


‫ّ‬
‫بالنسبة للسلوك إلانساني خاصة‪ ،‬هناك متغيرات مستقلة منسوبة تعمل معا ك ِعلة في‬
‫حدوث املتغير التابع‪ .‬وبمع ى آخر‪ ،‬ففي تصميم البحث‪ ،‬هناك متغيرات مستقلة منسوبة‪،‬‬

‫‪353‬‬
‫ّ‬
‫باستثناء املتغير محل البحث ال ِعلي‪ /‬املقارن‪ ،‬يمكن لها أن تكون علة في حدوث التغير في املتغير‬
‫التابع‪.‬‬
‫ففي تعاطي املخدرات‪ ،‬قد يفترض الباحث شعور املتعاطي بالتعاسة كعلة في إلاقبال‬
‫ّ‬
‫على تعاطي املخدرات‪ .‬ولكن هناك متغيرات مستقلة منسوبة أخرم‪ ،‬تعت ر ِعلة في سلوك‬
‫التعاطي‪ ،‬مثل‪ ،‬توفر املخدرات وسهولة الحصول عل ها‪ ،‬الرغبة في مسايرة ألاصدقاء‪ ،‬الرغبة‬
‫في الحصول على املكانة بين املرغوبين في الانتماء إل هم‪ ،‬الشعور باالستمتاع‪.‬‬
‫ّ‬
‫والباحث الذي يفترض أن الذكاء هو العلة في التحصيل الدراس ي‪ ،‬فهناك متغيرات‬
‫ّ‬
‫منسوبة أخرم‪ ،‬تكون علة في التحصيل الدراس ي‪ ،‬مثل ‪ :‬الدافعية‪ ،‬الطموح‪ ،‬املعلم الكفء‪،‬‬
‫ت اير ألاسرة‪ ،‬مسايرة اليمالء‪ ...‬وغيرت‪.‬‬
‫ّ‬
‫والباحث الذي يفترض أن كثرة عدد أفراد الجماعة علة في الصراعات التنظيمية بين‬
‫أعضائها‪ ،‬فقد تكون متغيرات أخرم علل في تلك الصراعات‪ .‬مثل ‪ :‬تعدد الانتماءات القبلية‬
‫أو السياسية بين أفراد الجماعة‪ ،‬متغير الجنس‪ ،‬متغير املستوم التعليمي‪ ،‬متغير السن‪،‬‬
‫التنافس على فر الترقية الخ رة في العمل وغيرها‪.‬‬
‫وفي مثل هذت الحاالت‪ ،‬ينبغي على الباحث أن عمل على تثبيم وعيل املتغيرات املستقلة‬
‫املنسوبة غير املرغوب ف ها‪ .‬وإذا لم يتمكن من ذلك‪ ،‬يمكن أن يفترض من البداية‪ ،‬في تصميم‬
‫ّ‬
‫البحث‪ ،‬عدة متغيرات مستقلة منسوبة‪ ،‬أنها علة للمتغير التابع محل البحث‪ .‬ويدعى هذا‬
‫إلاجراء بـ "دمج متغيرات دخيلة في التصميم"‪ .‬وتتم معالجة البيانات ب سلوب تحليل التباين‬
‫العاملي‪.‬‬

‫ّ‬
‫سادسا ‪ :‬الضبط الجي ي في املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‬
‫‪ .1‬درجات ّ‬
‫التغير‪.‬‬
‫عند استعمال درجات التغير‪ ،‬ي خذ الباحث في اعتبارت الدرجات السابقة في املتغير التابع‬
‫بدال من الدرجات الحالية في نفس املتغير‪ .‬وعندما يقارن الباحث مقدار تغير مجموعة‬
‫املعالجة بمقدار تغير املجموعة الضابطة‪ ،‬فإنه يكون أقل احتماال في الوقوع في التضليل‪،‬‬
‫مما عليه الحال في أخذت بالدرجات الحالية فقط‪.‬‬
‫ّ‬
‫فعندما سهى الباحث إلى معرفة املواظبة على مذاكرة الدروس ك ِعلة في التفوق‬
‫الدراس ي‪ ،‬فيقوم ب خذ مجموعتين من الطالب؛ إحداهما ممن يواظب أفرادها على مذاكرة‬
‫الدروس‪ ،‬وألاخرم ال يواظب أفرادها على مذاكرة الدروس‪ .‬ال يكتفي ب ن يقارن بين‬

‫‪354‬‬
‫املجموعتين في نتائج نهاية العام الدراس ي‪ ،‬بل عليه أن يقارن بينهما في النتائج السابقة كذلك‪،‬‬
‫وابتداء من بداية العام الدراس ي‪ ،‬أو يقارن بينهما في نتائج السنوات الدراسية السابقة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن استعمال درجات التغير حل جي ي فقط‪ ،‬ويجب أن تعالج نتائج هذت‬
‫البحوث بحذر‪.‬‬

‫‪ .2‬التناظر أو املياوجة‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن الطريقة الشا عة لت مين الضبط الجي ي في املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‪ ،‬هي طريقة تناظر‬
‫ألافراد في املجموعتين؛ التي تتعرض للمتغير املستقل املنسوب (املجموعة التجريبية) والتي ال‬
‫تتعرض للمتغير املستقل املنسوب (املجموعة الضابطة) حسب أك ر عدد ممكن من املتغيرات‬
‫الدخيلة‪.‬‬
‫ويتم التناظر‪ ،‬عادة‪ ،‬على أساس فرد‪ /‬لفرد‪ ،‬لتشكيل ألا واج املتناظرة‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬إذا أراد باحث اختبار فرض يقول بوجود عالقة بين التدين والتفوق الدراس ي‪،‬‬
‫ّ‬
‫أي أن التفوق الدراس ي نتيجة للتدين بوصفه علة‪ ،‬فإن الباحث مطالب ب ن يحصل على‬
‫مجموعتين من الطالب؛ إحداهما عالية التدين‪ ،‬وألاخرم منخفضة التدين‪ ،‬ام عمل على‬
‫ّ‬
‫جعل أفرادهما متناظرين فردا لفرد في املتغيرات ألاخرم‪ ،‬التي تبين أن لها عالقة ِعل ّية بالتفوق‬
‫الدراس ي؛ كالذكاء والدافعية واملواظبة على املذاكرة وغيرها‪.‬‬
‫ولكي يجعل أفراد املجموعتين متناظران فردا لفرد‪ ،‬يبدأ باختيار فردين متفوقين في‬
‫الذكاء‪ ،‬فيضع أحدهما في مجموعة املعالجة وآلاخر في املجموعة الضابطة‪ ،‬ام يختار فردين‬
‫متوسطين في الذكاء‪ ،‬فيضع أحدهما في مجموعة املعالجة وآلاخر في املجموعة الضابطة‪ ،‬ام‬
‫يختار فردين منخفض ي الذكاء فيضع أحدهما في مجموعة املعالجة وآلاخر في املجموعة‬
‫الضابطة‪ ،‬ام يختار فردين مرتفعين في الدافعية فيضع أحدهما في مجموعة املعالجة وآلاخر‬
‫في املجموعة الضابطة‪ ...‬و ستمر هكذا حتى يحصل على مجموعتين متناظرتين ومناسبتين‬
‫للبحث‪ ،‬فيقارن بينهما في التفوق الدراس ي‪ .‬ولكن ألامر ليس بهذت البساطة عمليا‪.‬‬
‫وتقوم عملية التناظر على معرفة الباحث باملتغيرات التي تبين أن لها عالقة باملتغير‬
‫ّ‬
‫التابع‪ ،‬وتعت ر ِعلة في حدواه‪.‬‬
‫ويتعرل الباحث على هذت املتغيرات (وتسم متغيرات دخيلة) من خالل خ رته السابقة‬
‫بالظواهر السلوكية‪ ،‬والعالقات بينها‪ ،‬ومن خالل التحليل الدقيق للمشكلة‪ .‬كما أن الاطالع‬
‫الواسع على البحوث السابقة التي تناولم نفس املتغير التابع‪ ،‬يمد الباحث باملعلومات عن‬

‫‪355‬‬
‫ّ‬
‫املتغيرات التي وجد باحثون آخرون أنها علة في حدواه‪ .‬فكل باحث يكشف مييدا من‬
‫املعلومات التي ّ‬
‫تيسر فهما أوسع وأعمق للظواهر السلوكية‪ .‬وتعت ر نتائج الدراسات السابقة‬
‫أغ ى مصدر يمد الباحث بمعلومات عن املتغيرات التي يجب ضبطها في البحث‪.‬‬
‫وتتعرض عملية التناظر ملشكلة أخرم وهي فقدان أفراد من عينتي البحث‪ ،‬أاناء إجراءات‬
‫عملية التناظر في املتغيرات الدخيلة املتعددة‪ ،‬ويصعب أو ستحيل تعويضهم‪ .‬ففي أحد‬
‫البحوث‪ ،‬أجرم الباحث التناظر مع ‪ 1195‬فردا‪ ،‬فتقل العدد إلى ‪ 46‬فردا؛ منهم ‪ 23‬فردا‬
‫في مجموعة املعالجة و ‪ 23‬فردا في املجموعة الضابطة‪ ،‬أي حوالي ‪.% 4‬‬

‫‪ .3‬تحليل التباين الاقتراني‪.‬‬


‫وهو أسلوب إحصا ي ستعمل بهدل ضبط ت اير متغير مستقل منسوب أو أكثر في املتغير‬
‫التابع‪ .‬كما ستعمل هذا ألاسلوب في حاالت أخرم‪ ،‬منها ‪ :‬إضافة مييد من الدقة في التجربة‬
‫العملية بواسطة تقليل تباين الخط ‪ .‬كما أن هذا ألاسلوب ساعد على فهم تساؤالت خاصة‬
‫بطبيعة ت اير املعالجات (في البحوث التجريبية)‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬إذا أراد باحث املقارنة بين االث طرق لتدر س مادة الحساب‪ ،‬لتالميذ السنة ألاولى‬
‫الابتدائية‪ ،‬ي تي بثالث مجموعات من التالميذ‪ ،‬وتدرس كل مجموعة بطريقة معينة‪ .‬ولكن‬
‫ّ‬
‫هناك متغيرات أخرم تعت ر علة في عملية تعلم الحساب‪ ،‬كالذكاء والاستعداد لتعلم الحساب‬
‫والدافعية واملحصول اللغوي واملكتسبات السابقة في مادة الحساب‪ ،‬وهي بمثابة متغيرات‬
‫ّ‬
‫وسيطة ودخيلة‪ ،‬ال يريد الباحث أن تظهر ِعلتها في تعلم الحساب‪ ،‬فيجد نفسه أنه مطالب‬
‫بعيلها‪ .‬فيقوم بقياس كل من الذكاء والاستعداد لتعلم الحساب والدافعية واملحصول‬
‫اللغوي واملكتسبات السابقة في الحساب لدم املجموعات الثالث‪ .‬ام عالج النتائج ب سلوب‬
‫ّ‬
‫تحليل التباين الاقتراني أو املتال م لضبط علة هذت املتغيرات (الوسيطة والدخيلة)‪ ،‬حتى‬
‫يجعل تعلم الحساب كنتيجة لطرق التدر س فقط‪.‬‬

‫‪ .4‬املجموعات املتجانسة‪.‬‬
‫ّ‬
‫كما هو الحال في الضبط التجريبي للمتغيرات الدخيلة‪ ،‬يمكن للباحث في املنهج العلي‪/‬‬
‫املقارن‪ ،‬أن يحذو حذو التجريبيين‪ .‬فبدال من سحب عينة غير متجانسة ومقارنة املجموعات‬
‫الجيئية املتناظرة ف ها‪ ،‬يقوم بضبط متغير دخيل من خالل سحب ألافراد املتجانسين فقط‪،‬‬
‫في ذلك املتغير‪( ،‬ألن تجانس العينة من ش نه أن يحجب ت اير املتغيرات الدخيلة)‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫فإذا كان يريد معرفة الفروق في تعلم الحساب وفق اختالل طرق التدر س‪ ،‬وكان‬
‫الاستعداد لتعلم الحساب متغيرا دخيال‪ ،‬له عالقة بتعلم الحساب‪ ،‬فيمكن للباحث أن يضبط‬
‫ت ايرت عن طريق الحصول على أفراد لهم مستوم واحد في استعدادهم تعلم الحساب‬
‫(متجانسين)‪ ،‬ام يقسمهم إلى مجموعات فرعية‪ّ ،‬‬
‫ويدرس كل واحدة منها بطريقة مختلفة‪ ،‬ام‬
‫يقيس بعد ذلك تحصيلهم في الحساب‪ ،‬فإذا وجد فروقا دالة إحصائيا بين املجموعات‪ ،‬يمكن‬
‫له‪ ،‬ولكن بحذر‪ ،‬أن ينسب تلك الفروق إلى الاختالل في طريقة التدر س‪ .‬وقلم بحذر‪ ،‬ألنه‬
‫قد تكون هناك متغيرات أخرم لها عالقة بتعلم الحساب‪ ،‬لم يضبطها الباحث‪ ،‬وبالتالي يكون‬
‫لها ت اير في تعلم الحساب‪( .‬وهذا ما سم بالعالقة اليائفة)‪.‬‬

‫‪ .5‬دمج متغيرات دخيلة في التصميم‪.‬‬


‫ّ‬
‫وهذا أيضا من طرق الضبط الجي ي في املنهج ال ِعلي‪ /‬املقارن‪ ،‬عندما يدمج الباحث‬
‫ّ‬
‫متغيرات مستقلة منسوبة دخيلة في التصميم ال ِعلي‪ /‬املقارن‪ ،‬و عالج البيانات املحصل عل ها‬
‫ب سلوب تحليل التباين العاملي‪.‬‬
‫ّ‬
‫في كل بحث يتناول العالقة بين املتغيرات‪ ،‬باملنهج ال ِعلي‪ /‬املقارن‪ ،‬توجد عدة متغيرات‬
‫ّ‬
‫مستقلة منسوبة تعمل معا كعلة للمتغير التابع‪ ،‬والباحث‪ ،‬يصعب أو ستحيل عليه ضبط‬
‫ّ‬
‫املتغيرات التي ال يرغبها وإبعادها من العلية في املتغير التابع‪ ،‬والحل هو دمجها كمتغيرات‬
‫مستقلة منسوبة دخيلة في التصميم‪.‬‬
‫فالباحث الذي سهى إلى اختبار االث طرق (متغير مستقل منسوب) لتعليم الحساب‬
‫(متغير تابع) لتالميذ السنة ألاولى الابتدائية‪ ،‬يجد أن تعلم الحساب‪ ،‬يت ار بالذكاء العام‬
‫والاستعداد العددي والتعلم السابق للحساب (متغيرات مستقلة منسوبة دخيلة)‪ ،‬وليس من‬
‫املمكن ضبطها (إبعادها) ب ية وسيلة‪ .‬في مثل هذت الحالة يمكن إضافتها كمتغيرات مستقلة‬
‫منسوبة في البحث‪ ،‬ويصنف التالميذ في إطار مستويات الذكاء العام‪ ،‬وإلى مستويات في‬
‫الاستعداد العددي‪ ،‬وإلى مستويات في التعلم السابق للحساب‪ ،‬و عالج بيانات املتغير التابع‬
‫ب سلوب تحليل التباين العاملي (التصميم العاملي ‪ 3 × 2‬مثال)‪ .‬أين يتم تحديد الت ايرات‬
‫الرئيسية والتفاعلية للذكاء والاستعداد العددي والتعلم السابق للحساب‪.‬‬
‫لكن هذا التصميم سول يكون شاقا‪ ،‬ألنه يتطلب عينة كلية كبيرة لتو عها إلى عينات‬
‫فرعية قابلة للبحث من حيث عدد أفرادها‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫ّ‬
‫سابعا ‪ :‬تصميمان للبحث في املنهج ال ِعلي‪ /‬املقارن‬

‫التصميم ألاول ‪ :‬البدء باملتغير املستقل املنسوب‪.‬‬


‫يكون البدء ب فراد يختلفون في متغير مستقل منسوب‪ ،‬واختبار الفروض الخاصة‬
‫باحتمال اختالفهم في متغيرات تابعة‪.‬‬
‫واملتغير املستقل املنسوب يكون اسميا‪ /‬فئويا‪ /‬تصنيفيا‪.‬‬
‫ويقوم التصنيف على الجمع في فئات أكثر من وحدة تشترك كلها في خاصية واحدة‪ ،‬مع‬
‫إغفال الخصائ الفردية ألاخرم‪ .‬فعندما يتم تصنيف الناس‪ ،‬في فئات‪ ،‬إلى ذكور وإناث‪،‬‬
‫أو إلى أطفال ومراهقين وشباب وكهول ومسنين‪ ،‬أو إلى ناجحين وراسبين‪ ،‬أو إلى عياب‬
‫ومتزوجين ومطلقين وأرامل‪ ،‬أو إلى مدخنين وغير مدخنين‪ ،‬أو إلى ريفيين وحضريين‪ ،‬أو إلى‬
‫عمال وبطالين أو إلى مرتفهي الدافعية ومنخفض ي الدافعية أو إلى مرتفهي الوالء التنظيمي‬
‫ومنخفض ي الوالء التنظيمي وغيرت‪ ،‬يتم إغفال الخصائ الفردية ألاخرم لكل فرد‪ .‬مثل ‪:‬‬
‫خاصية الطول والحجم ولون البشرة والانطواء والشعور بالسعادة والذكاء والطموح وغيرت‪.‬‬
‫وكما ينبغي أن تكون الفئات مختلفة فيما بينها‪ ،‬حتى يتس ى إعطاء كل منها تسمية‬
‫واحدة‪ ،‬أو رميا واحدا‪ ،‬فإنه ينبغي كذلك أن تكون الوحدات الفردية داخل كل فئة متجانسة‬
‫إلى حد كبير‪ ،‬إذا قورنم بالفروق بينها‪ .‬ولذا ينبغي توافر شرطين في الفئات ‪ :‬أولهما‪ ،‬الشمول‬
‫حيث تشمل الفئة جميع الحاالت الفردية املحتملة‪ .‬واان هما‪ ،‬عدم التداخل‪ ،‬حيث ال يجو‬
‫لحالة ما أن تضمها فئتان في نفس النظام التصنيفي‪.‬‬
‫ففي متغير التدخين‪ ،‬ال يصنف الفرد ضمن فئة املدخنين وفئة غير املدخنين في نفس‬
‫الوقم‪ .‬وفي متغير العمل ال يصنف الفرد ضمن فئة العاملين وفئة البطالين في نفس الوقم‪.‬‬
‫وفي متغير الحياة الاجتماعية‪ ،‬ال يصنف الفرد ضمن فئة العياب وفئة املتزوجين وفئة‬
‫املطلقين وفئة ألارامل في نفس الوقم‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫وكذلك الحال‪ ،‬في متغير القلق‪ ،‬ال يصنف الفرد ضمن فئة مرتفهي القلق وفئة منخفض ي‬
‫القلق في نفس الوقم‪ .‬وفي التحصيل الدراس ي كذلك‪ ،‬ال يصنف الفرد ضمن فئة الناجحين‬
‫وفئة الراسبين في نفس الوقم‪ .‬وفي متغير السعادة‪ ،‬ال يصنف الفرد ضمن فئة مرتفهي‬
‫السعادة وفئة منخفض ي السعادة في نفس الوقم‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫ومن ألامثلة السابقة‪ ،‬يتبين أن املتغير الاسمي‪ /‬التصنيفي يكون على نوعين‪ ،‬أو مستويين‪،‬‬
‫هما ‪:‬‬

‫‪358‬‬
‫‪ .1‬املتغير الاسمي‪ /‬التصنيفي الحقيقي الطبيهي‪.‬‬
‫‪ . 2‬املتغير شبه الاسمي‪ /‬شبه التصنيفي غير الحقيقي غير الطبيهي‪.‬‬
‫فاملتغير الاسمي‪ /‬التصنيفي الحقيقي‪ ،‬هو متغير تصنيفي طبيهي ال يتدخل الباحث في‬
‫إحدااه‪ .‬مثل ‪ :‬الجنس‪ ،‬يصنف ألافراد إلى ‪ :‬ذكور وإناث‪ ،‬بفعل الطبيعة البيولوجية‪ .‬والحالة‬
‫الاجتماعية كذلك‪ ،‬تصنف الناس إلى ‪ :‬عياب ومتزوجين ومطلقين وأرامل‪ .‬ومقر إلاقامة‬
‫يصنف الناس كذلك‪ ،‬إلى ‪ :‬ريفيين وحضريين‪ .‬والنمو يصنف الناس إلى أطفال ومراهقين‬
‫وشباب وكهول ومسنين‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمتغير شبه اسمي‪ /‬شبه تصنيفي‪ ،‬فهو في أصله وحقيقته ليس متغيرا‬
‫اسميا‪ ،‬بل متغيرا كميا متصال‪ ،‬يقاس‪ ،‬ويقع في املستوم الفتري (مستوم املسافات‬
‫املتساوية)‪ .‬و عت ر خاصية من خصائ ألافراد؛ معرفية أو وجدانية أو نيوعية؛ كالذكاء‬
‫والدافعية والتحصيل الدراس ي والسعادة والقلق والطموح وغيرت‪ .‬إال أن الباحث‪ ،‬من خالل‬
‫مشكلة بحثه وأهدافه‪ ،‬يجعله متغيرا اسميا تصنيفيا‪ ،‬بصورة اصطناعية اعتباطية‪ ،‬ولذا‬
‫يدعى متغيرا شبه اسمي‪ .‬فيقوم بقياس خاصية الذكاء مثال‪ ،‬لدم مجموعة من ألافراد‪ ،‬ام‬
‫يصنفهم إلى مرتفهي الذكاء ومنخفض ي الذكاء‪ ،‬رغم أن الذكاء ليس متغيرا تصنيفيا حقيقيا‪.‬‬
‫وبنفس الطريقة يصنف ألافراد إلى منخفض ي ومرتفهي الدافعية‪ .‬وإلى مرتفهي ومنخفض ي‬
‫الطموح‪ .‬وإلى مرتفهي ومنخفض ي التحصيل الدراس ي‪ ...‬وهكذا‪ .‬فيصير للباحث مجموعتان‬
‫بينها فروق في متغير مستقل منسوب شبه اسمي‪ ،‬فيقارن بينهما في متغير تابع (سلوك)‪.‬‬
‫ومن أمثلة البحوث على املتغير الاسمي‪ /‬التصنيفي‪ /‬الطبيهي‪ ،‬ما يلي‪.‬‬
‫‪ .1‬املقارنة بين أسر ذات أبوين ب سر ذات أب واحد (متغير مستقل منسوب) في هروب‬
‫ألابناء من املدرسة (متغير تابع)‪.‬‬
‫‪ .2‬املقارن ة بين مقيمين في املدينة ومقيمين في الريف (متغير مستقل منسوب) في الاتجات‬
‫نحو إكرام الضيف (متغير تابع)‪.‬‬
‫‪ .3‬املقارنة بين أسر كثيرة عدد ألافراد وأسر قليلة عدد ألافراد (متغير مستقل منسوب)‬
‫في الاستقرار ألاسري (متغير تابع)‪.‬‬
‫‪ .4‬املقارنة بين الذكور وإلاناث (الجنس متغير مستقل منسوب) في إدراكهم لدور ألابوين‬
‫في تربية ألابناء‪.‬‬
‫‪ .5‬املقارنة بين الجانحين وغير الجانحين في الذكاء العام‪.‬‬
‫ومن أمثلة البحوث على املتغير شبه الاسمي‪ /‬شبه التصنيفي‪ /‬غير الطبيهي‪ ،‬ما يلي ‪:‬‬

‫‪359‬‬
‫‪ .1‬املقارنة بين مرتفهي الذكاء ومنخفض ي الذكاء في الشعور بالسعادة‪.‬‬
‫‪ .2‬املقارنة بين مرتفهي تقدير الذات ومنخفض ي تقدير الذات في التحصيل الدراس ي‪.‬‬
‫‪ .3‬املقارنة بين مرتفهي الطموح ومنخفض ي الطموح في قلق املستقبل‪.‬‬
‫‪ .4‬املقارنة بين مرتفهي القلق ومنخفض ي القلق في الدافع إلى إلانجا ‪.‬‬
‫‪ .5‬املقارنة بين مرتفهي الانبساط ومنخفض ي الانبساط في الشعور بالسعادة‪.‬‬

‫التصميم الثاني ‪ :‬البدء باملتغير التابع‪.‬‬


‫ّ‬
‫متغيرات مستقلة‬ ‫متغير تابع‪ ،‬واختبار فروض تخ‬ ‫ّ‬ ‫يكون البدء ب فراد يختلفون في‬
‫منسوبة محتملة‪ .‬مثل ‪:‬‬
‫‪ .1‬الفرق بين ألافراد في مظاهر الصحة العامة (متغير تابع) من خالل املقارنة بين الذين‬
‫يواظبون على ممارسة الرياضة البدينة والذين ال يواظبون على ممارستها (متغير مستقل‬
‫منسوب)‪.‬‬
‫‪ .2‬الفرق بين العدوانيين وغير العدوانيين (متغير تابع) من خالل املقارنة بين أفراد‬
‫عيشون في أسر يحل أفرادها مشاكلهم بالتفاوض وأفراد عيشون في أسر يحل أفرادها‬
‫مشاكلهم بالعدوان (متغير مستقل منسوب)‪.‬‬
‫‪ .3‬الفرق بين املتقنين ملهارات التدر س وغير املتقنين لها (متغير تابع) من خالل املقارنة‬
‫بين الذين تلقوا التكوين التربوي والذين لم يتلقوت (متغير مستقل منسوب)‪.‬‬
‫‪ .4‬الفرق بين تالميذ السنة ألاولى الابتدائية في التوافق الدراس ي (متغير تابع) من خالل‬
‫امل ـق ـارن ـة بيـن الذي ـن ال ـت ـح ـق ـوا بال ـت ـع ـل ـي ـم الت ـح ـض ـيـري والذي ـن لم ي ـلت ـح ـق ـوا به (متغير مستقل‬
‫منسوب)‪.‬‬
‫ويمكن للباحث أن يخت ر أكثر من متغير مستقل منسوب‪ ،‬وأكثر من متغير تابع‪ .‬مثل ‪:‬‬
‫‪ .1‬املقارنة بين منخفض ي ومتوسطي ومرتفهي الدافعية في ألاداء‪.‬‬
‫‪ .2‬املقارنة بين ذوي املخ ألا سر وذوي املخ ألايمن وذوي املخ املتكامل في عمليات التفكير‬
‫إلابداعي وسلوك حل املشكالت‪.‬‬
‫‪ .3‬املقارنة بين ذوي الضبط الداخلي وذوي الضبط الخارجي للتعييي في السلوك الصحي‬
‫وارتكاب حوادث املرور‪.‬‬

‫‪360‬‬
‫ّ‬
‫املنهج العلي‪ /‬املقارن‬ ‫اامنا ‪ :‬خصائ‬
‫ّ‬
‫يتميز املنهج العلي‪ /‬املقارن بمجموعة من الخصائ ‪ ،‬هي ما يلي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬تحديد العالقة بين ال ِعلة والنتيجة‪.‬‬
‫‪ .2‬تناول مجموعتين من املفحوصين أو أكثر‪ ،‬ومتغيرا مستقال (اسمي‪ /‬تصنيفي) واحدا‬
‫أو أكثر‪ ،‬ومتغيرا تابعا واحدا أو أكثر‪.‬‬
‫‪ .3‬تتم املقارنة فيه بين املجموعات‪.‬‬
‫‪ .4‬تحدث العلة املفترضة للظاهرة قبل إجراء البحث‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ .5‬يالحظ الباحث الظاهرة ام يبحث عن ال ِعلة‪ ،‬أو يالحظ ال ِعلة ام يبحث عن النتيجة‪.‬‬
‫‪ .6‬ال يتدخل الباحث في تنشيط وتفعيل املتغير املستقل املنسوب‪.‬‬
‫‪ .7‬تتكون املجموعات بشكل طبيهي رغم اختالفها في املتغير املستقل‪.‬‬
‫‪ .8‬ال يتم اختيار العينات عشوائيا أو ضبط تام للمتغيرات املستقلة الدخيلة‪.‬‬
‫‪ .9‬ال تحتاج إلى تكاليف كبيرة نجا ها‪.‬‬
‫‪ .10‬يمكن التوصل من خاللها إلى فهم جيد للظاهرة محل البحث‪.‬‬
‫‪ .11‬تمهد جراء البحوث التجريبية‪.‬‬

‫ّ‬
‫تاسعا ‪ :‬تقييم املنهج العل ّي‪ /‬املقارن‬
‫ّ‬ ‫ُي ّ‬
‫قيم املنهج العلي‪ /‬املقارن من ناحيتين‪.‬‬
‫فمن ناحية‪ ،‬هناك من الباحثين من يقول‪ ،‬إنه نظرا للخطورة التي ينطوي عل ها املنهج‬
‫ّ‬
‫العل ّي‪ /‬املقارن‪ ،‬فيما يتعلق بنق الثقة في النتائج التي سفر عنها‪ ،‬فإنه يجب عدم الانشغال‬
‫بهذا النوع من الب ـح ـث إط ـالقا‪ .‬وه ـم م ـق ـت ـن ـعون أس ـاس ـا ع ـلى أن الاع ـتـرال بالجـهـل (ال تجرم‬
‫بحوث بهذا املنهج) أفضل من املجا فة بالتوصل إلى استنتاجات ليسم محل اقة‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرم‪ ،‬هناك من الباحثين من يرون أن العديد من املتغيرات الهامة في‬
‫السلوك البشري‪ ،‬ليس من السهل تناولها ب ساليب املنهج التجريبي‪ .‬فليس باستطاعة‬
‫الباحثين إحداث بعض إلاجراءات التي يتطلبها املنهج التجريبي لألفراد‪ ،‬جراء بحث تجريبي‬
‫يتمتع بالثقة في النتائج التي يتوصل إل ها‪ .‬ك ن يتم التخصي عشوائيا ألطفال من أسر‬
‫مف ككة أو مستقرة‪ ،‬أو التخصي العشوا ي ألفراد من طبقة اجتماعية عليا أو من طبقة‬
‫اجتماعية دنيا‪ ،‬وإلى طالب من ذوي التحصيل الدراس ي املرتفع وآخرين من ذوي التحصيل‬
‫الدراس ي املنخفض وغيرت‪ .‬إن الباحثين الذين يريدون أن عرفوا شيئا عن عالقات هذت‬

‫‪361‬‬
‫ّ‬
‫املتغيرات املنسوبة وغيرها من املتغيرات‪ ،‬فإن املنهج العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬هو سبيلهم الوحيد‪ .‬فإذا‬
‫استعمل الباحثون طرق الضبط الجي ي‪ ،‬وأخذوا في اعتبارهم الفرضيات البديلة‪ ،‬والتفسير‬
‫بالعلية املشتركة‪ ،‬وبنموذج دمج متغيرات دخيلة في التصميم‪ ،‬فربما يكون بوسعهم أن يكونوا‬
‫على صواب وليس على خط ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهناك‪ ،‬بالت كيد بحوث علية‪ /‬مقارنة تتمتع بثقة عالية‪ .‬فدراسة ألاطباء للعالقة بين‬
‫التدخين وإلاصابة بسرطان الرئة هو مثال جيد ومعرول‪ .‬فليس من املمكن تخصي‬
‫مجموعة من ألافراد عشوائيا كي يدخنوا لعدة سنوات ومجموعة أخرم ال تدخن‪ .‬إن املنهج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املالئم لبحث هذت املشكلة هو العلي‪ /‬املقارن‪ .‬وفرضية ال ِعلة املعكوسة ب ن سرطان الرئة‬
‫ّ‬
‫يجعل الناس يدخنون‪ ،‬ليسم ممكنة‪ .‬كما لم يبد أن أيا من فرضيات العلة املشتركة قابلة‬
‫للصدق (أي أن الناس عصبيي املياج‪ ،‬يكونون عرضة لكل من التدخين وسرطان الرئة‪ .‬وأن‬
‫بعض الاستعداد الجي ي يقود إلى كل هما)‪.‬‬
‫ولوحظ كذلك‪ ،‬من البحوث العلية‪ /‬املقارنة في مجال التربية‪ ،‬أن هناك متغيرات؛ مثل‬
‫الخلفية ألاسرية واملستوم الاجتماعي الاقتصادي والخ رات املبكرة‪ ،‬هي متغيرات تربوية مهمة‬
‫ّ‬
‫جدا‪ ،‬حتى وإن كانم تتجاو ضبط التربويين لها‪ ،‬يمكن تناولها باملنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫مراجع الفصل العاشر‬
‫‪ 1‬ـ جابر عبد الحميد جابر‪ ،‬أحمد خيري كاظم (‪ .)1996‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪.‬‬
‫‪ 173 :‬ـ ‪.177‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ جودت شاكر محمود (‪ .)2007‬البحث العلمي في العلوم السلوكية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو‬
‫‪ 127 :‬ـ ‪.130‬‬ ‫املصرية‪.‬‬
‫ُ ََْ‬
‫‪ 3‬ـ حمدي أبو الفتوح عطيفة (‪ .)1996‬منهجية البحث العلمي وتطبيقاتها في الدراسات‬
‫‪ 117 :‬ـ ‪.119‬‬ ‫التربوية والنفسية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ديوبولد ب‪ .‬فان دالين (‪ .)1984‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫‪ 339 :‬ـ ‪.347‬‬ ‫نبيل نوفل وآخرون‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را اف ههيه (‪ .)2004‬مقدمة للبحث في التربية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬سعد الحسي ي‪ .‬مراجعة ‪ :‬عادل عبد الكريم ياسين‪ .‬العين‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‪،‬‬
‫‪ 397 :‬ـ ‪.420‬‬ ‫دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ ذوقان عبيدات‪ ،‬سهيلة أبو السميد (‪ .)2002‬البحث العلمي ‪ :‬البحث النوعي والبحث‬
‫‪ 121 :‬ـ ‪.126‬‬ ‫الكمي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ذوقان عبيدات‪ ،‬عبد الرحمن عدس‪ ،‬كايد عبد الحق (‪ .)2001‬البحث العلمي ‪ :‬مفهومه‬
‫وأدواته وأساليبه‪ .‬الطبعة السابعة‪ .‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 219 :‬ـ ‪.225‬‬
‫‪ 8‬ـ ري هايمان (‪ .)1964‬طبيعة البحث السيكولوجي‪ .‬ترجمة ‪ :‬عبد الرحمن عيسوي (‪.)1989‬‬
‫‪ 91 :‬ـ ‪.95‬‬ ‫مراجعة ‪ :‬محمد عثمان نجاتي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ شافا فرانكفورت ـ ناشميا ‪ ،‬دافيد ناشميا (‪ .)2004‬طرائق البحث في العلوم الاجتماعية‪.‬‬
‫‪،+ 70 :‬‬ ‫ترجمة ‪ :‬ليلى الطويل‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬سوريا‪ ،‬دمشق‪ ،‬بترا للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 112‬ـ ‪.113‬‬
‫‪ .10‬صالح بن حمد العسال (‪ .)1995‬املدخل إلى البحث في العلوم السلوكية‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫‪ 247 :‬ـ ‪.258‬‬ ‫الرياض‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫‪ .11‬عبد هللا فالح املنيزل‪ ،‬عدنان يوسف العتوم (‪ .)2010‬مناهج البحث في العلوم التربوية‬
‫‪:‬‬ ‫والنفسية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬الشارقة‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ .‬ألاردن‪ ،‬إاراء للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 252‬ـ ‪.265‬‬

‫‪363‬‬
‫‪ .12‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق (‪ .)1991‬مناهج البحث وطرق التحليل إلاحصا ي في العلوم‬
‫‪:‬‬ ‫النفسية والتربوية والاجتماعية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 118‬ـ ‪.122‬‬
‫‪ .13‬كر س باركر‪ ،‬نانس ي بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت (‪ .)1999‬مناهج البحث في علم النفس‬
‫العيادي وإلارشادي‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد نجيب الصبوة‪ ،‬مرفم أحمد شوقي‪ ،‬عا شة السيد‬
‫‪ 216 :‬ـ ‪.217‬‬ ‫رشدي‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ .14‬مجدي عبد الكريم حبيب (‪ .)1996‬التقويم والقياس في التربية وعلم النفس‪ .‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪ 465 : .‬ـ ‪.466‬‬
‫‪ .15‬محمد عماد الدين إسماعيل (‪ .)1970‬املنهج العلمي وتفسير السلوك‪ .‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ 71 :‬ـ ‪.79‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪.‬‬
‫‪ .16‬محمد منير مرس ي (‪ .)1994‬البحث التربوي وكيف نفهمه ؟ القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪.‬‬
‫‪.277 :‬‬

‫‪364‬‬
‫الفصل الحادي عشر‬
‫املنهج الارتباطي في البحوث النفسية‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫أوال ‪ :‬املنهج الارتباطي واملنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬تعريف الارتباط واملنهج الارتباطي‪.‬‬
‫االثا ‪ :‬استعماالت الارتباط‪.‬‬
‫‪ .1‬التنبؤ‪.‬‬
‫‪ .2‬تقدير الثبات‪.‬‬
‫‪ .3‬وصف العالقات بين املتغيرات‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬شروط استعمال الطرق الارتباطية‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬تصميم البحوث الارتباطية‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬معامالت الارتباط‪.‬‬
‫‪ )1‬معامل ارتباط بيرسون الخطي التتابهي‪.‬‬
‫‪ )2‬معامل ارتباط سبيرمان‪.‬‬
‫‪ )3‬الارتباط الثنا ي‪.‬‬
‫‪ )4‬الارتباط الثنا ي ألاصيل‪.‬‬
‫‪ )5‬معامل فاي‬
‫‪ )6‬الارتباط الرباعي‪.‬‬
‫‪ )7‬الارتباط الجي ي‬
‫‪ )8‬الارتباط املتعدد‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬تفسير معامل الارتباط‪.‬‬
‫ّ‬
‫اامنا ‪ :‬الارتباط والعلية‪.‬‬
‫املراجع‪.‬‬

‫‪365‬‬
366
‫مقدمة‪.‬‬
‫يهدل املنهج الارتباطي إلى فح مدم وجود ارتباط بين متغيرين أو أكثر‪ُ .‬لي ّبين‪ ،‬بلغة‬
‫فنية‪ ،‬ما إذا كان بينهما تباين مشترك‪ ،‬أي يترافقان في التغير يادة ونقصانا‪ .‬ويطلق على هذت‬
‫البحوث كذلك‪ ،‬اسم بحوث املشاهدة الطبيعية‪ ،‬أو املشاهدة الكامنة غير ّ‬
‫الفعالة‪ ،‬ألنه ال‬
‫يحدث تفعيل للمتغيرات أو تنشيطها‪ .‬كما هو الحال في البحوث التي تستعمل مناهج املعالجة‬
‫التجريبية النشطة الفعالة‪( .‬كر س باركر‪ ،‬نانس ي بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت‪.)212 ،1999 ،‬‬
‫إن املنهج الارتباطي‪ ،‬هو بال منا ع‪ ،‬من أكثر املناهج الكمية استعماال في البحوث النفسية‪،‬‬
‫ّ‬
‫إلى جانب املنهج العلي‪ /‬املقارن‪ .‬وهو منهج مغر للباحثين الستكشال العالقات الارتباطية بين‬
‫املتغيرات والظواهر‪ ،‬كما هي في طبيعتها‪ .‬و "الظواهر في طبيعتها مستقلة عن بعضها‪ ،‬إال إذا‬
‫تبين أن بينها ارتباط"‪.‬‬
‫ويقيس الباحثون‪ ،‬في البحوث الارتباطية‪ ،‬متغيرين ف كثر لدم كل مبحوث على حدة‪ ،‬ام‬
‫يحددون إحصائيا‪ ،‬مدم وجود ارتباط بين القياسات‪ .‬وتبين إلاجراءات الارتباطية‪ ،‬املدم الذي‬
‫يرتبط فيه التغير في أحد املتغيرات مع التغير في متغير آخر‪ ،‬أو متغيرات أخرم‪( .‬كر س باركر‪،‬‬
‫نانس ي بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت‪.)212 ،1999 ،‬‬

‫ّ‬
‫أوال ‪ :‬املنهج الارتباطي واملنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫ّ‬
‫هناك تشابه واختالل بين املنهج الارتباطي واملنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫فمن حيث التشابه ‪:‬‬
‫‪ .1‬تهتم البحوث الارتباطية والبحوث العلية‪ /‬املقارنة بالعالقات بين املتغيرات‪ .‬فالباحثون‬
‫الذين يجرون هذت البحوث‪ ،‬سعون إلى اكتشال العالقات القائمة بين املتغيرات‪ ،‬وتفسيرها‪.‬‬
‫‪ .2‬ال شترط املنهجان تفعيل املتغيرات وتنشيطها‪ ،‬كما هو الحال في تصميمات املنهج‬
‫التجريبي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .3‬يركي الباحثون في البحوث الارتباطية والبحوث العلية‪ /‬املقارنة على القيمة التفسيرية‬
‫للمتغيرات عند إجراء البحوث التجريبية مستقبال‪.‬‬
‫أما بالنسبة لالختالل بينهما ‪:‬‬
‫‪ .1‬يق ـوم املن ـه ـج الارت ـباطي على ق ـياس املت ـغ ـيـرات لدم كل مـفـح ـو ‪ .‬بـي ـن ـما ي ـق ـوم املن ـه ـج‬
‫ّ‬
‫العلي‪ /‬املقارن على إجراء مقارنة بين مجموعتين أو أكثر‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫‪ .2‬يبحث املنهج الارتباطي في العالقة بين متغيرين كميين أو أكثر‪ .‬بينما يتضمن املنهج‬
‫ّ‬
‫العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬على ألاقل‪ ،‬متغيرا تصنيفيا واحدا‪ ،‬سواء كان تصنيفا أصيال (متغيرا اسميا)‪،‬‬
‫أم تصنيفا مصطنعا (متغيرا شبه اسمي)‪.‬‬
‫‪ .3‬تتم معالجة البيانات في املنهج الارتباطي باستعمال مخطط الانتشار‪ ،‬أو معامالت‬
‫ّ‬
‫الارتباط‪ .‬بينما في املنهج العلي‪ /‬املقارن تتم املقارنة بين متوسطات املجموعات‪.‬‬

‫اانيا ‪ :‬تعريف الارتباط واملنهج الارتباطي‪.‬‬


‫عرل الارتباط ب نه ‪" :‬التغير الاقتراني بين متغيرين ف كثر"‪.‬‬
‫أي مدم مصاحبة أو تال م التغير في متغير ما للتغير في متغير آخر أو متغيرات أخرم‪.‬‬
‫ويمكن تعريف املنهج الارتباطي‪ ،‬ب نه ‪" :‬املنهج الذي عمل على جمع البيانات على عدد‬
‫من املتغيرات‪ ،‬ومعالجتها كميا‪ ،‬ملعرفة ما إذا كان بينها ارتباط‪ ،‬وما هو حجم واتجات الارتباط"‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬نالحظ‪ ،‬من خالل الانطباع العام‪ ،‬أن املحصول اللغوي ينمو مع الييادة في العمر‬
‫اليم ي‪ ،‬لدم الطفل العادي‪ .‬فنستنتج أن متغير املحصول اللغوي ومتغير العمر اليم ي‬
‫مرتبطان‪ .‬أي متصاحبان ومتال مان في الحدوث‪ ،‬في الاتجات الطردي‪ .‬ولذا نتوقع أن يكون‬
‫ألاطفال أك ر سنا أكثر في املحصول اللغوي‪ ،‬ويكون ألاطفال أصغر سنا أقل في املحصول‬
‫اللغوي‪.‬‬
‫والطريقة البسيطة يضاح هذا الارتباط‪ ،‬هي ‪ :‬القيام بقياس متغير املحصول اللغوي‬
‫ملجموعة من ألاطفال‪ ،‬تمتد أعمارهم بين سنة واحدة إلى ‪ 6‬سنوات منية‪ .‬ام سجل متغير‬
‫أعمارهم اليمنية على شكل أرقام‪ .‬فيظهر تو عان من ألارقام؛ أحدهما يمثل درجات‬
‫املحصول اللغوي‪ ،‬وآلاخر يمثل أعمار ألاطفال‪ .‬فتوضع درجات املحصول اللغوي وألاعمار‬
‫اليمنية في شكل ذي بعدين‪ ،‬أفقي ورأس ي‪ ،‬يدعى مخطط الانتشار‪ .‬فتوضع درجات أحد‬
‫املتغيرين على محور أفقي‪ ،‬تمتد من أدناها إلى أعالها‪ ،‬متجهة من اليسار إلى اليمين‪ .‬وتوضع‬
‫درجات املتغير آلاخر على محور رأس ي‪ ،‬تمتد من أدناها إلى أعالها‪ ،‬متجهة من ألاسفل إلى‬
‫ألاعلى‪ .‬ويوضع موقع كل فرد في املتغيرين بنقطة واحدة في مخطط الانتشار‪ .‬ام يرسم خط‬
‫يتتبع تلك النقاط‪ ،‬فيظهر ما سم بمخطط الانتشار‪ .‬وباستعمال التو عين من ألارقام‪،‬‬
‫يحسب كذلك‪ ،‬معامل الارتباط الخطي بين درجات املتغيرين (املحصول اللغوي والع ـم ـر‬
‫اليم ـ ي)‪ ،‬الذي يحدد ك ـم ـيا حج ـم الارت ـباط وات ـجاهـه‪ .‬فإذا ظ ـه ـر م ـث ـال‪ ،‬أنه ‪ ،0.86‬فهو عالي‬
‫وطردي (موجب)‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫ويقوم املنهج الارتباطي على مبدأ جون ستوارت مل ‪ ،J. S. Mill‬حول طريقة التال م في‬
‫التغير‪ .‬ونصه كما يلي ‪" :‬يتوقف مقدار الارتباط على الدرجة التي تصاحب ف ها الييادة أو‬
‫النقصان في أحد املتغيرين الييادة أو النقصان في املتغير آلاخر أو املتغيرات ألاخرم‪ ،‬سواء كان‬
‫هذا التغير في الاتجات الطردي (املوجب) أو في الاتجات العكس ي (العكس ي)"‪.‬‬
‫ويفسر معامل الارتباط بالنظر إلى كل من حجمه واتجاهه (إشارته)‪.‬‬
‫فالحجم شير إلى قوة الارتباط بين املتغيرين‪ ،‬التي توصف عن طريق مؤشر كمي يدعى‬
‫"معامل الارتباط"‪ .‬ويتم تحديد قوة الارتباط‪ ،‬في كثير من ألاحيان‪ ،‬بمستوم الداللة‬
‫إلاحصائية‪.‬‬
‫أما الاتجات فيشير إلى أنه إذا كان الارتباط طرديا‪ ،‬توضع له إشارة ‪ ،+‬مثل ‪ ،0.81 + :‬وإذا‬
‫كان عكسيا‪ ،‬توضع له إشارة ‪ ،-‬مثل ‪ .0.73 - :‬فاملثال الذي تم تقديمه حول الارتباط بين‬
‫املحصول اللغوي والعمر اليم ي‪ ،‬طرديا‪ .‬ألنه كلما اد العمر اليم ي للطفل ارتفع محصوله‬
‫اللغوي‪ ،‬وكلما انخفض عمرت اليم ي انخفض محصوله اللغوي‪.‬‬
‫ولكن الارتباط بين العمر اليم ي وسلوك اعتماد الطفل على الغير‪ ،‬سول يظهر عكسيا‪.‬‬
‫ألنه كلما اد العمر اليم ي للطفل‪ ،‬نق اعتمادت على غيرت (امليل إلى الاستقالل)‪.‬‬
‫ويتراوح معامل الارتباط بين ‪ 1 +‬صحيح (أي ارتباط طردي تام) مرورا بالصفر (أي عدم‬
‫وجود ارتباط) إلى – ‪ 1‬صحيح (أي ارتباط عكس ي تام)‪.‬‬
‫و ع ي الارتباط الطردي التام‪ ،‬أن لكل مقدار يادة في أحد املتغيرين‪ ،‬يرافقه نفس املقدار‬
‫من الييادة‪ ،‬ومتناسب معه في املتغير آلاخر‪.‬‬
‫و ع ي الارتباط العكس ي التام‪ ،‬أن لكل مقدار يادة في أحد املتغيرين‪ ،‬يرافقه نفس املقدار‬
‫من النق ‪ ،‬ومتناسب معه في املتغير آلاخر‪.‬‬
‫و ع ي عدم وجود ارتباط‪ ،‬أن لكل مقدار يادة أو مقدار نق في أحد املتغيرين‪ ،‬ال يرافقه‬
‫أي مقدار من الييادة أو النق في املتغير آلاخر‪.‬‬
‫ومن النادر جدا أن توجد متغيرات يكون الارتباط بينها تاما‪ ،‬طردي أو عكس ي‪ ،‬خاصة في‬
‫متغيرات السلوك إلانساني‪ ،‬من قدرات وسمات وقيم واتجاهات وغيرها‪ .‬فالشا ع من‬
‫الارتباطات التي يتم الحصول عل ها‪ ،‬تكون‪ ،‬عادة‪ ،‬من النوع الجي ي‪ .‬فمثال‪ُ ،‬وجد ارتباط قدرت‬
‫‪ 0.40‬بين الاستعداد الدراس ي ومعدل التحصيل ألاكاديمي في املدرسة الثانوية‪ .‬ووجد ارتباط‬
‫قدرت – ‪ 0.40‬بين عدد أيام الغياب عن املدرسة ودرجات اختبار القراءة‪ .‬أما الارتباط بين‬
‫درجات الاستعداد الدراس ي والو ن لدم عينة من البالغين‪ ،‬فيتوقع أن يكون صفرا‪.‬‬

‫‪369‬‬
‫أي أنه قد ترتبط املتغيرات فيما بينها ارتباطا كبيرا‪ ،‬أو ترتبط إلى حد ما‪ ،‬أو ال ترتبط‬
‫إطالقا‪.‬‬
‫و سهم الارتباط في تحقيق الفوائد التالية‪.‬‬
‫‪ .1‬تحديد وجود أو عدم وجود الارتباط بين املتغيرات‪.‬‬
‫‪ .2‬بيان قوة الارتباط بين املتغيرات ‪ :‬قوية‪ ،‬متوسطة‪ ،‬ضعيفة‪.‬‬
‫‪ .3‬بيان اتجات الارتباط بين املتغيرات ‪ :‬طردي‪ ،‬عكس ي‪.‬‬
‫‪ .4‬بيان نوع الارتباط بين املتغيرات ‪ :‬خطي‪ ،‬منح ي‪.‬‬

‫االثا ‪ :‬استعماالت الارتباط‪.‬‬


‫ستعمل الارتباط في املجاالت التالية‪.‬‬

‫‪ )1‬التنبؤ وتقدير الصدق‪.‬‬


‫ستعمل الارتباط لحساب صدق الاختبارات‪ ،‬وخاصة الصدق التنبؤي‪ .‬إذا أراد باحث‬
‫حساب صدق اختبار يقيس الاستعداد لتعلم الحساب في السنة ألاولى الابتدائية‪ .‬يقدم‬
‫الاختبار ملجموعة من التالميذ في بداية التحاقهم باملدرسة‪ ،‬ويحتفظ بإجاباتهم‪ ،‬وينتظر إلى‬
‫أن يؤدوا امتحان آخر السنة الدراسية في مادة الحساب‪ ،‬ام يحسب معامل الارتباط بين‬
‫درجاتهم على اختبار الاستعداد لتعلم الحساب ودرجاتهم في امتحان آخر السنة الدراسية في‬
‫مادة الحساب‪ ،‬فإذا وجدت طرديا ودالا إحصائيا‪ ،‬كان هذا دليال على أن الاختبار صادق‪ ،‬ألنه‬
‫استطاع التنبؤ بما سيكون عليه تعلم الحساب‪ ،‬وهو هنا بمثابة محك لصدق الاختبار‪.‬‬
‫و ستعمل الارتباط للتنبؤ كذلك‪ ،‬خارج مجال حساب صدق الاختبارات‪ .‬فعندما نتوصل‬
‫إلى وجود معامل ارتباط طردي ودال إحصائيا بين الدافعية والتحصيل الدراس ي‪ ،‬فإنه يمكن‬
‫التنبؤ بارتفاع التحصيل الدراس ي لدم مرتفهي الدافعية‪ ،‬ويمكن التنبؤ بانخفاض التحصيل‬
‫الدراس ي لدم منخفض ي الدافعية‪ .‬وإذا وجدنا معامل ارتباط طردي ودال إحصائيا بين الفقر‬
‫والجنوح‪ ،‬فإنه يمكن التنبؤ بالجنوح لدم ألافراد الفقراء‪.‬‬
‫وعندما تريد الجامعة التنبؤ بمدم نجاح حاملي شهادة البكالوريا في تخصصات التعليم‬
‫الجامهي‪ ،‬فإنها تصمم اختبارا لقياس الاستعداد ألاكاديمي وفق كل تخص علمي‪ ،‬وتقدمه‬
‫للطالب للجابة عليه‪ ،‬ومن خالل النتائج املتحصل عل ها‪ ،‬تتنب بنجاحهم في الدراسة الجامعية‬
‫مستقبال‪ .‬ونفس إلاجراء يتبعه أولئك الذين يريدون التنبؤ بمدم نجاح املتقدمين إلى مهن‬

‫‪370‬‬
‫مختلفة‪ ،‬فيصممون اختبارا يقيس الاستعداد املنهي‪ ،‬ويقدمونه للمتقدمين للتكوين املنهي‬
‫للجابة عنه‪ ،‬ليتس ى لهم التعرل على من لديهم استعداد جيد لألداء املنهي من عدمه‪.‬‬

‫‪ )2‬تقدير الثبات‪.‬‬
‫إن حساب استقرار الاختبار ع ر اليمن أو اتساقه داخليا‪ ،‬يتم من خالل استخراج‬
‫معامالت الارتباط‪ ،‬عن طريق إعادة تطبيق الاختبار أو الصور املتكافئة أو التجيئة النصفية‪.‬‬
‫و ستعمل الارتباط كذلك‪ ،‬لحساب الثبات خارج مجال الاختبارات وفي مجاالت عديدة‪،‬‬
‫كالتربية‪ .‬ما مدم ابات تقديرات الكفاءة التي يحددها مدير املدرسة الثانوية ونائبه‪ ،‬بشكل‬
‫مستقل‪ ،‬لألساتذة ؟ وما مقدار الاتفاق بين الحكام ألاوملبيين في تقديراتهم ألداء مجموعة من‬
‫الرياضيين في لعبة القفي باليانة ؟ وما مدم اتفاق ألاساتذة في ترتيبهم للمشكالت السلوكية‬
‫التي تصدر من التالميذ وفق شدتها ؟‬

‫‪ )3‬وصف الارتباطات بين املتغيرات‪.‬‬


‫تساعد طرق املنهج الارتباطي على توضيح الارتباطات بين املتغيرات‪ .‬فمثال‪ ،‬قد تستعمل‬
‫ّ‬
‫البحوث العلية‪ /‬املقارنة إجراءات ارتباطية للجابة على أسئلة مثل ‪:‬‬
‫‪ .1‬ما العالقة بين القلق وألاداء على اختبار فجا ي ؟‬
‫‪ .2‬ما العالقة بين الا دحام والسلوك العدواني ؟‬
‫‪ .3‬ما العالقة بين املستوم الاجتماعي‪ /‬الاقتصادي لألسرة وجنوح ألابناء ؟‬
‫‪ .4‬ما العالقة بين ألاسلوب التربوي لألسرة وسلوك ألابناء ؟‬
‫وتكون البحوث الارتباطية غالبا‪ ،‬استكشافية أساسا‪ .‬فالباحث سهى إلى تحديد نمط‬
‫العالقات املوجودة بين متغيرين أو أكثر‪ .‬فاملعلومات التي توفرها البحوث الارتباطية مفيدة‬
‫بشكل خا ‪ ،‬حين يحاول الباحث التعرل على مفهوم بنا ي معقد‪ ،‬أو بناء نظرية حول ظاهرة‬
‫سلوكية ما‪ .‬فاملنظرون السيكولوجيون ألاوائل‪ ،‬خاصة في الذكاء وفي الشخصية‪ ،‬اعتمدوا‬
‫على ألاساليب الارتباطية في بناء نظرياتهم حول البناء العاملي للذكاء (نظرية العاملين‪،‬‬
‫لسبيرمان‪ .‬ونظرية العوامل املتعددة‪ ،‬لثيرستون‪ .‬ونظرية بناء العقل الشامل‪ ،‬لج ـل ـف ـورد)‪.‬‬
‫وح ـول الب ـن ـاء الع ـام ـلي للشخصية (نظرية ألابعاد في الشخصية‪ ،‬أليينك‪ .‬ونظ ـرية العوامل ‪16‬‬
‫في الشخصية‪ ،‬لكاتل‪ .‬ونظرية ألابعاد ‪ ،13‬لجيلفورد)‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫والتحليل العاملي طريقة إحصائية تبدأ بمعامالت الارتباط بين مجموعة من البنود‬
‫معينا‪ ،‬ام تلخ إلى مكونات أو عوامل ذات عدد أقل من البنود‪ ،‬فيفسر املتغير‬ ‫تقيس متغيرا ّ‬
‫ٌ‬
‫ب قل عدد من املتغيرات املختزلة التي تستوعبها‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬شروط استعمال الطرق الارتباطية‪.‬‬


‫الستعمال الطرق الارتباطية في البحث النفس ي‪ ،‬بشكل صحيح‪ .‬ومن أجل التمييز بين‬
‫الارتباطات التي تعود إلى الصدفة‪ ،‬والارتباطات التي تستند إلى إطار نظري علمي‪ .‬ينبغي أن‬
‫يتذكر الباحثون‪ ،‬أنه يجب أن تستند البحوث الارتباطية إلى ‪:‬‬
‫‪ )1‬نظرية علمية قائمة‪ ،‬أو نتائج لدراسات سابقة متواترة‪ ،‬أو مالحظات عملية لخبير‪.‬‬
‫وفيما يلي شرحها‪.‬‬
‫أ‪ .‬أن ستند حساب الارتباط بين املتغيرات إلى نظرية قائمة‪ ،‬تفسر وجود ارتباط‪ ،‬طردي‬
‫أو عكس ي‪ ،‬في التغير بين املتغيرات محل البحث الارتباطي‪ .‬ففي نظرية ألابعاد في الشخصية‪،‬‬
‫أليينك‪ ،‬شير إلاطار النظري ف ها إلى الارتباط بين الانطوائية والخجل‪ ،‬وبين الانبساطية‬
‫والاجتماعية‪ ،‬وبين الانبساطية والسعادة‪ ،‬وبين العصابية والقلق‪.‬‬
‫ب‪ .‬أن ستند إلى نتائج البحوث السابقة التي بينم أن املتغيرات محل البحث ترتبط‬
‫فيما بينها‪ ،‬طرديا أو عكسيا‪ .‬فقد بينم نتائج البحوث السابقة املتواترة‪ ،‬وجود ارتباط بين‬
‫الضبط الداخلي للسلوك والدافع إلى إلانجا ‪ ،‬وبين الذكاء والتحصيل الدراس ي‪ ،‬وبين ألانواة‬
‫والاضطراب النفس ي‪ ،‬وبين الشعور بالسعادة والاكتئاب‪.‬‬
‫ج‪ .‬أن ستند الباحث إلى مالحظاته للسلوك‪ ،‬وفق تخصصه‪ .‬فيفترض وجود ارتباط بين‬
‫املتغيرات‪ ،‬طرديا أو عكسيا‪ .‬مثل ‪ :‬الارتباط بين تكرارات غياب التالميذ عن الدراسة‬
‫ومستويات تحصيلهم الدراس ي‪ .‬الارتباط بين التدريب وألاداء‪.‬‬
‫وعندئذ‪ ،‬يتس ى للباحث أن ينجي بحثه وفق املنهج الارتباطي‪ ،‬على أساس فرضية ‪" :‬وجود‬
‫عالقة خطية بين املتغيرين"‪.‬‬
‫‪ )2‬أن ت ـكـ ـون أداة ق ـي ـاس امل ـت ـغ ـيـرات ج ـي ـدة‪ ،‬من ح ـيــث ط ــريـ ـق ــة إع ـ ــدادها‪ ،‬وم ــن حـ ـي ــث‬
‫خ ـصائ ـص ـها السيكومترية (الصدق والثبات)‪.‬‬
‫‪ )3‬أن يتراوح حجم العينة بين ‪ 50‬إلى ‪ 90‬فردا‪.‬‬
‫أما أن يحسب الباحث ارتباطات لعدد من املتغيرات‪ ،‬ملجرد فح ما سول يحدث‪،‬‬
‫فهذا عمل غير مقبول‪ ،‬وال فائدة منه علميا‪ ،‬ويترتب عليه ضياع للوقم والجهد‪.‬‬

‫‪372‬‬
‫وهذا ما جعل الباحثين يبدون عدم اقتهم في معامالت الارتباط‪ ،‬التي يقولون إنها يمكن‬
‫أن توجد بين أي متغيرين‪ ،‬ال يكون بينهما أي ارتباط إطالقا‪ ،‬ك ن يوجد ارتباط طردي بين‬
‫درجات الذكاء وطول ألاطرال في سن الرشد‪ .‬أو بين درجات ذكاء ألاطفال ومستوم اراء‬
‫أسرهم‪.‬‬
‫ويصف الباحثون الذين ال يميلون إلى الطرق الكمية في البحث النفس ي‪ ،‬وأولئك الذين‬
‫ال يتوفرون على فهم جيد لشروط املنهج الارتباطي‪ ،‬أن حساب معامالت الارتباط ما هو إال‬
‫نوع من التالعب باألرقام‪ ،‬الذي ال جدوم منه علميا‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬تصميم البحوث الارتباطية‪.‬‬


‫جراء بحث ارتباطي‪ ،‬ينبغي السير وفق ما يلي‪.‬‬
‫‪ .1‬يبدأ الباحث بتحديد املتغيرات محل البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬ام يطرح سؤالا حول الارتباط بينها‪.‬‬
‫ـ هل يوجد ارتباط بين السعادة والتفاؤل ؟‬
‫ـ هل يوجد ارتباط بين التقوم وأداء الصالة ؟‬
‫ـ هل يوجد ارتباط بين سلوك املعلم كما يدركه التالميذ وتوافقهم الدراس ي ؟‬
‫‪ .3‬عرل املتغيرات تعريفا إجرائيا من خالل إجراءات قياسها‪.‬‬
‫‪ .4‬يبين كيف يقيسها ب دوات قياس جيدة من حيث معامالت صدقها واباتها‪ .‬ألن حجم‬
‫معامل الارتباط يت ار بكفاءة أدوات القياس لتحقيق نتائج مفيدة ومحل اقة‪.‬‬
‫‪ .5‬يحدد ألاصل العام الذي سحب منه العينة‪ .‬وال تتطلب البحوث الارتباطية عينات‬
‫كبيرة جدا‪ .‬فإذا كان الارتباط قائما بين املتغيرين‪ ،‬فإنه سيظهر بوضوح في عينة متجانسة‬
‫ذات حجم يقع بين ‪ 50‬ـ ‪ 80‬فردا‪ .‬ومن ألاحسن أال تقل عن ‪ 30‬فردا‪ .‬وإذا كان الباحث يريد‬
‫تعميم الاستنتاجات على أصل عام كبير‪ ،‬فإنه يكون مطالبا بسحب عينة عشوائية من ذلك‬
‫ألاصل‪.‬‬
‫‪ .6‬وأخ ـيرا‪ ،‬يـجـمـع البـاح ـث الب ـي ـانات الك ـمـية على متغيرين أو أكثر من العينة‪ ،‬ام يحسب‬
‫معامالت الارتباط بين الدرجات‪.‬‬
‫يذكر املؤلفون أن مصطلح التصميم الارتباطي مصطلح مضلل إلى حد ما‪ ،‬ألنه يفترض‬
‫أن الارتباطات بين املتغيرات يمكن تقديرها باستمرار باستعمال معامالت الارتباط‪ .‬واملشكلة‬
‫التي تواجه الباحثين عند استعمال معامالت الارتباط‪ ،‬هي أن هذت املعامالت تقيس نمطا‬

‫‪373‬‬
‫واحدا فقط من العالقة الارتباطية بين متغيرات البحث‪ ،‬تدعى العالقة الخطية املستقيمة‬
‫(وتع ي العالقة الخطية املستقيمة‪ ،‬أن لكل مقدار يادة في أحد املتغيرين‪ ،‬يرافقه نفس املقدار‬
‫من الييادة أو من النق ومتناسب معه في املتغير آلاخر)‪ .‬وهناك من يقوم ببحث نوع آخر‬
‫من العالقات الارتباطية‪ ،‬وهي الارتباطات املنحنية أو غير الخطية بين املتغيرات (يبدأ الارتباط‬
‫بين املتغيرين‪ ،‬في العالقة الارتباطية املنحنية‪ ،‬طرديا إلى نقطة معينة ام يتجه عكسيا)‪،‬‬
‫ويضعونها ضمن الفئة ذاتها أو تحم العنوان السابق نفسه‪ ،‬وهؤالء الباحثون قلة‪ .‬أما‬
‫الغالبية فيبحثون العالقات الخطية‪ .‬وهنا يقترح املؤلفون أنه ربما يكون من املالئم استبدال‬
‫مصطلح التصميم الارتباطي بصطلح التصميم العالقي‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬ستعمل مصطلح‬
‫التصميم الارتباطي التساقه مع إلانتاج الفكري الراسخ في علم النفس ومناهج البحث فيه‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬معامالت الارتباط‪.‬‬


‫يتضمن املنهج الارتباطي مجموعة من معامالت الارتباط التي تستعمل في البحث النفس ي‪.‬‬
‫وهي تختلف في أنواع املتغيرات‪ ،‬ومن ام ألاساليب إلاحصائية ومعادالتها‪ .‬أتناولها في الفقرات‬
‫التالية‪.‬‬

‫‪ )1‬معامل الارتباط التتابهي لبيرسون‪.‬‬


‫إن معامل الارتباط التتابهي أو الخطي أو البسيط‪ ،‬الذي طورت إلاحصا ي إلانجليزي‪ ،‬كارل‬
‫بيرسون‪ ،‬و سم معامل ارتباط بيرسون (‪ ،)C. Pearson‬هو مؤشر الارتباط ألاكثر شيوعا في‬
‫الاستعمال في مجال البحوث الارتباطية‪ .‬و ستعمل حين تكون البيانات الكمية في املستوم‬
‫الفتري أي املسافات املتساوية أو في املستوم النسبي من القياس‪.‬‬
‫ويحسب معامله عادة من الدرجات الخام‪ .‬وصيغة معادلته كما يلي‪.‬‬

‫ـ مج س × مج‬ ‫ن مج س‬
‫ر=‬
‫)‪{ ²‬‬ ‫‪ ²‬ـ (مج‬ ‫}ن مج س‪ ²‬ـ (مج س) ‪} { ²‬ن مج‬

‫‪374‬‬
‫حيث أن ‪:‬‬
‫ر = معامل الارتباط‪.‬‬
‫ن = عدد أ واج الدرجات‪.‬‬
‫مج = مجموع الدرجات للمتغير ألاول‪.‬‬
‫مج س = مجموع الدرجات للمتغير الثاني‪.‬‬
‫مج س = مجموع حاصل ضرب درجات املتغير ألاول في درجات املتغير الثاني‪.‬‬
‫مج س‪ = ²‬مجموع مربعات الدرجات املتغير ألاول‪.‬‬
‫مج ‪ = ²‬مجموع مربعات الدرجات للمتغير الثاني‪.‬‬

‫تمرين‪.‬‬
‫أراد ب ــاح ــث حس ـ ـ ـ ـ ــاب مع ــام ــل الارتب ــاط التت ــابهي بين متغيرين فتريين‪ ،‬هم ــا ‪ :‬الش ـ ـ ـ ــعور‬
‫ب ــالس ـ ـ ـ ـع ــادة والانبس ـ ـ ـ ـ ــاط‪ .‬ويبين الج ــدول الت ــالي ال ــدرج ــات الخ ــام على املتغيرين ومربع ــاته ــا‬
‫والدرجات الكلية الخام املقابلة لها ومربعاتها لعشرة مفحوصين‪ ،‬في الجدول رقم (‪.)8‬‬

‫الانبساط‬ ‫الشعور‬
‫س×‬ ‫‪²‬‬ ‫س‪²‬‬ ‫م‬
‫بالسعادة س‬
‫‪168‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪196‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪150‬‬ ‫‪225‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪90‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪168‬‬ ‫‪196‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪210‬‬ ‫‪225‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪196‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪169‬‬ ‫‪169‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪169‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪121‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪72‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪110‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪120‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪1378‬‬ ‫‪1482‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪1315‬‬ ‫‪113‬‬ ‫مجموع‬

‫‪375‬‬
‫وبالتعويض في معادلة كارل بيرسون‪ ،‬تكون النتيجة كما يلي‪.‬‬

‫‪ 1378 × 10‬ـ ‪120 × 113‬‬


‫ر=‬
‫}‪ 1315 × 10‬ـ (‪ 1482 × 10} { ²)113‬ـ (‪{ ²)120‬‬

‫‪220‬‬
‫ر = ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ = ‪0.550‬‬
‫‪400.02‬‬

‫تتم مقارنة معامل الارتباط املحصــل عليه بين الشــعور بالســعادة والانبســاط بما يقابله‬
‫في الجداول إلاحص ـ ـ ــائية الخاص ـ ـ ــة بمعامل ارتباط بيرس ـ ـ ــون عند درجة الحرية ن = ‪ ،18‬وهو‬
‫دال إحصائيا عند مستوم ‪.0.05‬‬
‫عود معامل ارتباط بيرسون إلى نفس العائلة إلاحصائية التي ينتمي إل ها املتوسط‬
‫الحسابي‪ .‬وعند حسابه يؤخذ بعين الاعتبار حجم كل درجة لكال املتغيرين‪ .‬و عد معامل ارتباط‬
‫بيرسون‪ ،‬مثل املتوسط الحسابي والانحرال املعياري‪ ،‬إحصاءة فترة (مستوم املسافات‬
‫املتساوية)‪ .‬كما يمكن استعماله أيضا مع بيانات النسبة‪.‬‬
‫ويقوم معامل ارتباط بيرسون على افتراض شكل ألاساس عند حسابه (كما ورد ذلك في‬
‫فقرة سابقة)‪ .‬ين على أن العالقة بين املتغيرين هي عالقة خطية‪ ،‬أي أن هناك خطا‬
‫مستقيما (يظهر في مخطط الانتشار) عطي تعبيرا معقوال لعالقة متغير بمتغير آخر‪ .‬وإذا كانم‬
‫هناك حاجة لخط منح ي للتعبير عن هذت العالقة‪ ،‬فيقال إن العالقة تشكل خطا منحنيا‬
‫(أو عالقة منحنية)‪.‬‬
‫إن الطريقة العملية يجاد ما إذا كانم الع ـالق ـة بين مـتـغ ـيـري ـن‪ ،‬خط ـية أو منحنية‪ .‬فإن‬
‫حساب معامل ارتباط بيرسون سيؤدي إلى سوء تقييم لدرجة العالقة‪ .‬وفي هذت الحالة‪ ،‬ينبغي‬
‫تطبيق مؤشر آخر مثل نسبة الارتباط "إيتا ‪."Eta‬‬
‫ويمكن تلخي شروط املتغيرات التي تحسب معامالت ارتباطها باستعمال معامل‬
‫ارتباط بيرسون فيما يلي‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫‪ .1‬أن تكون املتغيرات كمية متصلة‪ .‬أي تقع في املستوم الفتري‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تكون من املتغيرات التي تتو ع اعتداليا‪.‬‬
‫‪ .3‬أن تكون العالقة بينها خطية‪.‬‬

‫تفسير معامل الارتباط التتابهي لبيرسون‪.‬‬


‫عند ارتباط متغيرين ارتباطا عاليا وطرديا‪ ،‬فإن الارتباط بينهما سول يقترب من ‪.1 +‬‬
‫وعندما يرتبطان عاليا وعكسيا‪ ،‬فإن الارتباط بينهما يقترب من – ‪ .1‬وعندما يكون الارتباط‬
‫ضئيال بين املتغيرين‪ ،‬فإن الارتباط يقترب من الصفر‪ .‬ويقدم معامل الارتباط مؤشرا ذا داللة‬
‫لتوضيح العالقة بين متغيرين‪ ،‬حيث أن إشارة املعامل توضح اتجات الارتباط‪ ،‬وحجم الارتباط‬
‫يوضح درجة الارتباط‪.‬‬
‫ولكي يفسر الباحث معامل الارتباط‪ ،‬فإن ألامر يتطلب وضع الجوانب التالية بعين‬
‫الاعتبار‪.‬‬
‫‪ .1‬إن الارتباط ال شير إلى السببية‪ .‬إذا تبين أن متغيرين مرتبطان‪ ،‬فإن ذلك شير إلى أن‬
‫املواقع النسبية ألحد املتغيرين ترتبط باملواقع النسبية للمتغير آلاخر‪ .‬وال ع ي ذلك‪،‬‬
‫بالضرورة‪ ،‬أن التغيرات في متغير واحد تسببها التغيرات في املتغير آلاخر‪ .‬بحيث ال يمكن القول‬
‫ب ن التحصيل الدراس ي في الج ر سبب في التحصيل الدراس ي في الهندسة‪ .‬فقد يحدث معامل‬
‫ارتباط طردي ودال إحصائيا بين الدرجات في التحصيلين‪ ،‬ولكن ذلك عود إلى متغير االث‬
‫هو الاستعداد العددي للطالب الذين أجابوا على بنود الاختبارين‪.‬‬
‫‪ .2‬إن حجم الارتباط من ناحية جيئية دالة التشتم لتو عين سيجرم بحث ارتباطهما‪.‬‬
‫أي أنه كلما كانم الفروق الفردية واسعة بين الدرجات للمتغيرين كان معامل الارتباط مرتفعا‪.‬‬
‫‪ .3‬إن معامل الارتباط ال يفسر بداللة النسبة املئوية لالرتباط التام‪ .‬إن ألايخا غير‬
‫املدربين جيدا في إلاحصاء‪ ،‬يفسرون معامالت الارتباط أحيانا على أنها نسب مئوية الرتباط‬
‫تام‪ .‬إن معامل الارتباط الذي ساوي ‪ ،0.80‬ال يفسر بـ ‪ % 80‬من العالقة التامة بين املتغيرين‪.‬‬
‫إن هذا التفسير خاطئ‪ .‬إن إحدم طرق تحديد الدرجة التي يمكن عندها للباحث أن يتنب‬
‫بمتغير آخر‪ ،‬تكون عن طريق حساب مؤشر يدعى (معامل التحديد ‪Coefficient of‬‬
‫‪ )determination‬الذي ساوي مربع معامل الارتباط‪ .‬وهو عطي النسبة املئوية للتباين‪ ،‬في‬
‫متغير واحد‪ ،‬الذي يرتبط مع تباين املتغير آلاخر‪ .‬إن معامل الارتباط ‪ 0.80‬بين الذكاء‬

‫‪377‬‬
‫والتحصيل الدراس ي‪ ،‬شير إلى أن ‪ % 64‬من التباين في درجات الذكاء ترتبط مع التباين في‬
‫درجات اختبار التحصيل الدراس ي‪.‬‬
‫‪ .4‬تجنب تفسير معامل الارتباط بمع ى مطلق‪ .‬عند تفسير معامل ارتباط‪ ،‬ينبغي أخذ‬
‫الهدل الذي وضع من أجله بعين الاعتبار‪ .‬إن معامل ارتباط ‪ ،0.50‬قد يكون مقنعا‬
‫الستعماله بالتنبؤ باألداء مستقبال ملجموعة أيخا ‪ ،‬لكنه قد ال يكون محل اقة إذا‬
‫استعمل هذا املعامل للتنبؤ ب داء يخ واحد في مهارة مستقبال‪.‬‬

‫‪ )2‬معامل ارتباط سبيرمان‪.‬‬


‫عندما يريد الباحث حساب معامل الارتباط بين مجموعتين من البيانات تقع في املستوم‬
‫الرتبي‪ ،‬مثل ربط رتب التحصيل ملجموعة من التالميذ في كل من الرياضيات والفيياء‪ .‬أو ربط‬
‫بين الرتب التي منحها كل من مدير الثانوية ومساعدت ملجموعة من ألاساتذة‪ .‬إن معامل‬
‫الارتباط الذي ستعمل في هذت الحالة‪ ،‬هو معامل ارتباط سبيرمان "رو ‪ "rho‬ورميت ‪ ،p‬الذي‬
‫يحسب باملعادلة التالية‪.‬‬

‫‪ 6‬مج ل‪²‬‬
‫‪-1=P‬‬
‫ن (ن‪)1- ²‬‬

‫حيث أن‪.‬‬
‫‪ = P‬معامل ارتباط سبيرمان ‪.rho‬‬
‫مج ل‪ = ²‬مجموع مربعات الفروق بين الرتب‪.‬‬
‫ن = عدد أفراد العينة‪.‬‬

‫توضع البيانات الرتبية في جدول ذي خمسة أعمدة؛ يوضع في العامود ألاول أسماء أو‬
‫أرقام ألافراد‪ .‬وفي العامودين الثاني والثالث رتب املتغيرين‪ .‬وفي العامود الرابع توضع الفروق‬
‫بين الرتب‪ .‬وفي العامود الخامس توضع مربعات الفروق بين الرتب‪.‬‬
‫وعند ت ـرت ـي ـب ألاف ـراد ب ـه ـدل إي ـج ـاد م ـع ـام ـل ارتـ ـب ـاط ب ـيـن م ـج ـم ـوع ـت ـيـن م ـن الرت ـب‪ ،‬فمن‬

‫‪378‬‬
‫املحتمل أن يحصل اانان أو أكثر على نفس الرتبة‪ .‬فعندما يحصل اانان على الرتبة الثالثة‪،‬‬
‫فإنهما سيكونان الثالث والرابع في سلسلة الترتيب‪ ،‬ومن الضروري هنا منحهما املوقع‬
‫املتوسط‪ ،‬الذي هو ‪ .3.5‬أما الشخ الذي ي تي بعدهما فينال الرتبة الخامسة‪.‬‬
‫وينبغي لفم الانتبات إلى أنه ال يمكن حساب معامل ارتباط سبيرمان إال من بيانات رتبية‪.‬‬
‫وإذا كانم البيانات عبارة عن درجات‪ ،‬فينبغي تحويلها إلى رتب ام تستعمل معادلة "رو"‬
‫لسبيرمان‪.‬‬

‫تمرين‪.‬‬
‫أراد باحث حس ـ ــاب معامل الارتباط الرتبي بين ترتيب مدير املدرس ـ ــة الثانوية ومس ـ ــاعدت‬
‫للدراسة ملجموعة من ألاساتذة في ألاداء املنهي‪.‬‬
‫ويبين الجدول رقم (‪ )9‬البيانات املتعلقة بالترتيبين اللذين منحهما كل من مدير املدرسة‬
‫الثانوية ومساعد للدراسة لعشرة أساتذة‪.‬‬

‫‪²‬ل‬ ‫الفرق بين الترتيبين‬ ‫مساعد املدير‬ ‫املدير‬ ‫ألافراد‬


‫‪4‬‬ ‫‪2-‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫أ‬
‫‪4‬‬ ‫‪2-‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ب‬
‫‪4‬‬ ‫‪2+‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ج‬
‫‪4‬‬ ‫‪2+‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫د‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫هـ‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫و‬
‫‪1‬‬ ‫‪1-‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪1+‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ح‬
‫‪1‬‬ ‫‪1-‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬ ‫ط‬
‫‪1‬‬ ‫‪1+‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ي‬
‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬
‫وبالتعويض في معادلة "رو" لسبيرمان‪ ،‬نحصل على النتيجة التالية‪.‬‬

‫‪379‬‬
‫‪120‬‬ ‫‪20 × 6‬‬
‫‪ - 1 = P‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ = ‪ - 1‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ = ‪.0.88 = 0.12 – 1‬‬
‫‪990‬‬ ‫‪99 × 10‬‬

‫يقارن معامل الارتباط املحص ـ ـ ـ ــل عليه للترتيبين اللذين منحهما كل من مدير املدرس ـ ـ ـ ــة‬
‫الثانوية ومســاعدة للدراســة بما يقابله في الجداول إلاحصــائية الخاصــة بمعامل ارتباط "رو"‬
‫لسبيرمان عند درجة الحرية ن = ‪ ،18‬وهو دال إحصائيا عند مستوم ‪.0.01‬‬
‫إضـ ـ ــافة إلى ألاسـ ـ ــلوبين إلاحصـ ـ ــائيين لحسـ ـ ــاب معامالت الارتباط التتابهي والرتبي‪ ،‬توجد‬
‫أس ـ ـ ــاليب أخرم عديدة لحس ـ ـ ــاب قوة العالقة بين املتغيرات املختلفة‪ ،‬وفي املس ـ ـ ــتوم الفئوي‬
‫واملستوم الفتري‪ .‬وأتناول فيما يلي تلك ألاساليب‪.‬‬

‫‪ )3‬الارتباط الثنا ي‪.‬‬


‫ستعمل الارتباط الثنا ي يجاد العالقة بين متغير فتري أو نسبي ومتغير شبه اسمي انا ي‬
‫التفرع‪.‬‬
‫ويتطلب استعمال الارتباط الثنا ي افتراضا ين على أن املتغير الذي يقع تحم التفرع‬
‫الثنا ي هو متغير متصل أو مستمر واعتيادي (يتو ع اعتداليا)‪ .‬وبعبارة أخرم‪ ،‬يتكون التفرع‬
‫الثنا ي بصورة مصطنعة من متغير مستمر‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬يصنف الباحث مجموعة من الطالب إلى أعلى من املتوسط وأقل من املتوسط‬
‫في التحصيل الدراس ي‪ ،‬وفق نتائج الامتحانات في نهاية السنة الدراسية (إن التحصيل الدراس ي‬
‫وهو متغير فتري مستمر‪ ،‬صار متغيرا شبه اسمي انا ي التفرع بصورة مصطنعة)‪ .‬ويحسب‬
‫ارتباطه مع درجات الختبار الذكاء (متغير فتري مستمر)‪.‬‬
‫وبلغة أخرم‪ ،‬إذا كانم درجات أحد مكوني الارتباط من نوع املس ـ ـ ـ ــتمر أو الكم املتص ـ ـ ـ ــل‪.‬‬
‫ودرجات املكون آلاخر من نوع الكم املتص ــل الثنا ي‪ .‬في هذت الحالة‪ ،‬يحس ــب معامل الارتباط‬
‫الثنا ي‪ .‬ومعادلة حسابه كما يلي‪.‬‬

‫ن ×ن خ‬ ‫م –م خ‬
‫رث = ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ × ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫ي‬ ‫ع‬

‫‪380‬‬
‫حيث أن‪.‬‬
‫رث = معامل الارتباط الثنا ي‪.‬‬
‫م = متوس ـ ـ ـ ــط درجــات الــذكــاء للــذين يقعون في أعلى من املتوس ـ ـ ـ ــط في التحص ـ ـ ـ ـيــل‬
‫الدراس ي‪.‬‬
‫م خ = متوسط درجات الذكاء للذين يقعون في أقل من املتوسط في التحصيل الدراس ي‪.‬‬
‫ن = نسبة الطلبة الذين يقعون في فئة أعلى من املتوسط في التحصيل الدراس ي‪.‬‬
‫ن خ = نسبة الطلبة الذين يقعون في فئة أدن من املتوسط في التحصيل الدراس ي‪.‬‬
‫ع = الانحرال املعياري للدرجات الكلية في اختبار الذكاء لجميع املفحوصين‪.‬‬
‫ي = ي ع ي الارتفــاع الاعتـدالي (في املنح ى الاعتــدالي) الــذي يقع بين املسـ ـ ـ ـ ــاحــة الك رم‬
‫واملساحة الصغرم‪ .‬ويتم الحصول عل ها مباشرة من الجداول إلاحصائية‪.‬‬

‫تمرين‪.‬‬
‫أراد باحث حساب معامل الارتباط بين درجات الذكاء ومستويين في التحصيل الدراس ي؛‬
‫أعلى من املتوسط وأقل من املتوسط‪.‬‬
‫ويبين الجدول رقم (‪ )10‬الدرجات في الذكاء وفي مس ــتويين من التحص ــيل الدراسـ ـ ي لدم‬
‫‪ 14‬مفحوص ــا‪ .‬إن التحص ــيل الدراسـ ـ ي متغير فتري مس ــتمر‪ ،‬ولكنه منح رقمي ‪ 0 ،1‬ملس ــتوييه‬
‫ألنه صار متغيرا شبه اسمي‪ /‬فئوي‪.‬‬

‫التحصيل الدراس ي‬
‫أعلى من املتوسط ‪1‬‬ ‫الدرجات على الذكاء‬ ‫املفحوصون‬
‫أقل من املتوسط ‪0‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪381‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪151‬‬ ‫مجموع‬

‫وبالتعويض في املعادلة السابقة تكون النتيجة كما يلي ‪:‬‬

‫‪0.43 × 0.57‬‬ ‫‪7.67 – 13.25‬‬


‫رث = ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ × ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫‪0.3928‬‬ ‫‪5.36‬‬

‫رث = ‪.0.661 = 0.636 × 1.04‬‬


‫إن معامل الارتباط املحصــل عليه بين الذكاء والتحصــيل الدراس ـ ي طردي ومرتفع حيث‬
‫يفوق ‪ 0.5‬وهو مقبول‪.‬‬

‫‪ )4‬الارتباط الثنا ي ألاصيل‪.‬‬


‫ستعمل الارتباط الثنا ي ألاصيل‪ ،‬عندما يكون التفرع الثنا ي أصيال (أي حقيقيا وليس‬
‫مصطنعا)‪ .‬مثل ‪ :‬ريفي حضري‪ ،‬أمي متعلم‪ ،‬مدخن غير مدخن‪ ،‬ذكر أنثى عامل بطال‪ ،‬أيمن‬
‫أ سر وغيرت‪.‬‬
‫ومن أمثلة البحوث في هذا النوع من الارتباط‪ ،‬بحث العالقة بين الجنس والدافع إلى‬
‫ص ملتغير الجنس الذي تفرع انائيا أصيال (ذكر وأنثى) رقمان هما ‪.0 ،1 :‬‬ ‫إلانجا ‪ُ .‬وي َخ ّ‬
‫ويحسب ارتباط هذين الرقمين مع قيم املتغير املستمر (فتري أو نسبي) أي الدافع إلى إلانجا ‪،‬‬
‫في هذا املثال‪ .‬ومعادلة حسابه كما يلي‪.‬‬

‫‪382‬‬
‫مص– مس‬
‫نص×نخ‬ ‫×‬ ‫رث‪= 1‬‬
‫ع‬

‫حيث أن ‪:‬‬
‫رث‪ = 1‬معامل الارتباط الثنا ي ألاصيل‪.‬‬
‫م = املتوسط الحسابي لعينة الذكور في الدافع إلى إلانجا ‪.‬‬
‫م س = املتوسط الحسابي لعينة إلاناث في الدافع إلى إلانجا ‪.‬‬
‫ع = الانحرال املعياري للدرجات الكلية في الدافع إلى إلانجا ‪.‬‬
‫ن = نسبة درجات الذكور في الدافع إلى إلانجا ‪.‬‬
‫ن خ = نسبة درجات إلاناث في الدافع إلى إلانجا ‪.‬‬

‫تمرين‪.‬‬
‫أراد باحث حساب معامل الارتباط بين الجنس (ذكر أنثى) والدافع إلى إلانجا ‪.‬‬
‫ويبين الجدول رقم (‪ )11‬الدرجات على الدافع إلى إلانجا والرقمين اللذين منحا للذكور‬
‫وإلاناث وهما ‪ 0 ،1 :‬لدم ‪ 14‬مفحوصـ ــا‪ .‬إن الدافع إلى إلانجا متغير فتري مسـ ــتمر‪ ،‬والجنس‬
‫متغير اسمي انا ي أصيل منح رقمي ‪ 0 ،1‬لفئتيه‪.‬‬

‫الجنس‬
‫الدرجة على مقياس الدافع‬
‫ذكور ‪1‬‬ ‫املفحوصون‬
‫إلى إلانجا‬
‫إناث ‪0‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪383‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪151‬‬ ‫مجموع‬

‫وبالتعويض في املعادلة السابقة تكون النتيجة كما يلي ‪:‬‬

‫‪7.67 – 13.25‬‬
‫‪0.43 × 0.57‬‬ ‫×‬ ‫رث‪= 1‬‬
‫‪5.36‬‬

‫رث‪.0.52 = 0.50 × 1.04 = 1‬‬


‫بما أن معامل الارتباط املحصل عليه موجب ومرتفع حيث يفوق ‪ 0.5‬فإنه مقبول‪.‬‬

‫‪ )5‬معامل الارتباط الرباعي‪.‬‬


‫عندما يكون كل من املتغيرين مسـتمرا فعال‪ ،‬إال أنهما متفرعين بصـورة مصـطنعة‪ ،‬شـبه‬
‫اسـ ــمي‪ ،‬كل واحد صـ ــار انائيا‪ ،‬فإن معامل الارتباط الرباعي عت ر مؤشـ ــرا مناسـ ــبا‪ .‬و سـ ــتعمل‬
‫معامل الارتباط الرباعي مثال‪ ،‬يجاد عالقة بين الدافعية والتحصيل الدراس ي‪ ،‬عندما يكون‬
‫قد تم تفر ع كل من املتغيرين انائيا إلى قياس ـ ـ ـ ــات دون املتوس ـ ـ ـ ــط وفوق املتوس ـ ـ ـ ــط‪( .‬ص ـ ـ ـ ــارا‬
‫متغيرين شبه اسميين)‪.‬‬
‫وتتلخ طريقة حساب معامل الارتباط الرباعي في الخطوات التالية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ قياس الدافعية والتحصيل الدراس ي لدم مجموعة من ألافراد‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ تصـ ـ ــنيف ألافراد إلى انائيين؛ فوق املتوسـ ـ ــط وأدن املتوسـ ـ ــط في كل من الدافعية‬
‫والتحصيل الدراس ي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ رصد البيانات لكل من الدافعية والتحصيل الدراس ي في تو ع تكراري رباعي‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ حساب معامل الارتباط الرباعي الذي يدل على حجم الارتباط بين املتغيرين‪ .‬ومعادلة‬
‫حسابه كما يلي‪.‬‬

‫‪180 Cos‬‬
‫رب =‬
‫أ د‬
‫‪+1‬‬
‫بج‬

‫تمرين‪.‬‬
‫أجاب ‪ 160‬مفحوصـ ـ ــا على اسـ ـ ــتبيان يقيس الدافعية واختبار تحصـ ـ ــيلي في إحدم املواد‬
‫الدراسية‪.‬‬
‫ويبين الجدول التالي تلخي النتائج في تو ع تكراري رباعي في الجدول رقم (‪.)12‬‬

‫التحصيل الدراس ي‬
‫فوق املتوسط أدن املتوسط‬
‫ب ‪42‬‬ ‫أ ‪118‬‬ ‫فوق املتوسط‬
‫الدافعية‬
‫د ‪92‬‬ ‫ج ‪68‬‬ ‫أدن املتوسط‬

‫يبين الجدول رقم (‪ )12‬التو ع التكراري الرباعي لرصد البيانات لكل من الدافعية‬
‫والتحصيل الدراس ي‪ .‬وجاءت النتائج كانم كما يلي ‪ :‬أ = ‪ ،118‬ب = ‪ ،42‬ج = ‪ ،68‬د = ‪.92‬‬
‫وبالتعويض في املعادلة السابقة‪ ،‬يتم الحصول على معامل الارتباط الرباعي‪.‬‬

‫‪385‬‬
‫‪10856‬‬ ‫‪92 x 118‬‬ ‫أ د‬
‫= ‪3.80‬‬ ‫=‬ ‫=‬ ‫رب =‬
‫‪2856‬‬ ‫‪68 x 42‬‬ ‫بج‬

‫‪2.95 = 1.95 + 1 = 3.80‬‬ ‫‪+1‬‬

‫وبالتعويض حسب املعادلة السابقة ملعامل الارتباط الرباعي يكون ‪:‬‬

‫‪180‬‬ ‫رب = ‪cos‬‬


‫= ‪61.02 cos‬‬
‫‪2.95‬‬

‫وللحصول على معامل الارتباط الرباعي‪ ،‬ندخل القيمة العددية لـ ‪ cos‬في آلة حاسبة‬
‫علمية‪ ،‬ام نضغط على مفتاح ‪ .cos‬أو بالكشف عنها في جداول حساب املثلثات‪ .‬فنجد أن‬
‫رب = ‪.0.485‬‬
‫ولكن كيف نحدد إشارة معامل الارتباط الرباعي‪ .‬أي هل هي طردية أو عكسية ؟‬
‫للجابة عن هذا السؤال‪ ،‬نقول ‪ :‬إنه لو كانم الياوية بين صفر‪ 90 ،‬درجة‪ ،‬يكون معامل‬
‫الارتباط الرباعي طرديا‪ .‬أما إذا كانم بين ‪ 90‬ـ ‪ 180‬درجة‪ ،‬يكون معامل الارتباط عكسيا‪ .‬أما‬
‫إذا كانم تساوي ‪ 90‬درجة تماما‪ ،‬فإن معامل الارتباط الرباعي ساوي صفرا‪ .‬وحيث أن الياوية‬
‫التي حصلنا عل ها تساوي ‪ .62.02‬أي أقل من ‪ 90‬درجة‪ ،‬فإن معامل الارتباط الرباعي طردي‪.‬‬
‫وهناك طريقة أخرم لتحديد اتجات معامل الارتباط في الاتجات الطردي والاتجات العكس ي‪.‬‬
‫عندما يكون أ د أك ر من ب ج‪ ،‬يكون معامل الارتباط طرديا‪ ،‬كما هو الحال في املثال السابق‪.‬‬
‫وعندما يكون ب ج أك ر من أ د يكون معامل الارتباط عكسيا‪ .‬وفي هذت الحالة‪ ،‬يحسب‬
‫معامل الارتباط بقسمة ب ج على أ د‪ ،‬و سجل معامل الارتباط عكسيا‪.‬‬

‫‪ )6‬معامل فاي‪.‬‬
‫ستعمل معامل ارتباط فاي ‪ Phi‬عندما تكون بيانات املتغيـرين من النوع الاسمي‪/‬‬

‫‪386‬‬
‫الفئوي‪ .‬أي يصنف املفحوصون في كل منهما إلى فئتين أصليتين‪ .‬وتفصل بينهما مسافة‬
‫حقيقية ال تدل على قيم بينية بين فئات املتغير‪ .‬وينتمي معامل فاي إلى إلاحصاء الالبارامتري‪.‬‬
‫ومعادلته كما في الصيغة التالية‪.‬‬

‫أ د –ب ج‬
‫ر=‬
‫(أ ‪ +‬ب) (ج ‪ +‬د) (أ ‪ +‬ج) (ب ‪ +‬د)‬

‫تمرين‪.‬‬
‫أراد باحث حساب معامل ارتباط فاي بهدل التعرل على الارتباط بين الجنس ألساتذة‬
‫الجامعة الذين وافقوا على نظام ل م د والذين لم يوافقوا‪ .‬حيث يتفرع الجنس إلى فئتين‬
‫أصليتين هما ‪ :‬الذكور وإلاناث‪ .‬وتتفرع املوافقة على نظام ل م د إلى فئتين أصليتين هما ‪:‬‬
‫موافق‪ /‬غير موافق‪.‬‬

‫ويبيـن الج ـدول رقـم (‪ )13‬ب ـيـانـات املتغيـرين الاسمييـن ‪ :‬الجـنـس واملوافقـة عـلى ن ـظام ل‬
‫م د‪.‬‬

‫املوافقة موافق على نظام غير موافق على‬


‫املجموع‬
‫نظام ل م د‬ ‫لمد‬ ‫الجنس‬
‫‪72‬‬ ‫‪ 37‬ب‬ ‫‪ 35‬أ‬ ‫الذكور‬
‫‪48‬‬ ‫‪ 34‬د‬ ‫‪ 14‬ج‬ ‫إلاناث‬
‫‪120‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪49‬‬ ‫املجموع‬
‫ونعوض في املعادلة السابقة لحساب معامل فاي‪.‬‬

‫‪14 × 37 – 71 × 35‬‬
‫ر=‬
‫(‪)34 + 37( )14 + 35( )34 + 14( )37 + 35‬‬

‫‪387‬‬
‫‪518 – 2485‬‬
‫ر=‬
‫(‪)71( )49( )48( )72‬‬

‫‪1967‬‬
‫= ‪0.567‬‬ ‫ر=‬
‫‪3467.48‬‬

‫‪ )7‬الارتباط الجي ي‪.‬‬


‫إن أساليب الارتباط التي تم عرضها سابقا تستعمل لحساب معامالت الارتباط بين‬
‫متغيرين فقط‪ .‬لكن هناك بحواا تتناول أكثر من متغيرين وتحسب معامالت الارتباط بينها‪.‬‬
‫ومعامل الارتباط الجي ي من ألاساليب التي تستعمل لتحديد أي ارتباط يبق بين متغيرين‬
‫بعد إقصاء متغير آخر‪ .‬واملعرول أن الارتباط يحدث بين متغيرين ألن كل هما مرتبط بمتغير‬
‫االث‪ .‬والارتباط الجي ي يضبط هذا املتغير‪ .‬فمثال‪ ،‬يفترض باحث وجود ارتباط بين الاكتئاب‬
‫والتشاؤم‪ ،‬وكال هذان املتغيران يرتبطان بمتغير االث هو الي س‪ .‬إن درجات الاكتئاب والتشاؤم‬
‫سول ترتبط فيما بينها‪ ،‬ألن كل هما يرتبطان بالي س‪ .‬و ستعمل الارتباط الجي ي مع بيانات‬
‫هذت املتغيرات بهدل الحصول على حجم ارتباط بين الاكتئاب والتشاؤم مع استبعاد ت اير‬
‫الي س‪ .‬أما الارتباط الباقي بين املتغيرين بعد استبعاد ارتباطهما مع املتغير الثالث‪ ،‬فيدعى‬
‫الارتباط الجي ي من الدرجة ألاولى‪ .‬ويمكن استعمال الارتباط الجي ي الستبعاد أكثر من متغير‪.‬‬
‫و ستعمل فقط مع املتغيرات املتصلة املستمرة فترية أو نسبية‪ .‬ومعادلة حسابه كما يلي‪.‬‬

‫رأب – رأج × رب ج‬
‫رأب‪.‬ج =‬
‫[‪( - 1‬رأج)‪( – 1[ ]²‬رب ج)‪]²‬‬

‫تمرين‪.‬‬
‫أراد باحث التعرل على معامالت الارتباط بيـن كل من الاكتئاب والتشاؤم والي س‪،‬‬

‫‪388‬‬
‫والتعرل على حجم معامل الارتباط بين الاكتئاب والتشاؤم بعد العيل إلاحصا ي الرتباط‬
‫الي س بكل من الاكتئاب والتشاؤم‪ .‬وعليه أن سير في الخطوات التالية‪.‬‬
‫‪ .1‬كتابة رمو املتغيرات الثالث‪.‬‬
‫أ‪ .‬الاكتئاب‪ .‬ب‪ .‬التشاؤم‪ .‬ج‪ .‬الي س‪.‬‬
‫‪ .2‬حساب معامالت الارتباط الخطي بين كل من ‪:‬‬
‫أ ب = ‪0.70‬‬
‫أ ج = ‪0.75‬‬
‫ب ج = ‪0.68‬‬
‫‪ .3‬حساب الارتباط الجي ي وفق املعادلة السابقة‪.‬‬

‫‪0.68 × 0.75 – 0.70‬‬


‫رب‪ .‬ج =‬
‫[‪]²)0.68( – 1[ ]²)0.75( – 1‬‬

‫‪0.19‬‬ ‫‪0.19‬‬
‫= ‪.0.39‬‬ ‫=‬ ‫رأب – ج =‬
‫‪0.49‬‬ ‫‪0.54 × 0.44‬‬

‫‪ )8‬الارتباط املتعدد‪.‬‬
‫إن املشهور والعادي في البحوث الارتباطية‪ ،‬هو تناول الباحثين ملتغير واحد مستقل‪/‬‬
‫منبئ‪ ،‬ومتغير واحد تابع‪ /‬كمحك‪ .‬ولكن في أحيان أخرم‪ ،‬قد يتناول الباحثون عدة متغيرات‬
‫مستقلة (منبئة) عديدة‪ ،‬ومتغيرات تابعة (محكات) عديدة كذلك‪ .‬فاملتغيرات السلوكية قد‬
‫ترتبط بكثير من املتغيرات السلوكية ألاخرم‪ .‬ومن أجل تفسير معرفة كيف تؤار مجموعة من‬
‫املتغيرات مرتبطة فيما بينها‪ ،‬في متغير آخر أو متغيرات أخرم‪ ،‬يحتاج الباحثون إلى تناول‬
‫العديد منها في نفس البحث‪ .‬والعمل على التوصل إلى معامل عددي واحد يوضح العالقة‬
‫بين املتغير واملتغيرات ألاخرم التي يرتبط بها‪ .‬وفيما يلي مثال عن الارتباط املتعدد بين االاة‬
‫متغيرات ام الارتباط املتعدد بين أكثر من االاة متغيرات‪.‬‬

‫‪389‬‬
‫‪ 1‬ـ الارتباط املتعدد بين االاة متغيرات‪.‬‬
‫ق ـد يـتـسـ ـاءل ب ـاحـ ـث م ـث ـال‪ ،‬ع ـن ع ـدد امل ـت ـغ ـيـرات ال ـتي يـم ـك ـن ال ـربـط بينها من أجل التنبؤ‬
‫بفعالية إستراتجيات مواجهة الضغوط‪.‬‬
‫ويتولى الارتباط املتعدد الكشف عن هذت العالقة في مثل هذت البحوث‪ .‬وهو حساب‬
‫معامل الارتباط املتعدد بين االاة متغيرات؛ متغيران مستقالن منبئان ومتغير واحد تابع محك‪.‬‬
‫ومعادلة حسابه كما في الصيغة التالية ‪:‬‬

‫ر‪( + 2.1‬ر‪ × 2 - )3.1²‬ر‪ × 2.1‬ر‪ × 3.1‬ر‪3.2‬‬


‫ر‪= 3.2.1‬‬
‫‪( – 1‬ر‪)3.2²‬‬

‫حيث أن ‪:‬‬
‫ر‪ = 3.2.1‬معامل الارتباط املتعدد بين االاة متغيرات؛ متغيران مستقالن منبئان ومتغير‬
‫واحد تابع محك‪.‬‬
‫و يجاد معامل الارتباط املتعدد ينبغي إتباع الخطوات التالية‪ ،‬وإيجاد مطالب املعادلة‬
‫السابقة‪.‬‬
‫‪ .1‬حساب معامل الارتباط الخطي بين درجات املتغير املستقل ‪ 1‬ودرجات املتغير املستقل‬
‫‪( 2‬ر‪.)2.1‬‬
‫‪ .2‬حساب معامل الارتباط الخطي بين درجات املتغير املستقل ‪ 1‬ودرجات املتغير التابع ‪3‬‬
‫(ر‪.)3.1‬‬
‫‪ .3‬حساب معامل الارتباط الخطي بين درجات املتغير املستقل ‪ 2‬ودرجات املتغير التابع ‪3‬‬
‫(ر‪.)3.2‬‬
‫وأسفرت هذت الخطوات عن استخراج االاة معامالت ارتباط خطية‪.‬‬

‫تمرين‪.‬‬
‫كان هدل البحث هو معرفة دور الارتباط بين املساندة الاجتماعية ‪ 1‬والصالبة النفسية‬
‫‪( 2‬متغيرين مستقلين منبئين) في أساليب مواجهة الضغوط املهنية ‪( 3‬متغير تابع‪ /‬محك)‬
‫لدم عينة من العمال في مؤسسة ال ريد (ن = ‪.)63‬‬

‫‪390‬‬
‫وفيما يلي قيم معامالت الارتباط الخطي بين املتغيرات الثالاة‪.‬‬
‫‪ .1‬بين املساندة الاجتماعية والصالبة النفسية‪( .‬ر‪.0.65 = )2.1‬‬
‫‪ .2‬بين املساندة الاجتماعية وأساليب مواجهة الضغوط‪( .‬ر‪.0.50 = )3.1‬‬
‫‪ .3‬بين الصالبة النفسية وأساليب مواجهة الضغوط‪( ..‬ر‪0.70 = )3.2‬‬
‫وبالتعويض في املعادلة السابقة‪ ،‬نحصل على معامل الارتباط املتعدد‪.‬‬

‫‪0.70 × 0.50 × 0.65 × 2 - ²)0.50( + 0.65‬‬


‫ر‪= 3.2.1‬‬
‫‪²)0.70( – 1‬‬

‫‪0.70 × 0.50 × 0.65 × 2 - 0.25 + 0.65‬‬


‫ر‪= 3.2.1‬‬
‫‪0.49 – 1‬‬

‫‪0.44‬‬ ‫‪0.46 – 0.90‬‬


‫= ‪.0.620‬‬ ‫=‬ ‫ر‪= 3.2.1‬‬
‫‪0.71‬‬ ‫‪0.51‬‬

‫املحصل عليه بين كل من املساندة الاجتماعية والصالبة النفسية وأساليب‬‫ّ‬ ‫إن الارتباط‬
‫مواجهة الضغوط املهنية‪ ،‬ساوي ‪.0.620‬‬
‫ولحساب الداللة إلاحصائية ملعامل الارتباط املتعدد‪ ،‬ستعمل جدول معامالت الارتباط‬
‫املتعدد بدرجات الحرية عدد ألافراد – ‪( 3‬توجد معامالت الداللة إلاحصائية ملعامالت‬
‫الارتباط الخطي في الصفحات القادمة)‪ .‬وبما أن حجم العينة هو ‪ 63 :‬فردا (‪،)60 = 3 – 63‬‬
‫فإن معامل الارتباط املحسوب أك ر من معامل الارتباط الجدولي عند مستوم ‪ .0.01‬وهنا‬
‫يرفض الباحث الفرض الصفري الذي يقول بعدم وجود ارتباط بين املتغيرات الثالاة‪ ،‬وبالتالي‬
‫عدم التنبؤ بدور كل من املساندة الاجتماعية والصالبة النفسية بفعالية التعامل مع‬
‫الضغوط‪ .‬ويقبل الفرض البديل الذي يقول بإمكان التنبؤ بدور كل من املساندة الاجتماعية‬
‫والصالبة النفسية في فعالية التعامل مع الضغوط‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫‪ 2‬ـ الارتباط املتعدد بين أكثر من االاة متغيرات‪.‬‬
‫في بعض الحاالت‪ ،‬يريد الباحث معرفة العالقة بين أكثر من االاة متغيرات؛ فقد يكون‬
‫أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة متغيرات في بحث واحد‪ ،‬وفق طبيعة املتغيرات محل البحث‬
‫والعالقات بينها‪ ،‬كما يبينها إلاطار النظري للبحث؛ من نظريات وبحوث سابقة‪ ،‬ومالحظات‬
‫املمارسة العملية‪ .‬ويحتاج الباحث في هذت الحالة إلى الحصول على معامل عددي واحد يبين‬
‫له حجم عالقة املتغير محل البحث باملتغيرات ألاخرم جميعا‪.‬‬

‫تمرين‪.‬‬
‫تساءل باحث كما يلي ‪ :‬هل يمكن التنبؤ على ‪ )1‬مستوم التحصيل الدراس ي للتلميذ‬
‫(متغير تابع‪ /‬محك) من خالل ارتباطه بكل من ‪ )2 :‬التوافق الدراس ي‪ )3 .‬الدافعية نحو‬
‫الدراسة‪ )4 .‬الرضا عن الشعبة الدراسية‪ )5 .‬والعالقات باألساتذة‪ )6 .‬والعالقات باليمالء‪.‬‬
‫‪ )7‬والرضا عن التسيير إلاداري للمؤسسة (متغيرات مستقلة تنبؤية)‪ ،‬على عينة من تالميذ‬
‫التعليم الثانوي (ن = ‪.)93‬‬
‫ومن أجل التوصل إلى حجم معامل الارتباط املتعدد الذي يبين العالقة بين متغيرات‬
‫البحث‪ ،‬فإن الباحث مطالب بحساب معامالت الارتباط املتعدد التالية ‪( :‬والطريقة هي‬
‫نفسها عند حساب الارتباط املتعدد بين االاة متغيرات)‪.‬‬
‫‪ .1‬معامل الارتباط املتعدد بين كل من ‪ :‬التحصيل الدراس ي والتوافق الدراس ي والدافعية‪.‬‬
‫‪ .2‬معامل الارتباط املتعدد بين كل من التحصيل الدراس ي والرضا عن الشعبة الدراسية‬
‫والعالقة باألساتذة‪.‬‬
‫‪ .3‬معامل الارتباط املتعدد بين كل من التحصيل الدراس ي والعالقات باليمالء والرضا‬
‫عن التسيير إلاداري للمؤسسة‪.‬‬
‫وللحصول على معامل عددي واحد يبين حجم الارتباط بين التحصيل الدراس ي‬
‫واملتغيرات الستة ألاخرم‪ ،‬يقوم الباحث بما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬تحويل معامل الارتباط املتعدد إلى مقابله اللوغارتمي في الجدول الخا بذلك (يوجد‬
‫في الصفحة التالية)‪.‬‬
‫‪ .2‬حساب املتوسط الحسابي للمقابل اللوغارتمي ملعامالت الارتباط‪.‬‬
‫‪ .3‬تحويل املتوسط اللوغارتمي مرة أخرم إلى م ـقاب ـل ـه م ـن م ـعام ـالت الارت ـباط‪ ،‬وذلك فـي‬
‫الجدول الخا بذلك واملشار إليه في الفقرة رقم ‪ 1‬السابقة‪.‬‬

‫‪392‬‬
‫وفيما يلي معامالت الارتباط املتعدد في التمرين‪.‬‬
‫‪ .1‬بين التحصيل الدراس ي والتوافق الدراس ي والدافعية‪ .‬ر‪ 3.2.1‬ساوي ‪.0.48‬‬
‫‪ .2‬بين التحصيل الدراس ي والرضا عن الشعبة الدراسية والعالقة باألساتذة‪ .‬ر‪5.4.1‬‬
‫ساوي ‪.0.42‬‬
‫‪ .3‬التحصيل الدراس ي والعالقات باليمالء والرضا عن التسيير إلاداري للمؤسسة‪ .‬ر‪7.6.1‬‬
‫ساوي ‪.0.38‬‬
‫وبالرجوع إلى جدول املعامل اللوغارتمي‪ ،‬فإن املقابالت اللوغارتمية ملعامالت الارتباط‬
‫املتعدد السابقة هي ‪:‬‬
‫ر‪ 0.48 = 3.2.1‬مقابلها اللوغارتمي هو ‪.0.52 :‬‬
‫ر‪ 0.42 = 5.4.1‬مقابلها اللوغارتمي هو ‪.0.45 :‬‬
‫ر‪ 0.38 = 7.6.1‬مقابلها اللوغارتمي هو ‪.0.40 :‬‬
‫ويكون املتوسط الحسابي للمقابالت اللوغارتمية كما يلي ‪:‬‬

‫‪1.37‬‬ ‫‪0.40 + 0.45 + 0.52‬‬


‫= ‪.0.46‬‬ ‫=‬ ‫م=‬
‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬

‫ومعامل الارتباط املقابل للمتوسط ‪ 0.46‬اللوغارتمي هو = ‪ .0.43‬وهو نفسه معامل‬


‫الارتباط املتعدد بين التحصيل الدراس ي والتوافق الدراس ي والدافعية نحو الدراسة والرضا‬
‫عن الشعبة الدراسية والعالقات باألساتذة والعالقات باليمالء والرضا عن التسيير إلاداري‬
‫للمؤسسة‪.‬‬
‫ولحساب الداللة إلاحصائية ملعامل الارتباط املتعدد‪ ،‬ستعمل جدول معامالت الارتباط‬
‫الخطي بدرجات الحرية ن – ‪( .3‬عدد ألافراد – عدد معامالت الارتباط املتعدد‪ ،‬وهي االاة)‬
‫وبما أن حجم العينة هو ‪ 93‬فردا (‪ ،)90 = 3 – 93‬فإن معامل الارتباط املحسوب أك ر من‬
‫معامل الارتباط الجدولي عند مستوم ‪ .0.01‬وهنا يرفض الباحث الفرض الصفري الذي‬
‫يقول بعدم وجود ارتباط بين املتغيرات الثالاة‪ ،‬وبالتالي عدم التنبؤ بمستوم التحصيل‬
‫الدراس ي‪ ،‬من خالل ارتباطه بمتغيرات البحث الستة‪ .‬ويقبل الفرض البديل الذي يقول‬
‫بإمكان التنبؤ بمستوم التحصيل الدراس ي من خالل ارتباطه باملتغيرات الستة‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫مالحظة‪.‬‬
‫شير علماء إلاحصاء إلى أنه في حالة الارتباط الجي ي والارتباط املتعدد‪ ،‬فإن إلاشارات‬
‫ّ‬
‫املحصل عليه‪ ،‬يتعلق ب كثر‬ ‫املوجبة والسالبة ال تدل على اتجات الارتباط‪ ،‬ألن معامل الارتباط‬
‫من متغيرين‪.‬‬

‫الجداول إلاحصائية لتحويل معامالت الارتباط (ر) إلى املقابل اللوغارتمي ( )‬


‫أوال ‪ :‬معامالت الارتباط ‪ 0.25‬ف ك ر أي التو ع غير الاعتدالي‬
‫ويبين الجدول رقم (‪ )14‬معامالت ر ومقابالتها من معامالت‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫‪1.56 0.915 1.00 0.76 0.68 0.59 0.45 0.42 0.26 0.25‬‬
‫‪1.59 0.920 1.02 0.77 0.69 0.60 0.46 0.43 0.27 0.26‬‬
‫‪1.62 0.925 1.05 0.78 0.70 0.61 0.47 0.44 0.28 0.27‬‬
‫‪1.66 0.930 1.07 0.79 0.73 0.62 0.48 0.45 0.29 0.28‬‬
‫‪1.70 0.935 1.10 0.80 0.74 0.63 0.50 0.46 0.30 0.29‬‬
‫‪1.74 0.940 1.13 0.81 0.76 0.64 0.51 0.47 0.31 0.30‬‬
‫‪1.78 0.945 1.16 0.82 0.78 0.65 0.52 0.48 0.32 0.31‬‬
‫‪1.83 0.950 1.19 0.83 0.79 0.66 0.54 0.49 0.33 0.32‬‬
‫‪1.89 0.955 1.22 0.84 0.81 0.67 0.55 0.50 0.34 0.33‬‬
‫‪1.95 0.960 1.26 0.85 0.82 0.68 0.56 0.51 0.35 0.34‬‬
‫‪2.01 0.965 1.29 0.86 0.85 0.69 0.58 0.52 0.37 0.35‬‬
‫‪2.09 0.970 1.33 0.87 0.87 0.70 0.59 0.53 0.38 0.36‬‬
‫‪2.18 0.975 1.38 0.88 0.89 0.71 0.60 0.54 0.39 0.37‬‬
‫‪2.30 0.980 1.42 0.89 0.91 0.72 0.62 0.55 0.40 0.38‬‬
‫‪2.44 0.985 1.47 0.90 0.93 0.73 0.63 0.56 0.41 0.39‬‬
‫‪2.65 0.990 1.50 0.905 0.95 0.74 0.65 0.57 0.42 0.40‬‬
‫‪2.99 0.995 1.53 0.910 0.97 0.75 0.66 0.58 0.44 0.41‬‬

‫‪394‬‬
‫اانيا ‪ :‬معامالت الارتباط اقل من ‪ 0.25‬أي التو ع الاعتدالي‬
‫ويبين الجدول رقم (‪ )15‬معامالت ر ومقابالتها من معامالت‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫‪0.198 0.195 0.131 0.130 0.065 0.065 0.000 0.000‬‬
‫‪0.203 0.200 0.136 0.135 0.070 0.070 0.005 0.005‬‬
‫‪0.208 0.205 0.141 0.140 0.075 0.075 0.010 0.010‬‬
‫‪0.213 0.210 0.146 0.145 0.080 0.080 0.015 0.015‬‬
‫‪0.218 0.215 0.151 0.150 0.085 0.085 0.020 0.020‬‬
‫‪0.224 0.220 0.156 0.155 0.090 0.090 0.025 0.025‬‬
‫‪0.229 0.225 0.161 0.160 0.095 0.095 0.030 0.030‬‬
‫‪0.234 0.230 0.167 0.165 0.100 0.100 0.035 0.035‬‬
‫‪0.239 0.235 0.172 0.170 0.105 0.105 0.040 0.040‬‬
‫‪0.245 0.240 0.177 0.175 0.110 0.110 0.045 0.045‬‬
‫‪0.250 0.245 0.182 0.180 0.116 0.115 0.050 0.050‬‬
‫‪0.187 0.185 0.121 0.120 0.055 0.055‬‬
‫‪0.192 0.190 0.126 0.125 0.060 0.060‬‬

‫الجداول رقم (‪ )16‬الداللة إلاحصائية ملعامالت الارتباط املتعدد‬


‫(درجات الحرية = عدد ألافراد – عدد معامالت الارتباط املتعدد)‬
‫عدد معامالت الارتباط املتعدد‬ ‫مستوم‬
‫د‪ .‬ح‬
‫‪9‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫الداللة‬
‫‪1.000 1.000 1.000 .999 .999 .999‬‬ ‫‪0.05‬‬
‫‪1‬‬
‫‪1.000 1.000 1.000 1.000 1.000 1.000‬‬ ‫‪0.01‬‬
‫‪.904 .992 .990 .987 .983 .976‬‬ ‫‪0.05‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.999 .998 .998 .998 .997 .985‬‬ ‫‪0.01‬‬
‫‪.937 .973 .968 .961 .950 .930‬‬ ‫‪0.05‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.993 .991 .990 .987 .983 .976‬‬ ‫‪0.01‬‬
‫‪.961 .950 .942 .930 .912 .883‬‬ ‫‪0.05‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪395‬‬
.984 .979 .975 .970 .962 .949 0.01
.941 .925 .914 .898 .874 .836 0.05
5
.971 .963 .957 .949 .937 .917 0.01
.920 .900 .886 .867 .839 .796 0.05
6
.957 .946 .938 .927 .911 .886 0.01
.900 .876 .860 .838 .807 .758 0.05
7
.942 .928 .918 .904 .885 .855 0.01
.880 .854 .835 .811 .777 .726 0.05
8
.926 .909 .898 .882 .860 .827 0.01
.861 .832 .812 .786 .750 .697 0.05
9
.911 .891 .878 .861 .836 .800 0.01
.843 .812 .790 .763 .726 .671 0.05
10
.895 .874 .859 .840 .814 .776 0.01
.826 .792 .770 .741 .703 .648 0.05
11
.880 .857 .841 .821 .793 .753 0.01
.809 .774 .751 .722 .683 .627 0.05
12
.866 .841 .824 .802 .773 .732 0.01
.794 .757 .733 .703 .664 .608 0.05
13
.852 .825 .807 .785 .755 .712 0.01
.779 .741 .717 .686 .646 .590 0.05
14
.838 .810 .792 .768 .737 .634 0.01
.765 .726 .701 .670 .636 .574 0.05
15
.825 .796 .776 .752 .721 .677 0.01
.751 .712 .686 .655 .615 .659 0.05
16
.813 .782 .762 .738 .706 .682 0.01
.738 .698 .671 .641 .601 .545 0.05
17
.800 .769 .749 .724 .691 .647 0.01
.726 .686 .660 .628 .587 .632 0.05 18

396
.789 .756 .736 .710 .678 .633 0.01
.714 .674 .647 .615 .575 .520 0.05
19
.778 .744 .723 .698 .665 .620 0.01
.703 .662 .636 .604 .563 .509 0.05
20
.767 .733 .712 .685 .652 .608 0.01
.693 .651 .634 .692 .562 .498 0.05
21
.756 .722 .700 .674 .641 .596 0.01
.682 .640 .614 .582 .542 .488 0.05
22
.746 .712 .690 .663 .630 .585 0.01
.573 .630 .604 .672 .532 .479 0.05
23
.736 .701 .679 .652 .619 .574 0.01
.661 .631 .594 .562 .523 .470 0.05
24
.727 .692 .669 .642 .609 .565 0.01
.654 .612 .586 .553 .514 .462 0.05
25
.718 .682 .660 .633 .600 .555 0.01
.645 .603 .576 .545 .506 .454 0.05
26
.709 .673 .651 .624 .590 .546 0.01
.637 .594 .568 .536 .498 .446 0.05
27
.701 .664 .642 .615 .582 .538 0.01
.629 .586 .560 .528 .490 .439 0.05
28
.692 .656 .634 .606 .573 .530 0.01
.621 .579 .552 .521 .482 .432 0.05
29
.635 .648 .625 .598 .565 .522 0.01
.614 .571 .545 .614 .476 .426 0.05
30
.677 .640 .618 .591 .558 .514 0.01
.580 .538 .512 .482 .445 .307 0.05
35
.642 .605 .582 .556 .523 .481 0.01
.551 .509 .484 .455 .419 .373 0.05 40

397
.612 .575 .552 .526 .494 .454 0.01
.526 .485 .460 .432 .397 .353 0.05
45
.586 .549 .527 .501 .470 .430 0.01
.504 .464 .440 .412 .379 .336 0.05
50
.562 .526 .504 .479 .449 .410 0.01
.467 .429 .406 .380 .348 .308 0.05
60
.562 .526 .504 .479 .449 .410 0.01
.438 .401 .379 .354 .324 .286 0.05
70
.491 .456 .436 .413 .386 .351 0.01
.413 .377 .356 .332 .304 .269 0.05
80
.464 .431 .411 .389 .362 .330 0.01
.392 .358 .338 .315 .288 .254 0.05
90
.441 .409 .390 .368 .343 .312 0.01
.374 .341 .322 .300 .274 .241 0.05
100
.421 .390 .372 .351 .327 .297 0.01
.338 .307 .290 .269 .246 .216 0.05
125
.381 .352 .335 .316 .294 .266 0.01
.310 .282 .266 .247 .226 .198 0.05
160
.351 .324 .308 .290 .270 .244 0.01
.271 .246 .231 .215 .196 .172 0.05
200
.307 .283 .269 .253 .234 .212 0.01
.223 .202 .190 .176 .158 .141 0.05
300
.253 .233 .221 .208 .192 .174 0.01
.194 .176 .166 .163 .139 .122 0.05
400
.194 .176 .166 .163 .139 .122 0.01
.174 .157 .148 .137 .124 .109 0.05
500
.198 .182 .172 .162 .150 .135 0.01
.124 .112 .105 .097 .088 .077 0.05 1000

398
‫‪.141‬‬ ‫‪.129‬‬ ‫‪.122‬‬ ‫‪.115‬‬ ‫‪.106‬‬ ‫‪.096‬‬ ‫‪0.01‬‬

‫سابعا ‪ :‬تفسير معامل الارتباط‪.‬‬


‫قد يكون حساب معامل الارتباط بسيطا‪ ،‬لكن تفسيرت قد ّ‬
‫يحير الباحث‪ .‬فهو من أك ر‬
‫إلاحصاءات التي أس يء تفسيرها أو فسرت بشكل مفرط‪ .‬ومن ألاخطاء التي يقع ف ها الباحثون‬
‫لتفسير معامل الارتباط‪ ،‬اعتقادهم ب نه قيمة مطلقة مثل القيم املناظرة للطول أو الو ن‬
‫مثال‪ .‬أو على أنه نسبة مئوية‪ .‬فمثال معامل الارتباط ‪ ،0.25‬ال عت ر نصف معامل الارتباط‬
‫‪ ،0.50‬ومعامل الارتباط ‪ 0.50‬ال عت ر كذلك‪ ،‬نصف معامل الارتباط الذي قيمته ‪ 1‬صحيح‪.‬‬
‫والفرق بين معاملي الارتباط ‪ 0.40‬و ‪ 0.60‬ال ساوي الفرق بين معاملي الارتباط ‪ 0.70‬و‬
‫‪ .0.90‬إن معامل الارتباط هو مقدار مجرد‪ ،‬وال يقاس على ميزان خطي وحداته متساوية‪.‬‬
‫كما ال يجب تفسير معامل الارتباط على أساس وحدات الدرجات ألاصلية‪ .‬حيث أن قيمة‬
‫معامل الارتباط تكون مستقلة عن الوحدات التي يقاس بها املتغيران والقيم التي ي خذها كل‬
‫منهما‪.‬‬
‫وربما عتقد الباحثون أن معامالت الارتباط التي تنحصر قيمها بين ‪ 0.30‬و ‪0.70‬‬
‫متوسطة‪ .‬أي تع ر عن ارتباطات متوسطة‪ .‬بينما عت ر معامالت الارتباط التي تقل قيمها عن‬
‫ذلك ضعيفة‪ .‬أما إذا ادت قيمها عن ذلك فتعت ر مرتفعة‪.‬‬
‫ولكن هذت الاعتقادات ليسم صحيحة حسب ألاساليب إلاحصائية الاستداللية‪ .‬فداللة‬
‫معامل الارتباط هي دالة لحجم العينة‪ .‬حيث أن معامل الارتباط املرتفع املحصل عليه من‬
‫عينة صغيرة‪ ،‬ربما ال يكون لها أي مع ى إطالقا لالستدالل بها على الارتباط في املجتمع ألاصلي‬
‫الذي سحبم منه العينة‪.‬‬
‫كما أن هذت الاعتقادات خاطئة أيضا من وجهة نظر إلاحصاء الوصفي‪ .‬حيث أن طبيعة‬
‫كل من العينة واملتغيرات موضع البحث والهدل من استعمال معامل الارتباط تعت ر من‬
‫العوامل التي تحدد ما إذا كانم قيمة معامل الارتباط مرتفعة أم منخفضة‪ .‬إن معامل‬
‫الارتباط بين اختبار يقيس الاستعداد على التعلم لدم تالميذ املرحلة الثانوية‪ ،‬ودرجاتهم في‬
‫اختبارات التحصيل ألاكاديمي عند التحاقهم بالجامعة‪ ،‬والذي يكون ‪ ،0.70‬ربما يكون له‬
‫مع ى‪ .‬بينما معامل الارتباط بين صورتين متكافئتين الختبار تحصيلي تبلغ قيمته ‪ 0.70‬ربما‬
‫عت ر منخفضا‪ ،‬مما ستدعي مراجعة الاختبارين أو أحدهما‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫وتوجد آراء مختلفة ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار‪ ،‬عند تقييم حجم الارتباط وفائدته‬
‫العملية‪.‬‬

‫حجم معامل الارتباط‪.‬‬


‫في هذا ألامر‪ ،‬ينبغي أن يقرر الباحث ما إذا كان معامل الارتباط عاليا بما يكفي لهدل‬
‫بحثي معين‪ .‬ويمكن تقييم الحجم ضمن الطرق التالية ‪:‬‬

‫‪ .1‬حجم الارتباط والصدق التنبؤي‪.‬‬


‫من الناحية العملية‪ ،‬فإن التصنيفات الخاصة بوصف درجة أهمية مستوم العالقة‬
‫بين املتغيرات املرتبطة‪ ،‬هي كما يبينها الجدول رقم (‪.)17‬‬

‫مستوم العالقة‬ ‫حجم معامل الارتباط‬


‫عالية جدا‬ ‫‪ 1.00‬ـ ‪0.86‬‬
‫عالية‬ ‫‪ 0.85‬ـ ‪0.70‬‬
‫معتدلة‬ ‫‪ 0.69‬ـ ‪0.50‬‬
‫منخفضة‬ ‫‪ 0.49‬ـ ‪0.20‬‬
‫تهمل‬ ‫‪ 0.19‬ـ ‪0.00‬‬

‫إن من عيوب التصنيف في الجدول السابق‪ ،‬هو أن الحدود بين قيم معامالت الارتباطات‪،‬‬
‫هي حدود تعسفية اعتباطية‪ .‬فمعامل الارتباط ‪ 0.84‬مثال‪ ،‬شبه معامل الارتباط ‪ 0.86‬أكثر‬
‫مما شبه معامل الارتباط ‪ .0.75‬رغم أن معامل الارتباط ‪ 0.84‬تقع في صنف معامل الارتباط‬
‫‪.0.70‬‬
‫إن تقييم مؤشر القوة النسبية لالرتباط‪ ،‬الذي ال ينطوي على تصنيفات تعسفية‪ ،‬هو‬
‫مربع معامل الارتباط‪ .‬أي تربيع معامل الارتباط الذي تم حسابه بين املتغيرين‪ ،‬ويرمي له بـ‬
‫"ر‪ ،"²‬و سم معامل التحديد ‪ .Coefficient of determination‬ويوضح مربع معامل‬
‫الارتباط هذا‪ ،‬نسبة التباين التي شترك ف ها املتغيران‪ .‬فإذا كان "ر" بين درجات الاستعداد‬
‫لتعلم القراءة ودرجات الامتحان في القراءة هو ‪ ،0.50‬فإن نسبة التباين في درجات الاستعداد‬

‫‪400‬‬
‫لتعلم القراءة يمكن التنبؤ بها لدرجات امتحان القراءة‪ ،‬وهي ‪ :‬ر‪ ،0.25 = ²50 = ²‬أما بقية‬
‫‪ 0.75‬من التباين‪ ،‬فهي تمثل النسبة التي ال يفسرها الارتباط الذي تم حسابه‪.‬‬
‫وإذا كان "ر" بين درجات الذكاء ودرجات التحصيل الدراس ي هو ‪ ،0.75‬فإن نسبة التباين‬
‫في درجات التحصيل الدراس ي يمكن التنبؤ بها من درجات الذكاء‪ ،‬وهي ‪ :‬ر‪،0.56 = ²75 = ²‬‬
‫أما بقية ‪ 0.44‬من التباين فهي تمثل النسبة التي ال يفسرها الارتباط الذي تم حسابه‪ .‬و سم‬
‫معامل الاغتراب أو عدم التحديد ‪ Coefficient of Nondetermination‬ألن قيمته تع ر عن‬
‫الجيء من التباين في أحد املتغيرين الذي ال يمكن التنبؤ به أو تحديدت باستعمال قيم املتغير‬
‫آلاخر‪.‬‬
‫ونظرا ألن معامالت الارتباط التي تتراوح بين ‪ 0.10‬و ‪ ،0.30‬تبين أن جيءا صغيرا من‬
‫التباين في يقترن بالتباين في س بين ‪ % 1‬إلى ‪ .% 9‬وفي الحقيقة‪ ،‬أن معامل الارتباط ‪0.50‬‬
‫الذي عت رت كثير من الباحثين في علم النفس معامال مرتفعا‪ ،‬شير إلى أن ‪ % 25‬من التباين‬
‫في املتغير يقترن بالتباين في املتغير س‪ .‬و شير هذا أيضا إلى أن ‪ % 75‬من التباين في‬
‫يقترن بعوامل أخرم تختلف عن املتغير س‪ .‬ومن هنا يتبين أن الباحث يحتاج إلى معامل‬
‫ارتباط مقدارت ‪ 0.71‬لكي عت ر أن نصف التباين في املتغير يقترن بالتباين في املتغير س‪.‬‬

‫‪ .3‬مقارنة مع معامالت ارتباط أخرم‪.‬‬


‫يجب تقييم حجم معامل الارتباط بالنسبة ملعامالت ارتباط أخرم للمتغيرات ذاتها‪ ،‬أو‬
‫ملتغيرات مماالة‪ .‬فمثال‪ ،‬معامل ارتباط قدرت ‪ ،0.75‬سيعت ر منخفضا لالرتباط بين شكلين‬
‫متكافئن الختبار تحصيلي‪ ،‬لكنه عت ر عاليا بالنسبة لالرتباط بين مقياس لالستعداد ودرجات‬
‫الختبار تحصيلي‪ .‬وكذلك معامل الارتباط الذي قيمته ‪ 0.40‬بين مقياس يقيس الاستعداد‬
‫املنهي ودرجات مقياس يقيس ألاداء املنهي‪ ،‬عت ر منخفضا العتبارات عملية‪ ،‬ولكن تربيعه وهو‬
‫‪ % 16 :‬من التباين في املقياس الثاني الذي يمكن التنبؤ به من درجات املقياس ألاول‪ ،‬عت ر‬
‫تباينا مفيدا يكفي التخاذ قرارات توظيف طالبي الوظائف‪ .‬ولكن السهي لبناء مقاييس للتنبؤ‬
‫تصل معامالت ارتباطاتها مع ألاداءات املختلفة في املدارس أو في الجامعات أو في املهن‪ ،‬إلى‬
‫‪ 0.50‬ف كثر‪ ،‬يمكن أن يكون ذا قيمة عالية‪ .‬ألن تربيعه ساوي ‪ % 25 :‬شجع على استعماله‬
‫لألغراض التي أنش ئ من أجلها‪.‬‬
‫إن إحدم طرق تقييم حجم الارتباط‪ ،‬تكون بالنظر إليه على أنه أعلى من حجم ارتباط‬
‫آخر ينافسه‪ ،‬وأنه منخفض من حجم ارتباط آخر ينافسه‪ .‬وينبغي على الباحث أن يراجع‬

‫‪401‬‬
‫البحوث السابقة‪ ،‬لتقييم الارتباطات املوجودة لتحديد أية مستويات من الارتباط ينبغي‬
‫استعماله ملختلف البيانات‪.‬‬

‫‪ .4‬الداللة إلاحصائية والفائدة العملية‪.‬‬


‫عند تقييم حجم معامل الارتباط‪ ،‬ينبغي ألاخذ بعين الاعتبار حجم العينة التي ستند‬
‫إل ها الارتباط والفروق الفردية ف ها‪ .‬إن العينة عندما يكون حجمها صغيرا (‪ 30‬فردا ف قل)‬
‫من املحتمل أن يكون بين أفرادها تباين واسع‪ ،‬في تي حجم معامل الارتباط كبيرا‪ ،‬فيصل إلى‬
‫الداللة إلاحصائية‪ ،‬ولكنه قد يكون غير مفيد عمليا‪ ،‬أي ال عطينا تنبؤا قويا من املتغير س‬
‫على املتغير ‪ .‬وعندما يكون حجم العينة كبيرا (أكثر من ‪ 90‬فردا) يكون بين أفرادها تجانس‪،‬‬
‫فينخفض حجم معامل الارتباط‪ ( ،‬ساوي ‪ 0.267‬مثال)‪ ،‬ويصل إلى الداللة إلاحصائية عند‬
‫‪ .0.01‬ولكن ما فائدته العملية في مجال التنبؤ كذلك‪ .‬يبذل باحث جهدا ووقتا وماال‪ ،‬ليجمع‬
‫معلومات عن ‪ 1000‬فرد أو أكثر‪ ،‬فيحصل على معامل ارتباط ساوي ‪ ،0.10‬ودال إحصائيا‪،‬‬
‫ولكن رغم هذا الجهد‪ ،‬والحر من أجل إنجا ما هو جيد‪ ،‬إال أنه ال فائدة منه‪ .‬ألن معامل‬
‫الارتباط الذي قيمته تساوي ‪ 0.10‬قريب من الصفر‪ ،‬رغم داللته إلاحصائية‪.‬‬
‫واملع ى من كل هذا الكالم‪ ،‬أنه إذا كان الارتباط موجودا فعال بين املتغيرين‪ ،‬كاالرتباط‬
‫بين الاكتئاب والي س‪ ،‬أو بين الخجل والتوافق الاجتماعي‪ ،‬أو بين الطموح والدافع إلى إلانجا ‪،‬‬
‫فإن العينة النموذجية الستخراج معامل الارتباط محل اقة‪ ،‬ينبغي أن يتراوح عدد أفرادها‬
‫بين ‪ 50‬ـ ‪ 80‬فردا‪ .‬بمع ى أنه إذا كان يوجد ارتباط بين املتغيرين‪ ،‬فإن عينة تتراوح بين ‪ 50‬ـ ‪80‬‬
‫أو ‪ 90‬فردا‪ ،‬سول تكون كافية ظهارت‪( .‬راجع فقرة سابقة في هذا الفصل ‪ :‬شروط استعمال‬
‫ّ‬
‫الطرق الارتباطية‪ .‬وتذكر كذلك‪ ،‬مبدأ أو فرض العالقة الخطية‪ ،‬ك ساس لحساب معامل‬
‫الارتباط)‪.‬‬

‫ّ‬
‫اامنا ‪ :‬الارتباط والعلية‪.‬‬
‫ّ‬
‫العلية أو‬ ‫إن هدل التصميمات الارتباطية هو البحث عن التنبؤات وليس البحث عن‬
‫السببية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يقول علماء املنهجية في علم النفس ‪" :‬الارتباط ال ع ي وجود عالقة علية أو سببية"‪.‬‬
‫ويقولون كذلك‪" ،‬إن الظواهر واملتغيرات في طبيعتها مستقلة عن بعضها إال إذا تبين أنها‬
‫مرتبطة كميا"‪ .‬واملثال على ذلك‪ ،‬أنه رغم مالحظة وجود عالقة بين متغيرات كاالكتئاب‬

‫‪402‬‬
‫والي س والتشاؤم‪ ،‬إال أنها في طبيعتها متغيرات مستقلة عن بعضها‪ ،‬إال إذا تبين أن بينها‬
‫ارتباط كمي‪.‬‬
‫يكمن الضعف ألاساس ي الذي تعاني منه البحوث الارتباطية في كونها ال يمكن استعمالها‬
‫وال توظيفها للخروج منها باستنتاجات سببية بحتة في فهم السلوك البشري‪ .‬ولذا فإن الفهم‬
‫الجيد الذي يقوم عليه التصميم البحثي في هذت الحالة‪ ،‬هو ‪" :‬أن الارتباط ال ع ي العلية أو‬
‫السببية"‪ .‬وربما تطرح الارتباطات مجموعة من الاستنتاجات السببية‪ ،‬ولكنها ال تكشف عن‬
‫هذت ألاسباب وال حتى عن دقة تكوينها‪.‬‬
‫واملشهور علميا‪ ،‬وفق املنهج الارتباطي في علم النفس‪ ،‬أنه يوجد تال م في التغير بين‬
‫املتغيرات تكشف عنه معامالت الارتباط بمختلف إجراءاتها‪ .‬وعلى الرغم من كون الارتباطات‬
‫كمية‪ ،‬إال أنها تشير فقط إلى عالقات وصفية تكشف عن حجم واتجات الارتباط بين املتغيرات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكنها ال ترقى إلى مستوم السببية أو العلية‪ ،‬ب ن حدوث أحد املتغيرات سبب أو علة في حدوث‬
‫املتغير آلاخر‪.‬‬
‫ولذا‪ ،‬فإن أك ر خط يمكن أن يقع فيه الباحثون باملنهج الارتباطي‪ ،‬هو تفسيرهم ملعامل‬
‫ّ‬
‫الارتباط كدليل على العل ّية‪ ،‬أو عالقة أار ونتيجة‪ .‬بمع ى أن املتغيرين املرتبطين‪ ،‬يكون أحدهما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫علة في حدوث آلاخر‪ .‬ولكن الحقيقة أن الارتباط ال يتضمن العل ّية‪ ،‬وإنما شير فقط إلى أن‬
‫هناك مجموعتين من الدرجات ملتغيرين تتتابع في تغيرها‪ ،‬يادة ونقصا‪ ،‬دون أن يكون أحد‬
‫ّ‬
‫املتغيرين علة لآلخر‪.‬‬
‫مرتبطين‪ ،‬فإن هناك االاة احتماالت رئيسية لتفسير هذا‬ ‫فإذا كان املتغيران س‪،‬‬
‫الارتباط ‪:‬‬
‫الاحتمال ألاول ‪( :‬س) ربما علة في ( )‪.‬‬
‫الاحتمال الثاني ‪ ) ( :‬علة في (س)‪.‬‬
‫الاحتمال الثالث ‪( :‬ج) علة في حدوث كل من (س)‪.) ( ،‬‬
‫و عرل الاحتمال الثالث باسم "معضلة املتغير الثالث"‪ .‬إذ يمكن أن يكون املتغير (ج)‬
‫عامال محرضا أو مساعدا على ارتباط املتغيرين (س)‪ .) ( ،‬وتكمن املشكلة عادة‪ ،‬في أن‬
‫الباحثين املولعين باملنهج الارتباطي‪ ،‬ال يفكرون في احتمال وجود متغير االث‪ ،‬كمحرض على‬
‫حدوث الارتباط بين متغيري البحث‪ ،‬وبالتالي ال يقومون بقياسه ملعرفة درجة تحريضه أو‬
‫ت اـيـرت في م ـعامل الارت ـباط امل ـشاهد‪ .‬إن الارت ـباط بين م ـت ـغ ـيـر غ ـياب ال ـت ـل ـم ـي ـذ وم ـت ـغير تحصيله‬
‫الدراس ي‪ ،‬قد يفسر بمتغير آخر هو عدم ميله إلى الدراسة‪.‬‬

‫‪403‬‬
‫فعندما تتال م في التغير كل من الييادة في الحصيلة اللغوية للطفل مع الييادة في نموت‬
‫الاجتماعي‪ .‬فإن ذلك ال ع ي أن التغير في أحد املتغيرين سبب في حدوث التغير في املتغير آلاخر‪.‬‬
‫بل الييادة في النمو والارتقاء‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬هو السبب في حدوث الييادة في الثروة اللغوية‬
‫وفي النمو الاجتماعي للطفل‪.‬‬
‫وعندما تتال م في التغير كثرة إلاقبال على تناول املثلجات مع ارتفاع عدد الغرقى في البحر‬
‫في فصل الصيف‪ .‬ففي هذت العالقة كذلك‪ ،‬ال عت ر أحد املتغيرين سببا أو علة في حدوث‬
‫ّ‬
‫املتغير آلاخر‪ ،‬فالتفسير العلي املقبول‪ ،‬هو أن ارتفاع درجة الحرارة هو الذي دفع الناس إلى‬
‫إلاقبال على تناول املثلجات‪ ،‬والذهاب بكثرة إلى البحر للسباحة‪ ،‬فارتفعم احتماالت الغرق‪.‬‬
‫وعندما تت ـال م ف ـي التغير كذلك‪ ،‬وقا ع الجريمة والجـنوح وعدد الحانات وعدد املساجد‬
‫أو الكنا س وعدد املدارس وعدد املصحات وعدد املتاجر وعدد املساكن‪ ،‬فإنه ال يصح تفسير‬
‫أن هذت الوقا ع وألاشياء سبب في حدوث بعضها البعض‪ ،‬ولكن التفسير املقبول‪ ،‬هو حجم‬
‫السكان‪ ،‬بحيث تيداد بييادة عدد السكان (املدن الكبيرة) وتقل بانخفاض عدد السكان (‬
‫املدن الصغيرة والقرم)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫و شير الباحثون إلى أن فكرة وجود عالقة علية في معامالت الارتباط‪ ،‬ينطوي على‬
‫صعوبات وهي ‪ :‬فعند القول أن س سبب ‪ ،‬فإن هذا ينطوي على أربعة احتماالت‪ ،‬هي ‪:‬‬
‫متداخالن أو مرتبطان‪ ،‬أي يميالن إلى الحدوث معا بشكل‬ ‫‪ . 1‬إن املتغيرين س‪،‬‬
‫ارتباطي‪.‬‬
‫‪ .2‬إن املتغير سبقه املتغير س‪.‬‬
‫‪ .3‬إن العالقة بين س‪ ،‬ليسم عالقة ائفة‪ ،‬بمع ى أنها عالقة ال يمكن تفسيرها عن‬
‫طريق متغيرات أخرم كطرل االث‪.‬‬
‫‪ .4‬إذا ما تغير س فإن سيتغير أيضا‪.‬‬
‫والخالصة‪ ،‬أنه في علم النفس غالبا ما يتعامل الباحثون مع أسباب احتمالية أكثر من‬
‫أسباب حتمية‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإنه عندما يتم التقرير ب ن التدخين سبب سرطان الرئة‪ ،‬والفقر‬
‫سبب الصحة املعتلة‪ ،‬فإن هذا القول ال شير إلى سبب أو علة بعينها‪ .‬رغم أن هناك‬
‫ّ‬
‫استثناءات لهذا الكالم‪ .‬ولكن هناك خطورة عند القول ب ن هناك سببا أو علة‪.‬‬
‫إن البحوث الارتباطية‪ ،‬غالبا ما تجسد الاحتمال ألاول الذي‪ ،‬يرم أن املتغيرين س‪،‬‬
‫مرتبطان‪ .‬أما املعلومات املتصلة باالحتمال الثاني‪ ،‬الذي يجسد الطريقة التي تم ترتيب‪ ،‬وفقا‬
‫لها‪ ،‬هذين املتغيرين منيا‪ ،‬فهي معلومات معروفة لدم الباحثين‪ .‬في حين أن الاحتمال الثالث‪،‬‬

‫‪404‬‬
‫الذي يقول أن العالقة بين س‪ ،‬ليسم عالقة ائفة‪ ،‬ويتصل باستبعاد وجود تفسيرات‬
‫مضللة‪ ،‬يمكن أن ينضوي تحم منحى ألاطر النظرية الارتباطية‪ .‬ومن السهل تقديم مثال له‬
‫من العالقة بين أسلوب من املعاملة الوالدية لألب (أسلوب التقبل‪ ،‬مثال)‪ ،‬وخاصية سلوكية‬
‫لالبن (تقدير الذات‪ ،‬مثال)‪.‬‬
‫حيث يمثل املتغير س‪ ،‬ألاسلوب التربوي لألب‪ ،‬وهو التقبل‪ .‬ويمثل املتغير ‪ ،‬مدم تطور‬
‫تقدير الذات لدم الابن‪ .‬وهناك عدد من التصميمات التي تسفر على عدد من الاستنتاجات‬
‫حول عالقاتهما السببية‪.‬‬
‫‪ .1‬س سبب حدوث ‪ .‬بمع ى أنه كلما أبدم ألاب تقبال البنه‪ ،‬ارتفع تقدير الابن لذاته‪.‬‬
‫طور الابن تقديرا لذاته‪ ،‬ا داد تقبل ألاب له‪.‬‬ ‫سبب حدوث س‪ .‬بمع ى أنه كلما ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ .3‬ج سبب حدوث كل من س‪ . ،‬إن السبب في وجود ارتباط بين املتغيرين س‪،‬‬
‫وجود متغير االث يقف خلفهما وهو املتغير ج‪ .‬واملثال على ذلك‪ ،‬أن يكون الابن على وعي بما‬
‫يريدت أبوت منه من سلوك كدليل على تطور تقديرت لذاته في الاتجات الذي يريدت ألاب‪ ،‬ليحصل‬
‫عالقة ائفة‪ .‬ألنه من‬ ‫منه على التقبل‪ .‬وهنا تعت ر العالقة السببية الظاهرة بين س‪،‬‬
‫الضروري تفسيرها بمتغير االث هو املتغير ج‪ .‬إن وجود مثل هذا املتغير الثالث الذي يوفر‬
‫تفسيرات سببية متعددة‪ ،‬يمنع الباحثين من التوصل إلى استنتاجات سببية دقيقة‪ ،‬ومن ام‬
‫فهو يقلل من صدق البحث‪.‬‬
‫‪ . 4‬س سبب حدوث د و د سبب حدوث ‪ .‬في هذت الحالة‪ ،‬ال سبب س حدوث‬
‫مباشرة‪ ،‬ولكن بشكل غير مباشر‪ ،‬ألنه يتم عن طريق املتغير د‪ .‬ومثال ذلك‪ ،‬إن شدة إبداء‬
‫ألاب لتقبله البنه‪ ،‬يجعل الابن أكثر فهما لقدراته ومهاراته الذاتية التي تنمي اقته بنفسه‬
‫وتقديرت لذاته‪ .‬واملتغيرات مثل د تدعى املتغيرات الوسيطة‪.‬‬
‫تختلف باختالل املتغير هـ‪ .‬ومن أمثلة‬ ‫‪ .5‬في هذا الظرل‪ ،‬تكون العالقة بين س‪،‬‬
‫متغير هـ ما عرل ببعض خصا ئ الابن الديمغرافية‪ ،‬كالعمر والجنس‪ ،‬والترتيب في الوالدة‪،‬‬
‫وبعض الخصائ الشخصية‪ ،‬مثل كونه مرتفع القلق أو من ذوي الحاجات الخاصة أو‬
‫متفوق دراسيا‪ .‬وتعرل املتغيرات التي على شكل هـ‪ ،‬باملتغيرات ّ‬
‫املعدلة‪.‬‬
‫إن جوهر تصميمات البحوث‪ ،‬هو جمع البيانات بطـري ـق ـة تـش ـب ـه إلـ كـبـير طريقة فح‬
‫واملعدلة‪ ،‬بحيث يمكن التوصل إلى‬ ‫ّ‬ ‫ت اير املتغير الثالث‪ ،‬أو فح ت اير املتغيرات الوسيطة‬
‫استنتاجات عن العالقات بين املتغيرات موضع البحث‪ .‬كما أن هذت التصميمات بدءا من‬
‫التصميم الثالث والرابع والخامس‪ ،‬تتجه كلها إلى الكشف عن أو التوصل إلى استنتاجات‬

‫‪405‬‬
‫سببية في ظل ظرول محددة‪ ،‬مما شير إلى أن مثل هذت العالقات السببية الظاهرة‪ ،‬ليسم‬
‫عالقات سطحية مييفة‪.‬‬
‫إن التصميمات الارتباطية‪ ،‬تعد تصميمات ضعيفة للغاية‪ ،‬عندما يكون هدفها البحث‬
‫عن ألاسباب‪ ،‬وليس هدفها البحث عن التنبؤات‪.‬‬

‫إلاحصائية ملعامالت الارتباط‪.‬‬ ‫أهم الخصائ‬


‫هناك خصائ ومميزات ملعامالت الارتباط حددها علماء إلاحصاء‪ ،‬ينبغي العمل بها‬
‫حتى يتم تقديم عمل علمي دقيق ومحل اقة‪ .‬وهي ما يلي‪.‬‬
‫‪ .1‬عندما تكون العينة صغيرة في عدد أفرادها‪ ،‬فإن معامل الارتباط للعينة يكون متحيزا‬
‫ملعامل ارتباط املجتمع‪ .‬ولتصحيح ذلك‪ ،‬يمكن حساب ما سم بمعامل الارتباط املتوافق‪.‬‬
‫باستعمال املعادلة التالية‪.‬‬

‫(‪ – 1‬ر‪( )²‬ن – ‪)1‬‬


‫‪ - 1‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ر املتوافق =‬
‫(ن‪)2 -‬‬

‫مثال ‪ :‬إذا كان حجم العينة صغيرا (ن = ‪ .)10‬وكان معامل الارتباط ساوي ‪ ،0.506‬فإن‬
‫معامل الارتباط املتوافق هو ‪:‬‬

‫(‪)9( )0.256 – 1‬‬


‫‪ - 1‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ = ‪0.404‬‬ ‫ر املتوافق =‬
‫(‪) 8‬‬

‫نالحظ أن قيمة معامل الارتباط املتوافق في املجتمع ألاصل تساوي ‪.0.404‬‬


‫‪ .2‬ال تـتـ ا ـر قـي ـم ـة م ـعام ـل الارت ـباط بإض ـاف ـة أو ط ـرح قـيـم ـة اابتة ألحد املتغيرين أو كل هما‪.‬‬
‫من أجل تسهيل وتبسيط إجراءات العمليات الحسابية‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬انظر قيم املتغيرين س‪ ،‬في الجدول رقم (‪ )18‬التالي‪.‬‬

‫‪406‬‬
‫املتغير‬ ‫املتغير س‬ ‫ألافراد‬
‫‪31‬‬ ‫‪3‬‬ ‫أ‬
‫‪33‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ب‬
‫‪35‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ج‬
‫‪37‬‬ ‫‪10‬‬ ‫د‬
‫‪39‬‬ ‫‪8‬‬ ‫هـ‬

‫إن معامل الارتباط املحصل عليه من بيانات الجدول رقم (‪ )18‬ساوي ‪0.761 :‬‬
‫وملا تم طرح قيمة اابتة من كال املتغيرين‪ ،‬انظر التغيير في قيم املتغيرين س‪ ،‬في الجدول‬
‫رقم (‪ )19‬التالي‪.‬‬

‫ـ ‪30‬‬ ‫املتغير‬ ‫املتغير س ـ ‪1‬‬ ‫ألافراد‬


‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫أ‬
‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ب‬
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ج‬
‫‪7‬‬ ‫‪9‬‬ ‫د‬
‫‪9‬‬ ‫‪7‬‬ ‫هـ‬

‫ّ‬
‫املحصل عليه = ‪0.761‬‬ ‫وهنا أيضا ساوي معامل الارتباط‬

‫نالحظ أن قيمة معامل الارتباط لم تتغير في الحالتين‪ ،‬فهي دائما ‪.0.761‬‬


‫‪ .3‬عند تفسير معامالت الارتباط‪ ،‬ال تؤخذ إشارتي ‪ - ،+‬مع القيمة العددية‪ .‬بل تؤخذ كل‬
‫منهما منفصلة عن ألاخرم‪ .‬ألن إلاشارة تدل على اتجات الارتباط‪ ،‬هل هو طردي (موجب) أو‬
‫عكس ي (سالب)‪ .‬أما القيمة العددية الكمية فتشير إلى قوة الارتباط بين املتغيرين‪ .‬وعلى ذلك‪،‬‬
‫فإن ارتباطا قدرت ‪ 0.75 +‬وارتباطا قدرت – ‪ ،0.75‬مختلفان في الاتجات ومتساويان في القوة‪.‬‬
‫‪ .4‬معامل الارتباط يتراوح بين ‪ .1 - ،1 +‬فإذا تم الحصول على ارتباط قدرت خارج هذا‬
‫املدم‪ ،‬فهذا ع ي أن هناك خط في إجراء العمليات الحسابية‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫‪ .5‬قبل البدء في حساب معامل الارتباط ينبغي رسم شكل الانتشار لنقاط البيانات حتى‬
‫يتم الت كد من أن شكل الانتشار يبين وجود عالقة خطية بين املتغيرين‪.‬‬
‫‪ .6‬تستعمل طريقة ضرب العيوم لحساب معامل الارتباط في حالة يكون ف ها حجم‬
‫العينة صغيرا‪ ،‬ووجود متوسطي املتغيرين‪ .‬أما في الحاالت ألاخرم فيفضل استعمال طريقة‬
‫الدرجات الخام مباشرة ألنها أسرع وأسهل وأكثر دقة‪.‬‬
‫‪ .7‬مقياس معامل الارتباط مقياس رتبي‪ .‬فإذا افترضنا االاة معامالت ارتباط هي ‪،0.40 :‬‬
‫‪ 0.80 ،0.60‬فإنه ال يصح القول ب ن املسافة بين املعاملين ‪ 0.60 ،0.40 :‬تساوي املسافة بين‬
‫املعاملين ‪ .0.80 ،0.60‬أو أن معامل الارتباط ‪ 0.80‬ضعف معامل الارتباط ‪ ،0.40‬وذلك ألن‬
‫معامل الارتباط ليس مقياسا فتريا أو نسبيا‪ ،‬ولكنه مقياس رتبي‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫مراجع الفصل الحادي عشر‬
‫‪ 1‬ـ جودت شاكر محمود (‪ .)2007‬البحث العلمي في العلوم السلوكية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو‬
‫املصرية‪ 122 : .‬ـ ‪.127‬‬
‫‪ 2‬ـ ديوبولد ب‪ .‬فان دالين (‪ .)1962‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫نبيل نوفل وآخرون (‪ .)1984‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪ 347 : .‬ـ ‪.350‬‬
‫‪ 3‬ـ دونالد أري‪ ،‬لوس ي تشيزر جاكوبس‪ ،‬أصغار را افييه (‪ .)2004‬مقدمة للبحث في التربية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬سعد الحسي ي‪ .‬مراجعة ‪ :‬عادل عبد الكريم ياسين‪ .‬العين‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‪،‬‬
‫‪ 161 :‬ـ ‪ 425 ،170‬ـ ‪.455‬‬ ‫دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ذوقان عبيدات‪ ،‬سهيلة أبو السميد (‪ .)2002‬البحث العلمي ‪ :‬البحث النوعي والبحث‬
‫الكمي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتو ع‪ 126 : .‬ـ ‪.128‬‬
‫‪ 5‬ـ ذوقان عبيدات عبد الرحمن عدس‪ ،‬كايد عبد الحق (‪ .)2001‬البحث العلمي ‪ :‬مفهومه‬
‫وأدواته وأساليبه‪ .‬الطبعة السابعة‪ .‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 225 :‬ـ ‪.226‬‬
‫‪ 6‬ـ ري هايمان (‪ .)1964‬طبيعة البحث السيكولوجي‪ .‬ترجمة ‪ :‬عبد الرحمن عيسوي (‪.)1989‬‬
‫‪ 95 :‬ـ ‪.98‬‬ ‫مراجعة ‪ :‬محمد عثمان نجاتي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ سكوت أو‪ .‬ليلينفيلد‪ ،‬ستيفين جاي لين‪ ،‬جون روشيو‪ ،‬باري بايرستاين (‪ .)2013‬أشهر ‪50‬‬
‫خرافة في علم النفس‪ ،‬هدم ألافكار الخاطئة الشا عة حول سلوك إلانسان‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫رمضان داود‪ ،‬إيمان أحمد عيب‪ .‬مراجعة ‪ :‬حسام بيومي محمود‪ ،‬محمد إبراهيم الجندي‪.‬‬
‫‪ 38 :‬ـ ‪.39‬‬ ‫الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬كلمات عربية للترجمة والنشر‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ شافا فرانكفورت ـ ناشميا ‪ ،‬دافيد ناشميا (‪ .)2004‬طرائق البحث في العلوم الاجتماعية‪.‬‬
‫‪،378 :‬‬ ‫ترجمة ‪ :‬ليلى الطويل‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬سوريا‪ ،‬دمشق‪ ،‬بترا للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪.393 ،392 ،385 ،381‬‬
‫‪ 9‬ـ صالح بن حمد العسال (‪ .)1995‬املدخل إلى البحث في العلوم السلوكية‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫الرياض‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ 259 : .‬ـ ‪.287‬‬
‫‪ .10‬عبد الحليم محمود السيد وآخرون (‪ .)1990‬علم النفس العام‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫مكتبة غريب‪ 55 : .‬ـ ‪.56‬‬
‫‪ .11‬عبد الحميد عبد املجيد البلداوي (‪ .)2007‬أساليب البحث العلمي والتحليل‬
‫إلاحصا ي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان‪ ،‬دار الشروق‪.171 : .‬‬

‫‪409‬‬
‫‪ .12‬عماد عبد الرحيم اليغول (‪ .)2012‬مبادئ علم النفس التربوي‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬دار‬
‫الكتاب الجامهي‪ .‬العين ـ إلامارات العربية املتحدة‪.38 : .‬‬
‫‪ .13‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق (‪ .)1991‬مناهج البحث وطرق التحليل إلاحصا ي في العلوم‬
‫‪93 :‬‬ ‫النفسية والتربوية والاجتماعية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫ـ ‪ 764 ،96‬ـ ‪.777‬‬
‫‪ .14‬فؤاد البهي السيد (‪ .)1979‬علم النفس إلاحصا ي وقياس العقل البشري‪ .‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ 354 :‬ـ ‪.357‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫‪ .15‬كر س باركر‪ ،‬نانس ي بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت (‪ .)1999‬مناهج البحث في علم النفس‬
‫العيادي وإلارشادي‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد نجيب الصبوة‪ ،‬مرفم أحمد شوقي‪ ،‬عا شة السيد‬
‫‪ 212 :‬ـ ‪.218‬‬ ‫رشدي‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ .16‬لندا ل‪ .‬دافيدول (‪ .)1983‬مدخل علم النفس‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬ترجمة ‪ :‬سيد الطواب‬
‫وآخرون‪ .‬مراجعة ‪ :‬فؤاد أبو حطب‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار مكجروهيل للنشر‪ 86 : .‬ـ ‪.91‬‬
‫‪ .17‬مجدي عبد الكريم حبيب (‪ .)1996‬التقويم والقياس في التربية وعلم النفس‪ .‬الطبعة‬
‫‪ 219 :‬ـ ‪.223‬‬ ‫ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪.‬‬
‫‪ .18‬محمد بوعالق (‪ .)2009‬املوجه في إلاحصاء الوصفي والاستداللي في العلوم النفسية‬
‫‪ 212 ،93 ،83 :‬ـ ‪.213‬‬ ‫والتربوية والاجتماعية‪ .‬ألامل‪ ،‬للطباعة والنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ .19‬محمود السيد أبو النيل (‪ .)1987‬إلاحصاء النفس ي والاجتماعي والتربوي‪ .‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫‪ 276 :‬ـ ‪.283‬‬ ‫النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ .20‬ممدوح عبد املنعم الكناني (‪ .)2002‬إلاحصاء الوصفي والاستداللي في العلوم السلوكية‬
‫والاجتماعية‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ 364 ،363 ،362 : .‬ـ ‪.365‬‬
‫‪ .21‬ممدوح عبد املنعم الكناني (‪ .)2002‬إلاحصاء الوصفي والاستداللي في العلوم السلوكية‬
‫والاجتماعية ـ الجداول إلاحصائية‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪،59 : .‬‬
‫‪.60‬‬

‫‪410‬‬
‫الفصل الثاني عشر‬
‫العينة وأنواع املعاينة في البحوث النفسية‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬العينة واملعاينة‬
‫‪ .1‬طريقة الحصر الشامل‪.‬‬
‫‪ .2‬طريقة املعاينة‪.‬‬
‫تعريف العينة‪.‬‬
‫تعريف ألاصل العام‪.‬‬
‫تعريف املعاينة‪.‬‬
‫تحديد إطار ألاصل العام‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬ألاساس املنطقي للمعاينة‬
‫االثا ‪ :‬شرط املعاينة الجيدة‬
‫التمثيل‪.‬‬
‫‪ .1‬الاحتمالية‪.‬‬
‫‪ .2‬ك ر حجم العينة‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬خطوات املعاينة‬
‫الخطوة ألاولى ‪ :‬تحديد أهدال البحث‪.‬‬
‫الخطوة الثانية ‪ :‬تحديد ألاصل العام‪.‬‬
‫ت ريرات تحديد ألاصل العام‪.‬‬
‫أ‪ .‬املعاينة‪.‬‬
‫ب‪ .‬تعميم النتائج‪.‬‬
‫شروط تعميم النتائج من العينة على ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ تجانس الخصائ بين أفراد العينة وأفراد ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تساوي الفر لجميع أفراد ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تناسب عدد أفراد العينة مع عدد أفراد ألاصل العام‪.‬‬
‫ج‪ .‬تمثيل العينة لألصل العام‪.‬‬
‫الخطوة الثالثة ‪ :‬عمل قائمة ب فراد ألاصل العام‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫تعريف ألاصل العام سهل املنال‪.‬‬
‫الخطوة الرابعة ‪ :‬سحب عينة ممثلة‪.‬‬
‫الخطوة الخامسة ‪ :‬تعميم النتائج من العينة على ألاصلين العامين‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬مميزات استعمال العينات في البحوث العلمية‬
‫سادسا ‪ :‬حجم العينة‬
‫مثال للتوضيح‪.‬‬
‫عوامل تحديد حجم العينة‪.‬‬
‫‪ .1‬طبيعة ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .2‬طرق جمع البيانات‪.‬‬
‫‪ .3‬منهج البحث‪.‬‬
‫‪ .4‬طريقة املعاينة‪.‬‬
‫‪ .5‬فرض البحث‪.‬‬
‫‪ .6‬أهمية النتائج‪.‬‬
‫‪ .7‬درجة الدقة املطلوبة‪.‬‬
‫‪ .8‬تكاليف البحث‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬مفهوم خط املعاينة‬
‫خط التحيز‪.‬‬
‫أخطاء املعاينة للمتوسط الحسابي‪.‬‬
‫املتوسط الحسابي ألخطاء املعاينة ساوي صفرا‪.‬‬
‫خط املعاينة تابع عكس ي لحجم العينة‪.‬‬
‫خط املعاينة تابع مباشر لالنحرال املعياري لألصل العام‪.‬‬
‫أخطاء املعاينة تتو ع اعتداليا حول الوسط الصفري املتوقع‪.‬‬
‫اامنا ‪ :‬خصائ مجتمع البحث وأنواع املعاينة‬
‫تاسعا ‪ :‬أنواع املعاينة‬
‫‪ )1‬املعاينة الاحتمالية (العشوائية)‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ املعاينة الاحتمالية البسيطة‪.‬‬
‫‪ .1‬طريقة القرعة‪.‬‬
‫‪ .2‬طريقة جداول ألارقام العشوائية‪.‬‬

‫‪412‬‬
‫‪ .3‬طريقة العملة املعدنية‪.‬‬
‫‪ .4‬طريقة طلب الرقم الهاتفي عشوائيا‪.‬‬
‫مميزات املعاينة الاحتمالية البسيطة‪.‬‬
‫عيوب املعاينة الاحتمالية البسيطة‪.‬‬
‫تقويم املعاينة الاحتمالية البسيطة وفق خط املعاينة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ املعاينة الاحتمالية الطبقية‪.‬‬
‫طرق تحديد حجم العينات املسحوبة من الطبقات‪.‬‬
‫‪ .1‬طريقة التساوي‪.‬‬
‫‪ .2‬طريقة التناسب‪.‬‬
‫‪ .3‬الطريقة املثلى‪.‬‬
‫تقويم املعاينة الطبقية الاحتمالية وفق خط املعاينة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ املعاينة الاحتمالية العنقودية‪.‬‬
‫مميزات املعاينة الاحتمالية العنقودية‪.‬‬
‫عيوب املعاينة الاحتمالية العنقودية‪.‬‬
‫تقويم املعاينة الاحتمالية العنقودية وفق خط املعاينة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ املعاينة الاحتمالية املنتظمة‪.‬‬
‫مميزات املعاينة الاحتمالية املنتظمة‪.‬‬
‫عيوب املعاينة الاحتمالية املنتظمة‪.‬‬
‫تقييم املعاينة الاحتمالية املنتظمة وفق خط املعاينة‪.‬‬
‫‪ )2‬املعاينة غير الاحتمالية (غير العشوائية)‪.‬‬
‫ألانواع الرئيسية للمعاينة غير الاحتمالية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ املعاينة املتاحة أو امليسرة أو العرضية‪.‬‬
‫خطوات سحب عينة متاحة أو ميسرة‪.‬‬
‫جوانب القوة والضعف في العينة املتاحة أو امليسرة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ املعاينة القصدية أو العمدية‪.‬‬
‫تصحيح خط ‪.‬‬
‫خطوات سحب عينة قصدية‪.‬‬
‫ألانواع الفرعية للمعاينة القصدية أو العمدية‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫املعاينة القصدية القائمة على النزعة املركيية‪.‬‬
‫معاينة الحاالت املتطرفة‪.‬‬
‫املعاينة القصدية القائمة على التباين والتنوع‪.‬‬
‫املعاينة القصدية القائمة على نظرية وتطوير النموذج واختبار الفرضيات‪.‬‬
‫املعاينة القصدية القائمة على الحكم والسمعة واملعرفة املتخصصة‪.‬‬
‫املعاينة املتتابعة‪.‬‬
‫املعاينة الاجتهادية‪.‬‬
‫املعاينة الكتلية‪.‬‬
‫املعاينة املعيارية‪.‬‬
‫املعاينة املكثفة أو الشديدة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ املعاينة الحصصية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ املعاينة الشبكية أو "كرة الثلج"‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫مقدمة‪.‬‬
‫ينشغل الباحثون أساسا بالعينة‪ ،‬ولكن العينة ليسم هي الهدل‪ ،‬بل الذي ينبغي أن‬
‫يوجه إليه الباحثون اهتمامهم‪ ،‬هو مدم إمكان تعميم النتائج من العينة على ألاصل العام‬
‫الذي سحبم منه‪ .‬ولذا ينبغي الاهتمام أساسا‪ ،‬بمدم تمثيل العينة لألصل العام‪ ،‬حتى يمكن‬
‫التعميم عليه بثقة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬العينة واملعاينة‬


‫كثيرا ما يخت ر الجيء للحكم على الكل‪ ،‬عندما يتعذر أو ستحيل اختبار الكل‪ .‬فعندما‬
‫يراد شراء سلعة معينة‪ ،‬فإنه يتم فح جيء منها‪ ،‬أو ُيتذوق إذا كان يؤكل للحكم على جودتها‬
‫كلها‪ .‬وعندما يراد الترويج لسلعة كذلك‪ ،‬فإنه يؤخذ جيء منها و عرض على املشترين ليخت روا‬
‫مدم جودتها كلها‪ .‬ويحلل الطبيب قطرات من دم املريض ليتعرل على تركيب دم املريض‬
‫كله‪ .‬ويحلل الكيميا ي قليال من ماء البئر أو السد ليعرل مدم صالحية املاء كله ألغراض‬
‫معينة كالشرب أو السقي‪ .‬وتتذوق سيدة قليال من طعام تقوم بطهيه لتتعرل على طعمه‬
‫وجودة تركيبه كله‪ .‬ويتذوق أحدنا ملعقة من القهوة أو الشاي الذي يريد أن يتناوله أو يقدمه‬
‫لضيفه ليت كد من جودته كله‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫في ألامثلة الس ــابقة لم يتم س ــحب ألاش ــياء أو املوض ــوعات كلها‪ ،‬بل تم س ــحب جيء قليل‬
‫من كل ش ـ ـ ـ يء ومن كل موضـ ـ ــوع‪ ،‬والنتيجة التي يتم التوصـ ـ ــل إل ها تعمم على الكل‪ .‬وسـ ـ ــحب‬
‫الجيء من كــل عت ر في بعض ألاحيــان الحــل ألامثــل الختبــار الكــل‪ ،‬ألن اختبــار الكــل في بعض‬
‫ألاحيان قد يؤدي إلى فساد املوضوع كله‪ ،‬أو يكون مستحيال‪ .‬هل يمكن للطبيب أن ستخرج‬
‫كل دم املريض ليقوم بتحليله ؟ وهل يمكن للكيميا ي أن يحلل كل ميات الس ـ ــد ؟ وهل يمكن‬
‫أن ت كل السيدة كل الطعام الذي تقوم بطهيه وتدعي أنها كانم تتذوقه لتعرل مدم جودته؟‬
‫يتبين من هذت التس ـ ـ ــاؤالت‪ ،‬أن الاكتفاء بجيء يؤخذ من الكل (ألاص ـ ـ ــل العام) عت ر حال‬
‫منهجيا مثاليا‪ ،‬بل س ـ ـ ـ ــتحيل العمل‪ ،‬في بعض ألاحيان‪ ،‬بغير ذلك‪ .‬والحكاية الطريفة التالية‬
‫تبين أهمية الاكتفاء بالجيء عن اختبار الكل‪ .‬طلب س ـ ـ ـ ــيد من خادمه أن ش ـ ـ ـ ــتري له أعواد‬
‫اقاب‪ ،‬وأكد عليه أن تكون من النوع الجيد‪ .‬فاش ـ ـ ـ ــترم الخادم أعواد الثقاب وأراد أن يخت ر‬
‫جودتها‪ ،‬ف شـعلها كلها واحدا تلو آلاخر‪ ،‬ام أعادها في العلبة وقدمها إلى سـيدت وقال له ‪ :‬إني‬
‫اخت رتها فوجدتها كلها من النوع الجيد‪ ،‬كما طلبم‪.‬‬

‫‪415‬‬
‫وفي مجال البحوث العلمية‪ ،‬يتم اللجوء إلى نفس هذت الطريقة‪ .‬فبعد أن ينتهي الباحث‬
‫من إجراءات البحث ألاخرم‪ ،‬مثل تحديد مش ـ ـ ــكلة البحث وص ـ ـ ــياغة الفروض واختيار املنهج‬
‫املالئم وتص ــميم إجراءاته وإعداد الاسـ ــتبيانات أو إلاجراءات التجريبية‪ ،‬يقوم بس ــحب ألافراد‬
‫أو ألاحـداث أو ألاش ـ ـ ـ ـيـاء التي س ـ ـ ـ ــول يجري عل هـا بحثـه‪ .‬وهنـا يكون البـاحـث أمـام واحـدة من‬
‫الطريقتين التاليتين لجمع البيانات ‪:‬‬

‫‪ .1‬طريقة الحصر الشامل‪.‬‬


‫وهي أن يجمع بيانات بحثه من جميع أفراد ألاصــل العام عندما يكون هذا ألاصــل العام‬
‫معلوما ومحصورا كله‪ ،‬ويمكن اتخاذت كله كموضوع للبحث‪.‬‬

‫‪ .2‬طريقة املعاينة‪.‬‬
‫إذا لم يتمكن الب ــاحــث من إجراء البح ــث على ألاص ـ ـ ـ ـ ــل الع ــام كل ــه‪ ،‬بس ـ ـ ـ ـب ــب كثرة عــدد‬
‫مفرداته‪ ،‬فإنه يضـ ـ ـ ــطر إلى سـ ـ ـ ــحب جيء منه‪ .‬وفي هذت الحالة‪ ،‬يقوم الباحث بما يطلق عليه‬
‫"املعــاينــة ‪ ."Sampling‬حيــث ي ـ خــذ جيءا من كــل‪ ،‬فيخت ر ذلــك الجيء ام عمم النتــائج التي‬
‫توصل إل ها من هذا الجيء على الكل‪.‬‬
‫فالباحث النفسـ ـ ي ال س ــتطيع أن يدرس لدم جميع طالب جامعة باتنة‪ ،‬وعددهم يفوق‬
‫‪ 70000‬طــالــب‪ ،‬اتجــاهــاتهم نحو التعليم الجــامهي‪ ،‬بــل س ـ ـ ـ ــتحيــل عليــه ذلــك‪ .‬ولــذا يلج ـ إلى‬
‫س ـ ــحب جيء منهم‪ ،‬ويجري عليه دراس ـ ــته‪ ،‬ام عمم النتائج التي يتوص ـ ــل إل ها من الجيء على‬
‫جميع الطالب بجامعة باتنة‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬الهدل من س ـ ــحب جيء معين وإجراء البحث عليه‪ ،‬ليس مجرد معرفة خص ـ ــائ‬
‫هذا الجيء فقط‪ ،‬بل من أجل هدل آخر أســاس ـ ي وأكثر أهمية وهو القيام بتعميم خصــائ‬
‫الجيء على ألاصل العام الذي سحب منه الجيء‪.‬‬
‫ويرتبط مفهوم املعاينة بإحدم خص ـ ــائ إلاحص ـ ــاء الاس ـ ــتداللي ‪Inferential statistics‬‬
‫تتكون من ‪500‬‬ ‫وهي عملية السـ ــير من الجيء إلى الكل‪ .‬فمثال عندما سـ ــحب باحث مجموعة ّ‬
‫تلميذ بهدل إجراء تعميم على ‪ 10000‬تلميذ بالتعليم الابتدا ي‪ ،‬حول مش ـ ـ ـ ــكلة تعليمية لدم‬
‫هؤالء التالميــذ‪ ،‬فــإن املجموعــة الص ـ ـ ـ ــغيرة تــدعى "العينــة ‪ "Sample‬واملجموعــة الكبيرة التي‬
‫س ـ ـ ـ ــول ُي ْج َرم عل ه ــا التعميم ت ــدعى "ألاص ـ ـ ـ ـ ــل الع ــام ‪ "Population‬أو "املجتمع املس ـ ـ ـ ــته ــدل‬
‫‪ "Target Population‬أو "مجتمع البحث" أو "املجتمع إلاحصا ي"‪.‬‬

‫‪416‬‬
‫تعريف العينة‪.‬‬
‫تعرل العينــة بـ نهــا ‪ :‬جيء من كــل‪ .‬أي هي ‪ :‬مجموعــة جيئيــة من ألاص ـ ـ ـ ــل العــام (مجتمع‬
‫البحث)‪ .‬ولها نفس خصائ ألاصل العام الذي تنتمي إليه‪.‬‬
‫أو هي ‪ :‬مجموعة من ألافراد الذين س ـ ـ ـ ــحبهم البـاحث للمش ـ ـ ـ ــاركة في البحـث‪ ،‬وليس ـ ـ ـ ــم‬
‫مجموعة ألافراد الذين يجب اشتراكهم في البحث‪.‬‬

‫تعريف ألاصل العام‪.‬‬


‫عرل ألاصـ ـ ــل العام ب نه جميع ألافراد من فئة محددة من الناس أو الوقا ع أو ألاشـ ـ ــياء‬
‫في من معين وفي مك ــان مح ــدد وفي اق ــاف ــة مح ــددة‪ ،‬و ش ـ ـ ـ ــتركون في خص ـ ـ ـ ـ ــائ معين ــة‪ ،‬تهم‬
‫الباحث‪ .‬فمثال‪ ،‬عندما يكون تالميذ التعليم الابتدا ي في الجيائر هم موضع دراسة نفسية أو‬
‫تربوية‪ ،‬فإن ألاصل العام هنا‪ ،‬هو جميع تالميذ وتلميذات التعليم الابتدا ي في الجيائر الذين‬
‫تتراوح أعمارهم بين ‪ 6‬ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 11‬ســنة‪ ،‬و شــتركون في خصــائ التلمذة في التعليم الابتدا ي‪ ،‬وفي‬
‫القطر الجيائري‪ ،‬وتقع أعمارهـم بين ‪ 6 :‬ـ ‪ 11‬سنة منية‪.‬‬
‫ْ‬
‫أما إلاحص ــاء الاس ــتداللي فهو أس ــلوب يمكن بواس ــطته تقدير معلم ‪ Parameter‬املجتمع‬
‫من إحص ـ ــاءات ‪ Statistics‬العينة‪ ،‬أي تقدير متوس ـ ــط حس ـ ــابي أو انحرال معياري أو معامل‬
‫ارتباط ألصـل عام من املتوسـط الحسـابي أو الانحرال املعياري أو معامل ارتباط للعينة التي‬
‫ْ‬
‫ُس ـ ـ ـ ـ ِح َبـم من هـذا ألاص ـ ـ ـ ــل العـام‪ ،‬وتقوم هـذت التقـديرات على قوانين الاحتمـال‪ ،‬و س ـ ـ ـ ــتعمـل‬
‫إلاحصــاء الاســتداللي كذلك الختبار فرضــيات حول أصــول عامة على أســاس النتائج املالحظة‬
‫على عينات مسـ ــتمدة من هذت ألاصـ ــول العامة‪ ،‬ويختلف إلاحصـ ــاء الاسـ ــتداللي عن إلاحصـ ــاء‬
‫الوصـ ـ ـ ــفي‪ ،‬لكون هذا ألاخير يقتصـ ـ ـ ــر فقط على وصـ ـ ـ ــف خصـ ـ ـ ــائ العينات‪ ،‬وال يتعدم إلى‬
‫أصلها العام‪.‬‬

‫تعريف املعاينة‪.‬‬
‫تعرل املعاينة ب نها سـ ـ ـ ــحب مجموعة من ألافراد من ألاصـ ـ ـ ــل العام ليكونوا محل إجراء‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫تحديد إطار ألاصل العام‪.‬‬
‫وق ـب ـل س ـح ـب الع ـي ـن ـة (أي امل ـع ـاي ـن ـة)‪ .‬ي ـن ـب ـغـي ت ـق ـس ـي ـم ألاص ـل ال ـع ـام إلـ وح ـدات تـس ـم‬
‫وحدات املعاينة‪ ،‬ومن أمثلتها ‪ :‬الفرد‪ ،‬ألاس ـ ـ ـ ــرة‪ ،‬التلميذ‪ ،‬املدرس ـ ـ ـ ــة‪ ...‬وغيرها‪ .‬وقبل س ـ ـ ـ ــحب‬
‫العينة‪ ،‬ينبغي تحديد إطار ألاص ــل العام‪ .‬فمثال‪ ،‬في حالة س ــحب عينة من طالب كلية العلوم‬
‫إلانس ــانية والاجتماعية بجامعة س ــطيف‪ ،‬ينبغي إعداد قائمة اس ــمية بجميع طالب وطالبات‬
‫هذت الكلية‪ ،‬وهذا ع ي أن إلاطار هو أسـ ـ ـ ــلوب لتعريف وتحديد ألاصـ ـ ـ ــل العام تحديدا دقيقا‬
‫لكل مفرداته‪ ،‬مما يمكن الباحث من الوصــول إلى كل مفرداته‪ ،‬وإبعاد املفردات ألاخرم‪ ،‬غير‬
‫املعنية بالبحث‪ .‬ويفيد إلاطار الباحث كذلك‪ ،‬في تجنب الوقوع في التحيز‪ ،‬ألن تحديد أفراد‬
‫ألاص ـ ــل العام في إطار‪ ،‬يمكنه من إعطاء فر متس ـ ــاوية لكل مفردة من مفرداته في الظهور‬
‫ضمن العينة‪ .‬ويجب أن يحقق إلاطار ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬الوضوح في تعريف ألاصل العام محل البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬شمول جميع وحدات ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم تكرار بعض مفردات ألاصل العام‪.‬‬
‫ويبين الجدول رقم (‪ )20‬مثاال للطار‪.‬‬

‫متغيرات وخصائ العينة‬ ‫وحدة املعاينة‬ ‫ألاصل العام‬


‫الذكاء‪ .‬عدد س ـ ـ ـ ــاعات املذاكرة في اليوم‪.‬‬
‫التلميذ‬ ‫كل تالميذ املدرسة‬
‫الدافعية‪.‬‬
‫السعر‪ .‬مجال الكتاب‪ .‬الجودة‪ .‬سنة‬
‫الكتاب‬ ‫كل الكتب املدرسية‬
‫النشر‪.‬‬

‫اانيا ‪ :‬ألاساس املنطقي للمعاينة‬


‫عت ر التفكير الاس ـ ـ ــتقرا ي ‪ Inductive Thinging‬جيءا أسـ ـ ـ ــاس ـ ـ ــيا من الطريقة العلمية‪.‬‬
‫وتقوم الطريقة الاس ـ ـ ـ ــتقرائية على إجراء مالحظات والتوص ـ ـ ـ ــل إلى نتائج من هذت املالحظات‪.‬‬
‫وكما قلم س ـ ـ ـ ــابقا‪ ،‬فإذا كان بإمكان الباحث إجراء دراس ـ ـ ـ ــته على جميع أفراد ألاص ـ ـ ـ ــل العام‬
‫والتوص ـ ـ ـ ـ ل إلى نتائج خاص ـ ـ ـ ــة بهذا املجتمع ككل‪ ،‬فهذا عرل باالس ـ ـ ـ ــتقراء التام‪ .‬أما إذا كان‬
‫إجراء الدراس ــة على كل أفراد ألاص ــل العام ليس بوس ــع الباحث‪ ،‬فيمكنه إجراؤها على عينة‬

‫‪418‬‬
‫العينة‪ ،‬وهذا‬ ‫ألاصــل العام ســتكون مثل خصــائ‬ ‫منه‪ ،‬و ســتنتج من نتائجها ب ن خصــائ‬
‫ما عرل باالستقراء غير التام‪.‬‬
‫إن املعاينة أمر ال مفر منه بالنسبة للباحث‪ .‬ففي معظم الظرول‪ ،‬ونظرا لحجم ألاصل‬
‫الع ــام الكبير (جميع تالمي ــذ التعليم الابت ــدا ي في الجيائر مثال)‪ ،‬ونظرا مل ــا يتطل ــب ذل ــك من‬
‫وقم ومال وجهد‪ ،‬ال يمكن للباحث دراس ـ ــة جميع أفراد ألاص ـ ــل العام املحتملين‪ .‬إض ـ ــافة إلى‬
‫ذلك ليس من الض ـ ـ ـ ــروري دراس ـ ـ ـ ــة جميع أفراد ألاص ـ ـ ـ ــل العام املحتملين لفهم الظاهرة محل‬
‫البحث‪ ،‬بل يمكن اللجوء إلى املعاينة لس ـ ــحب عينة ودراس ـ ــتها بدال من دراس ـ ــة ألاص ـ ــل العام‬
‫كله‪.‬‬
‫ولكي يتم التوص ــل إلى نتائج دقيقة‪ ،‬ويكون الحكم على الكل من الجيء ص ــحيحا‪ ،‬ينبغي‬
‫الاهتمام بسحب الجيء‪ ،‬أي القيام بمعاينة جيدة‪.‬‬
‫ويفضل الباحثون أسلوب املعاينة لألسباب التالية‪.‬‬
‫‪ .1‬توفر معلومات ال تقل دقة عن معلومات الحصر الشامل‪.‬‬
‫‪ .2‬ستحيل في حاالت كثيرة استعمال أسلوب الحصر الشامل‪.‬‬
‫‪ .3‬تقليل التكلفة والوقم والجهد‪.‬‬
‫‪ .4‬صعوبة الوصول إلى كل أفراد ألاصل العام‪.‬‬

‫االثا ‪ :‬شرط املعاينة الجيدة‬


‫التمثيل‪.‬‬
‫تقوم املعــاينــة الجيــدة على عــامــل أس ـ ـ ـ ــاس ـ ـ ـ ـ ي هو التمثيــل‪ .‬ويقص ـ ـ ـ ــد بــه أن تتوفر العينـة‬
‫املختارة على جميع ص ـ ــفات وخص ـ ــائ ألاص ـ ــل العام الذي س ـ ــحبم منه‪ ،‬من حيث الجنس‬
‫والعمر واملس ـ ـ ـ ــتوم التعليمي واملس ـ ـ ـ ــتوم الاجتم ــاعي‪ /‬الاقتصـ ـ ـ ـ ـ ــادي ومقر إلاق ــام ــة والح ــال ــة‬
‫الاجتمــاعيــة واملهنــة والحــالــة الص ـ ـ ـ ــحيــة واملياجيــة وغيرهــا‪ .‬بحيــث تغ ي العينــة البــاحــث عن‬
‫دراس ـ ـ ــة كل مفردات ألاص ـ ـ ــل العام‪ ،‬خاص ـ ـ ــة في حالة ص ـ ـ ــعوبة أو اس ـ ـ ــتحالة دراس ـ ـ ــة كل تلك‬
‫املفردات‪ .‬كما ينبغي أن يكون هناك تناســب بين حجم العينة وحجم ألاصــل العام‪ .‬ويتحقق‬
‫التمثيل ب سلوبين هما ‪:‬‬

‫‪419‬‬
‫‪ .1‬الاحتمالية‪.‬‬
‫إن املع ى الذي نفهمه لكلمة "العشوائية" هو "دون هدل أو بالصدفة"‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬
‫املعاينة العش ـ ـ ـ ــوائية (الاحتمالية) هي هادفة ومنهجية‪ .‬وتع ي أن يتوفر لكل مفردات ألاص ـ ـ ـ ــل‬
‫العام فرصـ ــا متكافئة ليكونوا ضـ ــمن أفراد العينة دون أي تحيز أو تدخل من قبل الباحث أو‬
‫تدخل عوامل أخرم‪.‬‬
‫ومن النــاحيــة املنطقيــة‪ ،‬فــإنــه من أجــل تحقيق العش ـ ـ ـ ــوائيــة‪ ،‬ال بــد من توفر ش ـ ـ ـ ــرطين‬
‫أساسيين هما ‪:‬‬
‫ألاول‪ ،‬أن تكون جميع مفردات ألاصـ ـ ـ ــل العام معروفة لدم الباحث‪ ،‬ومسـ ـ ـ ــجلة لديه في‬
‫قوائم‪.‬‬
‫الثاني‪ ،‬أن تكون لكل مفردة من مفردات ألاصل العام فرصة ال صفرية لكي تكون ضمن‬
‫عينة البحث‪.‬‬

‫‪ .2‬ك ر حجم العينة‪.‬‬


‫إذا لم تتوفر فر سحب العينة عشوائيا‪ ،‬ألن حجم ألاصل العام كبير‪ ،‬مما يتعذر على‬
‫البـاحـث معرفـة جميع مفرداتـه‪ ،‬ومعرفـة مـدم تجـانس ـ ـ ـ ــه‪ ،‬فـإنـه يلجـ إلى س ـ ـ ـ ـحـب عينـة كبيرة‬
‫الحجم‪ .‬حتى يصـ ـ ـ ـ ــل إلى تحقيق ش ـ ـ ـ ــرط التمثيــل‪ .‬ويراعى في تحــديــد حجم العينــة نوعــان من‬
‫الاعتبـارات ‪ :‬ألاول اعتبـارات فنيـة‪ ،‬والثـاني اعتبـارات غير فنيـة‪ .‬فـاالعتبـارات الفنيـة تتض ـ ـ ـ ــمن‬
‫درجــة التجــانس بين مفردات ألاصـ ـ ـ ـ ــل العــام‪ ،‬فــإذا كــان التجــانس كبيرا بين مفردات ألاصـ ـ ـ ـ ــل‬
‫العــام‪ ،‬يمكن الاكتفــاء بعينــة ص ـ ـ ـ ــغيرة الحجم‪ .‬أمــا إذا كــان التبــاين كبيرا‪ ،‬فينبغي أن يكون‬
‫حجم العينة كبيرا‪ ،‬وذلك للتقليل من خط املعاينة‪.‬‬
‫ولكن مهمـا يكن نوع البحـث‪ ،‬ونوع املعـاينـة‪ ،‬ال بـد من مراعـاة عـاملين همـا ‪ :‬ألاول‪ ،‬توفر‬
‫إمكــانــات كــافيــة لــدم البــاحــث نجــا البحــث على العينــة التي اختــارهــا‪ .‬الثــاني‪ ،‬قلــة التكلفــة‬
‫املطلوبة‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬خطوات املعاينة‬


‫لكي س ـ ـ ـ ــير البــاحــث في الطريق الص ـ ـ ـ ــحيح نجــا بحثــه امليــداني‪ ،‬عليــه اتبــاع الخطوات‬
‫الخمس آلاتية‪ ،‬لسحب عينة بحثه ‪:‬‬

‫‪420‬‬
‫الخطوة ألاولى ‪ :‬تحديد أهدال البحث‪.‬‬
‫تؤار أه ـدال البح ـث في طريقة املعاينة‪ .‬وتتنوع أه ـدال البحوث النفسية كثيرا‪ ،‬منها ما‬
‫يهدل إلى حل مشـ ـ ــكلة فرد بعينه‪ ،‬ومنها ما يهدل إلى تشـ ـ ــخي حالة معينة‪ ،‬ومنها ما يهدل‬
‫إلى تعميم نتائج البحث على ألاص ـ ـ ـ ــل العام‪ ،‬ومنها ما يهدل إلى معرفة مدم وجود فروق بين‬
‫مـج ـم ـوعـتـيـن‪ ،‬ومـنـها مـا يـه ـدل إلـ م ـدم إم ـكان الاس ـت ـفادة من معارل سيكولوجية نظرية في‬
‫تحسين أداء معين‪ ،‬وغيرت‪.‬‬

‫الخطوة الثانية ‪ :‬تحديد ألاصل العام‪.‬‬


‫وهو في لغــة العلوم إلانس ـ ـ ـ ــانيــة عبــارة عن مجموعــة منتهيــة أو غير منتهيــة من العنــاص ـ ـ ـ ــر‬
‫املحددة مسـ ــبقا التي ترتكي عل ها الدراسـ ــة‪ .‬وهو مصـ ــطلح علمي منهجي يراد به كل من ألافراد‬
‫والوقا ع وألاشـ ـ ــياء التي يمكن أن تعمم عل ها نتائج البحث‪ ،‬ولها خاصـ ـ ــية أو عدة خصـ ـ ــائ‬
‫مشتركة تميزها عن غيرها من ألافراد والوقا ع وألاشياء ألاخرم‪ .‬مثل ‪ :‬أطفال ما قبل املدرسة‬
‫الابتدائية‪ ،‬املرض ـ ـ ـ ى بقرحة املعدة‪ ،‬املراهقون الجانحون‪ ،‬تالميذ التعليم الابتدا ي‪ ،‬املرض ـ ـ ـ ى‬
‫عقليــا‪ ،‬مــديرو املــدارس الثــانويــة‪ ،‬املوظفون في قطــاع ال ريــد والاتصـ ـ ـ ـ ــاالت‪ ،‬طالب الجــامعــة‪،‬‬
‫املجرمون‪ ،‬املتـ ـ خرون عقلي ــا‪ ،‬آلاب ــاء وألامه ــات‪ ،‬اليت ــام ‪ ،‬امل ــدمنون‪ ،‬املس ـ ـ ـ ــنون‪ ،‬العم ــال في‬
‫مص ـ ــانع‪ ،‬س ـ ــكان مدينة‪ ،‬الجانحون‪ .‬حوادث الس ـ ــيارات‪ ،‬حوادث الطالق‪ ،‬الكتب املدرس ـ ــية‪،‬‬
‫أسئلة الامتحانات‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وعلى الباحث أن يحدد ألاص ـ ـ ـ ــل العام تحديدا واض ـ ـ ـ ــحا ودقيقا‪ .‬و عرفه تعريفا يجعله‬
‫متميزا تماما عن غيرت من ألاصول العامة ألاخرم‪.‬‬
‫فمثال إذا كان موض ـ ـ ـ ــوع البحث ومش ـ ـ ـ ــكلته يتعلقان بص ـ ـ ـ ــعوبات التعلم ألاكاديمية لدم‬
‫تالمي ـ ــذ التعليم الابت ـ ــدا ي في الجيائر‪ ،‬ف ـ ــإن ك ـ ــل تالمي ـ ــذ التعليم الابت ـ ــدا ي في الجيائر من‬
‫الجنسـ ـ ـ ــين‪ ،‬وفي كل السـ ـ ـ ــنوات التعليمية التي تشـ ـ ـ ــتمل عل ها هذت املرحلة‪ ،‬والذين يقعون في‬
‫الفئة العمرية ‪ 6‬ـ ‪ 12‬سنة‪ ،‬عت رون أصال عاما‪.‬‬
‫وإذا ك ــان موض ـ ـ ـ ــوع البح ــث ومش ـ ـ ـ ــكلت ــه يتعلق ــان ب ــالوالء التنظيمي ل ــدم موظفي ال ري ــد‬
‫والاتص ـ ـ ــاالت بالجيائر‪ ،‬فإن كل موظفي هذا القطاع من الجنس ـ ـ ــين‪ ،‬وفي كل املراتب إلادارية‬
‫والتخصصات املهنية الفرعية داخل القطاع‪ ،‬عت رون مجتمعا إحصائيا‪.‬‬

‫‪421‬‬
‫وإذا كان موض ـ ـ ـ ــوع البحث ومش ـ ـ ـ ــكلته يتعلقان بالكتب املدرس ـ ـ ـ ــية في الجيائر‪ ،‬فإن كل‬
‫الكت ــب امل ــدرس ـ ـ ـ ـي ــة في الجيائر التي اعتم ــدته ــا الجه ــات التربوي ــة املختص ـ ـ ـ ـ ــة في جميع املواد‬
‫الدراسية‪ ،‬وفي جميع مراحل التعليم‪ ،‬تعت ر مجتمعا إحصائيا‪.‬‬
‫وإذا كان موض ـ ـ ــوع البحث ومش ـ ـ ــكلته يتعلقان بتالميذ الس ـ ـ ــنوات ألاولى والثانية والثالثة‬
‫فقط من التعليم الابت ــدا ي في الجيائر‪ ،‬ف ــإن تالمي ــذ ه ــذت الس ـ ـ ـ ــنوات التعليمي ــة الثالث من‬
‫الجنسين عت رون أصل عاما‪.‬‬
‫وإذا ك ـان م ـوض ـ ـوع الب ـ ـح ـث وم ـش ـكـل ـت ـه يـتـعـل ـقـان بال ـك ـت ـب امل ـدرس ـي ـة الـخ ـاص ـة بال ـع ـلـوم‬
‫إلانس ـ ـ ـ ـ ــانيــة في التعليم الثــانوي في الجيائر‪ ،‬فــإن جميع الكتــب املتعلقــة بهــذت العلوم‪ ،‬تعت ر‬
‫مجتمعا إحصائيا‪.‬‬
‫إن تحديد ألاص ـ ـ ـ ــل العام بوض ـ ـ ـ ــوح‪ ،‬من خالل خص ـ ـ ـ ــائص ـ ـ ـ ــه‪ ،‬يجعله مميزا عن غيرت من‬
‫ألاصول العامة ألاخرم‪.‬‬
‫فالكتب املدرسـ ــية الخاصـ ــة بالعلوم إلانسـ ــانية في التعليم الثانوي بالجيائر‪ ،‬أصـ ــل عام‬
‫مميز عن الكتـب املدرس ـ ـ ـ ـيـة في التعليم الثـانوي املتعلقـة بالعلوم والتكنولوجيـا‪ ،‬وعن الكتـب‬
‫املدرسـ ـ ــية في أية مادة دراسـ ـ ــية أخرم وفي أي مرحلة تعليمية أخرم‪ .‬والكتب املدرسـ ـ ــية تتميز‬
‫عن أي كتاب آخر غير مدرس ي‪.‬‬
‫ويتحدد ألاص ــل العام بخاص ــية واحدة أو ب كثر من خاص ــية‪ .‬فعندما يكون ألاص ــل العام‬
‫هو املراهقون في الجيائر‪ ،‬فإن التحديد هنا تم بخاصية واحدة فقط هي املراهقة‪ .‬أما عندما‬
‫يكون ألاص ـ ـ ـ ــل العـام هو املراهقون الـذكور‪ ،‬فـإن التحـديـد هنـا تم بخـاص ـ ـ ـ ــيتين همـا املراهقـة‬
‫والذكورة‪ .‬أما عندما يكون ألاص ـ ـ ــل العام هو املراهقون الذكور املتمدرس ـ ـ ــون‪ ،‬فإن التحديد‬
‫هنا تم بثالث خص ـ ـ ـ ــائ هي املراهقة والذكورة والتمدرس‪ .‬وعندما يكون ألاص ـ ـ ـ ــل العام هو‬
‫املراهقون الذكور املتمدرسـ ــون املتفوقون دراسـ ــيا‪ ،‬فإن التحديد هنا تم ب ربع خصـ ــائ هي‬
‫املراهقة والذكورة والتمدرس والتفوق الدراس ي‪ .‬وهكذا‪.‬‬
‫إن هذت الخصائ التي تم تحديد ألاصل العام وفقا لها‪ ،‬تجعل هذا ألاصل العام يتميز‬
‫عن أي فئة أخرم عمرية كاألطفال والشــباب‪ .‬ويتميز عن املراهقات‪ ،‬ويتميز عن املراهقين غير‬
‫املتم ــدرس ـ ـ ـ ــين‪ ،‬ويتميز عن املراهقين غير املتفوقين دراس ـ ـ ـ ـي ــا‪ ،‬ويتميز عن أي مراهقين آخرين‬
‫ال ــذين يتميزون بخص ـ ـ ـ ـ ــائ أخرم مختلف ــة‪ ،‬ك ــاملراهقين الج ــانحين واملراهقين الري ــاض ـ ـ ـ ــيين‬
‫واملراهقين املتدينين وغيرهم‪.‬‬

‫‪422‬‬
‫ولكن ملاذا ينبغي تحديد ألاص ـ ـ ــل العام بدقة ووض ـ ـ ــوح ؟ هناك االاة ت ريرات أس ـ ـ ــاس ـ ـ ــية‬
‫لذلك وهي ‪:‬‬

‫ت ريرات تحديد ألاصل العام‪.‬‬


‫هناك االاة ت ريرات علمية لتحديد ألاصل العام تحديدا دقيقا وواضحا‪ ،‬وهي‪.‬‬

‫أ‪ .‬املعاينة‪.‬‬
‫إن ألاص ـل فـي الب ـح ـث ال ـع ـل ـم ـي أن ت ـج ـرم ال ـدراس ـة عـلـ كل مجتمع البحث‪ .‬أما إذا كان‬
‫ذلك صــعبا أو مســتحيال لكون عدد أفراد مجتمع البحث كبيرا جدا‪ ،‬مما يتطلب وقتا وجهدا‬
‫كبيرين‪ ،‬فإن الحل عندئذ هو س ـ ـ ــحب عينة منه وإجراء البحث عل ها‪ ،‬ومن الناحية املنطقية‬
‫فإذا لم يتم تحديد الكل بطريقة واضحة‪ ،‬فكيف يتم أخذ الجيء منه‪.‬‬

‫ب‪ .‬تعميم النتائج‪.‬‬


‫البحوث العلميــة التي تجرم على عينــات‪ ،‬تهــدل إلى تعميم نتــائجهــا على ألاص ـ ـ ـ ــل العــام‪،‬‬
‫وهذا لن يتحقق ما لم ُ ْعرل ألاصل العام الذي ينبغي أال يتجاو ت هذا التعميم‪.‬‬

‫شروط تعميم النتائج من العينة على ألاصل العام‪.‬‬


‫ُ‬
‫ذكرت س ـ ـ ـ ــابقا أن إجراء البحث على عينة معينة‪ ،‬ليس هدفا في حد ذاته‪ ،‬بل من أجل‬
‫التعميم من الع ينة على ألاص ـ ـ ـ ــل العام الذي س ـ ـ ـ ــحبم منه‪ .‬ولكي يمكن التعميم بثقة كبيرة‪،‬‬
‫ينبغي أن تكون العينة ممثلة لألصل العام الذي سحبم منه‪ ،‬وتتوفر ف ها الشروط التالية ‪:‬‬

‫بين أفراد العينة وأفراد ألاصل العام‪.‬‬ ‫‪ 1‬ـ تجانس الخصائ‬


‫ونقص ـ ـ ــد بالتجانس التش ـ ـ ــابه والتماال في الخص ـ ـ ــائ وعدم وجود تباين واختالل‪ .‬ألن‬
‫العينة رغم أنها تكون ص ـ ـ ـ ــغيرة العدد مقارنة ب ص ـ ـ ـ ــلها العام‪ ،‬إال أنها يجب أن تكون ص ـ ـ ـ ــورة‬
‫شـ ــاملة لخصـ ــائصـ ــه‪ .‬فعندما نقارن بين ألاصـ ــول العامة في خاصـ ــية التجانس‪ ،‬نجد ألاصـ ــول‬
‫العامة املتجانس ـ ـ ــة يكفي سـ ـ ـ ـحب عينة ص ـ ـ ــغيرة منها تكون ممثلة‪ .‬فالدم يكفي أن ت خذ منه‬
‫قطرات لتحليلها تكون ممثلة لجميع الدم في الجسم الذي هو حوالي ‪ 6‬لترات‪ .‬و جاجة من‬

‫‪423‬‬
‫املاء تكفي لتمثيل سد به مئات آلاالل من ألامتار املكعبة من املاء‪.‬‬
‫أما الخص ـ ــائ البش ـ ــرية تكون أقل تجانس ـ ــا‪ .‬فعينة تتكون من ‪ 1000‬طفل من الس ـ ــنة‬
‫ألاولى من التعليم الابت ــدا ي تب ــدو متج ــانس ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬ألن وجودهم في ه ــذت الس ـ ـ ـ ـن ــة من التعليم‬
‫الابتدا ي‪ ،‬شير إلى أن أعمارهم سم سنوات منية‪ ،‬وهم من فئة عمرية واحدة‪ ،‬ولكنهم حتى‬
‫في خاص ـ ـ ـ ــية العمر ال يكونون متجانس ـ ـ ـ ــين تماما‪ ،‬ألن بعض ـ ـ ـ ــهم يكونون ولدوا في بداية العام‬
‫وبعضهم في نهايته‪ .‬مما ينتج عنه أن يكون الذين ولدوا في شهر يناير قد تعلموا سلوك املش ي‬
‫واللغة مثال قبل الذين ولدوا في شهر د سم ر بسنة كاملة تقريبا‪ ،‬وهذا يؤدي إلى ظهور تفاوت‬
‫واضـ ـ ـ ــح بينهم في اكتسـ ـ ـ ــاب الخ رات التي يوفرها املش ـ ـ ـ ـ ي والتنقل والاتصـ ـ ـ ــال بمجاالت البيئة‬
‫امل ختلفــة‪ ،‬ومــا توفرت اللغــة من اكتسـ ـ ـ ـ ــاب خ رات عقليــة ومعرفيــة واجتمــاعيــة وغيرهــا‪ .‬لكن‬
‫عينة هذت الفئة من ألاطفال تكون أكثر تجانســا من عينة ألاطفال الذين تتراوح أعمارهم بين‬
‫‪ 6‬ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 8‬سنوات‪ .‬وهذت العينة أكثر تجانسا من عينة أطفال تتراوح أعمارهم بين ‪ 6‬ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 12‬سنة‪.‬‬
‫والتجــانس ال يـ خ ـذ بعين الاعتبــار مــا يتعلق بــالفروق التي تنتج عن التفــاوت في العمر فقط‪،‬‬
‫بل ما يتعلق كذلك بخص ــائ أخرم كالذكاء والدافعية والفقر والغ ى ومقر إلاقامة وغيرها‪.‬‬
‫وعندما يكون ألاصل العام أكثر تجانسا‪ ،‬تسهل عملية سحب العينة‪ ،‬بحيث أن سحب عينة‬
‫ص ـ ـ ـ ــغيرة منه تكون كافية من حيث التمثيل‪ ،‬كما رأينا في عينة الدم واملاء‪ .‬أما عندما يكون‬
‫ألاصـ ـ ــل العام أقل تجانسـ ـ ــا‪ ،‬فإن سـ ـ ــحب عينة ممثلة له يكون صـ ـ ــعبا‪ ،‬ويتطلب ألامر عندئذ‬
‫ســحب عينة كبيرة حتى تكون ممثلة‪ ،‬وتشــمل كل التباينات املوجودة بين أفراد ألاصــل العام‬
‫التي سول تنعكس في العينة‪.‬‬

‫لجميع أفراد ألاصل العام‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ تساوي الفر‬


‫بحيث تكون لكل فرد منهم نفس الفرص ـ ـ ــة التي لآلخرين ب ن يكون من بين أفراد العينة‪.‬‬
‫وهذا يحفظ العينة من التحيز في سحبها‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تناسب عدد أفراد العينة مع عدد أفراد ألاصل العام‪.‬‬


‫ولكن ليس هنــاك تحــديــد متفق عليــه لعــدد أفراد العينــة‪ .‬فعــدد أفراد ألاصـ ـ ـ ـ ــل العــام‪،‬‬
‫وطبيعة املشكلة محل الدراسة‪ ،‬وكذلك منهج البحث املتبع تعت ر عوامل أساسية‪.‬‬

‫‪424‬‬
‫إال أنه من أجل التحقق من صـ ـ ـ ــدق تمثيل العينة لألصـ ـ ـ ــل العام‪ ،‬يؤكد علماء املنهجية‬
‫على املبدأ العام الذي يقول ‪" :‬كلما ك ر حجم العينة‪ ،‬كان تمثيلها لألص ـ ـ ـ ــل العام أص ـ ـ ـ ــدق"‪.‬‬
‫وبالتالي تتحقق ألاهدال التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬إمكان تعميم النتائج‪.‬‬
‫‪ .2‬اختبار الفروض وإجابة عن أسئلة البحث‪.‬‬
‫‪ .3‬تطبيق املعالجات إلاحصائية بدقة‪.‬‬
‫‪ .4‬قلة احتمال قبول الفرض الصفري‪.‬‬

‫ج‪ .‬تمثيل العينة لألصل العام‪.‬‬


‫من شـ ــروط إمكان تعميم النتائج وصـ ــدق هذا التعميم‪ ،‬أن تكون العينة ممثلة لألصـ ــل‬
‫العام‪ .‬وقد عرفنا املقصود بالتمثيل في فقرة سابقة‪.‬‬
‫د‪ .‬الت كد من تمثيل العينة لألصل العام‪.‬‬
‫إن الت ـ ك ــد من م ــدم تمثي ــل العين ــة لألص ـ ـ ـ ـ ــل الع ــام ال يتحقق‪ ،‬م ــا لم يتم التعرل على‬
‫التناسب بين عدد أفراد العينة وعدد أفراد ألاصل العام‪.‬‬

‫الخطوة الثالثة ‪ :‬عمل قائمة ب فراد ألاصل العام‪.‬‬


‫عت ر تمثيل العينة لألصــل العام شــرط أســاس ـ ي لخصــائ العينة الجيدة‪ .‬ولكي يتس ـ ى‬
‫للباحث الوص ــول إلى ذلك‪ ،‬عليه أن يقوم بإعداد قائمة بجميع مفردات ألاص ــل العام‪ ،‬ليس‬
‫ب س ـ ـ ـ ــمائهم فقط‪ ،‬بل أن تكون لديه معلومات كافية عن كل مفردة منهم‪ ،‬بحيث س ـ ـ ـ ــتطيع‬
‫الاتص ـ ـ ـ ــال ب ي واحد منهم متى ش ـ ـ ـ ــاء‪ .‬فإذا حدد الباحث ألاص ـ ـ ـ ــل العام بطالب كلية العلوم‬
‫بجامعة باتنة ـ ـ ـ ـ ـ ‪ ،1‬عليه أن عد قائمة ب ســماء هؤالء الطلبة الذكور وإلاناث ومن الســنوات‬
‫ألاربع‪ .‬لكن يمكن للبــاحـث إنجــا قـائمــة مثــل هـذت عنــدمـا يكون عـدد مفردات ألاص ـ ـ ـ ــل العــام‬
‫قليال‪ ،‬ويمكن تحــديــدت بس ـ ـ ـ ــهولــة‪ .‬أمــا إذا كــان عــدد مفردات ألاصـ ـ ـ ـ ــل العــام كبيرا‪ ،‬وال يمكن‬
‫تحديدت بدقة ووض ـ ـ ـ ــوح (املس ـ ـ ـ ــنون في القطر الجيائري مثال)‪ ،‬فإن إنجا هذت القائمة يكون‬
‫صعبا أو مستحيال‪ ،‬وهنا يفرق الباحثون بين أصلين عامين هما‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ألاصل العام املستهدل‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ألاص ــل العام الذي يمكن التعرل عليه‪ ،‬أو ألاص ــل العام س ــهل املنال ‪Accessible‬‬
‫‪ .Population‬وأتناوله في الفقرة التالية‪.‬‬

‫‪425‬‬
‫تعريف ألاصل العام سهل املنال‪.‬‬
‫إذا كان حجم ألاص ـ ـ ـ ــل العام املس ـ ـ ـ ــتهدل كبيرا‪ ،‬بحيث يص ـ ـ ـ ــبح تحديد مفرداته كلها أمرا‬
‫مس ـ ـ ـ ــتحيال‪ ،‬مثــل جميع تالميــذ التعليم الابتــدا ي في الجيائر الـذين عــدون بـاملاليين‪ ،‬أو جميع‬
‫أسـ ـ ـ ــئلة شـ ـ ـ ــهادة البكالوريا في كل املواد الدراسـ ـ ـ ــية من ‪ 1966‬إلى ‪ 2008‬التي تعد باآلالل‪ ،‬أو‬
‫جميع الشباب الجيائريين املتعاطين للمخدرات‪ .‬فما هو الحل في هذت الحالة ؟‬
‫إن الحل في هذت الحالة‪ ،‬هو أن يلج الباحث إلى اعتبار أفراد في منطقة معينة في القطر‬
‫الجيائري‪ ،‬س ـ ــهل عليه الاتص ـ ــال بهم‪ ،‬والتعرل عل هم‪ ،‬بمثابة أص ـ ــل عام س ـ ــهل املنال يختار‬
‫منه عينته‪ ،‬وبالتالي فإن تالميذ التعليم الابتدا ي في أية والية من واليات القطر الجيائري‪ ،‬أو‬
‫في جيء من أية والية‪ ،‬عت رون أصـال عاما سـهل املنال لسـحب عينة البحث منهم‪ ،‬وقس على‬
‫هذا بالنسبة للحاالت املشابهة للمثال السابق‪.‬‬

‫الخطوة الرابعة ‪ :‬سحب عينة ممثلة‪.‬‬


‫إن العينــة هي جيء من كــل‪ ،‬وينبغي أن تكون هكــذا وإال ليسـ ـ ـ ـ ــم بعينــة‪ ،‬فعنــدمــا ُي ْج َرم‬
‫البحث على ألاصـ ــل العام كله (مديرو التربية في ‪ 48‬والية مثال)‪ ،‬فال سـ ــم ذلك عينة‪ ،‬وعند‬
‫س ـ ـ ـ ــحب عينة بحث ممثلة ألص ـ ـ ـ ــلها العام‪ ،‬ينبغي تحديد خص ـ ـ ـ ــائص ـ ـ ـ ــها املش ـ ـ ـ ــتقة تماما من‬
‫خص ـ ــائ ألاص ـ ــل العام‪ ،‬ألنه أص ـ ــلها وهي تمثله‪ ،‬وقد بينم مفهوم التمثيل في فقرة س ـ ــابقة‬
‫وأ يد شرحه في هذت الفقرة‪.‬‬
‫ونقصـ ــد بالخاصـ ــية أو الخصـ ــائ كل ما يميز الفرد أو العينة أو ألاصـ ــل العام عن غيرت‬
‫من ألافراد والعينـات وألاص ـ ـ ـ ــول العـامـة ألاخرم‪ ،‬فهنـاك فرد يتميز بـ نـه طـالـب في قس ـ ـ ـ ــم علم‬
‫النفس وآخر طالب في قس ــم الري‪ .‬ويتميز فرد ما ب نه عامل عن فرد آخر بطال‪ ،‬ويتميز طالب‬
‫آخر ب نه ذكر وعلى وش ـ ـ ـ ــك التخرج‪ ،‬و ميلة له تتميز ب نها أنثى وفي بداية الالتحاق بالجامعة‪،‬‬
‫وتتميز عينة ب نها من السـ ـ ــنة ألاولى من التعليم الثانوي شـ ـ ــعبة العلوم إلانسـ ـ ــانية‪ ،‬عن عينة‬
‫أخرم في الس ـ ـ ــنة الثانية ش ـ ـ ــعبة علوم وتكنولوجيا‪ ،‬ويتميز ألاص ـ ـ ــل العام ب نه جميع أس ـ ـ ــاتذة‬
‫التعليم العالي في الجامعات الجيائرية تخص ـ هندس ــة عن مجتمع إحص ــا ي آخر كونه من‬
‫جميع ألاساتذة املساعدين تخص حقوق‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫عرل العينة وفقا‬ ‫وعندما يختار الباحث عينة بحثه من طالب الجامعة مثال‪ ،‬عليه أن ّ‬
‫لخص ـ ـ ــائ ألاص ـ ـ ــل العام الذي س ـ ـ ــحبم منه‪ ،‬وهي جميع خص ـ ـ ــائ طالب الجامعة؛ مثل ‪:‬‬
‫العمر بين ‪ 18‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 27‬س ــنة‪ ،‬غير موظف‪ ،‬الذكور وإلاناث‪ ،‬التخصـ ـص ــات العلمية‪ ،‬الس ــنوات‬

‫‪426‬‬
‫التعليمية‪ ،‬إلاعادة وعدمها لس ـ ـ ـ ــنة تعليمية‪ ،‬إلاقامة في الحي الجامهي وإلاقامة مع ألاس ـ ـ ـ ــرة‬
‫وغيرها من الخص ـ ـائ ‪ .‬وإذا أختار عينة بحثه من طالب الجامعة السـ ــنة ألاولى فقط‪ ،‬عليه‬
‫أن عرفها كذلك وفقا لخص ـ ـ ــائ ألاص ـ ـ ــل العام الذي س ـ ـ ــحبم منه‪ ،‬وهي خص ـ ـ ــائ طالب‬
‫الجامعة الس ـ ـ ـ ــنة ألاولى فقط‪ .‬وإذا أختار عينة بحثه من املس ـ ـ ـ ــنين ألارامل الذكور‪ ،‬عليه أن‬
‫عرفها كذلك وفقا لخصــائ ألاصــل العام الذي ســحبم منه‪ ،‬وهو مجتمع املســنين ألارامل‬
‫الذكور‪ ،‬حيث أن كل فرد في العينة مسن وأرمل وذكر‪ ...‬وهكذا‪.‬‬

‫الخطوة الخامسة ‪ :‬تعميم النتائج من العينة على ألاصلين العامين‪.‬‬


‫لدينا أص ــلين عامين هما ‪ :‬ألاص ــل العام املس ــتهدل‪ ،‬وألاص ــل العام س ــهل املنال‪ ،‬ولدينا‬
‫عينــة البحــث تمثلهمــا‪ .‬فكيف يمكن التعميم بـ مــان من العينــة على (ألاص ـ ـ ـ ــل العــام) س ـ ـ ـ ـهــل‬
‫املنال‪ ،‬وعلى (ألاص ـ ــل العام) املس ـ ــتهدل ؟ هناك قاعدة تقول إذا كانم العينة املختارة تمثل‬
‫فعال (ألاصـ ـ ـ ــل العام) سـ ـ ـ ــهل املنال‪ ،‬فإنه يمكن تعميم النتائج من العينة على ذلك (ألاصـ ـ ـ ــل‬
‫العـام)‪ .‬فـإذا اختـار البـاحـث عينـة ممثلـة لتالميـذ وتلميـذات التعليم الابتـدا ي في مـدينـة بـاتنـة‬
‫(ألاص ـ ـ ــل العام س ـ ـ ــهل املنال)‪ ،‬فإنه بإمكانه القيام بتعميمات من النتائج املتوص ـ ـ ــل إل ها من‬
‫العينة على كل تالميذ وتلميذات مدينة باتنة‪.‬‬
‫ولكن هل يتم التعميم بثقة كبيرة من العينة على (ألاص ــل العام) املس ــتهدل (كل تالميذ‬
‫وتلميــذات التعليم الابتــدا ي في واليــة بــاتنــة ؟)‪ .‬إن ألاس ـ ـ ـ ـ ــاس دائمــا هو مــدم تمثيــل العينــة‬
‫لألصــل العام املســتهدل‪ .‬فإذا كانم العينة ممثلة لهذا (ألاصــل العام)‪ ،‬فإن هناك اقة كبيرة‬
‫في تعميم النت ــائج علي ــه‪ .‬ف ــإذا اخت ــار الب ــاح ــث عين ــة من تالمي ــذ وتلمي ــذات التعليم الابت ــدا ي‬
‫تمثل جميع تالميذ وتلميذات التعليم الابتدا ي في والية باتنة ببلدياتها املختلفة‪ ،‬فإنه يمكن‬
‫التعميم‪ .‬ولكن هن ــاك خطورة كبيرة إذا أراد الب ــاح ــث تعميم النت ــائج على تالمي ــذ وتلمي ــذات‬
‫التعليم الابتــدا ي في الواليــات املجــاورة‪ ،‬أو على تالميــذ وتلميــذات التعليم الابتــدا ي في القطر‬
‫الجيائري كل ــه‪ .‬وإذا أراد تعميم النت ــائج على والي ــات أخرم غير والي ــة ب ــاتن ــة‪ ،‬علي ــه أن عت ر‬
‫تالميذ وتلميذات التعليم الابتدا ي في تلك الواليات ض ـ ـ ــمن املجتمع س ـ ـ ــهل املنال ويختار منها‬
‫مفردات عينته‪.‬‬

‫‪427‬‬
‫خامسا ‪ :‬مميزات استعمال العينات في البحوث العلمية‬
‫ص ــارت العينات أس ــاس ــا لكثير من البحوث النظرية والتطبيقية‪ .‬و عتمد عل ها الباحثون‬
‫كثيرا ملــا لهــا من مميزات تفضـ ـ ـ ـ ــل بهــا تنــاول ألاصـ ـ ـ ـ ــل العــام كلــه‪ .‬وهنــاك مميزات الس ـ ـ ـ ــتعمــال‬
‫العينات في البحوث‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ إذا كان ألاصـ ــل العام ضـ ــخما جدا‪ ،‬بحيث سـ ــتحيل جمع البيانات منه كله‪ .‬مثل ‪:‬‬
‫تالميذ التعليم الابتدا ي في مدارس والية باتنة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ يوفر استعمال العينات كثيرا من الجهد واملال والوقم‪ ،‬حيث أنه ستعمل جيء من‬
‫ألاصل العام ال كله‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ يمكن الحص ـ ـ ــول على بيانات أكثر اتس ـ ـ ــاعا ودقة عند اس ـ ـ ــتعمال العينة عنها عند‬
‫استعمال ألاصل العام كله‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ من الواضح أن الوصول إلى عينة أكثر سهولة و سرا من الوصول إلى ألاصل العام‬
‫كله‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ الح ـص ـول على ب ـيانات ك ـثـيرة وخاص ـة في حال ـة كثرة أدوات جمع املعلومات املستعملة‬
‫في البحث‪ .‬وبذلك ســتطيع الباحث توســيع مجال بحثه‪ ،‬إذا وجد صــعوبة في تنفيذت في حالة‬
‫بحثه لألصل العام كله‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ إن معالجة النتائج التي يتم الحص ــول عل ها من ألاص ــل العام كله‪ ،‬يحتاج إلى وقم‬
‫طويــل جــدا تض ـ ـ ـ ــيع فيــه الفــائــدة من البحــث‪ ،‬أو تقــل الاس ـ ـ ـ ــتفــادة منــه‪ ،‬إذا انتظرنــا حتى تتم‬
‫معالجة نتائجه‪ .‬ولكن نتائج العينة يمكن الوصول إل ها في وقم سر ع يمكن الاستفادة منها‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ إذا كان ألاص ـ ــل العام متجانس ـ ــا‪ ،‬فإن س ـ ــحب عينة منه‪ ،‬س ـ ــول تؤدي إلى نتائج ال‬
‫تختلف عن نتائج ألاصل العام‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬حجم العينة‬


‫عند التفكير في سحب عينة جراء بحث‪ ،‬يكون من الضروري أخذ الجوانب ألاخرم من‬
‫البحث بعين الاعتبار؛ كعوامل لها دور في تحديد حجم العينة الذي ينبغي سحبه‪ .‬وتتمثل‬
‫هذت العوامل في منهج البحث‪ ،‬وطرق املعاينة‪ ،‬وطرق جمع البيانات‪ ،‬والفرضيات‪ ،‬وأهمية‬
‫النتائج وغيرها‪.‬‬

‫‪428‬‬
‫إن أهم إجراء ينشغل به معظم الباحثين املبتدئين في البحوث النفسية والتربوية‬
‫امليدانية‪ ،‬هو حجم العينة‪ .‬فيتساءلون ‪ :‬ما هو حجم العينة الذي ينبغي سحبه ؟ ولكن‪ ،‬هل‬
‫حجم العينة هو الذي يحدد جودتها ؟‬
‫إن العينة الجيدة‪ ،‬هي التي تمثل أصلها العام‪ .‬واملقصود بحجم العينة‪ ،‬هو عدد ألافراد‬
‫تكون العينــة‪ .‬والعينــة أو املعــاينــة تعت ر من أكثر جوانــب البحوث امليــدانيــة‬ ‫أو العنــاص ـ ـ ـ ــر التي ّ‬
‫عرضــة للنقد‪ ،‬من ناحية أنها كانم أبســط أو أصــغر من أن تجعل اســتنتاجات الباحث محل‬
‫اقة‪.‬‬
‫والعينة ص ــغيرة الحجم‪ ،‬أو الحد ألادن لحجم العينة‪ ،‬هو الذي يكون عرض ــة للنقد من‬
‫قبل الباحثين‪ ،‬وليس العينة كبيرة الحجم‪ .‬وقد اختلفوا في تحديد حجم العينة الص ـ ـ ـ ــغيرة ‪.‬‬
‫فقد ذكر البعض أن العينة الص ـ ـ ـ ــغيرة هي التي يقل أفرادها عن ‪ .30‬أما العينات الكبيرة هي‬
‫التي يكون عـ ــدد أفرادهـ ــا أك ر من ‪ .30‬بينمـ ــا يرم آخرون أن العينـ ــة كبيرة الحجم هي التي‬
‫يتعدم أفرادها ‪ .100‬ولذا يجو أن نتس ـ ـ ـ ــاءل‪ ،‬ما الحجم الذي ينبغي أن تكون عليه العينة‬
‫الجيدة ؟‬
‫في بــادئ ألامر‪ ،‬أقول ‪ :‬إذا تسـ ـ ـ ـ ــاوت جميع الظرول‪ ،‬فــإن العينــة الكبيرة تكون أفضـ ـ ـ ـ ــل‬
‫تمثيال لألصـ ـ ــل العام من العينة الصـ ـ ــغيرة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن الخاصـ ـ ــية ألاهم للعينة‪ ،‬تكمن في‬
‫قدرتها على التمثيل وليس على حجمها‪ .‬إن عينة عشوائية تتكون من ‪ 200‬وحدة‪ ،‬هي أفضل‬
‫من عينــة عش ـ ـ ـ ــوائيــة تتكون من ‪ 100‬وحــدة‪ .‬إال أن عينــة عش ـ ـ ـ ــوائيــة تتكون من ‪ 700‬وحــدة‪،‬‬
‫تكون أفض ـ ـ ـ ــل من عينــة متحيزة تتكون من ‪ 2.500.000‬وحــدة‪ .‬وعليــه‪ ،‬فــإن الحجم وحــدت ال‬
‫يضمن التمثيل أو الدقة في املعاينة‪.‬‬
‫ولكن ال بد من التوض ـ ـ ـ ــيح هنا‪ ،‬ب ن تمثيل العينة ملجتمعها تمثيال تاما‪ ،‬ال يتحقق أبدا‪،‬‬
‫بـ ي طريقـة من طرق س ـ ـ ـ ـحــب العينــات‪ ،‬فـالـذي يمكن الوص ـ ـ ـ ــول إليــه هو الاقتراب فقط من‬
‫التمثيل‪.‬‬
‫وفي الواقع‪ ،‬ال توجد قواعد صارمة ينبغي إتباعها للحصول على عينة جيدة‪ .‬لكن هناك‬
‫عوامل عديدة ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند التفكير في سحب عينة حجمها مناسب‪.‬‬
‫وقبل ش ــرح هذت العوامل‪ ،‬أريد أن أش ــير إلى عامل آخر يتمس ــك به معظم الباحثين عند‬
‫تفكيرهم في س ــحب عينات بحوثهم‪ ،‬وهو النس ــبة املئوية التي ينبغي س ــحبها من ألاص ــل العام‪.‬‬
‫ويقــدم املؤلفون نسـ ـ ـ ـ ــب مئويــة معينــة لحجم العينــة التي ينبغي س ـ ـ ـ ــحبهــا حتى تص ـ ـ ـ ــير ممثلــة‬
‫ملجتمعها‪ ،‬كما يقدمون معادالت إحصـ ـ ــائية السـ ـ ــتعمالها عند سـ ـ ــحب العينة بطريقة علمية‬

‫‪429‬‬
‫صـ ـ ــحيحة تكون محل اقة‪ .‬إن تمسـ ـ ــك الباحثين بالنسـ ـ ــبة املئوية وانشـ ـ ــغالهم بها‪ ،‬ليس أمرا‬
‫سيئا‪ ،‬ولكن كيف يمكن تحقيقه ؟ ألن سحب نسبة مئوية معينة‪ ،‬تتطلب معرفة عدد أفراد‬
‫ألاصـ ـ ــل العام جميعا‪ ،‬وإال كيف عرل الباحث أنه سـ ـ ــحب نسـ ـ ــبة مئوية صـ ـ ــحيحة‪ .‬هذا من‬
‫ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرم‪ ،‬وهو ألاهم‪ ،‬إذا كان محك املعاينة الجيدة وش ـ ـ ـ ــرطها هو التمثيل‪،‬‬
‫هل سحب نسبة مئوية مناسبة‪ ،‬يحقق محك التمثيل ؟‬

‫مثال للتوضيح‪.‬‬
‫لنفرض أن عدد تالميذ وتلميذات التعليم الثانوي‪ ،‬ش ـ ـ ـ ــعبة تس ـ ـ ـ ــيير واقتص ـ ـ ـ ــاد بثانويات‬
‫واليـة بـاتنـة‪ ،‬هو ‪ 1500‬تلميـذ وتلميـذة‪ .‬وأراد بـاحـث معرفـة مـدم رض ـ ـ ـ ــاهم عن الش ـ ـ ـ ــعبـة التي‬
‫يتلقون ف ها دراس ـ ـ ــتهم‪ .‬فس ـ ـ ــحب منهم نس ـ ـ ــبة مئوية هي ‪ .% 10‬أي ‪ 150‬تلميذا وتلميذة‪ .‬وهي‬
‫نس ـ ـ ـ ــبة مئوية مقبولة‪ .‬لكنه س ـ ـ ـ ــحبهم كلهم من اانويات مدينة باتنة‪( .‬عدد الثانويات بوالية‬
‫بـاتنـة هو ‪ 100‬اـانويـة)‪ .‬هـل ‪ 150‬تلميـذا وتلميـذة‪ ،‬من اـانويـات مـدينـة بـاتنـة‪ ،‬يمثلون أص ـ ـ ـ ــلهم‬
‫العام‪ ،‬وهو كل تالميذ وتلميذات شـ ــعبة تسـ ــيير واقتصـ ــاد بثانويات والية باتنة ؟ الجواب ‪ :‬ال‪.‬‬
‫ملاذا ؟ ألن الباحث يقيم بمدينة باتنة‪ ،‬وقام بسـحب عينة من اانويات هذت املدينة فقط‪ .‬إن‬
‫املهم عندت هو أن سـ ـ ــحب نسـ ـ ــبة مئوية هي ‪ .% 10 :‬واعتقد أنه ما دام قام بسـ ـ ــحب نسـ ـ ــبة‬
‫مئوية مقبولة‪ ،‬فقد حقق ش ـ ــرط تمثيل العينة ألص ـ ــلها العام‪ .‬وهنا نتس ـ ــاءل ‪ ،‬هل يمكن أن‬
‫يتحقق هــدل التمثيــل‪ ،‬في هــذت املعــاينــة‪ ،‬وهو إمكــان تعميم النتــائج من العينــة إلى ألاصـ ـ ـ ـ ــل‬
‫العام ؟ في هذت الحالة‪ ،‬نقول ‪ :‬ال‪ .‬ألنه ال توجد اقة في النتائج التي يتوصــل إل ها الباحث من‬
‫عينــة متحيزة ملنطقــة تعليميــة معينــة دون منــاطق تعليميــة أخرم في واليــة بــاتنــة‪ ،‬التي توجــد‬
‫بينه ــا فروق في عوام ــل ذات أهمي ــة؛ ك ــالكث ــاف ــة الس ـ ـ ـ ـك ــاني ــة‪ ،‬والتف ــاوت في مظ ــاهر الحض ـ ـ ـ ــر‪،‬‬
‫والتفاوت في املس ـ ـ ــتويات الاقتص ـ ـ ــادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية‪ ،‬والتفاوت في توفر‬
‫فضاءات تعليمية متنوعة‪ ،‬والتفاوت في توفر مؤسسة جامعية وغيرها‪.‬‬
‫إنكم تالحظون‪ ،‬أن الاعتماد على النس ـ ــبة املئوية‪ ،‬كعامل أس ـ ــاسـ ـ ـ ي لس ـ ــحب حجم عينة‬
‫مناسب‪ ،‬ال يحقق شرط تمثيل العينة ألصلها العام‪.‬‬
‫وهناك أمر آخر هام يتعلق‪ ،‬كذلك‪ ،‬بمسـ ـ ـ ـ لة النس ـ ـ ــبة املئوية‪ ،‬وهو أنه في أص ـ ـ ــول عامة‬
‫كثيرة‪ ،‬من الصعب أو من املستحيل أن تتوفر لدم الباحث معلومات صحيحة عن أحجامها‬
‫التي يريد ســحب نســبة مئوية معينة منها‪ .‬كاملراهقين في والية باتنة واملســنين واملرضـ ى بمرض‬
‫معين وامل ــدمنين والنس ـ ـ ـ ـ ــاء امل ــاكث ــات في البيوت واليت ــام والب ــاع ــة املتجولين وغيرهم‪ .‬ه ــذت‬

‫‪430‬‬
‫ألاص ـ ـ ـ ــول العــامــة‪ ،‬وغيرهــا كثير‪ ،‬ال س ـ ـ ـ ــتطيع البــاحــث أن عرل أعــداد أفرادهــا بــدقــة‪ ،‬حتى‬
‫يتس ـ ى له ســحب نســبة مئوية محددة‪ .‬إن النســبة املئوية‪ ،‬كما نرم‪ ،‬ال تصــلح كعامل هام في‬
‫سحب عينات جيدة‪ ،‬مع كل ألاصول العامة‪.‬‬

‫عوامل تحديد حجم العينة‪.‬‬


‫يحدد الباحثون بعض العوامل التي تؤار على حجم العينة هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬طبيعة ألاصل العام‪ ،‬من حيث حجمه ومدم تجانسه‪.‬‬
‫‪ .2‬طرق جمع البيانات‪.‬‬
‫‪ .3‬منهج البحث؛ تجريبي أم فارقي أم ارتباطي أم مسحي أم عيادي‪.‬‬
‫‪ .4‬طريقة املعاينة‪ ،‬هل هي احتمالية أو ال احتمالية‪.‬‬
‫‪ .5‬فرض البحث قوي أو ضعيف‪.‬‬
‫‪ .6‬أهمية النتائج‪.‬‬
‫‪ .7‬درجة الدقة املطلوبة في املعلومات املراد الحصول عل ها‪.‬‬
‫‪ .8‬التكاليف املتاحة لدم الباحث‪.‬‬
‫وفيما يلي شرحها ‪:‬‬

‫‪ .1‬طبيعة ألاصل العام‪.‬‬


‫واملقصـ ـ ــود بطبيعة ألاصـ ـ ــل العام هنا‪ ،‬هو ‪ :‬متجانس أو متباين ؟ كبير أو صـ ـ ــغير ؟ وعند‬
‫أخذ بعد التجانس‪ /‬التباين‪ ،‬وبعد الك ر‪ /‬الص ـ ـ ـ ــغر بعين الاعتبار‪ .‬فإنه عندما يكون ألاص ـ ـ ـ ــل‬
‫العام متجانسـ ــا‪ ،‬فإن سـ ــحب عينة صـ ــغيرة منه عد أمرا مناسـ ــبا وكافيا‪ ،‬وتعمم النتائج على‬
‫ألاص ـ ـ ــل العام‪ .‬أما إذا كان ألاص ـ ـ ــل العام متباينا‪ ،‬ويحتوم على مجموعات فرعية كثيرة‪ ،‬فإن‬
‫ألامر يتطلب س ـ ـ ـ ــحب عينة كبيرة‪ ،‬الس ـ ـ ـ ــتيعاب التباين الكبير‪ .‬والحقيقة‪ ،‬أنه كلما اد تباين‬
‫ألاصل العام‪ ،‬صعب الحصول على عينة جيدة من حيث التمثيل‪.‬‬
‫وبلغة إلاحصاء‪ ،‬نقول ‪:‬‬
‫‪ .1‬كلما انخفضم قيمة الانحرال املعياري‪ ،‬قل تشتم (تباين) الدرجات‪ .‬أما إذا ارتفعم‬
‫قيمة الانحرال املعياري‪ ،‬اد تشتم الدرجات (تباينها)‪.‬‬
‫‪ . 2‬وعليه‪ ،‬ينبغي حساب النسبة بين التباينات والبحث عن احتمال داللة هذت النسبة‬
‫وتسم "النسبة الفائية"‪.‬‬

‫‪431‬‬
‫ويركي إلاحصاء الاستداللي على أنه كلما كان حجم العينة كبيرا كان أفضل‪ ،‬ألن فرصة‬
‫التمثيل تيداد‪ ،‬وهنا يجد الباحث نفسه أمام اختيارين أحالهما مر ‪:‬‬
‫ألاول ‪ :‬أن تكون العينة صغيرة‪ ،‬فيسهل التعامل معها من كل اليوايا (ضبط املتغيرات‪،‬‬
‫قلة التكاليف‪ ،‬سرعة الوصول إلى النتائج)‪ ،‬لكن عليه أن يضحى بتعميم النتائج‪ ،‬ألن فرصة‬
‫تمثيل العينة الصغيرة ألصلها العام‪ ،‬ضئيلة‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬أن يجعل العينة كبيرة ذات فرصة تمثيل جيدة ألصلها العام‪ ،‬لكن يصعب ضبط‬
‫املتغيرات لكثرتها‪ ،‬ولتفاعلها مع بعضها البعض بشكل قد ال يمكن توقعه بشكل مسبق‪،‬‬
‫إضافة إلى ما يتكبدت الباحث من نفقات وجهد ووقم‪.‬‬

‫‪ .2‬طرق جمع البيانات‪.‬‬


‫يت ار حجم العينة بنوع ألاداة املستخدمة في جمع البيانات‪ ،‬فإذا كانم من نوع املقابلة‪،‬‬
‫أو املالحظة‪ ،‬أو الاختبارات الفردية‪ ،‬فإن ألامر يتطلب سحب عينات صغيرة‪ ،‬قد تكون فردا‬
‫واحدا‪ ،‬في بعض البحوث‪ ،‬ألنها تتطلب جهدا ووقتا كبيرين من الباحث‪ ،‬أما إذا كانم أدوات‬
‫ج ـم ـع الب ـي ـان ـات م ـن ن ـوع الاخ ـت ـب ـارات وامل ـقاي ـي ـس والاس ـت ـب ـانات ال ـت ـي تـ ـج ـرم ب ـط ـري ـق ـة جمعية‪،‬‬
‫فيمكن سحب عينات ذات أحجام كبيرة‪.‬‬
‫وكذاك إذا كانم أدوات جمع البيانات جيدة وذات سمعة علمية عالية‪ ،‬وتتميز بشروط‬
‫سيكومترية جيدة‪ ،‬ففي هذت الحالة‪ ،‬يمكن سحب عينات صغيرة‪ ،‬وتفي بالغرض‪.‬‬

‫‪ .3‬منهج البحث‪.‬‬
‫يبين الجدول رقم (‪ )21‬عدد أفراد العينة في بعض أنواع البحوث‪.‬‬
‫حجم العينة‬ ‫منهج البحث‬
‫ً‬
‫بين ‪ 50‬ـ ‪ 90‬فردا‪.‬‬ ‫ارتباط‬
‫بين فرد واحد إلى ‪ 15‬فردا على ألاكثر لكل عينة‪.‬‬ ‫تجريبى‬
‫ّ‬
‫علي‪ /‬مقارن بين ‪ 30‬إلى ‪ 120‬فرد أو أكثر قليال لكل عينة‪.‬‬
‫أحجام كبيرة باملئات وآلاالل‪.‬‬ ‫مسحي‬
‫‪ 10 - 5‬أفراد لكل بند‪ ،‬أو ال يقل عن ‪ 200‬فرد لالختبار ككل‪.‬‬ ‫عاملي‬
‫بين ‪ 1‬ـ ‪ 5‬أفراد‪( .‬إذا كان الباحث بمفردت)‪.‬‬ ‫عيادي‬

‫‪432‬‬
‫لكن تعالوا‪ ،‬هناك اقتراحات أخرم‪ ،‬تتجنب عامل النسبة املئوية‪ ،‬ينبغي أخذها بعين‬
‫الاعتبار‪ ،‬فيما يتعلق ب حجام العينات املناسبة لكل منهج‪.‬‬
‫بالنسبة للمنهج الارتباطي‪ ،‬إذا كان الارتباط قائما بين املتغيرين‪ ،‬كما تشير إلى ذلك نظرية‬
‫قائمة‪ ،‬فإن سحب عينة يتراوح حجمها بين ‪ 50‬إلى ‪ 90‬فردا‪ ،‬يظهر ذلك الارتباط ويكون محل‬
‫اقة‪ .‬وال داعي ألخذ عينة باملئات‪ .‬وال ينبغي كذلك أخذ عينة أقل من ‪ 30‬فردا‪.‬‬
‫بالنسبة للمنهج التجريبي وشبه التجريبي‪ .‬ومن أجل نجاح الضبط التجريبي (أي التحكم‬
‫في املتغيرات املستقلة الدخيلة)‪ ،‬ينبغي سحب عينة صغيرة‪ ،‬ال تتعدم ‪ 15‬فردا على ألاكثر‪،‬‬
‫وألافضل أن تكون ‪ 10‬أفراد في كل مجموعة‪.‬‬
‫ّ‬
‫بالنسبة للمنهج العلي‪ /‬املقارن‪ .‬يبحث هذا املنهج عن علة السلوك من خالل إجراء‬
‫مقارنة بين العينات‪ .‬وهنا إذا تبين من نظرية البحث‪ ،‬أو من نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬أن‬
‫الفروق قوية بين العينات في املتغير أو املتغيرات محل البحث‪ ،‬يكفي سحب عينة حجمها ‪30‬‬
‫فردا أو أكثر قليال‪ ،‬في كل مجموعة‪ .‬أما إذا لم يحصل الباحث على معلومات حول الفروق‬
‫بين العينات‪ ،‬فعليه رفع حجم العينة‪ .‬ولكن في هذت الحالة‪ ،‬عليه حساب حجم ألاار‪ .‬ألن‬
‫حجم ألاار أقل ت ارا بحجم العينة من ألاساليب إلاحصائية‪ ،‬التي تستخدم الختبار الفرضيات‪.‬‬
‫والكالم عن حجم ألاار‪ ،‬ع ي الكالم عن الداللة العملية‪ .‬ففي السنتين ‪ ،2001 ،1994‬أكدت‬
‫الجمعية ألامريكية لعلم النفس‪ ،‬على ضرورة إلاشارة إلى قيمة حجم ألاار في تقارير البحوث‪،‬‬
‫بسبب ت ار نتائج اختبار الداللة إلاحصائية للبيانات بحجم العينة‪ .‬فمثال‪ ،‬يمكن الحصول‬
‫على فروق دالة إحصائيا بموجب فح الفرضيات إلاحصائية ملتوسطات متقاربة القيم‬
‫فقط‪ ،‬ألن الباحث سحب عينة كبيرة لدراسته‪ .‬ومن املعرول أن قيمة الخط املعياري‪ ،‬تقل‬
‫كلما ك ر حجم العينة‪ ،‬وبالتالي تكون الداللة إلاحصائية دالة لحجم العينة‪ ،‬أو ملستوم‬
‫الداللة‪ ،‬بدال من أن تكون دالة للفروق العملية بين املتوسطات‪.‬‬
‫وفي نهاية هذت الفقرة‪ ،‬أشير إلى أن هناك بحواا تفرض طبيعتها على الباحثين سحب‬
‫عينات صغيرة‪ ،‬كما في منهج بحث الفرد الواحد (منهج تجريبي)‪ ،‬ودراسة الحالة (منهج‬
‫عيادي ) والبحوث التشخيصية والعالجية‪ .‬وتعمل أحيانا كبحوث مبدئية اراء املجال‬
‫البحثي‪ ،‬والتمهيد لسحب عينات كبيرة في بحوث قادمة‪.‬‬

‫‪ .4‬طريقة املعاينة‪.‬‬
‫هـ ـناك نوعـ ـان من طـ ـرق الـمعاينة؛ احتمالية وغيـر احتمالية‪ ،‬فالـمعاينة الاح ـت ـمالية‬

‫‪433‬‬
‫(العشوائية)‪ ،‬بما أنها تشترط معرفة كل أفراد ألاصل العام‪ ،‬وكتابة أسمائهم أو أرقامهم في‬
‫قوائم‪ ،‬وإعطاء نفس الفرصة لكل فرد من أفرادت ليكون عضوا في العينة‪ ،‬فهي معاينة‬
‫موضوعية‪ ،‬وتقترب أكثر من التمثيل ألصلها العام‪ ،‬ويمكن‪ ،‬من خاللها‪ ،‬سحب عينة صغيرة‪،‬‬
‫وتفي بالغرض‪ ،‬أما املعاينة الال احتمالية (غير العشوائية)‪ ،‬بما أنها ال تشترط معرفة أسماء‬
‫أفراد ألاصل العام‪ ،‬وال تمنحهم فرصا متساوية ليكونوا ضمن العينة‪ ،‬فهي معاينة تقترب أكثر‬
‫من التحيز‪ ،‬وأقل تمثيال ألصلها العام‪ ،‬وهنا ينبغي سحب عينات ذات أحجام كبيرة‪ ،‬لتقترب‬
‫من تمثيل أصولها العامة‪.‬‬

‫‪ .5‬فرض البحث‪.‬‬
‫من خالل اطالع الباحث على نظرية البحث‪ ،‬ونتائج الدراسات السابقة‪ ،‬يكتسب أدلة‬
‫على الكثير من الحقائق املتعلقة بالفروق بين العينات وباالرتباطات بين املتغيرات‪ ،‬فيستطيع‪،‬‬
‫وفق ذلك‪ ،‬أن يتوقع مدم قوة أو ضعف تحقيق الفرض‪ ،‬محل البحث‪ ،‬فيقوم بسحب عينة‬
‫يناسب حجمها توقعاته‪.‬‬
‫فإذا كان يتوقـ ـع الح ـصول على فـ ـروق جوه ـري ـة بيـن الع ـي ـنات‪ ،‬أو ي ـت ـوق ـع الح ـصول على‬
‫ارتباطات جوهرية بين املتغيرات‪ ،‬فيمكنه سحب عينات صغيرة وتفي بالغرض‪.‬‬
‫ومن ألامثلة على ذلك‪ ،‬أنه بالنسبة لجوانب السلوك الذي تبين أنه ينمو أو يتغير مع‬
‫العمر اليم ي؛ كالسلوك اللغوي والسلوك املعرفي والسلوك الاجتماعي‪ ،‬فإن الفرض الذي‬
‫يقول ب ن ألاطفال ألاك ر سنا‪ ،‬يكونون أكثر في املحصول اللغوي من ألاطفال ألاصغر سنا‪ ،‬هو‬
‫فرض قوي‪ ،‬يمكن لعينة صغيرة أن تثبته‪ ،‬وألامر كذلك بالنسبة للفرض الذي يقول بوجود‬
‫ارتباط بين الانطواء والخجل‪ ،‬فهو فرض قوي تدعمه نظرية أيينك في بعد الانبساط‪/‬‬
‫الانطواء‪ ،‬يمكن أن تثبته عينة صغيرة‪ ،‬ونفس الحال بالنسبة للفرض املتعلق باالرتباط بين‬
‫العصابية والقلق‪ ،‬فهو فرض قوي‪ ،‬كذلك‪ ،‬تدعمه نظرية أيينك في بعد العصابية‪ /‬الاتيان‪.‬‬
‫أما إذا كانم توقعات الباحث حول الفروق بين العينات والارتباطات بين املتغيرات‪ ،‬غير‬
‫مدعمة ب دلة من نظرية البحث‪ ،‬وال ب دلة من نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬فاملطلوب منه أن‬
‫سحب عينة كبيرة الحجم‪ ،‬لتتضح الفروق بين العينات والارتباطات بين املتغيرات بشكل‬
‫أفضل‪ ،‬كالفرض املتعلق بوجود ارتباط بين الذكاء والدافعية‪ ،‬أو الفرض املتعلق بوجود فرق‬
‫بين أطفال الحضر وأطفال الريف في املحصول اللغوي العام‪.‬‬

‫‪434‬‬
‫وعند سحب عينات كبيرة‪ ،‬ال بد من حساب "حجم ألاار" للتعرل على الداللة العملية‪،‬‬
‫ألن الداللة إلاحصائية التي تخت ر الفرضيات تت ار بحجم العينات‪ ،‬فتظهر فروق أو ارتباطات‬
‫غير حقيقية‪.‬‬

‫‪ .6‬أهمية النتائج‪.‬‬
‫إن حجم العينة الصغير يكون مقبوال في الدراسات الاستطالعية‪ ،‬ألن الباحث يتحمل‬
‫ً‬
‫هامشا كبيرا نسبيا من الخط في النتائج‪ .‬لكن في الدراسات التي يترتب عل ها اتخاذ قرارات‬
‫تعليمية أو إرشادية أو مهنية‪ ،‬أو تو ع ألافراد وفق كفاءاتهم على مجموعات تعليمية أو مهنية‬
‫وغيرها‪ ،‬فمن ألافضل سحب عينات كبيرة بشكل كال لتقليل الخط ‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ .‬يتوقع الباحث من التدريب‪ ،‬على مهارات معينة‪ ،‬أن يحدث تغيرات في مهارات‬
‫املستفيدين منه‪ ،‬فإذا كانم هذت التغيرات ذات قيمة للباحث‪ ،‬فإنه يتحتم عليه تجنب‬
‫العينات الصغيرة جدا‪ ،‬حتى ال تطمس هذت التغيرات‪.‬‬

‫‪ .7‬درجة الدقة املطلوبة‪.‬‬


‫عندما تكون العينة كبيرة الحجم‪ ،‬تيداد دقة النتائج‪ ،‬وبالتالي اقة الباحث ف ها‪ .‬ويصبح‬
‫من املمكن جدا التعميم منها على ألاصل العام‪ .‬ولكن ال ينبغي التمادي في سحب عينات ذات‬
‫ً‬
‫أحجام كبيرة‪ .‬ألن هناك حدا أمثل لحجم العينة‪ ،‬إذا تخطات الباحث‪ ،‬فإنه لن ستفيد كثيرا‬
‫من رفع حجم العينة‪ ،‬بل تنقلب ألامور إلى عكس ما يريد الباحث‪.‬‬

‫‪ .8‬تكاليف البحث‪.‬‬
‫ً‬
‫كثيرا ما يؤدم ارتفاع تكاليف جمع البيانات إلى تقلي حجم العينة‪ ،‬لذا من ألافضل‬
‫أن يحدد الباحث هذت التكاليف‪ ،‬ويختار ما يناسبها من عدد املفحوصين قبل الشروع في‬
‫البحث‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬مفهوم خط املعاينة‬


‫تت ار نتائج العينة بعامل الصدفة‪ ،‬الذي يتدخل في سحب العينة‪ .‬إن سحب بعض‬
‫املفردات من ألاصل العام‪ ،‬لتكوين عينة ما‪ ،‬دون غيرها من العينات‪ ،‬هي عملية تحكمها‬
‫الصدفة‪ .‬و سم خط الصدفة أو خط املعاينة‪ .‬ويحدث في املعاينات الاحتمالية‬

‫‪435‬‬
‫(العشوائية)‪ ،‬وهو خط ال يمكن تجنبه‪ ،‬ولكن يمكن التقليل منه‪ ،‬باالستعمال الصحيح‬
‫لطريقة سحب العينات العشوائية‪.‬‬
‫ويحدث خط املعاينة بسبب عدم دراسة الباحث لكل مفردات ألاصل العام‪ .‬ويتوقف‬
‫خط املعاينة على حجم العينة وتباين املجتمع وطريقة املعاينة‪.‬‬
‫عندما يتم الاس ـ ـ ـ ــتدالل من العينة إلى ألاص ـ ـ ـ ــل العام‪ ،‬س ـ ـ ـ ــيكون هناك مقدار معين من‬
‫الخط ‪ .‬ألنه حتى في العينات التي تكون عش ـ ـ ـ ــوائية‪ ،‬فإنه من املتوقع أن تتغير من واحدة إلى‬
‫أخرم‪ .‬فاملتوســط الحســابي لدرجات الدافعية لدم عينة عشــوائية واحدة من تالميذ الســنة‬
‫الخامسة‪ ،‬قد تختلف عن املتوسط الحسابي لدرجات الدافعية لدم عينة عشوائية أخرم‪،‬‬
‫من تالميذ الس ـ ـ ــنة الخامس ـ ـ ــة‪ ،‬من نفس ألاص ـ ـ ــل العام‪ .‬إن مثل هذت الفروق‪ ،‬هي التي يطلق‬
‫عل ها أخطاء املعاينة‪ ،‬وس ـ ـ ـ ــببها هو أن الباحث قاس متغير الدافعية لدم عينة فقط‪ ،‬وليس‬
‫لدم ألاصل العام كله‪.‬‬
‫و عرل خط املعاينة‪ ،‬ب نه ‪ :‬الفرق بين معلم‪ /‬بارامتر ألاصـ ــل العام وإحصـ ــاءة العينة‪ ،‬أو‬
‫ص ـ ـل عل ها من العينة (إحص ـ ــاءات) والنتائج التي يمكن الحص ـ ــول‬ ‫هو الفرق بين النتائج املح ّ‬
‫عل ها من ألاص ـ ـ ـ ــل العام (البارمترات)‪ ،‬فمثال إذا تس ـ ـ ـ ـ ى لباحث معرفة املتوس ـ ـ ـ ــط الحس ـ ـ ـ ــابي‬
‫لألص ـ ــل العام‪ ،‬وعرل كذلك املتوس ـ ــط الحس ـ ــابي لعينة عش ـ ــوائية س ـ ــحبم من ذلك ألاص ـ ــل‬
‫العام‪ ،‬فإن الفرق بين املتوسطين الحسابيين‪ ،‬هو ما سم خط املعاينة‪.‬‬
‫ويرجع هذا الخط إلى طبيعة السحب العشوا ي ألفراد العينة‪ ،‬فنجد اختالل نتائج‬
‫العينة عن نتائج ألاصل العام‪ ،‬إن سحب العينات ب فضل أساليب املعاينة‪ ،‬ال يضمن أن‬
‫تكون العينة التي تم سحبها ممثلة لألصل العام‪ ،‬فال يمكن الحصول على عينة يتطابق تركيبها‬
‫ً‬
‫مع تركيبة لألصل العام تماما‪ ،‬إذن‪ ،‬هذا النوع من ألاخطاء‪ ،‬يحدث عندما تتباعد قيم معالم‬
‫املجتمع الحقيقية نتيجة للمعاينة العشوائية عن القيم التي حصلنا عل ها من العينة‪.‬‬
‫فمثال إذا عرفنا أن املتوس ـ ــط الحس ـ ــابي لدرجات العص ـ ــابية ألص ـ ــل عام حجمه ‪10000‬‬
‫فرد‪ ،‬هو ‪ ،11‬واملتوسـ ــط الحسـ ــابي لعينة عشـ ــوائية سـ ــحبم منه حجمها ‪ 200‬من ألافراد هو‬
‫‪ ،12‬فإن خط املعاينة هو ‪.1 - = 12 – 11‬‬
‫وكذلك إذا طبق اختبار للذكاء على عينة مكونة من ‪ 100‬طفل‪ ،‬وحصلنا على متوسط‬
‫حسابي لذكاء هذت العينة ‪ ،105‬وعند تطبيق الاختبار على عينة أخرم مكونة من ‪ 100‬طفل‬
‫ً‬
‫كذلك‪ ،‬فكان املتوسط الحسابي هو ‪ 95‬علما ب ن املتوسط الحسابي للذكاء في املجتمع هو‬
‫‪ .100‬فالعينة ألاولى يييد متوسطها الحسابي بمقدار ‪ 5‬والثانية يقل متوسطها الحسابي‬

‫‪436‬‬
‫بمقدار ‪ 5‬عن املتوسط الحسابي للمجتمع‪ .‬وهذا التباين في متوسطات العينة يرجع إلى خطا‬
‫املعاينة‪ ،‬وال يرجع للباحث‪ ،‬كما أنه ال يرجع إلى عيب في أسلوب السحب‪ ،‬ولكنه نتيجة للتباين‬
‫الراجع إلى الصدفة والذي يحدث كلما تم سحب عينة عشوائية‪.‬‬
‫وألن الباحثين عتمدون عادة‪ ،‬على إحص ـ ــاءات العينات‪ ،‬لتقدير معلمات ألاص ـ ــل العام‪،‬‬
‫فإن مفهوم مدم تغير العينات من ألاصول العامة‪ ،‬هو عنصر أساس ي في إلاحصاء الاستداللي‪.‬‬
‫وعلى كل‪ ،‬فإنه بدال من العمل على تحديد التفاوت بين إحصـ ـ ـ ــاءات العينات ومعلم ألاصـ ـ ـ ــل‬
‫العــام‪ ،‬الــذي ال يكون معروفــا‪ ،‬غــالبــا‪ ،‬فــإن إلاجراء في إلاحصـ ـ ـ ـ ــاء الاس ـ ـ ـ ـتــداللي يكون بتقــدير‬
‫التباين املتوقع في إحصاءات عدد من العينات العشوائية املسحوبة من نفس ألاصل العام‪.‬‬
‫وألن كل إحصاءة من إحصاءات العينات‪ ،‬تعت ر تقديرا لنفس معلم ألاصل العام‪ ،‬فإن التغير‬
‫بين إحصاءات العينات يجب أن عيم إلى خط املعاينة‪.‬‬

‫خط التحيز‪.‬‬
‫يرجع خط التحيز للباحث‪ .‬وفيه يحدث ميل لتفضيل وحدات ذات خصائ معينة دون‬
‫غيرها لتكون ضمن العينة‪ ،‬من أجل تحقيق فرض البحث‪ .‬ويتسبب ذلك في عدم تمثيل‬
‫خصائ ألاصل العام ألاساسية‪ ،‬ويكون التحيز عادة‪ ،‬جنسيا أو دينيا أو عرقيا أو في القدرات‬
‫العقلية أو في الصحة النفسية أو في العمر أو في املستوم التعليمي أو في مكان إلاقامة وغيرت‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬إن القدرة على تعلم وفهم العمليات الحسابية‪ ،‬تت ار كثيرا بالقدرة اللغوية‪،‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬يكون الباحث متحيزا إذا قارن بين عينتين في الفهم الحسابي؛ إحداهما مرتفعة في‬
‫القدرة اللغوية وألاخرم ضعيفة في القدرة اللغوية‪.‬‬
‫ً‬
‫وكثيرا ما يحدث خط التحيز نتيجة لسوء التخطيط عند سحب العينة‪ .‬و عود هذا‬
‫الخط لألسباب التالية ‪ :‬عدم كفاءة الباحثين في حساب التقديرات وغموض ألاسئلة‬
‫واستجابات املفحوصين غير دقيقة وعدم جمع البيانات من بعض ألافراد أو جمع بيانات أكثر‬
‫من مرة لنفس ألافراد وعدم وجود إطار سليم عند سحب العينة‪.‬‬

‫أخطاء املعاينة للمتوسط الحسابي‪.‬‬


‫من املتوقع أن يقع الباحث في بعض خط املعاينة عندما س ــتعمل املتوس ــط الحس ــابي‬
‫للعينة ليقدر املتوس ـ ـ ــط الحس ـ ـ ــابي لألص ـ ـ ــل العام‪ .‬ورغم أن هذا التقدير س ـ ـ ــتند عمليا على‬
‫املتوس ـ ـ ــط الحس ـ ـ ــابي لعينة واحدة‪ .‬فلنفرض أن الباحث س ـ ـ ــحب عدة عينات عش ـ ـ ــوائية من‬

‫‪437‬‬
‫نفس ألاصـل العام‪ ،‬وحسـب املتوسـط الحسـابي لكل عينة‪ ،‬سـيجد أن املتوسـطات الحسـابية‬
‫تختلف من عينة ألخرم‪ ،‬كما تختلف عن املتوسط الحسابي لألصل العام‪ ،‬إذا كان معروفا‪،‬‬
‫إن هــذا التغير بين املتوس ـ ـ ـ ـطــات الحس ـ ـ ـ ـ ــابيــة عيم إلى خط ـ املعــاينــة املرتبط مع كــل عينــة‬
‫عشوائية كتقدير للمتوسط الحسابي لألصل العام‪.‬‬

‫املتوسط الحسابي ألخطاء املعاينة ساوي صفرا‪.‬‬


‫إذا أخذ الباحث بعين الاعتبار عددا غير محدود من العينات العش ـ ــوائية املس ـ ــحوبة من‬
‫أص ـ ـ ـ ــل عـام واحـد‪ ،‬فـإن أخطـاء املعـاينـة في الاتجـات املوجـب‪ ،‬يتوقع لهـا أن تتوا ن مع أخطـاء‬
‫املعاينة في الاتجات السـ ــالب‪ ،‬بحيث أن املتوسـ ــط الحسـ ــابي ألخطاء املعاينة سـ ــيكون صـ ــفرا‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬إذا كان املتوســط الحســابي في الدافع إلى إلانجا لألصــل العام من الراشــدين ســاوي‬
‫‪ ،100‬وتم س ـ ـ ــحب عدة عينات عش ـ ـ ــوائية من ذلك ألاص ـ ـ ــل العام‪ ،‬فإنه من املتوقع أن يكون‬
‫لبعض العينات متوس ـ ـ ــطات حس ـ ـ ــابية أعلى من املتوس ـ ـ ــط الحس ـ ـ ــابي لألص ـ ـ ــل العام‪ ،‬ويكون‬
‫لبعض العينات ألاخرم متوس ــطات حس ــابية أقل من املتوس ــط الحس ــابي لألص ــل العام‪ .‬وإذا‬
‫تم سـ ـ ـ ــحب عدد ال محدود من العينات‪ .‬وحسـ ـ ـ ــب لكل عينة متوسـ ـ ـ ــطها الحسـ ـ ـ ــابي في املتغير‬
‫املقاس‪ .‬ام حس ــب املتوس ــط الحس ــابي لكل املتوس ــطات الحس ــابية للعينات‪ ،‬فإن املتوس ــط‬
‫الحسابي للمتوسطات الحسابية سيكون مساويا للمتوسط الحسابي لألصل العام‪.‬‬

‫خط املعاينة تابع عكس ي لحجم العينة‪.‬‬


‫بحيث أنه كلما اد حجم العينة‪ ،‬كان هناك تغير أقل من عينة ألخرم في املتوسط‬
‫الحسابي‪ ،‬وبعبارة أدق‪ ،‬عندما يرتفع حجم العينة يقل خط املعاينة املتوقع‪ .‬فالعينات‬
‫الصغيرة هي أكثر عرضة لخط املعاينة من العينات الكبيرة‪ .‬فمن املتوقع أن تتعرض‬
‫املتوسطات الحسابية القائمة على عينات تتكون من ‪ 10‬أفراد بصورة أك ر من املتوسطات‬
‫الحسابية القائمة على عينات تتكون من ‪ 100‬فرد‪.‬‬

‫خط املعاينة تابع مباشر لالنحرال املعياري لألصل العام‪.‬‬


‫بحيث أنه كلما كان تباين أك ر بين أفراد ألاصل العام‪ ،‬يكون التوقع لتباين أك ر في العينة‪،‬‬
‫وهنا يكون خط املعاينة أك ر‪ ،‬لكن عندما يكون التباين صغيرا لدم ألاصل العام‪ ،‬أي يقع‬

‫‪438‬‬
‫في مدم ضيق‪ ،‬فإن خط املعاينة يكون أقل‪ ،‬وبلغة أخرم‪ ،‬فإنه كلما كان ألاصل العام‬
‫متجانسا قل خط املعاينة‪.‬‬

‫أخطاء املعاينة تتو ع اعتداليا حول الوسط الصفري املتوقع‪.‬‬


‫بالنسبة للتو ع الاعتدالي‪ ،‬ستكون املتوسطات الحسابية للعينات قرب املتوسط‬
‫الحسابي لألصل العام أكثر تكرارا من املتوسطات الحسابية للعينات التي تبتعد عن املتوسط‬
‫الحسابي لألصل العام‪ ،‬بحيث كلما اتجهنا أكثر ف كثر بعيدا عن املتوسط الحسابي لألصل‬
‫العام‪ ،‬تقل املتوسطات الحسابية للعينات‪.‬‬
‫وكما تم التوضيح‪ ،‬أن خط املعاينة هو الفرق بين املتوسط الحسابي للعينة واملتوسط‬
‫الحسابي لألصل العام‪ ،‬فإن تو ع أخطاء املعاينة يكون اعتداليا أو قريب من الاعتدالي‪،‬‬
‫ويكون التو عان متطابقين‪ ،‬غير أن تو ع املتوسطات الحسابية للعينات‪ ،‬له متوسط‬
‫حسابي مساو للمتوسط الحسابي لألصل العام‪ ،‬بينما املتوسط الحسابي ألخطاء املعاينة‬
‫ساوي صفرا‪.‬‬

‫مجتمع البحث وأنواع املعاينة‬ ‫اامنا ‪ :‬خصائ‬


‫املجتمع وأنواع املعاينة في البحث النفس ي والتربوي‬ ‫يبين الشكل رقم (‪ )2‬خصائ‬

‫‪439‬‬
‫مجتمع البحث‬

‫مجتمع غير معروف‬ ‫مجتمع معروف‬


‫(الطريقة غير االحتمالية)‬ ‫(الطريقة االحتمالية)‬

‫مجتمع غير‬ ‫مجتمع‬ ‫مجتمع غير‬ ‫مجتمع‬


‫متجانس‬ ‫متجانس‬ ‫متجانس‬ ‫متجانس‬

‫العينة‬ ‫العينة‬ ‫العينة‬ ‫العينة‬


‫الحصصية‬ ‫المتاحة‬ ‫الطبقية‬ ‫العشوائية‬

‫العينة‬ ‫العينة‬
‫القصدية‬ ‫الطبقية‬

‫العينة‬
‫العنقودية‬

‫‪440‬‬
‫تاسعا ‪ :‬أنواع املعاينة‬
‫تم تصنيف أنواع املعاينة إلى فرعين كبيرين‪ ،‬هما ‪ :‬طرق املعاينة الاحتمالية‪ ،‬وطرق‬
‫املعاينة غير الاحتمالية‪ ،‬ويبينهما الجدول رقم (‪.)23‬‬

‫املعاينة غير الاحتمالية (غير العشوائية)‬ ‫املعاينة الاحتمالية (العشوائية)‬


‫وتتضمن املعاينات الفرعية التالية ‪:‬‬ ‫وتتضمن املعاينات الفرعية التالية ‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪ 1‬ـ املعاينة ّ‬
‫امليسرة أو سهلة املنال (العرضية)‪.‬‬ ‫‪ 1‬ـ املعاينة الاحتمالية البسيطة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ املعاينة الحصصية‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ املعاينة الاحتمالية الطبقية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ املعاينة الشبكية أو "كرة الثلج"‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ املعاينة الاحتمالية العنقودية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ املعاينة القصدية‪ ،‬ولها معاينات فرعية‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ املعاينة الاحتمالية املنتظمة‪.‬‬

‫‪ )1‬املعاينة الاحتمالية (العشوائية)‪.‬‬


‫إن املعاينة الجيدة هي التي تسفر عنها عينة ممثلة ألصلها العام الذي سحبم منه‪ .‬وعملية‬
‫سحب عينة ممثلة ليسم عملية غير منظمة‪ ،‬فهناك عدة أساليب جيدة لسحب العينة‪.‬‬
‫وعلى الباحث أن يوا ن بين ألاساليب املختلفة لسحب العينة‪ .‬ويتبع ألاسلوب ألافضل‬
‫وألانسب بالنسبة ألهدال بحثه‪.‬‬
‫"تعرل العينة ب نها ‪ :‬جيء من كل‪ ،‬و شير هذا التعريف إلى أن الكل‪ ،‬الذي هو ألاصل‬
‫العام الذي تسحب منه العينة‪ ،‬ينبغي أن يكون معروفا لدم الباحث‪ ،‬بمع ى أن تكون‬
‫مفرداته مسجلة لديه في قوائم‪ ،‬وهذا شرط أساس ي للمعاينة الاحتمالية‪ ،‬وإال ال يصح أن‬
‫تسم معاينة عشوائية‪ ،‬وهو الفرق كذلك‪ ،‬بين املعاينة الاحتمالية واملعاينة غير الاحتمالية‬
‫التي ال تشترط أن يكون ألاصل العام معروفا لدم الباحث"‪.‬‬
‫تعرل املعاينة الاحتمالية ب نها نوع من املعاينة يكون لكل فرد من ألاصل العام فرصة ال‬
‫صفرية في أن يكون ضمن أفراد العينة‪ ،‬بحيث يحدث التضمين املحتمل لكل عنصر من‬
‫ألاصل العام في العينة بالصدفة‪ ،‬ويتم الحصول عليه باملعاينة الاحتمالية‪ ،‬وعند استعمال‬
‫املعاينة الاحتمالية‪ ،‬فإن إلاحصاء الاستداللي يتيح للباحثين تقدير مدم احتمال اختالل‬
‫الاستنتاجات القائمة على العينة‪ ،‬عن تلك التي قد يجدها الباحث فيما لو تم بحث ألاصل‬
‫العام كله‪ ،‬وهناك أربعة أنواع من املعاينة الاحتمالية‪ ،‬تستعمل عادة في البحوث النفسية‬
‫والتربوية‪ ،‬وسول أستعرض في الفقرات التالية طرق سحب العينات (املعاينة) عشوائيا‪.‬‬

‫‪441‬‬
‫"في املعاينة الاحتمالية فقط يصح القول ‪ :‬عينة‪ .‬أما في املعاينة غير الاحتمالية‪ ،‬فاألحسن‬
‫القول ‪ :‬مبحواين‪ ،‬مفحوصين‪ ،‬أفراد البحث"‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ املعاينة الاحتمالية البسيطة‪.‬‬


‫وهي أفض ــل إجراءات املعاينة‪ .‬لكن ش ــرطها ألاس ــاس ـ ي أن يكون ألاص ــل العام متجانس ــا‪.‬‬
‫وتؤدي إلى احتمال سـ ـ ـ ــحب أي فرد من أفراد ألاصـ ـ ـ ــل العام كعنصـ ـ ـ ــر في العينة‪ .‬والخاصـ ـ ـ ــية‬
‫الرئيسية ف ها‪ ،‬هي أن جميع أفراد ألاصل العام لديهم فر متساوية ومستقلة في الانضمام‬
‫إلى العينة‪ .‬وأن س ـ ـ ـ ــحب أي فرد في العينة ال يؤار على س ـ ـ ـ ــحب أي فرد آخر‪ .‬وتس ـ ـ ـ ــير املعاينة‬
‫الاحتمالية البسيطة في الخطوات التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬تعريف ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .2‬إدراج كل أفراد ألاصل العام في قائمة‪.‬‬
‫‪ .3‬س ـ ــحب العينة باس ـ ــتعمال إجراء تقرر فيه الص ـ ــدفة فقط أعض ـ ــاء من ألاص ـ ــل العام‬
‫الذين يكونون في العينة‪.‬‬
‫وتوجد عدة طرق للسحب العشوا ي البسيط‪.‬‬

‫‪ .1‬طريقة القرعة‪.‬‬
‫في هذت الطريقة تكتب أسماء كل أفراد ألاصل العام الذي ستسحب منه العينة على‬
‫أوراق صغيرة متساوية في الحجم واللون‪ ،‬تطوم هذت ألاوراق بحيث ال يظهر الاسم‪ ،‬ام توضع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫في إناء وتخلط جيدا‪ ،‬ويختار الباحث من بينها عشوائيا العينة التي تفي بهدل بحثه‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬إذا كان ألاصل العام هو طالب قسم علم النفس بجامعة باتنة ـ ‪ 1‬وعددهم ‪800‬‬
‫طالب‪ ،‬ويريد الباحث سحب عينة من هذا ألاصل العام عددها ‪ 160‬طالبا (أي ‪ % 5‬من‬
‫ً‬
‫ألاصل العام)‪ .‬ماذا يفعل وفقا لهذت الطريقة ؟‬
‫سجل أسماء كل الطلبة (‪ )800‬على أوراق صغيرة ام يطويها بحيث تختفي ألاسماء‪،‬‬
‫ويضعها في إناء أو صندوق‪ ،‬ويخلطها جيدا ام يختار منها ‪ 160‬ورقة‪ .‬وعند فتحها يتعرل على‬
‫أسماء الطلبة الذين ّ‬
‫يكونون عينة البحث‪.‬‬

‫‪442‬‬
‫‪ .2‬طريقة جداول ألارقام العشوائية‪.‬‬
‫َّ‬
‫وهو عب ــارة عن ج ــدول يحتوي على أعم ــدة ب ــاألرق ــام املول ـدة بش ـ ـ ـ ـك ــل آلي‪ ،‬ب ــاس ـ ـ ـ ــتعم ــال‬
‫الحاسوب عادة لضمان النسق العشوا ي‪.‬‬
‫ام اسـ ــتعمال جدول ألارقام العشـ ــوائية لسـ ــحب ألارقام املحددة لألفراد الذين تشـ ــملهم‬
‫العينة‪.‬‬
‫ً‬
‫ويتم سحب العينة وفقا للخطوات آلاتية ‪:‬‬
‫‪ .1‬تحديد وتعريف ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .2‬تحديد حجم العينة املرغوب فيه‪.‬‬
‫‪ .3‬إعداد قائمة بكل أفراد ألاصل العام‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .4‬وضع رقم مسلسل لكل فرد في ألاصل العام وفقا لحجمه (فمثال‪ ،‬إذا كان ألاصل العام‬
‫ساوي ‪ 500‬فرد فإن هذا الرقم يبدأ من ‪ 001‬إلى ‪.)499‬‬
‫‪ .5‬يبدأ الباحث في استعمال الجدول بغلق عينيه ووضع أصبعه على أي مكان في الجدول‬
‫ويكون نقطة البدء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫‪ .6‬ووفقا لحجم ألاصل العام‪ ،‬يتم قراءة ألاعداد في الجدول (وفي املثال السابق‪ ،‬تقرأ في‬
‫كتل مكونة من االاة أرقام فقط)‪.‬‬
‫‪ .7‬سير من نقطة البدء حتى ينتهي العمود ام ينتقل إلى العمود التالي وهكذا‪ ،‬وعندما‬
‫يكون لديه رقم يييد عن الحد ألاعلى لألصل العام‪ ،‬أو رقم مكرر‪ ،‬يتجاهله حتى يحصل على‬
‫حجم العينة الذي يريدت‪.‬‬
‫وبعد سحب العينة "السحب العشوا ي" يمكن تو ع أفرادها في مجموعتين أو أكثر‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تو عا عشوائيا‪ ،‬كذلك‪ .‬إذا كان هدل بحثه هو املقارنة بين مجموعتين أو أكثر‪ .‬ويدعى هذا‬
‫بـ "التعيين أو التو ع أو التخصي العشوا ي”‪.‬‬
‫ً‬
‫ويمكن استعمال ال رنامج إلاحصا ي ‪ SPSS‬في السحب العشوا ي‪ ،‬حيث يتضمن برنامجا‬
‫لتوليد ألاعداد العشوائية‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬ما الخطوات التي يجب على الباحث إتباعها‪ ،‬لسحب عينة عشوائية بسيطة‪،‬‬
‫بمعلومية ألاصل العام ؟‬
‫فلو أراد باحث الحصـ ـ ــول على عينة عشـ ـ ــوائية بسـ ـ ــيطة‪ ،‬وليكن حجمها ‪ 650‬من تالميذ‬
‫التعليم الثانوي املتمدرسـ ـ ــين بثانويات مدينة باتنة‪ ،‬في السـ ـ ــنة الدراسـ ـ ــية ‪ 2015 :‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪،2016‬‬
‫باسـتعمال جداول ألارقام العشـوائية‪ ،‬فإنه يقوم أوال بتسـجيل جميع هؤالء التالميذ‪ ،‬ك صــل‬

‫‪443‬‬
‫عام‪ .‬ويمكن له الحصول على ذلك من مديري اانويات مدينة باتنة‪ .‬ام يضع لكل تلميذ رقما‬
‫كتعريف ل ــه‪ .‬ولنفرض أن ع ــدد تالمي ــذ التعليم الث ــانوي بم ــدين ــة ب ــاتن ــة هو ‪ 13000 :‬تلمي ــذا‬
‫وتلميــذة‪ .‬فــإنــه س ـ ـ ـ ــتعمــل ألارقــام (‪)00001 ،00002 ،00003 ،... ،12997 ،12998 ،12999‬‬
‫لهذا الهدل‪ .‬وبما أن حجم العينة هو ‪ 650‬تلميذا وتلميذة (أي ‪ % 5‬من ألاصــل العام)‪ .‬فإنه‬
‫يقوم بسـحـب أفراد العينة‪ ،‬ب ن يبـدأ من أي مكان بالجدول؛ من اليـمـين أو من الي ـسار‪ ،‬وكل‬
‫رقم يلمسه ع ي أن صاحب الرقم عضو في العينة‪ .‬و ستمر حتى سحب ‪ 650‬فردا‪.‬‬
‫ويبين الجدول رقم (‪ )23‬مثال عن جدول ألارقام العشوائية‪.‬‬

‫‪11479‬‬ ‫‪03541‬‬ ‫‪09215‬‬ ‫‪00051‬‬ ‫‪10487‬‬ ‫‪00010‬‬ ‫‪10254‬‬


‫‪07581‬‬ ‫‪00875‬‬ ‫‪05469‬‬ ‫‪00015‬‬ ‫‪02514‬‬ ‫‪11103‬‬ ‫‪11265‬‬
‫‪04147‬‬ ‫‪12541‬‬ ‫‪02654‬‬ ‫‪00154‬‬ ‫‪00012‬‬ ‫‪12333‬‬ ‫‪09542‬‬
‫‪11115‬‬ ‫‪07621‬‬ ‫‪10547‬‬ ‫‪00654‬‬ ‫‪06021‬‬ ‫‪10230‬‬ ‫‪05947‬‬
‫‪01487‬‬ ‫‪08479‬‬ ‫‪11954‬‬ ‫‪00514‬‬ ‫‪09547‬‬ ‫‪12000‬‬ ‫‪02154‬‬
‫‪00354‬‬ ‫‪00954‬‬ ‫‪07158‬‬ ‫‪12054‬‬ ‫‪00325‬‬ ‫‪11444‬‬ ‫‪11954‬‬
‫‪10584‬‬ ‫‪10005‬‬ ‫‪03872‬‬ ‫‪11021‬‬ ‫‪12548‬‬ ‫‪00300‬‬ ‫‪07845‬‬
‫‪12148‬‬ ‫‪01548‬‬ ‫‪02154‬‬ ‫‪02154‬‬ ‫‪10251‬‬ ‫‪02154‬‬ ‫‪06584‬‬
‫‪00055‬‬ ‫‪00540‬‬ ‫‪10054‬‬ ‫‪10160‬‬ ‫‪02104‬‬ ‫‪12709‬‬ ‫‪12284‬‬
‫‪11248‬‬ ‫‪04302‬‬ ‫‪11921‬‬ ‫‪04873‬‬ ‫‪00841‬‬ ‫‪00037‬‬ ‫‪09548‬‬
‫‪00954‬‬ ‫‪11854‬‬ ‫‪10254‬‬ ‫‪12220‬‬ ‫‪02154‬‬ ‫‪05465‬‬ ‫‪09582‬‬
‫‪02541‬‬ ‫‪01543‬‬ ‫‪00020‬‬ ‫‪04128‬‬ ‫‪07150‬‬ ‫‪02154‬‬ ‫‪08751‬‬
‫‪10009‬‬ ‫‪10830‬‬ ‫‪06628‬‬ ‫‪05478‬‬ ‫‪12001‬‬ ‫‪11320‬‬ ‫‪11151‬‬
‫‪08001‬‬ ‫‪00053‬‬ ‫‪12192‬‬ ‫‪09990‬‬ ‫‪12999‬‬ ‫‪00321‬‬ ‫‪00792‬‬
‫‪01240‬‬ ‫‪12109‬‬ ‫‪10001‬‬ ‫‪10149‬‬ ‫‪12011‬‬ ‫‪01018‬‬ ‫‪10487‬‬
‫‪10102‬‬ ‫‪00102‬‬ ‫‪12590‬‬ ‫‪05489‬‬ ‫‪10695‬‬ ‫‪10010‬‬ ‫‪11547‬‬
‫‪09001‬‬ ‫‪05015‬‬ ‫‪11102‬‬ ‫‪11800‬‬ ‫‪11700‬‬ ‫‪10889‬‬ ‫‪03321‬‬
‫‪00543‬‬ ‫‪10055‬‬ ‫‪12003‬‬ ‫‪12001‬‬ ‫‪04103‬‬ ‫‪02154‬‬ ‫‪00150‬‬
‫‪10210‬‬ ‫‪10045‬‬ ‫‪11005‬‬ ‫‪04121‬‬ ‫‪00541‬‬ ‫‪10004‬‬ ‫‪12235‬‬

‫‪444‬‬
‫والعينة املس ـ ـ ــحوبة عش ـ ـ ــوائيا‪ ،‬ال تكون عرض ـ ـ ــة لتحيزات الباحث‪ .‬فالباحثون‪ ،‬عادة‪ ،‬في‬
‫الس ـ ـ ــحب العش ـ ـ ــوا ي للعينات‪ ،‬يليمون أنفس ـ ـ ــهم بس ـ ـ ــحب عينة بطريقة ال تس ـ ـ ــمح لتحيزاتهم‬
‫عدون أنفس ـ ـ ــهم من أجل تجنب الس ـ ـ ــحب ّ‬
‫املبيم لألي ـ ـ ــخا الذين س ـ ـ ــول‬ ‫بالتدخل‪ .‬إنهم ّ‬
‫يؤكدون فرضـ ــية البحث‪ .‬إنهم يجعلون الصـ ــدفة وحدها هي التي تحدد العناصـ ــر‪ ،‬في ألاصـ ــل‬
‫العام‪ ،‬الذين سول يكونون في العينة‪.‬‬

‫‪ .3‬طريقة العملة املعدنية‪.‬‬


‫وف ها يذكر اسم الفرد‪ ،‬وتلق العملة‪ ،‬بحيث يمثل أحد الوجهين انضمام الفرد للعينة‬
‫والوجه آلاخر استبعادت‪( .‬الحظ أنها ال تصلح مع العينات الكبيرة‪ ،‬ألنها تتطلب وقتا أطول)‪.‬‬
‫فإذا كان ألاصل العام يتكون من ‪ 1000‬مفردة‪ ،‬ترم العملة املعدنية ‪ 1000‬مرة‪.‬‬

‫‪ .4‬طريقة طلب الرقم الهاتفي عشوائيا‪.‬‬


‫تص ـي ـب هـ ـذت امل ـعاي ـن ـة هـ ـدف ـين ف ـي آن واح ـ ـد؛ س ـحـ ـب الع ـي ـن ـة‪ ،‬وج ـم ـع الب ـيان ـات‪ .‬ويقوم‬
‫الكمبيوتر بمهمة سحب أرقام هاتفية بشكل عشوا ي‪ ،‬وبعدها يجرم الباحث مع أصحاب‬
‫هذت ألارقام حوارات تسجل ع ر الكمبيوتر‪ ،‬وبالرغم من سهولتها‪ ،‬إال أنها يمكن أن تتحيز لفئة‬
‫ما من ذوي خطوط هاتفية معينة‪ .‬وال تصلح مع العينات الكبيرة‪ ،‬ألنها تتطلب وقتا أطول‬
‫لتنفيذها‪.‬‬

‫مميزات املعاينة الاحتمالية البسيطة‪.‬‬


‫‪ .1‬تعط جميع مفردات ألاصل العام نفس الفرصة املتكافئة في السحب‪.‬‬
‫‪ .2‬ال تتقيد بترتيب معين أو نظام مقصود‪.‬‬
‫‪ .3‬ال تتطلب معرفة سابقة بخصائ مفردات ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .4‬تتفادم التحيز العتمادها إلى حد كبير على قانون الاحتماالت‪.‬‬
‫‪ .5‬سهولة سحب مفرداتها‪ ،‬حيث ال تتطلب سوم قوائم تتضمن بيانات عن مجتمع‬
‫البحث‪.‬‬
‫‪ .6‬انخفاض خط املعاينة‪ ،‬ألنها تشترط تجانس مجتمع البحث‪.‬‬
‫‪ .7‬استعمال برامج الحاسب آلالي في السحب‪ ،‬يوفر كثيرا من الجهد والوقم واملال‬
‫للباحث‪.‬‬

‫‪445‬‬
‫عيوب املعاينة الاحتمالية البسيطة‪.‬‬
‫‪ .1‬إن استعمال جداول ألارقام العشوائية لتحديد كل مفردة من ألاصل العام‪ ،‬تعت ر‬
‫ً‬
‫عملية متعبة‪ ،‬وخاصة إذا كانم العينة كبيرة وقد ت خذ جهدا ووقتا كبيرين‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم توفر قوائم مسبقة ملجتمع البحث‪ ،‬وفى حالة توفرها فهي عادة ما تكون غير‬
‫دقيقة‪.‬‬
‫‪ .3‬في حالة عدم الت كد من تجانس مجتمع البحث‪ ،‬يمكن أن تقود النتائج التي يتم‬
‫التوصل إل ها إلى أخطاء‪.‬‬

‫تقويم املعاينة الاحتمالية البسيطة وفق خط املعاينة‪.‬‬


‫من الطبيهي أن يتوقع الباحثون أن تمثل العينة املختارة عشـ ـ ـ ــوائيا ألاصـ ـ ـ ــل العام الذي‬
‫ســحبم منه‪ .‬ولكن في بعض الحاالت‪ ،‬عندما تكون العينة صــغيرة الحجم‪ ،‬فإنه ليس مطلقا‬
‫أن تمثل أصــلها العام بصــورة جيدة‪ .‬وكذلك‪ ،‬ال يضــمن الســحب العشــوا ي للعينة أن يكون‬
‫الفرق بين العينــة وألاصـ ـ ـ ـ ـل العــام‪ ،‬من بــاب الص ـ ـ ـ ــدفــة فقط‪ ،‬وليس بس ـ ـ ـ ـبــب تحيز البــاحــث‪.‬‬
‫والفروق بين العينات وأصــولها العامة‪ ،‬ليســم نظامية‪ .‬فمثال‪ ،‬قد يكون املتوســط الحســابي‬
‫لعينة في متغير معين‪ ،‬أعلى من املتوسـ ـ ـ ــط الحسـ ـ ـ ــابي في نفس املتغير ألصـ ـ ـ ــلها العام‪ ،‬وأحيانا‬
‫يكون املتوس ـ ــط الحس ـ ــابي لعينة أدن من املتوس ـ ــط الحس ـ ــابي لألص ـ ــل العام‪ .‬بمع ى أنه من‬
‫املحتمل أن يكون خط املعاينة الاحتمالية موجبا كما يكون ســالبا‪ .‬وأوضــح علماء النظريات‬
‫إلاحصـ ـ ـ ـ ــائيــة‪ ،‬من خالل التفكير الاس ـ ـ ـ ــتقرا ي (الاس ـ ـ ـ ــتنتــاجي)‪ ،‬مقــدار التبــاين بين مــا يتوقعــه‬
‫الباحث من مالحظات مسـ ـ ــتمدة من عينات عشـ ـ ــوائية‪ ،‬وما لوحظ في ألاص ـ ـ ـل العام‪ .‬فجميع‬
‫إجراءات إلاحص ـ ـ ــاء الاس ـ ـ ــتداللي‪ ،‬تض ـ ـ ــع هذا الهدل في الاعتبار‪ .‬وينبغي أن نعرل أن احتمال‬
‫التبــاين في الخص ـ ـ ـ ــائ املالحظــة في عينــة ص ـ ـ ـ ــغيرة عن خص ـ ـ ـ ــائ ألاص ـ ـ ـ ــل العــام‪ ،‬أكثر من‬
‫الخص ـ ـ ـ ــائ املالحظة في عينة كبيرة‪ .‬ففي املعاينة الاحتمالية‪ ،‬يمكن للباحث أن س ـ ـ ـ ــتعمل‬
‫إلاحص ــاء الاس ــتداللي لتقرير مقدار احتمال تباين ألاص ــل العام عن العينة‪ .‬و س ــتند إلاحص ــاء‬
‫الاس ـ ـ ـ ــتداللي دائما على املعاينة الاحتمالية‪ ،‬وينطبق فقط‪ ،‬على تلك الحاالت التي تكون ف ها‬
‫املعاينة احتمالية‪ .‬ولكن لس ـ ـ ـ ــوء الحظ‪ ،‬تتطلب املعاينة الاحتمالية البس ـ ـ ـ ــيطة تعداد جميع‬
‫ألاي ـ ــخا في أص ـ ــل عام منته قبل س ـ ــحب العينة‪ .‬وهذا الش ـ ــرط غالبا ما يقف عائقا أمام‬
‫استعمال هذت الطريقة بصورة عملية‪.‬‬

‫‪446‬‬
‫"إن ألاصـ ـ ـ ـ ـ ــل الع ــام املنتهي‪ ،‬هو ال ــذي تكون جميع مفردات ــه معروف ــة ل ــدم الب ــاح ــث‪،‬‬
‫ومس ـ ـ ـ ــجلـة لـديـه في قوائم‪ .‬وهـذا ش ـ ـ ـ ــرط أس ـ ـ ـ ــاس ـ ـ ـ ـ ي للمعـاينـة الاحتمـاليـة‪ .‬أمـا في املعـاينـة الال‬
‫احتمالية‪ ،‬يكون ألاصـ ـ ـ ـ ـ ــل العام ف ها غير منته‪ ،‬ألنه ال يكون مع ـ ـ ـ ـ ــروفا لدم الباحث‪ ،‬مث ـ ـ ـ ـ ــل ‪:‬‬
‫اليتام أو املدخنين في والية باتنة"‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ املعاينة الاحتمالية الطبقية‪.‬‬


‫تس ـ ــتعمل املعاينة الاحتمالية البس ـ ــيطة عندما يكون ألاص ـ ــل العام متجانس ـ ــا‪ ،‬مما يوفر‬
‫شــرط تمثيل العينة لألصــل العام‪ .‬لكن عندما يكون ألاصــل العام غير متجانس‪ ،‬ألنه يتكون‬
‫من عـ ــدد واس ـ ـ ـ ــع من املجموعـ ــات الجيئيـ ــة أو الفرعيـ ــة أو الطبقـ ــات‪ ،‬التي قـ ــد تختلف في‬
‫الخصـ ـ ـ ـ ـ ــائ محـ ــل البحـ ــث‪ ،‬في الجنس أو العمر أو املس ـ ـ ـ ــتوم التعليمي وغيرت‪ ،‬فـ ــإنـ ــه من‬
‫الض ـ ـ ـ ــروري‪ ،‬غالبا‪ ،‬اس ـ ـ ـ ــتعمال ش ـ ـ ـ ــكل آخر من املعاينة الاحتمالية‪ ،‬يدعى املعاينة الاحتمالية‬
‫الطبقية‪.‬‬
‫ويتم إتباع الخطوات التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬تحديد وتعريف ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .2‬تحديد حجم العينة‪.‬‬
‫‪ .3‬تحديد املجموعات الفرعية بناء على خصائ ألاصل العام‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .4‬تصنيف أفراد ألاصل العام وفقا للمجموعات الفرعية السابق تحديدها‪ .‬بحيث ينتمي‬
‫كل فرد ملجموعة واحدة فقط‪ ،‬وذلك حتى ال تتداخل املجموعات‪.‬‬
‫‪ .5‬سحب عينة احتمالية بسيطة من كل طبقة فرعية‪.‬‬
‫مثال‪ ،‬إذا كان باحث يجري اســتفتاء مصــمما لتقييم آلاراء حول قضــية تعليمية جامعية‬
‫معينة‪ ،‬كاتجاهات طالب الجامعة نحو نظام ‪ ،L. M. D‬يكون من الض ـ ــروري تقس ـ ــيم ألاص ـ ــل‬
‫العام إلى طبقات (مجموعات جيئية) على أســاس الجنس واملســتوم التعليمي والتخصـصــات‬
‫العلمية‪ .‬ألن الباحث يتوقع ظهور آراء مختلفة بص ـ ـ ـ ــورة منتظمة بين الطبقات (املجموعات‬
‫الفرعية املتنوعة لألصل العام)‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬في املع ــاين ــة العش ـ ـ ـ ــوائي ــة الطبقي ــة‪ ،‬يح ــدد الب ــاح ــث أوال الطبق ــات (املجموع ــات)‬
‫املعنية‪ ،‬ام سحب بصورة عشوائية عددا محددا من ألافراد من كل طبقة‪( .‬عينة عشوائية‬
‫من الســنة ألاولى ذكور‪ ،‬علوم إنســانية‪ .‬عينة عشــوائية من الســنة ألاولى إناث علوم إنســانية‪.‬‬
‫عينة عشـ ــوائية من السـ ــنة ألاولى ذكور‪ ،‬علوم اقتصـ ــادية‪ .‬عينة عشـ ــوائية من السـ ــنة ألاولى‬

‫‪447‬‬
‫إنــاث‪ ،‬علوم اقتصـ ـ ـ ـ ــاديــة‪ .‬عينــة عش ـ ـ ـ ــوائيــة من الس ـ ـ ـ ـنــة ألاولى ذكور‪ ،‬علوم وتقنيــات‪ .‬عينــة‬
‫عشوائية من السنة ألاولى إناث‪ ،‬علوم وتقنيات‪ ...‬وهكذا)‪.‬‬
‫وفي بحوث أخرم‪ ،‬ق ــد يكون ألاس ـ ـ ـ ـ ــاس التص ـ ـ ـ ــنيفي إلى طبق ــات (مجموع ــات)‪ ،‬هو مقر‬
‫إلاقامة؛ ريف‪ ،‬قرية‪ ،‬مدينة ص ـ ــغيرة‪ ،‬مدينة كبيرة‪ ،‬لبحث اتجاهات الش ـ ــباب في هذت املقرات‬
‫السـ ـ ــكنية نحو أسـ ـ ــلوب تسـ ـ ــيير الحكم في الجيائر‪ .‬ففي هذت الحالة‪ ،‬يقسـ ـ ــم الباحث ألاصـ ـ ــل‬
‫العام إلى أربع مجموعات (طبقات)‪ ،‬ام س ــحب منها عش ــوائيا عينات مس ــتقلة من كل طبقة‬
‫(مقر إقامة)‪.‬‬
‫وتمكن هــذت املعــاينــة البــاحــث من املقــارنــات التي من املتوقع أن تكون بين الطبقــات أو‬
‫املجموعات الفرعية املتنوعة من ألاصل العام‪.‬‬
‫وكذلك لو يكون اهتمام الباحث هو اتجاهات الناس عامة نحو قانون املرور في الجيائر‪.‬‬
‫فيقس ـ ـ ـ ــم ألاص ـ ـ ـ ـ ــل الع ــام إلى كثير من الطبق ــات أو املجموع ــات؛ التج ــار‪ ،‬املح ــامين‪ ،‬موظفي‬
‫إلادارات العمومية‪ ،‬أس ـ ــاتذة الجامعات‪ ،‬أس ـ ــاتذة الثانويات‪ ،‬س ـ ــائقي س ـ ــيارات ألاجرة‪ ،‬أعوان‬
‫أمن الطرقــات‪ .‬وبمــا أن الطبقــات ال تكون متس ـ ـ ـ ـ ــاويــة في أعــداد أفرادهــا‪ ،‬فــإنــه في املعــاينــة‬
‫العش ـ ـ ــوائية الطبقية‪ ،‬س ـ ـ ــحب الباحث عينات متس ـ ـ ــاوية من كل طبقة‪ ،‬أو س ـ ـ ــحب بطريقة‬
‫تتناسـ ـ ـ ــب مع حجم الطبقة في ألاص ـ ـ ـ ـل العام (املعاينة الطبقية التناسـ ـ ـ ــبية)‪ .‬فإذا كان هدل‬
‫البحث هو معرفة الفروق بين الطبقات املتنوعة‪ ،‬في اتجاهاتهم نحو قانون املرور أو غيرت من‬
‫القضـ ـ ــايا‪ ،‬فإنه في هذت الحالة‪ ،‬سـ ـ ــحب عينات متسـ ـ ــاوية الحجم من كل طبقة‪ .‬أما إذا كان‬
‫هدل البحث هو معرفة خصـائ ألاصـل العام كله (جميع الطبقات)‪ ،‬فإنه في هذت الحالة‪،‬‬
‫تكون املعاينة املتناسبة هي ألافضل ( سحب من كل أصل عام عددا من ألافراد يتناسب مع‬
‫حجمه الكلي)‪.‬‬

‫طرق تحديد حجم العينات املسحوبة من الطبقات‪.‬‬


‫‪ .1‬طريقة التساوي‪.‬‬
‫وف ها تسحب عينات متساوية العدد من كل طبقة‪ ،‬حتى ولو اختلف عدد ألافراد في كل‬
‫منها‪ .‬و عاب عل ها أنها تساوم بين الطبقات حتى في حالة عدم تساويها‪.‬‬

‫‪ .2‬طريقة التناسب‪.‬‬
‫تسحب هنا عينات يتناسب حجمها مع النسبة التي تمثلها الطبقة في ألاصل العام‪ .‬فإذا‬

‫‪448‬‬
‫كان حجم ألاصل العام هو ‪ 1000‬مفردة (‪ 1000‬معلم‪ ،‬من ذوي الخ رات املهنية املختلفة)‪.‬‬
‫ويتكون من عدة طبقات (خ رة طويلة‪ ،‬خ رة متوسطة‪ ،‬خ رة قصيرة)‪ ،‬وكل طبقة (خ رة) يمثل‬
‫حجمها نسبة معينة من حجم ألاصل العام‪ ،‬فإن الباحث سحب من كل طبقة نسبة تمثيلها‬
‫في ألاصل العام‪ .‬فالطبقة (خ رة طويلة) التي حجمها ‪ 190‬مفردة في ألاصل العام‪ ،‬ونسبتها فيه‬
‫= ‪ ،% 19‬سحب منها عشوائيا ‪ ،% 19‬وهو ‪ 38‬مفردة (‪ 38‬معلما)‪ .‬والطبقة (خ رة متوسطة)‬
‫التي حجمها ‪ 500‬مفردة في ألاصل العام ونسبتها فيه = ‪ ،% 50‬سحب منها عشوائيا ‪،% 50‬‬
‫وهو ‪ 250‬مفردة (‪ 250‬معلما)‪ .‬والطبقة (خ رة قصيرة) التي حجمها ‪ 210‬مفردة في ألاصل‬
‫العام ونسبتها فيه = ‪ ،% 21‬سحب منها عشوائيا ‪ ،% 21‬وهو ‪ 42‬مفردة (‪ 42‬معلما)‪.‬‬
‫أو تسحب العينات من الطبقات املختلفة بطريقة أخرم وهي كما يلي ‪ :‬يحدد الباحث‬
‫نسبة معينة للمعاينة‪ ،‬ولتكن ‪ % 20‬مثال‪ ،‬و سحب على أساسها عينة بهذت النسبة من كل‬
‫طبقة‪ .‬فالطبقة التي حجمها ‪ 120‬مفردة سحب منها عشوائيا ‪ 24‬مفردة (‪ .)% 20‬والطبقة‬
‫التي حجمها ‪ 180‬مفردة سحب منها عشوائيا ‪ 36‬مفردة (‪ .)% 20‬والطبقة التي حجمها ‪250‬‬
‫مفردة سحب منها عشوائيا ‪ 50‬مفردة (‪ ...)% 20‬وهكذا‪.‬‬

‫‪ .3‬الطريقة املثلى‪.‬‬
‫تعد هذت الطريقة من أدق الطرق‪ ،‬في املعاينة الاحتمالية الطبقية‪ .‬فهي ال تقصر تحديد‬
‫عدد املفردات التي تسحب على نسبة كل طبقة في ألاصل العام‪ ،‬بل تهتم بدرجة التباين داخل‬
‫ً‬
‫كـل طبقة‪ ،‬فإذا كان التباين داخل الطبقة كبيرا (فروق فردية واسعة) ييداد عدد املفردات‬
‫التي تسحب منها‪ ،‬وإذا كانم الطبقة متجانسة (فروق فردية ضيقة) ّ‬
‫قل عدد املفردات التي‬
‫تسحب منها‪ .‬والتباين هو مربع الانحرال املعياري (ع‪.)²‬‬

‫تقويم املعاينة الطبقية الاحتمالية وفق خط املعاينة‪.‬‬


‫تتميز املعاينة الطبقية ب نها قابلة للتطبيق‪ ،‬و س ـ ــهل من خاللها س ـ ــحب عينة أكثر تمثيال‬
‫ألصـ ـ ـ ــولها العامة من املعاينة الاحتمالية البسـ ـ ـ ــيطة‪ .‬ففي املعاينة الاحتمالية البسـ ـ ـ ــيطة‪ ،‬قد‬
‫تكون بعض الطبقــات‪ ،‬بطريق الصـ ـ ـ ـ ــدفــة‪ ،‬أكثر أو أقــل تمثيال في العينــة‪ .‬فمثال‪ ،‬في املعــاينــة‬
‫الاحتمالية البسيطة لتالميذ التعليم الثانوي‪ ،‬قد يكون العدد ألاك ر في العينة من إلاناث‪ ،‬أو‬
‫من ش ـ ـ ــعبة العلوم التجريبية‪ .‬لكن في املعاينة الطبقية ال يحدث ذلك‪ ،‬ألن العينات تس ـ ـ ــحب‬
‫عش ـ ـ ـ ــوائيـا من طبقـة الـذكور ومن طبقـة إلانـاث‪ ،‬ومن طبقـات الش ـ ـ ـ ـعـب الـدراس ـ ـ ـ ـيـة بش ـ ـ ـ ـكـل‬

‫‪449‬‬
‫منفص ـ ـ ـ ــل‪ .‬وبالتالي فإن الحس ـ ـ ـ ــنة الك رم للمعاينة الاحتمالية الطبقية‪ ،‬أنها تض ـ ـ ـ ــمن تمثيل‬
‫املجموعات املحددة في العينة املسحوبة بنسبها العددية‪ ،‬وبالتالي يتم تمثيل خصائصها‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ املعاينة الاحتمالية العنقودية‪.‬‬


‫عندما يكون حجم ألاصـ ـ ــل العام املسـ ـ ــتهدل كبيرا جدا‪ ،‬يكون من املسـ ـ ــتحيل إدراج كل‬
‫أفرادت في البحث‪ ،‬كما ال يمكن س ــحب عينة عش ــوائية منه‪ .‬مثل كل تالميذ الس ــنة ألاولى من‬
‫التعليم الث ــانوي ج ــذع مش ـ ـ ـ ــترك علوم وتكنولوجي ــا في والي ــة ب ــاتن ــة‪ ،‬هؤالء ال يمكن للب ــاح ــث‬
‫إدراجهم كلهم في البحث‪ ،‬وال يمكن له تس ـ ـ ـ ــجيلهم جميعهم بغرض س ـ ـ ـ ــحب عينة عش ـ ـ ـ ــوائية‬
‫منهم‪ .‬ألن ذلـك س ـ ـ ـ ــيكون مكلفـا في الوقـم والجهـد‪ .‬وبـدال من ذلـك‪ ،‬يكون مالئمـا بحـث هؤالء‬
‫التالميذ في مجموعات‪ ،‬كما هي بصـ ـ ــورة طبيعية‪ ،‬على شـ ـ ــكل عناقيد أو تجمعات‪ .‬ففي والية‬
‫باتنة توجد ‪ 90‬مدرس ـ ـ ـ ــة اانوية‪ ،‬أي ‪ 90‬تجمعا‪ .‬س ـ ـ ـ ــحب منها الباحث عش ـ ـ ـ ــوائيا عددا من‬
‫الثــانويــات أو تجمعــات (وليكن خمس اــانويــات عن طريق القرعــة)‪ ،‬ام يتخــذ جميع تالميــذهــا‬
‫املســجلين في الســنة ألاولى من التعليم الثانوي جذع مشــترك علوم وتكنولوجيا عينة للبحث‪.‬‬
‫و س ـ ـ ـ ــم هذا النوع من املعاينة الاحتمالية باملعاينة الاحتمالية العنقودية‪ ،‬ألن الوحدة التي‬
‫ويكون هؤالء ألافراد‬ ‫تم سـ ـ ــحبها ليسـ ـ ــم فردا‪ ،‬بل مجموعة أفراد‪ ،‬هم معا بصـ ـ ــورة طبيعية‪ّ .‬‬
‫عنقودا‪ ،‬طاملا أنهم متماالون (متجانس ـ ـ ـ ــون) فيما يخ الخص ـ ـ ـ ــائ املتعلقة بهم؛ كالعمر‬
‫واملس ــتوم الدراس ـ ي واملقررات الدراس ــية‪ .‬وإلاجراء امل لول في املعاينة الاحتمالية العنقودية‪،‬‬
‫يكون باستعمال صفول تامة كعناقيد‪.‬‬
‫ونفس هـذت الطريقــة س ـ ـ ـ ــتعملهــا بـاحـث آخر‪ ،‬لس ـ ـ ـ ـحــب عينــة عش ـ ـ ـ ــوائيــة عنقوديـة‪ ،‬من‬
‫موظفي مكاتب ال ريد بوالية باتنة‪ .‬فإذا كان عدد هذت املكاتب هو ‪ 120 :‬مكتبا‪ ،‬يقوم بسحب‬
‫‪ 10‬مكاتب منها بطريقة عش ـ ـ ـ ــوائية (القرعة)‪ ،‬ام عت ر جميع موظفي هذت املكاتب العش ـ ـ ـ ــرة‬
‫عينة لبحثه‪.‬‬
‫نالحظ أن أول ش ـ ـ ـ ــرط إجرا ي للمعـ ــاينـ ــة الاحتمـ ــاليـ ــة العنقوديـ ــة‪ ،‬أن تكون العنـ ــاقيـ ــد‬
‫املتضـ ـ ــمنة في البحث‪ ،‬قد سـ ـ ــحبم بطريقة عشـ ـ ــوائية من أصـ ـ ــل عام عنقودي‪ .‬وااني شـ ـ ــرط‬
‫إجرا ي‪ ،‬أنه حينما يتم سحب العنقود‪ ،‬فإن جميع أفرادت يجب أن يكونوا في العينة‪.‬‬
‫ويتم في هذت املعاينة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬سحب مجموعات وليس أفرادا‪.‬‬

‫‪450‬‬
‫‪ .2‬يكون السحب العشوا ي ملناطق أو مجموعات أو تجمعات مختلفة مثل املدارس أو‬
‫الفصول الدراسية أو املناطق التعليمية‪ ،‬أو إدارية‪ .‬وتتصف هذت التجمعات في أن كل‬
‫أعضائها لهم نفس الخصائ ‪.‬‬
‫‪ .3‬يمك ـن تنفيذها ف ـي م ـراح ـل‪ ،‬ت ـت ـض ـم ـن س ـح ـب ع ـناق ـي ـد م ـن مج ـم ـوع ـة عناق ـي ـد أخـ ـرم‪.‬‬
‫وتسم عندئذ املعاينة متعددة املراحل‪.‬‬
‫وتتبع الخطوات التالية في املعاينة الاحتمالية العنقودية ‪:‬‬
‫‪ .1‬تعريف وتحديد خصائ ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .2‬تحديد حجم العينة املرغوب فيه‪.‬‬
‫‪ .3‬تعريف وتحديد العنقود‪.‬‬
‫‪ .4‬عمل حصر لكل العناقيد‪ ،‬أو وضع قائمة بالعناقيد التي يتكون منها ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .5‬تقدير عدد أفراد ألاصل العام في كل عنقود‪.‬‬
‫‪ .6‬تحديد عدد العناقيد = حجم العينة ÷ عدد أفراد العنقود‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .7‬سحب عدد العناقيد عشوائيا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .8‬عدد أفراد العينة هم جميع ألافراد الذين تشملهم العناقيد املسحوبة عشوائيا‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬يهدل باحث إلى التعرل على آراء معلمي املرحلة الابتدائية حول دور املشرل‬
‫التربوي (املفتش) في العملية التعليمية‪ ،‬ويتكون املجتمع من ‪ 5000‬معلم مو عين على ‪100‬‬
‫مدرسة‪ ،‬ويريد الحصول على عينة مكونة من ‪ 500‬معلم‪ .‬كيف يتم ذلك باستعمال املعاينة‬
‫الاحتمالية العنقودية ؟‬
‫‪ .1‬حجم املجتمع ‪ 5000‬معلم‪.‬‬
‫‪ .2‬حجم العينة املرغوب ‪ 500‬معلم‪.‬‬
‫‪ .3‬متوسط عدد املعلمين باملدارس = ‪ 50 = 100 ÷ 5000‬معلم بكل مدرسة‪.‬‬
‫‪ .4‬عدد العناقيد املسحوبة (املدارس) = ‪ 10 =50 ÷ 500‬مدارس‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .5‬سحب الباحث عشوائيا عدد ‪ 10‬مدارس من ‪ 100‬مدرسة‪.‬‬
‫‪ .6‬حجم العينة هو جميع املعلمين في املدارس املسحوبة‪.‬‬

‫مميزات املعاينة الاحتمالية العنقودية‪.‬‬


‫‪ .1‬تتعامل مع كل املجتمعات املتجانسة بغض النظر عن حجمها‪ .‬بشرط أن يكون ألاصل‬
‫ً‬
‫العام مو عا في أكثر من مكان جغرافي‪.‬‬

‫‪451‬‬
‫العامة بصورة‬ ‫‪ .2‬إن جميع ألاصول الفرعية املكونة لألصل العام تتشابه في الخصائ‬
‫كبيرة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .3‬تناسب املجتمعات الكبيرة املتناارة التي تشغل حيزا جغرافيا شاسعا‪.‬‬
‫‪ .4‬يمكن اس ـت ـعـ ـمال ك ـل من املـعاي ـنـ ـة الع ـش ـوائ ـيـ ـة الب ـس ـي ـط ـ ـة واملـعايـن ـة امل ـن ـت ـظ ـمـة عـنـد‬
‫الانتقال من مرحلة إلى أخرم‪.‬‬

‫عيوب املعاينة الاحتمالية العنقودية‪.‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .1‬تتطلب خطوات كثيرة تبعا لعدد املراحل‪ .‬كما تتطلب سحب عينات كثيرة أيضا "عينة‬
‫في كل مرحلة”‪.‬‬
‫‪ .2‬احتمال كبير أال تكون العينة ممثلة لألصل العام‪.‬‬
‫‪ .3‬انخفاض مستوم تمثيلها لألصل العام‪.‬‬
‫‪ .4‬تحليل بياناتها غير مناسب باستعمال معظم أساليب إلاحصاء الاستداللي‪.‬‬
‫ولكن بعد أن سحب الباحث العينة املطلوبة‪ ،‬ويريد أن يو عها إلى مجموعات (عينات‬
‫فرعية) ليقارن بينها في متغير البحث‪ .‬فالباحث السابق‪ ،‬سحب ‪ 500‬معلم‪ ،‬يريد أن يقسمهم‬
‫إلى عينات فرعية على أساس الجنس والخ رة في املهنة‪ ،‬للمقارنة بينها في إدراكهم لدور املفتش‬
‫في العملية التعليمية‪ .‬فكيف يو ع ألافراد على العينات الفرعية ؟‬
‫توجد عدة طرق ستعملها الباحثون لهذا الغرض‪ ،‬منها طريقة التعيين العشوا ي‪ .‬وهي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عملية تقسم ألافراد إلى مجموعتين أو أكثر تقسيما عشوائيا‪ .‬وهذت الطريقة تقلل من الخط ‪،‬‬
‫وتييد من التكافؤ إلاحصا ي بين املجموعات‪ .‬وطريقة التو ع القائم على درجات القطع‪.‬‬
‫و سم املتغير الذي سيتم التو ع بناء عليه متغير التو ع‪ ،‬ويمكن أن يكون أي مقياس يطبق‬
‫قبل املعالجة‪ ،‬وفى ضوء درجة ما يحددها الباحث يتم تو ع املجموعات‪.‬‬

‫تقويم املعاينة الاحتمالية العنقودية وفق خط املعاينة‪.‬‬


‫يكون خ ـط امل ـعاي ـن ـة فـي امل ـعايـن ـة الاح ـت ـمال ـي ـة الع ـن ـق ـودي ـة أك ـبـر بـكثير مما هو في املعاينة‬
‫الاحتمالية البسـ ــيطة وعندما يكون عدد العناقيد صـ ــغيرا‪ ،‬فإن احتمال خط املعاينة يكون‬
‫كبيرا‪ ،‬حتى وإن كان عدد ألافراد كبيرا‪.‬‬

‫‪452‬‬
‫‪ 4‬ـ املعاينة الاحتمالية املنتظمة‪.‬‬
‫في هــذت املعــاينــة‪ ،‬يقرر البــاحــث أوال حجم العينــة التي يريــدهــا ‪ .n‬ام عرل العــدد الكلي‬
‫لألصل العام ‪ .N‬ويقوم بتقسيم ‪ N‬على ‪ .n‬ويحدد مساحة املعاينة ‪ k‬كي ستعملها في سحب‬
‫أفراد العينة‪ .‬وفي املعاينة يتم ســحب الفرد ألاول بطريقة عشــوائية من أول مســاحة املعاينة‬
‫‪ .k‬ام سحب بعدها كل فرد ترتيبه من مضاعفات ‪ k‬ابتداء من الفرد ألاول من ألاصل العام‬
‫إلى نهاية السحب للحصول على العينة املطلوبة‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬إذا كان عدد طالب قسم علم النفس جامعة باتنة ـ ـ ‪( 1‬ألاصل العام)‪ ،‬هو ‪1500‬‬
‫طالب ‪ ،N‬وأراد الباحث سـ ـ ـ ــحب عينة عشـ ـ ـ ــوائيا حجمها ‪ 150‬طالبا ‪ .n‬وبقس ـ ـ ــمة ‪ 1500‬على‬
‫‪ 150‬تكون النتيجة ‪ k 10‬ونس ـ ــميه مس ـ ــاحة املعاينة‪ .‬يقوم بس ـ ــحب فرد من العش ـ ــرة بطريقة‬
‫عشوائية‪ ،‬وليكن رقمه ‪ ،6‬وبعد ذلك سحب كل ألافراد بإضافة مضاعفات مساحة املعاينة‬
‫وهو رقم ‪ 10‬إلى الرقم ‪ 6‬املس ـ ـ ـ ــحوب عش ـ ـ ـ ــوائيا‪ .‬فيكون الفرد رقم ‪ ،16‬ام رقم ‪،46 ،36 ،26‬‬
‫‪ ...66 ،56‬وتس ـ ـ ــتمر إض ـ ـ ــافة مس ـ ـ ــاحة املعاينة حتى بلوغ نهاية القائمة وس ـ ـ ــحب عينة حجمها‬
‫‪ 150‬فردا‪.‬‬
‫نالحظ أنه يتم ســحب الحالة ألاولى من العينة بطريقة عشــوائية‪ ،‬ام يمض ـ ى الباحث في‬
‫س ـ ـ ـ ـحــب بقيــة الحــاالت على أبعــاد رقميــة منتظمــة أو متسـ ـ ـ ـ ــاويــة بين الحــاالت‪ ،‬بحيــث تكون‬
‫املسافة بين أي وحدتين متتاليتين اابتة في جميع الحاالت‪.‬‬
‫ولتوضيح أكثر‪ ،‬يتبع الباحث الخطوات التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬تحديد وتعريف ألاصل العام ‪.N‬‬
‫‪ .2‬تحديد حجم العينة املرغوب فيه ‪.n‬‬
‫‪ .3‬تحديد املسافة بين أفراد العينة من خالل ‪K = N/n‬‬
‫‪ .4‬السحب العشوا ي لرقم ينحصر بين ‪ 1‬و ‪.K‬‬
‫‪ .5‬إضافة ‪ K‬إلى العدد املختار بشكل منتظم‪ ،‬للحصول على العينة املطلوبة‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬إذا كان ألاصل العام يتكون من ‪ 100‬فرد‪ ،‬واملطلوب هو سحب عينة منه عددها‬
‫ً‬
‫‪ 20‬فردا‪ ،‬كيف يمكن تحقيق ذلك باستعمال العينة الاحتمالية املنتظمة ؟‬
‫‪n = 20 & N = 100‬‬
‫إذن‪K = 100/ 20 = 5 ،‬‬
‫ُ سحب بطريقة عشوائية رقم يقع بين ‪ 1‬و ‪ ،5‬وليكن رقم ‪ .4‬ويكون رقم ‪ 4‬نقطة الانطالق‪،‬‬
‫ويضال له ‪ K 5‬بشكل اابم ومنتظم‪ ،‬ليصبح حجم العينة املختارة ‪ 20‬فرد‪.‬‬

‫‪453‬‬
‫ً‬
‫علما ب ن ‪:‬‬
‫ً‬
‫الحالة ألاولى تم سحبها عشوائيا وهى ‪.4‬‬
‫الحالة الثانية = الحالة ألاولى ‪ +‬طول الفئة ‪.9 = 5 + 4 = K‬‬
‫الحالة الثالثة = الحالة الثانية ‪ +‬طول الفئة = ‪.14 = 5 + 9‬‬
‫الحالة الرابعة = الحالة الثالثة ‪ +‬طول الفئة = ‪.19 = 5 + 14‬‬
‫وهكذا يتضح أنه لتحديد أي حالة يجب أن نعرل الحالة التي تسبقها ام نضيف إل ها‬
‫طول الفئة‪.‬‬

‫مميزات املعاينة الاحتمالية املنتظمة‪.‬‬


‫‪ .1‬تعد من أسهل املعاينات الاحتمالية في التطبيق‪.‬‬
‫‪ .2‬ال تحتاج إلى عملية إعداد مسبق ملفردات البحث‪ ،‬خاصة إذا كانم مجموعات داخل‬
‫ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .3‬ال تحتاج إلى الرجوع في كل مرة يتم ف ها سحب املفردات إلى مرجع أو دليل‪ .‬إذ يكفي‬
‫ً‬
‫التعرل على املفردة ألاولى‪ ،‬أما باقي املفردات فتتحدد تلقائيا عن طريق صيغة رياضية سهلة‬
‫وبسيطة‪.‬‬

‫عيوب املعاينة الاحتمالية املنتظمة‪.‬‬


‫‪ .1‬تستليم توفر قائمة حديثة تشمل كافة أسماء مفردات ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .2‬قد تكون العينة املسحوبة غير متجانسة‪ ،‬وذلك حينما تسحب املفردات على أبعاد‬
‫منتظمة يصادل أن يكونوا من طبقة معينة أو من ذوم خصائ وصفات مميزة وغير‬
‫متشابهة مع بقية املفردات‪.‬‬
‫‪ .3‬شترط أن يكون أفراد ألاصل العام في تسلسل منسق ومتدرج من حيث التنوع‪.‬‬
‫‪ . 4‬ال تحدث احتمالية فرصة التمثيل ملفردات ألاصل العام إال مرة واحدة وهى عند‬
‫سحب املفردة ألاولى‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .5‬في ح ـال ـة ك ـون ط ـول الفئة كبيرا‪ ،‬وهناك مج ـم ـوع ـات داخ ـل ألاص ـل العام عددها أقل‬
‫ً‬
‫من طول الفئة‪ ،‬فإن احتمال تمثيل هذت املجموعة في العينة يكون محدودا‪.‬‬

‫‪454‬‬
‫تقييم املعاينة الاحتمالية املنتظمة وفق خط املعاينة‪.‬‬
‫تختلف املع ــاين ــة الاحتم ــالي ــة املنتظم ــة عن املع ــاين ــة الاحتم ــالي ــة البس ـ ـ ـ ــيط ــة في كون أن‬
‫الس ـ ـ ـ ــحب للمفردات املختلفة بعد الس ـ ـ ـ ــحب ألاول ليس مس ـ ـ ـ ــتقال‪ .‬ألنه بمجرد معرفة الفرد‬
‫ألاول‪ ،‬يتم تحديد جميع ألافراد بعد ذلك في العينة بصورة آلية‪.‬‬
‫إذا كانم قائمة ألاص ــل العام مرتبة عش ــوائيا‪ ،‬فإن املعاينة املنتظمة‪ ،‬س ــول تفر عينة‬
‫يمكن اعتبارها إحصـ ـ ـ ــائيا كبديل لعينة عشـ ـ ـ ــوائية‪ .‬غير أنه‪ ،‬إذا لم تكن القائمة عشـ ـ ـ ــوائية‪،‬‬
‫فإنه من املمكن أن يكون لكل فرد ترتيبه ‪ k‬من ألاص ــل العام س ــمة فريدة قد تؤار على نتائج‬
‫الدراسـ ـ ــة‪ ،‬وتنتج عينة متحيزة‪ .‬ألن أسـ ـ ــلوب إعداد قائمة ألاصـ ـ ــل العام‪ ،‬سـ ـ ــواء على أسـ ـ ــاس‬
‫قائمة أبجدية‪ ،‬أو على أس ـ ــاس العمر‪ ،‬أو على أس ـ ــاس طول القامة‪ ،‬أو على أس ـ ــاس املس ـ ــتوم‬
‫التعليمي‪ ،‬أو على أساس مقر إلاقامة‪ ...‬وغيرت‪ ،‬يمكن أن يوجد عينة متحيزة‪.‬‬

‫‪ )2‬املعاينة غير الاحتمالية (غير العشوائية)‪.‬‬


‫إن الت ـع ـرل التام على عناص ـر ألاصـ ـل العام ف ـي الع ـدي ـد من املواقـ ـف البح ـث ـي ـة‪ ،‬وهو‬
‫شـ ـ ــرط أسـ ـ ــاس ـ ـ ـ ي في املعاينة الاحتمالية‪ ،‬يكون صـ ـ ــعبا إن لم يكن مسـ ـ ــتحيال‪ ،‬وعندما يحتاج‬
‫البــاحــث إلى معلومــات عميقــة‪ ،‬دون التقيــد بش ـ ـ ـ ــرط أن يكون لكــل فرد فرصـ ـ ـ ـ ــة مسـ ـ ـ ـ ــاويــة‬
‫لالنضمام للعينة‪ ،‬فإنه يلج للمعاينة غير الاحتمالية‪.‬‬
‫وتتصف العينات غير الاحتمالية بما ي ت ‪:‬‬
‫‪ .1‬إن سحبها تم لسهولة الحصول عل ها‪.‬‬
‫‪ .2‬إنها أكثر عرضة لعوامل التحيز‪.‬‬
‫‪ .3‬أنها ال تمثل ألاصل العام‪.‬‬
‫وهذا النوع من العينات يضطر الباحث إلى استعماله عندما يصير تحديد ألاصل العام‬
‫غير مهم‪ ،‬أو غير ممكن لعدة عوامل منها ‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ .1‬صعوبة تحديد مفردات ألاصل العام‪ ،‬رغم تحديدت كله‪ ،‬فمثال‪ ،‬سكان مدينة ما‬
‫محددون‪ ،‬ولكن ال توجد قوائم تشمل تو عاتهم داخل املدينة‪.‬‬
‫‪ .2‬حساسية بعض ألاصول العامة‪ ،‬إ اء محاولة التعرل عل هم‪ ،‬مثل ‪ :‬املدمنين‪،‬‬
‫املجرمين‪ ،‬مهرب املخدرات وغيرهم‪ ،‬وهنا ينتفي شرط الاحتمالية التي تصير غير ممكنة‪.‬‬
‫‪ .3‬اقتصار هدل البحث على فئة معينة (عينة مقصودة) من ألافراد‪ .‬مثل ‪ :‬خ راء‬
‫التعليم‪ ،‬أو خ راء الاقتصاد‪ ،‬أو فقهاء في الدين‪ ....‬وغيرهم‪.‬‬

‫‪455‬‬
‫وفي هذت الحاالت‪ ،‬س ـ ـ ــتعمل الباحث املعاينة غير الاحتمالية‪ ،‬التي تنطوي على إجراءات‬
‫غير احتمالية لسحب العينة‪.‬‬

‫ألانواع الرئيسية للمعاينة غير الاحتمالية‪.‬‬


‫وتشمل املعاينة غير الاحتمالية عدة أنواع رئيسية وفرعية‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪ )3‬يبين ألانواع الرئيسية للمعاينة غير الاحتمالية‬

‫تصميمات المعاينة‬
‫غير االحتمالية‬

‫العينة الشبكية‬ ‫العينة‬ ‫العينة القصدية‬ ‫العينة المتاحة‬


‫أو كرة الثلج‬ ‫الحصصية‬ ‫أو العمدية‬ ‫أو الميسرة‬

‫‪ 1‬ـ املعاينة املتاحة أو امليسرة أو العرضية‪.‬‬


‫هي املعــاينــة التي يتم ف هــا س ـ ـ ـ ـحــب مفردات البحــث من املجتمع املس ـ ـ ـ ــتهــدل‪ ،‬لس ـ ـ ـ ــهول ـة‬
‫الحص ـ ــول عل ها‪ ،‬أي اس ـ ــتعمال الحاالت املتاحة أو امليس ـ ــرة للبحث‪ ،‬أو املفردات التي يتي ّسـ ـ ـر‬
‫الحصول عل ها‪ ،‬فاألفراد الذين سهل على الباحث الوصول إل هم‪ ،‬في املدارس أو الجامعات‪،‬‬
‫أو في العيادات أو في مؤس ـ ـسـ ــات العمل وغيرها‪ ،‬هي أمثلة متنوعة لعينات متاحة أو ميسـ ــرة‪،‬‬
‫يتم سحبها عرضيا‪.‬‬
‫إن البــاحــث الــذي س ـ ـ ـ ــهى إلى معرفــة الفرق بين الجنس ـ ـ ـ ــين في قلق الامتحــان من تالميــذ‬
‫وتلميذات التعليم الثانوي‪ ،‬يجري بحثه على عينات من تالميذ وتلميذات مؤس ـس ــات التعليم‬
‫الثـانوي القريبـة من مقر عملـه أو مس ـ ـ ـ ــكنـه‪ ،‬أو التي يتوقع من مس ـ ـ ـ ــؤول هـا أن س ـ ـ ـ ــهلوا عليه‬
‫الوصـ ـ ـ ــول إلى أصـ ـ ـ ــلهم العام‪ ،‬ليسـ ـ ـ ــحب منه مفردات البحث‪ ،‬وغيرت من ألامثلة على املعاينة‬
‫املتاحة أو امليسرة‪.‬‬
‫وتتصف املعاينة املتاحة أو امليسرة بما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬سهولة السحب وال تتطلب أي إجراء مسبق للمعاينة‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫‪ .2‬تستعمل في الكثير من البحوث في العلوم إلانسانية والاجتماعية‪ ،‬وفي بحوث ال رامج‬
‫إلاعالمية والتليفييونية‪ ،‬أو قياس اتجاهات الرأي العام حول قضية ما‪ ،‬على أساس سؤال‬
‫من سهل الاتصال بهم‪ ،‬أو تتم مقابلتهم بسهولة‪.‬‬
‫خطوات سحب عينة متاحة أو ميسرة‪.‬‬
‫توجد أربع خطوات رئيسية لسحب عينة متاحة أو ميسرة‪ ،‬هي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تحديد املجتمع املستهدل‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تحديد حجم العينة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تحديد طرق مالئمة لسحب املفردات املتاحة من املجتمع املستهدل؛ كالسحب الفردي‬
‫أو الجماعي‪ ،‬أو ب سلوب املقابلة أو باالستبيان أو بالهاتف وغيرها‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ سحب حجم عينة مناسب من املجتمع املستهدل‪.‬‬

‫جوانب القوة والضعف في العينة املتاحة أو امليسرة‪.‬‬


‫تعد العينة املتاحة أو امليسرة‪ ،‬ألاسلوب ألاكثر استعماال في البحوث النفسية والتربوية‪،‬‬
‫ألنها ألاقل استهالكا للوقم والجهد‪ ،‬وألاقل تكلفة‪ ،‬وأقل أساليب سحب العينات تعقيدا‪،‬‬
‫لكن‪ ،‬ليس بالضرورة أن املعاينة املتاحة سهلة التنفيذ‪ ،‬فقد تعترض الباحث بعض‬
‫التعقيدات‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فإن إجراءاتها العملية أبسط وأسهل من حيث التنفيذ‪ ،‬ويمكن أن‬
‫تتم بسرعة كبيرة‪ ،‬مما يتيح جمع بيانات البحث في وقم مناسب‪.‬‬
‫وتوص ـ ـ ــف املعاينة املتاحة‪ ،‬ب نها أض ـ ـ ــعف إجراءات املعاينة‪ ،‬بوجه عام‪ ،‬بس ـ ـ ــبب عجيها‬
‫ً‬
‫على الوصول إلى نتائج دقيقة‪ ،‬وهي بالتالي‪ ،‬ليسم محل اقة‪ ،‬نظرا الرتفاع نسبة التحيز ف ها‪،‬‬
‫وانخفاض نسبة تمثيلها لألصل العام‪.‬‬
‫ولكـ ــي يحـ ــكم الباحث على خـ ــط املعاينة في املعاينة املتاحـ ــة أو العرضية‪ ،‬عليه أن يكرر‬
‫البحث باستعمال املعاينة الاحتمالية‪ ،‬وفي حالة استعمال الباحث للمعاينة العرضية‪ ،‬عليه‬
‫أن يكون حذرا جدا في تفسير النتائج‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ املعاينة القصدية أو العمدية‪.‬‬


‫وتس ـ ـ ـ ــم كذلك باملعاينة النموذجية‪ ،‬أو املحددة‪ ،‬أو الغرض ـ ـ ـ ــية‪ ،‬أو باملعاينة النمطية أو‬
‫املس ــتهدفة‪ ،‬أو املعاينة بالخ رة‪ ،‬فهي أس ــلوب معاينة غير احتمالية‪ ،‬يتم فيه س ــحب (اختيار)‬
‫مفردات البحث من املجتمع املستهدل‪( ،‬أو ال يوجد مجتمع مستهدل)‪ ،‬على أساس مالءمتها‬

‫‪457‬‬
‫ألهدال الدراس ـ ـ ــة‪ ،‬ومعايير إلادراج والاس ـ ـ ــتبعاد املحددة في العينة‪ ،‬وتس ـ ـ ــم أيض ـ ـ ــا باملعاينة‬
‫الهادفة‪ ،‬وعلى عكس املعاينة املتاحة أو امليس ـ ـ ــرة‪ ،‬ال يتم س ـ ـ ــحب مفردات البحث في املعاينة‬
‫القصدية أو العمدية على أساس مدم إلاتاحة والوفرة‪ ،‬بل سحب الباحث‪ ،‬بطريقة عمدية‬
‫للعناص ــر املش ــاركة في البحث‪ ،‬ألن هذت العناص ــر تس ــتوفي وتتوافر ف ها معايير محددة للدراج‬
‫ض ـ ــمن العينة ومعايير محددة لالس ـ ــتبعاد منها‪ ،‬وبعد الت كد من أن املفردة مس ـ ــتوفية ملعايير‬
‫إلادراج ومعايير الاستبعاد‪ ،‬يطلب منها املشاركة في البحث‪.‬‬
‫وتكون مفردات البح ـ ــث‪ ،‬به ـ ــذت املع ـ ــاين ـ ــة‪ ،‬من ال ـ ــذين ي حكم عل هم الب ـ ــاح ـ ــث لكونهم‬
‫نموذجيين أو مثـاليين‪ ،‬فيمـا يتعلق بهـدل بحثـه‪ ،‬حيـث يتم "اختيـارهم" حس ـ ـ ـ ــب مواص ـ ـ ـ ـفـات‬
‫ومعايير يض ــعها الباحث‪ ،‬فيحدد أفراد البحث على أس ــاس أنهم يحققون هدل البحث الذي‬
‫يقوم بــه‪ ،‬ومــا يريــدت هو‪ ،‬فيقوم "بــاختيــارهم" بنــاء على حكمــه الش ـ ـ ـ ــخ ـ ـ ـ ـ ي‪ ،‬ب ـ نهم ألافراد‬
‫املطلوبين والقادرين على إعطاء املعلومات الال مة التي يتطلبها بحثه‪ ،‬وتجيب عن تسـ ــاؤالته‪،‬‬
‫أو تخت ر فروض ـ ـ ـ ــه‪ .‬وبعبارة أكثر وض ـ ـ ـ ــوحا‪ ،‬فإن املعاينة القص ـ ـ ـ ــدية تس ـ ـ ـ ــتعمل عندما تكون‬
‫املعلومـات املطلوبـة في البحـث متوفرة لـدم فئـة معينـة من ألافراد‪ ،‬أو عنـدمـا يكون التعـامـل‬
‫مع أفراد يراد منهم تقديم معلومات خاصة‪ ،‬عن ظاهرة ما‪ ،‬أو عن وضعية ما‪.‬‬
‫وبهذا الوص ــف‪ ،‬فهي عينة قد ال تمثل أص ــال عاما محددا‪ ،‬الذي يكون غير معرول لدم‬
‫الباحث‪ ،‬وقد ال يكون لها أص ـ ـ ـ ــل عام تعمم عليه نتائج البحث‪ ،‬أو ال يهتم الباحث بمجتمع‬
‫عينتـه‪ ،‬كمـا ال يهتم بحجم العينـة‪ ،‬فقـد تكون فردا واحـدا أو عـدة أفراد‪ ،‬ألن هـدل البحـث‪،‬‬
‫ليس هو بحث خاص ـ ـ ـ ــية أو خص ـ ـ ـ ــائ محددة في مجتمع ما‪ ،‬بل الاهتمام يتركي على قض ـ ـ ـ ــية‬
‫معينة‪ ،‬سـ ـ ـ ــياسـ ـ ـ ــية أو تاريخية أو اقتصـ ـ ـ ــادية أو تعليمية أو صـ ـ ـ ــحية أو دينية‪ ،‬ام البحث عن‬
‫الجهة أو الشــخ الذي يمد الباحث بمعلومات صــادقة عنها‪ ،‬أو يريدها هو لت كيد فكرة ما‬
‫أو اتجات ما‪ ،‬أو نظرية ما‪ ،‬وهذا النوع من املعاينة ليس نادر الاستعمال‪ ،‬في البحوث النفسية‪،‬‬
‫فقد تكون نتائجها هامة جدا‪ ،‬ألنها تقدم معلومات هامة عن القض ـ ـ ـ ــية أو الظاهرة التي بتم‬
‫بحثها‪ ،‬أو التنظير ف ها‪ ،‬وقد يفيد اسـ ـ ــتعمالها‪ ،‬خاصـ ـ ــة‪ ،‬عند القيام بدراسـ ـ ــات اسـ ـ ــتطالعية‪/‬‬
‫استكشافية‪.‬‬
‫ويقوم الباحث في املعاينة القصدية‪ ،‬بما ي تي‪.‬‬
‫‪ .1‬ال يهتم بمتغير أو مفهوم نفس ي محدد‪ ،‬كالذكاء أو القلق أو السعادة وغيرها‪.‬‬
‫‪ .2‬ال يبحث في مجتمع معين‪ ،‬كالتالميذ أو املعلمين أو املسنين أو املدمنين وغيرهم‪.‬‬

‫‪458‬‬
‫‪ .3‬يهتم أوال بــالقض ـ ـ ـ ـي ـة أو بــالفكرة‪ ،‬التي يبحثهــا‪ ،‬وقــد تكون س ـ ـ ـ ـيــاس ـ ـ ـ ـيــة أو تــاريخيــة أو‬
‫اقتصادية أو تعليمية أو صحية أو دينية‪.‬‬
‫‪ .4‬يهتم أن تكون املعلومات التي يجمعها صادقة وفق رغبته‪ ،‬أو متحيزة لرأيه وحكمه‪.‬‬
‫‪ .5‬يهتم بعد ذل ـك باختيار ألاف ـ ـراد الذين ي ـرم‪ ،‬بحكم ـه الشخ ي‪ ،‬أو بطبيعة دراسـت ـه‪،‬‬
‫أنهم يحققون هدفه‪ ،‬من خالل تقديمهم للمعلومات الصحيحة التي يريدها‪.‬‬

‫تصحيح خط ‪.‬‬
‫إن املعاينة القصـ ـ ــدية‪ ،‬ال تقابل املعاينة الاحتمالية‪ ،‬كما يتصـ ـ ــورها الكثير من الباحثين‬
‫خط ‪ ،‬إن املعاينة الاحتمالية تقابلها املعاينة غير الاحتمالية‪ ،‬واملعاينة القص ـ ـ ــدية هي نوع من‬
‫تبين في الفقرة السابقة‪.‬‬ ‫املعاينة غير الاحتمالية‪ ،‬كما ّ‬
‫ولو نركي التفكير جيدا‪ ،‬عند استعمال لفظ القصدية أو العمدية أو املستهدفة‪ ،‬سيتبين‬
‫لنا أن مجتمع البحث هو الذي ينبغي أن يوص ـ ـ ـ ــف بهذت ألالفاظ‪ ،‬وليس العينة‪ ،‬ألنه وفق ما‬
‫مر بنا في فقرات س ـ ـ ــابقة من هذا الفص ـ ـ ــل‪ ،‬أن املعاينة تتدرج وفق املراحل التالية ‪ :‬املجتمع‬
‫املستهدل‪ ،‬املجتمع سهل املنال‪ ،‬املعاينة من املجتمع سهل املنال‪.‬‬
‫وأقترح أال نس ـ ـ ـ ــتعمل جملة "س ـ ـ ـ ــحب عينة" في املعاينة القص ـ ـ ـ ــدية‪ ،‬بل نس ـ ـ ـ ــتعمل جملة‬
‫"اختيار أفراد أو مفردات"‪ ،‬ألن وص ـ ـ ـ ــف "عينة" ال ينطبق عل ها‪ ،‬إن وص ـ ـ ـ ــف عينة يطلق على‬
‫ذلك الجيء الذي س ـ ـ ـ ــحب من كل‪ ،‬وهو مجتمع البحث‪ ،‬واملعاينون القص ـ ـ ـ ــديون‪ ،‬ال يهتمون‬
‫بمجتمع بحث محدد‪.‬‬
‫س ـ ـ ـ ـحــب بــاحــث عينــة من طالب الجــامعــة (مجتمع أص ـ ـ ـ ــلي) أو من أسـ ـ ـ ـ ــاتــذتهــا (مجتمع‬
‫أص ــلي)‪ ،‬تتص ــف بعدة خص ــائ يحددها؛ كالجنس واملس ــتوم التعليمي والعمر والتخص ـ‬
‫العلمي‪ ،‬ليبحــث لــديهــا اتجــاهــاتهــا نحو نظــام ‪ ،LMD‬ويقول إنهــا عينــة قصـ ـ ـ ـ ــديــة‪ ،‬فهــذا ليس‬
‫صــحيحا‪ ،‬فهذت معاينة مي ّس ـرة‪ ،‬أي معاينة من ســهل الاتصــال بهم من مجتمع بحث واســع‪،‬‬
‫وتعمم عليه النتائج‪.‬‬
‫و س ـ ـ ـ ـح ــب ب ــاح ــث آخر‪ ،‬مجموع ــة من تالمي ــذ التعليم الث ــانوي الراس ـ ـ ـ ــبين في ش ـ ـ ـ ـه ــادة‬
‫البكالوريا‪ ،‬ويبحث لديهم أســباب الرســوب من وجهة نظرهم‪ ،‬ويقول عنها أنها عينة قصــدية‪،‬‬
‫فهــذا ليس ص ـ ـ ـ ــحيحــا‪ ،‬كــذلــك‪ ،‬إنهــا معــاينــة مي ّس ـ ـ ـ ـرة‪ ،‬أي من الــذين س ـ ـ ـ ـهــل الاتصـ ـ ـ ـ ــال بهم‪،‬‬
‫ويوافقون على أن يكونوا عينة لبحث‪.‬‬

‫‪459‬‬
‫و سحب باحث آخر عينة تتصف بعدة خصائ ‪ ،‬مثل ‪ :‬ذكور‪ ،‬متمدرسون‪ ،‬مراهقون‪،‬‬
‫مدمنون‪ ،‬ويقول عنها إنها ‪ :‬معاينة قصــدية‪ ،‬فهذا ليس صــحيحا‪ ،‬كذلك‪ ،‬إنها معاينة شــبكية‬
‫(أو كرة الثلج)‪ ،‬ألن مجتمعها غير معروفة حدودت‪ ،‬ما داموا مدمنين‪.‬‬

‫خطوات سحب عينة قصدية‪.‬‬


‫توجد خمس خطوات لسحب عينة قصدية أو عمدية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ تحديد املجتمع املستهدل (إن ُوجد)‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تحديد معايير إلادراج ضمن عينة البحث والاستبعاد من عينة البحث‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ إنجا خطة لسحب املفردات املستهدفة وفق معايير إلادراج والاستبعاد‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ تحديد حجم العينة‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ 5‬ـ سحب العدد املطلوب من املجتمع املستهدل (إن وجد)‪.‬‬

‫ألانواع الفرعية للمعاينة القصدية أو العمدية‪.‬‬


‫تص ــنف املعاينة القص ــدية إلى العديد من ألانواع الفرعية‪ ،‬حس ــب أنواع معايير الاختيار‬
‫املس ـ ـ ــتعملة في إدراج املفردات في البحث أو اس ـ ـ ــتبعادها منه‪ ،‬وتم تص ـ ـ ــنيفها تحم أربع فئات‬
‫رئيسية‪ ،‬وهي كما يلي‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ املعايير املعتمدة على النزعة املركيية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ املعايير املعتمدة على التباين‪ /‬التجانس‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ املعايير املعتمدة على النظرية‪ /‬تطوير نموذج‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ املعايير املعتمدة على الحكم والسمعة‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪ )4‬يبين املعايير ألاربعة للمعاينة القصدية أو العمدية‪.‬‬

‫األنواع الرئيسية للمعاينة القصدية‬

‫معايير االختيار ‪:‬‬ ‫معايير االختيار ‪:‬‬ ‫معايير االختيار ‪:‬‬ ‫معايير االختيار ‪:‬‬
‫الحكم‪ ،‬السمعة أو‬ ‫تطوير نظرية‪،‬‬ ‫تباين العناصر‬ ‫تتطابق العناصر‬
‫المعرفة‬ ‫نموذج‪ ،‬واختبار‬ ‫وتنوعها‪.‬‬ ‫أو ال تتطابق مع‬
‫الشخصية‪.‬‬ ‫فرضيات‪.‬‬ ‫النزعة المركزية‪.‬‬

‫‪460‬‬
‫املعاينة القصدية القائمة على النزعة املركيية‪.‬‬
‫يختار الباحث أفرادا يمثلون املتوسط في خاصية معينة‪ ،‬أو النمطيين‪ ،‬أو العكس‪ ،‬أي‬
‫ألافراد املتطرفين أو النادرين (شواذ)‪ ،‬أو الحدث ألاكثر تكرارا‪ ،‬أو ألافراد ذوي الخاصية ألاكثر‬
‫تكرارا (املنوال)‪ ،‬وتدرج هنا كذلك‪ ،‬الحاالت املنحرفة‪.‬‬

‫معاينة الحاالت املتطرفة‪.‬‬


‫يطلق عل ها كذلك معاينة الحاالت الشاذة‪ .‬وتتميز بما يلي‪.‬‬
‫‪ .1‬ت ر الظاهرة موضع اهتمام الباحث بشكل كبير‪.‬‬
‫‪ .2‬سحب حاالت غير ممثلة لألصل العام‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬يريد باحث التعرل على الخصائ النفسية والاجتماعية للمتفوقين جدا أو‬
‫املوهوبين في مجال ما؛ علمي أو ف ي أو سياس ي أو اقتصادي وغيرت‪ ،‬وكذلك الفاشلين جدا في‬
‫مجال ما من مجاالت حياتهم‪ ،‬أو الشواذ في جانب سلوكي معين‪ .‬سواء كان الشذوذ في الاتجات‬
‫املطلوب واملرغوب‪ ،‬أم في الاتجات املرفوض‪ ،‬وأخذت الشذوذ هنا باملع ى إلاحصا ي‪ ،‬أي‬
‫بمفهوم الندرة‪ ،‬أي ألايخا النادرين في املجتمع‪ ،‬سواء كانوا متفوقين أم فاشلين‪ ،‬فالتفوق‬
‫شذوذ في الاتجات املطلوب‪ ،‬والفشل شذوذ في الاتجات املرفوض‪ ،‬ألن كال من التفوق والفشل‬
‫في وضع هما املتطرفين جدا‪ ،‬يكونان نادرين‪.‬‬

‫املعاينة القصدية القائمة على التباين والتنوع‪.‬‬


‫يختار الباحث هنا عينة متجانسة‪ ،‬التي تتحكم في املتغيرات الدخيلة‪ ،‬أي تقلل من‬
‫املتغيرات التي يريد الباحث التحكم ف ها وإبعادها‪ ،‬فال تؤار في نتائج البحث‪ ،‬مثل املتجانسين‬
‫في العمر‪ ،‬أو املتجانسين في متغير القلق‪ ،‬أو يختار عينة تشمل الكثير من ألافراد في املجتمع‪،‬‬
‫أي معاينة الاختالل والتباين ومعاينة الحد ألاق ى للتباين‪ ،‬مثل ‪ :‬أفراد بينهم فروق فردية‬
‫واسعة في العمر‪ ،‬أو بينهم فروق فردية واسعة في متغير القلق‪ ،‬ويقوم اختيار العينات في هذا‬
‫النوع من املعاينة على تحديد الباحث‪ ،‬في البداية‪ ،‬للمتغير أو املتغيرات املسؤولة عن التباين‪،‬‬
‫الذي يكون من املهم تمثيله أو تمثيلها في العينة‪ ،‬مثل ‪ :‬إذا كان ألاداء في مهارة ما يت ار بالعمر‪،‬‬
‫يختار الباحث إما املتجانسين في العمر‪ ،‬أو يختار املتباينين في العمر‪ ،‬حسب هدل البحث‪،‬‬
‫وال تكون نسبة املجتمع في مستويات مختلفة من التنوع والتباين محل تركيز واهتمام الدراسة‪.‬‬

‫‪461‬‬
‫املعاينة القصدية القائمة على نظرية وتطوير النموذج واختبار الفرضيات‪.‬‬
‫يتم اختيار ألافراد أو العناصر‪ ،‬إما بهدل ت كيد أو بهدل عدم ت كيد الفرضية أو النظرية‪،‬‬
‫وتدعى كل منها تباعا ب سلوب املعاينة التوكيدية‪ ،‬وأسلوب املعاينة غير التوكيدية‪ ،‬ففي الحالة‬
‫ألاولى يختار الباحث من املجتمع ألافراد الذين من املحتمل أن يدعموا بصورة كبيرة النظرية‬
‫محل الاهتمام‪ ،‬وتعمم نتائج البحث على النظرية وليس على املجتمع‪ ،‬فالباحث في هذا النوع‬
‫من املعاينة‪ ،‬يحدد ألاسئلة ويحدد الفرضيات‪ ،‬ام يقرر بعد ذلك ما العينة التي سيختارها‪،‬‬
‫وأين يجدها‪ ،‬لكي ّ‬
‫يطور نظريته‪ ،‬كما يريدها‪.‬‬
‫تتميز املعاينة القصدية من أجل بناء نظرية واختبار فرضيات بما ي تي ‪:‬‬
‫‪ .1‬يرتكي سحب الباحث ألفراد العينة على قاعدة نظرية تحدد أبعاد السمة موضوع‬
‫الدراسة‪ ،‬التي سيتم على أساسها سحب العينة‪.‬‬
‫‪ .2‬سحب الحاالت بناء على التوجه النظري الذي توصل إليه من بحث سابق ملبادئ‬
‫النظرية‪.‬‬
‫مثال عن املعاينة القصـ ـ ـ ــدية النظرية‪ ،‬في بحث قام به السـ ـ ـ ــيكولوجي ألامريكي‪ /‬أبراهام‬
‫ماس ــلو ‪ ،A. Maslow‬الذي اهتم أوال بقض ــية أو بفرض ــية مفادها أن أقوم دافع لدم البش ــر‬
‫هو الدافع نحو تحقيق الذات (تحقيق النجاح والتفوق)‪ ،‬ومن أجل الحصول على معلومات‬
‫تؤكد له نظريته‪ ،‬اختار أفرادا (‪ 49‬فردا) كانوا من ألاص ـ ـ ـ ــحاء نفس ـ ـ ـ ــيا والناجحين واملتفوقين‬
‫واملتسـ ــمين بخصـ ــائ يـ ــخصـ ــية متميزة وإيجابية في حياتهم‪ .‬ومن خصـ ــائصـ ــهم هذت أكد ما‬
‫تذهب إليه نظريته حول الدافع إلى تحقيق الذات‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأقدم هذا املثال‪ ،‬ألحد املنظرين املرموقين في علم النفس‪ ،‬ألوضـ ـح كيف تكون املعاينة‬
‫القصــدية‪ ،‬حين يكون الاهتمام ألاســاسـ ي للباحث‪ ،‬هو القضــية التي يبحثها‪ ،‬وليس املفهوم أو‬
‫ألافراد‪ ،‬ام يختار بعد ذلك العينة التي تمدت بمعلومات تؤيد الفرضـ ـ ــية‪ ،‬اهتم ماسـ ـ ــلو‪ ،‬أوال‪،‬‬
‫بالدافع إلى تحقيق الذات‪ ،‬ام بحث عن ألافراد (العينة) الذين يؤكدون له قوة هذا الدافع‬
‫وأولويته في منظومة الدوافع البشرية‪ ،‬والنتيجة التي بينها ماسلو‪ ،‬رغم أنها توصف بالتحيز‪،‬‬
‫إال أنها دفعم إلى إجراء بحوث أخرم حول دافع تحقيق الذات‪ ،‬والدوافع إلانس ـ ــانية بص ـ ــفة‬
‫عامة‪.‬‬
‫ومثال آخر عن املعاينة القصدية النظرية‪ ،‬أجرم أيينك ‪ ،Eysenck‬من أجل بناء نظريته‬
‫في أبعاد الشخصية‪ ،‬بحواه لسنوات عديدة على عينات من الجنود الذين أصيبوا باالنهيار‬
‫العصبي في الحرب العاملية الثانية (بصفتهم مضطربين نفسيا) وطالب الجامعة (بصفتهم‬

‫‪462‬‬
‫عاديين)‪ ،‬ليثبم ما تذهب إليه نظريته‪ ،‬ب ن هناك بعدين للشخصية هما ‪ :‬العصابية مقابل‬
‫الصحة النفسية (الاتيان الانفعالي)‪ ،‬والانبساطية مقابل الانطوائية‪.‬‬

‫املعاينة القصدية القائمة على الحكم والسمعة واملعرفة املتخصصة‪.‬‬


‫قد يتم اختيار عناصر العينة على أساس الحكم أو الاعتقاد الشخ ي في أن عناصر‬
‫معينة في املجتمع يجب أن يتم اختيارها في البحث (أسلوب معاينة التحكم‪ ،‬وأسلوب املعاينة‬
‫الشخصية أو الذاتية)‪ ،‬وقد يتم اختيار أفراد بسبب مالءمتهم السياسية أو الاقتصادية أو‬
‫الدينية (أسلوب العينة السياسية أو الاقتصادية أو الدينية)‪ ،‬وقد يتم اختيار أفراد في املعاينة‬
‫القصدية بسبب سمعتهم وشهرتهم‪ ،‬أو بسبب تاريخهم أو تخصصاتهم أو خ رتهم (أسلوب‬
‫معاينة الخ راء)‪ ،‬أو بسبب معرفتهم الخاصة باملجتمع محل الدراسة (أسلوب معاينة‬
‫إلاخباريين)‪.‬‬
‫أمثلة على املعاينة القصــدية القائمة على الحكم والســمعة واملعرفة املتخصـصــة‪ .‬هناك‬
‫قناة تلفييونية‪ ،‬تقدم حص ـ ــة يطلق عل ها "الش ـ ــاهد على العص ـ ــر"‪ ،‬ينش ـ ــغل الص ـ ــحافي الذي‬
‫يقدم هذت الحص ـ ــة‪ ،‬في البداية‪ ،‬مثال‪ ،‬بقض ـ ــية نظام الحكم لدولة ما في حقبة منية معينة‪،‬‬
‫ام يبحــث عن الش ـ ـ ـ ــخ الــذي يرم أنــه مؤهــل‪ ،‬دون غيرت‪ ،‬عطــائــه املعلومــات الص ـ ـ ـ ــحيحــة‬
‫والصادقة حول القضية‪.‬‬
‫باحث أراد معرفة مراحل تطور التعليم الجامهي في الجيائر‪ ،‬إن مديري التعليم في و ارة‬
‫التعليم العالي‪ ،‬أو رؤس ـ ـ ــاء الجامعات‪ ،‬هم أفض ـ ـ ــل‪ ،‬دون غيرهم‪ ،‬من يمدونه باملعلومات التي‬
‫س ـ ـ ـ ــهى للحص ـ ـ ـ ــول عل هــا‪ ،‬وليس لهــا أي مجتمع تعمم عليــه نتــائج البحــث‪ ،‬ولكن عينــة هــذا‬
‫البحــث‪ ،‬س ـ ـ ـ ــول تقــدم معلومــات هــامــة‪ ،‬قــد تثير الاهتمــام بــإجراء بحوث أخرم‪ ،‬حول نفس‬
‫القضية‪.‬‬
‫عندما يكون لدم الباحث حكم ورأي على أن نظام التعليم الجامهي ‪ ،LMD‬غير مالئم‪،‬‬
‫وفــاشـ ـ ـ ـ ــل‪ ،‬ولت ـ ييــد اتجــاهــه الرافض لنظــام ‪ ،LMD‬يقوم ب ـ خــذ معلومــات من الــذين عرل‬
‫بخ رته الش ـ ـ ــخص ـ ـ ــية أنهم يتوفرون على نفس اتجاهاته الرافض ـ ـ ــة لهذا النظام‪ ،‬وعكس ذلك‬
‫يقوم باحث آخر يرم أن نظام ‪ LMD‬جيد وناجح‪ ،‬فيجمع معلومات من أســاتذة أو مســؤولين‬
‫جامعيين يؤيدون رأيه وحكمه‪ .‬والنتائج التي ســفر عنها البحثان‪ ،‬تعمم فقط على الرافضــين‬
‫لنظام ل م د لدم الباحث ألاول‪ ،‬وتعمم فقط على املوافقين على نطام ل م د لدم الباحث‬
‫الثاني‪.‬‬

‫‪463‬‬
‫املعاينة املتتابعة‪.‬‬
‫أو السحب التتابهي للعينات‪ ،‬في املعاينة املتتابعة يواصل الباحث جمع الحاالت حتى‬
‫ً‬
‫يحصل على العدد الذي يريدت‪ ،‬وفى هذت الحالة يجمع عددا من املفردات ويدرسها‪ ،‬ام يجمع‬
‫ً‬
‫عددا آخر من املفردات ويدرسها‪ ،‬وهكذا‪ ،‬بالتتابع حتى يحقق الهدل الذي يريد الوصول‬
‫إليه من دراسة العينة‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬يريد باحث دراسة حاالت الرسوب في امتحانات البكالوريا‪ ،‬ولتحقيق ذلك يجمع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عددا من الراسبين ويدرسهم وفقا ملتغيرات بحثه‪ ،‬ام يجمع عددا آخر ويدرسهم‪ ،‬وهكذا حتى‬
‫يصل إلى نقطة التشبع‪ ،‬فيتوقف عن جمع أعداد أخرم‪ ،‬و عت ر أنه حصل على العينة التي‬
‫يريدها‪.‬‬

‫املعاينة الاجتهادية‪.‬‬
‫وتتميز بما يلي‪.‬‬
‫‪ .1‬اختيار ألافراد بناء على الخ رة الذاتية والاجتهاد من الباحث‪.‬‬
‫‪ .2‬تؤدم إلى الحصول على عينة متحيزة‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬اختيار الرؤساء في العمل أو اليمالء أو ألاصدقاء‪.‬‬

‫املعاينة الكتلية‪.‬‬
‫وتتميز بما يلي‪.‬‬
‫‪ .1‬سحب ألافراد من الفصل الذي يدرس له أو العمارة التي سكن بها‪.‬‬
‫‪ .2‬الهدل الوحيد للسحب هو سهولة الحصول على البيانات‪.‬‬
‫‪ . 3‬عينة متحيزة ال يمكن التعميم منها وإنما نتائجها ال تنطبق إال على الكتلة التي اختارها‬
‫الباحث فقط‪.‬‬

‫املعاينة املعيارية‪.‬‬
‫وتتميز بما يلي‪.‬‬
‫وهي عينة ينتق الباحث أفرادها وفق معايير محددة‪ ،‬مثل ألاطفال من سن (‪)5 - 3‬‬
‫سنوات ذوم إلاعاقة البصرية‪ ،‬وتعد هذت املعايير مصدر طم نينة للباحث إلى حد كبير ب ن‬
‫العينة ستمثل ألاصل العام‪.‬‬

‫‪464‬‬
‫املعاينة املكثفة أو الشديدة‪.‬‬
‫وهي عينة تمد بمعلومات وفيرة عن حـاالت تع ر عن الظاهرة بوضوح‪ ،‬لكن ليس بشكل‬
‫حاد كما في العينة املتطرفة‪ ،‬ومثال ذلك اختيار الطالب ذي املستوم الجيد أو املتوسط‪ .‬أو‬
‫العامل مرتفع إلانجا ‪ ،‬أو املدير الناجح جدا في التسيير والقيادة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ املعاينة الحصصية‪.‬‬


‫تقوم هذت املعاينة على سـ ـ ـ ــحب مفردات من طبقات أو شـ ـ ـ ــرائح متنوعة لألصـ ـ ـ ــل العام‪.‬‬
‫وتس ــتند الحص ـ على خص ــائ معروفة في ألاص ــل العام‪ ،‬التي يرغب الباحث في تعميمها‪،‬‬
‫ويخطط جيدا لس ــحب املفردات‪ ،‬بحيث تكون العينة الناتجة ص ــورة مص ــغرة لألص ــل العام‬
‫فيما يتعلق بالخصـائ املختارة‪ ،‬وسـميم حصـصـية ألن ألاصـل العام يقسـم إلى فئات طبقا‬
‫لصـ ـ ـ ــفاته الرئيسـ ـ ـ ــية‪ ،‬وتمثل كل فئة في العينة بنسـ ـ ـ ــبة وجودها في ألاصـ ـ ـ ــل العام‪ ،‬وفيما يلي‬
‫خطوات املعاينة الحصصية‪.‬‬
‫‪ .1‬تحديد عدد الخصــائ املرتبطة بشــدة بالقضــية محل البحث‪ ،‬واملســتعملة كقواعد‬
‫للتص ــنيف‪ ،‬فالخص ــائ ؛ كالجنس والعمر واملس ــتوم التعليمي واملهنة واملس ــتوم الاجتماعي‪/‬‬
‫الاقتصادي‪ ،‬غالبا ما تستعمل هنا لتصنيف الشرائح املختلفة لألصل العام‪.‬‬
‫‪ .2‬يحدد اســتعمال إلاحصــاء الســكاني أو أية بيانات متوفرة‪ ،‬حول املهن أو التعليم مثال‪،‬‬
‫حجم كل شريحة من ألاصل العام‪.‬‬
‫‪ .3‬يتم حس ـ ـ ــاب الحصـ ـ ـ ـ لكل ش ـ ـ ــريحة من ألاص ـ ـ ــل العام‪ ،‬بما يتناس ـ ـ ــب مع حجم كل‬
‫شريحة‪.‬‬
‫‪ .4‬سحب الحاالت من كل شريحة أو طبقة من ألاصل العام مللء الحص ‪.‬‬
‫ويكمن الض ـ ـ ـ ــعف الكبير في الخطوة رقم ‪ ،4‬أي عنــد س ـ ـ ـ ـحــب املفردات من كــل طبقــة‪،‬‬
‫فالباحث ال عرل ما إذا كان ألافراد الذين تم سحبهم يمثلون الشريحة املعنية أم ال‪.‬‬
‫وتختلف املعـ ــاينـ ــة الحص ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـيـ ــة عن املعـ ــاينـ ــة الاحتمـ ــاليـ ــة الطبقيـ ــة‪ ،‬لكون املعـ ــاينـ ــة‬
‫الحص ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ــية تترك للقائم بجمع البيانات حرية سـ ـ ـ ــحب املفردات‪ ،‬لكي يحصـ ـ ـ ــل على العينة‬
‫املطلوبة من كل شريحة أو طبقة‪ ،‬مما يؤدي إلى التحيز‪ ،‬ألن سحب ألافراد ستند إلى سهولة‬
‫السحب والفرصة املناسبة‪ ،‬فإذا كان املطلوب هو سحب ‪ 50‬فردا من الذكـ ـ ـ ـور عملون فـ ـ ـ ـي‬
‫التجارة‪ ،‬فإن الباحث سول يل ـ ـج إل ـ ـ ألافـ ـ ـ ـراد‪ ،‬بهذت الص ـ ـف ـ ـة‪ ،‬ألاكث ـ ـر سهولة ف ـ ـي الات ـ ـصال‬
‫والـمعـروف ـيـن لدي ـه والذيـ ـن س ـت ـج ـ ـي ـ ـب ـون لط ـل ـب ـه‪ ،‬وم ـث ـل هذا إلاج ــ ـ ـراء س ـول ينـت ـج تـح ـي ـيا‬

‫‪465‬‬
‫منتظما في العينة بشكل آلي‪ ،‬ألن بعض العناصر في الشريحة أو الطبقة‪ ،‬لن يتم تمثيلها‪.‬‬
‫أقدم املثال‬ ‫وللفرق بوض ـ ـ ـ ــوح بين املعاينة الحص ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــية واملعاينة الطبقية الاحتمالية‪ّ ،‬‬
‫التالي ‪ :‬تعرل الباحث من خالل البيانات التي توفرت لديه‪ ،‬أن عدد املوظفين في مؤس ـس ــات‬
‫سـ ــونلغا ‪ ،‬في إحدم الواليات (ألاصـ ــل العام)‪ ،‬هو ‪ 500‬موظف؛ منهم ‪ 345‬ذكرا‪ .‬أي ‪ .% 69‬و‬
‫‪ 155‬أنثى‪ .‬أي ‪.% 31‬‬
‫فإذا قام بتسـ ـ ـ ــجيل كل أسـ ـ ـ ــماء املوظفين الذكور في قائمة‪ ،‬وسـ ـ ـ ــجل كذلك كل أسـ ـ ـ ــماء‬
‫املوظفــات إلانــاث في قــائمــة أخرم‪ ،‬ام قــام بس ـ ـ ـ ـحــب عــدد من املوظفين الــذكور وعــددا من‬
‫املوظفات إلاناث‪ ،‬بطريقة تجعل كل فرد في ألاص ـ ــل العام‪ ،‬له فرص ـ ــة ال ص ـ ــفرية في أن يكون‬
‫ضمن العينة‪ ،‬فإن هذت املعاينة‪ ،‬تسمي الاحتمالية الطبقية‪.‬‬
‫أما إذا قام بسـ ـ ـ ــحب عدد من املوظفين الذكور يناسـ ـ ـ ــب حجمهم في ألاصـ ـ ـ ــل العام‪ ،‬من‬
‫الذين س ـ ـ ـ ــهل عليه الاتص ـ ـ ـ ــال بهم‪ ،‬واس ـ ـ ـ ــتجابوا لطلبه‪ ،‬وس ـ ـ ـ ــحب كذلك عددا من املوظفات‬
‫إلاناث‪ ،‬يناس ـ ــب حجمهن في ألاصـ ـ ــل العام‪ ،‬من الالتي س ـ ــهل عليه الاتصـ ـ ــال بهن‪ ،‬واسـ ـ ــتج ن‬
‫لطلبه‪ ،‬فإن هذت املعاينة‪ ،‬تسم الحصصية‪.‬‬
‫وفي املعاينة الحصصية‪ ،‬ال يوجد أساس لحساب خط املعاينة‪.‬‬
‫وهناك صــعوبة في تحديد نســب تو ع الخصــائ املناســبة في ألاصــل العام‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫فإن هذت املعاينة تستعمل في العديد من البحوث التي ال يمكن إنجا ها بغيرها‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ املعاينة الشبكية أو "كرة الثلج"‪.‬‬


‫عند القيام باملعاينة‪ ،‬إما أن يكون ألاصل العام معروفا لدم الباحث‪ ،‬أو يكون غير‬
‫معرول لديه‪.‬‬
‫‪ .1‬إن ألاصل العام الذي يكون معروفا لدم الباحث‪ ،‬إما أن يكون صغيرا في مفرداته‪،‬‬
‫فيتم بحثه كله‪ ،‬أو يكون كبيرا جدا فيستحيل بحثه كله‪ ،‬وهنا إما أن تكون مفردات هذا‬
‫املجتمع مسجلة في قائمة أو قوائم لدم الباحث‪ ،‬أو يكون مجتمعا واسعا وغير محدد في‬
‫مفرداته وغير مسجل لدم الباحث‪ ،‬ولكنه ستطيع الوصول إلى الجيء سهل املنال منه‪.‬‬
‫وعادة ما يكون املجتمع املعرول لدم الباحث محددا في أماكن معينة‪ ،‬أو مؤسسات؛‬
‫كاملدارس والجامعات‪ ،‬واملؤسسات الاجتماعية املختلفة كا دارات واملستشفيات والنوادي‬
‫وألاسر وغيرها‪ ،‬ولذا يفضل الباحثون سحب عينات بحوثهم النفسية والتربوية من هذت‬
‫ألاصول العامة؛ كتالميذ املدارس وطالب الجامعات وموظفي إلادارات وعمال الشركات‬

‫‪466‬‬
‫وأطباء ومرض ى املستشفيات‪ .‬ألن الباحثين يجدون سهولة في الاتصال بهم‪ ،‬وسحب‬
‫مفحوصين أو عينات منهم لبحوثهم‪.‬‬
‫‪ .2‬وتوجد في مقابل ذلك‪ ،‬أصول عامة‪ ،‬غير معروفة لدم الباحث‪ ،‬وال تتوفر لديه قوائم‬
‫بهم‪ ،‬وال عرل أماكن تواجدهم‪ ،‬وال تحتويهم مؤسسات معينة‪ .‬وألامثلة على هذت ألاصول‬
‫العامة غير املعروفة كثيرة؛ مثل ‪ :‬اليتام ‪ ،‬ألارامل‪ ،‬املطلقين‪ ،‬املسنين‪ ،‬املدمنين‪ ،‬ألامهات‬
‫العا بات‪ ،‬الشاذين جنسيا‪ ،‬البغايا‪ ،‬اللصو ‪ ،‬امليورين‪ ،‬ألاطفال املنغوليين‪ ،‬املصابين‬
‫ب مراض مختلفة وال يتواجدون في املستشفيات‪ ...‬وغيرهم من ألاصول العامة التي يجد‬
‫الباحث صعوبة في التعرل على مفرداتها‪.‬‬
‫وعند سـح ـب عينة بـح ـث من ه ـ ـذت ألاصـ ـول العـ ـامـ ـة‪ ،‬غير املع ـروف ـة ل ـدم الب ـاح ـث‪ ،‬فإن‬
‫املعاينة الشبكية هي التي تفيد‪ .‬فاملعاينة الشبكية‪ ،‬إذن‪ ،‬تصلح في بحث السلوك الذي يكون‬
‫عادة‪ ،‬متخفيا‪ ،‬ألن ألافراد الذين يتصفون به ال يتعرل عل هم الباحث بسهولة‪ ،‬بسبب عدم‬
‫تواجدهم في مؤسسات معينة‪ ،‬أو بسبب ممارستهم لسلوك سري‪ ،‬ملوانع مختلفة؛ قانونية أو‬
‫أخالقية أو صحية أو اجتماعية أو لوصمة وغيرها‪.‬‬
‫وتمر املعاينة الشبكية عادة بعمليتين ‪:‬‬
‫ألاولى‪ .‬تبدأ بتعرل الباحث على فرد من ألاصل العام‪ ،‬الذي يقودت إلى فرد آخر‪ ،‬ويقودت‬
‫هذا بدورت إلى فرد أو أفراد آخرين‪ ،‬وهكذا يتسع شيئا فشيئا‪ ،‬نطاق معرفة الباحث بهذا‬
‫ألاصل العام‪ ،‬فتتضاعف العينة‪ ،‬ولذا تسم هذت املعاينة كذلك‪ ،‬باملعاينة املتضاعفة‪.‬‬
‫الثانية‪ .‬تتطلب هذت املعاينة قدرة الباحث على تكوين عالقة اقة مع أول من يتعرل‬
‫إل هم من ألاصل العام‪ ،‬وإقناعهم بالتعاون معه في إرشادت إلى أفراد آخرين‪.‬‬
‫ّ‬
‫مثال ‪ :‬يريد الباحث دراسة مجتمع املدمنين في مدينة ما‪ ،‬فيتعرل على أحدهم‪ ،‬فيكون‬
‫معه عالقة اقة‪ ،‬ويطلب منه أن عاونه بإرشادت إلى التعرل على أفراد آخرين من املدمنين‪،‬‬
‫وهذا املثال نفسه ينطبق على من يريد إجراء بحثه على اليتام أو املطلقين أو البغايا أو‬
‫املحرومين من إلانجاب وغيرهم‪.‬‬
‫وتسم املعاينة الشبكية‪ ،‬ألن مفردات ألاصل العام‪ ،‬عرفون بعضهم ك فراد أو‬
‫كمجموعات يتواجدون في أماكن مختلفة‪ ،‬يؤسسون بينهم شبكة عالقات واتصاالت‪ ،‬فعندما‬
‫يتم التعرل على أحدهم يمكن التعرل على آلاخرين‪.‬‬
‫وتـس ـم مـعايـن ـة ك ـرة الث ـل ـج‪ ،‬ألن التعرل على فـرد واح ـد ي ـجـر معه أفرادا آخرين‪ .‬كما هو‬

‫‪467‬‬
‫الحال عند صنع كومة صغيرة من الثلج‪ ،‬وعند دحرجتها كالعجلة على الثلج املترامي على‬
‫ألارض‪ ،‬تلتقطه مما يجعلها تك ر وتتعاظم حتى تصير كرة كبيرة الحجم‪.‬‬
‫وتسم معاينة متضاعفة‪ ،‬ألنها تبدأ بفرد واحد ام تتكاار وتتضاعف بانضمام أفراد‬
‫آخرين إل ها‪.‬‬

‫‪468‬‬
‫مراجع الفصل الثاني عشر‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أحمد بدر (‪ .)1978‬أص ـ ـ ـ ــول البحث العلمي ومناهجه‪ .‬الطبعة الرابعة‪ .‬الكويم‪ ،‬وكالة‬
‫‪ 321 :‬ـ ‪.332‬‬ ‫املطبوعات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ جوني دانييل (‪ .)2015‬أس ــاس ــيات اختيار العينة في البحوث العلمية ـ ـ ـ ـ ـ ـ مبادئ توج هية‬
‫عملي ــة جراء اختي ــارات العين ــة البحثي ــة‪ .‬ترجم ــة ‪ :‬ط ــارق عطي ــة عب ــد الرحمن‪ .‬مراجع ــة ‪:‬‬
‫محمد بن إبراهيم عقيل‪ .‬معهد إلادارة العامة ـ ـ ـ ـ مركي البحوث ـ ـ ـ ـ اململكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ 138 :‬ـ ‪.143‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ديوبولد ب‪ .‬فان دالين (‪ .)1984‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد‬
‫‪ 423 :‬ـ ‪.431‬‬ ‫نبيل نوفل وآخرون‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ دونالد أري‪ ،‬لوسـ ي تشــيزر جاكوبس‪ ،‬أصــغار را افييه (‪ .)2004‬مقدمة للبحث في التربية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬سـ ــعد الحسـ ــي ي‪ .‬مراجعة ‪ :‬عادل عبد الكريم ياسـ ــين‪ .‬إلامارات العربية املتحدة‪ ،‬دار‬
‫‪ 183 :‬ـ ‪.235‬‬ ‫الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ذوقان عبيدات‪ ،‬س ـ ــهيلة أبو الس ـ ــميد (‪ .)2002‬البحث العلمي ‪ :‬البحث النوعي والبحث‬
‫‪ 51 :‬ـ ‪.58‬‬ ‫الكمي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ربحي مص ـ ـ ــطف عليان‪ ،‬عثمان محمد غنيم (‪ .)2000‬مناهج وأس ـ ـ ــاليب البحث العلمي‬
‫‪ 137 :‬ـ ‪.148‬‬ ‫النظرية والتطبيقية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬دار الصفاء للنشر والتو ع ـ عمان‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ـ صالح بن حمد العسال (‪ .)1995‬املدخل إلى البحث في العلوم السلوكية‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫‪ 93 :‬ـ ‪.100‬‬ ‫الرياض‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ طارق عطسة عبد الرحمن (‪ .)2013‬دليل تصميم وتنفيذ البحوث في العلوم الاجتماعية ـ‬
‫منهج تطبيقي لبناء املهارات البحثية‪ .‬معهد إلادارة العامة ـ ـ ـ ـ مركي البحوث ـ ـ ـ ـ اململكة العربية‬
‫‪ 106 :‬ـ ‪.107‬‬ ‫السعودية‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ع ــامر قن ــديلجي (‪ .)2002‬البح ــث العلمي واس ـ ـ ـ ــتعم ــال مص ـ ـ ـ ـ ــادر املعلوم ــات التقلي ــدي ــة‬
‫‪:‬‬ ‫وإلالكترونية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬دار اليا وري العلمية للنش ـ ـ ـ ــر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 157‬ـ ‪.167‬‬
‫‪ 10‬ـ فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق (‪ .)1991‬مناهج البحث وطرق التحليل إلاحصا ي في العلوم‬
‫‪77 :‬‬ ‫النفسية والتربوية والاجتماعية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫ـ ‪.85‬‬

‫‪469‬‬
‫‪ .11‬فؤاد البهي السيد (‪ .)1979‬علم النفس إلاحصا ي وقياس العقل البشري‪ .‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫‪ 412 :‬ـ ‪.453‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫‪ .12‬كر س باركر‪ ،‬نانس ي بيسترانج‪ ،‬روبرت إليوت (‪ .)1999‬مناهج البحث العيادي وإلارشادي‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬محمد نجيب الصبوة‪ ،‬ميرفم أحمد شوقي‪ ،‬عا شة السيد رشدي‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة‬
‫‪ 277 :‬ـ ‪.300‬‬ ‫ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ .13‬لندا ل‪ .‬دافيدول (‪ .) 1983‬مدخل علم النفس‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬ترجمة ‪ :‬سيد الطواب‬
‫‪ 66 :‬ـ ‪.68‬‬ ‫وآخرون‪ .‬مراجعة ‪ :‬فؤاد أبو حطب‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار مكجروهيل للنشر‪.‬‬
‫‪ .14‬مروان أبو جويج (‪ .)2002‬البحث التربوي املعاص ـ ـ ـ ــر‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬عمان‪ ،‬دار اليا وري‬
‫‪ 44 :‬ـ ‪.51‬‬ ‫العلمية للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ .15‬مصطف سويف (‪ .)2005‬مشكالت منهجية في بحوث علم النفس العيادي‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 197 :‬ـ ‪.201‬‬ ‫مكتبة الدار العربية للكتاب‪.‬‬
‫‪ .16‬ممدوح عبد املنعم الكناني (‪ .)2002‬إلاحصاء الوصفي والاستداللي في العلوم السلوكية‬
‫‪ 157 :‬ـ ‪.188‬‬ ‫والاجتماعية‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪.‬‬
‫‪ .17‬مور س أنجرس (‪ .)2004‬منهجية البحث العلمي في العلوم إلانس ـ ـ ـ ــانة ‪ :‬تدريبات عملية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬بو يد صـ ـ ــحراوي‪ ،‬كمال بوشـ ـ ــرل‪ ،‬سـ ـ ــعيد سـ ـ ــبعون‪ .‬إشـ ـ ــرال ومراجعة ‪ :‬مصـ ـ ــطف‬
‫‪ 298 :‬ـ ‪.329‬‬ ‫ماض ي‪ .‬الجيائر‪ ،‬دار القصبة للنشر‪.‬‬
‫‪ .18‬يحي حيــاتي نصـ ـ ـ ـ ــار (‪ .)2006‬اس ـ ـ ـ ــتعمــال حجم ألاار لفح الــداللــة العمليــة للنتــائج في‬
‫الدراس ـ ـ ـ ــات الكمية‪ .‬مجلة العلوم النفس ـ ـ ـ ــية والتربوية‪ ،‬املجلد ‪ 7‬العدد الثاني‪ .‬كلية التربية ـ‬
‫‪ 4 :‬ـ ‪.7 ،5‬‬ ‫جامعة البحرين‪.‬‬
‫‪ .19‬سامر جميل رضوان ‪www.psychologica.webnode.com‬‬

‫‪470‬‬
‫الفصل الثالث عشر‬
‫معايير استعمال ألاساليب إلاحصائية في البحوث النفسية والتربوية‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫أهدال الدراسة‪.‬‬
‫أسئلة الدراسة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريف إلاحصاء‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬تعريف ألاساليب إلاحصائية‪.‬‬
‫االثا ‪ :‬تصنيفات ألاساليب إلاحصائية‪.‬‬
‫‪ )1‬تصنيف ألاساليب إلاحصائية وفق أهدافها في البحث‪.‬‬
‫‪ )2‬تصنيف ألاساليب إلاحصائية وفق طبيعة البيانات ‪:‬‬
‫رابعا ‪ :‬معايير استعمال إلاحصاء في البحوث النفسية والتربوية‪.‬‬
‫املعيار ألاول ‪ :‬مستويات القياس ودالالت ألارقام‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ مستوم التسمية والتصنيف ‪:‬‬
‫‪ 2‬ـ مستوم الرتبة ‪:‬‬
‫‪ 3‬ـ مستوم املسافات املتساوية ‪:‬‬
‫مالحظة هامة‪.‬‬
‫املعيار الثاني ‪ :‬طبيعة العينات وعالقاتها باملجتمع‪.‬‬
‫املعيار الثالث ‪ :‬طبيعة املتغيرات‪.‬‬
‫املعيار الرابع ‪ :‬قوة الاختبار إلاحصا ي‪.‬‬
‫مالحظات نقدية على استعمال ألاساليب إلاحصائية‪.‬‬
‫املراجع‪.‬‬

‫‪471‬‬
472
‫مقدمة‪.‬‬
‫كثيرا ما ُيقاس تقدم العلم وتطورت بمدم نجاحه في استعمال لغة الكم‪ .‬وفي تاريخ العلم‬
‫كانم الفيزياء أول العلوم تستعمل لغة الكم على يد إسحق نيوتن‪ .‬ام تبعتها العلوم الطبيعية‬
‫ألاخرم كالكيمياء ام العلوم البيولوجية‪ ،‬وكانم العلوم إلانسانية والاجتماعية والسلوكية في‬
‫نهاية ألامر‪( .‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪.)5 ،1991 ،‬‬
‫ولغة الكم تع ي استعمال القياس بالرقم بدال من اللغة اللفظية والتعميمات الكيفية‪.‬‬
‫و عود استعمال لغة الكم في العلم إلى رياضيات الاحتماالت ورياضيات املصادفة في القرنين‬
‫السابع عشر والثامن عشر على يد علماء أوروبيين‪ ،‬مثل السو سري جاكوب برنوللي ‪J.‬‬
‫‪ ،Bernoulli‬والفرنس ي أبراهام دي موافر ‪ ، A. De Moivre‬وألاملاني كارل فريدريك جوس ‪C.‬‬
‫‪ F. Gauss‬الذي وضع املنح ى الاعتدالي وبرهن على أهميته إلاحصائية‪ ،‬وإلانجليزي توماس‬
‫بايي ‪ T. Bayes‬الذي تعت ر املقالة التي كتبها عام ‪ 1763‬عن استعمال نظرية الاحتماالت في‬
‫التعميم من الخا إلى العام أو من العينة إلى املجتمع‪ ،‬البداية الحقيقية للربط بين‬
‫الرياضيات وإلاحصاء‪ .‬مما جعل الاهتمام ييداد بدراسة أساليب جمع البيانات إلاحصائية‪،‬‬
‫ودراسة ألاسس العلمية لطرق القيام بمعالجات إحصائية للبيانات‪ .‬وخاصة بعد إسهامات‬
‫العلماء إلانجليز وهم كارل بيرسون ‪ ،C. Pearson‬ووليام غوسم ‪ )Student( W. Gossett‬وسير‬
‫رونالد فيشر ‪ S. R. Fisher‬في وضع ألاسس الرياضية للحصاء وتطويرت ليتحول إلى أسلوب له‬
‫أسسه‪ ،‬لتتسع مجاالته إلى العينات وتصميم التجارب‪ .‬ونتيجة لهذا التطور تحول البحث‬
‫من الاعتماد على وصف الحقائق بالكلمات إلى استعمال ألارقام في تحديد ووصف البيانات‪،‬‬
‫ملا في ألارقام من وضوح ودقة في التعبير‪( .‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪( )167 ،1991 ،‬ممدوح‬
‫عبد املنعم الكناني‪ 3 ،2002 ،‬ـ ‪.)4‬‬
‫ف صبح إلاحصاء ضرورة ال غ ى عنه في البحث العلمي‪ ،‬حيث هناك بحوث ال تكتمل إال‬
‫بالجانب إلاحصا ي‪( .‬دوجالس ماكنتوم‪ .)5 ،1989 ،‬فالعلم في طبيعته إحصا ي‪ ،‬و ع ي هذا‬
‫أن القوانين العلمية ال تع ر عن الكيفية التي تسلك بها الظواهر تعبيرا يصل إلى درجة اليقين‪.‬‬
‫فالقوانين العلمية تصف فقط كيف سلكم الظواهر داخل حدود معينة‪ ،‬وكيف يحتمل أن‬
‫تسلك مستقبال داخل حدود معينة أيضا‪ ،‬تحم نفس الظرول‪ .‬ومهمة إلاحصاء هي تعيين‬
‫هذت الحدود تحم مجموعة معينة من الظرول‪ ،‬وتعيين احتمال تكرار وقوع أي مجموعة‬
‫من الظواهر أو ألاحداث وفق تكرار حدوثها وانتظامها في املاض ي‪( .‬ج‪ .‬ملتون سميث‪،1985 ،‬‬
‫‪.)13‬‬

‫‪473‬‬
‫وأابتم الطريقة إلاحصائية صالحيتها ك داة للبحث‪ ،‬حيث شاع استعمالها من قبل‬
‫الباحثين في العلوم املختلفة‪ ،‬وأخذت تشق طريقها بسرعة متزايدة إلى مختلف العلوم‬
‫والتخصصات والاهتمامات على حد سواء‪ .‬حيث نجد السيكولوجي والتربوي والاقتصادي‬
‫والطبيب والتاجر ومدير ألاعمال‪ ،‬وحتى الرجل العادي‪ ،‬يحاول استعمال الطرق إلاحصائية‬
‫والتعامل بلغة ألارقام بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬
‫وملا كانم لغة ألارقام‪ ،‬رغم دقتها ووضوح معناها‪ ،‬يمكن أن تستعمل بطريقة أو ب خرم‪،‬‬
‫بحيث تحمل خداعا أو تتضمن مغالطات يمكن أن ينطلي أمرها على الباحث‪ ،‬كان ال بد من‬
‫دراستها دراسة وافية وإلاملام بمبادئها واكتساب القدرة على معالجتها وتفسيرها من قبل الذين‬
‫سيكثرون من استعمالها والتعامل معها‪ .‬ومن هنا كانم دراسة املبادئ إلاحصائية وأساليبها‬
‫أمرا ضروريا لكل من ستعملون إلاحصاء في بحوثهم‪ ،‬خصوصا في ميداني علم النفس‬
‫والتربية‪ ،‬حيث أن غالبية البحوث والدراسات في هذين امليدانين مليئة باملفاهيم إلاحصائية‬
‫وتطبيقاتها‪( .‬عبد الرحمن عدس‪.)5 ،1982 ،‬‬
‫وقد أتيحم للباحث في مناسبات علمية عديدة‪ ،‬فرصة الاطالع على مجموعة من بحوث‬
‫املاجستير والدكتورات في تخص ي علم النفس وعلوم التربية‪ ،‬أن هناك ابتعادا واضحا‬
‫للباحثين عن هذت املعايير مما جعل طرق جمع بيانات بحوثهم وتصميماتها ومعالجتها إحصائيا‬
‫تنقصها الدقة العلمية‪ ،‬بل الطرق العلمية الصحيحة‪ .‬فهناك باحثون يكتفون ب ساليب‬
‫إلاحصاء الوصفي‪ ،‬في الوقم الذي ينبغي عل هم املرور إلى أساليب إلاحصاء الاستداللي‪.‬‬
‫وباحثون آخرون ستعملون أساليب إحصائية غير مالئمة لطبيعة البيانات‪ ،‬ك ن تكون‬
‫البيانات في مستوم املسافات املتساوية‪ ،‬ولكن الباحث عالجها بطريقة البيانات الاسمية‪،‬‬
‫وغيرها من ألاخطاء الفنية في استعمال إلاحصاء‪ .‬لذا رأم الباحث تقديم مساهمة متواضعة‬
‫حول معايير استعمال ألاساليب إلاحصائية في البحوث النفسية والتربوية‪ ،‬بهدل لفم نظر‬
‫الباحثين املبتدئين إلى ألاساليب الصحيحة الستعمال إلاحصاء‪.‬‬

‫أهدال الدراسة‪.‬‬
‫وفقا ملا تقدم فإن الدراسة تهدل إلى تحقيق ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬التعريف با حصاء وبمستوياته وأهدافه‪.‬‬
‫‪ .2‬التعريف بمعايير استعمال ألاساليب إلاحصائية للبيانات املالئمة‪.‬‬
‫‪ .3‬عرض نقدي ألساليب استعمال إلاحصاء في بعض البحوث النفسية والتربوية‪.‬‬

‫‪474‬‬
‫أهمية الدراسة‪.‬‬
‫تكتس ي هذت الدراسة أهمية علمية نظرية وميدانية‪ ،‬ألنه يتناول أساليب استعمال‬
‫إلاحصاء في معالجة البيانات في البحوث النفسية والتربوية‪ ،‬حيث هناك معايير الستعمالها‪.‬‬
‫وكلما تم اتباع هذت املعايير‪ ،‬حققم البحوث أهدافها واكتسبم قيمتها العلمية‪ .‬أما إذا‬
‫خالفم هذت املعايير‪ ،‬حادت عن الطريق العلمي الصحيح‪ ،‬وجهود الباحثين ال فائدة منها‪.‬‬
‫وقد رأيم فيما أتيح لي الاطالع عليه من البحوث النفسية والتربوية في مناسبات علمية‬
‫أكاديمية‪ ،‬أن هناك اتجاهين للباحثين في علم النفس والتربية إ اء استعمال إلاحصاء‪ .‬الاتجات‬
‫ألاول ‪ :‬هو الهروب تماما من استعمال إلاحصاء في معالجة بيانات البحوث رغم أن طبيعة‬
‫هذت البيانات تتطلب ذلك‪ .‬الاتجات الثاني وهو ألاخطر‪ ،‬ويتمثل في استعمال الباحثين ألساليب‬
‫إحصائية غير مناسبة تماما لطبيعة ونوعية البيانات وألهدال البحث‪ ،‬مما جعل بحوثهم‬
‫تسفر عن نتائج غير صحيحة‪ ،‬وفاقدة لقيمتها العلمية‪ ،‬فتضيع جهود الباحثين في الوقم‬
‫الذي عتقدون أنهم قدموا إسهامات جيدة للمعرفة العلمية‪ .‬لذا كانم هذت ألاهمية لهذا‬
‫البحث التي أقدم من خالله مساهمة متواضعة حول معايير استعمال ألاساليب إلاحصائية‬
‫في البحوث النفسية والتربوية عس ى أن أفيد بها‪.‬‬

‫أسئلة الدراسة‪.‬‬
‫تسهى هذت الدراسة إلى إلاجابة عن ألاسئلة التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬ما إلاحصاء ؟ وما أهميته في البحوث النفسية والتربوية ؟‬
‫‪ .2‬ما املعايير التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار الستعمال إلاحصاء بطرق صحيحة ؟‬
‫‪ .3‬ما ألاخطاء الفنية إلاحصائية في البحوث محل هذت الدراسة؟‬

‫أوال ‪ :‬تعريف إلاحصاء‬


‫إلاحصاء في اللغة ‪ :‬ع ي العد الشامل‪ .‬ففي القرآن الكريم نجد قوله تعالى ‪" :‬وإن‬
‫تعدوا نعمة هللا ال تحصوها" (إبراهيم‪ )34 ،‬وقوله ‪" :‬وأحاط بما لديهم وأح ى كل ش يء‬
‫عددا"‪( .‬الجن‪ .)28 ،‬ويقول العرب مجا ا ‪" :‬لم أر أكثر منهم ح ًى‪ .‬أي لم أر أكثر منهم عددا‪،‬‬
‫وقولهم ‪ :‬هذا أمر ال أحصيه‪ ،‬أي ال أطيقه وال أضبطه (في ‪ :‬فؤاد البهي السيد‪.)17 ،1979 ،‬‬
‫وفي اللغات ألاوروبية ُعرل إلاحصاء في املاض ي بعلم العد ‪ ،Science of counting‬وهو الاسم‬
‫الذي توحي به الكلمة ‪ Statistic‬املشتقة من كلمة ‪ State‬التي تستعمل بمع ى الدولة‪،‬‬

‫‪475‬‬
‫واملشتقة بدورها من الكلمة الالتينية ‪ Status‬ستاتوس (عبد الرحمن عدس‪)32 ،1982 ،‬‬
‫( كريا الشربي ي‪ .)15 ،1990 ،‬فا حصاء إذن كان ع ي جمع البيانات الخاصة بالدولة‪ .‬و عت ر‬
‫البارون ج‪ .‬ل‪ .‬فون بيفلد ‪ J. F. Von Biefeld‬املنش ئ ألاول للحصاء في إطار التنظيم السياس ي‬
‫للدولة سنة ‪( .1770‬فؤاد البهي السيد‪ .)18 ، 1979 ،‬حيث كانم الدولة تقوم بعمليات جمع‬
‫املعلومات املتصلة بنظام مؤسساتها وأجهيتها املختلفة وأحوالها وظروفها فيما يتعلق‬
‫باالقتصاد والسكان ورصدها في جداول‪ .‬مثل ‪ :‬جمع املعلومات عن عدد املواليد وعدد‬
‫الوفيات‪ ،‬وعدد الذكور وعدد إلاناث‪ ،‬وعدد املتعلمين وعدد ألاميين‪ ،‬وكميات املحاصيل‬
‫اليراعية وموا ين التجارة الخارجية والتجارة الداخلية وغيرها‪.‬‬
‫لكن ارتباطه برياضيات الاحتماالت بعد ذلك جعل منه أداة علمية ال ستغ ى عنها في‬
‫البحوث العلمية‪ .‬وقد كانم سهامات العلماء إلانجليز دورا رائدا في تطوير إلاحصاء وجعله‬
‫أداة بحثية أساسية في فنون البحث العلمي‪ .‬وأذكر منهم هنا خاصة كارل بيرسون املبتكر‬
‫ألسلوب الانحرال املعياري ومعامل الارتباط الخطي‪ ،‬ووليام غوسم (الطالب ‪)Student‬‬
‫املبتكر ألسلوب اختبار "ت"‪ ،‬وسير رونالد فيشر املبتكر ألسلوب تحليل التباين‪ ،‬وتشارلي‬
‫سبيرمان وابتكارت ألسلوبي ارتباط الرتب والتحليل العاملي‪ .‬مما جعل إلاحصاء يصبح فنا من‬
‫فنون العلم له قواعدت وأساليبه وأهدافه‪ .‬حيث أنه في الدراسات إلاحصائية‪ ،‬يحاول‬
‫الباحثون معرفة ظاهرة ما‪ ،‬إما للتحقق من درجة وجودها في املجتمع ب كمله‪ ،‬أو ملعرفة مدم‬
‫ت ايرها في ظاهرة معينة‪ ،‬أو ارتباطها بظاهرة أخرم‪( .‬عبد الرحمن عدس‪)7 ،1997 ،‬‬
‫وإلاحصاء فرع تطبيقي من فروع الرياضيات‪ ،‬له رمو ت واصطالحاته وأساليبه الخاصة‬
‫به‪ .‬وهو مجموعة من ألاساليب الفنية التي تهدل إلى جمع البيانات وعرضها رقميا ومعالجتها‬
‫واستخال النتائج منها وتفسيرها‪ .‬وهذا ما يطلق عليه ألاساليب إلاحصائية (محمد بونوارة‬
‫خيار‪ )1 ،1996 ،‬التي س تناولها في الفقرة التالية‪.‬‬

‫اانيا ‪ :‬تعريف ألاساليب إلاحصائية‬


‫هي طرق فنية تستعمل ملعالجة بيانات البحوث بصورة رقمية وفق معايير محددة‪ .‬وتسير‬
‫ألاساليب إلاحصائية في عدد من الخطوات هي ما يلي ‪:‬‬
‫ألاولى ‪ :‬تحديد مشكلة البحث بصفتها سؤالا علميا ال تتوفر عنه إجابة صحيحة فيما‬
‫يتوفر من معلومات‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬وضع فرض البحث بصفته إجابة مؤقتة عن السؤال‪ ،‬أو حال مؤقتا للمشكلة‪.‬‬

‫‪476‬‬
‫الثالثة ‪ :‬جمع البيانات الرقمية عن الظاهرة أو الظواهر املراد دراستها‪ ،‬وإلاحصاء ال‬
‫يتعامل إال مع ألارقام‪ .‬وهذت البيانات هي التي تتم معالجتها إحصائيا لتعطينا إلاجابة املطلوبة‬
‫عن السؤال الذي تم طرحه في مشكلة البحث‪ ،‬أو تعطينا حال ملشكلة البحث‪ .‬وبعبارة أصح‪،‬‬
‫فإن البيانات التي يتم جمعها تعالج إحصائيا الختبار فرض البحث الذي وضعه الباحث‪ .‬ويتم‬
‫جمع البيانات بطريقتين‬
‫الطريقة ألاولى ‪ :‬تؤخذ البيانات من مصادر كانم هيئات متخصصة قد قامم بجمعها‬
‫في إطار عملها‪ ،‬مثل البيانات إلاحصائية التي تجمعها وتنشرها هيئات حكومية حول قطاعات‬
‫معينة كالتربية والصحة والسكان وغيرت‪ .‬أو مؤسسات تجارية حول أكثر السلع استهالكا في‬
‫منطقة ما أو في فترة منية معينة‪ ،‬أو الييادات في ألاسعار وغيرت‪ .‬أو مراكي بحوث حول ظواهر‬
‫مثل تعاطي املخدرات بين طالب الجامعة‪ ،‬أو حجم عمالة ألاطفال‪ ،‬أو الاضطرابات النفسية‬
‫أكثر انتشارا بين فئات عمرية معينة وغيرها‪.‬‬
‫الطريقة الثانية ‪ :‬يقوم الباحث بجمعها عندما تكون البيانات املطلوبة غير متوفرة أو‬
‫تكون البيانات التي تم جمعها من قبل جهات أخرم غير كاملة أو مشكوك في صحتها‪ .‬وجمع‬
‫البيانات بالطريقة الثانية‪ ،‬أي جمع الباحث للبيانات التي يريدها بنفسه‪ ،‬يحتاج إلى تدريب‬
‫وجهد ومال ووقم‪ .‬فقد تجمع البيانات بطريقة شمولية كالبحوث املسحية‪ ،‬أو من عينة إذا‬
‫كان املجتمع ألاصلي كبيرا‪ .‬وقد تجمع عن طريق املالحظة‪ ،‬أو عن طريق املقابالت أو‬
‫الاستبيانات‪ .‬وتعتمد املعالجات إلاحصائية على الدقة في جمع البيانات‪ ،‬وتعلقها بالظاهرة‬
‫املراد دراستها‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬تصنيف وتبويب البيانات ووضعها في جداول مناسبة ‪ :‬قد تكون‬
‫البيانات عبارة عن درجات تشير إلى كم وجود املتغير أو الظاهرة لدم أفراد العينة‪ ،‬أو عبارة‬
‫عن تكرارات تشير إلى عدد ألافراد الذين وافقوا على قضية معينة مثل تعدد اليوجات وعدد‬
‫الذين لم يوافقوا على هذت القضية‪ ،‬حتى يمكن التمثيل بها بيانيا للتمكن من أخذ فكرة‬
‫عامة عن اتجات الظاهرة املراد دراستها‪ .‬والتمثيل البياني يكون على عدة صور منها املنحنيات‬
‫أو ألاعمدة أو الخطوط أو الدوائر النسبية وغيرها‪ .‬ويطلق على كل من الجداول واملنحنيات‬
‫وألاعمدة والخطوط والدوائر النسبية اسم وسائل عرض البيانات‪ .‬وتدخل هذت الخطوة‬
‫ضمن هدل الوصف للمتغيرات والظواهر‪.‬‬
‫وهناك باحثون يكتفون بهذت الخطوة ما دامم تقدم لهم فكرة عامة عن الظاهرة املراد‬
‫بحثها‪ .‬ولكن باحثين آخرين ال يكتفون بهذت الخطوة بل سعون إلى الحصول على معلومات‬

‫‪477‬‬
‫أكثر دقة عن الظاهرة من حيث أسبابها وعالقاتها‪ .‬ولهذا ينتقلون إلى خطوة معالجة البيانات‬
‫إحصائيا وتفسيرها باستعمال أساليب إحصائية أكثر تطورا‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬قبل الانتقال إلى الخطوة التالية‪ ،‬أريد أن أشير إلى قضية هامة وخطيرة‪ ،‬مفادها‬
‫أن هناك باحثين وخاصة املبتدئين منهم‪ ،‬يقعون في أخطاء منهجية فادحة يجدون من‬
‫الصعب تصحيحها‪ ،‬ألنهم يكونون قد قطعوا أشواطا كبيرة في البحث ال ستطيعون الرجوع‬
‫عنها‪ ،‬فيضطرون إلى إتمام بحوثهم وهي على تلك ألاخطاء وهذا غير مقبول علميا تماما‪ .‬ولذا‬
‫فإن الباحث قبل أن يقوم بجمع البيانات‪ ،‬أو يقوم ب ية خطوة أخرم بعدها‪ ،‬ينبغي عليه أن‬
‫يفكر أوال في كيفية جمع البيانات وفي كيفية تصنيفها وتبويبها‪ ،‬وفي كيفية معالجتها إحصائيا‪،‬‬
‫ويخطط لكل ذلك منذ قيامه بتحديد املشكلة ووضع الفروض‪ .‬ألن كل العمل الذي سول‬
‫يقوم به بعد ذلك‪ ،‬يكون هدفه هو اختبار الفروض من أجل حل املشكلة‪ .‬وإذا لم يخطط‬
‫الباحث لكيفية القيام بهذا العمل‪ ،‬فإن الذي سول ينجيت بعد ذلك ي تي فاقدا لالتساق‬
‫والدقة والصدق‪ ،‬وتكون جهودت كلها ال فائدة منها وتفقد قيمتها العلمية‪.‬‬
‫الخامسة ‪ :‬املعالجة إلاحصائية املناسبة ‪ :‬الستعمال ألاسلوب إلاحصا ي املناسب‪،‬‬
‫هناك معايير ينبغي أخذها بعين الاعتبار‪ .‬وهو موضوع هذت املداخلة‪ ،‬وسول أستعرضها في‬
‫فقرات قادمة‪.‬‬
‫السادسة ‪ :‬تفسير النتائج املحصل عل ها من املعالجة إلاحصائية ‪ :‬فيتحدث‬
‫الباحث عن نتائج بحثه من خالل استعماله ألسلوب إحصا ي معين‪ .‬فيشير إلى أن الفرض‬
‫محل الاختبار صحيحا أم ليس كذلك‪ .‬فيرفض تبعا لذلك الفرض إلاحصا ي الصفري ويبقي‬
‫الفرض إلاحصا ي البديل أو العكس‪ .‬و ستعمل الداللة إلاحصائية عند الطرل الواحد أو‬
‫عند الطرفين وفقا للفرض البديل موجه أم غير موجه‪( .‬فؤاد البهي السيد‪ 21 ،1979 ،‬ـ ‪)26‬‬
‫(محمود السيد أبو النيل‪ 22 ،1987 ،‬ـ ‪( )24‬عبد الرحمن عدس‪ 38 ،1982 ،‬ـ ‪.)45‬‬

‫االثا ‪ :‬تصنيفات ألاساليب إلاحصائية‬


‫‪ )1‬تصنيف ألاساليب إلاحصائية وفق أهدافها في البحث‪.‬‬
‫يتفق علماء إلاحصاء على أن هناك هدفين رئيسيين للحصاء هما ‪:‬‬
‫‪ .1‬وصف وتلخي وتبويب البيانات‪ ،‬وهذا الهدل يحققه إلاحصاء الوصفي‪.‬‬
‫‪ .2‬تفسير البيانات تفسيرا علميا من خالل اختبار الفروض وتعميم النتائج على املجتمع‬

‫‪478‬‬
‫ألاصلي‪ .‬وهذا الهدل يحققه إلاحصاء الاستداللي (محمود عبد الحليم منس ى‪ .)7 ،1980 ،‬إذن‬
‫توجد فئتان من ألاساليب إلاحصائية حسب أهدافها في البحث هما ‪:‬‬

‫الفئة ألاولى هي إلاحصاء الوصفي ‪ Descreptive statistics‬وهو مجموعة ألاساليب‬


‫وإلاجراءات إلاحصائية التي تستعمل في تصنيف وتلخي وتبسيط البيانات الرقمية كما‬
‫تالحظ في الواقع بهدل توفير املعلومات لوصف خصائ العينة‪ .‬وفي إلاحصاء الوصفي‬
‫تقتصر النتائج على وصف إحصاء املجموعة املحدودة من ألافراد الذين خضعوا للمالحظة‪.‬‬
‫وال يفترض وجود تشابه بينهم وبين من هم خارج املجموعة‪ ،‬فالبيانات تقتصر على وصف‬
‫مجموعة واحدة بعينها‪ .‬ويت لف إلاحصاء الوصفي من ألاساليب التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬جمع البيانات‪.‬‬
‫‪ .2‬تصنيفها وتبويبها‪.‬‬
‫‪ .3‬عرضها ع ر أدوات معينة كالجداول‪.‬‬
‫‪ .4‬معالجتها إحصائيا بمقاييس وأساليب معينة مثل ‪ :‬مقاييس النزعة املركيية‪ ،‬مقاييس‬
‫التشتم‪ ،‬النسب املئوية‪ ،‬مقاييس الالتواء والتفلطح‪ ،‬الدرجات املعيارية والرتب املئينية‪،‬‬
‫التو عات التكرارية‪ ،‬والارتباطات‪ ،‬والانحدار والتنبؤ والتحليل العاملي وتحليل املسار‪ .‬و عد‬
‫إلاحصاء الوصفي خطوة تسبق إلاحصاء الاستداللي (الاستنتاجي)‪( .‬ممدوح عبد املنعم‬
‫الكناني‪ 7 ،2002 ،‬ـ ‪( )8‬محمد بونوارة خيار‪ 3 ،1996 ،‬ـ ‪( )4‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪،‬‬
‫‪ ( )181 ،1991‬كريا الشربي ي‪.)15 ،1990 ،‬‬

‫الفئة الثانية هي إلاحصاء الاستداللي ‪ Inferential statistics‬وهو مجموعة‬


‫أساليب إحصائية لها هدفان؛ ألاول ‪ :‬اختبار فروض البحث‪ .‬الثاني ‪ :‬تعميم النتائج من خالل‬
‫الاستدالل عل ها من البيانات املستمدة من عينة البحث إلى خصائ املجتمع الذي اشتقم‬
‫منه‪ ،‬و سم ذلك بالتقدير إلاحصا ي‪ .‬فنظرا لك ر حجم املجتمع غالبا فإن الباحث ال ستطيع‬
‫أن يجري الدراسة على كل أفراد املجتمع‪ ،‬ولذلك يقوم باختيار عينة منه‪ ،‬وبمعالجة بيانات‬
‫هذت العينة إحصائيا يمكن القيام بتعميم النتائج على املجتمع‪ .‬و عتمد إلاحصاء الاستداللي‬
‫في جوهرت على ‪:‬‬
‫‪ .1‬الخصائ الوصفية للعينة للوصول إلى استنتاجات عن املجتمع ألاصلي الذي‬
‫أخذت منه تلك العينة‪.‬‬

‫‪479‬‬
‫‪ .2‬نظرية الاحتماالت للوصول إلى اختيار البديل املناسب واتخاذ القرار املناسب‪ .‬وبهذت‬
‫الصورة عرل إلاحصاء الاستداللي ب نه علم اتخاذ القرارات عندما تكون البيانات املتوفرة‬
‫عن املجتمع غير وافية‪ .‬و ستعمل إلاحصاء الاستداللي مثال في تحديد ما إذا كان الفرق بين‬
‫متوسطين يرجع إلى أخطاء الصدفة في القياس أو املعاينة‪ ،‬أو يرجع إلى أار حقيقي‪ .‬أو ما إذا‬
‫كان الارتباط بين متغيرين أو أكثر يقوم على اقتران حقيقي في التغير‪ ،‬أم يقوم على الصدفة‪.‬‬
‫ويتخذ القرار في إطار قيم احتمالية معينة‪( .‬ممدوح عبد املنعم الكناني‪ 8 ،2002 ،‬ـ ‪( )9‬محمد‬
‫بونوارة خيار‪( )4 ،1996 ،‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪ 181 ،1991 ،‬ـ ‪ ( )182‬كريا الشربي ي‪،‬‬
‫‪.)15 ،1990‬‬

‫‪ )2‬تصنيف ألاساليب إلاحصائية وفق طبيعة البيانات ‪:‬‬


‫تصنف ألاساليب إلاحصائية وفق طبيعة البيانات النفسية والتربوية‪ ،‬كما تتحدد ب نواع‬
‫املقاييس املستعملة إلى ألانواع الثالاة التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬طرق املقاييس الاسمية‪.‬‬
‫‪ .2‬طرق مقاييس الرتبة‪.‬‬
‫‪ .3‬طرق مقاييس املسافة‪.‬‬
‫وهناك مستوم رابع هو مستوم النسبة‪ ،‬وقد أهملته ألنه ال تقاس عندت البيانات‬
‫املتعلقة بالعلوم إلانسانية إال نادرا‪ .‬عندما تقاس خصائ سيكولوجية بوحدات فيزيائية‪،‬‬
‫مثل قياس من الرجع بالثواني‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬معايير استعمال إلاحصاء في البحوث النفسية والتربوية‬


‫يتوفر إلاحصاء على كثير من ألاساليب التي ستعين بها الباحثون ملعالجة بيانات بحوثهم‪.‬‬
‫وتستعمل هذت ألاساليب وفق معايير معينة‪ ،‬تتعلق خاصة بهدل استعمال إلاحصاء‪ ،‬وبطبيعة‬
‫املتغيرات موضوع البحث‪ ،‬وبطبيعة البيانات التي تم جمعها‪ ،‬وبحجم العينات وطبيعة‬
‫تو عها‪ ،‬وأنواع الفروض‪.‬‬
‫فمن ناحية الهدل‪ ،‬هناك إحصاء وصفي وإحصاء استداللي وإحصاء تحليل املتغيرات‪.‬‬
‫ومن ناحية املتغيرات هناك متغيرات كمية ومتغيرات نوعية‪ .‬ومن ناحية البيانات هناك بيانات‬
‫اسمية وبيانات رتبية وبيانات املسافات املتساوية وبيانات النسبة‪ .‬ومن ناحية طبيعة العينات‬
‫هناك عينات تتو ع اعتداليا وعينات تو عاتها حرة‪ .‬ومن ناحية الفروض هناك فروض‬

‫‪480‬‬
‫فرقية وفروض ارتباطية وفروض تنبؤية وفروض تفاعلية وفروض عاملية‪ ،‬وغيرها من املعايير‬
‫التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند استعمال ألاساليب إلاحصائية قصد معالجة بيانات‬
‫البحث‪.‬‬
‫ويتجه الاهتمام عادة بالنسبة لتحديد معايير استعمال إلاحصاء في البحوث النفسية‬
‫َْ‬
‫(املعلمي)‬ ‫والتربوية إلى إلاحصاء الاستداللي الذي يتفرع إلى فرعين هما ‪ :‬إلاحصاء البارامتري‬
‫َْ‬
‫(الالمعلمي) ‪ ،Nonparametric‬ولكل منهما معايير‬ ‫‪ parametric‬وإلاحصاء الالبارامتري‬
‫وشروط استعمالها في املعالجات إلاحصائية للبيانات‪ .‬ملا لهذا النوع من إلاحصاء من أهمية‬
‫في اختبار فروض البحث وتعميم النتائج من العينة إلى املجتمع ألاصلي الذي أخذت منه‬
‫العينة‪ ،‬كما أشرت إلى ذلك سابقا‪.‬‬
‫ويخضع اختيار الاختبار إلاحصا ي الاستداللي املناسب‪ ،‬بارامتري أو البارمتري‪ ،‬ملجموعة‬
‫من الشروط تتعلق بهدل البحث وبنوع الفروض وبطريقة جمع البيانات الرقمية من عينات‬
‫البحث وبمستويات القياس وبحجم العينة وبعدد العينات وبمدم تجانسها أو عدم تجانسها‬
‫وبنوع املتغ يرات كمية أو كيفية‪ .‬ولكن الخاصية ألاساسية لالختبار إلاحصا ي الاستداللي‬
‫املناسب هي أن يكون قويا‪ .‬وقوة الاختبار إلاحصا ي تكمن في قدرته على رفض الفرض‬
‫الصفري عندما يكون في حقيقته ليس صحيحا‪ .‬بمع ى أنه إذا كانم ال توجد ارتباطات بين‬
‫املتغيرات‪ ،‬أو ال توجد فروق بين العينات‪ ،‬أو ال يمكن التنبؤ بعالقة معينة‪ ،‬كما تذهب إلى‬
‫ذلك نظرية البحث‪ ،‬وتبينه نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬فإن الاختبار إلاحصا ي‪ ،‬إذا كان قويا‪،‬‬
‫عليه أن يثبم ذلك‪( .‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪ 181 ،1991 ،‬ـ ‪.)182‬‬
‫ووفقا للشروط السابقة املتعلقة باختيار ألاسلوب إلاحصا ي الاستداللي املناسب الختبار‬
‫فروض البحث‪ ،‬س تناول فيما يلي مجموعة من معايير استعمال إلاحصاء في البحوث النفسية‬
‫والتربوية‪.‬‬

‫املعيار ألاول ‪ :‬مستويات القياس ودالالت ألارقام‪.‬‬


‫حدد عالم السيكو فيزياء ألامريكي ستانلي سميث ستفنس (‪ 1906‬ـ ‪S. S. Stevens )1973‬‬
‫عام ‪ 1951‬تصورا عاما لألنواع املختلفة للقياس‪ ،‬كانم ذات فائدة كبيرة لعلماء النفس في‬
‫قسم طرق استعمال ألارقام وفقا لدالالتها إلى‬ ‫مجال إلاحصاء خاصة‪ .‬وبناء على هذا التصور ّ‬
‫أربعة مستويات لكل منها قواعدت وحدودت‪ ،‬وطرق إحصائية معينة مناسبة له‪ .‬وتتدرج من‬
‫أبسطها إلى أعقدها‪ .‬أتناولها فيما يلي مبينا الطرق إلاحصائية التي تناسبها تبعا لداللة ألارقام‬

‫‪481‬‬
‫املع ر عنها في البيانات‪( .‬صفوت فرج‪ 63 ،1989 ،‬ـ ‪( )70‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪،1991 ،‬‬
‫‪ 34‬ـ ‪ ( )50‬كريا الشربي ي‪ 10 ،1990 ،‬ـ ‪( )11‬ليونا تايلر‪ 22 ،1983 ،‬ـ ‪.)25‬‬

‫‪ 1‬ـ مستوم التسمية والتصنيف ‪:‬‬


‫تستخدم ألارقام في هذا املستوم للشارة بها إلى ألايخا أو ألاشياء لتحل محل أسمائها‬
‫ألاصلية‪ .‬ومن أمثلتها أرقام الرياضيين وأرقام السيارات واملنا ل وغيرها‪ .‬وتستخدم كذلك‬
‫بهدل تصنيف ألايخا وألاشياء‪ .‬ومن أمثلته تصنيف الذكور بإعطائهم رقم ‪ 1‬وإلاناث‬
‫رقم ‪ .2‬وألارقام في هذت الحاالت ال تشير إلى أية داللة ترتيبية أو كمية‪ .‬كما ال تستليم أي‬
‫مستوم من التحليل الرياض ي‪ .‬وال يمكن إخضاع ألارقام في هذا املستوم إلى عمليات الجمع‬
‫أو الطرح أو الضرب أو القسمة‪ ،‬فال يصلح مثال أن نجمع أرقام الرياضيين‪ ،‬أو نطرح رقم منزل‬
‫من رقم منزل آخر‪ ،‬أو نضرب رقم سيارة في رقم سيارة أخرم‪ ،‬أو نقسم رقم شهادة ميالد‬
‫يخ على رقم شهادة ميالد يخ آخر‪ ،‬إننا ال نحصل على أي مع ى أو داللة لألرقام من‬
‫هذت العمليات‪ ،‬فالعملية الحسابية الوحيدة التي يمكن تطبيقها على املقاييس الاسمية هي‬
‫عملية العد لأليخا أو لألشياء سواء ك فراد أو كفئات‪ .‬فنعد مثال عدد الذكور في فئتهم‬
‫وعدد إلاناث في فئتهن‪ .‬وعدد الناجحين في فئتهم وعدد الراسبين في فئتهم‪ .‬وعدد الذين أجابوا‬
‫بنعم على سؤال وعدد الذين أجابوا بال على نفس السؤال‪ .‬وعدد الذين أجابوا بموافق جدا‬
‫وعدد الذين أجابوا بمحايد وعدد الذين أجابوا بمعارض جدا على سؤال في قياس الاتجاهات‪.‬‬
‫ومن ألاساليب إلاحصائية التي تقوم على عملية العد ويمكن استعمالها في هذا املستوم‬
‫ما يلي ‪:‬‬

‫إلاحصاء الوصفي ‪ :‬التكرارات‪ ،‬املنوال‪ ،‬النسب املئوية‪.‬‬


‫إلاحصاء الاستداللي الختبار الفروض ‪ :‬اختبار الوسيط‪ ،‬معامل ارتباط فاي‪ ،‬معامل‬
‫الارتباط الثنا ي‪ ،‬معامل الارتباط الرباعي‪ ،‬معامل التوافق‪ ،‬اختبار ذي حدين‪ ،‬اختبار كا‪،²‬‬
‫اختبار ماكنمار‪ ،‬اختبار كوجران أو اختبار كيو‪ ،‬اختبار كوملوجورل ـ سميرنول لعينة واحدة‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مستوم الرتبة ‪:‬‬


‫في املستوم السابق ال تتعدم عملياته التسمية والتصنيف في فئات‪ ،‬وعد ألايخا‬
‫داخل كل فئة‪ .‬إال أن الباحث يجد نفسه في بعض ألاحيان وحسب هدل بحثه‪ ،‬أنه مطالب‬

‫‪482‬‬
‫َ‬
‫بترتيب ألايخا أو الفئات وفق ما يتوافر لديها من مقدار أو ك ّم وجود الظاهرة أو املتغير‪.‬‬
‫فإذا قام بتصنيف ألافراد مثال إلى متزوجين وعياب‪ ،‬فإنه يمكن ترتيب املتزوجين من أكثر إلى‬
‫أقل حسب عدد سنوات اليواج‪ ،‬ويرتب العياب كذلك حسب عدد سنوات عيوبيتهم بعد أن‬
‫يحدد السن القانونية لليواج‪ .‬ويمكن كذلك ترتيب الطالب حسب درجاتهم في الامتحانات‪،‬‬
‫وترتيب مجموعة من الطالب حسب درجاتهم في امتحان مادة معينة مقابل ترتيبهم في مادة‬
‫أخرم‪ ،‬بهدل معرفة مدم ارتباط التفوق في مادة معينة بالتفوق في مادة أخرم‪ ،‬كالرياضيات‬
‫والفيزياء مثال وهكذا‪ .‬بمع ى أنه في املستوم الرتبي يرتب ألافراد في سلسلة تبدأ من ألاكثر إلى‬
‫ألاقل ومن ألاعلى إلى ألادن ومن ألاقوم إلى ألاضعف بناء على الظاهرة أو املتغير املطلوب‬
‫بحثه‪ .‬وفي املستوم الرتبي كذلك ال يصلح استعمال عمليات الجمع أو الطرح أو الضرب أو‬
‫القسمة‪ .‬ألنه ما الفائدة من جمع ألاول ‪ +‬الثاني‪ ،‬أو طرح الرابع من السابع‪ ،‬أو ضرب الثالث‬
‫في الرابع‪ ،‬أو قسمة الثامن على الرابع‪ .‬فكل ما يمكن فعله هو عمليات ترتيبية مثل ‪ :‬أك ر من‪،‬‬
‫أقوم من‪ ،‬أفضل من‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫ومن ألاساليب إلاحصائية التي تقوم على املستوم الرتبي ويمكن استعمالها هي ما يلي ‪:‬‬
‫إلاحصاء الوصفي ‪ :‬الوسيط‪ ،‬املئينيات‪ ،‬إلارباعيات‪.‬‬
‫إلاحصاء الاستداللي الختبار الفروض ‪ :‬معامل ارتباط سبيرمان‪ ،‬معامل جاما‪ ،‬معامل‬
‫ارتباط كندال‪ ،‬معامل اتفاق كندال‪ ،‬معامل اتساق كندال‪ ،‬اختبار كوملوجرول ـ سمير نول‬
‫لعينتين‪ ،‬اختبار مان ـ وت ي‪ ،‬اختبار ولكوكسن‪ ،‬اختبار إلاشارة‪ ،‬طريقة كروسكال واليس‪،‬‬
‫تحليل التباين لفريدمان‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ مستوم املسافات املتساوية ‪:‬‬


‫إن مفهومي العد والكم ال يتوفران فـي مستو ي التسمية والترتيب‪ .‬ولكنهما يتوفران في‬
‫هذا املستوم‪ .‬ويقصد بلفظ املسافات املتساوية‪ ،‬أنه يمكن تحديد مدم بعد يخصين أو‬
‫أكثر عن بعضهما في املتغير محل البحث‪ ،‬وأن تكون املسافات بينهما متساوية‪ .‬وإلاجراء الشا ع‬
‫في هذت الحالة يتم بتحديد املسافات بناء على ُب ْع ِد كل فرد عن املتوسط الحسابي بمسافات‬
‫معيارية تتحدد إحصائيا باالنحرال املعياري‪ .‬وأغلب املتغيرات النفسية من هذا النوع‪ .‬وفي‬
‫مستوم املسافات املتساوية يمكن استعمال عمليات الجمع والطرح والضرب‪ ،‬إال عملية‬
‫القسمة ال يمكن استعمالها إطالقا‪ ،‬ألننا ال يمكن أن نقسم نسبة ذكاء فرد تساوي ‪ 120‬درجة‬
‫على يخصين فنقول أن كل واحد منهما يتوفر على نصف نسبة ذكاء الفرد ألاول‪ .‬وال يمكن‬

‫‪483‬‬
‫كذلك أن نقول أن مشكلة رياضية التي يقدر على حلها طفل نسبة ذكائه تساوي ‪ 100‬درجة‪،‬‬
‫يمكن أن يقدر على حلها طفالن نسبة ذكاء كل واحد منهما تساوي ‪ 50‬درجة‪ .‬والسر في كل‬
‫هذا عود إلى أن القياس في مستوم املسافات املتساوية ال يتوفر على الصفر الحقيقي‬
‫الرياض ي‪ ،‬أي انعدام الظاهرة أو املتغير‪ .‬فال يمكن أن نقول مثال ‪ :‬تنعدم مشاعر القلق عند‬
‫فرد ما‪ ،‬أو ال توجد إطالقا أية دافعية عند فرد آخر‪ .‬إن املتغيرات النفسية في مستوم‬
‫املسافات املتساوية تتو ع اعتداليا‪ ،‬بمع ى أن الفروق ف ها كمية وليسم نوعية‪ ،‬فكل ألافراد‬
‫توجد لديهم مقادير معينة من متغير القلق والدافعية والعجي والذكاء وغيرها‪.‬‬
‫ومن ألاساليب إلاحصائية في مستوم املسافات املتساوية ويمكن استعمالها ما يلي ‪:‬‬
‫إلاحصاء الوصفي ‪ :‬املتوسط الحسابي‪ ،‬الانحرال املعياري‪ ،‬التباين‪ ،‬التو ع الاعتدالي‪.‬‬
‫إلاحصاء الاستداللي الختبار الفروض ‪ :‬معامل ارتباط بيرسون‪ ،‬اختبار "ت"‪ ،‬تحليل‬
‫التباين‪ ،‬تحليل الانحدار املتعدد‪ ،‬التحليل العاملي‪ ،‬تحليل التغاير‪.‬‬

‫مالحظة هامة‪.‬‬
‫ألفم انتبات اليمالء الباحثين في علم النفس والتربية إلى جانب هام في مجال استعمال‬
‫إلاحصاء بطرق صحيحة‪ ،‬وهو أن ألاساليب إلاحصائية الاستداللية الالبارامترية الختبار‬
‫الفروض تستعمل البيانات التي تقاس على مستوم التسمية والتصنيف ومستوم الرتبة‪ .‬أما‬
‫ألاساليب إلاحصائية الاستداللية البارامترية الختبار الفروض فتستعمل البيانات التي تقاس‬
‫على مستوم املسافات املتساوية‪ .‬كما أشير كذلك إلى أن املتغيرات في املستويين الاسمي والرتبي‬
‫متغيرات نوعية‪ ،‬أما املتغيرات التي تقاس في مستوم املسافات املتساوية فهي كمية‪.‬‬

‫املعيار الثاني ‪ :‬طبيعة العينات وعالقاتها باملجتمع‪.‬‬


‫تعرل العينة ب نها جيء من كل‪ .‬ويلج الباحثون إلى إجراء بحوثهم على عينات بدال من‬ ‫ّ‬
‫إجرائها على كل املجتمع ألاصل‪ ،‬ألن مفردات املجتمع قد تكون كثيرة إلى الدرجة التي ستحيل‬
‫إجراء البحث عل ها كلها‪ ،‬كما في حالة بعض فئات املجتمع كاألطفال والشباب التي تصل إلى‬
‫عشرات أو مئات آلاالل أو املاليين‪ .‬وفي هذت الحالة يضطر الباحثون إلى اختيار عينة من هذا‬
‫الكل ويجرون عل ها بحوثهم‪ ،‬ام عممون النتائج على كل املجتمع الذي سحبم منه العينة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لحجم وخصائ العينة املناسبة الختيار ألاساليب إلاحصائية البارامترية أو‬
‫الالبارامترية املناسبة ملعالجة بيانات البحث من أجل اختبار فروضه‪ ،‬فإن أهم شرط هو أن‬

‫‪484‬‬
‫تكون العينة ممثلة للمجتمع ألاصلي الذي سحبم منه‪ ،‬ألنه كل ما كانم العينة ممثلة أمكن‬
‫تعميم النتائج بثقة كبيرة‪ .‬ويتحقق التمثيل إما بالسحب العشوا ي للعينة‪ ،‬أو بك ر حجمها‪.‬‬
‫وبالنسبة لخصائ العينات املناسبة لألساليب إلاحصائية البارامترية وألاساليب‬
‫إلاحصائية الالبارامترية‪ ،‬فإنها تختلف فيما بينها في الجوانب التالية ‪( :‬عيو عفانة‪39 ،1996 ،‬‬
‫ـ ‪( )40‬فاروق السيد عثمان‪ 288 ،1989 ،‬ـ ‪ ( )292‬كريا الشربي ي‪.)72 ،1990 ،‬‬
‫‪ .1‬في ألاساليب إلاحصائية البارامترية شترط أن تسحب العينة من املجتمع بطريقة‬
‫عشوائية‪ .‬بينما في ألاساليب إلاحصائية الالبارامترية ال شترط السحب العشوا ي للعينة‪.‬‬
‫‪ .2‬في ألاساليب إلاحصائية البارامترية ينبغي أن يكون حجم العينة أك ر من ‪ 30‬حالة‪.‬‬
‫بينما ألاساليب إلاحصائية الالبارامترية تصلح للعينات الصغيرة والكبيرة‪.‬‬
‫‪ .3‬في ألاساليب إلاحصائية البارامترية ينبغي أن تكون تو عات العينات اعتدالية (ألن‬
‫متغير البحث كمي)‪ .‬بينما في ألاساليب إلاحصائية الالبارامترية تكون تو عات العينات حرة‬
‫(ألن متغير البحث نوعي‪ /‬كيفي)‪.‬‬
‫ْ ََ‬
‫‪ .4‬في ألاساليب إلاحصائية البارامترية شترط وجود معلومات حول معلمات املجتمع‬
‫(يكون للمجتمع ألاصلي نفس املتوسط الحسابي ونفس الانحرال املعياري كالذي للعينة)‪.‬‬
‫َْ‬
‫معل َمات‬ ‫بينما في ألاساليب إلاحصائية الالبارامترية ال شترط وجود هذت املعلومات عن‬
‫املجتمع‪.‬‬

‫املعيار الثالث ‪ :‬طبيعة املتغيرات‪.‬‬


‫إن املتغير هو أي ش يء أو حدث أو خاصية ت خذ أكثر من قيمة عند قياسها‪ .‬فمثال الذكاء‬
‫متغير ألنه عند قياسه عند مجموعة من ألافراد يحصل كل فرد على درجة معينة‪.‬‬
‫والخصائ التي يوصف بها ألافراد سواء كانم نفسية أو بدنية أو اجتماعية أو اقتصادية‬
‫كلها متغيرات‪ .‬وتشير القيم أو البيانات إلاحصائية التي يجمعها الباحث‪ ،‬من العينة‪ ،‬إلى مقدار‬
‫الخاصية عند الفرد‪ ،‬فيقال مثال ‪ :‬إن درجة إبراهيم في الذكاء هي ‪ ،112‬ودرجة سليم في‬
‫الانبساطية هي ‪ ،19‬ودرجة إيمان في الاتجات نحو العمل في الصحراء‪ ،‬هي ‪ ،32‬وأن طول ليلى‬
‫هو ‪ 1.61‬متر‪ ،‬وأن درجة ألانواة لب ى ترتفع بانحرال معياري واحد إيجابي عن املتوسط‬
‫الحسابي‪ ،‬وأن املستوم الاقتصادي الاجتماعي لفريد يقع في املئين ‪ .76‬وهكذا‪.‬‬
‫وتصنف املتغيرات إلى متغيرات كمية ومتغيرات نوعية‪ .‬فإذا كانم القيمة إلاحصائية تشير‬
‫إلى م قدار ما لدم الفرد من خاصية كالذكاء والدافعية والتوافق والعمر والتحصيل‪ ،‬فإنها‬

‫‪485‬‬
‫تشير إلى مع ى كمي ويكون املتغير كميا‪ .‬وتقاس بيانات هذت املتغيرات على مستوم املسافات‬
‫املتساوية‪.‬‬
‫أما إذا كانم القيمة إلاحصائية ال تشير إلى مقدار الخاصية عند الفرد‪ ،‬بل تشير إلى‬
‫وجودها أو عدم وجودها عندت مثل ‪ :‬ريفي ـ حضري‪ ،‬أو ذكر ـ أنثى‪ ،‬أو أعيب ـ متزوج‪ ،‬أو أمي ـ‬
‫متعلم وغيرت‪ ،‬فإن ذلك شير إلى تصنيف نوعي‪ ،‬وبكون املتغير نوعيا‪ .‬وتقاس بيانات هذت‬
‫املتغيرات على مقاييس املستوم الاسمي ومقاييس املستوم الرتبي‪ ( .‬كريا الشربي ي‪،1990 ،‬‬
‫‪ 22‬ـ ‪.)23‬‬
‫ونوع املتغير من حيث هو كمي أو نوعي‪ ،‬عت ر معيارا الختيار ألاسلوب إلاحصا ي املناسب‬
‫الختبار الفروض‪ .‬ومن هذت الناحية فإن ألاساليب إلاحصائية البارامترية وألاساليب‬
‫إلاحصائية الالبارامترية‪ ،‬تختلف فيما بينها في معالجة البيانات إلاحصائية في الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬في ألاساليب إلاحصائية البارامترية تقاس املتغيرات املراد دراستها سواء كانم مستقلة‬
‫أو تابعة على مقاييس املسافات املتساوية‪ .‬بينما في ألاساليب إلاحصائية الالبارامترية تقاس‬
‫املتغيرات على مقاييس مستوم التسمية ومستوم الرتبة‪.‬‬
‫‪ .2‬ألاساليب إلاحصائية البارامترية تتطلب بيانات كمية (الدرجات) عن املتغيرات‪ .‬بينما‬
‫ألاساليب الالبارامترية تتطلب بيانات نوعية (عدد الذكور وعدد إلاناث الذين أجابوا بنعم أو‬
‫ال‪ ،‬عن سؤال مثال)‪.‬‬
‫‪ .3‬ألاساليب إلاحصائية البارامترية أكثر قدرة على معالجة التفاعل بين متغيرين أو أكثر‬
‫ب سلوب تحليل التباين الثنا ي أو الثالثي ف كثر‪ .‬بينما ألاساليب إلاحصائية الالبارامترية ال‬
‫تستطيع ذلك إال في حالة تحليل التباين لفريدمان‪.‬‬

‫املعيار الرابع ‪ :‬قوة الاختبار إلاحصا ي‪.‬‬


‫يقصد بقوة الاختبار إلاحصا ي مدم قدرة ألاسلوب إلاحصا ي املختار على رفض الفرض‬
‫الصفري عندما يكون غير صحيح‪ .‬وبالتالي فإن ألاساليب إلاحصائية التي تميل إلى رفض‬
‫الفرض الصفري عندما يكون خاطئا بالفعل‪ ،‬تسم أساليب إحصائية قوية‪ .‬وهناك عدم‬
‫اتفاق بين إلاحصائيين حول ألاسلوب إلاحصا ي القوي‪ ،‬هل هو ألاسلوب إلاحصا ي البارامتري‬
‫أم ألاسلوب إلاحصا ي الالبارامتري‪.‬‬
‫الفريق ألاول عتقد أن ألاسلوب إلاحصا ي الالبارامتري هو ألاقوم ألنه يتوصل إلى رفض‬
‫الفرض الصفري عندما يكون خاطئا‪ ،‬سواء كان حجم العينة صغيرا أم كبيرا‪ .‬أما ألاسلوب‬

‫‪486‬‬
‫إلاحصا ي البارامتري فيتوصل إلى رفض الفرض الصفري عندما يكون حجم العينة كبيرا‬
‫فقط‪ .‬ويقولون إنه في العينات الكبيرة جدا يكون أي فرق بسيط أو ارتباط بسيط دالا‬
‫إحصائيا‪ .‬وهنا ربما ال يكون للفرق أو لالرتباط داللة نفسية عملية‪ ،‬رغم وجود الداللة‬
‫إلاحصائية‪.‬‬
‫أما الفريق الثاني فيعتقد أن ألاسلوب إلاحصا ي البارامتري هو ألاقوم ما دام عتمد على‬
‫العينات ذات ألاحجام الكبيرة ألنها أقرب إلى تمثيل املجتمع ألاصلي الذي سحبم منه‪،‬‬
‫ومعرول أن التمثيل هو الخاصية ألاساسية املطلوبة للعينات الجيدة وفق افتراضات إحصاء‬
‫العينات‪ .‬بينما العينات الصغيرة في ألاساليب إلاحصائية الالبارامترية مشكوك في تمثيلها‬
‫لخصائ املجتمع الذي سحبم منه‪ .‬ويدعم هذا الفريق حجته بكون أن أحد ألاساليب‬
‫للحد من احتمال الوقوع في الخط نمط ‪ 2‬هو الييادة في حجم العينات‪.‬‬
‫وللتوفيق بين الفريقين نقول أنه يمكن اعتبار ألاسلوب إلاحصا ي البارامتري أقوم ما‬
‫دام عتمد على العينات الكبيرة‪ ،‬ونعالج ارتفاع الداللة إلاحصائية باستعمال أسلوبين‬
‫إحصائيين هما ‪ :‬قوة الارتباط بين املتغيرات‪ ،‬وحجم ت اير املتغير املستقل في املتغير التابع‪،‬‬
‫لنتعرل على الداللة النفسية املقابلة للداللة إلاحصائية‪.‬‬
‫واختيار ألاسلوب إلاحصا ي القوي في معالجته للبيانات‪ ،‬يجنب الباحث الوقوع في الخط‬
‫نمط ‪ ،2‬عند اتخاذ القرارات حول الفرض الصفري‪ .‬والخط نمط ‪ 2‬يقع فيه الباحث عندما‬
‫يقبل الفرض الصفري في الوقم الذي ينبغي استبعادت ألنه في حقيقته فرض خاطئ ( كريا‬
‫الشربي ي‪( )65 ،1990 ،‬فاروق السيد عثمان‪ 295 ،1989 ،‬ـ ‪( )296‬ج‪ .‬ملتون سميث‪،1985 ،‬‬
‫‪ 110‬ـ ‪.)117‬‬
‫وهناك معياران آخران للفرق بين ألاساليب إلاحصائية البارامترية وألاساليب إلاحصائية‬
‫الالبارامترية في معالجة البيانات وهما ‪:‬‬
‫‪ .1‬ألاساليب إلاحصائية البارامترية أكثر صعوبة وتستغرق وقتا طويال‪ .‬بينما ألاساليب‬
‫إلاحصائية الالبارامترية أسهل استعماال وأسرع إنجا ا‪.‬‬
‫‪ .2‬في ألاساليب البارامترية وعند حساب معامل ارتباط بيرسون‪ ،‬ينبغي أن تكون العالقة‬
‫بين املتغيرين عالقة خطية‪ .‬بينما في ألاساليب الالبارامترية ال يتطلب وجود عالقة خطية بين‬
‫املتغيرين عند حساب معامل الارتباط الرتبي لسبيرمان أو معامل الارتباط الثنا ي‪.‬‬

‫‪487‬‬
‫مالحظات نقدية على استعمال ألاساليب إلاحصائية‪.‬‬
‫أتيحم لكاتب هذت املقالة فر عديدة لالطالع على ألاساليب إلاحصائية املستعملة‬
‫ملعالجة البيانات في بعض البحوث النفسية والتربوية‪ ،‬وخاصة بحوث املاجستير والدكتورات‪،‬‬
‫وبحوث أخرم للترقية‪ ،‬تبين منها أن الباحثين ستعملون إلاحصاء بطرق سيئة وال يتقيدون‬
‫بالشروط واملعايير املوضوعة لهذا الغرض‪ .‬ومن هذت ألاخطاء ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬ندرة استعمال إلاحصاء في معالجة نتائج البحوث رغم أن طبيعة بياناتها تتطلب ذلك‬
‫لكونها رقمية‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم إدراك الباحثين أن اختبار الفروض يتم ب ساليب إلاحصاء الاستداللي البارامتري‬
‫أو الالبارامتري‪ ،‬وخالفا لذلك عالجون بيانات بحوثهم بالنسب املئوية (إحصاء وصفي)‪.‬‬
‫‪ .3‬ندرة إلاحصاء الاستداللي البارامتري والاعتماد أكثر على إلاحصاء الالبارامتري وخاصة‬
‫كا‪.²‬‬
‫‪ .4‬استعمال إلاحصاء الاستداللي مع عدم ذكر مستوم الداللة إلاحصائية واتجاهها‪.‬‬
‫‪ .5‬الخلط بين املصطلحات ذات املع ى إلاحصا ي مثل ‪ :‬التساوي والتجانس‪.‬‬

‫خاتمة وتوصيات‪.‬‬
‫تناولم الدراسة معايير استعمال ألاساليب إلاحصائية ملعالجة البيانات في البحوث‬
‫النفسية والتربوية‪ ،‬وطرحم االاة أسئلة أجابم عنها تباعا‪ .‬حيث تمم إلاشارة إلى دور‬
‫إلاحصاء في مجال ممارسة البحث العلمي في شتى العلوم والتخصصات وأهميته في معالجات‬
‫بيانات البحوث وإضفاء الطابع العلمي عل ها‪ ،‬ام تم التركيز على معايير وشروط استعمال‬
‫ألاساليب إلاحصائية الاستداللية البارامترية والالبارامترية ضمن أربعة معايير هي ‪ :‬مستويات‬
‫القياس‪ ،‬طبيعة العينات وعالقاتها باملجتمع‪ ،‬طبيعة املتغيرات‪ ،‬قوة الاختبار إلاحصا ي‪ .‬ام‬
‫انتهم املقالة ببعض املالحظات حول طرق استعمال إلاحصاء في البحوث النفسية والتربوية‬
‫الجامعية في الجيائر‪ .‬وبهذا تكون هذت الدراسة قد أجابم عن أسئلتها وحققم أهدافها‪.‬‬
‫وبعد ما ورد في هذت الدراسة‪ ،‬أقترح التوصيات التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬الاهتمام باالتجات السيكومتري وطرقه في البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬إعطاء أهمية للحصاء بصفته أحد فنون البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ .3‬الاهتمام بالتمكن في إلاحصاء معرفة وممارسة‪.‬‬

‫‪488‬‬
‫‪ .4‬العمل على تكوين الباحثين في استعمال إلاحصاء منذ مرحلة الدراسة الجامعية‬
‫ألاولى‪.‬‬
‫‪ .5‬التركيز على تكوين الطالب الباحثين في أساليب استعمال إلاحصاء في البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ .6‬التدريب على الكتابة ألاكاديمية لألطر النظرية للبحوث‪.‬‬
‫‪ .7‬لفم انتبات ألاساتذة املشرفين إلى توخي الجدية في متابعة وتكوين الباحثين املبتدئين‪.‬‬
‫‪ .8‬التدريب على عرض ومناقشة نتائج البحوث‪.‬‬

‫‪489‬‬
490
‫مراجع الفصل الثالث عشر‬
‫‪ 1‬ـ ج‪ .‬ملتون سميث (‪ .) 1970‬الدليل إلى إلاحصاء في التربية وعلم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬إبراهيم‬
‫بسيوني عميرة (‪ .)1985‬الطبعة الثانية‪ .‬دار املعارل بمصر‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ دوجالس ماكنتوم (‪ .)1967‬إلاحصاء للمعلمين‪ .‬ترجمة ‪ :‬إبراهيم بسيوني عميرة (‪.)1989‬‬
‫الطبعة الخامسة‪ .‬دار املعارل بمصر‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ كريا الشربي ي (‪ .)1990‬إلاحصاء الالبارامتري في العلوم النفسية والتربوية والاجتماعية‪.‬‬
‫مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ صفوت فرج (‪ .)1989‬القياس النفس ي‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ عبد الرحمن عدس (‪ .)1982‬مبادئ إلاحصاء في التربية وعلم النفس ‪ :‬مبادئ إلاحصاء‬
‫الوصفي‪ .‬الجيء ألاول‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬منشورات مكتبة النهضة إلاسالمية ـ عمان ـ ألاردن‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ عبد الرحمن عدس (‪ .)1997‬مبادئ إلاحصاء في التربية وعلم النفس ‪ :‬إلاحصاء التحليلي‪.‬‬
‫الجيء الثاني الطبعة الثانية‪ .‬دار الفكر ـ عمان ـ ألاردن‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ عيو عفانة (‪ .)1996‬قوة كفاءة بعض الاختبارات إلاحصائية الالبارامترية مقابل الاختبار‬
‫إلاحصا ي البارامتري "ستيودنم" للعينات الصغيرة والكبيرة املرتبطة إحصائيا‪ .‬التقويم‬
‫والقياس النفس ي والتربوي العدد السابع‪ .‬كلية التربية ـ غية بفلسطين‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ فاروق السيد عثمان (‪ .)1990‬دراسة مقارنة بين الاختبارات البارامترية والاختبارات‬
‫الالبارمترية‪ .‬مجلة كلية التربية باملنصورة‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق (‪ .)1991‬مناهج البحث وطرق التحليل إلاحصا ي في العلوم‬
‫النفسية والتربوية والاجتماعية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ فؤاد البهي السيد (‪ .)1979‬علم النفس إلاحصا ي وقياس العقل البشري‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫الفكر العربي‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ ليونا تايلر (‪ .)1983‬الاختبارات واملقاييس‪ .‬ترجمة ‪ :‬سعد عبد الرحمن‪ .‬مراجعة ‪ :‬محمد‬
‫عثمان نجاتي‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ محمد بونوارة خيار (‪ .)1996‬مبادئ إلاحصاء‪ .‬منشورات جامعة باتنة‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ محمود السيد أبو النيل (‪ .)1987‬إلاحصاء النفس ي والاجتماعي والتربوي‪ .‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ محمود عبد الحليم منس ى (‪ .)1980‬مقدمة في إلاحصاء النفس ي والتربوي‪ .‬دار املعارل‪.‬‬

‫‪491‬‬
‫‪ 15‬ـ ممدوح عبد املنعم الكناني (‪ .)2002‬إلاحصاء الوصفي والاستداللي في العلوم السلوكية‬
‫والاجتماعية‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬القاهرة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪.‬‬

‫‪492‬‬
‫الفصل الرابع عشر‬
‫مناهج البحث النفس ي بين التصنيفات وإلاجراءات ومالحظات أخرم‬

‫بسبب جهلنا املخجل بمناهج البحث العلمي النفس ي وإجراءاتها امليدانية‪ ،‬وارتكاب أخطاء‬
‫قاتلة ف ها‪ ،‬ن رر ذلك بوجود وجهات نظر عديدة ف ها‪ ،‬ونقول ذلك بارتياح شديد‪ ،‬ألننا وجدنا‬
‫ما نغطي به جهلنا‪ ،‬ويريحنا من شعورنا بالذنب‪ ،‬وهنا ينبغي التمييز بين جانبين في مناهج‬
‫البحث النفس ي ‪:‬‬
‫ألاول ‪ :‬تصنيفات املناهج في البحوث النفسية‪ ،‬وهذت توجد ف ها وجهات نظر عديدة بين‬
‫املؤلفين في علم النفس والتربية‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬مناهج البحوث النفسية امليدانية‪ ،‬وهذت ال توجد وجهات نظر في إجراءاتها‪.‬‬

‫‪ )1‬بالنسبة لتصنيفات مناهج البحث النفس ي‬


‫هناك العديد منها في مؤلفات الباحثين؛ حيث هناك من صنفها إلى مجموعتين‪ ،‬هما ‪:‬‬
‫‪ .1‬املناهج الوصفية‪ ،‬وتتضمن ‪ :‬املناهج الاستكشافية‪ ،‬واملناهج الارتباطية‪ .2 .‬املناهج‬
‫التفسيرية‪ ،‬وتتضمن ‪ :‬التجريبي وشبه التجريبي‪( .‬عبد الحليم محمود السيد وآخرون‪.)1990 ،‬‬
‫وهناك من صنفها إلى خمس مناهج‪ ،‬وأطلق عل ها بحوث‪ ،‬وهي ‪ :‬البحث التجريبي‪ ،‬البحث‬
‫ّ‬
‫العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬البحث الارتباطي‪ ،‬البحث املسحي‪ ،‬البحث النوعي والتاريخي‪( .‬دونالد آري‪،‬‬
‫لوس ي شيزر جاكوبس‪ ،‬أسغار را افيه‪.)2004 ،‬‬
‫وهناك من صنفها إلى ‪ :‬املنهج الوصفي املسحي‪ ،‬املنهج الوصفي الواائقي‪ ،‬املنهج الوصفي‬
‫الحقلي‪ ،‬املنهج الوصفي بتحليل املحتوم‪ ،‬املنهج الوصفي السببي‪ /‬املقارن‪ ،‬املنهج الوصفي‬
‫الارتباطي‪ ،‬املنهج الوصفي التتبهي‪ ،‬املنهج التاريخي‪ ،‬املنهج التجريبي‪( .‬صالح بن حمد‬
‫العسال‪.)1995 ،‬‬
‫وهناك من صنفها إلى أكثر من ذلك‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫أ) التصنيف حسب اليمن‪ ،‬ويتضمن ‪ .1 :‬املنهج التاريخي (في املاض ي)‪ .2 .‬املنهج الام ريقي‬
‫(في الحاضر)‪ .3 .‬منهج البحوث املستقبلية (في املستقبل)‪.‬‬
‫ب) التصنيف حسب حجم املبحواين‪ ،‬ويتضمن ‪ .1 :‬دراسة الحالة‪ .2 .‬دراسة العينة‪.3 .‬‬
‫دراسة ألاصول الكلية‪.‬‬

‫‪493‬‬
‫ج) التصنيف حسب درجة التحكم في املتغيرات‪ ،‬ويتضمن ‪ .1 :‬منهج املتغير البعدي‪.2 .‬‬
‫املنهج الارتباطي‪ .3 .‬املنهج التجريبي‪ .4 .‬املنهج شبه التجريبي‪.‬‬
‫د) التصنيف حسب أهدال الدراسة‪ ،‬ويتضمن ‪ .1 :‬املنهج الوصفي‪ .2 .‬املنهج التفسيري‪.‬‬
‫‪ .3‬املنهج التحكمي‪( .‬فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق‪.)1991 ،‬‬

‫‪ )2‬بالنسبة للجراءات املنهجية في البحوث امليدانية‬


‫وهذت ال توجد ف ها وجهات نظر‪ ،‬فهي نفس إلاجراءات ونفس الطرق‪ ،‬وينبغي أال يحيد‬
‫عنها الباحثون‪ ،‬فهي قواعد وأساليب وإجراءات صارمة واابتة‪ ،‬بحيث ال يدخل أي إنتاج‬
‫أكاديمي خانة العلم إال باتباعها والتقيد بها‪ ،‬وتنطبق على كل عناصر البحث امليداني‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬تحديد مشكلة البحث وأسئلته وفروضه‪ .2 .‬كتابة إلاطار النظري ونتائج الدراسات‬
‫السابقة‪ .3 .‬منهج البحث املـالئـم‪ .4 .‬تحديد مجتمع البحث‪ .5 .‬طريقة سحب عينة البحث‪.‬‬
‫‪ .6‬أدوات وطرق جمع البيانات‪ .7 .‬طبيعة املتغيرات‪ .8 .‬املعالجات إلاحصائية للبيانات‪.9 .‬‬
‫طرق عرض النتائج‪ .10 .‬مناقشة نتائج البحث‪ .11 .‬العائد من نتائج البحث‪.‬‬
‫إن إلاجراءات في العناصر إلاحدم عشر السابقة‪ ،‬ينبغي أال يحيد عنها أي باحث‪ ،‬بدعوم‬
‫استعمال وجهة نظرت‪ .‬إليكم ألامثلة آلاتية ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ إذا كانم مصادر مشكلة البحث االاة (وهذا ينطبق كذلك على أسئلة البحث‬
‫وفروضه)‪ ،‬وهي ‪ .1 :‬نظرية البحث‪ .2 .‬نتائج الدراسات السابقة‪ .3 .‬النشاطات في الحياة‬
‫العملية‪ ،‬هل تحافظ على قيمتها العلمية كمشكلة بحث جديرة بالتناول‪ ،‬إذا استعمل الباحث‬
‫وجهة نظرت‪ ،‬وصاغها من ال مصدر ؟‬
‫‪ 2‬ـ إذا كانم شروط املنهج التجريبي‪ ،‬االاة‪ ،‬وهي ‪ :‬الضبط التجريبي‪ .‬واملعالجة التجريبية‪.‬‬
‫وقياس ألاار في املتغير التابع‪ .‬سيفقد املنهج التجريبي هويته‪ ،‬إذا استعمل أحد الباحثين وجهة‬
‫نظرت وتخلى عن شرط من شروطه الثالاة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وإذا كان من شروط البحوث الارتباطية‪ ،‬أن يتراوح حجم العينة بين ‪ 50 :‬ـ ‪ 90‬مفردة‪،‬‬
‫فال تكون نتيجة البحث صحيحة‪ ،‬ومحل اقة‪ ،‬إذا استعمل الباحث وجهة نظرت‪ ،‬وسحب‬
‫عينة يقل حجمها عن ‪ 30‬فردا‪ ،‬أو يتعدي مئة فرد‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وإذا كان متغير أو متغيرات البحث كمية (تقاس)‪ ،‬ستفقد نتائج البحث صحتها إذا‬
‫استعمل الباحث وجهة نظرت وتعامل معها كيفيا‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 5‬ـ وإذا اس ـت ـع ـمل الباح ـث أي ـضا وج ـه ـة نظرت ولم عرل بمجتمع الب ـح ـث‪ ،‬هل يمكن أن‬

‫‪494‬‬
‫تكون العينة جيدة‪ ،‬وقد فقدت املجتمع الذي سحبم منه‪ ،‬والذي ينبغي أن تمثله‪ ،‬وتعمم‬
‫نتائجها عليه ؟‬
‫‪ 6‬ـ وإذا استعمل الباحث وجهة نظرت‪ ،‬وتخلى عن حساب الشروط السيكومترية ألدوات‬
‫القياس‪ ،‬بطريقة إحصائية صحيحة‪ ،‬هل تكون نتائج البحث محل اقة ؟‬
‫‪ 7‬ـ وإذا تخلى الباحث عن التعامل مع العائد من البحث‪ ،‬وقدم بدال منه قوائم أو لوائح‬
‫بالتوصيات والاقتراحات‪ ،‬هل يمكن معرفة ما هي إسهامات البحث بالنسبة ملوضوعه؟‬
‫وعندما يتقيد الباحثون بإجراءات البحوث امليدانية‪ ،‬بصفتهم أهل تخص واحد‪ ،‬فهم‬
‫يتحداون ويتواصلون بلغة واحدة‪ ،‬ويتوصلون إلى فهم وحد‪ ،‬وعلم واحد‪ ،‬وإسهامات علمية‬
‫متناسقة‪ ،‬أما إذا كان لكل باحث وجهة نطر في منهج إنجا البحث النفس ي امليداني‪ ،‬فكيف‬
‫يفهمون بعضهم البعض ؟ وكيف يتعرفون على إسهامات بحوثهم ؟ وكيف تتم املقارنة بين‬
‫نتائج بحوثهم في موضوع واحد ؟ وكيف ساهمون في نمو العلم ؟ وكيف يمكن إعادة البحث‪،‬‬
‫في الدراسات التوكيدية؟‬
‫إذا كانم مناهج البحث تقوم على وجهة نظر الباحثين‪ ،‬فإن العلم والبحث العلمي‪ ،‬سول‬
‫يفقدان أهم خاصية لهما على إلاطالق‪ ،‬التي ال تقوم للعلم والبحث العلمي قائمة إال بالتقيد‬
‫بها‪ ،‬وهي املوضوعية‪ ،‬ألن "وجهة نظر" تع ي الذاتية‪ ،‬والذاتية ال تطور العلم‪ ،‬بل تؤخرت‬
‫وتلغيه‪.‬‬
‫إن املنهجية قواعد ومبادئ وإجراءات‪ ،‬قد يمدنا بها املنطق وفلسفة العلم‪ ،‬إن سؤال‬
‫البحث أو الفرضية‪ ،‬فإذا كان مصدرهما النظرية فهذا استنباط‪ ،‬وإذا كان مصدرهما نتائج‬
‫الدراسات السابقة‪ ،‬فهذا استقراء‪ ،‬والعينة‪ ،‬وهي جيء من كل‪ ،‬فهذا ع ي أن املعاينة‬
‫استقراء‪ ،‬كذلك‪.‬‬

‫‪ )3‬تسم مناهج البحوث امليدانية بإجراءاتها‬


‫عندما نمعن فكرنا في تسمية مناهج البحوث امليدانية في علم النفس والتربية‪ ،‬نعرل‬
‫أنها تسم وفق إجراءات البحث التي تؤدم في كل منهج؛ فاملنهج التجريبي‪ ،‬سم هكذا‪ ،‬ألن‬
‫ّ‬
‫إلاجراءات التي تؤدم عند تنفيذت تتعلق بإجراء تجربة‪ .‬والبحث العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬سم هكذا‪،‬‬
‫ألن إلاجراءات التي تؤدم عند تنفيذت تتعلق بإجراء مقارنة أو مقارنات بين العينات‪ .‬واملنهج‬
‫الارتباطي‪ ،‬سم هكذا‪ ،‬ألن إلاجراءات التي تؤدم عند تنفيذت‪ ،‬تتعلق بحساب معامالت‬
‫ارتباط بين املتغيرات‪ .‬ومنهج دراسة الحالة‪ ،‬سم هكذا‪ ،‬ن إلاجراءات التي تؤدم عند‬

‫‪495‬‬
‫تنفيذت تتعلق ببحث أو دراسة حالة‪ ،‬للتعرل على عوامل قلقها وصراعاتها‪ .‬واملنهج املسحي‪،‬‬
‫سم هكذا‪ ،‬ألن إلاجراءات التي تؤدم عند تنفيذت‪ ،‬تتعلق بعملية مسح واسعة تشمل عينات‬
‫كبيرة من ألاصل العام‪.‬‬

‫‪ )4‬مالحظات أخرم في مناهج البحث النفس ي‬


‫‪ 1‬ـ معرفة مستوم كل فرد في متغير البحث‪.‬‬
‫هناك إلحاح غريب من بعض الباحثين‪ ،‬ملعرفة طريقة التعرل على مستوم كل فرد في‬
‫متغير البحث‪ ،‬رغم أنهم يجرون بحواا على مجموعات‪ ،‬وليس على فرد واحد‪ ،‬فعندما يكون‬
‫البحث بطريقة املجموعات‪ ،‬مثل املقارنة بين الذكور وإلاناث في الشعور بالسعادة‪ ،‬فاملطلوب‬
‫هنا‪ ،‬هو القيام باملقارنة بين املجموعتين ب سلوب مقارنة مالئم وصحيح‪ ،‬وليس املطلوب هو‬
‫معرفة كم يوجد لدم كل فرد من املجموعتين من مشاعر السعادة‪ ،‬هل هي مشاعر مرتفعة‬
‫أو مشاعر منخفضة‪ ،‬وهذت املعرفة التي يلحون للحصول عل ها‪ ،‬ليسم مطلوبة في بحوث‬
‫املجموعات‪ ،‬أما طريقة الحصول على مستوم الفرد في خاصية سلوكية ما‪ ،‬فينبغي املرور‬
‫باملرجع املعياري‪ ،‬وهو أن تفسر الدرجة الخام للفرد املع ي‪ ،‬باستعمال الدرجات املشتقة من‬
‫الدرجات الخام للمجموعة التي أجابم معه على املقياس‪ ،‬والدرجات املشتقة هي املعايير‬
‫(وتشمل املتوسط الحسابي والانحرال املعياري‪ ،‬والدرجات املعيارية ب نواعها املختلفة)‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ معرفة مستوم كل مجموعة في متغير البحث‪.‬‬


‫وتذهب بنا املالحظة السابقة إلى الحديث عن ممارسات منهجية أخرم‪ ،‬وتدرج هي أيضا‬
‫ضمن "وجهة نظر"‪ ،‬وهي أنه عندما يكون هدل البحث وإجراءاته تتعلق باملقارنة بين‬
‫َ‬
‫مجموعتين أو أكثر‪ ،‬في خاصية سلوكية معينة‪ُ ،‬يطلب من الطالب‪ /‬الباحث‪ ،‬قبل إجرائه‬
‫للمقارنة‪ ،‬أن يحدد مستوم كل مجموعة في املتغير محل البحث‪ ،‬وهذا إجراء غريب‪ ،‬وغير‬
‫مطلوب‪( ،‬ولكنها وجهات نظر في املنهجية‪ ،‬كما أشرت)‪ .‬والش يء ألاكثر غرابة‪ ،‬أنه يتم الحصول‬
‫على املستوم املطلوب‪ ،‬باملقارنة بين متوسطين؛ أحدهما ام ريقي‪ ،‬تم الحصول عليه من‬
‫الدرجات الخام للعينة التي أجابم عن بنود املقياس‪ ،‬وآلاخر تم الحصول عليه من بنود نفس‬
‫املقياس‪ ،‬لكن لم يجب عن بنودت‪ ،‬باستعمال عدد بنودت وعدد بدائل إلاجابة‪ ،‬ويطلق عليه‪،‬‬
‫املتوسط الفرض ي‪ ،‬وهو متوسط وهمي‪ ،‬ال وجود له في الواقع‪ ،‬وهذا في الحقيقة عبث في‬
‫املنهجية‪ ،‬حين تتم املقارنة بين متوسط حسابي ام ريقي (واقهي) ومتوسط حسابي وهمي‪ ،‬وال‬

‫‪496‬‬
‫أدري كيف توصلوا إلى قيمة الانحرال املعياري للمتوسط الوهمي‪ ،‬وحدث أن قرأت مرجعا‬
‫في املقاييس والاختبارات النفسية‪ ،‬ملؤلف أردني‪ ،‬تحدث فيه عن املتوسط الفرض ي باستعمال‬
‫عدد بنود املقياس وعدد البدائل‪ ،‬فمثال؛ إذا كان املقياس يتكون من ‪ 30‬بندا‪ ،‬ويجاب عنها‬
‫ضمن بديلين ‪ :‬نعم‪ /‬ال‪ ،‬ويصحح بمنح درجة ‪ 1‬أو صفر‪ ،‬فإن املدم النظري للدرجات يقع بين‬
‫‪ :‬صفر ـ ‪ 30‬درجة‪ ،‬واملتوسط‪ ،‬هو ‪ 15 :‬درجة‪ّ ،‬‬
‫وأعد حاليا دراسة نقدية ملضمون هذا الكتاب‪.‬‬
‫واملثير لالنتبات هنا‪ ،‬ألي باحث‪ ،‬أن املتوسط الوهمي‪ ،‬هذا‪ ،‬يطلق عليه "متوسط فرض ي"‪،‬‬
‫وينبغي هنا أن نس ل ‪ :‬ما هي مصادر الفرض؟ هل هي الوهم ؟ إن الطريقة العلمية للحصول‬
‫على املتوسط الفرض ي‪ ،‬هي إما أن يضعه خ راء في املتغير محل البحث‪ ،‬أو يتحصل عليه‬
‫الباحث من نتائج الدراسات السابقة حول متغير البحث‪ ،‬لعينات لها نفس خصائ عينة‬
‫البحث الذي بصدد إنجا ت‪.‬‬
‫واليمالء الذين يطلبون من طالبهم إظهار مستوم كل عينة في متغير البحث‪ ،‬قبل إجراء‬
‫املقارنة‪ ،‬إنهم عتمدون على وجهة نظرهم‪ ،‬ولكن‪ ،‬ألم يالحظوا هذا املستوم بمجرد الحصول‬
‫على املتوسط الحسابي لكل مجموعة‪ ،‬ام يتعرفون عليه بمستوم دال عند املقارنة بين‬
‫املجموعتين أو بين املجموعات ب ساليب إلاحصاء الاستداللي ؟ إننا نمارس البحث العلمي‬
‫وعقولنا تائهة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ "النقد ضمير العلم"‪.‬‬


‫هذا منطوق "ضابط" جيد‪ ،‬والدراسات النقدية‪ ،‬هي التي تقف دائما وراء نمو املعرفة‬
‫ّ‬
‫العلمية وتطورها‪ .‬ملا ظهر علم النفس العلمي (التجريبي) في أملانيا‪ ،‬عام ‪ ،1879‬وتحدد‬
‫موضوعه في بناء الخ رة الشعورية (التي تتضمن ‪ :‬املعرفة والنزوع والوجدان)‪ ،‬ومنهجه هو‬
‫الاستبطان (أن يبحث الفرد داخل عقله‪ ،‬أو يفتش عقله)‪ ،‬تم استقباله بانتقادات كثيرة‪ ،‬في‬
‫املوضوع واملنهج‪ ،‬من علماء نفس آخرين شرقا وغربا‪ ،‬فظهر بفضل ذلك النقد‪ ،‬علم النفس‬
‫الجشطلتي‪ ،‬وعلم النفس السلوكي‪ ،‬وعلم التحليل النفس ي‪ ،‬وعلم النفس الوظيفي‪ ،‬فتطور‬
‫علم النفس ونما‪ ،‬وبفضل مواصلة النقد العلمي لكل ما يصدر من أفكار ونظريات وإجراءات‪،‬‬
‫ستمر تطور علم النفس‪ ،‬ولحماية النقد العلمي وضميرت‪ ،‬وضع العلماء مبدأ قويا وحا ما‬
‫هو ‪" :‬الطابع غير الشخ ي للعلم"‪ ،‬و ع ي أن الباحث أو املخترع أو املبدع أو الذي يضع‬
‫نظرية‪ ،‬أو يبدع مفهوما‪ ،‬من حقه أن سجل إنتاجه باسمه‪ ،‬وطول حياته‪ ،‬ولكن بمجرد‬
‫خروج هذا إلانتاج إلى العلن‪ ،‬وب ية طريقة؛ في أطروحة‪ ،‬أو في مقالة‪ ،‬أو في كتاب‪ ،‬أو في اختراع‪،‬‬

‫‪497‬‬
‫يفقد طابعه وملكيته الشخصية‪ ،‬ويصير ملكا للنسانية كلها‪ ،‬ويكون قابال للنقد واملراجعة؛‬
‫بالتصحيح والتعديل والتغيير والرفض وإلاضافة وغيرها‪ ،‬وال يجو لصاحبه أن عترض على‬
‫ذلك‪ ،‬ألنه إذا منع كل باحث وكل منظر‪ ،‬املساس بإنتاجه العلمي‪ ،‬ال يتطور العلم أبدا‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأدرجم هذت املالحظة‪ ،‬ألن هناك باحثين في جامعاتنا يرفضون ويتحرجون كثيرا من‬
‫املالحظات النقدية التي تقدم ألعمالهم البحثية‪ .‬والحقيقة‪ ،‬أن النقد ال يقدم إل هم‬
‫ك يخا ‪ ،‬بل يقدم ألعمالهم‪ ،‬وهناك فاصل واضح بين الشخ وما أنجيت‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ املعرفة العلمية نسبية‪.‬‬


‫ليس صحيحا أن نقول عن موضوع ما في علم النفس‪ ،‬أو في أي علم آخر‪ ،‬أنه مستهلك‪،‬‬
‫ولم يبق ما يبحث فيه‪ ،‬فاملعرفة العلمية ليسم يقينية‪ ،‬بل نسبية‪ ،‬فكل بحث يجرم إال‬
‫ويكتشف جانبا منها فقط‪ ،‬وتبق جوانب أخرم غامضة تحتاج إلى بحث متواصل لكشف‬
‫الستار عنها‪ ،‬وباستمرار‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ املجتمع والعينة‪.‬‬


‫كثيرا ما تحدد طبيعة املجتمع نوع املعاينة املمكنة واملتاحة‪ ،‬ففي بعض البحوث يكون‬
‫مجتمع البحث غير معرول؛ سواء من حيث حدودت‪ ،‬أو أماكن تواجد أفرادت؛ كاملدمنين في‬
‫مدينة باتنة‪ ،‬أو املسنين في مدينة سطيف‪ ،‬أو املطلقات في مدينة بسكرة‪ ،‬أو التالميذ الذكور‬
‫الذين يتسربون دراسيا في والية خنشلة‪ ،‬وعند البحث في هذت املجتمعات‪ ،‬يذكر الباحث أنه‬
‫سحب عينة بحثه بطريقة عشوائية‪ ،‬وهذا غير معقول أبدا‪ ،‬ألن العشوائية تقوم على معرفة‬
‫كل أفراد مجتمع البحث‪ ،‬وتسجيلهم ب سمائهم في قوائم‪ ،‬ام سحب عينة ممثلة لهم بطريقة‬
‫تجعل لكل فرد منهم نفس الفرصة لكي يكون ضمن العينة‪ ،‬واملجتمعات التي ذكرتها‪ ،‬في هذت‬
‫الفقرة‪ ،‬ال يمكن معرفتهم وتسجيلهم ب سمائهم‪ ،‬ألنها ال يمكن معرفة حدودها أو أماكن‬
‫تواجدها‪ ،‬إذن ال تصلح معهم عملية السحب العشوا ي للعينة‪ ،‬بل املعاينة الشبكية أي "كرة‬
‫الثلج"‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ غادرون تجنبا للنقد‪.‬‬


‫غادر بعض ألاساتذة املشاركين في امللتقيات بعد إلقاء مداخالتهم‪ ،‬هروبا من سماعهم‬
‫للنقد الذي قد يوجه لطرق إنجا هم لبحوثهم أمام طالبهم‪ ،‬إذن‪ ،‬ملاذا يحضر الطالب‬

‫‪498‬‬
‫امللتقيات العلمية ؟ وهذا في جامعاتنا فقط‪ ،‬فامللتقيات أو اللقاءات العلمية في الجامعات‪،‬‬
‫يطلق عل ها ‪" :‬برملانات العلماء"‪.‬‬
‫ملاذا يقحم طالب صغار‪ ،‬ما الوا في بداية الطريق‪ ،‬في قضايا معقدة‪ ،‬لم تصل عقولهم‬
‫إل ها بعد‪ ،‬وهي أك ر من فهمهم‪ ،‬فتمأل بهم مدرجات امللتقيات‪ ،‬و سمعون الانتقادات املوجهة‬
‫إلى أعمال أساتذتهم‪ ،‬فيضطر هؤالء إلى مغادرة امللتق ‪ ،‬وفي مقابل ذلك ال ستفيد الطالب‬
‫مما يقدم في هذت امللتقيات ؟ إن الطالب الجامهي‪ ،‬ماذا يريد بالضبط‪ ،‬فهو يريد تعليما‬
‫جيدا؛ من حيث كفاءة ألاساتذة‪ ،‬وانضباطهم‪ ،‬ويريد جودة املناهج التعليمية‪ ،‬وجودة‬
‫إلاشرال العلمي‪ ،‬وجودة التسيير‪ ،‬وجودة إلارشاد والتوجيه‪ ،‬إذا كان في حاجة إليه‪ ،‬ام يصعد‬
‫في ساللم املعرفة العلمية بتدرج‪ ،‬متجها إلى قمتها‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ مدرسة واحدة هي مجتمع البحث‪.‬‬


‫إن الباحث الذي يذكر أن مجتمع البحث هو متوسطة واحدة‪ ،‬يمكنه أن يبحث هذت‬
‫املتوسطة بمن ف ها وما ف ها‪ ،‬بمنهج دراسة الحالة‪ ،‬ألنه في دراسة الحالة‪ ،‬وكذلك‪ ،‬في دراسة‬
‫الفرد الواحد‪ ،‬ال شار إلى مجتمع البحث‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ الوصف بالعاملية‪.‬‬


‫يصف بعض الباحثين‪ ،‬في جامعاتنا‪ ،‬جامعات معينة ب نها عاملية‪ ،‬ويصفون كذلك أعماال‬
‫بحثية‪ ،‬أو اختبارات ومقاييس نفسية‪ ،‬ب نها تتوفر على معايير عاملية‪ ،‬لكن ما مع ى "عاملية" و‬
‫ما مع ى "معايير عاملية" وهل توجد بحوث غير عاملية‪ ،‬وهل توجد معايير غير عاملية‪ ،‬في ميدان‬
‫العلم والبحث العلمي ؟ توصف منظمة الصحة العاملية‪ ،‬ب نها عاملية (منظمة الصحة‬
‫العاملية)‪ ،‬ألن خدماتها الطبية من حق أي فرد على الكرة ألارضية أن تصل إليه و ستفيد‬
‫منها‪.‬‬
‫وعلى هذا املنوال‪ ،‬هل وصف بعض الجامعات‪ ،‬وأعمال علمية‪ ،‬واختبارات ومقاييس‬
‫نفسية‪ ،‬ب نها عاملية أو ذات معايير عاملية‪ ،‬يجعلها في متناول الفالح في اسكتلندا‪ ،‬والتاجر في‬
‫غرداية‪ ،‬وراعي الغنم في استراليا‪ ،‬ومهرب املخدرات في كولومبيا‪ ،‬ومعلم اليوغا في الهند‪،‬‬
‫وصانع البتزا في إيطاليا‪ ،‬ومصارع الثيران في اسبانيا‪ ،‬والعب كرة القدم في ال را يل ؟ إن البحث‬
‫العلمي ال يوصف بهذت ألالفاظ الفخمة الصارخة الالفتة لالنتبات‪ ،‬التي ال ستطيع قائلوها‬
‫تحديد معان ها‪ ،‬وال التعريف بالجهة التي وضعتها‪ .‬توصف الجامعة ب نها راقية في أبحاثها‬

‫‪499‬‬
‫العلمية‪ ،‬برقي أساتذتها‪ ،‬ورقي برامجها البحثية‪ ،‬ويوصف إلانتاج العلمي ب نه جيد من حيث‬
‫منهجه العلمي ونتائجه املفيدة نظريا وتطبيقيا‪ ،‬وتوصف الاختبارات واملقاييس النفسية‪،‬‬
‫ب نها ذات سمعة جيدة في قياس املتغيرات التي وضعم لقياسها‪.‬‬
‫إن البحث العلمي يمارس وفق أحكام وضوابط صارمة‪ ،‬تدعى مناهج البحث العلمي‪،‬‬
‫تؤدم وفق إجراءات بحثية ميدانية‪ ،‬أو غير ميدانية‪ ،‬محددة‪ ،‬ينبغي أن يلتزم بها كل باحث‪،‬‬ ‫َّ‬
‫إذا أراد أن يدرج بحثه ضمن خانة البحث العلمي الجيد‪ ،‬بغض النظر عن الجامعة التي‬
‫يقوم البحث على‬‫ينتمي إل ها‪ ،‬ويبحث ف ها‪ .‬وال توجد أحكام تقييمية عاملية‪ ،‬معايير أو غيرها‪ّ ،‬‬
‫يقوم البحث العلمي‪ ،‬بالجودة أو بالرداءة‪ ،‬من خالل اتباعه‬ ‫أساسها‪ ،‬إذا كان جيدا أو رديئا‪ّ ،‬‬
‫للمنهج العلمي الصحيح‪ ،‬ومن خالل الفائدة التي تج ى منه‪.‬‬
‫إن علم النفس‪ ،‬كغيرت من العلوم التي أنتجها العقل البشري‪ ،‬عت ر تخصصا له موضوع‬
‫محدد يتناوله بالبحث‪ ،‬وله علماء متخصصون في موضوعه‪ّ ،‬‬
‫ويحدد كل من املوضوع والعلماء‬
‫املتخصصين‪ ،‬هويته كعلم مستقل يتميز عن غيرت من العلوم ألاخرم‪.‬‬
‫لنلتزم بهوية العلم والبحث العلمي‪ ،‬ونصفه بما يالئم طبيعته وخصائصه‪ ،‬ونبتعد عن‬
‫ألاوصال التي ال تليق به‪ ،‬ون تي بها من خارجه‪.‬‬
‫ونفس هذا الاندفاع‪ ،‬الحظته كذلك لدم بعض اليمالء‪ ،‬الذين ينتقدون اختبارات‬
‫ومقاييس نفسية‪ ،‬ب نها غير صالحة‪ ،‬ألنها ال ت خذ خصائ املجتمع الجيائري بعين الاعتبار‪،‬‬
‫في الوقم الذي ال ستطيعون تحديد خصائ املجتمع الجيائري التي يتحداون عنها‪،‬‬
‫ويكتفون بإاارة هذت القضية‪ ،‬التي تثير بدورها حيرة وقلقا لدم الباحثين حديثي العهد‬
‫بالقياس النفس ي وناق ي الخ رة في هذا املجال‪.‬‬
‫ّ‬
‫ونتحمل مسؤلياتنا‪.‬‬ ‫علينا أال نتحدث إال بما نحسن‪،‬‬

‫‪ 9‬ـ املراهقة ليسم متغيرا بحثيا‪.‬‬


‫وفي ألاخير‪ ،‬أقول للباحثين الذين يدرجون املراهقة في بحوثهم التي تتناول أفرادا تكون‬
‫أعمارهم في هذت املرحلة‪ ،‬فيعرفونها إجرائيا‪ ،‬ويكتبون فصال كامال حولها (في بحوث‬
‫الدكتورات)‪ ،‬أقول لهم‪ ،‬إن الذي يبحث في هذت املرحلة‪ ،‬ليس هو املراهقة‪ ،‬بل هو "خصائ‬
‫ألافراد" الذين يوجدون عمريا في هذت املرحلة‪ ،‬ومن هذت الخصائ ‪ :‬تقدير الذات‪ ،‬مفهوم‬
‫الذات‪ ،‬التوجه نحو الاستقاللية‪ ،‬التوجه نحو املستقبل‪ ،‬التوجه نحو اختيار املهنة‪ ،‬قلق‬
‫املستقبل وغيرت من هذت الخصائ التي تبحث عادة لدم املراهقين‪ ،‬وليس مطلوبا وال مالئما‬

‫‪500‬‬
‫كتابة فصل كامل عن املراهقة‪ ،‬فهو عمل "نشا "‪ ،‬وال م رر له‪ ،‬وال يصح كذلك‪ ،‬تعريف‬
‫املراهقة إجرائيا‪ ،‬ألنها ليسم متغيرا كميا وال تقاس‪ ،‬وال مفهوما مجردا في بحث ميداني‪ ،‬أما‬
‫املكان‪ ،‬من تقرير البحث‪ ،‬الذي ينبغي إلاشارة فيه إلى املراهقة‪ ،‬هو مناقشة النتائج‪ ،‬حين يجد‬
‫الباحث ضمن نتائج بحثه‪ ،‬ما يتعلق بخصائ ألافراد في هذت املرحلة‪ ،‬فيقدم مساهمة‬
‫ّ‬
‫مصرية‪،‬‬ ‫علمية واضحة وبطريقة صحيحة‪( .‬حدث أن اطلعم على بحث عرفم فيه باحثة‬
‫كذلك‪ ،‬املراهقة تعريفا إجرائيا)‪ .‬وهناك فرق بين أن يذكر الباحث في عنوان بحثه لفظ‬
‫"املراهقة أو املراهق"‪ ،‬ويذكر في عنوان بحث آخر "تالميذ التعليم املتوسط" أو "تالميذ التعليم‬
‫الثانوي"‪ .‬ففي العنوان ألاول‪ ،‬يمكنه أن عرل املراهقة‪ ،‬ولكن ليس إجرائيا‪ ،‬ويتحدث عن‬
‫املراهق أو املراهقين‪ ،‬ليس كمفهوم فيعرفه‪ ،‬بل يتحدث عنه كعينة‪ ،‬أما في العنوان الثاني‬
‫فال يتحدث إطالقا عن املراهقة واملراهقين‪ ،‬إال عند مناقشة نتائج البحث‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ هل يمكن أن ينمو الذكاء بيئيا ؟‬


‫كان عنوان أطروحة الدكتورات‪ ،‬كما يلي ‪:‬‬
‫"الف ـرق بـيـن التـالم ـي ـذ الذي ـن الـت ـح ـق ـوا بال ـت ـع ـل ـي ـم ال ـت ـح ـض ـيـري والذي ـن لم يلتحـقوا به في‬
‫الذكاء اللغوي"‪.‬‬
‫ويمكن أن يكون عنوان ألاطروحة كما يلي ‪:‬‬
‫"الذكاء اللغوي ـ دراسة مقارنة بين التالميذ الذين التحقوا بالتعليم التحضيري والذين‬
‫لم يلتحقوا به"‪.‬‬
‫إن معرفة أار متغير أو وضع معين في متغير أو وضع آخر‪ ،‬بالطريقة العلمية‪ ،‬يتم من‬
‫خالل املقارنة‪ .‬والبحث السابق ذكر عنوانه‪ ،‬بحث مقارن‪ ،‬ويتوفر على متغيرين ‪ :‬أحدهما‬
‫مستقل وآلاخر تابع‪ .‬إن الالتحاق بالتعليم التحضيري متغير مستقل‪ ،‬وهو وضع بيئي‪ ،‬أما‬
‫الذكاء اللغوي فهو متغير تابع‪ .‬وتمم صياغة العنوان ألاول بالبدء باملتغير املستقل‪ ،‬ام املتغير‬
‫التابع‪ ،‬أما العنوان الثاني‪ ،‬فتمم صياغته بالبدء باملتغير التابع‪ ،‬ام املتغير املستقل‪ ،‬وهذان‬
‫ّ‬
‫هما تصميما املنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫إلى حد آلان‪ ،‬ألامور سليمة وتسير على ما يرام‪.‬‬
‫ولكن‪،‬‬
‫‪ 1‬ـ هل يكفي أن يكون هذا العنوان أطروحة دكتورات‪ ،‬وهو يتضمن متغيرين؛ أحدهما‬
‫كمي وآلاخر كيفي ؟‬

‫‪501‬‬
‫‪ 2‬ـ هل يمكن أن ينمو الذكاء‪ ،‬أو يحدث فيه تغيير‪ ،‬ملجرد تعرض الصغار لت اير بيئي‪،‬‬
‫كاملرور بمرحلة التعليم التحضيري ؟‬
‫منذ أن بدأ علماء النفس يبحثون في الذكاء‪ ،‬بداية القرن العشرين‪ ،‬والجدل قائم بينهم‪،‬‬
‫حول مس لة شائكة‪ ،‬وهي ‪ :‬هل الذكاء وراثي أو بيئي ؟ ولالختصار‪ ،‬فقد استقر ألامر‪ ،‬إلى حد‬
‫كبير‪ ،‬على أن الذكاء في معظمه وراثي‪ ،‬وال تضيف البيئة إليه إال شيئا قليال‪ .‬حتى أن البحث‬
‫في هذا املوضوع توقف‪ .‬وبناء على هذا ألاساس‪ ،‬فإن البحث في هذا املوضوع‪ ،‬ال جدوم منه‪.‬‬
‫وال يقدم شيئا جديدا‪ ،‬وذا فائدة‪ .‬وألافضل‪ ،‬البحث في آاار آخرم يحدثها الالتحاق بالتعليم‬
‫التحضيري في السلوك‪ ،‬مثل جوانب التوافق املدرس ي والتوافق الاجتماعي‪ ،‬واكتساب مهارات‬
‫اجتماعية أو تواصلية‪ .‬أو مهارات القراءة والكتابة‪.‬‬
‫إنه‪ ،‬وقبل البدء في البحث النفس ي‪ ،‬ينبغي الاطالع على حقائق علم النفس‪ ،‬التي تراكمم‬
‫لعقود من اليمن‪ ،‬وأخذها بعين الاعتبار‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫املراجع‬
‫‪ 1‬ـ دونالد آري‪ ،‬لوس ي شيزر جاكوبس‪ ،‬أسغار را افيه (‪ .)2004‬مقدمة للبحث في التربية‪.‬‬
‫ترجمة ‪ :‬سعد الحسي ي‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬دار الكتاب الجامهي ـ إلامارات العربية املتحدة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ صالح بن حمد العسال (‪ .)1995‬املدخل إلى البحث في العلوم السلوكية‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫الرياض‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد الحليم محمود السيد وآخرون (‪ .)1990‬علم النفس العام‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫مكتبة غريب‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ فؤاد أبو حطب‪ ،‬آمال صادق (‪ .)1991‬مناهج البحث والتحليل إلاحصا ي في البحوث‬
‫النفسية والتربوية والاجتماعية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬

‫‪503‬‬
504
‫الفصل الخامس عشر‬
‫دور املقارنات بين ألافراد واملجموعات ملعرفة مستوياتهم‬
‫في الخصائ النفسية‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫تجرم بحوث ميدانية‪ ،‬شرقا وغربا‪ ،‬في مستويات؛ الليسانس‪ ،‬واملاستر‪ ،‬والدكتورات‪،‬‬
‫وبحوث الترقية‪ ،‬بهدل معرفة "مستوم" خاصية نفسية معينة‪ ،‬لدم عينة سحبم من‬
‫مجتمع معين‪ ،‬وفيما يلي أمثلة لعناوين هذت البحوث ‪" :‬مستوم الاحتراق النفس ي لدم‬
‫املرشدين التربويين"‪" ،‬مستوم الرضا املنهي لدم معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة"‪" ،‬مستوم‬
‫الذكاء الوجداني لدم مديري املدارس الثانوية"‪ .‬وملعرفة مستوم الخاصية النفسية‪ ،‬تسحب‬
‫عينة واحدة‪ ،‬تعالج بياناتها بمقارنة متوسط حسابي تجريبي‪ ،‬تم الحصول عليه من درجات‬
‫تلك العينة‪ ،‬بمتوسط حسابي فرض ي (ليس له عينة)‪ ،‬يؤت به بقسمة عدد بنود املقياس‬
‫املستعمل في البحث (لم يجب عن بنودت) على اانين‪ ،‬وناتج القسمة هو املتوسط الحسابي‬
‫الفرض ي‪ ،‬فمثال‪ ،‬إذا كان عدد بنود املقياس ‪ 30‬بندا‪ ،‬يجاب عنها ضمن بديلين هما ‪ :‬نعم‪/‬‬
‫ال‪ ،‬وتتراوح الدرجة النظرية الكلية الخام عليه بين ‪ :‬صفر ـ ‪ 30‬درجة‪ ،‬فإن قسمة ‪= 2 ÷ 30‬‬
‫‪ ،15‬وهو املتوسط الحسابي الفرض ي‪ .‬وإذا كان هذا املقياس نفسه يجاب عنه ضمن االاة‬
‫بدائل‪ ،‬تعط درجات ‪ :‬صفر‪ .2 ،1 ،‬فتتراوح الدرجة النظرية الكلية الخام بين ‪ :‬صفر ـ ‪،60‬‬
‫فإن قسمة ‪ ،30 = 2 ÷ 60‬وهو املتوسط الحسابي الفرض ي‪.‬‬
‫واملقارنة بهذت الطريقة خاطئة‪ ،‬وعبث صريح بالبحث العلمي‪ .‬لنتابع ما ي تي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 1‬ـ إن املتوسط الحسابي الفرض ي‪ ،‬ستعمل في البحث النفس ي‪ ،‬ولكن ُ عدت خ راء في‬
‫متغير البحث (لو س ترمان خبير في الذكاء‪ ،‬آرون ت‪ .‬بيك‪ ،‬خبير في الاكتئاب‪ .‬جوليان ب‪ .‬روتر‪،‬‬
‫خبير في مصدر الضبط‪ .‬هاني ج‪ .‬أيينك‪ ،‬خبير في العصابية والانبساط‪ /‬الانطواء)‪ ،‬وال يحسب‬
‫من عدد بنود مقياس أصم أبكم‪ ،‬فهذا ليس متوسطا فرضيا‪ ،‬بل متوسطا وهميا‪ ،‬واملتوسط‬
‫الحسابي الفرض ي‪ ،‬هو أيضا كالفرض العلمي‪ ،‬الذي يخضع لالختبار العلمي‪ ،‬وال يوضع بهذت‬
‫الطريقة‪ ،‬أي ال ستنبط وال ستقرأ من ال ش يء‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إن مقارنة متوسط حسابي تجريبي بمتوسط حسابي تجريبي آخر‪ ،‬أو بمتوسطات‬
‫حسابية تجريبية أخرم‪ ،‬ع ي مقارنة ما يتوفر لدم إحدم العينتيـن أو أكثـر‪ ،‬بما يتوفر لدم‬

‫‪505‬‬
‫العينة أو العينات ألاخرم‪ ،‬من نفس الخاصية النفسية (السلوك)‪ ،‬محل البحث‪ ،‬وهذا ال‬
‫يتحقق باستعمال املتوسط الحسابي الفرض ي الذي لم ستخرج من درجات أي عينة‪ .‬إن‬
‫مقارنة متوسط حسابي تجريبي‪ ،‬بمتوسط حسابي فرض ي معنات مقارنة خاصية نفسية بال‬
‫ش يء‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ إن الخصائ النفسية (السلوك)؛ كالذكاء أو الدافعية‪ ،‬أو الشعور بالسعادة‪ ،‬أو‬
‫الشعور بالي س‪ ،‬أو املستوم الاقتصادي‪ ،‬أو الاتجات نحو العمل السياس ي‪ ،‬أو امليول الدراسية‬
‫واملهنية‪ ،‬أو القلق‪ ،‬أو السيطرة‪ ،‬أو القيم‪ ،‬أو التفكير إلابداعي‪ ،‬أو الاتجات نحو آلاخرين‪ ،‬أو‬
‫تقدير الذات وغيرها‪ ،‬تتوفر لدم كل ألافراد وفق ‪ :‬مبدأ "التـو ع الاعتدالي" للخصائ‬
‫النفسية (السلوك)‪ ،‬أو "التو ع الطبيهي"‪.‬‬

‫مع ى "التو ع الاعتدالي"‪.‬‬


‫ع ي "التو ع الاعتدالي" للخصائ النفسية (السلوك)‪ ،‬ما ي تي‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أن الخاصية النفسية (السلوك) تتوفر لدم جميع ألافراد‪ ،‬بغض النظر عن العمر‬
‫والجنس واملهنة واملستوم الاقتصادي واملستوم التعليمي ومقر إلاقامة‪ ،‬وأي خاصية جسمية‬
‫أو عقلية أو نفسية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ توجد بين ألافراد واملجموعات فروق في جميع الخصائ النفسية (السلوك)‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 3‬ـ يتجمع أغلبية ألافراد في وسط التو ع‪ ،‬ويقلون في الاتجات نحو الطرفين‪ .‬أي يوجد‬
‫املتوسطون أو العاديون في الخاصية النفسية (السلوك)‪ ،‬في وسط التو ع‪ ،‬ويوجد كل من‬
‫املرتفعين واملنخفضين في الخاصية النفسية (السلوك) نفسها في طرفي التو ع‪ ،‬كما يبينه‬
‫منح ى التو ع الاعتدالي‪ ،‬في الشكل رقم (‪.)5‬‬

‫‪506‬‬
‫يبين الشكل رقم (‪ )5‬منح ى التو ع الاعتدالي‪ ،‬وتو ع نسب أفراد املجتمع‬
‫بين املتوسط الحسابي ‪ :‬صفر‪ ،‬والانحرافات املعيارية‪ ،‬ويبين املساحات بين الانحرافات‬
‫املعيارية املتتالية في اتجات ارتفاع الخاصية ‪ ،3+ ،2+ ،1+‬وفي‬
‫اتجات انخفاضها ‪.3- ،2- ،1-‬‬

‫قراءتان ملضمون منح ى التو ع الاعتدالي‪.‬‬


‫إذا كانم الخاصية النفسية (السلوك) محل التو ع الاعتدالي‪ ،‬في الشكل رقم (‪ ،)1‬هي‬
‫الشعور بالسعادة‪ ،‬مثال‪ ،‬هناك قراءتان ملضمون منح ى التو ع الاعتدالي‪ ،‬تكون كما ي تي ‪:‬‬

‫القراءة ألاولى وهي أقل تفصيال‪.‬‬


‫إن ألافراد الذين يقعون بين ‪ ،1- ،1+ :‬ونسبتهم املئوية في املجتمع تساوي ‪+ % 34.10 :‬‬
‫‪ ،% 68.20 = % 34.10‬هم العاديون أو املتوسطون في الشعور بالسعادة‪ ،‬ويمثلون معظم‬
‫أفراد املجتمع‪ .‬وألافراد الذين يقعون بين ‪ ،3+ ،1+ :‬ونسبتهم املئوية في املجتمع تساوي ‪:‬‬
‫‪ % 15.70 = % 2.10 + % 13.60‬هم املرتفعون في خاصية الشعور بالسعادة‪ .‬وألافراد الذين‬
‫يقعون بين ‪ ،3- ،1- :‬ونسبتهم املئوبة في املجتمع تساوي ‪،%15.70 = % 2.10 + % 13.60 :‬‬
‫هم املنخفضون في خاصية الشعور بالسعادة‪.‬‬

‫‪507‬‬
‫القراءة الثانية‪ ،‬وهي أكثر تفصيال للمساحات التي تم تحديدها باالنحرافات‬
‫املعيارية‪.‬‬
‫‪ .1‬في اتجات الارتفاع في مستوم الخاصية‪.‬‬
‫إن ألافراد الذين يقعون بين ‪ :‬صفر‪ ،1+ ،‬ونسبتهم املئوية في املجتمع تساوي ‪،% 34.10‬‬
‫هم فوق املتوسط في خاصية الشعور بالسعادة‪.‬‬
‫وألافراد الذين يقعون بين ‪ ،2+ ،1+ :‬ونسبتهم املئوية في املجتمع تساوي ‪ ،% 13.60‬هم‬
‫املرتفعون في خاصية الشعور بالسعادة‪.‬‬
‫وألافراد الذين يقعون بين ‪ ،3+ ،2+ :‬ونسبتهم املئوية في املجتمع تساوي ‪ ،% 2.10‬هم‬
‫املرتفعون جدا أو املتطرفون في خاصية الشعور بالسعادة‪.‬‬
‫‪ .2‬في اتجات الانخفاض في مستوم الخاصية‪.‬‬
‫إن ألافراد الذين يقعون بين ‪ :‬صفر‪ ،1- ،‬ونسبتهم املئوية في املجتمع تساوي ‪،% 34.10‬‬
‫هم تحم املتوسط في خاصية الشعور بالسعادة‪.‬‬
‫وألافراد الذين يقعون بين ‪ ،2- ،1- :‬ونسبتهم املئوية في املجتمع تساوي ‪ ،% 13.60‬هم‬
‫املنخفضون في خاصية الشعور بالسعادة‪.‬‬
‫وألافراد الذين يقعون بين ‪ ،3- ،2- :‬ونسبتهم املئوية في املجتمع تساوي ‪ ،% 2.10‬هم‬
‫املنخفضون جدا أو املتطرفون في خاصية الشعور بالسعادة‪.‬‬
‫مالحظة‪ .‬إن تو ع خاصية الشعور بالسعادة‪ ،‬على املجتمع‪ ،‬كما تبين في الشكل رقم‬
‫(‪ ،)1‬والقراءتين لتوضيحه‪ ،‬هو مثال نظري‪ ،‬وليس فعليا‪.‬‬

‫النفسية فقط‪.‬‬ ‫إن مبدأ "التو ع الاعتدالي" ال يتعلق بالخصائ‬


‫إن مبدأ "التو ع الاعتد الي"‪ ،‬ال يتعلق بالخصائ النفسية فقط‪ ،‬بل كل الظواهر‬
‫الطبيعية‪ ،‬وكل الكائنات‪ ،‬وكل املوجودات "تتو ع خصائصها اعتداليا"‪ .‬فلو نس ل‬
‫املتخصصين في ظاهرة ارتفاع ألاراض ي والجبال على مستوم سطح البحر‪ ،‬من املؤكد أن نجد‬
‫لديهم تصنيفا االايا لها؛ هناك جبال وأراض ي لها ارتفاع كبير‪ ،‬وجبال وأراض ي لها ارتفاع‬
‫متوسط‪ ،‬وجبال وأراض ي لها ارتفاع منخفض‪ .‬وألاسماك والحيتان في البحار وفي املحيطات‪،‬‬
‫تتو ع اعتداليا‪ ،‬من أضخمها حجما‪ ،‬إلى متوسطها حجما‪ ،‬إلى أصغرها حجما‪ ،‬والحيوانات‬
‫في ال ر تتو ع‪ ،‬كذلك اعتداليا في أطوالها وأحجامها‪ .‬والطيور والعصافير تتو ع كذلك‬
‫اعتداليا في جميع خصائصها؛ كاألحجام‪ ،‬وسرعة الطيران‪ .‬وألايجار في الجبال وفي البساتين‪،‬‬

‫‪508‬‬
‫تتو ع كذلك اعتداليا‪ ،‬في أطوالها وأحجامها‪ ،‬وتتو ع ألايجار املثمرة‪ ،‬كذلك‪ ،‬اعتداليا في‬
‫كميات ما تنتجه من امار‪ .‬والحجارة كذلك‪ ،‬تتو ع اعتداليا من أضخمها حجما إلى متوسطها‬
‫حجما‪ ،‬إلى أقلها حجما‪ .‬والنجوم في السماء‪ ،‬تتو ع اعتداليا‪ ،‬كذلك في أحجامها‪ .‬واملركبات‬
‫والسيارات‪ ،‬تتو ع‪ ،‬أيضا‪ ،‬اعتداليا في أحجامها‪ ،‬وسرعاتها‪ ،‬وقدراتها على الحمولة‪ .‬واملستوم‬
‫الاقتصادي (الغ ى‪ /‬الفقر) لألفراد واملجتمعات‪ ،‬يتو ع كذلك‪ ،‬اعتداليا؛ هناك مرتفعو‬
‫املستوم الاقتصادي‪ ،‬ومتوسطو املستوم الاقتصادي‪ ،‬ومنخفضو املستوم الاقتصادي‪،‬‬
‫وحتى البناءات‪ ،‬هناك بناءات عالية جدا (ناطحات السحاب‪ ،‬وبناءات متوسطة الارتفاع‪،‬‬
‫وبناءات منخفضة‪ ،‬ذات طابق واحد‪.‬‬
‫إن مبدأ "التو ع الاعتدالي"‪ ،‬خاصية طبيعية واابتة في كل ألاشياء والظواهر‬
‫واملخلوقات‪ ،‬واملوجودات‪ ،‬ومبدأ صادق وقوي‪ ،‬في كل العلوم الطبيعية‪ ،‬التي سبقم في‬
‫النشوء‪ ،‬العلوم الاجتماعية وإلانسانية‪ ،‬مثل علم النفس‪.‬‬

‫ما ألافكار إلابستمولوجية التي يمكن استنباطها من مبدأ "الخصائ‬


‫النفسية تتو ع اعتداليا"؟‬
‫يمكن استنباط عدد من ألافكار إلابستمولوجية‪ ،‬من مبدأ "الخصائ النفسية تتو ع‬
‫اعتداليا"‪ ،‬تجعل من ستوعبها قادرا على فهم طبيعة السلوك البشري‪ ،‬وبحثه وقياسه‬
‫وتفسيرت بطرق علمية صحيحة‪ .‬وفيما ي تي ألافكار إلابستمولوجية املستنبطة‪.‬‬
‫ذاتها‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ إن كل أبناء البشر يتوفرون على الخصائ النفسية ِ‬
‫‪ 2‬ـ توجد بين أبناء البشر في كل الخصائ النفسية فروق‪ ،‬حيث يتوفر كل فرد‪ ،‬أو كل‬
‫َ‬
‫مجموعة على ك ّم منها؛ منخفض أو متوسط أو مرتفع‪ ،‬ويتم تحديدت بطرق إحصائية وصفية‬
‫(مقاييس النزعة املركيية ومقاييس التشتم‪ ،‬كما هو مبين في الشكل رقم (‪.)1‬‬
‫‪ 3‬ـ إن املنهجية العلمية السليمة‪ ،‬للتعرل على ما يتوفر لدم كل فرد‪ ،‬أو لدم كل‬
‫مجموعة من الخاصية النفسية‪ ،‬هي إجراء مقارنات بين متوسطات حسابية تجريبية‪ ،‬وليسم‬
‫مستخرجة من مقاييس لم يجب عنها في تلك الخاصية النفسية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ إن الخصائ النفسية‪ ،‬بما أنها تتو ع اعتداليا‪ ،‬ال وجود لها خارج ذوات ألافراد‪،‬‬
‫وليسم مستقلة عنهم‪ ،‬فهي ُ‬
‫ذواتهم ُ‬
‫نفسها‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ إن الخاصية النفسية‪ ،‬ال وجود لها في الواقع الحس ي‪ ،‬إال ما ستدل عل ها من سلوك‬
‫ألافراد‪ ،‬ب سلوب املالحظة أو القياس‪.‬‬

‫‪509‬‬
‫‪ 6‬ـ إن الخصائ النفسية كمية‪ ،‬أي تقاس‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ إن الخصائ النفسية تتو ع اعتداليا‪ ،‬أي تتدرج من أقلها وجودا‪ ،‬إلى متوسطها‬
‫وجودا‪ ،‬إلى أكثرها وجودا‪ ،‬فمن الطبيهي قياسها بتدرج‪ ،‬كذلك‪ ،‬إذا كان القياس ب سلوب‬
‫التقرير الذاتي‪ ،‬توضع االاة بدائل‪ ،‬أو اختيارات‪ ،‬للجابات‪ ،‬تتدرج كما ي تي ‪ :‬ال‪ ،‬قليال‪ ،‬كثيرا‪.‬‬
‫وهي بدائل بسيطة‪ ،‬يفهمها جميع املفحوصين‪ ،‬من جميع ألاعمار أعلى من مرحلة الطفولة‪،‬‬
‫ومن جميع املستويات التعليمية أعلى من مرحلة التعليم الابتدا ي‪ .‬ويمكن توسيعها إلى أربعة‬
‫بدائل‪ ،‬هي ‪ :‬ال‪ ،‬قليال‪ ،‬متوسطا‪ ،‬كثيرا‪ .‬أو خمسة بدائل‪ ،‬هي ‪ :‬ال‪ ،‬قليال‪ ،‬متوسطا‪ ،‬كثيرا‪ ،‬كثيرا‬
‫جدا‪ .‬أما البدائل ألاخرم مثل ‪ :‬أبدا‪ .‬وأحيانا‪ ،‬وتنطبق وال تنطبق‪ .‬ودائما‪ ،‬التي ستعملها بعض‬
‫الباحثين‪ ،‬ليسم مقبولة‪ ،‬والحظم أن بعض املفحوصين ال يفهمونها‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ إن املقارنات التي تجرم بين ألافراد‪ ،‬أو بين املجموعات‪ ،‬في الخاصية النفسية‪ ،‬تتم‬
‫باستعمال بيانات ومعايير "تتعلق بالخاصية نفسها"‪ ،‬كاملتوسطات الحسابية والانحرافات‬
‫املعيارية‪ ،‬ملعرفة ما يتوفر منها لدم كل فرد‪ ،‬أو لدم كل مجموعة‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ 9‬ـ تفسر درجة الفرد على خاصية نفسية معينة‪ ،‬بمدم قربها من‪ ،‬أو بعدها عن معيار‬
‫جماعي مستخرج من املجموعة التي أدت معه على نفس الخاصية النفسية (باستعمال‬
‫متوسط حسابي تجريبي وانحرال معياري تجريبي)‪ .‬وتفسر درجة وجود خاصية نفسية معينة‬
‫لدم مجموعة معينة‪ ،‬بمقارنتها بدرجة وجود نفس الخاصية النفسية لدم مجموعة أخرم‬
‫أدت معها على نفس الخاصية (باستعمال إحصاءات استداللية للمقارنات؛ اختبار "ل"‪،‬‬
‫اختبار "ت"‪ ،‬اختبار "كا‪.)......"²‬‬
‫وآلان‪ ،‬أين هو املتوسط الحسابي الفرض ي (الخرافة)‪ ،‬من كل هذا‪.‬‬
‫إن مقارنة متوسط حسابي تجريبي‪ ،‬بمتوسط حسابي فرض ي (كما ستعمل في الكثير من‬
‫البحوث‪ ،‬كما أشرت)‪ ،‬معنات مقارنة خاصية نفسية بال ش يء‪( ،‬فاملقياس الذي لم يجب عن‬
‫بنودت‪ ،‬ليس سلوكا فعليا‪ ،‬بل هو مجرد عبارات صماء خرساء)‪ ،‬وهذا ال يتفق مع مبدأ‬
‫"الخصائ النفسية تتو ع اعتداليا"‪ ،‬وألافكار إلابستمولوجية املستنبطة منه‪.‬‬

‫أهمية مبدأ "السلوك يتو ع اعتداليا"‪.‬‬


‫ما شاء هللا‪ .‬إن مبدأ "التو ع الاعتدالي للظواهر وللخصائ النفسية"‪ ،‬را ع حقا‪،‬‬
‫ومفيد جدا‪ ،‬بفضله يفهم العلماء والباحثون الكثير من الحقائق عن خصائ الظواهر‬
‫واملخلوقات واملوجودات‪ ،‬وخصائ السلوك البشري‪ ،‬فعند ألاخذ بهذا املبدأ‪ ،‬يمكن إجراء‬

‫‪510‬‬
‫مقارنات كثيرة ناجحة‪ ،‬تسفر عن معلومات هامة وصحيحة عن طبيعة السلوك وحقائقه‪،‬‬
‫والفروق بين ألافراد واملجموعات‪ ،‬ك ن تجرم مقارنة بين مرتفهي املستوم الاقتصادي‬
‫ومنخفضيه في مشاعر السعادة‪ ،‬وتجرم مقارنة بين املتزوجين وغير املتزوجين في الرضا عن‬
‫الحياة‪ ،‬وتجرم مقارنات بين االث فئات عمرية في النظرة إلى املستقبل‪ ،‬وتجرم مقارنات بين‬
‫ذوي مستويات تعليمية مختلفة في مع ى الحياة وغيرها‪ ،‬وال يمكن إجراء هذت املقارنات‬
‫وغيرها‪ ،‬ب سلوب علمي صحيح‪ ،‬إال بفهم مبدأ "السلوك يتو ع اعتداليا"‪.‬‬

‫ال يمكن تقديم معرفة علمية صحيحة دون إجراء مقارنات‪.‬‬


‫إن البحوث التي تهدل إلى التعرل على مستوم خاصية نفسية معينة لدم عينة البحث‪،‬‬
‫ال تقدم معرفة علمية ذات مع ى دون إجراء مقارنات‪ .‬إن املعرفة السيكولوجية‪ ،‬نش ت من‬
‫خالل إجراء مقارنات بين ألافراد وبين املجموعات‪ ،‬في الخصائ النفسية‪ ،‬وتراكمم‪ ،‬ونمم‬
‫هكذا‪.‬‬
‫إن البحوث التي أتحدث عنها ‪ :‬تجرم ف ها املقارنة ملجموعة واحدة‪ ،‬دون أن تتعرض هذت‬
‫املجموعة ألي ت اير معين بين قياس قبلي وقياس بعدي‪ ،‬وبعدها تجرم املقارنة بين القياسين‪.‬‬
‫وتجرم ف ها كذلك‪ ،‬املقارنة لفرد واحد‪ ،‬دون أن يتعرض ألي ت اير معين بين قياس قبلي وقياس‬
‫بعدي‪ ،‬وبعدها تجرم املقارنة بين القياسين‪ .‬فالبحوث التي تجرم ب سلوب مجموعة (عينة)‬
‫واحدة‪ ،‬أو ب سلوب فرد واحد‪ ،‬خارج هذت املقارنات‪ ،‬ال تقدم معرفة علمية صحيحة‪.‬‬
‫إن منهجية املقارنة ال تتعلق بالفروق بين العينات‪ ،‬فقط‪ ،‬في الخصائ النفسية‪ ،‬بل‬
‫تمتد إلى معامالت الارتباط‪ ،‬كذلك‪ ،‬أين تجرم املقارنة بين تباي ي خاصيتين نفسيتين‪ ،‬بهدل‬
‫معرفة ما إذا كان بينهما تباين مشترك‪ ،‬أي ترتبط كل منهما باألخرم‪ ،‬أو ال يوجد بينهما تباين‬
‫مشترك‪ ،‬فكل خاصية نفسية مستقلة عن ألاخرم‪ .‬وبلغة أكثر وضوحا‪ ،‬إذا كان بين املتغيرين‬
‫أو أكثر اتساق في التغير الاقتراني‪ ،‬في الاتجات الطردي‪ ،‬وفي الاتجات العكس ي‪ ،‬أي عالقة خطية‪.‬‬
‫وال تجرم املقارنات كميا فقط‪ ،‬بل تكون كيفية‪ ،‬كذلك‪ ،‬وال تجرم املقارنات بين معلومات‬
‫وعينات في نفس البحث‪ ،‬فقط‪ ،‬كاملقارنة بين الذكور وإلاناث في مفهوم الذات‪ ،‬بل تجرم‬
‫كذلك بين نتائج في بحوث أخرم‪ ،‬قديمة أو حديثة‪ ،‬وتكون مماالة لها‪ ،‬أو قريبة منها‪ ،‬في‬
‫متغيراتها‪ ،‬وفي عيناتها‪ ،‬وفي منهجها‪ ،‬وفي أساليب جمع بياناتها‪ ،‬وفي أساليبها إلاحصائية‪.‬‬

‫‪511‬‬
‫البحث العيادي ومنهج املقارنة‪.‬‬
‫هل يمكن اعتبار نتائج الدراسات العيادية‪ ،‬علمية‪ ،‬في الوقم الذي ال تجرم ف ها أي‬
‫مقارنة صريحة بين النتائج املتعلقة باملفحو ‪ ،‬ونتائج ملفحوصين آخرين في املاض ي‪ ،‬أو في‬
‫الحاضر؟‬
‫إن الباحث العيادي‪ ،‬ستعمل أدوات معينة‪ ،‬ال تتعدم في معظمها املقابلة العيادية‬
‫والاختبارات إلاسقاطية‪ ،‬لجمع معلومات من املفحو ‪ ،‬ام ستدل منها ملعرفة مشكالت‬
‫املفحو وصراعاته ومخاوفه وحاجاته‪ ،‬دون أن يقارن ذلك ب ي معلومات من مفحو‬
‫آخر‪ ،‬في نفس البحث أو من بحوث أخرم‪.‬‬

‫ال يقدم املتوسط الحسابي علما صحيحا دون مقارنة‪.‬‬


‫هل يمكن أن يكون املتوسط الحسابي‪ ،‬الذي يتم استخراجه من الدرجات الفعلية‬
‫ملجموعة من ألافراد (متوسط حسابي تجريبي)‪ ،‬مؤشرا صحيحا على مستواهم في الخاصية‬
‫النفسية‪ ،‬محل البحث‪ ،‬دون إجراء مقارنة مع متوسط حسابي تجريبي آخر؟‬
‫كيف يمكن الحكم على مستوم عينة من الراشدين في الدافع إلى إلانجا ‪ ،‬ب نه مرتفع أو‬
‫متوسط أو منخفض‪ ،‬من متوسط حسابي تجريبي ساوي ‪ ،17.34‬دون مقارنته بمتوسط‬
‫حسابي آخر تجريبي‪ ،‬أيضا ؟‬
‫إن املتوسط الحسابي للعينة لخاصية نفسية‪ ،‬هو قيمة رقمية تستخرج من مجموعة‬
‫من الدرجات‪ ،‬تشمل الدرجات املنخفضة في املتغير‪ ،‬والدرجات املتوسطة والدرجات‬
‫املرتفعة‪ ،‬كيف يمكن الاستدالل على مستوم ألافراد في املتغير محل البحث من املتوسط‬
‫الحسابي لهذت الدرجات املتفاوتة انخفاضا وارتفاعا ؟ إن املنهج الصحيح هو مقارنة متوسط‬
‫حسابي تجريبي بمتوسط حسابي تجريبي آخر‪ ،‬أو مقارنة متوسطات حسابية تجريبية عديدة‪،‬‬
‫في نفس الخاصية النفسية (الدافع إلى إلانجا ‪ ،‬مثال)‪ ،‬عندئذ يظهر مستوم الخاصية لدم‬
‫كل مجموعة‪ ،‬من تلك املقارنة‪ .‬كاملقارنة بين الذكور وإلاناث‪ ،‬واملقارنة بين الناجحين‬
‫والراسبين‪ ،‬واملقارنة بين الانبساطيين والانطوائيين‪ ،‬واملقارنة بين ألاعمار‪ ،‬واملقارنة بين‬
‫ألاسوياء واملضطربين وغيرها‪ .‬وال يمكن‪ ،‬إطالقا‪ ،‬التعرل على مستوم خاصية نفسية خارج‬
‫هذا إلاجراء املنهجي‪ .‬إن مستوم أي خاصية نفسية‪ ،‬ال يتحدد بصورة صحيحة خارج املقارنات‬
‫بين البيانات التي يتم جمعها عن الخصائ النفسية للعينات‪.‬‬

‫‪512‬‬
‫كلمة "مستوم" في عنوان البحث فقط‪.‬‬
‫في البحوث التي تتناول التعرل على مستوم خاصية نفسية معينة‪ ،‬كالتي ذكرتها في‬
‫مستهل هذت الورقة‪ ،‬يتساءل املرء‪ ،‬فيقول ‪ :‬يا ترم‪ ،‬كيف تم قياس "املستوم ؟"‪ ،‬وكيف‬
‫تعرل أصحاب هذت البحوث على مستوم الخصائ النفسية التي تنالوها في بحوثهم ؟ وما‬ ‫ّ‬
‫املعرفة العلمية‪ ،‬التي سعون ضافتها بنتائج تلك البحوث ؟ وبعد قراءة محتويات تلك‬
‫البحوث‪ ،‬بهدل اكتساب خ رة منهجية منها‪ ،‬هناك طبعا مقدمة البحث وإلاطار النظري ونتائج‬
‫الدراسات السابقة‪ ،‬وهناك أسئلة البحث وفرضيات البحث‪ ،‬وتعريفات مفاهيم البحث‪،‬‬
‫وهناك نتائج البحث ومعالجات إحصائية وجداول وفروق ودالالت إحصائية‪ ،‬وهناك مناقشة‬
‫وتفسير النتائج‪ ،‬إال أن القارئ ال يجد في كل ما كتب ف ها أي ذكر لكلمة "مستوم"‪ ،‬إال ما ورد‬
‫في عنوان البحث‪.‬‬

‫النفسية‪.‬‬ ‫الفرق بين املعلومات في التحصيل الدراس ي والخصائ‬


‫إن املعلومات التي يتلقاها املتعلمون عند تلق هم للمقررات الدراسية‪ ،‬ويمتحنون ف ها؛‬
‫كاللغة والجغرافيا والعلوم وغيرها‪ ،‬توجد خارج ذواتهم‪ ،‬وتختلف عن الخصائ النفسية‪،‬‬
‫ألنها "معلومات" موضوعية‪ ،‬ومستقلة عن خصائ املتعلمين‪ .‬ولتفسيرها‪ ،‬أو معرفة مستوم‬
‫التحصيل ف ها لدم املتعلمين‪ ،‬توضع قيمة معينة‪ ،‬خارجية‪ ،‬ومستقلة عن أداء املتعلمين‪ ،‬كـ‬
‫"محك"‪ ،‬وتقارن بها درجات املتعلمين في التحصيل الدراس ي‪ ،‬فتوضع مثال‪ ،‬درجة ‪ 10‬كمحك‪،‬‬
‫ّ‬
‫تحصل‬ ‫ّ‬
‫تحصل من املتعلمين على درجة ‪ 10‬ف كثر‪ ،‬في الامتحانات‪ ،‬فهو ناجح‪ ،‬ومن‬ ‫فكل من‬
‫ّ‬
‫منهم على أقل من درجة ‪ 10‬فهو راسب‪ ،‬بغض النظر عما تحصل عليه مالؤت في نفس‬
‫الاختبار‪ ،‬وال يقارن بهم في النجاح وفي الرسوب‪ ،‬سواء ك فراد أو كمجموعات‪.‬‬
‫إن الحكم على مستوم أداء فرد‪ ،‬أو أداء مجموعة‪ ،‬انخفاضا أو ارتفاعا‪ ،‬يكون صحيحا‪،‬‬
‫عندما يكون له مؤشر اابم ومستقل عن خصائ الفرد أو خصائ املجموعة‪ ،‬مثل محك‬
‫‪ 10‬الذي ستعمل للحكم على نتائج املتعلمين في الاختبارات التحصيلية بالنجاح أو بالرسوب‪،‬‬
‫وهذا ال يتوفر للخصائ النفسية‪ ،‬ألنها ليسم معلومات موضوعية‪ ،‬بل خصائ نفسية‪،‬‬
‫ومشاعر وخ رات ذاتية‪ .‬إن املتوسط الحسابي‪ ،‬الذي ستخرج من درجات ألافراد‪ ،‬في‬
‫الخصائ النفسية‪ ،‬جماعي ومشترك ومعياري‪ ،‬وغير اابم‪ ،‬وليس مستقال عن ذوات ألافراد‬
‫أو املجموعات‪ ،‬وليس له محك‪ ،‬فالحكم الصحيح عليه يكون بإجراء مقارنة‪ ،‬ولكن ليس‬
‫بمتوسط حسابي فرض ي‪ ،‬الذي شاع استعماله‪ ،‬بل بمتوسط حسابي تجريبي‪.‬‬

‫‪513‬‬
‫إن املتوسط الحسابي خارج املقارنات بين املجموعات‪ ،‬ليس مؤشرا صحيحا للداللة على‬
‫مستوم وجود خاصية نفسية معينة‪.‬‬
‫تفسر الدرجات في الخصائ النفسية وفق املرجع املعياري‪ ،‬وهو جماعي‪ ،‬أما في‬
‫التحصيل الدراس ي فيفسر ألاداء الدراس ي وفق املرجع املحكي‪ ،‬وهو فردي‪.‬‬

‫هناك طريقة أخرم للمقارنات ب سلوب الدرجات الفاصلة‪.‬‬


‫يمكـن التعـرل عـلى عـدة مسـتـويات لخاصية نفسـية ما‪ ،‬بطـريقـة تتـفق مع مبدأ "تو ع‬
‫الخصائ النفسية اعتداليا"‪ ،‬حين يتناول البحث التعرل على نسبة الذين تكون الخاصية‬
‫السلوكية لديهم منخفضة‪ ،‬والذين تكون لديهم الخاصية السلوكية متوسطة‪ ،‬والذين تكون‬
‫لديهم الخاصية السلوكية مرتفعة‪ .‬تستعمل هذت الطريقة أسلوب الدرجات الفاصلة‪،‬‬
‫باستعمال املتوسط الحسابي والانحرال املعياري للعينة نفسها فقط‪ ،‬كما هو مبين في‬
‫الشكل رقم (‪ ،)1‬دون استعمال متوسط حسابي آخر يؤت به من درجات عينة أخرم‪.‬‬
‫وفيما ي تي مثال عل ها من بحث بعنوان ‪" :‬مدم انتشار مظاهرت الاكتئاب النفس ي بين‬
‫طالب الجامعة من الجنسين"‪.‬‬
‫كان ن إحدم الفرضيات كما يلي ‪:‬‬
‫"تتراوح نسبة انتشار الاكتئاب فوق املتوسط بين طلبة جامعة باتنة (عينة الذكور‪ ,‬عينة‬
‫إلاناث‪ ,‬العينة الكلية) حسب محك الدرجات الفاصلة املستعمل‪ ،‬بين ‪ % 10 :‬ـ ‪."% 14‬‬
‫وصيغم الفرضية هكذا‪ ،‬اعتمادا على نتائج الدراسات السابقة‪.‬‬
‫ُ‬
‫والختبار هذت الفرضية‪ ،‬استعملم أسلوب الدرجات الفاصلة‪ ،‬فاستخرجم املتوسط‬
‫الحسابي والانحرال املعياري لدرجات العينات الثالاة‪ ،‬كل عينة على حدة (عينة الذكور‪,‬‬
‫عينة إلاناث‪ ,‬العينة الكلية)‪.‬‬
‫كان حجم العينة الكلية هو ‪ 527 :‬طالبا وطالبة؛ منهم ‪ 217‬ذكرا و ‪ 310‬أنثى‪.‬‬
‫بلغ املتوسط الحسابي للدرجات املحصل عل ها للعينة الكلية ‪ ,10.41‬وانحرافها املعياري‬
‫‪.3.98‬‬
‫وباستعمال محك أسلوب الدرجات الفاصلة‪ ،‬قمم بجمع املتوسط الحسابي مع انحرال‬
‫معياري واحد‪ ،‬أي ‪ ،14.39 = 3.98 + 10.41‬أي ‪ 14‬بالتقريب‪ .‬وهؤالء هم فوق متوسطي‬
‫الاكتئاب‪ ،‬وتقع درجاتهم الخام بين ‪ 10 :‬ـ ‪.14‬‬

‫‪514‬‬
‫(وللحصول على مرتفهي الاكتئاب‪ ،‬قمم بجمع املتوسط الحسابي مع انحرافين‬
‫معياريين‪ ،‬أي ‪ ،18.37 = 7.96 + 10.41 :‬أي ‪ 18‬بالتقريب‪ .‬وتقع درجاتهم الخام بين ‪ 15 :‬ـ ‪.)18‬‬
‫(وللحصول على املرتفعين جدا في الاكتئاب‪ ،‬قمم بجمع املتوسط الحسابي مع االاة‬
‫انحرافات معيارية‪ ،‬أي ‪ .22.35 = 11.94 + 10.41 :‬أي ‪ 22‬بالتقريب‪ .‬وتقع درجاتهم الخام بين‬
‫‪ 19 :‬ـ ‪.)22‬‬
‫إذن‪ ،‬فاألفراد فوق متوسطي الاكتئاب‪ ،‬هم من حصلوا على درجات خام تتراوح بين ‪10 :‬‬
‫إلى ‪.14‬‬
‫وانطبق هذا املحك على ‪ 71‬فردا من العينة الكلية (ذكور وإناث)‪ .‬أي بنسبة ‪% 13.47‬؛‬
‫منهم ‪ 51‬إناث بنسبة ‪ .% 9.68‬و ‪ 20‬ذكورا‪ ،‬بنسبة ‪ .% 3.80‬أي أن نسبة إلاناث إلى الذكور في‬
‫الاكتئاب هي ‪.1 : 2.55 :‬‬
‫أما نسبة متوسطي الاكتئاب من الذكور بالنسبة لعينتهم‪ ،‬ن = ‪ ،217‬فكانم ‪.% 9.22 :‬‬
‫بينما نسبة متوسطات الاكتئاب من إلاناث في عينتهن ن = ‪ ،310‬فكانم ‪( .% 16.45 :‬معمرية‪،‬‬
‫بشير‪ 141 ،2000 ،‬ـ ‪.)142‬‬
‫وهذت أيضا مستويات متفاوتة لخاصية الاكتئاب‪ ،‬تم بحثها بطريقة سيكومترية صحيحة‬
‫تماما‪.‬‬

‫وأخيرا‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن الباحثين الذين تعلموا‪ ،‬خط ‪ ،‬طرقا للبحث النفس ي أو التربوي‪ ،‬عن طريق السماع‪،‬‬
‫أو املشاهدة‪ ،‬ومارسوها‪ ،‬واطم نوا إل ها‪ ،‬قد ال يبالون‪ ،‬حين يقال لهم إن الطريقة التي يبحثون‬
‫بها‪ ،‬وألفوها‪ ،‬غير صحيحة‪ .‬ألنهم‪ ،‬مع ألاسف‪ ،‬ال ّ‬
‫يهتمون‪ ،‬وال يريدون أن يتعلموا املنهج العلمي‬
‫الصحيح‪ ،‬بل يكتفون بما سمعوت أو شاهدوت‪ ،‬مرة واحدة‪ ،‬وتوقفوا عندت‪ .‬وإذا حدث أن تم‬
‫لفم انتباههم إلى املنهجية الصحيحة‪ ،‬أبدوا تنكرا وإنكارا‪ ،‬واستمروا في ممارسة الخط ‪.‬‬
‫وابته‪ ،‬غياب دافعية إلاتقان في معظم ألانشطة املنتجة‪ ،‬وغياب‬ ‫وساعد على هذا الوضع ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتخلي الشيوخ عن البحث العلمي‪ ،‬وتولي الطالب في جميع مراحل‬ ‫اقافة الجودة في املجتمع‪ِ ،‬‬
‫التعليم الجامهي؛ الليسانس‪ ،‬املاستر‪ ،‬الدكتورات‪ ،‬قيادة البحث العلمي‪ ،‬وممارسته وإنتاجه‪.‬‬
‫وال يصلح البحث العلمي‪ ،‬والحال هذت‪ ،‬أبدا‪ ،‬وال يصلح أي نشاط منتج قبله أو بعدت‪.‬‬

‫‪515‬‬
516
‫املرجع‬
‫معمرية‪ ،‬بشير (‪ .)2000‬مدم انتشار الاكتئاب النفس ي بين طلبة الجامعة من الجنسين‪ .‬مجلة‬
‫علم النفس‪ .)53( ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة املصرية العامة للكتاب‪.‬‬

‫‪517‬‬
518
‫الفصل السادس عشر‬
‫كارل بوبر والاستقرائيون‪ ،‬و "فرضية ضربة الجن" واملوضوعية‬
‫والذاتية في العلم‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫إن فالسفة العلم؛ من فالسفة‪ ،‬وعلماء فيزياء‪ ،‬وعلماء رياضيات‪ ،‬وعلماء اجتماع‪ ،‬هم‬
‫الذين أسسوا ملناهج البحث العلمي‪ .‬كانوا يفكرون ب سلوبي الاستدالل؛ الاستقراء‬
‫والاستنباط‪ ،‬منذ عصور إلاغريق‪ ،‬مرورا بعصور املسلمين‪ ،‬فالعصور ألاوروبية املتعاقبة إلى‬
‫غاية القرن العشرين‪ .‬وكانم املناقشات إلابستمولوجية لت سيس مناهج البحث العلمي‪،‬‬
‫تجرم حول أي من التفكيرين الاستدالليين‪ ،‬أكثر نجاعة نتاج املعرفة العلمية‪ ،‬وبناء‬
‫النظريات العلمية‪ ،‬فكان البعض يفكرون استنباطيا‪ ،‬والبعض آلاخر يفكرون استقرائيا‪،‬‬
‫وعدوا الاستقراء أساس املنهج التجريبي‪ ،‬أما الاستنباط‪ ،‬فهو منهج العلوم الصورية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫كالرياضيات واملنطق‪ ،‬وهذت العلوم ال تضيف شيئا للواقع‪ ،‬بل تضبط الفكر من الوقوع في‬
‫أخطاء‪ .‬ويقوم الاستنباط على الانتقال من قضية عامة‪ ،‬أو فكرة عامة‪ ،‬صادقة‪ ،‬ستدل منها‬
‫على معارل جيئية‪ ،‬تنتمي بالضرورة إل ها‪ .‬أما الاستقراء‪ ،‬فيسير في طريق معاكس‪ ،‬يبدأ‬
‫بمالحظة حقائق جيئية‪ ،‬ستدل منها على قضية عامة‪ ،‬أو نظرية‪ .‬وظل الت كيد لدم البعض‬
‫من فالسفة العلم‪ ،‬والباحثين‪ ،‬على دور الاستقراء في البحث العلمي التجريبي‪ ،‬إلى غاية سنة‬
‫‪ ،1919‬حين ظهر فيلسول العلم‪ ،‬النمساوي‪ /‬كارل بوبر (‪ ،)1994 – 1902‬الناقد العنيد‬
‫والشرس‪ ،‬الذي شن هجوما ال هوادة فيه على الاستقراء‪ ،‬الذي ال ينتج‪ ،‬في نظرت‪ ،‬معرفة‬
‫علمية يقينية اابتة‪ّ ،‬‬
‫وعدت خرافة‪.‬‬

‫مثال طريف‪.‬‬
‫ولتوضيح اختالل إبستمولوجية بوبر عن إبستمولوجية الاستقرائيين في إنتاج املعرفة‬
‫العلمية‪ ،‬إليكم املثال الطريف التالي‪ ،‬الذي حدث فعال‪ ،‬ورأيم أنه يصلح للهدل الذي أسهى‬
‫إليه‪.‬‬
‫فتاة ترعى أغنام أسرتها في أحد ألاريال الجبلية‪ ،‬يقع في عمق جبال ألاوراس‪ ،‬وفي منحدر‬
‫بمكان مرعاها‪ ،‬يوجد منبع ما ي‪ ،‬تتدفق مياهه بغيارة في العام الذي يجود فيه فصل الشتاء‬

‫‪519‬‬
‫بتهاطل ألامطار والثلوج‪ ،‬وتقل في العام الذي شح تهاطلها‪ ،‬وهذا املنبع معرول لدم سكان‬
‫تلك املنطقة‪ ،‬واملسافرين الراجلين‪ ،‬الذين يمرون في طريق عمومي قديم‪ ،‬يوجد بالجهة‬
‫الغربية للمنبع‪ .‬ويطلقون على ذلك املنبع املا ي‪ ،‬باللغة ألاما غية‪ /‬الشاوية "ااعوينم م ا رل‬
‫ⴼⴻⵔⵥⴰ ⵎ ⵜⵏⵉⵡⵄⴰⵝ" أي عين الفضة‪ ،‬مياهه جبلية عذبة‪ ،‬ت رد في فصل الصيف‪ ،‬وتدف‬
‫ُ‬
‫في فصل الشتاء‪ ،‬وكثيرا ما شربم منه‪ ،‬عندما أكون مسافرا من ذلك الطريق‪ .‬و طفاء عطشها‬
‫في حر فصل الصيف‪ ،‬شربم الفتاة من ماء ذلك املنبع‪ ،‬ومساء‪ ،‬عند بداية الليل‪ ،‬ظهرت‬
‫حم ‪ ،‬الرغبة في القيء‪ ،‬فتساءل أفراد أسرتها‪ ،‬عن سبب‬ ‫عل ها ألاعراض التالية ‪ :‬صداع‪ّ ،‬‬
‫هذت ألاعراض‪ ،‬فطرحوا عل ها بعض ألاسئلة ‪ :‬ماذا أكلم ؟ وماذا شربم ؟ وأين سلكم ؟ وأين‬
‫وقفم ؟ وأين جلسم؟ فعرفوا من إجاباتها أنها تناولم أاناء وجبة الغداء فاكهة دون غسلها‪،‬‬
‫وشربم من ذلك املنبع‪ ،‬ومباشرة عرفوا سبب تلك ألاعراض‪ ،‬وهو باللغة ألاما غية‪ /‬الشاوية‬
‫"ااصاضف ⴵⴺⴰⵚⵝⴰ" أي "ضربها الجن"‪ .‬وفي معتقدات أفراد أسرتها (وهم أخوالي)‪ ،‬أن‬
‫الجن يتواجد في ألاماكن التي تتوفر ف ها منابع مائية‪ّ ،‬‬
‫وفسروا تلك ألاعراض‪ ،‬كما يلي ‪ :‬تيامن‬
‫وجود الفتاة في املنبع املا ي مع قدوم الجن إليه‪ ،‬فياحمتهم على املاء‪ ،‬مما أاار غضبهم‪،‬‬
‫فاعتدوا عل ها‪ .‬وال تظهر آاار "ضربة الجن"‪ ،‬على جسم املضروب في شكل رضوض أو جراح‪،‬‬
‫ُ ُ‬
‫بل تكون داخلية‪ ،‬ت ِبين عنها أعراض معينة كالتي ظهرت على الفتاة‪.‬‬

‫فرضية‪.‬‬
‫نحن آلان أمام فرضية‪ ،‬مفادها ‪ :‬أن ألاعراض التي ظهرت على الفتاة كانم بفعل "ضربة‬
‫الجن"‪.‬‬

‫مالحظة‪.‬‬
‫إن بناء الفرضيات ليس من اختصا العلماء الباحثين فقط‪ ،‬بل عامة الناس‪ ،‬أيضا‪،‬‬
‫يضعون فرضيات تفسيرية‪ ،‬للحقائق التي يالحظونها‪ .‬وبما أن أفراد أسرة الفتاة ليسوا‬
‫باحثين‪ ،‬فقد كان هدفهم من التفسير الذي وضعوت‪ ،‬هو إيجاد عالج للفتاة‪ ،‬ب سلوب مناسب‪،‬‬
‫وفق اقافتهم ألانثروبولوجية‪.‬‬

‫‪520‬‬
‫فرضيات للبحث العلمي‪.‬‬
‫إن فرضية "ضربة الجن"‪ ،‬ليسم صالحة للبحث العلمي‪ ،‬سواء لدم كارل بوبر أم لدم‬
‫الاستقرائيين‪.‬‬
‫وهنا ينبغي وضع فرضيات أخرم‪ ،‬إضافة إلى "فرضية ضربة الجن"‪ .‬وهي كما يلي‪.‬‬
‫‪ .1‬ظهرت أعراض َم َرضية على الفتاة بسبب "ضربة الجن"‪.‬‬
‫‪ .2‬ظهرت أعراض َم َرضية على الفتاة ألن املاء الذي شربته من املنبع يحتوي على جراايم‪.‬‬
‫‪ .3‬ظهرت أعراض َم َرضية على الفتاة بسبب تناولها لفاكهة دون غسلها‪.‬‬
‫‪ .4‬ظهرت أعراض َم َرضية على الفتاة بسبب "ضربة شمس"‪.‬‬
‫أمامنا آلان أربع فرضيات تفسيرية‪ ،‬ملا حدث للفتاة‪.‬‬

‫التنظير العلمي‪.‬‬
‫يبدأ التنظير العـلمي‪ ،‬كـما يلي ‪ :‬يالحـظ العلماء والباحثون الاسـتقرائيون‪ ،‬الحقائق‪،‬‬
‫فيضعون فرضيات لتفسير تلك الحقائق‪ ،‬والحقائق في املثال السابق‪ ،‬هي ظهور أعراض‬
‫حم ‪ +‬الرغبة في ّ‬
‫القي‪ ،‬إضافة إلى الحقائق التالية ‪ :‬شرب‬ ‫مرضية على الفتاة؛ صداع ‪ّ +‬‬
‫الفتاة من منبع ما ي ‪ +‬تناولها لفاكهة دون غسلها ‪ +‬تواجد الفتاة ملدة طويلة تحم حرارة‬
‫الشمس‪ .‬وتتولى النظريات‪ ،‬بمنهج علمي مناسب‪ ،‬التعرل على العالقات بين الحقائق لتفسير‬
‫ما حدث‪ .‬وإذا تواصل البحث العلمي في نفس املشكلة‪ ،‬وتم جمع معلومات كثيرة عن‬
‫الحقائق‪ ،‬تميزت نتائجها باالتساق في تفسير تلك الحقائق‪ ،‬عندئذ يمكن تسمية ذلك بـ "نظرية‬
‫علمية"‪.‬‬

‫إجراء البحث العلمي‪.‬‬


‫وآلان‪ ،‬كيف يبحث الاستقرائيون‪ ،‬وكارل بوبر‪ ،‬هذت املشكلة ؟‬

‫‪ )1‬بالنسبة لالستقرائيين ومبادئهم إلابستمولوجية‪.‬‬


‫‪ 1‬ـ معيار التمييز‪ .‬يقوم معيار التمييز بين العلم والالعلم لدم الاستقرائيين على الت كيد‬
‫أو التحقق‪.‬‬

‫‪521‬‬
‫‪ 2‬ـ املالحظة الحسية‪ .‬يبدأ الاستقرائيون البحث العلمي باملالحظة‪ ،‬يالحظون بحواسهم‬
‫ظاهرة محيرة‪ ،‬أو مشكلة‪( ،‬مثل حالة الفتاة)‪ ،‬فيضعون فرضا الختبارت‪( .‬وال يبحثون فرض‬
‫"ضربة الجن" ألنه ال يمكن مالحظته حسيا)‪ ،‬وفي حالة الفتاة‪ ،‬توجد حقائق حسية‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫قياس درجة حرارة جسمها‪ ،‬وتصريحها باألعراض‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ فرض البحث‪ .‬إن الفرض الذي يخت رونه‪ ،‬هو ‪" :‬إن ماء املنبع الذي شربم منه‬
‫الفتاة كانم به جراايم‪ ،‬وهي سبب ظهور تلك ألاعراض"‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ منهج البحث‪ .‬ولكي "يؤكدوا" الفرض الذي وضعوت‪ ،‬و "يتحققوا منه"‪ ،‬يقومون‬
‫بجمع أدلة معقولة استقرائيا لت كيدت‪ ،‬في تون بعدد معقول من املتطوعين ّ‬
‫(عينة)‪ ،‬شربون‬
‫من ذلك املاء‪ ،‬فإذا ظهرت عل هم نفس ألاعراض التي ظهرت على الفتاة‪ ،‬كان ذلك ت كيد‬
‫للفرض‪.‬‬

‫‪ )2‬بالنسبة لكارل بوبر ومبادئه إلابستمولوجية‪.‬‬


‫‪ 1‬ـ معيار التمييز‪ .‬أو الحد الفاصل بين العلم والالعلم لدم بوبر‪ ،‬هو القابلية لالختبار‬
‫والقابلية للتكذيب والتفنيد‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ يبدأ البحث بفرض أو بنظرية‪ .‬يرفض بوبر البدء باملالحظة الحسية‪ ،‬ويرم أن‬
‫البدء يكون بسؤال‪ ،‬أو بمشكلة محيرة‪ ،‬عبارة عن فكرة في العقل‪ ،‬أو استنباط فرض من‬
‫نظرية‪ ،‬أو حدس‪ ،‬مثل ‪ :‬ما العوامل التي تجعل ألافراد يصابون ب مراض وتظهر عل هم أعراض‬
‫محددة ؟ أو‪ ،‬يتعرض ألافراد لت ايرات بيئية أو بيولوجية معينة‪ ،‬فيصابون باضطرابات‬
‫مرضية‪ ،‬تترتب عنها أعراض محددة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ رفض الاستقراء‪ .‬يرفض بوبر‪ ،‬الاستقراء‪ ،‬لتفسير الحقائق والتنبؤ بها‪ ،‬ألنه ال يمكن‬
‫أن تخت ر بعض الحاالت‪ ،‬وإذا ت كد لديها الحل‪ ،‬شمل ذلك‪ ،‬مستقبال‪ ،‬كل الحاالت املشابهة‬
‫التي لم تخت ر‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ منهج البحث‪ .‬شرع الباحث‪ ،‬وفق منهج بوبر‪ ،‬في اختبار الفرضيات أو الحلول تجريبيا‪،‬‬
‫ليس من أجل ت كيدها‪ ،‬بل من أجل تكذيبها‪ ،‬بمنهج (املحاولة = فرض‪ ،‬والخط = تكذيب)‪،‬‬
‫وإبعاد الحلول الخاطئة منها‪.‬‬
‫تكون البداية بمحاولة اختبار فرضية "ضربة الجن"‪ ،‬فإذا تبين أنها غير قابلة لالختبار‪،‬‬
‫وغير قابلة للتكذيب‪ ،‬تستبعد‪ ،‬ألنها ال علم‪ .‬ام فرضية "ماء املنبع يحتوي على جراايم"‪ ،‬هذت‬

‫‪522‬‬
‫الفرضية قابلة لالختبار وقابلة للتفنيد‪ ،‬إذن‪ ،‬هي علم‪ ،‬تخت ر تجريبيا‪ ،‬لتفنيدها‪ ،‬فإذا ابتم‬
‫أمام الاختبارات التجريبية املتكررة‪ ،‬صارت فرضية معي ة‪ ،‬يحتفظ بها‪ ،‬بصورة مؤقتة‪ ،‬ألنه‬
‫ربما تظهر أدلة أخرم تفندها‪.‬‬
‫حسيون‪ ،‬والفرضية "ضربة الجن"‪ ،‬ليسم وضعية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وضعيون‬ ‫وأخيرا‪ ،‬إن الاستقرائيين‬
‫وليسم حسية‪ ،‬فال يمكن بحثها‪ .‬أما بوبر‪ ،‬فالفرضية "ضربة الجن" مرفوضة بمعيار التمييز‪،‬‬
‫وهو عدم قابليتها لالختبار وعدم قابليتها للتكذيب‪.‬‬

‫املوضوعية والذاتية في العلم‪.‬‬


‫إن العلم موضوعي‪ ،‬من حيث إنه يمكن تحقيقه داخل حدود يمكن تعيينها‪ ،‬ولكنه ذاتي‬
‫من حيث إن الوقا ع املالحظة تفسر وفق ما يمكن للباحث أن يجعل له مع ى‪ .‬فالعلم يقوم‬
‫على الحقائق وعلى ألافكار‪ ،‬أي أنه موضوعي وذاتي في آلان نفسه‪ ،‬إنه نتاج معرفة تجريبية‪،‬‬
‫وتكوينات تخيلية عقلية‪ ،‬كما أنه يحقق تقدمه بقوة عمليات الاستدالل الاستقرا ي‬
‫والاستنباطي‪( .‬ديوبولد فان دالين‪.)101 . ،1984 ،‬‬
‫ويقصرون نشاطهم العلمي‬‫ّ‬ ‫إن التقدم العلمي سيتوقف‪ ،‬لو ينبذ الباحثون الاستدالل‪،‬‬
‫على تقبل الحقائق التي تدرك مباشرة بالحواس‪ .‬يتم الاعتماد كثيرا على الاستقراء‪ ،‬أي مالحظة‬
‫الحقائق الجيئية‪ ،‬لكن الاستنباط مهم أيضا‪ ،‬لصياغة النظريات عن الحقائق‪( .‬ديوبولد فان‬
‫دالين‪.)93 ،1984 ،‬‬

‫أمثلة للتوضيح وللفهم‪.‬‬


‫‪ 1‬ـ شروق الشمس ‪:‬‬
‫"أشرقم الشمس نهار اليوم‪ ،‬وأشرقم نهار أمس‪ ،‬وأشرقم في كل النهارات التي قبل أمس"‪،‬‬
‫و ع ي هذا اطراد ألاحداث أو الوقا ع الطبيعية‪" .‬إذن‪ ،‬ستشرق كذلك نهار غد"‪ .‬إن عبارة ‪:‬‬
‫"أشرقم الشمس نهار اليوم‪ ،‬وأشرقم نهار أمس‪ ،‬وأشرقم في كل النهارات التي قبل أمس"‪،‬‬
‫تشير إلى املوضوعية‪ ،‬أي علم دون ذات‪ ،‬فقد حدام هذت الحقيقة (شروق الشمس)‪ ،‬دون‬
‫تدخل الباحث العلمي بفكرت وخياله‪ .‬أما عبارة ‪" :‬إذن‪ ،‬ستشرق كذلك نهار غد"‪ ،‬فهي معرفة‬
‫ذاتية‪ ،‬أي العلم ‪ +‬الذات‪ ،‬ألن الباحث العلمي تدخل هنا بفكرت وخياله‪ ،‬فتوقع أن تشرق‬
‫الشمس‪.‬‬

‫‪523‬‬
‫‪ 2‬ـ املرأة البالغة املتزوجة وإلانجاب‪.‬‬
‫"ابعيطا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬اخميسا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬ارحيال امرأة‬
‫بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬ارهودا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬ا غيدا امرأة بالغة تيوجم‬
‫ف نجبم‪ .‬اسرايا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬اعجاال امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬افروخا‬
‫امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬املا و ية امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬النافجا امرأة بالغة‬
‫تيوجم ف نجبم‪ .‬الوا نا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬اهالال امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪.‬‬
‫ّ‬
‫اهماما امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬بايا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬بتوتا امرأة بالغة‬
‫تيوجم ف نجبم‪ .‬بركو امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬بيواشا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪.‬‬
‫بشنانا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬تركية امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬جغموما امرأة بالغة‬
‫خدوما امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪.‬‬ ‫تيوجم ف نجبم‪ .‬حدة امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫خضرا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬دايخا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬دلوال امرأة بالغة‬
‫تيوجم ف نجبم‪ .‬ربعية امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬رهوا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪.‬‬
‫رهواجا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬رفا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬عرا امرأة بالغة‬
‫تيوجم ف نجبم‪ .‬غادا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬هوا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪.‬‬
‫ّ‬
‫سكورا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬شيشا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬عرجونا امرأة بالغة‬
‫تيوجم ف نجبم‪ .‬متروجا امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ّ .‬نوة امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬نونا‬
‫امرأة بالغة تيوجم ف نجبم‪ .‬و ع ي هذا أيضا اطراد ألاحداث أو الوقا ع البيولوجية‪ ،‬وهي‬
‫أيضا أحداث طبيعية‪.‬‬
‫"إذن‪ ،‬علجية‪ ،‬خوخا‪ ،‬سخرية وهن نساء بالغات‪ ،‬إذا تيوجن سينج ن"‪" .‬إن العبارات‬
‫التي تضمنم ‪ :‬ابعيطا‪ .‬اخميسا‪ .‬ارحيال‪ .‬ارهودا‪ .‬ا غيدا‪ .‬اسرايا‪ .‬اعجاال‪ .‬افروخا‪ .‬املا و ية‪.‬‬
‫النافجا‪ .‬الوا نا‪ .‬اهالال‪ .‬اهماما‪ .‬بايا‪ .‬بتوتا‪ .‬بركو‪ .‬بيواشا‪ .‬بشنانا‪ .‬تركية‪ .‬جغموما‪ ،‬حدة‪.‬‬
‫ّ‬
‫خدوما‪ .‬خضرا‪ .‬دايخا‪ .‬دلوال‪ .‬ربعية‪ .‬رهوا‪ .‬رهواجا‪ .‬رفا‪ .‬عرا‪ .‬غادا‪ .‬هوا‪ .‬سكورا‪ .‬شيشا‪.‬‬
‫عرجونا‪ .‬متروجا‪ّ .‬نوة‪ .‬نونا"‪ ،‬تشير إلى املوضوعية‪ ،‬أي علم دون ذات‪ .‬أما عبارة ‪" :‬علجية‪،‬‬
‫خوخا‪ ،‬سخرية وهن نساء بالغات‪ ،‬إذا تيوجن سينج ن"‪ .‬فهي معرفة ذاتية‪ ،‬أي علم ‪ +‬ذات‪.‬‬
‫بمع ى أن الباحث العلمي‪ ،‬تدخل هنا بفكرت وخياله‪ ،‬حين توقع إلانجاب لنساء أخريات‬
‫بالغات إذا تيوجن‪.‬‬

‫‪524‬‬
‫‪ 3‬ـ الذكاء والنجاح في املدرسة‪.‬‬
‫"السعيد ولد ذكي التحق باملدرسة فنجح‪ .‬عبد النور ولد ذكي التحق باملدرسة فنجح‪.‬‬
‫حيزية بنم ذكية التحقم باملدرسة فنجحم‪ .‬إسماعيل ولد ذكي التحق باملدرسة فنجح‪.‬‬
‫الجمهي ولد ذكي التحق باملدرسة فنجح‪ .‬يمينة بنم ذكية التحقم باملدرسة فنجحم‪ .‬محند‬
‫ولد ذكي التحق باملدرسة فنجح‪ .‬ربيعة بنم ذكية التحقم باملدرسة فنجحم‪ .‬دربالة بنم‬
‫ذكية التحقم باملدرسة فنجحم‪ .‬بلدية بنم ذكية التحقم باملدرسة فنجحم‪ .‬النافجة بنم‬
‫ذكية إذا التحقم باملدرسة ستنجح‪ ،‬لخميس ي ولد ذكي إذا التحق باملدرسة سينجح‪.‬‬
‫"إذن‪ ،‬عمار‪ ،‬الجا‪ ،‬حدة‪ ،‬املسعوذ‪ ،‬أذكياء‪ ،‬إذا التحقوا باملدرسة سينجحون"‬

‫الاستقراء والاستنباط في إنتاج املعرفة العلمية‪.‬‬


‫يتكون من مجموعة من القضايا بعضها فوق بعض درجات‪،‬‬ ‫إن العلم في مثاليته النهائية‪ّ ،‬‬
‫يتعلق أدناها بالحقائق الخاصة‪ ،‬ويتعلق أعالها بقانون عام يصدق على جميع الحقائق‬
‫الخاصة‪ .‬وهذت املستويات املختلفة للحقائق‪ ،‬يرتبط بعضها ببعض بعالقتين منطقيتين؛‬
‫إحداهما صاعدة وألاخرم هابطة؛ فالعالقة الصاعدة‪ ،‬عالقة استقرائية‪ ،‬والعالقة الهابطة‬
‫عالقة استنباطية‪ .‬ومع ى ذلك أنه في التحقيق العلمي‪ ،‬ينبغي أن سير الباحث على الطريق‬
‫آلاتي ‪ :‬الحقائق الفردية أو الجيئية‪ ،‬أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج‪ ،‬د إلخ‪ ،‬توحي باحتمال قانون عام‪ ،‬وتكون كلها‪،‬‬
‫إن كان صحيحا‪ ،‬أمثلة له‪ ،‬وتوحي مجموعة أخرم من الحقائق بقانون عام آخر‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫(برتراند رسل‪.)52 . ،2008 ،‬‬

‫في ألامثلة السابقة؛‬


‫‪ 1‬ـ في مثال شروق الشمس ‪ :‬تكون البداية بمالحظة الحقائق الجيئية‪ ،‬وهي ‪" :‬أن‬
‫الشمس كانم تشرق فيما مض ى صباح كل نهار"‪ .‬ومنها يصاغ قانون عام‪ ،‬منطوقه ‪" :‬تشرق‬
‫الشمس صباح كل نهار"‪.‬‬
‫ومن هذا القانون العام يكون الاتجات إلى الهبوط اانية‪ ،‬عن طريق الاستنباط‪ ،‬للوصول‬
‫إلى الحقائق الجيئية التي بدأ منها الاستقراء السابق‪ .‬وهو كما يلي‪.‬‬
‫"تشرق الشمس صباح كل نهار‪.‬‬
‫"وغدا صباحا يقبل النهار‪.‬‬
‫"إذن‪ ،‬تشرق الشمس غدا صباحا"‪.‬‬

‫‪525‬‬
‫‪ 2‬ـ في مثال املرأة البالغة املتزوجة ‪ :‬تكون البداية بمالحظة الحقائق الجيئية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫"مالحظة عدد من النساء البالغات الالتي تيوجن وأنج ن"‪ .‬ومنها يصاغ قانون عام‪ ،‬منطوقه‬
‫‪" :‬املرأة البالغة إذا تيوجم تنجب"‪.‬‬
‫ومن هذا القانون العام يكون الاتجات إلى الهبوط اانية‪ ،‬عن طريق الاستنباط‪ ،‬للوصول‬
‫إلى الحقائق الجيئية التي بدأ منها الاستقراء السابق‪ .‬وهو كما يلي‪.‬‬
‫"املرأة البالغة إذا تيوجم تنجب‪.‬‬
‫"واملا و ية امرأة بالغة وتيوجم‪.‬‬
‫"إذن‪ ،‬املا و ية املتزوجة تنجب"‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ في مثال الذكاء والنجاح في املدرسة ‪ :‬تكون البداية بمالحظة الحقائق الجيئية‪،‬‬
‫وهي ‪" :‬مالحظة عدد من ألاوالد والبنات ألاذكياء إذا التحقوا باملدرسة ينجحون"‪ .‬ومنها يصاغ‬
‫قانون عام‪ ،‬منطوقه ‪" :‬ألاوالد والبنات ألاذكياء إذا التحقوا باملدرسة ينجحون"‪.‬‬
‫ومن هذا القانون العام يكون الاتجات إلى الهبوط اانية‪ ،‬عن طريق الاستنباط‪ ،‬للوصول‬
‫إلى الحقائق الجيئية التي بدأ منها الاستقراء السابق‪ .‬وهو كما يلي‪.‬‬
‫"ألاوالد والبنات ألاذكياء ينجحون في املدرسة‪.‬‬
‫"واملختار ومعمر وباهية وعرجونة أذكياء‪.‬‬
‫"إذن‪ ،‬املختار ومعمر وباهية وعرجونة سينجحون في املدرسة"‪.‬‬
‫ض ُد مسارها بمالحظة حقائق منفردة‪ ،‬فتصل باالستقراء‬ ‫إن الطريقة العلمية املثلى‪َ ،‬ت ْع ُ‬
‫إلى قانون عام‪ ،‬وتستنبط من القانون العام حقائق فردية أخرم‪.‬‬
‫والاستنباط مكانه الكتب‪ ،‬أما الاستقراء فمكانه العمل‪( .‬برتراند رسل‪.)52 . ،2008 ،‬‬
‫وأنا أقول ‪ :‬إن الاستنباط مكانه الت مل والفكر‪ ،‬والاستقراء مكانه الاستقصاء والتجريب‪.‬‬

‫‪526‬‬
‫مراجع الفصل السادس عشر‬
‫‪ 1‬ـ برتراند رسل (‪ .)2008‬النظرة العلمية‪ .‬ترجمة ‪ :‬عثمان نويه‪ .‬مراجعة ‪ :‬إبراهيم حلمي عبد‬
‫الرحمن‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬دمشق‪ ،‬دار املدم للنشر والثقافة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ديوبولد فان دالين (‪ .)1984‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬ترجمة ‪ :‬محمد نبيل‬
‫نوفل‪ ،‬سليمان الخضري الشيخ‪ ،‬طلعم منصور غ ريال‪ .‬مراجعة ‪ :‬سيد أحمد عثمان‪.‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪.‬‬

‫‪527‬‬
528
‫الفصل السابع عشر‬
‫معرفة مصطلحات العلم والتقيد بها دليل على التمكن فيه‬

‫ضرورة النقد‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ إن النقد ضمير العلم‪.‬‬


‫‪ 2‬ـ إن النقد العلمي هو نفسه التفكير العلمي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ إن أي عمل ُينشر ويطلع عليه آلاخرون‪ ،‬يفقد امللكية الشخصية‪ ،‬فيصير من حقهم‬
‫نقدت وتقييمه‪ ،‬وال ستطيع صاحبه منعهم‪ ،‬ألنه إذا منع املنظرون والباحثون‪ ،‬آلاخرين من‬
‫تناول إنتاجهم بالنقد والتقييم‪ ،‬فال يتطور العلم‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ النقد ي ر ما هو صحيح وما هو خط ‪ ،‬وما هو جيد وما هو رديء‪ ،‬وما هو مالئم وما‬
‫هو غير مالئم‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ النقد يوجه للعمل املنجي‪ ،‬وال يوجه لصاحب العمل‪.‬‬

‫اقتراح كتاب في علم النفس العيادي (ت ليف جماعي)‪.‬‬


‫تم اقتراح كتاب للت ليف الجماعي‪ ،‬في علم النفس العيادي‪ ،‬ووضع له عنوان‪ ،‬كما يلي‪:‬‬
‫"آليات وضوابط املمارسة العيادية في الجيائر"‪.‬‬
‫الحظم‪ ،‬العديد من الباحثين والطالب‪ /‬الباحثين‪ ،‬ستعملون لفظ آليات في بحوثهم‪،‬‬
‫ولم أعرل مصدر هذت الكلمة‪ .‬وبالصدفة عرفم أنهم ربما اقتبسوها من تلك الالفتات‪ ،‬أو‬
‫إلاشارات التي نشاهد إحداها في الصورة‪ ،‬تشير إلى وجود طريق فرعي‪ ،‬تسلكه آليات ومركبات‬
‫قادمة من ورشة‪ ،‬أو من شركة‪ ،‬أو من محشر‪.‬‬

‫‪529‬‬
‫"آليات وضوابط"‪.‬‬
‫إن كلمة آليات‪ ،‬تعت ر غريبة عن اللغة العلمية لعلم النفس‪ ،‬وكل علم النفس (ما عدا‬
‫آليات الدفاع‪ ،‬في التحليل النفس ي)‪ ،‬وقد تشير‪ ،‬إلى الجمود والصرامة‪ ،‬وال تنسجم مع طبيعة‬
‫السلوك البشري الذي يتصف باملرونة‪ ،‬والقابلية للتغيير والتعديل‪ ،‬سواء في البحث أم في‬
‫التشخي أم في العالج‪.‬‬
‫ـ ما الذي ينبغي جعله آليا ؟ إن آلالية في التحليل النفس ي‪ ،‬ال شعورية‪ ،‬وال يمكن أن‬
‫عرل العيادي كيف تحدث‪ ،‬أما في ممارسته التشخي والعالج النفسيين‪ ،‬فهو عرل‪،‬‬
‫جيدا‪ ،‬العمل الذي يقوم به‪.‬‬
‫ـ وما الذي ينبغي ضبطه ؟ ستعمل الباحثون في علم النفس‪ ،‬في جامعاتنا‪ ،‬كلمة‬
‫"ضبط"‪ ،‬في جميع عناصر بحوثهم امليدانية ‪ :‬ضبط املتغيرات‪ ،‬ضبط العنوان‪ ،‬ضبط العينة‪،‬‬
‫ضبط الفرضيات‪ ،‬ضبط التعريفات إلاجرائية‪ ،‬ضبط ألاساليب إلاحصائية‪ ....‬إنهم مهوسون‬
‫بكلمة "ضبط"‪ ،‬ولو ُ س لون عن ما يقصدونه بهذت الكلمة‪ ،‬من املؤكد أنهم ال يجيبون‪.‬‬
‫توجد كلمة "ضبط" ضمن أحد شروط املنهج التجريبي‪ ،‬وهو "الضبط التجريبي"‪ ،‬و ع ي‬
‫تحديد املتغيرات املستقلة واملتغيرات التابعة واملتغيرات الدخيلة‪ ،‬في املوقف التجريبي‪ .‬ويوجد‬
‫في علم النفس‪ ،‬مفهوم ‪ :‬مصدر الضبط الداخلي‪ /‬الخارجي للتعييي‪ ،‬أو للسلوك‪ .‬جاء به‪،‬‬
‫السيكولوجي ألامريكي‪ /‬جوليان ب‪ .‬روتر‪ ،‬عام ‪.1966‬‬

‫‪530‬‬
‫حدود علم النفس العيادي‪.‬‬
‫إن علم النفس العيادي‪ ،‬يتحدد موضوعه في التعامل مع املرض النفس ي‪ ،‬فاستعار‬
‫لفظين شيران إلى أداءين‪ ،‬من الطب‪ ،‬هما ‪ :‬التشخي والعالج‪ ،‬وما يتعلق بهما من مفاهيم‬
‫فرعية‪ ،‬وأداءات وأدوات‪.‬‬
‫وكل املؤلفات في هذا التخص النفس ي الفرعي (علم النفس العيادي)‪ ،‬ال تخلو أبدا من‬
‫إلاشارة إل هما الاانين؛ التشخي والعالج‪ ،‬أو على ألاقل إلاشارة إلى أحدهما‪ ،‬مع الثراء في‬
‫الشرح والتوضيح للكثير مما يتعلق بهما‪ ،‬حول الطرق وألاساليب والفنيات وألادوات‪ ،‬التي‬
‫تستعمل في التشخي وفي العالج‪ ،‬بإمكان أن يتعلمها من يمارس العمل العيادي‪ .‬وهي ألفاظ‬
‫ومصطلحات تم إبداعها منذ ظهور هذا التخص الفرعي في أواخر القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫(‪ )1896‬في أمريكا‪ ،‬حين أسس اليتنر ويتمر ‪ ،Lightner Witmer‬أول عيادة نفسية في جامعة‬
‫بنسلفانيا‪ .‬وتعد اللغة الرسمية والسائدة واملتداولة بين جميع أهل هذا التخص ‪ ،‬في جميع‬
‫العيادات وأقسام علم النفس في العالم‪ ،‬فهي اللغة التي يفهمون من خاللها بعضهم‪،‬‬
‫ويتواصلون بها علميا ومهنيا‪ ،‬وليسوا في حاجة إلى استعارة مفاهيم أخرم غريبة عن‬
‫التخص واقافته‪ .‬وال توجد‪ ،‬في مراجع علم النفس العيادي‪ ،‬ألفاظا أو مصطلحات‪ ،‬بعيدة‬
‫عما يتعلق بالتشخي والعالج‪ ،‬مثل ‪ :‬آليات وضوابط‪.‬‬
‫إن متخص ي علم النفس العيادي‪ ،‬محظوظون في هذا ألامر‪ ،‬فمهامهم محصورة في‬
‫عملين‪ ،‬فقط‪ ،‬هما ‪ :‬التشخي والعالج‪ .‬واللغة العيادية املتداولة بين ذوي التخص‬
‫العيادي‪ ،‬هي ‪ :‬أساليب التشخي ‪ ،‬طرق التشخي ‪ ،‬أدوات التشخي ‪ ،‬وما يتعلق بها من‬
‫مفاهيم فرعية أخرم‪ ،‬وممارسات‪ .‬وطرق العالج النفس ي‪ ،‬أساليب العالج النفس ي‪ ،‬فنيات‬
‫العالج النفس ي وما يتعلق بها من مفاهيم فرعية أخرم‪ ،‬وممارسات‪ .‬و غبطهم في ذلك مالؤهم‬
‫املتخصصون في علم النفس التربوي‪ ،‬مثال‪ ،‬فهذا التخص ‪ ،‬رغم أنه تم تحديدت كذلك‪ ،‬في‬
‫جانبين هما ‪ :‬السلوك إلانساني واملواقف التربوية‪ ،‬إال أن ألامر ليس بهذت البساطة‪ .‬ما هي‬
‫حدود السلوك إلانساني ؟ وما هي حدود املواقف التربوية ؟‬
‫إن التقيد باملصطلحات واللغة العلمية لتخص علمي معين‪ ،‬عد جانبا أساسيا‪،‬‬
‫ودل يال قويا على إلاملام والتمكن من هذا العلم‪ ،‬هذا ش يء مؤكد‪ ،‬كما عد مؤشرا جيدا على‬
‫احترام املتخص لتخصصه العلمي‪.‬‬

‫‪531‬‬
‫يتطور العلم من داخله‪.‬‬
‫إن املتخص في علم معين‪ ،‬ينبغي عليه دائما أن يكون متحفظا إ اء ما يمكن أن يقتحم‬
‫تلواه‪ ،‬وتعكر صفوت ونقاءت‪ ،‬إال ما تم استعارته من‬ ‫تخصصه‪ ،‬من ألفاظ أخرم غريبة‪ّ ،‬‬
‫تخصصات أخرم لفائدته‪ .‬فقد استعار علم النفس مفاهيم عديدة من علوم أخرم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تجدد وتبدع مفاهيم في العلم باستمرار‪ ،‬ولكن بطريقة نقدية‪ ،‬يتم إبعاد مفهوم قديم‬
‫عوض بمفهوم آخر أحسن في تفسير الظاهرة السلوكية (الدافع بدل الغييرة‬ ‫صار غير صالح‪ ،‬و ّ‬
‫يدعم مفهوم بمفهوم آخر‪ ،‬ليصير أفضل لتفسير سلوك معين (قيمة التعييي‬ ‫ـ ودورث)‪ .‬أو َّ‬
‫بدال من التعييي ـ روتر)‪ ،‬أو إبداع مفهوم جديد لتفسير نمط معين من السلوك‪( ،‬مصدر‬
‫الضبط ـ روتر)‪ ،‬أما أن تقحم مفاهيم جديدة دون هدل واضح‪ ،‬ودون فهم‪ ،‬ودون فائدة‬
‫علمية واضحة‪ ،‬فهذا ليس بعلم‪.‬‬
‫ينمو العلم ويتطور‪ ،‬أوال‪ ،‬بإدراك ما بداخله من مفاهيم‪ ،‬في جانبيه النظري والعملي‪،‬‬
‫فإذا أدرك العلماء وجود نق ما داخل العلم؛ سواء بالفقدان أم بعدم املالءمة‪ ،‬ي تون‬
‫بمفاهيم جديدة‪ ،‬إما من داخله؛ (فرويد ـ التداعي الحر)‪( ،‬وودورث ـ الدافع)‪( ،‬روتر ـ مصدر‬
‫الضبط)‪( ،‬روتر ـ قيمة التعييي)‪ ،‬أو من خارجه؛ (إلاستراتيجية ـ املجال العسكري)‪،‬‬
‫(التشخي والعالج ـ الطب)‪( ،‬التخطيط ـ إلادارة والاقتصاد)‪( ،‬البعد ـ الرياضيات)‪،‬‬
‫(القياس ـ الفيزياء)‪( ،‬النضج ـ البيولوجيا)‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫الحذر مما يكتب في تخصصات أخرم‪.‬‬


‫ينبغي كذلك‪ ،‬الانتبات إلى ما يكتبه ذوو تخصصات أخرم في علم النفس‪ .‬حدث أن‬
‫شاهدت عنوان كتاب يتضمن ‪" :‬مهارات إلابداع"‪ .‬فلفم انتباهي لفظ "مهارات"‪ ،‬التي ال تقال‬
‫ضمن املصطلحات املتعلقة با بداع‪ ،‬بل تقال ضمن سيكولوجية إلاتقان‪ ،‬فالفرد املاهر‬
‫يتقن‪ ،‬ولهذا يوصف باملاهر‪ .‬أما إلابداع‪ ،‬كما حددت السيكولوجي ألامريكي؛ ج‪ .‬ب‪ .‬جلفورد‪،‬‬
‫ب سلوب التحليل العاملي‪ ،‬سنة ‪ ،1950‬وحدد بناءت العاملي‪ ،‬فقد أطلق على ّ‬
‫مكوناته العاملية‬
‫‪ :‬القدرات إلابداعية‪ ،‬أو العمليات إلابداعية‪ ،‬وهي ‪ :‬الحساسية للمشكالت‪ ،‬ألاصالة‪ ،‬املرونة‪،‬‬
‫الطالقة‪ ،‬إعادة التنظيم أو إعادة التحديد‪ ،‬التحليل والت ليف‪ ،‬التركيب في البناء التصوري‪،‬‬
‫التقييم‪ .‬وهي ليسم كلها قدرات‪ ،‬بل تتوفر على سمات‪ ،‬كما نالحظ‪ .‬وملا اطلعم على مضمون‬
‫ذلك الكتاب‪ ،‬وجدت أنه متخص في إلادارة‪ ،‬وليس في علم النفس‪ .‬فحمدت هللا‪ .‬ولكن‬
‫ظهرت بعد ذلك‪ ،‬عـناوي ـن لب ـح ـوث في ع ـلـم النفس‪ ،‬تستعمل لفظ ‪" :‬مهارات إلابداع"‪.‬‬

‫‪532‬‬
‫ملاذا تنجي قواميس ومعاجم ملصطلحات علم النفس‪.‬‬
‫نعود إلى "آلاليات والضوابط"‪ .‬ما آلاليات ؟ وما الضوابط ؟ هل تتعلق بالتشخي أو‬
‫بالعالج ؟ من املؤكد‪ ،‬أن الذين وضعوا هاتين الكلمتين‪ ،‬ال عرفون معناهما‪ .‬وأنا‪ ،‬كذلك‪ ،‬ال‬
‫أعرل املقصود بهما‪.‬‬
‫إن كلمتي آليات وضوابط‪ ،‬قد يحدث‪ ،‬بسبب غموضها‪ ،‬قليل أو كثير من سوء الفهم‪،‬‬
‫واضطراب في الاتصال والتواصل‪ ،‬بين ألافراد غير املتخصصين‪ ،‬في أحاديثهم اليومية‪ ،‬وال‬
‫يتسبب ذلك في ضرر كبير‪ ،‬ولكن في مجال العلم‪ ،‬ينبغي أن تكون املفاهيم واضحة‪ ،‬لدم‬
‫جميع املتخصصين‪ ،‬الن العلم ال يتعامل بمفاهيم غامضة‪ ،‬وال يمكن أن ينمو بها‪ .‬وملاذا‪ ،‬إذن‪،‬‬
‫تنجي‪ ،‬باستمرار‪ ،‬قواميس ومعاجم متخصصة في مفاهيم علم النفس‪.‬‬
‫إن املتخص الباحث في علم معين‪ ،‬عليه أن ستوعب تخصصه‪ ،‬ويتقنه‪ ،‬ويتعامل مع‬
‫حقائقه من داخله‪ ،‬وليس من خارجه‪ ،‬وأول‪ ،‬وأهم‪ ،‬ما ينبغي عليه أن ستوعبه ويتقنه‪ ،‬هو‬
‫مفاهيمه‪ ،‬فهي لغة ذلك التخص ‪ ،‬وإذا ن م عنها‪ ،‬واستعمل مفاهيم أخرم‪ ،‬سيجد نفسه‬
‫يبحث في تخص علمي آخر‪ ،.‬ويجد صعوبة في الاتصال والتواصل مع أهل اختصاصه‪.‬‬
‫وأعتقد أنه من املتوقع‪ ،‬أن ي تي يوم‪ ،‬ال يفهم املتخصصون في علم النفس لغة بعضهم‬
‫البعض (حوار الطرشان)‪ ،‬ما دامم تدرج فيه هذت النفايات والقمامات اللفظية‪ .‬وربما‬
‫ّ‬
‫يتلوث‪ ،‬ويصير مسخا‪.‬‬

‫مكونات املهنة‪.‬‬
‫َ‬
‫إن كل عمل منهي‪ ،‬يمر بمرحلتين‪ ،‬هما ‪ :‬إلاعداد النظري‪ ،‬ام املمارسة املهنية‪ .‬وتحقق هذا‬
‫ألقدم االث مهن‪ ،‬هي ‪ :‬الطب‪ ،‬واملحاماة‪ ،‬والهندسة‪ .‬ومن الطبيهي أن ينطبق هذا على علم‬
‫ّ‬
‫النفس العيادي‪ ،‬عندما ُيتخذ مهنة‪ .‬فهناك التكوين النظري في الجامعة‪ ،‬ام املمارسة املهنية‬
‫في العيادة‪ .‬ومن املفروض أن الذي يريد الكتابة حول علم النفس العيادي‪ ،‬أن يتناول أي‬
‫فيقيم أداءهما‪ ،‬من حيث الفعالية والجودة والنجاح‪ ،‬أو من‬ ‫مرحلة منهما أو املرحلتين معا‪ّ ،‬‬
‫حيث الضعف والرداءة وإلاخفاق‪.‬‬
‫ويمكن اقتراح عنوان الكتاب‪ ،‬كما يلي ‪:‬‬
‫"علم النفس العيادي في الجيائر من إلاعداد الجامهي إلى املمارسة املهنية ـ‬
‫مؤشرات النجاح ومؤشرات إلاخفاق"‪.‬‬
‫أو‬

‫‪533‬‬
‫"علم النفس العيادي في الجيائر ـ تقييم ملسارت النظري واملنهي ؟"‪.‬‬

‫عندما يذكر في العنوان‪ ،‬التكوين والتعليم في الجامعة‪ ،‬وتذكر املمارسة املهنية‪ ،‬كذلك‪،‬‬
‫سول يجد الراغبون في املشاركة في الكتاب‪ ،‬املوضوعات التي سول يكتبون ف ها‪ ،‬أما كلمتا‬
‫آليات وضوابط‪ ،‬فغير واضحتين بالنسبة ملوضوع الكتاب‪ ،‬ولتخص علم النفس العيادي‪.‬‬

‫امليثاق ألاخالقي أو القانون‪.‬‬


‫ورد في محاور الكتاب املقترح‪ ،‬لفظ "قانون"‪ .‬إن القانون ال يذكر في الواائق التي تمارس‬
‫بموجبها املهنة العيادية‪ ،‬إن الذي تم وضعه لتنظيم عمل ألاخصا ي النفس ي العيادي‪ ،‬أطلق‬
‫عليه ‪" :‬املعايير ألاخالقية‪ ،‬أو امليثاق ألاخالقي‪ ،‬أو دستور السلوك للممارسة املهنية العيادية"‪.‬‬
‫ويصدرت أهل الاختصا ‪ .‬وأصدرته الجمعية ألامريكية لعلم النفس‪ ،‬ألول مرة عام ‪،1953‬‬
‫باسم ‪" :‬معايير السلوك ألاخالقي لألخصائيين النفسانيين"‪ .‬وال يتعلق ب خالق ومعايير تنظيم‬
‫املمارسة العيادية ومراقبة أدائها‪ ،‬فقط‪ ،‬بل يتناول كذلك عملية إعداد ألاخصا ي العيادي‪،‬‬
‫وشروط امتهانه لها‪.‬‬

‫العياديون وعلم النفس‪.‬‬


‫إن العياديين‪ ،‬عموما‪ ،‬في حدود مالحظاتي‪ ،‬ال سعون إلى إلاملام بجوانب كثيرة في علم‬
‫النفس‪ .‬فإذا أايرت أمامهم موضوعات أساسية في علم النفس‪ ،‬مثل ‪ :‬الدافعية‪ ،‬أو نظريات‬
‫التعلم‪ ،‬أو نظريات الشخصية‪ ،‬أو نظرات النمو‪ ،‬أو القيم أو الاتجاهات‪ ،‬وغيرها‪ ،‬يبدون‬
‫تحفظا إ اءها‪ ،‬بدعوم أنهم عياديون‪ ،‬وال تعن هم هذت املوضوعات‪.‬‬
‫جل ما يهتمون به في تخصصهم العيادي‪ ،‬هو املقابلة العيادية‪ ،‬والاختبارات‬ ‫إن ّ‬
‫إلاسقاطية‪ ،‬وهذا كل ما يتعلق‪ ،‬في نظرهم‪ ،‬بمنهج البحث والتشخي العياديين‪ .‬وربما‬
‫اكتسبوا هذا الاتجات من التحليل النفس ي‪ ،‬وهو أقدم اتجات عيادي‪ ،‬فيما قال برسيفال بيلي‪،‬‬
‫‪ ،Percival Bailey, 1965‬عن املحللين النفسيين ‪" :‬إنهم يظهرون جهال مثيرا للشفقة بماهية‬
‫الطريقة العلمية"‪.‬‬

‫‪534‬‬
‫الفصل الثامن عشر‬
‫تم اكتساب عادات بحثية خاطئة يصعب التخل‬
‫منها في املنظور القريب‬

‫ورد ّ‬
‫إلي السؤال آلاتي ‪:‬‬
‫"في نهاية كل عام دراس ي جامهي‪ ،‬ومع اقتراب مناقشة املذكرات والرسائل الجامعية‪ ،‬يقع‬
‫الطالب في حي بي ‪ ،‬حين يكتشفون أن نتائج املعالجات إلاحصائية‪ ،‬بعضها أو جلها أو‬
‫كلها‪ ،‬غير دالة إحصائيا‪ .‬أرجو منكم توجيه الطلبة إلى كيفية التعامل مع هذت الحالة‪ ،‬بطريقة‬
‫عملية تطبيقية مختصرة‪.‬‬
‫مع تحياتي وتقديري"‪.‬‬

‫ولك ي‪ ،‬يا ميلي الفاضل‪ ،‬لم أقدم طريقة علمية تطبيقية مختصرة‪ ،‬كما طلبم‪ ،‬لقد‬
‫ذهبم بعيدا‪ ،‬إلى جذور املشكلة‪ ،‬وصعدت معها‪ ،‬مرورا بالجذع والفروع وألاغصان وألاوراق‪،‬‬
‫لقد تجولم قليال‪ ،‬وعس ى أن تكون الجولة مفيدة‪ .‬فالعملي يكون مسبوقا بالنظري‪ ،‬يدعمه‪.‬‬

‫إلاجابة‪.‬‬
‫أار ممارسة البحث العلمي مبكرا على ممارسته مت خرا‪.‬‬
‫ربما تعتقدون أن ممارسة البحث "العلمي" الجامهي‪ ،‬الذي مارسه‪ ،‬ويمارسه الطالب‬
‫ابتداء من مرحلة الليسانس‪ ،‬منذ عقود‪ ،‬كانم لها حسنات‪ ،‬وفوائد ملسار البحث العلمي في‬
‫الجامعة‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬هذا ليس صحيحا أبدا‪ ،‬بل العكس هو الصحيح‪ ،‬لقد كانم لها آاار‬
‫سيئة‪ ،‬ومدمرة للبحث العلمي الجامهي‪ ،‬ألن املمارسات املبكرة للبحث العلمي‪ ،‬أكسبم‬
‫الطالب عادات بحثية خاطئة يصعب تغييرها والتخل منها‪ ،‬واستبدالها بعادات بحثية‬
‫أخرم صحيحة‪ ،‬تتفق مع خصائ البحث العلمي‪ ،‬كما ينبغي أن يكون‪ .‬هذت العادات‬
‫البحثية الخاطئة‪ ،‬ما الم سائدة إلى اليوم‪ ،‬وأارت في بحوث املاجستير وفي بحوث الدكتورات‪،‬‬
‫وما الم تنمو وتتطور‪ .‬فهناك الكثير من أطروحات الدكتورات‪ ،‬ستحيي أي أستاذ يحترم‬
‫العلم ومناهجه أن يطلق عل ها أطروحة دكتورات‪( .‬كما بدأنا نصل)‪.‬‬

‫‪535‬‬
‫كان من الحكمة ترك الطالب الجامهي‪ ،‬يكتسب العلم ومناهجه‪ ،‬بروية وهدوء‪ ،‬وال‬
‫يمارس البحث العلمي‪ ،‬إال بعد أن شتد عودت‪ ،‬وينضج علميا‪ .‬لكن التوجه الجامهي في بلدنا‬
‫دعا إلى ممارسة البحث العلمي في مرحلة الليسانس‪ ،‬ويجعه إلى أعلى مستوم‪ ،‬ف دم ذلك‬
‫إلى الرداءة السائدة اليوم‪ ،‬والتي تتناسخ وتنتشر‪ .‬كان ألاحسن‪ ،‬أال يمارس هؤالء البحث‬
‫العلمي إطالقا‪ ،‬أو يكون اختياريا‪ ،‬أو تمارسه فئة قليلة منهم وفق شروط محددة وصارمة‪.‬‬
‫وسياسة التسرع والتسر ع‪ ،‬هذت‪ ،‬في اكتساب العلم‪ ،‬نالحظها‪ ،‬كذلك‪ ،‬في إحداث‬
‫التخصصات الدقيقة في علم النفس‪ ،‬التي تبدأ في السنة الثالثة من التعليم الجامهي‪ ،‬حين‬
‫يتم توجيه الطلبة‪ ،‬بعد إنهائهم للجذع املشترك‪ ،‬إلى تخصصات نفسية دقيقة؛ في إلارشاد‬
‫النفس ي‪ ،‬وعلم النفس املدرس ي‪ ،‬وعلم نفس التنظيم والعمل‪ ،‬وعلم النفس العيادي وغيرها‪،‬‬
‫فيتخرج الطالب بصفته متخصصا في علم نفس معين‪ ،‬درسه ملدة سنتين في النظام‬
‫الكالسيكي‪ ،‬وملدة سنة واحدة في نظام ل م د‪ .‬وهذا غير معقول أبدا‪( .‬أنجيت مقاال نقديا‪،‬‬
‫بعنوان ‪ :‬رسالة إلى العياديين‪ ،‬ناقشم فيه هذا الوضع‪ .‬وهو تحم النشر)‪.‬‬

‫َ‬
‫ِقدم القضية وخ رتي بها‪.‬‬
‫أتذكر أن هذا الاهتمام الساذج‪ ،‬كان سائدا لدم الباحثات (إلاناث) خاصة‪ ،‬في مرحلة‬
‫الليسانس‪ ،‬الحظته‪ ،‬وتفاعلم معه‪ ،‬منذ التحاقي بالجامعة سنة ‪ ،1995‬فإذا لم تكن الفروق‬
‫أو الارتباطات‪ ،‬دالة إحصائيا‪ ،‬اعت رت الواحدة منهن‪ ،‬أن بحثها فاشل‪ ،‬وال قيمة له‪ ،‬فإذا هي‬
‫تشعر با حباط‪ ،‬وتشعر بالعار‪ ،‬فترتفع لديها مشاعر الاكتئاب‪ ،‬فتجهش بالبكاء‪ ،‬وأحيانا‬
‫إلاصابة با غماء‪.‬‬
‫التحقم بالجامعة‪ ،‬أستاذا مساعدا (بشهادة املاجستير)‪ ،‬فوجدت ساك ي الجامعة‬
‫(الطالب وألاساتذة)‪ ،‬كلهم يبحثون‪ ،‬وكلهم يمارسون إلاشرال‪ .‬وفي البيئة الجامعية‪ ،‬وخارجها‬
‫أيضا‪ ،‬يتحداون عن البحث العلمي وإلاشرال‪ ،‬تباهيا به‪ ،‬أسمع كالما ونقاشا واحتجاجا‬
‫وتقييما وفخرا واعتزا ا وخييا وعتابا وسخرية‪ ،‬وانتقادات ومشاجرات‪ ،‬داخل الجامعة‬
‫وخارجها‪ ،‬كلها حول البحث العلمي‪ ،‬الذي كان ليس علميا إال في اسمه‪ .‬كل الطلبة يبحثون‬
‫يدرسون يمارسون إلاشرال؛ حاملو الدكتورات‪،‬‬ ‫بحواا ميدانية‪ ،‬وال سمح بغيرها‪ ،‬وكل الذين ّ‬
‫حاملو املاجستير‪ ،‬حاملو الليسانس‪ ،‬عدد الطلبة يفوق بكثير املعيار املالئم لعدد ألاساتذة‪،‬‬
‫مما جعل أستاذا واحدا شرل على عدد كبير من الرسائل في مرحلة الليسانس‪ ،‬وعند امتحان‬
‫الطالب (مناقشة الرسالة)‪ ،‬تقام حفالت ووالئم‪ ،‬وتمنح درجات‪ ،‬وتقديرات‪ ،‬التي تكون محل‬

‫‪536‬‬
‫حديث الجامعيين وغير الجامعيين‪ ،‬تجلب الاعتزا والرضا‪ ،‬أو تجلب الخيي والغضب‪ ،‬وال‬
‫تؤخذ الجوانب املنهجية العلمية بعين الاعتبار‪ ،‬عند تقييم الرسالة‪ ،‬إال نادرا جدا‪ ،‬فكل ما‬
‫يؤخذ بعين الاعتبار هو العالقات واملجامالت‪ ،‬واملحاباة‪ ،‬خاصة وأن معظم هؤالء‪ ،‬إناث‪،‬‬
‫"رفقا بالقوارير"‪.‬‬

‫البحوث العلمية امليدانية‪.‬‬ ‫خصائ‬


‫وللبحوث العلمية النفسية امليدانية‪ ،‬فنيات منهجية عملية‪ ،‬يتميز بعضها بالصرامة‪،‬‬
‫ينبغي إتقانها نظريا وممارسة ‪ :‬طرق سحب العينات‪ ،‬إعداد أدوات القياس‪ ،‬وحساب شروط‬
‫صالحيتها لالستعمال (الصدق والثبات)‪ ،‬وطريقة تطبيقها‪ ،‬وتصحيح إلاجابات عل ها‪،‬‬
‫والحصول على الدرجات الخام‪ ،‬والطرق إلاحصائية ملعالجة بيانات البحث‪ ،‬وطرق عرض‬
‫النتائج ومناقشتها‪ ،‬إضافة إلى تحديد مفاهيم البحث‪ ،‬وتعريفها ت سيسيا وإجرائيا‪ ،‬ووضع‬
‫ألاسئلة والفرضيات‪ .‬والتمكن من كتابة الفصول النظرية ونتائج الدراسات السابقة‪ ،‬وهذت‬
‫الفنيات‪ ،‬ندر من يتقنها إلى اليوم‪ ،‬في كل مراحل البحث العلمي‪ ،‬أقصد مراحل الليسانس‬
‫واملاجستير أو املاستر والدكتورات‪ ،‬وهذا الوضع سول ستمر‪ ،‬ويتطور أكثر‪ ،‬نظرا لغياب‬
‫ّ‬
‫ومدعمة‪ ،‬وال تتغير ألامور في‬ ‫اقافة إلاتقان والجودة‪ ،‬وسيادة اقافة معاكسة لها‪ّ ،‬‬
‫مؤيدة‬
‫املنظور القريب‪ ،‬وال أحد يلفم الانتبات إلى هذا الوضع‪ ،‬بجدية‪ ،‬مع املتابعة‪ ،‬سواء على‬
‫مستوم إلادارة‪ ،‬أو على مستوم ألاساتذة‪ ،‬الذين لهم املسؤولية املباشرة‪ ،‬على املنهجية‬
‫العلمية‪.‬‬
‫ولغياب التمكن وإلاملام‪ ،‬والاهتمام بفنيات البحث العلمي‪ ،‬واقافته‪ ،‬يتحدث الباحثون‬
‫عن جوانب أخرم‪ ،‬تتعلق غالبا بنتائج البحث ومدم تحقيق الفرضيات من عدمه‪ ،‬والداللة‬
‫إلاحصائية‪.‬‬

‫العوامل املؤارة في نتيجة أي بحث علمي نفس ي‪.‬‬


‫إن النتيجة املتوصل إل ها في نهاية البحث‪ ،‬أيا كانم هذت النتيجة‪ ،‬ال ت تي من فراغ‪ ،‬من‬
‫املفروض أنها قامم على خلفية علمية منجية‪ ،‬تستند إل ها‪ ،‬وتسترشد بها‪ ،‬وتضيف إل ها‪،‬‬
‫فتنم ها‪ ،‬وإرهاصات كثيرة‪ ،‬وإجراءات منهجية عديدة‪ ،‬فالعلم في مسارت إلابستمولوجي‪ ،‬يؤار‬
‫في بعضه‪ ،‬وينمو من بعضه‪ ،‬وخاصيته ألاساسية هي إلاضافة والتراكم‪ .‬وإليكم ما ي تي ‪:‬‬

‫‪537‬‬
‫‪ 1‬ـ إن أول ما تت ار به نتيجة البحث العلمي‪ ،‬هو مضمون إلاطار النظري‪ ،‬أي نظرية‬
‫البحث‪ ،‬ونتائج الدراسات السابقة‪ ،‬الذي ينبغي أن يتناوله الباحث ب سلوب تحليلي نقدي‬
‫عميق‪ ،‬ليتمكن من معرفة توجهه‪ ،‬ومنه يتوقع النتيجة التي من املحتمل أن يتوصل إل ها‪،‬‬
‫فيقوم بصياغة فرضيات البحث‪ ،‬وفقا لذلك‪ .‬وإذا لم يقم بهذا الجهد العلمي‪ ،‬فال يتس ى له‬
‫توقع نتيجة معينة‪ ،‬وإذا توقعها فبطريقة متحيزة‪ ،‬ولذا يصاب بصدمة عندما تخالف نتيجة‬
‫بحثه توقعه املتحيز‪.‬‬
‫فإذا كان موضوع البحث‪ ،‬مثال ‪" :‬الفروق بين الجنسين في الرضا عن الحياة"‪ ،‬فالباحث‬
‫هنا مطالب ب ن ستعرض بطريقة نقدية ما تم إنجا ت سابقا حول املوضوع‪ ،‬فيتعرل على‬
‫اتجاهات الفروق؛ هل هي لصالح الذكور أو لصالح إلاناث‪ ،‬ويتعرل على العينات التي‬
‫استعملم في تلك البحوث‪ ،‬وأدوات القياس‪ ،‬وألاساليب إلاحصائية‪ ،‬فيقارن كل ذلك‬
‫بخصوصيات بحثه‪ ،‬فيكون قد حصل على إملام جيد باملوضوع‪ ،‬فيسترشد به في صياغة‬
‫املشكلة وألاسئلة والفرضيات‪ ،‬ويكون له توقع واقهي بالنتيجة التي من املحتمل التوصل‬
‫إل ها‪ .‬ومع ألاسف‪ ،‬ال يتعامل الباحثون‪ ،‬عندنا‪ ،‬مع إلاطار النظري بهذت الطريقة‪ ،‬مما يجعل‬
‫جهودهم البحثية تذهب في مهب الريح‪ ،‬فت تي بحوثهم ليسم بحواا أكاديمية‪ ،‬بل كتابات‬
‫فقط‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وتت ار نتائج البحث‪ ،‬كذلك‪ ،‬ب دوات القياس‪ ،‬من حيث جودتها‪ ،‬والت كد من صالحيتها‬
‫ب كثر من طريقة من طرق حساب معامالت الصدق والثبات‪ .‬وإذا كانم أدوات القياس رديئة‪،‬‬
‫من املحتمل أن تؤدي إلى نتائج ال اقة ف ها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تت ار نتيجة البحث كذلك‪ ،‬بخصائ العينة‪ ،‬وطرق سحبها وحجمها‪ ،‬فالعينات‬
‫املتجانسة أفضل‪ ،‬والعينات العشوائية أفضل‪ ،‬أما العينات كبيرة الحجم‪ ،‬فليسم دائما‬
‫جيدة‪ ،‬فقد عتقد الباحث أنه كلما كانم العينة كبيرة الحجم‪ ،‬تكون نتيجة البحث محل‬
‫ّ‬
‫اقة‪ ،‬إال أنها قد تؤدي إلى العكس‪ .‬وتمكن علماء املنهجية من وضع حدود ألحجام العينات‬
‫لكل منهج بحث علمي‪ .‬فمثال؛ ال تتساوم أحجام العينات في كل من دراسة الحالة‪ ،‬والبحث‬
‫التجريبي‪ ،‬والبحث املسحي ؟‬
‫‪ 4‬ـ تت ار نتيجة البحث كذلك‪ ،‬باألساليب إلاحصائية املستعملة في معالجة بيانات البحث‪،‬‬
‫فا حصاء النفس ي مصنف إلى ‪ :‬وصفي واستداللي‪ ،‬وإلاحصاء الاستداللي مصنف إلى ‪ :‬معلمي‬
‫وال معلمي‪ ،‬ولكل بياناته وشروط استعماله‪ ،‬فإذا خالفها الباحث‪ ،‬كانم نتائج البحث ليسم‬
‫محل اقة‪.‬‬

‫‪538‬‬
‫‪ 5‬ـ والقول الفصل‪ ،‬في القضية‪ ،‬أنه ‪ :‬عندما يتبع الباحث فنيات البحث العلمي بطريقة‬
‫سليمة‪ ،‬فإن أي نتيجة يتوصل إل ها تكون سليمة وعلمية‪.‬‬

‫ما رأي فلسفة العلم‪ ،‬أو إلابستمولوجيا ؟‬


‫‪ 1‬ـ إن ألاصل في الظواهر الطبيعية وإلانسانية‪ ،‬والخصائ النفسية‪ ،‬الاستقالل عن‬
‫بعضها‪ ،‬إال إذا تبين أن بينها ارتباط‪ ،‬وألاصل في خصائ ألافراد التشابه والتماال‪ ،‬إال إذا‬
‫تبين أن بينها فروق‪ ،‬وتجرم البحوث العلمية في علم النفس‪ ،‬ملعرفة‪ ،‬هل املتغيران ‪ :‬السعادة‬
‫والانبساط‪ ،‬مستقالن أو مرتبطان ؟ وهل الذكور وإلاناث‪ ،‬متشابهون ومتماالون في مشاعر‬
‫السعادة أو بينهم فروق ؟‬
‫‪ 2‬ـ هل نستنتج من هذت القواعد واملبادئ إلابستمولوجية‪ ،‬أن عدم وجود ارتباطات‪،‬‬
‫وعدم وجود فروق هو ألاصل‪ ،‬وأن وجودها هو الاستثناء ؟ إنها طبيعة ألاشياء‪ ،‬ليس منطقيا‬
‫‪ :‬أن وجود وعدم وجود‪ ،‬تكون لهما ألاولوية نفسها‪ ،‬واملستوم نفسه‪ ،‬والقوة نفسها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وهل نستنتج من هذت القواعد إلابستمولوجية‪ ،‬نفسها‪ ،‬أن الفرضية الصفرية‪ ،‬التي‬
‫تقول بعدم وجود ارتباطات بين املتغيرات‪ ،‬وتقول بعدم وجود فروق بين العينات‪ ،‬هي ألاصل‪،‬‬
‫وأن فرضية البحث‪ ،‬التي تقول بوجود ارتباطات بين املتغيرات‪ ،‬وتقول بوجود فروق بين‬
‫العينات‪ ،‬هي الاستثناء ؟ ولذا ال تصاغ فرضيات صفرية‪ ،‬في البحث العلمي‪ ،‬وال يوجد لنتائج‬
‫اختبارها ما يقابلها في جداول الداللة إلاحصائية ؟ فالقيم املسجلة في جداول الداللة‬
‫إلاحصائية‪ ،‬تقابل نتائج اختبار فرض البحث‪ ،‬موجه‪ ،‬بذيل واحد (طرل واحد)‪ ،‬وغير موجه‪،‬‬
‫بذيلين (طرفين)‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ إن املعالجات إلاحصائية‪ ،‬تتسق مع التفكير الفلسفي للعلم‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ هذت القواعد واملبادئ إلابستمولوجية‪ ،‬ينبغي فهمها جيدا‪ ،‬الكتساب إدراك واسع‪،‬‬
‫وعميق‪ ،‬لطبيعة العلم وفكرت‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬ينبغي أن نفكر بعمق‪ ،‬وال يكون التفكير جيدا ومثمرا‪ ،‬إال إذا كان الدماغ الذي يفكر‬
‫مليئا باملعلومات‪ .‬اقرؤوا‪ ،‬ام اقرؤوا‪ ،‬ام اقرؤوا‪.‬‬
‫فقبل أن تنزل آلايات القرآنية التي تدعو إلى التوحيد والصالة واليكاة والصوم والحج‪،‬‬
‫نيلم خمس آيات تدعو صراحة إلى الكتابة والقراءة ودورهما في اكتساب العلم‪( .‬آلايات‬
‫الخمسة ألاولى من سورة العلق)‪.‬‬

‫‪539‬‬
‫هناك سبب واحد فقط‪.‬‬
‫إن سبب وقوع الباحثين في حيرة عندما يتوصلون إلى نتائج كمية‪ ،‬فروق وارتباطات غير‬
‫دالة إحصائيا‪ ،‬و عت رون ذلك‪ ،‬فشال في البحث‪ ،‬عود إلى الجهل الذي يكاد أن يكون شموليا‪،‬‬
‫بطبيعة الظواهر محل البحث‪ ،‬وبمناهج البحث النفس ي وفنونها‪.‬‬

‫‪540‬‬
‫الفصل التاسع عشر‬
‫فهم طبيعة الارتباط بصفته منهجا للبحث‪ ،‬وطريقة‬
‫لفهم العالقات بين الظواهر‬

‫يحدث أن سهى باحثون على مستوم املاستر‪ ،‬أو الدكتورات‪ ،‬أو بحوث الترقية‪ ،‬إلى طلب‬
‫املساعدة من أساتذة‪ ،‬على تعيين املتغيرات املستقلة واملتغيرات التابعة املتضمنة في عناوين‬
‫بحوثهم بصفتها متغيرات كمية‪ ،‬ويكون هدل البحث‪ ،‬هو حساب معامالت الارتباط بين تلك‬
‫املتغيرات‪.‬‬
‫إن املتغيرات الكمية‪ ،‬تحسب معامالت الارتباط بينها بطريقة الارتباط الخطي‪ ،‬لكارل‬
‫بيرسون‪ .‬واملتغيرات في الارتباط الخطي‪ ،‬تكون متغيرات تابعة‪ ،‬أما املتغير املستقل‪ ،‬فهو الذي‬
‫جعلها ترتبط فيما بينها‪ ،‬بسبب عالقته بكل متغير منهما على حدة‪.‬‬

‫أمثلة‪.‬‬
‫‪ - 1‬يوجد ارتباط موجب ودال إحصائيا بين الذكاء والذاكرة‪ ،‬إن كال من الذكاء والذاكرة‪،‬‬
‫املكون املعرفي في الشخصية‪،‬‬ ‫متغيران تابعان‪ ،‬واملتغير املستقل الذي جعلهما يرتبطان‪ ،‬هو ‪ّ :‬‬
‫عدان نشاطين معرفيين‪ ،‬مما جعلهما يرتبطان‪ ،‬أي يتصاحبان في‬ ‫فكل من الذكاء والذاكرة‪ّ ،‬‬
‫الحدوث ارتفاعا وانخفاضا‪ ،‬وبلغة فنية إحصائية‪ ،‬يوجد بينهما تباين مشترك‪.‬‬
‫‪ - 2‬يوجد ارتباط موجب ودال إحصائيا بين القلق والاكتئاب‪ .‬إن كال من القلق‬
‫املكون الوجداني‬‫والاكتئاب‪ ،‬متغيران تابعان‪ ،‬واملتغير املستقل الذي جعلهما يرتبطان‪ ،‬هو ‪ّ :‬‬
‫في الشخصية (الوجدان السيئ)‪ ،‬ويطلق عليه عالم النفس إلانجليزي‪ /‬أيينك ‪Eysenck‬‬
‫عدان استجابات‬ ‫الد ستيميا ‪ ،Dysthemia‬أي عسر املياج‪ ،‬فكل من القلق والاكتئاب‪ّ ،‬‬
‫وجدانية سيئة‪ ،‬مما جعلهما يتصاحبان في ظهورهما في مشاعر ألافراد ارتفاعا وانخفاضا‪،‬‬
‫وبلغة فنية إحصائية‪ ،‬يوجد بينهما تباين مشترك‪ ،‬ألن الوجدان الس يء له عالقة بالقلق وله‬
‫ّ‬
‫عالقة باالكتئاب‪ ،‬فعندما يتعكر مياج الفرد‪ ،‬ترتفع لديه مشاعر القلق‪ ،‬ومشاعر الاكتئاب‪،‬‬
‫في الوقم نفسه‪ ،‬وعندما يصفو مياجه‪ ،‬تنخفض لديه مشاعر القلق ومشاعر الاكتئاب‪ ،‬في‬
‫الوقم نفسه‪.‬‬
‫‪ – 3‬يوجد ارتباط سالب ودال إحصائيا بين الشعور بالسعادة والشـعور باالك ـت ـئاب‪ .‬إن‬

‫‪541‬‬
‫كال من الشعور بالسعادة والشعور باالكتئاب‪ ،‬متغيران تابعان‪ ،‬واملتغير املستقل الذي‬
‫املكون الوجداني في الشخصية‪ ،‬كذلك‪ ،‬إن كال من الشعور بالسعادة‬ ‫جعلهما يرتبطان‪ ،‬هو ‪ّ :‬‬
‫والشعور باالكتئاب متغيران وجدانيان‪ ،‬لكن الشعور بالسعادة وجدان مريح (طيب)‪ ،‬أما‬
‫الشعور باالكتئاب فوجدان غير مريح (سيئ)‪ .‬وبما أن كال من الشعور بالسعادة والشعور‬
‫باالكتئاب خاصيتان وجدانيتان‪ ،‬فقد ظهر بينهما ارتباط‪ ،‬أي تصاحبا في الظهور في مشاعر‬
‫الفرد ارتفاعا وانخفاضا‪ ،‬وبلغة فنية إحصائية‪ ،‬يوجد بينهما تباين مشترك‪ ،‬ولكن في اتجاهين‬
‫متعاكسين؛ فإذا ارتفعم مشاعر السعادة انخفضم مشاعر الاكتئاب‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬
‫‪ - 4‬يوجد ارتباط موجب ودال إحصائيا بين إلاقبال على تناول املثلجات‪ ،‬وحوادث الغرق‬
‫في البحر‪ ،‬في فصل الصيف‪ .‬إن كال من إلاقبال على تناول املثلجات وحوادث الغرق في البحر‪،‬‬
‫في فصل الصيف‪ ،‬متغيران تابعان‪ ،‬واملتغير املستقل الذي جعلهما يرتبطان‪ ،‬هو ‪ :‬ارتفاع درجة‬
‫الحرارة‪ ،‬الذي جعل املصطافين يقبلون على استهالك املثلجات‪ ،‬وجعلهم‪ ،‬كذلك‪ ،‬يقبلون‬
‫على السباحة في البحر‪ ،‬فترتفع حوادث الغرق‪ .‬إن ارتفاع درجة الحرارة له عالقة بكل من‬
‫إلاقبال على استهالك املثلجات‪ ،‬وإلاقبال على السباحة في البحر‪ ،‬في فصل الصيف‪ ،‬ولهذا‬
‫جعلهما يرتبطان‪ ،‬أي يتصاحبان في الحدوث‪ ،‬ارتفاعا وانخفاضا‪ ،‬وبلغة فنية إحصائية‪ ،‬يوجد‬
‫بينهما تباين مشترك‪.‬‬
‫‪ - 5‬يوجد ارتباط موجب ودال إحصائيا بين اتقاد مشاعر الحب لدم ألابناء‪ ،‬وتدخل‬
‫آلاباء في ضبط هذت املشاعر‪ ،‬والتحكم ف ها (نموذج قيس وليلى)‪ .‬إن كال من ‪ )1 :‬اتقاد مشاعر‬
‫الحب لدم ألابناء‪ ،‬و ‪ )2‬تدخل آلاباء في ضبط مشاعر أبنائهم العاطفية والتحكم ف ها‪ ،‬متغيران‬
‫تابعان‪ ،‬واملتغير املستقل هو "الدافع نحو إابات الذات"‪ ،‬لدم كل من ‪ :‬ألابناء العاشقين‪،‬‬
‫وآلاباء الذين يتدخلون في عالقات العشق لدم أبنائهم؛ فاألبناء يريدون إابات ذواتهم في‬
‫عالقاتهم العاطفية بمن يحبون‪ ،‬أو بمن اختاروهم كشركاء في هذت العالقة‪ ،‬ويرون أن هذا‬
‫من حقهم وحدهم‪ ،‬وليس ألي أحد التدخل فيه‪ ،‬حتى ولو كانوا آباءهم‪ ،‬وآلاباء يريدون‪،‬‬
‫بدورهم‪ ،‬إابات ذواتهم‪ ،‬كذلك‪ ،‬بصفتهم آباء‪ ،‬لهم السلطة على تصرفات أبنائهم‪ ،‬ولهم الحق‬
‫في مراقبة هذت التصرفات والتحكم ف ها‪ ،‬حتى العاطفية منها‪ .‬أي كلما اد اتقاد مشاعر العشق‬
‫لدم ألابناء‪ ،‬تدخل آلاباء للتحكم ف ها‪ ،‬وكلما تدخل آلاباء لضبط عالقات العشق لدم أبنائهم‪،‬‬
‫وتهديدها‪ ،‬اد اتقاد مشاعر العشق لدم ألابناء وتفاقمم‪ .‬أي يـت ـص ـاح ـبـان ف ـي الح ـدوث‬
‫ارت ـفاع ـا وان ـخ ـفـاض ـا‪ ،‬وب ـل ـغ ـة ف ـن ـي ـة إح ـص ـائ ـي ـة‪ ،‬يوج ـد بـيـنهما تـبايـن مشترك‪.‬‬

‫‪542‬‬
‫وينظر علماء املنهجية إلى املنهج الارتباطي‪ ،‬على أنه ال يتعدم كونه طريقة استكشافية‬
‫للعالقات بين الظواهر‪ ،‬و شير أحد املبادئ إلابستمولوجية‪ ،‬في هذت املس لة‪ ،‬إلى ‪" :‬أن‬
‫الظواهر في طبيعتها مستقلة عن بعضها إال إذا تبين أن بينها ارتباط"‪ .‬وظهر من العديد من‬
‫البحوث الارتباطية‪ ،‬أنه من املمكن أن سفر بحث أو أكثر عن وجود ارتباط بين ظاهرتين أو‬
‫متغيرين‪ ،‬مع أنهما مستقالن في حقيقتهما‪ .‬ولذا وضع املنهجيون شروطا صارمة‪ ،‬أمام إجراء‬
‫البحوث الارتباطية‪ ،‬خاصة وأن املنهج الارتباطي‪ ،‬له شعبية واسعة بين الباحثين‪ .‬وهذت‬
‫الشروط‪ ،‬هي ‪ )1 :‬أن تكون عينة البحث متجانسة‪ ،‬ويتراوح حجمها بين ‪ 50 :‬إلى ‪ 90‬فرد‪،‬‬
‫لتفادي أي تضليل إحصا ي‪ )2 .‬أن تكون أداة القياس جيدة‪ )3 .‬أن تكون فرضية البحث‬
‫التي سول تخت ر ارتباطيا‪ ،‬مسندة بإطار نظري قوي‪ .‬إن الفرضية التي تقول بوجود ارتباط‬
‫بين الانطواء والخجل‪ ،‬مثال‪ ،‬تساندها نظرية أيينك في الشخصية‪ .‬والفرضية التي تقول بوجود‬
‫ارتباط بين العمر والييادة في املحصول اللغوي في مرحلة الطفولة‪ ،‬تؤيدها حقائق النمو‬
‫النفس ي‪ .‬والفرضية التي تقول بوجود ارتباط بين الانتبات والدافعية‪ ،‬تساندها حقائق نفسية‪،‬‬
‫وخ رات الحياة العملية‪ .‬أما الفرضية التي تقول بوجود ارتباط بين الذكاء والدافعية‪ ،‬فقد ال‬
‫يوجد ما يؤيدها‪ ،‬سواء في ألاطر النظرية‪ ،‬أم فيما تم إنجا ت من بحوث‪.‬‬
‫إن فهم طبيعة الارتباط‪ ،‬واملنهج الارتباطي‪ ،‬واستعماله بطريقة صحيحة‪ ،‬يتحقق باالطالع‬
‫املستمر والواسع والعميق على حقائق علم النفس‪ ،‬ونظرياته‪ ،‬ومناهجه‪ ،‬وحقائق القياس‬
‫النفس ي‪ ،‬وحقائق إلاحصاء‪.‬‬

‫‪543‬‬
544
‫الفصل العشرون‬
‫البحث العلمي يبدأ بسؤال‪ ،‬أي بمشكلة‪ ،‬وال يبدأ بعنوان‬

‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال له ‪ :‬أخ رني يا ابن عبد املطلب‪،‬‬‫َس َ َل أعرابي عامري‪َّ ،‬‬
‫ما يييد العلم ؟ قال ‪ :‬التعلم‪ .‬قال ‪ :‬ف خ رني ما يدل على العلم ؟ قال النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ :‬السؤال‪( .‬طه حسين‪ ،‬د‪ .‬ت‪.)182 ،‬‬
‫وكتب الفيلسول الفرنس ي‪ ،‬غاستون باشالر ‪ ،G. Bachelard‬أن املسهى العلمي املنتج‬
‫للمعرفة‪ ،‬ينطلق من وجود مس لة أو مشكلة أو انشغال مسبق‪ ،‬لدم الباحث (‪ .)......‬وأوضح‪،‬‬
‫أنه بالنسبة للفكر العلمي‪ ،‬فإن كل معرفة تكون جوابا عن سؤال مطروح‪ ،‬فإذا لم يكن‬
‫هناك سؤال مطروح‪ ،‬فلن تكون هناك معرفة علمية‪( .‬لورس ي عبد القادر‪.)10 ،2013 ،‬‬
‫وأكد‪ ،‬أيضا‪ ،‬فيلسول العلم النمساوي‪ /‬كارل بوبر ‪ ،K. Popper‬أن البحث العلمي وبناء‬
‫النظرية‪ ،‬يبدأ بسؤال وبمشكلة‪ ،‬أي أن الخيال ي تي أوال ‪ :‬فالعلماء يبدؤون أوال بصياغة‬
‫حدوس أو فرضيات‪ ،‬حول ظواهر معينة‪ ،‬ام يتجهون إلى اختبارها باملالحظة والتجريب‪.‬‬
‫(بيروتي‪ ،‬ماكس‪.)203 . ،1999 ،‬‬
‫إن البحث العلمي في جميع فروع املعرفة‪ ،‬وفي كل التخصصات العلمية‪ ،‬وب ي منهج‬
‫بحث علمي‪ ،‬يبدأ بسؤال‪ ،‬ال تتوفر لدم الباحث‪ ،‬إجابة عنه‪ ،‬أي بمشكلة‪ ،‬ال يتوفر لدم‬
‫الباحث حل لها‪ ،‬قبل إجراء البحث‪ .‬أمثلة من علم النفس ‪:‬‬
‫ـ هل الذكور أكثر تقديرا لذواتهم أو إلاناث ؟‬
‫ـ ما العوامل املسؤولة عن ممارسة ألافراد للسلوك الصحي ؟‬
‫ـ كيف تتطور املعتقدات الصحية لدم ألافراد البالغين ؟‬
‫ـ ملاذا يبدع بعض ألافراد وبعضهم ال يبدعون ؟‬

‫مرونة البحث العلمي‪.‬‬


‫ام شرع الباحث في إلاجراءات املنهجية للجابة عن سؤال البحث‪ ،‬أي حل املشكلة‪،‬‬
‫بمنهج بحث علمي مناسب‪ .‬والباحث وهو في نشاط بحثي‪ ،‬يمكن أن غير مفهوما أو يلغيه‪ ،‬أو‬
‫يضيف مفهوما آخر‪ ،‬أو يضيف مقياسا أو غيرت‪ ،‬أو يضيف أداة أخرم لجمع املعلومات‪ ،‬أو‬
‫غيرها‪ ،‬أو يضيف عينة‪ ،‬أو غير في فروض البحث‪ ،‬وفق ما يتطلبه حل املشكلة‪ .‬ألن من‬
‫طبيعة البحث العلمي‪ ،‬املرونة في التفكير‪ ،‬وفي إلاجراءات‪ ،‬والحرية في اختيار الحلول املناسبة‬

‫‪545‬‬
‫(الفرضيات) واختبارها‪ ،‬لقبولها أو رفضها‪ ،‬أو تغييرها‪ ،‬و سير هكذا‪ ،‬حتى يتحقق هدل‬
‫البحث‪ ،‬وهو إلاجابة عن السؤال‪ ،‬وحل املشكلة‪.‬‬
‫والبداية في البحث العلمي‪ ،‬بهذت الطريقة‪ ،‬تع ي السهي إلى تحقيق أحد أهم أهدال‬
‫العلم ألاساسية‪ ،‬وهو التنظير (بناء نظريات)‪ .‬فالباحث ألاكاديمي‪ ،‬عليه أن يفكر في بداية‬
‫ألامر‪ ،‬في إمكان املساهمة نظريا في بناء املعرفة العلمية‪ ،‬وتطويرها‪ ،‬ويتحقق له ذلك‪ ،‬من‬
‫خالل الاطالع الواسع والعميق على ألادبيات املتعلقة بمفاهيم بحثه‪ ،‬وأن تكون له الحرية‬
‫ألاكاديمية التامة‪.‬‬

‫توضيح من مثال السؤال ألاول‪.‬‬


‫يبدأ البحث بالسؤال‪ ،‬وبمشكلة ‪" :‬هل الذكور أكثر تقديرا لذواتهم أو إلاناث ؟"‪ .‬فيجرم‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫البحث‪ ،‬وعند الحصول على النتيجة‪ ،‬يمكن للباحث أن س ل أيضا‪ ،‬وإذا أضفم خاصية‬
‫تتغير النتيجة‪ ،‬وبعد الحصول على‬‫أخرم لخاصية الجنس‪ ،‬وهي ‪ :‬اليواج وعدم اليواج‪ ،‬فهل ّ‬
‫ُ‬
‫النتيجة‪ ،‬يمكن أن س ل مرة أخرم‪ ،‬وإذا أضفم إلى الخاصيتين السابقتين‪ ،‬وهما ‪ :‬الجنس‬
‫واليواج‪ ،‬خاصية أخرم‪ ،‬وهي ‪ :‬العمل وعدم العمل‪ ،‬فهل ّ‬
‫تتغير النتيجة‪ ،‬كذلك‪ ،‬في تي البحث‬
‫في تصميم فارقي كما يتبين من الجدول رقم (‪ )24‬وهو تصميم عاملي ‪ .2 × 2 × 2 :‬أي الذكور‬
‫وإلاناث‪ ،‬ام اليواج وعدم اليواج‪ ،‬ام العمل وعدم العمل بصفتها متغيرات مستقلة‪ ،‬وخاصية‬
‫تقدير الذات بصفتها متغيرا تابعا‪.‬‬

‫إلاناث‬ ‫الذكور‬
‫عدم اليواج‬ ‫اليواج‬ ‫عدم اليواج‬ ‫اليواج‬
‫العمل عدم‬ ‫عدم‬ ‫العمل عدم العمل‬ ‫عدم‬ ‫العمل‬
‫العمل‬ ‫العمل‬ ‫العمل‬ ‫العمل‬
‫تقدير الذات‬

‫وبعد الانتهاء من البحث‪ ،‬يتبين عندئذ‪ ،‬كيف يكون عنوانه‪.‬‬

‫‪546‬‬
‫حال البحث العلمي في جامعاتنا‪.‬‬
‫إن البحث العلمي‪ ،‬في جامعاتنا‪ ،‬ال سيما‪ ،‬على مستوم أطروحات الدكتورات واملاستر‪،‬‬
‫يبدأ بعنوان‪ ،‬ويكون نهائيا‪ ،‬فال سمح بتغييرت‪.‬‬
‫بالنسبة لرسائل املاستر‪ ،‬حدث أن اطلعم صدفة في أحد أقسام علم النفس‪ ،‬على قائمة‬
‫تتضمن عناوين بحوث‪ ،‬وضعم بعدد طالب املاستر‪ ،‬يتم تو عها عل هم‪ ،‬ويطلب منهم عدم‬
‫تغييرها‪ .‬وتبين أن بعضها يتضمن متغيرات‪ ،‬ليس من طبيعتها النظرية أن تبحث معا‪ .‬وعناوين‬
‫أخرم‪ ،‬ليس مالئما بحثها بمنهج الارتباط‪ ،‬وخاصة الخطي‪ ،‬ألن معظم متغيراتها تصنيفية‪،‬‬
‫والصحيح أن تبحث فارقيا (مقارنات)‪ .‬وتتضمن كل العناوين عبارة ‪ :‬وعالقته أو وعالقتها‪.‬‬
‫أما بالنسبة ألطروحات الدكتورات‪ ،‬فبعد نجاح الطالب في املسابقة التي تؤهله إلى‬
‫الالتحاق ب رنامج دراس ي للحصول على درجة الدكتورات‪ ،‬ل م د‪ ،‬وقبل تلقيه ملنهاج الدراسة‬
‫النظرية‪ ،‬تطالبه إلادارة باختيار عنوان ألاطروحة‪ ،‬ليكون ضمن ملف تسجيله إلاداري‪ ،‬وال‬
‫غيرت مرة واحدة‪ ،‬فقط‪ .‬وتسبب ذلك في صعوبات أمام‬ ‫سمح له‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬بتغييرت‪ ،‬أو ّ‬
‫الطلبة الختيار عناوين بحوثهم‪ ،‬وخاصة أولئك الذين لم يكن تخصصهم الدقيق في مرحلتي‬
‫الليسانس واملاستر‪ ،‬هو نفسه في مرحلة الدكتورات‪ ،‬فيضطرون إلى إلابقاء على عناوين بحوثهم‬
‫في مرحلة املاستر‪ ،‬حتى ولو كانم ال تنتمي إلى التخص الجديد في مرحلة الدكتورات‪.‬‬

‫النتائج املترتبة عن ذلك‪.‬‬


‫‪ 1‬ـ إن دور كل من الطالب‪ ،‬وألاستاذ املشرل‪ ،‬وهما فقط املعنيان علميا بموضوع‬
‫البحث‪ ،‬يكاد يلغى تماما‪ ،‬فاألمر كله صار للدارة‪ ،‬التي وضعم نصوصا منظمة جراءات‬
‫الحصول على هاتين الشهادتين‪ ،‬وتنفذها الهيئات العلمية في الجامعة‪ ،‬وتراقبها بصرامة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ حدث أن تم إنجا بحوث‪ ،‬ال تتفق املفاهيم التي في عناوينها مع ما هو مكتوب في‬
‫مضامينها‪ .‬والهيئات العلمية في الجامعة‪ ،‬ال تهتم بمضمون ألاطروحة‪ ،‬بل بعنوانها فقط‪.‬‬
‫وهذا غير مالئم‪ ،‬وال يتفق مع ما ينبغي أن يكون‪ ،‬إن عنوان البحث من الطبيهي أن ينسجم‬
‫مع مضمون البحث‪ ،‬بحيث تعكس املفاهيم أو املتغيرات الواردة في العنوان‪ ،‬مع ما هو مسجل‬
‫في مضمون البحث‪ ،‬وإال من الطبيهي أن ترفض ألاطروحات من لجان القراءة واملناقشة‪.‬‬

‫‪547‬‬
‫كيف كنا نبحث سابقا ؟‬
‫في السابق‪ ،‬كان الطالب سجل إداريا‪ ،‬فـي مصلحة الدراسات العليا‪ ،‬نجا أطروحة في‬
‫املاجستير أو في الدكتورات‪ ،‬ام يختار موضوع بحثه‪ ،‬أي متغيراته‪ ،‬وليس عنوانه‪ ،‬بهدوء وروية‪،‬‬
‫بمعية ألاستاذ املشرل‪ .‬أتذكر أني في بحث املاجستير‪ ،‬بجامعة وهران ‪ ،1995‬وكذلك‬
‫ْ‬
‫عنواني البحثين وسجلتهما على غالفي تقريريهما‪ ،‬بمعية ألاستاذ‬ ‫الدكتورات‪ ،2001 ،‬حددت‬
‫املشرل‪ ،‬بعد أن أنهيتهما‪ ،‬وشرعم في إعداد النسخ النهائية لهما‪ .‬و ميل آخر‪ ،‬أنجي دراستين‬
‫في بحث واحد ألطروحة الدكتورات‪ ،‬وبعد الانتهاء منه‪ ،‬سجل عنوانه‪.‬‬
‫والبدء بعنوان البحث‪ ،‬وليس بسؤال‪ ،‬كان شا عا بين الطلبة‪ ،‬في مرحلة الليسانس‪ .‬أتذكر‬
‫أن الطلبة وهم بصدد إنجا رسالة التخرج من مرحلة الليسانس‪ ،‬في النظام الكالسيكي‪،‬‬
‫أشاهدهم يطلبون من مالئهم ومن ألاساتذة‪ ،‬أن ساعدوهم على إكمال عناوين بحوثهم‪.‬‬
‫وهذت طالبة‪ ،‬تقول لهم ‪" :‬لدي متغير "الطموح"‪ ،‬وأريد منكم أن تجدوا لي متغيرا آخر أربطه‬
‫به"‪ .‬بهذت السذاجة العلمية‪ ،‬والسطحية في التفكير‪.‬‬
‫وطبعا‪ ،‬هناك أسباب لهذا الجهل بطبيعة البحث العلمي ومناهجه‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ما لنا غير مهيئين وغير مؤهلين ملمارسة البحث العلمي على قواعدت الصحيحة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ لم نعلم طالبنا في املراحل الجامعية ألاولى‪ ،‬طرق التفكير العلمي‪ ،‬ومناهج البحث‬
‫العلمي وإجراءاته‪ ،‬وتركناهم يتعلمون وحدهم فيقعون في أخطاء‪ ،‬يصعب التخل منها‬
‫الحقا‪ .‬وهؤالء صاروا آلان أساتذة يتولون تدر س املنهجية وإلاشرال على ألاطروحات‬
‫ومناقشتها‪ ،‬فصارت الرداءة وألاخطاء تتناسخ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ سوء تدر سنا ملناهج البحث العلمي‪ .‬ففي حدود علمي‪ ،‬أن مناهج البحث النفس ي‪،‬‬
‫تدرس وفق أفكار فلسفية عامة‪ ،‬دون التطرق إلى طرق التفكير العلمي وإلاجراءات العملية‬
‫التي ينفذ وفقها البحث العلمي‪ .‬وكثيرا ما قام بتدر س مناهج البحث النفس ي‪ ،‬حملة‬
‫املاجستير‪ ،‬فقط‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ عدم جدية ألاساتذة املشرفين على ألاطروحات‪ ،‬وعدم صرامتهم في تنفيذ إجراءات‬
‫املنهج العلمي من قبل طالبهم‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ وجود أساتذة عتقدون أن مناهج البحث العلمي‪ ،‬ليسم طرقا وإجراءات صارمة‪،‬‬
‫وعلى جميع الباحثين الالتزام بها‪ ،‬بل عت رون مناهج البحث العلمي‪ ،‬ال تتعدم وجهات نظر‬
‫فردية‪ ،‬وقد سمعم هذا الكالم أكثر من مرة من أساتذة يناقشون أطروحات دكتورات‪.‬‬

‫‪548‬‬
‫وما الحل ؟‬
‫يكون الحل لهذت املشكلة‪ ،‬و عود البحث العلمي إلى طريقه الطبيهي‪ ،‬عند قيام أساتذة‬
‫الجامعات بتسجيل مالحظاتهم على إلاجراءات إلادارية التي تصدرها سلطات الوصاية‪،‬‬
‫لتنظيم إجراءات الحصول على املاستر والدكتورات‪ ،‬ويلفتون الانتبات‪ ،‬إلى أن هذت إلاجراءات‬
‫ال تنسجم مع طبيعة البحث العلمي‪ ،‬فهي تلحق به ضررا وتسبب له تدهورا‪ ،‬ألنه ريما يكون‬
‫سيرون بها البحث العلمي‪ ،‬ليسوا أساتذة‬ ‫الذين يضعون هذت إلاجراءات إلادارية‪ ،‬التي ّ‬
‫جامعيين مارسوا البحث العلمي‪ ،‬وعرفوا طبيعته‪ ،‬بل قد يكونون إداريين فقط‪.‬‬

‫‪549‬‬
550
‫مراجع الفصل العشرون‬
‫‪ 1‬ـ بيروتي‪ ،‬ماكس (‪ .)1999‬ضرورة العلم ‪ :‬دراسات في العلم والعلماء‪ .‬عالم املعرفة‪.)245( ،‬‬
‫الكويم‪ ،‬املجلس الوط ي للثقافة والفنون وآلاداب‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ طه حسين (د‪ .‬ت)‪ .‬على هامش السيرة‪ .‬الجيء ألاول‪ .‬الطبعة الواحدة والثالاون‪ .‬دار‬
‫املعارل‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ لورس ي عبد القادر (‪ .)2013‬محددات البحث العلمي وضوابطه في ضوء التصويبات‬
‫العقالنية لكارل بوبر ـ ارتدادات وإسقاطات على راهن الدراسات في العلوم النفسية‬
‫والاجتماعية‪ .‬دراسات نفسية وتربوية‪ ،‬مخ ر تطوير املمارسات النفسية والتربوية‪ ،‬عدد ‪.10‬‬

‫‪551‬‬
552
‫الفصل الحادي والعشرون‬
‫مجاالت البحث النفس ي وتعميم النتائج‬

‫إن عملية تعميم نتائج البحوث العلمية‪ ،‬تع ي تحقيق خاصية التراكمية للعلم‪ ،‬التي‬
‫مفادها أن العلم عبارة عن محصلة لتراكم جهود العلماء املتواصلة التي تضال إلى بعضها‪،‬‬
‫فتنش ئ صرحا ضخما من الحقائق التي تم التحقق منها باملنهج العلمي‪ ،‬وتمهد الطريق‬
‫ألنشطة علمية أخرم الحقة‪ ،‬مما يحقق نوعا من التقدم العلمي بفضل تراكم هذت الجهود‬
‫العلمية‪ ،‬إن املعلومات املعيولة عن بعضها‪ ،‬ال تشكل علما‪.‬‬
‫هناك االاة مجاالت تجرم ف ها البحوث النفسية‪ ،‬تختلف في أهدافها‪ ،‬مما ستتبع‬
‫اختالفها في تعميم نتائجها‪ .‬تجرم البحوث النفسية لألهدال آلاتية ‪:‬‬
‫‪ )1‬بهدل معرفة مدم انتشار خاصية سلوكية معينة في املجتمع‪ ،‬ومعرفة فروق‬
‫وارتباطات في خصائ نفسية معينة‪،‬‬
‫‪ )2‬بهدل تصميم أو تقنين اختبار أو مقياس نفس ي‪،‬‬
‫‪ )3‬بهدل بناء نظرية في علم النفس‪ ،‬واختبار فرضياتها‪.‬‬
‫وفيما ي تي توضيح لألهدال الثالاة ‪:‬‬

‫‪ )1‬البحث النفس ي بهدل معرفة مدم انتشار خاصية سلوكية معينة في‬
‫املجتمع‪ ،‬ومعرفة فروق وارتباطات في خصائ نفسية معينة‪.‬‬
‫ُيجرم البحث النفس ي على خاصية نفسية معينة في أصل عام (مجتمع البحث) محدد‬
‫ومستهدل‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ مدم انتشار ظاهرة النفور املدرس ي لدم الذكور في الجيائر‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ اتجاهات الشباب نحو ألاحياب السياسية في الجيائر‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ من هم أكثر شعورا بالسعادة‪ ،‬الذكور أو إلاناث ؟‬
‫‪ 4‬ـ الفروق بين الجنسين وبين ألاعمار في مفهوم الذات‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ الفروق بين التونسيين والجيائريين واملغربيين في الدافع إلى إلانجا ـ دراسة ع ر اقافية‪.‬‬
‫وغيرها من البحوث التي ستهدل أص ـحابها مجتمعا مح ـددا (أص ـل عام)‪ ،‬أو مجتمعات‬

‫‪553‬‬
‫محددة (أصول عامة)‪ ،‬سحبون منه (ها) عينة أو عينات‪ ،‬ستعملونها في إجراء بحوثهم‬
‫بمنهج بحث علمي مناسب‪ ،‬ما دام يتعذر عل هم بحث ألاصل العام كله‪ ،‬ام تعمم نتائج تلك‬
‫البحوث على ألاصل العام أو مجتمع البحث املستهدل الذي سحبم منه العينة أو العينات‪.‬‬
‫والعينات في هذت البحوث‪ ،‬شترط أن تكون ممثلة ألصلها العام‪ ،‬ما دامم نتائج البحث الذي‬
‫أنجي عل ها سول عمم على ذلك ألاصل العام‪.‬‬
‫ويتم تعميم نتائج هذا النوع من البحوث في أي مجتمع وفي أي مان أجري فيه البحث‪،‬‬
‫لتحقيق خاصية التراكمية للعلم‪ ،‬فالعلم ليس له وطن‪ ،‬وليس له مجتمع محدد‪ ،‬وليس ملكية‬
‫خاصة‪ ،‬فهو ملكية عامة للنسانية كلها‪.‬‬

‫‪ )2‬البحث النفس ي بهدل تصميم أو تقنين اختبار أو مقياس نفس ي‪.‬‬


‫ُيجرم البحث النفس ي امليداني‪ ،‬كذلك‪ ،‬بهدل تصميم اختبار أو مقياس نفس ي جديد‪ ،‬أو‬
‫تقنين اختبار أو مقياس نفس ي جاهي من بيئة أجنبية إلى بيئة محلية‪ .‬مثل‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تصميم مقياس للي س للراشدين وتقنينه على البيئة الجيائرية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تصميم مقياس لسلوك النمط ـ أ وتقنينه على البيئة الجيائرية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تقنين قائمة السعادة الحقيقية للراشدين على البيئة الجيائرية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ تقنين قائمة آرون بيك الثانية لالكتئاب على البيئة الجيائرية‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ تقنين مقياس روتر ملصدر الضبط الداخلي‪ /‬الخارجي للتعييي على البيئة الجيائرية‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ تقنين قائمة كوستا وماكري للعوامل الخمسة الك رم للشخصية على البيئة‬
‫الجيائرية‪.‬‬
‫في هذا النوع من البحوث النفسية‪ ،‬ال يهتم الباحث ب صل عام بشري معين‪ ،‬وال ستهدل‬
‫أي مجتمع بعينه‪ ،‬وال يحر على سحب عينة من ألافراد ممثلة ألصلها العام‪ ،‬بل يوجه‬
‫معظم جهدت واهتمامه إلى كل ما يتعلق بإعداد الاختبارات واملقاييس النفسية‪ .‬ويركي اهتمامه‬
‫على الاختبار أو املقياس الذي يقوم بتصميمه‪ ،‬أو بتقنينه‪ ،‬من حيث إعداد بنود جيدة‪،‬‬
‫وتعليمات واضحة‪ ،‬وحساب شروطه السيكومترية‪.‬‬
‫وهناك‪ ،‬بالضبط‪ ،‬االاة جوانب ينبغي الاهتمام بها عند إجراء البحث بهدل تصميم‬
‫اختبار أو مقياس نفس ي جديد‪ ،‬أو تقنينه‪ ،‬وهي ما ي تي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تحديد الهدل من الاختبار أو املقياس النفس ي‪ ،‬وقد يتمثل الهدل في ‪:‬‬
‫ـ معرفة ما يتوفر لدم الفرد أو ألافراد من الخاصية محل القياس‪،‬‬

‫‪554‬‬
‫ـ أو ترتيب ألافراد على الخاصية محل القياس‪،‬‬
‫ـ أو تحديد الصعوبات والاضطرابات التي عاني منها الفرد أو ألافراد‪،‬‬
‫ـ أو التنبؤ بمدم قدرة الفرد أو ألافراد على النجاح في الدراسة أو في املهنة‪،‬‬
‫ـ أو التعرل على اتجاهات ألافراد نحو قضايا جدلية عامة معينة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تحديد خصائ املستهدفين من الاختبار أو املقياس النفس ي‪ ،‬الذين قد يكونون‬
‫أطفاال أو راشدين‪ ،‬أسوياء أو مرض ى‪ ،‬ذوي إعاقات سمعية أو بصرية أو ساملين‪ ،‬أميين أو‬
‫متعلمين‪ .‬ألن هذت الخصائ ‪ ،‬تؤخذ بعين الاعتبار عند تصميم اختبار أو مقياس نفس ي‪،‬‬
‫وخاصة فيما يتعلق بشكل بنودت‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تعيين الخاصية املراد قياسها‪ ،‬التي قد تكون قدرات أو سمات أو اتجاهات أو قيم أو‬
‫ميول أو دوافع وغيرها‪.‬‬
‫وبعد إنجا البحث‪ ،‬فإن النتائج التي يتم التوصل إل ها‪ ،‬من عملية تقنين الاختبار أو‬
‫املقياس النفس ي‪ ،‬ال تعمم على املجتمع الذي سحبم منه عينة ألافراد‪ ،‬بل تعمم على الاختبار‬
‫أو املقياس النفس ي‪ ،‬من حيث مدم صالحيته لالستعمال في البيئة التي صمم أو قنن لها‪،‬‬
‫فتزداد بذلك سمعته ك داة قياس جيدة‪ ،‬ويصير محل اقة‪ ،‬أو غير صالح جيئيا‪ ،‬فيخضع‬
‫للتنقيح والتعديل‪ ،‬أو غير صالح كليا‪ ،‬فيخضع للعداد من جديد‪ ،‬أو يتخلي عنه‪.‬‬
‫في هذا النوع من البحوث يكون الاختبار أو املقياس النفس ي هو املستهدل‪ ،‬وليس مجتمع‬
‫البحث من ألافراد‪.‬‬
‫عندما أقرأ بعض البحوث التي أجريم من أجل تصميم أو تقنين اختبار أو مقياس نفس ي‪،‬‬
‫وأجد الباحث قد كتب يقول‪ ،‬ويؤكد‪ ،‬أنه سحب عينة ممثلة للمجتمع (ألاصل العام)‪،‬‬
‫ف تساءل ‪ :‬ما العينة وما املجتمع الذي يقصد ؟ هل هو مجتمع البنود‪ ،‬وعينة البنود‪ ،‬أو‬
‫مجتمع ألافراد‪ ،‬وعينة ألافراد ؟‬
‫كتبم مقاال صغيرا‪ ،‬منذ سنوات‪ ،‬وأرسلته إليكم‪ ،‬بعنوان ‪ :‬أي عينة يقصدون ؟ تحدام‬
‫فيه عن عينة البنود‪ ،‬ومجتمع البنود الذي ينبغي أن تعمم عليه نتائج تصميم أو تقنين‬
‫الاختبار أو املقياس النفس ي‪ ،‬وال تعمم على مجتمع ألافراد‪.‬‬
‫ويتم تعميم نتائج تصميم أو تقنين الاختبار أو املقياس النفس ي‪ ،‬في أي مجتمع وفي أي‬
‫مان أجري فيه البحث‪ ،‬ولكل الباحثين‪ ،‬وليس املصمم ألاول لالختبار أو املقياس النفس ي‪،‬‬
‫فقط‪ ،‬وال يت ار تعميم النتائج بالفروق الحضارية والثقافية إال قليال‪ ،‬و سهل التخل منها‪.‬‬
‫ولهذا من الضروري إعادة حساب صدق وابات الاختبارات واملقاييس النفسية عند‬

‫‪555‬‬
‫استعمالها مرات أخرم في البحوث النفسية‪ .‬فمثال‪ ،‬ينبغي على كل باحث‪ ،‬استعمل مقياس‬
‫روتر ملصدر الضبط‪ ،‬أن عيد حساب خصائصه السيكومترية‪ ،‬و عممها على املقياس‪ ،‬فتزداد‬
‫سمعته العلمية والقياسية‪ ،‬ويثق الباحثون في قدرته على قياس ما وضع لقياسه‪ .‬وألامر‬
‫نفسه لكل الاختبارات واملقاييس النفسية‪.‬‬

‫‪ )3‬البحث بهدل بناء نظرية في علم النفس واختبار فرضياتها‪.‬‬


‫يجرم املنظرون‪ ،‬في علم النفس‪ ،‬كذلك‪ ،‬بحواا ميدانية الختبار فرضيات نظرياتهم على‬
‫محك الواقع‪.‬‬
‫يالحظ املنظر في علم النفس‪ ،‬سلوكا‪ ،‬فيتساءل ‪ :‬ملاذا حدث هذا السلوك ؟ وما عوامل‬
‫حدواه ؟ وما عالقته ب نماط سلوكية أخرم ؟ فينشط فكريا وإجرائيا‪ ،‬للجابة عن هذت‬
‫ألاسئلة‪ ،‬ستمر جهدت لسنوات عديدة‪ ،‬وملدة منية طويلة‪ ،‬يجمع مالحظات‪ ،‬وبيانات‪ ،‬تكون‬
‫غير منظمة‪ ،‬يخضعها لالختبار‪ ،‬ويهتدي إلى بعض إلاجابات والتفسيرات املؤقتة وغير املؤكدة‪،‬‬
‫التي يضعها في صورة فرضيات‪ ،‬فيستمر لسنوات‪ ،‬يجري خاللها عشرات البحوث‪ ،‬فيعدل‬
‫وينقح‪ ،‬لت كيد تلك الفرضيات أو لدحضها‪ .‬وأاناء كل هذا العمل املتواصل‪ ،‬ال يبدي اهتماما‬
‫كبيرا بمجتمع البحث (ألاصل العام) الذي سحب منه العينة‪ ،‬شير فقط إلى بعض‬
‫خصائصه؛ كالعمر والحاالت الصحية وبعض الفروق في خصائ معينة‪ .‬وال شير إلى أن‬
‫عينة ألافراد التي يجري عل ها البحث الختبار الفرضيات ممثلة ملجتمعها الذي سحبم منه‪،‬‬
‫بل شير إلى أن النتائج التي توصل إل ها‪ ،‬تؤيد ما تذهب إليه النظرية في فرضياتها أو ال تؤيدها‪.‬‬
‫و ستمر إجراء البحوث على النظرية‪ ،‬الختبارها‪ ،‬في مجتمعات عديدة‪ ،‬وفي أ منة متتابعة‪ ،‬وفي‬
‫كل هذت البحوث‪ ،‬تعمم نتائجها على النظرية لت ييدها أو لدحضها‪.‬‬
‫في هذا النوع من البحوث تكون النظرية هي املستهدفة وليس مجتمع البحث‪.‬‬
‫ْ‬
‫تساءل علماء النفس‪ ،‬ملاذا يقدم الناس على القيام بسلوك معين‪ ،‬ويحجمون عنه أحيانا‬
‫فقدم بعضهم (إدوارد طوملان‪ ،‬جوليان روتر) تفسيرا للقدام وإلاحجام‪ ،‬هذا‪،‬‬ ‫أخرم‪ّ .‬‬
‫بافتراضهم ملفهوم "التوقع"‪ ،‬بصفته مفهوما معرفيا؛ بحيث يقدم الفرد على قيامه بالسلوك‪،‬‬
‫إذا توقع أنه سيحصل على إشباعات كبيرة ومرغوبة‪ ،‬ويحجم عن القيام بالسلوك إذا توقع‬
‫أنه سيحصل على إشباعات قليلة‪ ،‬أو ال يحصل عل ها‪ .‬فإن كل باحث تناول هذت الفرضية‬
‫باالختبار‪ ،‬مرة أخرم‪ ،‬فـي أي مجتمع وفي أي مان‪ ،‬عليه أن عمم نتائج‬
‫البحث على هذت النظرية (التوقع)‪ ،‬فتت كد صحتها‪ ،‬أو تدحض‪ ،‬و عاد ف ها النظر‪.‬‬

‫‪556‬‬
‫هناك منظرون‪ ،‬أو نظريون‪ ،‬في علم النفس‪ ،‬صمموا نظرياتهم بتحيزهم ألفراد معينين‪،‬‬
‫رأوا أنهم أحسن من يؤيد ما تذهب إليه نظرياتهم؛ ُينتقد فندت "املؤسس ألاول لعلم النفس‬
‫التجريبي" ب نه أسس نظريته البنائية‪ ،‬باستعمال مفحوصين راشدين أسوياء مدربين على‬
‫إلادالء بمعلومات من خ راتهم الشعورية‪ ،‬عن طريق الاستبطان‪ ،‬وأسس فرويد نظرية التحليل‬
‫النفس ي في "العصاب"‪ ،‬من تحليله وعالجه لسيدات فيينا‪ ،‬من الطبقة الوسط ‪ ،‬املصابات‬
‫بالهستيريا‪ .‬وأسس أيينك نظريته في "أبعاد الشخصية"‪ ،‬وخاصة بعد العصابية‪ /‬الاتيان‬
‫الانفعالي‪ ،‬مستعمال الجنود إلانجليز العائدين من معارك الحرب العاملية الثانية‪ ،‬منهارين‬
‫عصبيا‪ ،‬وتم تشخيصهم‪ ،‬بهذت الحالة‪ ،‬من قبل أطباء نفسيين في مستشف الطوارئ بلندن‪.‬‬
‫وأسس ماسلو نظريته حول "دافع تحقيق الذات"‪ ،‬مستعمال ‪ 49‬يخصا‪ ،‬تميزوا‪ ،‬وفق تقديرت‬
‫الشخ ي‪ ،‬بخصال الناجحين‪ ،‬وألاصحاء نفسيا‪ ،‬وذوي تقدير ذات مرتفع‪ّ ،‬‬
‫وفع ّ‬
‫الي الذات‪،‬‬
‫وألاكثر نضجا‪ ،‬وألاعال تطورا واكتماال‪ .‬إذن‪ ،‬أين هي ألاصول العامة التي سحبم منها عينات‬
‫هؤالء املنظرين ؟ إن مبحوا هم‪ ،‬يمكن تسميتهم بالعينات القصدية‪ ،‬ألنها‪ ،‬من املؤكد‪،‬‬
‫إخضاعها ملعياري إلادراج وإلابعاد‪.‬‬

‫‪557‬‬
558
‫الفصل الثاني والعشرون‬
‫تطوير املفاهيم في البحث العلمي النفس ي وخاصية التراكمية‬
‫"عرض نقدي"‬

‫"إن السلوك الذي يكون محل بحث علمي‪ ،‬سواء كان بسيطا كمسك قلم‪ ،‬أم معقدا‬
‫كالشخصية‪ ،‬يختزل في كلمة واحدة‪ ،‬تدعى ‪ :‬املفهوم‪ ،‬لذا ينبغي الاهتمام باملفهوم قبل أي‬
‫ش يء آخر"‪.‬‬
‫"إن ما يؤخر تقدم العلم‪ ،‬ليس هو عدم مالءمة فنون البحث‪ ،‬من مناهج وقياس‬
‫وإحصاء‪ ،‬بل هو عدم مالءمة املفاهيم"‪.‬‬
‫يتمثل التحدي ألاك ر في أي بحث علمي في إلاجابة عن السؤال آلاتي ‪" :‬كيف يمكن‬
‫التحقق من صدق مفاهيمنا ؟"‪.‬‬
‫"إن إبداع مفهوم جديد‪ ،‬ينجر عنه وضع تعريف ت سيس ي له‪ ،‬وتحديد السلوك الذي‬
‫يتضمنه‪ ،‬وطريقة قياسه‪ ،‬وألاسئلة التي تطرح لبحثه‪ ،‬واملفاهيم التي ترتبط به‪ ،‬وإلاطار‬
‫النظري الذي تدمج فيه نتائج بحثه"‪.‬‬
‫نتفق جميعا على أن ممارسة البحث العلمي‪ ،‬ليسم مجرد ملء عشرات الصفحات‪،‬‬
‫باملفاهيم والجمل والكلمات والرسوم وألاشكال والجداول‪ ،‬ويقول صاحبه أنه أنجي بحثا‬
‫علميا‪ ،‬فالبحث العلمي ليس نشاطا هائما وطليقا‪ ،‬وفوضويا‪ ،‬بل يمارس وفق ضوابط‬
‫وقواعد ومعايير ومحكات‪ ،‬ينبغي التقيد بها والسير على هداها‪ ،‬وإال خرج عن ساحة العلم‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ فالعلم نشاط هادل‪ ،‬سهى إلى وصف وفهم وتنبؤ وضبط أو تحكم في ظواهر تالحظ‬
‫في الواقع‪ ،‬وصياغة قوانين بش نها وتطبيقها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فالعلم نشاط منظم في نظريات‪ ،‬وتخصصات عامة‪ ،‬وتخصصات دقيقة‪ ،‬ومفاهيم‪،‬‬
‫وأدوات قياس‪ ،‬وعينات‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ فالعلم نشاط عقلي محكوم بقواعد‪ ،‬أي يمارس ضمن مناهج ومبادئ وأسس‬
‫وخصائ ‪.‬‬
‫وبالنسبة لخصائ العلم‪ ،‬فلن خذ خاصية التراكمية‪ ،‬التي تع ي ‪ :‬أن النتائج التي يتم‬
‫التوصل إل ها‪ ،‬ب سلوب البحث العلمي‪ ،‬تضال إلى النتائج ألاخرم التي تم التحقق منها في‬
‫بحوث سابقة حول نفس املفهوم‪ ،‬وفي نفس التخص وبنفس املنهج‪ ،‬وعلى نفس العينة‪.‬‬
‫فالعلم يقوم‪ ،‬أساسا‪ ،‬على املفاهيم‪ ،‬التي تمم صياغتها بهدل وصف أو تفسير ظواهر‬

‫‪559‬‬
‫كانم محل مالحظة‪ ،‬وتراكمم حولها نتائج البحوث املتواترة‪ ،‬فكل باحث يتوصل إلى نتائج‬
‫حول مفهوم معين‪ ،‬تضال إلى نتائج البحوث السابقة حول نفس املفهوم ‪:‬‬
‫فالنتائج التي تم التوصل إل ها حول مفهوم الذكاء‪ ،‬تضال إلى النتائج التي سبق التحقق‬
‫منها حول مفهوم الذكاء‪،‬‬
‫والنتائج التي تم التوصل إل ها حول مفهوم الاكتئاب‪ ،‬تضال إلى النتائج التي تم التحقق‬
‫منها حول مفهوم الاكتئاب‪،‬‬
‫والنتائج التي تم التوصل إل ها حول مفهوم السعادة‪ ،‬تضال إلى النتائج التي تم التحقق‬
‫منها حول مفهوم السعادة‪،‬‬
‫وهكذا تتراكم نتائج البحوث العلمية التي تم التحقق منها حول املفاهيم املختلفة لكل‬
‫تخص ‪ ،‬مكونة صرحا ضخما من املعرفة العلمية التي تستمر في النمو والييادة بفضل‬
‫جهود الباحثين‪.‬‬
‫وتوفر خاصية التراكمية في العلم‪ ،‬الكثير من الفوائد للباحثين‪ ،‬كما تحفظ املعرفة‬
‫العلمية من الفوض ى والضياع‪ ،‬وتتمثل تلك الفوائد فيما ي تي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ إمكان نمو املعرفة العلمية في نظام متسق‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إمكان الاطالع على املعرفة العلمية وفهمها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ إمكان ربط أجياء املعرفة العلمية ببعضها منيا‪ ،‬ماضيا وحاضرا‪ ،‬والتنبؤ بمسارها‬
‫مستقبال‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ إمكان معرفة اتجاهات ومسار املعرفة العلمية‪ ،‬وتطورها‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ إمكان معرفة جوانب القوة والضعف في املعرفة العلمية‪ ،‬وبالتالي نقدها وتصحيح‬
‫مسارها‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ إمكان استعمال املعرفة العلمية ألغراض عملية تطبيقية والاستفادة منها‪.‬‬
‫فالبحث العل مي ينبغي أن ينجي‪ ،‬في البداية‪ ،‬في املفاهيم التي يت لف منها العلم‪ ،‬حاليا‪،‬‬
‫حتى تتحقق خاصية التراكمية‪ ،‬و سهل الاتصال بين الباحثين املتخصصين‪ ،‬وهذا ال ع ي‬
‫التخلي عن التغيير والتعديل في املفاهيم الحالية‪ ،‬بل إن عمليتي املحافظة على املفاهيم‬
‫الراسخة في العلم‪ ،‬وإبداع مفاهيم جديدة‪ ،‬ع ر الدراسات النقدية‪ ،‬ينبغي أن تسيرا جنبا إلى‬
‫جنب‪ .‬فالظواهر التي هي محل دراسات علمية‪ ،‬ليسم جامدة‪ ،‬بل تتعرض للتغيير باستمرار‪،‬‬
‫و ساير العلماء‪ /‬الباحثون في علم النفس‪ ،‬كما في غيرت من العلوم ألاخرم‪ ،‬هذا التغير بإبداع‬
‫مفاهيم وصفية أو تفسيرية‪ ،‬تتفق مع طبيعة التغير في السلوك البشري‪.‬‬

‫‪560‬‬
‫إليكم ألامثلة آلاتية ‪:‬‬
‫املثال ألاول ‪ :‬لتفسير السلوك‪ ،‬أبدع علماء النفس‪ ،‬في البداية‪ ،‬مفهوم "الغريية"‪ ،‬ولكن‬
‫السيكولوجي ألامريكي‪ ،‬روبرت وودورث ‪ ،R. Woodworth‬رأم أن مفهوم الغريية‪ ،‬ال يتفق مع‬
‫طبيعة السلوك البشري‪ ،‬فالغريية مفهوم جامد ونوعي‪ ،‬والسلوك البشري مرن ومتغير وعام‪،‬‬
‫ف بدع مفهوم "الدافع"‪ ،‬وقدمه في كتابه ‪ :‬علم النفس الديناميكي‪ ،‬عام ‪ ،1918‬فاستحسنه‬
‫ّ‬
‫علماء النفس‪ ،‬وراحوا ستعملونه لتفسير السلوك والتنبؤ به‪ ،‬وتخلوا عن مفهوم الغريية‪.‬‬
‫وبفضل مواصلة البحث العلمي باستعمال نفس املفهوم (الدافع)‪ ،‬منذ قرن من السنوات‪،‬‬
‫نما صرح ضخم ومنظم ومتسق‪ ،‬من نتائج البحوث حول مفهوم "الدافع"‪ ،‬وتراكمم املعرفة‬
‫العلمية حوله‪ ،‬وتوفرت للباحثين‪ ،‬بهذا الشكل‪ ،‬كما هو الحال في كل املفاهيم في علم النفس‪،‬‬
‫وفي علوم أخرم‪.‬‬
‫ّ‬
‫املثال الثاني ‪ :‬فسر إيفان ب‪ .‬بافلول ‪ ،Ivan P. Pavlov‬استجابة الكلب الجا ع بـ "إفرا‬
‫اللعاب" عند حدوث مثير في مجاله الحس ي‪ ،‬بمفهوم "الارتباط الشرطي" بين املثير الشرطي‬
‫(جرس أو ضوء) واملثير غير الشرطي (الطعام)‪ .‬ولكن السيكولوجي ألامريكي‪ ،‬إدوارد طوملان ‪E.‬‬
‫‪ ،Tolman‬بعد استيعابه لهذا التفسير‪ ،‬قدم تفسيرا آخر‪ ،‬عام ‪ ،1932‬إار بحوث معملية‬
‫أجراها على الفئران‪ ،‬ب ن إفرا الكلب للعاب‪ ،‬قبل تناوله للطعام‪ ،‬لم يحدث بسبب الارتباط‬
‫ّ‬
‫الشرطي‪ ،‬كما ييعم بافلول‪ ،‬بل بسبب "توقع" الكلب حضور الطعام‪ ،‬وهو تفسير معرفي‪،‬‬
‫كما نالحظ‪ .‬وساهم طوملان‪ ،‬بإدراجه ملفهوم "التوقع"‪ ،‬في تقديم إرهاصات قوية لقيام علم‬
‫النفس املعرفي‪.‬‬
‫إليكم املثال الثالث ‪ :‬استوعب السيكولوجي ألامريكي‪ ،‬جوليان ب‪ .‬روتر ‪Jullian B.‬‬
‫‪ ،Rotter‬نظريات التعلم الارتباطية‪ /‬الشرطية لدم بافلول وسكينر وغيرهما‪ ،‬التي تقول‬
‫بمفاهيم شا عة مثل ‪ :‬املثير‪ ،‬الاستجابة‪ ،‬التعييي‪ ،‬وأجريم على حيوانات؛ كالكالب والفئران‬
‫والحمام‪ ،‬ولكنه رأم أن مفهوم "التعييي"‪ ،‬كما تناولته تلك النظريات‪ ،‬غير كال وحدت لتفسير‬
‫السلوك البشري‪ ،‬املرن واملعقد في آن واحد‪ ،‬وبعد بحوث بعضها معملي وبعضها واقهي‪،‬‬
‫أجراها خاصة على البشر (‪ ،)1954‬أضال إليه مفهوما آخر‪ ،‬هو ‪" :‬القيمة"‪ ،‬وأطلق عليه ‪:‬‬
‫"قيمة التعييي"‪ .‬وهو مفهوم معرفي‪ ،‬كذلك‪ .‬وأدخل‪ ،‬أيضا‪ ،‬مفهوم "التوقع"‪ .‬فصار تفسير‬
‫احتمال حدوث سلوك معين‪ ،‬هو أن "يتوقع" الفرد أنه إذا قام بسلوك معين‪ ،‬كاالنضباط في‬
‫ّ‬
‫املفضل لديه من بين تعيييات أخرم‬ ‫العمل‪ ،‬مثال‪ ،‬أن يحصل على "تعييي له قيمة عندت"‪ ،‬أي‬
‫متاحة‪.‬‬

‫‪561‬‬
‫يتبين من ألامثلة الثالاة السابقة‪ ،‬أن إبداع مفهوم علمي جديد لتفسير الظاهرة‬
‫السلوكية‪ ،‬حدث بعد استيعاب العلماء‪ /‬الباحثين للمعرفة العلمية القائمة‪ ،‬حول الظاهرة‬
‫السلوكية‪ ،‬محل الاهتمام‪ ،‬ونقد ما ف ها من نق بالنسبة للتناول العلمي الجديد للظاهرة‪،‬‬
‫ام تقديم البديل الجديد‪ ،‬أي أن التغيير والتجديد ينطلق من داخل ما هو قائم في املعرفة‬
‫العلمية بعد نقدت‪ .‬ونالحظ‪ ،‬أيضا‪ ،‬من ألامثلة الثالاة السابقة‪ ،‬أنها حافظم على خاصية‬
‫"التراكمية"‪ ،‬فاملفاهيم العلمية الجديدة‪ ،‬أدمجم ضمن املعرفة العلمية السابقة عل ها‪ ،‬ألنه‬
‫ينبغي إنشاء "سيرة ذاتية" لكل مفهوم علمي‪ ،‬كيف نش وكيف نما وكيف ّ‬
‫تغير‪ ،‬وهذا بالت كيد‬
‫جانب من الت ريخ للعلم‪.‬‬
‫إن إبداع مفهوم جديد‪ ،‬وإدراجه في تخص علمي معين‪ ،‬عمل مطلوب علميا‪ ،‬ويتفق‬
‫مع مبدأ قابلية العلم للتجديد والتطوير‪ ،‬ملسايرة التغيرات املستمرة في الظواهر‪ ،‬والوقا ع‪.‬‬
‫ينمو العلم ويتطور بإبداعات أهله‪ ،‬أي العلماء‪ /‬الباحثون‪.‬‬
‫فاملعرفة العلمية‪ ،‬ليسم نهائية‪ ،‬وليسم كاملة‪ ،‬بل بها ثغرات‪ ،‬وستبق دائما هكذا‪،‬‬
‫وليسم جامدة‪ ،‬وليسم مطلقة‪ ،‬بل هي مرنة ونسبية وغير يقينية‪ ،‬بمع ى أنها مفتوحة للحذل‬
‫وإلاضافة والتعديل وإلابداع‪ ،‬وهكذا تتجدد‪ ،‬لتتوافق مع التغيرات والاكتشافات الجديدة في‬
‫الظواهر محل البحث‪ ،‬وهذت املرونة في املعرفة العلمية‪ ،‬من أهم خصائ قوتها واستمرارها‬
‫وتطورها‪.‬‬
‫وهناك أساليب علمية بداع مفاهيم جديدة‪ ،‬وإدراجها ضمن مفاهيم سابقة في العلم‪،‬‬
‫عمل وفقا لها العلماء الجادون‪ ،‬وليس ب سلوب إقحام مفاجئ ملفهوم غريب عن التخص ‪،‬‬
‫ال يفهمه املتخصصون‪ ،‬وال يمكن إدراج نتائجه لتتراكم ضمن نتائج بحوث سابقة حول‬
‫املفهوم الذي ال وجود له‪.‬‬
‫الحظ الكثير منا باحثين ستعملون ألفاظا كثيرة‪ ،‬من هذا النوع‪ ،‬مثل ‪ :‬الخلل‪ ،‬الشغب‪،‬‬
‫التلكؤ‪ ،‬ويذكرون النتائج حول هذت املتغيرات‪ ،‬بالطرق الفنية املتعارل عل ها‪ ،‬في عرض نتائج‬
‫البحوث امليدانية؛ كالفروق والارتباطات‪ ،‬فيقولون ‪ :‬يوجد ارتباط بين الخلل والشغب‪،‬‬
‫ويوجد ارتباط بين الخلل والعنف املدرس ي‪ ،‬ويوجد فرق بين الذكور وإلاناث في التلكؤ اللغوي‪.‬‬
‫دون أن يوضحوا مع ى هذت املفاهيم‪ ،‬وما هو السلوك الذي تشير إليه‪ ،‬وال كيف تم قياسها‬
‫وبحثها‪.‬‬
‫إن معاني هذت ألالفاظ‪ ،‬يفهمها‪ ،‬بالت كيد‪ ،‬الناس في اللغة اليومية‪ ،‬وخارج الاستعمال‬
‫الع ـل ـمي‪ ،‬وحتى إذا لم يفهموها‪ ،‬ال تثار أية مشكلة ح ـول هذا ألام ـر‪ ،‬ولكنها في العلم ينبـغي أن‬

‫‪562‬‬
‫تكون واضحة‪ ،‬ألن العلم ال يتطور بمفاهيم غامضة‪.‬‬
‫وهناك مفهوم غريب‪ ،‬كذلك‪ ،‬أو أشد غرابة‪ ،‬عن مفاهيم علم النفس‪ ،‬أخذ "ينتشر" و‬
‫" غيو" العناوين الفنية لبحوث علم النفس‪ ،‬ومحاور امللتقيات‪ ،‬وحتى في تسمية فرق البحث‬
‫في املخابر‪ ،‬هو مفهوم ‪" :‬آليات"‪ .‬تم عرض بحوث يذكر ف ها أصحابها مفهوم أو كلمة "آليات"‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬آليات عسر القراءة‪ ،‬آليات ضبط السلوك‪ ،‬آليات التوافق النفس ي‪ ...‬وغيرها‪ ،‬وال‬
‫َ‬
‫ستعمل هذا اللفظ‪ ،‬باحثون مبتدئون‪ ،‬بل ستعمله كذلك‪ ،‬باحثون ترقوا إلى درجة‬
‫ألاستاذية‪ ،‬أو ستعمله طالبهم في أطروحات الدكتورات‪ ،‬وال يلفتون انتباههم إلى غرابة هذا‬
‫اللفظ عن مفاهيم علم النفس املواقة في املعرفة العلمية التي تراكمم‪.‬‬
‫إن إتقان ممارسة البحث العلمي‪ ،‬ينبغي أن يمتثل له كل باحث‪ ،‬وليس ذوو الخ رة فقط‪،‬‬
‫ألن الطالب‪ /‬الباحثين‪ ،‬تلقوا دروسا ومحاضرات حول مناهج البحث العلمي‪ ،‬وينجيون‬
‫بحوثهم تحم إدارة أستاذ مشرل‪ ،‬ذي خ رة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ليس مسموحا لهم‪ ،‬أبدا‪ ،‬ارتكاب أخطاء‬
‫في مناهج إنجا بحوثهم‪ ،‬أيا كان مستواها وهدفها‪ُ ،‬وي رر ذلك بقلة خ رتهم في طرق البحث‬
‫العلمي‪.‬‬
‫أعود ف قول ‪ :‬ما املقصود بلفظ "آليات" ؟ ربما يكون مرادفا ملفاهيم ستعملها‬
‫السيكولوجيون‪ ،‬وهي شا عة في لغة البحث العلمي النفس ي‪ ،‬مثل ‪ :‬العمليات‪ ،‬أو العوامل‪ ،‬أو‬
‫إلاستراتيجيات‪ ،‬أو الطرق‪ ،‬أو ألاساليب‪ ،‬أو الوسائل‪ ،‬وهذت املفاهيم‪ ،‬ليس بها عيب أو نق ‪،‬‬
‫وليسم غامضة‪ ،‬وم لوفة لدم املتخصصين في علم النفس‪ ،‬ويتفاعلون معها عقليا‪ ،‬وال‬
‫ً‬
‫تواجههم أية صعوبات في فهمها‪ ،‬لكن آلالية‪ ،‬وآلاليات‪ ،‬غامضة جدا‪.‬‬
‫ستعمل لفظ "آليات" خارج املمارسة العلمية‪ ،‬مثل ‪ :‬آليات تطوير الاقتصاد‪ ،‬آليات‬
‫فض النزاعات الدولية‪ ،‬آليات عسكرية؛ كالشاحنات والدبابات‪ ...‬وغيرها‪ ،‬وسواء كانم هذت‬
‫الاستعماالت واضحة لدم الناس أم غير واضحة‪ ،‬فهذا ال سبب أي مشكلة لديهم‪ ،‬لكن في‬
‫الاستعمال العلمي‪ ،‬من الضروري أن تكون املفاهيم واضحة لجميع الباحثين املتخصصين‪،‬‬
‫ويكون السلوك الذي تشير إليه معروفا لديهم‪ ،‬كذلك‪ ،‬حتى يمكن التواصل بينهم بسهولة‪،‬‬
‫كما ينبغي أن تكون مواقة في لغة البحث العلمي‪ ،‬حتى يمكن إدماج نتائج بحثها في النتائج‬
‫السابقة لبحوث أخرم حولها‪ ،‬وفقا لخاصية التراكمية في العلم‪ .‬ألن الباحث ينبغي أن يضع‬
‫في اعتبارت‪ ،‬أن النتائج التي يتوصل إل ها‪ ،‬حول مفهوم معين‪ ،‬ال بد أن تدمج في نتائج بحوث‬
‫سابقة حول نفس املفهوم‪ ،‬فتنمو املعرفة العلمية حوله‪.‬‬
‫واملشكلة املركيية في هذا املقال‪ ،‬أصيغها في السؤال آلاتي ‪ :‬أين تدمج نتائج بحث أجري‬

‫‪563‬‬
‫على مفهوم غير معرول في لغة علم النفس‪ ،‬مثل ‪" :‬آليات"‪ ،‬الغامض في معنات‪ ،‬وال يوجد‬
‫إنتاج علمي سابق باسمه ؟‬
‫إن البحث بطريقة إلغاء خاصية التراكمية‪ ،‬تجعل البحث ونتائجه‪ ،‬معيولة‪ ،‬وفلسفة‬
‫العلم تعت ر هذا النوع من البحوث‪ ،‬خارج نطاق العلم‪ ،‬ألنها ال تقدم أي إضافة له‪.‬‬
‫إنه جميل ورا ع‪ ،‬أن يبدع باحث مفهوما جديدا فيه فائدة‪ ،‬أفضل مما سبقه من‬
‫مفاهيم‪ ،‬لتفسير السلوك أو وصفه‪ ،‬كمفهوم آلالية أو آلاليات‪ ،‬ولكن ليس عن طريق إلاقحام‬
‫املفاجئ ملفهوم غامض‪ ،‬ال عرل الباحث نفسه‪ ،‬والباحثون آلاخرون معنات‪ ،‬أو دورت‪ ،‬وال‬
‫توجد حوله معرفة علمية متراكمة فتدمج نتائجه ف ها‪ .‬فاألسلوب العلمي الصحيح‪ ،‬في إبداع‬
‫مر سابقا‪ ،‬لدم كل من ‪ :‬وودورث‪ ،‬طوملان‪ ،‬روتر) ‪:‬‬ ‫مفهوم جديد‪ ،‬يكون كما ي تي (كما ّ‬
‫‪ 1‬ـ أن علن الباحث عن إبداع مفهوم جديد‪ ،‬عن طريق بحث علمي مستقل‪ ،‬وخا‬
‫به‪ ،‬أو عدة بحوث‪ ،‬بصفته مفهوما جديدا‪ ،‬أو بديال ملفهوم آخر صار غير مفيد‪،‬‬
‫‪ 2‬ـ أن يتناول تعريفه ت سيسيا‪،‬‬
‫‪ 3‬ـ أن يبين دورت في تفسير أو وصف الظاهرة محل البحث‪،‬‬
‫‪ 4‬ـ أن يبين فائدته أو الت رير العلمي بداعه‪،‬‬
‫‪ 5‬ـ أن يبين طريقة قياسه‪ ،‬أو كيف يمكن التعرل عليه في امليدان‪ ،‬أي تعريفه إجرائيا‪،‬‬
‫‪ 6‬ـ أن يبين عالقاته بمفاهيم أخرم‪.‬‬
‫وإذا لم يخضع املفهوم الجديد لهذا ألاسلوب‪ ،‬دراجه ضمن املمارسة العلمية‪ ،‬فال يدرج‬
‫ضمن ما هو علمي‪.‬‬
‫وفي نهاية هذت املقالة‪ ،‬أسجل مالحظة أخرم‪ ،‬ألنها تتفق مع سياق ما سبق‪ ،‬هناك‬
‫باحثون سجلون في عناوين بحوثهم املفهوم الذي هو موضوع البحث؛ كالسلوك العدواني‪،‬‬
‫مثال‪ ،‬ولكنهم يذكرون في أماكن مختلفة من تقرير البحث‪ ،‬مفاهيم أخرم‪ ،‬قريبة في املع ى من‬
‫مفهوم البحث‪ ،‬بص فتها معنية بالبحث كذلك‪ ،‬ولكنها ليسم مرادفة له‪ .‬فالباحث الذي يبحث‬
‫في السلوك العدواني‪ ،‬يتحدث في تقرير البحث عن مفهوم العنف‪ ،‬ومفهوم التخريب‪ .‬والباحث‬
‫الذي يتناول مفهوم صعوبات تعلم القراءة‪ ،‬يتحدث كذلك‪ ،‬في تقرير البحث‪ ،‬عن مفهوم عسر‬
‫القراءة‪ ،‬ومفهوم مشكالت تعلم القراءة‪ ،‬وهذا ليس مالئما‪ ،‬ألنه من وجهة نظر خاصية‬
‫التراكمية‪ ،‬نتساءل‪ ،‬أين تدمج نتائج البحث الذي لم ستقر صاحبه على مفهوم واحد‪.‬‬
‫فالعمل العلمي الصحيح هو أن املفهوم الذي يذكرت الباحث كموضوع للبحث‪ ،‬يبقيه دائما‬

‫‪564‬‬
‫بنفس الاسم في تقرير البحث‪ ،‬وإذا أراد ذكر مفاهيم أخرم‪ ،‬مرادفة له‪ ،‬عليه أن شير إلى‬
‫ذلك‪ ،‬ب ن املفهوم الذي يتناوله بالبحث‪ ،‬سم كذلك ب سماء أخرم ويذكرها‪.‬‬
‫الحظوا مهي‪.‬‬
‫إننا نبحث بعقول تائهة‪.‬‬
‫ال نفكر في مصير النتائج التي نتوصل إل ها من بحوانا‪.‬‬
‫ال نفكر في خاصية التراكمية التي تع ي إدماج نتائج البحث الجديدة في نتائج البحوث‬
‫السابقة لنفس املفهوم‪.‬‬
‫ال نفكر في خاصية التراكمية ودورها في نمو املعرفة العلمية وحفظها في نظام متسق‪.‬‬
‫ال يكفي التمكن من مناهج البحث وفنونه‪ ،‬بل أن تستوعب اقافة العلم وفلسفته‪ ،‬أيضا‪.‬‬
‫وأعيد التذكير بما فتحم به هذا املقال ‪:‬‬
‫"إن السلوك الذي يكون محل بحث علمي‪ ،‬سواء كان بسيطا كمسك قلم‪ ،‬أم معقدا‬
‫كالشحصية‪ ،‬يختزل في كلمة واحدة‪ ،‬تدعى ‪ :‬املفهوم‪ ،‬لذا ينبغي الاهتمام باملفهوم قبل أي‬
‫ش يء آخر"‪.‬‬
‫"إن ما يؤخر تقدم العلم‪ ،‬ليس هو عدم مالءمة فنون البحث‪ ،‬من مناهج وقياس‬
‫وإحصاء‪ ،‬بل هو عدم مالءمة املفاهيم"‪.‬‬
‫يتمثل التحدي ألاك ر‪ ،‬في أي بحث علمي‪ ،‬في إلاجابة عن السؤال آلاتي ‪" :‬كيف يمكن‬
‫التحقق من صدق مفاهيمنا ؟"‪.‬‬
‫"إن إبداع مفهوم جديد‪ ،‬ينجر عنه وضع تعريف ت سيس ي له‪ ،‬وتحديد السلوك الذي‬
‫يتضمنه‪ ،‬وتحديد طريقة قياسه‪ ،‬وألاسئلة التي تطرح لبحثه‪ ،‬واملفاهيم التي ترتبط به‪ ،‬وإلاطار‬
‫النظري الذي تدمج نتائج بحثه"‪.‬‬

‫‪565‬‬
566
‫الفصل الثالث والعشرون‬
‫مالحظات نقدية ملناهج البحث والقياس النفس ي في البحوث امليدانية مللتق‬
‫املتعة وامللل في العملية الدراسية ـ التدر سية املنعقد بمخ ر البحث في التربية‬
‫وعلم النفس جامعة وهران ‪ ،2‬يومي ‪ 7 :‬ـ ‪ 8‬مارس ‪2016‬‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫نظم مخ ر البحث في التربية وعلم النفس‪ ،‬بكلية العلوم الاجتماعية‪ ،‬جامعة وهران ـ ‪،2‬‬
‫أحمد بن محمد‪ ،‬ملتق وطنيا‪ ،‬يومي ‪ 7 :‬ـ ‪ 8‬مارس ‪ ،2016‬حول املتعة وامللل في العملية‬
‫الدراسية ـ التدر سية‪.‬‬
‫شارك في فعالياته ‪ 41‬متدخال؛ منهم ‪ 5‬متدخلين برتبة أستاذ التعليم العالي‪ 15 .‬متدخال‬
‫من حاملي درجة الدكتورات‪ 21 .‬متدخال من غير حاملي درجة الدكتورات‪ .‬وشارك باحث واحد‬
‫(حامل دكتورات) من الجامعة ألاردنية‪.‬‬
‫بلغ عدد املداخالت ‪ 29‬مداخلة؛ منها ‪ 27‬مداخلة باللغة العربية‪ ،‬ومداخلتين باللغة‬
‫الفرنسية‪ .‬ومنها ‪ 24‬مداخلة عبارة عن بحوث ميدانية‪ .‬أما خمس مداخالت فكانم دراسات‬
‫غير ميدانية‪.‬‬
‫وشاركم في فعاليات هذا امللتق ‪ ،‬بمداخلة‪ ،‬عبارة عن دراسة غير ميدانية‪ ،‬بعنوان ‪:‬‬
‫"الوجدان في العملية التعليمية"‪.‬‬
‫تم نشر كل املداخالت التي ألقيم يومي امللتق ‪ ،‬في كتاب أنيق‪ ،‬يقع في ‪ 449‬صفحة‪.‬‬
‫تناولم بالنقد والتقويم ‪ 22‬مداخلة ميدانية‪ ،‬وركيت على ألاخطاء املرتكبة ف ها‪ ،‬في جانبي‬
‫مناهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫وفيما يلي ألاخطاء التي ارتكبم في مناهج البحث والقياس النفس ي‪ ،‬واملالحظات التي‬
‫سجلتها لكل بحث على حدة‪ .‬وقد أغفلم أسماء الباحثين‪ ،‬والجامعات التي ينتمون إل ها‪.‬‬

‫"النقد ضمير العلم"‬

‫‪567‬‬
‫البحث ألاول‬
‫مؤشرات امللل ومتعة الدراسة باملدرسة الجيائرية‬

‫بذل الباحث جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثه بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنه لم يتحكم‬
‫في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها على‬
‫طريقته في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬من املعرول أن أي بحث يحقق أهدافا أو يجيب عن سؤال أو يخت ر فرضا‪ .‬ووضع‬
‫كل من ألاهدال وألاسئلة والفروض‪ ،‬يبين ما سهى الباحث إلى بحثه‪ .‬ولكن صاحب هذا‬
‫البحث لم يضع لبحثه ال أهدافا وال أسئلة وال فرضيات‪ .‬وأهمل تماما ذلك النسق املنهجي‬
‫التقليدي للبحوث ألاكاديمية‪ ،‬الذي شمل املقدمة وأهدال البحث وأهميته ومشكلته‬
‫وأسئلته وفروضه ومفاهيمه‪.‬‬
‫‪ .2‬وردت كلمة رغبة في متن البحث‪ .‬وهي لفظة غير مستعملة حاليا كمصطلح ف ي نفس ي‪.‬‬
‫فهي تستعمل في كتابات التحليل النفس ي‪ ،‬أما خارجه فهي غير مستعملة‪ ،‬ومعناها غير واضح‪.‬‬
‫لكن املصطلح الذي ستعمل‪ ،‬وبشكل واسع‪ ،‬في الكتابات النفسية‪ ،‬هو الدافع أو الحافي‪.‬‬
‫‪ . 3‬وضع الباحث عنوانا فرعيا‪ ،‬هو ‪ :‬منهج البحث‪ .‬ولكنه لم يتحدث عن املنهج الذي‬
‫اتبعه‪ .‬بل انتقل مباشرة إلى الحديث عن تصميم استبيان‪ .‬وبعد هذا العنوان الفرعي‪ ،‬جاء‬
‫عنوان فرعي آخر‪ ،‬هو ‪ :‬أداة جمع املعطيات‪ .‬وتحدث ضمنه عن تصميمه الستبيان‪ ،‬بعنوان‬
‫‪" :‬مؤشرات املتعة وامللل في الدراسة"‪ .‬وأشار إلى ستة أبعاد لالستبيان‪ .‬لكنه لم يبين كيف‬
‫استخرج هذت ألابعاد‪ .‬ونالحظ أن ألابعاد ألاربعة ألاخيرة‪ ،‬تبدو ك نها أبعاد مستقلة عن ما‬
‫يقيسه الاستبيان‪ .‬لم يبين الباحث كيف تصحح إجابات املفحوصين‪ ،‬وكيف يتم الحصول‬
‫على الدرجة الكلية الخام‪ ،‬ولم يبين كذلك‪ ،‬ما مع ى ارتفاع الدرجة على أداة جمع املعطيات‪.‬‬
‫‪ .4‬تحدث الباحث عن صدق وابات الاستبيان‪ ،‬ولكنه لم يذكر الطرق التي استعملها‬
‫لحسابهما‪ ،‬ولم يبين القيم إلاحصائية ملعامالت الصدق والثبات‪.‬‬
‫‪ . 5‬تحدث الباحث عن نتائج البحث ضمن عناوين فرعية‪ ،‬بعضها يتطابق لفظيا مع‬
‫أبعاد الاستبيان‪ ،‬وبعضها ال يتطابق لفظيا معها‪.‬‬
‫‪ .6‬تمم معالجة النتائج بالنسب املئوية‪.‬‬

‫‪568‬‬
‫‪ .7‬بما أن الباحث لم يبين كيف يجيب املفحوصون على بنود أداة جمع املعطيات‪ .‬ولم‬
‫يبين طريقة تصحيح إجابات املفحوصين‪ ،‬ال يمكن معرفة موقع املتغير من مستويات القياس‬
‫النفس ي‪.‬‬
‫‪ .8‬شملم العينة ‪ 132‬فردا من الجنسين؛ منهم ‪ 72‬من التعليم املتوسط‪ 54 .‬من التعليم‬
‫الثانوي‪ 06 .‬من التعليم الجامهي‪ .‬وعينة طالب الجامعة صغيرة جدا‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الثاني‬
‫التعلم والتعليم بين املتعة وامللل كما يدركها الطلبة‬
‫دراسة مسحية ميدانية‬

‫بذل الباحث جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثه بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكن هناك‬
‫مالحظات سجلتها على طريقته في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬هذا البحث منظم بطريقة جيدة منهجيا‪.‬‬
‫‪ .2‬التعريفات إلاجرائية جيدة‪.‬‬
‫‪ .3‬تحدث الباحث عن هدل البحث وأهميته‪ ،‬بعد أن تحدث عن مشكلة الدراسة‬
‫وأهميتها‪ .‬ولكن الترتيب السليم‪ ،‬هو ذكر أهدال البحث‪ ،‬ام أهمية البحث‪ ،‬قبل أسئلة البحث‬
‫وفروضه‪ .‬ألن التسلسل املنهجي لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬ونسم ها موجهات البحث‪ ،‬يكون كما‬
‫يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪.‬‬
‫فيتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر‬
‫الباحث مشكلة البحث وأسئلته‪ ،‬ليس منطقيا أن عود إلى ذكر هدل البحث‪ ،‬بل يفكر‬
‫مباشرة في حل املشكلة‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬أو بمع ى آخر‪ ،‬ليس مالئما أن يتم الفصل‬
‫بين مشكلة البحث وأسئلته وفروضه‪ .‬وبعد ذكر الفروض‪ ،‬شرع الباحث في اختبارها‪ ،‬من‬
‫خالل إجراء بحث ميداني‪.‬‬
‫‪ .4‬ذكر الباحث أنه اختار عينة البحث عشوائيا‪ ،‬ولم يبين طريقة الاختيار العشوا ي التي‬
‫استعملها ؟‬
‫‪ .5‬لم يذكر الباحث خصائ العينة من حيث الجنس والعمر واملستوم التعليمي‪ ،‬ويقوم‬
‫بتو ع أفراد العينة على هذت الخصائ ‪ .‬إن هذت ألامور مهمة جدا‪ ،‬وال ينبغي إغفالها‪ ،‬ألنها‬

‫‪569‬‬
‫كثيرا ما تؤار في نتائج البحوث‪ ،‬وتحدث فروقا نعجي عن تفسيرها عندما نهمل خصائ‬
‫العينات‪ .‬ام يكون لها دور في مجال معرفة حدود تعميم النتائج على ألاصل العام الذي‬
‫سحبم منه‪.‬‬
‫‪ .6‬صاغ السؤال الثاني في البحث كما يلي ‪" :‬هل توجد فروق ذات داللة إحصائية‪ ،‬عند‬
‫مستوم ‪ ،0.05‬في متعة التعليم لدم طلبة املرحلة ألاساسية العليا من وجهة نظر الطلبة‬
‫أنفسهم تعيم إلى املتغيرات ‪ :‬الجنس (ذكر‪ ،‬أنثى) واملستوم الدراس ي (اامن‪ ،‬تاسع‪ ،‬عاشر)‬
‫مستوم التحصيل (متدني‪ ،‬متوسط‪ ،‬جيد) ؟"‪.‬‬
‫واملالحظة ألاولى على هذت الصياغة‪ ،‬هي ‪ :‬عندما يفترض الباحث وجود فروق‪ ،‬ملاذا يقول‬
‫عنها دالة إحصائيا‪ .‬ألن افتراضه لوجود فروق‪ ،‬ع ي أنها دالة إحصائيا‪ .‬واملالحظة الثانية‪،‬‬
‫بما أن الفروض ينبغي أن تتسق مع الاتجات النظري ونتائج الدراسات السابقة ملتغيرات‬
‫البحث‪ ،‬هل افتراض الباحث ملستوم الداللة ‪ ،0.05‬يتسق مع التوجه النظري لبحثه ؟‬
‫‪ .7‬عند تصحيح إجابات املفحوصين‪ ،‬استعمل الباحث طريقة ليكرت لقياس الاتجاهات‪.‬‬
‫جيدا أن نترك طريقة ليكرت لقياس‬ ‫ولكن موضوع بحثه ليس هو قياس الاتجاهات‪ .‬أليس ّ‬
‫الاتجاهات‪ ،‬كما وضعها صاحبها‪ .‬ونبتعد عن استعمالها في قياس متغيرات أخرم غير‬
‫الاتجاهات ؟‬
‫إن البنود التي صاغها الباحث‪ ،‬جاءت بصيغة التقرير الذاتي‪ ،‬وهذت ال تصلح لها بدائل‬
‫إلاجابة بطريقة ليكرت‪ .‬بل تصلح لها‪ ،‬مثال‪ ،‬البدائل التالية ‪ :‬ال‪ ،‬قليال‪ ،‬متوسطا‪ ،‬كثيرا‪ ،‬كثيرا‬
‫جدا‪ .‬أما البنود التي تصلح لها إلاجابة بطريقة ليكرت‪ ،‬ال تكون صياغتها ب سلوب التقرير‬
‫الذاتي‪ ،‬بل تصاغ بنودها بطريقة تبين مدم قبول املفحو لقضية جدلية عامة أو مدم‬
‫رفضه لها‪.‬‬
‫‪ .8‬لم يبين الباحث طريقة تو ع بنود الاستبيان على ألابعاد ألاربعة‪ .‬أي لم يبين كيف‬
‫أن املتعة في التعلم والتعليم تظهر في أربعة أبعاد أو مكونات‪ .‬وما مصدر هذت ألابعاد ؟‬
‫‪ .9‬إن استعمال عينة استطالعية‪ ،‬ملعرفة مدم كفاءة أدوات القياس‪ ،‬تستعمل للحكم‬
‫على مدم كفاءة البنود في مجال الصدق فقط‪ .‬أما الثبات فال يحسب عادة ابات بنودت‪.‬‬
‫‪ .10‬ملاذا كانم عينة حساب الثبات خارج عينة البحث ؟ وما هي خصائصها ؟‬
‫‪ .11‬يضع الباحث في الجدول رقم (‪ )1‬معامالت ألفا لكرونباخ لحساب الثبات في صيغة‬
‫ن ـس ـب م ـئ ـوي ـة‪ .‬ول ـك ـن م ـعـام ـل أل ـفا ل ـك ـرون ـب ـاخ يق ـوم عـلى فــكرتين؛ ألاولى ‪ :‬وجود فروق‬
‫فردية (تباين واسع) بين ألافراد‪ .‬الثانية ‪ :‬وجود تجانس (تباين صغير) بين البنود‪.‬‬

‫‪570‬‬
‫‪ .12‬بالنسبة للنتائج املسجلة في الجدول رقم (‪ .)2‬لم يبين الباحث العينة املعنية بها؛‬
‫هل هي عينة الذكور‪ ،‬أم عينة إلاناث‪ ،‬أم العينة الكلية‪ .‬ألن تحديد خصائ العينة وحجمها‬
‫ضروري جدا‪ ،‬من أجل التعامل مع النتائج بطريقة واضحة‪ ،‬وإمكان تعميمها بطريقة محل‬
‫اقة‪.‬‬
‫‪ .13‬بالنسبة كذلك‪ ،‬للنتائج املسجلة في الجدول رقم (‪ .)1‬ذكر الباحث أن معيار الحكم‬
‫على النتائج تم الحصول عليه من تقسيم املدم على أربع فئات‪ .‬ولكن من الضروري تحديد‬
‫حدي املدم (الدرجة الدنيا والدرجة العليا) للدرجات النظرية والدرجات الفعلية‪.‬‬‫ّ‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الثالث‬
‫التوافق املدرس ي لدم املراهق املتمدرس‬
‫دراسة ميدانية على تالميذ املرحلة الثانوية‬

‫بذلم الباحثتان جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثهما بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهما لم‬
‫يتحكما في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫على طريقتهما في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬لم تذكر الباحثتان مكان عملهما‪.‬‬
‫‪ .2‬تكرر ذكر التحصيل الدراس ي كثيرا‪ ،‬في مقدمة البحث‪ ،‬رغم أنه ليس من متغيرات‬
‫البحث‪ ،‬كما ورد في عنوان البحث‪.‬‬
‫‪ .3‬ورد كذلك‪ ،‬ذكر ألاسرة كثيرا في املقدمة‪.‬‬
‫‪ .4‬ذكرت الباحثتان املشكلة وتساؤالت الدراسة قبل ألاهدال‪ .‬ولكن التناول السليم هو‬
‫أن يكون الكالم أوال عن أهدال الدراسة أوال ام مشكلتها وتساؤالتها‪ .‬ألن الترتيب السليم‪ ،‬هو‬
‫ذكر أهدال البحث‪ ،‬ام أهمية البحث‪ ،‬قبل أسئلة البحث وفروضه‪ .‬فالتسلسل املنهجي لهذت‬
‫العناصر الفرعية‪ ،‬ونسم ها موجهات البحث‪ ،‬يكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية البحث‬
‫ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬فيتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها أهم‬
‫موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما تذكر مشكلة البحث‪ ،‬فإن الباحث يفكر‬
‫بعدها مباشرة فـي حلها‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬وبعد صياغة الفروض‪ ،‬شرع مباشرة في‬
‫إجراء البحث ال ختبارها‪.‬‬

‫‪571‬‬
‫‪ .5‬ملاذا أشارت الباحثتان إلى الاختبارات التحصيلية في مشكلة الدراسة وتساؤالتها‪ ،‬رغم‬
‫أنها ال عالقة لها بموضوع البحث وأهدافه ؟‬
‫‪ .6‬ذكرت الباحثتان التوافق املدرس ي ام التوافق الدراس ي‪ ،‬هل هما مفهوم واحد أم‬
‫مفهومان مختلفان؟‬
‫‪ .7‬عندما يكون السؤال أو الفرض يتناول الفروق‪ ،‬تكون البداية في الصياغة بذكر‬
‫العينات‪ .‬فقد ذكرت الباحثتان ما يلي ‪" :‬هل توجد فروق دالة إحصائيا في التوافق املدرس ي‬
‫تعيم إلى متغير الجنس ؟"‪ .‬لكن الصياغة الجيدة هي ما يلي ‪" :‬هل توجد فروق بين الجنسين‬
‫في التوافق الدراس ي ؟"‪" .‬هل توجد فروق بين العلميين وألادبيين في التوافق املدرس ي ؟"‪" .‬هل‬
‫توجد فروق بين تالميذ السنة ألاولى وتالميذ السنة الثانية من التعليم الثانوي في التوافق‬
‫الدراس ي ؟"‪.‬‬
‫‪ .8‬ذكرت الباحثتان ‪ :‬التخص الدراس ي‪ ،‬والصف الدراس ي‪ .‬ولكن التسمية الصحيح‬
‫في التعليم الثانوي هي ‪ :‬الشعبة الدراسية واملستوم الدراس ي‪.‬‬
‫‪ .9‬لم تذكر الباحثتان املكان الذي أجري فيه البحث‪.‬‬
‫‪ .10‬من بين ما ذكرته الباحثتان‪ ،‬عند تعريفهما للمراهق املتمدرس إجرائيا‪ ،‬أن عمرت‬
‫يقع بين ‪ 11 :‬ـ ‪ 19‬سنة‪ .‬ولكن التعريف إلاجرا ي يركي على متغيرات البحث وال يخرج عنها‪ .‬وهنا‬
‫نتساءل هل يكون من بين تالميذ املرحلة الثانوية تالميذ أعمارهم ‪ 11‬سنة ؟‬
‫‪ .11‬إن املطلوب هو تعريف املراهق املتمدرس وليس املراهقة‪.‬‬
‫‪ .12‬ذكرت الباحثتان أنهما اتبعتا املنهج الوصفي التحليلي‪ .‬ولكن هذا املنهج غير معرول‪،‬‬
‫وليس من بين مناهج البحث في علم النفس والتربية‪.‬‬
‫‪ . 13‬املبالغة في ذكر النسب املئوية ألحجام العينات الفرعية‪ .‬كنسبة الذكور ونسبة‬
‫إلاناث‪.‬‬
‫‪ .14‬ذكرت الباحثتان املستوم الاقتصادي في الجدول رقم (‪ )2‬وصنفم وفقه العينة إلى‬
‫مرتفعين ومتوسطين ومنخفضين اقتصاديا‪ .‬ولكنهما لم تذكرات في عنوان البحث‪ ،‬ولم تبينا‬
‫كيف قامتا بقياسه وتحديد مستوياته الثالاة‪.‬‬
‫‪ .15‬إن املرجع الذي أخذت منه الباحثتان‪ ،‬منهج البحث‪ ،‬ليس مرجعا في مناهج البحث‬
‫النفس ي‪.‬‬
‫‪ .16‬ذكرت الباحـث ـتان أن إح ـداه ـما قامم ببناء مقياس التوافق الدراس ـي‪ ،‬لع ـدم وجود‬
‫أداة تتوافق مع البيئة الجيائرية‪ .‬ولكن ما هي البيئة الجيائرية‪.‬‬

‫‪572‬‬
‫‪ .17‬إن صدق املحكمين ليس هو صدق املحتوم‪.‬‬
‫‪ . 18‬إن صدق املحكمين‪ ،‬وصدق الاتساق الداخلي‪ ،‬يتعلقان بصدق البنود‪ .‬ولكن أين‬
‫صدق املقياس ككل‪.‬‬
‫‪ .19‬ذكرت الباحثتان أن بنود املقياس تتو ع على أربعة أبعاد‪ .‬ولكنهما لم تذكرا كيف‬
‫توصلتا إلى هذت ألابعاد‪ .‬ولم تذكرا كذلك‪ ،‬عدد البنود التي تقيس كل بعد‪.‬‬
‫‪ .20‬ذكرت الباحثتان في الجدول رقم (‪ )4‬معامالت الارتباط بين ألابعاد والدرجة الكلية‬
‫للمقياس‪ ،‬ولكنهما لم تذكرا ارتباط البنود ب بعادها‪ ،‬رغم أنهما أشارتا إلى ذلك في الكالم‬
‫أسفل الجدول‪.‬‬
‫‪ .21‬لم تذكر الباحثتان عدد بدائل إلاجابة على بنود املقياس‪ .‬ولم تذكرا كذلك‪ ،‬كيف‬
‫تصحح إجابات املفحوصين على املقياس‪ ،‬وكيف يتم الحصول على الدرجة الكلية للمقياس‪،‬‬
‫وماذا ع ي ارتفاع الدرجة على املقياس‪.‬‬
‫‪ .22‬ذكرت الباحثتان‪ ،‬أسفل الجدول رقم (‪ ،)5‬أنهما حسبتا ابات املقياس بالتجيئة‬
‫النصفية‪ ،‬فبلغ بعد تصحيح الطول ‪ .0.78‬ولكن هذت القيمة ال توجد ضمن البيانات املسجلة‬
‫في الجدول رقم (‪.)5‬‬
‫‪ .23‬عند ذكر ألاساليب إلاحصائية‪ ،‬أدرجم الباحثتان ألاساليب إلاحصائية التي‬
‫استعملتهما لحساب الصدق والثبات‪ .‬ولكن ألاساليب إلاحصائية التي تذكر هي التي تم‬
‫استعمالها ملعالجة نتائج البحث فقط‪.‬‬
‫‪ .24‬عند عرض نتائج البحث‪ ،‬ذكرت الباحثتان السؤال والفرضية معا‪ .‬وهذا غير سليم‪.‬‬
‫إما ذكر السؤال فقط‪ ،‬أو ذكر الفرضية فقط‪ .‬ألن السؤال يجاب عليه‪ .‬والفرضية تخت ر‪ .‬وفي‬
‫هذت الحالة‪ ،‬كيف تتصرل الباحثتان؛ إ اء السؤال أم إ اء الفرضية‪.‬‬
‫‪ .25‬رغم أن الباحثتين ذكرتا أن أداة جمع البيانات مقياس‪ .‬وحسبتا صدقه واباته‬
‫ب ساليب إحصائية تقع في مستوم املسافات املتساوية‪ ،‬إال أن النتيجة املسجلة في الجدول‬
‫رقم (‪ )6‬جاءت على شكل نسب مئوية‪ .‬أي في املستوم الاسمي‪.‬‬
‫‪ .26‬ورد في الجدول رقم (‪ )6‬عدد ألافراد ذوي املستوم املرتفع في التوافق املدرس ي‪ ،‬وعدد‬
‫ألافراد ذوي املستوم املنخفض في التوافق الدراس ي‪ .‬ولكن الباحثتين لم تذكرا كيف تعرفتا‬
‫على املرتفعين واملنخفضين في التوافق املدرس ي‪.‬‬
‫‪ .27‬إن اخ ـت ـبار "ت" ك س ـلوب إحـ ـصا ي اس ـت ـداللتي‪ ،‬ستعمل الختبار الفرض ـيات وليس‬
‫للجابة عن أسئلة‪ ،‬كما ذكرت الباحثتان في النتائج املسجلة في الجدولين رقمي (‪.)8( )7‬‬

‫‪573‬‬
‫‪ .28‬إن الداللة إلاحصائية املسجلة في الجدول رقم (‪ )8‬وهي ‪ ،0.05 :‬لم تذكر الباحثتان‬
‫إذا كانم تتعلق بالفروق في كل ألابعاد‪ ،‬أم ببعد واحد فقط ؟‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الرابع‬
‫ت رجح املعام اليومي لدم طلبة الجامعة بين تجاذبات‬
‫املتعة وتنافرات امللل‬

‫بذل الباحثان جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثهما بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهما لم‬
‫يتحكما في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫على طريقتهما في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬ذكر الباحثان الخلفية النظرية ملشكلة البحث‪ ،‬وبعدها مباشرة ذكرا إشكالية الدراسة‬
‫وتساؤالتها‪ .‬ولكن‪ ،‬هل املشكلة وإلاشكالية مفهوم واحد ؟‬
‫‪ .2‬كان ألاحسن أن يبدأ البحث بمقدمة‪.‬‬
‫تحدث الباحثان عن تساؤالت الدراسة قبل أهدافها‪ .‬ولكن التناول السليم هو أن‬ ‫‪ّ .3‬‬
‫يتحداا عن أهدال البحث ام تساؤالته‪ .‬ألن الترتيب السليم‪ ،‬هو ذكر أهدال البحث‪ ،‬ام‬
‫أهمية البحث‪ ،‬قبل أسئلة البحث وفروضه‪ .‬فالتسلسل املنهجي لهذت العناصر الفرعية‪،‬‬
‫ونسم ها موجهات البحث‪ ،‬يكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية البحث ام مشكلة البحث‬
‫ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬فيتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها أهم موجه ملجريات البحث‪،‬‬
‫ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما تذكر مشكلة البحث‪ ،‬فإن الباحث يفكر بعدها مباشرة في حلها‪،‬‬
‫وهو صياغة الفروض‪ .‬وبعد صياغة الفروض‪ ،‬شرع الباحث مباشرة في إجراءات البحث‬
‫امليدانية الختبارها‪.‬‬
‫‪ .4‬توسع الباحثان في تعريف املنهج املتبع في الدراسة‪ .‬ولكن املطلوب هو ذكر مدم مالءمة‬
‫املنهج املتبع ملوضوع الدراسة وأهدافها‪ .‬وتجنب التوسع في تعريفه‪ .‬ألن ذلك يتوفر عادة في‬
‫كتب مناهج البحث‪.‬‬
‫‪ .5‬من خالل ذكر الباحثين ملجتمع البحث وعينته‪ ،‬قاال ما يلي ‪:‬‬
‫ـ أن مجتمع البحث هو طالب السنة الثانية فقط (طالب الجامعة)‪.‬‬
‫ـ أن املعاينة قصدية‪.‬‬

‫‪574‬‬
‫ولكن املعاينة التي قام بها الباحثان ليسم قصدية‪ ،‬بل عرضية‪ .‬ألنهما سحبا عينة‬
‫يدرسان طالب السنة الثانية‪،‬‬ ‫البحث من مجتمع سهل عل هم الاتصال به‪ .‬حيث ذكرا أنهما ّ‬
‫و سهل تطبيق أدوات جمع البيانات عل هم‪ .‬أما في املعاينة القصدية‪ ،‬فإن الباحث ينشغل‬
‫أساسا بقضية أو بنظرية أو بفكرة‪ ،‬ام يختار وفق حكمه الشخ ي الفرد أو ألافراد الذين‬
‫يمدونه باملعلومات التي يحتاجها حول النظرية أو القضية أو الفكرة‪ .‬والباحثان‪ ،‬لم ينشغال‬
‫بفكرة أو بنظرية أو بقضية‪ ،‬بل تناوال متغيرات املعام اليومي واملتعة وامللل لدم طالب‬
‫الجامعة (تخص علم النفس)‪ .‬ولو أنهما تناوال املتعة وامللل كقضية أو كفكرة‪ ،‬ام اختارا‬
‫بعد ذلك‪ ،‬وفق حكمهم الشخ ي‪ ،‬من يقدم لهما معلومات جيدة‪ ،‬عن ظاهرتي املتعة وامللل‪،‬‬
‫لكانم املعاينة قصدية‪ .‬والعينة القصدية ال مجتمع لها تمثله‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ال تعمم نتائجها‪.‬‬
‫‪ .6‬ال داعي لشرح خطوات تحليل املضمون‪.‬‬
‫‪ .7‬تم عرض نتائج البحث‪ ،‬ولكن دون مناقشتها في نهاية البحث‪ ،‬وفق إلاطار النظري‬
‫للبحث‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الخامس‬
‫دور مجالس أولياء ألامور في صياغة اتجاهات أبنائهم نحو الدراسة‬

‫بذلم الباحثة جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثها بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنها لم‬
‫تتحكم في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫على طريقتها في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬إن عبارة "صياغة اتجاهات" التي جاءت في عنوان البحث‪ ،‬ال تستعمل في مجال‬
‫الاتجاهات‪ .‬إن العبارات التي تستعمل هي ‪ :‬تكوين الاتجاهات‪ ،‬أو تغيير الاتجاهات‪ ،‬أو قياس‬
‫الاتجاهات‪.‬‬
‫‪ .2‬لم تذكر الباحثة أهدال البحث وأسئلته‪.‬‬
‫‪ .3‬عرفم الباحثة‪ ،‬الاتجاهات نحو الدراسة‪ ،‬إجرائيا‪ .‬ولكن التعريف لم يكن إجرائيا‪.‬‬
‫ألن ـه ال ب ـد أن ي ـك ـون الق ـياس ك ـم ـيا‪ ،‬و ـش ـار إلـ م ـع ـ ى ارت ـفاع الدرج ـة وانخـ ـفاض ـها ع ـلى أداة‬
‫القياس‪.‬‬

‫‪575‬‬
‫‪ .4‬دائما‪ ،‬بالنسبة لتعريف الاتجاهات نحو الدراسة إجرائيا‪ .‬ذكرت الباحثة في عنوان‬
‫البحث‪ ،‬اتجاهات ألابناء نحو الدراسة‪ ،‬ولكن الذي ذكرته في التعريف هو ما يلي ‪" :‬وجهة نظر‬
‫آلاباء نحو دور مجلس أولياء ألامور في توعيتهم نحو ألاداء الدراس ي‪ ،‬وفي مساعدتهم في تخطيط‬
‫ال رامج الدراسية"‪.‬‬
‫‪ .5‬ذكرت الباحثة ‪ :‬مجالس أولياء ألامور‪ ،‬ام مجالس أولياء التالميذ‪ ،‬ام مجالس آلاباء‬
‫وألامهات‪ .‬هل هذت التسميات ملفهوم واحد‪ ،‬أم ملفاهيم متعددة ؟ ألنه في الكتابة العلمية‪،‬‬
‫ينبغي على الباحث أن ستعمل مصطلحا واحدا طيلة مسار البحث‪ ،‬حتى عرل القارئ ما‬
‫الذي يتم بحثه‪ .‬وإذا أراد ذكر مصطلح مرادل‪ ،‬عليه أن شير إلى ذلك‪.‬‬
‫‪ .6‬ذكرت الباحثة في تعريف مجالس أولياء ألامور‪ ،‬ما يلي ‪" :‬هو مجموعة من ألافراد‬
‫ممثلين للنظام التربوي واملكون من املعلمين‪ ،‬مدير املدرسة‪ ،‬وممثلي أولياء ألامور لتالميذ‬
‫مدرسة ما هدفها يادة فعالية التحصيل الدراس ي"‪.‬‬
‫‪ .7‬إن املتغير ألاساس ي الثاني في البحث‪ ،‬كما جاء في عنوان البحث‪ ،‬هو اتجاهات ألابناء‬
‫نحو الدراسة‪ .‬لكن الباحثة لم تتطرق إلى هذا املتغير إطالقا‪ .‬وتناولم بدال عنه متغير‬
‫الاتجاهات‪ ،‬بصفة عامة‪.‬‬
‫‪ .8‬وفي كالمها لتعريف الاتجاهات‪ ،‬ذكرت الباحثة التعريف التالي ‪" :‬وتعرل الاتجاهات‬
‫نحو العنف إجرائيا في الدراسة من خالل الدرجة التي يحصل عل ها املستجيب على املقياس‬
‫املستخدم لتحديد اتجات الدرجة نحو العنف‪ ،‬والتي تع ر عن قبول العنف املدرس ي أو رفضه‬
‫من قبل الطالب"‪ .‬ولكن البحث يتناول اتجاهات ألابناء نحو الدراسة‪ ،‬وليس نحو العنف‬
‫املدرس ي‪.‬‬
‫‪ .9‬ذكرت الباحثة‪ ،‬أن مكونات الاتجاهات االاة‪ ،‬هي ‪ :‬املكون املعرفي واملكون العاطفي‬
‫واملكون السلوكي‪ .‬ولكن هذت املكونات الثالاة‪ ،‬هي مكونات السلوك البشري كله‪ ،‬كما بينها‬
‫فلهلم فندت‪ ،‬عام ‪ .1879‬واملطلوب من الباحثة‪ ،‬أن تذكر مكونات اتجاهات ألابناء نحو‬
‫الدراسة‪ ،‬ألنه املتغير ألاساس ي في البحث‪.‬‬
‫‪ .10‬في الكتابات ألاكاديمية الجيدة والجادة‪ ،‬يتم إلاشارة إلى نتائج الدراسات السابقة‪،‬‬
‫وبعدها ي تي ذكر مشكلة البحث‪ .‬ولكن الباحثة عكسم هذا الترتيب‪.‬‬
‫‪ .11‬في تعقيبها على نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬قامم بتلخيصها وليس بمناقشتها‪.‬‬
‫‪ .12‬كتبم الباحثة‪ ،‬بعد عنوان إلاجراءات املنهجية‪ ،‬عنوانا فرعيا‪ ،‬هو ‪ :‬الدراسة‬
‫ألاساسية‪ .‬ولكنها لم تذكر قبل ذلك‪ ،‬دراسة أخرم غير أساسية‪.‬‬

‫‪576‬‬
‫‪ .13‬ذكرت الباحثة أنها اختارت عينتي البحث من أولياء ألامور واملعلمين واملعلمات‪،‬‬
‫بطريقة عشوائية‪ .‬ولكنها لم تبين طريقة الاختيار العشوا ي التي استعملتها‪ ،‬ألن هناك أربع‬
‫طرق للمعاينة العشوائية (الاحتمالية)‪..‬‬
‫‪ .14‬رغم أن اتجاهات ألابناء نحو الدراسة‪ ،‬متغير أساس ي في البحث‪ ،‬إال أن الباحثة لم‬
‫تذكر ألابناء (التالميذ) ضمن عينات البحث‪.‬‬
‫‪ .15‬بالنسبة ألدوات الدراسة‪ .‬ذكرت الباحثة أنها اعتمدت على استبيان مفتوح‪ .‬ولكن‬
‫يقال ‪ :‬أسئلة مفتوحة‪ .‬وألاسئلة التي طرحتها الباحثة‪ ،‬جاءت رديئة من حيث الصياغة‬
‫اللغوية‪ .‬مثل ‪:‬‬
‫ـ هل لديك الاضطالع بوجود مجلس أولياء التالميذ في املدرسة الابتدائية ؟‬
‫ـ هل تعتقد هل من ضرورة الجتماع أولياء ألامور ؟ في حالة نعم أذكر ملاذا ؟‬
‫لم تذكر الباحث العينة التي وجهم إل ها هذين السؤالين‪.‬‬
‫لم توجه الباحثة أسئلة حول اتجاهات ألابناء نحو الدراسة‪.‬‬
‫‪ .16‬إن الباحثة لم تطرح أي سؤال للبحث‪ ،‬عند طرحها للشكالية‪.‬‬
‫‪ .17‬إن طريقة إجراء الدراسة‪ ،‬كما ذكرتها الباحثة‪ ،‬رديئة جدا‪.‬‬
‫‪ .18‬إن الباحثة لم تذكر أهدال البحث‪ ،‬رغم أنها من أهم موجهات البحث‪ .‬ولكن في‬
‫عرضها لنتائج البحث‪ ،‬ذكرت ألاهدال‪ .‬فقالم ‪ :‬عرض ومناقشة أهدال الدراسة‪ .‬عرض‬
‫ومناقشة الهدل ألاول‪ .‬عرض ومناقشة نتائج الهدل الثاني‪.‬‬
‫‪ .19‬في سؤال موجه إلى املعلمين‪ ،‬جاء نصه كما ي تي ‪" :‬ما هي أشـكال الاتصال التي يقوم‬
‫بها ألاولياء ؟"‪.‬‬
‫وا لنتيجة التي جاءت كإجابة عن هذا السؤال‪ ،‬كانم على شكل نسب مئوية‪ ،‬لتكرار‬
‫الييارات‪ ،‬منيا‪ ،‬التي يقوم بها أولياء التالميذ إلى املدرسة‪ .‬وهي ‪ :‬يوميا‪ ،‬أسبوعيا‪ ،‬شهريا‪،‬‬
‫سنويا‪ .‬ولكن صيغة السؤال‪ ،‬ال تشير إلى التكرارات واملدد اليمنية‪.‬‬
‫‪ .20‬إن الباحثة لم تضع للبحث أهدافا‪ .‬ولم تطرح أسئلة‪ .‬وبالتالي ال يمكن معرفة ما‬
‫الذي تبحثه‪ .‬ولكن عنوان البحث شير إلى أن البحث يتناول ‪ :‬دور مجالس أولياء ألامور في‬
‫صياغة اتجاهات ألابناء نحو الدراسة‪ .‬والسؤال الذي نطرحه‪ ،‬هل عرفم الباحثة ذلك ؟‬
‫إلاجابة ‪ :‬ال‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫‪577‬‬
‫البحث السادس‬
‫اتجاهات املتفوقين في مادة الرياضيات نحو طرق تدر سهم‬
‫وعالقته بالشعور باملتعة لديهم ـ دراسة استطالعية ببعض‬
‫املؤسسات التربوية بمدينة باتنة‬

‫بذلم الباحثتان‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثهما بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهما‬
‫لم تتحكما في منهج البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫على طريقتهما في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬ملاذا دراسة استطالعية ؟‬
‫‪ .2‬ذكرت الباحثتان تساؤالت الدراسة قبل أهدافها‪ .‬ولكن التناول السليم هو أن تذكرا‬
‫أهدال البحث ام تساؤالته‪ .‬ألن الترتيب السليم‪ ،‬هو ذكر أهدال البحث‪ ،‬ام أهمية البحث‪،‬‬
‫قبل أسئلة البحث وفروضه‪ .‬فالتسلسل املنهجي لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬ونسم ها موجهات‬
‫البحث‪ ،‬يكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث‬
‫ام فروض البحث‪ .‬فيتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة‬
‫البحث‪ .‬وعندما تذكر مشكلة البحث‪ ،‬فإن الباحث يفكر بعدها مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة‬
‫الفروض‪ .‬وعندما يصيغ الباحث الفروض‪ ،‬شرع بعدها في إجراء البحث امليداني الختبارها‪.‬‬
‫‪ .3‬عرفم الباحثتان املوهبة وإستراتيجية التدر س‪ ،‬ضمن التعريف بمفاهيم البحث‪.‬‬
‫ولكن املوهبة وإلاستراتيجية‪ ،‬لم تردا في عنوان البحث‪ .‬واملوهبة ليسم هي التفوق‪ .‬كما أن‬
‫إلاستراتيجية ليسم هي الطريقة‪ .‬وهذا إقحام ملتغير املوهبة‪ ،‬ومتغير إستراتيجية التدر س‪ ،‬ال‬
‫ضرورة له وال فائدة منه‪.‬‬
‫تعرفا إستراتيجية التدر س وال أسلوب‬‫تعرفا طرق التدر س‪ .‬وال ّ‬‫‪ .4‬كان على الباحثتين أن ّ‬
‫التدر س‪.‬‬
‫‪ .5‬ال داعي لتناول العالقة والفرق بين إستراتيجية التدر س وطريقة التدر س وأسلوب‬
‫التدر س‪ .‬وال ضرورة له‪.‬‬
‫‪ .6‬ذكرت الباحثتان أنهما اتبعتا املنهج الوصفي التحليلي الارتباطي‪ .‬لكن هذا املنهج غير‬
‫معرول وغير وارد ضمن مناهج البحث النفس ي والتربوي‪.‬‬
‫‪ .7‬ذكرت الباحثتان أنهما اختارتا عينة البحث بطريقة مقصودة‪ .‬ولكن هذا ليس‬
‫صحيحا‪ .‬فهما اختارتا العينة بطريقة عرضية‪ ،‬من عدة اانويات بمدينة باتنة‪ .‬ففي املعاينة‬

‫‪578‬‬
‫القصدية‪ ،‬ينشغل الباحث أساسا بقضية أو بنظرية أو بفكرة‪ ،‬ام يختار وفق حكمه الشخ ي‬
‫الفرد أو ألافراد الذين يمدونه باملعلومات التي يحتاجها حول النظرية أو القضية أو الفكرة‪.‬‬
‫بمع ى أنه يقصد فردا أو أفرادا‪ ،‬عرل بحكمه الشخ ي‪ ،‬أنهم‪ ،‬دون غيرهم‪ ،‬الذين يمدونه‬
‫باملعلومات التي تجيب عن أسئلته‪ .‬والباحثتان‪ ،‬لم تنشغال بفكرة أو بنظرية أو بقضية‪،‬‬
‫ولكنهما تناولتا اتجاهات املتفوقين في مادة الرياضيات نحو طرق التدر س‪ .‬ولو تناولتا التفوق‬
‫كقضية‪ ،‬ام اختارتا بعد ذلك‪ ،‬من يقدم لهما معلومات جيدة عن ظاهرة التفوق‪ ،‬لكانم‬
‫املعاينة قصدية‪.‬‬
‫‪ .8‬بالغم الباحثتان في ذكر النسب املئوية للعينات الفرعية‪ .‬رغم أنها ال ضرورة لها وال‬
‫فائدة منها‪.‬‬
‫‪ .9‬ذكرت الباحثتان أنهما قامتا بقياس إلاستراتيجيات التدر سية‪ .‬ولكن‪ ،‬ووفق عنوان‬
‫البحث‪ ،‬فإن املطلوب هو قياس متغيرين فقط‪ ،‬هما ‪ :‬أ) اتجاهات املتفوقين نحو طرق‬
‫تدر سهم‪ .‬ب) والشعور باملتعة وامللل‪.‬‬
‫‪ . 10‬إن وضع بدائل للجابة كالتالي ‪ :‬نعم‪ ،‬ال‪ ،‬أحيانا‪ ،‬غير سليم إطالقا‪ .‬إن إلاجابة بـ نعم‪،‬‬
‫توضع عندما تكون بدائل إلاجابة انائية‪ .‬أي ‪ :‬نعم‪ /‬ال‪ .‬أما عندما تكون بدائل إلاجابة أكثر‬
‫من بديلين‪ ،‬فإن إلاجابة بـ نعم‪ ،‬تجيأ إلى بدائل‪ ،‬مثل ‪ :‬قليال‪ ،‬كثيرا‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن البدائل التي‬
‫ينبغي أن تضعها الباحثتان هنا‪ ،‬تكون كما يلي ‪ :‬ال‪ ،‬قليال‪ ،‬كثيرا‪.‬‬
‫‪ . 11‬في ذكرهما للعينة‪ ،‬ذكرت الباحثتان في مكان ما من البحث‪ ،‬أن الدراسة امليدانية‬
‫أجريم بإحدم اانويات والية باتنة‪ ،‬لم تذكرا اسم الثانوية‪ .‬وفي مكان آخر من البحث‪ ،‬ذكرتا‬
‫أنهما اختارتا العينة من أربع اانويات بمدينة باتنة‪( .‬الجدول رقم ‪.)2 :‬‬
‫‪ .12‬ذكرت الباحثتان أن استبيان إلاستراتيجيات التدر سية يتكون من ‪ 35‬بندا مو عة‬
‫على سبع إستراتيجيات‪ ،‬لكنهما لم تذكرا كيف تم تو ع بنود الاستبيان على سبعة أبعاد‪.‬‬
‫وذكرتا كذلك أن استبيان الرضا الدراس ي‪ ،‬الذي استعملتات لقياس الشعور باملتعة‪ ،‬يتو ع‬
‫على أربعة محاور‪ ،‬ولكنهما لم تذكرا املصادر التي اعتمدتا عل ها لصياغة البنود‪ .‬ولم تذكرا‬
‫كذلك‪ ،‬كيف تم إيجاد هذت املحاور ألاربعة‪.‬‬
‫‪ .13‬ذكرت الباحثتان أنهما حسبتا الصدق والثبات لالستبيانين‪ ،‬بمعامل ألفا لكرونباخ‪،‬‬
‫والصدق التمييزي‪ ،‬ولكنهما لم تظهرا القيم العددية ملعاملي الصدق والثبات‪ .‬وذكرتا أن‬
‫معامل ألفا لكرونباخ‪ ،‬هو الاتساق الداخلي‪ ،‬ولكن معامل ألفا يحسب مدم تجانس البنود‬
‫من ناحية‪ ،‬ومدم تباين ألافراد من ناحية أخرم‪ .‬فاالتساق الداخلي شير إلى أن ارتباطات‬

‫‪579‬‬
‫البنود مع الدرجة الكلية للمقياس كلها موجبة ودالة إحصائيا‪ ،‬أي متسقة‪ .‬أما التجانس‪،‬‬
‫فيشير إلى أن بنود املقياس ليس بينها فروق كبيرة (مجموع تباينات البنود صغير)‪ .‬وبمع ى‬
‫آخر‪ ،‬يتم النظر إلى البنود والدرجة الكلية في حساب الاتساق الداخلي‪ ،‬ك نها متغيرات‪ .‬ولهذا‬
‫تحسب بينها ارتباطات‪ .‬بينما يتم النظر إلى البنود في حساب التجانس‪ ،‬ك نها عينات‪ .‬ولهذا‬
‫تحسب بينها فروق‪.‬‬
‫‪ .14‬ذكرت الباحثتان استبيانين فقط‪ ،‬لقياس كل من ‪ :‬إلاستراتيجيات التدر سية‪،‬‬
‫والشعور باملتعة (الرضا الدراس ي)‪ .‬ولم تذكرا استبيان لقياس الاتجات نحو طرق التدر س‪،‬‬
‫رغم أنهما ذكرتا في الجدول رقم (‪ )4‬نتائج تتعلق بطبيعة اتجاهات املتفوقين نحو طرق‬
‫تدر سهم‪.‬‬
‫‪ .15‬لو ذكرت الباحثتان طريقة تصحيح إلاجابات على الاستبيانين‪ ،‬حتى يمكن فهم عرض‬
‫النتائج‪ .‬ألن ما تم عرضه من نتائج في الجدولين رقمي ‪ )4( )3( :‬جاء على شكل تكرارات ونسب‬
‫مئوية‪ ،‬رغم أنهما ذكرتا أن إلاجابة على بنود استبيان إلاستراتيجيات التدر سية تكون ضمن‬
‫االاة بدائل‪ ،‬هي ‪ :‬نعم‪ ،‬ال‪ ،‬أحيانا‪ ،‬ولكنهما لم تظهرا هذت البدائل في النسب املئوية‪.‬‬
‫‪ .16‬ذكرت الباحثتان في الجدول رقم (‪ )5‬وجود ارتباط بين اتجاهات املتفوقين والشعور‬
‫باملتعة‪ ،‬ولكنهما لم تذكرا كيف تم قياس اتجاهات املتفوقين نحو طرق التدر س‪ .‬ولم تذكرا‬
‫كذلك نوع الارتباط الذي تم حسابه‪ .‬ويظهر من النتيجة املسجلة في الجدول رقم (‪ )5‬أن‬
‫معامل الارتباط املحسوب ساوي ‪ ،0.192‬دال إحصائيا عند مستوم ‪ .0.01‬وبما أن عينة‬
‫التالميذ تساوي ‪ 80‬وبدرجات الحرية تساوي ‪ ،78‬فإن معامل الارتباط الدال إحصائيا عند‬
‫مستوم ‪ ،0.01‬ينبغي أن ساوي ‪ 0.257‬ف كثر عند ذيل واحد‪ ،‬وأن ساوي ‪ 0.283‬ف كثر عند‬
‫ذيلين‪ .‬وبما أنهما ذكرتا الداللة إلاحصائية ملعامل الارتباط‪ ،‬فإن ذلك عت ر اختبارا للفرضية‪،‬‬
‫ولكن الباحثتين أجابتا عن سؤال‪ ،‬هو ‪ :‬هل توجد عالقة بين اتجاهات املتفوقين نحو طرائق‬
‫التدر س وشعورهم باملتعة ؟‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫‪580‬‬
‫البحث السابع‬
‫اتجاهات تالميذ السنة الرابعة متوسط نحو الدراسة في املتوسطة‬

‫بذل الباحث‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثه بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنه لم يتحكم‬
‫في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها على‬
‫طريقته في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬ذكر الباحث أسئلة البحث ام فرضياته ام أهميته ام أهدافه‪ .‬ولكن الترتيب السليم‪،‬‬
‫هو ذكر أهدال البحث‪ ،‬ام أهمية البحث‪ ،‬قبل أسئلة البحث وفروضه‪ .‬ألن التسلسل املنهجي‬
‫لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬ونسم ها موجهات البحث‪ ،‬يكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية‬
‫البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬فيتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها‬
‫أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر الباحث مشكلة البحث فإنه‬
‫يفكر بعدها مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬وبعد صياغة الفروض‪ ،‬شرع مباشرة‬
‫في إجراءات البحث امليدانية الختبارها‪ .‬وليس منطقيا أو منهجيا أن عود إلى ذكر أهدال‬
‫البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬ذكر الباحث تعريف الاتجاهات إجرائيا‪ .‬ولكنه ليس تعريفا إجرائيا إطالقا‪ .‬فالتعريف‬
‫إلاجرا ي للمتغيرات‪ ،‬ينبغي أن يتضمن ما يلي ‪ :‬أن املتغير يمكن مالحظته مباشرة‪ ،‬ويمكن‬
‫قياسه‪.‬‬
‫‪ .3‬إن الدراسات السابقة‪ ،‬هي أحد املصادر التي تستنبط منها الفرضيات‪ ،‬وبالتالي ينبغي‬
‫أن تسبقها عندما يتناولها الباحث‪ .‬ولكنه ذكرها بعد أن وضع الفرضيات‪.‬‬
‫‪ .4‬إن الدراسات السابقة هي جيء من إلاطار النظري‪ .‬ولكن الباحث لم يجعلها كذلك‪.‬‬
‫‪ .5‬تناول الباحث في إلاطار النظري‪ ،‬الاتجاهات؛ من حيث تعريفها ومكوناتها وخصائصها‬
‫ووظائفها وقياسها‪ .‬وهذا التناول ليس سليما‪ .‬ألن موضوع البحث ليس هو الاتجاهات عامة‪،‬‬
‫بل الاتجاهات نحو الدراسة‪.‬‬
‫‪ .6‬قال الباحث العبارة التالية ‪ ....... :‬وتغيير اتجاهات التالميذ نحو املتوسطة‪( .‬كما جاء‬
‫أيضا‪ ،‬في عنوان البحث)‪ .‬ولكن التعبير السليم‪ ،‬هو ‪ :‬وتغيير اتجاهات التالميذ نحو الدراسة‬
‫في التعليم املتوسط‪ ،‬أو في املرحلة املتوسطة‪ ،‬أو في مرحلة التعليم املتوسط‪.‬‬
‫‪ . 7‬ذكر الباحث أنه اتبع املنهج الوصفي التحليلي‪ .‬ولكن هذا املنهج ال وجود له ضمن‬
‫مناهج البحث النفس ي والتربوي‪.‬‬

‫‪581‬‬
‫‪ .8‬في اختيارت للعينة يقول الباحث ‪ :‬وبعد الحصول على املعلومات الكاملة‪ ،‬تم اختيار‬
‫العينة بالطريقة العشوائية البسيطة‪ .‬ولكن ما هذت املعلومات الكاملة‪ ،‬وما هي الطريقة التي‬
‫اختار بها العينة العشوائية البسيطة ؟‬
‫‪ .9‬ذكر الباحث أنه اختار ‪ 62‬تلميذا وتلميذة‪ ،‬ولم يذكر عدد الذكور وعدد إلاناث‪.‬‬
‫تتكون من ‪ 26‬عبارة‪ .‬ولكنه لم يذكر من مصمم هذت‬ ‫‪ .10‬ذكر الباحث أن أداة البحث ّ‬
‫ألاداة‪ .‬وما هو مصدر البنود ؟ وكيف تم تو عها على بعدين هما ‪ :‬الاجتماعي والبيداغوجي ؟‬
‫ولم يذكر كذلك‪ ،‬كيف توصل إلى هذين البعدين‪.‬‬
‫‪ .11‬إن ما كتبه الباحث أسفل الجدول رقم (‪ )1‬واملتعلق بتحديد أو ان العبارات‪،‬‬
‫وتحديد إلايجابي منها والسلبي‪ ،‬غير سليم إطالقا‪ .‬ألن معالجة البيانات املتعلقة باالتجاهات‪،‬‬
‫ال تتم بالدرجات‪ ،‬بل ب سلوب التكرارات‪ .‬أي كم يخصا اختار البديل موافق‪ .‬وكم يخصا‬
‫اختار البديل ال أدري‪ .‬وكم يخصا اختار البديل غير موافق‪ .‬ام تعالج التكرارات إحصائيا‬
‫باختبار كا‪.²‬‬
‫‪ .12‬ذكر الباحث أنه حسب صدق الاتساق الداخلي بين العبارات والبعد وبين البعد‬
‫والدرجة الكلية‪ .‬ولكننا ال نجد إال معاملين للصدق في الجدول رقم (‪ ،)3‬يتعلقان بالبعد‬
‫الاجتماعي والبعد البيداغوجي‪ .‬رغم أن عدد العبارات ‪.26‬‬
‫‪ .13‬تحدث الباحث عن العينة في صفحة رقم ‪ .145‬ام أعاد الحديث عن خصائصها في‬
‫صفحة رقم ‪ ،147‬في الجدول رقم (‪ .)4‬وقال عنها ‪ :‬الخصائ الفردية للعينة‪ .‬وفي نفس‬
‫الجدول يوجد ذكور وإناث‪ .‬ولكن‪ ،‬ما مع ى الخصائ الفردية‪ .‬وملاذا تحدث الباحث عن‬
‫العينة وحجمها وخصائصها في مكانين متباعدين‪ .‬كما أن النسب املئوية لكل عينة فرعية‪،‬‬
‫ليسم ضرورية‪ ،‬وال فائدة منها‪.‬‬
‫‪ .14‬ذكر الباحث أنه استعمل املتوسط الحسابي للمقارنة‪ .‬ولكن املتوسط الحسابي من‬
‫إلاحصاءات الوصفية‪ ،‬ال ستعمل للمقارنة إال من خالل أسلوب إحصاء استداللي معين‬
‫(اختبار "ت" أو اختبار "ل")‪ .‬وذكر كذلك‪ ،‬الانحرال املعياري ملعرفة مدم تمركي وتشتم‬
‫القيم‪ .‬ولكن الانحرال املعياري ستعمل ملعرفة التشتم فقط‪.‬‬
‫‪ .15‬ذكر من ألاساليب إلاحصائية‪ ،‬معامل ألفا لكرنباخ‪ .‬ولكن ألاساليب إلاحصائية التي‬
‫تستعمل لحساب الصدق والثبات‪ ،‬ال تذكر ضمن ألاساليب إلاحصائية للبحث‪ .‬بل تذكر فقط‬
‫ألاساليب إلاحصائية التي تستعمل ملعالجة بيانات البحث‪.‬‬
‫‪ .16‬وضع الباح ـث نس ـبا مئوية لل ـذك ـور وإلاناث في العينة‪ .‬وهذا ال ض ـرورة له وال فائ ـدة‬

‫‪582‬‬
‫منه‪.‬‬
‫‪ .17‬إن معالجة النتائج‪ ،‬كما هي مسجلة في الجدول رقم (‪ )5‬غير مالئمة‪ .‬كما أن الباحث‪،‬‬
‫لم يبين هل هي للذكور أم للناث أم للعينة الكلية‪ .‬إن البيانات التي تجمع على الاتجاهات ال‬
‫تعالج إحصائيا بالطريقة التي استعملها الباحث‪ ،‬باستخراجه للمتوسط الحسابي لكل عبارة‪،‬‬
‫ام ترتيبها‪ ،‬وتقسيمها إلى عبارات ذات اتجات إيجابي وعبارات ذات اتجات محايد‪.‬‬
‫‪ .18‬إن العبارات التي تصاغ لقياس الاتجاهات‪ ،‬ال تصاغ ب سلوب التقرير الذاتي‪ ،‬كما‬
‫تمم صياغتها في هذا البحث‪ .‬مثل ‪ :‬أحافظ على ألايجار في حديقة املتوسطة‪ .‬أشارك فيما‬
‫يدور في الحصة من نقام حول الدرس‪ .‬أقدر مدير املتوسطة والعاملين بها‪ .‬إن هذت البنود‬
‫وغيرها من بنود أداة القياس‪ ،‬ال تقيس الاتجاهات نحو الدراسة بطريقة سليمة‪.‬‬
‫‪ .19‬صاغ الباحث الفرضية صياغة صفرية‪ .‬وهذت الصياغة ليسم مالئمة‪ .‬فالفروض‬
‫التي تصاغ عادة‪ ،‬هي فروض البحث‪ ،‬التي تخت ر من خالل البيانات التي تجمع من املفحوصين‪.‬‬
‫ويكون فرض البحث موجها أو غير موجه‪ .‬ويخت ر تبعا لذلك إحصائيا عند مستوم الداللة‬
‫ذي طرل واحد أو عند طرفين‪ .‬أما الفرض الصفري‪ ،‬فال يكون موجها أو غير موجه‪ .‬وال يذكر‬
‫عند صياغة الفروض‪ ،‬بل شار إليه عند مناقشة نتائج البحث‪ .‬عندما يقول باحث‪ ،‬أرفض‬
‫الفرض الصفري وأقبل الفرض البديل‪ .‬أو يقول‪ ،‬أقبل الفر الصفري وأرفض الفرض‬
‫البديل‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الثامن‬
‫أار الشعور باملتعة وامللل على اتجاهات تالميذ املدرسة الابتدائية‬

‫بذلم الباحثتان‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثهما بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهما‬
‫لم تتحكما في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي‬
‫سجلتها على طريقتهما في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬جاء في عنوان البحث‪ ،‬أار الشعور باملتعة وامللل على اتجاهات تالميذ املدرسة‬
‫الابتدائية‪.‬‬
‫وهناك مالحظتان؛ ألاولى ‪ :‬إن كلمة أار‪ ،‬ليسم مقبولة في البحث النفس ي‪ ،‬ألنه ليس‬
‫سهال‪ ،‬الت ـع ـرل على ألاا ـر‪ .‬الثانية ‪ :‬لم تذكر الباح ـث ـتان املوض ـوع الذي تكون نحوت اتجاهات‬

‫‪583‬‬
‫تالميذ املدرسة الابتدائية‪.‬‬
‫‪ . 2‬ذكرت الباحثتان أسئلة البحث ام فرضياته ام أهدافه‪ .‬ولكن الترتيب السليم‪ ،‬هو‬
‫ذكر أهدال البحث‪ ،‬ام أهمية البحث‪ ،‬قبل أسئلة البحث وفروضه‪ .‬ألن التسلسل املنهجي‬
‫لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬ونسم ها موجهات البحث‪ ،‬يكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية‬
‫البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬فيتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها‬
‫أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر الباحث مشكلة البحث‪ ،‬فإنه‬
‫يفكر بعدها مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬وبعد صياغة الفروض‪ ،‬شرع الباحث‬
‫في إجراءات البحث امليدانية الختبارها‪.‬‬
‫‪ .3‬جاءت أسئلة البحث بصياغات غير سليمة‪.‬‬
‫ـ ما مظاهر املتعة وامللل التي شعر بها التالميذ داخل املدارس ؟ والصياغة السليمة‬
‫للسؤال تكون كما يلي ‪ :‬ما مظاهر املتعة وامللل لدم تالميذ املدرسة الابتدائية ؟ ومظاهر‬
‫املتعة ال شعر بها التالميذ‪ ،‬بل تظهر في سلوكهم‪ .‬لم تذكر الباحثتان املدرسة الابتدائية في‬
‫السؤال ألاول‪.‬‬
‫ـ هل توجد عالقة ارتباطية بين املتعة وامللل باتجاهات تالميذ املرحلة الابتدائية نحو‬
‫املدرسة ؟ والصياغة السليمة للسؤال تكون كما يلي ‪ :‬هل توجد ارتباطات بين كل من املتعة‬
‫وامللل واتجاهات تالميذ املدرسة الابتدائية نحو الدراسة ؟‬
‫‪ .4‬جاءت الفرضيات بصياغات غير سليمة‪.‬‬
‫الفرضية ألاولى ‪ :‬توجد عالقة ارتباطية بين املتعة وامللل باتجاهات التالميذ نحو الدراسة‪.‬‬
‫والصياغة السليمة للفرضية‪ ،‬تكون كما يلي ‪ :‬توجد ارتباطات بين كل من املتعة وامللل‬
‫واتجاهات تالميذ املدرسة الابتدائية نحو الدراسة‪.‬‬
‫الفرضية الثانية ‪ :‬توجد فروق ذات داللة إحصائية في مستوم املتعة وامللل باتجاهات‬
‫التالميذ نحو املدرسة تبعا ملتغير الجنس‪ .‬هذت الفرضية سيئة تماما وغير مفهومة‪ .‬وربما هي‬
‫فرضيتان تصاغان كما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ .‬توجد فروق بين الجنسين في املتعة وامللل‪.‬‬
‫ب‪ .‬توجد فروق بين الجنسين في اتجاهات تالميذ املدرسة الابتدائية نحو الدراسة‪.‬‬
‫الفرضية الثالثة ‪ :‬توجد فروق ذات داللة إحصائية في مستوم املتعة وامللل باتجاهات‬
‫التالميذ نحو املدرسة تبعا ملتغير سن الالتحاق باملدرسة‪ .‬هذت الفرضية ك ـذل ـك‪ ،‬سـيئة تماما‬
‫وغير مفهومة‪ .‬وربما هي فرضيتان تصاغان كما يلي ‪:‬‬

‫‪584‬‬
‫أ‪ .‬توجد فروق بين امللتحقين باملدرسة الابتدائية قبل السن القانوني والذين التحقوا في‬
‫السن القانوني في املتعة وامللل‪.‬‬
‫ب‪ .‬توجد فروق بين امللتحقين باملدرسة الابتدائية قبل السن القانوني والذين التحقوا‬
‫في السن القانوني في اتجاهاتهم نحو الدراسة‪.‬‬
‫لتالحظ الباحثتان‪ ،‬أني حذفم عبارة ذات داللة إحصائيا‪ .‬ألنها ال ضرورة لها‪ .‬فعندما‬
‫يقول الباحث توجد فروق‪ ،‬فهذا ع ي أنها دالة إحصائيا‪.‬‬
‫ولتالحظ الباحثتان كذلك‪ ،‬أنه عندما تصاغ ألاسئلة والفرضيات صياغة ارتباطية‪ ،‬تذكر‬
‫املتغيرات قبل العينات‪ .‬وعندما تصاغ صياغة فارقية‪ ،‬تذكر العينات قبل املتغيرات‪.‬‬
‫‪ .5‬في التعريفات إلاجرائية‪ ،‬ذكرت الباحثتان في التعريف‪ ،‬املتعة‪ ،‬ولكن في ن التعريف‬
‫ذكرتا كذلك امللل‪ .‬ويحتاج هذا التعريف إلى أن تذكر الباحثتان ماذا ع ي ارتفاع الدرجة على‬
‫املقياس‪ .‬ونفس الش يء بالنسبة ملقياس الاتجاهات‪ .‬أما تعريف امللل‪ ،‬فهو ليس بتعريف‬
‫إجرا ي إطالقا‪.‬‬
‫‪ .7‬أوردت الباحثتان الدراسات السابقة بعد مشكلة البحث وفروضه‪ .‬وهذا ليس سليما‬
‫أبدا‪ .‬ألن الدراسات السابقة تعت ر أحد املصادر التي تستنبط منها مشكلة البحث والفروض‪.‬‬
‫ولذا ينبغي عرضها قبلها‪.‬‬
‫‪ .8‬ذكرت الباحثتان أن العينة تكونم من ‪ 23‬ذكرا‪ 17 ،‬أنثى‪ .‬وهي عينة صغيرة‪ ،‬وغير‬
‫مالئمة للبحث في موضوعات وجدانية كاملتعة وامللل والاتجاهات‪ .‬واملنهج ارتباطي وفارقي‪.‬‬
‫‪ . 9‬ذكرت الباحثتان‪ ،‬أن عينة البحث من تالميذ السنة الخامسة من التعليم الابتدا ي‪.‬‬
‫ولكنهما ذكرتا في عنوان البحث ‪ :‬تالميذ املدرسة الابتدائية‪ .‬والصحيح أن تذكرا في عنوان‬
‫البحث ‪ :‬تالميذ السنة الخامسة من التعليم الابتدا ي‪ ،‬حتى يتسق عنوان البحث مع‬
‫مضامينه‪.‬‬
‫‪ .10‬ذكرت الباحثتان أنهما عرضتا فقرات املقياس ‪ 32‬على خ راء وتم تعديلها‪ ،‬فصارت‬
‫‪ 26‬فقرة‪ .‬ولكن هذا ليس تعديال بل حذفا‪ .‬ولم تذكرا أية تفاصيل عن عملية الحذل أو‬
‫التعديل التي قام بها الخ راء‪.‬‬
‫‪ .11‬ذكرت الباحثتان‪ ،‬أن مقياس الاتجاهات له االاة أبعاد‪ .‬ولكنهما لم تذكراها‪.‬‬
‫‪ .12‬لم تذكر الباحثتان كيفية تصحيح إجابات املفحوصين‪ .‬وكيف يتم الحصول على‬
‫الدرجة الكلية‪ .‬وماذا ع ي ارتفاع الدرجة الكلية على املقياس‪.‬‬

‫‪585‬‬
‫‪ .13‬لم تذكر الباحثتان كيف تم استعمال أدوات القياس‪ ،‬وألاساليب إلاحصائية‬
‫املستعملة ملعالجة بيانات البحث‪.‬‬
‫‪ .14‬عند عرض النتائج املتعلقة بالسؤال ألاول‪ ،‬والذي نصه كما يلي ‪" :‬ما مظاهر املتعة‬
‫وامللل التي شعر بها التالميذ داخل املدارس ؟"‪ .‬فإن النتائج املسجلة في الجدول رقم (‪ )1‬ال‬
‫تشير إلى املظاهر‪ ،‬بل إلى ألاشياء واملواقف التي شعر معها التلميذ باملتعة‪ .‬ونفس املالحظة‬
‫أقولها للبيانات املسجلة في الجدول رقم (‪ .)2‬فهي ال تشير إلى مظاهر امللل‪.‬‬
‫‪ .15‬لم تبين الباحثتان في النتائج املسجلة في الجدولين رقمي ‪ ،)2( )1( :‬هل تتعلق‬
‫بالذكور أم با ناث‪ ،‬أم بالعينة الكلية‪.‬‬
‫‪ .16‬أوردت الباحثتان في الجدولين رقيم (‪ ،)2( )1‬بدائل إلاجابة على استبيان املتعة‬
‫وامللل وهي ‪ :‬نادرا أحيانا دائما‪ .‬ولكن البديل "دائما"‪ ،‬ال ستعمل في إلاجابة على البنود‪ .‬ألن‬
‫الخاصية السلوكية ال توجد دائما‪ .‬فهي نسبية‪ .‬وأق ى بديل ينبغي استعماله‪ ،‬لقياس شدة‬
‫وجود الخاصية السلوكية هو ‪" :‬كثيرا جدا"‪.‬‬
‫‪ .17‬رتبم الباحثتان فقرات (بنود) املتعة وامللل في الجدولين رقمي (‪ )2( )1‬باستعمال‬
‫متوسطاتها الحسابية‪ .‬ولكنهما ذكرتا في نفس الجدولين الترتيب حسب النسبة‪ .‬ولم تذكرا أية‬
‫نسبة يقصدان‪ ،‬هل هي النسبة املئوية‪ ،‬أم أي نسبة أخرم ؟ وكيف تم حسابها ؟ ولم تذكرا‬
‫كذلك عدد أفراد العينة في حساب املتوسطات الحسابية للفقرات‪ .‬ونتساءل أيضا‪ ،‬ملاذا تم‬
‫عرض النتائج بالفقرات وليس بالدرجة الكلية‪.‬‬
‫‪ .18‬ومما ورد من مظاهر امللل‪ ،‬العبارة التالية ‪ :‬إلاحساس باأللم أيام الامتحان‪ .‬ولكن‬
‫ماذا تقصدان باأللم ؟ وأين يقع ؟‬
‫‪ .19‬ذكرت الباحثتان في صفحة رقم ‪ 157‬ما يلي ‪ :‬عرض نتائج الفرضية الرئيسية‪ .‬ولكن‬
‫الفرضيات الثالاة التي تم عرضها في فقرة سابقة‪ ،‬ال توجد بينها فرضية رئيسية‪.‬‬
‫‪ .20‬يتم بحث ألاار‪ ،‬منهجيا‪ ،‬من خالل عقد مقارنات‪ ،‬بين العينات أو املجموعات‪ ،‬سواء‬
‫ّ‬
‫في املنهج التجريبي أو شبه التجريبي‪ ،‬أو املنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫‪586‬‬
‫البحث التاسع‬
‫اتجاهات التالميذ نحو الدراسة ـ دراسة ميدانية‬

‫بذلم الباحثة‪ ،‬جهدا واضحا فـي سبيل إنجا بحثها بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنها لم‬
‫تتحكم في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫على طريقتها في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬ذكرت الباحثة أسئلة البحث ام فرضياته ام أهميته ام أهدافه‪ .‬ولكن هذا ليس‬
‫سليما‪ .‬ألن التسلسل املنهجي لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬ونسم ها موجهات البحث‪ ،‬يكون كما‬
‫يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪.‬‬
‫فيتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر‬
‫الباحث مشكلة البحث‪ ،‬فإنه يفكر بعدها مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬وبعد‬
‫صياغة الفروض‪ ،‬شرع في إجراءات البحث امليدانية الختبارها‪ .‬وليس منطقيا أو منهجيا ذكر‬
‫أهدال البحث بعد ذكر مشكلة البحث وفروضه‪.‬‬
‫‪ .2‬صاغم الباحثة الفرضيات صياغة صفرية‪ ،‬وهذت الصياغة غير سليمة‪ .‬فالصياغة‬
‫الصحيحة والعلمية‪ ،‬هي أن تصاغ الفروض كفروض بحث‪ ،‬التي تكون موجهة أو غير موجهة‪،‬‬
‫ولكل منهما اختبار إحصا ي معين؛ ذي ذيل واحد أو ذي ذيلين‪ ،‬على التوالي‪ .‬أما الفروض‬
‫الصفرية ال تكون فروض بحث‪ ،‬ألنها ال تكون موجهة أو غير موجهة‪ ،‬وال تخت ر عند ذيل واحد‬
‫أو عند ذيلين‪ .‬ويذكر الباحثون الفرض الصفري عند مناقشتهم لنتائج بحوثهم‪ .‬فيقولون مثال‬
‫‪ :‬أرفض الفرض الصفري وأقبل الفرض البديل‪ .‬أو أقبل الفرض الصفري وأرفض الفرض‬
‫البديل‪.‬‬
‫‪ .3‬في التعريف إلاجرا ي التجات التلميذ نحو الدراسة‪ ،‬كان على الباحثة أن تذكر في نهاية‬
‫التعريف‪ ،‬إلى ماذا شير ارتفاع الدرجة على الاستبيان‪.‬‬
‫‪ .4‬تعريف تلميذ السنة ألاولى من التعليم الثانوي‪ ،‬ليس جيدا‪.‬‬
‫‪ .5‬املبالغة في ذكر حدود البحث‪.‬‬
‫‪ . 6‬ذكرت الباحثة أنها اتبعم املنهج الوصفي‪ .‬واملنهج الوصفي شمل مناهج فرعية‬
‫عديدة‪ .‬كان عل ها أن تذكر املنهج الفرعي الذي اتبعته‪.‬‬
‫‪ .7‬ذكر النسب املئوية للعينات الفرعية‪ ،‬ليس ضروريا وال أهمية له‪.‬‬

‫‪587‬‬
‫‪ .8‬ذكرت الباحثة أن مكونات الاتجات نحو الدراسة‪ ،‬هي ‪ :‬املعرفي‪ .‬الانفعالي‪ .‬السلوكي‪.‬‬
‫وهذا ليس سليما‪ .‬ألن هذت املكونات الثالاة‪ ،‬تتعلق بالسلوك البشري كله‪ .‬أما الاتجات نحو‬
‫الدراسة‪ ،‬فهو اتجات نحو موضوع أو موقف خا ‪ ،‬وبالتالي تكون له مكونات خاصة‪ .‬وليس‬
‫بالضرورة أن تكون االاة مكونات‪ ،‬قد تكون أقل أو أكثر‪ .‬وكان على الباحثة أن تتعرل عل ها؛‬
‫إما من خالل نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬أو من خالل التحليل العاملي‪.‬‬
‫‪ .9‬إن كال من صدق املحكمين وصدق الاتساق الداخلي‪ ،‬ستعمالن لصدق البنود‪ .‬ولكن‬
‫أين صدق الاستبيان ككل‪.‬‬
‫‪ .10‬ذكرت الباحثة في البيانات املسجلة في الجدول رقم (‪ )4‬واملتعلقة بحساب الثبات‪،‬‬
‫معامل الارتباط بين نصفي املقياس‪ .‬وذكرت كذلك معامل الثبات وفق سبيرمان‪ /‬براون‪،‬‬
‫ومعامل الثبات وفق جتمان‪ .‬والصحيح أن تقول ‪ :‬تصحيح الطول وفق معادلة سبيرمان‪/‬‬
‫براون‪ ،‬وتصحيح الطول وفق معادلة جتمان‪.‬‬
‫‪ .11‬ليس سليما أن تحسب معامالت الثبات ب سلوب ألفا كرونباخ للمكونات الثالاة‬
‫امليعومة لالجات نحو الدراسة‪ .‬ألن املكونات الثالاة لالتجات نحو الدراسة (معرفي‪ ،‬انفعالي‪،‬‬
‫سلوكي) غير سليمة‪.‬‬
‫‪ .12‬إن استعمال اختبار "ت" ب ساليبه املختلفة‪ ،‬يقوم على الخصائ الثالاة للعينات‪:‬‬
‫الاستقالل‪ /‬الارتباط‪ .‬التساوي‪ /‬عدم التساوي‪ .‬التباين‪ /‬التجانس‪ .‬وليس بين متوسطين سواء‬
‫مرتبطين أو غير مرتبطين‪ ،‬كما ذكرت الباحثة‪.‬‬
‫‪ .13‬ينبغي على الباحثة‪ ،‬أن تذكر كيف حصلم على املتوسط الفرض ي‪.‬‬
‫‪ .14‬ما فائدة البيانات املسجلة في الجدول رقم (‪.)7‬‬
‫‪ .15‬إن صياغة البنود الخمسة املسجلة في الجدول رقم (‪ ،)7‬ليسم مناسبة لقياس‬
‫لدي رغبة في الدراسة)‪ ،‬والاتجاهات ليسم‬ ‫الاتجات‪ .‬ألنها جاءت ب سلوب التقرير الذاتي (مثل ‪ّ :‬‬
‫متغيرات يخصية‪ ،‬حتى تقاس ب سلوب التقرير الذاتي‪ ،‬بل هي عبارة عن قضايا جدلية عامة‪.‬‬
‫وبالتالي تقاس بصفتها قضايا خارجة عن ذات املفحو ‪ .‬وبالتالي فإنه بدال من القول ‪ :‬لدي‬
‫رغبة في الدراسة‪ .‬القول ‪" :‬الدراسة نشاط ممتع"‪.‬‬
‫‪ .16‬ما املقصود بعبارة ‪ :‬تجانس التباين الواردتين في الجدولين رقمي ‪ 10 ،9 :‬؟‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫‪588‬‬
‫البحث العاشر‬
‫الثقة بالنفس وعالقتها بالتحصيل الدراس ي لدم التالميذ املقبلين‬
‫على امتحان البكالوريا‬

‫بـذل الباحـثان‪ ،‬جـهـدا واض ـحا فـي سبيل إنجا بحثهما بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهما لم‬
‫يتحـك ـما في مـنـهـجـيـة البـح ـث والق ـياس النـفـس ي بمـسـت ـوم جيد‪ .‬وفـيـما ي ـلي املالح ـظات التي‬
‫سجلتها على طريقتهما في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬ذكر الباحثان أهدال البحث وأهميته‪ ،‬بعد ذكرهما ملشكلة البحث وأسئلته وفروضه‪.‬‬
‫ولكن التسلسل املنهجي لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬يكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية‬
‫البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬يتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها‬
‫أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر الباحث مشكلة البحث‪ ،‬فإنه‬
‫يفكر بعدها مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬وبعد صياغة الفروض‪ ،‬شرع في إجراءات‬
‫البحث امليدانية الختبارها‪ .‬وليس منطقيا أو منهجيا‪ ،‬ذكر أهدال البحث بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬بالنسبة للتعريف إلاجرا ي ملتغير الثقة بالنفس‪ ،‬ينبغي ذكر ماذا ع ي ارتفاع الدرجة‬
‫الكلية‪.‬‬
‫‪ .3‬كيف عرل الباحثان‪ ،‬من خالل الدراسة الاستطالعية‪ ،‬أن الفرضيات إجرائية ؟‬
‫وكيف تكون الفرضية إجرائية ؟ ألن الرفض هو مجرد تصور في عقل الباحث‪ .‬أما إلاجراء‪،‬‬
‫فيع ي أن املفهوم الذي يتم تعريفه إجرائيا‪ ،‬يالحظ مباشرة ويقاس‪ .‬وهل الفرضية‪ ،‬بصفتها‬
‫تصور عقلي‪ ،‬تالحظ مباشرة وتقاس ؟‬
‫‪ .4‬هل أنجي الباحثان الدراسة الاستطالعية‪ ،‬أم تحداا عنها فقط ؟‬
‫‪ .5‬عينة البحث التي تتكون من ‪ 19‬أنثى‪ 11 ،‬ذكرا‪ ،‬صغيرة جدا‪ ،‬لهذا النوع من البحوث‪،‬‬
‫التي هي ارتباطية أو فارقية‪.‬‬
‫‪ .6‬بالنسبة ألداة القياس‪ ،‬يتم أوال الحديث عن وصف املقياس‪ ،‬فيتم ذكر املتغير الذي‬
‫يقيسه‪ ،‬والباحث الذي صممه‪ ،‬وعدد بنودت‪ ،‬وكيف يجاب عنها‪ ،‬وكيف تصحح إلاجابات‪ .‬ام‬
‫ي تي الحديث عن صدقه واباته‪ ،‬اللذين تم حسابهما سابقا‪ ،‬واللذين حسبهما الباحث‪ .‬ولكن‬
‫الباحثين عكسا الترتيب‪ ،‬حيث تحداا عن الصدق والثبات‪ ،‬ام تحداا عن وصف املقياس‪،‬‬
‫ام تحداا عن الصدق والثبات اللذين استخرجهما مصمم املقياس‪.‬‬
‫‪ .7‬إن الاعتماد على ما سم بصدق املحكمين وحدت‪ ،‬ال يكفي‪.‬‬

‫‪589‬‬
‫‪ .8‬إن معامل الثبات الذي ال يتعدم ‪ 0.7‬هو ابات ضعيف‪.‬‬
‫‪ . 9‬إن الصدق املستخرج من معامل الثبات‪ ،‬والذي سم الصدق الذاتي‪ ،‬هو نوع من‬
‫العبث‪.‬‬
‫‪ .10‬لم يذكر الباحثان منهج البحث الذي اتبعات‪.‬‬
‫‪ .11‬ذكر الباحثان فرضيتان‪ ،‬هما ‪:‬‬
‫ألاولى ‪ :‬هناك عالقة ارتباط دالة إحصائيا بين الثقة بالنفس والتحصيل الدراس ي في‬
‫امتحان البكالوريا‪ .‬وهذت الصياغة ليسم سليمة‪.‬‬
‫والصياغة السليمة تكون كما يلي ‪" :‬يوجد ارتباط بين درجات الثقة بالنفس ودرجات‬
‫امتحانات البكالوريا"‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬هناك فروق دالة إحصائيا بين الذكور وإلاناث الذين سيخضعون المتحان‬
‫البكالوريا من حيث الثقة في النفس‪ .‬وهذت الصياغة ليسم سليمة‪.‬‬
‫والصياغة السليمة تكون كما يلي ‪" :‬يوجد فرق بين الجنسين في الثقة بالنفس"‪ .‬وليس‬
‫ضروريا أن يذكر الباحثان في الفرضية عبارة ‪ :‬الذين سيخضعون المتحان البكالوريا‪ .‬ألنهم‬
‫معروفين من خالل ذكر عينة البحث‪ .‬وليس ضروريا كذلك أن يذكرا دالة إحصائيا‪ ،‬ألنه‬
‫عندما يفترض الباحث وجود فرق‪ ،‬فهو دال إحصائيا‪.‬‬
‫‪ .12‬رغم صياغة الباحثين لهاتين الفرضيتين‪ ،‬إال أنهما لم عرضا نتائج البحث وفقهما‪.‬‬
‫ولم يحسبا كذلك ال ارتباط بين درجات الثقة بالنسبة ودرجات امتحانات البكالوريا‪ ،‬وال‬
‫حسبا الفرق بين الجنسين في الثقة بالنفس‪ .‬بل حسبا كل ش يء ب سلوب النسب املئوية‪ ,‬رغم‬
‫أن املتغيرين؛ الثقة بالنفس ودرجات امتحانات البكالوريا‪ ،‬يقعان في مستوم املسافات‬
‫املتساوية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن نتائج البحث‪ ،‬ال عتد بها‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫‪590‬‬
‫البحث الحادي عشر‬
‫درجة ممارسة أساتذة املواد العلمية للتعليم السعيد‬
‫من وجهة نظر عينة من تالمذة املرحلة املتوسطة‬

‫بذل الباحثان‪ ،‬جهدا واضحا فـي سبيل إنجا بحثهما بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهما لم‬
‫يتحكما في منهج البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫على طريقتهما في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬ذكر الباحثان أهدال البحث وأهميته‪ ،‬بعد ذكرهما ملشكلة البحث وأسئلته وفروضه‪.‬‬
‫ولكن التسلسل املنهجي لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬تكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية‬
‫البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬يتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها‬
‫أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر الباحث مشكلة البحث‪ ،‬فإنه‬
‫يفكر بعدها مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬وبعد صياغة الفروض‪ ،‬شرع في إجراءات‬
‫البحث امليدانية الختبارها‪ .‬وهنا ليس منطقيا وال منهجيا‪ ،‬ذكر أهدال البحث بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬ما دام ألاساتذة لم يجيبوا على أداة البحث‪ ،‬ليس مهما وال مطلوبا ذكر خصائصهم؛‬
‫كالعدد والجنس والخ رة‪.‬‬
‫‪ . 3‬ألن الباحثين أهمال كثيرا من مواصفات أداة البحث‪ ،‬فهناك صعوبة في معرفة كيف‬
‫عرل التالميذ جنس ألاستاذ وسنوات خ رته في املهنة‪ ،‬وكيف تم حساب الفروق‪.‬‬
‫‪ .4‬في الكالم الذي كتبه الباحثان أسفل الجدول رقم (‪ )02‬املتعلق بحساب معامالت‬
‫الارتباط بين البنود والدرجة الكلية‪ ،‬ذكرا التجانس والاتساق الداخلي وك نهما مفهوم واحد‪.‬‬
‫لكن الاتساق الداخلي‪ ،‬شير إلى أن ارتباطات البنود مع الدرجة الكلية للمقياس كلها موجبة‬
‫ودالة إحصائيا‪ ،‬أي متسقة‪ .‬أما التجانس‪ ،‬فيشير إلى أن بنود املقياس ليس بينها فروق كبيرة‬
‫(مجموع تباينات البنود صغير)‪ .‬وبمع ى آخر‪ ،‬يتم النظر إلى البنود والدرجة الكلية في حساب‬
‫الاتساق الداخلي‪ ،‬ك نها متغيرات‪ .‬ولهذا تحسب بينها ارتباطات‪ .‬بينما يتم النظر إلى البنود في‬
‫حساب التجانس‪ ،‬ك نها أفراد‪ .‬ولهذا تحسب بينها فروق‪.‬‬
‫‪ .5‬في مجال حساب الصدق والثبات‪ ،‬هناك االاة ممارسات يقوم بها الباحثون بشكل‬
‫نمطي‪ .‬أطرح حولها ألاسئلة التالية ‪:‬‬
‫ألاول‪ ،‬ملاذا تستعمل "دائما" الدراسة الاستطالعية لحساب الصدق والثبات فقط‪ ،‬وال‬
‫تستعمل جراءات البحث ألاخرم ؟‬

‫‪591‬‬
‫الثاني‪ ،‬ملاذا تحسب "دائما" مؤشرات الصدق والثبات بعينة استطالعية‪ ،‬وليس بالعينة‬
‫ألاساسية ؟‬
‫الثالث‪ ،‬ملاذا تفصل "دائما" نتائج ما سم بالعينة الاستطالعية عن نتائج العينة‬
‫ألاساسية ؟‬
‫وهذت إلاجراءات الثالاة‪ ،‬يقوم بها الباحثون بصورة نمطية (دائما)‪ ،‬ولم يفكر أي منهم‬
‫في تغييرها‪ .‬إننا نبحث بصورة آلية جامدة‪ .‬أي دون تفكير‪.‬‬
‫‪ .6‬تمم صياغة الفرضية ألاولى‪ ،‬كما يلي ‪" :‬توجد درجة مرتفعة في ممارسة أساتذة املواد‬
‫العلمية ملظاهر التعليم السعيد من وجهة نظر عينة من تالمذة املرحلة املتوسطة بوالية‬
‫الوادي"‪ .‬لكن الباحثين لم يبينا معيار الدرجة املرتفعة‪.‬‬
‫‪ .7‬ذك ـر الب ـ ـاح ـ ـثان أن الب ـي ـان ـات املس ـج ـل ـة فـي الجـ ـدول رق ـم (‪ )07‬تـتـعـل ـق بالـتـفـاعـل بـيـن‬
‫الجنس واملادة الدراسية‪ .‬وهي ليسم كذلك‪ .‬ألنها عبارة عن متوسطات حسابية وانحرافات‬
‫معيارية‪ ،‬فقط‪.‬‬
‫وذكرا كذلك‪ ،‬أن البيانات املسجلة في الجدول رقم (‪ )09‬تتعلق بالتفاعل بين الجنس‬
‫والخ رة املهنية‪ .‬ولكنها عبارة عن املتوسطات الحسابية والانحرافات املعيارية‪ ،‬فقط‪.‬‬
‫وذكرا كذلك‪ ،‬أن البيانات املسجلة في الجدول رقم (‪ )11‬تتعلق بالتفاعل بين املادة‬
‫الدراسية والخ رة املهنية‪ .‬ولكنها عبارة عن املتوسطات الحسابية والانحرافات املعيارية‪،‬‬
‫فقط‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الثاني عشر‬


‫ت اير نظام الدوام الواحد على التغيرات اليومية وألاسبوعية‬
‫للسلوكات داخل القسم لدم التالميذ البالغين من العمر ‪ 9 :‬ـ ‪10‬‬
‫سنوات دراسة مقارنة بين والية الجيائر ووالية غرداية‬

‫بذلم الباحثتان‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثهما بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهما‬
‫لم يتحكما في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي‬
‫سجلتها على طريقتهما في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬

‫‪592‬‬
‫‪ . 1‬ذكرت الباحثتان في بحثهما مصطلحات تحتاج إلى تعريفات جيدة لتوضيحها‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫الوتيرة املدرسية‪ .‬وتيرة التلميذ‪ .‬وتيرة بيولوجية ونفسية‪ .‬النوم الليلي‪ .‬مؤشرات عدم اليقظة‪.‬‬
‫يقظة منخفضة‪ .‬سلوك الانفصال‪ .‬مؤشرات الانفصال‪ .‬الحالة املدرسية‪ .‬الوضعية املدرسية‪.‬‬
‫وغموض معاني هذت املصطلحات‪ ،‬جعل بعض جوانب البحث غامضة‪ ،‬تبعا لذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬ذكرت الباحثتان أنهما اتبعتا املنهج الوصفي‪ .‬لكن املنهج الوصفي‪ ،‬ال يذكر إال بمعية‬
‫أسلوب من أساليبه العديدة‪ .‬وبما أن الباحثتان تقارنان بين تالميذ واليتين هما ‪ :‬الجيائر‬
‫وغرداية‪ .‬كان ألاصح أن تقوال ‪ :‬املنهج الوصفي ب سلوب املقارنة‪ .‬لكن الاسم الحديث لهذا‬
‫ّ‬
‫املنهج‪ ،‬هو املنهج العلي‪ /‬املقارن‪.‬‬
‫‪ .3‬إن املقارنة بين تالميذ واليتين في وطن واحد‪ ،‬في قضية تدرج ضمن التنظيم التربوي‪،‬‬
‫في مؤسسات تعليمية‪ ،‬تسيرها جهة واحدة هي الدولة‪ .‬فإن هذت املقارنة ليسم ذات أهمية‪،‬‬
‫وال ت تي بش يء مهم علميا‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .4‬إن البحث الذي يقوم على عينة تتكون من أربعة تالميذ في كل عينة فرعية للمقارنة‪،‬‬
‫ال يمكن الثقة في نتائجه‪ .‬خاصة وأنه ليس منهجا تجريبيا‪ ،‬وال عياديا‪ .‬وتمم معالجة بياناته‬
‫إحصائيا‪ .‬وإلاحصاء يكون مفيدا أفضل‪ ،‬عندما يتعدم حجم العينة ‪ 30‬فردا‪.‬‬
‫‪ .5‬كان من الال م أن تذكر الباحثتان خصائ أخرم ألفراد العينتين؛ من حيث الجنس‬
‫واملستوم الدراس ي‪ ،‬وخصائ أخرم‪ ،‬كالذكاء واملستوم الاجتماعي‪ /‬الاقتصادي والتوافق‬
‫الدراس ي والدافعية الدراسية‪ .‬ألن هذت الخصائ ‪ ،‬ربما تحدث الفرق‪ .‬وما دام البحث يجرم‬
‫على قضية تعليمية‪ ،‬فإن خاصية العمر ليس لها أهمية‪ .‬فاألهمية تكون للمستوم الدراس ي‪.‬‬
‫ولذا كان على الباحثتين أن تذكرا أن أفراد العينتين يوجدون في السنتين الثالثة والرابعة من‬
‫التعليم الابتدا ي‪ .‬وهذا أفضل وأكثر اتساقا مع طبيعة البحث وموضوعه‪.‬‬
‫‪ .6‬إن صغر حجم العينتين‪ ،‬وعدم ذكر خصائ أخرم للعينتين‪ ،‬جعل تفسير النتائج‬
‫من خالل املقارنة بين منطقة في الشمال ومنطقة في الجنوب‪ ،‬غير مقنعة علميا‪.‬‬
‫‪ .7‬لم توضح الباحثتان‪ ،‬بشرح وال‪ ،‬شبكة املالحظات والعناصر التي تتكون منها‪،‬‬
‫واملوضوعات التي تم تسجيل املالحظات حولها‪.‬‬
‫‪ .8‬لم تذكر الباحثتان من قام باملالحظة في كل من الجيائر وغرداية‪.‬‬
‫‪ .9‬لم تبين الباحثتان كيف تم استعمال شبكة املالحظة‪ ،‬وكيف تم جمع املعلومات التي‬
‫تسجل عل ها‪ ،‬وكيف تم تصحيحها‪.‬‬

‫‪593‬‬
‫‪ .10‬وبما أن الباحثتين لم تقدما معلومات كافية حول شبكة املالحظة‪ ،‬من حيث عدد‬
‫بنودها وكيف تطبق وكيف تصحح‪ ،‬فإن قارئ البحث‪ ،‬سول يجد صعوبات في فهم البيانات‬
‫املسجلة في الرسوم البيانية؛ أرقام ‪.7 ،6 ،5 :‬‬
‫‪ .11‬تذكر الباحثتان أن النتائج املتوصل إل ها دالة إحصائيا‪ .‬وقدمتا البيانات التالية ( ‪F‬‬
‫‪ .)(15) = 11.32 ; P < .00 .S‬ولكنهما لم تذكرا ألاسلوب إلاحصا ي املستعمل‪.‬‬
‫‪ .12‬رغم أن الباحثتين لم تذكرا أي فرضية في البحث‪ .‬إال أنهما ذكرتا أنه تقبل الفرضية‬
‫التي تقول ب ن السلوك داخل القسم يتغير وفق الانتماء الجغرافي‪ ،‬وأنه توجد فروق ذات‬
‫داللة إحصائية بين تالميذ والية الجيائر وتالميذ والية غرداية‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الثالث عشر‬


‫مناخ البيئة الجامعية ـ دراسة ميدانية‬

‫بذل الباحث‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثه بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنه لم يتحكم‬
‫في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها على‬
‫طريقته في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬ذكر الباحث أهدال البحث وأهميته بعد ذكرت ملشكلة البحث وأسئلته وفروضه‪.‬‬
‫ولكن التسلسل املنهجي لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬تكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية‬
‫البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬يتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها‬
‫أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما تذكر مشكلة البحث‪ ،‬فإن الباحث‬
‫يفكر بعدها مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬وبعد صياغة الفروض‪ ،‬شرع في إجراءات‬
‫البحث امليدانية الختبارها‪ .‬وهنا ليس منطقيا أو منهجيا‪ ،‬ذكر أهدال البحث بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬ما ذكرت الباحث تحم عنوان ‪ :‬تعقيب على الدراسات السابقة‪ ،‬هو تلخي للدراسات‬
‫السابقة‪.‬‬
‫‪ . 3‬إن املنهج الوصفي امليداني‪ ،‬الذي ذكر الباحث أنه اتبعه‪ ،‬ال تذكرت املراجع في مناهج‬
‫البحث النفس ي والتربوي‪.‬‬
‫‪ .4‬ذكر الباحث أنه سحب عينة البحث بطريقة عشوائية‪ .‬ولم يذكر الطريقة العشوائية‬
‫التي اتبعها‪ .‬هل هي بسيطة أم طبقية أم عنقودية أم منظمة ؟‬

‫‪594‬‬
‫‪ .5‬في الجدول رقم (‪ )1‬ذكر الباحث ‪ :‬السنة الدراسية‪ .‬وأراد بها السنة ألاولى والسنة‬
‫الثانية والسنة الثالثة‪ .‬وألاصح أن يقول ‪ :‬املستوم الدراس ي الجامهي‪ .‬وذكر أيضا ‪:‬‬
‫التخص ‪ .‬وأراد به الليسانس واملاستر والدكتورات‪ .‬وألاصح أن يقول ‪ :‬املستوم في الشهادات‬
‫الجامعية‪.‬‬
‫‪ .6‬ملاذا حذل الباحث ‪ 10‬بنود من استبانة قياس املناخ الجامهي ؟ وب ي طريقة تم‬
‫حذفها ؟ ومن أي ُب ْعد تم حذفها ؟ إن أي أداة قياس تعت ر وايقة علمية‪ ،‬وأي تغيير يجرم‬
‫ف ها‪ ،‬ال بد أن يذكر الباحث الت ريرات التي جعلته يقوم بذلك‪ ،‬والطريقة التي قام بها‪.‬‬
‫‪ .7‬حساب الصدق بطريقة حساب معامالت الارتباط بين ألابعاد والدرجة الكلية‪ ،‬ال‬
‫يكفي‪ ،‬ألنه حساب لصدق ألابعاد‪ ،‬وليس حسابا لصدق الاختبار ككل‪.‬‬
‫‪ .8‬ستعمل الباحثون كثيرا كلمة "تحليل النتائج" عند حديثهم عن نتائج البحث‪ .‬ولكنها‬
‫ليسم سليمة‪ .‬فاألحسن أن يقولوا "معالجة النتائج" أو "معالجة البيانات"‪.‬‬
‫‪ .9‬لتفسير الدرجات الخام‪ ،‬هناك مرجعان؛ املرجع املحكي واملرجع املعياري‪ .‬ستعمل‬
‫املرجع املحكي لتفسير الدرجات املتعلقة باختبارات الكفاءة‪ ،‬كالتحصيل الدراس ي‪ .‬أما تفسير‬
‫الدرجات في الاختبارات النفسية‪ ،‬فيستعمل املرجع املعياري‪ .‬ويقوم املرجع املعياري على كل‬
‫من املتوسط الحسابي التجريبي والانحرال املعياري التجريبي‪ .‬أما استعمال املتوسط النظري‬
‫(وهمي) ام مقارنة املتوسط الحسابي التجريبي به‪ ،‬فهذا معنات‪ ،‬أن املتغيرات النفسية التي‬
‫تم بحثها‪ ،‬توجد خارج سلوك ألافراد الذي تم قياسه‪ .‬ويتعارض املتوسط النظري‪ ،‬مع التفسير‬
‫وفق املرجع املعياري‪ ،‬أو جماعي املرجع‪.‬‬
‫‪ .10‬إن متغير البحث‪ ،‬وهو ‪ :‬مناخ البيئة الجامعية‪ ،‬يقاس‪ .‬أي يقع في مستوم املسافات‬
‫املتساوية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن معالجة النتائج‪ ،‬كل بند بمفردت‪ ،‬كما هو مسجل في الجدول رقم (‪)2‬‬
‫ليس سليما‪ ،‬ولم يقدم شيئا ذا قيمة من الناحية العلمية‪.‬‬
‫‪ .11‬ما الفائدة من البيانات املسجلة في الجدول رقم (‪ .)3‬ال فائدة منها‪.‬‬
‫‪ .12‬إن اختبار "ت"‪ ،‬بصفته إحصاء استدالليا‪ ،‬ستعمل الختبار الفرضيات‪ ،‬وليس‬
‫للجابة عن سؤال‪.‬‬
‫‪ .13‬في صفحة رقم ‪ .228‬أقرأ ما يلي ‪ :‬االثا ‪ :‬إلاجابة عن الفرضية السؤال الثالث ‪ :‬هل‬
‫يوجد ت اير دال إحصائيا بين وجهات نظر الطلبة للمناخ الجامهي تعيم إلى املستوم ؟ لكن‪،‬‬
‫هل هذت الصياغة للسؤال أم للفرضية ؟ واملستوم الذي تم ذكرت في نهاية الصياغة‪ ،‬ينبغي‬
‫أن يذكر معه الدراس ي الجامهي ؟‬

‫‪595‬‬
‫‪ .14‬في النتائج املسجلة في الجدول رقم (‪ )5‬التي تمم معالجتها ب سلوب تحليل التباين‬
‫أحادي الاتجات‪ .‬ظهر أن الفروق في البعد الاجتماعي‪ ،‬دالة إحصائيا‪ .‬وهنا ال بد من إجراء‬
‫عملية املقارنة البعدية بين املتوسطات‪ ،‬ليتم التعرل لصالح من كان الفرق‪ .‬وكذلك ألامر‬
‫بالنسبة للفرق الدال إحصائيا في البعد ألاكاديمي في النتائج املسجلة في الجدول رقم (‪.)6‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الرابع عشر‬


‫ألامل والتشاؤم لدم طلبة جامعة محمد بن أحمد وهران‬
‫دراسة فرقية في ضوء متغيرات البحث‬

‫بذلم الباحثتان‪ ،‬جهودا واضحة في سبيل إنجا بحثهما بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهما‬
‫لم تتحكما في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي‬
‫سجلتها على طريقتهما في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬ذكرت الباحثتان أهدال البحث وأهميته‪ ،‬بعد ذكرهما ملشكلة البحث وأسئلته‬
‫وفروضه‪ .‬ولكن التسلسل املنهجي لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬تكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام‬
‫أهمية البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬يتم ذكر ألاهدال أوال‪،‬‬
‫ألنها أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر الباحث مشكلة البحث‪،‬‬
‫فإنه يفكر بعدها مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬وبعد صياغة الفروض‪ ،‬شرع في‬
‫إجراءات البحث امليدانية الختبارها‪ .‬وهنا ليس منطقيا وال منهجيا أن يذكر أهدال البحث‪،‬‬
‫بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬ورد في عنوان البحث متغيران هما ‪ :‬ألامل والتشاؤم‪ .‬وقامم الباحثتان بتعريفهما‬
‫وتناولهما في الدراسات السابقة‪ ،‬وفي مشكلة البحث وأسئلته وفروضه‪ .‬ولكنهما بعد ذلك‬
‫تناولتا متغير الي س بدال من متغير التشاؤم‪ ،‬سواء من حيث القياس أم من حيث النتائج‬
‫املسجلة في الجداول‪ .‬أي أن الباحثتين تقدمان نتائج عن الي س لكنهما يطلقان عل ها نتائج‬
‫التشاؤم‪ .‬وهنا نتساءل ‪ :‬هل التشاؤم هو الي س ؟ وإذا كان التشاؤم هو الي س‪ ،‬ينبغي على‬
‫الباحثتين أن تبينا ذلك ب سلوب علمي مقبول‪ .‬ولكنهما لم يذكرا شيئا في هذا ألامر‪.‬‬
‫‪ .3‬هناك سوء في صياغة الفرضيات‪ .‬لنقرأ الصياغة التالية حدم الفرضيات‪ ،‬كمثال‪:‬‬

‫‪596‬‬
‫"يوجد فروق دالة إحصائيا بين النوع من حيث ألامل لدم طلبة جامعة وهران ‪ ."2‬والصياغة‬
‫السليمة تكون كما يلي ‪ :‬يوجد فرق بين الجنسين في ألامل لدم عينة من طلبة جامعة وهران‬
‫‪ .2‬وعندما يفترض الباحث وجود فرق‪ ،‬ال داعي لقوله دال إحصائيا‪.‬‬
‫‪ .4‬ال ضرورة وال فائدة عادة كتابة معامالت الثبات والصدق‪ ،‬خارج الجدولين رقمي (‪)2‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫‪ .5‬ال ضرورة وال فائدة وال أهمية لذكر النسب املئوية ألحجام العينات الفرعية‪ ،‬في‬
‫الجدول رقم (‪.)4‬‬
‫‪ .6‬جاءت صياغة الفرضية ألاولى كما يلي ‪" :‬مستوم ألامل منخفض بينما التشاؤم‬
‫مستوات مرتفع لدم عينة البحث"‪ .‬وعالجم الباحثتان البيانات املتعلقة بهذت الفرضية‬
‫بالتكرارات والنسب املئوية (الجدوالن رقما ‪ .)6 ،5 :‬وهذا غير صحيح‪ .‬ألن متغيري ألامل‬
‫والي س‪ ،‬يقعان في مستوم املسافات املتساوية‪ .‬أي أنهما متغيران يقاسان‪ .‬وتصحح إلاجابات‬
‫عل هما بمنح درجات للمفحوصين‪ .‬فكيف يتم تحويل الدرجات إلى تكرارات‪ .‬فالدرجات يمكن‬
‫تحول إلى تكرارات أبدا‪ .‬فالدرجات تشير إلى كم وجود الخاصية‪،‬‬ ‫أن توضع في رتب‪ .‬ولكن ال ّ‬
‫وهنا يصح القول ب ن الخاصية مرتفعة أو منخفضة أو متوسطة‪ .‬أما التكرارات‪ ،‬فتشير إلى‬
‫عدد املفحوصين الذين أجابوا بـ ال وعدد املفحوصين الذين أجابوا بـ قليال‪ .‬وهكذا‪ .‬وإلاجابات‬
‫بهذا ألاسلوب‪ ،‬ال شير إلى كم وجود الخاصية‪ .‬والبيانات املسجلة في الجدولين رقمي ‪.6 ،5 :‬‬
‫يصعب معرفة كيف تم حساب التكرارات والنسب املئوية‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الخامس عشر‬


‫واقع التفاؤل والتشاؤم في ظل نظام ‪LMD‬‬
‫دراسة ميدانية على عينة من طلبة جامعة تلمسان‬

‫بذلم الباحثات‪ ،‬جهودا واضحة في سبيل إنجا بحثهن بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهن‬
‫لم يتحكمن في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي‬
‫سجلتها على طريقتهن في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬إن كلمة "واقع" الواردة في بداية عنوان البحث‪ ،‬غير سليمة تماما‪ .‬ألن كلمة "واقع"‬
‫تقال عندما يتناول البحث وضعا موجودا في الواقع التربوي أو ألاسري أو الاجتماعي أو‬

‫‪597‬‬
‫الاقتصادي وغيرت‪ .‬فلو قالم الباحثات واقع نظام ‪ LMD‬في الجامعة الجيائرية‪ ،‬لكان التعبير‬
‫سليما‪ .‬أما التفاؤل والتشاؤم‪ ،‬فهما متغيران نفسيان‪ ،‬ال يمكن معرفة واقعهما‪ ،‬بل عرل‬
‫حجمهما من خالل قياسهما‪ .‬أما الواقع فيعرل من خالل سؤال آلاخرين (الذين عرفونه)‬
‫عنه‪.‬‬
‫‪ .2‬وضعم الباحثات عنوانا فرعيا ‪ :‬منهجية الدراسة‪ .‬ام وضعن بعدت مباشرة عنوانا‬
‫فرعيا آخر‪ ،‬هو ‪ :‬إشكالية الدراسة‪ .‬ولكن إشكالية الدراسة‪ ،‬ال تنتمي إلى منهج الدراسة‪ .‬وال‬
‫تذكر بعدت‪ ،‬بل قبله‪.‬‬
‫‪ .3‬سوء صياغة ألاسئلة‪ .‬مثل ‪" :‬هل توجد فروق ذات داللة إحصائية لدم الطلبة من‬
‫حيث التفاؤل تعيم إلى العوامل التالية ‪ :‬الجنس‪ ،‬السن‪ ،‬املستوم التعليمي‪ ،‬ونوع إلاقامة؟"‪.‬‬
‫لكن الصياغة السليمة هي كما يلي ‪" :‬هل توجد فروق بين الطلبة في التفاؤل‪ ،‬وفق‬
‫الجنس والسن واملستوم التعليمي ونوع إلاقامة ؟"‪.‬‬
‫في هذت الصياغة‪ ،‬تم توضيح أن الفروق بين الطلبة‪ .‬واملتغير الذي توجد فيه الفروق‬
‫هو ‪ :‬التفاؤل‪ .‬واملتغيرات الوسيطة هي ‪ :‬الجنس والعمر واملستوم التعليمي ونوع إلاقامة‪.‬‬
‫وهكذا أيضا بالنسبة للسؤال حول التشاؤم‪.‬‬
‫‪ .4‬عندما يفترض الباحث وجود فرق‪ ،‬ال داعي لذكر عبارة دال إحصائيا‪.‬‬
‫‪ .5‬عرفم الباحثات التفاؤل والتشاؤم ونظام ل م د‪ ،‬وأهملن تعريفات كل من السن‬
‫واملستوم التعليمي ونوع إلاقامة‪.‬‬
‫‪ .6‬تقول الباحثات أنهن اتبعن املنهج الوصفي التحليلي‪ .‬وهذا املنهج غير معرول وغير‬
‫متداول بين الباحثين في علم النفس والتربية‪.‬‬
‫‪ .7‬ذكرت الباحثات أنهن حس ن صدق الاتساق الداخلي لكل من مقياس التفاؤل‬
‫ومقياس التشاؤم‪ .‬وأظهرن في الجدول الخا بذلك في صفحة رقم (‪ )256‬معاملين ارتباطيين‬
‫فقط‪ .‬ولكن‪ ،‬كيف تم حساب صدق الاتساق الداخلي ؟‬
‫‪ .8‬ذكرت الباحثات أنهن استعملن أسلوب املقابلة لشرح الاستمارة‪ .‬ولكن أية استمارة‬
‫يقصدن‪.‬‬
‫‪ .9‬إن حجم العينة املسحوبة للبحث صغيرة‪ 42( ،‬مفحوصا) رغم أن البحث أنجيته‬
‫االث باحثات‪.‬‬
‫‪ .10‬هناك مبالغة في ذكر النسب املئوية للعينات الفرعية‪ .‬وهذا غير مهم وال ضرورة له‪،‬‬
‫وال يقدم أية معلومة مفيدة‪.‬‬

‫‪598‬‬
‫‪ . 11‬إن معالجة إجابات املفحوصين بطريقة النسبة املئوية لكل بديل إجابة على حدة‪،‬‬
‫في الجدولين رقمي (‪ ،)7( )6‬غير صحيحة‪ ،‬وال تستعمل عندما يقع متغير البحث في مستوم‬
‫املسافات املتساوية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن النتائج ال عتد بها‪.‬‬
‫‪ .12‬في توضيحهن للبيانات املسجلة في الجداول أرقام (‪)15 ،14 ،13 ،12 ،11 ،10 ،9 ،8‬‬
‫ذكرت الباحثات أن قيم "ت" وقيم "ل" غير دالة إحصائيا عند مستوم ‪ .0.01‬والصحيح أن‬
‫يقولن غير دالة إحصائيا فقط‪ ،‬دون ذكر مستوم الداللة‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث السادس عشر‬


‫جودة حياة التلميذ وعالقتها بالتحصيل الدراس ي‬
‫دراسة ميدانية لدم عينة من التالميذ بمدينة تبسة‬

‫بذلم الباحثة‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثها بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنها لم‬
‫تتحكم في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫على طريقتها في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬ذكرت الباحثة في أول ألامر مشكلة البحث‪ .‬ام ذكرت في مكان آخر إشكالية الدراسة‪.‬‬
‫هل هما نفس املفهوم ؟‬
‫‪ .2‬ذكرت الباحثة أهدال البحث وأهميته‪ ،‬بعد ذكرها ملشكلة البحث وأسئلته وفروضه‪.‬‬
‫ولكن التسلسل املنهجي لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬تكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية‬
‫البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬يتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها‬
‫أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر الباحث مشكلة البحث‪ ،‬فإنه‬
‫يفكر بعدها مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬وعند صياغة الفروض‪ ،‬شرع في‬
‫إجراءات البحث امليدانية الختبارها‪ .‬وهنا ال يصح منطقيا وال منهجيا ذكر أهدال البحث‪،‬‬
‫بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ .3‬تضمن عنوان البحث متغيرين هما ‪ :‬جودة الحياة والتحصيل الدراس ي‪ .‬ولكن الباحثة‬
‫عند صياغتها ألسئلة البحث وفروضه‪ ،‬ذكرت متغيرات ‪ :‬الجنس واملستوم املعيش ي وتاريخ‬
‫امليالد ونوع املؤسسة وألابعاد ألاسرية والاجتماعية‪ .‬وكان عل ها ذكرها في عنوان البحث‪.‬‬
‫فتقول ‪ :‬جودة حياة التلميذ وعالقتها بالتحصيل الدراس ي ـ دراسة ميدانية على عينة من‬

‫‪599‬‬
‫التالميذ بمدينة تبسة وفق الجنس واملستوم املعيش ي وتاريخ امليالد ونوع املؤسسة وألابعاد‬
‫ألاسرية الاجتماعية‪ .‬وإذا رأت أن العنوان طويل‪ ،‬بسبب كثرة عدد متغيرات‪ .‬يمكن أن تصيغه‬
‫كما يلي ‪ :‬جودة حياة التلميذ وعالقتها بالتحصيل الدراس ي ـ دراسة ميدانية على عينة من‬
‫التالميذ بمدينة تبسة وفق بعض املتغيرات الديمغرافية‪.‬‬
‫‪ .4‬صاغم الباحثة فرضيات صفرية بصفتها فرضيات بحث‪ .‬وهذا ليس سليما‪ .‬ألن‬
‫فرضيات البحث ال تكون صفرية‪.‬‬
‫‪ .5‬هناك صياغات رديئة لألسئلة والفرضيات‪ .‬مثال ‪ :‬جاء السؤال الثالث من أسئلة‬
‫البحث كما يلي ‪:‬‬
‫هل هناك عالقة بين املنخفضين واملرتفعين في جودة الحياة من حيث الجنس‪ ،‬تاريخ‬
‫امليالد‪ ،‬نوع املؤسسة والتفاعل الثالثي بينها ؟ ولسم أدري كيف تكون إلاجابة عنه‪ .‬ألنها من‬
‫ناحية ذكرت عالقة‪ ،‬ولكن أسلوب الصياغة شير إلى الفرق بين املرتفعين واملنخفضين في‬
‫جودة الحياة وفق االاة متغيرات ديمغرافية‪ .‬ومن ناحية أخرم‪ ،‬هناك في النهاية ‪ 16‬عينة‬
‫فرعية للمقارنة‪ .‬وهنا ستجد الباحثة صعوبة كبيرة في تفسير النتائج‪ ،‬ألنها ال تجد إطار نظريا‪،‬‬
‫تفسر في إطارت الفروق بين ‪ 16‬عينة‪.‬‬
‫وجاءت صياغة الفرضية الثانية كما يلي ‪" :‬ال يوجد فرق دال إحصائيا بين املنخفضين‬
‫واملرتفعين في جودة الحياة والجنس والتفاعل الثنا ي بينها"‪ .‬إن الصياغة الصفرية‬
‫للفرضيات‪ ،‬غير مالئمة الختبارها‪.‬‬
‫وجاءت صياغة الفرضية الثالثة كما يلي ‪" :‬يوجد فرق في جودة الحياة من حيث املستوم‬
‫املعيش ي والتفاعل الثنا ي بينهما‪ .،‬ولكن الباحثة لم تبين في الصياغة العينات التي يكون بينها‬
‫الفرق املفترض‪ .‬ولم تذكر كذلك املتغيرين اللذين يكون بينهما تفاعل‪ ،‬ألنها ذكرت املستوم‬
‫املعيش ي فقط‪.‬‬
‫‪ .5‬تناولم الباحثة نظريا جودة الحياة فقط‪ ،‬ولم تتناول التحصيل الدراس ي‪.‬‬
‫‪ .6‬عرفم الباحثة جودة الحياة فقط‪ ،‬ولم تعرل كال من التحصيل الدراس ي واملستوم‬
‫املعيش ي الذي أطلقم عليه في مكان آخر الدخل‪ ،‬ولم تعرل كذلك تاريخ امليالد وكيف تم‬
‫تحديدت‪ ،‬ولم تعرل كذلك نوع املؤسسة‪ ،‬ولم تعرل كذلك ألابعاد ألاسرية والاجتماعية‪.‬‬
‫واكتفم بتسميتها متغيرات وسيطة بين جودة الحياة (متغير مستقل) والتحصيل الدراس ي‬
‫(متغير تابع)‪ .‬ووضعم ذلك في الشكل رقم (‪.)3‬‬

‫‪600‬‬
‫‪ .7‬عرفم الباحثة جودة الحياة إجرائيا‪ .‬ولم تذكر ماذا ع ي ارتفاع الدرجة على مقياس‬
‫جودة الحياة‪.‬‬
‫‪ .8‬ذكرت الباحثة أنها اتبعم املنهج الوصفي‪ .‬ام ذكرت أنها اتبعم املنهج الوصفي املقارن‪.‬‬
‫وأطالم في تعريف املنهج‪ .‬لكن املطلوب أن تبين ما إذا كان املنهج الذي اتبعته مالئم ملوضوع‬
‫البحث وهدفه‪.‬‬
‫‪ .9‬جاء في عنوان البحث أنه أجري في مدينة تبسة‪ ،‬ولكن العينة تم سحبها من متوسطات‬
‫بوالية معسكر‪ .‬ولم تذكر املدن التي توجد بها املتوسطات‪.‬‬
‫‪ .10‬ذكرت الباحثة أنها قامم بتصميم أداة لقياس جودة الحياة‪ .‬ولكنها لم تذكر مصادر‬
‫البنود وعددها‪ ،‬وكيف تم تو عها على ألابعاد الستة‪ .‬ولم تذكر كذلك‪ ،‬بدائل إلاجابة‪ ،‬وكيف‬
‫تصحح إجابات املفحوصين‪ ،‬وكيف يتم الحصول على الدرجة الخام‪ ،‬وماذا ع ي ارتفاع‬
‫الدرجة على املقياس‪.‬‬
‫‪ .11‬أطالم في تعريف الصدق‪ ،‬بكالم يصعب فهمه‪ .‬وذكرت أن صدق املحتوم هو صدق‬
‫املحكمين‪ .‬وذكرت أنها عرضم املقياس على مدراء ومفتشين‪.‬‬
‫‪ .12‬ذكرت الباحثة أنها حسبم صدق مقياس جودة الحياة مع ارتباطه باملحك‪ ،‬وهو‬
‫مستوم الدخل‪ .‬وقسمم العينة إلى ذوي الدخل املرتفع واملتوسط واملنخفض‪ .‬وحسبم‬
‫الفرق بينهم ب سلوب تحليل التباين ألاحادي‪ .‬ام قالم ما يلي ‪ :‬إن داللة الفروق بين ذوي‬
‫الدخل املرتفع واملتوسط واملنخفض والتي تعود إلى ذوي الدخل املرتفع تشير إلى أنه كلما‬
‫ارتفع الدخل انخفضم جودة الحياة‪ .‬وذكرت أنها حسبم املقارنات البعدية بين املتوسطات‪،‬‬
‫بمعادلة شيفي‪ .‬ولكن ال وجود لنتيجة املقارنة التي تقول أنها قامم بها‪.‬‬
‫‪ .13‬ذكرت أن صدق املفهوم هو صدق الاتساق الداخلي‪ .‬واستخرجم معامالت الارتباط‬
‫بين ألابعاد والدرجة الكلية للمقياس‪.‬‬
‫‪ .14‬في حسابها لصدق الفقرات‪ ،‬ذكرت الباحثة أنها تبحث عن مدم قدرة الفقرة على‬
‫التمييز بين ألافراد‪ .‬وذكرت أنها استخدمم طريقة حساب معامالت الارتباط‪ .‬وسجلم ذلك في‬
‫جدول في بداية صفحة ‪ .280‬ولكن معامالت الارتباط ال تشير إلى التمييز‪ ،‬فالفروق هي التي‬
‫تشير إلى التمييز‪.‬‬
‫‪ .15‬لم تضع الباحثة أرقاما للجداول‪.‬‬

‫‪601‬‬
‫‪ .16‬في حسابها للصدق التال مي‪ ،‬ذكرت الباحثة أنها تقارن بين درجات ألافراد في املقياس‬
‫ودرجاتهم على مقياس موضوعي آخر‪ .‬وذكرت أنها طبقم مقياسها مع مقياس عبد الخالق‪.‬‬
‫ولكنها لم تذكر من هو عبد الخالق ولم تذكر كذلك ماذا يقيس مقياس عبد الخالق‪.‬‬
‫‪ .17‬في حسابها للصدق التمييزي‪ ،‬ذكرت أنها قامم بقياس الفروق بين املرتفعين‬
‫واملنخفضين في جودة الحياة‪ .‬ومن املفروض أن يظهر في الجدول املعد لذلك متوسطان‬
‫حسابيان وانحرافان معياريان‪ ،‬ولكن لم يظهر إال متوسط حسابي واحد وانحرال معياري‬
‫واحد‪ ،‬وقيمة "ت" ودرجات الحرية وهي ‪ 318‬ومستوم الداللة إلاحصائية‪ .‬وعندما تكون‬
‫درجات الحرية ‪ 318‬فهذا ع ي أن حجم العينة الكلية التي حسب بها الصدق التمييزي هو‬
‫‪ ،638‬ولكن حجم العينة الذي ذكرته عند حديثها عن عينة البحث هو ‪ 611‬تلميذا وتلميذة‬
‫في جدول خا بذلك في نهاية صفحة رقم ‪.277‬‬
‫‪ .18‬أطالم في تعريف الثبات‪ ،‬بلغة ركيكة‪ ،‬حتى أن القارئ يجد صعوبة في فهم كالمها‪.‬‬
‫‪ .19‬ذكرت الباحثة خمس فرضيات؛ منها فرضيتين صفريتين‪ ،‬في صفحة ‪ .270‬ولم تذكر‬
‫منها فرضيات عامة وفرضيات فرعية‪ .‬ولكن عند عرضها للنتائج ذكرت سبع فرضيات؛ منها‬
‫فرضيات عامة وفرضيات فرعية‪.‬‬
‫‪ .20‬إن الصعوبة التي يجدها القارئ في هذا البحث‪ ،‬هي أن الباحثة في جميع العمليات‬
‫إلاحصائية التي أجرتها‪ ،‬سواء في حساب الصدق والثبات‪ ،‬أم في معالجة بيانات نتائج البحث‪،‬‬
‫ال تذكر أحجام العينات‪ .‬ولذا‪ ،‬ال ستطيع القارئ أن عرل درجات الحرية ومن ام مستوم‬
‫الداللة إلاحصائية‪ .‬فمثال في نتيجة الفرضية ألاولى‪ ،‬التي تن على وجود ارتباط بين جودة‬
‫الحياة والتحصيل الدراس ي‪ .‬وجدت معامال لالرتباط ساوي ‪ ،0.17‬وقالم إنه دال إحصائيا‬
‫عند مستوم ‪ .0.01‬وعند عرض نتائج الفرضية الفرعية الثانية التي تن على وجود‬
‫ارتباطات بين أبعاد جودة الحياة والتحصيل الدراس ي‪ ،‬هناك معامالت ارتباط قيمها كما يلي‬
‫‪ 0.116 ،0.083 ،0.145 ،0.081 :‬تقول عنها الباحثة أنها دالة إحصائيا عند مستوم ‪،0.01‬‬
‫‪.0.05‬‬
‫‪ .21‬إن املتغيرات التالية ‪ :‬تاريخ امليالد‪ ،‬نوع املؤسسة‪ ،‬واملستوم املعيش ي أو الدخل‪ ،‬ال‬
‫وجود لها إال في ألاسئلة والفرضيات‪ ،‬وفي البيانات املسجلة في الجداول‪ .‬وال يمكن معرفة ماذا‬
‫تقصد الباحثة بتلك املتغيرات وكيف تم تحديدها أو قياسها‪.‬‬
‫‪ .22‬بما أن البحث يتناول عدة متغيرات وعدة عينات فرعية‪ ،‬اضطرت الباحثة إلى‬
‫استعمال أسلوب تحليل التباين أحادي وانا ي واالثي في املعالجات إلاحصائية لبيانات‬

‫‪602‬‬
‫البحث‪ .‬ولكن هناك نقائ وسوء عرض للبيانات املسجلة في الجداول‪ .‬في بعض الجداول‬
‫تظهر خانتان؛ إحداهما تكتب ف ها مستوم الداللة‪ .‬وألاخرم تكتب ف ها الداللة إلاحصائية‪.‬‬
‫وجداول أخرم ال تضع الخانة التي تكتب ف ها قيم "ل" وتضع مباشرة الداللة إلاحصائية‬
‫دون أن تكون قيمة "ل" معروفة‪.‬‬
‫‪ .23‬في مناقشتها للنتائج املسجلة في أحد الجداول في صفحة ‪ ،287‬تقول الباحثة ‪ :‬كذلك‬
‫هناك فرق دال يرجع لتاريخ امليالد في جميع أبعاد جودة الحياة يرجع للمولودين سنة ‪،1998‬‬
‫‪ 1999‬بعد تطبيق معادلة شيفي أيضا‪ .‬ولكن قبل ذلك‪ ،‬كان على الباحثة أن تحدد تواريخ‬
‫امليالد التي تناولتها في البحث حتى يمكن معرفة ألاعمار ألاخرم التي جاءت الفروق ضدها‪.‬‬
‫وقالم الباحثة كذلك ‪ :‬ودالا في نوع املؤسسة لجميع أبعاد جودة الحياة يرجع ملؤسسة ابن‬
‫خلدون وسيدي عبد املؤمن بعد تطبيق معادلة شيفي أيضا‪ .‬هنا كذلك‪ ،‬ينبغي على الباحثة‬
‫أن تقدم تعريفا لنوع املؤسسة حتى يمكن التعرل على الخصائ التي تختلف ف ها‬
‫املؤسسات التي سحبم منها عينات البحث‪ ،‬والتي أدت إلى ظهور الفروق‪ .‬ما الذي تتميز به‬
‫مؤسستا ابن خلدون وسيدي عبد املؤمن‪ ،‬حتى تكون الفروق لصالحهما ؟‬
‫‪ .24‬لم تضع الباحثة أرقاما للجداول والفرضيات‪ .‬وفي إحدم الفرضيات صفحة ‪،288‬‬
‫جاء نصها كما يلي ‪" :‬يوجد فرق دال إحصائيا في جودة الحياة من حيث املستوم املعيش ي"‪.‬‬
‫لكن عنوان الجدول الذي يتضمن البيانات املتعلقة بالفرضية‪ ،‬جاء كما يلي ‪" :‬جدول يبين‬
‫الفرق بين املنخفضين واملرتفعين في جودة الحياة وفق متغير الجنس وتاريخ امليالد ونوع‬
‫املؤسسة والتفاعل الثالثي بينها"‪.‬‬
‫‪ . 25‬ملا قامم الباحثة بحساب صدق مقياس جودة الحياة املرتبط باملحك‪ .‬وجدت أن‬
‫الفرق في جودة الحياة كان ملنخفض ي الدخل‪ .‬وملا حسبم معامل الارتباط بين املتغيرين‪،‬‬
‫وجدته ساوي – ‪ ،0.27‬عكس ي (سالب) ودال إحصائيا عند مستوم ‪ .0.01‬انظر صفحة ‪.279‬‬
‫ولكنها وجدت في اختبارها حدم الفرضيات‪ ،‬صفحة ‪ ،289‬أن الفرق في جودة الحياة كان‬
‫لصالح متوسطي الدخل‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫‪603‬‬
‫البحث السابع عشر‬
‫مظاهر املتعة وامللل في املدارس الابتدائية‬
‫دراسة ميدانية في املقاطعة ‪ 27‬والية أدرار‬

‫بذل الباحثان‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثهما بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهما لم‬
‫يتحكما في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫على طريقتهما في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬وضع الباحثان إلاطار النظري للبحث ضمن املقدمة‪.‬‬
‫‪ .2‬شير عنوان البحث إلى مظاهر املتعة وامللل‪ .‬ولكن أسئلة البحث تضيف الشعور‬
‫باملتعة وامللل‪ ،‬وتضيف فئات الجماعة التربوية‪ ،‬وتضيف الفروق بين الجنسين في مظاهر‬
‫شعورهم باملتعة وامللل‪.‬‬
‫ذكر الباحثان‪ ،‬بالنسبة لهدل البحث‪ ،‬أن دراستهم هذت هي محاولة يجاد الحلول‬
‫لتحقيق متعة الدراس ـة في املدارس الابـت ـدائية‪ ،‬ودف ـع امل ـل ـل ال ـذي ي ـطال أف ـرادها‪ .‬ولكن نتائج‬
‫البحث‪ ،‬ال تشير إلى ما جاء في هدل البحث‪.‬‬
‫ذكر الباحثان في وصفهما ألدوات القياس‪ ،‬أن فقرات ألادوات الثالاة‪ ،‬تقيس مظاهر‬
‫املتعة ودرجة الشعور بها‪ .‬ولكنهما لم يذكرا امللل‪ .‬كما أن مظاهر املتعة ال يتم الشعور بها‪،‬‬
‫بل يوصف بها السلوك من خالل مالحظته أو قياسه‪.‬‬
‫هناك غياب لالتساق بين عنوان البحث وأسئلته وهدفه وأدوات القياس‪ .‬وفي هذت‬
‫الحالة‪ ،‬لم يتضح ما يريد الباحثان دراسته بدقة ووضوح‪.‬‬
‫‪ .3‬ذكر الباحثان أنهما اتبعا املنهج الوصفي‪ .‬وهذا املنهج‪ ،‬ال يذكر وال ستعمل في الوقم‬
‫الحالي‪ .‬ألن هناك مناهج بحث‪ ،‬كانم تنسب إليه سابقا‪ ،‬تطورت آلان‪ ،‬وصارت قائمة بفنونها‬
‫وإجراءاتها؛ كاملنهج العلي‪ /‬املقارن واملنهج الارتباطي واملنهج العيادي واملنهج النوعي واملنهج‬
‫املسحي وغيرها‪.‬‬
‫‪ .4‬ذكر الباحثان أنهما صمما االاة استبيانات‪ .‬لكنهما ذكرا أربعة استبيانات‪.‬‬
‫‪ .5‬لم يذكر الباحثان مصادر بنود الاستبيانات‪ .‬كما لم يذكرا شكل البنود وطريقة إلاجابة‬
‫عنها وطريقة الحصول على الدرجة الخام‪.‬‬
‫‪ .6‬عند حديثهما عن الاستبيانات‪ ،‬أشار الباحثان إلى أنها تقيس املتعة‪ ،‬ولم يذكرا امللل‪.‬‬

‫‪604‬‬
‫‪ .7‬بالنسبة للصدق املستخرج من الجذر التربيهي للثبات‪ ،‬غير مقبول إطالقا‪ .‬فهو نوع‬
‫من العبث في القياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .8‬ذكر الباحثان في تعريفهما بمضمون الجدول رقم (‪ )4‬معامالت الثبات بطريقة التجيئة‬
‫النصفية والتناسق الداخلي‪ .‬ولكن الجدول يتضمن التجيئة النصفية والصدق الذاتي‪.‬‬
‫‪ .9‬لم يقم الباحثان بتصحيح الطول بالنسبة ملعامالت الثبات بالتجيئة النصفية‪.‬‬
‫‪ .10‬بالنسبة ألولياء التالميذ‪ ،‬ال يوجدون إال في الجدول رقم (‪ )1‬أين ظهر أنهم كذلك‬
‫ممن أجابوا على الاستبيانات التي كانم االاة ام ظهر أنها أربعة‪ .‬ولم يذكر الباحثان عددهم‬
‫وأعمارهم وجنسهم ومستوياتهم التعليمية ومهنهم وغيرها‪.‬‬
‫‪ .11‬اهتم الباحثان بذكر النسب املئوية للعينات الفرعية؛ كنسب الذكور وإلاناث‪،‬‬
‫ونسب الريف والحضر‪ ،‬رغم أنها ال أهمية لها‪ ،‬وليسم لها أية أهمية في نتائج البحث‪.‬‬
‫‪ .12‬أهمل الباحثان ذكر أعمار العينات‪ ،‬رغم أهميتها‪.‬‬
‫‪ .13‬في الجدول رقم (‪ )6‬الذي يتضمن املتوسطات الحسابية والانحرافات املعيارية‬
‫لعبارات مظاهر املتعة ومظاهر امللل‪ ،‬هناك مالحظتان ‪:‬‬
‫ألاولى‪ ،‬ذكر الباحثان أن النتائج املسجلة في الجدول تتعلق بالتالميذ وأوليائهم‪ .‬وعند‬
‫قراءة العبارات في الجدول‪ ،‬نجد أنها تتحدث عن مشاعر يخ وهو يدرس‪ ،‬ويتعلم‬
‫ويمتحن‪ ...‬وهل أولياء التالميذ يدرسون ويتعلمون ويمتحنون ؟‬
‫الثانية‪ ،‬تم تقسيم الجدول رقم (‪ )6‬إلى قسمين؛ ألاعلى منه خا بالعبارات التي تقيس‬
‫مظاهر املتعة‪ ،‬وألادن خا بالعبارات التي تقيس مظاهر امللل‪ .‬وكل العبارات؛ سواء تلك‬
‫التي تقيس مظاهر املتعة‪ ،‬أم التي تقيس مظاهر امللل‪ ،‬تتحدث عن املتعة‪ .‬بمع ى أن هناك‬
‫وفرق الباحثان بين مجموعتي‬ ‫استبيان واحد يقيس كال من املتعة وامللل بنفس العبارات‪ّ .‬‬
‫العبارات باملتوسطات الحسابية؛ فاملتوسطات الحسابية املرتفعة ملظاهر املتعة‪،‬‬
‫واملتوسطات الحسابية املنخفضة ملظاهر امللل‪ .‬ام يضعان في نهاية الجدول متوسطا حسابيا‬
‫عاما وانحرافا معياريا عاما‪ ،‬لكل املتوسطات الحسابية املرتفعة واملنخفضة‪ .‬وفيما يلي بعض‬
‫العبارات من قسمي الجدول ‪ :‬أشعر باملتعة في الفترة املسائية‪ .‬أشعر باملتعة أاناء فترة‬
‫الاستراحة‪ .‬أشعر باملتعة أاناء إجراء الامتحانات‪ .‬أشعر باملتعة عند دراسة أنشطة اللغة‬
‫العربية‪ .‬أشعر باملتعة في نشاط الكتابة وحل التمارين‪.‬‬
‫وهنا نتساءل‪ ،‬كيف يمكن قياس امللل بعبارات تقيس املتعة ؟ فاملضمون النفس ي‬
‫للمتعة‪ ،‬أي الشعور باملتعة‪ ،‬ليس هو نفسه‪ ،‬بطريقة معكوسة‪ ،‬املضمون النفس ي للملل‪ ،‬أي‬

‫‪605‬‬
‫الشعور بامللل‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ليس صحيحا‪ ،‬أنه كلما انخفضم درجات الفرد على مقياس املتعة‬
‫صارت تقيس امللل‪ ،‬بل تقيس مشاعر املتعة وهي منخفضة‪ .‬فالباحثان إذن‪ ،‬قاما بقياس‬
‫املتعة فقط ولم يقيسا امللل مطلقا‪.‬‬
‫‪ .14‬ونفس املالحظات السابقة‪ ،‬أقولها للنتائج املسجلة في الجدولين رقمي (‪)8( )7‬‬
‫املتعلقين على التوالي بالنتائج لدم املعلمين وألاساتذة ونتائج املديرين‪ .‬ام سجالن متوسطات‬
‫حسابية أخرم في الجدولين رقمي (‪ )10( )9‬ال داعي لها وال فائدة منها‪ ،‬ألنها مجرد تكرار ملا تم‬
‫تسجيله في الجداول أرقام (‪.)8( )7( )6‬‬
‫‪ .15‬في الجدول رقم (‪ )11‬سجل الباحثان نتائج الفروق بين الجنسين‪ ،‬لعينات التالميذ‬
‫واملعلمين واملديرين‪ .‬واستعمال اختبار "ت" وهي من أساليب إلاحصاء الاستداللي‪ .‬وهنا ينبغي‬
‫وضع فرضية‪ .‬ألن إلاحصاء الاستداللي يتعامل مع الفرضيات الختبارها‪ .‬لكن الباحثين اكتفيا‬
‫بالسؤال‪ .‬كما تقيدا بمستوم الداللة إلاحصائية ‪ .0.05‬ولكن ملاذا ؟ وذكر الباحثان أنهما‬
‫سيعالجان بيانات البحث ب سلوب تحليل التباين ألاحادي‪ ،‬لحساب داللة الفروق بين‬
‫املجموعات الثالاة‪ ،‬ولكنهما لم يفعال ذلك‪.‬‬
‫‪ .16‬ذكر الباحثان‪ ،‬بالنسبة لهدل البحث‪ ،‬أن دراستهم هذت هي محاولة يجاد الحلول‬
‫لتحقيق متعة الدراسة في املدارس الابتدائية ودفع امللل الذي يطال أفرادها‪ .‬ولكنهما لم يبينا‬
‫كيف أوجدا تلك الحلول‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الثامن عشر‬


‫التمثالت الاجتماعية ملتعة الدراسة والتدر س لدم الطالب وألاساتذة‬

‫بذلم الباحثة‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثها بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنها لم‬
‫تتحكم في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫على طريقتها في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬غياب ذلك النسق املنهجي التقليدي في البحوث ألاكاديمية‪ ،‬الذي شمل أهدال‬
‫البحث وأهميته ومشكلته وفروضه‪ .‬ألنه من خاللها يمكن التعرل على موضوع البحث‪،‬‬
‫واملعلومات التي يريد الباحث الوصول إل ها‪.‬‬

‫‪606‬‬
‫‪ .2‬بالنسبة ملصطلحات الدراسة‪ ،‬لم تعرل الباحثة التمثالت الاجتماعية‪ .‬وعرفم متعة‬
‫التدر س على أنه متعة التعليم ووضعم أمامه بين قوسين (التدر س)‪ .‬ولكن التعليم ليس‬
‫هو التدر س‪ .‬فالتدر س هو ذلك السلوك الذي يقوم به ألاستاذ داخل حجرات الدراسة‬
‫لتعليم طالبه‪ .‬ولهذا يقال طرق التدر س وليس طرق التعليم‪ .‬أما التعليم في معنات البسيط‪،‬‬
‫هو ما يهدل إليه التدر س‪ ،‬وما تهدل إليه كل أنشطة املؤسسات التعليمية‪ .‬وعرفم كذلك‬
‫دافعية التعلم وهي ليسم من مصطلحات البحث‪ .‬ووضعم أمامها بين قوسين (الدراسة)‪.‬‬
‫والتعلم ليس هو الدراسة‪ .‬فالتعلم هو ذلك التغير الذي يحدث في سلوك املتعلم‪ ،‬املعرفي أو‬
‫الوجداني أو املهاري نتيجة للتعليم‪ .‬أما الدراسة فلها معاني عديدة‪ ،‬حسب السياق الذي‬
‫توجد فيه‪.‬‬
‫‪ .3‬بالنسبة للنتائج املسجلة في الجدولين‪ ،‬رقمي (‪ )3( )1‬ال داعي دراجها في امللحقين‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث التاسع عشر‬


‫إشكالية امللل عند الطالب الجامهي‬
‫دراسة مقارنة بين تمثالت امللل عند طلبة املاستر في العلوم‬
‫الاجتماعية وبين طلبة املدرسة العليا لألساتذة تخص لغة‬
‫فرنسية بجامعة مستغانم‬

‫بذل الباحثان‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثهما بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنهما لم‬
‫يتحكما في منهجية البحث والقياس النفس ي بمستوم جيد‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫على طريقتهما في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬ذكر الباحثان أهدال الدراسة وأهميتها بعد إشكالية الدراسة‪ .‬ذكرت الباحثة أهدال‬
‫البحث وأهميته‪ ،‬بعد ذكرها ملشكلة البحث وأسئلته وفروضه‪ .‬ولكن التسلسل املنهجي لهذت‬
‫العناصر الفرعية‪ ،‬تكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية البحث ام مشكلة البحث ام‬
‫أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬يتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها أهم موجه ملجريات البحث‪،‬‬
‫ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر الباحث مشكلة البحث‪ ،‬فإنه يفكر بعدها مباشرة في حلها‪،‬‬
‫وهو صياغة الفروض‪ .‬وعند صياغة الفروض‪ ،‬شرع في إجراءات البحث امليدانية الختبارها‪.‬‬
‫وهنا ال يصح منطقيا وال منهجيا ذكر أهدال البحث‪ ،‬بعد ذلك‪.‬‬

‫‪607‬‬
‫‪ .2‬ذكر الباحثان أنهما اختارا عينة البحث بطريقة قصدية‪ .‬ولكنهما اختاراها بطريقة‬
‫عرضية‪ .‬ألنه في املعاينة القصدية‪ ،‬ينشغل الباحث أساسا بقضية معينة أو بنظرية أو بفكرة‪،‬‬
‫ام يختار أيخاصا معينين‪ .‬ألنه رأم من خالل حكمه الشخ ي‪ ،‬أن هؤالء دون غيرهم‪ ،‬هم‬
‫الذين يجد عندهم املعلومات التي تجيب عن أسئلة بحثه أو تخت ر فرضياته‪ .‬حتى ولو كان‬
‫يخصا واحدا‪ .‬والعينة القصدية ال مجتمع لها تمثله‪ ،‬وال تعمم نتائجها‪ .‬أما صاحبا هذا‬
‫البحث‪ ،‬فقد حددا أوال مجتمع البحث‪ ،‬ام سحبا منه مجموعة من املفحوصين من الجنسين‪،‬‬
‫بطريقة عرضية‪.‬‬
‫‪ . 3‬من التقاليد املنهجية أن تسجل عناصر إلاجراءات امليدانية للبحث متتابعة في تقرير‬
‫البحث‪ .‬فتبدأ بمنهج البحث‪ ،‬ام عينة البحث‪ ،‬ام أدوات جمع البيانات‪ ،‬ام طريقة جمع‬
‫البيانات‪ ،‬ام ألاساليب إلاحصائية‪ .‬ولكن الباحثان فصال بين هذت العناصر‪ .‬حيث تناوال منهج‬
‫الدراسة ام أداة الدراسة‪ .‬وبعد أن تناوال إلاطار النظري للدراسة‪ ،‬تحداا عن مجتمع الدراسة‬
‫والعينة‪.‬‬
‫‪ .4‬أنواع املعارل التي يلتحق بها التالميذ في مرحلة التعليم الثانوي‪ ،‬ال تسم تخصصات‪،‬‬
‫بل تسم شعبا دراسية‪ .‬ولكن ما الهدل من معرفة الشعب الدراسية لعينة هذا البحث ؟‬
‫‪ .5‬ما الهدل وألاهمية من معرفة مدم شعور عينة البحث بامللل في املراحل التعليمية‬
‫قبل الجامعية‪.‬‬
‫‪ .6‬رغم أن عنوان البحث شير إلى أن هناك مقارنة بين طالب املدرسة العليا لألساتذة‬
‫وطالب املاستر في العلوم الاجتماعية‪ .‬ولكن ال وجود لهذت املقارنة إال في عنوان البحث (دراسة‬
‫مقارنة)‪ .‬وهذا ابتداء من سؤالي البحث‪ ،‬اللذين جاءا كما يلي‬
‫‪ .1‬أي تمثل يحمله الطالب الجامهي عن امللل ؟‬
‫‪ .2‬هل امللل الذي شعر به الطالب الجامهي‪ ،‬امتداد لشعور قبلي للملل‪ ،‬أم هو وليد‬
‫املرحلة الجامعية ؟‬
‫ويظهر عدم اهتمامهما باملقارنة‪ .‬ألنهما في الجدول رقم (‪ )1‬لم يفصال بين حجم عينة‬
‫طالب املدرسة العليا لألساتذة وحجم طالب ماستر للعلوم الاجتماعية‪ .‬وهذا ع ي أن البحث‬
‫ال يتسق مع عنوانه‪.‬‬
‫وأهمال أيضا املقارنة بين الجنسين في امللل‪ .‬فالجنس‪ ،‬ظهر من نتائج آلاالل من البحوث‬
‫النفسية‪ ،‬أنه عامل هام جدا في الفروق بين الجماعات في الخصائ السلوكية‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫‪608‬‬
‫البحث العشرون‬
‫املناخ املدرس ي وعالقته بالتفاؤل والتشاؤم لدم تالميذ التعليم الثانوي ـ‬
‫دراسة ميدانية لدم عينة من التالميذ في مدينة تبسة‬

‫بذلم الباحثة‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثها بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنها لم‬
‫تتحكم في منهجية البحث والقياس النفس ي بطريقة جيدة‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫لطريقتها في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬
‫‪ .1‬كتبم الباحثة أهدال الدراسة وأهميتها بعد أسئلة الدراسة وفرضياتها‪ .‬ولكن‬
‫التسلسل املنهجي لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬تكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية البحث‬
‫ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬يتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها أهم موجه‬
‫ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر الباحث مشكلة البحث‪ ،‬فإنه يفكر بعدها‬
‫مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة الفروض‪ .‬وعند صياغة الفروض‪ ،‬شرع في إجراءات البحث‬
‫امليدانية الختبارها‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬ال يصح منطقيا وال منهجيا ذكر أهدال البحث‪ ،‬بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬عرفم الباحثة املناخ املدرس ي إجرائيا‪ ،‬ولكنها لم تعرل التفاؤل والتشاؤم إجرائيا‬
‫كذلك‪ .‬وعند تعريفها للمناخ املدرس ي إجرائيا‪ ،‬جاء التعريف ناقصا‪ ،‬ألنها لم تذكر ماذا ع ي‬
‫ارتفاع الدرجة على الاستبيان‪ .‬هل ع ي أن املناخ املدرس ي جيد أو رديء ؟‬
‫‪ .3‬ذكرت الباحثة أنها اتبعم املنهج الوصفي التحليلي‪ .‬ولكن هذا املنهج غير معرول وغير‬
‫متداول في مؤلفات مناهج البحث التربوي والنفس ي‪.‬‬
‫‪ .4‬أتساءل دائما‪ ،‬ملاذا ستعمل الباحثون في الجيائر‪ ،‬بصورة نمطية‪ ،‬عينتين؛ إحداهما‬
‫استطالعية وألاخرم أساسية‪ .‬في الوقم الذي ستطيعون استعمال عينة واحدة للبحث‪،‬‬
‫يطلقون عل ها ‪ :‬عينة البحث‪ ،‬وتكون نفس العينة التي تستخرج عل ها معامالت الصدق‬
‫والثبات‪ ،‬وتستخرج منها نتائج البحث‪ .‬أليس هذا أكثر مصداقية علميا ؟‬
‫‪ .5‬ذكرت الباحثة‪ ،‬أن أعمار أفراد العينة الاستطالعية تتراوح بين ‪ 17 :‬ـ ‪ 19‬سنة‪ .‬بمتوسط‬
‫قدرت ‪ 25.12‬وانحرال معياري مقدارت ‪ .6.22‬فاملتوسط الحسابي خط والانحرال املعياري‬
‫خط كذلك‪ .‬ألنه بين عمرين قريبين من بعضهما‪ ،‬ال يمكن أن يوجد بينهما تباين تبلغ قيمته‬
‫‪ 6‬انحرافات معيارية‪.‬‬
‫وذكرت الباحثة‪ ،‬أنها اختارت أفراد هذت العينة الاستطالعية والعينة ألاساسية بطريقة‬
‫املعاينة القصدية‪ .‬ولكن املعاينة القصدية ليسم هكذا‪ .‬ففي املعاينة القصدية‪ ،‬ينشغل‬

‫‪609‬‬
‫الباحث أساسا بقضية معينة أو بنظرية أو بفكرة‪ ،‬ام يختار أيخاصا معينين‪ ،‬حسب حكمه‬
‫الشخ ي‪ ،‬ب نهم دون غيرهم الذين يجد عندهم املعلومات التي تجيب عن أسئلة بحثه أو‬
‫تخت ر فرضياته‪.‬‬
‫وذكرت أيضا أنها اختارت اانوية سعدي الصديق بطريقة عشوائية‪ .‬ولكنها لم تبين‬
‫الطريقة العشوائية التي اختارت بها الثانوية‪.‬‬
‫وقدمم ت ريرات الختيارها تالميذ وتلميذات السنة الثانية من التعليم الثانوي‪ .‬فذكرت‬
‫أن تالميذ السنة ألاولى يكونون مضطربين انفعاليا بسبب انتقالهم من مرحلة التعليم‬
‫املتوسط إلى مرحلة التعليم الثانوي‪ .‬أما تالميذ السنة الثالثة فيوجدون في حاالت من القلق‬
‫والخول والضغوط‪ ،‬بسبب استعداداتهم المتحانات البكالوريا‪ .‬ومن خالل هذت الت ريرات‬
‫التي استبعدت بها ال باحثة تالميذ السنة ألاولى والسنة الثالثة‪ ،‬اعتقدت أنها قامم بمعاينة‬
‫قصدية‪ .‬ولكن الت ريرات التي ذكرتها‪ ،‬ليسم معقولة أبدا‪ .‬ألنها ال وجود لها في الواقع‪ ،‬وال‬
‫توجد لدم الباحثة أية أدلة على ما ذكرت من حاالتهم‪ .‬وأن املعاينة ليسم قصدية‪ ،‬فهي‬
‫معاينة عرضية‪.‬‬
‫‪ .6‬ستخرج معظم الباحثين النسب املئوية لعينة الذكور وعينة إلاناث‪ ،‬من عينة‬
‫البحث‪ .‬ويضعونها في جدول خا ‪ .‬ولكن‪ ،‬ما أهمية ذلك ؟ أقول ‪ :‬ال أهمية لها إطالقا‪ .‬هو‬
‫مجرد ملء الفراغات في البحث‪.‬‬
‫‪ .7‬وردت عبارات‪ ،‬مثل ‪ :‬صدق الاتساق البنا ي‪ .‬ما املقصود بهذا النوع من الصدق‪،‬‬
‫وكيف يحسب ؟‬
‫‪ .8‬عندما يراد معرفة مدم مالءمة استبيان أجنبي مع البيئة املحلية‪ ،‬ال يمكن معرفة‬
‫ذلك من حساب الصدق التمييزي باملقارنة الطرفية فقط ؟‬
‫‪ .9‬عندما يحسب الصدق التمييزي باملقارنة الطرفية‪ ،‬بعينتين متساويتين‪ ،‬حجم كل‬
‫واحدة ‪ 8‬أفراد‪ .‬والعينة ألاساسية حجمها ‪ ،278‬تظهر ألامور أنها غير سليمة‪ .‬لذا أجدني أنتقد‬
‫كثيرا‪ ،‬اندفاع الباحثين الجيائريين إلى استعمال عينة استطالعية‪ ،‬منفصلة عن عينة البحث‪،‬‬
‫الستخراج معامالت الصدق والثبات‪.‬‬
‫‪ .10‬عندما قامم الباحثة بحساب الصدق التمييزي والثبات الستبيان املناخ املدرس ي‪،‬‬
‫اكتفم بالدرجة الكلية وأهملم أبعادت الستة‪ .‬وعندما قامم بحساب الصدق التمييزي‬
‫والثبات ملقياس التفاؤل والتشاؤم‪ ،‬اعت رت كال من التفاؤل والتشاؤم متغيرا واحدا‪ ،‬وهذا‬
‫ليس صحيحا‪ .‬ألن التفاؤل متغير مستقل عن التشاؤم‪ ،‬بدليل أن كل واحد منهما يقاس‬

‫‪610‬‬
‫يتكون من ‪ 22‬بندا‪ .‬كما ذكرت الباحثة‪ .‬وبالتالي يحسب ملقياس التفاؤل‬ ‫بمقياس خا به ّ‬
‫صدقه واباته‪ ،‬ويحسب ملقياس التشاؤم صدقه واباته‪.‬‬
‫‪ .11‬إن ألاساليب إلاحصائية التي يذكرها الباحثون ضمن إجراءات البحث امليدانية‪ ،‬هي‬
‫تلك التي تم بها معالجة بيانات البحث‪ ،‬وليسم التي ُح ِسب بها الصدق والثبات‪.‬‬
‫‪ .12‬عندما ذكرت الباحثة ألاساليب إلاحصائية التي استعملتها ملعالجة بيانات البحث‪،‬‬
‫تحدام عن أسئلة البحث‪ .‬وعندما تحدام عن عرض النتائج تحدام عن الفرضيات‪ .‬وهذا‬
‫دليل على فقدان التركيز أاناء كتابة تقرير البحث‪.‬‬
‫‪ .13‬هناك االث فرضيات اخت رتها بيانات البحث امليداني‪ .‬أسجل عل ها املالحظات التالية‪.‬‬
‫الفرضية ألاولى ‪:‬‬
‫ـ من حيث الصياغة ‪:‬‬
‫"هناك نمط معين من املناخ املدرس ي السائد في مدارس التعليم الثانوي بمدينة تبسة"‪.‬‬
‫إن عبارة "نمط معين من املناخ املدرس ي" الواردة في الفرضية‪ ،‬تجعلها صادقة في كل‬
‫الحاالت‪ ،‬بغض النظر عن نمط املناخ املدرس ي الذي يظهر سائدا‪ .‬والصياغة الصحيحة هي‬
‫أن تذكر نمطا أو أكثر من ألانماط الستة للمناخ املدرس ي ب سمائها‪ ،‬كما وردت في املقياس‪ ،‬أو‬
‫ترتبها تنا ليا‪ ،‬وعندئذ‪ ،‬تعرل هل تحققم الفرضية أم ال‪ .‬ولهذا شترط في صياغة الفرض‬
‫العلمي أن تذكر املتغيرات ب سمائها بوضوح‪ .‬أما إذا كانم املتغيرات مجهولة‪ ،‬فهذا يجعل‬
‫الفرضية غير جيدة‪.‬‬
‫وملاذا ذكرت مدينة تبسة في الفرضية ؟‬
‫ـ من حيث القياس ‪:‬‬
‫ُ‬
‫ذكرت في فقرة سابقة‪ ،‬أن الباحثة عندما قامم بحساب الصدق التمييزي والثبات‬
‫الستبيان املناخ املدرس ي‪ ،‬اكتفم بالدرجة الكلية وأهملم أبعادت الستة‪ .‬ولكنها عند اختبارها‬
‫للفرضية‪ ،‬أدرجم ألابعاد الستة بمتوسطاتها الحسابية وانحرافاتها املعيارية‪ .‬والخط في هذت‬
‫العملية‪ ،‬هو أن نتائج ألابعاد الستة ليس ف ها اقة‪ ،‬ألن صالحية مقاييسها مجهولة‪ ،‬ما دام‬
‫لم يحسب صدقها واباتها‪.‬‬
‫ُ‬
‫ـ ومن حيث القياس دائما‪ .‬ذكرت في فقرة سابقة‪ ،‬أن الباحثة في تعريفها إلاجرا ي للمناخ‬
‫املدرس ي‪ ،‬لم تذكر ماذا ع ي ارتفاع الدرجة على الاستبيان‪ .‬ألنه في البيانات املسجلة في‬
‫الجدول رقم (‪ ،)4‬هي عبارة عن متوسطات حسابية وانحرافات معيارية لألبعاد الستة للمناخ‬
‫املدرس ي والدرجة الكلية‪ .‬ومن الطبيهي أن نتساءل‪ ،‬عن ماذا ع ي ارتفاع املتوسط الحسابي‪،‬‬

‫‪611‬‬
‫هل ع ي أن املناخ املدرس ي جيد أم رديء‪ .‬ولذا ينبغي في التعريفات إلاجرائية للمتغيرات أن‬
‫نذكر بوضوح اتجات الدرجة‪ .‬ألنه مهم في فهم نتائج البحث‪.‬‬
‫ـ الفرضية الثانية ‪:‬‬
‫ـ من حيث الصياغة ‪:‬‬
‫"توجد مستويات مختلفة في الشعور بالتفاؤل والتشاؤم لدم تالميذ املرحلة الثانوية‬
‫بمدينة تبسة"‪.‬‬
‫وفـي ه ـذت الص ـياغ ـة ك ـذل ـك‪ ،‬ج ـاءت امل ـس ـت ـوي ـات امل ـخ ـت ـل ـف ـة للـشعور بالتفاؤل والتشاؤم‪،‬‬
‫مجهولة‪ .‬وفي هذت الحالة‪ ،‬ال يمكن معرفة مدم تحقق الفرضية‪ .‬وعجيت الباحثة عن إبرا‬
‫املستويات املختلفة للشعور بالتفاؤل والتشاؤم في النتيجة املسجلة في الجدول رقم (‪ .)5‬ألنها‬
‫لم تسجل إال املتوسطين الحسابيين والانحرافين املعياريين لكل من التفاؤل والتشاؤم‪.‬‬
‫وملاذا ذكرت كذلك‪ ،‬مدينة تبسة في الفرضية ؟‬
‫ـ الفرضية الثالثة ‪:‬‬
‫ـ من حيث قيمة معاملي الارتباط ‪:‬‬
‫من املعرول أن معامل الارتباط يتراوح رقميا بين ‪ 1 +‬صحيح مرورا بالصفر إلى – ‪1‬‬
‫صحيح ‪ .‬وفي العلوم إلانسانية‪ ،‬ال يصل‪ ،‬قطعا‪ ،‬إلى واحد صحيح‪ .‬ولكن الباحثة سجلم في‬
‫الجدول رقم (‪ )6‬أن معامل الارتباط بين املناخ املدرس ي والتفاؤل‪ ،‬جاءت قيمته تساوي ‪2.113‬‬
‫وهو دال إحصائيا عند مستوم ‪ 0.01‬وأن معامل الارتباط بين املناخ املدرس ي والتشاؤم‪،‬‬
‫جاءت قيمته تساوي – ‪ 2.244‬وهو دال إحصائيا عند مستوم ‪.0.01‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الحادي والعشرون‬


‫تمثل امللل في السياق املدرس ي‬
‫دراسة ميدانية على عينة من تالمذة املرحلة الثانوية‬

‫بذلم الباحثة‪ ،‬جهدا واضحا في سبيل إنجا بحثها بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنها لم‬
‫تتحكم في منهجية البحث والقياس النفس ي‪ ،‬بطريقة جيدة‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها‬
‫لطريقتها في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬

‫‪612‬‬
‫‪ .1‬كتبم الباحثة أهدال البحث بعد أسئلة البحث‪ .‬وهذا غير سليم‪ .‬فالتسلسل املنهجي‬
‫لهذت العناصر الفرعية‪ ،‬تكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية البحث ام مشكلة البحث‬
‫ام أسئلة البحث ام فروض البحث‪ .‬يتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها أهم موجه ملجريات البحث‪،‬‬
‫ومنها مشكلة البحث‪ .‬وعندما يذكر الباحث مشكلة البحث‪ ،‬فإنه يفكر بعدها مباشرة في حلها‪،‬‬
‫وهو صياغة الفروض‪ .‬وعند صياغة الفروض‪ ،‬شرع في إجراءات البحث امليدانية الختبارها‪.‬‬
‫وهنا ال يصح منطقيا وال منهجيا ذكر أهدال البحث‪ ،‬بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬في التعريف إلاجرا ي‪ ،‬ينبغي ذكر أداة القياس‪ ،‬وذكر ماذا ع ي ارتفاع درجة املفحو‬
‫وانخفاضها على املقياس‪.‬‬
‫‪ .3‬هناك فرق بين كلمة تجات وكلمة اتجات‪ .‬إن كلمة تجات تع ي نحو أو إ اء ش يء معين‪ .‬أما‬
‫كلمة اتجات‪ ،‬فهي الاتجات الذي عت ر أحد أهم املوضوعات التي تدرس في علم النفس‬
‫الاجتماعي‪ ،‬و عرل الاتجات‪ ،‬وفق طريقة ليكرت لقياسه‪ ،‬ب نه ‪ :‬استجابة القبول أو الرفض‬
‫إ اء قضية جدلية عامة‪.‬‬
‫‪ .4‬بالنسبة للدراسات السابقة‪ ،‬عرضتها الباحثة بطريقة سردية‪ .‬حيث تم عرض دراسات‬
‫عربية ام دراسات غير عربية‪ .‬وهذا ال ينسجم مع طبيعة الكتابة ألاكاديمية‪ ،‬التي يتم عرض‬
‫إلاطار النظري ف ها‪ ،‬بشكل يجعل مفاهيم البحث وألافكار النظرية ونتائج الدراسات السابقة‪،‬‬
‫في حوار وتحاور من خالل الطريقة التي يكتب بها الباحث‪ .‬حيث يقدم مفهوما ام ألافكار‬
‫النظرية التي لها عالقة به ام نتائج الدراسات السابقة التي أجريم حول املفهوم والفكرة‬
‫النظرية‪ ،‬ويحاورها أو يناقشها مع نتائج دراسات أخرم‪ ،‬ويبين مجال الاتفاق ومجال‬
‫الاختالل‪ ،‬بين نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬وما هو السبب في الاتفاق والاختالل‪ ...‬وهكذا حتى‬
‫يصل إلى اكتشال ما تم بحثه وما لم يتم بحثه‪ ،‬ويكتشف كذلك جوانب الاتفاق وجوانب‬
‫الاختالل‪ ،‬والغموض والتناقض‪ ،‬فيستنبط من كل ذلك مشكلة البحث‪ ،‬التي يب ي بعد ذلك‬
‫كل إجراءات البحث امليدانية يجاد حل لها‪.‬‬
‫‪ .5‬جاء تعقيب الباحثة على نتائج الدراسات السابقة‪ ،‬على شكل تلخي لها‪.‬‬
‫‪ . 6‬ذكرت الباحثة‪ ،‬أنها اعتمدت املنهج الوصفي‪ .‬ولكن املنهج الوصفي‪ ،‬ال يذكر في آلان‪.‬‬
‫فهناك مناهج عملية ودقيقة في توضيح إلاجراءات البحثية املتبعة‪ .‬مثل ‪ :‬املنهج الارتباطي‪،‬‬
‫واملنهج العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬واملنهج العيادي وغيرها‪ .‬وأدعو الباحثين أن يذكروا هذت املناهج إذا‬
‫اعتمدوها في بحوثهم‪ ،‬ألنها أكثر دقة‪ .‬أما املنهج الوصفي فهو يتميز كثيرا بالغموض‪.‬‬

‫‪613‬‬
‫‪ .7‬ذكرت الباحثة أنها اختارت عينة البحث بطريقة عشوائية‪ ،‬وهناك أربع طرق لالختيار‬
‫العشوا ي‪ .‬لم تذكر الباحثة الطريقة العشوائية التي استعملتها‪ .‬والطريقة العشوائية‪ ،‬تشترط‬
‫معرفة الباحث لعدد وأسماء أفراد ألاصل العام الذي سحب منه العينة‪ .‬ام إتباع طريقة‬
‫لسحب العينة تكون لكل فرد في ألاصل العام فرصة ال صفرية ب ن يكون عضوا في العينة‪.‬‬
‫إن معرفة الباحث بعدد أفراد ألاصل العام وتسجيلهم ب سمائهم‪ ،‬شرط أساس ي للمعاينة‬
‫العشوائية‪ .‬وال يمكن التخلي عن هذا الشرط‪ .‬ولكن الباحثة لم تذكر أي ش يء عن ألاصل‬
‫العام لعينة البحث‪ ،‬إال ذكرها لسم مؤسسات على مستوم والية وهران‪.‬‬
‫‪ .8‬لو لم تذكر الباحثة في عنوان البحث‪ ،‬أن عينة البحث من تالميذ التعليم الثانوي‪،‬‬
‫ملا تم التعرل على مجتمع البحث وال عينته‪ .‬ألنها عندما تحدام على عينة البحث‪ ،‬ذكرت‬
‫فقط عدد التالميذ الذكور وعدد التلميذات إلاناث‪ .‬وذكرت أنه تم سحبهم من سم مؤسسات‬
‫على مستوم والية وهران‪ .‬ولكنها لم تذكر ما هي هذت املؤسسات؛ هل هي مدارس ابتدائية أو‬
‫متوسطات أو اانويات ؟ وتحدام عن الشعب الدراسية باسم التخصصات‪ .‬كما تحدام عن‬
‫التعليم التق ي‪ ،‬رغم أنه ال يوجد حاليا‪ ،‬ضمن شعب التعليم الثانوي‪.‬‬
‫ويالحظ في البيانات املسجلة في الجدول رقم (‪ )1‬املتعلقة بتو ع أفراد العينة على‬
‫الشعب الثالاة وهي ‪ :‬ألادبية‪ ،‬العلمية‪ ،‬والتقنية‪ .‬أن هناك شعبة اختارت لها من مؤسسة‬
‫واحدة تلميذا واحدا فقط‪ .‬ولم تضع مجموع عدد أفراد كل جنس لكل شعبة دراسية على‬
‫حدة‪.‬‬
‫‪ .9‬عند كالمها عن صدق أداة البحث‪ ،‬ذكرت الباحثة الصدق اللغوي وصدق املحتوم‪.‬‬
‫بالنسبة للصدق اللغوي‪ ،‬ست ـع ـمـل فـي ألادوات املترجمة‪ .‬وهـي لم تذكر أن ـها ترجمم أداة من‬
‫لغة أخ ـرم إلى اللغ ـة العرب ـي ـة‪ .‬أما ص ـدق الـمـحـتوم‪ ،‬فم ـجال اس ـت ـع ـمال ـه‪ ،‬هو ألاخـت ـبارات‬
‫التحصيلية واختبارات الكفاءة بصفة عامة‪ ،‬التي لها محتوم موضوعي‪.‬‬
‫وذكرت أنها استعملم االاة استبيانات تختلف في طريقة صياغة ألاسئلة وطريقة إلاجابة‪.‬‬
‫وبالنسبة لالستبيان مقيد إلاجابة‪ ،‬لم تذكر الباحثة عدد بنودت‪.‬‬
‫يوجد في الجدول رقم (‪ )2‬سؤالان أحدهما عن املتعة وآلاخر عن امللل‪ .‬جاءت صياغتهما‬
‫كما يلي ‪ :‬هل حدث وشعرت بامللل‪ .‬هل حدث وشعرت باملتعة‪ .‬ولكن لم تذكر الباحثة‪ ،‬الشعور‬
‫بامللل إ اء ماذا‪ ،‬أو أين‪ .‬والشعور باملتعة إ اء ماذا‪ ،‬أو أين‪ .‬ألنه من ألاحسن أن تضع السؤال‬
‫كما يلي ‪ :‬هل حدث وشعرت بامللل وأنم في حصة دراسية ؟ أو في املدرسة‪ .‬بمع ى أن تحدد‬
‫املوضوع أو الظرل الذي شعر فيه التلميذ بامللل أو املتعة‪.‬‬

‫‪614‬‬
‫‪ .10‬عرضم الباحثة نتائج البحث من خالل الجداول‪ .‬وليس كإجابة عن أسئلة أو‬
‫فرضيات‪ ،‬رغم أنها وضعم عددا من ألاسئلة في نهاية كالمها عن إشكالية البحث‪ .‬فالجداول‬
‫هي أساليب لعرض النتائج‪ .‬ولكن ال بد من جعل النتائج املسجلة في الجداول أو غيرها‪ ،‬إما‬
‫أنها تجيب عن أسئلة‪ ،‬أو تخت ر فرضيات‪ ،‬أو تحقق أهدافا‪.‬‬
‫‪ .11‬قالم الباحثة في كالمها عن النتائج املسجلة في الجدول رقم (‪ )2‬ما يلي ‪ :‬شير‬
‫الجدول رقم (‪ )2‬إلى وجود متوسطات مرتفعة فيما يخ مشاعر امللل سواء لدم الذكور أو‬
‫إلاناث وبانحرافات ضعيفة عن املتوسط‪ .‬وهذا الكالم غير سليم‪ .‬فالكالم السليم‪ ،‬أن تقول‬
‫‪ :‬يتبين من النتائج املسجلة في الجدول رقم (‪ .)2‬وال تقول متوسطات‪ .‬بل تقول ‪ :‬متوسطات‬
‫حسابية‪ .‬ألنها هكذا يطلق عل ها إحصائيا‪ .‬وال تقول ‪ :‬وبانحرافات ضعيفة عن املتوسط‪.‬‬
‫والصحيح أن تقول ‪ :‬وبانحرافات معيارية‪ .‬وال تقول ‪ :‬مرتفعة عن املتوسط‪ .‬ألن الانحرافات‬
‫املعيارية ال توصف ب نها مرتفعة عن املتوسط‪ .‬ويكون الحديث عن ارتفاع الانحرافات‬
‫املعيارية أو انخفاضها‪ ،‬عند الحديث عن التجانس والتباين‪.‬‬
‫‪ .12‬ملا حسبم الباحثة الفرق بين الجنسين في متغيري البحث (املتعة وامللل) فعلم ذلك‬
‫في متغير املتعة فقط‪( .‬الجدول رقم ‪.)3 :‬‬
‫‪ .13‬جاءت النتيجة املسجلة في الجدول رقم (‪ )6‬تبين أن قيمة "ل" لحساب داللة‬
‫الفروق بين الشعب الدراسية في املتعة غير دالة إحصائيا‪ .‬لكن الباحثة قالم فيما كتبته‬
‫أسفل الجدول ‪ :‬إن متوسطات املشار إل ها في الجدول رقم (‪ )4‬تشير إلى وجود فروق لصالح‬
‫التخص التق ي‪.‬‬
‫‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫البحث الثاني والعشرون‬


‫دراسة العالقة بين التوجه نحو الهدل (ألامل) والتوافق الدراس ي‬
‫لدم املراهق في التعليم الثانوي‬

‫بذل الباحث جهدا واضحا‪ ،‬في سبيل إنجا بحثه بطريقة علمية مقبولة‪ .‬ولكنه لم يتحكم‬
‫في منهجية البحث والقياس النفس ي بطريقة جيدة‪ .‬وفيما يلي املالحظات التي سجلتها لطريقته‬
‫في منهج البحث والقياس النفس ي‪.‬‬

‫‪615‬‬
‫‪ . 1‬ذكر الباحث أهدال البحث بعد إلاشكالية‪ .‬ولكن التسلسل املنهجي لهذت العناصر‬
‫الفرعية‪ ،‬تكون كما يلي ‪ :‬أهدال البحث ام أهمية البحث ام مشكلة البحث ام أسئلة البحث‬
‫ام فروض البحث‪ .‬يتم ذكر ألاهدال أوال‪ ،‬ألنها أهم موجه ملجريات البحث‪ ،‬ومنها مشكلة‬
‫البحث‪ .‬وعندما يذكر الباحث مشكلة البحث‪ ،‬يفكر بعدها مباشرة في حلها‪ ،‬وهو صياغة‬
‫الفروض‪ .‬وعند صياغة الفروض‪ ،‬شرع في إجراءات البحث امليدانية الختبارها‪ .‬وهنا ال يصح‬
‫منطقيا وال منهجيا ذكر أهدال البحث‪ ،‬بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ . 2‬ذكر الباحث‪ ،‬أنه اتبع املنهج التحليلي الوصفي‪ .‬وهذا املنهج‪ ،‬كما قلم في الصفحات‬
‫السابقة‪ ،‬غير وارد ضمن مناهج البحث النفس ي والتربوي‪.‬‬
‫‪ .3‬ذكر الباحث‪ ،‬أنه سحب عينة البحث ب سلوب العشوا ي الطبقي‪ .‬والطبقات هي ‪:‬‬
‫الجنس؛ ذكور وإناث‪ .‬ام التخص العلمي؛ علوم وآداب‪ .‬وبما أن املعاينة العشوائية‪،‬‬
‫تشترط معرفة الباحث بكل أفراد ألاصل العام مسجلين في قوائم لديه‪ ،‬ام سحب أفراد العينة‬
‫منه بطريقة تجعل كل فرد له فرصة ال صفرية ليكون ضمن عينة البحث‪ .‬كان على الباحث‬
‫أن يذكر ألاصل العام وعدد أفرادت في كل طبقة‪ ،‬ام يذكر الطريقة التي سحب وفقا لها عينات‬
‫البحث‪ .‬ألن البيانات الواردة في الجدول رقم (‪ )1‬ال تبين مجموع أفراد ألاصل العام في‬
‫الطبقات ألاربعة‪.‬‬
‫‪ .4‬أهمل الباحث الخصائ ألاخرم لألصل العام والعينة؛ كالعمر واملستوم الدراس ي‬
‫والتخصصات العلمية الفرعية‪.‬‬
‫‪ .5‬ذكر الباحث أن عدد بنود الاستبيان لقياس التوافق الدراس ي ‪ 43‬بندا مو عة على‬
‫أربعة أبعاد‪ .‬ولكنه لم يبين كيف توصل إلى هذت ألابعاد ألاربعة‪.‬‬
‫‪ .6‬إن صدق املحكمين وصدق الاتساق الداخلي‪ ،‬يتعلقان بصدق البنود‪ .‬لكن ألامر‬
‫يحتاج إلى صدق الاستبيان ككل‪ .‬وهذا لم يقم به الباحث‪.‬‬
‫‪ .7‬ذكر الباحث في حسابه للثبات‪ ،‬أن استعمل معامل ألفا كرونباخ وتصحيحه بمعادلة‬
‫سبيرمان‪ /‬براون‪ .‬ولكن معامل ألفا كرونباخ ال يصحح طوله‪ .‬إن معادلة سبيرمان‪ /‬براون‬
‫لتصحيح الطول تستعمل عند حساب الثبات بالتجيئة النصفية‪.‬‬
‫‪ .8‬لم يحسب الباحث صدق وابات مقياس ألامل (التوجه نحو الهدل) واكتف‬
‫بالخصائ السيكومترية لهذا املقياس التي استخرجها باحث آخر على عينات أخرم وفي‬
‫منطقة أخرم وفي عام ‪ .2011‬وهذا غير سليم أبدا‪ .‬ألن الخصائ السيكومترية ألي أداة‬

‫‪616‬‬
‫قياس‪ ،‬ونتائج البحث املتوصل إل ها بتلك ألاداة‪ ،‬ينبغي أن تكون على نفس العينة‪ ،‬حتى تكون‬
‫نتائج البحث ذات اقة‪.‬‬
‫‪ . 9‬عند ذكر ألاساليب إلاحصائية‪ ،‬تذكر فقط ألاساليب إلاحصائية املستعملة ملعالجة‬
‫يقوم البحث وفقا لها‪ ،‬فيما إذا كانم مالئمة ألهدال البحث‬ ‫بيانات البحث‪ ،‬وهي التي ّ‬
‫وتصميم البحث أم ال‪ .‬أما ألاساليب إلاحصائية املستعملة لحساب الصدق والثبات فال تذكر‪.‬‬
‫ألنها ال عالقة لها بمعالجة بيانات البحث‪.‬‬
‫‪ .10‬بالنسبة للنتائج املتعلقة بالسؤال ألاول‪ ،‬الذي ين على ‪ :‬ما مستوم ألامل لدم‬
‫عينة الدراسة من تالميذ التعليم الثانوي ؟ هناك املالحظات التالية ‪:‬‬
‫ـ ذكر الباحث في عنوان البحث‪ ،‬أن البحث على املراهق في التعليم الثانوي‪ .‬أما لدم‬
‫ح ـدي ـث ـه عن ع ـي ـن ـة الب ـح ـث‪ ،‬ذك ـر أن ـه س ـح ـب الع ـي ـن ـة من ط ـل ـب ـة الع ـلوم الاجـتماعية من املركي‬
‫الجامهي ـ غليزان‪ .‬وفي السؤال ألاول‪ ،‬ذكر أن عينة الدراسة من تالميذ التعليم الثانوي‪.‬‬
‫ـ قارن الباحث املتوسط الحسابي الذي تم حسابه من درجات العينة بمتوسط أطلق‬
‫عليه "متوسط نظري"‪ .‬ولكن ما مع ى هذا املتوسط وكيف تم حسابه ؟‬
‫ـ إن املقارنة بين املتوسطات الحسابية‪ ،‬تتطلب وجود انحرافات معيارية‪ .‬ولكن الباحث‬
‫لم يحسب الانحرال املعياري للمتوسط الحسابي النظري‪ .‬وهنا نتساءل‪ ،‬كيف تمم املقارنة‬
‫بين متوسطين حسابيين دون معرفة قيمة التباينين ؟‬
‫ـ إن املتوسط الحسابي النظري‪ ،‬متوسط وهمي‪ .‬فكيف يتم الحكم على متوسط حسابي‬
‫تجريبي بمتوسط حسابي وهمي‪.‬‬
‫ـ ذكر الباحث أنه حسب الاختبار التا ي لعينة واحدة‪ .‬ولكن ذكرت ملتوسطين حسابين ع ي‬
‫أن هناك عينتين‪.‬‬
‫ـ إن النتائج التي عرضها في الجدول رقم (‪ )4‬ذكر أنها تتعلق بسؤال وليس بفرضية‪ .‬ولكنه‬
‫تحدث عن الداللة إلاحصائية‪ .‬والداللة إلاحصائية تع ي وجود فرضية‪ ،‬تم اختبارها‪.‬‬
‫ـ عدد أفراد العينة الذي يتعلق بنتيجة السؤال هو ‪ .240 :‬كما أن هناك متوسطين‬
‫حسابيين‪ .‬فكيف تم حساب درجات الحرية‪ ،‬هل من عينة واحدة أو من عينتين ؟ وجاءت‬
‫قيمة "ت" املحسوبة تساوي ‪ .82.32‬وقيمة "ت" الجدولية تساوي ‪ .1.96‬ومستوم الداللة‬
‫إلاحصائية ‪ .0.05‬ولكن‪ ،‬هل هذا معقول ؟‬
‫ـ في معالجته لنتائج السؤال ألاول‪ ،‬في الجدول رقم (‪ ،)4‬كان عليه أن يذكر نتائج كل‬
‫جنس على حدة‪.‬‬

‫‪617‬‬
‫‪ 11‬ـ ونفس املالحظات السابقة املتعلقة بالنتائج املتعلقة بمتغير ألامل‪ ،‬أقولها عن النتائج‬
‫املتعلقة بمتغير التوافق الدراس ي‪.‬‬
‫‪ . 12‬لم شر الباحث إلى فرضيات البحث‪ ،‬فيما كتبه‪ ،‬ام أشار إلى فرضيتين بعد ذلك‪.‬‬
‫فالفرضية ألاولى تن على وجود ارتباط دال إحصائيا بين ألامل والتوافق الدراس ي‪ .‬وكان من‬
‫الال م استخراج معامالت الارتباط بين املتغيرين لكل جنس على حدة‪.‬‬
‫‪ .13‬إنه ش يء جميل أن يرسم الباحث مخطط الانتشار لالرتباط بين ألامل والتوافق‬
‫الدراس ي‪ ،‬ولكنه رسم مخطط انتشار واحد فقط‪ ،‬رغم أن مقياس التوافق الدراس ي يتكون‬
‫من أربعة أبعاد ودرجة كلية‪ .‬كما أن هناك الذكور وإلاناث‪.‬‬
‫‪ .14‬في الجدولين رقمي (‪ )8( )7‬اللذين عرض ف هما الباحث‪ ،‬على التوالي نتائج الفرق بين‬
‫الجنسين في ألامل والتوافق الدراس ي‪ ،‬ذكر حجم العينة الكلية‪ ،‬ولم يذكر عينة كل جنس على‬
‫حدة‪ .‬وبالنسبة للفرق بين الجنسين في التوافق الدراس ي‪ ،‬اكتف الباحث بالفرق بين العينتين‬
‫في الدرجة الكلية‪ ،‬رغم أن هناك أربعة أبعاد‪ ،‬ولكنه أهملها‪.‬‬

‫‪618‬‬
‫الفصل الرابع والعشرون‬
‫مقاالت إضافية في منهجية البحث النفس ي‬

‫يتضمن هذا الفصل مجموعة من املقاالت حول قضايا نوعية في مناهج البحث النفس ي‪،‬‬
‫َّ‬
‫وهي مكملة ملا عرضته في الفصول السابقة‪ ،‬في هذا املؤلف‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬ماذا يبحث العلم ؟‬
‫اانيا ‪ :‬هل الفرضية علم ؟ هل املعاينة علم ؟‬
‫االثا ‪ :‬خاصية التراكمية في العلم واستنباط أو استقراء مشكلة البحث وفروضه‬
‫رابعا ‪ :‬طبيعة "املتغير املستقل" في بحوث املقارنات‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬العشوائية في اختيار عينات البحث‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬الفرق بين امليداني والتطبيقي في البحوث النفسية والتربوية‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬خطة البحث والدراسة الاستطالعية‪.‬‬
‫اامنا ‪ :‬مهام البحث العلمي النفس ي‪.‬‬
‫تاسعا ‪ :‬مالحظتان حول تنظيم تقرير البحث النفس ي‪.‬‬
‫عاشرا ‪ :‬مناقشة النتائج وتفسيرها‪.‬‬
‫حادي عشر ‪ :‬إدراج فصل حول متغير طبي في بحث نفس ي‪.‬‬
‫ااني عشر ‪ :‬مالحظات على مناقشة بحث جامهي للحصول على درجة دكتورات علوم‪.‬‬
‫االث عشر ‪ :‬تكد س الصفحة ألاولى للغالل‪.‬‬
‫رابع عشر ‪ :‬التوصيات والاقتراحات والخاتمة‪.‬‬
‫خامس عشر ‪ :‬لغة النشر العلمي‪.‬‬

‫‪619‬‬
620
‫أوال ‪ :‬ماذا يبحث العلم ؟‬

‫سؤال جدير با جابة‪ .‬ألنه من هنا تكون البداية‪.‬‬


‫وللجابة عن هذا السؤال‪ ،‬ال بد من املرور بعمليات متدرجة في أهميتها‪ ،‬من أقلها أهمية‪،‬‬
‫ولكنها بداية ضرورية‪ ،‬إلى أك رها أهمية وهي النهاية‪ ،‬ولكنها ليسم النهاية‪ ،‬ألن البحث العلمي‬
‫ال يتوقف‪ ،‬وال ينتهي‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬يبدأ أي بحث علمي بما هو "مهم"‪ ،‬حين يدرك الباحث ظواهر وأحدااا ووقا ع على‬
‫شكل حقائق‪.‬‬
‫اانيا ‪ :‬ام ي تي‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬ما هو "أهم"‪ ،‬وهو جمع املعلومات "حقائق" عن الظواهر‬
‫وألاحداث والوقا ع‪ ،‬التي تمم مالحظتها‪ ،‬فيتم التعرل على الحقائق التي ترتبط فيما بينها‪،‬‬
‫والحقائق التي تستقل عنها‪( .‬هكذا قال الفيلسول الاستقرا ي‪ ،‬إلانجليزي‪ /‬فرانسيس بيكون‬
‫‪ Francis Bacon‬في القرن السابع عشر)‪ .‬و سير الباحث العلمي في هذا الطريق من أجل "بناء‬
‫مفهوم"‪ ،‬وتسم مفاهيم العلم "املفاهيم البنائية"‪ .‬ألنها تب ى من خالل جمع الحقائق التي‬
‫ترتبط فيما بينها ارتباطا موجبا حقيقيا‪ .‬فالحقائق ك نها لبنات لبناء املفهوم‪ .‬كيف ذلك‪.‬‬
‫يالحظ الباحث النفس ي الاستجابات السلوكية آلاتية‪ ،‬بصفتها حقائق‪ ،‬لدم بعض ألايخا ‪:‬‬
‫ألاعصاب املشدودة‪ ،‬والخول من أحداث مجهولة‪ ،‬وتوقع أحداث ميعجة‪ ،‬ويالحظ لديهم‬
‫كذلك‪ ،‬حقائق أخرم ‪ :‬الحركات العصبية‪ ،‬والتوتر‪ ،‬وعدم الارتياح‪ ،‬والنرفية‪ ،‬ام يالحظ‬
‫استجابات سلوكية أخرم (حقائق)‪ ،‬ترتبط باالستجابات السلوكية السابقة‪ ،‬وعند دراستها‬
‫عالقيا‪ ،‬يجد أنها ترتبط فيما بينها ارتباطا موجبا وحقيقيا‪ ،‬ومع الاستعانة بمصادر أخرم‪،‬‬
‫يصل إلى أن الاستجابات السلوكية السابقة يتميز بها "ألايخا القلقين"‪ .‬وبهذت الطريقة‬
‫يتوصل إلى "بناء مفهوم القلق"‪ .‬ويجد من ناحية أخرم‪ ،‬أن الاستجابات السلوكية السابقة‬
‫ترتبط تعارضيا مع استجابات سلوكية أخرم‪ ،‬مثل الشعور باألمن‪ ،‬الاطمئنان‪ ،‬الشعور‬
‫بالهناء‪ ،‬الشعور بالرضا‪ ،‬راحة البال‪ ،‬الشعور بالهدوء‪ ،‬توقع أحداث حسنة‪ ،‬مما يؤيد‬
‫النتيجة التي توصل إل ها عند سعيه إلى "بناء مفهوم القلق"‪.‬‬
‫ويالحظ كذلك الاستجابات السلوكية آلاتية (حقائق) ‪ :‬تجنب إلااارة الاجتماعية‪ ،‬الت ني‬
‫والتردد قبل إلاقبال على أي تصرل‪ ،‬البطء في الحركة‪ ،‬تفضيل البقاء في املنزل على الذهاب‬
‫إلى حفل‪ ،‬قلة املعارل وألاصدقاء‪ ،‬قلة الحيوية والنشاط‪ ،‬التوتر في موقف اجتماعي‪ ،‬ومع‬
‫الاستعانة بمصادر أخرم‪ ،‬يصل إلى أن الاستجابات السابقة تشير إلى سمة الانطواء‪ ،‬فيتوصل‬

‫‪621‬‬
‫إلى "بناء مفهوم الانطواء"‪.‬‬
‫ويالحظ كذلك حقائق مناخية وفلكية ‪ :‬انخفاض درجة الحرارة‪ ،‬تلبد السماء بالغيوم‬
‫يوميا‪ ،‬سقوط أمطار والوج وجليد‪ ،‬فترة الليل أطول من فترة النهار‪ ،‬مع مالحظة استجابات‬
‫سلوكية محددة ‪ :‬ارتداء مالبس اقيلة‪ ،‬البحث عن الدلء‪ ،‬العودة مبكرا إلى البيم‪ ،‬قلة‬
‫ألانشطة الترف هية الجماعية‪ ،‬ومع ربط هذت الحقائق ببعضها‪ ،‬يب ي منها "مفهوم فصل‬
‫الشتاء"‪ ،‬ويالحظ أن الحقائق املناخية والفلكية‪ ،‬والاستجابات السلوكية في فصل الشتاء‪،‬‬
‫ال تحدث في الفصول ألاخرم‪.‬‬
‫االثا ‪ :‬وي تي "ألاهم" في ألاخير‪ ،‬وليس في النهاية‪ ،‬وهو وضع تعريفات بنائية أو ت سيسية‪،‬‬
‫وتعريفات إجرائية لتلك املفاهيم واملصطلحات واملتغيرات‪.‬‬
‫وآلان وصلنا إلى إلاجابة عن السؤال الذي هو عنوان هذا املقال الصغير‪ ،‬ماذا يبحث‬
‫العلم ؟ إن العلم "يبحث املفاهيم"‪ ،‬التي ينبغي الاهتمام بها قبل أي عنصر آخر في البحث‬
‫العلمي‪ ،‬وتحديدها جيدا قبل إخضاعها جراءات البحث العلمي‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫اانيا ‪ :‬هل الفرضية علم ؟ هل املعاينة علم ؟‬

‫إن الباحثين في جامعاتنا‪ ،‬أساتذة وطلبة‪ ،‬مع ألاسف الشديد‪ ،‬مصابون بهوس‬
‫الفرضيات‪ .‬بشكل ملفم لالنتبات؛ يبدؤون بها بحوثهم‪ .‬كما سجلونها في معظم أعمالهم‬
‫البحثية‪ ،‬سواء كانم مطلوبة للبحث وتالئم طبيعته أم ال‪.‬‬
‫ـ بمجرد أن يفكر الباحث في موضوع يبحثه‪ .‬يصرح بفرضياته‪.‬‬
‫ـ بمجرد أن يضع الباحث عنوان بحثه‪ .‬يصرح بفرضياته‪.‬‬
‫ـ ويضعون الفرضيات كذلك‪ ،‬في مقدمة أدوات القياس التي يرسلونها إلى املحكمين‪.‬‬
‫ـ ويضعون فرضيات كذلك‪ ،‬عندما يكونون بصدد بناء برنامج إرشادي‪.‬‬
‫إن البحث العلمي ال يبدأ بفرضية‪ ،‬ألن الفرضية تشير إلى توقع الحل‪ ،‬والبحث العلمي‬
‫ال يبدأ بحل‪ ،‬بل يبدأ بمشكلة‪( .‬رغم أن ألامر يختلف عند كارل بوبر)‪.‬‬
‫وال تعد الفرضية علما‪ ،‬بل طريقة اختبارها هي التي تعد علما أو ليسم علما‪.‬‬
‫وال تعد الفرضيــة علما‪ ،‬ألن النــاس ســتعملون ــها يوم ــيا خارج الب ـح ــث العلم ــي الختـ ــبار‬
‫توقعاتهم لحلول معينة ملشكالتهم‪ ،‬أو توقعاتهم لوقوع أحداث معينة‪.‬‬

‫‪622‬‬
‫إن مفاهيم التحليل النفس ي‪ ،‬التي وضعها فرويد‪ ،‬رغم انتشارها بين الناس‪ ،‬علماء‬
‫وغيرهم‪ ،‬ورغم شعبيتها وعامليتها‪ ،‬مثل ‪ :‬الليبيدو‪ ،‬الكبم‪ ،‬الالشعور‪ ،‬الحتمية النفسية‪ ،‬الهو‪،‬‬
‫وألانا‪ ،‬وألانا ألاعلى‪ ،‬ومراحل النمو النفس ي‪ /‬الجنس ي‪ ،‬وعقدتا ؤديب وئلكترا وغيرها‪ ،‬وكذلك‬
‫املفاهيم التي وضعها‪ ،‬محللون نفسيون آخرون‪ ،‬مثل يونغ وأدلر وإريكسون وهورني وغيرهم‪،‬‬
‫كلها مجرد فرضيات‪ ،‬غير قابلة لالختبار‪ ،‬ومنذ أن ظهر التحليل النفس ي إلى اليوم‪ ،‬وهو واقع‬
‫تحم حكم‪ ،‬أنه "ليس علما"‪ ،‬ألن فرضياته لم تخت ر بالطريقة العلمية (كالتجريب‪ ،‬مثال)‪ ،‬أو‬
‫أي طريقة بحث تتميز باملوضوعية‪ ،‬والقياس الكمي‪ ،‬والقابلة عادة بحثها‪.‬‬
‫‪ .1‬لقد شعر فرويد بوجود مشكلة‪ ،‬وهي ‪ :‬ما السبب وراء إلاصابة باملرض النفس ي‪،‬‬
‫وخاصة الهستيريا ؟‬
‫‪ .2‬افترض حال للمشكلة‪ ،‬وهو وقوع كبم غواءات جنسية وقعم في مرحلة الطفولة‪.‬‬
‫‪ .3‬وقام باملعاينة‪ ،‬أي جمع معلومات عن الحل الذي افترضه من عدد كبير من‬
‫ألايخا ‪ ،‬وهم املرض ى نفسيا الذين استقبلهم في عيادته‪.‬‬
‫‪ . 4‬إن إلاجراءات الثالاة السابقة سليمة جدا‪ ،‬ولكنها ليسم علما‪ ،‬ألن أي يخ يمكن‬
‫أن يقوم بها‪ ،‬وفي نفس الوقم لم تقدم أي نتيجة محل اقة‪.‬‬
‫‪ . 5‬وما الذي حدث بعد ذلك‪ ،‬وهدم كل ما سيق من إجراءات ؟ إن الطريقة التي اتبعها‬
‫فرويد الختبار فرضيته أو فرضياته‪ ،‬لم تتسم باملوضوعية‪ ،‬لقد كانم تتسم بالذاتية‪ ،‬لم‬
‫ستعمل ف ها القياس الكمي‪ ،‬وال يمكن إعادة بحثها من باحث آخر أو من باحثين آخرين‪.‬‬
‫فرويد‪ ،‬فقط‪ ،‬هو الذي ستطيع إعادة بحثها‪ ،‬مرة أخرم‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن النتائج التي تحدث‬
‫عنها في نظريته‪ ،‬أو نظرياته‪ ،‬كان مصدرها الخيال والتخمين‪ ،‬فقط (الذاتية)‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬لم يقدم فرويد أي دليل موضوعـي على أن إلاغواء الجنس ي فـي مرحلة‬
‫الطفولة (السنوات الخمس ألاولى)‪ ،‬هو السبب في إلاصابة باملرض النفس ي‪.‬‬
‫ليس هدفي من هذت املقالة‪ ،‬هو نقد نظرية فرويد في التحليل النفس ي‪ ،‬بل اتخذت عمله‬
‫كمثال فقط‪ ،‬ألشرح الفكرة التي أريد توضيحها‪ ،‬واعتقدت أن نظرية التحليل النفس ي‪،‬‬
‫ومخالفتها للمنهج العلمي‪ ،‬تصلح كمثال‪ ،‬بهدل توضيح دور الفرضية واملعاينة في البحوث‬
‫العلمية‪ ،‬وفـي الوقم نفسه‪ ،‬أسعـ إلى محاربة الجهل الـمط ـبــق‪ ،‬واملخيف‪ ،‬السائد لدم كل‬
‫باحثينا‪ ،‬وال أقول معظمهم‪ ،‬حول دور الفرضية في البحث العلمي‪.‬‬
‫إن الفرضية ليسم علما‪ ،‬وال تقدم علما في غياب الطريقة العلمية عند اختبارها‪.‬‬
‫إن العلم هو املنهج‪ ،‬الذي يتسم باملوضوعية‪ ،‬وبالقياس الكمي‪ ،‬وقابلية إجراء البحث‬

‫‪623‬‬
‫مرة أخرم أو مرات كثيرة من نفس الباحث أو من باحث آخر‪ ،‬في أي مان وفي أي مكان‪.‬‬
‫وأدعو الباحثين إلى حمل الشعار آلاتي‪ ،‬والعمل به ‪" :‬ال علم دون منهج علمي"‪.‬‬
‫إن املنظرين الثالاة الكبار في عوامل الشخصية‪ ،‬وهم ‪ :‬ايينك (انجلترا)‪ ،‬جلفورد‪ ،‬كاتل‬
‫(أمريكا)‪ ،‬كانوا عيدون إجراء بحوثهم العاملية في إنجلترا وفي أمريكا بالتبادل‪ ،‬فكانوا يطلبون‬
‫من بعضهم البعض إرسال البيانات من أمريكا إلى إنجلترا ومن إنجلترا إلى أمريكا‪ ،‬عادة‬
‫تحليلها عامليا وفق طريقة التحليل العاملي ومستوياته في كل بلد‪ ،‬بهدل معرفة عدد عوامل‬
‫الشخصية وأسمائها ومستوياتها‪ ،‬التي توصل إل ها كل باحث في بلدت‪.‬‬
‫وتم إعادة إجراء البحوث على عامل العصابية‪ ،‬كما قال به ايينك‪ ،‬في بلدان ومجتمعات‬
‫كثيرة‪ ،‬بهدل اختبار مدم عامليته‪ .‬وتم كذلك‪ ،‬إعادة إجراء البحوث في مجتمعات عديدة‪،‬‬
‫الختبار مدم عاملية "مراحل النمو املعرفي" التي قال بها بياجي في بحواه على أطفال مدينة‬
‫جنيف‪.‬‬
‫ّ‬
‫وفي سياق الحديث عن العلم‪ ،‬أبين أيضا‪ ،‬أن اتباع الباحث للتفكير الاستقرا ي‪ ،‬فيما‬
‫يتعلق باملعاينة‪ ،‬ألن املعاينة استقراء‪ ،‬ال عت ر علما كذلك‪ ،‬ألن املحللين النفسيين‪ ،‬استنتجوا‬
‫أفكارهم من عشرات أو من مئات املرض ى‪ ،‬الذين استقبلوهم في عياداتهم وسمعوا منهم‪ ،‬وهم‬
‫يتحداون عن مشكالتهم وصراعاتهم‪ ،‬ف سسوا من تلك ألاحاديث مفاهيمهم ونظرياتهم‪ ،‬ولكن‬
‫هذا كله ليس علما‪ ،‬ما دام لم يخضع للطريقة العلمية‪.‬‬
‫تابعوا سير البحث بالطريقة العلمية في الخطوات آلاتية‪.‬‬
‫‪ .1‬يبدأ أي بحث علمي بالشعور بوجود مشكـلـة‪ .‬واملشكلة في البحث العلمي‪ ،‬هـي سؤال‬
‫عن ظاهرة ما‪ ،‬ال توجد لدم الباحث إجابة عنه‪ ،‬فيما يتوفر لديه من معلومات‪ ،‬قبل إجراء‬
‫البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬بعد الشعور بمشكلة بحثية‪ ،‬شرع الباحث في جمع املعلومات حولها‪ ،‬لتحليلها‪ ،‬من‬
‫أجل التعرل عل ها‪.‬‬
‫‪ .3‬بعد التعرل على املشكلة‪ ،‬يقوم الباحث بتحديدها‪ ،‬من خالل صياغة فنية‪ ،‬على‬
‫شكل سؤال أو أسئلة‪ ،‬تتضمن متغيرات البحث‪.‬‬
‫‪ .4‬وبعدئذ‪ ،‬يجو للباحث أن يضع فرضية أو فرضيات‪ ،‬بصفتها حال أو حلوال مؤقتة‬
‫ملشكلة البحث‪.‬‬
‫‪ .5‬وبعد صياغة الفرضية أو الفرضيات‪ ،‬شرع الباحث فـي إجراء البحث الختبار قبولها‬
‫أو رفضها‪( .‬وهنا قد ينتج الباحث علما إذا اتبع الطريقة العلمية‪ ،‬فـي اختبار الفرضية‪ ،‬وقد‬

‫‪624‬‬
‫ال ينتج علما إذا لم يتبع الطريقة العلمية)‪.‬‬
‫ه ـكــذا ت ـك ــون خ ـطــوات الب ـحــث الع ـلــمي كــما حــددها الف ـي ـل ـســول واملفكــر ألامريـكي‪ ،‬جون‬
‫ديوي‪ ،‬في كتابه ‪" :‬كيف نفكر ‪ ،"How we think‬سنة ‪.1910‬‬
‫وكما تالحظون‪ ،‬فإن عملية إجراء بحث علمي تنتقل من مرحلة إلى مرحلة‪ ،‬ومن عملية‬
‫إلى أخرم‪ ،‬بتتابع منطقي‪.‬‬
‫وتستعمل الفرضية أو الفرضيات في البحث العلمي في حالة واحدة فقط‪ .‬عندما تكون‬
‫لدم الباحث مشكلة في حاجة إلى حل‪ .‬وإذا غابم الفرضية من بحث علمي ما‪ ،‬ال يفقد ذلك‬
‫البحث طابعه العلمي‪.‬‬
‫تفوق الباحث وتمكنه في أي علم من العلوم‪ ،‬ليس هو العثور على حلول‬ ‫إن معيار ّ‬
‫ملشكالت (فرضيات)‪ ،‬بل العثور على مشكالت‪ .‬وبعد ذلك قد ستغرق الباحث العلمي وقتا‬
‫طويال‪ ،‬قد يصل إلى سنوات‪ ،‬وهو يبحث عن فرضية معقولة (حل)‪.‬‬
‫إن العثور على مشكالت أو "الحساسية للمشكالت"‪ ،‬من أهم الخصائ التي يتميز بها‬
‫املبدعون‪ .‬وفق نظرية السيكولوجي ألامريكي‪ /‬جلفورد (‪ .)1950‬في سيكولوجية إلابداع‪.‬‬
‫وبالنسبة للفروض التي تحتاج إلى وقم طويل من التفكير‪ ،‬إليكم ما ي تي‪.‬‬
‫‪ -‬هناك مشكلة تعليمية‪ ،‬وهي تفوق إلاناث على الذكور دراسيا في جميع مراحل التعليم‪،‬‬
‫ما الفرض التفسيري املعقول لهذت الظاهرة ؟‬
‫‪ -‬هناك مشكلة أخرم تعليمية‪ ،‬كذلك‪ ،‬وهي ‪ :‬كلما اد عمر التالميذ انخفضم معدالتهم‬
‫التحصيلية‪ ،‬ما الفرض التفسيري املعقول لهذت الظاهرة ؟‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫االثا ‪ :‬خاصية التراكمية في العلم واستنباط أو استقراء‬


‫مشكلة البحث وفروضه‬

‫ّ‬
‫محصلة لتراكم جهود الباحثين"‬ ‫"إن العلم هو‬

‫من خصائ العلم‪ ،‬التراكمية‪ .‬وقد قال هذا الكالم فيلسول العلم الاستقرا ي‪،‬‬
‫إلانجليزي‪ /‬فرانسيس بيكون (‪ 1561‬ـ ‪ ،Francis Bacon )1626‬في القرن السابع عشر‪ ،‬بمع ى‬
‫أن كل بحث علمي في موضوع معين‪ ،‬تضال نتائجه إلى النتائج التي تم التحقق منها بواسطة‬

‫‪625‬‬
‫البحث العلمي في نفس املوضوع‪ ،‬كما تمهد لبحوث علمية أخرم الحقا‪ .‬مما يدفع إلى التقدم‬
‫والارتقاء في الجهود العلمية‪ ،‬من خالل تراكم جهود الباحثين‪.‬‬
‫ولذا‪ ،‬فإن الباحث في العلم‪ ،‬عليه أن يضع في اعتبارت‪ ،‬وفي أهدال بحثه‪ ،‬أن يضيف‬
‫معرفة علمية جديدة إلى املعرفة العلمية القائمة‪ ،‬املتعلقة بموضوع بحثه‪ .‬وال يت ت له ذلك‪،‬‬
‫إال بعد الاطالع الجيد والعميق عل ها (مفاهيم‪ ،‬نظريات‪ ،‬نتائج دراسات سابقة) وتناولها نقديا‪،‬‬
‫مبينا جوانب القوة والضعف‪ ،‬وجوانب الوضوح والغموض والتعارض وغيرها‪.‬‬
‫ومن خالل التناول النقدي للمعرفة العلمية السابقة للبحث‪ ،‬أو ما نطلق عليه‪ ،‬عادة‪،‬‬
‫إلاطار النظري للبحث‪ ،‬بهذت الطريقة‪ ،‬يمكن تحديد مشكلة بحث جديرة بالتناول علميا‪.‬‬
‫وصياغة فروض جديرة باالختبار‪.‬‬
‫ولكن ملاذا ينبغي تناول إلاطار النظري للبحث‪ ،‬قبل الحديث عن مشكلته وفروضه ؟‬
‫ألنه‪ ،‬ببساطة‪ ،‬هناك سبق في اليمن للطار النظري للبحث‪ ،‬على مشكلة البحث وفروضه‪.‬‬
‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرم‪ ،‬فإن تعرل الباحث على إلاطار النظري‪ ،‬يجعله بإمكانه‬
‫دمج نتائج بحثه فيه‪ .‬وهذت مهمة أساسية في أي بحث علمي‪ .‬ومن خاللها ينمو العلم ويتطور‪،‬‬
‫ولكنها تغفل‪ ،‬مع ألاسف‪.‬‬
‫ولذا‪ ،‬فإن التناول الجيد واملنطقي لكل من إلاطار النظري‪ ،‬ومشكلة البحث وفروضه‪،‬‬
‫يكون بالحديث أوال عن إلاطار النظري (الذي يتضمن املفاهيم‪ ،‬والنظريات‪ ،‬ونتائج الدراسات‬
‫السابقة)‪ ،‬ام الحديث بعد ذلك عن مشكلة البحث وفروضه‪ .‬ألن كال من مشكلة البحث‬
‫وفروضه‪ ،‬تؤخذ من إلاطار النظري‪.‬‬
‫ولكن الشا ع في معظم البحوث‪ ،‬أو كلها‪ ،‬هو الحديث في بداية البحث عن مشكلة البحث‬
‫وفروضه‪ ،‬ام الحديث بعد ذلك عن إلاطار النظري‪ .‬مما يجعل الباحثين سيرون إلى الخلف‪.‬‬
‫وتفقد البحوث خاصيتها العلمية‪ ،‬املتمثلة في ضرورة البداية مما توقف عندت الباحثون‬
‫السابقون‪ ،‬وإلاضافة إليه‪ .‬لتحقيق خاصية التراكمية‪ ،‬ونمو إلانتاج العلمي وتطورت في نسق‬
‫علمي متواصل‪ ،‬يؤتي فائدته كل حين‪.‬‬
‫والشا ع كذلك‪ ،‬كتابة نتائج الدراسات السابقة في مكان منعيل عن إلاطار النظري‬
‫للبحث‪ ،‬وعن مشكلة البحث وفروضه‪.‬‬
‫وبالتالي فإن ‪:‬‬
‫البحوث التي ال ت خذ إلاطار النظري السابق عل ها‪ ،‬بعين الاعتبار‪ ،‬بصفته مصدرا ملشكلة‬
‫البحث وفروضه‪.‬‬

‫‪626‬‬
‫والبحوث التي تكتب مشكلة البحث وفروضه قبل كتابة إلاطار النظري‪ ،‬وال ت خذهما‬
‫منه‪.‬‬
‫والبحوث التي تكتب الدراسات السابقة فـي مكان مستقل ومنعيل عن كل من إلاطار‬
‫النظري‪ ،‬ومشكلة البحث وفروضه‪ .‬هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬بحوث مفككة تفتقد إلى تناسق عناصرها وفق الطريقة العلمية‪ .‬التي تبدأ ‪ :‬بالشعور‬
‫بوجود مشكلة في حاجة إلى حل‪ .‬ام جمع معلومات حولها (أي إلاطار النظري)‪ .‬ام تحديد‬
‫املشكلة وكتابتها فنيا‪ .‬ام وضع حلول مقترحة لها (أي الفروض)‪ .‬ام اختبار الفروض بمنهج‬
‫بحث علمي مناسب‪ .‬ام دمج النتيجة ضمن معلومات إلاطار النظري‪.‬‬
‫‪ .2‬بحوث تقدم دليال على عجي أصحابها عن تحليل إلاطار النظري تحليال علميا جيدا‪،‬‬
‫ومن خالله تحليل مشكلة البحث وتحديدها بدقة‪ ،‬فيلجؤون إلى الطريقة السهلة الرديئة‪.‬‬
‫‪ .3‬والبحوث بهذت الصفة‪ ،‬تسفر عن نتائج معيولة عن إطارها النظري‪ .‬والبحوث‬
‫املعيولة عن إطارها النظري‪ ،‬ال تقدم عائدا ذا قيمة للمعرفة العلمية القائمة في موضوع‬
‫البحث‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫رابعا ‪ :‬طبيعة "املتغير املستقل" في بحوث املقارنات‬

‫تشمل بحوث املقارنات ‪ :‬البحوث التجريبية‪ ،‬وشبه التجريبية‪ ،‬والبحوث العلية‪ /‬املقارنة‪.‬‬
‫وتشترك املناهج العلمية النفسية املسماة ب سماء هذت البحوث‪ ،‬في هدل واحد‪ ،‬هو البحث‬
‫عن علل السلوك من خالل إجراء مقارنات بين العينات‪ ،‬ولكل منهج من املناهج الثالاة‬
‫إجراءاته املنهجية النوعية الخاصة به‪.‬‬
‫ويحدث كثيرا أن يضع الباحثون عناوين لبحوثهم‪ ،‬مثل الصياغات آلاتية ‪:‬‬

‫"الذكاء وعالقته بالطموح لدم تالميذ التعليم الثانوي"‪.‬‬


‫أو‬
‫"الانبساط وعالقته بالدافع إلى إلانجا لدم طالب الجامعة"‪.‬‬
‫أو‬
‫"الشعور بالوحدة النفسية وعالقته باالكتئاب لدم املسنين"‪.‬‬

‫‪627‬‬
‫ام سهى البعض من أصحاب هذت العناوين‪ ،‬إلى تحديد أو تعيين املتغير املستقل واملتغير‬
‫التابع‪.‬‬
‫والحقيقة‪ ،‬أن هذت العناوين الثـالاة‪ ،‬ووفق طبيعة متغيـراتها‪ ،‬ال يمكن إجراؤها باملنهج‬
‫ّ‬
‫التجريبي أو شبه التجريبي‪ ،‬بل تجرم باملنهج العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬أو املنهج الارتباطي‪ .‬ومناهج‬
‫ّ‬
‫البـحــث النفسـي؛ التجري ـبـي وش ـبــه الت ـجــري ـبـي‪ ،‬والع ـ ــلـي‪ /‬الـمقارن‪ ،‬ه ــي فقــط التـي يط ـلــق على‬
‫متغيراتها اسمي ‪ :‬املتغير املستقل واملتغير التابع‪.‬‬
‫و عرل الباحثون في علم النفس‪ ،‬أنه في مجال مناهج البحث النفس ي‪ ،‬توجد متغيرات‬
‫تسم مستقلة‪ ،‬ومتغيرات تسم تابعة‪ .‬فيجدون أنه من الضروري تحديدها في عناوين‬
‫بحوثهم‪ .‬فيشرع كل واحد منهم في التفكير لتعيين أي متغير عت ر متغيرا مستقال‪ ،‬وأي منها‬
‫عت ر متغيرا تابعا ‪ ،‬في عنوان بحثه‪ .‬وبسبب الجهل بمعرفة طبيعة املتغيرات في البحوث‬
‫النفسية‪ ،‬يقع الباحثون في حيرة كبيرة‪ ،‬أمام صعوبة التمييز بينها‪ ،‬فيتصلون بآخرين يطلبون‬
‫منهم املساعدة‪ ،‬للتغلب على املشكلة‪ ،‬وفي معظم مساع هم ال يجدون من يقدم لهم املعرفة‬
‫الصحيحة‪ ،‬حتى ألاساتذة املشرفين على بحوثهم‪.‬‬
‫إن املتغيرات الستة في العناوين الثالاة السابقة‪ ،‬ال تصلح أن تكون متغيرات مستقلة‪،‬‬
‫ألنها متغيرات كمية‪ ،‬أي متغيرات قابلة للقياس‪ ،‬وطبيعة املتغير املستقل أن يكون كيفيا‬
‫(نوعيا)‪ ،‬تصنيفيا (يصنف العينات إلى مجموعات)‪ ،‬وال يقاس عضها‪ ،‬بينما يقاس بعضها‬
‫آلاخر‪ ،‬ويقع في املستوم الاسمي من مستويات القياس‪ .‬وهو على نوعين؛ متغير مستقل اسمي‬
‫طبيهي‪ ،‬وأصيل‪ ،‬ومتغير مستقل مصطنع‪ ،‬شبه اسمي‪ .‬فاألول يصنف العينات إلى مجموعتين‬
‫أو أكثر‪ ،‬بصورة طبيعية أصلية‪ ،‬ال دخل للباحث‪ ،‬أو جهات أخرم في تصنيفها‪ ،‬مثل ‪ :‬متغير‬
‫الجنس يصنف ألافراد إلى ‪ :‬ذكور‪ /‬إناث‪ .‬واليتم وعدم اليتم يصنف الناس إلى يتام ‪ /‬غير‬
‫يتام ‪ .‬والحالة الاجتماعية تصنف الناس إلى ‪ :‬عياب‪ /‬متزوجين‪ /‬مطلقين‪ /‬أرامل‪ .‬وإلاقامة‬
‫تصنف الناس إلى ‪ :‬ريفيين‪ /‬قرويين‪ /‬حضريين‪ .‬والعمل يصنف الناس إلى عمال‪ /‬بطالين‬
‫وغيرها‪ ،‬أما النوع الثاني‪ ،‬فهو في ألاصلي ليس متغيرا اسميا‪ ،‬وليس متغيرا كيفيا‪ ،‬وليس متغيرا‬
‫ّ‬
‫فيحوله‪ ،‬عن‬ ‫تصنيفيا‪ ،‬بل متغيرا كميا‪ ،‬يقاس‪ ،‬إال أن الباحث‪ ،‬والعتبارات منهجية‪ ،‬يتدخل‬
‫طريق القياس‪ ،‬إلى متغير شبه اسمي‪ ،‬فيصير متغيرا تصنيفيا‪ ،‬وإليكم املثال من العنوان ألاول‬
‫‪" :‬الذكاء وعالقته بالطموح لدم تالميذ التعليم الثانوي"‪ .‬يقيس الباحث الذكاء عند عينة‬
‫من تالميذ التعليم الثانوي‪ ،‬وبعد تصحيح إجابات أفراد العينة على بنودت‪ ،‬والحصول على‬

‫‪628‬‬
‫الدرجات الخام‪ ،‬يقوم بترتيبها تصاعديا أو تنا ليا‪ ،‬أي أن الدرجات كانم بيانات أو قيم كمية‪،‬‬
‫يتم تحويلها إلى بيانات أو قيم رتبية (املستوم الرتبي من القياس)‪ ،‬ام سحب من التو ع‬
‫عينتين متطرفتين؛ العليا والدنيا في درجات الذكاء‪ ،‬مع إهمال املتوسطين‪ ،‬فيصير الذكاء‬
‫متغيرا تصنيفيا‪ ،‬فيقارن الباحث بين مستوييه‪ ،‬أي التالميذ ألاعلى ذكاء والتالميذ ألادن ذكاء‬
‫في متغير الطموح‪ ،‬ويحذل كلمة و "عالقته" من العنوان‪ ،‬فيصير العنوان‪ ،‬كما ي تي ‪:‬‬

‫"أار الذكاء على الطموح ـ بحث مقارن على تالميذ التعليم الثانوي"‪.‬‬
‫أو‬
‫الذكاء والطموح ـ بحث مقارن على تالميذ التعليم الثانوي‬

‫ونفس هذا العمل املنهجي سير عليه في العنوانين آلاخرين‪.‬‬


‫إن التمكن من جميع إلاجراءات املنهجية في البحوث النفسية‪ ،‬ومعرفة طبيعة متغيرات‬
‫البحث‪ ،‬والتمييز الصحيح بينها‪ ،‬وفق أنواع املناهج‪ ،‬من أجل التعامل معها بطريقة منهجية‬
‫مالئمة صحيحة‪ ،‬عت ر واجبا‪ ،‬ال سمح بالتغاض ي عنه من قبل الباحثين‪ ،‬أيا كانم مستوياتهم‬
‫ورتبهم العلمية‪.‬‬
‫ً‬
‫وألفم انتبات الباحثين‪ ،‬أنه عند التفكير في وضع عنوان للبحث‪ ،‬هناك دائما االاة عناصر‬
‫أو مكونات لكل بحث‪ ،‬من الضروري أن تظهر في عنوانه‪ ،‬وهي ‪ :‬املتغيرات والعينة واملنهج‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫‪ -‬الشــعور بالسـعادة والان ـبــساط – بحث مقارن بين الجنسين من أعمار مختلفة‪( .‬منهج‬
‫فارقي)‪.‬‬
‫‪ -‬الشعور بالسعادة والانبساط ‪ -‬بحث ارتباطي لدم الجنسين من أعمار مختلفة‪( .‬منهج‬
‫ارتباطي)‪.‬‬

‫املتغير املستقل ّ‬
‫الفعال واملتغير املستقل املنسوب‬
‫الحظم أاناء مناقشة أطروحة دكتورات‪ ،‬أن بعض اليمالء‪ ،‬عتقدون أن املتغير الذي‬
‫سم مستقال‪ ،‬ال ستعمل إال في املنهج التجريبي‪ ،‬إال أن هناك توضيحا في هذا ألامر؛ فاملتغير‬
‫الفعال أو النشط‪ ،‬الن‬ ‫املستقل الذي ستعمل في املنهج التجريبي‪ ،‬يدعى املتغير املستقل ّ‬
‫ّ‬ ‫الباحث هو الذي ّ‬
‫وينشطه (بكسر الشين وتشديدها)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يفعله (بكسر العين وتشديدها)‬ ‫ِ‬

‫‪629‬‬
‫و شترط فيه ‪ :‬أال يكون من خصائ املجرب عل هم‪ ،‬وال يمثل وضعا عيشون فيه‪ ،‬وال وجود‬
‫له إال أاناء التجربة‪ ،‬ويتحكم فيه الباحث‪ /‬املجرب كليا‪ .‬أما املتغير املستقل الذي ستعمل‬
‫ّ‬
‫العلي‪ /‬املقارن‪ ،‬فيدعى املتغير املستقل املنسوب‪ ،‬ألن النتيجة التي يتم التوصل إل ها‪،‬‬
‫في املنهج ِ‬
‫بعد املقارنة بين العينات‪ ،‬تنسب إليه‪ ،‬ومن طبيعته أن يكون عبارة عن وضع عيش فيه‬
‫ألافراد‪ ،‬مثل ‪ :‬عامل‪ /‬بطال‪ .‬أو يكون عبارة عن خاصية من خصائصهم؛ أطفل‪ ،‬مراهقون‪،‬‬
‫شباب‪ .‬وحدث قبل إجراء البحث أو املقارنة‪ ،‬وال يتحكم فيه الباحث‪ ،‬وأن يكون متغيرا‬
‫تصنيفيا‪ ،‬طبيعيا‪ ،‬أو اصطناعيا‪ .‬فالجنس‪ ،‬مثال‪ ،‬متغير تصنيفي طبيهي‪ ،‬وكذلك اليتم‪،‬‬
‫والحالة الاجتماعية‪ ،‬ال دخل للباحث في إحداثها‪ ،‬أما الدافعية والشعور بالسعادة والصالبة‬
‫النفسية‪ ،‬فهي متغيرات كمية‪ ،‬ومن خصائ ألافراد‪ ،‬وليسم تصنيفية طبيعيا‪ ،‬ولكن‬
‫الباحث ستطيع أن يصنف ألافراد في البحث إلى مرتفعين ومنخفضين في أي متغير من هذت‬
‫املتغيرات‪ ،‬فتصير متغيرات مستقلة منسوبة‪ ،‬تصنيفية اصطناعيا‪ ،‬بفعل الباحث‪ ،‬ام يقارن‬
‫بينها ملعرفة أارها في متغيرات تابعة‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫خامسا ‪ :‬العشوائية في اختيار عينات البحث‬

‫يفهم بعض الباحثين أن كلمة "العشـ ــوائية" التي توصـ ــف بها إحدم طرق اختيار عينات‬
‫البحث‪ ،‬تحمل نفس مع ى كلمة العشـوائية التي توصـف بها ألاحياء السـكنية أو البناءات غير‬
‫املنظمة عمرانيا (ألاحياء العش ـ ــوائية أو ألاحياء الفوض ـ ــوية)‪ .‬لكن كلمة العش ـ ــوائية كوص ـ ــف‬
‫حــدم ط ــرق اخ ـتــيار الع ـيــنات هـي ط ــري ـقــة من أرق ـ ط ــرق اخ ـتــيار العـ ـيــنات وأك ـثـرها ض ـبــطا‬
‫وتنظيما واقة ودقة وموضوعية وعلمية‪.‬‬
‫عرل العينة‪ ،‬بص ـ ـ ــفة عامة‪ ،‬على أنها ‪" :‬جيء من كل"‪ .‬والكل هو املجتمع إلاحص ـ ـ ــا ي أو‬ ‫ُت ّ‬
‫املجتمع املس ـ ــتهدل أو مجتمع البحث أو ألاص ـ ــل العام‪ ،‬والعينة هي الجيء الذي س ـ ــحب من‬
‫هـذا الكـل جراء البحـث عليـه‪ ،‬ام تعمم النتيجـة التي تم الوص ـ ـ ـ ــل إل هـا على الكـل‪ .‬وتس ـ ـ ـ ــم‬
‫عملية سحب الجيء من الكل "املعاينة"‪.‬‬
‫ولكي تكون عمليـ ــة التعميم جيـ ــدة ونـ ــاجحـ ــة‪ ،‬ينبغي أن تكون املعـ ــاينـ ــة جيـ ــدة‪ .‬وتقوم‬
‫املعاينة ا لجيدة على عامل أس ـ ــاسـ ـ ـ ي هو التمثيل‪ ،‬أي تمثيل العينة للكل الذي س ـ ــحبم منه‪.‬‬
‫ويقصــد بالتمثيل أن تتوفر العينة املختارة على جميع صــفات وخصــائ املجتمع إلاحصــا ي‬

‫‪630‬‬
‫الــذي س ـ ـ ـ ــحبــم منــه‪ ،‬من حيــث الجنس والعمر واملس ـ ـ ـ ــتوم التعليمي واملس ـ ـ ـ ــتوم الاجتمــاعي‪/‬‬
‫الاقتصـ ـ ــادي ومقر إلاقامة والحالة الاجتماعية واملهنة والقدرات العقلية وغيرها‪ .‬بحيث تغ ي‬
‫العينة الباحث عن دراس ـ ـ ـ ــة كل مفردات املجتمع إلاحص ـ ـ ـ ــا ي‪ ،‬خاص ـ ـ ـ ــة في حالة ص ـ ـ ـ ــعوبة أو‬
‫استحالة دراسة كل تلك الـمفردات‪ .‬ويتحقق التمثيل ب سلوبيـن هما ‪ )1 :‬العشوائية‪ )2 .‬كبـر‬
‫حجم العينة‪.‬‬
‫ومن النــاحيــة املنطقيــة‪ ،‬فــإنــه من أجــل تحقيق العش ـ ـ ـ ــوائيــة‪ ،‬ال بــد من توفر ش ـ ـ ـ ــرطين‬
‫أساسيين هما ‪:‬‬
‫ألاول‪ ،‬أن تكون جميع مفردات املجتمع إلاحصا ي معروفة لدم الباحث‪ .‬فلو أراد باحث‬
‫س ـ ـ ــحب عينة بطريقة عش ـ ـ ــوائية من تالميذ الس ـ ـ ــنة ألاولى من التعليم الابتدا ي بمدينة باتنة‬
‫(املجتمع ألاص ـ ـ ـ ــلي)‪ ،‬ف ــإن ألامر يتطل ــب معرف ــة أس ـ ـ ـ ـم ــاء وع ــدد وجنس جميع هؤالء التالمي ــذ‬
‫وخصائصهم املختلفة‪.‬‬
‫الثــاني‪ ،‬أن تكون مفردات املجتمع إلاحصـ ـ ـ ـ ــا ي متجــانسـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬أي غير متبــاينــة (ليس بينهــا‬
‫فروق واس ـ ــعة)‪ .‬والتجانس ع ي التماال في الخص ـ ــائ العقلية واملياجية والعمر واملس ـ ــتوم‬
‫التعليمي واملستوم الاجتماعي‪ /‬الاقتصادي وغيرت‪.‬‬
‫ولســحب عينة البحث عشــوائيا‪ ،‬ينبغي أن يتوفر لكل مفردات املجتمع إلاحصــا ي فرصــا‬
‫متكافئة ليكونوا ضمن أفراد العينة دون أي تحيز أو تدخل من قبل الباحث أو تدخل عوامل‬
‫أخرم‪ .‬بمع ى أنه على الباحث أن يتبع طريقة لس ـ ـ ـ ــحب عينة بحثه‪ ،‬توفر لكل فرد من أفراد‬
‫املجتمع ألاصلي نفس الفرصة لوجودت ضمن عينة البحث "كالقرعة مثال"‪.‬‬
‫والس ـ ــحب العش ـ ــوا ي للعينات‪ ،‬هو فقط الذي ش ـ ــير إلى املع ى الحقيقي لكلمة "عينة"‪،‬‬
‫ألن تعريف العينــة على أنهــا جيء من كــل‪ ،‬يتطلــب معرفــة هــذا الكــل‪ .‬أمــا في الطرق ألاخرم‬
‫لس ـ ـ ــحب العينات غير الاحتمالية‪ ،‬فالص ـ ـ ــحيح أال نس ـ ـ ــم ها عينات‪ ،‬بل س ـ ـ ــتحس ـ ـ ــن تس ـ ـ ــميتها‬
‫مفحوصين أو مبحواين‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫سادسا ‪ :‬الفرق بين امليداني والتطبيقي في البحوث النفسية والتربوية‬

‫يتفرع اهتمام البحث العلمي في علم النفس إلى االث مجاالت هي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ العـ ــلوم ألاساسية ‪ :‬وهـي التـي تسهى إلـ الحــصول على املعرفة واكـتــشال القوانيـن‬

‫‪631‬‬
‫العلمية‪ ،‬بغض النظر عن القيمة العلمية املباشرة أو العاجلة لهذت العلوم‪ .‬فعلماء النفس‬
‫ضمن هذت الفئة‪ ،‬يهتــمون بإج ــراء دراسات الكـتــشال القوانيـن والش ــروط التـي تتحكم فـي‬
‫حدوث السلوك وتغيرت‪ ،‬وال يهتمون بما يترتب عنها من تطبيقات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ العلوم التطبيقية ‪ :‬وهي التي تسهى إلى تحسين الظرول التي تتحكم في السلوك عن‬
‫طريق اس ـ ـ ــتثمار ما يمكن الاس ـ ـ ــتفادة منه من نتائج الدراس ـ ـ ــات ألاس ـ ـ ــاس ـ ـ ــية في مجال تعديل‬
‫السلوك وإرشاد ألافراد‪ ،‬أو تحسين طرق التدريب والتدر س‪ ،‬أو تحسين ألاداء وغيرت‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ مناهج البحث وفنونه ‪ :‬وإلى جانب املجالين السابقين‪ ،‬يوجد مجال آخر من مجاالت‬
‫النش ـ ـ ـ ــاط العلمي في علم النفس‪ ،‬ال يمثل فرعا من فروع العلم ألاس ـ ـ ـ ــاس ـ ـ ـ ــية أو التطبيقية‪،‬‬
‫ولكنه ذا أهمية ك رم في ضـ ـ ــبط وإحكام كل من الدراسـ ـ ــات العلمية ألاسـ ـ ــاسـ ـ ــية والتطبيقية‬
‫العملية‪ .‬ويتمثل في الجانب املنهجي ومنطق البحث العلمي‪ ،‬وتصميمات التجارب والدراسات‪،‬‬
‫واستعمال املعادالت والنماذج الرياضية في إبداع معادالت إحصائية وغيرها‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬تتو ع اهتمامات علماء النفس في مجال البحث النفس ي بصفته أحد التخصصات‬
‫العلمية الحديثة في مجال العلوم إلانسانية على االاة مجاالت هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬العلوم ألاساسية النظرية‪ .2 .‬العلوم التطبيقية‪ .3 .‬مناهج البحث النفس ي وفنونه‪.‬‬
‫ويتنوع ال بح ــث العلمي في الج ــامع ــة حس ـ ـ ـ ـ ــب املج ــاالت‪ ،‬حي ــث هن ــاك البحوث النظري ــة‬
‫ألاكاديمية والبحوث التطبيقية العملية والبحوث التي تجرم لتطوير مناهج البحث وفنونه‪.‬‬
‫دفع ي إلى كتابة هذت املقالة إلى ما الحظته من خلط لدم الباحثين بين الدراسات‬
‫امليدانية والدراسات التطبيقية‪ ،‬أو دفع ي بدقة ما الحظته أن الباحثين في البحوث امليدانية‪،‬‬
‫وهي من البحوث ألاساسية‪ ،‬ملا ينتهون من كتابة الجانب النظري من بحوثهم‪ ،‬وينتقلون إلى‬
‫إلاجراءات امليدانية‪ ،‬يطلقون عليه الجانب التطبيقي‪ ،‬وهنا نتساءل ماذا طبقوا حتى يطلقون‬
‫عليه هذا الاسم ؟ إنهم في الحقيقة انتقلوا إلى ميدان بحوثهم ليجمعوا منه املعلومات‬
‫والبيانات التي تطلبها بحوثهم‪ ،‬وهذا امليدان قد يكون أفرادا أو مؤسسات أو واائق وغيرها‪.‬‬
‫وإذا كانوا يطلقون عليه الجانب التطبيقي‪ ،‬ألنهم طبقوا الاستبيانات والاختبارات على‬
‫العينات‪ ،‬فهذا ليس بتطبيق‪ ،‬بل هو إجراء لجمع املعلومات من ميدان البحث‪.‬‬
‫هناك فرق بين امليداني والتطبيقي‪ ،‬فالدراسة امليدانية هي نوع من البحوث ألاساسية‬
‫النظرية الوصفية أو التجريبية‪ ،‬يتناول ف ها الباحث ظاهرة ما موجودة في امليدان‪ ،‬فيتصل‪،‬‬
‫كما قلم‪ ،‬باألفراد أو باملؤسسات أو بالواائق‪ ....‬فيجمع منها أو حولها معلومات‪ ،‬ويتناولها‬
‫ب سلوب منهجي معين‪ ،‬من أساليب البحث الوصفي أو التجريبي‪ .‬أما الدراسة التطبيقية فهي‬

‫‪632‬‬
‫تقوم على إجراء دراسة على مدم الاستفادة من قانون علمي معين أو مبدأ معين لتطو عه‬
‫لحل مشكلة قائمة‪ ،‬قد تكون مشكلة صحية أو تعليمية أو مهنية وغيرها‪ ،‬ك ن يقوم أحد‬
‫الباحثين بإجراء دراسة تطبيقية حول مدم إمكان الاستفادة من مبدأ "السلوك يت ار‬
‫بنتائجه" في عالج الاكتئاب‪ .‬أو إجراء دراسة تطبيقية حول ما إذا كان يمكن للتلميذ أن يتعلم‬
‫درسا في الج ر بنفس ألاسلوب الذي تعلمم به حمامة سكينر ‪ B. F. Skinner‬املش ي في طريق‬
‫على شكل رقم ‪ .8‬وهناك كذلك الدراسات ألاساسية النظرية غير امليدانية‪ ،‬ك ن يتناول‬
‫الباحث الصحة النفسية واملجتمع‪ ،‬في مقال تحليلي طويل‪ .‬وهناك الدراسات التجريبية التي‬
‫من شروطها ألاساسية القدرة على ضبط املتغيرات‪ ،‬وضبط إلاجراء التجريبي‪ ،‬وقياس ألاار في‬
‫املتغير التابع‪.‬‬
‫أرجو أن يدرك اليمالء ألافاضل‪ ،‬الفرق بين امليداني والتطبيقي في البحث النفس ي‬
‫والتربوي وألارطوفوني‪ ،‬فيسمون ألاشياء ب سمائها الصحيحة‪ ،‬حتى تكون لدينا لغة علمية‬
‫واحدة‪ ،‬فيطلقون على الجيء امليداني من البحث ‪ :‬إلاجراءات امليدانية للبحث أو الجانب‬
‫امليداني أو الدراسة امليدانية‪ ،‬وال يطلقون عل ها الجانب التطبيقي‪ ،‬إال إذا كان البحث تطبيقيا‬
‫فعال‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫سابعا ‪ :‬خطة البحث والدراسة الاستطالعية التدريبية‬

‫خطة البحث‪.‬‬
‫إن التخطيط عبارة عن سلسلة من الخطوات والعمليات إلاجرائية التي يضعها الفرد‪،‬‬
‫ويتبعها في إنجا عمله من بدايته إلى نهايته‪ ،‬وهي ليسم نهائية‪ ،‬بل تتعرض للتعديل من حين‬
‫إلى آخر‪ ،‬حتى تستقر‪.‬‬
‫والبحث العلمي‪ ،‬ك ي نشاط بشري‪ ،‬يحتاج إلى تخطيط سير الباحث وفقا له‪ ،‬حتى يصل‬
‫إلى هدفه‪ ،‬وينهي بحثه‪ .‬والباحثون علمون أن هناك عنصرا من عناصر البحث سم "خطة‬
‫البحث"‪ .‬وهناك مالء‪ ،‬عتقدون‪ ،‬مع ألاسف‪ ،‬أن خطة البحث هي فهرس املحتويات‪ ،‬ولكن‬
‫خطة البحث في البحوث النفسية والتربوية امليدانية‪ ،‬تتضمن ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬منهج البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬طرق اختيار املبحواين أو عينة البحث‪.‬‬

‫‪633‬‬
‫‪ .3‬طرق استعمال أدوات القياس لجمع بيانات البحث من املبحواين أو من عينة البحث‪.‬‬
‫‪ .4‬ألاساليب إلاحصائية ملعالجة بيانات البحث‪.‬‬
‫‪ .5‬أساليب عرض النتائج في تقرير البحث‪.‬‬

‫الدراسة الاستطالعية‪.‬‬
‫إن "الدراسة الاستطالعية" ينبغي أن تصنف إلى نوعين‪ ،‬وهذا من أجل التمييز بينهما‪،‬‬
‫واستعمالهما لهدفين منفصلين واضحين‪:‬‬
‫‪ )1‬النوع ألاول‪ ،‬نطلق عليه "الدراسة الاستطالعية الاستكشافية‪ ،‬وتجرم عندما يالحظ‬
‫باحث ظاهرة‪ ،‬تلفم انتباهه‪ ،‬وينشغل بها‪ ،‬وال تتوفر لديه في حينها معلومات سابقة حولها‪،‬‬
‫أي يكتنفها الغموض كلها‪ ،‬أو بعض جوانبها‪ ،‬أو عالقاتها بظواهر أخرم‪ ،‬أو مدم انتشارها‪.‬‬
‫‪ )2‬النوع الثاني‪ ،‬نطلق عليه "الدراسة الاستطالعية التدريبية"‪ ،‬وهي التي ينبغي أن تجرم‬
‫على جوانب خطة البحث‪ ،‬كلها أو بعضها‪ ،‬من أجل التدريب على إجراءات البحث امليدانية‬
‫حتى ال يقع الباحث في أخطاء منهجية عند إجرائه للدراسة امليدانية للبحث (ألاساسية)‪.‬‬
‫وهذا النوع من الدراسة الاستطالعية هو الذي أتناوله في الفقرات آلاتية‪.‬‬

‫الدراسة الاستطالعية التدريبية‪.‬‬


‫تجرم الدراسة الاستطالعية التدريبية‪ ،‬املعروفة لدم الباحثين بهذا الاسم‪ ،‬في بحوثهم‬
‫امليدانية أو التجريبية‪ ،‬على خطة البحث‪ ،‬وهدفها ألاساس ي هو الاطالع على ميدان البحث‪،‬‬
‫والتدريب على إجراءاته امليدانية‪ ،‬في أي من الجوانب الخمسة لخطة البحث‪ ،‬التي ذكرتها في‬
‫الفقرة السابقة‪ ،‬كما يكون الاستطالع والتدريب كذلك‪ ،‬حول مدم أهمية املوضوع‪ ،‬علميا‬
‫وعمليا‪ ،‬وما هو العائد منه علميا وعمليا‪ ،‬ومدم توفر إلامكانات الشخصية واملادية لدم‬
‫الباحث لتناوله‪ ،‬ولكن الباحثين في جامعاتنا‪ ،‬عتقدون‪ ،‬مع ألاسف‪ ،‬أن الدراسة الاستطالعية‬
‫(التدريبية)‪ ،‬تجرم فقط من أجل إعداد أدوات القياس‪ ،‬وينفذونها هكذا فعال‪ ،‬هناك نمطية‬
‫جراء هذت الدراسة‪ ،‬فكل الباحثين يقومون بها لهذا الغرض‪ ،‬فقط‪ ،‬سواء كانم ضرورية أم‬
‫غير ضرورية‪.‬‬
‫إن الدراسة الاستطالعية التدريبية‪ ،‬كما هو واضح من اسمها‪ ،‬يتحدد هدفها في مجرد‬
‫الاستطالع على إجراءات خطة البحث‪ ،‬والتدريب عل ها‪ ،‬قبل املرور إلى إلاجراءات امليدانية‬
‫للدراسة الفعلية‪ ،‬فبعد أن يحدد الباحث الجوانب الخمسة لخطة البحث‪ ،‬يقوم بنشاط‬

‫‪634‬‬
‫استطالعي وتدريبي ع لى كل الجوانب أو بعضها‪ ،‬فيتعرل على كيفية إجرائها والتعرل على‬
‫صعوباتها‪ ،‬وما هي الطرق التي سلكها ليتغلب على تلك الصعوبات‪ ،‬وما هي الطرق املالئمة‬
‫التي ينفذ بها خطة البحث‪ ،‬وال ضروريا أن تجرم الدراسة الاستطالعية التدريبية على كل‬
‫جوانب خطة البحث‪ ،‬بل يمكن أن تجرم على بعضها فقط‪ ،‬التي ليس للباحث خ رة مسبقة‬
‫بها‪ ،‬ويمكن القيام بالدراسة الاستطالعية التدريبية في معظم البحوث‪ ،‬أو في بعضها فقط‪،‬‬
‫كما يمكن عدم إجرائها كذلك‪ ،‬إذا كان الباحث له إدراك جيد لخطة بحثه‪ ،‬كما يمكن‬
‫إجراؤها على جوانب من خطة البحث دون جوانب أخرم‪ ،‬ولكن كلما كان البحث أكثر حاجة‬
‫إلى التحكم املنهجي‪ ،‬يكون أكثر ضرورة جراء الدراسة الاستطالعية التدريبية؛ ولذا فإن‬
‫البحوث التجريبية أكثر حاجة إلى الدراسة الاستطالعية التدريبية‪ ،‬ام البحوث شبه‬
‫التجريبية‪ ،‬ام البحوث العلية‪ /‬املقارنة‪.‬‬
‫وأذكر فيما ي تي الجوانب التي ستطلعها الباحث ويتدرب عل ها في البداية‪.‬‬
‫‪ .1‬أن ستشير الباحث ذوي الكفاءة العلمية في موضوع بحثه‪ ،‬من حيث أهميته وإمكان‬
‫تناوله والصعوبات التي يمكن أن تعترضه واملنهج املناسب لتناوله‪.‬‬
‫‪ .2‬أن ستشير الجهات التي يتوقع أن يكون لبحثه فائدة عملية لها‪ ،‬كالتربية والتعليم‪،‬‬
‫أو مؤسسات التكوين املنهي أو مؤسسات الاستشفاء أو ذوي الاحتياجات الخاصة‪ ....‬وغيرت‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يحصل على معلومات جيدة حول مدم توفر التوايق العلمي من مصادر ومراجع‬
‫وبحوث وأدوات قياس وجمع املعلومات تتعلق بموضوع بحثه‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يخت ر إمكاناته هو ومدم قدرته العلمية‪ ،‬وما يتوفر له من إمكانات أخرم تجعله‬
‫قادرا على تناول البحث بجدارة‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يتصل بالجهات التي سول يجري ف ها بحثه امليداني التجريبي أو غير التجريبي‪،‬‬
‫ليتعرل على مدم صعوبة أو سهولة إجراء الدراسة الفعلية ف ها‪ ،‬كاملدارس‪ ،‬واملستشفيات‪،‬‬
‫وألاسر‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫وهذت الاستطالعات والتدريبات في ميدان البحث‪ ،‬تكون لها البداية وألاولوية‪ ،‬فإذا تبين‬
‫له من الاستطالع الذي قام به‪ ،‬أنه ستطيع إنجا بحثه في ظرول مناسبة‪ ،‬ينتقل بعدها إلى‬
‫الاستطالع والتدريب على ما ي تي ‪:‬‬
‫‪ .1‬مدم مناسبة املنهج ملوضوع بحثه‪ ،‬وخاصة التجريبي الذي من شروطه التحكم‬
‫الصارم في املتغيرات وإلاجراءات التجريبية‪ ،‬وشبه التجريبي‪ ،‬والدراسات العلية‪ /‬املقارنة‪.‬‬
‫‪ .2‬الاستطالع والتدريب على الطريقة املالئمة الختيار املبحواين أو عينة البحث‪.‬‬

‫‪635‬‬
‫‪ .3‬الاستطالع والتدريب على الطريقة التي يقدم بها أدوات القياس للعينة أو للمبحواين‬
‫الذين يجمع منهم بيانات البحث‪.‬‬
‫‪ .4‬الاستطالع والتدريب على ألاساليب إلاحصائية املالئمة ملعالجة بيانات البحث‪.‬‬
‫‪ .5‬وأخيرا الاستطالع والتدريب على ألاساليب التي عرض من خاللها نتائج البحث‪.‬‬
‫ولكن ليس مع ى هذا‪ ،‬كما قلم سابقا‪ ،‬أن يكون الاستطالع والتدريب على كل الجوانب‬
‫السابقة‪ ،‬إن الدراسة الاستطالعية لها هدل التدريب على إجراءات البحث امليدانية‪ ،‬ولذا‪،‬‬
‫فإن الباحث ستطلع فقط حول الجوانب التي ليس له بها خ رة‪ ،‬فيتدرب عل ها في هذت‬
‫الدراسة‪ ،‬حتى يمر إلى الدراسة الفعلية‪ ،‬وهو يتوفر على خ رة تجعله ال يرتكب أخطاء في‬
‫إجراءاتها امليدانية‪.‬‬

‫أهمية الدراسة الاستطالعية التدريبية‪.‬‬


‫وفي هذا الصدد‪ ،‬ينبغي أن ندرك جيدا أن الدراسة الاستطالعية التدريبية‪ ،‬ليسم عمال‬
‫مبتذال أو اانويا‪ ،‬بل هي عمل هادل وجاد‪ ،‬وإنجا مهم يقوم به الباحث‪ ،‬يبذل فيه جهدا‬
‫ووقتا‪ ،‬وتتضمن فوائد جيدة ستفيد منها الباحث نفسه و ستفيد منها الباحثون بعدت‪ ،‬ولها‬
‫هدل الاستطالع وهدل التدريب كذلك‪ ،‬لذا ينبغي أن يفرد لها الباحث حيزا من تقرير البحث‪،‬‬
‫سواء كان فصال أم جيءا من فصل‪ ،‬سجل فيه ما ي تي‪.‬‬
‫‪ .1‬الهدل أو ألاهدال من الدراسة الاستطالعية التدريبية‪.‬‬
‫‪ .2‬الجوانب من خطة البحث التي استطلع حولها‪ ،‬وتدرب عل ها؛ كاملنهج املالئم للبحث‪،‬‬
‫أو طريقة اختيار العينة‪ ،‬أو استعمال أدوات جمع البيانات من العينة‪ ،‬أو ألاساليب إلاحصائية‪.‬‬
‫‪ .3‬إلاجراءات التي قام بها في عمليات الاستطالع والتدريب حول الجوانب السابقة‪.‬‬
‫‪ .4‬النتائج التي تم التوصل إل ها فيما يتعلق بالدراسة الاستطالعية التدريبية‪.‬‬
‫‪ .5‬التعديالت التي ينبغي إجراؤها على خطة الدراسة الفعلية‪.‬‬
‫وآلان‪ ،‬هل يجري باحثونا الدراسة الاستطالعية التدريبية لبحوثهم على جوانب خطة‬
‫البحث ؟ كال‪ ،‬إنهم يتبعون كلهم تقليدا واحدا (نمطيا) هو إجراؤها على الخصائ‬
‫السيكومترية ألدوات القياس‪ ،‬وال يتعدون ذلك‪ ،‬رغم أن الخصائ السيكومترية ألدوات‬
‫القياس ليسم من جوانب البحث امليدانية التي ستطلع حولها الباحث ويتدرب عل ها‪ ،‬بل‬
‫يتدرب على طريقة استعمالها وتقديمها للمبحواين‪.‬‬

‫‪636‬‬
‫القياس النفس ي‪،‬‬ ‫(وهناك فرق بين إعداد أدوات القياس‪ ،‬وهذا من اختصا‬
‫واستعمالها في البحث‪ ،‬وهذا من اختصا خطة البحث امليداني)‪.‬‬

‫الاستطالع والتدريب على استعمال أدوات القياس‪.‬‬


‫إن التدريب على إعداد أدوات القياس‪ ،‬وحساب شروطها السيكومترية‪ ،‬يتلقات الباحث‬
‫في مرحلة التدرج ومرحلة ما بعد التدرج‪ ،‬عند دراسته ملقياس القياس النفس ي‪ ،‬أو مقياس‬
‫بناء الاختبارات‪.‬‬
‫إن إلاجراءات التي يقوم بها الباحث في الدراسة الاستطالعية التدريبية‪ ،‬حول أدوات‬
‫القياس‪ ،‬ومدم صالح يتها لالستعمال في البحث النفس ي‪ ،‬ولعينة البحث‪ ،‬ال تتعلق بحساب‬
‫الصدق والثبات‪ ،‬ومن هذت إلاجراءات ما ي تي‪.‬‬
‫‪ .1‬أن عرض الباحث أداة القياس على عدد من املبحواين بهدل معرفة مدم مالءمتها‬
‫لهم‪ ،‬من حيث مدم فهمهم لبنودها‪ ،‬ومدم وضوح التعليمات‪ ،‬ومدم مالءمة طريقة إلاجابة‪،‬‬
‫وطول ألاداة‪ ،‬والوقم املستغرق للجابة عنها‪ ،‬وما هي الصعوبات التي يمكن أن تعترضه في‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا كانم تتوفر لدم الباحث أكثر من أداة لقياس متغير بحثه‪ ،‬عليه أن يقارن بينها‬
‫ليعرل أي منها أكثر قدرة على التمييز بين املفحوصين‪ ،‬فيستعملها في جمع املعلومات في بحثه‬
‫ويبعد ألاخرم‪.‬‬
‫‪ .3‬ويمكن كذلك أن عرض أداة القياس على مجموعة من الخ راء (املحكمين) ملراقبة‬
‫الشكل الذي وضعم عليه ألاداة‪ ،‬كمراقبة اللغة مثال‪ ،‬إذا كانم ألاداة لفظية‪.‬‬
‫‪ .4‬يقوم بتسجيل كل ما يحصل عليه من معلومات في الدراسة الاستطالعية التدريبية‪،‬‬
‫حول أدوات القياس وي خذت بعين الاعتبار‪ ،‬فيعدل ما ينبغي تعديله في إجراءات الدراسة‬
‫الفعلية‪.‬‬

‫حساب الصدق والثبات‪.‬‬


‫أما حساب معامالت الصدق والثبات‪ ،‬فينبغي القيام به خارج الدراسة الاستطالعية‬
‫التدريبية‪ ،‬وعلى مبحواين من عينات الدراسة الفعلية‪ ،‬و سجل معامالت الصدق والثبات في‬
‫املكان الخا بإجراءات الدراسة الفعلية (ألاساسية)‪ ،‬ألنه من الضروري الحصول على نتائج‬
‫حساب الصدق والثبات ونتائج الدراسة الفعلية على عينة واحدة‪ ،‬حتى تكون نتائج الدراسة‬

‫‪637‬‬
‫ذات مصداقية ومحل اقة‪.‬‬
‫إن أدوات القياس‪ ،‬أو أقول‪ ،‬أدوات جمع املعلومات في البحوث امليدانية والتجريبية‪،‬‬
‫ينبغي الاهتمام بها بصورة جادة وصحيحة‪ ،‬ألن املعلومات التي يتم جمعها بها‪ ،‬هي التي تب ى‬
‫عل ها نتائج البحث‪ ،‬التي سهى الباحث إلى الوصول إل ها وعرضها على أساس أنها نتائج لبحث‬
‫علمي‪ ،‬محترم ومحل اقة‪ ،‬فإذا لم تكن أدوات جمع املعلومات جيدة‪ ،‬فإن تلك النتائج‬
‫العلمية‪ ،‬تصير ليسم محل اقة‪ ،‬ويصير البحث كله ليس علميا‪ ،‬ويصير الجهد الذي بذله‬
‫الباحث والوقم الذي استغرقه‪ ،‬كله‪ ،‬كنفخة فير ذهبم مع الريح‪.‬‬
‫ينبغي أن نحترم العلم ونؤديه بصرامة وإتقان‪ ،‬مثله مثل الدين والعبادة‪.‬‬

‫إلاكثار من عناوين فرعية‪.‬‬


‫من السمات البار ة في تقارير بحوث الدكتورات‪ ،‬خاصة‪ ،‬في علم النفس والتربية‪ ،‬كما‬
‫نالحظها كلنا‪ ،‬كثرة العناوين الفرعية‪ ،‬وتوضع هذت العناوين على أساس أنها ضرورية‪ ،‬وهي‬
‫ليسم كذلك‪ ،‬وأقصد وضع دراستين؛ إحداهما استطالعية وأخرم أساسية‪ ،‬الحقيقة أن‬
‫فيه كثير من املغالطة‪ ،‬وتحميل البحث ما ال يطيقه‪ ،‬وتكليف الباحث عمال إضافيا ال فائدة‬
‫منه‪ ،‬فاألحسن إلغاء عبارة دراسة استطالعية‪ ،‬وإلغاء عبارة دراسة أساسية‪ ،‬من إجراءات‬
‫البحوث امليدانية‪ ،‬ويوضع بدال عنهما عنوان فرعي واحد فقط‪ ،‬وهو ‪" :‬أدوات القياس ومراحل‬
‫إ عدادها"‪ ،‬ام سجل الباحث تحم هذا العنوان كل إلاجراءات التي قام بها‪ ،‬عداد أدوات‬
‫القياس لبحثه‪ ،‬حتى صارت جاهية لالستعمال‪ ،‬وهكذا يكون الكالم حول أدوات القياس‬
‫تحم عنوان واحد‪ ،‬متتابع منطقيا‪ ،‬ومتسق وواضح‪ ،‬أما تقسيمه وتشتيته على دراستين‬
‫إحداهما استطالعية وألاخرم أساسية‪ ،‬ال يوجد ما ي ررت علميا وال منطقيا‪ ،‬وال فائدة منه‪،‬‬
‫فهو عبارة عن جهد بذله الباحث ومأل به عدة صفحات‪ ،‬في تقرير ألاطروحة‪ ،‬في الوقم الذي‬
‫لم يج ي منه شيئا‪.‬‬

‫بهم‪.‬‬ ‫للجيائريين منهجهم العلمي الخا‬


‫فـي إحدم املناسبات‪ ،‬أاار مـ ــالء نقاشا حول ألاخطاء فـي منهجية البــحوث العلمية‬
‫النفسية والتربوية التي تنجي في جامعاتنا‪ ،‬فوجدتهم يرجعون ذلك إلى أن هناك طرقا جيائرية‬
‫في البحث العلمي‪ ،‬وال يقولون ذلك مياحا‪ ،‬بل جادين‪ ،‬بمع ى‪ ،‬أن للجيائريين طرقا خاصة‬

‫‪638‬‬
‫بهم حتى في البحث العلمي‪ ،‬مثل طرقهم في الطبخ‪ ،‬وفي إقامة ألاعراس التي تتحول أحيانا إلى‬
‫مآتم‪ ،‬وفي تسيير املؤسسات التي نعلم حالها‪.‬‬
‫إن املنهج العلمي في البحث‪ ،‬نشاط عقلي بشري هادل وراق‪ ،‬بل من أرقى ألانشطة التي‬
‫يتعامل معها العقل البشري بعد الدين‪ ،‬وظهر املنهج العلمي في البحث منذ مئات أو آالل‬
‫السنين‪ ،‬ومر بتطورات كثيرة‪ ،‬بذل فيه العلماء جهودا رائدة‪ ،‬وضعوا له مبادئ وقواعد يلتزم‬
‫بها كل باحث أينما وجد‪ ،‬سواء في املصطلحات أم في الطرق والخطط وألاساليب والوسائل‪،‬‬
‫أم في عرض النتائج‪ ،‬فاملنهج العلمي له طابع التراكم وطابع امللكية للنسانية كلها‪ ،‬وليس له‬
‫طابع وط ي أو يخ ي‪ ،‬وله لغة واحدة مشتركة بين جميع الباحثين في هذت الدنيا‪ ،‬واللغة‬
‫العلمية املشتركة‪ ،‬هي الطريقة الوحيدة ملد الجسور بين الباحثين في املجاالت العلمية‪ ،‬مهما‬
‫اختلفم جنسياتهم واهتماماتهم‪ ،‬وهي التي تسهل الاتصال العلمي بينهم‪ ،‬مما سمح لهم‬
‫باالطالع على جهود بعضهم البعض والاستفادة من أعمالهم‪ ،‬وإمكان إلاضافة والتعديل ملا‬
‫هو قائم‪ ،‬وهكذا يتطور العلم وينمو وتستفيد منه كل إلانسانية‪ ،‬أما انفراد كل بلد أو كل‬
‫يخ بطريقته ولغته في البحث‪ ،‬فإن هذا ليس من البحث العلمي في ش يء‪ ،‬وهو جهد‬
‫مرفوض ومردود على صاحبه‪ ،‬ألن الخروج عن ما هو سائد بين جميع الباحثين العلميين‪،‬‬
‫يجعل البحث املنجي معيوال‪ ،‬والبحث املعيول ال يضيف شيئا للعلم‪ ،‬ألنه يفتقد إلى إحدم‬
‫خصائ العلم ألاساسية‪ ،‬وهي التراكمية‪.‬‬

‫كل عمل له أدوات وله هدل‪.‬‬


‫إن الباعث لكتابة هذت املقالة‪ ،‬هو أني حضرت مناقشة أطروحة دكتورات في علم النفس‪،‬‬
‫فسمعم أحد املمتحنين يقول لصاحبة ألاطروحة ‪ :‬إن الدراسة الاستطالعية ليس لها أدوات‪،‬‬
‫ولكنها تقوم بإعداد أدوات‪ ،‬والرد على هذا املمتحن‪ ،‬أنه سواء في البحث العلمي‪ ،‬أم في أي‬
‫نشاط بشري‪ ،‬فإن كل عمل‪ ،‬ال بد له من أدوات تستعمل نجا ت‪ ،‬سواء كان دراسة أم غيرها‪،‬‬
‫كما أن كل عمل له أهدال سهى إلى تحقيقها‪.‬‬

‫الدراسة الاستطالعية التدريبية تستعمل في البحوث التجريبية‪.‬‬


‫إنه حسب اطالعـي على بحوث فـي علم النفس‪ ،‬في العديد مما أنجي منها فـي الجامعات‬
‫العربية‪ ،‬ماجستير ودكتورات‪ ،‬ولهم السبق علينا‪ ،‬منذ سنوات طويلة‪ ،‬لم أجد إال النادر منها‬
‫جدا (بحوث تجريبية) التي تجرم ف ها دراسات استطالعية تدريبية‪ ،‬وعادة ما تكون حول‬

‫‪639‬‬
‫ضوابط إلاجراءات التجريبية‪ ،‬أما الباحثون في جامعاتنا‪ ،‬فيتخذون الدراسة الاستطالعية‬
‫"عبادة" منهجية‪ ،‬ويجرونها على أدوات القياس فقط‪ ،‬وياليتهم يقومون باستخراج الخصائ‬
‫السيكومترية بالطرق املعروفة إحصائيا‪ ،‬وال يكتفون بالتحكيم فقط‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫اامنا ‪ :‬مهام البحث العلمي النفس ي‬

‫قالم صاحبة أطروحة الدكتورات‪" .‬أجريم البحث على أساتذة العلوم الاجتماعية‬
‫لتشجيعهم‪ ،‬ألن مواد العلوم الاجتماعية لها مكانة متدنية بين املواد الدراسية ألاخرم"‪ .‬ولكن‬
‫عندما نطلع على مهام البحث العلمي ال نجد من بينها التشجيع‪ .‬اقرؤوا ما يلي‪.‬‬
‫إن الب ـحــث الع ـل ـمــي أو إلان ــتاج امل ـعــرفـي فـي ع ـلــم الن ـفــس نــشاط هادل‪ ،‬سهى إلى تطوير‬
‫املعرف ــة الس ـ ـ ـ ــيكولوجي ــة نظري ــا وتطبيقي ــا ومنهجي ــا‪ ،‬ون ــذكر فيم ــا يلي املهم ــات التي يقوم به ــا‬
‫البحث العلمي النفس ي ‪:‬‬
‫‪ )1‬حل مشكلة سلوكية أو إلاجابة عن سؤال سيكولوجي محير‪.‬‬
‫‪ )2‬تنظيم املعرفة السيكولوجية في أنساق نظرية تتسم باالتساق والصدق‪.‬‬
‫‪ )3‬تعديل ما هو قائم من املعلومات با ضافة إليه‪.‬‬
‫‪ )4‬استكمال النق في املعلومات وألافكار والحقائق والتعميمات‪.‬‬
‫‪ )5‬نقل ألافكار من سياقها ألاصلي إلى سياقات جديدة‪.‬‬
‫‪ )6‬تفنيد ما هو قائم من نظريات أو مفاهيم أو ممارســات تطبيقية عن طريق الدراســات‬
‫النقدية‪.‬‬
‫‪ )7‬تثبيــم ودعم مــا هو قــائم من نظريــات أو قوانين أو مبــادئ أو ممــارسـ ـ ـ ـ ــات عن طريق‬
‫الدراسات التوكيدية‪.‬‬
‫‪ )8‬إنتاج معرفة جديدة من خالل إدراك ارتباطات جديدة وحلول أصيلة للمشكالت‪.‬‬
‫‪ )9‬توضيح املفاهيم والنظريات الغامضة‪.‬‬
‫‪ )10‬تطوير تطبيقات س ـ ـ ــتفيد منها إلانس ـ ـ ــان في حل مش ـ ـ ــكالت س ـ ـ ــلوكية قائمة‪( .‬حامد‬
‫عمار‪ ،‬الباحث املصري)‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫‪640‬‬
‫تاسعا ‪ :‬مالحظتان حول تنظيم تقرير البحث النفس ي‬

‫إن استعمال العقل‪ ،‬ال بد منه في كل ألاعمال‪ ،‬ولدم كل البشر‪ ،‬لكنه بالنسبة للباحثين‬
‫ألاكاديميين‪ ،‬ال غ ى عنه أبدا‪ ،‬ألن البحث ألاكاديمي يقوم‪ ،‬في الكثير منه‪ ،‬على الجهد العقلي‪.‬‬
‫والعقل عامل أساس ي في كل نجاح وتفوق وتطور‪ ،‬فالذين نجحوا وتفوقوا وتطوروا‪ ،‬كانوا‬
‫ستعملون عقولهم إلى أق ى حد‪ ،‬وأقصد هنا العقل الناقد‪ .‬إن الذين ستعملون عقولهم‪،‬‬
‫بطريقة نقدية‪ ،‬يتحررون‪ ،‬ويتخلصون من التبعية لعقول الغير‪ ،‬ستقلون بتفكيرهم‪،‬‬
‫فيبدعون ويجددون‪ .‬أما الذين ال ستعملون عقولهم‪ ،‬بطريقة نقدية‪ ،‬ال ينجحون وال‬
‫يتفوقون وال يتطورون‪ ،‬وال ستقلون بتفكيرهم‪ ،‬ويبقون دائما تابعين ملا تنتجه عقول غيرهم‪،‬‬
‫غيرون وال ّ‬ ‫ّ‬
‫مقلدين لهم‪ ،‬ال ّ‬
‫يجددون‪.‬‬
‫إن الذي يالحظ‪ ،‬أن الكثير من باحثينا‪ ،‬يقلدون ما وجدوت سابقا‪ ،‬من طرق تنظيم املادة‬
‫العلمية للبحث‪ ،‬ويجمدون عندها‪ ،‬وال يقومون بفحصها ونقدها‪ ،‬ومعرفة مدم مالءمتها‪ ،‬أو‬
‫مدم ضرورة تغييرها وتعديلها‪ .‬ففي حدود اطالعي‪ ،‬أن كل أو معظم البحوث ألاكاديمية‪ ،‬في‬
‫علم النفس‪ ،‬في الجامعات الوطنية‪ ،‬شرقا وغربا‪ ،‬تنجي بنفس التنظيم‪ ،‬ولم يحدث‪ ،‬في أغلب‬
‫الحاالت‪ ،‬أن استعمل باحث عقله‪ ،‬بطريقة نقدية‪ ،‬للحكم على طرق تنظيم املادة العلمية‬
‫فغير ف ها ّ‬
‫وعدل‪ ،‬ال أحد‪ ،‬في‬ ‫للبحث‪ ،‬هل هي مالئمة أم غير مالئمة مع نسق مضمون البحث‪ّ ،‬‬
‫معظم الحاالت‪ .‬وأريد أن أاير هنا قضيتين تتعلقان بتنظيم املادة العلمية للبحث‪ ،‬هما ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ أهدال البحث وأهميته ومشكلته وفروضه‬


‫والتعريفات إلاجرائية ملفاهيمه‪.‬‬
‫ّ‬
‫تنجي البحوث النفسية امليدانية‪ ،‬وفق إجراءين تحكميين (يتحكم ف هما الباحث)؛ منهجي‬
‫وتنظيمي‪ .‬يتعلق إلاجراء املنهجي بخمسة عناصر‪ ،‬هي ‪ )1 :‬منهج البحث‪ )2 ،‬طريقة املعاينة‪،‬‬
‫‪ )3‬أدوات القياس أو جمع البيانات‪ )4 ،‬طرق تطبيق أدوات القياس أو جمع البيانات‪،‬‬
‫ّ‬
‫وتصحيحها‪ )5 ،‬ألاسلوب إلاحصا ي املالئم ملعالجة البيانات‪ .‬أما إلاجراء التحكمي آلاخر‪ ،‬فهو‬
‫تنظيمي‪ ،‬أي تنظيم محتوم املادة العلمية‪ ،‬بوضع كل فصل أو جيء من فصل في مكان مالئم‪،‬‬
‫في تقرير البحث‪ .‬وكال الجانبان التحكميان لهما دور هام في جودة البحث وفي رداءته‪ .‬ورغم‬
‫أن الجانب التنظيمي ال يؤار كثيرا في صحة أو في خط نتائج البحث‪ ،‬إال أن كتابة فصل أو‬

‫‪641‬‬
‫أجياء من فصل من البحث في أماكن غير مالئمة‪ ،‬من حيث التقديم والت خير‪ ،‬تجعل نسق‬
‫البحث ّ‬
‫مشوها‪.‬‬
‫وأاير الانتبات هنا‪ ،‬إلى هذت القضية‪ ،‬ألن هناك من الباحثين‪ ،‬من يرم أن الجوانب‬
‫التنظيمية للبحث‪ ،‬ال أهمية لها في عملية الحكم على جودة البحث أو رداءته‪ .‬لكن إتباع منهج‬
‫بحث علمي مالئم‪ ،‬ليس وحدت‪ ،‬الذي يجعل البحث جيدا‪ ،‬بل تنظيم املحتوم العلمي في تقرير‬
‫البحث‪ ،‬كذلك‪ ،‬له دور واضح في ذلك‪ .‬وأذهب مباشرة إلى القضية التي أقصدها‪.‬‬
‫هناك ستة عناوين فرعية‪ ،‬ينبغي أن تكتب مع بعضها متتابعة كما ي تي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أهدال البحث‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أهمية البحث‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ مشكلة البحث‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أسئلة البحث‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ فروض البحث‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ التعريفات إلاجرائية ملفاهيم البحث‪.‬‬
‫هذت العناوين الفرعية الستة‪ ،‬يكتبها كل الباحثين‪ ،‬أو معظمهم‪ ،‬في الفصل ألاول من‬
‫تقرير البحث‪ ،‬بعد املقدمة مباشرة‪ ،‬وتسبق الفصول النظرية للبحث‪ ،‬إال أنه عند إمعان‬
‫التفكير في هذت العناوين الفرعية الستة‪ ،‬يتبين أنها تتعلق بالجانب امليداني من البحث‪،‬‬
‫وليسم لها أية عالقة بجانبه النظري‪ ،‬ألنه عند قراءة مضمون كل عنوان فرعي‪ ،‬منها‪ ،‬يتبين‬
‫ما يلي ‪ :‬بالنسبة لألهدال وألاهمية‪ ،‬تشير إلى ما سهى الجانب امليداني من البحث إلى‬
‫تحقيقه‪ ،‬وبالنسبة للمشكلة وألاسئلة والفروض‪ ،‬تشير إلى ما يبحثه الجانب امليداني من‬
‫البحث‪ ،‬وبالنسبة لتعريفات املفاهيم إجرائيا‪ ،‬تشير إلى كيفية التعرل على املفاهيم املجردة‬
‫في البحث امليداني‪ .‬إذن‪ ،‬تقوم هذت العناوين الفرعية الستة بدور توجيهي جراءات البحث‬
‫امليداني‪ ،‬فلماذا تكتب إذن‪ ،‬في بداية الجانب النظري من البحث‪( ،‬وتكتب في ذلك الفصل‬
‫التعس‪ ،‬الذي ال هوية له‪ ،‬بل له هويات عديدة‪ ،‬فكل باحث يطلق عليه اسما مختلفا‪ ،‬رغم‬
‫أن محتوات دائما واحد)‪ ،‬واملكان املالئم والصحيح لكتابة تلك العناوين الفرعية الستة‪ ،‬هو‬
‫بعد الانتهاء من فصول الجانب النظري‪ ،‬لتجعل الباحث يتهي للقيام با جراءات املنهجية‬
‫املالئمة للبحث امليداني‪ ،‬وفق ما تشير إليه مضامين العناوين الفرعية الستة‪ ،‬ولهذا تكتب في‬
‫مكان قريب منه‪ ،‬وتعت ر افتتاحية له‪ ،‬كما تجعل القارئ يتهي ملعرفة النتائج التي سول سفر‬
‫عنها البحث امليداني‪ .‬لذا‪ ،‬يكون مالئما كتابتها في فصل مستقل‪ ،‬يطلق عليه ‪ :‬أهدال البحث‬

‫‪642‬‬
‫ومشكلته وفروضه وتعريف مفاهيمه إجرائيا‪ ،‬ويكون مختصرا‪ ،‬ودقيقا فيما عرضه من‬
‫معلومات‪ ،‬وي تي بعدت مباشرة الفصل الذي يتضمن ‪ :‬إجراءات البحث امليداني‪.‬‬
‫ويكون تنظيم البحث‪ ،‬وفقا هذا‪ ،‬كما ي تي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ املقدمة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فصول خاصة باملعلومات النظرية ملتغيرات البحث (حسب عددها ومحتوياتها)‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ فصل خا ب هدال البحث ومشكلته وفروضه وتعريفات مفاهيمه إجرائيا‪.‬‬
‫‪ .1‬أهدال البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬أهمية البحث‪.‬‬
‫‪ .3‬مشكلة البحث‪.‬‬
‫‪ .4‬أسئلة البحث‪.‬‬
‫‪ .5‬فروض البحث‪.‬‬
‫‪ .6‬التعريفات إلاجرائية ملفاهيم البحث‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ فصل خا با جراءات امليدانية للبحث‪.‬‬
‫‪ .1‬منهج البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬املعاينة (طريقة سحب العينة)‪.‬‬
‫‪ .3‬أدوات القياس وجمع البيانات‪.‬‬
‫‪ .4‬طرق تطبيق أدوات القياس وجمع البيانات وتصحيحها‪.‬‬
‫‪ .5‬ألاساليب إلاحصائية ملعالجة البيانات‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ فصل خا بعرض النتائج ومناقشتها‪.‬‬
‫ـ املراجع‪.‬‬
‫ـ املالحق‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الفصل ألاول "إلاطار العام للبحث"‬


‫وبالعودة إلى الفصل ألاول‪ ،‬للعديد من البحوث الجامعية‪ ،‬الذي أطلقم عليه‪( ،‬الفصل‬
‫التعس‪ ،‬الذي ال هوية له‪ ،‬بل له هويات عديدة‪ ،‬فكل باحث يطلق عليه اسما مختلفا‪ ،‬رغم‬
‫أن مضمونه دائما واحد)‪ ،‬نالحظ أنه من ألاسماء التي تطلق عليه ‪" :‬إلاطار العام للبحث"‪.‬‬
‫وتكتب ضمنه العناوين الفرعية الستة‪ ،‬التي أشرت إل ها سابقا‪ ،‬كما تكتب ضمنه نتائج‬
‫الدراسات السابقة‪ .‬ولكن‪ ،‬عند إمعان التفكير قليال‪ ،‬يتبين أن تلك العناوين الفرعية الستة‬

‫‪643‬‬
‫ليسم إطارا عاما للبحث‪ ،‬أبدا‪ ،‬بل إطارا خاصا له‪ ،‬ألنها تتعلق كلها بالبحث الحالي‪ ،‬وال‬
‫تتعلق ب ي بحث آخر‪ ،‬وهذا الذي ينبغي فهمه واستيعابه من قبل باحثينا‪ ،‬أي أنها تشير إلى‬
‫خصوصية البحث‪ ،‬وتميزت عن غيرت من البحوث ألاخرم‪ ،‬وال يوجد في الحقيقة إطار عام ألي‬
‫بحث‪ ،‬في أي محتوم من محتوياته‪ ،‬فكل ما فيه خا ؛ العنوان خا ‪ ،‬ألاهدال خاصة‪،‬‬
‫وألاهمية خاصة‪ ،‬واملشكلة خاصة‪ ،‬وألاسئلة خاصة‪ ،‬والفروض خاصة‪ ،‬والتعريفات إلاجرائية‬
‫ملفاهيمه خاصة‪ ،‬وإلاجراءات املنهجية خاصة‪ ،‬والنتائج التي سيسفر عنها خاصة به‪ ،‬كذلك‪.‬‬
‫أدعو الباحثيـن إلى استعمال عقولهم‪ ،‬بطريقة نقدية‪ ،‬لكل فكرة أو معلومة أو طريقة‪،‬‬
‫تصل إلى خ راتهم‪ ،‬وفحصها جيدا‪ ،‬واختيار ألاسلوب املالئم للتعامل معها في تقرير البحث‪ ،‬وال‬
‫ّ‬
‫مقلدين لغيرهم‪ ،‬تابعين لهم‪ ،‬ال ينتقدون وال غيرون‬ ‫يكونون جامدين في تفكيرهم‪ ،‬سلبيين‪ِ ،‬‬
‫وال يجددون‪.‬‬
‫وهــناك أيــضا قض ـيــة كــتابــة نــتائــج الدراســات الســاب ـقــة‪ ،‬التي ت ـك ـتــب معيولة في جيء من‬
‫الفصل ألاول‪ ،‬بطريقة سيئة تماما‪.‬‬

‫مالحظة أخرم‪.‬‬
‫تنقصنا اقافة البحث العلمي‪ ،‬كما ينقصنا تماما إلاملام بمناهجه‪ .‬إننا ال نتحدث بلغة‬
‫الباحثين ألاكاديميين املتخصصين‪ ،‬بل نتحدث بلغة عامة الناس‪ ،‬عندما يقول أحدنا‪ ،‬وهو‬
‫يصف جودة بحثه‪ ،‬أو جودة بحث لشخ آخر ‪( :‬إنه يتوفر على معايير عاملية)‪ ،‬هذا ليس‬
‫كالم باحث أكاديمي متخص ‪ .‬ألنه ليس للبحث العلمي معايير عاملية ومعايير محلية أو غير‬
‫عاملية‪ ،‬وال نعرل ما هي هذت املعايير العاملية‪ ،‬وال يوصف البحث العلمي بهذت الصفة‪،‬‬
‫فا جراءات املنهجية كلها واحدة‪ ،‬ويتبعها جميع الباحثين في كل جامعات الدنيا‪ ،‬سواء في‬
‫أرقى الجامعات علميا‪ ،‬أم في التي توجد في املستوم ألادن ‪ .‬والبحث ذو الجودة العالية‪ ،‬هو‬
‫البحث الذي اتبع إلاجراءات املنهجية املتعارل عل ها بين العلماء‪ ،‬سواء تم إنجا البحث في‬
‫جامعات الغرب أم في الشرق أم في الشمال أم في الجنوب‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫عاشرا ‪ :‬مناقشة النتائج وتفسيرها‬

‫هناك من اتخذ ألاكاديمية مهنة له‪ ،‬وأقصد ألاســاتــذة الباحثيـن فـي الجامـ ـ ـعات‪ ،‬ومن‬

‫‪644‬‬
‫الواجب على من اختار هذت املهنة العلمية أن يؤدي مطالبها وواجباتها‪ ،‬وهو احترام أصولها‬
‫من خالل التمكن في فنون البحث‪ ،‬من مناهج البحث العلمي‪ ،‬والقياس النفس ي‪ ،‬وإلاحصاء‪،‬‬
‫ألنه "ال علم دون منهج علمي"‪ ،‬وأال يخوض غمار هذا الصرح إال من خالل ذلك التمكن‪ ،‬وإذا‬
‫ّ‬
‫خاضه أن يكون ذلك بوضوح تام‪ ،‬علم به من يجهله‪ ،‬وال يقول كالما ليس وااقا منه‪،‬‬
‫وغامضا‪ ،‬هو نفسه ال عرل معنات‪ ،‬فيقدم معلومات تشوم على الطلبة تفكيرهم‪ ،‬وتجعلهم‬
‫يتوقفون في نصف الطريق‪ ،‬حائرين‪ ،‬ال يتقدمون وال يت خرون‪ ،‬وتراهم يلتفتون يمينا و سارا‪،‬‬
‫عس ى أن يجدوا من يدلهم على املنهج الصحيح‪ .‬وتقع هذت الحوادث‪ ،‬أو "الفتاوي" في‬
‫موضوعات شتى من فنون البحث النفس ي‪ ،‬وهذت املرة جاءت الفتوم حول مناقشة النتائج‬
‫أحدهم‪ ،‬أمام الطلبة‪ ،‬بمعلومة‪ ،‬مضمونها كما يلي ‪ :‬ظهرت طريقة أو طرق‬ ‫وتفسيرها‪ .‬أدلى ُ‬
‫حديثة ملناقشة النتائج وتفسيرها‪ .‬وعندما س ل طالب أو طلبة‪ ،‬أن شرح لهم هذت الطريقة‬
‫أو الطرق الحديثة ملناقشة النتائج وتفسيرها‪ ،‬أو أين يجدون املرجع الذي يتحدث عنها‪ ،‬الذ‬
‫بالصمم‪ ،‬وتركهم في حيرة‪.‬‬
‫ينتهي البحث امليداني في علم النفس‪ ،‬عادة‪ ،‬بفصل أو بعنوان فرعي‪ ،‬وذاك حسب حجم‬
‫البحث‪ ،‬يتضمن مناقشة النتائج أو تفسير النتائج‪ ،‬وتقوم هذت العملية على نوع املنهج الذي‬
‫اتبعه الباحث‪ .‬وتصنف مناهج البحث النفس ي إلى فئتين‪ ،‬هما ‪ :‬الفئة ألاولى تضم املناهج‬
‫التفسيرية‪ ،‬أما الفئة الثانية فتضم املناهج الاستكشافية‪ ،‬وتشمل املناهج التفسيرية املنهج‬
‫التجريبي وشبه التجريبي‪ ،‬سواء لبحث املجموعات أم لبحث الفرد الواحد‪ ،‬بينما تشمل‬
‫املناهج الاستكشافية املنهج العلي‪ /‬املقارن واملنهج الارتباطي‪ ،‬ودراسة الحالة واملنهج املسحي‬
‫واملنهج التاريخي والنوعي‪.‬‬
‫وبالنسبة للمناهج التفسيرية‪ ،‬ال يكون الباحث ف ها مطالبا ببذل الجهد لتفسير النتائج‬
‫في نهاية البحث‪ ،‬بل يكون مطالبا قبل ذلك‪ ،‬ببذل الجهد عداد تصميم تجريبي قوي‪ ،‬يراعي‬
‫فيه إلاملام الجيد بالشروط الثالاة للمنهج التجريبي‪ ،‬وإعداد عملية تنفيذ التجربة بطريقة‬
‫جيدة كذلك‪ ،‬هي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الضبط التجريبي‪ ،‬بتعيين املتغير املستقل واملتغير التابع‪ ،‬وتوفير شروط الصدق‬
‫الداخلي للتجربة‪ ،‬ويتم كذلك تعيين املتغيرات الدخيلة‪ ،‬املشوشة على الضبط التجريبي‪،‬‬
‫وكيفية عيلها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 2‬ـ املعالجة التجريبية التي عين ف ها التصميم التجريبي املناسب‪ ،‬وفق عدد املجموعات‪،‬‬
‫وف ها يتم تنشيط أو تفعيل املتغير املستقل للت اير في املتغير التابع‪.‬‬

‫‪645‬‬
‫‪ 3‬ـ إمكان قياس أار املتغير املستقل في املتغير التابع‪ ،‬وهي النتيجة التي تسفر عنها التجربة‪.‬‬
‫ومن خالل هذا التمكن التجريبي‪ ،‬يكون الباحث وااقا ب ن املتغير املستقل "س" فقط‪،‬‬
‫هو السبب في حدوث املتغير التابع " "‪ ،‬أو أن املتغير املستقل "س" ليس سببا في املتغير‬
‫التابع " "‪ ،‬وال ش يء غير ذلك‪ ،‬ويدمج نتائج البحث في نظرية البحث وفي نتائج البحوث‬
‫السابقة ألاخرم املماالة‪ ،‬التي تم التحقق من صحتها وصدقها‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمناهج الاستكشافية‪( ،‬ال تكون التصميمات ف ها بنفس الصرامة كما في‬
‫املنهج التجريبي)‪ ،‬وتسم استكشافية‪ ،‬ألنها تعت ر مناهج تمهيدية وإعدادية للبحوث‬
‫التجريبية‪ ،‬التي تعت ر محل اقة للتعرل على أسباب حدوث الظواهر‪ .‬وفي املناهج‬
‫الاستكشافية‪ ،‬يجد الباحث نفسه أنه مطالب ببذل جهد علمي‪ ،‬لتقديم تفسير مقبول إلى‬
‫حد كبير لنتائج البحث‪.‬‬
‫وهنا‪ ،‬س ل بعض الباحثين عن كيفية إنجا عملية مناقشة النتائج وتفسيرها ؟‬
‫تشمل مناقشة النتائج أربعة مراحل متتابعة‪ ،‬دون وضع عناوين فرعية لها‪.‬‬
‫يبدأ الباحث عملية مناقشة النتائج با شارة إلى النتائج إلاحصائية‪ ،‬سواء كانم فروقا‬
‫أم ارتباطات‪ ،‬أم تفاعالت‪ ،‬أم انحدارات وغيرها‪.‬‬
‫ام يناقشها مع نتائج البحوث السابقة‪ ،‬في نفس موضوع البحث‪ ،‬التي تتفق معها‪ ،‬وكذلك‬
‫نتائج البحوث السابقة التي لم تتفق معها‪ ،‬ويذكر العوامل التي جعلم نتائج بحثه تتفق مع‬
‫نتائج البحوث السابقة‪ ،‬والعوامل التي جعلم نتائج بحثه ال تتفق مع نتائج البحوث السابقة‪.‬‬
‫إن هذا الذي قيل في املرحلتين‪ ،‬هو مناقشة النتائج‪.‬‬
‫أما تفسيرها فيذكر فيه الباحث النظرية أو ألافكار النظرية التي بحث في إطارها‪ ،‬وجاءت‬
‫نتائج بحثه تتفق مع تذهب إليه هذت النظرية أو ألافكار النظرية التي تدعم نتائج بحثه‪.‬‬
‫ام ينهي هذت العملية بتفسيرات من اجتهادت‪ ،‬ولكنها تكون وفق طبيعة متغيرات البحث‪،‬‬
‫أو وفق خصائ العينة‪ ،‬أو وفق اقافة املجتمع‪ ،‬أو وفق هذت ألامور كلها‪ ،‬وعوامل أخرم‬
‫تكون لها عالقة بموضوع البحث‪ ،‬وهنا تظهر إمكانات الباحث العلمية‪ ،‬ومدم تمكنه واطالعه‬
‫الشامل على إلاطار النظري للبحث‪ ،‬من مفاهيم ونظريات ونتائج دراسات سابقة‪ ،‬وربما‬
‫تخصصات علمية أخرم‪ ،‬وهذت الاجتهادات‪ ،‬التي يقدمها الباحث لتفسير النتائج‪ ،‬يظهر بعضها‬
‫كفرضيات‪ ،‬يمكن تناولها في بحوث قادمة‪ ،‬مما يجعل عملية البحث في نفس املوضوع‪،‬‬
‫تستمر‪ ،‬فتنمو املعرفة العلمية‪.‬‬
‫(وتجنبا للتكرار‪ ،‬أدعـ ـ ـو القارئ الك ـ ـريم‪ ،‬أن ع ـود إلـ الفصل التاسع من هذا الك ـتاب‪،‬‬

‫‪646‬‬
‫ّ‬
‫ليطلع على تفاصيل أكثر حول تفسير النتائج في املنهج العلي‪ /‬املقارن)‪.‬‬
‫وينبغي الت كيد هنا‪ ،‬على أن املعرفة العلمية نسبية وغير يقينية‪ ،‬فهي قابلة باستمرار إلى‬
‫الت كيد وإلااراء وإلاضافة والتعديل والتصحيح‪.‬‬
‫وينهي الباحث مناقشة النتائج التفصيلية بمناقشة عامة‪ ،‬يذكر ف ها خالصتين؛ ألاولى‬
‫تتعلق بمكانة نتائج بحثه بالنسبة لنتائج البحوث السابقة‪ ،‬فيذكر إلاسهامات التي أضافها‬
‫بحثه‪ .‬الخالصة الثانية‪ ،‬وتتعلق بالبحوث التي يدعو إلى إجرائها مستقبال‪ ،‬وتتعلق ببعض‬
‫الجوانب التي لم ستطع تناولها في بحثه‪ ،‬من أجل استكمال الفهم ملوضوع البحث وإلاحاطة‬
‫به علميا‪.‬‬
‫وهكذا يرجع البحث بنتائجه إلى ما سبقه من بحوث فتدمج ف ها‪ ،‬وبذلك تتراكم املعرفة‬
‫العلمية وتنمو‪ ،‬ويمتد إلى املستقبل باقتراح بحوث أخرم‪ ،‬في نفس املوضوع‪ ،‬تجعل البحث‬
‫العلمي ستمر‪ ،‬فتنمو املعرفة العلمية كذلك‪ .‬ولكن باحثينا ينهون بحوثهم بقوائم من‬
‫التوصيات والاقتراحات‪ ،‬ك نها لوائح بمطالب نقابية‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬تنقصنا اقافة البحث العلمي‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫حادي عشر ‪ :‬إدراج فصل حول مرض بدني في بحث نفس ي‬

‫في بحوث علم النفس‪ ،‬التي تجرم على عينات من ذوي ألامراض الجسدية امليمنة؛‬
‫كالسكري أو السرطان أو ضغط الدم‪ ،‬وغيرها‪ ،‬مثل العنوان التالي ‪" :‬استراتيجيات التعامل‬
‫مع الضغوط النفسية لدم مرض ى السكري"‪ ،‬يدرج الباحثون‪ ،‬وخاصة في أطروحات‬
‫الدكتورات‪ ،‬بإ عا من ألاساتذة املشرفين‪ ،‬فصال‪ ،‬في إلاطار النظري حول ‪ :‬مرض السكري‪،‬‬
‫وهذا عمل غير سليم‪ ،‬ألن البحث في هويته يدرج ضمن تخص علم النفس‪ ،‬والسكري ليس‬
‫متغيرا في علم النفس‪ ،‬بل مرضا جسديا‪ ،‬ينتمي إلى تخص الطب‪ ،‬وإقحامه في بحث نفس ي‬
‫يجعل البحث يفقد هويته‪ ،‬بصفته بحثا في تخص علم النفس‪ ،‬كما يصير مشوها له‪ ،‬وال‬
‫فائدة منه‪ ،‬وال يوجد أي م رر دراج متغير غير نفس ي ضمن فصل في إلاطار النظري‪ ،‬بهذت‬
‫الطريقة‪ ،‬إال ضيق في إلادراك لدم الباحثين في علم النفس‪ ،‬لحدود تخصصهم‪ ،‬ولثقافة‬
‫البحث النفس ي‪ ،‬وملناهجه‪ ،‬أما إذا كان البحث يدرج ضمن البحث في تخص ‪ :‬علم النفس‬
‫الطبي‪ ،‬فهذا ش ن آخر‪،‬‬

‫‪647‬‬
‫ومن الضروري معرفة أن املتخص في علم النفس‪ ،‬ليس مؤهال أن يكتب فصال عن‬
‫مرض جسدي‪ ،‬من الناحية الطبية‪ ،‬فهو لم يتدرب على هذا‪.‬‬
‫وحتى لو كان البحث في علم نفس الصحة‪ ،‬فليس سليما أن يكتب الباحث فصال عن‬
‫مرض كما يتناوله الطب‪ .‬وما الفائدة‪ ،‬إن املطلوب في علم نفس الصحة‪ ،‬والتخص فيه‪،‬‬
‫هو البحث عن دور املتغيرات النفسية والاجتماعية والسلوكية والغذائية والعالجية‪ ،‬ونمط‬
‫الحياة‪ ،‬واملعتقدات الصحية‪ ،‬بصفتها سلوكا بشريا‪ ،‬تبين أن لها ت ايرا على الصحة‪.‬‬
‫وحتـ فـي مجال تدر س موضوعات علم نفس الصحة‪ ،‬ما الفائدة بالنسبة للمتخص‬
‫فيه‪ ،‬أن عرل الكثير عن ألاورام السرطانية ؟ مثال‪ ،‬فهو ال يتعامل معها أبدا‪ ،‬سواء من‬
‫جانب تشخيصها أم من جانب عالجها‪.‬‬
‫إن املفيد‪ ،‬بالنسبة للمتخص في علم نفس الصحة‪ ،‬أن عرل الكثير عن العوامل‬
‫النفسية والاجتماعية والغذائية والعالجية‪ ،‬ونمط الحياة‪ ،‬واملعتقدات الصحية‪ ،‬كما أشرت‪،‬‬
‫التي تكون سببا في إلاصابة بالسرطان‪ ،‬وهذا ما يجعل منه أخصائيا حقيقيا في علم نفس‬
‫الصحة‪ ،‬أما معرفته لطبيعة ألامراض الجسدية‪ ،‬فال تجعل منه أخصائيا نفسيا ناجحا‪ ،‬فهو‬
‫ال يتولى مهمة العالج الطبي ألمراض بدينة‪ ،‬بل يرشد املرض ى إلى إلاتيان بسلوك معين‪ ،‬ألنه‬
‫مفيد لترقية الصحية‪ ،‬ويرشدهم إلى تجنب سلوك معين ألنه يهدم الصحة‪.‬‬
‫إن الهدل من إعداد متخصصين في علم نفس الصحة‪ ،‬ليس أن يكونوا متمكنين في‬
‫طب ألامراض امليمنة‪ ،‬فهذا ألامر يتعلق بالدراسات الطبية‪ ،‬بل الهدل هو أن يكونوا مرشدين‬
‫فعالين وناجحين‪ ،‬فيعلموا الناس (املرض ى وألاصحاء)‪ ،‬كيف يتعرفون على السلوك املعي‬
‫للصحة‪ ،‬ويمارسونه‪ ،‬وكيف يتعرفون على السلوك الهادم للصحة‪ ،‬ويتجنبونه‪ .‬من خالل‬
‫تغيير أنماط حياتهم‪ ،‬وتعديل معتقداتهم الصحية‪.‬‬
‫أما الطريقة السليمة في الحديث عن مرض بدني ميمن في بحث نفس ي‪ ،‬هي أن يتحدث‬
‫الباحث عن املرض البدني امليمن (السكري‪ ،‬مثال)‪ ،‬في مكانين من تقرير البحث (أطروحة‬
‫الدكتورات)؛ املكان ألاول‪ ،‬إذا كانم هناك دراسات سابقة تحدام عن املتغير الطبي‪ ،‬وكيف‬
‫تم بحثه مع متغيرات نفسية أو اجتماعية أو غذائية‪ ،‬معتقدات صحية وغيرها‪ ،‬وما النتائج‬
‫التي تم التوصل إل ها‪ .‬أما املكان الثاني‪ ،‬عند الحديث عن عينة البحث وخصائصها‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫‪648‬‬
‫ااني عشر ‪ :‬مالحظات على مناقشة بحث جامهي للحصول‬
‫على درجة دكتورات علوم‬

‫عنوان ألاطروحة‬

‫"أنماط السيادة النصفية للمخ ودرجات الفقدان السمهي‬


‫ومهارات الكتابة (الخط‪ ،‬إلامالء‪ ،‬التعبير الكتابي)‬
‫دراسة ميدانية مقارنة على ّ‬
‫املعوقين سمعيا والعاديين"‪.‬‬
‫تخص علم النفس املعرفي‪.‬‬

‫أاار أعضاء اللجنة املمتحنين مالحظات حول منهج إنجا ألاطروحة‪ ،‬وكذلك‪ ،‬حول طريقة‬
‫كتابة تقرير البحث‪ .‬وبصفتـي ألاستاذ الـمشرل على ألاطــروحــة‪ ،‬أريد أن أرد بمــالحــظات أخرم‬
‫عل ها‪.‬‬

‫املالحظة ألاولى‪ .‬بالنسبة لعنوان ألاطروحة‪.‬‬


‫قال أعضاء اللجنة املمتحنين‪ .‬إن العنوان يتضمن متغيرات‪ ،‬لكن ال تظهر املتغيرات‬
‫املستقلة واملتغيرات التابعة‪ ،‬وال يوجد ما يربط بينها‪ ،‬مثل ‪ :‬كلمة عالقة‪ ،‬أو كلمة أار‪.‬‬
‫وردي على هذت املالحظة هو كما يلي ‪:‬‬
‫ـ إن املتغيرات املستقلة واملتغيرات التابعة‪ ،‬ليس بالضرورة أن تظهر في العنوان‪ ،‬ألن‬
‫تصميم البحث هو الذي يتناولها ويبين طريقة بحثها‪.‬‬
‫ـ أما كلمة عالقة التي تستعمل كثيرا وبشكل مبالغ فيه في عناوين البحوث‪ ،‬كثيرا ما تكون‬
‫مضللة لنوع العالقة التي يقصدها الباحث‪ .‬ألن هناك عالقة ارتباطية‪ ،‬عالقة سببية‪ ،‬عالقة‬
‫تفاعلية‪ ،‬عالقة ضمنية وغيرها‪ .‬كما أن الباحثة لم تتناول في تصميم البحث أية عالقة‪ ،‬بل‬
‫تناولم الفروق فقط‪.‬‬
‫أما كلمة أار‪ ،‬فهي من الكلمات التي يدعو علماء املنهجية إلى تجنبها تماما في عناوين‬
‫البحوث‪ ،‬ألنه ال يمكن تحديد أار متغير في متغير آخر‪ ،‬ب ي طريقة من الطرق خارج املنهج‬
‫التجريبي‪ ،‬املضبوط تماما‪ .‬ولكن يمكن معرفة ألاار‪ ،‬الذي يكون دائما نسبيا‪ ،‬ب سلوب‬
‫املقارنة‪ .‬أي املقارنة بين العينات في متغير البحث‪.‬‬

‫‪649‬‬
‫املالحظة الثانية‪ .‬بالنسبة ملكان كتابة مشكلة البحث والفرضيات في تقرير‬
‫البحث‪.‬‬
‫أبدم املمتحنون استغرابا واضحا لكتابة الباحثة ملشكلة البحث والفرضيات في الفصل‬
‫الرابع‪ ،‬من ألاطروحة‪ ،‬وليس في الفصل ألاول‪ ،‬كما هو شا ع‪ ،‬حسب آرائهم‪.‬‬
‫والرد على هذت املالحظة هو كما يلي ‪:‬‬
‫من الضروري أن نفرق بين مصطلحين هما ‪ :‬منهج البحث‪ ،‬وتنظيم تقرير البحث‪،‬‬
‫‪ -‬إن منهج البحث كما نعرفه ضمن مناهج البحث في علم النفس‪ ،‬وهي ‪ :‬املنهج التجريبي‬
‫ّ‬
‫وشبه التجريبي والعلي‪ /‬املقارن والارتباطي والتاريخي والنوعي وغيرها‪ ،‬وبين تنظيم تقرير‬
‫البحث‪.‬‬
‫ففي منهج البحث‪ ،‬يتضمن املنهج في البحوث التجريبية وامليدانية‪ ،‬عدة إجراءات‬
‫ميدانية‪ ،‬من بينها ‪ .1 :‬طريقة جمع البيانات‪ .2 .‬طريقة معالجة البيانات للحصول على‬
‫النتائج‪ .‬و سجل الباحثون هذين العنصرين ضمن فصل أو عنوان فرعي في البحث‪ ،‬سم ‪:‬‬
‫إلاجراءات املنهجية للبحث‪.‬‬
‫‪ -‬أما تقرير البحث‪ ،‬فيتضمن تنظيم محتويات البحث في فصول‪ ،‬كما هو الحال في بحوث‬
‫املاجستير والدكتورات‪ .‬أو في عناوين فرعية أقل من الفصل‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للبحوث‬
‫التي تنجي للترقية وتنشر في مجالت أو دوريات‪ .‬إن النسخة الورقية ألي بحث‪ ،‬التي تتناول‬
‫مضمون البحث من العنوان إلى املراجع هو ما سم تقرير البحث‪ .‬فالباحث ينجي بحثه على‬
‫شكل فصول‪ ،‬ام ينظمها بترتيب معين‪ ،‬ويمسكها معا في سجل واحد‪ ،‬ي تي عادة على شكل‬
‫كتاب‪ ،‬وخاصة في العلوم إلانسانية‪.‬‬
‫يبين‪ ،‬كما قلم‪ ،‬طريقة جمع البيانات وطريقة معالجتها‪ ،‬فإن تقرير‬‫وإذا كان منهج البحث ّ‬
‫البحث يبين محتوم البحث وكيف تم تنظيمه وترتيب فصوله‪.‬‬
‫وإذا كان الباحثون ال يختلفون كثيرا أو ال يختلفون أبدا في مناهج البحث‪ ،‬فهم يختلفون‬
‫كثيرا في طريقة كتابة تقرير البحث‪ ،‬وتنظيم محتوياته في ترتيب معين‪ ،‬ومن املفروض أال‬
‫يهتمون به إطالقا‪.‬‬
‫إن كتابة مشكلة البحث والفرضيات في الفصل ألاول أو في أي فصل آخر في وسط‬
‫البحث‪ ،‬ليسم من قضايا منهج البحث‪ ،‬بل من قضايا وطرق كتابة تقرير البحث‪ ،‬وتنظيم‬
‫محتوياته‪.‬‬
‫وهناك‪ ،‬فيما أعلم‪ ،‬طريقتان لكتابة تقرير البحث‪ .‬أو بعبارة أخرم‪ ،‬مكان كتابة مشكلة‬

‫‪650‬‬
‫البحث والفرضيات ضمن فصول البحث‪.‬‬
‫إحداهما تتبع طريقة جون ديوي في تناول املشكلة وتحليلها والسهي إلى إيجاد حل لها‪.‬‬
‫وتبدأ هذت الطريقة بشعور الباحث بوجود مشكلة‪ .‬واملشكلة في البحث العلمي‪ ،‬هي سؤال‬
‫حول ظاهرة سلوكية ما‪ ،‬ال تتوفر لدم الباحث إجابة عليه قبل إجراء البحث‪ .‬وقبل تحديد‬
‫املشكلة وصياغتها فنيا على شكل سؤال أو أسئلة‪ ،‬يقوم الباحث بتحليلها والتعرل عل ها من‬
‫خالل جمع املعلومات حولها‪ ،‬كالتعريفات والنظريات ونتائج البحوث السابقة‪ .‬وبعد ذلك‬
‫يحددها بشكل واضح ودقيق‪ ،‬ام يقترح حلها من خالل طرح فرضية أو فرضيات‪ .‬وهذت هي‬
‫الطريقة التي اتبعتها الباحثة‪ .‬فبعد املقدمة‪ ،‬استعرضم الجانب النظري الذي تناول‬
‫املتغيرات والنظريات والبحوث السابقة‪ ،‬ضمن االاة فصول‪ ،‬وبعدها اتضحم لها عندئذ‬
‫املشكلة التي ينبغي عل ها بحثها‪ ،‬فتناولتها في الفصل الرابع‪.‬‬
‫ومن مميزات هذت الطريقة‪ ،‬أن كال من املتغيرات والنظريات ونتائج البحوث السابقة‪،‬‬
‫تدمج كلها في عرض نظري واحد‪ .‬فتتفاعل املتغيرات مع النظريات‪ ،‬وتتفاعل النظريات مع‬
‫نتائج البحوث السابقة التي أجريم في إطارها‪ ،‬ويتم تناول كل ذلك ب سلوب نقدي‪ ،‬لتوضيح‬
‫ما الذي تم بحثه في املوضوع وما الذي لم يتم بحثه‪ ،‬وما الذي يبدو واضحا وما الذي ما ال‬
‫يبدو غامضا من موضوع البحث‪ .‬فيمكن عندئذ اكتشال املشكلة محل البحث والتعرل‬
‫عل ها جيدا‪.‬‬
‫أما الطريقة ألاخرم‪ ،‬في كتابة تقرير البحث‪ ،‬فتكتب مشكلة البحث والفرضيات في‬
‫الفصل ألاول‪ ،‬في بحوث املاجستير أو الدكتورات‪ .‬ويطلق على هذا الفصل عدة تسميات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الفصل التمهيدي‪ ،‬مدخل الدراسة‪ ،‬املدخل العام للدراسة‪ ،‬إلاشكالية‪ ،‬وغيرت‪ .‬ويتضمن‬
‫عناوين فرعية متنافرة‪ ،‬ال يكون بينها انسجام ّ‬
‫لتكون فصال‪ .‬وال يتفق الباحثون على العناوين‬
‫الفرعية في هذا الفصل‪ ،‬فكل باحث يكتب ما شاء‪ .‬ويتضمن أهدال البحث‪ ،‬أهمية البحث‪،‬‬
‫مشكلة البحث‪ ،‬فرضيات البحث‪ ،‬البحوث السابقة‪ ،‬املفاهيم‪ .‬والكثير سجل مشكلة البحث‬
‫قبل نتائج البحوث السابقة‪ .‬و ستعرض نتائج البحوث السابقة مستقلة عن املتغيرات وعن‬
‫النظريات‪ ،‬فتوضع البحوث السابقة في جانب من البحث والنظريات في جانب آخر واملتغيرات‬
‫في جانب االث‪ .‬فيتشرذم البحث ويتميق وتتشتم عناصرت‪ .‬مما يفقد الجانب النظري‬
‫الانسجام العضوي بين عناصرت‪ .‬كما يتناولون البحوث السابقة ضمن دراسات عربية‬
‫ودراسات أجنبية‪ .‬وهذا كله ليس من الكتابة ألاكاديمية في ش يء‪ .‬وهنا من الصعب جدا أن‬
‫يتعرل الباحث على املشكلة التي يوجه جهودت كلها إلى تحديدها يجاد حل لها‪.‬‬

‫‪651‬‬
‫تعود أعضاء اللجنة املناقشين على الطريقة الثانية لكتابة الجانب النظري في‬‫وبسبب ّ‬
‫تقرير البحث‪ ،‬وعدم معرفتهم للطريقة ألاولى‪ ،‬انتقدوا طريقة إدماج نتائج البحوث السابقة‬
‫في الجانب النظري وفي مشكلة البحث‪ .‬وتحداوا عنه بكلمة إقحام‪ .‬رغم أنهم أشادوا كثيرا‬
‫با طار النظري‪ ،‬وبالبحث كله‪ ،‬على أنه يرقى إلى مستوم أطروحة الدكتورات‪.‬‬
‫ومن الضروري‪ ،‬أن يطلع الباحثون على كل الطرق التي تنجي وفقا لها تقارير البحوث‬
‫و عرفونها ويتقبلونها وال يرفضونها‪ .‬ويدعى السهي إلى اكتساب املعرفة الواسعة‪ ،‬الانفتاح على‬
‫الخ رة‪ ،‬وهو ضمن العوامل الخمسة الك رم للشخصية‪ ،‬التي قال بها كل من ماك كري‪،‬‬
‫كوستا‪ .‬وهناك أساتذة يرفضون مناقشة بحوث جامعية‪ ،‬ألن تقاريرها كتب بطريقة ال‬
‫عرفونها‪ ،‬أو ال يفضلونها‪.‬‬

‫املالحظة الثالثة‪ .‬بالنسبة لحدود البحث‪.‬‬


‫إن الشا ع في إلاشارة إلى حدود البحث‪ ،‬في بحوث املاجستير والدكتورات‪ .‬هو التركيز فقط‬
‫على اليمن والبشر واملكان‪ .‬ولكن عندما نس ل‪ ،‬ملاذا ينبغي ذكر حدود البحث ؟ تكون إلاجابة‬
‫كما يلي ‪ :‬إنه من أجل التعرل على حدود تعميم نتائج البحث‪ .‬إذن‪ ،‬ينبغي اعتبار ما يلي‪،‬‬
‫كذلك‪ ،‬حدودا للبحث‪ .‬وهي ‪ :‬أدوات جمع املعلومات‪ .‬إلاحصاء‪ .‬املنهج‪ .‬املتغيرات‪ .‬ألاهدال‪،‬‬
‫الفرضيات‪.‬‬

‫املالحظة الرابعة‪ .‬الدراسة الاستطالعية‪.‬‬


‫بسبب النمطية والتبعية في طرق إنجا البحوث الجامعية‪ ،‬صار الكل يرم أنه ال بد من‬
‫القيام بالدراسة الاستطالعية‪ .‬وأقول هنا ‪ :‬إن الباحث الذي ال يجد غموضا في إجراءات‬
‫إنجا بحثه‪ ،‬ال يكون مطالبا بإجراء الدراسة الاستطالعية‪.‬‬

‫املالحظة الخامسة‪ .‬التعريفات إلاجرائية للمتغيرات‪.‬‬


‫تستعمل التعريفات إلاجرائية عندما يكون هناك مفهوم غير قابل للمالحظة املباشرة‪ ،‬في‬
‫البحث امل يداني‪ ،‬واملتغيرات النفسية كلها من هذا النوع‪ .‬وفي البحوث التجريبية وامليدانية‪،‬‬
‫التي تتناول مفاهيم تقاس‪ ،‬ينبغي تعريفها إجرائيا من خالل إجراءات قياسها‪ ،‬وإال كيف‬
‫تبحث وتعالج نتائج قياسها‪.‬‬

‫‪652‬‬
‫املالحظة السادسة‪ .‬خاتمة البحث‪.‬‬
‫هناك إتباع تقليدي‪ ،‬شير إلى أنه عندما يبدأ البحث بمقدمة‪ ،‬ال بد أن ينتهي بخاتمة‪.‬‬
‫ولكن البحوث ألاكاديمية لها تقليد آخر‪ ،‬وهو أن تنتهي بذكر العائد من البحث ويتمثل في‬
‫جانبين هما ‪ .1 :‬إلاضافة التي جاء بها البحث بالنسبة للبحوث السابقة‪ .2 .‬البحوث التي‬
‫ينبغي إجراؤها في املستقبل‪ ،‬في نفس املوضوع لتوضيح جوانبه الغامضة‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫االث عشر ‪ :‬تكد س الصفحة ألاولى للغالل‬

‫إذا كان املنهج العلمي مستقال عن كل ما هو وطنـي وما هو يخصـي‪ ،‬فإن ألادوات أو‬
‫الوسائل التي يظهر بها‪ ،‬ينبغي أن تكون كذلك مستقلة‪ ،‬عن كل ما هو وط ي أو سياس ي أو‬
‫إداري أو يخ ي‪ ،‬وأقصد بذلك‪ ،‬ما يكتب على الصفحة ألاولى لغالل ألاطروحة‪.‬‬
‫إن الرسالة العلمية عندما يتم تجليدها‪ ،‬فإن جامعات العالم‪ ،‬في حدود اطالعي‪ ،‬تكتب‬
‫على الصفحة ألاولى لغالفها ما يلي‪.‬‬
‫اسم الجامعة‬
‫اسم الكلية‬
‫اسم القسم‬
‫عنوان ألاطروحة‬
‫اسم الباحث‬
‫اسم املشرل‬
‫السنة الجامعية‪.‬‬
‫ولكن في جامعاتنا‪ ،‬في حدود اطالعي‪ ،‬يكتبون ما يلي‪.‬‬
‫الجمهورية الجيائرية الديمقراطية الشعبية‬
‫و ارة التعليم العالي والبحث العلمي‬
‫اسم الجامعة‬
‫اسم الكلية‬
‫اسم القسم‬
‫عنوان ألاطروحة‬

‫‪653‬‬
‫اسم الباحث‬
‫اسم املشرل‬
‫أسماء أعضاء اللجنة املمتحنين‬
‫السنة الجامعية‬
‫فت تي الصفحة مكدسة بالكتابة‪ ،‬ك نها أي صفحة من صفحات البحث في الداخل‪ ،‬في‬
‫الوقم الذي ينبغي أن تكون قليلة الكتابة حتى تشير فعال إلى عنوان أطروحة علمية‪ ،‬يتحلى‬
‫بالجمال والجاذبية‪.‬‬
‫إن ألاطروحة وايقة علمية صدرت من مؤسسة علمية هي الجامعة‪ ،‬فلماذا كتابة الاسم‬
‫السياس ي للدولة‪ ،‬وملاذا كتابة اسم الو ارة‪ ،‬التي هي‪ ،‬قسم إداري حكومي يتولى الوصاية على‬
‫قطاع التعليم العالي‪ ،‬وليس مؤسسة علمية‪ .‬وملاذا كتابة قائمة أعضاء اللجنة املمتحنين‪،‬‬
‫يمكن كتابتها في الورقة الثانية بعد الغالل مباشرة‪ .‬ونالحظ أن الاسم السياس ي للدولة واسم‬
‫الو ارة الوصية واسم الجامعة والكلية والقسم‪ ،‬يكتبها الجامعيون عندنا على كثير من‬
‫الواائق‪ ،‬كاالستبيانات التي تجمع بها البيانات في البحوث امليدانية والتجريبية‪ .‬وحدث أن‬
‫شاهدت ميال يكتب طلب غياب‪ ،‬كتب في بدايته الاسم السياس ي للدولة واسم الو ارة واسم‬
‫الجامعة واسم الكلية واسم القسم !‬
‫إننا نمارس كل ش يء بتنميط واحد‪ ،‬إنه ينقصنا التمييز بين ما يالئم وما ال يالئم‪ ،‬وينقصنا‬
‫إدراك خصوصيات ألاشياء‪ ،‬إننا ندرك التشابه والتماال وال ندرك الاختالل والتباين‪ .‬أال يمكن‬
‫أن نتعلم ممارسة ألاشياء بطرق صحيحة ؟!‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫رابع عشر ‪ :‬التوصيات والاقتراحات والخاتمة‬

‫كثيرا ما ينهي الباحثون بحوثهم للماجستير والدكتورات‪ ،‬بالتوصيات والاقتراحات‬


‫والخاتمة‪ ،‬مما شوت هذت البحوث‪ ،‬ويخرجها تماما عن سمات البحث العلمي وخصائصه‪.‬‬
‫فنجد الباحثيـن يكتبون قوائم طويلة من الاقتـراحات والتوص ـيات‪ ،‬ك ن ـها لوائح سياسية أو‬
‫نقابية‪ .‬إن البحث العلمي بعد عرض النتائج ومناقشتها‪ ،‬ينتهي بعنوان فرعي قد يكون فصال‬
‫أو جيءا من فصل‪ ،‬سم ‪ :‬مناقشة عامة‪ ،‬يتضمن جانبين ‪:‬‬

‫‪654‬‬
‫ألاول ‪ :‬مكانة نتائج البحث بالنسبة لنتائج البحوث السابقة‪ ،‬إذا كانم هناك تعديالت أو‬
‫إضافات وغيرت‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬الب ـحــوث الـمقتـرح ــة الس ـت ـك ــمال الدراسة فـي الـمــوض ــوع‪ .‬وال شـيء غيـر ذلك‪ .‬أما‬
‫الاقتراحات والتوصيات‪ ،‬فيمكن تقديمها إذا طلبتها بعض الجهات التي تريد الاستفادة من‬
‫نتائج البحث‪.‬‬
‫أدعو اليمالء الباحثين أن يحترموا خصائ البحث العلمي وطريقة إخراجه في التقارير‬
‫التي يكتبونها في رسائل املاجستير والدكتورات‪.‬‬
‫‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬‬

‫خامس عشر ‪ :‬لغة النشر العلمي‬

‫يتحدث الكثير من الناس‪ ،‬وفق اعتقادهم الخاطئ‪ ،‬ومن بينهم املسؤولين على التربية‬
‫والتعليم على مستوم السلطات العليا‪ ،‬عن دور اللغات ألاجنبية‪ ،‬واللغة إلانجليزية‪ ،‬بصورة‬
‫خاصة‪ ،‬في تحقيق الجودة في البحث العلمي في الجامعات‪ ،‬والتفوق فيه‪ ،‬ويصفون اللغة‬
‫إلانجليزية‪ ،‬ب نها لغة العلم‪ .‬لكن هذا الحكم غير صحيح‪ ،‬وفيما يلي الحكم الصحيح‪ ،‬الذي‬
‫ينبغي اعتمادت‪.‬‬
‫ُْ َ‬
‫إن العلم ليس لغة‪ ،‬وال توجد لغة محددة للعلم‪ ،‬وال توجد لغة تدعى لغة العلم‪ .‬فالعلم‪،‬‬
‫وأي علم‪ ،‬يبدأ بسؤال‪ ،‬أو بمشكلة‪ ،‬في حاجة إلى فهم وإلى تفسير‪ ،‬وإلى حل‪ ،‬فينجي بحث‪،‬‬
‫لهذا الغرض‪ ،‬بمنهج علمي‪ ،‬يبدأ بوضع تفسير أو حل مؤقم للمشكلة‪ ،‬يدعى الفرض‪ ،‬يخضع‬
‫لالختبار بمنهج علمي مناسب‪ ،‬والنتيجة التي يتم التوصل إل ها‪ ،‬هي ما يدعى "العلم"‪ ،‬وما‬
‫سبقها يدعى الطريقة العلمية أو املنهج العلمي‪ ،‬فالعلم إذن‪ ،‬هو تلك النتائج التي تم التوصل‬
‫إل ها‪ ،‬والتحقق منها ب سلوب علمي‪ ،‬مع قابليتها باستمرار للتعرض للنقد‪ ،‬أما تسجيلها والتعبير‬
‫عنها‪ ،‬وإخراجها للعلن‪ ،‬فيتم ب كثر من وسيلة؛ قد تكون هذت الوسيلة ألفاظا‪ ،‬وقد تكون‪،‬‬
‫أشكاال وخرائط‪ ،‬وقد تكون رسومات وجداول‪ ،‬وقد تكون أرقاما ومعادالت رياضية‪ ،‬وقد تكون‬
‫رمو ا‪ ،‬وهذا وفق طبيعة التخص العلمي الذي أجري فيه البحث‪ ،‬وطبيعة ألاسلوب الشا ع‬
‫للتعبير عنه‪ ،‬وقد تكون خليطا من هذت الوسائل جميعها‪ ،‬أما اللغات البشرية التي تنشر بها‬
‫ً‬
‫نتائج البحث العلمي‪ ،‬فهي كثيرة؛ فمنها ما له مساحة قرائية محدودة جدا‪ ،‬ال تتعدم الرقعة‬
‫الجغرافية للبلد الذي أنتج العلم‪ ،‬مثل اللغات ‪ :‬إلايطالية‪ ،‬والتركية‪ ،‬وإلايرانية‪ ،‬واليونانية‬

‫‪655‬‬
‫والكورية واليابانية والصينية والروسية والفيتنامية واملاليزية وغيرها‪ ،‬ولغات أخرم لها‬
‫مساحات واسعة‪ ،‬نسبيا‪ ،‬مثل ‪ :‬اللغة إلاسبانية‪ ،‬واللغة العربية‪ ،‬واللغة الفرنسية‪ ،‬وهناك‬
‫لغة وحيدة لها مساحة الكرة ألارضية كلها‪ ،‬هي اللغة الانجليزية‪ ،‬وهذت اللغة‪ ،‬بالرغم من هذت‬
‫املساحة التي تنتشر ف ها‪ ،‬ال يصح تسميتها بلغة العلم‪ ،‬بل التسمية الواقعية لها هي ‪ :‬لغة‬
‫النشر العلمي‪ ،‬أو اللغة ألاكثر نشرا للعلم‪ ،‬ومن أراد من الباحثين أن تكون له مساحة واسعة‬
‫من القراء ألعماله العلمية‪ ،‬عليه أن ينشرها بهذت اللغة‪ ،‬واللغة الانجليزية‪ ،‬وهي بهذا الاتساع‬
‫والشمولية العاملية‪ ،‬تنشر بها بحوث ذات مستوم جيد‪ ،‬وأعلى من الجيد‪ ،‬وبحوث أقل من‬
‫الجيد‪.‬‬
‫يتبين آلان‪ ،‬أن اللغة إلانجليزية‪ ،‬ال تفسر التباين في التفوق العلمي في الجامعات في‬
‫العالم‪ ،‬بل هي رافد خصب و اخر باملعلومات ذات الطابع العلمي‪ .‬أما التفوق العلمي فله‬
‫شروط أخرم‪ ،‬ليس من بينها اللغة‪ ،‬فالتفوق مستقل عن اللغة‪ ،‬تفوق الكثير من الباحثين‬
‫ّ‬
‫والكتاب في العلم وفي ألادب وحصلوا على جوائي نوبل‪ ،‬وهم في أوطانهم وبلغاتهم الوطنية‪،‬‬
‫ّ‬
‫وفشل آخرون رغم أنهم يتحكمون‪ ،‬بمستوم عال جدا‪ ،‬في مهارات اللغة إلانجليزية‪ .‬تفوق‬
‫نيوتن وغيرت من إلانجليز‪ ،‬ليس باللغة إلانجليزية‪ ،‬بل باللغة الالتينية‪ ،‬وإلايطاليين (جاليليو‬
‫جاليلي)‪ ،‬وألاملان (إمانويل كانط) والفرنسيين (روني ديكارت)‪ ،‬وتفوق إلاغريق بلغتهم‪ ،‬وتفوق‬
‫بافلول بلغته الروسية‪ ،‬ولكن لم يطلع غير الروس على أعماله‪ ،‬إال بعد أن ترجمم إلى اللغة‬
‫إلانجليزية‪ .‬فاللغة إلانجليزية‪ ،‬هي لغة النشر العلمي‪ ،‬وليسم لغة العلم‪.‬‬
‫هذا فيما يتعلق بالنشر العلمي‪ ،‬أما فيما يتعلق بالبحث العلمي‪ ،‬فإن لغة العلم هي‬
‫املفاهيم‪.‬‬
‫تم بعون هللا وتوفيقه‬
‫إلي من خير فقير"‪ .‬القص ‪.24 :‬‬ ‫"فقال رب إني ملا أنيلم ّ‬

‫‪656‬‬
‫قراءات إضافية في مناهج البحث النفس ي‬

‫‪ 1‬ـ كريا الشربي ي‪ ،‬سرية أنور صادق‪ ،‬محمد سالم محمد القرني‪ ،‬السيد خالد املطحنة‬
‫(‪ .)2013‬مناهج البحث في العلوم التربوية والنفسية والاجتماعية‪ .‬الرياض‪ ،‬مكتبة الشقري‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ سناء محمد سليمان (‪ .)2009‬مناهج البحث العلمي في التربية وعلم النفس ومهاراته‬
‫ألاساسية‪ .‬الطبعة ألاولى‪ .‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ صالح مراد‪ ،‬فو ية هادي (‪ .)2002‬طرائق البحث العلمي ـ تصميماتها وإجراءاتها‪ .‬القاهرة‬
‫ـ الكويم‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ طارق عطية عبد الرحمن (‪ .)2013‬دليل تصميم وتنفيذ البحوث في العلوم الاجتماعية ـ‬
‫منهج تطبيقي لبناء املهارات البحثية‪ .‬معهد إلادارة العامة ـ مركو البحوث ـ اململكة العربية‬
‫السعودية‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ عامر قنديلجي‪ ،‬إيمان السامرا ي (‪ .)2008‬البحث العلمي الكمي والنوعي‪ .‬ألاردن ـ عمان‪،‬‬
‫دار اليا وري العلمية للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ عبد الغ ي عماد (‪ .) 2002‬البحث الاجتماعي ‪ :‬منهجيته‪ ،‬مراحله‪ ،‬تقنياته‪ .‬الطبعة ألاولى‪.‬‬
‫منشورات جروس برس ـ طرابلس ـ لبنان‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عبــد الفتــاح محمــد دويــدار (‪ .)1999‬منــاهج البحــث في علم النفس‪ .‬الطبعــة الثــانيــة‪.‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ محمد خليل عباس‪ ،‬محمد بكر نوفل‪ ،‬محمد مصطف العبس ي‪ ،‬فريال محمد أبو عواد‬
‫عمان‪ ،‬دار املسيرة‬ ‫(‪ .)2007‬مدخل إلى مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ .‬الطبعة ألاولى‪ّ .‬‬
‫للنشر والتو ع‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ محمد عبد العال النعيمي‪ ،‬عبد الجبار توفيق البياتي‪ ،‬غا ي جمال خليفة (‪ .)2015‬طرق‬
‫ومناهج البحث العلمي‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬ألاردن ـ عمان‪ ،‬مؤسسة الوراق للنشر والتو ع‪.‬‬

‫‪657‬‬
658
‫مؤلفات ألاستاذ‪ /‬البشير معمرية في علم النفس‬

‫‪ .1‬دراسات وبحوث متخصصة في علم النفس‪ .‬ج‪.)2007( 1‬‬


‫‪ .2‬دراسات وبحوث متخصصة في علم النفس‪ .‬ج‪.)2007( 2‬‬
‫‪ .3‬دراسات وبحوث متخصصة في علم النفس‪ .‬ج‪.)2007( 3‬‬
‫‪ .4‬دراسات وبحوث متخصصة في علم النفس‪ .‬ج‪.)2007( 4‬‬
‫‪ .5‬القياس النفس ي وتصميم أدواته للطالب والباحثين‪.)2007( .‬‬
‫‪ .6‬علم النفس إلايجابي ودراسة الفضائل إلانسانية‪.)2010( .‬‬
‫‪ .7‬علم نفس الذات‪.)2012( .‬‬
‫‪ .8‬السيادة النصفية للمخ والتحكم في السلوك‪.)2012( .‬‬
‫‪ .9‬مصدر الضبط والصحة النفسية‪.)2012( .‬‬
‫‪ .10‬سيكولوجية الدافع إلى إلانجا ‪.)2012( .‬‬
‫‪ .11‬أساسيات القياس النفس ي وتصميم أدواته‪.)2012( .‬‬
‫‪ .12‬علم النفس إلايجابي وقياس متغيراته في املجتمع الجيائري ج‪.)2021( 1‬‬
‫‪ .13‬علم النفس إلايجابي وقياس متغيراته في املجتمع الجيائري ج‪.)2021( 2‬‬
‫‪ .14‬علم النفس إلايجابي وقياس متغيراته في املجتمع الجيائري ج‪.)2021( 3‬‬
‫‪ .15‬بحوث في علم النفس على املجتمع الجيائري ج‪.)2022( 1‬‬
‫‪ .16‬بحوث في علم النفس على املجتمع الجيائري ج‪.)2022( 2‬‬
‫‪ .17‬بحوث في علم النفس على املجتمع الجيائري ج‪.)2022( 3‬‬
‫‪ .18‬الدافع إلى الاستطالع وقياسه لفظيا وشكليا في املجتمع الجيائري‪.)2022( .‬‬
‫‪ .19‬املرجع في القياس النفس ي وتصميم أدواته‪.)2022( .‬‬
‫‪ .20‬املرجع في مناهج البحث النفس ي وإجراءاته امليدانية‪.)2022( .‬‬

‫‪659‬‬

You might also like