You are on page 1of 10

‫وح ـ ــدة‪ :‬عل ـ ـ ـ ــم النـ ــفس المــرضي لل ـ ـ ـ ــراشد‬

‫المستـ ـ ـ ـ ـ ــوى‪ :‬الس ـ ـ ــنة الثــالثة عيــادي‬


‫الموضـ ـ ـ ــوع‪ :‬االضطراب الضاللي(البرانويا)‬
‫المحـ ـ ـ ـ ــاض ـ ــرة رقم‪07 :‬‬
‫إعداد األستـاذ‪ :‬رضوان زقــار‬

‫مــــــــــدخــــــل‬

‫في تقاليــد الطب النفســي الفرنســي‪ ،‬تــدرج البرانويــا والــذهان الهلوســي المــزمن والبرافرينيــا تحت مفهــوم الهـذيانات المزمنـة‪.‬‬
‫تختلف هذه الالضطرابات عن الفورات الهذيانية الحادة في وتيرة التطور التي تأخذ غالبا عدة سنوات‪ ،‬وعن الفصــام بغيــاب التفكــك(‬
‫‪.)Debray, Granger, Azais, 2005, p.109‬‬

‫البرانوي ــا حال ــة مرض ــية ذهاني ــة واض ــطراب وظيفي في الشخص ــية تتم ــيز باألوه ــام واله ــذيان والمعتق ــدات الخاطئ ــة‪ .‬ويعت ــبر‬
‫اض ــطراب البرانوي ــا أح ــد االض ــطرابات الذهاني ــة ال ــتي نج ــد له ــا ع ــدة مص ــطلحات في المراج ــع العربي ــة‪ .‬حيث نج ــد مص ــطلح ال ــزور‪،‬‬
‫واالرتياب والعظام واالضطراب الضاللي‪ ،‬وكلها تشير إلى نفس الجدول العيادي الذي يتسم أساسـا بهــذءات العظمــة أو االضـطهاد أو‬
‫بهما معا‪ .‬ويعتبر مفهوم العظام األكثر شيوعا لدى العلماء‪.‬‬

‫استخدم كربلين الكلمة البرانويا لإلشارة إلى االضطرابات النفسية التي تتميز بأوهام ثابتة ومنظمة‪ .‬ويعتــبر مفهــوم الــزور أو‬
‫الضــالل من البــنى العربيــة المقترحــة كبــديل للبرانويــا وذلــك لداللتــه البالغــة على حقيقــة االضــطراب النفســي وجــوهره أي أن االنســان‬
‫يزور الواقع عن قصد أم ال‪ .‬ففي الهذاء ال تكون هناك قراءة دقيقة للواقع‪ ،‬وإ نما تكون قراءتنا ملونة بعالمنا الداخلي بصورة كبيرة‪.‬‬

‫العظــام اضــطراب غالبــا مــا تحتفــظ الشخصــية فيــه بإمكانياتهــا العقليــة دون تــدهور نــاتج من اســتمرار فــترة االضــطراب رغم‬
‫انتشار الضالالت المنتظمة والثابتة فيه‪ .‬ويالحظ أن محـور تصـرفات المـريض باالضـطراب الضـاللي يـدور حـول ضـالالته وأوهامـه‬
‫هاته‪ ،‬والتي يعتقـد تمامـا في صـدقها وال يشـك فيهـا أبـدا‪ .‬ويتخـذ المـريض من إمكاناتـه العقليـة الـتي لم تتـدهور‪ ،‬ومن مظهـره الخـارجي‬
‫السوي سندا لتبرير صدق معتقداته الهذائية ودعوة المحيطين به لتصديقها ومآزرة دعواه(فرج طه وآخرون‪.)1993،‬‬

‫العظام هو حالة تتميز بهذاء أو مجموعة منسجمة من الهذاءات‪ .‬ويتمـيز عن الفصـام بخلـو الشخصـية من التفكـك بـالرغم من‬
‫وجــود الهالوس أحيانــا‪ ،‬كمــا يتمــيز بنمــو تــدريجي بطيء لمنظومــات أوهــام وهــذاءات قائمــة أساســا على مقــدمات خاطئــة‪ ،‬يبــني على‬
‫أساســها المــريض اســتنتاجاته الباطلــة مرتبطــة باالضــطهاد أو العظمــة‪ ،‬مــع بقــاء شخصــية المــريض فعالــة نســبيا في المجــاالت الــتي ال‬
‫يعمل عليها الوهم‪ .‬ويتصف سلوك الفرد بسوء التوافق االجتماعي وعدم الثبات والالاستقرار وكثرة الشك بــاآلخرين وســرعة الغضــب‬
‫والعدائيــة واالكتئــاب والتفكــير باالنتحــار والحساســية غــير المعتــادة‪ .‬كمــا يتصــف الفــرد بالمغــاالة والغــرور والغــيرة الشــدديدة والحســد‪.‬‬
‫وتكــون الشخصــية البارانوئيــة متقلبــة في عالقاتهــا وصــداقاتها مــع اآلخــرين‪ .‬فقــد تضــع شخصــا محــل الصــدارة من اإلعجــاب والتقــدير‪،‬‬
‫وفجأة تتغـير النظـرة إليـه وتـنزل قيمتـه ألتفـه األسـباب(عطـوف محمـود ياسـين‪ .)1981 ،‬كمـا تتمـيز هـذه الشخصـية بالحساسـية الشـديدة‬

‫‪1‬‬
‫نحو الفشل واإلخفاق أو النبذ والهجر‪ ،‬وتميل إلى عدم التسامح فال تنسى اإلساءة واإلهانة‪ ،‬وتتمادى في الشك بحيث يمكن أن تتصور‬
‫السلوكات المحايدة لآلخرين على أنها عدوانية واحتقـارا اتجاههـا‪ .‬يـؤمن الشـخص بأهميتـه الذاتيـة وفي ضـرورة الرجـوع إليـه لرجاحـة‬
‫عقله‪ .‬والشـخص البـارانوي ال يصـلح لمنصـب القيـادة ألنـه ال يسـتطيع التصـرف الناضـج و حمـل المسـؤولية و ال يقبـل النصـح و يميـل‬
‫دوما للمشاكسة‪ ،‬كما يشعر الفرد بانه غير متفهم من طرف اآلخرين(زهران‪ ،1997 ،‬ص ‪.)543‬‬

‫وكم من فقيه خابط في ضاللة ‪ /‬وحجته فيها الكتاب المنزل‬

‫يتبنى االرتيابي هذءات وضالالت ويعتقد تماما في صدقها‪ ،‬وال يشك فيها لحظـة‪ .‬فاالسـتنتاجات والعالقـات السـببية قـد تكـون‬
‫دقيقة أو سليمة نسبيا‪ ،‬غير ان المشكل األساسي يكون مرتبط بالمقدمات التي تكون خاطئة وغير متينة‪ .‬ويتخذ المــريض من إمكانياتــه‬
‫العقلية التي لم تتدهور ومن مظهره الخارجي السوي سندا لتبرير صدق معتقداته الهذائية والدعوى إلى تصديقها‪.‬‬

‫يقول "اندريه موروا"‪ :‬كل ما يتفق مع ميولنـا ورغباتنـا الخاصـة يبـدوا معقـوال في أعيننـا‪ .‬أمـا مـا ينـاقض رغباتنـا فإنـه يشـعلنا‬
‫غضبا‪ .‬فهل من المستغرب والحالة هذه أن يصعب علينا الوصول إلى حل مشكالتنا ‪( ...‬الغزالي‪ ،2002 ،‬ص‪.)58.‬‬
‫“‪”The real world is not always what we think it is‬‬

‫بصفة عامة تبدأ الهذاءات البرانوئية بصورة تدريجية بين سن ‪ 30‬و‪ 45‬سنة‪ ،‬وتنفجر عنـد أشـخاص غالبـا مـا يوصـفون بـأن‬
‫لهم شخصــية برانوئيــة‪ ،‬وهي مرتبطــة بحــوادث احيانــا ذات بعــد صــدمي بالنســبة للفــرد‪ .‬وهــو ينتشــر بنســبة ‪ 1‬و‪ 2‬في مجمــوع الســكان‪،‬‬
‫ويكــثر بقليــل عنــد اإلنــاث‪ .‬كمــا يصــيب الشخصــيات من ذوي المســتوى الثقــافي المرتفــع والمســتوى االجتمــاعي واالقتصــادي المرمــوق‪.‬‬
‫وتشكل البرانويا كيان عقلي مستقل عن بقية األمراض‪ ،‬ولكنه يمكن ان يتواجد مع اضطرابات أخرى‪.‬‬

‫أسباب االضطراب الضاللي‬

‫ال تــزال أســباب االضــطراب الضــاللي غــير واضــحة تمامــا‪ ،‬كمــا هــو الحــال بالنســبة للعديــد من االظطرابــات العقليــة‪ .‬إال أن‬
‫بداية الضالل‪ ،‬كما في االستجابات الذهانية األخرى‪ ،‬تكون مسبوقة بمشكالت مبكرة في العالقات الشخصية المتبادلة‪.‬‬

‫العوامـل الوراثيـة‪ :‬تبــدو الســباب الوراثيــة واهنــة عمومــا‪ ،‬غــير أن هنــاك من يــرى تــدخل للعامــل الــوراثي أو على األقــل العضــوي في‬
‫اإلصــابة بــذهان البرانويــا‪ .‬فقــد لوحــظ وجــو ردود فعــل برانوئيــة جــراء التعــرض لإلصــابات والجــروح الدماغيــة والتعــرض للتســمم من‬
‫خالل تعاطي العقاقير‪ ،‬ومن خالل التقدم في السن والعدوى التي تصيب الدماغ‪.‬‬

‫العوامل النفسية‪ :‬تتلخص العوامل النفسية في الشخصية القاعدية وتفسيرات ووجهات النظر للمدارس المختلفة في ميدان علم النفس‬

‫الشخصـية البرانوئيـة‪ :‬تشــير بعض المالحظــات إلى أن هــذه الشخصــية كــانت تتســم في الطفولــة بالوحــدة والعزلــة االجتماعيــة والتقلب‬
‫االنفعالي والحـزن واالمتعـاض من النظـام‪ ،‬وشـدة الحساسـية للنقـد والمبالغـة (يجعـل من الحبـة قبـة)‪ ،‬والتمركـز حـول الـذات‪ ،‬والعـدوان‪.‬‬
‫في مرحلـة الرشـد تتسـم بـالجمود والـتزمت وعـدم التسـامح إزاء النقـد والتسـلط‪ ،‬والتفكـير الخـرافي‪ .‬وتتمـيز الشخصـية االرتيابيـة بكونهـا‬

‫‪2‬‬
‫ش ــديدة اإلحس ــاس ب ــالنقص والش ــك‪ ،‬والحساس ــية الزائ ــدة‪ ،‬واالنتب ــاه والفطن ــة‪ ،‬وض ــعف الق ــدرة على التمي ــيز بين الع ــالم ال ــداخلي والع ــالم‬
‫الخارجي‪.‬‬

‫تتســم الشخصــية بكونهــا جامــدة ومتصــلبة ومتعجرفــة تتمــزق وتتــوق للســيطرة على اآلخــرين‪ ،‬وإ ســقاط اللــوم عليهم‪ ،‬وانكســار‬
‫اإلحساس الذاتي بالضعف بإرجاعه إلى تآمر اآلخرين‪ .‬كمـا تعـاني من سـوء التكيـف الجنسـي كالعنـة أو المثليـة الجنسـية‪ .‬يـرى البعض‬
‫أن نابليون وديكارت وهتلر والقذافي وفرعون وهامان كلها نماذج تعبر بدرجات متفاوتة عن هذه الشخصية أو االضطراب‪.‬‬

‫تفســر البرانويــا من وجهــة نظــر التحليــل النفســي على أنهــا محاربــة الفــرد لنزعاتــه المثليــة الــتي تنكرهــا األنــا فتســقطها على‬
‫اآلخــرين الــذين يتــوهم الفــرد أنهم يــراودون شــريكه‪ ،‬وهم في الحقيقــة ال يــراودون ســواه‪ .‬كمــا افــترض فرويــد أن البرانويــا هي وليــدة‬
‫رغبات جنسـية مثليـة مكبوتـة ناجمـة عن عقـدة أوديب معكوسـة(أي أن الولـد الـذكر يحب أبـاه‪ ،‬ويتوحـد مـع أمـه كمـا لـو كـانت منافسـة)‪.‬‬
‫ويــرى من خالل دراســته لحالــة شــرايبر ‪ 1911‬أن األســلوب الــدفاعي اإلســقاطي في البارانويــا يتلخص في ثالث مراحــل متتابعــة في‬
‫معالجة النزوة الليبيدية للوصول إلى الشعور االضطهادي‪:‬‬

‫"أنا أحبه" تتحول إلى "ال‪ ،‬أنا ال أحبه‪ ،‬أنا أكرهه"‪ ،‬لكن هذا مرفوض ألنه تعبير عن ميول جنسية مثلية‪ ،‬فيتم إنكــاره وتغيــيره‬
‫بواسطة التكوين العكسي إلى أنا أكرهه‪ .‬ولكن الكره مرفوض أيضا نظرا لمحتواه العدواني‪ ،‬ومن ثمة تقلب العدوانيـة بفضـل اإلسـقاط‬
‫فتتحــول "أنــا أكرهــه" إلى "هــو الــذي يكرهــني"‪ ،‬وفي المرحلــة األخــيرة يصــبح الشــعور الــذي تم بنــاؤه ســابقا واعيــا ويعــالج كمــا لــو كــان‬
‫إدراكا خارجيا ُي حرك الموقف العاطفي النهائي‪" :‬بما أنه يكرهني‪ ،‬فأنا أكرهه"‪.‬‬
‫(‪.)Bergeret, 1983, 80‬‬

‫العوامل المحيطية واالجتماعية‬

‫من المهم على وجــه الخصــوص‪ ،‬أن نعــرف أن عالقــة الطفــل بوالديــه تــؤدي إلى تطــور ســمات معينــة‪ ،‬حيث نجــد في تــاريخ‬
‫األشخاص ذوى االضطراب الضاللي أدلة على شعور قوي بالنقص نـاتج من الفشـل في معظم مجـاالت التوافـق‪ .‬كمـا نجـد باسـتمرار‬
‫مش ــكالت في مج ــال الجنس ــية الغيري ــة ال ــتي تختفي ع ــادة وراء اتجاه ــات مث ــل الحي ــاء‪ .‬كم ــا وج ــد أن الطف ــل ق ــد نش ــأ في أس ــرة تس ــودها‬
‫مشاحنات‪ ،‬ويعم االضطراب االنفعالي بين األفراد‪ ،‬وتتسم المعاملة الوالديــة بأسـلوب القهــر أو الحمايــة الزائــدة(أديب الخالـدي‪،2009 ،‬‬
‫‪.)376‬‬

‫كمــا دلت دراســة ســارفيس ‪ 1962‬ودراســة شــواتز ‪ 1963‬على أن االرتيــابي ينحــدر من أســرة تســلطية وقمعيــة ويكــثر فيهــا‬
‫التقد‪ ،‬كما يشيع فيها الشـعور بالتهديـد وعـدم األمن واالنعزاليـة‪ ،‬في إطـار مزيـف من االسـتعالء الـذي يغطي مشـاعر النقص والقصـور‬
‫مما يدفع به إلى رفض ذاته وإ خفاء الرفض وراء ستار االستعالء‪ .‬إن الجو األسـري التسـلطي والقـامع يجعـل الطفـل يعـاني من معانـاة‬
‫الواقع ويصبح عاجزا على الوقـوف أمـام اآلخـرين وفهم وجهـات نظـرهم ممـا يجـره إلى الشـك بـاآلخرين‪ .‬كـذلك فـإن أغلب االرتيـابيين‬
‫ينحدرون من طبقات عليا أو مثقفة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ته ــدد الش ــاكل بين الوال ــدين إحس ــاس األطف ــال باألم ــان‪ ،‬فيفق ــدون الش ــعور باالس ــتقرار ويص ــبحون م ــترددين وغ ــير واثقين من‬
‫أنفس ــهم‪ ،‬أو ح ــتى ع ــدوانيين‪ .‬كم ــا ق ــد ينط ــوي البعض على نفس ــه وتت ــأثر عالقات ــه باألص ــدقاء‪ .‬ض ــف إلى ذل ــك ف ــإن الص ــراع النفس ــي‬
‫والشعور باالحباط نتيجة الهزيمة أو الفشل في المنافسة أو الحب‪ ،‬أو نتيجة التأخر في الزواج أو العنوسة‪ ،‬أو نتيجة الحرمان الجنسي‬
‫والخبرات الصـادمة للفـرد أيضـا هي عوامـل من شـأنها أن تسـاعد على اإلصـابة بالبرانويـا(عبـد المطـاب أمين القـريطي‪ ،1998 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.) 384-383‬‬

‫معايير تشخيص االضطراب الضاللي‪ :‬يتم تشخيص االضطراب الضاللي وفقا لمعايير كتيب التشخيص اإلحصائي الرابع (‪،1994‬‬
‫‪ )DSM IV‬كما يلي‪:‬‬

‫‪ .‬وجود ضالالت أو هذءات غير مفرطة في الغرابة‪ ،‬تتضمن مواقف تحدث في الحياة الواقعيــة‪ ،‬مثــل أن يكــون مراقبــا من‬
‫اآلخـرين‪ ،‬أو يكـون مخـدوعا في شـريك الحيـاة‪ ،‬أو مصـابا بمـرض‪ ،‬لمـدة شـهر على األقـل‪ .‬والهـذءات معتقـدات فكريـة خاطئـة ييتمسـك‬
‫الفرد الفرد بهـا ويناظـل من أجـل رغم تـوفر الـدالئل الموضـوعية عن بطالنهـا‪ .‬تتمـيز بكونهـا ثانويـة‪ ،‬وبالتـالي من الممكن أن نجـد لهـا‬
‫بعض اآلثــار لهــا في التــاريخ الماضــي للشــخص‪ .‬تكــون منظمــة ومتسلســلة‪ ،‬عكس األوهــام الفصــامية الــتي تكــون أوليــة وبدائيــة تتمــيز‬
‫بالسخف والالمنطق‪.‬‬

‫‪ .‬يظل أداء الفرد جيدا بالرغم من وجود الضالالت‪.‬‬

‫‪ .‬إذا ما ظهرت نوبات مزاجية مالزمة للضالالت‪ ،‬فان دوامها يكون مرتبطا بدوام فترة الضالالت‪.‬‬

‫‪ .‬ال يرجع االضطراب إلى التأثيرات الفيزيولوجية المباشرة للمادة المؤثرة نفسيا( مثل‪ :‬سوء استخدام العقاقير‪ ،‬أو العالج‬
‫باألدوية النفسية)ن وال يكون ناتجا من حالة طبية عامة‪.‬‬

‫أنواع البرانويا(االضطراب الضالل)‬

‫تتخذ الهذاءات في مرض البرانويا عدة أنماط أو اشكال وذلك تبعا للموضوع الذي يتضمن الفكرة الهذائية‪ .‬كما أن كل شكل‬
‫ياخذ درجات مختلفة حسب خطورة واستفحال الحالة المرضية‪ .‬وعموما يمكن التطرق لألنوع التالية‪:‬‬

‫هـذءات العظمـة‪ :‬حيث توجــد ضــالالت القــوة والقيمــة والشــهرة‪ ،‬وأن الشــخص معــروف أو موهــوب‪ .‬يعتقــد هنــا المــريض أنــه شــخص‬
‫عظيم‪ ،‬واســع الــثراء‪ ،‬وقــد يتصــرف كأنــه ملــك في المنفى أو مخــترع ســرق منــه اختراعــه‪ ،‬أو أنــه نــبي مرســل‪ ،‬أو قائــد مغــوار قــد اتى‬
‫إلنقــاذ البشــرية ممــا لحــق بهــا من ظلم وفســاد‪ .‬وقــد يعتقــد ان لديــه قــوى خارقــة أو ســحرية و يالحــظ عليــه الحــديث عن الــذات والتعــالي‬
‫والمباهات والمفاخرة‪ ،‬وتبني أهداف غير عملية ومستحيلة التحقيق‪ ،‬كما يالحظ عليه تقلب الميزاج وحدة الطبع والغضب والعدوان‪.‬‬

‫ضالل االضطهاد‪ :‬حيث يعتقــد الشــخص أنــه مضــطهد ومظلــوم من قبــل اآلخــرين وهم يحقــدون عليــه‪ ،‬ويســيؤن معاملتــه‪ ،‬وأن اآلخــرين‬
‫يخططــون إليذائــه وتحطيمــه‪ ،‬وكثــيرا مــا يــذكر المــريض بيانــا مفصــال عن خطــة كــبرى دبــرت لــدس الســم لــه أو حبســه أو قتلــه ويوجــه‬

‫‪4‬‬
‫االتهام عادة إلى البارزين من رجال المجتمع أو الجمعيات المعروفة‪ ،‬وقد نجد بحوزة المعني خطة مفصلة للـدفاع عن نفسـه ضـد هــذا‬
‫االضطهاد‪.‬‬

‫ضالل الغيرة‪ :‬حيث تنتــاب المــريض شــكوك ثم تــدريجيا قناعــة فحواهــا أن زوجــه يخونــه‪ ،‬ومن هنــا فــإن كــل الحــوادث‪ ،‬حــتى البســيطة‬
‫منها تفسر على انها لها داللة‪ ،‬وتغذي الفكرة الهذائيـة المرتبطـة بـالغيرة‪ .‬شـك المـريض في زوجـه يجعلـه يراقبـه ويتخـذ مواقـف حيطـة‬
‫وحــذر اتجاهــه‪ .‬يالحظــه في الشــارع أو يبعث من يقــوم بــذلك ويــأتي لــه باألخبــار حــول شــريك حياتــه‪ ،‬يتفحص علبــة رســائله أو بريــده‬
‫اإللكــتروني‪ ،‬مالبســه‪ ،‬ويســتعلم على معارفــه‪ .‬احتجاجــات الــزوج قــد تشــكل بالنســبة لــه أدلــة على تورطــه الفعلي‪ ،‬ومحــاوالت المحيــط‬
‫لطمأنته تفسر على أنها تواطوءات تدخل في إطار المؤامرة التي تحاك ضده من أجل خداعه واإلطاحـة بــه‪ .‬هكــذا تظهــر حيــاة الرفيــق‬
‫مظطربــة جــدا‪ ،‬ومن المتوقــع أن يقــوم المــريض بســلوكات عدوانيــة اتجــاه الــزوج أو اتجــاه المنــافس الــذي يعتقــد أن زوجــه يخونــه معــه‪.‬‬
‫ومن الوارد أن يقوم باالنتحار أو الجوء إلى تعاطي الكحول أو المخدرات‪.‬‬

‫هذءات الغرام(العشق)‪ :‬يتوهم المريض أنه محبوب جنسيا‪ ،‬وأن اآلخرين يقعـون فيـه حبـا‪ .‬يعتـبر هـذا النـوع نـادرا ويصـيب خصوصـا‬
‫اإلناث‪ .‬في الغالب يعتقد المـريض عن قناعـة أنـه محبـوب من طـرف شـخص مشـهور ويحتـل مكانـة اجتماعيـة مرموقـة‪ :‬نجم سـنمائي‪،‬‬
‫أديب معــروف‪ ،‬سياســي شــهير أو علم أو طــبيب مرمــوق‪ ،‬أو حــتى وجــه تلفزيــوني جــذاب‪ .‬انطالقــا من إشــارة عــابرة‪ ،‬كلمحــة بصــر‬
‫سريعة أو مقابلـة تلقائيـة أو مصـافحة خفيفـة تأخـذ بعـدا عميقـا لـدى المـريض‪ ،‬ويصـبح يفسـر من خاللهـا على أن الشـخص يحبـه كثـيرا‪.‬‬
‫وقد يدخل في اتصال مع الشخص الذي يعتقد ان يحبه‪ ،‬فيقـوم بمراسـلته أو مهاتفتـه أو يبعث لـه الهـدايا‪ ،‬ويحـاول بمـا أوتي من قـوة أن‬
‫يقابله أو يصافحه أو يتحدث معه‪ .‬عندما ينكـر المـدعى عليـه الحب‪ ،‬فقـد يفسـر ذلـك على أنـه دليال إضـافيا على عشـقه لـه‪ ،‬وبـأن األمـر‬
‫يتعلق بأن الغريم يكتم حبه اتجاهه خوفا من فضحه أو غيرة اآلخرين‪ .‬عنــدما يــتيقن من أن الطـرف اآلخـر ال يبادلـه الحب‪ ،‬فقـد يــدخل‬
‫في حالة من اليأس والخيبة‪ .‬ويمكن أن يعتدي عليه أو على أقاربه أو رفيقه(‪.)Debray, Granger, Azais, 2005, p.111‬‬

‫هــذاء التظلم واالحتجــاج‪ :‬حيث يعتق ــد الم ــريض ان حقوق ــه ق ــد هض ــمت من ط ــرف المجتم ــع‪ ،‬فيس ــعى للمطالب ــة به ــا ويق ــدم الش ــكاوى‬
‫القانونيـة ويرفـع القضـايا في المحـاكم فيعانـد ويخاصـم ويتخطى اآلخـرين‪ .‬يعتقـد المـريض أن ضـحية أخطـاء اآلخـرين‪ ،‬ويتخـذ من حقـه‬
‫في الشكوى والمطالبة بحقة ذريعة التهام اآلخرين على غير وجه حق‪ .‬فقد يكتب الشكاوى على صفحات الجرائد وقــد يهــد معارضــيه‬
‫أو كل من يقف في طريقه‪ .‬فهو يعتقد دائما أن حقه مهضـوم‪ ،‬وأن العدالـة هي من يـأتي بهـذا الحـق‪ ،‬فـنراه يـرفض التحكيم األخـوي أو‬
‫األقارب اعتقادا منه أنهم غير أكفاء او متحيزون ضده‪ .‬فإذا لم تكن العدالة لصالحه ضن أن المحامي متواطيء ضده أو تمت رشوته‬
‫من خصومه‪ .‬ثم قد يتولى الدفاع عن نفسه بنفسه من خالل قـراءة القـانون المـدني‪ ...‬في الهـذاء البـدني‪ Somatic :‬قـد يعتقـد الفـرد ان‬
‫ضحية تدخل طبي فاشل‪ ،‬أو خطأ في التشخيص أو في طريقة العالج أو الجراحة التجميلية‪.‬‬

‫هــذءات التــأثير(المشــترك)‪ :‬وتعــرف أيضــا بــالجنون المعــدي‪ ،‬حيث يتمــيز بــأن نفس األعــراض تظهــر على أحــد أو أكــثر من األفــراد‬
‫المحيطين بالمريض‪ ،‬وقد يتبادله إثنان فقط كـأن يكونـان زوجـان أو أخـوان‪ ،‬وقـد يظهـر في األسـرة الواحـدة أو زمالء الحجـرة الواحـدة‬
‫أو نزالء الجناح الواحد‪ .‬في الغالب يظهر الهذاء عند فرد ما كمسيطر أو أصلي(في الغالب يكون فصـامي) ثم ينتقـل إلى فــرد آخـر أو‬
‫أفراد آخرين في وضعية تبعية وخضوع(‪.)Debray, Granger, Azais, 2005, p.113‬‬

‫‪5‬‬
‫التشخيص الفارقي‬

‫يختلف الفصام البرانوئي عن البرانويا في أن هذا األخير ال يكون مصحوبا بـالهالوس بأنواعهـا المختلفـة‪.‬كمـا نالحـظ غيـاب‬
‫ت ــدهور وتفك ــك الشخص ــية‪ ،‬حيث تبقى شخص ــية العض ــامي متماس ــكة ومترابط ــة كم ــا تبقى العالق ــة م ــع الواق ــع حس ــنة‪ ،‬إال في الح ــاالت‬
‫الخطـيرة‪ .‬البدايـة التدريجيـة احيانـا لمـدة سـنوات‪ ،‬وتماسـك الشخصـية تجعـل من السـهل التميـيز بينهمـا‪ .‬تتمـيز البرانويـا بقـوة الضـالالت‬
‫وتنسيقها وطغيان الشخصية وسيطرتها وقوة تأثيرها وعدم ثقتهـا في اآلخـرين‪ .‬يعتـبر هـذا عكس األوهـام الفصـامية الـتي تكـون سـخيفة‬
‫وغير منطقية‪.‬‬

‫ال بد من التمييز بين البرانويا وحاالت اإلدمان على الكحول أو المخدرات(الكوكايين) التي تنجر عنها تسـممات مختلفـة على‬
‫البنية العضوية للمريض‪ .‬فتشخص البرانويا فقط في الحاالت التي ال ينجم الهذاء فيها عن آلثار فيزيولوجية أو مــواد كميائيــة أو حالــة‬
‫طبية معينة‪.‬‬

‫أحيانـ ــا يكـ ــون من الصـ ــعب تميـ ــيز االض ــطرابات الوجداني ــة المص ــاحبة بخص ــائص ذهاني ــة عن البرانويـ ــا‪ ،‬ألن االضـ ــطراب‬
‫الضــاللي غالبــا مــا يصــاحبه أعــراض مزاجيــة‪ .‬فــالتمييز يتوقــف أساســا على العالقــة بين االضــطراب المــزاجي والهــذءات‪ ،‬وعلى حــدة‬
‫األعــراض المزاجيــة‪ .‬فــإذا كــانت الهــذءات تحــدث فقــط إثــر المشــهد المــزاجي فــإن التشــخيص يكــون اضــطراب مــزاجي ذو خصــائص‬
‫ذهانية‪ .‬كما أن األعراض المزاجية في البرانويا غالبا ما تكون خفيفة مع استمرار الهذءات‪.‬‬

‫التفسيرات الجنسية المبالغ فيها في الهستيرية تكون مرتبطة بالواقع نسبيا‪ ،‬ويكون الهستيري واع نوعا ما‪ .‬أما هذاء العشق‬
‫فيكون أشد عمقا‪.‬‬
‫الحــدود بين العصاب الهجاسي(خصوصــا في حالــة التبصــر الفقــير) والبرانويــا قــد تكــون أحيانــا صــعبة‪ .‬عــدم قــدرة الهجاســي‬
‫على إدراك عدم منطقية الهواجس وعدم واقعيتها قد يجعله في حالة تقترب كثيرا من حالة الهذاء البرانوئي‪.‬‬
‫يصعب أحيانا التمييز بين المراق(خصوصا عند فقر التبصر) واالضطراب الضاللي‪ .‬تكون المخــاوف من اإلصــابة بمــرض‬
‫خطير في المراق أقل حدة مما هي عليه في البرانويا‬

‫عالج البرانويا(االضطراب الضاللي)‬

‫قــد تشــفى الحالــة االرتيابيــة تلقائيــا في غضــون أســابيع أو أشــهر‪ .‬أمــا االرتيــاب الحــق فيقــاوم المحــاوالت العالجيــة ممــا يجعلــه‬
‫مرض ــا مزمن ــا وعلى ح ــظ ض ــئيل من الش ــفاء‪ .‬في حال ــة الخط ــورة يجب أن ي ــدخل الم ــريض المستش ــفى إذا ك ــان هن ــاك خ ــوف من ــه أو‬
‫عليه(القتل أو االنتحار)‪.‬‬

‫يقوم على أساس التعاون بين المريض والطبيب وإ قامة عالقة ثقة بينهما‪ .‬وقد يصعب تخليص المعني‬ ‫العالج العقاقيري‪:‬‬
‫من أوهامـ ــه فيعـ ــاود الرجـ ــوع للمستشـ ــفى‪ ،‬وقـ ــد يتخلى ظاهريـ ــا عن أوهامـ ــه لكي يخـ ــرج من المستشـ ــفى لكنـ ــه يبقى حـ ــبيس صـ ــراعاته‬
‫وأوهامه‪ .‬يمكن أعطاء المريض مضادات الكآبة أو مضـادات الـذهان‪ ،‬كأدويـة فصـيلة الفينوثيـازين (الرجاكتيـل‪ ،‬سـبارين‪ ،‬سـتيالزين)‪،‬‬
‫أو مهدءات أو مطمئنات عن طريق الحقن إذا كان في حالة هياج‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أمــا في الحــاالت غــير الخطــيرة فيكــون المعــالج عالقــة ثقــة مــع المــريض أوال‪ ،‬ثم يصــف لــه مضــادات الــذهان ويوضــح لــه‬
‫أعراضها الجانبية حتى ال يشك في نوايا الطبيب عند ظهور األعراض الجانبية‪ ،‬ويبدأ الطبيب في زيادة الجرعـة تـدريجيا‪ ،‬ويصـاحب‬
‫ذلـك العالج النفسـي الفـردي والجمعي لتغيــير الـدفاعات الـتي يسـتعملها المــريض والسـتمرار نمــو الشخصـية بطريقـة افضـل ‪ .‬والتكيــف‬
‫م ــع الض ــغوط(عم ــر ش ــاهين و يحي الرخ ــاوي‪،1977،‬محم ــود حم ــودة‪ .)1990،‬كم ــا يمكن اس ــتخدام الص ــدمة الكهربائي ــة في الح ــاالت‬
‫الشديدة‪.‬‬

‫العالج النفسي‬

‫يقوم على أساس إنشاء عالقة قوامها الطمأنينة والثقة بين المعالج المريض‪ ،‬ثم العمل التـدريجي المتواصـل لتطـوير شخصـية‬
‫المـ ــريض وتقريبهـ ــا من الواقـ ــع ‪ ،‬وحـ ــل المشـ ــكالت والصـ ــعوبات الـ ــتي تعـ ــترض إدراكاتـ ــه الواقعيـ ــة سـ ــواء بالنسـ ــبة لذاتـ ــه أو لقدراتـ ــه‬
‫واستعداداته الحقيقية (خاصة في حالة هذاء العظمة)‪ ،‬أم بالنسبة لآلخرين (في حالة هــذاء االضــطهاد)‪ ،‬والتأكيــد على العالج التــدعيمي‬
‫لتنشيط الجوانب السليمة من الشخصية‪ ،‬والتأهيل النفسي والتربوي والمهــني واالجتمــاعي لزيــادة استبصـار المــريض بذاتــه وبمــا يمكنــه‬
‫ممارسته‪ ،‬وكذلك استبصاره باآلخرين (عبد المطلب أمين القريصي‪ ،1998 ،‬ص‪ .)385.‬وينبغي التزام الحــذر على األقــل عنــد بدايــة‬
‫العالج من مهاجمة أوهام المريض ومعتقداته‪.‬‬

‫العالج األسري واالجتماعي‬

‫يجب تدريب أفراد األسرة على التعامل الفعال مع المريض وعدم افتعال لمشكالت معه وتجنب الجدال‪.‬‬
‫تعتبر األسرة حجر الزاوية في مساعدة الطبيب من خالل ترغيب المريض في تناول األدوية‪.‬‬
‫تفادي القول للمريض "أنت مجنون" إذ يمكن ذلك ان يتسبب في االنتكاسة‪.‬‬
‫تجنب معاملة المريض بالكثير من الشفقة والعناية الزائدة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫دراسة حالة(حميد)‬

‫شــاب في ‪ 35‬من عمــره‪ ،‬مثــل بين يــدي المعــالج‪ ،‬وقميص منامتــه مخيــط من الرقبــة إلى الخصــر‪ ،‬حيث ثبت القميص بإحكــام تــام تحت‬
‫السروال‪ .‬خاط المريض سرواله بتلك الصورة كي ال تدخل قوى أعدائه األشرار إليه وتفسده أو تقتله‪.‬‬

‫روى "حميد" قصته قـال‪ :‬كنت ضـابط الخدمـة في المخفـر األمـامي في قطـاع "ص"‪ ،‬دخلت الخيمـة بعـد الغـذاء لالسـتماع إللى‬
‫نشرة األخبار‪ ،‬وما أن أغلقت المـذياع بعـد نهايـة النشـرة‪ ،‬حـتى نقـر صـوت المـذياع مـرتين‪" :‬إنهـا رسـالة كهربائيـة من السـماء"‪ .‬أخـذت‬
‫ورقة وقلم وكتبت الرسالة "أعـد الرائـد س مـؤامرة لقتلـك حميـد بن محمـد‪ ،‬وقتـل ع‪ .‬ن‪ .‬رئيس الجمهوريـة وتسـليم السـلطة لسـعيد‪ ،‬إنهـا‬
‫رسالة عاجلة من السماء"‪.‬‬

‫طلبت إجازة أسبوع وذهبت إلى مدينة ح فتعرفت على األمكنة الـتي يطرقهــا الرائــد س في أزمنــة معينــة‪ ،‬قــررت أن أرصـده‬
‫في فــترة الغــذاء‪ ،‬حشــوت مسدســي ورحت أتمشــى أمــام مــدخل نــادي حاميــة مدينــة ح‪ ،‬وعنــد الســاعة الثالثــة تقريبــا‪ ،‬تــوقفت ســيارة جيب‬
‫أمام الباب الخارجي وترجل منها الرائد س‪ ،‬مع ثالثة من أصـدقائه‪ ،‬فأشـهرت مسدسـي وأفـرغت ثالثـة رصاصـات في رأسـه‬ ‫‪jeep‬‬
‫خر بعدها على األرض صريعا‪ ،‬وهممت أن أفرغ بقية الرصاصات في رؤوس أعوانه‪ ،‬لكنهم أمسكوا بي‪.‬‬

‫المعالج‪ :‬أعرف الرئيس ع‪ .‬ن‪ .‬بإنقاذك لحياته؟‬


‫المريض‪ :‬نعم‪.‬‬
‫المعالج‪ :‬وهل عمد إلى مساعدتك؟‬
‫المريض‪ :‬كال‪ ،‬فقد أفسده أعداؤه‪.‬‬
‫المعالج‪ :‬هل أنت بمفردك اآلن؟‬
‫المريض‪ :‬كال إن السماء معي‪ ،‬وسترسل من ينقذني‪.‬‬

‫سبق لحميد أن تزوج فتاة جميلة وجذابة‪ ،‬تصـغره بعشـر سـنوات‪ ،‬شـكا حميـد زوجتـه بأنهـا تخطـط للقضـاء عليـه بغيـة الـزواج‬
‫من ســواه‪ .‬حيكت القصــة بدرجــة من التماســك‪" ،‬قــابلت الزوجــة ذلــك الرجــل في نــادي ضــباط الموقــع‪ ،‬وصــارت تلتقي بــه خالل وجــود‬
‫حميد في الخطوط األمامية"‪ .‬عرف حميد ذلك بحاسته السادسة‪ ،‬إذ أسقط الخبر على شاشة رأسه‪ ،‬فرأى كل شيء وعرف مــا ينويــان‪،‬‬
‫هنــا قلــق حميــد‪ ،‬وتمتم كلمــات‪ :‬الحب‪ ،‬الــزواج‪ ،‬الرجــل األفضــل‪ ،‬والوعــد األمثــل‪ .‬فهم من الزوجــة أن حميــد عجــز عنهــا مــرات كثــيرة‪،‬‬
‫وأنه كان دائم الشك بها‪ ،‬والغيرة عليها‪ ،‬مما جعله يصر على فحصها بعد كل غياب عن البيت‪.‬‬

‫طلــق حميــد زوجتــه‪ ،‬وتعــرف على ســواها وتزوجهــا‪ ،‬وبعــد ‪ 05‬أشــهر ادعى حميــد أن الزوجــة الجديــدة تخونــه وأنهــا تريــد لــه‬
‫الموت‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫حميد مثقف‪ ،‬ويحمل إجازة في الحقوق حصل عليها أثناء عمله كضابط صف في الجيش‪.‬‬
‫(مخائيل أسعد‪ ،1994 ،‬ص‪.)253-252.‬‬

‫تحليل الحالة‬

‫‪9‬‬
‫المراجع باللغة العربية‬

‫الدباغ فخري(‪ ،)1985‬أصول الطب النفساني‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪،‬‬


‫حسن مصطفى عبد المعطى(‪ ،)1998‬علم النفس اإلكلينيكي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار قباء‪ ،‬القاهرة‪392 ،‬ص‪.‬‬
‫بدرة معتصم ميموني(‪ ،)2005‬االضطرابات النفسية والعقلية عند الطفل والمراهق‪ 303 ،‬ص‪.‬‬
‫جمعة سيد يوسف (‪ . )2001‬النظريات الحديثة في تفسير األمراض النفسية ‪ .‬القاهرة ‪ :‬دار غريب‬
‫حامد عبد السالم زهران (‪ . )1997‬الصحة النفسية و العالج النفسي ‪ .‬ط‪ . 3‬القاهرة‪ :‬عالم الكتب‬
‫عبد الرحمان العيسوي (‪ . )1990‬األعصبة النفسية والذهانات العقلية ‪.‬بيروت ‪:‬دار النهضة العربية‬
‫عبد الرحمان العيسوي (‪ . )1999‬علم نفس الشواذ والصحة النفسية ‪ .‬بيروت ‪ :‬دار الراتب الجامعية‬
‫فيصل محمد خير الزراد (‪ )1984‬األمراض العصابية والذهانية واالضطرابات السلوكية‪ .‬بيروت ‪ :‬دار القلم‬
‫كمال دسوقي (‪ .)1974‬الطب العقلي والنفسي ‪ .‬بيروت ‪ :‬دار النهضة العربية‬
‫كمال دسوقي (د‪.‬ت‪ .).‬علم األمراض النفسية‪ ،‬التصنيفات واألعراض المرضية‪ .‬بيروت ‪ :‬دار النهضة العربية‬
‫مصطفى خليل الشرقاوي(‪ ،)1998‬علم الصحة النفسية‪ ،‬بيروت ‪ :‬دار النهضة العربية‬
‫محمد محروس الشاوي‪ ،‬ومحمد السيد عبد الرحمان()‪ ،‬العالج السلوكي الحديثة‪ ،‬دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة‬
‫حسين فايد(‪ )2003‬علم االضطرابات السلوكية‪ ،‬مصر‬
‫البالنش وبونتاليس(‪ ،)1985‬معجم مصطلحات التحليل النفسي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‬
‫مخائيل أسعد(‪ ،)1994‬علم االضطرابات السلوكية‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫لندا دافيدون(‪ ،)1984‬مدخل علم النفس‪ ،‬تر‪ .‬سيد طواب‪ ،‬دار ماكجر‪،‬‬
‫أحمد كامل حجازي(‪ ،)1994‬مفهوم البيئة وصحة البيئة‪ ،‬التربية القطرية‪ ،‬عدد‪.111‬‬
‫حامد الشافعي دياب(‪ ،)1994‬المعلومات ودورها في خدمة البيئة‪ ،‬التربية القطرية‪ ،‬عدد‪.111‬‬

‫‪Si moussi A. et col (2002), élève contre enfant, Eneg, Alger.‬‬


‫‪Methar S. (1990), tradition contre développement, Enap, Alger.‬‬
‫‪Ciccone A. (1999), la transmission traumatique transgénérationnelle,‬‬
‫‪Chilland C.(2002), l'entretien clinique, Puf, Paris, 175p.‬‬
‫‪Samacher R. (2003), psychologie clinique et psychopathologie, Baume-les-dames, France, 444p.‬‬
‫‪Sanglade-Andronikof A.,Verdier-Gibello M. L., (1983), L’examen psychologique de l’enfant. Les‬‬
‫‪tests d’intelligence, d’aptitude, de raisonnement, Encycl. Med.Chir., Paris, Psychiatrie, 37180c10,‬‬
‫‪2-1983.‬‬

‫‪10‬‬

You might also like