Professional Documents
Culture Documents
الوجيز في القانون الإداري
الوجيز في القانون الإداري
مقدمة عامة
تنقسم القواعد القانونية التي تنظم كل مجتمع إنساني إلى قواعد قانونية تنظم العالقات التي تنشأ بين األفراد ،وقد أصطلح على تسميتها
بالقانون الخاص ومن فروعه القانون المدني والقانون التجاري وقانون المرافعات .أما النوع األخر من القواعد فينظم العالقات التي تنشأ بين
الدول أو بين الدولة وهيأتها العامة من ناحية واألفراد من ناحية أخرى عندما تظهر الدولة بمظهر السلطة العامة .
وقد أصطلح على هذا النوع من القواعد القانونية بالقانون العام ،ومن فروعه القانون الدولي العام والقانون الدستوري والقانون اإلداري
والقانون المالي .
ومن المعروف أن القانون اإلداري فرع من فروع القانون العام الداخلي – تمييزًا له عن القانون العام الخارجي الذي ينظم العالقات بين الدول –
والذي يهتم بسلطات اإلدارة العامة من ناحية تكوينها ونشاطها وضمان تحقيقها للمصلحة العامة من خالل اإلمتيازات االستثنائية التي تقررها
قواعد القانون اإلداري .
وعلى ذلك فإن القانون اإلداري يختلف اختالفا جوهريا عن القانون الخاص الختالف العالقات القانونية التي يحكمها ،واختالف الوسائل التي
تستخدمها السلطات اإلدارية في أدائها لوظيفتها من الوسائل قانونية ومادية وبشرية .
وقد ساهم التطور الكبير في الظروف االجتماعية واالقتصادية والسياسية ،وازدياد نشاط الدولة وتدخلها في هذه المجاالت وعدم كفاءتها
بدورها السابق في الحفاظ على األمن الداخلي والخارجي ،في تضاعف دور القانون اإلداري ومساهمة في وضع الوسائل المناسبة إلدارة دفة
نشاط السلطة العامة .
وفي هذه الدراسة نتشرف بتقديم المبادئ العامة التي يقوم عليها القانون اإلداري ،والذي يمثل المنهج الدراسي للمرحلة الثانية في كليات
القانون.
وقد اتبعنا في هذه الدراسة خطة البحث التالية-:
الباب التمهيدي :طبيعة القانون اإلداري .
الباب األول :التنظيم اإلداري .
الباب الثاني :نشاط اإلدارة العامة .
الباب الثالث :الوظيفة العامة .
لباب الرابع :القرارات اإلدارية .
الباب الخامس:العقود اإلدارية .
الباب التمهيدي
طبيعة القانون اإلداري
البد قبل البحث في موضوع القانون اإلداري أن نتبين بعض المسائل التي تلقي الضوء على هذا القانون من حيث طبيعته ,فنبين التعريف
بالقانون اإلداري ونشأته في دولته األم فرنسا ثم في مصر التي كان لها دور الريادة في العالم العربي وبعد ذلك في العراق ,ثم نذكر خصائص
ومصادر هذا القانون.
ولعل من أهم ما سنبحثه في هذا الباب أساس القانون اإلداري ونطاق تطبيقه ومعيار اختصاص القضاء اإلداري ,ومن خالل هذا الموضوع
نبين المعيار الذي نستطيع أن نقرر فيه أن نشاط اإلدارة يدخل ضمن نطاق هذا القانون ويختص به القضاء اإلداري أم ال .
وعلى ذلك سنقسم هذا الباب إلى فصول خمس :
الفصل األول :التعريف بالقانون اإلداري .
الفصل الثاني :نشأة القانون اإلداري .
الفصل الثالث :خصائص ومصادر القانون اإلداري .
الفصل الرابع :أساس القانون اإلداري .
الفصل األول
التعريف بالقانون اإلداري
درج أغلب الفقهاء على تعريف القانون اإلداري بأنه ذلك الفرع من فروع القانون العام الداخلي الذي يتضمن القواعد القانونية التي تحكم
السلطات اإلدارية في الدولة من حيث تكوينها ونشاطها بوصفها سلطات عامة تملك حقوقًا وامتيازات استثنائية في عالقاتها باألفراد) (.
بينما عرفه آخرون بأنه فرع من فروع القانون العام الذي يحكم اإلدارة ,أو قانون اإلدارة العامة Administration Publiqueأو قانون
السلطة اإلدارية ) ( . Pouvoir Administratif
في حين عرفه البعض بأنه القانون الذي يتضمن القواعد التي تحكم إدارة الدولة من حيث تكوينها ونشاطها باعتبارها سلطة عامة ) ( .
ونجد هنا أنه من المناسب أن نبين أن القانون يقسم إلى قسمين رئيسيين ,قانون عام وقانون خاص ,القانون العام هو القانون الذي ينظم
نشاط الدولة وسلطاتها العامة ,ويحكم العالقات القانونية التي تكون الدولة أو إحدى هيئاتها العامة طرفًا فيها ,وتظهر فيها الدولة بوصفها
سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات استثنائية ال مقابل لها في عالقات األفراد .
أما القانون الخاص فينظم نشاط األفراد ويحكم العالقات بينهم أو بينهم وبين الدولة أو إحدى هيئاتها عندما تظهر بمظهر األفراد العاديين أي
ليس بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات استثنائية .
ويشتمل كل قسم من هذين القسمين على عدة فروع فيشتمل القانون العام على القانون العام الخارجي ويتضمن القانون الدولي العام ,والقانون
العام الداخلي ويتضمن القانون الدستوري والقانون اإلداري والقانون المالي .
في حين ينقسم القانون الخاص إلى القانون المدني والقانون التجاري وقانون المرافعات المدينة وغيرها من القوانين األخرى .
وكما بينا فأن القانون اإلداري هو فرع من فروع القانون العام الداخلي يحكم نشاط اإلدارة العامة وهو موجود في كل دولة أيًا كان مستواها
وتطورها الحضاري .
وفي هذا المجال يسود مفهومان لإلدارة العامة المفهوم العضوي أو الشكلي ,والمفهوم الموضوعي أو الوظيفي .
المفهوم العضوي :يهتم بالتكوين الداخلي لإلدارة العامة ,فيعرف اإلدارة العامة بأنها السلطة اإلدارية سواء المركزية منها أو الالمركزية ,
وجميع الهيئات التابعة لها .
بينما يهتم المفهوم الموضوعي بالجانب الوظيفي ,فيعرف اإلدارة العامة بأنها النشاط أو الوظيفة التي تتوالها األجهزة اإلدارية إلشباع الحاجات
العامة.
وتبعًا لذلك فإن القانون اإلداري بمعناه العضوي هو القانون الذي يحكم السلطة اإلدارية أو األجهزة اإلدارية في الدولة ,بينما يمكننا أن نعرف
القانون اإلداري بمعناه الموضوعي بأنه القانون الذي يحكم النشاط أو الوظيفة التي تتوالها األجهزة اإلدارية لتحقيق المصلحة العامة .
وقد اختلف الفقه في ترجيح أحد المفهومين إال أن االتجاه الحديث يقوم على الجمع بينهما ويعرف القانون اإلداري بأنه " :القانون الذي ينظم
األجهزة والهيئات اإلدارية في الدولة ,ويحكم النشاط أو الوظيفة التي تتوالها األجهزة اإلدارية لتحقيق المصلحة العامة " .
الفصل الثاني
نشأة القانون اإلداري وتطوره
تعد فرنسا مهد القانون اإلداري ومنها انتشر إلى الدول األخرى ,ويرجع الفضل في ظهور هذا القانون إلى عوامل تاريخية تأتي في مقدمتها
األفكار التي جاءت بها الثورة الفرنسية عام 1789م ,التي قامت على أساس الفصل بين السلطات ،ومن مقتضياته منع المحاكم القضائية
القائمة في ذلك الوقت من الفصل في المنازعات اإلدارية للحفاظ على استقالل اإلدارة تجاه السلطة القضائية .
وأدى هذا االتجاه إلى وجود نظام القضاء المزدوج الذي كان مهدًا لنشؤ االزدواج القانوني وظهور القانون اإلداري .
المبحث األول
نشؤ القانون اإلداري في فرنسا
كانت سلطات الحكم قبل الثورة الفرنسية مركزة في يد الملك حيث ساد نظام الملكية المطلقة ,ولم تكن الدولة تخضع للمساءلة أو الرقابة أمام
القضاء بواسطة دعاوى األفراد ,وهي إن تعاملت مع األفراد خضعت معامالتها للقانون المدني ) ( .
وفي هذه الفترة كانت توجد محاكم قضائية تدعى البرلمانات Parlementsأنشئت لتكون ممثلة للملك في وظائفه القضائية ,وكانت الدعاوى
تستأنف أمامها ما لم سند الملك ذلك االختصاص إلى جهة أخرى ,كما وجدت محاكم مختصة ببعض المنازعات اإلدارية ) ( .
وقد كانت البرلمانات تمارس سيطرة رجعية على اإلدارة وتتدخل في شؤونها وتعارض وتعرقل كل حركة إصالحية ( ) مما حدى برجال الثورة
الفرنسية إلى منع المحاكم القضائية القائمة في ذلك الوقت من الفصل في المنازعات اإلدارية للحفاظ على استقالل اإلدارة تجاه السلطة القضائية
,من خالل تبنيهم لمبدأ الفصل بين السلطات .
المبحث الثاني
نشوء القانون اإلداري في مصر
قبل نشوء مجلس الدولة في مصر عام 1946لم تعرف مصر القضاء اإلداري ,وقد كانت المحاكم المختلطة واألهلية السائدة قبل هذا التاريخ
في النظام القضائي المصري تطبق بعض القوانين على المنازعات بين األفراد أو بينهم وبين اإلدارة ,ولم يكن من بينها القانون اإلداري .
وقد ذهب جانب من الفقه اإلداري المصري إلى أن أساس القانون اإلداري ومبادئه قد بدأت تظهر من خالل أحكام المحاكم المختلطة والمحاكم
األهلية ,بينما خالف جانب آخر منهم ,وذهب إلى أن مبادئ القانون اإلداري لم تنشأ حقيقة إال من خالل أحكام مجلس الدولة بعد أن إنشاؤه عام
) ( . 1946
وكان مجلس الدولة وقت إنشاؤه يتمتع بصالحيات محددة وبمحكمة قضاء إداري واحدة ,ثم ما لبث أن توسعت اختصاصاته إذ صدر القانون
رقم 9لسنة 1949الذي وسع اختصاصاته ثم أنشأت المحاكم اإلدارية بالقانون رقم 147لسنة , 1954وبعد ذلك في عام 1955تم إنشاء
المحكمة اإلدارية العليا لتكون في قمة القسم القضائي بمجلس الدولة .
ثم صدر القانون رقم 55لسنة 1959بشأن تنظيم مجلس الدولة ,وقد مر مجلس الدولة بتطورات عدة حتى صدر القانون الحالي رقم 47
لسنة 1972وتعديالته .
ووفقًا لهذا القانون يعد مجلس الدولة هيئة قضائية ملحقة بوزير العدل ,ويتكون من رئيس وعدد من نواب الرئيس والمستشارين المساعدين
والنواب والمندوبين ومن مندوبين مساعدين .
هذا ولم تؤثر تبعية المجلس لوزير العدل في استقالله في ممارسة وظيفته إذ ال تتعدى هذه التبعية منح الوزير األشراف اإلداري وضمان حسن
سير العمل الوظيفي ,وهو ما أكدته المادة األولى من القانون رقم 47لسنة " 1972مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة " .
ولم يولد المجلس قويًا منذ نشأته فقد كان القضاء اإلداري صاحب الوالية العامة في نظر المنازعات اإلدارية وكانت اختصاصات مجلس الدولة
محددة على سبيل الحصر في القوانين التي سبقت القانون الحالي .
ففي ظل القانون رقم 112لسنة 1946والمعدل بالقانون رقم 9لسنة 1949كان القضاء العادي ينفرد بنظر دعاوى مسؤولية اإلدارة عن
أعمالها المادية ويختص باالشتراك مع المجلس في نظر طلبات التعويض عن القرارات اإلدارية ،ويترتب على رفع دعوى التعويض أمام
المحاكم العادية وإذا ما رفعت دعوى اإللغاء أو التعويض إلى مجلس الدولة عدم جواز رفع دعوى التعويض أمام المحاكم العادية فإنه يمتنع
رفعها أمام مجلس الدولة .
كما كانت المحاكم العادية تنفرد بنظر المنازعات الخاصة بالعقود اإلدارية حتى صدور القانون رقم 9لسنة 1949الذي منح المجلس النظر في
منازعات عقود االلتزام واألشغال العامة وعقود التوريد باالشتراك مع المحاكم العادية .
وفي ظل القانونين 165لسنة 1955و 55لسنة 1959استمرت المحاكم العادية تنفرد بالنظر في دعوى مسؤولية اإلدارة عن أعمالها
المادية في الوقت الذي استقل به مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بالتعويض عن القرارات اإلدارية والعقود اإلدارية .
وبصدور القانون 47لسنة 1972أصبح مجلس الدولة صاحب الوالية العامة بالنظر في المنازعات اإلدارية ما لم ينص القانون على خالف
ذلك ،فقد ورد في المادة 172من القانون رقم 47لسنة " 1972مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ،ويختص بالفصل في المنازعات
اإلدارية ،وفي الدعاوى لتأديبية ويحدد اختصاصاته األخرى " .
وبذلك أصبح مجلس الدولة قاضي القانون العام المختص بالفصل في المنازعات اإلدارية والتأديبية وساهم بإرساء مبادئ القانون اإلداري ,
وكان له دور رائد في حماية حقوق األفراد وحرياتهم من عسف اإلدارة وإلغاء قراراتها المعيبة والتعويض عنها .
الفصل الثالث
خصائص ومصادر القانون اإلداري
نبين في هذا الجزء من الدراسة الخصائص التي يتميز بها القانون اإلداري والمصادر التي يستمد منها أحكامه وذلك في مبحثين .
المبحث األول
خصائص القانون اإلداري
يتميز القانون اإلداري ببعض الخصائص منها أنه قانون سريع التطور ،وقانون غير مقنن ,وأنه من صنع القضاء .
أوًال :قانون سريع التطور .
يستم القانون اإلداري بأنه قانون يتطور بسرعة تفوق التطور االعتيادي في القوانين األخرى ولعل ذلك يرجع إلى طبيعة المواضيع التي يعالجها
،فقواعد القانون الخاص تتميز بالثبات واالستقرار ،وقد ثمر فترة طويلة قبل أن ينالها التعديل أو التغيير ،ويعود ذلك إلى أن العالقات التي
ينظمها القانون الخاص بفروعه المختلفة " قانون مدني ،قانون تجاري ،قانون مرافعات " تتعلق بقواعد عامة تتطلب قدرًا من االستقرار مع
ترك الحرية لألفراد من تسيير األمور األخرى ذات الطابع المتغير في حدود القواعد العامة المنصوص عليها على عكس القانون اإلداري الذي
يعالج مواضيع ذات طبيعة خاصة لتعلقها بالمصلحة العامة وحسن تسيير وإدارة المرافق العامة وجانب من أحكامه غير مستمدة من نصوص
تشريعية وإنما من أحكام القضاء وخاصة القضاء اإلداري الذي يتميز بأنه قضاء يبتدع الحلول للمنازعات اإلدارية وال يتقيد بأحكام القانون
الخاص إنما يسعى إلى خلق ما يتالئم مع ظروف كل منازعة على حده تماشيًا مع سرعة تطور العمل اإلداري ومقتضيات سير المرافق العامة .
ولعل من أسباب سرعة تطور القانون اإلداري أنه يتأثر بالعوامل االقتصادية واالجتماعية والسياسية في الدولة وهي عوامل متغيرة باستمرار
وغير مستقرة نسبيًا ،فاتساع نشاط الدولة ونزعتها التدخلية وانتشار الحروب واالزمات االقتصادية وظهور المرافق العامة االقتصادية ,وما
إلى ذلك من ظواهر اقتصادية وسياسية وإدارية ،وضرورة استيعاب القانون اإلداري لهذه المتغيرات ومواجهتها أدى بالضرورة إلى التطور
المستمر في أحكامه .
المبحث الثاني
مصادر القانون اإلداري
تشتمل مصادر القانون اإلداري على مصادر القانون بصورة عامة ،وهي عادة أربعة مصادر " التشريع – العرف – القضاء – الفقه " .
وإذا كان التشريع والعرف يعدان المصدران الرسميان للقوانين األخرى ،بينما يمثل القضاء والفقه المصدران التفسيريان للقواعد القانونية ،
فإن القانون اإلداري يمنح القضاء دورًا هامًا ,بل يعده أهم مصادر القانون اإلداري على اإلطالق ،ويكون مع التشريع والعرف مصدرًا رسميًا
للقانون اإلداري ,بينما يبقى الفقه مصدرًا تفسيرًا له .
وفيما يلي نعرض لهذه المصادر وبشيء من التفصيل .
أوًال :التشريع .
يقصد بالتشريع كمصدر للقانون اإلداري مجموعة القواعد القانونية المكتوبة الصادرة من السلطة المختصة في الدولة ،وقد تكون هذه السلطة
سلطة تأسيسة فيكون التشريع دستوريًا ،أما إذا كانت السلطة تشريعية فيكون التشريع عاديًا ويطلق عليه اصطالح القانون ،وأخيرًا إذا كانت
هذه السلطة تنفيذية فإننا نكون أمام ما يمكن تسميته بالتشريعات الفرعية أو اللوائح ،ويتميز التشريع عن غير من المصادر األخرى بوضوحه
وتحديده وسهولة تعديله .
.1التشريع الدستوري -:
تعد التشريعات الدستورية المصدر األساسي والرسمي للقانون اإلداري ،وتقع التشريعات الدستورية الدستورية في قمة الهرم القانوني ،
وتسمو على القواعد القانوينة األخرى جميعًا ،فهي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها وعالقتها بالمواطنين ،وتتضمن التشريعات الدستورية
بعض الموضوعات المتعلقة بالقانون اإلداري ،كتنظيم الجهاز اإلداري في الدولة ونشاطه وحقوق األفراد وحرياتهم .
ويتوجب على اإلدارة بوصفها جهاز السلطة التنفيذية أن تلتزم بالمبادئ التي جاء بها الدستور وال يحق لها مخالفتها وإال عدت أعمالها مخالفة
لمبدأ المشروعية مما يعرضها لإللغاء والتعويض عما تسببه من أضرار .
والقواعد الدستورية يقصد بها مجموعة القواعد المكتوبة في وثيقة أو عدة وثائق دستورية فحسب فمن الممكن أن تكون تلك القواعد غير
مكتوبة في ظل دستور عرفي يتمتع بسمو القواعد الدستورية المكتوبة ذاتها .
كذلك تتمتع إعالنات الحقوق ما تضمنته هذه اإلعالنات في حقوق وحريات األفراد بقوة النصوص الدستورية فال يجوز مخالفتها .
أما إذا خالفت اإلدارة العرف في حالة فردية خاصة دون أن تستهدف تعديله أو تغييره بدافع المصلحة العامة فإن قرارها أو إجراءها المخالف
للعرف يكون باطًال لمخالفته مبدأ المشروعية ) ( .
ومع ذلك فأن دور العرف كمصدر رسمي للقانون اإلداري أقل أهمية من المصادر الرسمية أخرى لصعوبة االستدالل على القاعدة العرفية من
جهة ,وألن اإلدارة في الغالب تلجأ إلى اللوائح كوسيلة لتنظيم نشاطها اإلداري من جهة أخرى .
ثالثًا :القضاء .
األصل في وظيفة القاضي تطبيق القوانين والفصل في المنازعات المعروضة أمامه ،وهو ملزم قانونًا بالفصل في المنازعة الداخلة في
اختصاصه وإال اعتبر منكرًا للعدالة ،لذلك رسم المشرع للقاضي األسلوب الذي يسلكه لفض المنازعة إذا لم يجد في القواعد القانونية حًال
للمنازعة .
وعلى ذلك ال يعد القضاء مصدرًا رسميًا للقانون لدوره المتعلق بتطبيق النصوص التشريعية وتفسيرها وإزالة غموضها وإزالة التعارض
المحتمل بينها ،وال يتعدى القاضي هذا األمر ليصل إلى حد خلق قواعد قانونية خارج نصوص التشريع ) ( .
إال أن الطبيعة الخاصة لقواعد القانون اإلداري من حيث عدم تقنينه وظروف نشأته وتعدد مجاالت نشاطه ،أدى إلى أن يتجاوز القضاء اإلداري
دور القضاء العادي ليتماشى مع متطلبات الحياة اإلدارية فيعمد إلى خلق مبادئ وأحكام القانون اإلداري ،
الفصـــــــــــــــــــــــــــــــــل الرابـــــــــــــــــــــــــــــــــع
أســـــــــــــــــــــــــــــــاس القـــــــــــــــــــــــــــــــانون اإلداري
سعى الفقه والقضاء نحو إيجاد أساس أو فكرة عامة تصلح أن تكون دعامة تقوم عليها مبادئ ونظريات القانون اإلداري وتحديد المعيار المميز
لموضـــــــــــــوعاته عن موضـــــــــــــوعات القـــــــــــــوانين األخـــــــــــــرى .
وإذا كان القانون اإلداري في معناه التقليدي قد نشأ في ظل النظام القضائي المزدوج فإن البحث عن أساس القانون اإلداري يساهم باإلضافة إلى
ـاء
ـاء اإلداري والقضـ ـاص بين القضـ بيان األساس النظري والفني ألحكام ومبادئ القانون اإلداري ,إلى وضع األسس الكفيلة بتعيين االختصـ
ـه منـدم تمكنــاء اإلداري ,لعـ المدني خاصة وقد فشل المشرع في تحديد معاني أو موضوع المنازعة اإلدارية وإعداد قائمة باختصاص القضـ
ـام
ـبح نظـ التنبؤ مسبقًا بمختلف المنازعات ذات الطبيعة اإلدارية ،كما أن القضاء اإلداري لم يعد جهة قضاء استثنائي كما نشاء ابتداًء إنما أصـ
قضــــــائي مــــــوزاي لنظــــــام القضــــــاء المــــــدني ولــــــه أهميتــــــه وأصــــــالته .
وعلى ذلك كان البد من وضع معيار ثابت ومستقر لتحديد أساس القانون اإلداري ،وظهر في هذا المجال عدة نظريات أو معايير رغم تعددها لم
ـور .ـا من نقص أو قصـ ـف فيهـ ـا انكشــد مــر لسـ
ـالبعض اآلخـ ـها بــدماج بعضـ تعش طويًال إنما راح بعضها يغلب على بعض تباعًا وانـ
وســـــــــــــنعرض فيمـــــــــــــا يلي ألهم هـــــــــــــذه المعـــــــــــــايير …
المبحث األول
معيــــــــــــــار أعمــــــــــــــال الســــــــــــــلطة وأعمــــــــــــــال اإلدارة
يقوم هذا المعيار على أساس تقسيم أعمال اإلدارة إلى صنفين أعمال سلطة Acte d’autoriteوهي األعمال التي تظهر فيها اإلدارة بمظهر
ـاء اإلداري .ـاص القضـ ـع الختصـ ـانون اإلداري ويخضـ السلطة العامة وتتمتع بحق األمر والنهي وهذا النوع من األعمال تحكمه قواعد القـ
وأعمال اإلدارة العادية Actte de gestionوهي األعمال التي تباشرها اإلدارة بذات األساليب التي يلجأ إليها األفراد وفي نفس ظروفهم ,
وتحكمهـــا قواعـــد القـــانون الخـــاص ويختص بهـــا القضـــاء العـــادي ألنهـــا ال تتصـــف بطـــابع الســـلطة .
وقد سادت هذه النظرية حتى نهاية القرن التاسع عشر وكان من أنصارها الفقيه الفيرير Laferrlereوبارتلمي ، ) ( Berthelemyواعتمد
القضـــــاء الفرنســـــي عليهـــــا فـــــترة من الـــــزمن أساســـــًا وحيـــــدًا للقـــــانون اإلداري .
إال أن القضاء اإلداري لم يلبث أن هجر هذا المعيار بفعل االنتقادات الموجه إليه ،وكان النقد األساسي يتمثل في أنه ضيق إلى حد كبير من نطاق
ـدرهاـتي تصـ القانون اإلداري ومن اختصاصات القضاء اإلداري ،فطبقًا لهذه النظرية تقتصر أعمال السلطة على القرارات اإلدارية واألوامر الـ
سلطات الضبط اإلداري لحفظ النظام العام ،وتستبعد من نطاق تطبيقها جميع األعمال األخرى من قبيل العقود اإلدارية وأعمال اإلدارة المادية .
ـرفات اإلدارةـلطة وتصـ كما أن هذا المعيار وبالرغم من بساطته ووضوحه صعب التطبيق في الواقع أو ليس من السهل التمييز بين أعمال السـ
العاديــــــــــة نظــــــــــرًا لطبيعتــــــــــه وتــــــــــداخل النشــــــــــاط اإلداري .
المبحث الثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاني
معيـــــــــــــــــــــار المرفـــــــــــــــــــــق العـــــــــــــــــــــام
ظهر هذا المعيار وتبلور ابتداًء من الربع األخير من القرن التاسع عشر ،وأصبح الفكرة األساسية التي اعتمدت عليها أحكــام مجلس الدولــة
الفرنسي ومحكمة التنازع كأساس للقانون اإلداري ومعيار الختصاص القضاء اإلداري ،وكان حكم روتشليد Rotchildالصادر عــام 1855
وديكســـــتر Dekesterالصـــــادر عـــــام 1861من األحكـــــام األولى في تقريـــــر هـــــذه الفكـــــرة.
إال أن حكم بالنكو Blancoالصادر عام 1873يمثل في نظر الفقه والقضاء حجر الزاوية في نظرية المرفق العام Theorie de Service
Publicوتتخلص وقائع هذا الحكم في انه صدمت عربة صغيرة تتبع مصنع تبغ بوردو طفلة فأوقعتها وجرحتها ,فرفع والد الطفلة النزاع إلى
القضاء العادي طالبًا التعويض من الدولة باعتبارها مسؤولة مدنيًا عن الخطاء الذي ارتكبه عمال المصنع التابع لها ,إال أن محكمــة التنــازع
ـرقررت أن الجهة المختصة بالنظر في النزاع هي القضاء اإلداري وليس القضاء العادي ,وقضى بأنه " ال تختص المحاكم العادية أطالقـًا بنظـ
الدعاوى المقامة ضد اإلدارة بسبب المرافق العامة أيًا كان موضوعها ,حتى لو كانت تستهدف قيام القضاء العادي بمجرد الحكم عليها بمبــالغ
ماليـــة تعويضـــًا عن األضـــرار الناشـــئة عن عملياتهـــا دون إلغـــاء أو تعـــديل أو تفســـير قـــرارات اإلدارة " .
ومن جانب آخر قرر هذا الحكم قواعد جديدة تحكم المسؤولية عن األضرار التي تسببها المرافق العامة فورد " ومن حيث أن مسؤولية الدولــة
عن األضرار التي تسببها لألفراد بفعل األشخاص الذين تستخدمهم في المرفق العام ال يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقررها التقــنين المــدني
لتنظيم الروابط بين الفراد بعضهم وبعض ،وأن هذه المسؤولية ليست عامة وال مطلقة ،بل لها قواعدها الخاصة التي تتغــير تبعــًا لحاجــات
المرفــــــق ,ولضــــــرورة التوفيــــــق بين حقــــــوق الدولــــــة والحقــــــوق الخاصــــــة " ) ( .
ـهـة أو تهيمن على إدارتـ ـديره الدولـ
ـاط تـ وتطبيقًا لهذه النظرية فإن أساس القانون اإلداري واختصاص القضاء اإلداري ،إنما يتعلق بكل نشـ
ويســــــــــــــتهدف تحقيــــــــــــــق المصــــــــــــــلحة العامــــــــــــــة .
ـرافهاـرى تحت إشـ ـة أخــه إلى جهـ والمرفق العام بهذا المعنى هو النشاط الذي تتواله الدولة أو األشخاص العامة األخرى مباشرة أو تعهد بـ
ومراقبتهــــا وتوجيههــــا وذلــــك إلشــــباع حاجــــات ذات نفــــع عــــام تحقيقــــًا للصــــالح العــــام ) ( .
وقد عزز هذا االتجاه أن وضع العميد (ديجي) Duguitألسس نظريته عن المرافق العامة التي كان لها شأن كبير بين نظريات القانون اإلداري
حتى باتت تقوم على اعتبار المرفق العام ومقتضيات سيره المبرر الوحيد لوجود نظام قانوني خارج عن المألوف في قواعد القانون الخاص .
ـاطات اإلدارة
ـع نشـ ـملت جميـوقد تجاوزت هذه النظرية االنتقادات التي وجهت لمعيار التفرقة بين أعمال السلطة وأعمال اإلدارة العادية ،فشـ
المتصــــــلة مباشــــــرة بــــــالمرافق العامــــــة الــــــتي يحكمهــــــا القــــــانون اإلداري .
ويختص القضاء اإلداري في نظر المنازعات الناشئة عنها من قبيل القارات والعقود اإلدارية واألعمال المادية سواء أصــدرت عن الدولــة أو
ـام .
ـالح العـ
ـًا للصـ
ـام تحقيقـ
ـع عـ ـات ذات نفـ ـباع حاجــال إشــذه األعمـ األشخاص العامة األخرى التابعة لها ,ما دامت تستهدف من هـ
مع ضرورة اإلشارة إلى استثنائين محدودين في هذا المجال يتعلق األول بإدارة الدولة أو األشخاص التابعة لها ألموالها الخاصة فال تكــون في
ـانونـد القـ
نكون في هذه الحالة أمام مرفق عام ,أما االستثناء األخر فيتعلق بعدول اإلدارة عن استعمال وسائل القانون العام واستعمالها قواعـ
الخاص في إدارة نشاط من نشاطاتها وفي هاتين الحالتين تطبق قواعد القانون الخاص ,ويختص القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عنها
.
ـق على ـة " وأطلـ
وقد أيد جانب كبير من فقهاء القانون اإلداري هذه النظرية كأساس للقانون اإلداري الذي أصبح يسمى " قانون المرافق العامـ
أنصــــــــــــــارها " مدرســــــــــــــة المرافــــــــــــــق العامــــــــــــــة " .
. ومن أبـــرز فقهـــاء هـــذه المدرســـة تيســـيه , Teissierديجي , Duguitوبونـــار Bonnardوجـــيز Jeze
المبحث الثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالث
معيـــــــــــــــار الســـــــــــــــلطة العامـــــــــــــــة وأمتياراتهـــــــــــــــا
إزاء االنتقادات الموجة إلى معيار المرفق العام ,طرح جانب من الفقه معيارًا آخر بديل عنه هو معيار السلطة العامــة ,ومقتضــاه أن فكــرة
السلطة ,هي األقدر في تحديد نطاق تطبيق القانون اإلداري ونطاق اختصاص القضاء اإلداري ،ذلك أن العنصر المهم في نظام القانون اإلداري
المميز له عن القانون الخاص ال يتعلق باألهداف أو الغايات التي تسعى اإلدارة إلى تحقيقها المتمثلة بالمنفعة العامة كما ذهبت نظرية أو معيــار
المرفق العام ،وإنما يقوم على أساس الوسائل التي تستعملها اإلدارة في سبيل تحقيق تلك األهداف ،فإذا كانت هذه الوســائل تتمــيز بســلطات
ـاء اإلداري .
وامتيازات استثنائية ال نظير لها في عالقات األفراد ،كنا أمام نشاط يحكمه القانون اإلداري ويختص بالمنازعات الناشئة عنه القضـ
()
ـلطةـة الســا " مدرسـ وقد أسس هذا المعيار العميد موريس هوريو Hauriouالذي أنشاء مدرسة مناهضة لمدرسة المرفق العام أطلق عليهـ
ـة .
ـال اإلدارة العاديـ
ـلطة وأعمـ ـال الســرق بين أعمـ ـتي تفـ العامة " ،ومبادئ هذه النظرية متميزة عن نظرية السلطة العامة التقليدية والـ
ـانونـائل القـ
فنظرية السلطة العامة كما ذهب هوريو ال تتعلق باألوامر والنواهي إنما تشمل كل نشاط إداري تمارسه اإلدارة مع استعمالها لوسـ
العـــــــــــام غـــــــــــير المألوفـــــــــــة في القـــــــــــانون الخـــــــــــاص .
ـانون اإلداريـة كأســاس للقـ ومن الجدير بالذكر أن " هوريو " لم ينكر فكرة المرفق العام ،إنما جعلها ثانوية بالمقارنة مع دور السلطة العامـ
ـدف) (. ـة أو الهــر الغايــتخدمها اإلدارة على عنصـ ـتي تسـ ـائل الــر الوسـ ـو غلب عنصـ ومعيار لتحديد اختصاص القضاء اإلداري ,فهـ
المبحث الرابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
معيـــــــــــــــــــــار المنفعـــــــــــــــــــــة العامـــــــــــــــــــــة
نادى بهذه الفكرة األستاذ مارسيل فالين Walineالذي كان من أشد المدافعين عن معيار المرفق العام ثم تخلى عنه تحت تأثير األزمة التي مر
بهــــــا هــــــذا المعيــــــار ،واقــــــترح محلــــــه فكــــــرة المنفعــــــة العامــــــة .
وتقوم هذه الفكرة على أن أساس القانون اإلداري ومعيار اختصاص القضاء اإلداري إنما يقوم على تحقيق المنفعة العامة والمصلحة العامــة ،
فالنشـــاط اإلداري يســـتهدف تحقيـــق النفـــع العـــام وهـــو مـــا يمـــيزه عن النشـــاط الخـــاص ) ( .
ـادر فيـيجور Commune de Monsegurالصـ ـة مونسـ وقد اعتمد فالين في تأسيس نظريته على حكم مجلس الدولة في قضية بلديـ
ـهـه بتعلقـ
ـبب فيـ 10/6/1921وتتلخص وقائع القضية أنه وقع حادث لصغير حرج في كنيسة مونسيجور بسقوط حوض " ماء مقدس " تسـ
واثنين من زمالئه به ،مما أصابه بعاهة مستديمة تمثلت بقطع ساقه ،وقد حصل والد الطفل على حكم من مجلس اإلقليم بإلزام البلدية المسئولة
عن صيانة الكنيسة بالتعويض ،وقد استئنفت البلدية هذا الحكم من ناحية أنه منذ عام 1905لم تعد البلدية مسؤولة عن دور العبادة النفصــال
الدين عن الدولة بقانون 9/9/1905ولم تعد الكنائس منذ هذا التاريخ مرافق عامة ،وبالتالي ال تدخل دعوى التعويض في اختصاص القضاء
اإلداري .
غير أن مجلس الدولة لم يأخذ بهذا الدفع وأسس قضائه على أنه وأن لم تعد مرافق العبادة مرفقًا عامًا منذ انفصال الدين عن الدولة ،فإن تــرك
الكنائس تحت تصرف المؤمنين والمكلفين بإقامة شـعائر العبـادة لممارسـة ديـانتهم إنمـا يكـون تنفيـذًا لغـرض ذي نفـع عـام ) ( .
وفكرة المنفعة العامة هذه أكثر اتساعًا من فكرة المرفق العام إال أنها لم تسلم من النقد الشديد من حيث أن جل عمل الدولة إنما يتعلق بتحقيــق
المنفعــــــــــــــة العامــــــــــــــة أو المصــــــــــــــلحة العامــــــــــــــة .
ـاتـك من خالل المؤسسـ ـا وذلـ
ـراد في تحقيقهــاهم األفـ
ـد يسـ كما أن تحقيق النفع العام ليس حكرًا على الدولة وأجهزتها اإلدارية ،وإنما قـ
ـا .
ـئة عنهـ ـات الناشـ ـادي بالمنازعـوالمشروعات الخاصة ذات النفع العام وهي مشاريع تخضع ألحكام القانون الخاص ويختص القضاء العـ
لذلك لم تعش هذه الفكرة طويًال ولم تصلح أساسًا للقانون اإلداري ومعيارًا لتحديد اختصاص القضاء اإلداري لسعتها وعدم تحديدها وسرعان ما
تخلى عنهـــــــا فـــــــالين نفســـــــه واتجـــــــه نحـــــــو معيـــــــار آخـــــــر .
المبحث الخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــامس
معيـــــــــــــــار الســـــــــــــــلطة العامـــــــــــــــة الحـــــــــــــــديث
ـاء اإلداري ،ـاص القضـ حاول جانب من الفقه إحياء فكرة السلطة العامة وتجديدها لتصلح أساسًا وحيدًا للقانون اإلداري ومعيارًا لتحديد اختصـ
ومن هؤالء األستاذ جورج فيدل George Vedelالذي ذهب إلى أن فكرة السلطة العامة ال تعني فقط استخدام اإلدارة المتيـازات وسـلطات
القانون العام باعتبارها سلطة آمره ،وإنما تشمل أيضًا القيود التي تحد من حرية اإلدارة وتفرض عليها التزامات أشد من االلتزامات المفروضة
على األفـــــــــــــراد في ظـــــــــــــل القـــــــــــــانون الخـــــــــــــاص ) (.
ومن هذه القيود عدم أمكان تعاقد اإلدارة إال بإتباع إجراءات وشروط معينة ال نظير لها في القانون الخاص ،كأتباعها أســلوب المناقصــات أو
المزايـــــــــــدات عنـــــــــــد اختيـــــــــــار المتعاقـــــــــــد معهـــــــــــا .
ـاطهاـتخدمت في نشـ ومن ثم ال يكفي اتصال نشاط اإلدارة بمرفق عام حتى تكون بصدد تطبيق القانون اإلداري إنما يجب أن تكون إلدارة قد اسـ
امتيازات وسلطات استثنائية ال مثيل لها في القانون الخاص أو التزمت بقيود وحدود غير مألوفة في هذا القانون ،وفي الحالتين يختص القضاء
اإلداري بالمنازعــــــــــات الناشــــــــــئة عن مباشــــــــــرة هــــــــــذا النشــــــــــاط .
ـتخدمها ـتي يسـ وعلى عكس ذلك يختص القضاء العادي ويطبق القانون الخاص على كل نشاط تؤديه اإلدارة مستخدمة أساليب مشابهة لتلك الـ
األفــــــــــراد أو ال تتضــــــــــمن امتيــــــــــازات أو شــــــــــروط اســــــــــتثنائية .
وقد صادف هذا المعيار نجاحًا وقبوًال في الفقه والقضاء اإلداريين وانحاز إليه فالين بعد أن تخلى عن معيار المرفق العام وبعده معيار النفع العام
.
المبحث الســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادس
معيـــــــــار الجمـــــــــع بين المرفـــــــــق العـــــــــام والســـــــــلطة العامـــــــــة
ـاءإزاء االنتقادات الموجهة لكل معيار من المعايير السابقة وعجزها في أن تكون أساسًا وحيدًا للقانون اإلداري ومعيارًا لتحديد اختصاص القضـ
ـام .
ـق العـ
ـة والمرفـ ـلطة العامــرتي السـ ـع بين فكــو الجمـ
ـا نحــدة ,واتجهــره واحـ ـكان بفكــاء يتمسـ اإلداري ،لم يعد الفقه والقضـ
وفي هذا المجال حاول األستاذ De Laubadereتجديد معيار المرفق العام بعد ما أصابه من تفكك نتيجة األزمات التي تعرض لها وذلك عن
ـة طريق الجمع بين فكرتي المرفق العام والسلطة العامة ،لكنه جعل األولوية للمرفق العام ،ثم يأتي استخدام أساليب القانون العــام في المرتبـ
الثانيـــة لســـد الفـــراغ في المجـــاالت الـــتي عجـــز معيـــار المرفـــق العـــام عن القيـــام بـــدوره فيهـــا ) ( .
بينما ذهب األستاذ شابي Chapusإلى تغليب فكرة السلطة العامة على فكرة المرفق العام فقال أنه يجب أن ال نعتقد أن معيار الشروط المخالفة
" السلطة العامة " دائمًا معيارًا مساعدًا ،فالمعيار المأخوذ من الموضوع هو دائمًا معيار مبدأ ،ففي كثير من األحيان يفضل القاضي اســتخدام
معيـــــار الشـــــرط غـــــير المـــــألوف وهـــــذا يكـــــون أســـــهل أو مناســـــبًا أكـــــثر ) ( .
وعلى هذا األساس فإن المرفق العام وأن كان عنصرًا مهمًا في تحديد أساس القانون اإلداري إال أنه ال يكفي ألداء هذا الدور بعد أن أتضح سعة
ـاء اإلداري في ـا القضـ ـذ بهـمفهومة وعدم اقتصاره على المرافق اإلدارية فظهرت فكرة المعيار المزدوج التي أيدها جانب كبير من الفقه وأخـ
فرنســـــــــــــــــــــــــــــا في أغلب أحكامـــــــــــــــــــــــــــــه ) ( .
وعلى ذلك فإن أساس القانون اإلداري ال يرجع لمعيار واحد من المعايير السابقة ,إنما يجب الجمع بين المعيــاريين المهمين المرفــق العــام
والسلطة العامة ،ومن ثم ليكون العمل إداريًا وخاضعًا للقانون اإلداري واختصاص القضاء اإلداري ،يجب أوًال أن يكون عمًال إداريًا أو نشــاطًا
متعلقـــــــــًا بمرفـــــــــق عـــــــــام " نظريـــــــــة المرفـــــــــق العـــــــــام " .
وثانيًا :أن تكون اإلدارة في هذا النشاط قد استخدمت امتيازات أو وسائل وسلطات استثنائية وغير مألوفة في القانون الخاص " نظرية السلطة
العامة " ـ مع ضرورة التنبيه أن السلطة العامة ال تبرز من خالل االمتيازات الممنوحة لإلدارة حسب وإنما تشمل القيود االستثنائية المفروضة
عليهـــــــــــــــــــــا في أحيــــــــــــــــــــان أخــــــــــــــــــــرى .
البـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاب األول
التنظيم اإلداري
نبحث في هذا المجال من الدراسة موضوع التنظيم اإلداري الذي نبين فيه الوسائل التي تؤدي من خاللها اإلدارة وظيفتها التنفيذية وتســتدعي
الدراسة البحث في األشخاص المعنوية العامة باعتبارها األداة التي تجمع السلطات اإلدارية في إطارها ،ومن ثم البحث في األساليب الرئيســية
المتبعـــة في هـــذا التنظيم وفقـــًا لمـــا يســـمى بأســـلوب المركزيـــة اإلداريـــة وأســـلوب الالمركزيـــة اإلداريـــة .
الفصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل األول
األشــــــــــــــــــــخاص المعنويــــــــــــــــــــة العامــــــــــــــــــــة
ـالته ،
يتمتع اإلنسان منذ والدته بالشخصية القانونية التي تمكنه من اكتساب الحقوق وتحمله بااللتزامـات ألداء دوره في المجتمـع وأداء رسـ
واألصل أن الشخصية القانونية نسبت لإلنسان فقط إال أن عجز اإلنسان عن النهوض بكافة متطلبات المجتمع النتهاء شخصيته بالوفاة وحاجــة
ـاها منحـة ومقتضـ المجتمع إلى دوام استمرار مرافقه ،كان البد من منح األهلية القانونية ألشخاص أخرى ،فظهرت نظرية الشخصية المعنويـ
القانون الشخصية القانونية إلى جانب اإلنسان الذي بات يطلق عليه الشخص الطبيعي إلى نوعين من التجمعــات :مجموعــة من األفــراد أو
مجموعة من األموال تهدف لتحقيق هدف معين ويكون كيان ذاتي مستقل عن األفراد المكونين لها يسمح بتحقيق هدفها ،وأطلق عليها اصطالح
الشخصـــــــــــــــــــية المعنويـــــــــــــــــــة االعتباريـــــــــــــــــــة .
وعلى ذلك يمكن تعريف الشخص المعنوي بأنه مجموعة من األموال أو األشخاص تستهدف تحقيق هدف معين اعترف لها القانون بالشخصــية
القانونيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
المبحث األول
أنــــــــــــــــــــواع األشــــــــــــــــــــخاص المعنويــــــــــــــــــــة
ـخاص ـه األشـيوجود نوعين رئيسيين من األشخاص المعنوية هي :األشخاص المعنية العامة ،واألشخاص المعنوية الخاصة ،مع ما تتمتع بـ
المعنوية الخاصة من أهمية في نطاق القانون الخاص فتظهر بشكل الشركات والمؤسسات والجمعيات التي تنشأ بمبادرات األفراد لتحقيق الربح
أحيانــــــًا وتحقيــــــق النفــــــع العــــــام أو المصــــــلحة العامــــــة في أحيــــــان أخــــــرى.
و الشخصية المعنوية العامة تحتل أهمية أكبر بكثير في نطاق القانون العام الذي ال يعرف غير هذا النوع من األشخاص المعنوية رغم أن نظرية
ـواع :ـة إلى ثالث أنــة العامــخاص المعنويـ ـيم األشـ
الشخصية المعنوية نشأت في ظل القانون الخاص .وقد درج الفقه والقضاء على تقسـ
أوًال :األشـــــــــــــــــــخاص المعنويـــــــــــــــــــة اإلقليميـــــــــــــــــــة
ـةـدات المحليــة والوحـ ـمل الدولـ وهي األشخاص المعنوية أو االعتبارية التي يتعلق اختصاصها في نطاق جغرافي منعين من الدولة وهي تشـ
األخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرى.
-1الدولـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
ـة .ـخاص االعتباريـ ـة هي أول األشـ وهي أهم األشخاص المعنوية على اإلطالق ولهذا فقد ورد النص عليها في القانون المدني على أن الدولـ
والدولة هي الشخص المعنوي العام الذي تتفرع عنه األشخاص المعنوية األخرى وهي التي تمنح الشخصية المعنوية الخاصة لألفراد والهيئات
الخاصــــــــــــــة وتمــــــــــــــارس الرقابــــــــــــــة عليهــــــــــــــا .
والدولة باعتبارها شخص معنوي عام تشمل سلطات الدولة الثالث :السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ،باعتبارها شخص معنوي واحد .
إال أن هـــذه الوحـــدة في شخصـــية الدولـــة لم تكن أمـــرًا مســـلمًا بـــه فقـــد اختلـــف الفقـــه في شـــأنها .
ـةـوق الماديــو الحقـ فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن االعتراف بالشخصية المعنوية العامة للدولة يقتصر على مجال معين من نشاط الدولة وهـ
والتصرفات التي تندرج في القانون الخاص ،أما بالنسبة لتصرفات الدولة التي تحمل طابع السلطة وامتيازاتها فما هي إال اختصاصات يمارسها
ممثلـــــوا الدولـــــة في الحـــــدود الـــــتي رســـــمها القـــــانون تحقيقـــــًا للمصـــــلحة العامـــــة.
ولعل الدافع وراء تبني هذا الرأي الخشية من تعسف الدولة وجورها على الحريات العامة إذا ما اعتبرت تصرفات الدولة حقًا من حقوقها ,بينما
ذهب رأي آخر إلى ثنائية شخصية الدولة ،فتكون شخصًا معنويًا خاصًا إذا ما تصرفت في مجال الحقوق المالية أو الحقوق الخاصة المشــابهة
ـعـا تخضـ لتصرفات األفراد وينطبق عليها القانون الخاص وتعتبر شخصًا معنويًا عامًا إذا قامت بعمل بدخل في ضمن نطاق السلطة العامة وهنـ
تصــــــــــــــرفاتها ألحكــــــــــــــام القــــــــــــــانون العــــــــــــــام ) (.
ـةـرفات الدولـإال أن هذه اآلراء لم تلبث أن انتهت ،وأصبح الرأي السائد فقهًا وقضاًء أن شخصية الدولة وحدة ال تتجزأ وهي تشمل جميع تصـ
وأعمــال الخاصــة منهــا والــتي تتســم بطــابع الســلطة العامــة .وهــو رأي يتماشــى مــع المنطــق القــانوني الســليم .
-2الوحـــــــــــــــــــدات المحليـــــــــــــــــــة المحافظـــــــــــــــــــات .
وترتبط فكرة األشخاص المعنوية العامة المحلية بالديمقراطية التي تسمح لكل إقليم من أقاليم الدولة أن يدير شؤونه المحلية من خالل ممثليــه
من ســــــــــــــــــــــــــــكان اإلقليم في المحافظــــــــــــــــــــــــــــات.
ثانيـــــــــــًا :األشـــــــــــخاص االعتباريـــــــــــة العامـــــــــــة المرفقيـــــــــــة
ويطلق عليها أيضًا أال مركزية المصلحة أو المرفقية ،وتنشأ لتحقيق مصالح عامة لألفراد تحت رقابة الدولة أو أحد األشخاص المعنوية التابعة
لهــــا .وتســــمى هــــذه األشــــخاص بالهيئــــات العامــــة أو المؤسســــات أو الشــــركات العامــــة .
وقد لجأ المشرع إلى إنشاء هذه األشخاص لتباشر أدارة المرافق العامة التي تتطلب نوعًا من االستقالل الفني عن الحكومة المركزيــة ضــمان
فاعلية وكفاءة اإلدارة .وتختلف هذه األشخاص عن األشخاص االعتبارية اإلقليمية في أنها مقيدة بالهدف الذي أنشأت من أجله ،في حين تكون
األخــــــــيرة مقيــــــــدة بالحــــــــدود الجغرافيــــــــة لإلقليم الــــــــذي تمثلــــــــه .
وحيث أن األشخاص االعتبارية المرفقية تهدف إلى تحقيق أغراض متنوعة منها ما هو إداري أو اجتماعي أو اقتصادي ،فــإن هــذا االختالف
يقود إلى اختالف أنظمتها القانونية حسب النشاط الذي تتواله ،أما األشخاص اإلقليمية فالقاعدة العامة أنها تتمتـع بـذات التنظيم القـانوني .
كذلك تفترق األشخاص االعتبارية المرفقية عن األشخاص االعتبارية اإلقليمية في أن األخيرة تقوم على فكرة الديمقراطية التي تؤكد حق سكان
الوحدات المحلية بإدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم ،بينما تقوم فكرة الشخصية االعتبارية المرفقية على ضرورة ضمان الكفاءة اإلدارية وحسن
إدارة المرافق العامة ذات الطابع الفني وال عالقة للديمقراطية في ذلك .كما هو الحال في الجامعات والهيئة العامة للمياه والهيئة العامة لإلذاعة
.
ثالثــــــــــــــًا :األشــــــــــــــخاص المعنويــــــــــــــة المهنيــــــــــــــة
بسبب التطور المستمر في مناحي الحياة االجتماعية واالقتصادية في مختلف الدول وتأثير هذا التطور على القانون اإلداري وأحكامــه ظهــرت
فكرة جديدة ألشخاص معنوية أخرى تتمثل في المنظمات واالتحادات ذات الطابع المهني ،تتولى إدارة مرافق عامة ينشأها المشــرع لتحقيــق
مصالح عامة ،ومن ذلك االتحاد العام لطلبة الجماهيرية واتحاد األدباء والكتاب والمؤتمر المهني للمعلمين .وتتمتع هذه األشخاص باالستقالل
ولهـــا إصـــدار اللـــوائح الخاصـــة بتـــأديب أعضـــائها وممارســـة المهنـــة الـــتي تشـــرف عليهـــا .
المبحث الثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاني
النتـــــــــــــائج المترتبـــــــــــــة على منح الشخصـــــــــــــية المعنويـــــــــــــة
اذا اعترف بالشخص االعتباري يتمتع بجميع الحقوق إال ما كان منها مالزمًا لصفة اإلنسان الطبيعي ،وذلك في الحدود التي قررها القــانون .
فيكــــــــــــــــــــــــــــــــــون لهــــــــــــــــــــــــــــــــــا :
-1الذمــــــــــــــــــــة الماليــــــــــــــــــــة المســــــــــــــــــــتقلة :
يتمتع الشخص المعنوي العام ،بذمة مالية مستقلة عن ميزانية الدولة ولها الحق في االحتفاظ بالفائض من إيراداتها ،كما أنها تتحمل نفقاتها ،
والذمـــة الماليـــة للشـــخص المعنـــوي مســـتقلة عن الذمـــة الماليـــة لألشـــخاص المكـــونين لـــه .
-2األهليـــــــــــــــــــــــــــــــة القانونيـــــــــــــــــــــــــــــــة :
يتمتع الشخص المعنوي العام بأهلية قانونية في الحدود التي رسمها القانون تمكنه من اكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات ،غير أن هذه األهلية
أضيق نطاقًا من أهلية الشخص الطبيعي فهي مقيدة بممارسة التصرفات القانونية التي تدخل في ميدان نشاطه وتخصصه ،ومفيدة كذلك بحدود
ـاري الهدف الذي يسعى الشخص االعتباري العام لتحقيقه .وهذه الشخصية القانونية مستقلة عن شخصية األعضاء المكونين بالشخص االعتبـ
العــــــــام ويباشــــــــرها عنــــــــه من يمثلونــــــــه من أشــــــــخاص طبيعيــــــــتين .
-3حــــــــــــــــــــــــــــــــق التقاضــــــــــــــــــــــــــــــــي :
للشخص المعنوي العام أهلية التقاضي ،فله مقاضاة الغير ،كما يكون من حق الغير أن يقاضيه ،كما يجوز أن تقاضي األشــخاص المعنويــة
ـيـه في التقاضـ بعضها ببعض ،ويباشر هذا الحق عن الشخص المعنوي العام أشخاص طبيعيتين يمثلونه أو ينوبون عنه ويعبرون عن إرادتـ
-4مــــــــــــــــــــــــــــــــوطن مســــــــــــــــــــــــــــــــتقل :
للشخص االعتباري موطن خاص به يختلف عن موطن األشخاص المكونين له ،وهو عادة المقر أو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته ،فقــد
ـخص ـبة للشـبينت المادة 53/2من القانون المدني أن " يعتبر موطنه المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته . " ..وللموطن أهمية خاصة بالنسـ
ـده.
ـع ضـ ـتي ترفـ ـدعاوي الـ ـالنظر بالـ
ـة بـ
ـة المختصـ ـد المحكمـ
االعتباري فيجب إعالن األوراق الرسمية والقضائية إليه فيه و يتم تحديـ
ـا
ـتي يقررهـ ـلطة الـ -5تمارس األشخاص المعنوية العامة جانبًا من سلطة الدولة باعتبارها من أشخاص القانون العام فتتمتع بامتيازات السـ
القانون للجهات اإلدارية فتعتبر قراراتها إدارية ،ويجوز تنفيذها جبرًا دون االلتجاء إلى القضاء ،كذلك تملك حق نزع الملكية للمنفعة العامة أو
االستيالء المباشر كما يجوز لها إبرام العقود اإلدارية ،وحيث توجد هذه السلطة توجد مسؤولية الشخص المعنوي عن أفعاله الضارة التي قــد
يتســـــــــــــــــــــبب بهـــــــــــــــــــــا موظفيـــــــــــــــــــــه .
ـال
ـررة للمـ -6المال الذي تملكه األشخاص المعنوية العامة يعتبر ماًال عامًا إذا كان مخصصًا للمنفعة العامة ،وبذلك فهو يحظى بالحماية المقـ
ـعـة وتخضـ العام ،ومع ذلك يمكن أن تملك األشخاص المعنوية العامة أمواًال أخرى خاصة تعد جزءًا من الدومين الخاص وال تعتبر أمواًال عامـ
ألحكــــــــــــــــــــام القــــــــــــــــــــانون الخــــــــــــــــــــاص .
ـانون على خالف -7موظفو األشخاص المعنوية العامة يعدون موظفين عامين ويرتبطون بعالقة تنظيمية مع الشخص المعنوي إال إذا نص القـ
ذلــك ،وال يمنــع ذلــك من أن يكــون لبعض األشــخاص المعنويــة نظــام خــاص لموظفيهــا ولــوائح خاصــة بتــأديبهم .
-8ال يترتب على منح الشخصية المعنوية العامة االستقالل التام عن الدولة إذ تخضع هذه األشخاص لنظام "الوصاية اإلدارية" التي تمارســها
السلطة المركزية في الدولة لضمان احترام هذه األشخاص للقانون والسياسة العامة للدولة وعدم تجاوز الغرض الذي من أجله أ نشــأت هــذه
المرافــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق .
-9نتيجة لتمتع الشخص المعنوي العام بامتيازات السلطة العامة وبالتالي اعتباره شخصًا من أشخاص القانون العام ،فــإن القضــاء اإلداري
يكون هو المختص في نظر المنازعات الناشئة عن ممارسة نشاطه ،ويخضع كذلك للقيود التي يفرضها القـانون اإلدراي من ضـرورة إتبـاع
ـام .
ـانون العــام القــة بنظـ ـة الخاصـ إجراءات خاصة في التعاقد أو الطعون في القرارات الصادرة منه وغير ذلك من أمور تفرضها الطبيعـ
لفصــــــــــــــــــــــــــــــــــل الثــــــــــــــــــــــــــــــــــاني
أســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاليب التنظيم اإلداري
ـورـدم في الظهـ
تنتهج الدول المختلفة أسلوبين في تنظيمها اإلداري هما :المركزية اإلدارية والالمركزية اإلدارية .يتجه األسلوب األول واألقـ
نحو حصر الوظيفة اإلدارية في أيدي السلطة التنفيذية وحدها في العاصمة دون وجود سلطات إدارية أخرى مستقلة عنها .بينما يتجه أســلوب
الالمركزيـــة اإلداريـــة نحـــو توزيـــع الوظيفـــة اإلداريـــة ومشـــاركة هيئـــات وســـلطات المركزيـــة .
وفيمــــا يلي ســــنتناول بالدراســــة المركزيــــة اإلداريــــة ثم الالمركزيــــة اإلداريــــة وذلــــك في مبحــــثين .
المبحث األول
المركزيــــــــــــــــــــــــــــــــة اإلداريــــــــــــــــــــــــــــــــة
ـالـة ،وفي المجـ ـدم التجزئـ المركزية اإلدارية هي أول النظم التي اتبعتها الدول في الحكم واإلدارة ،وتقوم المركزية على أساس التوحيد وعـ
اإلداري يقصـــد بهـــا توحيـــد النشـــاط اإلداري وتجميعـــه في يـــد الســـلطة التنفيذيـــة في العاصـــمة) ( .
وتقوم السلطة التنفيذية في هذا النظام بالسيطرة على جميع الوظائف اإلدارية من توجيه وتخطيط ورقابة وتنسيق ،وفي النظام المركزي تلتزم
السلطة الدنيا بالقرارات التي تصدر عن السلطة العليا ويساعد على هذه الخاصة الترتيب الذي يسود السلطة التنفيذية وتقسيم الموظفين رؤساء
ـل تحت ـره ويعمــذ أوامـومرؤوسين إلى درجات يعلو بعضها بعضًا في سلم إداري منتظم ،يخضع كل مرؤوس فيه لرئيسه خضوعًا تامًا وينفـ
إشـــــــــــــــــــــــــــــــرافه وتوجيهاتـــــــــــــــــــــــــــــــه .
وال تعني المركزية أن تقوم السلطة التنفيذية في العاصمة بجميع األعمال في أنحاء الدولة ،بل تقتضي وجود فروع لهذه السلطة غير أن هــذه
ـا .ـة بهـ
ـمة ومرتبطـ ـة في العاصـ ـلطة المركزيـ ـة للســون تابعـ
ـا وتكـ ـرة وظيفتهـ ـتقالل في مباشـ ـدر من االســأي قـ
الفروع ال تتمتع بـ
المطلب األول :أركــــــــــــــــــان المركزيــــــــــــــــــة اإلداريــــــــــــــــــة
ـية .ـلطة الرئاسـ
ـرمي والسـ ـدرج الهــة والتـ
ـد الحكومــة في يــة اإلداريــيز الوظيفـ
تقوم المركزية اإلدارية على ثالثة عناصر هي :تركـ
أوًال :تركــــــــيز الوظيفــــــــة اإلداريــــــــة في يــــــــد الحكومــــــــة المركزيــــــــة
تتركز في هذا النظام سلطة مباشرة الوظيفة اإلدارية في يد السلطة التنفيذية بالعاصمة ،وتعاونها في ذلك الهيئات التابعة لها في األقاليم األخرى
تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية ،وال توجد في هذا النظام أشخاص معنوية عامة محلية أو مرفقية مســتقلة عن الســلطة المركزيــة .
ومن ثم ال توجد مجالس محلية منتخبة أو هيئات عامة يمكن أن تدير المرافق العامة ،وتتركز سلطة اتخاذ القرارات وأداء المرافق العامة في يد
الــــــــوزراء وممثليهم التــــــــابعين لهم والمعنــــــــيين منهم تحت رقــــــــابتهم وإشــــــــرافهم .
ثانيـــــــــــــــــــــًا :التـــــــــــــــــــــدرج الهـــــــــــــــــــــرمي
يقوم النظام المركزي على أساس التدرج الهرمي في الجهاز اإلداري ومقتضاه أن يخضع موظفي الحكومة المركزية بشكل متدرج ومتصــاعد ،
تكــــون الــــدرجات الــــدنيا تابعــــة لألعلى منهــــا تحت قمــــة الجهــــاز اإلداري وهــــو الــــوزير .
ـام
ـل النظـ ـة في داخـ ـال الطاعـ وللسلطات العليا حق إصدار األوامر والتعليمات للجهات الدنيا ويخضع كل مرؤوس خضوعًا تامًا ،ويتجه مجـ
ـادرة من ـرارات الصـ ـديل القـالمركزي إلى درجة كبيرة فالرئيس يباشر رقابة سابقة والحقة على أعمال المرؤوس كما أن للرئيس صالحية تعـ
مرؤوســـــــــيه وإلغائهـــــــــا بالشـــــــــكل الـــــــــذي يـــــــــراه مناســـــــــبًا .
وهذه الدرجات تكون ما يسمى بنظام التسلسل اإلداري الذي يبين التمايز بين طبقتي الرؤساء والمرؤوسين ويبرز عالقــة التبعيــة والســلطة
الرئاســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــية .
ثالثـــــــــــــــــــــًا :الســـــــــــــــــــــلطة الرئاســـــــــــــــــــــية
ـهـل وفعاليتـ
ـدة العمــوفر وحـ السلطة الرئيسية le pouvior herachiqueضمانه معترف بها للرؤساء اإلداريين ينضمها القانون فيـ
واستمراريته ) ( .وتعتبر السلطة الرئاسية الوجه المقابل للتبعية اإلدارية وهي تتقرر بدون نص وبشكل طبيعي غير أنها من جانب آخر تــرتب
مســـؤولية الـــرئيس عن أعمالـــه مرؤوســـية وبالتـــالي عـــدم إمكانيـــة تهربـــه من هـــذه المســـؤولية ) (.
والسلطة الرئاسية من أهم ركائز النظام المركزي ،إال أنها سلطة ليست مطلقة وليست على درجة واحدة من القوة فهي تتأثر بصاحب الســلطة
ومركــــــــزه في الســــــــلم اإلداري وبنــــــــوع الوظيفــــــــة الــــــــتي يمارســــــــها .
والسلطة الرئاسـية تتحلـل إلى مجموعـة من االختصاصـات بعضـها يتعلـق بشـخص المـرؤوس واآلخـر منهـا يتعلـق بأعمالـه :
أ -ســـــــــــــلطة الـــــــــــــرئيس على شـــــــــــــخص مرؤوســـــــــــــيه
تتضمن سلطة الرئيس على أشخاص مرؤوسه الكثير من االختصاصات منها ما يتعلق بالحق في التعيين واالختيار ،وحق الرئيس في تخصيص
مرؤوسيه ألعمال معينة .كما تتضمن سلطة نقل الموظف وترقيته وإيقاع العقوبات التأديبية عليه والتي قد تصل إلى حد عزله أو حرمانــه من
حقوقـــــــه الوظيفيـــــــة ،في حـــــــدود مـــــــا يســـــــمح بـــــــه القـــــــانون .
ب -ســـــــــــــلطة الـــــــــــــرئيس على أعمـــــــــــــال مرؤوســـــــــــــيه
ـةـلطة مراقبــالهم وسـ تشمل هذه السلطة في حق الرئيس في توجيه مرؤوسيه عن طريق أصدار األوامر والتوجيهات إليهم قبل ممارسة أعمـ
تنفيــــــذهم لهــــــذه األعمــــــال والتعقيب عليهــــــا وتشــــــمل هــــــذه الســــــلطات .
-1ســــــــــــــــــــــــــــــــلطة األمــــــــــــــــــــــــــــــــر :
يملك الرئيس إصدار األوامر والتعليمات ،ويعتبر اختصاصه هذا من أهم مميزات السلطة الرئاسية ،ذلك أن إصدار األوامر عمل قيادي له أهمية
ـرـدار أوامـ
كبرى في سير األعمال اإلدارية ،وعلى وجه العموم نجد أن السلطة الرئاسية تتصف أساسًا بأنها سلطة آمره لكونها تقوم على إصـ
ملزمـــــــــــــــــــــــــــــــة للمرؤوســـــــــــــــــــــــــــــــين ) (.
-2ســــــــــــــــــــــــــــــلطة الرقابــــــــــــــــــــــــــــــة والتعقيب
سلطة الرئيس في الرقابة على أعمال مرؤوسية تتمثل بحقه في إجازة أعمالهم أو تعديلهم قراراتهم أو إلغائها وسحبها كما يملك أيضًا الحلــول
محلهم إذا اقتضى العمل ذلك .وتمتدد رقابة الرئيس على أعمال مرؤوسية لتشمل مالئمة هذا العمل أو التصرف ومقتضيات حين سير المرفــق
العـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام ) ( .
ووسيلة الرئيسي في رقابته على مرؤوسيه تتمثل بالتقارير التي يقدمها الموظفين عن أعمالهم بصورة دورية أو بوساطة التقارير التي يضعها
المفتشون ويطلعون السلطة الرئاسية عليها ،قد يمارسها الرئيس عن طريق الشكاوي التي يقدمها إليه األفراد الذين أصابهم الضــرر نتيجــة
تصـــــــــــــــــــــــــــــــرفات مرؤوســـــــــــــــــــــــــــــــيه .
المبحث الثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاني
الالمركزيــــــــــــــــــــــــــــــــة اإلداريــــــــــــــــــــــــــــــــة
ـع ـاليم ،وتتمتـ
يقوم هذا النظام على أساس توزيع الوظيفة اإلدارية بين الحكومية المركزية في العاصمة وبين أشخاص اإلدارة المحلية في األقـ
هـــذه األشـــخاص بالشخصـــية المعنويـــة المســـتقلة ،مـــع خضـــوعها لرقابـــة الحكومـــة المركزيـــة .
ـة ـق العامــإدارة بعض المرافــة بـففي هذا النظام تتمتع السلطة المحلية بقدر من االستقالل في ممارسة اختصاصاتها فتحتفظ اإلدارة المركزيـ
القوميـــة وتمنح األشـــخاص المعنويـــة المحليـــة ســـلطة إنشـــاء وإدارة بعض المرافـــق العامـــة ذات الطـــابع المحلي .
ـة أو ـاإلدارة الالمركزيـ
ـا بـ
وعلى ذلك تظهر في هذا النظام إلى جانب الدولة أو اإلدارة المركزية أشخاص معنوية محلية أو مرفقية يطلق عليهـ
الســــــــــــــــــــلطات اإلداريــــــــــــــــــــة الالمركزيــــــــــــــــــــة.
المطلب األول :صــــــــــــــــــور الالمركزيــــــــــــــــــة اإلداريــــــــــــــــــة
ـة " .ـلحية أو المرفقيـ
ـة المصـ ـة ،والالمركزيـ ـة أو اإلقليميـ
ـة المحليـ
ـة " الالمركزيـ
ـة اإلداريـ
ـيتان لالمركزيــورتان أساســاك صـ هنـ
أوًال :الالمركزيــــــــــــــــــة اإلقليميــــــــــــــــــة أو المحليــــــــــــــــــة:
ـاـع تمتعهـ ـة مـ ـالح المحليـ
ـق والمصـ ومعناها أن تمنح السلطات المركزية إلى جزء من إقليم الدولة جانب من اختصاصاتها في إدارة المرافـ
بالشخصــــــــــــية المعنويــــــــــــة واالســــــــــــتقالل المــــــــــــالي واإلداري .
وتستند هذه الصورة إلى فكرة الديمقراطية التي تقتضي إعطاء سكان الوحدات المحلية الحق في مباشرة شؤونهم ومرافقهم بأنفسهم عن طريق
مجـــــــــــــــــــــــــــــــالس منتخبـــــــــــــــــــــــــــــــة منهم .
وتقـــــــــوم الالمركزيـــــــــة اإلقليميـــــــــة أو المحليـــــــــة على ثالث عناصـــــــــر :
-1مصــــــــــــــالح محليــــــــــــــة أو إقليميــــــــــــــة متمــــــــــــــيزة :
يتم منح الشخصية المعنوية للوحدات المحلية العتبارات إقليمية أو محلية ،يجد المشرع أن من األفضل أن تباشرها هيئات محلية معينة وإسناد
ـل ـق وحـ ـذه المرافـ
ـدر على إدارة هـ إدارتها إلى سكان هذه الوحدات أنفسهم .والشك أن سكان هذه الوحدات أدرى من غيرهم بواجباتهم وأقـ
مشكالتها ،كما أن هذا األسلوب يمنح اإلدارة المركزية فرصة التفرغ إلدارة المرافق القومية .ويتم تحديد اختصاصات الهيئات المحلية بقانون
ـحة ـق الصـ وال يتم االنتقاص منها إال بقانون آخر ،وهي تشمل مرافق متنوعة وتتضمن كافة الخدمات التي تقدم لمكان الوحدات المحلية كمرفـ
والتعليم والكهربــــــــــــــــــاء والمــــــــــــــــــاء وغيرهــــــــــــــــــا .
-2أن يتــــــــولى ســــــــكان الوحــــــــدات المحليــــــــة إدارة هــــــــذه المرافــــــــق :
يجب أن يتولى سكان الوحدات المحلية إدارة هذا النوع من المرافق بأنفسهم وان يتم ذلك باختيار السلطات المحلية من هؤالء السكان وليس عن
ـدًاطريق الحكومة أو اإلدارة المركزية ...ويذهب أغلب الفقهاء إلى ضرورة أن يتم اختيار أعضاء المجالس المحلية عن طريق االنتخابات تأكيـ
لمبدأ لديمقراطية وإن كان هذا هو األصل فإنه ليس هناك مانع من مشاركة أعضاء معينين ضمن هذه المجالس لتوفير عناصر ذات خبرة وكفاءة
شرط أن تبقى األغلبية للعناصر المنتخبة ،خاصة وإن االنتخاب يتطلب قدر كبير من الوعي والثقافة مما ال يتوفر غالبــًا في ســكان الوحــدات
المحليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
-3اســـــــــــــــــــتقالل الوحـــــــــــــــــــدات المحليـــــــــــــــــــة :
إذا كان من الضروري في هذه األيام أن يكون اختيار أعضاء المجال المحلية عن طريق سكان هذه الوحدات فإن األكثر أهمية أن تستقل الهيئات
الالمركزية في مباشرة عملها عن السلطة المركزية ،فالمرافق الالمركزية ال تخضع لسلطة رئاسة أعلى .إال أن ذلك ال يعني االســتقالل التــام
ـات ـة على الهيئـللهيئات المحلية عن السلطات المركزية ،فاألمر ال يعدو أن يكون االختالف حول مدى الرقابة التي تمارسها السلطات المركزيـ
المحليـــة في النظم الالمركزيـــة إذ البـــد من تمتـــع هـــذه الهيئـــات باســـتقالل كـــاٍف في أدائهـــا لنشـــاطها .
وقد أطلق الفقهاء على الرقابة التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات الالمركزية الوصاية اإلدارية . la tutelle administrative
ثانيــــــــــــــــــــًا :الالمركزيــــــــــــــــــــة المرفقيــــــــــــــــــــة:
يجد المشرع في أحيان كثيرة أنه من الضروري أن يمنح بعض المشاريع والمرافق والمصالح العامة الشخصية المعنوية وقدر من االستقالل عن
ـدًا عن ـاطاتها بعيـاإلدارية المركزية مع خضوعها إلشرافها ،كمرفق البريد والتلفون والكهرباء واإلذاعة والجماعات ،لتسهيل ممارستها لنشـ
التعقيــــــــــــــــــــــــــــــــدات اإلداريــــــــــــــــــــــــــــــــة .
ـة ـة المحليـوتمارس الالمركزية المرفقية نشاطًا واحدًا أو أنشطة متجانسة كما هو الحال في الهيئات والمؤسسات العامة على عكس الالمركزيـ
الــــــتي تــــــدير العديــــــد من المرافــــــق أو األنشــــــطة غــــــير المتجانســــــة) ( .
ـلوب ـذ بأســة لألخـ ـك ليس من حاجـ ـق وعلى ذلـ وال يستند هذا األسلوب على فكرة الديمقراطية إنما هي فكرة فنية تتصل بكفاءة إدارة المرفـ
االنتخابـــــات في اختيـــــار رؤســـــاء أو أعضـــــاء مجـــــالس إدارة هـــــذه الهيئـــــات العامـــــة .
هذا ويحرص المشروع دائمًا تكون ممارسة هذه المؤسسات لنشاطها ضمن الحدود واالختصاصات التي أجازها وال يمكن مباشرة نشاط آخر أو
التوســــــــــــــــــــــــــــــيع من اختصاصــــــــــــــــــــــــــــــاتها .
المطلب الثـــــــاني :التميـــــــيز بين الوصـــــــاية اإلداريـــــــة والســـــــلطة الرئاســـــــية
أطلق جانب من الفقه على الرقابة التي تمارسها السلطات المركزية على الهيئات الالمركزية مصطلح الوصايا اإلدارية ( ) إال إن هذا المصطلح
ـود اختالف بين منتقد عند جانب آخر من الفقهاء ويرون أن يستبدل بمصطلح الرقابة اإلدارية le control administrativeوذلك لوجـ
المراد بالوصاية في القانون الخاص ،وبين الوصاية اإلدارية في القانون العام ،فاألولى تتعلق بحماية األفراد ناقصي األهليــة أمــا الوصــايا
اإلداريــة فتــترتب على الهيئــات المحليــة ،وهــذه الهيئــات تتمتــع بأهليــة كاملــة بصــفتها شخصــية معنويــة معتــبرة .
ونرى إزاء هذا االختالف البين أن مصطلح الرقابة اإلدارية هو األجدر على وصـف العالقـة بين السـلطة المركزيـة والهيئـات المحليـة .
والرقابة اإلدارية في النظام الالمركزي تختلف عن السلطة الرئاسية التي تعتبر أحد عناصر المركزية اإلدارية ,فالسلطة الرئاسية كما ســبقت
اإلشارة عالقة التبعية والتدرج الرئاسي بين الموظف ورئيسه .أما في النظام الالمركزي فإن الموظفين في الدوائر والهيئات المحلية ال يدينون
بالطاعة ألوامر السلطة المركزية على خالف األمر في السلطة الرئاسية ،ألن هذه الهيئات تتمتع بشخصية معنوية تجعلها بمنأى عن الخضوع
ـة .ـات المحليــال الهيئـ
ـها على أعمـ ـتي تمارسـ ـة الـ
ـة الالحقـ ـا ال تتخلى عن الرقابــة ،ولكنهـ ـلطة المركزيـ ـات السـ ـام لتوجيهـ التـ
وال يمكن اعتبار هذا االستقالل منحه من الهيئات المركزية بل هو استقالل مصدره القانون أو الدستور ( ) ويقود هذا االســتقالل إلى أعضــاء
ـددها الرئيس الذي يملك الوصايا من المسؤولية المترتبة من جراء تنفيذ المرؤوس لتوجيهاته إال المرؤوس لتوجيهاته غال في األحوال التي يحـ
القــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــانون) ( .
كما تختلف ( الوصاية اإلدارية ) عن السلطة الرئاسية في أنه ال يجوز للسلطة المركزية تعديل القرارات التي تصدرها الهيئات المحلية وكل مــا
تملكـــــــــــه توافـــــــــــق عليهـــــــــــا بحالتهـــــــــــا أو ترفضـــــــــــها) ( .
فإن حاولت السلطة المركزية فرض رئاستها على المرافق الالمركزية بالتعرض لقراراتها بالتعديل أو إلغائها في غير الحدود القانونية كان لهذه
األخــــــــــــــــــــيرة االعــــــــــــــــــــتراض على ذلــــــــــــــــــــك .
ـة ـالس البلديــة بالمجــة المركزيـوفي ذلك ورد في حكم لمحكمة القضاء اإلداري المصري " إن من المسلم به فقهًا وقضاء إن عالقة الحكومـ
والقروية إن هي إال وصاية إدارية وليست سلطة رئاسية ،وبناء على ذلك فإن األصل إن وزير الشؤون البلدية والقرويــة ال يملــك بالنســبة
ـرارات") (.ـذه القــديل هــق تعـ لقرارات هذا المجلس سوى التصديق عليها كما هي ،أو عدم التصديق عليها كما هي ،دون أن يكون له حـ
وأخيرًا فإن سلطة الوصايا تملك الحلول محل الوحدات المحلية عندما تهمل األخيرة في ممارسة اختصاصاتها أو تخل بالتزاماتها فترفض اتخـاذ
إجراء معين كان الواجب عليها طبقًا للقوانين واللوائح ،حتى ال يتعطل سير المرافق العمامة تحرير السلطة المركزية محل الوحدات الالمركزية
لتتخـــــذ اإلجـــــراء المطلـــــوب وذلـــــك باســـــم الوحـــــدات الالمركزيـــــة ولحســـــابها .
ولخطورة هذه السلطة وحتى ال تتعسف السلطة المركزية في ممارسة حق الحلول ،درج القضاء على القول بضرورة وجود نص قانوني صريح
ـدةـوب إلى الوحـ ـذار مكتــه إنـ
ـايا بتوجيـيلزم الوحدة الالمركزية بالقيام بالعمل أو بإجراء التصرف وامتناعها عن ذلك ،وقيام السلطة الوصـ
الالمركزيـــة الممتنعـــة تـــدعوها إلى وجـــوب القيـــام بالعمـــل أو اإلجـــراء الـــذي يفرضـــه القـــانون ( )
المطلب الرابــــــــــــــع:تقــــــــــــــييم الالمركزيــــــــــــــة اإلداريــــــــــــــة
ـة :ـذه الدراسـ
ـه في هـ ـا نبينـ
ـو مــوب وهـ ـه بعض العيـ ـرز لـ ـاء من أبـ ـا إال أن من الفقهـ
نظام الالمركزية اإلدارية له الكثير من المزايـ
أوال :مزايـــــــــــــــــــا الالمركزيـــــــــــــــــــة اإلداريـــــــــــــــــــة :
ـة .ـة المحليـ
ـق العامــرارات وإدارة المرافـ ـاذ القـ
ـعب في اتخـ ـتراك الشـ ـدف إلى اشـ -1يؤكد المبادئ الديمقراطية في اإلدارة :ألنه يهـ
ـتيح لإلدارةـة يــة أو المرفقيــات المحليـ -2يخفف العبء عن اإلدارة المركزية .إذ أن توزيع الوظيفة اإلدارية بين اإلدارة المركزية والهيئـ
المركزيـــة التفـــرغ ألداء المهـــام األكـــثر أهميـــة في رســـم السياســـة العامـــة وإدارة المرافـــق القوميـــة .
-3النظام الالمركزي أقدر على مواجهة األزمات والخروج منها .سيما وأن الموظفين في األقاليم أكثر خبرة من غيرهم في مواجهة الظروف
ـا
ـًا مـواألزمات المحلية كالثورات واختالل األمن ،لما تعودوا عليه وتدربوا على مواجهته وعدم انتظارهم تعليمات السلطة المركزية التي غالبـ
تـــــــــــــــــــــــــــــــــأتي متـــــــــــــــــــــــــــــــــأخرة .
-4تحقيق العدالة في توزيع حصيلة الضرائب وتوفير الخدمات في كافة أرجاء الدولة ،على عكس المركزية اإلداريــة حيث تحظى العاصــمة
والمـــــدن الكـــــبرى بعنايـــــة أكـــــبر على حســـــاب المـــــدن واألقـــــاليم األخـــــرى .
ـبل في تفهم -5تقدم الالمركزية اإلدارية حًال لكثير من المشاكل اإلدارية والبطء والروتين والتأخر في اتخاذ القرارات اإلدارية وتوفر أيسر السـ
احتياجــــــــــات المصــــــــــالح المحليــــــــــة وأقــــــــــدر على رعايتهــــــــــا .
ثانيــــــــــــــًا :عيــــــــــــــوب الالمركزيــــــــــــــة اإلداريــــــــــــــة -:
ـة .ـات المحليــوزارات والهيئـ ـة بين الــة اإلداريـ
ـع الوظيفـ ـة من خالل توزيـ ـدة الدولـ
ـاس بوحـ ـام إلى المســذا النظــؤدي هـ -1يـ
-2قد ينشأ صراع بين الهيئات الالمركزية والسلطة المركزية لتمتع االثنين بالشخصية المعنوية وألن الهيئات المحلية غالبًا ما تقدم المصــالح
المحليـــــــــــــــــــة على المصـــــــــــــــــــلحة العامـــــــــــــــــــة .
ـع اإلدارة ـة مـ
ـاق بالمقارنــرافًا في اإلنفـ
-3غالبًا ما تكون الهيئات الالمركزية أقل خبرة ودراية من السلطة المركزية ومن ثم فهي أكثر إسـ
المركزيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
وال شك أن هذه االنتقادات مبالغ فيها إلى حد كبير ويمكن عالجها عن طريق الرقابة أو الوصايا اإلدارية التي تمارسها السلطة المركزيــة على
الهيئـــات الالمركزيـــة والـــتي تضـــمن وحـــدة الدولـــة وترســـم الحـــدود الـــتي ال تتجاوزهـــا تلـــك الهيئـــات .
وفي جانب آخر يمكن سد النقص في خبرة الهيئات الالمركزية من خالل التدريب ومعاونة الحكومة المركزية مما يقلل من فرص اإلســراف في
النفقــــــــــــــات واألضــــــــــــــرار بخزينــــــــــــــة الدولــــــــــــــة.
ـل للتنظيم اإلداري .
ـلوب األمثــه األسـ ـار أنـ
ـة على اعتبــة اإلداريــلوب الالمركزيـ ـذ بأسـويؤكد ذلك أن اغلب الدول تتجه اليوم نحو األخـ
البــــــــــــــــــــــــــــــــــاب الثــــــــــــــــــــــــــــــــــاني
نشــــــــــــــــــــــــــــــــاط اإلدارة العامــــــــــــــــــــــــــــــــة
حضيت مشكلة تحديد نشاط اإلدارة العامة ونشاط األفراد باالهتمام رجال الدولة والمفكرين منذ نشأت الدولة وحتى الوقت الحاضر ،وقد اختلفت
غلبــــة أحــــد النشــــاطين على األخــــر تبعــــا لألفكــــار السياســــية الســــائدة في المجتمــــع.
ولعل التطور االقتصادي واالجتماعي والسياسي وازدياد تدخل الدولة في هذه المجاالت المختلفة قاد بالضرورة إلى وضع الوســائل المناســبة
إلدارة الدولة في هذه المجاالت المختلفة قاد بالضرورة إلى وضع الوسائل المناسبة إلدارة الدولة ونشاطها ،وفقًا للفلسفة السياسية التي تؤمن
بهـــــــــــــــــــــا األنظمـــــــــــــــــــــة السياســـــــــــــــــــــية .
وقد برز دور الدولة من خالل وظيفتين أساسيتين تقوم بهما اإلدارة األولى منها سلبية تتمثل بالضبط اإلداري والذي يقوم على مراقبــة وتنظيم
نشاط األفراد حفاظًا على النظام العام .أما الوظيفة الثانية فهي وظيفة إيجابية تتمثل بإدارة المرافق العامة والوفاء بحاجات األفــراد وإشــباع
رغبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتهم.
وســــــنبين في هــــــذا البــــــاب هــــــاتين الوظيفــــــتين في فصــــــلين متتــــــاليين.
الفصـــــــــــــــــــــــــــــل األول :الضـــــــــــــــــــــــــــــبط اإلداري .
الفصـــــــــــــــل الثـــــــــــــــاني :المرفـــــــــــــــق العـــــــــــــــام .
الفصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل األول
الضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبط اإلداري
نتناول في هذا القسم في الدراسة الجوانب المختلفة للضبط اإلداري ،فنعرض لماهيته وأغراضه ووسائل وحدود سلطات الضــبط اإلداري ) (،
وذلــــــــــــــك في ثالثــــــــــــــة مبــــــــــــــاحث كمــــــــــــــا يلي -:
المبحث األول
ماهيـــــــــــــــــــــــــــــــة الضـــــــــــــــــــــــــــــــبط اإلداري
لبيـــان ماهيـــة الضـــبط اإلداري نعـــرض أوال لتعريفـــه وتميـــيزه عمـــا يشـــتبه بـــه وأخـــيرًا نـــبين أنواعـــه.
المطلب األول :التعريــــــــــــــــــــــــــف بالضــــــــــــــــــــــــــبط اإلداري .
يقصد بالضبط اإلداري بمعناه العام مجموعة اإلجراءات واألوامر والقرارات التي تتخذها السلطة المختصة للمحافظة على النظام العام بمدلوالته
الثالثــــــــــــــــــة " األمن – الصــــــــــــــــــحة – الســــــــــــــــــكينة " .
ـرك ـه ،وتــد أغراضـ ويالحظ أن المشرع سواء في فرنسا أو مصر أو في العراق ،لم يضع تعريفًا محددًا للضبط اإلداري ،وإنما اكتفى بتحديـ
تعريفـــــــــــــــــــــه للفقـــــــــــــــــــــه والقضـــــــــــــــــــــاء.
وفى هذا المجال يعرف De laubadereالضبط اإلداري بأنه " :مظهر من مظاهر عمل اإلدارة يتمثل في تنظيم حريات األفراد حماية للنظام
العــــــــــــــــــــــــــــــــــام )1( .
بينما يتجه الفقهاء العرب ومنهم الدكتور طعيمة الجرف إلى تعريفه بأنه " وظيفة من أهم وظائف اإلدارة تتمثل أصال في المحافظة على النظــام
العام بعناصره الثالثة األمن العام والصحة العامة والسكنية العامة عن طريق إصدار القرارات الالئحية والفردية واستخدام القوة المادية مع مــا
ـر من ـه " مظهـ يتبع ذلك من فرض قيود على الحريات الفردية تستلزمها الحياة االجتماعية " ( ) بينما يعرفه الدكتور صبيح بشير مسكوني بأنـ
ـام ") (.
ـام العــة للنظــراد وحمايـمظاهر نشاط اإلدارة العامة يراد به ممارسة هيئات إدارية معينة اختصاصات فرض قيود على حريات األفـ
ـرادهـحة أفــالمته وصـ ـه وسـ ـل بأمنـوأيا كان األمر فان الضبط اإلداري نظام وقائي تتولى فيه اإلدارة حماية المجتمع من كل ما يمكن أن يخـ
وسكينتهم ،ويتعلق بتقييد حريات وحقوق األفراد بهدف حماية النظام العام في الدولة .وبهذا المعــنى يتمــيز الضــبط اإلداري عن الضــبط
التشــــــــــــــــــــريعي والضــــــــــــــــــــبط القضــــــــــــــــــــائي.
أوًال :الضــــــــــــــــــبط اإلداري والضــــــــــــــــــبط التشــــــــــــــــــريعي
ـذاـته لهــام ،وفى ممارسـ ـام العـ
ـًا على النظـيلجأ المشرع في كثير من األحيان إلى إصدار القوانين التي تقيد حريات األفراد وحقوقهم حفاظـ
ـذاـادرة في هـ االختصاص إنما يستند الختصاصه التشريعي ،الذي يجد مصدره في الدستور والمبادئ العامة للقانون ،وتسمى التشريعات الصـ
الشأن " بالضبط التشريعي" تميزًا له عن الضبط اإلداري الذي يصدر من جانب اإلدارة في شكل قرارات تنظيميه أو فردية يترتب عليهــا تقييــد
حريـــــــــــــــــــــــــــــــــات األفـــــــــــــــــــــــــــــــــراد.
ـاذـا من اتخــك ال يمنعهـ ـير أن ذلـ
مع ضرورة اإليضاح بان سلطة الضبط اإلداري يجب أن تتم في إطار القوانين والتشريعات وتنفيذًا لها ،غـ
إجـــراءات مســـتقلة تتضـــمن قيـــودًا على الحريـــات الفرديـــة بواســـطة مـــا تصـــدره من لـــوائح الضـــبط) (.
ثانيــــــــــــــًا :الضــــــــــــــبط اإلداري والضــــــــــــــبط القضــــــــــــــائي.
يقصد بالضبط القضائي ،اإلجراءات التي تتخذها السلطة القضائية للتحري عن الجرائم بعد وقوعها ،والبحث عن مرتكبها تمهيدًا للقبض عليه،
وجمـــــع األدلـــــة الالزمـــــة للتحقيـــــق معـــــه ومحاكمتـــــه وانـــــزال العقوبـــــة بـــــه.
ومن ثم فان الضبط القضائي يتفق مع الضبط اإلداري في انهما يستهدفان المحافظة على النظام العام ،إال انهمــا يختلفــان من حيث الســلطة
المختصـــــــــــة بإجرائـــــــــــه والغـــــــــــرض منـــــــــــه وطبيعتـــــــــــه.
فمن جهة تتولى السلطة التنفيذية وظيفة الضبط اإلداري .بينما تتولى السلطة القضائية ممثلة بالقضاة أو أعضاء النيابة العامة وممثليها وظيفة
الضــــــــــــــــــــــــــــــــبط القضــــــــــــــــــــــــــــــــائي.
ـائيـبط القضـ ومن حيث الغرض فان مهمة الضبط اإلداري وقائية تسبق اإلخالل بالنظام العام وتمنع وقوع االضطراب فيه ،في حين مهمة الضـ
عالجية والحقة لوقوع اإلخالل بالنظام العام وتهدف إلى ضبط الجرائم بعد وقوعها والبحث عن مرتكبيها وجمع األدلة الالزمة إلجراء التحقيــق
والمحاكمــــــــــــــــــــة وإنــــــــــــــــــــزال العقوبــــــــــــــــــــة.
وأخيرا يتميز الضبط اإلداري في طبيعة إجراءاته التي تصدر في شكل قرارات تنظيميه أو فردية تخضع لرقابة القضاء اإلداري إلغاء وتعويضًا ،
أما الضبط القضائي فانه يصدر في شكل قرارات قضائية ال تخضع لرقابة القضاء اإلداري ,وخضوعها لسلطات القضاء العادي محل نظر ) (.
المطلب الثــــــــــــــــــاني :أنــــــــــــــــــواع الضــــــــــــــــــبط اإلداري.
يطلـــق مصـــطلح الضـــبط اإلداري ويقصـــد بـــه معنيـــان :الضـــبط اإلداري العـــام -والضـــبط اإلداري الخـــاص.
يقصد بالضبط اإلداري العام المحافظة على النظام العام بعناصره الثالثة األمن والصحة والسكنية العامة .وحماية جميع األفراد في المجتمع من
خطــــــــــــــــــــر انتهاكاتــــــــــــــــــــه واإلخالل بــــــــــــــــــــه.
أما الضبط اإلداري الخاص فيقصد به حماية النظام العام من زاوية أو ناحية معينة من نشاط األفراد من ذلك القرارات الصــادرة بتنظيم نشــاط
صيد بعض الحيوانات النادرة ،وتنظيم عمل في بعض المحالت العامة المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة .أو في مكان أو أماكن محــددة ،حيث
ـاكنـام في األمـ
يعهد بتولي سلطة الضبط في هذه األماكن إلى سلطة إدارية معينة ،كان يعهد إلى شرطة اآلثار بمهمة المحافظة على النظام العـ
األثريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
ويالحظ أن الضبط اإلداري الخاص قد يستهدف أغراضا أخرى بخالف أغراض الضبط اإلداري العام التقليدية ،إذ يملك أن يفرض القيود الــتي
يراها لتحقيق أهداف أو أغراض أخرى خالف النظام العام كالقيود التي تفرض على األفراد لحماية اآلثار أو تنظيم السياحة وتجميــل المــدن.
ـنى ـك ال يعـ
ومن ثم فان الضبط اإلداري الخاص أضيق حدودًا من نطاق الضبط اإلداري العام لتقيده بمكان أو نشاط أو أغراض معينه .إال أن ذلـ
محدودية تأثيره في المجاالت التي يتوالها ،بل أن االتجاه التشريعي في بعض الدولة ينحو إلى استبعاد نظام الضبط اإلداري العام وانفراد هيئات
الضبط اإلداري الخاص في تنظيم نشاطات معينة .مثلما هو الحال في الضبط الخاص بشؤون السكك الحديدية والمنشات الخطــيرة والمقلقــة
للراحـــــــــــــــــــة والصـــــــــــــــــــحة في فرنســـــــــــــــــــا) ( .
المبحث الثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاني
أغـــــــــــــــــــراض ووســـــــــــــــــــائل الضـــــــــــــــــــبط اإلداري
نتنــاول فيمــا يلي أغــراض الضــبط اإلداري ثم نــبين الوســائل أو األســاليب الــتي يســتعين بهــا لتحقيــق هــذه األغــراض.
الفصـــــــــــــــــــــــــــــــــل الثـــــــــــــــــــــــــــــــــاني
المرفــــــــــــــــــــــــــــــــــق العــــــــــــــــــــــــــــــــــام
يعد المرفق العام المظهر اإليجابي لنشاط اإلدارة وتتواله اإلدارة بنفسها أو باالشتراك مع األفراد ,وتسعى من خالله إلى إشباع الحاجات العامة
.وتعد فكرة المرافق العامة من أهم موضوعات القانون اإلداري وترد إليها معظم النظريات والمبادئ التي ابتدعها القضــاء اإلداري كــالعقود
اإلداريـــــــــــة واألمـــــــــــوال العامـــــــــــة والوظيفـــــــــــة العامـــــــــــة.
ونبين في هذا الجزء من الدراسة مفهوم المرفق العام والمبادئ التي تحكم المرافق العامة وأخيرًا طرق إدارة المرافق العامة وذلــك في ثالثــة
مبــــــــــــــــــــاحث على النحــــــــــــــــــــو التــــــــــــــــــــالي :
المبحث األول :مـاهيــــــــــــــــــة المــرفــــــــــــــــــق العــــــــــــــــام .
المبحث الثــــــــــاني :المبــــــــــادئ الــــــــــتي تحكم المرافــــــــــق العامــــــــــة .
المبحث الثــــــــــــالث :طـــــــــــــرق إدارة المـرافـــــــــــــق العامــــــــــــة .
الفصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل األول
ماهيـــــــــــــــــــــة المرفـــــــــــــــــــــق العـــــــــــــــــــــام
البحث في ماهية المرفق العام يستدعي منا أن نبين تعريفه وعناصره ،ثم نستعرض أنواع المرافق العامة ونوضح أخيرًا إنشاء وإلغــاء هــذه
المرافــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق.
-1المرافـــــــــــــــــــــــــــــــق القوميـــــــــــــــــــــــــــــــة
يقصد بالمرافق القومية تلك المرافق التي يتسع نشاطها ليشمل كل أقليم الدولة .كمرفق الدفاع ومرفق القضاء ومرفق الصحة ،ونظرًا لعمومية
وأهمية النشاط الذي تقدمه هذه المرافق فأنها تخضع إلشراف اإلدارة المركزية في الدولة من خالل الوزارات أو ممثليها أو فروعها في المدن،
ضــــمانًا لحســــن أداء هــــذه المرافــــق لنشــــاطها وتحقيقــــًا للمســــاواة في توزيــــع خــــدماتها.
ـؤونها.ـراف على شـ ـا واإلشــا لهــة بحكم إدارتهــق القوميــا المرافــبب فيهـ ـتي تتسـوتتحمل الدولة المسؤولية الناتجة عن األضرار الـ
-2المرافــــــــــــــــــــــــــــــق المحليــــــــــــــــــــــــــــــة -:
ويقصد بها المرافق التي يتعلق نشاطها بتقديم خدمات لمنطقة محددة أو إقليم معين من أقاليم الدولة ،ويعهد بإدارتها إلى الوحــدات المحليــة،
كمرفــق النقــل،أو مرفــق توزيــع الميــاه أو الكهربــاء وغيرهـــا من المرافــق الـــتي تشـــبع حاجــات محليــة.
وتتميز المرافق المحلية باالختالف والتنوع في أساليب إدارتها بحكم اختالف وتنوع حاجات كل وحدة محلية أو إقليم تمارس نشاطها فيه كما أن
المسؤولية الناتجة عن األضرار التي تتسبب بإحداثها المرافق المحلية أو موظفيها ويتحملهــا الشــخص المعنــوي المحلي أو اإلقليمي ) (.
رابعــــــــًا :المرافــــــــق العامــــــــة من حيث مــــــــدى االلــــــــتزام بإنشــــــــائها
تنقســـم المرافـــق العامـــة من حيث حريـــة اإلدارة في إنشـــائها إلى مرافـــق اختياريـــة وأخـــرى إجباريـــة -:
-1المرافــــــــــــــــــــــــــــــق االختياريــــــــــــــــــــــــــــــة .
األصل في المرافق العامة أن يتم إنشائها بشكل اختياري من جانب الدولة .وتملك اإلدارة سلطة تقديرية واسعة في اختيار وقت ومكان إنشــاء
المرفــــــق ونــــــوع الخدمــــــة أو النشــــــاط الــــــذي يمارســــــه وطريقــــــة إدارتــــــه.
ومن ثم ال يملك األفراد إجبار اإلدارة على إنشاء مرفق عام معين وال يملكون الوسائل القانونية التي يمكنهم حملها على إنشاء هذا المرفــق أو
مقاضاتها لعدم إنشائها له .ويطلق الفقه على المرافق العامة التي تنشئها اإلدارة بسلطتها التقديرية اســم المرافــق العامــة الختياريــة( ).
-2المرافـــــــــــــــــــق العامـــــــــــــــــــة اإلجباريـــــــــــــــــــة :
إذا كان األصل أن يتم إنشاء المرافق العامة اختياريًا فأن اإلدارة استثناء تكون ملزمة بإنشاء بعض المرافق العامة عندما يلزمها القانون أو جهة
إدارية أعلى بإنشائها ومثال ذلك إنشاء اإلدارة لمرفق األمن والصحة فهي مرافق إجبارية بطبيعتها وتهدف لحماية األمن والصحة العامة وغالبًا
مـــــــــــــــا تصـــــــــــــــدر القـــــــــــــــوانين بإنشـــــــــــــــائها.
مــــــع ضــــــرورة التنبيــــــه إلى أن إنشــــــاء المرافــــــق العامــــــة يتم بأســــــلوبين :
األول :أن تقــــــــوم الســــــــلطة المختصــــــــة بإنشــــــــاء المرفــــــــق ابتــــــــداًء .
والثاني :أن تعمد السلطة إلى نقل ملكية بعض المشروعات الخاصة إلى الملكية العامة ،كتأميمها العتبارات المصلحة العامة مقابــل تعــويض
عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادل .
ثانيـــــــــــــــًا :إلغـــــــــــــــاء المرافـــــــــــــــق العامـــــــــــــــة
بينا أن األفراد ال يملكون إجبار اإلدارة على إنشاء المرافق العامة وال يستطيعون إجبارها على االستمرار في تأدية خدماتها إذا ما قدرت السلطة
العامة إن إشباع الحاجات التي يقدمها المرفق يمكن أن يتم بغير وسيلة المرفق العام أو العتبارات أخرى تقدرها هي وفقًا لمتطلبات المصــلحة
العامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة.
والقاعدة أن يتم اإللغاء بنفس األداة التي تقرر بها اإلنشاء ،فالمرفق الذي تم إنشاؤه بقانون ال يتم إلغاؤه إال بنفس الطريقة وإذا كــان إنشــاء
المرفــــق بقــــرار من الســــلطة التنفيذيــــة فيجــــوز أن يلغى بقــــرار إال إذا نص القــــانون على خالف ذلــــك.
وعندما يتم إلغاء المرفق العام فإن أمواله تضاف إلى الجهة التي نص عليها القانون الصادر بإلغائه ،فإن لم ينص على ذلك ,فإن أموال المرفق
تضـــــاف إلى أمـــــوال الشـــــخص اإلداري الـــــذي كـــــان يتبعـــــه هـــــذا المرفـــــق .
أما بالنسبة للمرافق العامة التي يديرها أشخاص معنوية عامة مستقلة فإن مصير أموالها يتم تحديده من خالل معرفة مصدر هذه األموال كــأن
تكــــون الدولــــة أو أحــــد أشــــخاص القــــانون العــــام اإلقليميــــة األخــــرى فيتم منحهــــا لهــــا.
أما إذا كان مصدرها تبرعات األفراد والهيئات الخاصة فإن هذه األموال تأول إلى أحد المرافق العامة التي تستهدف نفس غرض المرفق الذي تم
إلغــــــــاؤه أو غرضــــــــًا مقاربــــــــًا لــــــــه ،احترامــــــــًا إلرادة المتــــــــبرعين ) ( .
المبحث الثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاني
المبــــــــــــــادئ الــــــــــــــتي تحكم المرافــــــــــــــق العامــــــــــــــة
تخضع المرافق العامة لمجموعة من المبادئ العامة التي استقر عليها القضاء والفقه والتي تضمن استمرار عمل هذه المرافق وأدائها لوظيفتها
ـاواة بين المنتفعين.
ـدأ المسـ
ـير ومبـفي إشباع حاجات األفراد ،وأهم هذه المبادئ مبدأ استمرار سير المرفق العام ومبدأ قابلية المرفق للتغيـ
تختلف طرق إدارة المرافق العامة تبعًا الختالف وتنوع المرافق وطبيعة النشاط الذي تؤديه ،وأهم هذه الطرق هي االستغالل المباشر أو اإلدارة
المباشــرة وأســلوب المؤسســة أو الهيئــة العامــة وأســلوب االلــتزام وأخــيرًا اإلدارة أو االســتغالل المختلــط ( ).
المطلب األول :اإلدارة المباشـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة
يقصد بهذا األسلوب أن تقوم اإلدارة مباشرة بإدارة المرفق بنفسها سواء أكانت سلطة مركزية أم محلية مستخدمة في ذلك أموالها وموظفيهــا
ووســـائل القـــانون العـــام وال يتمتـــع المرفـــق الـــذي يـــدار بهـــذه الطريقـــة بشخصـــية معنويـــة مســـتقلة .
ويترتب على ذلك أن يعتبر موظفي المرافق التي تدار بهذا األسلوب موظفين عموميين وتعد أموال المرفق أمواًال عامة تتمتع بالحماية القانونية
المقررة للمال العام .