You are on page 1of 22

‫مقدمة‬

‫إن دراسة األنظمة القانونية المقارنة ‪ ،‬يكتسب أهمية كبيرة خاصة في ظل تنامي العالقات‬
‫السياسية واإل قتصادية واإليجابية بين مختلف دول العالم ‪ ،‬مما يقتضي معرفة مختلف األنظمة القانونية ‪،‬‬
‫فدراسة القوانين األجنبية يساعد على الوقوف عند إيجابيات وسلبيات النظام القانوني الوطني ‪ ،‬إضافة‬
‫إلى أيجاد الحلول المناسبة لبعض المشاكل القانونية ‪،‬التي قد تصادفنا أثناء القيام ببحث أوعند سن القوانين‬
‫تزداد هذه األهمية عن العولمة والشمولية ‪ ،‬التي بدون شك لها ت أثيرها على مستوى النظام القانوني‬
‫لمختلف الدول ‪ ،‬وعليه فمن الغير مقبول أن تظل النظم القانونية في كل الدول غير معروفة لدول أخرى‬
‫‪ ،‬مما يبرز أهمية الدراسات القانونية المقارنة في عالمنا المعاصر ‪ ،‬ومن المنطلق أنه نفصل بين القانون‬
‫المقارن ودراسة األنظمة القانونية المقارنة ‪ ،‬فمن الضروري أن تشمل دراستها مفاهيم تتعلق بالقانون‬
‫المقارن ‪ ،‬وعليه فإن دراستنا للمقرر تكون وفق الخطة ‪:‬‬

‫• الفصل األول ‪ :‬مفاهيم عامة للقانون المقارن‪.‬‬

‫• الفصل الثاني ‪ :‬النظام القانوني الجرماني الالتيني‪.‬‬

‫• الفصل الثالث ‪ :‬النظام القانوني األنجلوساكسوني‪.‬‬

‫• الفصل الرابع ‪ :‬العائلة اإلجتماعية والدينية‪.‬‬


‫• الفصل األول ‪ :‬المفاهيم العامة للنظام القانوني المقارن‪.‬‬

‫إن دراسة األنظمة القانونية هي في الواقع دراسة للقانون المقارن ‪ ،‬فالعالقة بينهما وطيدة جدا‬
‫لدرجة أن البعض يعتبره شيء واحد ‪ ،‬وبغرض الإلحاطة بالفروق المتعلقة أو باإلختالفات ‪ ،‬نتناول أوال‬
‫التعاريف العامة في القانون المقارن ‪ ،‬ثم أهمية دراسة القانون المقارن ‪ ،‬واألنظمة القانونية‪.‬‬

‫• المبحث األول ‪ :‬التعاريف العامة للقانون المقارن‪.‬‬

‫سنتناول في هذا المبحث نشأة القانون المقارن ‪ ،‬وتعريف قانون المقارن ‪ ،‬وطبيعته‪.‬‬

‫• نشأة القانون المقارن ‪.‬‬

‫إن التأسيس لما أصبح يعرف اليوم بالقانون المقارن ‪ ،‬يعود إلى سنة ‪1900‬م ‪ ،‬وهذا إعتمادا‬
‫على أول مؤتمر دولي ‪ ،‬الذي انعقد بباريس ‪ ،‬إال أن الدراسات القانونية قديمة جدا ‪ ،‬فهي تعود إلى‬
‫العصور القديمة سواء في الحضارات ما بين بالد الرافدين ‪ ،‬أو بالد مصر القديمة ‪ ،‬أو لدى الرومان‬
‫واليونان ‪ ،‬وهذا نشير إلى أن العديد الباحثين ال سيما الغربيين ‪ ،‬يعتبرون بأن الجذور التاريخية للقانون‬
‫المقارن ‪ ،‬تبدأ من الحضارة الرومانية من خالل األبحاث التي قام بها " أفالطون" و "أرسطو" ‪ ،‬بحيث‬
‫عكف على مقارنة قوانين بالدهما وقوانين دول أخرى للحضارات السابقة اليونانية فقد أتى أرسطو ‪ :‬في‬
‫كتابه ( السياسة مابين مختلف الدساتير اإلغريقية والبربرية) ‪ ،‬وفي هذا الصدد كتب "أرسطو" ‪( :‬ينبغي‬
‫على المشرع أن يعمل على تحسين القوانين ‪ ،‬ولذلك يتعين عليه أن يعرف عند تقسيم قوانين حكومات‬
‫الدول األخرى وفروق بينهما ‪ ،‬ويقتبس منها ما يصلح لمدينته) ‪ ،‬وفي هذا الصدد فقد إستفاد الرومان من‬
‫تجارب اليونان فقد درسوا قوانين المدن اليونانية ‪ ،‬واقتبسوا منها إلى أن تشكل النظام القانوني الروماني‬
‫المعروف بمدونة قانون األلواح اإلثناعشر (‪.)12‬‬

‫أما في العصور الوسطى فيمكن أن نذكر بعض الكتب الفقهية التي إهتمت بدراسة المقارنة ‪ ،‬من‬
‫بين هذه الكتب الفقهية ‪ ،‬كتب فقهية إسالمية ‪ ،‬مثل الكتاب "البن رشد" (بداية المجتهد ونهاية المقتصد)‬
‫وتعتبر من أبرز الكتب التي تناولت المقارنة بين مختلف المذاهب الفقهية‪.‬‬
‫• تعريف القانون المقارن‪.‬‬

‫لقد اختلف الفقهاء في إعطاء تسمية القانون المقارن فمنه من يطلق عليه تسمية القانون الموازي‬
‫‪ ،‬وأطلق عليه البعض اآلخر مقارنة القوانين ‪ ،‬والبعض اآلخر سموه بالطريقة المقارنة ‪ ،‬وأطلق عليه‬
‫البعض اآلخر اإلجتهاد المقارن ‪ ،‬واقترح اآلخرون مصطلح التشريع المقارن ‪ ،‬لكن استقر اآلخر على‬
‫تسميته بالقانون المقارن ‪ ،‬وهي التسمية التي هي في الواقع تعبر عن مصطلح فرنسي " ‪Le Droit‬‬

‫‪ ، "Comparé‬وهي التسمية التي نجدها حاليا في أغلب التشريعات ‪ ،‬وفي أغلب الجامعات الغربية ‪،‬‬
‫والعربية كما أطلقت هذه التسمية على معظم المراكز و المؤسسات المهتمة بهذا العلم ‪ ،‬ومثال ذلك‬
‫األكاديمية الدولية للقانون المقارن ‪ ،‬تأسست سنة ‪1924‬م ‪ ،‬وكذلك المركز الفرنسي للقانون المقارن ‪،‬‬
‫تأسس سنة ‪1991‬م ومعهد القانون المقارن بجامعة باريس الذي اهتموا فيه بدراسة القانون المقارن‪.‬‬

‫ويجب اإلشارة بأن عبارة القانون المقارن بمجردها ال تعني شيء ‪ ،‬وال يوجد قانون يسمى‬
‫بالقانون المقارن ولقد إنتقد بعض الفقهاء لهذه التسمية ‪ ،‬مثل الفقيه "روني دافيد" حيث يعتبرها عبارة‬
‫تعيسة ‪ ،‬فهو يقول ‪( :‬مصطلح القانون المقارن هو عبارة تعيسة يفترض أنه تمنحه قيمة لكن من األحسن‬
‫تجنبها)‪ .‬فإصالح القانون المقارن يقصد به دراسة مقارنة للقوانين ‪ ،‬أو الدراسة القانونية المقارنة ‪ ،‬وهذه‬
‫الدراسة قد تتعلق بفرع قانوني واحد ‪ ،‬أو بفروع قانونية مختلفة ‪ ،‬وهو ليس كغيره من الفروع القانونية‬
‫من حيث أنه ال يعرف بكونه مجموعة من القواعد القانونية أو بفروع قانونية مختلفة ‪ ،‬ويتنازل مع‬
‫الدراسة المقارنة للقانون دراسة القوانين األجنبية ‪ ،‬فمثل هذه الدراسة تسمح بأن تلقي الضوء على‬
‫اإليجابيات والسلبيات ‪ ،‬فهي تعتبر األساس للبناء دراسة القانون المقارن‪.‬‬

‫• طبيعة القانون المقارن‪.‬‬

‫لقد أثيرة عدة نقاشات بخصوص طبيعة القانون المقارن ‪ ،‬فمنه من يراه علما مستقال بذاته ‪،‬‬
‫غايته الوصول إلى استخالص القواعد العامة المشتركة ‪ ،‬تكون األساس لقواعد العالم المتحضر ‪ ،‬ومنه‬
‫من ذهب إلى إعتباره طريقة من طرق البحث ‪ ،‬تستخدم إلصالح التشريع الوطني وتوحيد القوانين في‬
‫الدولة الواحدة ‪ ،‬أو بين دول متعددة تربط بينهما عوامل مشتركة ‪ ،‬ومصالح متبادلة ‪ ،‬بالنسبة لإلتجاه‬
‫األول فقد ظهر مع إنعقاد أول مؤتمر دولي في القانون المقارن ‪ ،‬فالمشاركين في هذا المؤتمر مثل‬
‫"لومبار" و "إيزمان" اعتبروا بأن القانون المقارن قائم بذاته ‪ ،‬واتفقوا على اعتباره أداة علمية تستهدف‬
‫استخراج القوانين التي تحكم العالقات اإلجتماعية ‪ ،‬ويتم التوصل إلى هذه القوانين عن طريق الدراسة‬
‫ال مقارنة للعادات والتقاليد وأنماط السلوك وارتباطها بفكرة التطور الحضاري ‪ ،‬ولقد اعتبر الفقيه‬
‫"دورهاي" بأن المقارنة تحل محل التجربة في الدراسات اإلنسانية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لإلتجاه الثاني ‪ ،‬الذي يعتبر القانون المقارن هو مجرد طريقة مقارنة ‪ ،‬فإنه يقوم على‬
‫إعتبار قانون المقارن طريقة المقارنة تستخدم في مجال العلوم القانونية ‪ ،‬هدفها المقارنة بين قوانين‬
‫مختلف الدول للوصول إلى الموازنة بين القواعد بغرض التعرف على إيجابيات وسلبيات كل قانون ‪،‬‬
‫وقد دافع على هذا الرأي بعض الفقهاء ‪ ،‬مثل "اهرنج" وقد دافع عليه في البداية الفقيه "روني دافيد"‬
‫الذي تراجع في رأيه واعتبره في األخير علم قائم بذاته ‪ ،‬الهدف منه معرفة أوجه التشابه واختالف الذي‬
‫تضمنها كل القانون الوطني ‪ ،‬والقوانين األجنبية ‪ ،‬وما يستخلص أن اعتبار القانون المقارن علم مستقل‬
‫بذاته ‪ ،‬فهو طريقة علمية تقوم على أساس المقارنة بين مختلف األنظمة القانونية ‪ ،‬فهو إذن يتميز بالطابع‬
‫المزدوج‪.‬‬

‫• المبحث الثاني ‪ :‬أهمية القانون المقارن في القانون الدولي الخاص‪.‬‬

‫تبرز أهمية القانون المقارن في الوظائف التي يؤديها سواءا على المستوى الوطني أو الدولي‪.‬‬

‫• على المستوى الوطني‪.‬‬

‫يلعب القانون المقارن دورا مهما في تطوير وتنسيق ووحدة القانون ‪ ،‬فهو أداة لتطوير القانون‬
‫الوطني من خالل دراسة وتحليل النصوص القانونية األجنبية أو الوطنية ‪ ،‬لكن في هذا اإلطار يجب‬
‫األخذ بعين اإلعتبار الضروف أو المعطيات السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬السائدة في القانون‬
‫الوطني بغرض تطويره وتحسينه ‪ ،‬لذلك يجب على الباحث أال يعتمد على قانون دولة أجنبية واحدة ‪،‬‬
‫إنما من األحسن أن يجلي دراسة مقارنة بين دول مختلفة خاصة مع الدول التي تجمع بينها روابط‬
‫مشتركة ‪ ،‬سواء تاريخية كما هو األمر بالجزائر مع فرنسا ‪ ،‬أو روابط مذهبية كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للدول اإلشتراكية سابقا ‪ ،‬أو روابط دينية كما هو األمر بالنسبة للدول اإلسالمية ‪ ،‬وهذا ما قامت به‬
‫الجزائر في إطار إعداد العديد من النصوص القانونية ‪ ،‬مثال القانون المدني الذي استفاد صلتهم بناء‬
‫األحكام الواردة في القانون المدني الفرنسي والقانون المدني المصري ‪ ،‬وأيضا القانون التجاري الذي‬
‫أخذ من القوانين التجارية لمجموعة من الدول ال سيما القانون الفرنسي واأللماني وقوانين الواليات‬
‫المتحدة األمريكية ‪ ،‬ونفس الوضع بالنسبة للفروع القانونية األخرى وال سيما تلك المرتبطة بالجوانب‬
‫اإلقتصادية وذلك بفعل تأثير العولمة ‪ ،‬وكمثال القوانين التي تبنتها الجزائر ‪ ،‬قانون النقد والقرض ظهر‬
‫هذا القانون ‪1990‬م وعدل عدة مرات – قانون اإلستثمار وانشاء صناديق المساهمة‪.‬‬

‫• على المستوى الدولي‪.‬‬

‫تتمثل أهميته في دوره في توحيد القوانين ‪ ،‬أو القواعد القانونية بين الدول من خالل إعداد‬
‫مشاريع التوحيد الدولي للقوانين ‪ ،‬فالهدف السياسي من هذا التوحيد هو إزالة أو تقليل من التباين الموجود‬
‫ما بين األنظمة القانونية بين الدول ويتجسد ذلك في مختلف اإلتفاقيات التي نظمت مجاالت مختلفة كمثال‬
‫ذلك ‪ ( :‬مجال النقل ‪ ،‬التجارة ‪ ،‬الملكية الفكرية ‪ ،‬قانون العمل‪ ...‬وغيرها)‪ .‬والنموذج األساسي الممكن‬
‫ذكره فيما يتعلق في هذه اإلتفاقيات نذكر بعضها ‪:‬‬

‫‪ -‬إتفاقية متعلقة بنقل أمتعة السفر ‪ ،‬المنصوص عليها في الجريدة الرسمية عام ‪1973‬م‬

‫‪ -‬والثانية خاصة بالطيران المدني الدولي ما يتعلق بالرحالت الجوية‪1963 ،‬م جريدة رسمية العدد ‪.68‬‬

‫‪ -‬إتفاقية خاصة باألضرار التي تصيب الغير‪ ،‬سبب سقوط طائرة أجنبية جريدة رسمية ‪ 1964‬العدد ‪.30‬‬

‫‪ -‬كما يمكن ذكر نماذج أخرى لمبادالت توحيد القوانين توحيدا القوانين داخل المجموعة اإلسكندافية (دول‬
‫معروضة ‪ ،‬سويد ‪ ،‬نرويج ‪ ،‬دنمارك‪.)...‬‬

‫‪ -‬توحيد القوانين بين دول أمريكا الالتينية‪.‬‬

‫‪ -‬توحيد القوانين داخل المجموعة الجرمانية (ألمانيا ‪ ،‬فرنسا ‪ ،‬بولونيا‪ )...‬ومثال المعاصر الذي يمكن‬
‫ذكره ما يتعلق بصادرات توحيد القواعد القانونية بين مختلف دول اإلتحاد األوروبي فقانون اإلتحاد‬
‫األوروبي يتكون أساسا من دول أعضاء اإلتحاد فدور القانون المقارن هو تكوين القواعد المشتركة التي‬
‫من الممكن تطبيقها من دول اإلتحاد والتي من الممكن أن تأ خذ بها المحكمة األوروبية في حال وجود‬
‫فراغ قانوني في القانون األوروبي‪.‬‬
‫• الفصل الثاني ‪ :‬النظام الالتيني الجرماني (العائلة الالتينية الجرمانية)‪.‬‬

‫نتناول نبذة تاريخية للعائلة الجرمانية الالتينية ‪ ،‬ثم نتناول تقسيماته ‪ ،‬وعناصر أساسية للتنظيم‬
‫القضائي‪.‬‬

‫تمهيد ‪ :‬ظهرت هذه العائلة الالتينية الجرمانية في أوروبا ‪ ،‬وانتشر فيما بعد إلى دول أخرى خارج القارة‬
‫األوروبية ‪ ،‬فهو نظام يتبع في كل مختلف مناطق العالم ‪ ،‬أمريكا االتينية ‪ ،‬وآسيا ‪ ،‬وافريقيا ‪ ،‬وبطبيعة‬
‫الحال أوروبا ‪ ،‬ما عدى بريطانيا ‪ ،‬وظهوره يعود إلى القرن الثاني عشر ميالدي (‪12‬م) ‪ ،‬ويستند تسمية‬
‫التيني جرماني لإلرث التاريخي المشترك لبعض دول أوروبا‪.‬‬

‫سنتناول في هذا الفصل الخلفيات التاريخية المشتركة ‪ ،‬و مصادر القانون في هذه العائلة في‬
‫النظام الالتيني الجرماني ‪ ،‬كما سنتناول تقسيمات القانون ‪ ،‬وفي المبحث الثاني نتناول التنظيم القضائي‬
‫في العائلة الجرمانية الالتينية‪.‬‬

‫• المبحث األول ‪ :‬الخلفيات التاريخية والمصادر وتقسيمات القانون‪.‬‬

‫من المهم أن نشير إلى هذه التسمية ‪ ،‬التي جاءت أساسا من مدونة "جيستينيار" (اإلمبراطور‬
‫الروماني) ‪ ،‬ومن األعراف الجرمانية ‪ ،‬التي سادت بعد غزو قبائل البربر الجرمانية ‪ ،‬واستالئها على‬
‫أراضي اإلمبراطورية الرومانية في أوروبا ‪ ،‬وتجسدت هذه المبادئ في كل من التقنين المدني الفرنسي‬
‫والمدني األلماني ‪ ،‬بإعتبارهما يستندان على مصادر واحدة وهي ‪ :‬القانون الروماني ‪ ،‬واألعراف‬
‫المحلية ‪ ،‬والقانون الكنسي‪.‬‬

‫• المطلب األول ‪ :‬الخلفيات التاريخية المشتركة‪.‬‬

‫خضع نظام هذه العائلة في تكوينه إلى جملة من العوامل المشتركة ‪ ،‬مما جعل قوانين الدول‬
‫الغربية بشكل عام ‪ ،‬تلتقي في قواسم مشتركة ‪ ،‬منها تأثر قوانين هذه الدول بالقانون الروماني ‪ ،‬واعتاق‬
‫شعوبها الديانة المسيحية بمختلف مذاهبها ‪ ،‬وتأثرها بالقانون الكنسي ‪ ،‬واهتمام الجامعات بدراسة وتحليل‬
‫القانون الروماني ‪ ،‬األمر الذي أدى إلى استخالص مبادئ واجماعها في االعراف المحلية لشعوب‬
‫المنطقة ‪ ،‬إلستخراج قانون نموذجي يحكم العالقات بين األفراد والحكام‪.‬‬
‫• تأ ثر القانون الروماني في النظام الالتيني الجرماني‪.‬‬

‫لقد تأثرت تشريعات الدول التي أخذت بالنظام الالتيني الجرماني بالقانون الروماني في الكثير‬
‫من الجوانب سواء فرنسا والدول التي حذت (حذوها أي اتبعتها) مثل الجزائر وألمانيا وبعض الدول‬
‫المتأثرة بقوانينها ‪ ،‬ولمعرفة ذلك ينبغي أن نتعرف على مراحل تكوين القانون الروماني وأهم تقسيماته‪.‬‬

‫• مراحل تكوين القانون الروماني‪.‬‬

‫لقد كانت روما مكانا لضرب المثل في النظام ‪ ،‬كما كانت اليونان مضرب المثل في الحرية‬
‫ولغة القانون مأخوذة في معظمها من اللغة الالتينية ‪ ،‬وكان اللفظ الدال على هذا القانون في هذه اللغة ‪،‬‬
‫هو "‪ "Lus‬أي العدالة ‪ ،‬ولقد وصف هذا القانون بأنه علم وفقه معا وقد بدأ القانون الروماني في التكوين‬
‫منذ تاريخ ‪ 754‬ق‪.‬م تاريخ إنشاء روما ‪ ،‬ولقد عرف تطورا ملحوضا خالل العهد الجمهوري ‪ ،‬حيث‬
‫ظهرت مصادر قانونية إلى جانب مصادر أخرى ‪ ،‬مثل األعراف واألفكار الفلسفية اليونانية التي كانت‬
‫سائدة أمامه ‪ ،‬وهذا ما يشكل المرحلة األولى من مراحل تكوين القانون الروماني‪.‬‬

‫أما المرحلة الثانية بدأت في ‪224‬م ‪ ،‬تاريخ تولي اإلمبراطور "ديفرديانوس" الحكم ‪ ،‬تميزت‬
‫هذه الفترة بإصدار األوامر اإلمبراطورية التي كانت تصدر في شكل دساتير ‪ ،‬وشملت هذه األوامر ما‬
‫يشبه اليوم بالقانون الجنائي ‪ ،‬وقانون األحوال الشخصية ‪ ،‬ونظام المعامالت ‪ ،‬ونظام اإلجراءات القانونية‬
‫لرفع الدعاوى ‪ ،‬إن هذه األوامر أضعفت نوعا ما من قيمة القوانين التي أنشأها "جيستينيار" (قانون‬
‫األلواح اإلثناعشر) التي تتشكل من البرلمان الروماني‪.‬‬

‫أما المرحلة الثالثة بدأت من تاريخ إنقسام اإلمبراطورية إلى قسمين ‪ ،‬وكان ذلك في عام ‪395‬م‬
‫في عهد إمبراطور "تيردوس األول"‪ ،‬وبقية عاصمة اإلمبراطورية الغربية لروما ‪ ،‬واإلمبراطورية‬
‫الشرقية عاصمتها بزنطة ‪ ،‬وكان أبرز إمبراطور عرفه التاريخ ‪ ،‬وترك ثروة قانونية كبرى ‪ ،‬هو‬
‫اإلمبراطور "جيستنيار" صاحب المدونات التي ال زالت تحمل اسمه ‪ ،‬وقد قام هذا اإلمبراطور من‬
‫تجميع القوانين الرومانية لمختلف أشكالها في مجموعات تضمنت األولى الدساتير اإلمبراطورية وهي‬
‫تشمل المواضيع التالية‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬المنشورات‪ :‬هي تلك األوامر التي يصدرها اإلمبراطور وتسري أحكامها على كافة األقاليم‬
‫اإلمبراطورية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬األحكام‪ :‬وهي تتعلق باألحكام التي يصدرها اإلمبراطور في المنازعات التي كان يتولى الفصل‬
‫فيها شخصيا‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الفتاوى‪ :‬هي عبارة عن مجموعة من اإلجتهادات الفقهية ‪ ،‬التي كان يقدمها اإلمبراطور بمشاركة‬
‫المجلس اإلمبراطوري‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬التعليمات‪ :‬هي عبارة عن نصائح أو توجيهات يصدرها اإلمبراطور للحكام ‪ ،‬تتعلق بكيفيات‬
‫تسيير الشؤون العامة لألقاليم‪.‬‬

‫تناولت المجموعة الثانية النظم وقسمت إلى أربعة أجزاء يتعلق الجزء األول باألشخاص‬
‫وخصص الجزء الثاني والثالث لألشياء وتضمن الجزء الرابع نظام الدعاوى‪.‬‬

‫أما المجموعة الثانية تناولت النظم وقسمت إلى أربعة أجزاء ‪ ،‬يتعلق الجزء األول باألشخاص‬
‫وخصص الجزء الثاني والثالث لألشياء وتضمن الجزء الرابع نظام الدعاوى‪.‬‬

‫أما المجموعة الثالثة اهتمت بجمع مؤلفات كبار الفقهاء مثال "جاينبورس" و "بابينيوس"‬
‫و"بولس" وسميت هذه المجموعة بموسوع ة جيستينيار ألهميتها بإعتبارها خالصة آلراء الفقه الروماني‬
‫لقرابة ‪ 50‬كتابا ‪ ،‬تناول فيها المؤلفون جميع مواضيع القانون بمفهومه الواسع ‪ ،‬ووصف هذا القانون‬
‫الروماني بقانون الدولة السيدة ذات العقلية الممتازة‪.‬‬

‫• المطلب الثاني ‪ :‬تقسيمات القانون‪.‬‬

‫سنتطرق في تقسيمات القانون وفقا لما هو موجود في العائلة الالتينية الجرمانية ‪ ،‬التي تأثرت‬
‫بتقسيمات القانون الروماني ‪ ،‬والزالت إلى حد اليوم تأخذ بها ‪ ،‬نذكر منها على سبيل المثال تقسيم القانون‬
‫الروماني إلى قانون عام وقانون خاص ‪ ،‬فكان القانون العام يعتني بمرافقة الدولة بتنظيم المصلحة العامة‬
‫وكان يشمل عدة فروع تؤدي وظيفة ما يعرف اليوم بالقانون الدستوري ‪ ،‬والقانون اإلداري ‪ ،‬والقانون‬
‫المالي ‪ ،‬والقانون الجنائي ‪ ،‬والقانون الجبائي ‪ ،‬ويشمل القانون الخاص ما يدخل اليوم في نطاق القانون‬
‫المدني والقانون التجاري ‪ ،‬وقواعد اإلجراءات المدنية والتجارية ‪ ،‬وقسم القانون الخاص بمختلف‬
‫مجاالته إلى قانون خاص ‪ -‬خاص باألشخاص ‪ ،‬وقانون خاص باألموال ‪ ،‬وقانون يتعلق بقواعد الدعاوى‬
‫فكان قانون األشخاص ينطلق من مركز األشخاص بإعتباره من جهة أهال إلكتساب الحقوق وإلتزامه‬
‫بالواجبات ‪ ،‬ويتناول قانون األموال تحديد القواعد الخاصة بالملكية ‪ ،‬والحقوق العينية بمختلف صورها‬
‫والحقوق الشخصية واإللتزامات ‪ ،‬وقد قسم الرومان األموال إلى أموال عقارية وأموال منقولة ‪ ،‬وأموال‬
‫عادية وأموال معنوية ‪ ،‬وقسمت اإللتزامات إلى إلتزامات مدنية وإلتزامات طبيعية ‪ ،‬وإلتزامات بسيطة‬
‫وإلتزامات تضامنية ‪ ،‬مع التفرقة بالتضامن اإليجابي والتضامن السلبي ‪ ،‬وقسم الرومان المسؤلية إلى‬
‫مسؤولية تقوم على أساس الخطأ أو على الفعل الشخصي أو على فعل الغير ‪،‬و قسم الرومان العقود إلى‬
‫عدة تقسيمات الزالت تأخذ بها اليوم قوانين دول النظام الالتيني الجرماني من عقود رضائية إلى عقود‬
‫ملزمة لجانب واحد وغيرها من التقسيمات‪.‬‬

‫• إهتمام الجامعات األوروبية للقانون الروماني‪.‬‬

‫تمهيد ‪ :‬تكمن أه مية دراسة القانون الروماني ال بإ عتباره قانونا وضعيا مطبقا بالفعل في أغلب الدول ‪،‬‬
‫بل بإعتباره مصدرا تاريخيا لمعظم القوانين الحديثة ‪ ،‬فالقانون الفرنسي الصادر سنة ‪ 1804‬م أخذ أحكامه‬
‫عن القانون الروماني ‪ ،‬وكان للقانون الفرنسي الدور الوسيط بين القانون الروماني وقوانين الدول الحديثة‬
‫بل تعتبر كذلك من بين المصادر المرتبطة بالقانون األندرو ساكسوني ‪ ،‬أي ترك آثرا في البالد‬
‫األنجلوساكسوني ‪ ،‬ويرجع إلى الرومان الفضل في إعتبار القانون علما قائما بذاته ‪ ،‬ففرقوا بين قواعد‬
‫الفلسفة والعين واألخالق ‪ ،‬وهو بالفعل يتأثر بهذه العلوم الفلسفية ‪ ،‬إال أنه يختلف عنها من حيث طبيعة‬
‫قواعده ‪ ،‬ومجال تطبيقه وطريقة دراسته ‪ ،‬فهم الذين وضعوا األسس القانونية والتقسيمات والتفريعات ‪،‬‬
‫ولقد إهتمت الجامعات لمعظم الدول األوروبية التي تأخذ بالنظام الالتيني الجرماني ‪ ،‬ويعود ذلك إلى‬
‫سهولة معرفة القانون الروماني ألنه مكتوب باللغة الالتينية ‪ ،‬ويتماشى مع منطق وسهولة إستنباط الحلول‬
‫العلمية ‪ ،‬وقد وجدت الجامعات في القانون الروماني ‪ ،‬المتميز بهذا الشكل مخرجا من ظالم العصور‬
‫الوسطى ‪ ،‬وكان ينظر إليه تقدير وإظباط واعتبر على أنه العقل المكتوب ‪ ،‬وفي ألمانيا أعتبر بمثابة‬
‫الشريعة العامة وقد أعتبره بعض الفقهاء بأن الرومان خلقوا ليحملوا رسالة القانون العام‪.‬‬
‫• المطلب الثالث ‪ :‬مصادر القانون في النظام الالتيني الجرماني‪.‬‬

‫هو ال يختلف على ما هو موجود في الجزائر ‪ ،‬فالجزائر تعتبر من الدول التي تنتمي إلى هذه‬
‫العائلة ‪ ،‬ويعتبر التشريع المصدر األول ثم يليه العرف من الدرجة الثانية ‪ ،‬واإلجتهاد القضائي في‬
‫الدرجة الثالثة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التشريع‪ :‬يشمل جميع القواعد المكتوبة سواء كانت صادرة من سلطة تشريعية أو سلطة تنفيذية ‪،‬‬
‫وسواء كانت بشكل قانون أو في شكل تنظيم ‪ ،‬وذلك بحسب تصنيفها ودرجة ترتيبها الهيكلي ‪ ،‬وهو هرم‬
‫ال يختلف في شيء على ماهو موجود في الجزائر ‪ ،‬ويأتي على رأس الهرم الدستور وهو التشريع‬
‫الصادر من السلطة البرلمانية ‪ ،‬أو على الشعب حسب األنظمة التي تأخذ بها دولة دون دولة أخرى ‪ ،‬إلى‬
‫جانب الدستور يوجد في هذا النظام تقنينات أو مدونات كالتقنين المدني أو التجاري ‪...‬الخ ‪ ،‬ويأتي فيما‬
‫بعد التنظيم في شكل مراسيم وقرارات ومقررات ‪ ،‬التي تكون ضرورية لتنظيم شؤون اإلدارة العامة في‬
‫الدولة ‪ ،‬وهذا تتداخل في الكثير من الحاالت صالحيات السلطة التنفيذية بصالحيات السلطة التشريعية‬
‫خاصة في الدول التي تحدد دساتيرها إختصاصات السلطة التشريعية على سبيل الحشر ‪ ،‬وتترك مازاد‬
‫عن ذلك السلطة التنفيذية تشرع فيه عن طريق التنظيم‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العرف‪ :‬يمثل العرف المرتبة الثانية في هذا النظام ‪ ،‬والزال في الكثير من الدول يمثل أهمية‬
‫كبيرة في مجال التطبيق ‪ ،‬حيث أن القاضي يلجأ إليه في حالة عدم وجود النص المكتوب أو كانت‬
‫صياغته في شكل عرف تؤدي إلى صعوبة تطبيق القاعدة القانونية ‪ ،‬وقد ذهب الفقه في هذا المجال إلى‬
‫التفرقة بين العرف المساعد للتشريع ‪ ،‬والعرف المكمل للتشريع ‪ ،‬وهنا عرف آخر هو العرف المخالف‬
‫للتشريع ‪ ،‬وهو ذلك الذي ينظم حاالت معينة يختلف فيها عن التشريع ‪ ،‬فيكمل اإلستئناس به في حدود‬
‫ضيقة مادام أنه غير مخالف للنظان العام ‪ ،‬كما هو معلوم اليجوز بقاعدة عرفية أن تخالف قاعدة‬
‫تشريعية آمرة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬القضاء‪ :‬ال شك أن القاضي في القانون الالتيني الجرماني يملك سلطة تفسير القاعدة القانونية‬
‫قصد الوصول إلى إيجاد حلول للقضايا أو للمسائل المعروضة عليه ‪ ،‬وهو بذلك يضع مبدأ قانوني لحل‬
‫النزاعات المماثلة مستقبال وفي حالة ما إذا صدر هذا المبدأ ال على هيئة في الهرم القضائي وبشروط‬
‫خاصة يؤثر على أحكام المحاكم األقل درجة مما يعرض عليها من قضايا مماثلة في المستقبل ‪ ،‬ومن ثم‬
‫يتحول اإلجتهاد إلى سابقة قضائية ‪ ،‬إال أن هذه السابقة في النظام القانوني الالتيني الجرماني ليست لها‬
‫من الناحية القانونية القوة الملزمة لتطبيقها من الجهات القضائية األخرى خالفا لما هو موجود في النظام‬
‫األندروساكسوني‪.‬‬
‫• المبحث الثاني ‪ :‬التنظيم القضائي (نماذج من التنظيم القضائي في العائلة الجرمانية الالتينية)‪.‬‬

‫نتناول كنموذج‪.‬‬

‫• المطلب األول ‪ :‬التنظيم القضائي الفرنسي‪.‬‬

‫يتشكل التنظيم القضائي الفرنسي من تنظيمين مختلفين ‪ ،‬التنظيم القضائي العادي ‪ ،‬والتنظيم‬
‫القضائي اإلداري‪.‬‬

‫• الفرع األول ‪ :‬التنظيم القضائي العادي‪.‬‬

‫وهو يتشكل من نوعين من الهيئات القضائية ‪ ،‬هيئات قضائية عليا وأخرى دنيا‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الهيئات القضائية الدنيا (أول درجة)‪.‬‬

‫وهي بدورها تعرف نوعين من هذه الهيئات‪.‬‬

‫‪ -01‬الهيئات القضائية والمدنية ألول درجة‪ :‬تتشكل من محكمة الجوارية ‪ ،‬هذه المحاكم تم انشاؤها‬
‫بموجب قانون توجيهي مؤرخ في ‪ 9‬فيفري ‪2002‬م ‪ ،‬والمعدل بموجب القانون العضوي المؤرخ في ‪20‬‬
‫فيفري ‪2003‬م ‪ ،‬والهدف من إنشاؤها هو تخفيف العبئ على محاكم دعوة التمييز ‪ ،‬وتعقد جلساتها في‬
‫مقر محكمة التمييز بقاض واحد غير محترف ‪ ،‬وإنما يتم تعيينه من المجتمع المدني من بين المختصين‬
‫في القانون‪.‬‬

‫• محكمة التمييز‪ :‬وتسمى كذلك إجراءات الدعوى تختص بالنظر في النزاعات المتعلقة بالمسائل المدنية‬
‫التي تتراوح قيمة موضوعها بين ‪ 4 000‬إلى ‪ 10 000‬أورو ‪ ،‬كما تختص بالنظر في النزاعات المتعلقة‬
‫بالجنسية ونظام الوصاية ‪ ،‬وتهدف هذه المحاكم في إجراءات مصالحة بين المتخاصمين ‪ ،‬وإذا تعذر‬
‫األمر تفصل في النزاع ‪ ،‬وهي تتشكل من قضاة محترفون‪.‬‬
‫• محكمة التمييز الكبرى (إجراءات الدعوى الكبرى)‪ :‬يوجد في فرنسا ‪ 181‬محكمة كبرى للتمييز ‪،‬‬
‫تتشكل هذه المحكمة من قاضي رئيس وقاضيين مساعدين ‪ ،‬ووكيل الجمهورية ‪ ،‬تختص بالفصل‬
‫بالنزاعات المدنية التي تتجاوز قيمة موضوعها ‪ 10 000‬أورو‪.‬‬

‫• المحكمة المتساوية األعضاء لإلجراءات الريفية‪ :‬تختص بالنظر في النزاعات المتعلقة باألمالك‬
‫الفالحية أو إيجارها ‪ ،‬وهي تفصل بحكم إبتدائي نهائي ‪ ،‬إذا تعلق األمر بنزاع ال تتجاوز قيمة موضوعه‬
‫‪ 4 000‬أورو وما زاد عن ذلك تفصل فيه بحكم ابتدائي ‪ ،‬تتشكل هذه المحكمة من قاضي ينتمي إلى‬
‫محكمة التمييز يترأس الجلسة ‪ ،‬ومن أربعة قضاة هم مواطنون فرنسيون وعمرهم ‪ 26‬سنة فما فوق‬
‫منتخبين ‪ 2‬من ممثالن المالكيين و ‪ 2‬منهم يمثالن المستأجريين‪.‬‬

‫• المحكمة التجارية‪ :‬تفصل هذه المحكمة في نزاعات التي تدخل في نطاق تطبيق القانون التجاري ‪،‬‬
‫وتسلك أحكام إبتدائية يمكن إستئنافها أمام محكمة اإلستئناف‪.‬‬

‫• محكمة العمل (المحكمة العمالية)‪ :‬تختص بالفصل في النزاعات المتعلقة بعالقات العمل ‪ ،‬وتتشكل من‬
‫منتخبين يمثلون العمال وآخرين يمثلون المستخدمين بشكل متساوي‪.‬‬

‫• محكمة شؤون الضمان اإلجتماعي‪ :‬تختص هذه المحكمة بالفصل في النزاعات بين المؤمنين وأجهزة‬
‫الضمان اإلجتماعي ‪ ،‬وبين مختلف الهيئات الضمان اإلجتماعي ‪ ،‬تتشكل من القاضي المحترف‬
‫ومساعدين إثنين غير محترفين ‪ ،‬معينين لثالث سنوات من طرف رئيس محكمة اإلستئناف‪.‬‬

‫• محكمة نزاعات العجز‪ :‬مقرها في المديرية الجهوية لهيئة الضمان اإلجتماعي ‪ ،‬وتتشكل من قضاة‬
‫وموظفين وعمال أوجراء مستخدمين وأطباء ‪ ،‬كانت تسمى قديما باللجنة الجهوية للعجز ‪ ،‬وتم ترقيتها‬
‫سنة ‪1994‬م إلى محكمة تختص بالنظر في النزاعات ذات الطابع الطبي ‪ ،‬كالعجز وعدم التأهيل‬
‫المهني‪.‬‬
‫‪ -02‬الهيئات القضائية الجزائية ألول درجة‪ :‬تتشكل هذه المحكمة الجهوية ‪:‬‬

‫• المحكمة الجوارية‪ :‬تختص بالمسائل أو النزاعات التي ال تتجاوز قيمة موضوعها ‪ 4 000‬أورو‪ ،‬تم‬
‫إنشاؤها بموجب ‪ 26‬جانفي ‪2005‬م ‪ ،‬ت م توسيع اختصاصات المحاكم الجوارية لتشمل المسائل الجزائية‬
‫المتعلقة بالمخالفات إلى غاية الدرجة الرابعة ‪ ،‬باستثناء مخالفات الصحافة غير أنه ال يمكن لقاضي‬
‫المحاكم الجوارية أن يحكم بالحبس مع وقت التنفيذ إنما يحكم بالغرامات فقط أما بالنسبة للوسائل المدنية‬
‫فيختص فقط في حالة نزاع يفوق قيمة موضوعه ‪ 4 000‬أورو‪.‬‬

‫• محكمة الشرطة‪ :‬مقرها هي محكمة التمييز ‪ ،‬وهي مشكلة من قضاة محترفيين إضافة إلى النيابة العامة‬
‫الممثلة بوكيل الجمهورية ‪ ،‬تختص بالنظر في المخالفات خصوصا من الدرجة الخامسة ‪ ،‬كما تختص‬
‫بالفصل في المخالفات الجمركية‪.‬‬

‫• المحكمة التصحيحية‪ :‬بالنسبة لهذه المحكمة تفصل في الجنح ما عدى الجنح المرتكبة من طرف رئيس‬
‫الجمهورية ‪ ،‬أو أعضاء الحكومة أثناء ممارسته لمهامه ‪ ،‬وتتشكل المحكمة من ‪ 3‬قضاة الرئيس‬
‫والمساعدين ووكيل الجمهورية ‪ ،‬كما يمكن أن تفصل بقاض واحد إذا تعلق األمر بعقوبة أقل من ‪5‬‬
‫سنوات‪.‬‬

‫• محكمة الجنايات‪ :‬تتشكل هذه المحكمة من ‪ 3‬قضاة محترفين و ‪ 9‬قضاة شعبيين محلفين (مواطنين‬
‫عاديين محلفين) تختص بالفصل في الجنايات‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الهيئات القضائية العليا‪.‬‬

‫تتشكل من‪:‬‬

‫• محكمة مجلس اإلستئناف‪ :‬تختص بالفصل في كل نزاع ال تختص بالفصل فيه محاكم الدرجة األولى ‪،‬‬
‫مكونة من غرف ‪ ،‬وتختص بالنظر في مسائل المدنية والجزائية دون جنايات ‪ ،‬ويوجد ما يقارب ‪35‬‬
‫محكمة استئناف في فرنسا‪.‬‬

‫• محكمة استئناف للجنايات‪ :‬تم إنشاؤها بموجب قانون ‪ 15‬جوان ‪2000‬م ‪ ،‬فأصبح بإمكان إستئناف‬
‫قرارات محكمة الجنايات ‪ ،‬وتتكون من ‪ 3‬قضاة محترفين و ‪ 12‬محلف شرعي‪.‬‬
‫• المحكمة الوطنية للعجز‪ :‬تتكون من قاضي رئيس ينتمي لمحكمة اإلستئناف معين لثالث (‪ )3‬سنوات‬
‫ومن مساعدين إثنين (‪ )2‬ممثالن عمال وآخرين يمثالن المستخدمين ‪ ،‬تنظر في اإلستئنافات المقدمة ضد‬
‫أحكام محكمة المنازعات المتعلقة بالعجز ‪ ،‬كما تنظر في النزاعات التي ال تختص بها محكمة نزاعات‬
‫العجز‪.‬‬

‫• محكمة النقض‪ :‬وهي أعلى هيئة قضائية مشكلة من غرف وهي محكمة قانون‪.‬‬

‫• الفرع الثاني ‪ :‬التنظيم القضائي اإلداري‪.‬‬

‫يتشكل من الهيئات التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مجلس الدولة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المجالس اإلدارية لإلستئناف‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬مجلس المحاسبة‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬الغرف الجهوية للمحاسبة‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬المجلس التأديبي المالي‪.‬‬


‫• الفصل الثالث ‪ :‬النظام القانوني األنجلوساكسوني (إنجليزي‪ -‬األمريكي)‪.‬‬

‫إن هذا النظام يأخذ به كل من المملكة المتحدة البريطانية ‪ ،‬والواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وبعض‬
‫الدول التي كانت خاضعة لإلستعمار اإلنجليزي (جنوب افريقيا)‪.‬‬

‫• المبحث األول ‪ :‬المعطيات التاريخية للنشأة القانون اإلنجليزي‪.‬‬

‫تمهيد ‪ :‬بدأت معالم القانون اإلنجليزي بالتبلور بعد غزو النورماديين خالل أواخر سنة ‪1066‬م ‪ ،‬ونتيجة‬
‫لهذا الغزو تم حصر نظام الحكم في يد الملك ‪ ،‬بحيث أصبح هو الوحيد الذي يحكم في إنجلترا ‪ ،‬شكل هذا‬
‫األخير مجلسا يفصل في المنازعات التي تتعلق باألمن وسالمة الدولة ‪ ،‬والعصيان واإلعتداء على‬
‫العقارات ‪ ،‬بإعتبارها أصبحت ملكا للملك ‪ ،‬إنبثق هذا المجلس ‪ 3‬محاكم سميت بالمحاكم الملكية ‪ ،‬تنظر‬
‫في القضايا المالية والضرائب والديون العاهدة للتاج ‪ ،‬والقضايا العقارية المتعلقة باإلعتداءات على‬
‫األفراد ‪ ،‬وكانت هذه المحاكم تنتقل إلى أماكن توارد الخصومة ‪ ،‬وتعقد جلساتها هناك برئاسة الملك ‪،‬‬
‫وهذا سعيا إلقامة نظام قضائي موحد يقضي على تعدد المحاكم التي كانت موجودة في العهود السابقة‪.‬‬

‫وبعد اتساع دائرة إختصاص الملك لتسيير شؤون المملكة ‪ ،‬عين الملك قضاة للمحاكم الملكية‬
‫يختصون بالفصل وذلك بعد أمر مكتوب يصدره الملك ومن هذا بدأت تتكون قواعد القانون العام في‬
‫إنجلترا‪ ،‬الكومن الو "‪ " Cumin Law‬وكانت هذه المحاكم تقضي بما تراه عدال وإنصافا ‪ ،‬وما يتجاوب‬
‫مع ضمير الملك ‪ ،‬واستقرت هذه المحاكم إلى غاية القرن الثالث عشر (‪ )13‬في لندن ‪ ،‬وظهرت إلى‬
‫جانب هذه المحاكم الملكية محاكم أخرى سميت بمحاكم المستشار ‪ ،‬الذي كان يفصل في الدعاوى التي‬
‫ترفع إليه وفقا لمبادئ العدالة ‪ ،‬وكانت محاكم الكومن الو ليست لها السلطة الكافية لجبر األطراف على‬
‫تقديم األدلة أو إحضار شهود وال تملك القدرة على إعطاء أحكامها الصيغة التنفيذية ‪ ،‬واشتهرت بذلك‬
‫محاكم المستشار لكونها تمارس صالحيات ر دعية األمر الذي أدى لتقاضيه اللجوء إليها ‪ ،‬بالنظر لما‬
‫تتمتع به من مصدقة وفعالية في الفصل في النزاعات‪.‬‬

‫ولقد تسببت هذه الوضعية لنشوء خالفات في مناسبات مختلفة بين المؤسسين ‪ ،‬وجعلت كل من‬
‫الملك والبرلمان يتدخالن من حين آلخر لتسوية األوضاع ‪ ،‬فكان الملك غالبا من يميل إلى محاكم‬
‫المستشار بينما كان البرلمان عكس ذلك ‪ ،‬وبهذه اإلزدواجية مصدر القانون يستمد إلى السوابق القضائية‬
‫لمحاكم الكومن الو‪ ،‬والقانون يستمد إلى السوابق القضائية لمحاكم المستشار‪.‬‬
‫ضل القانون اإلنجليزي وقت طويل يتكون من قواعد العدالة التي هي بانتاج محاكم المستشار‬
‫وقواعد القانون العام ‪ ،‬أو القانون المشترك الكومن الو‪ ،‬التي هي من صنع المحاكم الملكية وذلك إلى‬
‫غاية أن تم دعم هاذين القانونين وأصبح يشكالن القانون اإلنجليزي الحالي وقضاء إزدواجية المحاكم‪.‬‬

‫• المطلب األول ‪ :‬خصائص القانون اإلنجليزي‪.‬‬

‫‪ -01‬يتميز القانون العام اإلنجليزي بعدم التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص فالقانون اإلنجليزي‬
‫يقوم على التفرقة ما بين الكومن الو وقواعد العدالة‪.‬‬

‫‪ -02‬يتميز القانون اإلنجليزي بعدم اإلهتمام بالجوانب النظرية وإنما ينصب إهتمام الجوانب العملية‪.‬‬

‫‪ -03‬يعتمد القانون اإلنجليزي على السابقة القضائية وجعلها المصدر األول من مصادر القانون‪.‬‬

‫• المطلب الثاني ‪ :‬مصادر القانون اإلنجليزي‪.‬‬

‫يتكون النظام أو القانون اإلنجليزي من ثالث مصادر هي السابقة القضائية التي تأخذ المرتبة‬
‫األولى ‪ ،‬ثم التشريع في المرتبة الثانية ‪ ،‬وفي األخير العرف الذي يأتي في الدرجة الثالثة‪.‬‬

‫• الفرع األول ‪ :‬السابقة القضائية‪.‬‬

‫يالحظ في النظام اإلنجليزي أن القضاء ال تقتصر وظيفته في تطبيق القانون ‪ ،‬بل تمتد هذه‬
‫الوظيفة إلى إنشاء القاعدة القانونية ‪ ،‬بمعنى يقوم القضاء بوظيفة تشريعية وذلك من خالل األحكام التي‬
‫يصدرها في القضايا المختلفة التي عرضت عليه للحل ‪ ،‬ومن مجموع هذه األحكام التي تشكل السوابق‬
‫القضائية تكون ما يسمى بمدونات أو تقنيات تصحيح سارية المفعول لدى المحاكم ‪ ،‬وتلزمها بالرجوع‬
‫إلى األحكام الموجودة في هذه المجموعات ‪ ،‬ومن المالحظ كذلك أن األحكام القضائية تصدر عادة في‬
‫شكل موثوق مطول دون التقيد بتقديم األسباب والمبررات ‪ ،‬فالقاضي غير ملزم بإعطاء مبررات على‬
‫األحكام التي يصدرها ‪ ،‬وذلك يعتبر في نظره مساس بكرامة القاضي ‪ ،‬وبهذا يشكل هذا الحكم قاعدة‬
‫قانونية وتصبح مرجعا لكل المهتمين بميدان القانوني ‪ ،‬إلى جانب التشريع الذي يصدر عن السلطة‬
‫التشريعية‪.‬‬
‫• الفرع الثاني ‪ :‬التشريع‪.‬‬

‫يحتل التشريع في النظام األندروساكسوني المرتبة الثانية ‪ ،‬ويعرف بالقانون البرلماني لتمييزه‬
‫عن القانون العام ‪ ،‬كومن الو ويصنف التشريع في بريطانيا (إنجلترا) إلى نوعين ‪ ،‬التشريع الصادر من‬
‫البرلمان ‪ ،‬والتشريع الصادر عن السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) ‪ ،‬وهو ما يسمى بالتشريع طريق‬
‫التفويض‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :‬يالحظ أن التشريع رغم احتالله الدرجة الثانية إال أنه أصبح أكثر انتشارا في السنوات األخيرة‬
‫سواء تعلق األمر بالتشري ع البرلماني أو تشريع عن طريق التفويض ‪ ،‬ويعود ذلك أساسا إلى إعتبارين ‪،‬‬
‫هما تدخل الدولة البريطانية في تنظيم اإلقتصاد كغيرها من الدول األخرى ‪ ،‬والثاني إلى متطلبات دولية‬
‫(ظروف إقليمية) المتمثلة في وجود قانون اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫• الفرع الثالث ‪ :‬العرف‬


‫• المبحث الثاني ‪:‬النظام القانوني األمريكي (قانون الواليات المتحدة األمريكية)‪.‬‬

‫النظام القانوني األمريكي ألكثر األنظمة القانونية تعقيدا وصعوبة ‪ ،‬فللقانون الدستوري مكانة‬
‫خاصة في هذا النظام ‪ ،‬الذي يحكم الدولة الفدرالية والواليات المشكلة لهذه الواليات ‪ ،‬لها كامل الحرية‬
‫في سن القوانين ‪ ،‬بمعنى أن الرضى القانوني األمريكي يتشكل من أكثر من تنظيم قانوني ‪ ،‬مما يجعله‬
‫من أكثر األنظمة القانونية تعقيدا ‪ ،‬نتناول أوال تشكل النظام القانوني األمريكي ثم خصائص هذا القانون‪.‬‬

‫• المطلب األول ‪ :‬تشكل النظام القانوني األمريكي‪.‬‬

‫هناك معطيات تاريخية ساهمت إلى حد كبير في تشكيل النظام القانوني األمريكي ‪ ،‬يتعلق األمر‬
‫أساسا بالقانون األساسي ‪ ،‬والمتمثل في الدستور األمريكي ‪ ،‬فالواليات المتحدة يحكمها دستور من أقدم‬
‫الدساتير في العالم ‪ ،‬والذي تم إعتماده بعام ‪1787‬م ‪ ،‬وقد تعرض إلى تعديالت محدودة وبسيطة‬
‫وللدستور األمريكي تاريخ طويل يبدأ من الحقبة اإلستعمارية البريطانية ألمريكا ‪ ،‬التي إبتدأت في عام‬
‫‪1607‬م ‪ ،‬وتنتهي بتحالف ثالثة عشر (‪ )13‬مستعمرة ‪ ،‬لتعلن إستقاللها سنة ‪1776‬م ‪ ،‬ولكن حرب‬
‫طويلة إندلعت ضد الجيش البريطاني ‪ ،‬وباقي الواليات المتحالفة مهمى إنتهى هذا الحرب إال بإمضاء‬
‫اتفاقية السالم في باريس في عام ‪1783‬م ‪ ،‬وكان لهجرة اإلنجليز في بداية القرن السابع عشر (‪17‬م) إلى‬
‫أمريكا باعتبارها أراضي جديدة تم اكتشافها حديثا تأثير كبير في تشكل جزء مهم إلى النظام القانوني‬
‫األمريكي وهو (الكومن الو األمريكي) ‪ ،‬فلمى إستقر اإلنجليز في أمريكا نقلوا معهم قانونهم وكانوا‬
‫وكانوا يطبقونه في حالة استقرارهم بمنطقة ال يطبق فيها أي قانون أوروبي آخر في جميع الحاالت‬
‫يطبقون منه ما يتالئم مع ظروف اإلقامة ال جديدة فتم تطبيق القانون اإلنجليزي بفارجينيا عام ‪1907‬م‬
‫غير أن هذا التطبيق األول للقانون اإلنجليزي صادف العديد من العراقيل أبرزها أن المهاجرين اإلنجليز‬
‫إلى أمريكا دخلوا في صراع كبير من أجل البقاء مرة ضد المجاعة واألمراض الفتاكة وكذلك ضد الهنود‬
‫الحمر مما أدى إلى إضعاف هذا القانون ‪ ،‬لكن تحسنت األوضاع في بعض المستعمرات خاصتا تلك التي‬
‫كانت خاضعة للنظام اإلقطاعي كما أن بعض المستعمرات في أمريكا تم إنشاؤها من طرف الهولنديين أو‬
‫اإلسبان أو الفرنسيين كما أن بعض المستعمرات أنشئت من طرف مسيحيين متدينين كانو يتمسكون‬
‫بتقدي م تعاليم اإلنجيل والقانون الطبيعي مستبعدين بذلك القانون اإلنجليزي وهكذا وجب منذ البداية الكومن‬
‫الو اإلنجليزي ظروفا مختلفة عن البلد المنشأ رغم كل هذه المعرقالت إال أنه بقيام الثورة األمريكية سنة‬
‫‪1776‬م بتحالف ثالثة عشر (‪ ) 13‬مستعمرة ضد الوجود البريطاني في أمريكا وأعلنت استقالليتها وبعد‬
‫بدأت الكراهية ضد القانون اإلنجليزي تنتشر في مختلف المستعمرات وترسمت هذه الكراهية بمجرد‬
‫إستقالل تلك المستعمرات وتحولها لواليات مشكلة لإلتحاد الفدرالي األمريكي ولقد وصل الحد لبعض‬
‫الواليات إلستبعاد قواعد الكومن الو إال أن الصراع ال ذي وقع في باقي الواليات المتحدة األمريكية نحو‬
‫محاوالت لتعيين قانون الكومن الو‪ ،‬وأنه يشكل معلم من معالم الهوية األمريكية تشير إلى محاسن‬
‫الكومن الو وخاصة إلى كتابة الفقيهين األمريكيين "كانط" و "سطوري" مكانة أفكار هاذا الرجلين أثر‬
‫كبير في تبني القانون اإلنجليزي متمثلة في الكومن الو األمركي غير أنه ما لبث أن ظهرت حركة‬
‫واسعة ال ترفضه بل تبناه لكن بشروط وأبرزها هذا الشرط هو تدوين هذا القانون وبالفعل ظهرت حملة‬
‫واسعة تضمنت مجموعات التقنينات أهمها تقنين اإلجراءات المدنية التي تبنته خمسة وعشرون (‪)25‬‬
‫والية أمريكة‪ ،‬تقنين اإلجراءات الجزائية الذي كان في عام ‪1881‬م وكذلك تقنين العقوبات لسنة ‪1881‬م‪.‬‬

‫• المطلب الثاني ‪ :‬خصائص القانون األمريكي‪.‬‬

‫رغم تأثر القانون اإلنجليزي بالقانون األمريكي سواء من حيث التقسيمات أو المصطلحات أو‬
‫المفاهيم إلى أن بعد تطور المجتمع األمريكي بدأ هذا القانون يخرج شيئا فشيئا عن النظام اإلنجليزي‬
‫ولعل ذلك يعود إلى تبادل األنظمة السياسية والبنية الهيكلية لكل واحدة منها إال أنه يميز بعض الفرقات‬
‫المتمثلة فيما يلي‪.‬‬

‫• الفرع األول ‪ :‬أهم الفروقات بين القانون اإلنجليزي والقانون األمريكي‪.‬‬

‫يتميز القانون األمريكي بإزدواجية القوانين فهناك قانون الواليات قانون خاص بكل والية ‪،‬‬
‫وقانون اتحادي أو فدرالي كما تميز قانون األمريكي عن القانون اإلنجليزي بنظام رقابة المحاكم على‬
‫دستورية القوانين‪.‬‬

‫ولعل ذلك يعود إلى إختالف بين النظامين من حيث أن النظام اإلنجليزي ال يعرف المعنى‬
‫الصحيح ألحكام الدستور ‪ ،‬بينما النظام األمريكي يعتمد على األحكام الواردة في الدستور كما يتميز‬
‫قانون الواليات المتحدة األمريكية عن القانون اإلنجليزي بوجود دستور مكتوب يحدد الصالحيات في‬
‫جميع المجاالت بين السلطات المختلفة المركزية وعلى مستوى الواليات‪.‬‬
‫• المطلب الثالث ‪ :‬نموذج للتنظيم القضائي األمريكي‬

‫يتشكل من تنظيمين قضائيين األول محلي يتعلق بالواليات والثاني وطني يتعلق باإلتحاد‬
‫الفدرالي‪.‬‬

‫• الفرع األول ‪ :‬التنظيم القضائي للواليات‪.‬‬

‫يختلف هذا التنظيم القضائي من والية إلى أخرى غير أن هناك هيئات متشابهة في أغلب‬
‫الواليات ويتشكل هذا التنظيم القضائي من ‪:‬‬

‫أ‪ -‬المحاكم الدنيا ‪( :‬محاكم درجة أولى)‪ :‬تختص بالفصل في القضايا ذات األهمية المحدودة وتشمل‬
‫المحاكم وتتكون من قضاة محترفين‪.‬‬

‫ب‪ -‬محاكم دار السالم‪ :‬تتكون من قضاة غير محترفي ن وهم في الغالب منتخبين من بين األشخاص الذين‬
‫لديهم خبرة إدارية وقضائية‪.‬‬

‫ج‪ -‬محاكم المنطقة (محاكم المقاطعات)‪ :‬تختص بالنظر في المسائل المدنية والجزائية تعقد جلساتها‬
‫بقاض واحد وفي بعض األحيان يكون المساعد من طرف محلفين سواءا في القضايا الجزائية أو القضايا‬
‫المدنية وتمثل هذه الهيئة الدرجة األولى في التنظيم القضائي‪.‬‬

‫د ‪ -‬محكمة االستئناف (محاكم الدرجة الثانية)‪ :‬وهي تستأنف القرارات الصادرة من المحاكم الدرجة‬
‫األولى‪.‬‬

‫ه‪ -‬المحكمة العليا‪ :‬تنظر في القرارات واألحكام الصادرة من المحاكم األقل درجة منها وهي محكمة‬
‫قانون وليست محكمة واقع‪.‬‬

‫• الفرع الثاني ‪ :‬التنظيم القضائي الفدرالي‪.‬‬

‫يتشكل من ‪:‬‬

‫أ‪ -‬المحاكم الفدرالية الجهوية‪ :‬تمثل أول درجة في التنظيم القضائي الفدرالي يتجاوز عددها مائة (‪)100‬‬
‫محكمة تختص في النظر في القضايا المدنية وحتى اإلدارية‪.‬‬
‫ب‪ -‬الهيئات القضائية المتخصصة‪ :‬وهي تنظر في بعض النزاعات ذات الطابع الفدرالي ومثالها محكمة‬
‫الضرائب الفدرالية ومحكمة الجمارك الفدرالية ومحكمة تنظر في جبر األضرار الصادرة عن الهيئات‬
‫العمومية الفدرالية‪.‬‬

‫ج‪ -‬المحاكم الفدرالية االستئناف‪ :‬يبلغ عددها ثالثة عشر (‪ )13‬محكمة قضاتها معينين من قضاة ذات‬
‫مستوى عالي وتنظر في االستئنافات المتعلقة بالقضايا الفدرالية مثل األحكام عن الهيئات القضائية‬
‫المخصصة مثل محكمة الجمارك الفدرالية‪...‬الخ‪.‬‬

‫د‪ -‬المحكمة العليا الفدرالية‪ :‬تتكون من تسعة (‪ )9‬قضاة معينين من طرف رئيس الواليات المتحدة‬
‫األمريكية بعد تزكية مجلس الشيوخ غالبا يزكي مجلس الشيوخ اقتراحات الرئيس وبشكل تلقائي غير أنه‬
‫حدث في عهد الرئيس "نيلسون" أن رفض مجلس الشيوخ اقتراحين لقائمة قضاة المحكمة العليا وكذلك‬
‫في عهد الرئيس "ريقل" قاضيين مرشحين من بين تسعة (‪ ) 9‬وانسحب أمام اإلنتقادات المانعة ألعضاء‬
‫مجلس الشيوخ قضاة المحكمة العليا معينون مدى الحياة غير أنه بإمكانه أغلب الحالة في التقاعد تنظم‬
‫المحكمة العليا الفدرالية تنظر في الطعون المقدمة ضد األحكام الصادرة من المحاكم الفدرالية ومحاكم‬
‫الواليات إذا تعلق األمر بتطبيق القانون الفدرالي‪.‬‬

‫يمكن للمحكمة العليا الفدرالية رفض الفصل في النزاع الذي طرح أمامها إذا رأت أنه ليس له‬
‫قيمة قانونية كبرى كما تقوم هذه المحكمة على توحيد التفسيرات المتعلقة المتعلقة بالقوانين الكبرى‬
‫الفدرالية باألخص بالمواد الإلقتصادية وشؤون اإلقتصادية والعالقات اإلقتصادية‪.‬‬

‫تعتبر المحكمة العليا محكمة دستور أيضا حيث تراقب مطابقة القوانين واألحكام القضائية‬
‫للدستور الفدرالي‪.‬‬

You might also like