You are on page 1of 15

‫جامعة محمد لمين دباغين –سطيف‪-2‬‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫قسم الحقوق‬

‫محاضرات األنظمة القانونية المقارنة‬


‫السنة الثالثة حقوق ( عـــــام ‪ +‬خـــــاص)‬

‫إعداد وإ لقاء األستاذ الدكتور‬

‫عبد الرزاق بوضيافـ‬

‫أستاذ التعليم العالي‬

‫السنة الجامعية‬
‫‪ 1441‬ه ‪1442 /‬ه‬
‫‪ 2020‬م‪2021/‬م‬
‫بسم اهلل الرحمان الرحيم‬

‫مقارنة األنظمة القانونية‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫أجمع المفكرون الباحثون في ميدان العلوم والعلوم القانونية أن اإلنسانية م دعوة إلى‬
‫تكوين أنظمة قانونية مبني ة على فكر جديد‪ ،‬لمستقبل جديد تسود فيه روح مشتركة ولكي‬
‫يص ل إلى ذل ك الب د أن يتخلى اإلنس ان عن العص بية القومي ة‪ ،‬فال ينظ ر إلى األجن بي عن ه‬
‫إنسانا مثله يتساوي معه في حق‬
‫ً‬ ‫نظرة ريبة وحذر أو نظرة كراهية وعداء‪ .‬بل يرى فيه‬
‫الحي اة الكريم ة‪ ،‬وين ال قس طه من العلم و كفايت ه من الغ ذاء والعالج‪ ،‬وب ذلك ت زول أس باب‬
‫التوتر المحموم الذي يسود العالم‪.‬‬

‫ولتحقي ق ه ذا المبتغى يتطلب بالض رورة قي ام أنظم ة قانوني ة تتماش ى والتط ورات‬
‫الحاص لة في جمي ع المج االت‪ ،‬ه ذه األنظم ة القانوني ة ال تي تس عى إلى تنمي ة العالق ات‬
‫اإلنسانية لتحقيق التعاون وإ شاعة السلم بين الشعوب‪ ،‬وال يمكن بأي حال من األحوال أن‬
‫يتم ذلك إال عن طريق أنظمة تهدف إلى التعرف على الشعوب وأنظمتها وتفهمها‪ ،‬واإلقبال‬
‫على دراسة شرائعها وعاداتها وإ يديولوجياتها التي تتمثل بها نظمها االجتماعية والسياسة‬
‫واالقتصادية والقضائية على الخصوص‪ .‬ولدراسة األنظمة القانون بهذه الشعوب البد من‬
‫الوقوف عند مالحظتين هامتين لتحقيق ما ذكرناه‪:‬‬

‫أوال‪ :‬لدراس ة األنظم ة القانوني ة بم ا فيه ا تش ريعاتها أن تك ون الدراس ة عن د اإلقب ال‬ ‫‪‬‬
‫على تفهم الشعوب ودراسة شرائعها بعيدا كل البعد عن الهوى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن تكون الدراسة مقرونة بفكرة العدل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فالهوى يفسد الصورة الحقيقية للدراسة والمعرفة ويطبع الدراسة بالميول الشخصية‬ ‫‪-‬‬
‫من حيث ينبغي أن تكون موضوعية والتنكر للعدل يثير الحقد والبغضاء من حيث‬
‫يك ون وينبغي أن يك ون الع دل وس يلة للتع اون وح افزا للمحب ة‪ ،‬فليس من الع دل أن‬
‫يم وت جوع اً في ك ل س نة الماليين‪ ،‬وأن يع اني أك ثر من نص ف س كان الع الم‬
‫األمراض من سوء التغذية‪ ،‬وعدم توفر العالج‪ ،‬ولعل وباء كرونا ليس ببعيد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وليس من الع دل أن تف رض أنظم ة األقوي اء والحل ول اإلس تالمية على الش عوب‬
‫الض عيفة والتحكم في مص يرها‪ .‬فمص ير اإلنس ان –من وط بتحوي ل الكراهي ة والبغض اء إلى‬
‫ق وة محب ة وإ حس ان فاألنظم ة القانوني ة ال تي يس ودها الع دل والموض وعية هم ا العنص ران‬
‫الضروريان لنقل اإلنسانية إلى دنيا جديدة يسود فيها التعاون ويشيع فيها األمن والسالم‪.‬‬

‫تحس س الع الم بالموض وعية‬


‫وه ذا م ا اكتس به الق انون المق ارن من أهمي ة بالغ ة من ّ‬
‫والع دل مم ا أدى إلى نش اط الدراس ة المقارن ة ب روح من الموض وعية ه دفها التق ريب بين‬
‫الشعوب عن طريق التعرف على أنظمتها وقوانينها – وتبدو ثمرات هذه الدراسة في عدد‬
‫من المواض يع القانوني ة ذات الص بغة التجاري ة واالجتماعي ة‪ ،‬وتتج ه الدراس ة القانوني ة‬
‫أساس ا لوح دة اقتص ادية وسياس ية‪ .‬وعلى ه ذا‬
‫ً‬ ‫المقارن ة لألنظم ة لتوحي د الق وانين لتك ون‬
‫علم ا يقوم على أسس‬
‫األساس أحتل القانون المقارن أهمية في الدراسات القانونية وأضحى ً‬
‫متعددة منها‪ .-‬فكرة العدل –من خالل دراسة األنظمة القانونية‪.‬‬

‫المحور األول‪ :‬التعريف بالقانون المقارن ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫الق انون المق ارن ح ديث النش أة‪ ،‬يرج ع إلى م ا يق ارب من مائ ة ع ام‪ ،‬حيث نش أ من‬
‫أوروبا وبالتحديد بالجامعات الفرنسية عام ‪ -1900‬تاريخ ميالده‪ ،‬ومن ثم عكف الباحثون‬
‫على تطويره لما رأو فيه من منافع تعود عليهم بالفائدة في مجال العلوم القانونية‪.‬‬

‫بحيث وقف وا على حقيق ة الق انون المق ارن من خالل فائدت ه وأهداف ه ومن ثم‪ ،‬ق دموا‬
‫تعريفً ا له يختلف عن بقية التعاريف للقانون بصفة عامة‪ .‬لما له من ارتباط بحياة الناس‬
‫وكفالتهم في جميع الميادين المدنية والتجارية‪.‬‬

‫فالق انون المق ارن تم تعريف ة من خالل فوائ ده وأهداف ه بأن ه دراس ة قانوني ة أو بحث‬
‫ق انوني يق وم على أس اس المقارن ة بين ق انونين أو أك ثر مهم ا ك انت التس مية ال تي اختاره ا‬
‫الباحثون‪.‬‬

‫س واء س مي الق انون المق ارن – مقارن ة الق وانين‪ ،‬الطريق ة المقارن ة‪ .‬أو التش ريع‬
‫المق ارن‪ .‬فالب احثون في مي ادين الق انون المق ارن ي رده اختلف وا في تس مية الق انون المق ارن‬
‫يعود أصال في تحديد وظيفته وطبيعته وهذا ما نقف عنده الحقاً‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫مكانة القانون المقارن في الدراسات الجامعية‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫بدأ تدريس القانون المقارنة في فرنسا عام ‪1831‬م‪ ،‬فقد أنشء في ذلك العام كرسي‬
‫–في فرنس ا‪ -‬لت دريس الت اريخ الع ام وفلس فة الش رائع‪ ،‬وتأسس ت في ع ام ‪ 1869‬جمعي ة‬
‫التشريع المقارن وفي تلك الفترة نشطت الدراسة المقارنة ‪ ،‬فقد أخذت عدة دول بإصدار‬
‫تقنيناتها متأسية بفرنسا‪ ،‬واستحدث عن طريق المقارنة العديد من أحكام التقنين الفرنسي‪.‬‬

‫ففي ألماني ا نش طت الدراس ة المقارن ة في النص ف األول من الق رن التاس ع عش ر‪،‬‬


‫فوقف أساتذة المدرسة يقارعون المدرسة التاريخية التي نشأت في ألمانيا مناصرة للدراسة‬
‫المقارنة حتى تمت وازدهرت وكانت بداية الطريق لنشوء القانون المقارنة من مطلع ‪/‬ق‪/‬‬
‫‪./20‬‬

‫وتأسيسا لما سبق يتم دراسة األنظمة القانونية المقارنة وفقا للخطة التالية‪-:‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ - :‬التعريف بالقانون المقارن‪.‬‬

‫مكانة القانون المقارن من الدراسات الجامعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫مؤسسات القانون المقارن‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أهمية القانون المقارن‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ثانيا‪ - :‬فوائد القانونية المقارن في مجال العلوم القانونية‬

‫‪-‬أ‪ -‬في مجال العلوم القانونيةـ النظرية‪.‬‬

‫‪ -‬في مجال تاريخ القانونية ونظريته العامة‬

‫‪ -‬في مجال فلسفة القانون‪.‬‬

‫‪ -‬في مجال عام االجتماع القانوني‪.‬‬

‫‪-‬ب‪ -‬فوائد القانونية المقارن في مجال القوانين العملية‬

‫أوال‪ - :‬على المستوى الوطني‬

‫الد ْولي‬
‫ثانيا‪- :‬على المستوىـ ّ‬
‫‪3‬‬
‫ثالثا‪ :‬طرق المقارنة‬

‫المقابلة‬ ‫‪)1‬‬
‫المقاربة‬ ‫‪)2‬‬
‫المضاهاة‬ ‫‪)3‬‬
‫المقارنة المنهجية‪.‬‬ ‫‪)4‬‬

‫رابعاً‪ :‬األنظمة القانونيةـ المقارنةـ‬

‫الثابت والمتغير في األنظمة القانونية‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫نظام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫النظام القانوني –الشامل‪ -‬الكومون لو‪.-‬‬ ‫‪-‬‬

‫ففي انجل ترا أنش ء أول كرس ي للق انون المق ارن في جامع ة الكس فورد ع ام ‪ ،1869‬وق د‬
‫ساهم الفقهاء االنجل يز في الدراسات المقارن ة وك ان لمس اهمتهم أثر كبير في نش ر الق انون‬
‫المق ارن‪ .‬وه ذا م ا ق امت أمريك ا بتط وير الدراس ة المقارن ة – مم ا أدى ب ذلك العم ل على‬
‫توحيد القانون الداخلي‪ -‬وعليه –فإن الدراسة المقارنة لم تهد دراسة تكميلية وإ نما أضحت‬
‫أساس ا لدراسة كثير من‬
‫ً‬ ‫أساسيا وهاما في تكوين الثقافة القانونية‪ ،‬والمنهج المقارن‬
‫ً‬ ‫عنصرا‬
‫الم واد القانوني ة‪ ،‬إلى ج انب ذل ك ت درس بعض الق وانين األجنبي ة وتج رى المقارن ة بينه ا‬
‫للتعرف على مواضيع االئتالف واالختالف والبحث عن أسبابه بمعايير فنية‪.‬‬

‫مؤسسات القانون المقارنة‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫إلى جانب الدراسات الجامعية‪ ،‬توجد معاهد خاصة بالقانون المقارن باإلضافة إلى مراكز‬
‫وجمعيات للبحوث المقارنة نذكر منها األهم‪:‬‬

‫‪-‬أ‪)1-‬ـ المرك ز الفرنس ي للق انون المق ارن –فرنس ا‪ -‬ويص در ه ذا المرك ز حولي ة التش ريع‬
‫الفرنسي واألجنبي‪.‬‬

‫‪ )2‬جمعية التشريع المقارن – وتصدر هذه الجمعية المجلة الدولية للقانون المقارن‪.‬‬

‫‪ )3‬تجم ع ه نري كابت ان – ويص در ه ذا التجم ع دراس ات في الق انون المق ارن‪ -‬أعم ال‬
‫القانون المقارن‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪-‬ب‪ )2 -‬في انجلترا – تجمع القانون الدولي‪ ،‬ومن مجلة أعمال هذا التجمع‪.‬‬

‫‪ )1‬إص دار قواع د – ي ورك ‪ -‬الخاص ة بالخس ارات البحري ة المش تركة وقواع د –اله اي‪-‬‬
‫عن وثائق الشحن‪.‬‬

‫‪ )2‬جمعية التشريع المقارن والقانون الدولي –وتنشر دراساتها في دورية‪-‬المجلة العلمية‬


‫للقانون المقارن ‪.-‬‬

‫‪ )3‬معهد القانون الدولي والقانون المقارن‪.‬‬

‫جـ‪ -‬في هولندا –األكاديمية الدولية للقانون المقارن في الهاي‪.‬‬

‫د‪ -‬في بلجيكا –المركز الجامعي للقانون المقارن في بروكسل‪.‬‬

‫في إيطاليا ‪/‬معهد القانون التجاري المقارن‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫في اليونان ‪/‬المعهد اليوناني للقانون الدولي واألجنبي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫في أمريكا –التجمع األمريكي للدراسات القانونية المقارنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدراسة المقارنة في البالد العربية‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫لم يكن للدراسة المقارنة في البالد العربية نشاط في بداية العهود األولى للقانون المقارن‪،‬‬
‫وم ع تط ور األنظم ة وتطلي ق النظ ام االش تراكي في العدي د من ال دول العربي ة إلى االهتم ام‬
‫بالقانون المقارن –فقامت تدرس مقياس لقانون المقارن‪ ،‬في كليات الحقوق‪.‬‬

‫كما اهتم الباحثون في مجال العلوم القانونية بالبحث في مجال الدراسات المقارنة‪.‬‬
‫لما لها من دور في التعرف على األنظمة األجنبية‪.‬‬

‫الدراسة المقارنة –لدى الفقهاء المسلمون‪-:‬‬ ‫‪-‬‬

‫لق د ع ني الفقه اء المس لمون بالدراس ة المقارن ة بين الم ذاهب الفقهي ة وأقاموه ا على أس س‬
‫عملي ة وعلمي ة مس تمدة من أوص ول الفق ه‪ ،‬وك انت في عص ور الحض ارة اإلس المية األولى‬
‫من أسباب نحو الفقه اإلسالمي وازدهاره‪ ،‬فكانت تجرى بين الفقهاء بروح البحث العلمي‬
‫المجرد عن الهوى‪ ،‬وتؤدي في كثير من الحاالت إلى رجوع الفقيه عن راية إذا وجد ماهو‬
‫أفضل منه‪ ،‬وقد نشأ عن المقارنة بين المذاهب علم مستقل دعي بعلم الخالف‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وم ا يتطلب الي وم –وفي ظ ل المتغ يرات الوطني ة والدولي ة في جمي ع المج االت السياس ية‬
‫واالقتص ادية واالجتماعي ة إتب اع مس يرة الفقه اء في ه ذه الدراس ة وم دها من اهج المقارن ة‬
‫الحديثة للكشف عن مزايا الشريعة اإلسالمية بمقارنتها مع القوانين الوضعية واستخالص‬
‫قانون تشريعي مشترك فيها يصاغ صياغة فنية حديثة ولن يتسنى ذلك إال بإنشاء معاهد‬
‫للق انون المق ارن وجمعي ات ومراك ز بح وث للدراس ة المقارن ة تت ولى إع داد ه ذا المش روع‬
‫لتؤدي الشريعة اإلسالمية دورها ورسالتها وتكون بما إنطوت عليه من مرون ة في التطبيق‬
‫وصفاء في الفكر القانوني ‪...‬‬

‫موجز تاريخ القانون المقارن‪:‬‬

‫إن الدراسة المقارنة قديمة قدم التاريخ‪ ،‬ويدل ذلك كتاب السياسية ألرسطو –الذي‬
‫يق ول في ه‪- /‬علين ا أن ت درس مع ا نظ ام ال دول ال تي تعت بر أنه ا تتمت ع ب القوانين األحس ن‪،‬‬
‫والدساتير التي يحلها بعض الفالسفة واقفين عند أشهرها‪ ،‬وبهذا نكشف عما ينطوي عليه‬
‫كل منها بما هو خير وقابل للتطبيق‪...‬‬

‫باإلض افة إلى الدراس ات المقارن ة ال تي أجراه ا مونتيس كيو في كتاب ه –روح الق وانين بين‬
‫مجموع ة من الق وانين في مج االت متع ددة من أج ل اس تخالص‪ .‬قواع د دس تورية لحكوم ة‬
‫صالحة‪.‬‬

‫حيث نشطت الدراسة المقارنة ابتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر في‬
‫الكثير من دول أوروبا فرنسا –ألمانيا‪ -‬سويسرا‪ .‬انجلترا واسبانيا وغيرها‪ ،‬وأضحت هذه‬
‫الدراس ة وس يلة لإلس تفادة من تج ارب األمم األخ رى واإلس تحداد من قوانينه ا من أج ل‬
‫تحسين القوانين الوطنية وسد ما بها من نقص وثغرات‪.‬‬

‫بدأت مرحلة تدريس القانون المقارن من فرنسا عام ‪ 1831‬من قبل الفقيه الفرنسي‬
‫أوجان الرمينيه –الذي أشاد في محاضرته االفتتاحية بأهمية دراسة القانون المقارن بقوله‪:‬‬
‫«إن القرارات ال تغير مصير الشعوب وأوضاعها فحسب‪ ،‬بل تنقل حدود العلم والمعرفة‬
‫بعي دا‪ ،‬كم ا أن دراس ة ك ل ح دث ت اريخي يجع ل الفك ر اإلنس اني يتق دم خط وة ويفهم بش كل‬
‫أفض ل الق وانين المحكم ة في الع الم ‪ ...‬وبحكم على األح داث بش كل أحس ن ‪ ...‬على أن‬
‫دراسة هذه األحداث تجعله ينتقل من اإلطالع المجرد على نضال مختلف الشعوب ضرر‬

‫‪6‬‬
‫الطغي ان ومن أج ل تحقي ق الحري ة وإ لى اكتس اب نظ رة علمي ة فاحص ة على تش ريعات ه ذه‬
‫الشعوب ومقارنة معمقة لمؤسساتها االجتماعية‪.‬‬

‫حيث ب دأت مرحل ة التأس يس الفعلي للق انون المق ارن في مطل ع الق رن العش رين ‪،‬‬
‫وذلك بموجب انعقاد المؤتمر الدولي للقانون المقارن سنة ‪ ،1900‬الذي دافع المشاركون‬
‫في ه وعلى رأس هم الفقيه ان الفرنس يان ص الي ولمب ار –عن مفه وم جدي د للق انون لمق ارن‬
‫باعتباره علما مستقال‪ ،‬وضرورة الكف عن الخلط بينه وبين دراسة التشريعات المقارنة‪،‬‬
‫ودع وا إلى ق انون مش ترك لإلنس انية المتحض رة‪ ،‬يه دف إلى التق ارب بين الحض ارات‬
‫وتطوير القانون الدولي‪.‬‬

‫‪-‬أهميةـ القانون المقارن‪-‬‬

‫‪ -1-‬وظائف القانون المقارن‪:‬‬

‫حاول الباحثون في ميدان الدراسات المقارنة ربط القانون المقارن ووظائفه بما هو‬
‫ك ائن ال بم ا ينبغي أن يك ون‪ ،‬إال أن الواق ع المي داني يق ر ب أن الق انون المق ارن غ ائي في‬
‫مواجه ة للواق ع الق انوني بقص د تغي يره وإ ص الحه؛ فال تتوق ف مهام ه عن د الوص ف و‬
‫التفسير‪ ،‬بل إن جوهر وظيفته في التقويم والتغيير‪ ،‬وذلك ينطبق على األصول والفروع‪،‬‬
‫وبدافع من الوعي بأهمية التصنيف العلمي يمكن إيجاز وظائف القانون المقارن فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬‬

‫للقانون المقارن أهمية الخاصة في توحيد القوانين في داخل البالد التي ال تجعلها‬ ‫( ‪)1‬‬
‫وح دة قانوني ة‪ ،‬فالق انون الم دني السويس ري مثال م دين بوج وده لدراس ة ق ام به ا‬
‫السويس ري "أوجين ه وبر" في كتاب ه نم ط الق وانين الخاص ة‪ ،‬السويس رية وتاريخه ا‪،‬‬
‫جم ع في ه النظم القانوني ة ال تي ك انت مرعي ة في كانترن ات –سويس رية وأخض عها‬
‫للموازن ة فمه د الس بيل التوحي د الق انون الم دني في بالده‪ ،‬وق د س بقت حرك ة توحي د‬
‫القانون في داخل أكثر الدول األوروبية حركة تجميع وموازنة بين النظم القانونية‬
‫مهدت السبيل لتوحيد أجزاء هامة من القانون الخاص –والمجاالت التي أدى فيها‬
‫القانون المقارن خدمات ال تنكر في إصالح القوانين الوطنية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫للق انون المق ارن أهمي ة في اس تعراض تط ور النظم القانوني ة المعاص رة لكي يتض ح‬ ‫( ‪)2‬‬
‫للمش رعين م دى ه ذا التط ور و خطوط ه العام ة فيص بح علم الق انون المق ارن ب ذلك‬
‫علم التطور القانوني العام للقوانين المعاصرة‪ ،‬والواقع أن هذه المهمة تقرب الق انون‬
‫المقارن من كل من فلسفة القانون وعام اإلجتماع‪.‬‬
‫(‪ )3‬للقانون المقارن أهمية خاصة تتجلى في اسعاف القاضي إلى التعرف على أدنى الحلول‬
‫ويض رب الفق ه المق ارن لتن وير ه ذه الحقيق ة بالم ادة األولى في الق انون‬
‫إلى العدال ة‪ُ ،‬‬
‫الم دني السويس ري وال تي اس تعارها الق انون الم دني ال تركي ب دوره‪ ،‬فنص ا على أن ه‬
‫عن د ش غور النص وش غور الع رف على القاض ي أن يحكم وفق ا للقواع د ال تي ك ان‬
‫شارعا لشرعها‪.‬‬
‫ً‬
‫إن هذا النص يدعو إلى التساؤل عن كيفية قيام الشارع بمهمته التشريعية ليستند به ا‬
‫–الح اكم‪ -‬عن دما يجابه ه اللبس فيتس اءل عن الحكم ويت ذكر أن ه م دعو للتش ريع وهن ا يجيب‬
‫أحد الفقهاء –الق انون المق ارن‪" .‬إن القانون المق ارن ه و المرجع األولى للمشرع وه و إذن‬
‫مرجع القاضي في مثل هذا المآزق"‪.‬‬

‫وللقانون المقارن مهمته التثقيفية وهذه المهمة المنتظرة من القانون المقارن على‬ ‫(‪)4‬‬
‫جانب من األهمية ألن القانون يزيد من حدة الشارع حتى يلم بالحلول من القوانين‬
‫األجنبية‪ ،‬ويوسع من أفق رجل القانون حين يعلم بالقوانين األجنبية‪ ،‬ويعلم أن ثمة‬
‫حل وال أخ رى‪ ،‬ونظم ا مغ ايرة ف تزداد ملكت ه اإلنتقادي ة والتحليلي ة ويتس ع أف ق تفك يره‬
‫وخيال ه‪ ...‬والحاص ل أن دراس ة الق انون المق ارن تص ل أس باب الع الم ببعض ها دون‬
‫إفتي ان على ال روح القومي ة والوطني ة‪ ،‬وب ذلك يتم التع اون بين رج ال الق انون من‬
‫جميع الدول وأنظمتها القانونية‪.‬‬
‫الق انون المق ارن مهمت ه التش ريعية حيث ال تخفى أهمي ة الق انون المق ارن في حرك ة‬ ‫(‪)5‬‬
‫التقنين حيث لوحظ أن أسوأ القوانين صياغة وحلوال هي تلك القوانين التي شرعتها‬
‫س لطة تج اهلت اإلف ادة من الحل ول ال واردة في أمث ال تل ك الق وانين في األنظم ة‬
‫األجنبية ‪ ...‬ويوصي رجال القانون المقارن من خالل الملتقيات بالتزام الحيطة عند‬

‫‪8‬‬
‫اس تعارة الق وانين األجنبي ة لئال ي زج في التش ريع قواع د يعوزه ا اإلنس جام لئال يقحم‬
‫فن بلد تشريعا أجنبي العروق فيحدث فيها من النتائج ماال فيحد عقباه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬فوائد القانون المقارن في مجال العلوم القانونية‬

‫فوائد القانون المقارن في مجال العلوم القانونية النظرية‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫يقص د ب العلوم القانوني ة النظري ة –ت اريخ الق انون‪ ،‬وفلس فة الق انون النظري ة العام ة للق انون‪،‬‬
‫وعلم اجتم اع الق انون‪ ،‬فهي مج االت تتجلى من خالله ا فك رة الق انون من حيث ش أنه‪،‬‬
‫وتطوره وتأثيره فمختلف الظروف فيه‪ ،‬إضافة إلى معرفة غاياته‪ ،‬مصادره وتقسيماته‪.‬‬

‫في مجال تاريخ القانون ونظريته العامة‪:‬‬ ‫(أ)‬


‫تاريخ القانون‪ - :‬تكمن أهمية التاريخ في عالقته بدراسة القانون‪ ،‬ودراسة التطور‬ ‫‪)1‬‬
‫الت اريخي للقواع د القانوني ة ع بر العص ور واألزمن ة‪ ،‬وال دور اله ام ال ذي يق وم ب ه‬
‫المؤرخ ون في دراس ة العالق ة المتبادل ة بين الق انون كظ اهرة اجتماعي ة‪ ،‬واألح داث‬
‫ال تي تط ورت كث يرا من أص وله ومص ادر تفس يره التقليدي ة‪ ،‬ويهتم رج ل الق انون‬
‫بالت اريخ ليق ف على األنظم ة القانوني ة الس ابقة‪ ،‬وم دى نجاحه ا العلمي في التط بيق‬
‫لقض ايا العدال ة والحري ة من ذ العص ور القديم ة وه ذا بالفع ل م ا أيدت ه اكتش افات‬
‫المؤرخين وعلماء اآلثار‪ .‬لفكرة العدالة كما وجدت عند قدماء المصريين‪ ،‬والعالقة‬
‫المتبادلة بين العدالة والموت والخلود‪ ،‬وتحليل أهمية دور الكهنة‪ ،‬و إله الموت مثل‬
‫أوزوريس‪.‬‬

‫كم ا ترج ع أهمي ة تحليالت علم اء الت اريخ في الكش ف عن العالق ة والمتبادل ة‬
‫والتطوري ة بين ك ل من الق انون والقواع د األخالقي ة وال دين‪ ،‬والع رف‪ ،‬والع ادات والتقالي ة‬
‫والتش ريع‪ ،‬والفق ه والقض اء وغيره ا من مص ادر الق انون المختلف ة وكيفي ة تب اين أهميت ه‬
‫وأولوي ة ه ذه المص ادر بين بعض ها البعض ع ير العص ور التاريخي ة‪ ،‬وبين المجتمع ات‬
‫اإلنس انية في نفس ال وقت من ناحي ة أخ رى‪ ،‬وتكش ف دراس ات الم ؤرخين عن تحلي ل‬

‫‪9‬‬
‫الج وانب المختلف ة لتط ور فق ه الق انون وف روع الق انون المختلف ة‪ .‬مث ل الق انون الع ام‪،‬‬
‫واإلداري‪ ،‬والخ اص وغ ير ذل ك من ف روع أخ رى‪ .‬ك انت نش أتها ذات عالق ة تاريخي ة‬
‫ومجتمعية واضحة‪.‬‬

‫في مجال فلسفة القانون‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫إرتب ط الق انون بتحليالت الفالس فة والمناطق ة من ذ العص ور القديم ة‪ ،‬ح تى ال وقت‬
‫الحاض ر‪ ،‬وأس هم ه ؤالء في إرس اء قواع د الق انون‪ ،‬وح دوده‪ ،‬وقض اياه‪ ،‬ومعاني ه‪ ،‬وفك ره‪،‬‬
‫وتصوراته بصورة عامة‪ ،‬وال يستطيع أحد ينكر فالسفة اإلغريق بدء من سقراط وجماعته‬
‫الشهيرة‪ ،‬وازدرائه على العدالة وسير المحاكمة‪ ،‬ونوعية التهم الموجهة إليه‪ ،‬حتى الفكر‬
‫األفالطوني المثالي‪ ،‬ووضوح طبيعة أفكار العدالة‪ .‬واهتم أرسطو بدراسة العالقة المتبادلة‬
‫بين األفراد والحكومات‪ ،‬وحدد أفضل أنواعها حسب مقاييس الحكم والعدالة‪ ،‬وأترى كذلك‬
‫كثير من علماء وفالسفة العصور والوسطى بدء من القديس أوغسطيس وتوما األكويني‪،‬‬
‫وحتى عصر النهضة في الكشف عن مثالية القانون الطبيعي أو مثالية العدالة وغيرها من‬
‫األفكار القانونية‪ ،‬عن طريق استعمال المنطق وأنماط التفكير العقالني‪.‬‬

‫كم ا أس هم الفالس فة في تط ور الق انون كظ اهرة اجتماعي ة تق رر أس س العدال ة من‬


‫الناحي ة المنطقي ة والعقالني ة‪ ،‬وم ا يجب أن يك ون أو من ينبغي أن يك ون علي ه الق انون‪،‬‬
‫والعدالة‪ ،‬والنظام القضائي‪ ،‬وعالقته بالحاكم والمحكومين‪.‬‬

‫في مجال علم اإلجتماع القانوني‪:‬ـ‬ ‫‪)3‬‬

‫يب دو وج ود عالق ة بين علم اإلجتم اع والق انون‪ .‬فعلم الق انون يعتم د على علم‬
‫اإلجتم اع في التع رف على الحق ائق اإلجتماعي ة كم ا هي حي ة في المجتم ع‪ .‬وق د عم ل ه ذا‬
‫على ظهور علم اإلجتماع القانوني‪ ،‬وهو أحد فروع علم اإلجتماع العام‪.‬‬

‫ه ذا ولم ي أتي إس هامات علم اإلجتم اع من ف راغ‪ ،‬إذ ترج ع ج ذورها إلى تحليالت‬
‫ودراس ات العدي د من الفالس فة وعلم اء السياس ة‪ ،‬وعلم اء التفك ير اإلجتم اعي ال ذين اهتم وا‬
‫بدراسة القانون وتطوره في الواقع وإ رتباطه بالنظام السياسي واإلقتصادي‪ ،‬وأدرك علماء‬
‫اإلجتماع أهمية دراسة القانون‪ ،‬وما تحتاجه القواعد القانوني من تأييد قوى عينها الفعالية‬
‫والتأثير‪ .‬فالقانون يحتاج إلى تأييد من غالبية أفراد المجتمع‪ ،‬ألن مقاومته والخروج المنظم‬
‫‪10‬‬
‫على أحكامه بفقدانه قوته وهيبته‪ ،‬واستطاع هؤالء العلماء توظيف المعرفة السسيولوجية‬
‫في فهم العالقة بين القانونية والمجتمع‪.‬‬

‫وقد استناد علماء فقه القانون من دراسات علم اإلجتماع‪.‬‬

‫ومن قبي ل ذل ك تعامل ه م ع زي ادة الس كان‪ ،‬بس ن تش ريع ي ؤخر س ن ال زواج‪ ،‬وأخ ر‬
‫يش جع أو يمن ع زي ادة النس ل عن طري ق خ دمات األـسرة ال تي يتج اوز ع دد أفراده ا الح د‬
‫المسموح به من دعم الدولة على المستوى التعليمي أو الغذائي أو الصحي‪ ،‬أو عن طريق‬
‫فرض أعباء ضريبة على العدد الزائد من األوالد‪.‬‬

‫كذلك األم ر فيما يتعل ق بظاهرة اإلدم ان‪ ،‬وم ا يخص تج ريم أو تشديد العقوب ة على‬
‫الجلب‪ ،‬واإلتج ار والتع اطي‪ ،‬وفي نفس ال وقت تقري ر إع ذار معرفي ه من العق اب للح د من‬
‫الذي يسلم نفسه لمراكز عالج اإلدمان‪.‬‬

‫وفيم ا يخص ظ اهرة انتش ار الت دخين‪ ،‬تق رر من ع الت دخين من وس ائل المواص الت‬
‫العام ة‪ ،‬أو في أم اكن العم ل‪ ،‬أو في األم اكن العام ة المغلق ة‪ ،‬تق رر إجب ار ش ركات إنت اج‬
‫السجائر على اإلعالن عن مكونات السيجارة والتحذير من أضرارها على ذلك المنتج‪ ،‬أو‬
‫من ع اإلعالن عن الس جائر في أجه زة اإلعالم والص حف التابع ة للدول ة أو رف ع الض رائب‬
‫والجمارك على منتجها‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بظاهرة تشغيل األطفال‪ ،‬فرض القانون حدا أدنى لسن العمل أو التدرج‬
‫المهني – ورفع من التعليم اإللزامي‪ ،‬وجعله مجانيا وبيان األعمال الشاقة أو الخطرة التي‬
‫ال يجوز إسنادها لألطفال قبل سن معينة‪.‬‬

‫ووض ع الق انون ض وابط لمن ع زي ادة تل وث البيئ ة‪ ،‬فوض ع ض وابط على اس تيراد‬
‫السيارات‪ ،‬وحد أعلى لنسبة الرصاص في منتج البنزين ال يتجاوزه‪.‬‬

‫فوائد القانون المقارن في مجال القوانين العملية‪:‬‬

‫يقصد بالقوانين العملية فروع القانون وما تتضمنه من قواعد لتنظيم حياة األش خاص‬
‫على المستوى الوطني والدولي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬على المستوى الوطني‬

‫‪11‬‬
‫تس اهم الدراس ات المقارن ة في مج ال الق وانين الوض عية على المس توى الوط ني في‬
‫فهم أفضل للقانون الوطني‪ ،‬مقنبسا من قوانين أخرى أكثر تطوراً‪.‬‬

‫وانطالق ا من ه ذا الس ياق‪ ،‬يمكن للمش رع أن يس تفيد من تج ارب ال دول األخ رى من‬
‫خالل الدراس ة المقارن ة ألنظمته ا القانوني ة‪ ،‬فيتمكن من إص الح عي وب فمختل ف ف روع‬
‫القانون الوطني وسد ما بها من ثغرات وإ كمال ما بها من نقص‪.‬‬

‫رائدا للمشرع في‬


‫ويمكن للفقه من خالل الدراسات المقارنة التي يجربها أن يكون ً‬
‫مجال إصالح القانون الوطني‪ ،‬يمهد له سبل صنع القواعد القانونية األصلح للمجتمع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬على المستوى الدولي‬

‫أساسا في مساهمة التقريب‬


‫ً‬ ‫يحقق القانون المقارن على المستوى الدولي فوائد مهمة‪ ،‬تتجلى‬
‫دع ا الفقي ه –‬
‫بين الش عوب‪ ،‬وحس ن التف اهم والتع اون بينه ا‪ ،‬وفي س بيل تحقي ق ه ذا اله دف َ‬
‫المبير‪ -‬في المحاضرة اإلفتتاحية للموسم الجامعي إلى جعل القانون المقارن وسيلة إتصال‬
‫بين القوانين الوطنية لتكوين ضمير قانوني‪ ،‬عالمي تؤدي إلى جعل القانون أداة تفاهم بين‬
‫الش عوب لتتمكن من اإلتف اق فيم ا بينه ا‪ ،‬كم ا يق وم بتوثي ق العالق ات بين ال دول من خالل‬
‫دوره اله ام من إع داد المعاه دات‪ ،‬إبرامه ا وتفس يرها‪ ،‬فض ال عن أهميت ه المتم يزة في‬
‫المفاوضات بين الدول‪.‬‬

‫صفات وواجبات الباحث المقارن‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫أن يك ون الب احث المق ارن واس ع اإلطالع بج انب كب ير من الق وانين الوطني ة‬ ‫‪)1‬‬
‫واألجنبية‪ ،‬والعام بالقواعد القانونية لكل نظام ليعلم واقع األنظمة القانونية ومن ثم‬
‫معرفة األسباب المهمة التي أدت إلى اإلختالف واإلئتالف‪.‬‬
‫أمني ا في نقل ه عن المص ادر الموثوق ة وص ادقاً في نس بتها إلى‬
‫أن يك ون المق ارن ً‬ ‫‪)2‬‬
‫مقرون ا ب أقوى األدل ة‪ ،‬ح تى يبع د اآلراء‬
‫ً‬ ‫أص حابها‪ ،‬وذل ك بإختي ار أق وى اآلراء‬
‫المس بقة ال تي يح اول أص حابها فرض ها وع ّدها من المس لمات دون التأك د منه ا‪ ،‬كم ا‬
‫هو الحال لدى اإلختالف‪.‬‬
‫موضوعيا منصفًا متجرداً عن جميع المؤثرات السلبية‪ ،‬وأن يكون‬
‫ً‬ ‫أن يكون المقارن‬ ‫‪)3‬‬
‫ترجيحه على وفق الضوابط العلمية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫طرق المقارنة‪:‬‬

‫إتبع الباحثون المقارنون‪ ،‬خالل تكوين القانون المقارن‪ ،‬عدة طرائق للمقارنة فهي‪:‬‬
‫‪-‬المقابلة والمقاربة‪ ،‬والمضاهاة‪ ،‬والموازنة أو المقارنة المنهجية‪...‬‬

‫المقابلة‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫بم وجب ه ذه الطريق ة يض ع الب احث األحك ام المتعلق ة بموض وع معين في قانون ه‬
‫جنب ا إلى جنب‪ ،‬بحيث يقابل بعضها ببعض ليتعرف‪ .‬على مواضع‬ ‫الوطني وقوانين أخرى ً‬
‫التش ابه واإلختالف‪ .‬بينه ا وبين قانون ه‪ ،‬إال أن ال رأي ال راجح في فك ر الق انون المق ارن أن‬
‫ه ذه الطريق ة ال تعت بر دراس ة مقارن ة ب المفهوم الف ني‪ ،‬وإ نم ا هي مج رد تجمي ع ألحك ام من‬
‫قوانين مختلفة هدفه تسهيل مهمة الباحث المقارن ودليل على أن متبع هذه الطريقة يتصف‬
‫بسعة اإلطالع ومعرفته للقوانين وطنيا ودولياً‪.‬‬

‫المقارب ــة‪ :‬تق وم ه ذه الطريق ة على دراس ة أوج ه التش ابه والتق ارب بين الق وانين‬ ‫‪)2‬‬
‫المتشابهة في البنية وفي الخصائص‪ ،‬المستمدة من مصادر قانونية مشتركة‪ ،‬تخضع‬
‫لمنهج ق انوني موج د يجعله ا قابل ة للمقارن ة فيم ا بينه ا‪ .‬وتس تعمل طريق ة المقارن ة‬
‫خاصة من البحث في مجال توحيد القوانين الداخلية في الدول االتحادية‪ ،‬التي يقوم‬
‫فيها النظام القانوني على اإلزدواجية‪.‬‬
‫المضــاهاة‪ :‬تق وم ه ذه الطريف ة على بي ان أوج ه التش ابه بين الق وانين المختلف ة‪ /‬ف إن‬ ‫‪)3‬‬
‫طريق ة المض اة تق وم على تحدي د أوج ه اإلختالف والتب اين بين الق وانين النابع ة من‬
‫بني ة إقتص ادية متباين ة‪ ،‬كالمقارن ة بين ق وانين المنهج الروم اني الجرم اني والق وانين‬
‫اإلشتراكية‪.‬‬
‫طريقة المقارنة المنهجية‪:‬‬ ‫‪)4‬‬

‫وهي أهم طرق المقارنة‪ ،‬ألن المقارنة بموجبها تنتهي إلى نتيجة إيجابية‪ ،‬بحكم أنها‬
‫تخضع لمنهج يساعد على إستخالص نتائج يتعرف الباحث بمقتضاها على القانون األفضل‬
‫بعد دراسة أسباب اإلختالف واإلئتالف‪ ،‬على ضوء الظروف المؤثرة في القاعدة القانونية‬
‫المحيطة بها‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫حيث تق وم ه ذه الطريق ة على تحلي ل القاع دة القانوني ة في النص وص األجنبي ة‬
‫وتجزئته ا‪ ،‬وبحث العالق ة بين العناص ر الجزئي ة في الق وانين المختلف ة‪ ،‬وتس مى بالمقارن ة‬
‫الجزئية‪ ،‬ثم دراسة النظام الذي يجعلها ويحتويها‪ ،‬وأخيراً تحديد موقعها من المنهج بصفة‬
‫عام ة‪ ،‬كدراس ة قواع د البن وة في نظ ام األس رة ال تي يحتويه ا المنهج الالتي ني‪ ،‬وتس مى‬
‫بالمقارنة الكلية‪.‬‬

‫غ ير أن ه ذه الطريق ة ال تق وم بص ورة ن اجح إال بت وافر مقوماته ا األساس ية المتمثل ة‬


‫في معرف ة الق انون األجن بي مح ل المقارن ة معرف ة موض وعية كامل ة‪ ،‬واإلحاط ة بأحكام ه‬
‫ولغته ومصطلحاته بدقة‪ ،‬ويعرف باإلضافة إلى ذلك بنيته وتقسيماته ومصادره‪.‬‬

‫باإلض افة إلى البحث والتح ري عن مختل ف العوام ل الم ؤثرة في تك وين الق انون‬
‫األجنبي‪ ،‬ومن مقدمتها العوامل التاريخية التي تؤثر في بنية القانون‪ ،‬والعوامل اإلجتماعية‬
‫التي تؤثر في مجال تطبيقها‪ ،‬والعوامل السياسية التي لها التأثير الفعال في تحديد المفاهيم‬
‫القانونية وأخير العوامل اإلقتصادية التي يختلف تأثيرها على القانون بإختالف مدى تدخل‬
‫الدولة في تقييد الحرية اإلقتصادية‪.‬‬

‫‪14‬‬

You might also like