Professional Documents
Culture Documents
قسم الحقوق
السنة الجامعية
1441ه 1442 /ه
2020م2021/م
بسم اهلل الرحمان الرحيم
مقدمة:
أجمع المفكرون الباحثون في ميدان العلوم والعلوم القانونية أن اإلنسانية م دعوة إلى
تكوين أنظمة قانونية مبني ة على فكر جديد ،لمستقبل جديد تسود فيه روح مشتركة ولكي
يص ل إلى ذل ك الب د أن يتخلى اإلنس ان عن العص بية القومي ة ،فال ينظ ر إلى األجن بي عن ه
إنسانا مثله يتساوي معه في حق
ً نظرة ريبة وحذر أو نظرة كراهية وعداء .بل يرى فيه
الحي اة الكريم ة ،وين ال قس طه من العلم و كفايت ه من الغ ذاء والعالج ،وب ذلك ت زول أس باب
التوتر المحموم الذي يسود العالم.
ولتحقي ق ه ذا المبتغى يتطلب بالض رورة قي ام أنظم ة قانوني ة تتماش ى والتط ورات
الحاص لة في جمي ع المج االت ،ه ذه األنظم ة القانوني ة ال تي تس عى إلى تنمي ة العالق ات
اإلنسانية لتحقيق التعاون وإ شاعة السلم بين الشعوب ،وال يمكن بأي حال من األحوال أن
يتم ذلك إال عن طريق أنظمة تهدف إلى التعرف على الشعوب وأنظمتها وتفهمها ،واإلقبال
على دراسة شرائعها وعاداتها وإ يديولوجياتها التي تتمثل بها نظمها االجتماعية والسياسة
واالقتصادية والقضائية على الخصوص .ولدراسة األنظمة القانون بهذه الشعوب البد من
الوقوف عند مالحظتين هامتين لتحقيق ما ذكرناه:
أوال :لدراس ة األنظم ة القانوني ة بم ا فيه ا تش ريعاتها أن تك ون الدراس ة عن د اإلقب ال
على تفهم الشعوب ودراسة شرائعها بعيدا كل البعد عن الهوى.
ثانيا :أن تكون الدراسة مقرونة بفكرة العدل.
فالهوى يفسد الصورة الحقيقية للدراسة والمعرفة ويطبع الدراسة بالميول الشخصية -
من حيث ينبغي أن تكون موضوعية والتنكر للعدل يثير الحقد والبغضاء من حيث
يك ون وينبغي أن يك ون الع دل وس يلة للتع اون وح افزا للمحب ة ،فليس من الع دل أن
يم وت جوع اً في ك ل س نة الماليين ،وأن يع اني أك ثر من نص ف س كان الع الم
األمراض من سوء التغذية ،وعدم توفر العالج ،ولعل وباء كرونا ليس ببعيد.
1
وليس من الع دل أن تف رض أنظم ة األقوي اء والحل ول اإلس تالمية على الش عوب
الض عيفة والتحكم في مص يرها .فمص ير اإلنس ان –من وط بتحوي ل الكراهي ة والبغض اء إلى
ق وة محب ة وإ حس ان فاألنظم ة القانوني ة ال تي يس ودها الع دل والموض وعية هم ا العنص ران
الضروريان لنقل اإلنسانية إلى دنيا جديدة يسود فيها التعاون ويشيع فيها األمن والسالم.
الق انون المق ارن ح ديث النش أة ،يرج ع إلى م ا يق ارب من مائ ة ع ام ،حيث نش أ من
أوروبا وبالتحديد بالجامعات الفرنسية عام -1900تاريخ ميالده ،ومن ثم عكف الباحثون
على تطويره لما رأو فيه من منافع تعود عليهم بالفائدة في مجال العلوم القانونية.
بحيث وقف وا على حقيق ة الق انون المق ارن من خالل فائدت ه وأهداف ه ومن ثم ،ق دموا
تعريفً ا له يختلف عن بقية التعاريف للقانون بصفة عامة .لما له من ارتباط بحياة الناس
وكفالتهم في جميع الميادين المدنية والتجارية.
فالق انون المق ارن تم تعريف ة من خالل فوائ ده وأهداف ه بأن ه دراس ة قانوني ة أو بحث
ق انوني يق وم على أس اس المقارن ة بين ق انونين أو أك ثر مهم ا ك انت التس مية ال تي اختاره ا
الباحثون.
س واء س مي الق انون المق ارن – مقارن ة الق وانين ،الطريق ة المقارن ة .أو التش ريع
المق ارن .فالب احثون في مي ادين الق انون المق ارن ي رده اختلف وا في تس مية الق انون المق ارن
يعود أصال في تحديد وظيفته وطبيعته وهذا ما نقف عنده الحقاً.
2
مكانة القانون المقارن في الدراسات الجامعية: -
بدأ تدريس القانون المقارنة في فرنسا عام 1831م ،فقد أنشء في ذلك العام كرسي
–في فرنس ا -لت دريس الت اريخ الع ام وفلس فة الش رائع ،وتأسس ت في ع ام 1869جمعي ة
التشريع المقارن وفي تلك الفترة نشطت الدراسة المقارنة ،فقد أخذت عدة دول بإصدار
تقنيناتها متأسية بفرنسا ،واستحدث عن طريق المقارنة العديد من أحكام التقنين الفرنسي.
وتأسيسا لما سبق يتم دراسة األنظمة القانونية المقارنة وفقا للخطة التالية-:
ً
أوال - :التعريف بالقانون المقارن.
الد ْولي
ثانيا- :على المستوىـ ّ
3
ثالثا :طرق المقارنة
المقابلة )1
المقاربة )2
المضاهاة )3
المقارنة المنهجية. )4
ففي انجل ترا أنش ء أول كرس ي للق انون المق ارن في جامع ة الكس فورد ع ام ،1869وق د
ساهم الفقهاء االنجل يز في الدراسات المقارن ة وك ان لمس اهمتهم أثر كبير في نش ر الق انون
المق ارن .وه ذا م ا ق امت أمريك ا بتط وير الدراس ة المقارن ة – مم ا أدى ب ذلك العم ل على
توحيد القانون الداخلي -وعليه –فإن الدراسة المقارنة لم تهد دراسة تكميلية وإ نما أضحت
أساس ا لدراسة كثير من
ً أساسيا وهاما في تكوين الثقافة القانونية ،والمنهج المقارن
ً عنصرا
الم واد القانوني ة ،إلى ج انب ذل ك ت درس بعض الق وانين األجنبي ة وتج رى المقارن ة بينه ا
للتعرف على مواضيع االئتالف واالختالف والبحث عن أسبابه بمعايير فنية.
إلى جانب الدراسات الجامعية ،توجد معاهد خاصة بالقانون المقارن باإلضافة إلى مراكز
وجمعيات للبحوث المقارنة نذكر منها األهم:
-أ)1-ـ المرك ز الفرنس ي للق انون المق ارن –فرنس ا -ويص در ه ذا المرك ز حولي ة التش ريع
الفرنسي واألجنبي.
)2جمعية التشريع المقارن – وتصدر هذه الجمعية المجلة الدولية للقانون المقارن.
)3تجم ع ه نري كابت ان – ويص در ه ذا التجم ع دراس ات في الق انون المق ارن -أعم ال
القانون المقارن.
4
-ب )2 -في انجلترا – تجمع القانون الدولي ،ومن مجلة أعمال هذا التجمع.
)1إص دار قواع د – ي ورك -الخاص ة بالخس ارات البحري ة المش تركة وقواع د –اله اي-
عن وثائق الشحن.
لم يكن للدراسة المقارنة في البالد العربية نشاط في بداية العهود األولى للقانون المقارن،
وم ع تط ور األنظم ة وتطلي ق النظ ام االش تراكي في العدي د من ال دول العربي ة إلى االهتم ام
بالقانون المقارن –فقامت تدرس مقياس لقانون المقارن ،في كليات الحقوق.
كما اهتم الباحثون في مجال العلوم القانونية بالبحث في مجال الدراسات المقارنة.
لما لها من دور في التعرف على األنظمة األجنبية.
لق د ع ني الفقه اء المس لمون بالدراس ة المقارن ة بين الم ذاهب الفقهي ة وأقاموه ا على أس س
عملي ة وعلمي ة مس تمدة من أوص ول الفق ه ،وك انت في عص ور الحض ارة اإلس المية األولى
من أسباب نحو الفقه اإلسالمي وازدهاره ،فكانت تجرى بين الفقهاء بروح البحث العلمي
المجرد عن الهوى ،وتؤدي في كثير من الحاالت إلى رجوع الفقيه عن راية إذا وجد ماهو
أفضل منه ،وقد نشأ عن المقارنة بين المذاهب علم مستقل دعي بعلم الخالف.
5
وم ا يتطلب الي وم –وفي ظ ل المتغ يرات الوطني ة والدولي ة في جمي ع المج االت السياس ية
واالقتص ادية واالجتماعي ة إتب اع مس يرة الفقه اء في ه ذه الدراس ة وم دها من اهج المقارن ة
الحديثة للكشف عن مزايا الشريعة اإلسالمية بمقارنتها مع القوانين الوضعية واستخالص
قانون تشريعي مشترك فيها يصاغ صياغة فنية حديثة ولن يتسنى ذلك إال بإنشاء معاهد
للق انون المق ارن وجمعي ات ومراك ز بح وث للدراس ة المقارن ة تت ولى إع داد ه ذا المش روع
لتؤدي الشريعة اإلسالمية دورها ورسالتها وتكون بما إنطوت عليه من مرون ة في التطبيق
وصفاء في الفكر القانوني ...
إن الدراسة المقارنة قديمة قدم التاريخ ،ويدل ذلك كتاب السياسية ألرسطو –الذي
يق ول في ه- /علين ا أن ت درس مع ا نظ ام ال دول ال تي تعت بر أنه ا تتمت ع ب القوانين األحس ن،
والدساتير التي يحلها بعض الفالسفة واقفين عند أشهرها ،وبهذا نكشف عما ينطوي عليه
كل منها بما هو خير وقابل للتطبيق...
باإلض افة إلى الدراس ات المقارن ة ال تي أجراه ا مونتيس كيو في كتاب ه –روح الق وانين بين
مجموع ة من الق وانين في مج االت متع ددة من أج ل اس تخالص .قواع د دس تورية لحكوم ة
صالحة.
حيث نشطت الدراسة المقارنة ابتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر في
الكثير من دول أوروبا فرنسا –ألمانيا -سويسرا .انجلترا واسبانيا وغيرها ،وأضحت هذه
الدراس ة وس يلة لإلس تفادة من تج ارب األمم األخ رى واإلس تحداد من قوانينه ا من أج ل
تحسين القوانين الوطنية وسد ما بها من نقص وثغرات.
بدأت مرحلة تدريس القانون المقارن من فرنسا عام 1831من قبل الفقيه الفرنسي
أوجان الرمينيه –الذي أشاد في محاضرته االفتتاحية بأهمية دراسة القانون المقارن بقوله:
«إن القرارات ال تغير مصير الشعوب وأوضاعها فحسب ،بل تنقل حدود العلم والمعرفة
بعي دا ،كم ا أن دراس ة ك ل ح دث ت اريخي يجع ل الفك ر اإلنس اني يتق دم خط وة ويفهم بش كل
أفض ل الق وانين المحكم ة في الع الم ...وبحكم على األح داث بش كل أحس ن ...على أن
دراسة هذه األحداث تجعله ينتقل من اإلطالع المجرد على نضال مختلف الشعوب ضرر
6
الطغي ان ومن أج ل تحقي ق الحري ة وإ لى اكتس اب نظ رة علمي ة فاحص ة على تش ريعات ه ذه
الشعوب ومقارنة معمقة لمؤسساتها االجتماعية.
حيث ب دأت مرحل ة التأس يس الفعلي للق انون المق ارن في مطل ع الق رن العش رين ،
وذلك بموجب انعقاد المؤتمر الدولي للقانون المقارن سنة ،1900الذي دافع المشاركون
في ه وعلى رأس هم الفقيه ان الفرنس يان ص الي ولمب ار –عن مفه وم جدي د للق انون لمق ارن
باعتباره علما مستقال ،وضرورة الكف عن الخلط بينه وبين دراسة التشريعات المقارنة،
ودع وا إلى ق انون مش ترك لإلنس انية المتحض رة ،يه دف إلى التق ارب بين الحض ارات
وتطوير القانون الدولي.
حاول الباحثون في ميدان الدراسات المقارنة ربط القانون المقارن ووظائفه بما هو
ك ائن ال بم ا ينبغي أن يك ون ،إال أن الواق ع المي داني يق ر ب أن الق انون المق ارن غ ائي في
مواجه ة للواق ع الق انوني بقص د تغي يره وإ ص الحه؛ فال تتوق ف مهام ه عن د الوص ف و
التفسير ،بل إن جوهر وظيفته في التقويم والتغيير ،وذلك ينطبق على األصول والفروع،
وبدافع من الوعي بأهمية التصنيف العلمي يمكن إيجاز وظائف القانون المقارن فيما يلي:
-
للقانون المقارن أهمية الخاصة في توحيد القوانين في داخل البالد التي ال تجعلها ( )1
وح دة قانوني ة ،فالق انون الم دني السويس ري مثال م دين بوج وده لدراس ة ق ام به ا
السويس ري "أوجين ه وبر" في كتاب ه نم ط الق وانين الخاص ة ،السويس رية وتاريخه ا،
جم ع في ه النظم القانوني ة ال تي ك انت مرعي ة في كانترن ات –سويس رية وأخض عها
للموازن ة فمه د الس بيل التوحي د الق انون الم دني في بالده ،وق د س بقت حرك ة توحي د
القانون في داخل أكثر الدول األوروبية حركة تجميع وموازنة بين النظم القانونية
مهدت السبيل لتوحيد أجزاء هامة من القانون الخاص –والمجاالت التي أدى فيها
القانون المقارن خدمات ال تنكر في إصالح القوانين الوطنية.
7
للق انون المق ارن أهمي ة في اس تعراض تط ور النظم القانوني ة المعاص رة لكي يتض ح ( )2
للمش رعين م دى ه ذا التط ور و خطوط ه العام ة فيص بح علم الق انون المق ارن ب ذلك
علم التطور القانوني العام للقوانين المعاصرة ،والواقع أن هذه المهمة تقرب الق انون
المقارن من كل من فلسفة القانون وعام اإلجتماع.
( )3للقانون المقارن أهمية خاصة تتجلى في اسعاف القاضي إلى التعرف على أدنى الحلول
ويض رب الفق ه المق ارن لتن وير ه ذه الحقيق ة بالم ادة األولى في الق انون
إلى العدال ةُ ،
الم دني السويس ري وال تي اس تعارها الق انون الم دني ال تركي ب دوره ،فنص ا على أن ه
عن د ش غور النص وش غور الع رف على القاض ي أن يحكم وفق ا للقواع د ال تي ك ان
شارعا لشرعها.
ً
إن هذا النص يدعو إلى التساؤل عن كيفية قيام الشارع بمهمته التشريعية ليستند به ا
–الح اكم -عن دما يجابه ه اللبس فيتس اءل عن الحكم ويت ذكر أن ه م دعو للتش ريع وهن ا يجيب
أحد الفقهاء –الق انون المق ارن" .إن القانون المق ارن ه و المرجع األولى للمشرع وه و إذن
مرجع القاضي في مثل هذا المآزق".
وللقانون المقارن مهمته التثقيفية وهذه المهمة المنتظرة من القانون المقارن على ()4
جانب من األهمية ألن القانون يزيد من حدة الشارع حتى يلم بالحلول من القوانين
األجنبية ،ويوسع من أفق رجل القانون حين يعلم بالقوانين األجنبية ،ويعلم أن ثمة
حل وال أخ رى ،ونظم ا مغ ايرة ف تزداد ملكت ه اإلنتقادي ة والتحليلي ة ويتس ع أف ق تفك يره
وخيال ه ...والحاص ل أن دراس ة الق انون المق ارن تص ل أس باب الع الم ببعض ها دون
إفتي ان على ال روح القومي ة والوطني ة ،وب ذلك يتم التع اون بين رج ال الق انون من
جميع الدول وأنظمتها القانونية.
الق انون المق ارن مهمت ه التش ريعية حيث ال تخفى أهمي ة الق انون المق ارن في حرك ة ()5
التقنين حيث لوحظ أن أسوأ القوانين صياغة وحلوال هي تلك القوانين التي شرعتها
س لطة تج اهلت اإلف ادة من الحل ول ال واردة في أمث ال تل ك الق وانين في األنظم ة
األجنبية ...ويوصي رجال القانون المقارن من خالل الملتقيات بالتزام الحيطة عند
8
اس تعارة الق وانين األجنبي ة لئال ي زج في التش ريع قواع د يعوزه ا اإلنس جام لئال يقحم
فن بلد تشريعا أجنبي العروق فيحدث فيها من النتائج ماال فيحد عقباه.
يقص د ب العلوم القانوني ة النظري ة –ت اريخ الق انون ،وفلس فة الق انون النظري ة العام ة للق انون،
وعلم اجتم اع الق انون ،فهي مج االت تتجلى من خالله ا فك رة الق انون من حيث ش أنه،
وتطوره وتأثيره فمختلف الظروف فيه ،إضافة إلى معرفة غاياته ،مصادره وتقسيماته.
كم ا ترج ع أهمي ة تحليالت علم اء الت اريخ في الكش ف عن العالق ة والمتبادل ة
والتطوري ة بين ك ل من الق انون والقواع د األخالقي ة وال دين ،والع رف ،والع ادات والتقالي ة
والتش ريع ،والفق ه والقض اء وغيره ا من مص ادر الق انون المختلف ة وكيفي ة تب اين أهميت ه
وأولوي ة ه ذه المص ادر بين بعض ها البعض ع ير العص ور التاريخي ة ،وبين المجتمع ات
اإلنس انية في نفس ال وقت من ناحي ة أخ رى ،وتكش ف دراس ات الم ؤرخين عن تحلي ل
9
الج وانب المختلف ة لتط ور فق ه الق انون وف روع الق انون المختلف ة .مث ل الق انون الع ام،
واإلداري ،والخ اص وغ ير ذل ك من ف روع أخ رى .ك انت نش أتها ذات عالق ة تاريخي ة
ومجتمعية واضحة.
إرتب ط الق انون بتحليالت الفالس فة والمناطق ة من ذ العص ور القديم ة ،ح تى ال وقت
الحاض ر ،وأس هم ه ؤالء في إرس اء قواع د الق انون ،وح دوده ،وقض اياه ،ومعاني ه ،وفك ره،
وتصوراته بصورة عامة ،وال يستطيع أحد ينكر فالسفة اإلغريق بدء من سقراط وجماعته
الشهيرة ،وازدرائه على العدالة وسير المحاكمة ،ونوعية التهم الموجهة إليه ،حتى الفكر
األفالطوني المثالي ،ووضوح طبيعة أفكار العدالة .واهتم أرسطو بدراسة العالقة المتبادلة
بين األفراد والحكومات ،وحدد أفضل أنواعها حسب مقاييس الحكم والعدالة ،وأترى كذلك
كثير من علماء وفالسفة العصور والوسطى بدء من القديس أوغسطيس وتوما األكويني،
وحتى عصر النهضة في الكشف عن مثالية القانون الطبيعي أو مثالية العدالة وغيرها من
األفكار القانونية ،عن طريق استعمال المنطق وأنماط التفكير العقالني.
يب دو وج ود عالق ة بين علم اإلجتم اع والق انون .فعلم الق انون يعتم د على علم
اإلجتم اع في التع رف على الحق ائق اإلجتماعي ة كم ا هي حي ة في المجتم ع .وق د عم ل ه ذا
على ظهور علم اإلجتماع القانوني ،وهو أحد فروع علم اإلجتماع العام.
ه ذا ولم ي أتي إس هامات علم اإلجتم اع من ف راغ ،إذ ترج ع ج ذورها إلى تحليالت
ودراس ات العدي د من الفالس فة وعلم اء السياس ة ،وعلم اء التفك ير اإلجتم اعي ال ذين اهتم وا
بدراسة القانون وتطوره في الواقع وإ رتباطه بالنظام السياسي واإلقتصادي ،وأدرك علماء
اإلجتماع أهمية دراسة القانون ،وما تحتاجه القواعد القانوني من تأييد قوى عينها الفعالية
والتأثير .فالقانون يحتاج إلى تأييد من غالبية أفراد المجتمع ،ألن مقاومته والخروج المنظم
10
على أحكامه بفقدانه قوته وهيبته ،واستطاع هؤالء العلماء توظيف المعرفة السسيولوجية
في فهم العالقة بين القانونية والمجتمع.
ومن قبي ل ذل ك تعامل ه م ع زي ادة الس كان ،بس ن تش ريع ي ؤخر س ن ال زواج ،وأخ ر
يش جع أو يمن ع زي ادة النس ل عن طري ق خ دمات األـسرة ال تي يتج اوز ع دد أفراده ا الح د
المسموح به من دعم الدولة على المستوى التعليمي أو الغذائي أو الصحي ،أو عن طريق
فرض أعباء ضريبة على العدد الزائد من األوالد.
كذلك األم ر فيما يتعل ق بظاهرة اإلدم ان ،وم ا يخص تج ريم أو تشديد العقوب ة على
الجلب ،واإلتج ار والتع اطي ،وفي نفس ال وقت تقري ر إع ذار معرفي ه من العق اب للح د من
الذي يسلم نفسه لمراكز عالج اإلدمان.
وفيم ا يخص ظ اهرة انتش ار الت دخين ،تق رر من ع الت دخين من وس ائل المواص الت
العام ة ،أو في أم اكن العم ل ،أو في األم اكن العام ة المغلق ة ،تق رر إجب ار ش ركات إنت اج
السجائر على اإلعالن عن مكونات السيجارة والتحذير من أضرارها على ذلك المنتج ،أو
من ع اإلعالن عن الس جائر في أجه زة اإلعالم والص حف التابع ة للدول ة أو رف ع الض رائب
والجمارك على منتجها.
وفيما يتعلق بظاهرة تشغيل األطفال ،فرض القانون حدا أدنى لسن العمل أو التدرج
المهني – ورفع من التعليم اإللزامي ،وجعله مجانيا وبيان األعمال الشاقة أو الخطرة التي
ال يجوز إسنادها لألطفال قبل سن معينة.
ووض ع الق انون ض وابط لمن ع زي ادة تل وث البيئ ة ،فوض ع ض وابط على اس تيراد
السيارات ،وحد أعلى لنسبة الرصاص في منتج البنزين ال يتجاوزه.
يقصد بالقوانين العملية فروع القانون وما تتضمنه من قواعد لتنظيم حياة األش خاص
على المستوى الوطني والدولي.
11
تس اهم الدراس ات المقارن ة في مج ال الق وانين الوض عية على المس توى الوط ني في
فهم أفضل للقانون الوطني ،مقنبسا من قوانين أخرى أكثر تطوراً.
وانطالق ا من ه ذا الس ياق ،يمكن للمش رع أن يس تفيد من تج ارب ال دول األخ رى من
خالل الدراس ة المقارن ة ألنظمته ا القانوني ة ،فيتمكن من إص الح عي وب فمختل ف ف روع
القانون الوطني وسد ما بها من ثغرات وإ كمال ما بها من نقص.
12
طرق المقارنة:
إتبع الباحثون المقارنون ،خالل تكوين القانون المقارن ،عدة طرائق للمقارنة فهي:
-المقابلة والمقاربة ،والمضاهاة ،والموازنة أو المقارنة المنهجية...
المقابلة: )1
بم وجب ه ذه الطريق ة يض ع الب احث األحك ام المتعلق ة بموض وع معين في قانون ه
جنب ا إلى جنب ،بحيث يقابل بعضها ببعض ليتعرف .على مواضع الوطني وقوانين أخرى ً
التش ابه واإلختالف .بينه ا وبين قانون ه ،إال أن ال رأي ال راجح في فك ر الق انون المق ارن أن
ه ذه الطريق ة ال تعت بر دراس ة مقارن ة ب المفهوم الف ني ،وإ نم ا هي مج رد تجمي ع ألحك ام من
قوانين مختلفة هدفه تسهيل مهمة الباحث المقارن ودليل على أن متبع هذه الطريقة يتصف
بسعة اإلطالع ومعرفته للقوانين وطنيا ودولياً.
المقارب ــة :تق وم ه ذه الطريق ة على دراس ة أوج ه التش ابه والتق ارب بين الق وانين )2
المتشابهة في البنية وفي الخصائص ،المستمدة من مصادر قانونية مشتركة ،تخضع
لمنهج ق انوني موج د يجعله ا قابل ة للمقارن ة فيم ا بينه ا .وتس تعمل طريق ة المقارن ة
خاصة من البحث في مجال توحيد القوانين الداخلية في الدول االتحادية ،التي يقوم
فيها النظام القانوني على اإلزدواجية.
المضــاهاة :تق وم ه ذه الطريف ة على بي ان أوج ه التش ابه بين الق وانين المختلف ة /ف إن )3
طريق ة المض اة تق وم على تحدي د أوج ه اإلختالف والتب اين بين الق وانين النابع ة من
بني ة إقتص ادية متباين ة ،كالمقارن ة بين ق وانين المنهج الروم اني الجرم اني والق وانين
اإلشتراكية.
طريقة المقارنة المنهجية: )4
وهي أهم طرق المقارنة ،ألن المقارنة بموجبها تنتهي إلى نتيجة إيجابية ،بحكم أنها
تخضع لمنهج يساعد على إستخالص نتائج يتعرف الباحث بمقتضاها على القانون األفضل
بعد دراسة أسباب اإلختالف واإلئتالف ،على ضوء الظروف المؤثرة في القاعدة القانونية
المحيطة بها.
13
حيث تق وم ه ذه الطريق ة على تحلي ل القاع دة القانوني ة في النص وص األجنبي ة
وتجزئته ا ،وبحث العالق ة بين العناص ر الجزئي ة في الق وانين المختلف ة ،وتس مى بالمقارن ة
الجزئية ،ثم دراسة النظام الذي يجعلها ويحتويها ،وأخيراً تحديد موقعها من المنهج بصفة
عام ة ،كدراس ة قواع د البن وة في نظ ام األس رة ال تي يحتويه ا المنهج الالتي ني ،وتس مى
بالمقارنة الكلية.
باإلض افة إلى البحث والتح ري عن مختل ف العوام ل الم ؤثرة في تك وين الق انون
األجنبي ،ومن مقدمتها العوامل التاريخية التي تؤثر في بنية القانون ،والعوامل اإلجتماعية
التي تؤثر في مجال تطبيقها ،والعوامل السياسية التي لها التأثير الفعال في تحديد المفاهيم
القانونية وأخير العوامل اإلقتصادية التي يختلف تأثيرها على القانون بإختالف مدى تدخل
الدولة في تقييد الحرية اإلقتصادية.
14