Professional Documents
Culture Documents
1
من االنكشارية في الجيش ،وحين حاول االنكشاريون التمرد عميو سنة 1811م استند إلى
قواتو العربية التونسية في القضاء عمييم .ولقد ساعد ىذا العامل فيما بعد عمى إقامة
توازن داخمي في تونس رغم احتفاظيا بعالقاتيا الرسمية مع الدولة العثمانية .وقد رافق
ىذا الميل إلى االستعانة بالعرب في الجيش والمناصب اإلدارية استخدام المغة العربية
لغة لمبالد بدالً من المغة التركية .فعندما حل القرن التاسع عشر كانت أكبر المعامالت
اإلدارية والمخاطبات الدبموماسية تكتب بالعربية .وقد كان لحمودة باشا الدور الكبير في
دفع ىذا االتجاه إلى اإلمام .ولم تقف تدابيره عند ىذا الحد بل عمدت إلى إحداث
تغييرات في مجاالت عسكرية واقتصادية واجتماعية .ومن ىذا القبيل سياستو الناجحة
في تسميح الجيش بأحداث األسمحة األوربية وجمبو الخبراء والميندسين واألطباء لمعمل
في تونس وانشاؤه لممصانع الحربية واصالحو لمموانئ واألبراج وبسطو لألمن وانعاشو
القتصاد تونس بتأمين أسعار رابحة وأسواق خارجية لإلنتاج الزراعي التونسي وخاصة
بعد سنة 1787م والحيمولة دون التسمط األجنبي األوربي عمى االقتصاد التونسي
وخوضو الحرب ضد البندقية ( 1792-1784م) لتحقيق ىذا الغرض .كما أفاد حمودة
باشا من ظروف ضعف الدولة العثمانية وتقيقرىا في الدخل والخارج وانشغال الدول
1789م لضمان األوربية في الحروب الطاحنة التي اجتاحتيا بعد الثورة الفرنسية
استقالل تونس.
إال أن ىذا كمو لم يؤد إلى االنفصال التام عن السمطنة العثمانية ،وظمت خطب
المساجد تمجد اسم السمطان ،والنقود تسك وتحمل اسمو .وكان كل باي جديد يتمقى
فرماناً سمطانياً من استانبول ،كما أن أسطول تونس وجنودىا يحارب في جيوش السمطان
العثماني عند الضرورة .وحين حكم الباي أحمد تونس بين سنتي 1837و1855م كان
المغرب العربي يعاني من نفوذ أوربي شديد ،خاصة بعد دخول فرنسا إلى الجزائر سنة
1830م ،لذلك أصبح التكيف مع األوضاع الجديدة ،والتفاىم مع أوربا القوية ،يفوق
االعتبارات األخرى التي كانت تربط تونس بالدولة العثمانية .إال أن خير الدين التونسي
1873حتى الذي شغل منصب رئيس الوزراء في تونس خالل الفترة الممتدة من سنة
2
1877م استطاع بفضل وعيو وحكمتو وتجاربو أن يخطو خطوات جدية لتحديث تونس
وتييئتيا لتقبل الكثير من مفاىيم النيضة األوربية الحديثة دون التخمي عن الرابطة
العثمانية التي وجد فييا ،كما سنرى ،قوة لموقوف في وجو الغرب االستعماري.
3