You are on page 1of 3

‫حماضرة رقم (‪)5‬‬

‫الدولة العثمانية والقوى احمللية يف الواليات العربية‪:‬‬


‫األسرة القرامنلية يف طرابلس‪:‬‬
‫وفي طرابمس الغرب استطاعت أسرة محمية الوصول إلى الحكم‪ ،‬وىي األسرة‬
‫القرامنمية التي حكمت من ‪ 1711‬إلى ‪1835‬م‪ .‬وقد توسع نفوذ ىذه األسرة‪ ،‬وأصبحت‬
‫عالقتيا بالدولة العثمانية عالقة اسمية‪ ،‬وعمى أثر احتالل الفرنسيين لمجزائر سنة‬
‫‪1830‬م ظير أمام العثمانيين خطر الدول االستعمارية وأدى ذلك‪ ،‬إضافة إلى نمو‬
‫خطر محمد عمي باشا في مصر ومحاوالتو التوسعية إلقامة الدولة العربية الموحدة‪ ،‬إلى‬
‫اىتمام العثمانيين بإعادة سيطرتيم إلى ليبيا‪ .‬لذلك وجو السمطان محمود الثاني اسطوالً‬
‫بقيادة نجيب باشا قائد البحرية العثمانية إلى ميناء طرابمس سنة ‪1835‬م وقد تمكنت ىذه‬
‫القوة من إعادة الحكم العثماني المباشر إلى ليبيا فبدأ بذلك العيد العثماني وىو عيد‬
‫الوالة األتراك الذي استمر حتى الغزو اإليطالي لميبيا سنة ‪1911‬م‪.‬‬

‫األسرة احلسينية يف تونس‪:‬‬


‫أما في تونس فقد نجح األىالي في فرض أحد الرجال العسكريين حاكماً لواليتيم‬
‫ولقبوه بالباي‪ .‬وقد اضطرت الدولة العثمانية سنة ‪1590‬م إلى االعتراف بو حاكماً عمى‬
‫تونس‪ .‬وبمرور الزمن زادت سمطة (البكوات) وىم المسؤولون عن اإلدارة وجمع الضرائب‬
‫إلى درجة تولي السمطة‪ .‬وقد عمد أحدىم وىو مراد بك سنة ‪1640‬م إلى جعل الحكم في‬
‫تونس وراثياً فنشأت بذلك األسرة المرادية‪ .‬ومع أن ىذه األسرة حاولت إصالح شؤون‬
‫البالد إال أنيا ما لبثت أن دخمت في نزاعات عائمية حتى أواخر حكميا حيث تمت‬
‫مبايعة باي جديد في ‪ 13‬تموز ‪1705‬م وىو حسين بن عمي مؤسس األسرة الحسينية‬
‫(‪1881-1705‬م)‪.‬‬
‫‪1782‬‬ ‫يعد حمودة باشا الحسيني‪ ،‬أشير بايات تونس‪ ،‬وفترة حكمو الممتدة من‬
‫إلى ‪1814‬م تمثل أىمية كبيرة في تاريخ تونس الحديث‪ .‬فيو أول من جند العرب بدالً‬

‫‪1‬‬
‫من االنكشارية في الجيش‪ ،‬وحين حاول االنكشاريون التمرد عميو سنة ‪1811‬م استند إلى‬
‫قواتو العربية التونسية في القضاء عمييم‪ .‬ولقد ساعد ىذا العامل فيما بعد عمى إقامة‬
‫توازن داخمي في تونس رغم احتفاظيا بعالقاتيا الرسمية مع الدولة العثمانية‪ .‬وقد رافق‬
‫ىذا الميل إلى االستعانة بالعرب في الجيش والمناصب اإلدارية استخدام المغة العربية‬
‫لغة لمبالد بدالً من المغة التركية‪ .‬فعندما حل القرن التاسع عشر كانت أكبر المعامالت‬
‫اإلدارية والمخاطبات الدبموماسية تكتب بالعربية‪ .‬وقد كان لحمودة باشا الدور الكبير في‬
‫دفع ىذا االتجاه إلى اإلمام‪ .‬ولم تقف تدابيره عند ىذا الحد بل عمدت إلى إحداث‬
‫تغييرات في مجاالت عسكرية واقتصادية واجتماعية‪ .‬ومن ىذا القبيل سياستو الناجحة‬
‫في تسميح الجيش بأحداث األسمحة األوربية وجمبو الخبراء والميندسين واألطباء لمعمل‬
‫في تونس وانشاؤه لممصانع الحربية واصالحو لمموانئ واألبراج وبسطو لألمن وانعاشو‬
‫القتصاد تونس بتأمين أسعار رابحة وأسواق خارجية لإلنتاج الزراعي التونسي وخاصة‬
‫بعد سنة ‪1787‬م والحيمولة دون التسمط األجنبي األوربي عمى االقتصاد التونسي‬
‫وخوضو الحرب ضد البندقية ( ‪1792-1784‬م) لتحقيق ىذا الغرض‪ .‬كما أفاد حمودة‬
‫باشا من ظروف ضعف الدولة العثمانية وتقيقرىا في الدخل والخارج وانشغال الدول‬
‫‪1789‬م لضمان‬ ‫األوربية في الحروب الطاحنة التي اجتاحتيا بعد الثورة الفرنسية‬
‫استقالل تونس‪.‬‬
‫إال أن ىذا كمو لم يؤد إلى االنفصال التام عن السمطنة العثمانية‪ ،‬وظمت خطب‬
‫المساجد تمجد اسم السمطان‪ ،‬والنقود تسك وتحمل اسمو‪ .‬وكان كل باي جديد يتمقى‬
‫فرماناً سمطانياً من استانبول‪ ،‬كما أن أسطول تونس وجنودىا يحارب في جيوش السمطان‬
‫العثماني عند الضرورة‪ .‬وحين حكم الباي أحمد تونس بين سنتي ‪ 1837‬و‪1855‬م كان‬
‫المغرب العربي يعاني من نفوذ أوربي شديد‪ ،‬خاصة بعد دخول فرنسا إلى الجزائر سنة‬
‫‪1830‬م‪ ،‬لذلك أصبح التكيف مع األوضاع الجديدة‪ ،‬والتفاىم مع أوربا القوية‪ ،‬يفوق‬
‫االعتبارات األخرى التي كانت تربط تونس بالدولة العثمانية‪ .‬إال أن خير الدين التونسي‬
‫‪ 1873‬حتى‬ ‫الذي شغل منصب رئيس الوزراء في تونس خالل الفترة الممتدة من سنة‬

‫‪2‬‬
‫‪1877‬م استطاع بفضل وعيو وحكمتو وتجاربو أن يخطو خطوات جدية لتحديث تونس‬
‫وتييئتيا لتقبل الكثير من مفاىيم النيضة األوربية الحديثة دون التخمي عن الرابطة‬
‫العثمانية التي وجد فييا‪ ،‬كما سنرى‪ ،‬قوة لموقوف في وجو الغرب االستعماري‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like