You are on page 1of 217

‫‪1‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫َّللاِ أذِل أك ِب أهن ُهم أقوٌم هَّل أيفأق ُهو أن {الحشر‪ }31/‬أَّل‬ ‫ورِهم ِم أن ه‬
‫أش ُّد أرهأب ًة ِفي ص ُد ِ‬
‫ُ‬ ‫أَلأنتُم أ أ‬
‫صأن ٍة أأو ِمن أوأراء ُج ُد ٍر أبأ ُس ُهم أبيأن ُهم أش ِد ٌيد تأح أس ُب ُهم‬‫يعا ِإ هَّل ِفي ُق ًرى ُّم أح ه‬ ‫ِ‬
‫ون ُكم أجم ً‬
‫ِ‬
‫ُيأقاتلُ أ‬
‫وب ُهم أشتهى أذلِ أك ِب أهن ُهم أقوٌم هَّل أيع ِقلُو أن {الحشر‪}31/‬‬ ‫ِ‬
‫يعا أوُقلُ ُ‬
‫أجم ً‬

‫ف أسأن ٍة‬ ‫هِ‬ ‫ٍ‬


‫اس أعألى أحأياة أو ِم أن الذ أ‬
‫ين أأش أرُكوا أي أوُّد أ أ‬
‫أح ُد ُهم ألو ُي أع هم ُر أأل أ‬ ‫ص الهن ِ‬ ‫ِ‬
‫أوألتأج أدهن ُهم أأح أر أ‬
‫ص ٌير ِب أما أيع أمُلو أن {البقرة‪}69/‬‬ ‫اب أأن يع همر وَّللا ب ِ‬‫وما ُهو ِبم أزح ِز ِح ِه ِم أن الع أذ ِ‬
‫ُأ أ أ ُ أ‬ ‫أ‬ ‫أأ أ ُ‬
‫ِه ِ‬ ‫هِ‬ ‫ِه ِ‬
‫ين أأش أرُكوا أوألتأ ِج أد هن أأق أرأب ُهم هم أوهد ًة للذ أ‬
‫ين‬ ‫ود أوالذ أ‬
‫آم ُنوا الأي ُه أ‬
‫ين أ‬
‫اس أع أد أاوًة للذ أ‬ ‫ألتأ ِج أد هن أ أ‬
‫أش هد الهن ِ‬
‫ين أوُرهأب ًانا أوأهن ُهم َّلأ أيستأكِب ُرو أن‬ ‫آمنوا هال ِذين أقاُلوا ِإهنا نصارى أذلِك ِبأ ه ِ ِ ِ ِ‬
‫أن من ُهم قسيس أ‬ ‫أ‬ ‫أأ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أُ‬
‫{المائدة‪}28/‬‬

‫طوفان اَلقصى تأسيس لوحدة اَلمة و لنظام عالمي جديد‬

‫المؤلف أحمد أبركان‬

‫سنة ‪8281‬‬
‫‪2‬‬

‫المقدمة‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم الحمد هلل رب العالمين و الصالة و السالم على سيد اَلنبياء‬
‫و المرسلين و خير خلق هللا أجمعين و الرحمة المهداة و الصراط المستقيم و حجة‬
‫هللا على خلقه أجمعين سيدنا محمد الذي اختاره هللا و اصطفاه و من أجله خلق هللا‬
‫الكون و بدأ خلقه به و ختم به أنبياءه و أرسله إلى الناس كافة بشي ار و نذي ار و داعيا‬
‫إلى هللا بإذنه و سراجا مني ار صلى هللا عليه و آل بيته الطيبين الطاهرين الذين أذهب‬
‫هللا عنهم الرجس و طهرهم تطهي ار و جعلهم أئمة يهدون بأمره إلى طاعته و امتدادا‬
‫لرسالة نبيه و عيبة علمه و أمناء هللا على خلقه و السبب الموصل إليه و جعلهم‬
‫الشفعاء َّلهل طاعته‪ .‬و أخبرنا بان الغاية من خلقنا هي عبادته سبحانه و تعالى‬
‫نس ِإ هَّل ِلأيع ُب ُدو ِن {الذاريات‪ }69/‬أما أ ُِر ُيد ِمن ُهم ِمن ِرز ٍق أو أما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بقوله أو أما أخألق ُت الج هن أواْل أ‬
‫ِ‬ ‫أ ُِر ُيد أأن ُيط ِع ُمو ِن {الذاريات‪ِ }65/‬إ هن ه‬
‫ين {الذاريات‪.}62/‬‬ ‫اق ُذو الُقهوِة ال أمت ُ‬
‫الرهز ُ‬
‫َّللاأ ُه أو ه‬
‫إَّل أنه َّلبد و أن يعبد كما أراد هو َّل كما أردنا نحن و هو أرسل رسله و أنبياءه‬
‫ليعلموا الناس كيف يعبدون هللا و ختمهم بخير خلقه أجمعين و أخذ عليهم الميثاق‬
‫اق الهنِبِيي أن أل أما آتأيتُ ُكم ِمن‬ ‫ِ‬
‫أخ أذ َّللاُ ميثأ أ‬
‫بأن يؤمنوا به و ينصرونه بقوله سبحانه أوإِذ أ أ‬
‫ِ ِِ‬ ‫اءكم رسول ُّم ِ ِ‬ ‫ِ ٍ ِ ٍ‬
‫نص ُرهن ُه أق أ‬
‫ال أأأق أررتُم‬ ‫صد ٌق ل أما أم أع ُكم ألتُؤم ُن هن به أوألتأ ُ‬
‫كتأاب أوحك أمة ثُ هم أج ُ أ ُ ٌ أ‬
‫ين {آل‬ ‫وأأخذتُم عألى أذلِ ُكم ِإص ِري أقاُلوا أأقررنا أقال أفاشهدوا وأأنا مع ُكم ِمن ه ِ ِ‬
‫الشاهد أ‬ ‫أ‬ ‫أُ أ أ أ أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬
‫عمران‪ .}23/‬كما أخبرنا ربنا سبحانه و تعالى بأن الغاية من خلق الناس أن يسود‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬‫اب أوالم أيز أ‬ ‫العدل و القسط بقوله سبحانه ألأقد أأرأسلأنا ُرُسألأنا ِبالأبِيأنات أوأ أ‬
‫أنزلأنا أم أع ُه ُم الكتأ أ‬
‫يه أبأ ٌس أش ِد ٌيد ومأن ِاف ُع لِلهن ِ‬
‫اس أولِأيعأل أم ه‬ ‫لِيُقوم الهناس ِبال ِقس ِط وأأنزلنا الح ِديد ِف ِ‬
‫نص ُرهُ‬‫َّللاُ أمن أي ُ‬ ‫أأ‬ ‫أ أأ أ أ‬ ‫ُ‬ ‫أ أ‬
‫أوُرُسأل ُه ِبال أغي ِب ِإ هن ه‬
‫َّللاأ أق ِو ٌّي أع ِز ٌيز {الحديد‪.}86/‬‬

‫ول أواح أذ ُروا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الرُس أ‬
‫يعوا ه‬
‫َّللا أوأأط ُ‬
‫يعوا أ‬‫و أمرنا بطاعته و طاعة رسوله بقوله سبحانه أوأأط ُ‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫يعوا َّللاأ‬
‫ين {المائدة‪ }68/‬و بقوله‪ ...‬أوأأط ُ‬ ‫أفِإن تأأوليتُم أفاعأل ُموا أهن أما أعألى أرُسولِأنا الأبالأغُ ال ُمِب ُ‬
‫‪3‬‬

‫َّللا أوأرُسوأل ُه‬ ‫ِ‬ ‫ورسوأله ِإن ُكنتُم ُّمؤ ِمِنين {اَلنفال‪ }3/‬و بقوله يا أأي ه ِ‬
‫يعوا أ‬ ‫آم ُنوا أأط ُ‬‫ين أ‬
‫ُّها الذ أ‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أأ ُ ُ‬
‫ين أقالُوا أس ِمعأنا أو ُهم َّلأ‬ ‫هِ‬ ‫ه‬
‫أوَّلأ تأأولوا أعن ُه أوأأنتُم تأس أم ُعو أن {اَلنفال‪ }82/‬أوَّلأ تأ ُك ُ‬
‫ونوا أكالذ أ‬
‫أيس أم ُعو أن {اَلنفال‪ .}83/‬و آيات أخرى‪...‬و أكد على أن طاعة رسول هللا صلى هللا‬
‫َّللا أو أمن تأأوهلى أف أما‬
‫اع أ‬ ‫ط أ‬ ‫ول أفأقد أ أ‬ ‫عليه و آله هي طاعة هللا سبحانه بقوله همن ُي ِط ِع ه‬
‫الرُس أ‬
‫َّللا أفاتهِب ُعوِني ُيحِبب ُك ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظا {النساء‪ .}22/‬و بقوله ُقل إن ُكنتُم تُحبُّو أن أ‬ ‫اك أعألي ِهم أح ِفي ً‬‫أأرأسلأن أ‬
‫يم {آل عمران‪ .}13/‬و أمر رسوله صلى هللا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور هرح ٌ‬ ‫وب ُكم أوَّللاُ أغُف ٌ‬
‫َّللاُ أوأيغفر أل ُكم ُذ ُن أ‬
‫ول أبلِغ أما‬‫الرُس ُ‬
‫ُّها ه‬ ‫عليه و آله أن ينصب َلمته من بعده إماما و خليفة بقوله أيا أأي أ‬
‫صم أك ِم أن الهن ِ‬
‫اس ِإ هن َّللاأ َّلأ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أُنزأل إألي أك من هربِ أك أوإِن لم تأف أعل أف أما أبلغ أت رأساألتأ ُه أوَّللاُ أيع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين {المائدة‪ }95/‬و بإجماع علماء أهل البيت و عدد كبير من‬ ‫أيهدي الأقوأم ال أكاف ِر أ‬
‫علماء أهل السنة أن هذا كان لعلي عليه السالم‪ .‬و قد بلغ هذا رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه و آله يوم غدير خم بإجماع اَلمة سنة و شيعة بخطبته المباركة المشهورة‬
‫بخطبة الغدير و قد وفقني هللا َلن أفرد لها كتابا خاصا لمن أراد الرجوع إليه و قد‬
‫سميته بعون هللا و توفيقه و تبقى خطبة الغدير الدليل على نكث الناكثين‪ .‬و أمرنا‬
‫أيضا ان نطيع آل بيت رسول هللا صلى هللا عليه و آله و قرن طاعتهم بطاعته و‬
‫يعوا‬ ‫ِ‬ ‫طاعة رسوله صلى هللا عليه و آله بقوله سبحانه و تعالى يا أأي ه ِ‬
‫آم ُنوا أأط ُ‬
‫ين أ‬ ‫ُّها الذ أ‬‫أ أ‬
‫الرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الرسول وأُولِي اَلأم ِر ِم ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‬ ‫نكم أفإن تأأن أازعتُم في أشيء أف ُرُّدوهُ إألى َّللا أو ه ُ‬ ‫يعوا ه ُ أ أ‬ ‫َّللاأ أوأأط ُ‬
‫ال {النساء‪ }66/‬و بقوله‬ ‫ِإن ُكنتُم تُؤ ِم ُنو أن ِباّللِ واليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر أذلِ أك أخيٌر أوأأح أس ُن تأأ ِوي ً‬ ‫أ أ‬
‫الزأكاة وهم ر ِ‬ ‫ُّكم َّللا ورسولُه و هال ِذين آمنوا هال ِذ ِ‬
‫اك ُعو أن‬ ‫الصالأ أة أوُيؤتُو أن ه أ أ ُ أ‬ ‫يمو أن ه‬ ‫ين ُيق ُ‬
‫أ‬ ‫ِإهن أما أولِي ُ ُ ُ أ أ ُ ُ أ أ أ ُ‬
‫آم ُنوا أفِإ هن ِحز أب َّللاِ ُهم ال أغالِ ُبو أن‬
‫ين أ‬
‫هِ‬
‫{المائدة‪ }66/‬أو أمن أيتأأو هل َّللاأ أوأرُسوأل ُه أوالذ أ‬
‫ُ‬
‫{المائدة‪ .}69/‬و أجمع العلماء عند الفريقين بأن من تصدق بخاتم و هو راكع هو‬
‫علي بن أبي طالب عليه السالم و إنما جاءت اآلية بصيغة الجمع َلنها تشمل‬
‫ين‬ ‫هِ‬ ‫اَلئمة من ذريته من بعده عليهم السالم‪ .‬و بقوله أذلِك هال ِذي يب ِشر ه ِ‬
‫َّللاُ عأب أادهُ الذ أ‬ ‫ُأ ُ‬ ‫أ‬
‫ات ُقل هَّل أأس أُل ُكم أعألي ِه أأج ًار ِإ هَّل ال أم أوهد أة ِفي الُقرأبى أو أمن أيقتأ ِرف‬
‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬
‫آم ُنوا أو أعمُلوا ه أ‬ ‫أ‬
‫ور {الشورى‪ .}81/‬و بقوله ‪ِ...‬إهن أما ُي ِر ُيد ه‬ ‫يها ُحسًنا ِإ هن ه‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ‬ ‫ور أش ُك ٌ‬‫َّللاأ أغُف ٌ‬ ‫أح أسأن ًة هن ِزد أل ُه ف أ‬
‫ير {اَلحزاب‪ .}11/‬و بقوله أف أمن أحآ هج أك‬ ‫الرج أس أأه أل الأبي ِت أوُي أ‬
‫ط ِه أرُكم تأط ِه ًا‬ ‫نكم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ل ُيذه أب أع ُ ُ‬
‫اءنا أوِن أس ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫اءكم‬ ‫اءكم أوِن أس أ‬
‫اءنا أوأأبأن ُ‬
‫اءك م أن العل ِم أفُقل تأ أعاألوا أندعُ أأبأن أ‬ ‫فيه من أبعد أما أج أ‬
‫‪4‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬


‫أنف أس ُكم ثُ هم أنبتأ ِهل أفأنج أعل لعأن أة َّللا أعألى ال أكاذِب أ‬
‫ين {آل عمران‪ .}93/‬و آيات‬ ‫أنف أسأنا وأ ُ‬
‫أوأ ُ‬
‫أخرى كثيرة‪.‬‬

‫كما أن رسول هللا صلى هللا عليه و آله الذي َّل ينطق عن الهوى إن هو إَّل وحي‬
‫يوحى أمرنا أن نتمسك بالكتاب و العترة الطاهرة بقوله صلى هللا عليه و آله تركت‬
‫فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب هللا و عترتي أهل بيتي و إنهما‬
‫لن يفترقا حتى يردا علي الحوض أخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة و ابن‬
‫أبي شيبة في مصنفه وهو في مسند أحمد و في سنن الترمذي و في السنة َّلبن أبي‬
‫عاصم و في مسند البزار و في السنن الكبرى للنسائي و في مسند أبي يعلى و في‬
‫شرح مشكل اآلثار و في الشريعة لآلجري و في المعجم اَلوسط و المعجم الصغير‬
‫و المعجم الكبير للطبراني و في شرح مذاهب السنة َلبن شاهين و في سنن‬
‫الدارقطني و في المستدرك على الصحيحين و في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و‬
‫الجماعة وفي حلية اَلولياء و في السنن الكبرى للبيهقي و في مناقب علي َلبن‬
‫المغازلي و في ترتيب اآلمالي الخميسية للشجري و في شرح السنة للبغوي و في‬
‫معجم ابن عساكر و في غيرهم و ذكره مسلم في صحيحه بلفض أذكركم هللا في أهل‬
‫بيتي أذكركم هللا في أهل بيتي أذكركم هللا في أهل بيتي‪ .‬فإذا عرفناهم و تتبعنا‬
‫سيرتهم و عرفنا مناقبهم من الكتاب و السنة بعد الفحص في كتب السيرة و التاريخ و‬
‫الحديث و التفاسير فال يبقى حينها أي شك في أن خطبة رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫و آله يوم غدير خم هذه الخطبة المباركة التي خاطب بها رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫و آله أمته كلها َّل مائة و عشرين ألف من الصحابة فقط الذين كانوا معه هي‬
‫صحيحة بل متواترة و حقيقية و وهللا إنها لوحدها حجة على كل المسلمين ابتداءا‬
‫من كبار الصحابة و إلى يوم الدين و كيف َّل و قد جاء في مضمونها الكثير من‬
‫اَلحاديث التواترة و الصحيحة عند أهل السنة فهي وهللا الجامعة لكل ما تفرق في‬
‫صحاح المسلمين‪ .‬و لقد رويت لنا عن الصادقين الذين أمرنا هللا و رسوله صلى هللا‬
‫عليه و آله باتباعهم بقوله سبحانه و تعالى يا أأي ه ِ‬
‫آم ُنوا اتهُقوا َّللاأ أو ُك ُ‬
‫ونوا أم أع‬ ‫ين أ‬
‫ُّها الذ أ‬
‫أ أ‬
‫ين {التوبة‪ }336/‬و َّل يجوز التهاون بها و هي مروية من قبل المكلفين‬ ‫ه ِِ‬
‫الصادق أ‬
‫‪5‬‬

‫بالتبليغ عن رسول هللا صلى هللا عليه و آله و المكذب بها هالك َّل محالة لقول‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه و آله في هذه الخطبة المباركة ‪...‬و احذروا أن تخالفوه‬
‫فتصلوا بنار وقودها الناس و الحجارة أعدت للكافرين معاشر الناس بي و هللا بشر‬
‫اَلولون من النبيين و المرسلين و أنا خاتم النبيين و المرسلين و الحجة على جميع‬
‫المخلوقين من أهل السماوات و اَلرضين فمن شك في ذلك فقد كفر كفر الجاهلية‬
‫اَلولى و من شك في شي ء من قولي هذا فقد شك في كل ما أنزل علي و من شك‬
‫في واحد من اَلئمة فقد شك في الكل منهم و الشاك فينا في النار‪ .‬فهل َّل تبنا و‬
‫رجعنا إلى ما أراده هللا لنا و رسوله و اتبعناه في كل ما جاءنا به َّل في البعض منه‬
‫اب أوتأكُف ُرو أن‬ ‫ض ال ِكتأ ِ‬‫فقط فهذا غير مقبول لقول هللا سبحانه و تعالى ‪ ...‬أأفتُؤ ِم ُنو أن ِبأبع ِ‬
‫ام ِة ُي أرُّدو أن‬ ‫ِ‬ ‫نكم ِإَّله ِخزٌي ِفي ال أحأي ِاة ُّ‬
‫الدنأيا أوأيوأم القأي أ‬ ‫ض أف أما أج أزاء أمن أيف أع ُل أذلِ أك ِم ُ‬
‫ِبأبع ٍ‬
‫اب أو أما َّللاُ ِب أغ ِاف ٍل أع هما تأع أملُو أن {البقرة‪ .}26/‬و الكتاب و العترة الطيبة‬ ‫أش ِد الع أذ ِ‬ ‫ِ‬
‫إألى أ أ أ‬
‫لرسول هللا صلى هللا عليه و آله لم يتركا أي شيء دون أن يبيناه لنا فما علينا إَّل‬
‫الرجوع إليهما عند الحاجة‪.‬‬

‫لكن وهللا لقد رأيت و أن اَلمة التي من شأنها أن تكون خير أمة أخرجت للناس و‬
‫منذ رحيل رسول هللا صلى هللا عليه و آله إلى الرفيق اَلعلى انحرفت انحرافا شديدا‬
‫و َّل زالت في انحراف رغم كل ما سخر لها اليوم من إمكانات و تقنيات و وسائل لم‬
‫يكن السلف الصالح يحلم بها‪ .‬لذا نرى أن الغرب الحاقد على اْلسالم و أمة اْلسالم‬
‫و على محمد و أمة محمد استعمل كل ما في وسعه لضرب هذه اَلمة بعضها‬
‫ببعض و استغل بطريقة ذكية إختالفها و شتت شملها و جعلها من أضعف اَلمم‬
‫على هذه البسيطة‪ .‬و استعمرهم و نهب خيراتهم و هجرهم و جعلهم يقتتلون فيما‬
‫بينهم و فوق كل هذا فإن هذا الكيان الصهيوني الغدة السرطانية التي زرعت في قلب‬
‫اَلمة اْلسالمية فلسطين الحبيبة كان نتيجة فكرة الغرب الغاشم و الحاقد على هذه‬
‫اَلمة الخيرة في تجميع اليهود في دولة منذ أيام حملة نابليون بونابرت الفرنسي عام‬
‫(‪ )3566‬م حيث دعا يهود آسيا وأفريقيا لالنضمام إلى حملته من أجل بناء مدينة‬
‫‪6‬‬

‫القدس القديمة‪ ،‬وقد جهند منهم عدداً كبي اًر في جيشه‪ ،‬إَّله ه‬
‫أن هزيمة نابليون واندحاره‬
‫بحمد هللا حال دون ذلك‪ .‬ثم ظهرت و يا لألسف من جديد هذه الفكرة بعد ذلك وبدأ‬
‫العديد من زعماء الغرب وكبار اليهود يهتمون بها‪ ،‬ويؤسسون كثي اًر من الجمعيات‬
‫المنادية لهذا اَلمر‪ ،‬وابتدأ التخطيط الفعلي من إصدار(تيودور هرتزل) الزعيم‬
‫الصهيوني عام (‪ )3269‬م كتابه (الدولة اليهودية)‪ ،‬حيث عقد مؤتمر بال في‬
‫سويس ار سنة ( ‪ )3265‬م‪ ،‬وجاء في خطاب افتتاح هذا المؤتمر‪( :‬إننا نضع حجر‬
‫اَلساس في بناء البيت الذي سوف يؤوي اَلمة اليهودية(‪.‬‬
‫ثم اقترح برنامجاً يدعو إلى تشجيع القيام بحركة واسعة إلى فلسطين‪ ،‬والحصول على‬
‫اعتراف دولي بشرعيهة التوطين‪.‬‬
‫وكان من ق اررات ذلك المؤتمر‪:‬‬

‫إنشاء (المنظمة الصهيونية العالمية) لتحقيق أهداف المؤتمر‪ ،‬والتي تولت أيضاً‬
‫إنشاء جمعيات عديدة علنية ِ‬
‫وسرية؛ لتخدم هذا الهدف‪ ،‬ودرس اليهود حال‬
‫المستعمرين‪ ،‬فوجدوا أن بريطانيا أنسب الدول لهذا اَلمر التي تتفق رغبتها في وضع‬
‫هذا السرطان في وسط اَلمة اْلسالمية مو ٍ‬
‫ال للغرب‪ ،‬مع رغبة اليهود في وطن‬
‫قومي لهم‪ ،‬وكانت أكثر البالد العربية تحت سيطرتها‪ ،‬فدبروا معها المؤامرة‪ ،‬وأخذوا‬
‫بذلك وعداً ’الوعد المشؤوم’من (بلفور) رئيس وزراء بريطانيا‪ ،‬ثم وزير خارجيتها عام‬
‫(‪ )3635‬م‪ ،‬أعلن فيه أن بريطانيا تمنح اليهود حق إقامة وطن قومي لهم في‬
‫فلسطين ’و بأي حق كان لهذا الملعون الحق في منح اليهود هذا الحق المزعوم؟‬
‫وأنها ستسعى جاهدة في تحقيق ذلك‪.‬‬
‫وكان اليهود قد بدؤوا الهجرة إلى فلسطين في الوقت الذي كانت فيه فلسطين تحت‬
‫اَّلنتداب البريطاني‪ ،‬فاستطاع اليهود بسبب الهجرة و بدعم من هذا الغرب المستبد‬
‫الظالم الغاصب من تكوين دولة داخل دولة‪ ،‬وكانت الحكومة البريطانية تحميهم من‬
‫بطش المسلمين‪ ،‬وتتعامل معهم بكل التسامح‪ ،‬في الوقت الذي تتعامل فيه مع‬
‫‪7‬‬

‫المسلمين بكل ش هدة وتنكيل‪.‬‬


‫ولما ضعفت بريطانيا عن تحقيق أماني اليهود أحالت اَلمر إلى اَلمم المتحدة‪ ،‬هذه‬
‫اَلمم المتحدة التي سيلتحق بها و يا لألسف العرب و المسلمون فيما بعد’ والتي‬
‫تتزعمها الوَّليات المتحدة‪ ،‬التي بدورها استلمت الدور البريطاني في المنطقة‪ ،‬فأرسلت‬
‫اَلمم المتحدة لجانها إلى فلسطين‪ ،‬ثم قررت هذه اللجان تقسيم فلسطين بتخطيط‬
‫يهودي وضغط أمريكي‪ ،‬فأعلن قرار التقسيم لفلسطين بين المسلمين واليهود في‬
‫‪3615/33/86‬م‪ .‬فقررت الحكومة البريطانية بعده اَّلنسحاب من فلسطين‪ ،‬تاركة‬
‫البالد َلهلها‪ ،‬وذلك بعد أن تأ هكدت أن اليهود قادرون على تسلم زمام اَلمر‪ ،‬فحال‬
‫خروجها في مايو عام (‪ )3612‬م‪ ،‬أعلن اليهود دولتهم التي اعترفت بها أمريكا بعد‬
‫إحدى عشرة دقيقة‪ ،‬وكانت روسيا قد سبقتها باَّلعتراف‪ ،‬ثم استطاعت و بدعم من‬
‫الغرب هذه الدولة اليهودية أن تقوم على قدميها‪ ،‬وأن تخوض بعد أن مدها الغرب‬
‫بكل السالح و العتاد الذي َّل يملكه العرب و المسلمون ع هدة حروب ضد العرب‪،‬‬
‫مني فيها هؤَّلء بهزائم‪ ،‬بسبب بعدهم عن دينهم‪ ،‬وتفرقهم إلى أمم وأحزاب‪ ،‬وخيانة‬
‫بعضهم ‪ ،‬وَّل زالت هذه الدولة قائمة في قلب اَلمة اْلسالمية سرطانا فجر كثي اًر من‬
‫الفساد والشرور و َّل يزال‪ ،‬ما لم يقتلع من جذوره‪ ،‬فاليهود منذ أزمنة بعيدة وهم داء‪،‬‬
‫أينما حلوا نشروا الفساد والشحناء والعدوان بين أهل البالد التي يحلون فيها‪ ،‬وقد رأت‬
‫الدول الغربية أنها ستكسب مكسبين عظيمين من إقامة هذا الكيان في جسد اَلمة‬
‫اْلسالمية‪:‬‬

‫أحدهما‪ :‬أنها تتخلص من اليهود وتسلم من شرورهم وسيطرتهم‪ ،‬وفسادهم وتحكمهم‬


‫في البالد وثرواتها‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أنها تضع في قلب اَلمة اْلسالمية التي يكنون لها كل الحقد و البغض‬
‫دولة حليفة لهم تحقق لهم مصالحهم في منطقة المشرق العربي الذي سموه فيما بعد‬
‫الشرق اَلوسط ليدخلوا بذلك اليهود فيها ‪ ،‬وهي في نفس الوقت علة تستنزف قوى‬
‫‪8‬‬

‫اَلمة اْلسالمية‪ ،‬وتضع بذور الفرقة والخالف بين أفرادها‪ ،‬حتى َّل تقوم لها قائمة‪ .‬و‬
‫هذا ما حصل بالفعل و َّل يزال هذا الوضع قائماً‪ ،‬واَليام مليئة‪ ،‬وكل يوم يظهر‬
‫الهدف واضحاً‪ ،‬وتظهر الشخصية اليهودية الحقيقية أكثر وأوضح كما وصفها القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وما لم يفق المسلمون لواقعهم المرير‪ ،‬وينظروا لمستقبلهم بالعين المستبصرة‬
‫بنور هللا‪ ،‬المهتدية بشرعه الواثقة من نصره‪ ،‬فإنه لن يتغير الحال‪ ،‬بل ستزداد‬
‫اَلزمات والمصائب على العالم اْلسالمي‪ ،‬حتى يأذن هللا بأمره وتعود اَلمة إلى ربها‬
‫ودينها‪ ،‬فتكون جديرة بنصر هللا واستعادة مقدساتها‪.‬‬
‫ونرى أن تجمعهم هذا مقدمة لتحقيق كالم الرسول صلى هللا عليه وآله عنهم بأن‬
‫المسلمين يقتلون اليهود‪ .‬ولعل فلسطين ستكون مقبرتهم‪ ،‬وهللا غالب على أمره‪ ،‬ولن‬
‫يفلح قوم سجل هللا عليهم غضبه‪ ،‬ولعنهم وضرب عليهم الذلة والمسكنة‪ ،‬بل لعلها‬
‫مؤذنة بفنائهم والقضاء على بذرتهم الخبيثة‪ ،‬كما نرى أنهم ما توصلوا إلى ما توصلوا‬
‫إليه إَّل بعد أن صار المسلمون في غاية التخلف والضعف والبعد عن الدين الذي به‬
‫يتوصلون إلى خير الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫لكن و هلل الحمد لقد استيقض العالم في يوم السبت السابع من شهر أكتوبر ‪8281‬‬
‫ووجد أن أبطال المقاومة اْلسالمية قاموا بهجوم مبارك مباغث طوفان اَلقصى على‬
‫هذا العدو الذي لطالما استكبر و استعلى و سمى نفسه بالجيش الذي َّل يقهرو بدا‬
‫اْلنتصار بحمد هللا و توفيقه واضحا منذ الساعات اَلولى‪ .‬و بدأت اَلمة تستفيق‬
‫شيئا ما من رقدتها و هي اليوم و لو بطريقة غير مناسبة للدور المنوط بها تطالب‬
‫بحقوقها كاملة َلن بعض اَلنظمة المتطبعة كانت َّل تطالب إَّل بحوالي ‪ 88‬من‬
‫المائة من تراب فلسطين‪ .‬لكن نريدها أمة قوية كما كان عليه رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه و آله و اَلئمة عليهم السالم بدءا من علي عليه السالم و إلى المهدي عجل‬
‫هللا فرجه الشريف الذي بشرنا به جده سيد الخلق صلى هللا عليه و آله بأنه هو الذي‬
‫يظهر في آخر الزمن فيمأل اَلرض عدَّل و قسطا بعدما ملئت ظلما و جو ار‪ .‬كيف‬
‫َّل و هم اسوتنا بعد رسول هللا صلى هللا عليه و آله و َّل بد أخي الكريم من أن‬
‫أذكرك ببعض سيرتهم بعجالة منها شجاعة علي عليه السالم و مبارزاته‪ .‬ففي وقعة‬
‫خيبر في مطلع العام السابع للهجرة بعث رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم‬
‫‪9‬‬

‫أبابكر برايته إلى بعض حصون خيبر فقاتل فرجع و لم يك فتح و قد جهد‪ .‬ثم بعث‬
‫في الغد عمر بن الخطاب فقاتل ثم رجع و لم يك فتح و قد جهد و في بعض‬
‫الروايات يجبن أصحابه و يجبنونه‪ ,‬فقال الرسول صلى هللا عليه و آله و سلم‬
‫(َلعطين الراية غدا رجال يحب هللا و رسوله و يحبه هللا و رسوله ليس بفرار يفتح هللا‬
‫على يديه)أخرجه البخاري و مسلم في صحيحيهما و سعيد بن منصور في سننه و‬
‫ابن أبي شيبة في مصنفه و أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة و في مسنده و ابن‬
‫ماجة و الترمذي في سننهما و ابن أبي عاصم في سنته و البزار في مسنده و‬
‫النسائي في السنن الكبرى و أبو يعلى الموصلي في مسنده و في مسند الشاشي و‬
‫معجم بن اَلعرابي و غيرهم من الكتب المعتبرة‪ .‬فتشرف لها أبو بكر و عمر فلما‬
‫كان من الغد دعا عليا فجاءه و هو أرمد فتفل في عينيه و دفع الراية إليه فمضى‬
‫لسبيله فخرج إليه مرحب و راح يرتجز‪:‬‬

‫شاكي السالح بطل مجرب‬ ‫قد علمت خيبر أني مرحب‬


‫إذا الليوث أقبلت تلهب‬ ‫أطعن أحيانا و حينا أضرب‬

‫فقال علي عليه السالم‪:‬‬

‫أكليكم بالسيف كيل السندرة‬ ‫أنا الذي سمتني أمي حيدرة‬


‫ليث بغابات شديد قسورة‪.‬‬

‫ثم ضرب علي عليه السالم بسيفه على هامته ضربة وصلت إلى أضراسه فقتله و‬
‫فتح هللا الحصن على يديه عليه السالم‪.‬و قال رافع مولى رسول هللا خرجنا مع علي‬
‫بن أبي طالب رضي هللا عنه حين بعثه رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم برايته‬
‫فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده‬
‫فتناول علي رضي هللا عنه بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل يقاتل‬
‫حتى فتح هللا عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ‪ .‬فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم‬
‫نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه كما في تاريخ الطبري‪ .‬و في رواية فلم يقلبه‬
‫إَّل أربعون رجال‪ .‬للتذكير لما يقول الراوي فتشرف لها أبو بكر و عمر و في رواية‬
‫‪11‬‬

‫أخرى فتطاوَّل لها‪ ,‬إن كنا منصفين‪ ,‬وهللا لم ينسجم تطاولهما لها مع قول رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه و آله َلعطين الراية رجال يحب هللا و رسوله و يحبه هللا و رسوله‪,‬‬
‫كرار و ليس فرار‪ ,‬و قد ف ار فالمفروض يعرفان جيدا أنهما لم يعنيا بقول رسول هللا‪,‬‬
‫ليس بفرار‪ ,‬فيتطاول لها من لم يفر فلعل الراوي أراد بها تغطية الحقيقة وهذا معروف‬
‫عند أصحاب الحديث كما في قوله فرجع و لم يك فتح أراد التغطية عن الفرار لكن‬
‫رسول هللا أكد أنهما قد ف ار بقوله َلعطين الراية رجال ليس بفرار مع أن هللا سبحانه و‬
‫تعالى يقول في كتابه و من يولهم يومئذ دبره إَّل متحرفا لقتال أو متحي از إلى فئة فقد‬
‫باء بغضب من هللا و مأواه جهنم و بئس المصير {اَلنفال‪ . }39/‬و قد جاء في‬
‫الحديث المذكور في الصحاح و غيرها من الكتب حدثنا عبد العزيز بن عبد هللا قال‬
‫حدثني سليمان بن بالل عن ثور بن زيد المدني عن أبي الغيث عن أبي هريرة‬
‫رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه و آله قال اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا‬
‫رسول هللا و من هن؟ قال الشرك باّلل و السحر و قتل النفس التي حرم هللا إَّل بالحق‬
‫و أكل الربا و أكل مال اليتيم و التولي يوم الزحف و قذف المحصنات المؤمنات‬
‫الغافالت‪ .‬للتذكير فإن فرارهما لم يكن للمرة اَلولى بل سبق يوم أحد و قد ذكره أبو‬
‫الرفاعي‬
‫ُّ‬ ‫بن يز أيد‬
‫محمد ُ‬
‫ُ‬ ‫قال‪ :‬حدثنا‬
‫طاهر المخلص في المخلصيات حدثنا يحيى أ‬
‫الجرمي‪ ،‬عن‬ ‫ٍ‬
‫شهاب‬ ‫بن‬ ‫بن ِ‬
‫كليب ِ‬ ‫عاصم ُ‬ ‫قال‪ :‬حدثنا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫عياش أ‬ ‫بن‬
‫أبوبكر ُ‬ ‫قال‪ :‬حدثنا‬
‫أ‬
‫ِ‬
‫المنبر فق أر آل‬ ‫ِ‬
‫الجمعة على‬ ‫يوم‬ ‫ِ‬
‫بن الخطاب رضي هللاُ عنه أ‬ ‫عمر ُ‬
‫خطب ُ‬ ‫أ‬ ‫قال‪:‬‬
‫أبيه أ‬
‫يقرأها‪ ،‬فل هما انتأهى إلى قولِ ِه {إن الذين تولوا منكم‬
‫ط أب أأن أأ‬
‫يعجب ُه إذا خ أ‬
‫ُ‬ ‫وكان‬
‫ان‪ ،‬أ‬ ‫عمر أ‬
‫قال‪ :‬لما كان يوم أحد هزمنا ففررت‬ ‫يوم التقى الجمعان } [آل عمران‪ ]366 :‬اآلية أ‬
‫حتى صعدت الجبل فلقد رأيتني أنزو كأني أروى و الناس يقولون قتل محمد فقلت َّل‬
‫أجد أحدا يقول قتل محمد إَّل قتلته حتى اجتمعوا على الجبل فنزلت إن الذين تولوا‬
‫منكم يوم التقى الجمعان اآلية كلها‪ .‬و يخبرنا ربنا سبحانه كذلك أنهم فروا أيضا يوم‬
‫حنين فيقول سبحانه و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت‬
‫عليكم اَلرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين فأنزل هللا سكينته على رسوله و على‬
‫المؤمنين‪ .‬و يقول هللا سبحانه و تعالى في آية أخرى و لقد كانوا عاهدوا هللا من قبل‬
‫َّل يولون اَلدبار و كان عهد هللا مسؤوَّل اَلحزاب‪ .36/‬تقول الكتب لم يبق معه إَّل‬
‫‪11‬‬

‫تسعة أو ثمانية كلهم من بني هاشم معهم أيمن ابن أم أيمن و قد كانوا إثنا عشر‬
‫ألف حسب بعض الروايات أي لم يبق معه إَّل أقل من واحد من الأللف‪ .‬للتذكير‬
‫يقول هللا سبحانه في هذه اآلية ثم أنزل هللا سكينته على رسوله و على المؤمنين فمن‬
‫هم إذا المؤمنون؟ بالطبع هم هؤَّلء الذين لم يفروا و بقوا مع رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه و آله يضحون بأنفسهم من أجله و على رأسهم علي ابن أبي طالب عليه‬
‫السالم فلنتعظ و نأخذ الدروس و نعتبر لنكون على السراط السوي بإذن هللا‪ .‬و كذا‬
‫ما روى البيهقي في دَّلئل النبوة يوم تحدى عمرو بن عبد ود المسلمين أن يخرجوا‬
‫من يبارزه و نادى عمرو أَّل رجل يبرز؟ فجعل يؤنبهم و يقول أين جنتكم التي‬
‫تزعمون أنه من قتل منكم دخلها أَّل تبرزون إلي رجال؟ و راح يرتحز و يقول‬

‫ولقد بححت من النداء ‪ ...‬لجمعهم هل من مبارز‬


‫ووقفت إذ جبن المشجع ‪ ...‬موقف القرن المناجز‬
‫و لذاك إني لم أزل‪ ...‬متسرعا قبل الهزاهز‬
‫إن الشجاعة في الفتى‪ ...‬و الجود من خير العزائز‬

‫و سأل رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم ثالث مرات (من يخرج لمبارزته) و‬
‫في كل مرة يقول علي أنا فلم يرد عليه رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و يعيد‬
‫عليهم السؤال فلما كانت المرة الثالثة و لم يجبه أحد إَّل علي أمره بمبارزته و قال‬
‫(برز اْليمان كله للشرك كله) فقال علي عندها لعمرو‬

‫صوِت أك أغي أر أعا ِجز‬ ‫يب أ‬


‫ِ‬
‫َّل تعجلن فقد أتاك ‪ُ ...‬مج ُ‬
‫الصد ُق ُمن ِجي ُك هل أف ِائز‬
‫صيرٍة ‪ ...‬و ِ‬‫ِ ٍِ ِ‬
‫أ‬ ‫في نيهة أوأب أ‬
‫ِإِني أَلأر ُجو أأن أقيم ‪ ...‬عليك نائحة الجنائز‬
‫من ضربة نجالء ‪ ...‬يبقى ِذكرها ِعند الهز ِ‬
‫اهز‬ ‫ُ أ أ أأ‬

‫فبارزه علي و قتله فكانت يومها كذلك نصرة المسلمين بسببه وقال هللا تعالى "و‬
‫كفى هللا المومنين القتال" أي بعلي و روي أن ابن مسعود كان يق أر و كفى هللا‬
‫المؤمنين القتال بعلي‪ .‬و قال أيضا "و من يكفر باْليمان فقد حبط عمله و هو في‬
‫‪12‬‬

‫اآلخرة من الخاسرين" أي من يكفر بعلي و إَّل كيف الكفر باْليمان؟ فاْليمان عكس‬
‫الكفر فإما أن يؤمن اْلنسان أو يكفر لكن لما قال هللا من يكفر باْليمان أي من يكفر‬
‫بمن يتجلى فيه اْليمان و قد قال رسول هللا صلى هللا عليه و آله بأمر من ربه برز‬
‫اْليمان كله أي علي ‪.‬و يروى أن عليا لم يجهز على خصمه إجها از نهائيا إَّل بعد‬
‫أن هدأت موجدته الشخصية على عمرو الذي بصق في وجهه لكي َّل يكون عمله‬
‫إَّل في سبيل اْلسالم‪ .‬و قال رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم(ضربة علي يوم‬

‫الخندق خير من عبادة الثقلين)‪.‬كما روى ابن كثير في البداية و النهاية أق أ‬


‫ال قال ابن‬
‫هشام و حدثني مسلمة بن علقمة المازني قال لما اشتد القتال يوم أحد جلس رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه و آله تحت راية اَلنصار و أرسل إلى علي أن قدم الراية فتقدم‬
‫علي و هو يقول أنا أبو القصم فناداه أبو سعد بن أبي طلحة و هو صاحب لواء‬
‫المشركين هل لك يا أبو القصم في البراز من حاجة؟ قال نعم فبر از بين الصفين‬
‫فاختلفا ضربتين فضربه علي فصرعه ثم انصرف و لم يجهز عليه فقال له بعض‬
‫أصحابه أفال أجهزت عليه؟ فقال إنه استقبلني بعورته فعطفتني عليه الرحم و عرفت‬
‫أن هللا قد قتله‪ .‬وروي في مغازي الواقدي و في سبل الهدى وفي السيرة الحلبية‪ .‬و قد‬
‫فعل ذلك علي رضي هللا عنه يوم صفين مع بسر بن أرطأة لما حمل عليه ليقتله‬
‫أبدى له عن عورته فرجع عنه و كذلك فعل عمرو بن العاص حين حمل عليه في‬
‫بعض أيام صفين أبدى عن عورته فرجع علي أيضا ففي ذلك يقول الحارث بن‬
‫النضر‬

‫أفي كل يوم فارس غير منته‪ ...‬و عورته وسط العجاجة بادية‬
‫يكف لها عنه علي سنانه‪ ...‬و يضحك منها في الخالء معاوية‬

‫فإذا كان اْليمان كله يتجلى في علي و ضربته يوم الخندق خير من عبادة الثقلين و‬
‫من يكفر بعلي يحبط عمله و هو في اآلخرة من الخاسرين فهل بقي هناك أدنى شك‬
‫في وَّليته و إمامته عليه السالم؟ و كذا لما قال رسول هللا صلى هللا عله و آله و‬
‫سلم لمشركي قريش لما كان يوم الحديبية و قالوا له اردد إلينا أبناءنا و إخواننا و‬
‫أرقاءنا‪ (:‬يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن هللا عليكم من يضرب رقابكم بالسيف قد‬
‫‪13‬‬

‫امتحن هللا قلوبهم على اْليمان) قالوا من هو يا رسول هللا؟ فقال أبو بكر من هو يا‬
‫رسول هللا؟ و قال عمر من هو يا رسول هللا؟ قال‪(:‬هو خاصف النعل) و كان قد‬
‫أعطى عليا نعله يخصفها كما جاء في مصنف ابن أبي شيبة و فضائل الصحابة و‬
‫مسند أحمد و سنن الترمذي و مسند البزار و السنن الكبرى للنسائي و مسند ابن أبي‬
‫يعلى و شرح مشكل اآلثار و صحيح بن حبان و معجم اَلوسط و طرق حديث من‬
‫كذب علي متعمدا للطبراني و اْلبانة الكبرى و المستدرك على الصحيحين و مناقب‬
‫علي للمغازلي و شرح السنة للبغوي و تاريخ أبي زرعة الدمشقي و البداية و النهاية‬
‫و في سمط النجوم العوالي في أنباء اَلوائل و في سمى المطالب في سيرة أمير‬
‫المؤمنين علي بن أبي طالب ‪ .‬للعلم في هذا الحديث جاء رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫و آله بصيغة الجمع فقال قد امتحن هللا قلوبهم و لم يقل قلبه و لما سألوه في ذلك‬
‫قال هو خاصف النعل و لكن لم قالها بصيغة الجمع ؟ َلنها تشمل ذريته من بعده‬
‫كما هو الحال تماما في قول هللا تعالى (إنما وليكم هللا و رسوله و الذين آمنوا الذين‬
‫يقيمون الصالة و يوتون الزكاة و هم راكعون) فهذه حسب الكثير من المفسرين في‬
‫حق علي و إنما جاءت بصيغة الجمع َلنها تشمل عليا و ذريته من بعده فهل من‬
‫يقاتل على تأويل القرآن َّل يعلم ما في القرآن؟ و هل من الممكن أن يعلم غيره ما‬
‫يقاتل هو على تأويله؟ و كذا في رد اَلمانات إلى أصحابها لما أراد صلى هللا عله و‬
‫آله و سلم الهجرة إلى المدينة فكلف بها عليا عليه السالم‪ .‬فكان رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه و آله و سلم يخصه أمام المأل فالكل يشهد لعلي بذلك و كان يناجيه و إذا‬
‫تأملت جيدا في حديث مسلم لعائشة كان يناجيه يوميا بل غدوة و عشيا تقول عائشة‬
‫كان لعلي بن أبي طالب مناجات مع رسول هللا غدوة و عشيا فيأتي علي إلى باب‬
‫رسول هللا و يأتي رسول هللا إلى باب علي فم رسول هللا عند أذن علي و فم علي‬
‫عند أذن رسول هللا فتناجيا ليلة حتى انتصف الليل فقلت من خلف الستار ويل لعلي‬
‫بن أبي طالب أخذ حظي و نصيبي فدخل رسول هللا‪ .‬و العاقل يعي أن هذه لم تكن‬
‫نكت يتباد َّلنها حاشى و كال و إنما علم فهذا علم رسول هللا صلى هللا عليه و آله و‬
‫سلم الذي قال (علي عيبة علمي) أي موضع علمي و سري‪ .‬كيف باّلل عليك من‬
‫يكن هذا حاله مع رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و ما سبق ذكره و ما‬
‫‪14‬‬

‫سيأتي بيانه يروي عنه البخاري إثنين و ثالثين حديثا وقال مسلم في مقدمة صحيحه‬
‫الجراح بن مليح يقول سمعت جاب ار يقول عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر‬
‫الباقر عليه السالم عن النبي صلى هللا عليه و سلم كلها فأين هذه الروايات عن‬
‫محمد الباقر عليه السالم يا مسلم يا عالم يا جليل؟ أليس هذا من باب الحسد أوَّل‬
‫َلهل البيت؟ ثم أليس هذا كتمان للعلم؟ وهللا َّل يستحيي من الحق‪ .‬و حتى ابن‬
‫عباس الذي أخذ علمه من علي لم يرو عنه البخاري إَّل إثنين و خمسين و مائتين‬
‫حديثا و هذا َّل شيء مقارنة بما روي عن غيره‪ .‬و حتى مسلم لم يرو عنهما إَّل‬
‫القليل القليل‪ .‬ألم يلقيا رجالهما أم رجالهما لم يكونوا أهل ثقة؟ أم لم يعرفا كيف‬
‫يتوصالن إليهم؟ و نحن نعلم جيدا أن رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم يقول(َّل‬
‫يصحبك إَّل مؤمن و َّل يأكل طعامك إَّل تقي) وقوله صلى هللا عليه و آله و سلم‬
‫(المؤمن مع من أحب يوم القيامة)‪ .‬و َّل يشك أحد أبدا أن رجال علي عليه السالم‬
‫و رجال بن عباس لم يكونوا إَّل أتقياء‪ .‬كما أنه بلغنا وأن السلف كانوا يقطعون‬
‫المسافات البعيدة و يتحملون مشقة السفر بال زاد و َّل راحلة من أجل الحديث الواحد‬
‫لرسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم فكيف بما كان عند علي عليه السالم و ابن‬
‫عباس و قد خص علي بالتبليغ عن رسول هللا؟ بل حتى غير المسلمين يقولون ‪:‬قل‬
‫لي من تصحب أقول لك من أنت‪.‬فهذه قاعدة فالفطرة تقتضي إلتقاء الطيب بالطيب‪.‬‬
‫إذا فالعاقل يعي أن هذا لم يكن إَّل بأمر من الساسة فكفى تست ار على ما حدث و‬
‫التاريخ يشهد و الكل يعلم هذا و لكن بإمكان علماءنا مراجعة ما يمكن مراجعته و‬
‫تصحيح ما يمكن تصحيحه طبعا َّل أقصد العبث داخل الكتب و تحريفها بالزيادة و‬
‫النقصان أو حتى تغيير حرف من حروفها كما َّلحضت بعد مقارنتي بعض النسخ‬
‫لبعض بدت لي واضحة التحريفات التي تقوم بها أيدي من يتربصون بهذه اَلمة‬
‫الدوائر عليهم دائرة السوء و غضب هللا عليهم و لعنهم و أعد لهم جهنم و إنما أعني‬
‫تبيين و توضيح السنة حسب ما ثبتت صحته ووافق الكتاب و قبله العقل المنصف و‬
‫الراشد و السليم و العمل على إبعاد السنة من أيدي شيوخ أتباع بني أمية وخوارج‬
‫العصر النواصب المعروفين عند الجميع و المدعومين بالبترودوَّلر و جعلها بين‬
‫أيدي علماء ربانيين مخلصين هلل و لرسوله و للمؤمنين ممن تتوفر لديهم شروط‬
‫‪15‬‬

‫اْلجتهاد من كل المذاهب ليكونوا مراجع أحياء َّل أموات لهذه اَلمة َّل علماء السلطة‬
‫وَّل الباحثين عن المال و الجاه والشهرة والنجومية‪ .‬ثم َّل بد و أن اذكرك بفاجعة‬
‫الحسين سبط رسول هللا صلى هللا عليه و آله إذا أردنا أن نعرف حال اَلمة اليوم‬
‫بعدما أصابها من التمزق خاصة بعد ما حدث لسبط رسول هللا صلى هللا عليه و آله‬
‫و سلم الحسين عليه السالم ما حدث فإننا نجد أن هللا تعالى و رسوله َّل شك‬
‫غاضبين على هذه اَلمة و قد قال ربنا سبحانه و تعالى (و من يحلل عليه غضبي‬
‫فقد هوى و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى)طه ‪ .28‬و كيف َّل‬
‫و قد قتلوه قتلة لم يقتل بمثلها أحد قتلة نهى رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم‬
‫أن يقتل بها الكالب قتلوه بالسيوف بالرماح بالسهام باَلعمدة بالخشب بالحجارة‪ .‬وقتل‬
‫معه الكثير من أهل بيته فحتى الرضيع لم يسلم من القتل‪ .‬و قتل معه أصحابه و‬
‫نعم اَلصحاب فكلهم تمنى أن يقتل ثم يحيى ثم يقتل آَّلف المرات فأثبتوا مودتهم و‬
‫محبتهم واتباعهم محمدا و آل بيته ففدوهم بكل ما لديهم و استحقوا بذلك محبوبية‬
‫رب العالمين لهم‪ .‬فقتلوا كلهم عطشى و هو من سقى جيشا بأكمله من اَلعداء لما‬
‫كانت المشرعة تحت سيطرته‪ .‬و قد سبي بنات رسول هللا و ضربوا بالسياط‬
‫واقتادوهن مع الصبيان و أهالي أصحاب الحسين مقيدين بالحبال‪ .‬لقد فعل بخير أهل‬
‫بيت وجد على اَلرض ما لم يفعل بأحد‪ .‬أليس هذا من باب الحسد أوَّل و قبل كل‬
‫شيء؟ و قد خطب خطبة لما دنا منه القوم دعا براحلته فركبها ثم نادى بأعلى صوته‬
‫أيها الناس اسمعوا قولي و َّل تعجلوني حتى أعظكم بما لحق لكم علي و حتى أعتذر‬
‫إليكم من مقدمي عليكم فإن قبلتم عذري و صدقتم قولي و أعطيتموني النصف كنتم‬
‫بذلك أسعد و لم يكن لكم علي سبيل و إن لم تقبلوا مني العذر و لم تعطوا النصف‬
‫من أنفسكم فأجمعوا أمركم و شركاءكم ثم َّل يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي و‬
‫َّل تنظرون إن وليي هللا الذي نزل الكتاب و هو يتولى الصالحين فلما سمع أخواته‬
‫كالمه هذا صحن وبكين و بكى بناته فارتفعت أصواتهن فأرسل إليهن أخاه العباس‬
‫بن علي و عليا ابنه وقال لهما اسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن فلما سكتن حمد هللا‬
‫و أثنى عليه و ذكر هللا بما هو أهله و صلى على محمد و على مالئكته و أنبيائه‬
‫ثم قال‪ :‬أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم و عاتبوها فانظروا‬
‫‪16‬‬

‫هل يحل لكم قتلي و انتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم و ابن وصيه و ابن عمه‬
‫و أول المؤمنين باّلل و المصدق لرسوله بما جاء به من عند هللا أوليس حمزة سيد‬
‫الشهداء عم أبي أو ليس جعفر الشهيد ذو الجناحين عمي أو لم يبلغكم قول‬
‫مستفيض فيكم أن رسول هللا قال لي و َلخي هذان سيدا شباب أهل الجنة فإن‬
‫صدقتموني بما أقول و هو الحق وهللا ما تعمدت كذبا مذ علمت أن هللا يمقت عليه‬
‫أهله و يضر به من اختلقه و إن كذبتموني فإن فيكم من إذا سألتموه عن ذلك‬
‫أخبركم سلوا جابر بن عبد هللا اَلنصاري أو أبا سعيد الخذري أو سهل بن سعد‬
‫الساعدي أو زيد بن أرقم أو أنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من‬
‫رسول هللا لي و َلخي أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ثم قال فإن كنتم في‬
‫شك من هذا القول أفتشكون أث ار ما أنى ابن بنت نبيكم خاصة أخبروني أتطلبونني‬
‫بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته أو بقصاص من جراحة‪ .‬فأخذوا َّل يكلمونه‬
‫فنادى يا شبث بن ربعي و يا حجار بن أبحر و يا قيس بن اَلشعث و يا يزيد بن‬
‫الحارث ألم تكتبوا لي أن قد أينعت الثمار و اخضر الجناب و طمت الجمام و إنما‬
‫تقدم على جند لك مجند فأقبل قالوا لم نفعل فقال سبحان هللا بلى وهللا لقد فعلتم ثم‬
‫قال أيها الناس إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من اَلرض فقال له‬
‫قيس بن اَلشعث أوَّل تنزل على حكم بني عمك فإنهم لن يروك إَّل ما تحب و لن‬
‫يصل إليك منهم مكروه فقال له الحسين أنت أخو أخيك أتريد أن يطلبك بنو هاشم‬
‫بأكثر من دم مسلم بن عقيل َّل وهللا َّل أعطيهم بيدي إعطاء الذليل و َّل أقر إقرار‬
‫العبيد عباد هللا إني عذت بربي و ربكم أن ترجمون أعوذ بربي و ربكم من كل متكبر‬
‫َّل يؤمن بيوم الحساب‪ .‬ثم أناخ راحلته فعقلها عقبة بن سمعان وزحف القوم إليه‬
‫وجالت خيولهم‪ ،‬فدعا بفرس رسول هللا صلى هللا عليه وآله المرتجز وعمامته ودرعه‬
‫وسيفه‪ ،‬فركب الفرس ولبس اآلثار ووقف قبالة القوم‪ ،‬فاستنصتهم فأبوا عليه‪ ،‬ثم‬
‫تالوموا فنصتوا‪ ،‬فخطبهم ‪:‬حمد هللا وأثنى عليه‪ ،‬واستنشدهم عن نفسه الكريمة وما‬
‫قال فيها جده رسول هللا صلى هللا عليه وآله وعن فرس رسول هللا ودرعه وعمامته‬
‫وسيفه‪ ،‬فأجابوه بالتصديق‪ ،‬فسألهم لم يقتلونه؟ فأجابوه لطاعة أميرهم ‪.‬فخطبهم ثانيا‬
‫وقال " ‪:‬تبا لكم أيتها الجماعة وترحا‪ ،‬أحينئذ استصرختمونا والهين فأصرخناكم‬
‫‪17‬‬

‫موجفين سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم‪ ،‬وحششتم علينا نا ار اقتدحناها على عدونا‬
‫وعدوكم؟ فأصبحتم البا َلعدائكم على أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم‪ ،‬وَّل أمل أصبح‬
‫لكم فيهم‪ ،‬فهال لكم الويالت تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لم‬
‫يستحصف‪ ،‬ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدباء وتداعيتم إليها كتهافت الفراش‪ ،‬فسحقا‬
‫لكم يا عبيد اَلمة‪ ،‬وشذاذ اَلحزاب‪ ،‬ونبذة الكتاب‪ ،‬ومحرفي الكلم‪ ،‬وعصبة اْلثم‬
‫ونفثة الشيطان‪ ،‬ومطفئ السنن‪ ،‬ويحكم أهؤَّلء تعضدون‪ ،‬وعنا تتخاذلون؟ أجل وهللا‪،‬‬
‫غدر فيكم قديم وشجت عليه أصولكم‪ ،‬وتآزرت عليه فروعكم‪ ،‬فكنتم أخبث ثمر‪،‬‬
‫شجى للناظر وأكلة للغاصب‪ ،‬أَّل وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين‬
‫السلة والذلة‪ ،‬وهيهات منا الذلة‪ ،‬يأبى هللا لنا ذلك ورسوله والمؤمنون‪ ،‬وحجور طابت‬
‫وطهرت‪ ،‬وأنوف حمية‪ ،‬ونفوس أبية‪ ،‬من أن نؤثر طاعة اللئام‪ ،‬على مصارع الكرام‪،‬‬
‫أَّل وإني زاحف بهذه اَلسرة على قلة العدد وخذَّلن الناصر !ثم أنشد أبيات فروة بن‬
‫مسيك المرادي‪:‬‬

‫فإن نهزم فهزامون قدما * وإن نهزم فغير مهزمينا‬


‫وما إن طبنا حبن ولكن * منايانا ودولة آخرينا‬
‫فقل للشامتين بنا أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا‬

‫ثم قال " ‪:‬أما وهللا َّل تلبثون بعدها إَّل كريث ما يركب الفرص حتى تدور بكم دور‬
‫الرحى‪ ،‬وتقلق بكم قلق المحور‪ ،‬عهد عهده إلي أبي عن جدي صلى هللا عليه وآله‬
‫فأجمعوا أمركم وشركائكم ثم َّل يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي وَّل تنظرون إني‬
‫توكلت على هللا ربي وربكم ما من دابة في اَلرض إَّل هو آخذ بناصيتها إن ربي‬
‫على صراط مستقيم اللهم احبس عنهم قطر السماء‪ ،‬وابعث عليهم سنين كسني‬
‫يوسف‪ ،‬وسلط عليهم غالم ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة فإنهم كذبونا وخذلونا وأنت ربنا‬
‫عليك توكلنا وإليك المصير‪ .‬لما قال عذري(أي حجتي) َّل اْلعتذار فإنه لم يرتكب‬
‫أي خطيئة في حقهم حتى يعتذر‪ .‬قلت هذا َلبين بأن أمة محمد صلى هللا عليه و‬
‫آله و سلم كانت يومها في أسوإ حال فكيف لم تنصر ابن رسول هللا و سيد شباب‬
‫أهل الجنة وسبط اَلمة و ريحانة رسول هللا و ابن سيدة نساء أهل الجنة وابن بنت أم‬
‫‪18‬‬

‫أبيها وابن أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين و سيد العرب والمسلمين و أخ الحسن‬
‫المجتبى‪ .‬فيا ليتهم تدبروا أحاديث رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم‪ .‬لكن‬
‫أختاروا إمامهم المال و الجاه و السلطان و حطام الدنيا و كسادها فأضلوا الطريق و‬
‫سفكوا أقول دم رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و سبي بناته و أبناؤه كالعبيد‬
‫و صفدوا في الحديد و جعل رأس ابنه الحسين على رمح و رأس أبي الفضل العباس‬
‫قمر العشيرة و رأس علي اَلكبر شبيه رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و هو‬
‫الذي كان يقول عليه أبوه الحسين كنا إذا اشتقنا إلى رسول هللا نظرنا إلى علي‪.‬أهذه‬
‫الرؤوس باّلل‪ ,‬على كل إنسان يعقل َّل أقول كل مسلم‪ ,‬أن تقطع و تحمل على‬
‫الرماح؟ فوهللا إنها َلعظم الجرائم التي وقعت على هذه اَلرض‪.‬و َّل زالت إلى اليوم‬
‫أمة محمد صلى هللا عليه و آله و سلم لم تنكر صراحة هذه الجرائم الشنيعة في حق‬
‫خير أهل بيت وجد على اَلرض على اْلطالق و لعل قول رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫و آله و سلم ما أوذي نبي مثل ما أوذيت أي أوذي في أهل بيته‪ .‬و طافوا بهذه‬
‫الرؤوس النيرة في البلدان وقاموا بأشياء يندى لها الجبين و َّل من ناصر رغم أمر‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم بذلك ونداء الحسين عليه السالم أَّلهل من‬
‫ناصر ينصرني‪ .‬فلقد نصره هللا و وهللا إنه لرمز الفداء و التضحية لإلنسانية جمعاء‪.‬‬
‫فهاهو غاندي محرر الهند يقول لقد تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر‪.‬‬
‫بينما أمم أخرى تصدر قوانين في حق شعوب مارسوا جرائم ضد اْلنسانية‪ .‬أما‬
‫اَلغلبية من المسلمين فال تذكر الحسين و َّل نهضة الحسين و كأنها تريد أن‬
‫تطمسها هي اَلخرى و قد خلدها هللا ‪ .‬أيعقل أن أمة محمد صلى هللا عليه و آله و‬
‫سلم في أغلبيتها لم تسمع بنهضة الحسين إَّل بحدوث هذه الفضائيات؟ أليس هو من‬
‫خرج في طلب اْلصالح في أمة جده و قد طغى عليها الفساد؟ أليس اَلمة قد بايعت‬
‫يومها يزيد بن معاوية بالجبر؟ ألم يكف أمة محمد وأنها لم تنصره و َّل ابنه الحسين‬
‫رغم أمره بذلك فراحت تريد التعتيم على نهضة الحسين هذه النهضة الخالدة في‬
‫أذهان اَلحرار حتى من غير المسلمين و حتى نهضة حفيده زيد بن علي؟ أليس هذا‬
‫ما كانت تتمناه بنو أمية؟ و وهللا إنها لمطاعة حتى اليوم مع أن أحد أئمة أهل بيت‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم قال خلقنا و بنو أمية أعداء قلنا صدق هللا و‬
‫‪19‬‬

‫قالوا كذب هللا حارب أبو سفيان رسول هللا و حارب معاوية عليا و قتل يزيد حسينا و‬
‫يحارب السفياني المهدي‪ .‬ولكن إنما سميت الشبهة بالشبهة َلنها تشبه الحق كما قال‬
‫علي عليه السالم فصدوا الناس عن الحق وأوقعوهم في الشبهات‪ .‬ثم إن اَلمة‬
‫اْلسالمية تفتخر بما لها من تراث هائل في العلوم و المعرفة و خاصة الجانب‬
‫الديني منها فالمكتبة اْلسالمية تدل على حضارة عريقة و أصيلة و تدل على أمة‬
‫تعتز بدينها و تسبق اَلمم إلى العدل و العدالة‪ .‬لكن ما الفائدة من إرث كهذا و كلما‬
‫أخذ منه شيء و أعلن للناس يقال عنه كذب؟ فهل كل هذا الخير الكثير و الوفير‬
‫الذي تحتوي عليه المكتبة اْلسالمية كذب؟ ثم من قال و أنه َّل يجوز البكاء وَّل‬
‫الندب بمفهومه العرفي يوم إصدار النص؟ فالبكاء على الحسين من السنة و قد بكى‬
‫عليه رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم‪.‬و أما الندب فروي أن رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه و آله و سلم مر ببني عبد اَلشهل وهم يندبون قتالهم يوم أحد فقال‪ ( :‬لكن‬
‫حمزة َّل بواكي له ) كما جاء في مصنف عبد الرزاق و في سنن سعيد بن منصور و‬
‫مصنف ابن أبي شيبة و مسند إسحاق بن راهويه و في مسند أحمد و في سنن ابن‬
‫ماجة و مسند البزار و مسند أبي يعلى و شرح معاني اآلثار و معجم بن اَلعرابي و‬
‫في المعجم الكبير للطبراني و في المستدرك على الصحيحين و السنن الكبرى‬
‫للبيهقي و غيرهم‪ .‬قالت المرأة التي روت‪:‬فخرجنا حتى أتينا رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫و آله و سلم فندبنا حمزة و رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم في البيت حتى‬
‫سمعنا نشيجه في البيت‪ .‬فأرسل إلينا( أن قد أصبتم أو قد أحسنتم) يقول بعض‬
‫العلماء إنما قال رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم هذا َلن حمزة كان سيد‬
‫الشهداء يومئذ لكنه كان غريبا بالمدينة فندبه رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم‬
‫بما قال‪ .‬و ذكر في المغازي أن سعد بن معاذ لما سمع ذلك من رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه و آله و سلم جمع نساء قومه و كذلك سعد بن عبادة و كذلك معاذ بن جبل‬
‫فجاء كل فريق إلى باب بيت رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم يندبون حمزة‬
‫رضي هللا عنه فاستأنس رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم ببكائهم حتى نام‪ .‬و‬
‫من ذلك الوقت جرى الرسم بالمدينة أنه إذا مات منهم ميت يبدئون بالبكاء لحمزة‬
‫رضي هللا عنه‪ .‬و قد عرف الندب وقتها حسب أقوال بعض العلماء بالبكاء مع ذكر‬
‫‪21‬‬

‫المحاسن‪.‬و هل الحسين عليه السالم لم يقتل غريبا كما هو الحال بالنسبة لحمزه‬
‫عليه السالم؟ أليس هما من طينة واحة؟ فهل َّل يجوز البكاء على الحسين؟ بل ورد‬
‫فيما أخرجه أحمد عن الربيع بن المنذر عن أبيه قال كان حسين بن علي رضي هللا‬
‫عنهما يقول من دمعت عيناه فينا دمعة أو قطرت قطرة أتاه هللا عز و جل الجنة‪ .‬و‬
‫يفخر الملعون الذي قتله مع القتلة و حز رأسه و هو رجل مدحجي يطلب المال‬
‫الوفير من يزيد بن مرجانة الملعون اآلخر يقول‪:‬‬

‫أوقرركابي ذهبا فإني قتلت الملك المحجبا‬


‫قتلت خير الناس أما و أبا‬

‫فقال له يزيد و لم قتلته و أنت تعلم أنه خير الناس أما و أبا؟ قال له من أجل المال‬
‫فأمر يزيد أن يضرب عنقه و قال لو أعطي مال من أجل قتلي لقتلني‪ .‬والحسين هو‬
‫من كان بكاؤه يؤذي رسول هللا صلى هللا عليه و آله وسلم وكان يغضب إذا عارضه‬
‫أحد في حبه له وَلخيه الحسن فعن أنس بن مالك قال‪:‬كتب النبي صلى هللا عليه و‬
‫سلم لرجل عهدا فدخل الرجل يسلم على النبي و النبي يصلي فرأى الحسن و الحسين‬
‫يركبان مرة على عنقه ويركبان على ظهره مرة و يمران بين يديه و من خلفه فلما فرغ‬
‫صلى هللا عليه و سلم من الصالة قال له الرجل ما يقطعان الصالة؟ فغضب النبي‬
‫صلى هللا عليه و سلم فقال‪ :‬ناولني عهدك فأخذه فمزقه ثم قال‪:‬من لم يرحم صغيرنا‬
‫و لم يوقر كبيرنا فليس منا و َّل أنا منه‪ .‬أما الشواهد و الخوارق للعادة و الكرامات‬
‫في حق الحسين عليه السالم فكانت كثيرة و كثيرة جدا و من بينها نوح الجن عليه‬
‫حدث عطاء بن مسلم عن أبي جانب الكلبي قال أتيت كربالء فقلت لرجل من أشراف‬
‫العرب بلغني أنكم تسمعون نوح الجن على الحسين قال‪ :‬ما تلقى ح ار و َّل عبدا إَّل‬
‫أخبرك أنه سمع ذلك قلت فما سمعت أنت؟ قال‪ :‬سمعتهم يقولون ‪:‬‬

‫فله بريق في الخدود‬ ‫مسح الرسول جبينه‬


‫ش و جده خير الجدود‬ ‫أبواه من عليا قري‬
‫‪21‬‬

‫قال هشام بن الكلبي لما أجري الماء على قبر الحسين انمحى أثر القبر فجاء أعرابي‬
‫فتتبعه حتى وقع على أثر القبر فبكى و قال‪:‬‬

‫فطيب تراب القبر دل على القبر‬ ‫أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه‬

‫و عن ابن سيرين لم تبك السماء على أحد بعد يحيى عليه السالم إَّل على الحسين‪.‬‬
‫قال عثمان بن أبي شيبة عن عيسى بن الحارث الكندي قال‪ :‬لما قتل الحسين مكثنا‬
‫أياما سبعة إذا صلينا العصر فنظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها‬
‫المالحف المعصفرة و نظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضا‪ .‬و عن المدائني‬
‫عن علي بن مدرك عن جده اَلسود بن قيس قال‪:‬احمرت آفاق السماء بعد قتل‬
‫الحسين ستة أشهر ترى كالدم‪ .‬وقال هشام بن حسان عن محمد قال‪:‬تعلم هذه الحمرة‬
‫في اَلفق مم؟ هو من يوم قتل الحسين‪.‬و عن الفسوي قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال‬
‫حدثتنا أم سوق العبدية قالت حدثتني نضرة اَلزدية قالت‪:‬لما أن قتل الحسين مطرت‬
‫السماء ماء فأصبحت و كل شيء لنا مآلن دما‪.‬و عن جعفر بن سليمان الضبعي‬
‫قال حدثتني خالتي قالت‪:‬مطرنا مط ار كالدم‪.‬و عن يحيى بن معين عن يزيد بن أبي‬
‫زياد قال قتل الحسين و لي أربع عشرة سنة و صار الورس الذي كان في عسكرهم‬
‫رمادا و احمرت رفاق السماء و نحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها‬
‫النيران‪.‬و عن بن عيينة قال حدثتني جدتي فقالت لقد رأيت الورس عاد رمادا و لقد‬
‫رأيت اللحم كأن فيه النار حين قتل الحسين‪.‬و عن حماد بن زيد قال حدثني جميل‬
‫بن مرة قال أصابوا إبال في عسكر الحسين يوم قتل فطبخوا منها فصارت كالعلقم‪.‬‬
‫قال عطاء بن مسلم الحلبي قال السدي أتيت كربالء تاج ار فعمل لنا شيخ من طي‬
‫طعاما فتعشينا عنده فذكرنا قتل الحسين فقلت ما شارك أحد في قتله إَّل مات ميتة‬
‫سوء فقال ما أكذبكم أنا ممن شارك في ذلك فلم نبرح حتى دنا من السراج و هو يتقد‬
‫بنفط فذهب يخرج الفتيلة بأصبعه فأخذت النار فيها فذهب يطفئها بريقه فلعقت النار‬
‫في لحيته فعدا فألقى نفسه في الماء فرأيته كأنه حممة‪ .‬حماد بن زيد عن معمر قال‬
‫أول ما عرف الزهري أنه تكلم في مجلس الوليد فقال الوليد أيكم يعلم ما فعلت أحجار‬
‫بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ فقال الزهري بلغني أنه لم يقلب حجر إَّل وجد تحته‬
‫‪22‬‬

‫دم عبيط‪.‬عن سويد بن سعيد أن أم سلمة سمعت نوح الجن على الحسين‪ .‬عن أبي‬
‫اَلحوص قال قال عبد الملك بن عمير كان لنا جليس يتعطر و كانت رائحة القطران‬
‫تغلب عليه فقال له بعض القوم يا أبا فالن إنك تتعطر و إن رائحة القطران تغلب‬
‫عليك قال أوقد وجدتم شيئا قالوا نعم قال أما إني سأحدثكم كنت فيمن سلب الحسين‬
‫بن علي و أصحابه قال فرأيت في المنام كأن الناس و قد حشروا و خرجوا عطاشا‬
‫قال و إذا رجل قاعد و حوض يسقى الناس منه و إذا رسول هللا صلى هللا عليه و‬
‫سلم فقلت يا رسول هللا اسقني قال اسقه قال الرجل يا رسول هللا إنه من سلب الحسين‬
‫فقال إذهب فاسأل الحسين فأسقوه قطرانا فأصبحت و رائحة القطران لتغلب علي‪.‬و‬
‫قد روي عن كعب اَلحبار آثار في كربالء و قد حكى أبو الجناب الكلبي و غيره أن‬
‫أهل كربالء َّليزالون يسمعون نوح الجن على الحسين وهن يقلن‪:‬‬
‫مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود‬
‫أبواه من عليا قري ش و جده خير الجدود‬

‫وقد أجابهم بعض الناس فقال‪:‬‬


‫فهم له شر الوفود‬ ‫خرجوا به وفدا إليه‬
‫سكنوا به نار الخلود‬ ‫قتلوا ابن بنت نبيهم‬

‫و روى بن عساكر أن طائفة من الناس ذهبوا في غزوة إلى بالد الروم فوجدوا في‬
‫كنيسة مكتوبا‪:‬‬
‫شفاعة جده يوم الحساب‬ ‫أترجو أمة قتلت حسينا‬
‫فسألوهم من كتب هذا؟ فقالوا إن هذا مكتوب ههنا من قبل مبعث نبيكم يثالثمائة‬
‫سنة‪ .‬و روي أن الذين قتلوه رجعوا فباتوا و هم يشربون الخمر و الرأس معهم فبرز‬
‫لهم قلم من حديد فرسم لهم في الحائط بدم هذا البيت‪ .‬و قد بكى عليه رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه و آله و سلم و هو َّليزال رضيعا روى البيهقي عن الحكم و غيره‬
‫عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول هللا فقالت يا رسول هللا إني رأيت‬
‫حلما منك ار الليلة قال ما هو؟ قالت رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في‬
‫حجري قال( رأيت خي ار تلك فاطمة إن شاء هللا تلد غالما فيكون في حجرك) فولدت‬
‫‪23‬‬

‫فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول هللا فدخلت يوما على رسول هللا‬
‫فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول هللا تهريقان الدموع قالت‬
‫قلت يا نبي هللا بأبي أنت و أمي مالك؟ قال( أتاني جبريل عليه السالم فأخبرني أن‬
‫أمتي ستقتل ابني هذا )فقلت هذا؟ قال( نعم و أتاني بتربة من تربته حمراء)‪ .‬ووهللا يا‬
‫رسول هللا إن المؤمن الحق ليبكي على مظلوميتكم أهل البيت و أن في قلبه لح اررة‬
‫لقتل الحسين خاصة َّل تبرد أبدا‪ .‬أما وأن هناك من أمتك ‪,‬و يا لألسف‪ ,‬من لم يرد‬
‫سماع إسم من أسماء أهل البيت فهذا أيضا موجود‪ .‬لما أمر يزيد بن معاوية بتجهيز‬
‫آل الحسين إلى المدينة المنورة و لما دخلوها تلقتهم إمرأة من بنات عبد المطلب ناشرة‬
‫شعرها واضعة كفها على رأسها تبكي و هي تقول‪:‬‬

‫ماذا فعلتم و أنتم آخر اَلمم‬ ‫ماذا تقولون إن قال النبي لكم‬
‫منهم أسارى و قتلى ضرجوا بدم‬ ‫بعترتي و بأهلي بعد مفقدي‬
‫ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم أن تخلفوني بشر في ذوي رحم‬

‫أيحق لنا أن ننسب قتلته إلى أمة محمد صلى هللا عليه و آله و سلم بعد هذا القول‬
‫لرسول هللا؟ اللهم ربنا إننا نعود إليك باْلستغفار و إلى حبيبك المصطفى صلى هللا‬
‫عليه و آله و سلم بمودتنا آلل بيته الطيبين الطاهرين و اتباع سنته‪ .‬و لكن تبقى‬
‫المسؤوليات منكبة على أصحابها وهم الذين يدعون أنهم شيعته‪,‬وهم وهللا غير ذلك‪,‬‬
‫الذين راسلوه و أعلنوا له بيعتهم المسؤولون على قتله و خداعه و خذَّلنه و الغدر به‬
‫عليه السالم والدليل قول علي زين العابين وأم كلثوم بعد مقتله عليه السالم لما قتل‬
‫الحسين بن علي عليهما السالم وأدخل النسوة من كربالء إلى الكوفة جعلت نساؤها‬
‫يلتدمن ويهتكن الجيوب عليه فرفع على بن الحسين عليهما السالم رأسه وقال بصوت‬
‫ضئيل وقد نحل من المرض يا أهل الكوفة إنكم تبكون علينا فمن قتلنا غيركم وأومأت‬
‫أم كلثوم بنت علي عليهما السالم إلى الناس أن اسكتوا فلما سكنت اَلنفاس وهدأت‬
‫اَلجراس قالت أبدأ بحمد هللا والصالة والسالم على أبيه أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل‬
‫الختر والخذل َّل فال رقأت العبرة وَّل هدأت الرنة إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها‬
‫من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخال بينكم أَّل وهل فيكم إَّل الصلف والشنف‬
‫‪24‬‬

‫وملق اْلماء وغمز اَلعداء وهل أنتم إَّل كمرعى على دمنة وكفضة على ملحوذة أَّل‬
‫ساء ما قدمت أنفسكم أن سخط هللا عليكم وفي العذاب أنتم خالدون أتبكون أي وهللا‬
‫فابكوا وإنكم وهللا أحرياء بالبكاء فابكوا كثي ار واضحكوا قليال فلقد فزتم بعارها وشنارها‬
‫ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة‬
‫وسيد شبان أهل الجنة ومنار محجتكم ومدرة حجتكم ومفرخ نازلتكم فتعسا ونكسا لقد‬
‫خاب السعي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من هللا وضربت عليكم الذلة والمسكنة‬
‫لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق اَلرض وتخر الجبال هدا‬
‫أتدرون أي كبد لرسول هللا فريتم وأي كريمة له أبرزتم وأي دم له سفكتم لقد جئتم بها‬
‫شوهاء خرقاء شرها طالع اَلرض والسماء أفعجبتم أن قطرت السماء دما ولعذاب‬
‫اآلخرة أخزى وهم َّل ينصرون فال يستخفنكم المهل فإنه َّل تحفزه المبادرة وَّل يخاف‬
‫عليه فوت الثار كال إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد ثم ولت عنهم فظل الناس حيارى‬
‫وقد ردوا أيديهم إلى أفواههم وقال شيخ كبير من بني جعفي وقد اخضلت لحيته من‬
‫دموع عينيه كهولهم خير الكهول ونسلهم إذا عد نسل َّل يبور وَّل يخزى‪ .‬و بنو أمية‬
‫الذين عاصروه المسؤولون على قتله و جميع اَلمة اْلسالمية في عصره المسؤولون‬
‫على عدم نصرته رغم ما علم و أن رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم قال( إن‬
‫ابني هذا يقتل بأرض بالع ارق يقال لها كربالء فمن أدركه فلينصره) فهذا أمر صريح‬
‫من رسول هللا بنصرة الحسين و مع هذا فلم تنصره اَلمة في ذلك الوقت و لم تنصره‬
‫حتى اليوم كما كان الحال في الكثير من أوامره التي لم تنفذ من قبل أمته صلى هللا‬
‫عليه و آله و سلم‪ .‬و هل هذه إَّل معصية هلل و رسوله؟ و ها هي خطبة السيدة‬
‫زينب بنت علي عليهما السالم بين يدي يزيد ولما وجه عبيد هللا بن زياد آل الحسين‬
‫عليه السالم إلى يزيد بدمشق ومثلوا بين يديه أمر برأس الحسين فأبرز في طست‬
‫فجعل ينكت ثناياه بقضيب في يده وهو يقول من أبيات ‪:‬‬

‫جزع الخزرج من وقع اَلسل‬ ‫ليت أشياخي ببدر شهدوا‬


‫ثم قالوا يا يزيد َّل تشل‬ ‫َلهلوا واستهلوا فرحا‬
‫‪25‬‬

‫وأقمنا ميل بدر فاعتدل‬ ‫فجزيناهم ببدر مثلها‬


‫جاء وَّل وحي نزل‬ ‫لعبت هاشم بالملك فال خبر‬

‫فقالت زينب بنت علي عليهما السالم صدق هللا ورسوله يا يزيد ثم كان عاقبة الذين‬
‫أساءوا السوءى أن كذبوا بآيات هللا وكانوا بها يستهزئون أظننت يا يزيد أنه حين أخذ‬
‫علينا بأطراف اَلرض وأكناف السماء فأصبحنا نساق كما يساق اَلسارى أن بنا هوانا‬
‫على هللا وبك عليه كرامة وأن هذا لعظيم خطرك فشمخت بأنفك ونظرت في عطفيك‬
‫جذَّلن فرحا حين رأيت الدنيا مستوسقة لك واَلمور متسقة عليك وقد أمهلت ونفست‬
‫وهو قول هللا تبارك وتعالى وَّل يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير َلنفسهم إنما‬
‫نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين‪.‬أمن العدل يا بن الطلقاء تخديرك نساءك‬
‫وإماءك وسوقك بنات رسول هللا قد هتكت ستورهن وأصحلت صوتهن مكتئبات تخدي‬
‫بهن اَلباعر ويحدو بهن اَلعادي من بلد إلى بلد َّل يراقبن وَّل يؤوين يتشوفهن‬
‫القريب والبعيد ليس معهن ولي من رجالهن وكيف يستبطأ في بغضتنا من نظر إلينا‬
‫بالشنف والشنآن واْلحن واَلضغان أتقول ليت أشياخي ببدر شهدوا غير متأثم وَّل‬
‫مستعظم وأنت تنكت ثنايا أبي عبد هللا بمخصرتك ولم َّل تكون كذلك وقد نكأت‬
‫القرحة واستأصلت الشأفة بإهراقك دماء ذرية رسول هللا ونجوم اَلرض من آل عبد‬
‫المطلب ولتردن على هللا وشيكا موردهم ولتودن أنك عميت وبكمت وأنك لم تقل‬
‫فاستهلوا وأهلوا فرحا اللهم خذ بحقنا وانتقم لنا ممن ظلمنا وهللا ما فريت إَّل في جلدك‬
‫وَّل حززت إَّل في لحمك وسترد على رسول هللا برغمك وعترته ولحمته في حظيرة‬
‫القدس يوم يجمع هللا شملهم ملمومين من الشعث وهو قول هللا تبارك وتعالى وَّل‬
‫تحسبن الذين قتلوا في سبيل هللا أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون وسيعلم من بوأك‬
‫ومكنك من رقاب المؤمنين إذا كان الحكم هللا والخصم محمد وجوارحك شاهدة عليك‬
‫فبئس للظالمين بدَّل أيكم شر مكانا وأضعف جندا مع أني وهللا يا عدو هللا وابن عدوه‬
‫أستصغر قدرك وأستعظم تقريعك غير أن العيون عبرى والصدور حرى وما يجزي‬
‫ذلك أو يغني عنا وقد قتل الحسين عليه السالم وحزب الشيطان يقربنا إلى حزب‬
‫السفهاء ليعطوهم أموال هللا على انتهاك محارم هللا فهذه اَليدي تنطف من دمائنا‬
‫‪26‬‬

‫وهذه اَلفواه تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الزواكى يعتامها عسالن الفلوات فلئن‬
‫اتخذتنا مغنما لتتخذن مغرما حين َّل تجد إَّل ما قدمت يداك تستصرخ يا بن مرجانة‬
‫ويستصرخ بك وتتعاوى وأتباعك عند الميزان وقد وجدت أفضل زاد زودك معاوية‬
‫فتلك ذرية محمد فوهللا ما اتقيت غير هللا و َّل شكواي إَّل إلى هللا فكد كيدك واسع‬
‫سعيك وناصب جهدك فوهللا َّل يرحض عنك عار ما أتبت إلينا أبدا والحمد هلل الذي‬
‫ختم بالسعادة والمغفرة لسادات شبان الجنان فأوجب لهم الجنة أسأل هللا أن يرفع لهم‬
‫الدرجات وأن يوجب لهم المزيد من فضله فإنه ولي قدير‪.‬‬

‫وروي أن يزيد دعا الخاطب وأمره أن يصعد المنبر ويذم الحسين وأباه ـ عليهما‬
‫السالم والمدح‬
‫لسالم ـ ‪ ،‬فصعد وبالغ في سب أمير المؤمنين والحسين عليمها ه‬
‫اه‬
‫السالم ـ ‪« :‬ويلك أيها الخاطب‪،‬‬
‫لمعاوية ويزيد فصاح به اْلمام السجاد ـ عليه ه‬
‫اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق‪ ،‬فتبوأ مقعدك من النار»‪ .‬ثم قال‪« :‬أتأذن لي‬
‫يا يزيد أن أصعد المنبر فأتكلم بكلمات فيهن ّلل رضا ولهؤَّلء الجلساء أجر» فأبى‬
‫يزيد‪ ،‬فقال الناس‪ ،‬يا أمير المؤمنين إئذن فليصعد فلعلنا نسمع منه شيئاً‪ ،‬فقال‪ :‬إنه‬
‫إن صعد لم ينزل إَّلبفضيحتي وبفضيحة آل أبي سفيان‪ .‬فقيل له‪ :‬وما قد يحسن‬
‫هذا؟ فقال‪ :‬إنه من أهل بيت زقوا العلم زقاً‪ ،‬فلم يزالوا به حتى اذن له‪ ،‬فصعد المنبر‪،‬‬
‫فحمد َّللا وأثنى عليه‪ ،‬ثم خطب خطبة أبكى بها العيون وأوجل منها القلوب‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫«أيها الناس أُعطينا ستا وفضلنا بسبع‪ ،‬أعطينا‪ :‬العلم والحلم والسماحة والفصاحة‬
‫والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين‪ .‬وفضلنا بأن منا النبي المختار محمداً ـ ه‬
‫صلى‬
‫هللا عليه وآله ه‬
‫وسلم ـ ‪ ،‬ومنا الصديق‪ ،‬ومنا الطيار ومنا أسد َّللا وأسد رسول َّللا‪ ،‬ومنا‬
‫خيرة نساء العالمين‪ ،‬ومنا سبطا هذه اَلُمة الحسن والحسين‪.‬‬

‫أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي‪ ،‬أنا ابن مكة‬
‫ومنى‪ ،‬أنا ابن زمزم والصفا‪ ،‬أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرداء أنا ابن خير من‬
‫أتزر وارتدى‪ ،‬أنا ابن خير من انتعل واحتفى‪ ،‬أنا ابن خير من طاف وسعى‪ ،‬أنا ابن‬
‫‪27‬‬

‫من حج ولبى‪ ،‬أنا ابن من حمل على البراق في الهواء أنا ابن من أُسري به من‬
‫المسجد الحرام إلى المسجد اَلقصى‪ ،‬أنا ابن من بلغ به جبرئيل سدرة المنتهى‪ ،‬أنا‬
‫ابن من دنا فتدلى فكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى‪ ،‬أنا ابن من صلى بمالئكة‬
‫السماء‪ ،‬أنا ابن من أوحى َّللا الجليل إليه ما أوحى‪ ،‬أنا ابن محمد المصطفى‪ ،‬أنا ابن‬
‫علي المرتضى‪ ،‬أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا َّلإله إَّلَّللا‪ .‬أنا ابن من‬
‫ضرب بين يدي رسول َّللا بسيفين وطعن برمحين‪ ،‬وهاجر الهجرتين وبايع البيعتين‪،‬‬
‫وقاتل ببدر وحنين‪ ،‬ولم يكفر باّلل طرفة عين‪ .‬أنا ابن صالح المؤمنين ووارث النبيين‬
‫وقامع الملحدين ويعسوب المسلمين ونور المجاهدين وزين العابدين وتاج البكائين‬
‫وأمير الصابرين وأفضل العالمين وأفضل القائمين من آل طه وياسين‪ .‬أنا ابن المؤيد‬
‫بجبرئيل‪ ،‬المنصور بميكائيل‪ .‬أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين‪ ،‬و قاتل الناكثين‬
‫والقاسطين والمارقين والمجاهد أعداءه الناصبين‪ ،‬وأفضل من مشى من قريش‬
‫أجمعين‪ ،‬وأول من استجاب ّلل ولرسوله من المؤمنين‪ ،‬وأول السابقين وقاصم‬
‫المعتدين ومبيد المشركين‪ ،‬وسهم مرامي َّللا على المنافقين‪ ،‬ولسان حكمة العابدين‪،‬‬
‫وناصر دين َّللا وولي أمر َّللا وبستان حكمة َّللا وعيبة علمه‪ .‬ثم قال‪ :‬أنا ابن فاطمة‬
‫الزهراء ‪ ،‬أنا ابن سيدة النساء‪ .»...‬فلم يزل اْلمام يعرف نفسه ويقدمها‪ ،‬ويعرف في‬
‫الواقع أصل اْلمامة والرسالة حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب واَلنين وخاف يزيد‬
‫أن تكون فتنة‪ ،‬فأمرالمؤذن ‪ ،‬فقال‪َّ :‬للا أكبر َّللا أكبر‪ .‬فقال اْلمام‪َّ «:‬للا أكبر من كل‬
‫شيء‪ ،‬فلما قال‪ :‬أشهد أن محمداً رسول َّللا التفت اْلمام إلى يزيد وقال‪ :‬محمد هذا‬
‫جدي أم جدك يا يزيد؟ فإن زعمت انه جدك فقد كذبت وكفرت‪ ،‬وإن زعمت انه جدي‬
‫فلِ أم قتلت عترته؟»‪.‬‬

‫وكتب عماد الدين الطبري من علماء القرن السابع الهجري في كتاب كامل بهائي‬
‫عند نهاية خطبة السجاد‪... :‬قال اْلمام السجاد‪« :‬يا يزيد هذا الرسول العزيز الكريم‬
‫‪28‬‬

‫جدي أم جدك؟ فإن زعمت انه جدك فقد كذبت ويعلم الناس ذلك‪ ،‬وإن زعمت انه‬
‫جدي فلم قتلت أبي بال ذنب ونهبت ماله وأسرت نساءه»‪.‬‬
‫للتذكير فمعظم بني أمية كانوا يرون في قتل آل بيت رسول هللا صلى هللا عليه و آله‬
‫و سلم إنتقام لقتلى بدر منهم فكما قال يزيد‬
‫جزع الخزرج من وقع اَلسل‬ ‫ليت أشياخي ببدر شهدوا‬
‫إلى آخره قال يوما ما عبد الرحمن بن أم الحكم و كان قد اجتمع معاوية و أصحابه‬
‫و كلهم يقول َّلبن عباس مقالته‪ :‬هلل درك ابن ملجم فقد بلغ اَلمل وأمن الوجل و أحد‬
‫الشفرة و أَّلن المهرة و أدرك الثأر و نفى العار و فاز بالمنزلة العليا و رقى الدرجة‬
‫القصوى‪ .‬فأجابه ابن عباس أما وهللا لقد كرع كأس حتفه بيده و عجل هللا إلى النار‬
‫بروحه و لو أبدي َلمير المؤمنين صفحته لخالطه الفحل القظم و السيف الخذم و‬
‫َللعقه صبابا و سقاه سماما و ألحقه بالوليد و عتبة و حنظلة فكلهم كان أشد منه‬
‫شكيمة‪ .‬فلقد قال علي عليه السالم أن بني أمية لم يسلموا لما أسلموا و إنما استسلموا‬
‫فهذا وهللا هو واقعهم‪ .‬و علماء اَلمة عامة المسؤولون على عدم إنصافه و يأثم وهللا‬
‫و أي إثم كل من سمع بقضية الحسين و رضي بها من اَلمة اْلسالمية كلها إلى‬
‫يوم الدين‪ .‬بل أقول كل من سمع بقضية الحسين و لم ينصح بنصرته من اَلمة‬
‫يتحمل مسؤولية عدم النصح هاته‪ .‬فكلنا مسؤول أمام قضية الحسين‪.‬اللهم وفقنا للقول‬
‫بالحق و العمل بالحق واجعلنا مع الحق واجعل الحق معنا‪.‬آمين يا رب العالمين‪.‬‬
‫وليسأل الناس أنفسهم أين يقف رسول هللا صلى هللا عليه وآله و سلم إن كان حيا مع‬
‫أهل بيته المظلومين المعذبين المسجونين المقتولين المصلوبين وأتباعهم أم مع‬
‫الظلمة الجبابرة المتكبرين في اَلرض القتالين؟ َّل شك وأنه عند اْلجابة على هذا‬
‫يكون قد اختار لنفسه موقفا قبل أن يفاجأ يوم الحشر اَلكبر فيجد نفسه و قد اختار‬
‫من لم يقل فيهم أتباعهم(إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب هللا من‬
‫شيء) إبراهيم ‪ 83‬و َّل ممن يقول فيهم أتباعهم إنا أطعنا سادتنا و كبراءنا فأضلونا‬
‫السبيال و َّل ممن يقول فيهم أتباعهم إنا وجدنا آباءنا على أمة و إنا على آثارهم‬
‫مقتدون‪ .‬إَّل أننا نتفهم عذر علماء عصره إذ ليس من شيم كل الناس أن يواجهوا‬
‫الظلم بصدور عارية و إَّل فلم كانت نهضة الحسين عليه السالم فريدة و وحيدة من‬
‫‪29‬‬

‫نوعها إذ انتصر الدم على السيف؟ و هذا ما كان يقدر عليه إَّل إمام يهمه المحافظة‬
‫على دين هللا بعد رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و إَّل فاْلمامة إنما هي‬
‫جعل من هللا كما هو الشأن بالنبوة يقول سبحانه وتعالى (هللا أعلم حيث يجعل‬
‫رساَّلته ( اَلنعام ‪ .381‬و قال( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني‬
‫جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال َّل ينال عهدي الظالمين( البقرة ‪381‬‬
‫فأبطلت هذه اآلية إمامة كل ظالم إلى يوم الدين أي و لو ظلم نفسه أو غيره و لو‬
‫لحضة من عمره و أعظم الظلم الشرك‪ .‬و بمعنى آخر أي من يناله عهد هللا الذي‬
‫هو اْلمامة لن يكون إَّل من اصطفى هللا و كان معصوما من قبل هللا‪ .‬أَّل ترى أن‬
‫هللا سبحانه و تعالى قال َّل ينال عهدي الظالمين و لم يقل الظالمون إذا الفاعل هنا‬
‫عهد هللا و المفعول به الظالمين نفهم من هذا أن كل من وصل إلى الحكم و ادعى‬
‫التقوى وادعى أنه من تنصيب هللا أو ادعي له فهو من الظالمين َلن من يكون من‬
‫قبل هللا فهو منصوص عليه في كتاب هللا و سنة رسوله صلى هللا عليه و آله و هلل‬
‫الحمد أما لو قال هللا سبحانه َّل ينال عهدي الظالمون يكون المعنى حينئذ أن كل من‬
‫وصل إلى الحكم فهو تقي عادل و ليس بظالم أبدا‪ .‬قد يقول القائل فما معنى قوله‬
‫سبحانه و تعالى قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء‬
‫و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير{آل‬
‫عمران‪ }89/‬فأقول إن الملك ملكان ملك في منظور هللا سبحانه و تعالى و هو‬
‫الرسالة و النبوة و اْلمامة و الوَّلية و قد سماها سبحانه بالملك العظيم بقوله و‬
‫آتيناهم ملكا عظيما أي آل إبراهيم أي آل بيت رسول هللا صلى هللا عليه و آله و‬
‫الملك في منظور المخلوق هو ما عبرت عنه بلقيس بالفساد إذ قالت إن الملوك إذا‬
‫دخلوا قرية أفسدوها و جعلوا أعزة أهلها أذلة و أكد سبحانه و تعالى بأنهم فعال هكذا‬
‫بقوله و كذلك يفعلون‪ .‬فإذا رجعنا إلى معنى قوله سبحانه تؤتي الملك من تشاء أي‬
‫إيتاء هذا الملك الخير و العظيم من قبل هللا لمن اصطفى من عباده و اختارهم‬
‫لخالفته في أرضه و هم مائة و أربع و عشرون ألف نبي و آخرهم محمد صلى هللا‬
‫عليه و آله و عترته الطيبة الطاهرة أما قول تنزع الملك ممن تشاء أي هذا الملك‬
‫العقيم الذي إنما اختاره البشر و ينزعه هللا منهم نزعا و َّل كرامة و لو كان هللا‬
‫‪31‬‬

‫سبحانه يقصد نفس الملك لقال تؤتي الملك من تشاء و تنزعه ممن تشاء و لكن هللا‬
‫سبحانه يقول و تنزع الملك ممن تشاء أي هذا الملك الظالم البائس َّل ملك هللا أو‬
‫خالفته في أرضه إذ لم ينزعها سبحانه و تعالى من أولياءه بل يخلف بعضهم بعضا‪.‬‬
‫وأما قوله تعز من تشاء فهي قوله سبحانه و هلل العزة و لرسوله و للمؤمنين وأما الذلة‬
‫فهي َلعداء هللا و رسوله و المؤمنين و ذلك قوله سبحانه وتعالى إن الذين يحادون‬
‫هللا و رسوله أؤَّلئك في اَلذلين {المجادلة‪ .}82/‬إذا فاْلمامة من عند هللا و غيرها‬
‫من عند البشر و هل ينصب هللا على خلقه فرعون و أمثاله؟ أليس هو القائل و‬
‫اسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون‬
‫{الزخرف‪ .}16/‬و هذه اْلمامة جعلها هللا لسيدنا إبراهيم عليه السالم بعد أن ابتاله‬
‫بذبح ابنه إسماعيل عليه السالم و هذا عند كبر سنه فيقول هللا سبحانه وتعالى على‬
‫لسان سيدنا إبراهيم ( الحمد هلل الذي وهب لي على الكبر إسماعيل و إسحاق) إبراهيم‬
‫‪ .16‬و الشاهد على أن اْلبتالء هو بذبح ابنه إسماعيل قوله تعالى (فلما أسلما و تله‬
‫للجبين و ناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا‬
‫لهوا لبالء المبين وفديناه بذبح عظيم) ‪ 325- 321‬من الصافات‪ .‬وإذا قال القائل‬
‫بأن المقصود هنا باْلمامة إنماهي النبوة فأقول َّل َلن النبوة إنما كانت لسيدنا إبراهيم‬
‫في الصغر لقوله تعالى ( قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) اَلنبياء ‪.92‬و‬
‫ضف إلى ذلك هل اْلمامة التي تطلقون على مالك و الشافعي و أبي حنيفة و أحمد‬
‫بن حنبل هي النبوة؟ ونالحظ أن اْلمامة إنما جعلها هللا لسيدنا إبراهيم بعد اْلبتالء‪.‬‬
‫إذا فهي مرتبة عظيمة عند هللا‪ .‬و هذه اْلمامة ليست كتلك المعني بها الرئاسة و‬
‫التي هي من جعل البشر‪ ,‬و أحبذ أن يقال عنها رئاسة َّل إمامة‪ ,‬فسيدنا إبراهيم لم‬
‫يكن حاكما‪ .‬فكذلك أهل بيت رسول هللا هم أئمة بنص رسول هللا صلى هللا عليه و‬
‫آله و سلم الذي َّل ينطق عن الهوى إن هو إَّل وحي يوحى أي إنما هي جعل من هللا‬
‫لهؤَّلء‪ .‬و يكفينا هنا ذكر دعاء رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم في صباح‬
‫زواج علي من فاطمة عليهما السالم حيث رفع رسول هللا صلى هللا عليه و آله و‬
‫سلم كفيه وقال (اللهم اجمع شملهما و ألف بين قلبيهما واجعلهما و ذريتهما من ورثة‬
‫الجنة و ارزقهما ذرية طيبة مباركة و اجعل في ذريتهما البركة و اجعلهم أئمة يهدون‬
‫‪31‬‬

‫بأمرك إلى طاعتك) و قال هللا تعالى (و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا‬
‫)السجدة ‪ .81‬وفي موضع آخر(و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل‬
‫الخيرات وإيقام الصالة و إيتاء الزكاة و كانوا لنا عابدين) اَلنبياء ‪ .51‬هذا في حق‬
‫اَلنبياء‪ .‬لإلشارة لم تكن هذه اْلمامة لكل اَلنبياء بل للمفضلين منهم فقط‪ .‬ودعاء‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم مستجاب فهم إذا بفضل هللا ودعاء رسول هللا‬
‫أعطوا اْلمامة التي كانت في اَلمم السابقة خاصة بالمفضلين من اَلنبياء و هلل‬
‫الحمد و المنة‪ .‬و لم العجب و قد أخبرنا رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم بأن‬
‫هذه اَلمة تحذو حذو اَلمم السابقة حذو القذة بالقذة و النعل بالنعل‪ .‬فهم إذا أئمة و‬
‫إن لم يحكموا فالحكم هوالذي يتشرف بهم َّلهم يتشرفون به‪ .‬للتذكير كل ما كان من‬

‫أنزأل َّللاُ‬
‫أرأيتُم هما أ أ‬
‫جعل البشر فهو مذموم في القرآن الكريم كقوله سبحانه و تعالى ُقل أ أأ‬
‫اما أو أحالأَّلً ُقل آّللُ أ ِأذ أن أل ُكم أأم أعألى َّللاِ تأفتأ ُرو أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍق‬
‫أل ُكم من رز أف أج أعلتُم من ُه أح أر ً‬
‫آم أن‬ ‫ِِ‬ ‫أج أعلتُم ِسأق أاي أة ال أح ِ ِ‬
‫اج أوع أم أارأة ال أمسجد ال أح أار ِم أك أمن أ‬ ‫{يونس‪ .}66/‬و كذلك قوله أ أ‬
‫يل َّللاِ َّلأ أيستأُوو أن ِع أند َّللاِ أوَّللاُ َّلأ أيه ِدي الأقوأم‬‫اآلخ ِر وجاه أد ِفي سِب ِ‬
‫أ‬ ‫أأ أ‬
‫ِباّللِ واليو ِم ِ‬
‫أ أ‬
‫ين {التوبة‪ .}36/‬واَلمثلة كثيرة في القرآن بل حتى من اختار موسى على نبينا‬ ‫ه ِِ‬
‫الظالم أ‬
‫و آله و عليه السالم من قومه لم يكونوا أهال للمهمة التي اختارها لهم و لو كانوا‬
‫من اختيار هللا له لكانوا بدون شك أهال لها‪.‬‬
‫وَّل أرى إَّل و أن هذه المعركة المباركة طوفان اَلقصى التي أسست لوحدة الساحات‬
‫اليوم لجديرة بأن تكون تأسيس لوحدة اَلمة و لنظام عالمي جديد تكون لألمة‬
‫اْلسالمية فيه اَلمة اْلسالمية المتحدة بدل اَلمم المتحدة التي ما أتت بخير أبدا‬
‫للعرب و للمسلمين أو على اَلقل أمم متحدة لها منظار واحد و مكيال واحد و كل‬
‫اَلعضاء فيها متساوون و َّل يتخذ قرار إَّل بمشاورة الجميع‪ .‬و لهذا اسميت كتابي‬
‫هذا بعون هللا و توفيق منه ب طوفان اَلقصى تأسيس لوحدة اَلمة و لنظام عالمي‬
‫جديد‪ .‬و كعادتي َّل أكتب على الهامش و أكتب المراجع مباشرة بعد المتن و َّل‬
‫أكتب رقم الجزء و الصفحة َلن المراجع كثيرة و تختلف عن بعضها البعض‪ .‬و‬
‫البحث اليوم أسهل بكثير مما كان عليه فبكتابة كلمة واحدة تأتيك بكل المراجع‪ .‬اللهم‬
‫وفقنا لما تحبه و ترضاه وانصرنا على القوم الكافرين و انصر المقاومة اْلسالمية‬
‫‪32‬‬

‫على هذا الكيان الغاشم و الغاصب و الظالم و حرر اللهم فلسطين و كل شبر من‬
‫أراضي العرب و المسلمين من أيدي اليهود و من أسس لهم‪.‬‬

‫إن الحمد هلل نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نتوب إليه و نتوكل عليه و‬
‫نعوذ باّلل من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده هللا فال مضل له و من‬
‫يضلل فلن تجد له و ليا مرشدا و أشهد أَّل إله إَّل هللا وحده َّل شريك له و أشهد أن‬
‫محمدا عبده و رسوله صلى هللا عليه و آله الطيبين الطاهرين و جعلنا هللا و جميع‬
‫المسلمين من المتقين و ألهمنا جميعا العفو والعافية في الدنيا و الدين و نصرنا على‬
‫الكفرة و المشركين و جعلنا مع الصادقين و بعد فإن المتتبع للسيرة والتاريخ يجد أن‬
‫أمتنا لم تبق متمسكة بما أمرها به هللا و رسوله صلى هللا عليه و آله و لم يبق من‬
‫اْلسالم إَّل اْلسم و من القرآن إَّل الرسم‪ .‬و بهذا البعد عن الدين و عن شرع هللا‬
‫تمزقت و تفتت و تضاءلت و ضعفت حتى صارت لعبة في يد الغرب الكافر و‬
‫الغاشم و الظالم فاحتل البلدان و قهر الشعوب و اغتصب الخيرات و لم يكتف حتى‬
‫زرع فيهم سرطانه هذا الكيان الذي إنما هو إلى زوال بإذن هللا و قد بدأ يتحقق‬
‫بفضل هللا و شجاعة و قوة و بسالة هؤَّلء اَلبطال أبطال المقاومة اْلسالمية الذين‬
‫إنما أوجدوا في نفوس المؤمنين و حتى في نفوس اَلحرار من غير المسلمين هذا‬
‫اَلمل المفقود من زمان بأن تعود لإلسالم و المسلمين كلمته و يعود لدوره القيادي‬
‫الذي إنما اختاره له هللا لقوله كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف و‬
‫تنهون عن المنكر و تؤمنون باّلل‪ .‬نحن َّل ندعي هذا كما تدعي اليهود و أنهم شعب‬
‫هللا المختار هذه الكذبة التي غرتهم حتى صاروا َّل يولون أي بال في قتل المئات من‬
‫اَلطفال و المئات من النساء و المئات من الشيوخ و المدنيين و تدمير و تحطيم‬
‫مساكنهم على رؤوسهم أمام كل العالم و لم يحرك أحد ممن يدعون حقوق اْلنسان و‬
‫غيرها ساكنا و إنما هذه الحالة عند العدو الغاشم نتيجة الذعر و الرعب الذي أصابه‬
‫‪33‬‬

‫من قبل المقاتلين اَلحرار حتى درجة فقدانه العقل و إصابته بالجنون الذي إنما‬
‫يظهر للعالم كله من تصرفاته هاته التي َّل تزيد ْلنتصار المقاومة إَّل تحقيقا و‬
‫ثبوتا‪ .‬وهللا متم نوره و لو كره الكافرون‪ .‬و هللا غالب على أمره‪ .‬إن هللا بالغ أمره‪ .‬و‬
‫لينصرن هللا من ينصره إن هللا لقوي عزيز‪ .‬و هذا وهللا حاصل إن شاء هللا بظهور‬

‫َّللاُ‬
‫اْلمام المهدي عجل هللا فرجه الشريف وهذا هو قول هللا سبحانه و تعالى أو أع أد ه‬
‫ين ِمن‬ ‫ض أكما استأخأل ه ِ‬ ‫ات ألأيستأخلِأفهن ُهم ِفي اَلأر ِ‬ ‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫آم ُنوا ِم ُ‬ ‫هِ‬
‫ف الذ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫نكم أو أعمُلوا ه أ‬ ‫ين أ‬ ‫الذ أ‬
‫ونِني أَّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضى أل ُهم أوأل ُيأبدألهن ُهم من أبعد أخوِف ِهم أأمًنا أيع ُب ُد أ‬‫أقبل ِهم أوأل ُي أمكأن هن أل ُهم د أين ُه ُم الذي ارتأ أ‬
‫اسُقو أن {النور‪ }66/‬و هو الذي‬ ‫يش ِرُكون ِبي أشيًئا ومن أكأفر بعد أذلِك أفأُوألِئك هم الأف ِ‬
‫أ ُُ‬ ‫أ أ أ أ‬ ‫أأ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬
‫يمأل اَلرض عدَّل و قسطا بعدما ملئت ظلما و جو ار كما بشرنا به سيد خلق هللا‬
‫أجمعين‪ .‬و كثي ار ما حثنا القرآن الكريم على القسط و أذكر لك أخي الكريم البعض‬

‫ين ِبال ِقس ِط ُش أه أداء ِّللِ أوألو أعألى أ ُ‬


‫أنف ِس ُكم أ ِأو ال أوالِ أدي ِن‬ ‫ِ‬
‫ونوا أقهوام أ‬ ‫آم ُنوا ُك ُ‬‫ين أ‬
‫منها يا أأي ه ِ‬
‫ُّها الذ أ‬ ‫أ أ‬
‫ير أفاّللُ أأوألى ِب ِه أما أفالأ تأتهِب ُعوا ال أه أوى أأن تأع ِدُلوا أوإِن أتل ُووا‬
‫ين ِإن أي ُكن أغِنيًّا أأو أفأق ًا‬
‫أواَلأق أربِ أ‬
‫ير {النساء‪}316/‬‬ ‫ان ِب أما تأع أملُو أن أخِب ًا‬
‫ضوا أفِإ هن َّللاأ أك أ‬
‫أأو تُع ِر ُ‬
‫امين ِّللِ ُشهداء ِبال ِقس ِط وَّلأ يج ِرمهن ُكم أشنآن أقو ٍم عألى أأَّله‬ ‫ِ‬ ‫يا أأي ه ِ‬
‫أ‬ ‫أُ‬ ‫أ أ أ‬ ‫أأ‬ ‫ونوا أقهو أ‬ ‫آم ُنوا ُك ُ‬
‫أ‬ ‫ين‬
‫ُّها الذ أ‬‫أ أ‬
‫ُه أو أأق أر ُب لِلتهق أوى أواتهُقوا َّللاأ ِإ هن َّللاأ أخِب ٌير ِب أما تأع أمُلو أن {المائدة‪}2/‬‬ ‫تأع ِدُلوا اع ِدُلوا‬

‫أأو أأع ِرض أعن ُهم أوإِن تُع ِرض‬ ‫وك أفاح ُكم أبيأن ُهم‬‫آؤ أ‬ ‫أج ُ‬ ‫اعو أن لِل أك ِذ ِب أ هكاُلو أن لِ ُّ‬
‫لسح ِت أفِإن‬ ‫أس هم ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفاح ُكم أبيأن ُهم ِبال ِقس ِط‬
‫ِإ هن َّللاأ ُيح ُّب ال ُمقسط أ‬
‫ين‬ ‫وك أشيًئا أوإِن أح أكم أت‬ ‫ض ُّر أ‬‫أعن ُهم أفألن أي ُ‬
‫{المائدة‪.}18/‬‬

‫و ربطت معركتنا هذه اليوم و التي سميتها بالمعركة الكبرى أي معركة تحرير‬
‫فلسطين كل فلسطين و كل شبر من اَلراضي العربية و اْلسالمية بقرب ظهور‬
‫اْلمام المهدي عجل هللا فرجه الشريف َلني متيقن من أن زوال هذا الكيان بدأ و‬
‫سيكتمل و تتضح الصورة و تتغير الخريطة و إننا بهذا إن شاء هللا محضرون لدولة‬
‫‪34‬‬

‫العدالة المطلقة على يد هؤَّلء اَلبطال‪ .‬و تكون إن شاء هللا المفاوضة مع العدو‬
‫على تحرير كل فلسطين َّل ‪ 88‬من المائة منها و أنتم اَللعلون و هللا معكم‪ .‬فيا‬
‫أخي الكريم حتى أضعك أمام أحاديث رسول هللا صلى هللا عليه و آله في اْلمام‬
‫المهدي هذه البعض منها و َّل يختلف عليها اثنان من المسلمين‪.‬‬

‫أهل ِ‬
‫بيتي ‪ ،‬حتهى يمألأها ِقس ً‬
‫طا‬ ‫أن اَلرض ظلما وعدو ًانا ‪ ،‬ثُ هم أليخرج هن رجل ِمن ِ‬ ‫ألتُم أأل ه‬
‫ٌ‬ ‫أ ُأ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ظلما وعدو ًانا‪.‬‬‫وعدَّل ‪ ،‬كما ُم ألئت ً‬
‫ً‬

‫الراوي ‪ :‬أبو سعيد الخدري | المحدث ‪ :‬اَللباني | المصدر ‪ :‬صحيح الجامع |‬


‫خالصة حكم المحدث ‪ :‬صحيح‬

‫مني ‪ -‬أو من‬ ‫رجال ِ‬


‫فيه ً‬ ‫بعث ِ‬
‫اليوم حتهى أي أ‬ ‫لطول ه ِ‬ ‫لو لم يبق من ُّ ه‬
‫َّللاُ ذل أك أ‬ ‫يوم ه أ‬
‫الدنيا إَّل ٌ‬ ‫أ أ‬
‫وعدَّل ‪،‬‬ ‫طا‬‫اَلرض ِقس ً‬ ‫اسم أبي يمألُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫أ‬ ‫اسم أبيه ُ‬‫اسم ُه اسمي ‪ ،‬و ُ‬
‫أأهل بيتي ‪ -‬يواطئُ ُ‬
‫الدنيا حتهى يملِ أك‬
‫تذهب ‪ -‬أو َّل تأنقضي ‪ُّ -‬‬ ‫ور ‪ .‬وفي ٍ‬
‫لفظ َّل‬ ‫وج ًا‬
‫ُ‬ ‫لما أ‬‫ظً‬
‫كما ملئت ُ‬
‫اسم ُه اسمي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رجل من أأهل بيتي ‪ ،‬يواطئُ ُ‬
‫العرب ٌ‬
‫أ‬
‫الراوي ‪ :‬عبدهللا بن مسعود | المحدث ‪ :‬اَللباني | المصدر ‪ :‬صحيح أبي داود‬

‫خالصة حكم المحدث ‪ :‬حسن صحيح‬

‫التخريج ‪ :‬أخرجه أبو داود واللفظ له‪ ،‬والترمذي مختص اًر‪.‬‬

‫صلى هللا ِ‬
‫عليه ه‬
‫وسلم‬ ‫بي ه‬ ‫رجل من أه ِل بي ِت الهن ِ‬ ‫ِ‬
‫وعالماتها‪ُ :‬خروج ٍ‬ ‫الس ِ‬
‫اعة‬ ‫ِمن أشر ِ‬
‫اط ه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المهدي‬ ‫اَلرض بالعد ِل‪ ،‬وهو‬ ‫وسلم‪ ،‬أيمألُ‬ ‫صلى هللا ِ‬
‫عليه ه‬ ‫بي ه‬ ‫اسم الهن ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫اسمه أ‬
‫ويوافق ُ‬
‫ظر‪.‬‬
‫المنت أ‬
‫يوم"‪،‬‬ ‫وسلم‪" :‬لو لم يبق من ُّ ه‬ ‫عليه ه‬‫صلى هللا ِ‬ ‫الرسول ه‬ ‫ِ‬
‫الدنيا إَّل ٌ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫يقول ه ُ‬ ‫الحديث ُ‬ ‫وفي هذا أ‬
‫اليوم"‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫الدنيا هإَّل يوم و ِ‬
‫أي‪ :‬لو ُف ِرض أن َّل أيبقى من أيها ِم ُّ‬
‫"لطو أل هللاُ ذلك أ‬
‫احٌد‪ ،‬ه‬ ‫ٌ‬
‫"رجال‬
‫"فيه"‪ ،‬أي‪ :‬ذلك اليومِ‪ً ،‬‬ ‫يم ُّد في وقِته حتهى يطول‪" ،‬حتهى يبع أث" هللا تعالى‪ِ ،‬‬
‫ُأ‬ ‫أأ‬ ‫أ أ‬ ‫ُ‬
‫الراوي‪" ،‬من أه ِل‬ ‫وسلم‪" ،‬أو"؛ ه‬
‫الش ُّك من ه‬ ‫عليه ه‬ ‫صلى هللا ِ‬ ‫بي ه‬ ‫ذري ِ‬
‫هة الهن ِ‬ ‫ِمِني"‪ ،‬أي‪ِ :‬من ِ‬
‫ُ‬
‫وسلم‪" ،‬يو ِ‬
‫اطئُ"‪ ،‬أي‪ :‬يو ِاف ُق ويطاِب ُق‪،‬‬ ‫صلى هللا ِ‬
‫عليه ه‬ ‫بي ه‬ ‫أبيتي"‪ ،‬أي‪ :‬من أه ِل بي ِت الهن ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪35‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اسم‬
‫اسم أبيه أ‬ ‫اسمه مح هم ًدا‪" ،‬واس ُم أبيه اس أم أبي"‪ ،‬أي‪ :‬يواف ُق ُ‬ ‫"اس ُمه اسمي"؛ فيكو ُن ُ‬
‫ِ‬
‫المهدي مح هم أد‬ ‫اسم‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ ه‬ ‫أبي الهن ِ ه‬
‫عبد هللا فيكو ُ ُ‬ ‫اسم أبيه أ‬ ‫بي صلى هللاُ عليه وسلم‪ ،‬فيكو ُ ُ‬
‫طا"‪ ،‬أي‪ :‬عد ًَّل‪" ،‬وعد ًَّل" وهو‬‫اَلرض‪"ِ ،‬قس ً‬‫ِ‬ ‫اَلرض"‪ ،‬أي‪ :‬وج أه‬ ‫أ‬ ‫عبد هللاِ‪ ،‬أ"يمألُ‬
‫بن ِ‬
‫أ‬
‫ظلما‪ ،‬وهو‬ ‫"وجوًرا"‪ ،‬أي‪ً :‬‬ ‫لما"‪ ،‬أ‬‫ظً‬
‫ِِ‬
‫ظهوره‪ُ " ،‬‬ ‫قبل‬
‫اَلرض أ‬ ‫ُ‬ ‫كيد لِما قبألها‪" ،‬كما ُملِئت"‬‫تأ ٌ‬
‫أيضا‪.‬‬ ‫ٌ ِ‬
‫تأكيد لما قبأله ً‬
‫ديث‪َّ" :‬ل تأذهب"‪ ،‬أي‪َّ :‬ل تفنى وتأنتهي‪" ،‬أو"؛ ه‬
‫الش ُّك من‬ ‫"وفي لف ٍظ" آخر لهذا الح ِ‬
‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أأ‬
‫ومن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الراوي‪َّ" ،‬ل تنأقضي"‪ ،‬أي‪ :‬تأنتهي‪ُّ ،‬‬
‫"العر أب" أ‬
‫"الدنيا حتى يمل أك"‪ ،‬أي‪ :‬أيصير مل ُك‪ ،‬أ‬ ‫ه‬
‫بيت‬‫تِبعهم من أه ِل اْلسالمِ‪" ،‬رجل"‪ ،‬أي‪ :‬هو رجل‪" ،‬من أه ِل بيتي"‪ ،‬أي‪ :‬من أه ِل ِ‬
‫أ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أ‬
‫"اسمه اسمي"؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ه‬ ‫الهن ِ ه‬
‫بي صلى هللاُ عليه وسلم ومن ذريهته‪"ُ ،‬يواطئُ"‪ ،‬أي‪ :‬يواف ُق ويطاب ُق‪ُ ،‬‬
‫عبد هللاِ‪.‬‬
‫فيكون اسمه مح همد بن ِ‬
‫أ أ‬ ‫ُ ُ‬
‫ص ِ‬
‫فاته‪.‬‬ ‫بعض ِ‬
‫ِ‬ ‫وبيان‬ ‫آخ ِر ه‬
‫الز ِ‬
‫مان‪،‬‬ ‫المهدي يكو ُن في ِ‬ ‫ه‬ ‫أن‬‫ديث‪ :‬إشارةٌ إلى ه‬‫وفي الح ِ‬
‫ُ‬ ‫أ‬
‫علي بن العباس‪ ،‬عن محمد بن هاشم القيسي‪ ،‬عن سهل بن تمام البصري‪ ،‬عن‬
‫عمران القطان‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أبي نضرة‪ ،‬عن جابر بن عبد هللا قال‪ :‬قال رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله‪:‬‬
‫المهدي يخرج في آخر الزمان‪.‬‬
‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬محمد بن إسحاق‪ ،‬عن علي بن العباس‪ ،‬عن بكار بن أحمد‪،‬‬
‫عن الحسن بن الحسين‪ ،‬عن معلى بن زياد‪ ،‬عن العالء بن بشير‪ ،‬عن أبي الصديق‬
‫الناجي‪ ،‬عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬أبشركم‬
‫بالمهدي يبعث في أمتي على اختالف من الناس وزلزال يمأل اَلرض عدَّل وقسطا‬
‫كما ملئت جو ار وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن اَلرض تمام الخبر‪.‬‬
‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬بهذا اَّلسناد‪ ،‬عن الحسن بن الحسين‪ ،‬عن تليد‪ ،‬عن أبي‬
‫الحجاف قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬أبشروا بالمهدي قالها ثالثا يخرج‬
‫على حين اختالف من الناس وزلزال شديد يمأل اَلرض قسطا وعدَّل كما ملئت ظلما‬
‫وجو ار يمال قلوب عباده عبادة ويسعهم عدله‪.‬‬
‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬بهذا اَّلسناد‪ ،‬عن الحسن بن الحسين‪ ،‬عن سفيان الجريري‪،‬‬
‫‪36‬‬

‫عن عبد المؤمن‪ ،‬عن الحارث بن حصيرة‪ ،‬عن عمارة بن جوين العبدي‪ ،‬عن أبي‬
‫سعيد الخدري قال‪ :‬سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقول على المنبر‪ :‬إن‬
‫المهدي من عترتي من أهل بيتي يخرج في آخر الزمان تنزل له السماء قطرها وتخرج‬
‫له اَلرض بذرها فيمأل اَلرض عدَّل وقسطا كما مألها القوم ظلما وجو ار‪.‬‬
‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬محمد بن إسحاق‪ ،‬عن علي بن العباس‪ ،‬عن بكار‪ ،‬عن‬
‫مصبح عن قيس‪ ،‬عن أبي حصين‪ ،‬عن أبي صالح‪ ،‬عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬لو لم يبق من الدنيا إَّل يوم واحد لطول هللا ذلك اليوم حتى‬
‫يخرج رجال من أهل بيتي يمأل اَلرض عدَّل وقسطا كما ملئت ظلما وجو ار‪.‬‬
‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬بهذا اَّلسناد‪ ،‬عن بكار‪ ،‬عن علي بن قادم‪ ،‬عن فطر‪ ،‬عن‬
‫عاصم‪ ،‬عن زر بن حبيش‪ ،‬عن عبد هللا بن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وآله ‪:‬لو لم يبق من الدنيا إَّل يوم لطول هللا ذلك اليوم حتى يبعث رجال مني‬
‫يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت ظلما‪.‬‬
‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬محمد بن إسحاق‪ ،‬عن عبد هللا بن العباس‪ ،‬عن جعفر بن‬
‫محمد الزهري عن إسحاق بن منصور‪ ،‬عن قيس بن الربيع وغيره‪ ،‬عن عاصم‪ ،‬عن‬
‫زر‪ ،‬عن عبد هللا بن مسعود قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪َّ:‬ل يذهب الدنيا‬
‫حتى يلي أمتي رجل من أهل بيتي يقال له‪ :‬المهدي‪.‬‬
‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬جماعة‪ ،‬عن البزوفري‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن ابن قتيبة‬
‫عن الفضل‪ ،‬عن نصر بن مزاحم‪ ،‬عن أبي لهيعة‪ ،‬عن أبي قبيل‪ ،‬عن عبد هللا بن‬
‫عمرو ابن العاص قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله في حديث طويل‪ :‬فعند‬
‫ذلك خروج المهدي وهو رجل من ولد هذا وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه‬
‫السالم به يمحق هللا الكذب ويذهب الزمان الكلب‪ ،‬به يخرج ذل الرق من أعناقكم ثم‬
‫قال‪ :‬أنا أول هذه اَلمة والمهدي أوسطها وعيسى آخرها وبين ذلك تيح اعوج‪.‬‬
‫بيان‪ :‬قال الجزري‪ :‬كلب الدهر على أهله إذا ألح عليهم واشتد وقال‪:‬‬
‫الفيروزآبادي‪ :‬تاح له الشئ يتوح تهيأ كتاح يتيح وأتاحه هللا فأتيح والمتيح كمنبر من‬
‫يعرض فيما َّل يعنيه أو يقع في الباليا وفرس يعترض في مشيته نشاطا والمتياح‬
‫الكثير الحركة العريض انتهى وفيه تكلف واَلظهر أنه تصحيف ما مر في أخبار‬
‫‪37‬‬

‫اللوح وغير ذلك " نتج الهرج " أي نتائج الفساد والجور ولعله تصحيف‪ " :‬ثبج أعوج "‬
‫الثبج‪ :‬المتوسط بين الخيار والرذال‪ ،‬واَلعوج ‪:‬المائل البين العوج والسيئ الخلق‪ ،‬وقد‬
‫يكون " ثبج أعرج " فاَلول هو البوم النائح والثاني الغراب‪.‬‬

‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬محمد بن علي‪ ،‬عن عثمان بن أحمد‪ ،‬عن إبراهيم بن عبد‬
‫هللا الهاشمي‪ ،‬عن إبراهيم بن هانئ‪ ،‬عن نعيم بن حماد‪ ،‬عن عقبة بن الوليد‪ ،‬عن‬
‫أبي بكر بن أبي مريم‪ ،‬عن الفضل بن يعقوب‪ ،‬عن عبد هللا بن جعفر‪ ،‬عن أبي‬
‫المليح عن زياد بن بنان‪ ،‬عن علي بن نفيل‪ ،‬عن سعيد بن المسيب‪ ،‬عن أم‬
‫سلمة قالت‪:‬‬
‫سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقول‪ :‬المهدي من عترتي من ولد فاطمة‪.‬‬

‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬جماعة‪ ،‬عن التلعكبري‪ ،‬عن أحمد بن علي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫علي‪ ،‬عن عثمان بن أحمد‪ ،‬عن إبراهيم بن عالء‪ ،‬عن أبي المليح مثله‪.‬‬
‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬أحمد بن إدريس‪ ،‬عن ابن قتيبة‪ ،‬عن الفضل‪ ،‬عن مصبح‪،‬‬
‫عن أبي عبد الرحمان‪ ،‬عمن سمع وهب بن منبه يقول عن ابن عباس في حديث‬
‫طويل أنه قال‪ :‬يا وهب ثم يخرج المهدي قلت‪ :‬من ولدك؟ قال‪َّ :‬ل وهللا ما هو من‬
‫ولدي ولكن من ولد علي عليه السالم فطوبى لمن أدرك زمانه‪ ،‬وبه يفرج هللا عن‬
‫اَلمة حتى يمالها قسطا وعدَّل إلى آخر الخبر‪.‬‬
‫غيبة الشيخ الطوسي ‪:‬جماعة‪ ،‬عن التلعكبري‪ ،‬عن أحمد بن علي‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫إدريس عن ابن عيسى‪ ،‬عن اَلهوازي‪ ،‬عن الحسين بن علوان‪ ،‬عن أبي هارون‬
‫العبدي عن أبي سعيد الخدري في حديث له طويل اختصرناه قال‪ :‬قال رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله لفاطمة‪ :‬يا بنية إنا أعطينا أهل البيت سبعا لم يعطها أحد قبلنا‪:‬‬
‫نبينا خير اَلنبياء وهو أبوك ووصينا خير اَلوصياء وهو بعلك وشهيدنا‬
‫خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة و منا من له جناحان خضيبان يطير بهما في‬
‫الجنة وهو ابن عمك جعفر ومنا سبطا هذه اَلمة وهما ابناك الحسن والحسين ومنا‬
‫وهللا الذي َّل إله إَّل هو مهدي هذه اَلمة الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم‬
‫ثم ضرب بيده على منكب الحسين عليه السالم فقال‪ :‬من هذا ثالثا‪.‬‬
‫‪38‬‬

‫الغيبة للنعماني ‪:‬أحمد بن علي )البنديجي‪ ،‬عن عبد هللا بن موسى العباسي‪ ،‬عن‬
‫موسى ابن سالم‪ ،‬عن البزنطي‪ ،‬عن عبد الرحمان( بن الخشاب‪ ،‬عن أبي عبد هللا‬
‫عن آبائه عليهم السالم قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬مثل أهل بيتي مثل‬
‫نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذا نجم منها طلع فرمقوه باَلعين‬
‫وأشرتم إليه باَلصابع أتاه ملك الموت فذهبت به ثم لبثتم في ذلك سبتا من دهركم‬
‫واستوت بنو عبد المطلب ولم يدر أي من أي فعند ذلك يبدو نجمكم فاحمدوا هللا‬
‫واقبلوه‪.‬‬
‫الغيبة للنعماني ‪:‬أحمد بن هوذه‪ ،‬عن النهاوندي‪ ،‬عن عبد هللا بن حماد‪ ،‬عن أبان‬
‫ابن عثمان قال‪ :‬قال أبو عبد هللا عليه السالم‪ :‬بيننا رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وآله ذات يوم بالبقيع فأتاه علي فسلم عليه فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬‬
‫اجلس فأجلسه عن يمينه ثم جاء جعفر بن أبي طالب فسأل عن رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وآله فقيل‪ :‬هو بالبقيع‪ ،‬فأتاه فسلم عليه فأجلسه عن يساره ثم جاء العباس فسأل‬
‫عنه فقيل هو بالبقيع فأتاه فسلم عليه وأجلسه أمامه‪.‬‬
‫ثم التفت رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى علي عليه السالم ‪:‬فقال‪ :‬أَّل أبشرك أَّل‬
‫أخبرك يا علي؟ قال‪ :‬بلى يا رسول هللا فقال‪ :‬كان جبرئيل عندي آنفا وخبرني أن‬
‫القائم الذي يخرج في آخر الزمان يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت ظلما وجو ار من‬
‫ذريتك من ولد الحسين عليه السالم فقال علي عليه السالم ‪:‬يا رسول هللا ما أصابنا‬
‫خير قط من هللا إَّل على يديك‪.‬‬
‫ثم التفت رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال‪ :‬يا جعفر أَّل أبشرك؟ قال‪ :‬بلى يا‬
‫رسول هللا فقال‪ :‬كان جبرئيل عندي آنفا فأخبرني أن الذي يدفعها إلى القائم هو من‬
‫ذريتك أتدري من هو؟ قال‪َّ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬ذاك الذي وجهه كالدينار وأسنانه كالمنشار‬
‫وسيفه كحريق النار‪ ،‬يدخل الجبل ذليال ويخرج منه عزي از يكتنفه جبرئيل وميكائيل‪.‬‬
‫ثم التفت إلى العباس فقال‪ :‬يا عم النبي أَّل أخبرك بما أخبرني جبرئيل؟ فقال‪ :‬بلى يا‬
‫رسول هللا‪ :‬قال‪ :‬قال لي‪ :‬ويل لذريتك من ولد العباس فقال‪ :‬يا رسول هللا أفال أجتنب‬
‫النساء؟ قال له‪ :‬قد فرغ هللا مما هو كائن‪.‬‬
‫الغيبة للنعماني‪ :‬ابن عقدة‪ ،‬عن علي بن الحسين‪ ،‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن ابن‬
‫‪39‬‬

‫بزيع عن عمرو بن يونس‪ ،‬عن حمزة بن حمران‪ ،‬عن سالم اَلشل قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫جعفر محمد بن علي الباقر عليه السالم يقول‪ :‬نظر موسى بن عمران عليه‬
‫السالم في السفر اَلول بما يعطي قائم آل محمد قال موسى‪ :‬رب اجعلني قائم آل‬
‫محمد فقيل له‪ :‬إن ذاك من ذرية أحمد ثم نظر في السفر الثاني فوجد فيه مثل ذلك‬
‫(فقال مثله فقيل له مثل ذلك) ثم نظر في السفر الثالث فرأى مثله (فقال مثله) فقيل‬
‫له مثله‪.‬‬
‫الكافي‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن محمد بن سليمان‪ ،‬عن هيثم بن أشيم‪ ،‬عن معاوية‬
‫بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد هللا عليه السالم قال‪ :‬خرج النبي صلى هللا عليه وآله ذات‬
‫يوم وهو مستبشر يضحك سرو ار فقال له الناس‪ :‬أضحك هللا سنك يا رسول هللا وزادك‬
‫سرو ار فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬إنه ليس من يوم وَّل ليلة إَّل ولي فيهما‬
‫تحفة من هللا أَّل وإن ربي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى‬
‫إن جبرئيل عليه السالم أتاني فأقرأني من ربي السالم وقال‪ :‬يا محمد إن هللا عز‬
‫وجل اختار من بني هاشم سبعة لم يخلق مثلهم فيمن مضى وَّل يخلق مثلهم فيمن‬
‫بقي‪ :‬أنت يا رسول هللا سيد النبيين وعلي بن أبي طالب وصيك سيد الوصيين‪،‬‬
‫والحسن والحسين سبطاك سيد اَلسباط‪ ،‬وحمزة عمك سيد الشهداء‪ ،‬وجعفر ابن عمك‬
‫الطيار في الجنة يطير مع المالئكة حيث يشاء ومنكم القائم يصلي عيسى بن مريم‬
‫خلفه إذا أهبطه هللا إلى اَلرض من ذرية علي وفاطمة ومن ولد الحسين عليه‬
‫السالم‪.‬‬
‫‪37 -‬كشف الغمة ‪:‬وقع لي أربعون حديثا جمعها الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد‬
‫هللا رحمه هللا في أمر المهدي عليه السالم أوردتها سردا كما أوردها واقتصرت على‬
‫ذكر الراوي عن النبي صلى هللا عليه وآله‪.‬‬
‫اَلول‪ :‬عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى هللا عليه وآله أنه قال‪ :‬يكون من أمتي‬
‫المهدي إن قصر عمره فسبع سنين وإَّل فثمان وإَّل فتسع يتنعم أمتي في زمانه نعيما‬
‫لم يتنعموا مثله قط البر والفاجر يرسل السماء عليهم مد ار ار وَّل تدخر اَلرض شيئا‬
‫من نباتها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬في ذكر المهدي عليه السالم وأنه من عترة النبي صلى هللا عليه‬
‫‪41‬‬

‫وآله وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى هللا عليه وآله أنه قال‪ :‬تمال اَلرض‬
‫ظلما وجو ار فيقوم رجل من عترتي فيمالها قسطا وعدَّل يملك سبعا أو تسعا‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬وعنه قال‪ :‬قال النبي صلى هللا عليه وآله ‪َّ:‬ل تنقضي الساعة حتى يملك‬
‫اَلرض رجل من أهل بيتي يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت جو ار يملك سبع سنين‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬في قوله لفاطمة عليها السالم المهدي من ولدك‪ ،‬عن الزهري‪ ،‬عن علي ابن‬
‫الحسين‪ ،‬عن أبيه عليهما السالم أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال لفاطمة‪:‬‬
‫المهدي من ولدك‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬قوله صلى هللا عليه وآله إن منهما مهدي هذه اَلمة يعني الحسن والحسين‬
‫عليهما السالم عن علي بن هالل‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬دخلت على رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وآله وهو في الحالة التي قبض فيها فإذا فاطمة عند رأسه فبكت حتى ارتفع‬
‫صوتها فرفع رسول هللا صلى هللا عليه وآله إليها رأسه فقال‪ :‬حبيبتي فاطمة ما الذي‬
‫يبكيك؟ فقالت‪ :‬أخشى الضيعة من بعدك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫يا حبيبتي أما علمت أن هللا عز وجل اطلع على اَلرض اطالعة فاختار منها أباك‬
‫فبعثه برسالته ثم اطلع اطالعة فاختار منها بعلك وأوحى إلي أن أنكحك إياه يا‬
‫فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا هللا عز وجل سبع خصال لم يعط أحدا قبلنا وَّل‬
‫يعطي أحدا بعدنا‪ :‬أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على هللا عز وجل وأحب المخلوقين‬
‫إلى هللا عز وجل وأنا أبوك ووصيي خير اَلوصياء وأحبهم إلى هللا عز وجل وهو‬
‫بعلك وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلى هللا عز وجل وهو حمزة بن عبد المطلب عم‬
‫أبيك وعم بعلك ومنا من له جناحان يطير في الجنة مع المالئكة حيث يشاء وهو‬
‫ابن عم أبيك وأخو بعلك ومنا سبطا هذه اَلمة وهما ابناك الحسن والحسين وهما‬
‫سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما‪.‬‬
‫يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن منهما مهدي هذه اَلمة إذا صارت الدنيا هرجا‬
‫ومرجا وتظاهرت الفتن وانقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض فال كبير يرحم‬
‫صغي ار وَّل صغير يوقر كبي ار فيبعث هللا عند ذلك منهما من يفتح حصون الضاللة‬
‫وقلوبا غلفا يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في آخر الزمان ويمال اَلرض‬
‫عدَّل كما ملئت جو ار‪.‬‬
‫‪41‬‬

‫يا فاطمة َّل تحزني وَّل تبكي فإن هللا عز وجل أرحم بك وأرأف عليك مني وذلك‬
‫لمكانك مني وموقعك من قلبي قد زوجك هللا زوجك وهو أعظمهم حسبا وأكرمهم‬
‫منصبا وأرحمهم بالرعية وأعدلهم بالسوية وأبصرهم بالقضية وقد سألت ربي عز وجل‬
‫أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي قال علي عليه السالم ‪:‬لم تبق فاطمة بعده‬
‫إَّل خمسة وسبعين يوما حتى ألحقها هللا به عليه السالم‪.‬‬
‫السادس‪ :‬في أن المهدي هو الحسيني وبإسناده عن حذيفة رضي هللا عنه قال‪:‬‬
‫خطبنا رسول هللا صلى هللا عليه وآله فذكرنا ما هو كائن ثم قال‪ :‬لو لم يبق من الدنيا‬
‫إَّل يوم واحد لطول هللا عز وجل ذلك اليوم حتى يبعث رجال من ولدي اسمه اسمي‬
‫فقام سلمان ‪ -‬ره ‪ -‬فقال‪ :‬يا رسول هللا من أي ولدك هو؟ قال‪ :‬من ولدي هذا‪،‬‬
‫وضرب بيده على الحسين عليه السالم‪.‬‬
‫السابع‪ :‬في القرية التي يخرج منها المهدي وبإسناده عن عبد هللا بن عمر قال‪:‬‬
‫قال النبي صلى هللا عليه وآله ‪:‬يخرج المهدي من قرية يقال لها‪ :‬كرعة‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬في صفة وجه المهدي بإسناده عن حذيفة قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وآله‪:‬‬
‫المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬في صفة لونه وجسمه بإسناده عن حذيفة قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وآله‪:‬‬
‫المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي وجسمه جسم إسرائيلي على خده اَليمن خال‬
‫كأنه كوكب دري يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت جو ار يرضى في خالفته أهل اَلرض‬
‫وأهل السماء والطير في الجو‪.‬‬
‫العاشر‪ :‬في صفة جبينه بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وآله ‪:‬المهدي منا أجلى الجبين أقنى اَّلنف الحادي عشر‪ :‬في صفة أنفه‬
‫بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى هللا عليه وآله أنه قال‪ :‬المهدي منا‬
‫أهل البيت رجل من أمتي أشم اَّلنف يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت جو ار‪.‬‬
‫الثاني عشر‪ :‬في خاله على خده اَليمن وبإسناده عن أبي أمامة الباهلي قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬بينكم وبين الروم أربع هدن يوم الرابعة على يد‬
‫‪42‬‬

‫رجل من آل هرقل يدوم سبع سنين فقال له رجل من عبد القيس يقال له‪ :‬المستورد‬
‫بن غيالن‪ :‬يا رسول هللا من إمام الناس يومئذ؟ قال ‪:‬المهدي عليه السالم من ولدي‬
‫ابن أربعين سنة كأن وجهه كوكب دري في خده اَليمن خال أسود عليه عباءتان‬
‫قطريتان كأنه من رجال بني إسرائيل يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك‪.‬‬
‫الثالث عشر‪ :‬قوله عليه السالم المهدي أفرق الثنايا بإسناده عن عبد الرحمان بن‬
‫عوف قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬ليبعثن هللا من عترتي رجال أفرق‬
‫الثنايا أجلى الجبهة يمأل اَلرض عدَّل يفيض المال فيضا‪ .‬الرابع عشر‪ :‬في‬
‫ذكر المهدي عليه السالم وهو إمام صالح بإسناده عن أبي إمامة قال‪ :‬خطبنا رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وآله وذكر الدجال فقال‪ :‬فتنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير‬
‫خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخالص‪ ،‬فقالت أم شريك ‪:‬فأين العرب يومئذ يا‬
‫رسول هللا؟ قال‪ :‬هم قليال يومئذ وجلهم ببيت المقدس إمامهم المهدي رجل صالح‪.‬‬
‫الخامس عشر‪ :‬في ذكر المهدي عليه السالم وأن هللا يبعثه عيانا للناس بإسناده‬
‫عن أبي سعيد الخدري أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال‪ :‬يخرج المهدي في‬
‫أمتي يبعثه هللا عيانا للناس يتنعم اَلمة وتعيش الماشية وتخرج اَلرض نباتها ويعطي‬
‫المال صحاحا‪.‬‬
‫السادس عشر‪ :‬في قوله عليه السالم على رأسه غمامة وبإسناده‪ ،‬عن عبد هللا بن‬
‫عمر قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬يخرج المهدي وعلى رأسه غمامة فيها‬
‫مناد ينادي هذا المهدي خليفة هللا فاتبعوه‪.‬‬
‫السابع عشر‪ :‬في قوله صلى هللا عليه وآله على رأسه ملك وبإسناده عن عبد هللا بن‬
‫عمر قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي‪ :‬هذا‬
‫المهدي فاتبعوه‪.‬‬
‫الثامن عشر‪ :‬في بشارة النبي صلى هللا عليه وآله أمته بالمهدي بإسناده عن أبي‬
‫سعيد الخدري قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬أبشركم بالمهدي يبعث في‬
‫أمتي على اختالف من الناس وزَّلزل فيمأل اَلرض عدَّل وقسطا كما ملئت ظلما‬
‫وجو ار يرضى عنه ساكن السماء وساكن اَلرض يقسم المال صحاحا فقال له رجل‪:‬‬
‫‪43‬‬

‫وما صحاحا؟ قال‪ :‬السوية بين الناس‪.‬‬


‫التاسع عشر‪ :‬في اسم المهدي عليه السالم وبإسناده عن عبد هللا بن عمر قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪َّ:‬ل يقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي‬
‫يواطئ اسمه اسمي يمأل اَلرض عدَّل وقسطا وكما ملئت ظلما وجو ار‪.‬‬
‫العشرون‪ :‬في كنيته عليه السالم وبإسناده عن حذيفة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وآله‪:‬‬
‫لو لم يبق من الدنيا إَّل يوم واحد لبعث هللا فيه رجال اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنى‬
‫أبا عبد هللا عليه السالم‪.‬‬
‫الحادي والعشرون‪ :‬في ذكر اسمه وبإسناده عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وآله‪:‬‬
‫َّل يذهب الدنيا حتى يبعث هللا رجال من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم‬
‫أبي يمالها قسطا وعدَّل كما ملئت جو ار وظلما‪.‬‬
‫الثاني والعشرون‪ :‬في ذكر عدله عليه السالم وبإسناده عن أبي سعيد الخدري قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬لتمألن اَلرض ظلما وعدوانا ثم ليخرجن رجل‬
‫من أهل بيتي حتى يمالها قسطا وعدَّل كما ملئت جو ار (عدوانا) وظلما‪.‬‬
‫الثالث والعشرون‪ :‬في خلقه وبإسناده عن زر‪ ،‬عن عبد هللا قال‪ :‬قال رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وآله ‪:‬يخرج رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي يمالها‬
‫قسطا وعدَّل‪.‬‬
‫الرابع والعشرون‪ :‬في عطائه عليه السالم بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬يكون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن‬
‫رجل يقال له‪:‬‬
‫المهدي يكون عطاؤه هنيئا‪.‬‬
‫الخامس والعشرون‪ :‬في ذكر المهدي عليه السالم وعلمه بسنة النبي صلى هللا عليه‬
‫وآله بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬يخرج‬
‫رجل من أهل بيتي و يعمل بسنتي وينزل هللا له البركة من السماء وتخرج اَلرض‬
‫بركتها وتمال به اَلرض عدَّل كما ملئت ظلما وجورا‪ ،‬ويعمل على هذه اَلمة سبع‬
‫‪44‬‬

‫سنين وينزل بيت المقدس‪.‬‬


‫السادس والعشرون‪ :‬في مجيئه وراياته وبإسناده عن ثوبان أنه قال‪ :‬قال رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله ‪:‬إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبوا‬
‫على الثلج فان فيها خليفة هللا المهدي‪.‬‬
‫السابع والعشرون‪ :‬في مجيئه من قبل المشرق وبإسناده عن عبد هللا قال‪:‬‬
‫بينا نحن عند رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬إذا أقبلت فتية من بني هاشم فلما‬
‫رآهم النبي صلى هللا عليه وآله اغرورقت عيناه وتغير لونه‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول هللا ما‬
‫نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه؟ فقال‪ :‬إنا أهل بيت اختار هللا لنا اآلخرة على الدنيا‬
‫وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بالء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق‬
‫ومعهم رايات سود فيسألون الحق فال يعطونه فيقاتلون وينصرون فيعطون ما سألوا‬
‫فال يقبلون حتى يدفعوه إلى رجل من أهل بيتي فيمالها قسطا كما مألوها جو ار فمن‬
‫أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج‪.‬‬
‫الثامن والعشرون‪ :‬في مجيئه عليه السالم وعود اَّلسالم به عزي از وبإسناده عن حذيفة‬
‫قال‪ :‬سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقول‪ :‬ويح هذه اَلمة من ملوك جبابرة‬
‫كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إَّل من أظهر طاعتهم فالمؤمن النقي يصانعهم‬
‫بلسانه‪ ،‬ويفر منهم بقلبه فإذا أراد هللا عز وجل أن يعيد اَّلسالم عزي از قصم كل جبار‬
‫عنيد وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أمة بعد فسادها فقال عليه السالم‪ :‬يا‬
‫حذيفة لو لم يبق من الدنيا إَّل يوم واحد لطول هللا ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل‬
‫بيتي تجري المالحم على يديه ويظهر اَّلسالم َّل يخلف وعده وهو سريع الحساب‪.‬‬
‫التاسع والعشرون‪ :‬في تنعم اَلمة في زمن المهدي عليه السالم وبإسناده عن أبي‬
‫سعيد الخدري عن النبي صلى هللا عليه وآله قال‪ :‬يتنعم أمتي في زمن المهدي عليه‬
‫السالم نعمة لم يتنعموا قبلها قط‪ :‬يرسل السماء عليهم مد ار ار وَّل تدع اَلرض شيئا من‬
‫نباتها إَّل أخرجته‪.‬‬
‫الثالثون‪ :‬في ذكر المهدي وهو سيد من سادات الجنة وبإسناده عن أنس بن مالك‬
‫أنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬نحن بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة‬
‫أنا وأخي علي وعمي حمزة وجعفر والحسن والحسين والمهدي‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫الحادي والثالثون‪ :‬في ملكه وبإسناده عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وآله‪:‬‬
‫لو لم يبق من الدنيا إَّل ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي‪.‬‬
‫الثاني والثالثون‪ :‬في خالفته وبإسناده عن ثوبان قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وآله‪:‬‬
‫يقتل عند كنزكم ثالثة كلهم ابن خليفة ثم َّل يصير إلى واحد منهم ثم تجئ الرايات‬
‫السود فيقتلونهم قتال لم يقتله قوم ثم يجيئ خليفة هللا المهدي فإذا سمعتم به فأتوه‬
‫فبايعوه فإنه خليفة هللا المهدى‪ .‬الثالث والثالثون‪ :‬في قوله عليه السالم إذا سمعتم‬
‫بالمهدي فأتوه فبايعوه وبإسناده عن ثوبان قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬‬
‫تجيئ الرايات السود من قبل المشرق كأن قلوبهم زبر الحديد فمن سمع بهم فليأتهم‬
‫فبايعهم ولو حبوا على الثلج‪.‬‬
‫الرابع والثالثون‪ :‬في ذكر المهدي وبه يؤلف هللا بين قلوب العباد وبإسناده عن علي‬
‫بن أبي طالب عليه السالم قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول هللا صلى هللا عليه وآله أمنا آل‬
‫محمد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪َّ:‬ل بل منا يختم هللا‬
‫به الدين كما فتح بنا‪ ،‬وبنا ينقذون من الفتن كما أنقذوا من الشرك وبنا يؤلف هللا بين‬
‫قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم‪.‬‬
‫الخامس والثالثون‪ :‬في قوله عليه السالم َّل خير في العيش بعد المهدي عليه‬
‫السالم و بإسناده عن عبد هللا بن مسعود قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬لو‬
‫لم يبق من الدنيا إَّل ليلة لطول هللا تلك الليلة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ‬
‫اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يمالها قسطا وعدَّل كما ملئت ظلما وجو ار ويقسم‬
‫المال بالسوية ويجعل هللا الغنى في قلوب هذه اَلمة فيملك سبعا أو تسعا َّل خير في‬
‫العيش بعد المهدي‪.‬‬
‫السادس والثالثون‪ :‬في ذكر المهدي وبيده تفتح القسطنطينية وبإسناده عن أبي‬
‫هريرة عن النبي صلى هللا عليه وآله قال‪َّ :‬ل تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل‬
‫بيتي يفتح القسطنطينية وجبل الديلم ولو لم يبق إَّل يوم واحد لطول هللا ذلك اليوم‬
‫حتى يفتحها‪.‬‬
‫‪46‬‬

‫السابع والثالثون‪ :‬في ذكر المهدي وهو يجئ بعد ملوك جبابرة وبإسناده عن قيس بن‬
‫جابر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال‪ :‬سيكون بعدي‬
‫خلفاء ومن بعد الخلفاء امراء ومن بعد اَلمراء ملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل‬
‫بيتي يمأل اَلرض عدَّل كما ملئت جو ار‪.‬‬
‫الثامن والثالثون‪ :‬في قوله عليه السالم منا الذي يصلي عيسى بن مريم عليه‬
‫السالم خلفه وبإسناده عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وآله ‪:‬منا الذي يصلي عيسى ابن مريم عليه السالم خلفه‪ .‬التاسع والثالثون‪ :‬وهو‬
‫يكلم عيسى بن مريم عليه السالم وبإسناده عن جابر بن عبد هللا قال‪ :‬قال رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله ‪:‬ينزل عيسى بن مريم عليه السالم فيقول أميرهم المهدي‪:‬‬
‫تعال صل بنا فيقول‪ :‬أَّل إن بعضكم على بعض امراء تكرمة من هللا عز وجل لهذه‬
‫اَلمة‪.‬‬
‫اَلربعون‪ :‬في قوله صلى هللا عليه وآله في المهدي عليه السالم وبإسناده يرفعه‬
‫إلى محمد بن إبراهيم اَّلمام حدثه أن أبا جعفر المنصور حدثه عن أبيه‪ ،‬عن جده‪،‬‬
‫عن عبد هللا بن العباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬‬
‫لن تهلك أمة أنا في أولها و عيسى بن مريم في آخرها والمهدي في وسطها‪.‬‬
‫بيان‪ :‬جسمه جسم إسرائيلي أي مثل بني إس ارئيل في طول القامة وعظم الجثة وقال‬
‫الجزري‪ :‬في صفة المهدي عليه السالم أنه أجلى الجبهة اَلجلى الخفيف شعر ما‬
‫بين النزعتين من الصدغين والذي انحسر الشعر عن جبهته وقال الشمم ارتفاع‬
‫قصبة اَّلنف واستواء أعالها وإشراف اَلرنبة قليال وقال‪ :‬فيه إنه عليه السالم كان‬
‫متوشحا بثوب قطري هو ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعالم فيها بعض الخشونة‬
‫وقيل هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين‪.‬‬

‫كشف الغمة ‪:‬ذكر الشيخ أبو عبد هللا عليه السالم محمد بن يوسف بن محمد‬
‫الشافعي في كتاب كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب وقال في أوله‪ :‬إني‬
‫جمعت هذا الكتاب وعريته من طرق الشيعة ليكون اَّلحتجاج به آكد فقال‪:‬‬
‫في المهدي عليه السالم‪.‬‬
‫‪47‬‬

‫الباب اَلول في ذكر خروجه في آخر الزمان بإسناده عن زر‪ ،‬عن عبد هللا قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪َّ:‬ل تذهب الدنيا حتى تملك العرب رجل من أهل‬
‫بيتي يواطئ اسمه اسمي أخرجه أبو داود في سننه‪.‬‬
‫وعن علي عن النبي عليه السالم لو لم يبق من الدنيا إَّل يوم لبعث هللا رجال من أهل‬
‫بيتي يمالها عدَّل كما ملئت جو ار هكذا أخرجه أبو داود في سننه‪.‬‬
‫وأخبرنا الحافظ إبراهيم بن محمد اَلزهر الصريفيني بدمشق والحافظ محمد بن عبد‬
‫الواحد المقدسي بجامع جبل قاسبون قاَّل‪ :‬أنبأنا أبو الفتح نصر بن عبد الجامع‬
‫ابن عبد الرحمان الفامي بهرات‪ ،‬أنبأنا محمد بن عبد هللا بن محمود الطائي أنبأنا‬
‫عيسى بن شعيب بن إسحاق السجزي أنبأنا أبو الحسن علي بن بشرى السجزي أنبأنا‬
‫الحافظ أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم اآلبري في كتاب مناقب‬
‫الشافعي ذكر هذا الحديث وقال فيه‪ :‬وزاد زائدة هذه الزيادة ليست مخصوصة بحديث‬
‫زائدة‪ ،‬عن زر‪ ،‬عن عبد هللا‪ ،‬بل رواه غيره أيضا كما مر عليك في هذا الباب وقد‬
‫رواه أبو داود في سننه عن فطر وغيره والظاهر أنهم أرادوا أن يحرفوا الحديث‬
‫إلى محمد بن عبد هللا المهدى العباسي ولذلك تراهم يقولون في بعض اَلحاديث‪:‬‬
‫وكنيته أبو عبد هللا في روايته‪ :‬لو لم يبق من الدنيا إَّل يوم لطول هللا ذلك اليوم‬
‫حتى يبعث هللا فيه رجال مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم‬
‫أبي يمأل اَلرض قسطا وعدَّل كما ملئت ظلما وجو ار‪.‬‬
‫قال الكنجي‪ :‬وقد ذكر الترمذي الحديث في جامعه ولم يذكر " واسم أبيه اسم أبي "‬
‫وذكره أبو داود وفي معظم روايات الحفاظ والثقات من نقله اَّلخبار " اسمه اسمي "‬
‫فقط والذي روى " واسم أبيه اسم أبي " فهو زائدة وهو يزيد في الحديث و إن صح‬
‫فمعناه " واسم أبيه اسم أبي " أي الحسين وكنيته أبو عبد هللا فجعل الكنية اسما كناية‬
‫عن أنه من ولد الحسين دون الحسن ويحتمل أن يكون الراوي توهم قوله " ابني "‬
‫فصحفه فقال‪ " :‬أبي " فوجب حمله على هذا جمعا بين الروايات‪.‬‬
‫قال علي بن عيسى عفا هللا عنه‪ :‬أما أصحابنا الشيعة فال يصححون هذا الحديث‬
‫لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه عليه السالم وأما الجمهور فقد نقلوا أن زائدة كان‬
‫يزيد في اَلحاديث فوجب المصير إلى أنه من زيادته ليكون جمعا بين اَلقوال‬
‫‪48‬‬

‫والروايات‪.‬‬
‫الباب الثاني في قوله صلى هللا عليه وآله المهدي من عترتي من ولد فاطمة عن‬
‫سعيد بن المسيب قال‪ :‬كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي فقالت‪ :‬سمعت رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله يقول‪ :‬المهدي من عترتي من ولد فاطمة أخرجه ابن ماجة في‬
‫سننه وعنه عنها رضي هللا عنهما قال‪ :‬سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقول‪:‬‬
‫المهدي من عترتي من ولد فاطمة عليها السالم أخرجه الحافظ أبو داود في سننه‬
‫وعن علي عليه السالم قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله‪:‬‬
‫المهدي منا أهل البيت عليهم السالم يصلحه هللا في ليلة‪.‬‬

‫الباب الثالث في أن المهدي من سادات أهل الجنة عن أنس بن مالك قال‪:‬‬


‫سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقول‪ :‬نحن ولد عبد المطلب سادات أهل الجنة‬
‫أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي أخرجه ابن ماجة في صحيحه‪.‬‬
‫الباب الرابع في أمر النبي صلى هللا عليه وآله بمبايعة المهدي عليه السالم عن‬
‫ثوبان قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬يقتل عند كنزكم ثالثة كلهم ابن خليفة ثم َّل‬
‫يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتال‬
‫لم يقتله قوم ثم ذكر شيئا َّل أحفظه قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬فإذا رأيتموه‬
‫فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة هللا المهدي أخرجه الحافظ ابن ماجة‪.‬‬
‫الباب الخامس في ذكر نصرة أهل المشرق للمهدي عليه السالم عن عبد هللا بن‬
‫الحارث بن جزء الزبيدي قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬يخرج (ا) ناس من‬
‫المشرق فيوطئون للمهدي يعني سلطانه‪ .‬هذا حديث حسن صحيح‬
‫روته الثقات واَّلثبات أخرجه الحافظ أبو عبد هللا بن ماجة القزويني في سننه‪.‬‬
‫وعن علقمة بن عبد هللا قال‪ :‬بينما نحن عند رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬إذ أقبل‬
‫فتية من بني هاشم فلما رآهم النبي صلى هللا عليه وآله اغرورقت عيناه وتغير لونه‬
‫قال‪ :‬فقلنا‪:‬‬
‫ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه قال‪ :‬إنا أهل بيت اختار هللا لنا اآلخرة على الدنيا‬
‫‪49‬‬

‫وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بالء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق‬
‫ومعهم رايات سود فيسألون الخير وَّل يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا‬
‫وَّل يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيمالها قسطا وعدَّل كما ملؤوها‬
‫جو ار فمن أدرك ذلكم منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج‪.‬‬
‫وروى ابن أعثم الكوفي في كتاب الفتوح عن أمير المؤمنين عليه السالم أنه قال‪:‬‬
‫ويحا للطالقان فإن هللا عز وجل بها كنو از ليست من ذهب وَّل فضة ولكن بها رجال‬
‫مؤمنون عرفوا هللا حق معرفته وهم أيضا أنصار المهدي في آخر الزمان‪.‬‬
‫الباب السادس في مقدار ملكه بعد ظهوره عليه السالم عن أبي سعيد الخدري قال‪:‬‬
‫خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي هللا صلى هللا عليه وآله فقال‪ :‬إن في أمتي‬
‫المهدي يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا زيد الشاك‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلنا وما ذاك؟ قال‪ :‬سنين‪ .‬قال‪ :‬فيجئ إليه الرجل فيقول‪ :‬يا مهدي أعطني قال‪:‬‬
‫فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله قال الحافظ الترمذي‪ :‬حديث حسن وقد روي‬
‫من غير وجه أبي سعيد عن النبي صلى هللا عليه وآله وعن أبي سعيد أن النبي‬
‫صلى هللا عليه وآله قال‪ :‬يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإَّل فتسع يتنعم فيه‬
‫أمتي نعمة لم يتنعموا مثلها قط تؤتي اَلرض اكلها وَّل تدخر منهم شيئا والمال يومئذ‬
‫كدوس يقوم الرجل فيقول‪ :‬يا مهدي أعطني فيقول‪ :‬خذ‪.‬‬
‫وعن أم سلمة زوج النبي صلى هللا عليه وآله قال‪ :‬يكون اختالف عند موت خليفة‬
‫فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو‬
‫كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث الشام فتنخسف بهم البيداء‬
‫بين مكة والمدينة فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه‬
‫ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم و ذلك بعث‬
‫كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله ويلقى اَّلسالم بجرانه إلى اَلرض فيلبث سبع سنين ثم يتوفى‬
‫ويصلي عليه المسلمون‪.‬‬
‫قال أبو داود‪ :‬قال بعضهم عن هشام‪ :‬تسع سنين قال أبو داود‪ :‬قال غير معاذ عن‬
‫هشام‪ :‬تسع سنين قال‪ :‬هذا سياق الحفاظ كالترمذي وابن ماجة القزويني و أبي داود‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫الباب السابع في بيان أنه يصلي بعيسى بن مريم عليه السالم أبو هريرة قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟‬
‫قال‪:‬‬
‫هذا حديث حسن صحيح متفق على صحته من حديث محمد بن شهاب الزهري رواه‬
‫البخاري ومسلم في صحيحيهما‪ .‬وعن جابر بن عبد هللا قال‪ :‬سمعت رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وآله يقول‪َّ :‬ل تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم‬
‫القيامة قال‪:‬‬
‫فينزل عيسى بن مريم عليه السالم فيقول أميرهم‪ :‬تعال صل بنا فيقول‪ :‬أَّل إن‬
‫بعضكم على بعض امراء تكرمة هللا لهذه اَلمة‪.‬‬
‫قال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه فإن كان الحديث المتقدم قد‬
‫أول فهذا َّل يمكن تأويله َلنه صريح فان عيسى عليه السالم يقدم أمير المسلمين‬
‫وهو يومئذ المهدي عليه السالم فعلى هذا بطل تأويل من قال‪ :‬معنى قوله و إمامكم‬
‫منكم‪ ،‬أي يؤمكم بكتابكم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فان سأل سائل وقال‪ :‬مع صحة هذه اَلخبار وهي أن عيسى يصلي‬
‫خلف المهدي عليه السالم ويجاهد بين يديه وأنه يقتل الدجال بين يدي المهدي عليه‬
‫السالم ورتبة التقدم في الصالة معروفة وكذلك رتبة التقدم في الجهاد وهذه اَلخبار‬
‫مما يثبت طرقها وصحتها عند السنة وكذلك ترويها الشيعة على السواء وهذا هو‬
‫اَّلجماع من كافة أهل اَّلسالم إذ من عدا الشيعة والسنة من الفرق فقوله ساقط‬
‫مردود وحشو مطرح فثبت أن هذا إجماع كافة أهل اَّلسالم ومع ثبوت اَّلجماع على‬
‫ذلك وصحته فأيما أفضل اَّلمام أو المأموم في الصالة والجهاد معا‪.‬‬
‫الجواب عن ذلك أن نقول‪ :‬هما قدوتان نبي وإمام وإن كان أحدهما قدوة لصاحبه في‬
‫حال اجتماعهما وهو اَّلمام يكون قدوة للنبي في تلك الحال وليس فيهما من يأخذه‬
‫في هللا لومة َّلئم وهما أيضا معصومان من ارتكاب القبايح كافة و المداهنة‬
‫والرياء والنفاق وَّل يدعو الداعي َلحدهما إلى فعل ما يكون خارجا عن حكم الشريعة‬
‫وَّل مخالفا لمراد هللا ورسوله صلى هللا عليه وآله‪.‬‬
‫وإذا كان اَّلمر كذلك فاَّلمام أفضل من المأموم لموضع ورود الشريعة المحمدية‬
‫‪51‬‬

‫بذلك بدليل قول النبي صلى هللا عليه وآله ‪:‬يؤم بالقوم أقرؤهم فان استووا فأعلمهم فان‬
‫استووا فأفقههم فان استووا فأقدمهم هجرة فان استووا فأصبحهم وجها فلو علم‬
‫اْلمام أن عيسى أفضل منه لما جاز له أن يتقدم عليه َّلحكامه علم الشريعة‬
‫ولموضع تنزيه هللا تعالى له عن ارتكاب كل مكروه وكذلك لو علم عيسى أنه أفضل‬
‫منه لما جاز له أن يقتدي به لموضع تنزيه هللا له من الرياء والنفاق والمحاباة بل لما‬
‫تحقق اَّلمام أنه أعلم منه جاز له أن يتقدم عليه وكذلك قد تحقق عيسى أن اَّلمام‬
‫أعلم منه فلذلك قدمه وصلى خلفه‪ ،‬ولوَّل ذلك لم يسعه اَّلقتداء باَّلمام فهذه درجة‬
‫الفضل‪.‬‬
‫في الصالة‪.‬‬
‫ثم الجهاد هو بذل النفس بين يدي من يرغب إلى هللا تعالى بذلك ولوَّل ذلك لم يصح‬
‫َّلحد جهاد بين يدي رسول هللا صلى هللا عليه وآله وَّل بين يدي غيره والدليل على‬
‫صحة ما ذهبنا إليه قول هللا سبحانه وتعالى " إن هللا اشترى من المؤمنين أنفسهم‬
‫وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل هللا فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في‬
‫التوراة واْلنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من هللا؟ فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و‬
‫ذلك هو الفوز العظيم " براءة‪.338 :‬‬

‫وَّلن اَّلمام نائب الرسول في أمته وَّل يسوغ لعيسى عليه السالم أن يتقدم على‬
‫الرسول فكذلك على نائبه‪.‬‬
‫ومما يؤيد هذا القول ما رواه الحافظ أبو عبد هللا محمد بن يزيد بن ماجة القزويني في‬
‫حديث طويل في نزول عيسى عليه السالم فمن ذلك‪ :‬قالت أم شريك بنت أبي‬
‫العكر‪:‬‬
‫يا رسول هللا فأين العرب يومئذ؟ فقال‪ :‬هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم قد‬
‫تقدم يصلي بهم الصبح إذا نزل بهم عيسى بن مريم عليه السالم فرجع ذلك اَّلمام‬
‫ينكص يمشي القهقري ليتقدم عيسى عليه السالم يصلي بالناس فيضع عيسى عليه‬
‫السالم يده بين كتفيه ثم يقول له‪ :‬تقدم‪.‬‬
‫قال‪ :‬هذا حديث صحيح ثابت ذكره ابن ماجة في كتابه عن أبي أمامة الباهلي قال‪:‬‬
‫‪52‬‬

‫خطبنا رسول هللا صلى هللا عليه وآله وهذا مختصره‪.‬‬


‫الباب الثامن في تحلية النبي صلى هللا عليه وآله المهدي عن أبي سعيد‬
‫الخدري قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬المهدي مني أجلى الجبهة أقنى اَّلنف يمأل‬
‫اَلرض قسطا وعدَّل كما ملئت جو ار وظلما يملك سبع سنين‪ ،‬قال‪ :‬هذا حديث حسن‬
‫صحيح أخرجه الحافظ أبو داود السجستاني في صحيحه ورواه غيره من‬
‫الحفاظ كالطبراني وغيره وذكر ابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس في باب‬
‫اَللف والالم باسناده عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬‬
‫المهدي طاووس أهل الجنة‪.‬‬
‫وباسناده أيضا عن حذيفة بن اليمان‪ ،‬عن النبي صلى هللا عليه وآله أنه قال‪ :‬المهدي‬
‫من ولدي وجهه كالقمر الدري اللون لون عربي الجسم جسم إسرائيلي يمأل اَلرض‬
‫عدَّل كما ملئت جو ار يرضى بخالفته أهل السماوات وأهل اَلرض والطير في الجو‬
‫يملك عشرين سنة‪.‬‬
‫الباب التاسع في تصريح النبي صلى هللا عليه وآله بأن المهدي من ولد الحسين عليه‬
‫السالم عن أبي هارون العبدي قال‪ :‬أتيت أبا سعيد الخدري فقلت له‪ :‬هل شهدت‬
‫بدرا؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقلت‪ :‬أَّل تحدثني بشئ مما سمعته من رسول هللا صلى هللا عليه وآله في‬
‫علي وفضله؟‬
‫فقال‪ :‬نعم أخبرك إن رسول هللا صلى هللا عليه وآله مرض مرضة نقه منها فدخلت‬
‫عليه فاطمة تعوده وأنا جالس عن يمين النبي صلى هللا عليه وآله فلما رأت‬
‫ما برسول هللا صلى هللا عليه وآله من الضعف خنقتها العبرة حتى بدت دموعها على‬
‫خدها فقال لها رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت‪ :‬أخشى‬
‫الضيعة يا رسول هللا‪ ،‬فقال‪ :‬يا فاطمة أما علمت أن هللا تعالى اطلع إلى اَلرض‬
‫اطالعة فاختار منهم أباك فبعثه نبيا ثم اطلع ثانية فاختار منهم بعلك فأوحى إلي‬
‫فأنكحته واتخذته وصيا أما علمت أنك بكرامة هللا إياك زوجك أغزرهم علما وأكثرهم‬
‫حلما وأقدمهم سلما فاستبشرت فأراد رسول هللا صلى هللا عليه وآله أن يزيدها مزيد‬
‫‪53‬‬

‫الخير كله الذي قسمه هللا لمحمد وآل محمد فقال لها‪ :‬يا فاطمة ولعلي عليه‬
‫السالم ثمانية أضراس يعني مناقب إيمان باّلل ورسوله وحكمته وزوجته وسبطاه‬
‫الحسن والحسين وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر يا فاطمة إنا أهل البيت أعطينا‬
‫ست خصال لم يعطها أحد من اَلولين وَّل يدركها أحد من اآلخرين غيرنا نبينا خير‬
‫اَلنبياء وهو أبوك ووصينا خير اَلوصياء وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وهو‬
‫حمزة عم أبيك ومنا سبطا هذه اَلمة وهما ابناك ومنا مهدي اَلمة الذي يصلي‬
‫عيسى خلفه ثم ضرب على منكب الحسين فقال‪ :‬من هذا مهدي اَلمة قال‪ :‬هكذا‬
‫أخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل‪.‬‬
‫الباب العاشر في ذكر كرم المهدي عليه السالم وبإسناده عن أبي نضرة قال‪ :‬كنا‬
‫عند جابر بن عبد هللا فقال‪ :‬يوشك أهل العراق أن َّل يجبى إليهم قفيز وَّل درهم قلنا‬
‫من أين ذاك؟ قال‪ :‬من قبل العجم يمنعون ذاك ثم قال‪ :‬يوشك أهل الشام أن َّل يجبى‬
‫إليهم دينار وَّل مد قلنا‪ :‬من أين ذاك؟ قال‪ :‬من قبل الروم ثم سكت هنيهة ثم قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا َّل‬
‫يعده عدا قال‪ :‬قلت َلبي نضرة وأبي العالء الرياني‪ :‬إنه عمر بن عبد العزيز؟‬
‫قال‪َّ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه وبإسناده عن أبي‬
‫نضرة عن أبي سعيد قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬من خلفائكم خليفة‬
‫يحثو المال حثيا َّل يعده عدا قال‪ :‬هذا حديث ثابت صحيح أخرجه الحافظ مسلم في‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫وعن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬أبشركم بالمهدي‬
‫يبعث في أمتي على اختالف من الناس وزَّلزل يمأل اَلرض قسطا وعدَّل كما ملئت‬
‫جو ار وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن اَلرض يقسم المال صحاحا فقال‬
‫رجل‪:‬‬
‫ما صحاحا؟ قال‪ :‬بالسوية بين الناس‪ ،‬ويمال هللا قلوب أمة محمد صلى هللا عليه‬
‫وآله غنا ويسعهم عدله حتى يأمر مناديا ينادي يقول‪ :‬من له في المال حاجة؟ فما‬
‫يقوم من الناس إَّل رجل واحد فيقول‪ :‬أنا‪ .‬فيقول‪ :‬ائت السدان يعني الخازن فقل له‪:‬‬
‫إن المهدي يأمرك أن تعطيني ماَّل فيقول له‪ :‬احث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه‬
‫‪54‬‬

‫ندم فيقول‪ :‬كنت أجشع أمة محمد نفسا أعجز عما وسعهم فيرده وَّل يقبل منه فيقال‬
‫له‪ :‬إنا َّل نأخذ شيئا أعطيناه فيكون لذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم‬
‫َّل خير في العيش بعده أو قال‪ :‬ثم َّل خير في الحياة بعده‪ .‬قال‪ :‬هذا حديث صحيح‬
‫حسن ثابت أخرجه شيخ أهل الحديث في مسنده وفي هذا الحديث دَّللة على أن‬
‫المجمل في صحيح مسلم هو هذا المبين في مسند أحمد بن حنبل وفقا بين الروايات‪.‬‬
‫وبإسناده عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬يكون عند‬
‫انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له‪ :‬المهدي (يكون) عطاؤه هنيئا‪.‬‬
‫قال‪:‬‬
‫حديث حسن أخرجه أبو نعيم الحافظ‪.‬‬
‫الباب الحادي عشر في الرد على من زعم أن المهدي هو المسيح بن مريم وبإسناده‬
‫عن علي بن أبي طالب عليه السالم قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وآله أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪َّ:‬ل بل‬
‫منا يختم هللا به الدين كما فتح بنا وبنا ينقذون من الفتنة كما أنقذوا من الشرك وبنا‬
‫يؤلف هللا بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك وبنا‬
‫يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم‪.‬‬
‫قال‪ :‬هذا حديث حسن عال رواه الحفاظ في كتبهم فأما الطبراني فقد ذكره في المعجم‬
‫اَلوسط وأما أبو نعيم فرواه في حلية اَلولياء وأما عبد الرحمان بن حماد فقد ساقه‬
‫في عواليه‪.‬‬
‫وعن جابر قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬ينزل عيسى بن مريم فيقول‬
‫أميرهم المهدي‪ :‬تعال صل بنا فيقول أَّل إن بعضكم على بعض امراء تكرمة هللا‬
‫تعالى هذه اَلمة قال‪ :‬هذا حديث صحيح حسن رواه الحارث بن أبي أسامة في‬
‫مسنده ورواه الحافظ أبو نعيم في عواليه وفي هذه النصوص دَّللة على أن المهدي‬
‫غير عيسى‪.‬‬
‫اعلم أن المحدثين متفقون على صحة حديث خروج المهدي فقد صرح الحافظ ابن‬
‫حجر بثبوته والحافظ السيوطي بل قال إنه متواتر توات ار معنويا وأكثر اَلئمة الذين‬
‫ألفوا في الحديث أو خلق كثير منهم وضعوا ترجمة لخروجه بل أفرد عدة منهم‬
‫‪55‬‬

‫التأليف في أخباره كالحافظ نعيم بن حماد والسيوطي ‪ ،‬وَّل عبرة بطعن أناس ليسوا‬
‫من المحدثين في ذلك ‪ .‬فإن عدد من روى حديث المهدي ‪ 12‬نفسا منهم ‪11‬‬
‫صحابة و‪ 6‬تابعيون ‪ ،‬ومن جملة ما ورد في المهدي‬

‫َّللاُ أعألي ِه أو أسهل أم‪:‬‬


‫صهلى ه‬ ‫اَّل‪ :‬أقال رسول ه ِ‬
‫َّللا أ‬ ‫أ أُ ُ‬ ‫َّللاِ أق أ‬
‫أعن أِبي أس ِع ٍيد أو أجاِب ِر ب ِن أعب ِد ه‬
‫ال أوأَّل أي ُع ُّدهُ ‪ -‬رواه مسلم‬ ‫ِ‬ ‫الزم ِ ِ‬‫ِ ِِ ه‬
‫ان أخل أيف ٌة أيقس ُم ال أم أ‬ ‫أي ُكو ُن في آخر أ‬
‫ال ألو ألم أيب أق ِمن ُّ‬
‫الدنأيا ِإ هَّل أيوٌم‬ ‫ِ ه‬ ‫صهلى ه‬ ‫هِ‬ ‫عن عب ِد ه ِ‬
‫َّللاُ أعأليه أو أسل أم أق أ‬ ‫َّللا أعن النب ِي أ‬ ‫أ أ‬
‫يه أر ُج ًال ِمِني أأو‬ ‫َّللا أذلِك اليوم ثُ هم اتهأفُقوا حتهى يبع أث ِف ِ‬ ‫ال أزِائ أدةُ ِفي أح ِد ِيث ِه أل أ‬
‫أ أأ‬ ‫طهو أل ه ُ أ أ أ‬ ‫أق أ‬
‫يث ِفط ٍر أيم أألُ‬ ‫يه اسم أِبي زاد ِفي ح ِد ِ‬ ‫اطئ اسمه اس ِمي واسم أِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أ‬ ‫أأ‬ ‫ُ‬ ‫أ ُ‬ ‫من أأهل أبيتي ُي أو ُ ُ ُ‬
‫ان أَّل تأذ أه ُب أأو‬ ‫ظلما وجو ار وأق ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِقس ً‬
‫ال في أحديث ُسفأي أ‬ ‫طا أو أعد ًَّل أك أما ُملأئت ُ ً أ أ ً أ أ‬ ‫اَلأر أ‬
‫اطئُ اس ُم ُه اس ِمي ‪.‬‬ ‫الدنيا حتهى يملِك العرب رجل ِمن أأه ِل بيِتي يو ِ‬ ‫ِ‬
‫ُأ‬ ‫أ‬ ‫أَّل تأنأقضي ُّ أ أ أ أ أ أ أ أ ُ ٌ‬
‫رواه أ ُأبو أد ُاود‬

‫َّللاُ أعألي ِه أو أسهل أم ال أمه ِد ُّي ِمِني‬


‫صهلى ه‬ ‫عن أِبي س ِع ٍيد الخد ِرِي أقال أقال رسول ه ِ‬
‫َّللا أ‬ ‫أ أ أُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ظل ًما أيملِ ُك‬
‫طا أو أعد ًَّل أك أما ُملِأئت أجوًار أو ُ‬‫ض ِقس ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أأجألى ال أجب أهة أأقأنى اَلأنف أيم أألُ اَلأر أ‬
‫أسب أع ِسِني أن ‪ -‬رواه أبو داود‬

‫َّللاُ أعألي ِه أو أسهل أم أي ُكو ُن ِمن أُ همِتي‬


‫صهلى ه‬ ‫أعن أِبي س ِع ٍيد ال ُخد ِر هي أقال أق هِ‬
‫ال النب ُّي أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬
‫ين أأو ِتس أع‬ ‫طال عمره أأو أقصر عمره عاش سبع ِسِنين أأو ثأم ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان سن أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُ أ ُ ُُ أ أ أ أ‬ ‫ال أمهد ُّي أفإن أ أ ُ ُ ُ‬
‫اء أقط أرأها ‪ -‬رواه‬ ‫ض أنأباتأ أها أوتُم ِط ُر ه‬
‫الس أم ُ‬ ‫ض ِقس ً‬
‫طا أو أعد ًَّل أوتُخ ِرُج اَلأر ُ‬ ‫ين أيم أألُ اَلأر أ‬
‫ِِ‬
‫سن أ‬
‫أحمد‬

‫ِ ه‬ ‫صهلى ه‬ ‫أن رسول ه ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬


‫ظل ًما أو أجوًار‬
‫ض ُ‬ ‫ال تُم أألُ اَلأر ُ‬‫َّللاُ أعأليه أو أسل أم أق أ‬ ‫َّللا أ‬ ‫أعن أبي أسعيد أ ه أ ُ أ‬
‫ض ِقس ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫طا أو أعد ًَّل ‪ -‬رواه‬ ‫ثُ هم أيخ ُرُج أر ُج ٌل من عت أرِتي أيمل ُك أسب ًعا أأو تس ًعا أفأيم أألُ اَلأر أ‬
‫أحمد‬

‫اعةُ‬ ‫َّللاُ أعألي ِه أو أسهل أم أَّل تأُقوُم ه‬


‫الس أ‬ ‫صهلى ه‬ ‫عن أِبي س ِع ٍيد الخد ِرِي أقال أقال رسول ه ِ‬
‫َّللا أ‬ ‫أ أ أُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ال ثُ هم أيخ ُرُج أر ُج ٌل ِمن ِعت أرِتي أأو ِمن أأه ِل أبيِتي‬ ‫ظل ًما أو ُعد أو ًانا أق أ‬
‫ض ُ‬ ‫ئ اَلأر ُ‬
‫ِ‬
‫أحتى تأمأتل أ‬
‫ه‬
‫طا أو أعد ًَّل أك أما ُملِأئت ُ‬
‫ظل ًما أو ُعد أو ًانا ‪ -‬رواه أحمد‬ ‫أيمأل ُؤ أها ِقس ً‬
‫‪56‬‬

‫َّللاُ أعألي ِه أو أسهل أم أأُب ِش ُرُكم‬


‫صهلى ه‬ ‫عن أِبي س ِع ٍيد الخد ِرِي أقال أقال رسول ه ِ‬
‫َّللا أ‬ ‫أ أ أُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ض ِقس ً‬ ‫ف ِمن الهن ِ‬ ‫ِبالمه ِد ِي يبع ُث ِفي أُ همِتي عألى اخِت أال ٍ‬
‫طا‬ ‫اس أوأأزَّل ِزأل أفأيم أألُ اَلأر أ‬ ‫أ‬ ‫ُأ‬ ‫أ‬
‫ض أيق ِس ُم‬ ‫اك ُن اَلأر ِ‬ ‫اء وس ِ‬ ‫اكن ه ِ‬
‫الس أم أ أ‬
‫ِ‬
‫ضى أعن ُه أس ُ‬ ‫ظل ًما أير أ‬ ‫أو أعد ًَّل أك أما ُملِأئت أجوًار أو ُ‬
‫وب‬ ‫ال أوأيم أألُ ه‬ ‫هة أبي أن الهن ِ‬ ‫الس ِوي ِ‬
‫ال ِب ه‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫َّللاُ ُقُل أ‬ ‫اس أق أ‬ ‫احا أق أ‬
‫ال أل ُه أر ُج ٌل أما ص أح ً‬ ‫احا أفأق أ‬ ‫ال ص أح ً‬ ‫أ أ‬
‫َّللاُ أعألي ِه أو أسهل أم ِغًنى أوأي أس ُع ُهم أعدلُ ُه أحتهى أيأ ُم أر ُمأن ِادًيا أف ُيأن ِادي‬ ‫صهلى ه‬ ‫ٍ‬
‫أُ همة ُم أح همد أ‬
‫ِ‬
‫ان أيعِني‬ ‫ول ائ ِت ه‬
‫الس هد أ‬
‫ال حاج ٌة أفما يُقوم ِمن الهن ِ ِ ه‬
‫اس إَّل أر ُج ٌل أفأيُق ُ‬ ‫ول أمن أل ُه في أم أ أ أ أ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أفأيُق ُ‬
‫ول أل ُه اح ِث أحتهى ِإ أذا أج أعأل ُه‬ ‫ك أأن تُع ِطأيِني أم ً‬
‫اَّل أفأيُق ُ‬
‫ِ‬
‫ِن أفُقل أل ُه ِإ هن ال أمهد هي أيأ ُم ُر أ‬ ‫ال أخازأ‬
‫ول ُكن ُت أأج أش أع أُ هم ِة ُم أح هم ٍد أنف ًسا أ أأو أع أج أز أعِني أما أوِس أع ُهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫في حج ِره أوأأب أرأزهُ أند أم أفأيُق ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ال أل ُه ِإهنا أَّل نأ أ ُخ ُذ أشيًئا أأع أ‬ ‫ِ‬
‫طيأناهُ أفأي ُكو ُن أك أذل أك أسب أع سن أ‬
‫ين‬ ‫ال أفأي ُرُّدهُ أف أال أيقأب ُل من ُه أف ُيأق ُ‬
‫أق أ‬
‫ال ثُ هم أَّل أخي أر ِفي‬ ‫ين ثُ هم أَّل أخي أر ِفي ال أعي ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫أأو ثأم ِ ِ ِ‬
‫ش أبع أدهُ أأو أق أ‬ ‫ين أأو تس أع سن أ‬ ‫ان سن أ‬ ‫أ‬
‫ال أحأي ِاة أبع أدهُ ‪ -‬رواه أحمد‬

‫َّللاِ‬
‫ال أخ ِش أينا أأن أي ُكو أن أبع أد أنِبِيأنا أح أد ٌث أف أسأألأنا أنِب هي ه‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫أعن أبي أسعيد ال ُخد ِرِي أق أ‬
‫يش أخم ًسا أأو أسب ًعا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ِإ هن ِفي أُ همتي ال أمهد هي أيخ ُرُج أيع ُ‬ ‫ِ ه‬ ‫صهلى ه‬
‫َّللاُ أعأليه أو أسل أم أفأق أ‬ ‫أ‬
‫اك أقال ُقلنا وما أذاك أقال ِسِنين أقال أفي ِج ِ ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ول أيا‬‫يء إأليه أر ُج ٌل أفأيُق ُ‬
‫أ أ أ ُ‬ ‫أأو تس ًعا أزيٌد الش ُّ أ أ أ أ أ أ‬
‫اع أأن أيح ِمأل ُه ‪ -‬رواه‬ ‫ط أ‬‫ال أفأيحِثي أل ُه ِفي ثأوبِ ِه أما استأ أ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫أمهد ُّي أأعطني أأ عطني أق أ‬
‫ِ‬

‫الترمذي وقال ‪ :‬أه أذا أح ِد ٌ‬


‫يث أح أس ٌن‬

‫ال أي ُكو ُن ِفي أُ همِتي‬ ‫ِ ه‬ ‫صهلى ه‬ ‫أعن أِبي س ِع ٍيد ال ُخد ِرِي أ ه هِ‬
‫َّللاُ أعأليه أو أسل أم أق أ‬ ‫أن النب هي أ‬ ‫أ‬
‫ط تُؤتأى‬ ‫يه أُ همِتي ِنعم ًة ألم ينعموا ِمثألها أق ُّ‬ ‫صر أفسبع وإِ هَّل أفِتسع أفتنعم ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أ‬ ‫أ أُ‬ ‫أ‬ ‫ٌ أ أُ‬ ‫ال أمهد ُّي إن ُق أ أ ٌ أ‬
‫ول أيا أمه ِد ُّي‬ ‫الر ُج ُل أفأيُق ُ‬
‫وم ه‬ ‫وس أفأيُق ُ‬
‫ٍِ‬
‫ال أيو أمئذ ُك ُد ٌ‬
‫ِ ِ‬
‫ُكأل أها أوأَّل تأهدخ ُر من ُهم أشيًئا أوال أم ُ‬
‫أُ‬
‫ول ُخذ ‪ -‬رواه ابن ماجه‬ ‫ِِ‬
‫أأعطني أفأيُق ُ‬
‫عن أبي سعيد الخدري ‪-‬رضي هللا تعالى عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪-‬صلهى هللا عليه‬
‫وسلم‪َّ :-‬ل تقوم الساعة حتى تمأل اَلرض ظلما وجو ار وعدوانا‪ ،‬ثم يخرج من أهل‬
‫بيتي من يمألها قسطا وعدَّل كما ملئت ظلما وعدوانا ‪ -‬رواه الحاكم وقال ‪:‬هذا‬
‫حديث صحيح على شرط الشيخين‪ ،‬ولم يخرجاه وأقره الذهبي‬
‫‪57‬‬

‫َّللاُ أعألي ِه أو أسهل أم ‪َّ :‬ل تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي‬
‫صهلى ه‬ ‫قال رسول ه ِ‬
‫َّللا أ‬ ‫أُ ُ‬
‫يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يمأل اَلرض قسطا وعدَّل كما ملئت ظلما‬
‫وجو ار ‪ -‬رواه ابن حبان‬

‫" أما وهللا ليغيبن عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم ‪ :‬ما هلل في آل محمد حاجة‬
‫‪ ،‬ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملؤها عدَّل وقسطا كما ملئت جو ار وظلما "‬

‫المصادر‪:‬‬

‫كمال الدين حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي هللا عنه قال حدثنا أبي ‪،‬‬
‫عن إبراهيم بن هاشم ‪ ،‬عن محمد بن أبي عمير ‪ ،‬عن صفوان بن مهران الجمال ‪،‬‬
‫قال قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السالم ‪- :‬‬

‫إثبات الهداة عن كمال الدين ‪.‬‬

‫البحار عن كمال الدين ‪.‬‬

‫بشارة اَّلسالم عن كمال الدين ‪.‬‬

‫منتخب اَلثر عن كمال الدين‬

‫كمال الدين حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي هللا عنه قال ‪ :‬حدثنا عبد هللا‬
‫بن جعفر الحميري قال ‪ :‬حدثنا محمد بن أحمد العلوي ‪ ،‬عن أبي غانم الخادم قال ‪:‬‬
‫ولد َلبي محمد عليه السالم ولد فسماه محمدا ‪ ،‬فعرضه على أصحابه يوم الثالث ‪،‬‬
‫وقال ‪- :‬‬

‫العدد القوية أوله ‪ ،‬مرسال عن غانم الخادم ‪- :‬‬

‫إثبات الهداة عن كمال الدين ‪.‬‬

‫تبصرة الولي كما في كمال الدين ‪ ،‬عن ابن بابويه ‪.‬‬

‫البحار عن كمال الدين ‪.‬‬


‫‪58‬‬

‫ينابيع المودة كما في كمال الدين بتفاوت يسير ‪ ،‬عن كتاب الغيبة ‪.‬‬

‫منتخب اَلثر عن ينابيع المودة ‪.‬‬

‫معجم أحاديث اْلمام المهدي‬

‫و َّل أرى ’و إن لم أوقت’ ان زمنه قريب بإذن هللا و يعم العدل اْللهي المطلق‬
‫اَلرض بعدما مألها الغرب الظالم المستبد الغاشم ظلما و جو ار و تنعم البشرية‬
‫بالحرية التامة في حدود ما أراده لنا الشرع الحكيم َّل هذه التي تسمى اليوم بالشرعية‬
‫الدوليه و هل باّلل عليك يقال لما يسنه الشيطان شرعا؟ فكل هذه القوانين و المواثيق‬
‫الدولية اليوم إنما هي من صنع الوَّليات المتحدة و كل الغرب‪ .‬و َّل يمكن للمسلم‬
‫الحق أن يمتثل إَّل لما شرعه هللا و رسوله صلى هللا عليه و آله له َلن كل مسلم‬
‫حقيقي لما قال َّل إله إَّل هللا محمد رسول هللا يكون قد قال َّل شرعية إَّل شرع هللا و‬
‫رسوله‪ .‬فكيف نقول باّلل عليك الشرعية الدولية لشرعية الغرب لشرعية أمريكا لشرعية‬
‫الشيطان اَلكبر؟‬

‫الحمد هلل لقد بدأت معركتنا الكبرى اليوم و التي تتمثل في تحرير فلسطين كل‬
‫فلسطين على يد مقاومة شجاعة قوية في إيمانها باّلل و بنصره لها شديدة على العدو‬
‫الغاصب َلرضها و القاتل َلبنائها و نسائها و أطفالها و شيوخها المشرد َلهلها و‬
‫مهجرهم خارج بالدهم و الناهب لبركاتها و خيراتها‪ .‬و الحمد هلل من أول يوم لهذه‬
‫المعركة المباركة ظهر اْلنتصار لمن كان له أهل و ظهر في الجهة اَلخرى العار و‬
‫اْلنهيار‪ .‬و َّل يزال يتحقق هذا اْلنتصار حتى يبلغ بإذن هللا إنتصار كل اَلمة‬
‫اْلسالمية على هذه الهيمنة الظالمة و الطاغية و المستبدة للغرب الذي إنما هو من‬
‫أسس ما يسمى باَلمم المتحدة و كل هذه المنظمات التي يدعى لها أنها إنسانية و‬
‫حقوقية لكن إنما أرادوا بهذه فقط أن تكون خادمة لهم َّل لغيرهم‪ .‬فالحمد هلل تستطيع‬
‫اَلمة اليوم بهذا اْلنتصار المبارك أن تخرج من تحت سيطرة هذا الغرب المعادي‬
‫لكل ما جاءت به الديانات السماوية َّل سيما اْلسالم‪ .‬هذا اْلسالم الذي إنما ينزعج‬
‫‪59‬‬

‫الغرب بمجرد تسميته أمامهم‪ .‬و تستطيع اَلمة المحمدية أن تكون بالفعل متوحدة كما‬
‫توحدت الساحات اليوم في محور المقاومة و برهنت على أن هذا من أمة خير خلق‬
‫هللا أجمعين ممكن‪ .‬و تستطيع أن تكون لها عملة واحدة و هي الدينار اْلسالمي‬
‫الذي قيمته عند كل المسلمين ‪1.86‬غ من الذهب أو على اَلقل يكون الدينار هو‬
‫المرجع لمختلف العمالت فيخرجون من اَلزمات التي يتخبطون فيها اليوم و َّل‬
‫يتحاكمون إلى الطاغوت الذي هو الغرب و قد أمروا أن يكفروا به‪ .‬و كيف تكون‬
‫هذه الورقة الخض ارء اْلمريكية التي َّل تساوي شيءا أفضل من الذهب؟ أيعقل هذا‬
‫أخي الكريم؟ و يكون المعتدي على جهة واحدة من المسلمين عرضة لضرباتهم‬
‫أجمعين‪ .‬و َّل تتعجب أخي الكريم أن هذا ممكن فعال فإن الكثير من الشعوب‬
‫اْلسالمية و غير اْلسالمية كانت تحت اْلستعمار الغاشم لهذا الغرب الذي ما فتئ‬
‫يبيد شعوبا بأسرها و طردتها من بلدانها خاسئة مخزية مهينة و التاريخ يشهد على‬
‫ذلك‪ .‬كما أنه في حقيقة اَلمر إنما بدأ بالثورة اْلسالمية المجيدة اْلمام الخميني‬
‫رحمه هللا و انتصر على الظلم و الظالم و أسس الجمهورية اْلسالمية اْليرانية و‬
‫أصبح بعد الثورة هو المرشد اَلعلي للثورة اْلسالمية عام ‪ 3656‬و بقي لفترة‬
‫(‪ )3626-3656‬التي شهدت اْلطاحة بالملكية البهلوية ومحمد رضا بهلوي‪ ،‬الشاه‬
‫اَلخير في إيران والذي سبقه الشاه رضا بهلوي وهذا المنصب تم إنشاؤه في دستور‬
‫الجمهورية اْلسالمية اْليرانية كأعلى سلطة سياسية ودينية لألمة‪ .‬وخلفه علي‬
‫خامنئي في ‪ 1‬حزيران‪/‬يونيو ‪ .3626‬و منذ ان أسس الجمهورية اْلسالمية جعل‬
‫معها اليوم العالمي للقدس فجعل القضية الفلسطينية قضية كل المسلمين في مشارق‬
‫اَلرض و مغاربها‪ .‬و ما انفكت الجمهورية اْلسالمية أن تدعم القضية الفلسطينية‬
‫بكل ما استطاعت إليه سبيال و َّل تزال تحث على الجهاد و المقاومة و الصبر و‬
‫الثبات‪ .‬وكان الخميني مرجعا دينيا في الشيعة اْلثني عشرية‬
‫وهو مجتهد أو فقيه خبير في الشريعة اْلسالمية ومؤلف أكثر من ‪ 12‬كتابا‪ ،‬لكنه‬
‫معروف في المقام اَلول َلنشطته السياسية‪ .‬أمضى أكثر من ‪ 36‬عاما في المنفى‬
‫لمعارضته للشاه اَلخير‪ .‬و في كتاباته ووعظه وسع نظرية وَّلية الفقيه‪ ،‬لتشمل الحكم‬
‫السياسي الثيوقراطي من قبل الفقهاء اْلسالميين‪ .‬هذا اَلصل وإن لم يكن معروفا‬
‫‪61‬‬

‫للجمهور اَلوسع قبل الثورة أُل أحق بالدستور اْليراني الجديد بعد طرحه لالستفتاء ‪.‬‬
‫سمته مجلة التايم اَلمريكية برجل العام في سنة ‪ 1979.‬كان الخميني معروفا بتأييده‬
‫لمحتجزي الرهائن خالل أزمة رهائن إيران‪ ،‬وفتواه الداعية إلى قتل الروائي الهندي‬
‫البريطاني سلمان رشدي لعنه هللا واْلشارة إلى الوَّليات المتحدة بأنها« الشيطان‬
‫اَلكبر وقد تعرض الخميني لعدة محاوَّلت لقتله‪ .‬و تفتخر اَلمة بكم أن كنتم المثال‬
‫اَلعلى لقيم و مبادئ اْلسالم المحمدي اَلصيل الذي إنما نأخذه من سيرة آل بيته‬
‫الطيبين الطاهرين و على رأسهم علي عليه السالم الذي إنما كان هذا من كالمه‬
‫عليه السالم يوم الجمل قال اْلمام‪ :‬عباد هللا‪ ،‬اتقوا هللا‪ ،‬وغضوا اَلبصار واخفضوا‬
‫اَلصوات‪ ،‬وأقلوا الكالم‪ ،‬ووطئوا أنفسكم على المنازلة والمجادلة والمبارزة والمناضلة‬
‫والمبادلة والمعانقة والمكادمة والمالزمة فاثبتوا‪ .‬واذكروا هللا كثي ار لعلكم تفلحون‪ .‬وَّل‬
‫تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم‪ .‬واصبروا إن هللا مع الصابرين‪ .‬اللهم ألهمهم الصبر‬
‫وأنزل عليهم النصر وأعظم لهم اَلجر الطبري ثم نادي مناديه‪َّ :‬ل يتبع مدبر‪ .‬وَّل‬
‫يذفف على جريح‪ ،‬وَّل يقتل أسير ومن أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سالحه فهو‬
‫آمن رواه ابن أبي شيبة والبيهقي (كنز العمال)‪ .‬ثم نادي المنادي‪َّ :‬ل تبدأوا القوم‬
‫بالقتال وكلموهم بألطف الكالم‪ .‬فإن هذا مقام من فلج فيه فلج يوم القيامة‪.‬‬

‫خطبة أمير المؤمنين عليه السالم بعد معركة الجمل‬

‫وذكر الشيخ الطبرسي في « اَّلحتجاج » أن أمير المؤمنين عليه السالم لما دخل‬
‫البصرة‪ ،‬وفرغ من معركة الجمل‪ ،‬قال بعض أصحابه‪ :‬إن علياً َّليقسم الفيء فينا‬
‫بالسوية‪ ،‬وَّل يعدل في الرعية‪ ،‬وغير ذلك من المسائل التي أجاب عنها أمير‬
‫المؤمنين عليه السالم في خطبة خطبها؛ وهذه الخطبة مروية عن أيحيي بن عبد هللا‬
‫بن الحسن‪ ،‬عن أبيه‪ :‬عبدهللا بن الحسن قال‪ :‬لما دخل أمير المؤمنين عليه السالم‬
‫البصرة‪ ،‬خطب هذه الخطبة بعد دخوله بأيام‪ .‬فقام إليه رجل وقال‪ :‬يا أمير المؤمنين!‬
‫السنة ؟‬
‫ومن أهل ُّ‬
‫ومن أهل البدعة ؟ أ‬
‫ومن أهل الفرقة ؟ أ‬
‫أخبرني أمن أهل الجماعة ؟! أ‬
‫قال أمير المؤمنين عليه السالم في جوابه‪ :‬وي أح أك! أما إذا سألتني‪ ،‬فافهم عني؛ وَّل‬
‫عليك أن تسال عنها أحداً بعدي!‬
‫‪61‬‬

‫أما أهل الجماعة‪ ،‬فأنا ومن اتبعني‪ ،‬وإن قلوا‪ .‬وذلك الحق عن أمر هللا تعإلی‪ ،‬وعن‬
‫أمر رسوله! وأما أهل الفرقة‪ ،‬فهم المخالفون لي ولمن اتبعني‪ ،‬وإن كثروا‪ .‬أما أهل‬
‫السنة‪ ،‬فهم المتمسكون بما سنه هللا لهم ورسوله‪ ،‬وإن قلوا‪ .‬وأما أهل البدعة‬
‫فالمخالفون َّلمر هللا ولكتابه ولرسوله‪ ،‬العاملون برأيهم وأهوائهم‪ ،‬وإن كثروا‪ .‬وقد‬
‫مضي منهم الفوج اَّلول وبقيت أفواج؛ وعلی هللا قبضها‪ ،‬واستيصالها عن ُج أد ِد‬
‫اَّلرض‪.‬‬

‫فقام إليه عماربن ياسر‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين! إن الناس يذكرون الفيء‪ ،‬ويزعمون‬
‫أن من قاتلنا ( أصحاب الجمل ) فهو وماله وولده فيء لنا‪.‬‬

‫فقام إليه رجل من بكر بن وائل‪ ،‬ويدعي عبهاد بن قيس‪ ،‬وكان ذا عارضة ولسان‬
‫َّلعدلت في الرعية!‬
‫أ‬ ‫قسمت بالسوية! و‬
‫أ‬ ‫شديد‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين! وهللا ما‬

‫قال أمير المؤمنين‪ :‬لِ أم؛ ويحك ؟!‬

‫قسمت ما في العسكر! وتركت اَّلموال والنساء والذرية!‬


‫أ‬ ‫قال الرجل‪َّ :‬ل نك‬

‫قال أمير المؤمنين عليه السالم‪ :‬أيُّها الناس! من كانت به جراحة فليداوها بالسمن!‬

‫فقال عباد بن أقيس‪ :‬جئنا نطلب غنائمنا‪ ،‬فجاءنا بالتُّهرأهات ( الهراء الذي ليس له‬
‫معني )‪.‬‬

‫فقال له أمير المؤمنين عليه السالم‪ :‬إن كنت كاذباً فال أماتك هللا حتي يدركك غالم‬
‫ثقيف! قيل‪ :‬ومن غالم ثقيف ؟! قال‪ :‬رجل َّليدع ّلل حرمة إَّل انتهكها‪.‬‬

‫فقيل له‪ :‬أفيموت أو يقتل ؟‬

‫ين بموت فاحش يحترق منه دبره لكثرة ما يجري‬ ‫الجب ِ‬ ‫ِ‬
‫هار أ‬ ‫فقال اْلمام‪ :‬يقصمه أقاص ُم أ‬
‫من بطنه‪.‬‬

‫علمت أ نا َّلنأخذ‬
‫أ‬ ‫ثم قال عليه السالم‪ :‬يا أخا بكر! أنت امرؤ ضعيف الرأي! أ أأو ما‬
‫الصغير بذنب الكبير ؟! وأن اَّلموال كانت لهم قبل الفرقة؛ وتزوجوا علی رشدة‪،‬‬
‫‪62‬‬

‫وولدوا علی فطرة! وإنما لكم ما حوي عسكركم‪ ،‬وما كان في دورهم فهو ميراث‪ .‬فإن‬
‫عدا أحد منهم أخذناه بذنبه؛ وإن كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره‪.‬‬

‫يا أخا بكر! لقد حكمت فيهم بحكم رسول هللا صلي هللا عليه وآله في أهل مكة‪،‬‬
‫فقسم ما حوي العسكر‪ ،‬ولم يتعرض لما سوي ذلك‪ .‬وإنما اتبعت أثره أحذو الهنع ِل‬
‫ِبالهنع ِل‪.‬‬

‫الحر ِب يحل ما فيها ؟! وأن أد أار ال ِهجرِة يحرم ما فيها‬


‫دار أ‬
‫يا أخا بكر! أما علمت أن أ‬
‫إَّل بالحق!‬

‫َّللاُ! فإن لم تصدقوني‪ ،‬وأكثرتم علی ‪-‬وذلك أ نه تكلم في هذا‬ ‫ِ‬


‫أف أمهالً أمهالً أرح أم ُكم أ‬
‫غير واحد‪ -‬فأيكم يأخذ عائشة بسهمه ؟! ولما بلغ كالمه هذه النقطة‪ ،‬قالوا أجمعهم‪:‬‬
‫وعلمت وجهلنا! فنحن نستغفر هللا تعإلی! ونادي‬
‫أ‬ ‫أصبت وأخطأنا!‬
‫أ‬ ‫يا أميرالمؤمنين!‬
‫أصبت يا أميرالمؤمنين! أصاب هللا بك الرشاد والسداد!‬
‫أ‬ ‫الناس من كل جانب‪:‬‬

‫اس! إنكم وهللا لو اتبعتموه وأطعتموه لنيضل بكم عن منهل‬ ‫فقام عباد‪ ،‬فقال‪ :‬أيها الهن ُ‬
‫نبيكم حتي قيد شعرة! وكيف َّليكون ذلك‪ ،‬وقد استودعه رسولهللا صليهللا عليه وآله‬
‫طاب علی منهاج هارون وقال له‪ :‬أأن أت ِمِني‬ ‫الخ أ‬‫وسلم علم المأنايا والأقضايا وأفصل ِ‬
‫أ أ أ أ أ أ أ‬
‫وسي‪ ،‬إَّله أ هن ُه َّلأأنِبي أبع ِدي! فضالً خصه هللا به‪ ،‬وإكراماً منه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ب أمنزألة أه ُارو أن من ُم أ‬
‫لنبيه حيث أعطاه ما لميعط أحداً من خلقه‪.‬‬

‫ثم قال أمير المؤمنين عليه السالم‪ :‬انظروا رحمكم هللا ماتؤمرون‪ ،‬فامضوا له!‬

‫فإن العالم أعلم بما يأتي به من الجاهل الخسيس اَّلخس‪ .‬فإني حاملكم إن شاء هللا‬
‫إن أطعتموني علی سبيل النجاة‪ ،‬وإن كانت فيه مشقة شديدة‪ ،‬وم اررة عديدة‪ .‬والدنيا‬
‫حلوة الحالوة لمن اغتر بها من الشقاوة والندامة عما قليل!‬

‫ومما روي عن اْلمام علي (ع) في فضل أهل البيت (ع) ‪ (( :‬هم عيش العلم وموت‬
‫الجهل ‪ ,‬يخبركم حلمهم عن علمهم ‪ ,‬وصمتهم عن حكم منطقهم ‪َّ ,‬ل يخالفون الحق‬
‫وَّل يختلفون فيه ‪ ,‬وهم دعائم اْلسالم ‪ ,‬و وَّلئج اَّلعتصام ‪ ,‬بهم عاد الحق إلى‬
‫‪63‬‬

‫نصابه ‪ ,‬وانزاح الباطل عن مقامه ‪ ,‬وانقطع لسانه من منبته ‪ ,‬عقلوا الدين عقل وعاية‬
‫ورعاية ‪َّ ,‬ل عقل سماع ورواية ‪ ,‬فان رواة العلم كثير ‪ ,‬ورعاته قليل ))‬

‫وأورد العالمة الحلي‪َّ (( :‬لشك أن النسب والقرب من رسول هللا (ص) مزية وفضيلة‬
‫على غيرهم ولهذا شرفهم هللا تعالى بسهم ذي القربى وقال تعالى‪(:‬وأ ِ‬
‫أنذر أع ِش أيرتأ أك‬ ‫أ‬
‫ِ ه‬
‫ين)‪ ,‬وقال تعالى ( أوإِهن ُه ألذكٌر ل أك أولِأقو ِم أك أو أسو أ‬
‫ف تُس أُلو أن)‪ ,‬وحرم عليهم‬ ‫اَلأق أربِ أ‬
‫الصدقات تشريفاً وتعظيماً‪ ,‬وكل من كان من الرسول (ص) أقرب كان أرفع ‪ ,‬وقال‬
‫أمير المؤمنين(ع) ‪ :‬نحن أهل بيت َّل يقاس بنا أحد))‪ .‬و عنه عليه السالم َّل يقاس‬
‫بآل محمد صلى هللا عليه و آله من هذه اَلمة أحد و َّل يسوى بهم من جرت‬
‫نعمتهم عليه أبدا هم أساس الدين و عماد اليقين إليهم يفيء الغالي و بهم يلحق‬
‫التالي و لهم خصائص الوَّلية و فيهم الوصية و الوارثة اآلن إذ رجع الحق إلى أهله‬
‫و نقل إلى منتقله‪ .‬و عن عكرمة عن بن عباس أن عليا عليه السالم كان يقول في‬
‫حياة رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم أن هللا عز و جل يقول(أفئن مات أو‬
‫قتل انقلبتم على أعقابكم) آل عمران ‪ .311‬و هللا لن ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا‬
‫هللا وهللا لئن مات أو قتل َلقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت وهللا إني َلخوه و‬
‫وليه و بن عمه ووارثه فمن أحق به مني‪.‬‬

‫و قال رسول هللا صلى هللا عليه و آله إنا أهل بيت َّل يقاس بنا أحد المروي في‬
‫ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى و في سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير‬
‫العباد و في وسائل الوصول إلى شمائل الرسول صلى هللا عليه و آله عن أنس قال‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (نحن أهل بيت َّل يقاس بنا أحد)‪ .‬أخرجه المال‪.‬‬

‫أحٌد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫قاس بنا أ‬
‫أهل أبيت َّل ُي ُ‬
‫حن ُ‬‫رسول هللا صلى هللا عليه و آله ‪ :‬أن ُ‬

‫عادى‬ ‫عنه صلى هللا عليه و آله ‪ :‬نحن أهل الب ِ‬


‫يت َّل ُي أ ِ‬
‫أحٌد ‪ ،‬أمن عادانا أفأقد أ‬
‫قاب ُل بنا أ‬ ‫أ ُ أ أ‬
‫هللاأ ‪.‬‬
‫‪64‬‬

‫يت َّل يقاس ِبنا أحد ‪ ،‬فينا نزل القرآن ‪ ،‬وفينا م ِ‬


‫عد ُن‬ ‫عنه عليه السالم ‪ :‬نحن أهل الب ِ‬
‫أ‬ ‫أأ أ ُ ُ‬ ‫أٌ‬ ‫ُ ُ‬ ‫أ ُ أ أ‬
‫الرساأل ِة ‪.‬‬
‫ِ‬

‫ياء ‪ِ ،‬حزبنا ِحزب هللاِ ‪ ،‬و ِ‬


‫الفأئ ُة‬ ‫ط اَلأنِب ِ‬ ‫طنا أف ار ُ‬
‫باء ‪ ،‬وأف ار ُ‬ ‫عنه عليه السالم ‪ :‬أن ُ ُّ‬
‫أ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حن الن أج ُ‬
‫يس ِمنا ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الباغأيةُ ِحزب ه‬
‫ين أع ُد ِونا أفأل أ‬ ‫الش ِ‬
‫يطان ‪ ،‬أمن ساوى أب أيننا أ‬
‫وب أ‬ ‫ُ‬

‫قام أر ُج ٌل‬ ‫يت َّل ُن ُ ِ ِ‬ ‫عليه السالم ‪ :‬نحن أهل ب ٍ‬ ‫قال لي أعلِ ٌّي‬ ‫ِ‬
‫قاس بالناس ‪ ،‬أف أ‬ ‫أ ُ ُ أ‬ ‫الحار ُث ‪ :‬أ‬
‫يس الهنِب ُّي صلى هللا عليه و‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ابن أعب ٍ‬
‫ص أد أق أعل ٌّي ‪ ،‬أأوأل أ‬
‫قال ‪ :‬أ‬
‫بذل أك ‪ ،‬أف أ‬ ‫أخب أرهُ‬
‫اس أفأ أ‬ ‫أفأأتأى أ‬
‫حات اُ ِ‬
‫ولئ أك ُهم‬ ‫إن هالذين آمنوا وع ِملُوا الصالِ ِ‬
‫اس ؟ وأقد أن أزأل في أعلِ ٍي ه‬
‫قاس ِبالن ِ‬
‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫آله َّل ُي ُ‬
‫خير الب ِري ِ‬
‫هة‪.‬‬ ‫أُ أ‬

‫بن ُم أح هم ٍدعليهما السالم ‪ :‬أخِبرني أعن أبي‬ ‫لت ِللص ِاد ِق أج أ‬


‫عف ِر ِ‬ ‫يب ‪ُ :‬ق ُ‬ ‫بن صه ٍ‬
‫أعب ُاد ُ ُ أ‬
‫لت‬ ‫يب ‪ ،‬كم شهور ه ِ‬ ‫ابن صه ٍ‬ ‫أذ ٍر أ هو أفضل أم أنتُم أهل ِ‬
‫السأنة ؟ أفُق ُ‬ ‫أ ُ ُ‬ ‫قال ‪ :‬أي أ ُ أ‬ ‫البيت ؟ أف أ‬ ‫أ أ‬ ‫ُأ أ ُ‬
‫هر‬
‫قال ‪ :‬أف أش ُ‬‫أشه ٍر ‪ ،‬أ‬ ‫لت ‪ :‬أرأب أع ُة ُ‬
‫ِ‬
‫الح ُرُم منها ؟ ُق ُ‬
‫وك ِم ُ‬
‫قال ‪ :‬أ‬ ‫هر ‪ ،‬أف أ‬ ‫ِاثنا أع أش أر أش ًا‬
‫لت ‪ :‬أبل‬ ‫ِ‬
‫الح ُرِم ؟ أفُق ُ‬
‫أشه ُر ُ‬ ‫أفض ُل أم ُ‬ ‫ضان أ‬ ‫هر أرأم أ‬ ‫قال ‪ :‬أف أش ُ‬ ‫لت ‪َّ :‬ل ‪ ،‬أ‬ ‫ضان منها ؟ ُق ُ‬ ‫أرأم أ‬
‫ِ‬ ‫أشهر رمضان ‪ ،‬قال ‪ :‬أف أكذلِك نحن أهل ِ‬
‫كان في‬ ‫إن أبا أذ ٍر أ‬ ‫أحٌد ‪ ،‬و ه‬‫قاس بنا أ‬ ‫البيت َّل ُي ُ‬
‫أ أ ُ أ أ‬ ‫أ‬ ‫ُ أأ أ‬
‫قال‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫أصحاب ر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أقو ٍم ِمن‬
‫ذاكروا أفضائ أل هذه اَّلُ همة ‪ ،‬أف أ‬ ‫سول هللا صلى هللا عليه و آله أفتأ أ‬ ‫أ‬
‫وه أو‬
‫ار ‪ُ ،‬‬ ‫الجهن ِة أوالن ِ‬
‫سيم أ‬
‫ِ‬
‫بن أبي طال ٍب ‪ُ ،‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫أبو أذ ٍر ‪ :‬أ‬
‫وه أو أق ُ‬ ‫أفض ُل هذه اَّلُ همة أعل ُّي ُ‬
‫ض‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫أعر أ‬
‫أحٌد إَّل أ‬ ‫وح هج ُة هللا أعأليها ‪ .‬أفما أبق أي م أن الأقو ِم أ‬
‫يق هذه اَّلُ همة وفاروُقها ‪ُ ،‬‬ ‫صد ُ‬
‫الباهلِ ُّي ِمن ب ِين ِهم إلى ر ِ‬ ‫وك هذبه ‪ ،‬أف أذهب أبو اُمام أة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سول‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أأ‬ ‫أنك أر أعأليه أقوأل ُه أ أ ُ‬‫نه ِب أوج ِهه ‪ ،‬و أ‬ ‫أع ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال‬ ‫أخب أرهُ ِبأقول أبي أذ ٍر وإعراض ِهم أع ُ‬
‫نه وتأكذيبهم أل ُه‪ ،‬أف أ‬ ‫هللا صلى هللا عليه و آله أفأ أ‬
‫اء ـ أيعني ِم ُ‬ ‫ِ‬ ‫رسول هللاِ صلى هللا عليه و آله ‪ :‬ما أ أ ه ِ‬
‫نكم يا‬ ‫اء وَّل أأقهلت أ‬
‫الغبر ُ‬ ‫الخضر ُ‬
‫ظ لت أ‬ ‫أ ُ‬
‫أصد أق ِمن أبي أذ ٍر‪.‬أهل البيت في الكتاب و السنة‪.‬‬ ‫أبا اُمام أة ـ ِمن ذي أل ٍ‬
‫هجة أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬

‫وقوله‪ " :‬نحن أهل البيت َّل يقاس بنا أحد "‪.‬‬
‫‪65‬‬

‫ومهمة دائرة النفس هي سوق الناس إلى ربهم‪ .‬ومن صفات أصحاب هذه الدائرة أنهم‬
‫يقفون على أرضية الرسول صلى هللا عليه و آله‪ .‬أرضية العبد الكريم‪ .‬قال رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله‪ " :‬إن هللا جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبا ار عنيدا " ‪ ،‬وقال‪" :‬‬
‫إنا بعثت رحمة ولم أبعث عذابا "‪ .‬معالم الفتن‪.‬‬

‫وبهذا اَّلسناد قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله لعلي عليه السالم‪ :‬يا علي ان‬
‫هللا تبارك وتعالى خلقني وإياك من نوره اَلعظم‪ ،‬ثم رش من نورنا على جميع اَلنوار‬
‫من بعد خلقه لها‪ ،‬فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلينا‪ ،‬ومن أخطأه ذلك النور‬
‫ضل عنا‪ ،‬ثم قرأ‪{ :‬ومن لم يجعل هللا له نو اًر فما له من نور} يهتدي إلى نورنا‪ .‬وروي‬
‫مسنداً إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله انه قال‪ :‬نحن أهل البيت َّل يقاس بنا أحد‪،‬‬
‫من عادانا عادى هللا‪ ،‬ومن واَّلنا وائتم بنا وقبل منا ما أوحى هللا إلينا‪ ،‬وعلمنا هللا‬
‫إياه‪ ،‬وأطاع هللا فينا فقد والى هللا‪ ،‬ونحن خير البرية‪ ،‬وولدنا منا ومن أنفسنا‪ ،‬وشيعتنا‬
‫[معنا] ‪ ،‬من آذاهم آذانا ومن أكرمهم أكرمنا‪ ،‬ومن أكرمنا كان من أهل الجنة‪ .‬يرفعه‬
‫إلى محمد بن زياد قال‪ :‬سأل ابن مهران عبد هللا بن العباس في تفسير قول هللا‪{ :‬وإنا‬
‫لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون}‪ .‬قال‪ :‬كنا عند رسول هللا صلى هللا عليه وآله‬
‫فأقبل علي بن أبي طالب عليه السالم‪ ،‬فلما رآه النبي صلى هللا عليه وآله تبسم في‬
‫وجهه وقال‪ :‬مرحباً بمن خلقه هللا تعالى قبل أبيه آدم بأربعين ألف عام‪ ،‬فقلت‪ :‬يا‬
‫رسول هللا أكان اَّلبن قبل اَلب؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬ان هللا تعالى خلقني وخلق علياً قبل أن‬
‫يخلق آدم بهذه المدة‪ ،‬خلق نو اًر فقسمه نصفين‪ ،‬فخلقني من نصفه وخلق علياً من‬
‫النصف اآلخر قبل اَلشياء‪ ،‬فنورها من نوري ونور علي ثم جعلنا عن يمين العرش‪،‬‬
‫ثم خلق المالئكة فسبحنا فسبحت المالئكة‪ ،‬وهللنا فهللت المالئكة‪ ،‬وكبرنا فكبرت‬
‫المالئكة‪ ،‬وكان ذلك من تعليمي وتعليم علي‪ ،‬وكان ذلك في علم هللا السابق ان‬
‫‪66‬‬

‫المالئكة تتعلم منا التسبيح والتهليل والتكبير‪ ،‬وكل شيء سبح هللا وكبره وهلله بتعليمي‬
‫وتعليم علي‪.‬‬

‫وكان في علم هللا السابق أن َّل يدخل النار محب لي ولعلي‪ ،‬وكذا كان في علمه أن‬
‫َّل يدخل الجنة مبغض لي ولعلي‪ ،‬أَّل وإن هللا عزوجل خلق مالئكة بأيديهم أباريق‬
‫اللجين مملوة من ماء الجنة من الفردوس‪ ،‬فما أحد من شيعة علي إَّل وهو طاهر‬
‫الوالدين تقي نقي مؤمن باّلل‪ ،‬فإذا أراد أبو أحدهم أن يواقع أهله جاء ملك من‬
‫المالئكة الذين بأيديهم أباريق الجنة‪ ،‬فطرح من ذلك الماء في إنائه الذي يشرب به‬
‫فيشرب‪ ،‬وذلك الماء ينبت اَّليمان في قلبه كما ينبت الزرع‪ ،‬فهم على بينة من ربهم‪،‬‬
‫ومن نبيهم‪ ،‬ومن وصيي علي‪ ،‬ومن ابنتي الزهراء‪ ،‬ثم الحسن ثم الحسين واَلئمة من‬
‫ولد الحسين صلوات هللا عليهم أجمعين‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول هللا ومن هم؟ قال‪ :‬أحد عشر‬
‫مني أبوهم علي بن أبي طالب‪ ،‬ثم قال النبي صلى هللا عليه وآله‪ :‬الحمد هلل الذي‬
‫جعل محبة علي واَّليمان سببين‪.‬‬

‫للتذكير فهذا القول من رسول هللا صلى هللا عليه و آله نهي َلمته أن تقيس به وأهل‬
‫بيته غيرهم فال يجوز إذا َلحد يدعي أنه من أمته صلى هللا عليه و آله أن يقيس‬
‫بأهل بيته غيرهم مهما كان هذا الغير‪.‬‬

‫أما غيره فإليك أخي الكريم بعض تصرفاتهم‬

‫ثم ما وقع في الحرة من قبل يزيد بن معاوية فقد أباحوا حرمة مدينة رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه و آله و سلم كما ذكر صاحب المنتظم في تاريخ الملوك و اَلمم وأباح‬
‫مسلم المدينة ثالثا يقتلون الناس ويأخذون اَلموال‪ ،‬فأرسلت سعدى بنت عوف المرية‬
‫إلى مسلم‪ ،‬تقول بنت عمك مر أصحابك َّل يعترضوا اْلبل لنا بمكان كذا‪ ،‬فقال‪َّ :‬ل‬
‫تبدءوا إَّل بها‪ .‬وجاءت امرأة إلى مسلم وقالت‪ :‬أنا موَّلتك وابني في اَلسرى‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫عجلوه لمكانها‪ ،‬فضربت عنقه وقال‪ :‬اعطوها رأسه‪ ،‬أما ترضين أن َّل تقتلي حتى‬
‫تكلمي في ابنك‪ ،‬ووقعوا على النساء‪ ،‬وقاتل عبد هللا بن مطيع حتى قتل هو وبنون له‬
‫‪67‬‬

‫سبعة‪ ،‬وبعث برأسه إلى يزيد‪ .‬فأفزع ما جرى من كان بالمدينة من الصحابة‪ ،‬فخرج‬
‫أبو سعيد الخدري حتى دخل الجبل‪ ،‬فدخل عليه رجل بسيف‪ ،‬فقال‪ :‬من أنت؟ فقال‪:‬‬
‫ال‪:‬‬ ‫أبو سعيد‪ ،‬فتركه‪ .‬أخبرنا محمد بن ناصر‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا المبارك ب ُن أعب ِد ال أجب ِ‬
‫هار‪ ،‬أق أ‬
‫ال‪ :‬أأخأب أرأنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن‬ ‫أأخأب أرأنا أ ُأبو ال ُح أسي ِن ُم أح همد بن عبد الواحد‪ ،‬أق أ‬
‫شاذان‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا أحمد بن محمد بن شيبة البزاز‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا أحمد بن الحارث‬
‫الخزاز‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبو الحسن المدائني‪ ،‬عن أبي عبد الرحمن القرشي‪ ،‬عن خالد‬
‫الكندي‪ ،‬عن عمته أم الهيثم بنت يزيد‪ ،‬قالت‪ :‬رأيت امرأة من قريش تطوف‪ ،‬فعرض‬
‫لها أسود‪ ،‬فعانقته وقبلته‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أمة هللا‪ ،‬أتفعلين هذا بهذا اَلسود‪ ،‬قالت‪ :‬هو ابني‬
‫وقع علي أبوه يوم الحرة‪ ،‬فولدت هذا‪ .‬وعن المدائني‪ ،‬عن أبي قرة‪ ،‬قال‪ :‬قال هشام‬
‫بن حسان ‪ :‬ولدت ألف امرأة بعد الحرة من غير زوج‪ ،‬ثم دعى مسلم بالناس إلى‬
‫البيعة ليزيد‪ ،‬وقال‪ :‬بايعوا على أنكم خول له‪ ،‬وأموالكم له‪ ،‬فقال يزيد بن عبد هللا بن‬
‫ربيعة‪ :‬نبايع على كتاب هللا‪ ،‬فأمر به فضربت عنقه‪ ،‬وبدأ بعمرو بن عثمان‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫هذا الخبيث ابن الطيب‪ ،‬فأمر به فنتفت لحيته‪ .‬كما ذكره ابن كثير في البداية و‬
‫النهاية ثم أباح مسلم بن عقبة الذي يقول فيه السلف مسرف بن عقبة قبحه هللا من‬
‫شيخ سوء ما أجهله المدينة ثالثة أيام كما أمره يزيد َّل جزاه هللا خي ار و قتل خلقا من‬
‫أشرافها و قرائها و انتهب أمواَّل كثيرة منها و وقع شر عظيم و فساد عريض على ما‬
‫ذكره غير واحد‪ .‬فكان ممن قتل بين يديه صب ار معقل بن سنان و قد كان صديقه قبل‬
‫ذلك و لكن أسمعه في يزيد كالما غليظا فنقم عليه بسببه ثم استدعى بعمرو بن‬
‫عثمان بن عفان و لم يكن خرج مع بني أمية فقال له إنك إن ظهر أهل المدينة قلت‬
‫أنا معكم و إن ظهر أهل الشام قلت أنا ابن أمير المؤمنين ثم أمر به فنتفت لحيته‬
‫بين يديه و كان ذا لحية كبيرة قال المدائني و أباح مسلم بن عقبة المدينة ثالثة أيام‬
‫يقتلون من وجدوا من الناس و يأخذون اَلموال‪ .‬فأرسلت سعدى بنت عوف المرية‬
‫إلى مسلم بن عقبة تقول له أنا بنت عمك فمر أصحابك أَّل يتعرضوا ْلبلنا بمكان‬
‫كذا و كذا فقال َلصحابه َّل تبدؤوا إَّل بأخذ إبلها أوَّل‪ .‬و جاءت امرأة فقالت أنا‬
‫موَّلتك في اَلسارى ابني فقال عجلوه لها فضربت عنقه و قال اعطوها رأسه أما‬
‫ترضين أَّل تقتلي حتى تتكلمي في ابنك؟ و وقعوا على النساء حتى قيل إنه حبلت‬
‫‪68‬‬

‫ألف امرأة في تلك اَليام من غير زوج‪.‬قال المدائني عن أبي قرة قال قال هشام بن‬
‫حسان ولدت ألف امرأة من أهل المدينة بعد وقعة الحرة من غير زوج‪ .‬و قد اختفى‬
‫جماعة من سادات الصحابة منهم جابر بن عبد هللا و خرج أبو سعيد الخذري فلجأ‬
‫إلى غار في جبل فلحقه رجل من أهل الشام قال فلما رأيته انتضبت سيفي فقصدني‬
‫فلما رآني صمم على قتلي فشممت سيفي ثم قلت إني أريد أن تبوء بإثمي و إثمك‬
‫فتكون من أصحاب النار و ذلك جزاء الظالمين فلما رأى ذلك قال من أنت قلت أنا‬
‫أبو سعيد الخذري قال صاحب رسول هللا صلى هللا عليه و آله قلت نعم فمضى و‬
‫تركني‪ .‬قال المدائني و و جيء إلى مسلم بسعيد بن المسيب فقال له بايع فقال أبايع‬
‫على سيرة أبي بكر و عمر فأمر بضرب عنقه‪.‬فشهد رجل أنه مجنون فخلى سبيله و‬
‫قال المدائني عن عبد هللا القرشي و أبي إسحاق التميمي قاَّل لما انهزم أهل المدينة‬
‫يوم الحرة صاح النساء و الصبيان فقال ابن عمر بعثمان و رب الكعبة قال المدائني‬
‫عن شيخ من أهل المدينة قال سألت الزهري كم كان القتلى يوم الحرة؟ قال سبعمائة‬
‫من وجوه الناس من المهاجرين و اَلنصار و وجوه الموالي و ممن َّل أعرف من حر‬
‫و عبد و غيرهم عشرة آَّلف‪ .‬ما فعل هذا الخبيث مسلم بن عقبة كان بأمر من يزيد‬
‫الملعون و من قبله كان أبوه معاوية بن أبي سفيان قد أمر بسر بن أرطأة الذي قام‬
‫هو اآلخر بجرائم و إليك من بينها ما ذكر في تثبيت دَّلئل النبوة وأخرى أن بني‬
‫العباس قصدوا‪ ،‬المسلمين من أهل خراسان‪ ،‬الذين قد اعتقدوا نبوة محمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فتدينوا بإقامة شريعته وحد حدوده‪ ،‬بإنكار من أنكره وبإكرام من أكرمه‪،‬‬
‫وإجالل من أجله‪ ،‬وبإهانة من ارتكب الكبائر فشكوا اليهم ما نزل ببني هاشم خاصة‬
‫ثم بالمسلمين عامة من بني أمية‪ .‬وبنو هاشم إذ ذاك كلمة واحدة‪ ،‬ما اختلفوا وَّل‬
‫تباينوا‪ .‬فكان ولد العباس وولد علي وولد جعفر وولد عقيل وسائر بني هاشم متفقين‪،‬‬
‫وانما اختلفوا بعد مصير الدولة والملك الى بني العباس أيام أبي جعفر المنصور‪،‬‬
‫فجرى بينه وبين بني عمه من ولد الحسن ما هو معروف‪ ،‬فحينئذ اختلفوا‪ ،‬فذكر بنو‬
‫هاشم َلهل خراسان ما صنعه بسر بن أرطاة بعبيد هللا بن العباس بن عبد المطلب‪،‬‬
‫وأنه قصده وهو عامل أمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي هللا عنه‪ ،‬فهرب من‬
‫يده‪ ،‬ووجد له ابنين طفلين فقتلهما وقتل جماعة من أصحابه‪ .‬وأذكروهم بقتل حجر‬
‫‪69‬‬

‫بن عدي‪ .‬و فوق كل هذا انتهكوا حرمة بيت هللا الحرام فقذفوا بالمنجنيق الكعبة‬
‫المشرفة حتى انتهوا إلى تشريد و تطريد آل البيت في البالد مع حرمانهم أدنى‬
‫حقوقهم المشروعة الخمس الذي فرضه لهم رب العزة فكان الفقر و الجهل و العوز‬
‫مصيرهم و لنذكر بقول رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم عن أبي هريرة قال ‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬إذا اتخذ الفيء دوَّل واَلمانة مغنما والزكاة‬
‫مغرما وتعلم العلم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأدنى صديقه وأقصى‬
‫أباه وظهرت اَلصوات في المساجد وساد القبيلة فاسدهم وكان زعيم القوم أرذلهم‬
‫وأكرم الرجل مخافة شره وظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور ولعن آخر هذه‬
‫اَلمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخا وقذفا وآيات تتابع‬
‫كنظام آللئ قطع سلكه فتتابع رواه الترمذي في سننه و الطب ارني في المعجم اَلوسط‬
‫و الكبير و الشجري في ترتيب اَلمالي الخميسية‪ .‬فهل َّل اتعظنا بكالم خير واعظ ؟‬
‫و نرى و يا لألسف أنه حتى اليوم َّل تزال خطط بني أمية تطبق في أغلب بالد‬
‫اْلسالم لقد بذلوا ما بذلوا في سبيل تحقيق ذلك فيا ليت ما بذلوا كان في سبيل هللا‬
‫ولكن هيهات رغم أنهم حققوا الكثير إَّل أنهم لن يستطيعوا أبدا محو أثر أهل البيت و‬
‫َّل من تبعهم و لقد ثبت أن رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم قال(قريش وَّلة‬
‫الناس فبرهم تبع لبرهم و فاجرهم تبع لفاجرهم) و ربنا سبحانه و تعالى يقول(إن‬
‫اَلبرار لفي نعيم و إن الفجار لفي جحيم) و هذا القول من رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫و آله و سلم دل على أنه يكون من أمته أئمة الهدى و أتباعهم من المتقين و أئمة‬
‫الضاللة و أتباعهم من الفجار ألم يقل هللا سبحانه و تعالى و جعلناهم أئمة يدعون‬
‫إلى النارو يوم القيامة َّل ينصرون {القصص‪ }13/‬و أتبعناهم في هذه الدنيا لعنة و‬
‫يوم القيامة هم من المقبوحين {القصص‪. }18/‬إذا فليختر كلنا من يتبع و هللا وحده‬
‫الموفق و اْلنسان يجلب لنفسه هذا التوفيق بسعيه لقول هللا سبحانه و تعالى و أن‬
‫ليس لإلنسان إَّل ما سعى و أن سعيه سوف يرى‪.‬‬
‫ثم ما جرى من قتل للمسلمين على يد الحجاج بن يوسف و ما فعل العباسيون بعدهم‬
‫و المماليك و العثمانيون و إلى اليوم‪...‬و هل تختلف هذه اَلفعال عما يفعله اليهود؟‬
‫‪71‬‬

‫و أنتم اليوم يا أبطال المسلمين فخر كل اَلمة المحمدية اَلصيلة ليست اَلمة فقط‬
‫تؤيدكم بل اَلمة كلها فلسطين و كلها غزة و كلها محور المقاومة و كلها حماس إنما‬
‫هللا يكون في عونها على بعض اَلنظمة التي قهرت شعوبها و أخرتهم عن‬
‫اْلستجابة لنداء فلسطين رغم أن الكل يعرف بأن رسول هللا صلى هللا عليه و آله‬
‫أمرنا أن ننفر إذا استنفرنا‪ .‬فعن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ -‬يوم الفتح‪ ،‬فتح مكة« ‪َّ:‬ل هجرة‪ ،‬ولكن جهاد ونية‪ ،‬وإذا استُنفرتم فانفروا»‪،‬‬
‫وقال يوم الفتح‪ ،‬فتح مكة« ‪:‬إن هذا البلد حرمه هللا يوم خلق السماوات واَلرض‪ ،‬فهو‬
‫حرام بحرمة هللا إلى يوم القيامة»‪ ، ...‬وفيه قال العباس‪ :‬يا رسول هللا إَّل اْلذخر‪،‬‬
‫فإنه لقينهم ولبيوتهم‪ ،‬فقال« ‪:‬إَّل اْلذخر‪».‬‬

‫والحديث أخرجه مسلم حديث وأخرجه البخاري في "كتاب الجنائز"‪" ،‬باب اْلذخر‬
‫والحشيش في القبر" تعليًقا‪ ،‬وأخرجه موصوًَّل في "كتاب الحج"‪" ،‬باب فضل الحرم"‬
‫وأخرجه أبو داود في "كتاب المناسك"‪" ،‬باب تحريم حرم مكة" وأخرجه الترمذي في‬
‫"كتاب السير"‪" ،‬باب ما جاء في الهجرة وأخرجه النسائي في "كتاب مناسك الحج"‪،‬‬
‫"باب حرمة مكة‪.‬‬

‫يوم الفتح أي فتح مكة ‪ :‬اَلظهر أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬لم يقل ذلك يوم‬
‫فتح مكة‪ ،‬وإنما هذا من المجاز بدليل الحديث الذي يليه قال‪(( :‬الغد من يوم الفتح))‪،‬‬
‫والذي يليه قال‪ :‬لما فتح هللا عز وجل على رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫مكة‪ ،‬قام في الناس فحمد هللا وأثنى عليه‪.‬‬

‫قال الطيبي ‪ -‬رحمه هللا ‪" :-‬الهجرة إما فرار من الكفار‪ ،‬وإما إلى الجهاد‪ ،‬وإما نحو‬
‫طلب العلم‪ ،‬وقد انقطعت اَلولى‪ ،‬فاغتنموا اَلخيرتين"؛ انظر فتح المنعم‪.‬‬
‫‪71‬‬

‫وإذا استنفرتم فانفروا ‪:‬أي إذا دعاكم اْلمام إلى الغزو فاخرجوا‪ ،‬فالجملة تفسر بقاء‬
‫الجهاد‪.‬‬

‫و من دَّلئل الحديث هذا أنه دال على بقاء شعيرة الجهاد في سبيل هللا وبيان‬
‫أهميتها‪ ،‬فلما أخبر النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وآله ‪ -‬أن الهجرة من مكة انقطعت أخبر‬
‫بأن اْلنسان يمكنه اَّلستزادة من اَلعمال الصالحة بالجهاد في سبيل هللا ونية الخير‪.‬‬

‫و هو أيضا دليل على حالة من الحاَّلت التي يكون فيها الجهاد فرض عين‪ ،‬وهي‬
‫استنفار اْلمام للمسلمين بأن يخرجوا للجهاد في سبيل هللا‪ .‬أفتح هنا أخي قوسين قد‬
‫يقول قائل من الذين يبحثون دائما عن الثغرات من هو اْلمام اليوم الذي يستنفر‬
‫الناس فأقول له إن محور المقاومة اليوم هو من يستنفر و قد فعل‪ .‬و هل باّلل عليك‬
‫أخي الكريم اْلمام الخميني و اْلمام الخمنائي و السيد حسن نصر هللا و غيرهم من‬
‫السادة المراجع و هم كما يعلم الجميع من أبناء رسول هللا صلى هللا عليه و آله و‬
‫علي و فاطمة الزهراء عليهما السالم و هم بال شك نواب ْلمام العصر و الزمان‬
‫اْلمام المهدي عليه السالم و عجل هللا فرجه الشريف ألم يستنفر هؤَّلء اَلمة؟ و‬
‫كذلك كل فصائل المقاومة الفلسطينية و غيرها و هم يديرون محور المقاومة من‬
‫أجل كل المسلمين ألم يستنفر هؤَّلء؟ كفاكم تضليل لهذه اَلمة‪ .‬بل إن لم تقبل بهذا‬
‫فاَلخبار كثي ار ما تقول و قد استنجد قوم أو فرد و استجيب لنداءه و تذكرون من‬
‫ليس بأهل لها المعتصم و قد نادته فتاة و قلتم قالت وا معتصماه فجيش الجيوش و‬
‫هجم على اَلعداء و استنقذها منهم‪ .‬و هذا المعتصم هو من قتل اْلمام محمد‬
‫الجواد عليه السالم‪ .‬فهم إذا من يستنفروا الناس و قد فعلوا و َّل أرى إَّل أن الواجب‬
‫على كل مسلم قادركل على قدر استطاعته و لو بالكلمة الطيبة أن يستجيب للنداء و‬
‫هللا الموفق للسداد و للجهاد و للنصر المبين بجاه محمد و آل محمد الطيبين‬
‫الطاهرين‪ .‬و انصح كل مسلم غيور على هذه اَلمة و نحن قد بدأنا هذه المعركة‬
‫المباركة أن يكثر من هذا الدعاء المبارك للسجاد عليه السالم دعاء أهل الثغور‬
‫ص ِل أعألى‬ ‫ه‬ ‫من ه ِ‬
‫الرحيمِ‪ ،‬الل ُه هم أ‬ ‫أضعه بين يديك أخي الكريم و هو هذا ِبس ِم هللاِ ه‬
‫الرح ِ‬
‫‪72‬‬

‫اهم ِمن‬ ‫ين ِب ِع هزِت أك‪ ،‬وأِأيد ُح أماتأ أها ِبُقهوِت أك‪ ،‬وأأسِبغ أع أ‬ ‫ِِ‬ ‫مح هم ٍد وآلِ ِه‪ِ ،‬‬
‫ط أاي ُ‬ ‫ور ال ُمسلم أ‬ ‫وحصن ثُ ُغ أ‬ ‫أ‬ ‫ُأ‬
‫ِج أدِت أك‪.‬‬
‫وكِثر ِع هدتأ ُهم‪ ،‬واش أحذ أأسِل أحتأ ُهم‪ ،‬واح ُرس أحوأزتأ ُهم‪ ،‬وامأنع‬ ‫الله هم ص ِل عألى مح هم ٍد ِ ِ‬ ‫ه‬
‫وآله‪ ،‬أ‬ ‫ُ أ أ ُأ‬
‫وو ِاتر أبي أن ِمأي ِرِهم‪ ،‬وتأأو هحد ِب ِكأف أاي ِة ُم أؤِن ِهم‪،‬‬ ‫ودبر أأم أرُهم‪ ،‬أ‬
‫حومتأهم‪ ،‬وأألِف جمعهم‪ ،‬أ ِ‬
‫أ أُ‬ ‫أ أ ُ‬
‫طف أل ُهم ِفي ال أمك ِر‪.‬‬ ‫الصب ِر‪ ،‬وال ُ‬‫أعن ُهم ِب ه‬ ‫واعضدهم ِبالهنص ِر‪ ،‬وأ ِ‬
‫ُ ُ‬
‫صرُهم أما‬ ‫وآل ِه‪ ،‬وع ِرفهم ما يجهُلون‪ ،‬وعِلمهم ما أَّل يعألمون‪ ،‬وب ِ‬ ‫الله هم ص ِل عألى مح هم ٍد ِ‬ ‫ه‬
‫أ ُ أ أ‬ ‫أ ُ أ أ أ أ أ ُ أ‬ ‫ُ أ أ ُأ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِِ‬ ‫الله هم ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫صل أعألى ُم أح همد وآله‪ ،‬وأأنس ِهم عن أد لأقائ ِه ُم ال أع ُدهو ذك أر ُدنأي ُ‬
‫اه ُم‬ ‫أَّل ُيبص ُرو أن‪ ُ .‬أ‬
‫ال الأفتُو ِن‪ ،‬واج أع ِل ال أجهن أة ُنص أب أأع ُيِن ِهم‪،‬‬ ‫ات الم ِ‬ ‫طر ِ‬ ‫ِ‬
‫ور‪ ،‬وام ُح أعن ُقلُوبِهم أخ أ أ‬ ‫اع ِة ال أغ ُر ِ‬
‫ال أخ هد أ‬
‫أ‬
‫ازِل ال أك أرام ِة وال ُح ِ‬
‫ور‬ ‫اك ِن ال ُخل ِد ومأن ِ‬ ‫ارِهم ما أأعددت ِفيها ِمن مس ِ‬
‫صِ أ أ أ أ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أأ‬ ‫وألوح من أها َلأب أ‬
‫وف الثه أم ِر أحتهى أَّل‬ ‫ار المتأدلِي ِة ِبصن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط ِرأد ِة ِبأأن أو ِ‬
‫ار الم ه‬ ‫ال ِحس ِ‬
‫اع اَلأش ِرأبة واَلأش أج ِ ُ أ أ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ان واَلأن أه ِ‬
‫أ‬
‫ِ‬
‫ار‪ ،‬وأَّل ُي أح ِد أث أنف أس ُه أعن ِقرِنه ِب ِف أر ٍار‪.‬‬ ‫أيه هم أأحٌد ِمنهم ِب ِ‬
‫اْلدأب ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ أ‬
‫وبي أن أأسلِ أحِت ِهم‪ ،‬واخألع أوثأ ِائ أق‬ ‫ِ‬
‫الل ُه هم افُلل ِب أذل أك أع ُدهو ُهم‪ ،‬واقلم أعن ُهم أأظأف أارُهم‪ ،‬وأفرِق أبيأن ُهم أ‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫وضلِل ُهم أعن أوج ِه ِهم‪ ،‬واق أ‬ ‫ِ‬
‫وحِيرُهم في ُسُبل ِهم‪ ،‬أ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫أأفِئدِت ِهم‪ِ ،‬‬
‫طع‬ ‫وبي أن أأزِوأدتهم‪ ،‬أ‬ ‫وباعد أبيأن ُهم أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الرع أب‪ ،‬واقِبض أأي ِدأي ُهم أع ِن الأبس ِط‪،‬‬ ‫أعن ُه ُم ال أم أد أد‪ ،‬وانُقص ِمن ُه ُم ال أع أد أد‪ ،‬وام أأل أأفِئ أدتأ ُه ُم ُّ‬
‫طع ِب ِخزِي ِهم‬ ‫اء ُهم‪ ،‬واق أ‬ ‫وش ِرد ِب ِهم من أخلأفهم أ ِ ِ ِ‬ ‫النط ِق‪ ،‬أ‬ ‫واخ ِزم أأل ِسأنتأ ُهم أع ِن ُّ‬
‫ونكل بهم أمن أوأر أ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬
‫اع أمن أبع أد ُهم‪.‬‬
‫أأط أم أ‬
‫ام ِهم‪ ،‬أَّل‬ ‫طع نسل دو ِاب ِهم وأأنع ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الله هم أع ِقم أأرحام ِنس ِائ ِهم‪ ،‬أ ِ‬ ‫ه‬
‫أ‬ ‫ويبس أأص أال أب ِر أجالهم‪ ،‬واق أ أ أ أ أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫ُ‬
‫ات‪.‬‬‫ض ِهم ِفي نب ٍ‬ ‫تأأ أذن لِسم ِائ ِهم ِفي أقط ٍر‪ ،‬وأَّل َِلأر ِ‬
‫أأ‬ ‫أأ‬
‫ِ‬
‫صن ِبه ِدأي أارُهم‪ ،‬وثأ ِمر ِبه أأم أواأل ُهم‪ ،‬وأف ِرغ ُهم أعن‬ ‫ِ‬ ‫اْلس أالمِ‪ ،‬وح ِ‬ ‫الله هم وأق ِو ِب أذلِ أك ِمحال أأه ِل ِ‬ ‫ه‬
‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫ُ‬
‫ك‪ ،‬وأَّل‬ ‫ض أغي ُر أ‬ ‫اع اَلأر ِ‬ ‫وعن ُمأن أاب أذِت ِهم لِل أخل أوِة ِب أك أحتهى أَّل ُيعأب أد ِفي ِبأق ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫ُم أح أارأبت ِهم لعأب أادت أك‪ ،‬أ‬
‫ون أك‪.‬‬ ‫تُعهفر َِل ٍ ِ‬
‫أحد من ُهم أجب أهةٌ ُد أ‬ ‫أأ أ‬
‫ين‪ ،‬وأأم ِدد ُهم ِب أم أالِئ أك ٍة‬ ‫ِ ِ‬
‫ين أعألى أمن ِبِإ أزائ ِهم م أن ال ُمش ِرِك أ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫الل ُه هم اغ ُز ِب ُك ِل أناحأية م أن ال ُمسلم أ‬
‫ه‬
‫ض أك وأس اًر‪ ،‬أأو ُي ِق ُّروا‬ ‫اب أقت ًال ِفي أأر ِ‬‫ط ِع التُّر ِ‬
‫وهم ِإألى ُمنأق أ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫أ‬ ‫ين أحتهى أيكشُف ُ‬ ‫ك ُمرِدف أ‬ ‫من عند أ‬
‫ه‬ ‫ِب أهنك أأنت ه ه ِ‬
‫ك أَّل أش ِر أ‬
‫يك أل أك‪.‬‬ ‫َّللاُ الذي أَّل ِإأل أه ِإَّل أأن أت أوح أد أ‬ ‫أ أ‬
‫ش‬‫الرو ِم والتُّر ِك وال أخ أزِر وال أحأب ِ‬ ‫ار الِب أال ِد ِم أن ال ِهن ِد و ُّ‬
‫طِ‬‫ك ِفي أأق أ‬ ‫اء أ‬
‫ِِ‬ ‫ه‬
‫الل ُه هم واع ُمم ب أذل أك أأع أد أ‬
‫وصأفاتُ ُهم‪،‬‬ ‫الشر ِك‪ ،‬هال ِذين تأخأفى أأسماؤهم ِ‬ ‫السأقالِب ِة وال هديالِم ِة وس ِائ ِر أُم ِم ِ‬ ‫وب ِة و ه‬ ‫و ُّ‬
‫أ ُُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫الزن ِج و ه أ‬ ‫الن أ‬
‫‪73‬‬

‫صيتأ ُهم ِب أمع ِرأفِت أك‪ ،‬وأأش أرف أت أعألي ِهم ِبُقد أرِت أك‪.‬‬‫وأقد أأح أ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ص أعن‬ ‫وخذ ُهم ِبالهنق ِ‬ ‫ين‪ُ ،‬‬ ‫ين أعن تأأن ُاو ِل أأط أراف ال ُمسلم أ‬ ‫الل ُه هم اش أغ ِل ال ُمش ِرِك أ‬
‫ين ِبال ُمش ِرِك أ‬
‫ص ِهم‪ ،‬وثأِبط ُهم ِبالُفرأق ِة أع ِن ِاَّلحِت أش ِاد أعألي ِهم‪.‬‬ ‫تأنُّق ِ‬
‫أ‬
‫ال‪ ،‬وأو ِهن‬ ‫الله هم أأخ ِل ُقُلوبهم ِم أن اَلأمأن ِة‪ ،‬وأأب أد أانهم ِم أن الُقهوِة‪ ،‬وأأذ ِهل ُقُلوبهم ع ِن ِاَّلحِتي ِ‬ ‫ه‬
‫أ‬ ‫أُ أ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أُ‬ ‫ُ‬
‫ال‪ ،‬واب أعث أعألي ِهم ُجنداً ِمن‬ ‫طِ‬ ‫وجِبن ُهم أعن ُمأق أارأع ِة اَلأب أ‬ ‫أأرأك أانهم عن مأن أازأل ِة ِ ِ‬
‫الر أجال‪ ،‬أ‬ ‫ُ أ ُ‬
‫ص ُد ِب ِه أشوأكتأ ُهم‪،‬‬ ‫س ِمن أبأ ِس أك أك ِفعلِ أك أيوم أبد ٍر‪ ،‬تأق أ ِ ِ ِ‬
‫ط ُع به أداب أرُهم وتأح ُ‬ ‫أ‬
‫م أالِئ أكِت أك ِبأبأ ٍ‬
‫أ‬
‫ِق ِب ِه أع أد أد ُهم‪.‬‬
‫وتُأفر ُ‬
‫وف‪ ،‬وأألِ هح أعألي أها‬ ‫اء‪ ،‬وأأط ِعمتأهم ِباَلأدو ِاء‪ ،‬وارِم ِب أالدهم ِبالخس ِ‬ ‫الله هم وام ُزج ِمياههم ِبالوب ِ‬ ‫ه‬
‫ُُ‬ ‫أُ‬ ‫أ‬ ‫أ ُ‬ ‫أ أُ أأ‬ ‫ُ‬
‫ض أك وأأب أع ِد أها أعن ُهم‪ ،‬وامأنع‬ ‫ص أأر ِ‬ ‫أح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالُق ُذوف‪ ،‬واف أرع أها بال ُم ُحول‪ ،‬واج أعل مأي أرُهم في أ أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أصب ُهم ِبال ُجوِع ال ُم ِقي ِم و ُّ‬
‫السق ِم اَلألِيمِ‪.‬‬ ‫حصونها ِمنهم‪ ،‬أ ِ‬
‫ُ ُ أأ ُ‬
‫اع ُسهنِت أك لِأي ُكو أن ِدي ُن أك‬ ‫اه أد ُهم ِمن أأتأب ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ ِ هِ‬
‫اهم من أأهل ملت أك‪ ،‬أأو ُم أجاهد أج أ‬
‫از أغ أز ِ‬
‫ُ‬ ‫الل ُه هم وأأيُّما أغ ٍ‬
‫أ‬
‫ه‬
‫النج ِح‪،‬‬ ‫وهِيئ أل ُه اَلأم أر‪ ،‬وتأأوهل ُه ِب ُّ‬ ‫ِِ‬ ‫وحزبك اَلأقوى ُّ‬ ‫اَلأعألى ِ‬
‫وحظ أك اَلأوأفى أفألقه ال ُيس أر‪ ،‬أ‬ ‫أ‬ ‫ُأ أ‬
‫اط‪،‬‬‫الظهر‪ ،‬وأأسِبغ عألي ِه ِفي الهنأفأق ِة‪ ،‬ومِتعه ِبالهن أش ِ‬ ‫وتأخيهر أله اَلأصحاب‪ ،‬واستأق ِو أله ه‬
‫أ ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫أ أ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬
‫الشو ِق‪ ،‬وأ ِجرهُ ِمن أغ ِم ال أوح أش ِة‪ ،‬وأأن ِس ِه ِذك أر اَلأه ِل وال أوأل ِد‪ .‬أوأثُر أل ُه‬ ‫ف أعن ُه حرارأة ه‬
‫أأ أ‬
‫وأأط ِ‬
‫الس أال أم أة‪ ،‬وأأع ِف ِه ِم أن ال ُجب ِن‪ ،‬وأأل ِهم ُه ال ُج أرأأة‪،‬‬ ‫هة‪ ،‬وتأأوهل ُه ِبال أع ِافأي ِة‪ ،‬وأأص ِحب ُه ه‬ ‫الني ِ‬
‫ح سن ِ‬
‫ُ أ‬
‫وس ِددهُ ِفي ال ُحكمِ‪ ،‬واع ِزل أعن ُه‬ ‫السأن أن‪ ،‬أ‬ ‫السأي أر و ُّ‬ ‫النصرِة‪ ،‬وعلِمه ِ‬
‫وارُزق ُه الش هد أة‪ ،‬وأِأيدهُ ِب ُّ أ أ ُ‬
‫ِ‬
‫اف‬‫ص ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السمع ِة‪ ،‬واجعل ِفكره ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرياء‪ ،‬أ ِ‬ ‫ِ‬
‫يك وأل أك‪ .‬أفإ أذا أ‬ ‫امتأ ُه ف أ‬
‫ظعأن ُه وإِ أق أ‬‫وذك أرهُ و أ‬ ‫أُ‬ ‫أ‬ ‫وخلص ُه م أن ُّ أ‬ ‫أأ‬
‫وص ِغر أشأأن ُهم ِفي أقلِب ِه‪ ،‬وأ ِأدل أل ُه ِمن ُهم‪ ،‬وأَّل تُِدل ُهم ِمن ُه‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وع ُدهوهُ أفأقلل ُهم في أعينه‪ ،‬أ‬ ‫ك أ‬ ‫أع ُدهو أ‬
‫ِ‬ ‫السعاد ِة‪ ،‬وأقضيت أله ِب ه ِ‬
‫وبع أد أأن‬ ‫ك ِبالأقتل‪ ،‬أ‬ ‫اح أع ُدهو أ‬
‫الش أه أادة أفأبع أد أأن أيجتأ أ‬ ‫أ أ ُ‬ ‫أفِإن أختأم أت أل ُه ِب ه أ أ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ك ُمدِب ِر أ‬ ‫وبع أد أأن ُي أول أي أع ُدُّو أ‬ ‫ين‪ ،‬أ‬ ‫اف ال ُمسلم أ‬ ‫وبع أد أأن تأأ أم أن أأط أر ُ‬ ‫أيج أه أد ِب ِه ُم اَلأس ُر‪ ،‬أ‬
‫أع أان ُه‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ازياً أأو م ارِبطاً ِفي أد ِِ‬ ‫ف أغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫اره‪ ،‬أأو تأ أع هه أد أخالفيه في أغيأبته‪ ،‬أأو أ أ‬ ‫ُأ‬ ‫ُّما ُمسل ٍم أخأل أ‬ ‫الل ُه هم وأأي أ‬
‫أم هدهُ ِب ِعتأ ٍاد‪ ،‬أأو أش أح أذهُ أعألى ِج أه ٍاد‪ ،‬أأو أأتأب أع ُه ِفي أوج ِه ِه أدع أوًة‪ ،‬أأو‬ ‫ِِ‬
‫طائأفة من أماله‪ ،‬أأو أ أ‬
‫ِب أ ِ ٍ ِ‬
‫وع ِوض ُه ِمن ِفعلِ ِه‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫أرأعى أل ُه من أوأرائه ُحرأم ًة‪ ،‬أفآ ِجر أل ُه مث أل أأج ِِره أوزناً ِب أوزٍن و ِمث ًال ِبمثل‪ ،‬أ‬
‫ِ‬
‫ور أما أأتأى ِب ِه‪ِ ،‬إألى أأن أينتأ ِهي ِب ِه ال أوق ُت ِإألى‬ ‫وس ُر أ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ع أوضاً أحاض اًر أيتأ أع هج ُل به أنف أع أما أق هد أم ُ‬
‫ِ‬
‫أ‬
‫امِت أك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أما أأج أري أت أل ُه من أفضل أك‪ ،‬وأأع أدد أت أل ُه من أك أر أ‬
‫الشر ِك أعألي ِهم أفأن أوى أغزواً‪ ،‬أأو‬ ‫اْلس أالمِ‪ ،‬وأأح أزنه تأح ُّزب أأه ِل ِ‬ ‫أه هم ُه أأمر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫أُ أ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّما ُمسل ٍم أ أ‬ ‫الل ُه هم وأأي أ‬
‫‪74‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫ض أل ُه‬ ‫طأأت ِبه أفا أق ٌة‪ ،‬أأو أ هخ أرهُ أعن ُه أحاد ٌث‪ ،‬أأو أع أر أ‬ ‫ف‪ ،‬أو أأب أ‬ ‫ضع ٌ‬ ‫أه هم ِب ِج أهاد أفأق أع أد ِبه أ‬
‫ين‪ ،‬واج أعل ُه ِفي‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫اب ال ُم أجاهد أ‬ ‫ين‪ ،‬وأأوجب أل ُه ثأأو أ‬ ‫ُدو أن ِإ أرأادته أمان ٌع أفاكتُ ِب اس أم ُه في ال أعاِبد أ‬
‫ين‪.‬‬ ‫الشهد ِاء و ه ِ ِ‬
‫الصالح أ‬ ‫ظا ِم ُّ أ أ‬ ‫ِن أ‬
‫الصألو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ه‬
‫ات‪،‬‬ ‫ص أال ًة أعالأي ًة أعألى ه أ‬
‫ك أ ِ‬
‫ورُسول أك وآل ُم أح همد‪ ،‬أ‬ ‫ص ِل أعألى ُم أح همد أعبد أ‬ ‫الل ُه هم أ‬
‫ضى ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أم ُد أها‪ ،‬وأَّل أينأقط ُع أع أد ُد أها أكأأتأ ِم أما أم أ‬
‫ص أال ًة أَّل أينتأهي أ أ‬ ‫ُمشرأف ًة أفو أق التحيهات‪ ،‬أ‬
‫ال لِ أما تُ ِر ُيد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صألو ِاتك عألى أ ٍ ِ‬
‫ئ ال ُمع ُيد الأف هع ُ‬ ‫ان ال أحم ُيد ال ُمبد ُ‬‫أحد من أأولِأيائ أك‪ِ ،‬إهن أك ال أمهن ُ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ أ‬
‫و في حديث آخر عن عبد هللا بن عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم يوم فتح مكة« ‪َّ:‬ل هجرة بعد الفتح‪ ،‬ولكن جهاد ونية‪ .‬وإذا استُن ِفرتُم‬
‫البلد أح هرأم ُه هللا يوم خلق هللا السموات واَلرض‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أفانف ُروا ‪.‬وقال يوم فتح مكة« ‪:‬إن هذا أ‬
‫أح ٍد أقبلِي‪ ،‬ولم أي ِح هل لي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بحرأمة هللا إألى يوم القيامة‪ ،‬وإنه لم يحل القتال فيه َل أ‬ ‫فهو أح أرٌام ُ‬
‫ض ُد أشو ُك ُه‪ ،‬أوَّلأ ُيأنهف ُر‬‫إَّل ساعة من نهار‪ ،‬حرام ِبحرمة هللا إلى يوم القيامة‪َّ ،‬ل ُيع أ‬
‫طتأ ُه إَّل من أع هرأف أها‪ ،‬وَّلأ ُيخأتألى أخالأهُ ‪».‬فقال العباس ‪:‬يا رسول هللا‪،‬‬ ‫ط لُأق أ‬‫صي ُدهُ‪ ،‬أوَّلأ أيلتأ ِق ُ‬‫أ‬
‫اْلذ ِخر؛ فإنه لِأقيِن ِهم وبيوتهم؟ فقال« ‪:‬إَّل ِ‬
‫اْلذ ِخ أر ‪».‬‬ ‫إَّل ِ‬
‫أ‬
‫[صحيح[ ‪] -‬متفق عليه]‬

‫‪-‬اْلمام علي عليه السالم ‪:‬لما خرج رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى المدينة في‬
‫الهجرة أمرني أن أقيم بعده حتى أؤدي ودائع كانت عنده للناس‪ ،‬وإنما كان يسمى‬
‫اَلمين‪ ،‬فأقمت ثالثا وكنت أظهر‪ ،‬ما تغيبت يوما واحدا‪ ،‬ثم خرجت فجعلت أتبع‬
‫طريق رسول هللا صلى هللا عليه وآله حتى قدمت بني عمرو بن عوف ورسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله مقيم‪ ،‬فنزلت على كلثوم بن الهدم وهنالك منزل رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وآله كنز العمال في كم من موضع‪.‬‬
‫‪-‬رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪َّ:‬ل هجرة بعد الفتح كنز العمال في أكثر من‬
‫موضع‪.‬‬
‫‪-‬عنه (صلى هللا عليه وآله)‪َّ :‬ل هجرة بعد فتح مكة كنز العمال‪.‬‬
‫‪-‬عنه (صلى هللا عليه وآله)‪َّ :‬ل هجرة‪ ،‬ولكن جهاد ونية‪ ،‬وإذا استنفرتم فانفروا كنز‬
‫العمال‪.‬‬
‫‪75‬‬

‫‪-‬عنه (صلى هللا عليه وآله)‪َّ :‬ل هجرة بعد الفتح‪ ،‬ولكن إنما هو اْليمان والنية‬
‫والجهاد كنز العمال‪.‬‬
‫‪-‬عنه (صلى هللا عليه وآله)‪َّ :‬ل هجرة بعد الفتح‪ ،‬ولكن جهاد ونية‪ ،‬وإذا استنفرتم‬
‫فانفروا‪.‬كنز العمال‪.‬‬
‫عدم انقطاع الهجرة ‪ -‬رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪:‬أيها الناس هاجروا وتمسكوا‬
‫باْلسالم‪ ،‬فإن الهجرة َّل تنقطع ما دام الجهاد‪.‬كنز العمال‪.‬‬
‫‪-‬عنه (صلى هللا عليه وآله)‪ :‬لن تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار‪.‬كنز العمال‪.‬‬
‫‪-‬عنه (صلى هللا عليه وآله)‪َّ :‬ل تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل كنز العمال‪.‬‬
‫‪-‬اْلمام علي عليه السالم ‪:‬الهجرة قائمة على حدها اَلول‪ ،‬ما كان هلل في أهل‬
‫اَلرض حاجة من مستسر اَلمة ومعلنها‪َّ ،‬ل يقع اسم الهجرة على أحد [إَّل] بمعرفة‬
‫الحجة في اَلرض‪ ،‬فمن عرفها وأقر بها فهو مهاجر‪ ،‬وَّل يقع اسم اَّلستضعاف على‬
‫من بلغته الحجة فسمعتها اذنه ووعاها قلبه نهج البالغة ‪:‬الخطبة ‪.٩٨١‬‬
‫‪-‬اْلمام الباقر عليه السالم ‪:‬من دخل في اْلسالم طوعا فهو مهاجر الكافي ‪.‬‬
‫وفي خبر عن الصادق عليه السالم ‪ -:‬من ولد في اْلسالم فهو عربي‪ ،‬ومن دخل‬
‫فيه بعدما كبر فهو مهاجر معاني اَلخبار و كما تعلم أخي الكريم فإننا مأمورون‬
‫بالجهاد في الكتاب و السنة و إليك بعض اآليات من القرآن الكريم‬

‫يعا {النساء‪ }53/‬أوإِ هن ِم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يا أأي ه ِ‬
‫نكم‬ ‫آم ُنوا ُخ ُذوا حذ أرُكم أفانف ُروا ثُأبات أ ِأو انف ُروا أجم ً‬ ‫ين أ‬ ‫ُّها الذ أ‬
‫أ أ‬
‫أكن هم أع ُهم أش ِه ًيدا‬ ‫ال أقد أأن أع أم َّللاُ أعأل هي ِإذ ألم أ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه ِ‬
‫أل أمن ل ُيأبطأئ هن أفإن أ أ‬
‫أص أابت ُكم ُّمص أيب ٌة أق أ‬
‫أص أاب ُكم أفض ٌل ِم أن هللا ألأيُقوأل هن أكأأن هلم تأ ُكن أبيأن ُكم أوأبيأن ُه أم أوهدةٌ أيا‬ ‫ِ‬
‫{النساء‪ }58/‬أوألئن أ أ‬
‫ين أيش ُرو أن‬ ‫أليتأِني ُكنت معهم أف أ ُفوز أفو از ع ِظيما {النساء‪ }51/‬أفليأق ِاتل ِفي سِب ِ ِ ه ِ‬
‫يل َّللا الذ أ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫أ ً أ ً‬ ‫ُ أأُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يما‬
‫ف ُنؤتيه أأج ًار أعظ ً‬ ‫الدنأيا ِباآلخ أرِة أو أمن ُيأقاتل في أسِبيل َّللا أف ُيقأتل أأو أيغلب أف أسو أ‬ ‫اة ُّ‬
‫ال أحأي أ‬
‫ال و ِ‬
‫الن أساء‬ ‫ين ِم أن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫{النساء‪ }51/‬وما ألكم َّلأ تأق ِاتلُون ِفي سِب ِ ِ‬
‫الر أج أ‬ ‫يل َّللا أوال ُمستأض أعف أ‬ ‫أ‬ ‫ُ أ‬ ‫أأ ُ‬
‫ه ِ ه‬ ‫ِ هِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫وال ِولد ِ ه ِ‬
‫ين أيُقولُو أن أربأهنا أأخ ِرجأنا من أهذه الأقرأية الظال ِم أأهلُ أها أواج أعل لأنا من ل ُد أ‬
‫نك‬ ‫ان الذ أ‬ ‫أ أ‬
‫ين‬ ‫ير {النساء‪ }56/‬هال ِذين آمنوا يأق ِاتُلون ِفي سِب ِ ِ ه ِ‬ ‫ولِيًّا واجعل هلنا ِمن هلدنك ن ِ‬
‫يل َّللا أوالذ أ‬ ‫أ‬ ‫أ أُ ُ أ‬ ‫ص ًا‬ ‫ُ أ أ‬ ‫أ أ أ أ‬
‫ض ِع ًيفا‬ ‫ان أ‬ ‫ان أك أ‬ ‫طِ‬ ‫ان ِإ هن أكي أد ه‬
‫الشي أ‬ ‫طِ‬ ‫وت أفأق ِاتلُوا أأولِأياء ه‬
‫الشي أ‬ ‫الطاغ ِ‬
‫ُ‬
‫يل ه‬ ‫أكأفروا يأق ِاتلُو أن ِفي سِب ِ‬
‫ُ ُ‬
‫أ‬
‫‪76‬‬

‫اة أفأل هما‬ ‫الصالأ أة وآتُوا ه‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫{النساء‪ }59/‬أألم تأر ِإألى هال ِذ ِ‬
‫الزأك أ‬ ‫أ‬ ‫يموا ه‬ ‫يل أل ُهم ُكفوا أأيدأي ُكم أوأأق ُ‬ ‫ين ق أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ِ ِ‬ ‫ُكِتب عألي ِهم ال ِقتأال ِإ أذا أف ِر ِ‬
‫أش هد أخشأي ًة أوأقالُوا أربأهنا‬ ‫اس أك أخشأية َّللا أأو أ أ‬ ‫يق من ُهم أيخ أشو أن الهن أ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أ أ ُ‬
‫اآلخ أرةُ أخيٌر ِل أم ِن‬
‫يب ُقل متأاع ال هدنيا أقلِيل و ِ‬ ‫لِم أكتأب أت أعأليأنا ال ِقتأال ألوَّل أ هخرتأأنا ِإألى أأج ٍل أق ِر ٍ‬
‫أ ُ أ ٌ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫كك ُم ال أمو ُت أوألو ُكنتُم ِفي ُب ُرو ٍج‬ ‫ونوا ُيد ِر ُّ‬ ‫ِ‬
‫اتهأقى أوَّلأ تُظأل ُمو أن أفتيالً {النساء‪ }55/‬أأيأن أما تأ ُك ُ‬
‫صب ُهم أسِيأئةٌ أيُقولُوا أه ِذِه ِمن‬ ‫صبهم حسن ٌة يُقولُوا ه ِذِه ِمن ِع ِند َّللاِ وإِن تُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُّم أشي أهدة أوإِن تُ ُ أ أ أ أ‬
‫َّل أي أك ُادو أن أيفأق ُهو أن أح ِديثًا {النساء‪ }52/‬هما‬ ‫ك ُقل ُك ًّل ِمن ِع ِند َّللاِ أف أما لِ أه ُؤَّلء الأقو ِم أ‬ ‫ِ ِ‬
‫عند أ‬
‫اك لِلهن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس أرُسوَّلً‬ ‫أص أاب أك من أسِيأئة أفمن هنفس أك أوأأرأسلأن أ‬ ‫أص أاب أك من أح أسأنة أفم أن َّللا أو أما أ أ‬ ‫أأ‬
‫أوأكأفى ِباّللِ أش ِه ًيدا {النساء‪}56/‬‬

‫اه ُدوا ِفي أسِبيلِ ِه أل أعهل ُكم تُفلِ ُحو أن‬ ‫أأ‬
‫ِ ِ‬
‫يه الوِسيأل أة وج ِ‬ ‫ه‬
‫آم ُنوا اتُقوا َّللاأ أوابتأ ُغوا إأل أ‬
‫ين أ‬
‫يا أأي ه ِ‬
‫ُّها الذ أ‬
‫أ أ‬
‫{المائدة‪}16/‬‬

‫ض ُعُفوا‬ ‫وكأِأين ِمن هنِب ٍي أقاتل معه ِربِيُّون كِثير أفما وهنوا لِما أأصابهم ِفي سِب ِ ِ‬
‫يل َّللا أو أما أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ ٌ أ أ أُ أ أ أ ُ‬ ‫أأ أأُ‬ ‫أأ‬
‫ين {آل عمران‪}319/‬‬ ‫أو أما استأ أك ُانوا أوَّللاُ ُي ِح ُّب ه‬
‫الصاِب ِر أ‬
‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫أ ُِذن لِهل ِذين يأق أاتُلو أن ِب أهنهم ُ ِ‬
‫َّللا أعألى أنص ِرِهم ألأقد ٌير {الحج‪ }16/‬الذ أ‬
‫ين أُخ ِر ُجوا‬ ‫ظل ُموا أوإِ هن ه أ‬ ‫ُ‬ ‫أ ُ‬ ‫أ‬
‫ض ُهم ِبأبع ٍ‬ ‫َّللا وألوأَّل دفع ه ِ‬ ‫ِه‬ ‫ِمن ِدأي ِ ِ ِ‬
‫ض‬ ‫اس أبع أ‬ ‫َّللا الهن أ‬ ‫ارهم ب أغي ِر أح ٍق إَّل أأن أيُقولُوا أربأُّنا ه ُ أ أ ُ‬
‫نص أرهن ه‬
‫َّللاُ أمن‬ ‫َّللاِ أكِث ًا‬
‫ير أوألأي ُ‬ ‫يها اس ُم ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات أو أم أساج ُد ُيذ أك ُر ف أ‬
‫صأل أو ٌ‬ ‫ِ‬
‫ص أوام ُع أوِبأي ٌع أو أ‬
‫ه ِ‬
‫ل ُهد أمت أ‬
‫ِ‬ ‫َّللا ألأق ِو ٌّي ع ِز ٌيز {الحج‪ }12/‬هال ِذين ِإن هم هكهن ِ‬ ‫ِ‬
‫الص أال أة‬
‫اموا ه‬ ‫اهم في اَلأرض أأق ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫نص ُرهُ إ هن ه أ‬
‫أي ُ‬
‫ور {الحج‪}13/‬‬ ‫نك ِر أوِهّللِ أع ِاقأب ُة اَلُم ِ‬
‫وف أوأن أهوا أع ِن ال ُم أ‬ ‫الزأكاة وأأمروا ِبالمعر ِ‬
‫أ ُ‬ ‫أوآتأُوا ه أ أ أ ُ‬
‫ُ‬
‫ال أو ُه أو ُكرهٌ هل ُكم أو أع أسى أأن تأك أرُهوا أشيًئا أو ُه أو أخيٌر هل ُكم أو أع أسى أأن تُ ِحبُّوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُكت أب أعألي ُك ُم القتأ ُ‬
‫الشه ِر ال أح أار ِم‬‫ون أك أع ِن ه‬ ‫ه‬
‫أشيًئا أو ُه أو أشٌّر ل ُكم أوَّللاُ أيعأل ُم أوأأنتُم َّلأ تأعأل ُمو أن {البقرة‪ }839/‬أيس ألُ أ‬
‫اج أأهلِ ِه‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صٌّد أعن أسِبيل َّللا أو ُكفٌر ِبه أوال أمسجد ال أح أار ِم أوإِخ أر ُ‬ ‫يه ُقل ِقتأ ٌ ِ ِ ِ‬
‫ال فيه أكب ٌير أو أ‬
‫ال ِف ِ‬
‫ِقتأ ٍ‬
‫وكم أعن ِد ِين ُكم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من ُه أأكأب ُر ع أند َّللا أوالفتأن ُة أأكأب ُر م أن الأقت ِل أوَّلأ أي أازلُو أن ُيأقاتلُ أ‬
‫ون ُكم أحته أى أي ُرُّد ُ‬
‫طت أأع أماُل ُهم ِفي‬ ‫نكم أعن ِد ِين ِه أفأي ُمت أو ُه أو أك ِافٌر أفأُوألِئ أك أحِب أ‬ ‫اعوا أو أمن أيرتأِدد ِم ُ‬ ‫ط ُ‬ ‫ِإ ِن استأ أ‬
‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫آم ُنوا‬ ‫يها أخال ُدو أن {البقرة‪ِ }835/‬إ هن الذ أ‬
‫ين أ‬ ‫ار ُهم ف أ‬ ‫اب الهن ِ‬
‫الدنأيا أواآلخ أرة أوأُوألئ أك أأص أح ُ‬ ‫ُّ‬
‫‪77‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬


‫يم‬ ‫اه ُدوا في أسِبيل َّللا أُوألئ أك أير ُجو أن أرح أم أت َّللا أوَّللاُ أغُف ٌ‬
‫ور هرح ٌ‬ ‫اج ُروا أو أج أ‬
‫ين أه أ‬
‫أوالذ أ‬
‫{البقرة‪}832/‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأق ِاتلُوا ِفي سِب ِ ِ ه ِ‬


‫ون ُكم أوَّلأ تأعتأ ُدوا ِإ هن َّللاأ َّلأ ُيح ِب ال ُمعتأد أ‬
‫ين {البقرة‪}362/‬‬ ‫ين ُيأقاتلُ أ‬
‫يل َّللا الذ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وت أوآتأاهُ َّللاُ ال ُمل أك أوال ِحك أم أة أو أعهل أم ُه ِم هما أي أشاء أوألوَّلأ‬ ‫ِ‬
‫وهم ِبِإذ ِن َّللا أوأقأت أل أد ُاوُد أجاُل أ‬
‫أف أه أزُم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دفع َّللاِ الهناس بعضهم ِببع ٍ ه ِ‬
‫ض أوألك هن َّللاأ ُذو أفض ٍل أعألى ال أعاألم أ‬
‫ين‬ ‫ض لأف أس أدت اَلأر ُ‬ ‫أ أ أ ُ أ‬ ‫أ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين {البقرة‪}868/‬‬ ‫وها أعألي أك ِبال أح ِق أوِإهن أك ألم أن ال ُمرأسل أ‬ ‫ات َّللا أنتُل أ‬‫{البقرة‪ }863/‬تل أك أآي ُ‬

‫اه ُدوا ِم ُ‬ ‫هِ‬ ‫ِ‬


‫الصاِب ِر أ‬
‫ين {آل‬ ‫نكم أوأيعأل أم ه‬ ‫أأم أحسبتُم أأن تأد ُخلُوا ال أجهن أة أوأل هما أيعأل ِم َّللاُ الذ أ‬
‫ين أج أ‬
‫عمران‪}318/‬‬

‫نكم أوألم أيته ِخ ُذوا ِمن ُدو ِن َّللاِ أو أ‬


‫َّل‬ ‫اه ُدوا ِم ُ‬
‫ين أج أ‬
‫هِ‬ ‫ِ‬
‫أأم أحسبتُم أأن تُت أرُكوا أوأل هما أيعأل ِم َّللاُ الذ أ‬
‫يج ًة أوَّللاُ أخِب ٌير ِب أما تأع أملُو أن {التوبة‪}39/‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين أولِ أ‬ ‫أرُسولِه أوَّلأ ال ُمؤ ِمن أ‬
‫ه ِِ‬ ‫الدين ِّللِ أفِإ ِن انتأهوا أفالأ عدو ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان ِإَّل أعألى الظالم أ‬
‫ين‬ ‫ُ أ أ‬ ‫أ‬ ‫أوأقاتُلو ُهم أحتهى َّلأ تأ ُكو أن فتأن ٌة أوأي ُكو أن ُ‬
‫{البقرة‪}361/‬‬

‫يل َّللاِ‬ ‫الضرِر والمج ِ‬


‫اه ُدو أن ِفي سِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫أ‬ ‫ين أغي ُر أُولِي ه أ أ ُ أ‬ ‫َّل أيستأ ِوي الأقاع ُدو أن م أن ال ُمؤ ِمن أ‬
‫اع ِدين درج ًة و ُكالًّ‬‫ِ‬ ‫ين ِبأأموالِ ِهم وأ ُ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫أنف ِس ِهم أف ه‬
‫ِبأأم أوالِ ِهم أوأ ُ‬
‫أنفسهم أعألى الأق أ أ أ أ أ‬ ‫أ‬ ‫ض أل َّللاُ ال ُم أجاهد أ أ‬
‫يما {النساء‪}66/‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫أو أع أد َّللاُ ال ُحسأنى أوأف ه‬
‫ين أأج ًار أعظ ً‬
‫ين أعألى الأقاعد أ‬ ‫ض أل َّللاُ ال ُم أجاهد أ‬
‫يما {النساء‪}69/‬‬ ‫ات ِمنه ومغ ِفرة ورحم ًة وأكان َّللا أغُف ا ِ‬ ‫درج ٍ‬
‫ور هرح ً‬ ‫ُ أ أ أً أ أ أ أ أ ُ ً‬ ‫أأ أ‬
‫أنف ِس ِهم ِفي سِب ِ ِ ه ِ‬ ‫اه ُدوا ِبأأم أوالِ ِهم أوأ ُ‬ ‫هِ‬
‫ص ُروا‬ ‫ين أآووا هوأن أ‬ ‫يل َّللا أوالذ أ‬ ‫أ‬ ‫اج ُروا أو أج أ‬
‫آم ُنوا أو أه أ‬
‫ين أ‬‫ِإ هن الذ أ‬
‫َّلأيِت ِهم ِمن أشي ٍء‬ ‫آم ُنوا أوألم ُي أها ِج ُروا أما أل ُكم ِمن أو أ‬ ‫أُوألِئك بعضهم أأولِياء بع ٍ ه ِ‬
‫ين أ‬ ‫ض أوالذ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أ ُ ُ‬
‫ين أف أعألي ُك ُم الهنص ُر ِإَّله أعألى أقو ٍم أبيأن ُكم أوأبيأن ُهم‬
‫الد ِ‬‫وكم ِفي ِ‬ ‫نص ُر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫أحتى ُي أهاج ُروا أوإِن استأ أ‬
‫ض ِإَّله‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُهم أأولِأياء أبع ٍ‬ ‫اق أوَّللاُ ِب أما تأع أملُو أن أبص ٌير {اَلنفال‪ }58/‬أوال أ‬
‫ذين أكأف ُروا أبع ُ‬ ‫ميثأ ٌ‬
‫هِ‬ ‫تأف أعُلوهُ تأ ُكن ِفتأن ٌة ِفي اَلأر ِ‬
‫اه ُدوا‬
‫اج ُروا أو أج أ‬‫آم ُنوا أو أه أ‬‫ين أ‬‫ض أوأف أس ٌاد أكِب ٌير {اَلنفال‪ }51/‬أوالذ أ‬
‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ًّ ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِفي سِب ِ ِ ه ِ‬
‫ص ُروا أُوألئ أك ُه ُم ال ُمؤم ُنو أن أحقا ل ُهم همغف أرةٌ أوِرز ٌ أك ِر ٌ‬
‫يم‬ ‫ين أآووا هوأن أ‬
‫يل َّللا أوالذ أ‬ ‫أ‬
‫‪78‬‬

‫اه ُدوا أم أع ُكم أفأُوألِئ أك ِم ُ‬


‫نكم أوأُوُلوا اَلأر أحا ِم‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬
‫اج ُروا أو أج أ‬
‫آم ُنوا من أبع ُد أو أه أ‬
‫ين أ‬
‫{اَلنفال‪ }51/‬أوالذ أ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ٍ ِ ِ ِ ِِ‬
‫يم {اَلنفال‪}56/‬‬ ‫ض ُهم أأوألى بأبعض في كتأاب َّللا إ هن َّللاأ ب ُكل أشيء أعل ٌ‬ ‫أبع ُ‬
‫يل َّللاِ أف ُيقأتل‬
‫اآلخرِة ومن يأق ِاتل ِفي سِب ِ‬
‫أ‬
‫ِ‬
‫الدنأيا ِب أ أ أ ُ‬
‫اة ُّ‬
‫ين أيش ُرو أن ال أحأي أ‬
‫أفليأق ِاتل ِفي سِب ِ ِ ه ِ‬
‫يل َّللا الذ أ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬
‫يما {النساء‪}51/‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ف ُنؤتيه أأج ًار أعظ ً‬ ‫أأو أيغلب أف أسو أ‬
‫ض ُكم ِمن‬ ‫ام ٍل ِم ُ ِ‬ ‫ُضيع عمل ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفاستأجاب ألهم رب ِ‬
‫نكم من أذ أك ٍر أأو أُنثأى أبع ُ‬ ‫ُّهم أأني َّلأ أ ُ أ أ أ أ‬ ‫أ أ ُ أ ُ‬
‫ارِهم أوأُوُذوا ِفي أسِبيلِي أوأق أاتُلوا أوُقِتُلوا َل أ‬
‫ُك ِف أرهن أعن ُهم‬ ‫اج ُروا أوأُخ ِر ُجوا ِمن ِدأي ِ‬
‫ين أه أ‬
‫بع ٍ ه ِ‬
‫ض أفالذ أ‬ ‫أ‬
‫ات تأج ِري ِمن تأحِت أها اَلأن أه ُار ثأأو ًابا ِمن ِع ِند َّللاِ أوَّللاُ ِع أندهُ ُحس ُن‬ ‫سِيأئ ِات ِهم وَلُد ِخألهنهم جهن ٍ‬
‫ُ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫اب {آل عمران‪}366/‬‬ ‫الثهو ِ‬
‫أ‬
‫ات أبل أأحأياء أوأل ِكن َّله تأش ُع ُرو أن {البقرة‪}361/‬‬ ‫وَّلأ تُقولُوا لِمن يقتل ِفي س ِ ِ‬
‫بيل َّللا أأم أو ٌ‬ ‫أ‬ ‫أ ُ أُ‬ ‫أ أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأ ِ‬
‫أع ُّدوا ألهم هما استأ أ ِ‬
‫آخ ِر أ‬
‫ين‬ ‫طعتُم من ُقهوٍة أو ِمن ِرأباط ال أخي ِل تُرِه ُبو أن ِبه أعدهو َّللا أو أع ُدهو ُكم أو أ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬
‫ف ِإألي ُكم أوأأنتُم‬ ‫ِ‬
‫يل َّللا ُي أو ه‬‫ونهم َّللا يعألمهم وما تُ ِنفُقوا ِمن أشي ٍء ِفي سِب ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫أ‬ ‫من ُدونهم َّلأ تأعأل ُم أ ُ ُ ُ أ ُ ُ أ أ‬
‫يع‬ ‫لسل ِم أفاجنح ألها وتأوهكل عألى َّللاِ ِإهنه هو ه ِ‬ ‫َّلأ تُظأل ُمو أن {اَلنفال‪ }92/‬أوإِن أجأن ُحوا لِ ه‬
‫السم ُ‬ ‫ُ ُأ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ أ‬
‫يم {اَلنفال‪}93/‬‬ ‫ِ‬
‫ال أعل ُ‬
‫ص أرُك ُم َّللاُ ِبأبد ٍر أوأأنتُم أ ِأذهلةٌ أفاتهُقوا َّللاأ أل أعهل ُكم تأش ُك ُرو أن {آل عمران‪}381/‬‬
‫أوألأقد أن أ‬
‫ِ‬
‫ط ِه أرُكم ِبه أوُيذ ِه أب أع ُ‬
‫نكم‬ ‫الس أماء أماء لِ ُي أ‬ ‫أمأن ًة ِمن ُه أوُيأن ِزُل أعألي ُكم ِمن ه‬ ‫اس أ أ‬
‫يكم ُّ‬
‫الن أع أ‬
‫ِ ِ‬
‫إذ ُي أغش ُ ُ‬
‫ُّك ِإألى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِرج أز ه‬
‫ط أعألى ُقلُوبِ ُكم أوُيثأِب أت ِبه اَلأق أد أام {اَلنفال‪ِ }33/‬إذ ُيوحي أرب أ‬ ‫ان أولِأيرِب أ‬‫طِ‬ ‫الشي أ‬
‫الرع أب أفاض ِرُبوا‬ ‫ين أكأف ُروا ه‬ ‫آلئ أك ِة أِأني مع ُكم أفثأِبتُوا هال ِذين آمنوا سأُل ِقي ِفي ُقُل ِ ه ِ‬ ‫الم ِ‬
‫وب الذ أ‬ ‫أ أُ أ‬ ‫أأ‬ ‫أ‬
‫ان {اَلنفال‪ }38/‬أذلِ أك ِب أهن ُهم أش ُّآقوا َّللاأ أوأرُسوأل ُه أو أمن‬ ‫اق أواض ِرُبوا ِمن ُهم ُك هل أبأن ٍ‬ ‫أفو أق اَلأعأن ِ‬
‫اب {اَلنفال‪ }31/‬أذلِ ُكم أف ُذوُقوه وأ ه ِ ِ‬
‫أن لل أكاف ِر أ‬
‫ين‬ ‫ي أش ِاق ِق َّللا ورسوأل ُه أفِإ هن َّللا أش ِد ُيد ال ِعأق ِ‬
‫ُأ‬ ‫أ‬ ‫أ أأ ُ‬ ‫ُ‬
‫وه ُم‬ ‫ار {اَلنفال‪ }31/‬يا أأيُّها هال ِذين آمنوا ِإ أذا أل ِقيتُم هال ِذين أكأفروا أزحفاً أف أ ُّ‬ ‫اب الهن ِ‬
‫ال تُأول ُ‬ ‫أ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ أُ‬ ‫أ أ‬ ‫أع أذ أ‬
‫ال أو ُمتأ أحِي اًز ِإألى ِفأئ ٍة أفأقد‬
‫اَلأدبار {اَلنفال‪ }36/‬ومن يولِ ِهم يومِئ ٍذ ُدبره ِإَّله متأح ِرفاً لِ ِقتأ ٍ‬
‫ُ أ‬ ‫أ أ ُأ أ أ ُأ ُ‬ ‫أأ‬
‫ص ُير {اَلنفال‪}39/‬‬ ‫باء ِب أغض ٍب ِمن َّللاِ ومأواه جههنم وبِئس الم ِ‬
‫أأ أ ُ أأ ُ أ أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫آم ُنوا ِإ أذا أل ِقيتُم ِفأئ ًة أفاث ُبتُوا أواذ ُك ُروا َّللاأ أكِث ًا‬
‫ير هل أعهل ُكم تُفأل ُحو أن {اَلنفال‪}16/‬‬ ‫يا أأي ه ِ‬
‫ين أ‬
‫ُّها الذ أ‬
‫أ أ‬
‫‪79‬‬

‫ِ‬
‫الصاِب ِر أ‬
‫ين‬ ‫ِ ِ‬
‫يعوا َّللاأ أوأرُسوأل ُه أوَّلأ تأأن أازُعوا أفتأف أشُلوا أوتأذ أه أب ِر ُ‬
‫يح ُكم أواصب ُروا إ هن أ‬
‫َّللا أم أع ه‬ ‫أوأأط ُ‬
‫{اَلنفال‪}19/‬‬

‫صاِب ُرو أن أيغلِ ُبوا‬ ‫ال ِإن ي ُكن ِم ُ ِ‬ ‫ين عألى ال ِقتأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّها الهنِب ُّي أح ِر ِ‬
‫نكم عش ُرو أن أ‬ ‫أ‬ ‫ض ال ُمؤ ِمن أ أ‬ ‫أيا أأي أ‬
‫ين أكأف ُروا ِب أهن ُهم أقوٌم َّله أيفأق ُهو أن‬ ‫ِ هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمأئتأي ِن وإِن ي ُكن ِم ُ ِ‬
‫نكم مأئ ٌة أيغل ُبوا أألًفا م أن الذ أ‬ ‫أ أ‬
‫يكم ضعًفا أفِإن ي ُكن ِم ُ ِ‬ ‫نكم وعلِم أ ه ِ‬
‫صاِب أرةٌ‬ ‫نكم مأئ ٌة أ‬ ‫أ‬ ‫أن ف ُ أ‬ ‫ف َّللاُ أع ُ أ أ أ‬ ‫اآلن أخهف أ‬
‫{اَلنفال‪ }96/‬أ‬
‫ف أيغلِ ُبوا أألأفي ِن ِبِإذ ِن َّللاِ أوَّللاُ أم أع ه‬
‫الصاِب ِر أ‬
‫ين‬ ‫نكم أأل ٌ‬‫أيغلِ ُبوا ِمأئتأي ِن أوإِن أي ُكن ِم ُ‬
‫{اَلنفال‪}99/‬‬

‫وأما اَلحاديث في فضل الجهاد فأكثر من أن تحصر‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬

‫عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬سئل رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ :-‬أي‬
‫اَلعمال أفضل؟ قال‪« :‬إيمان باّلل ورسوله» ‪ .‬قيل‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪« :‬الجهاد في سبيل‬
‫هللا» ‪ .‬قيل‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪« :‬حج مبرور» ‪ .‬متفق عليه‪ .‬فيه أن الجهاد أفضل من‬
‫نافلة الحج‪.‬‬

‫عن ابن مسعود ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬أي العمل أحب إلى‬
‫هللا تعالى؟ قال‪« :‬الصالة على وقتها» ‪ .‬قلت‪ :‬ثم أي؟ قال‪« :‬بر الوالدين» ‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ثم أي؟ قال‪« :‬الجهاد في سبيل هللا» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن أبي ذر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬أي العمل أفضل؟ قال‪:‬‬
‫«اْليمان باّلل‪ ،‬والجهاد في سبيله» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬لغدوة‬
‫في سبيل هللا‪ ،‬أو روحة‪ ،‬خير من الدنيا وما فيها» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن أبي سعيد الخدري ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬أتى رجل رسول هللا ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ -‬فقال‪ :‬أي الناس أفضل؟ قال‪« :‬مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل‬
‫هللا» قال‪ :‬ثم من؟ قال‪« :‬مؤمن في شعب من الشعاب يعبد هللا‪ ،‬ويدع الناس من‬
‫شره» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫‪81‬‬

‫عن سهل بن سعد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪:‬‬
‫«رباط يوم في سبيل هللا خير من الدنيا وما عليها‪ ،‬وموضع سوط أحدكم من الجنة‬
‫خير من الدنيا وما عليها‪ ،‬والروحة يروحها العبد في سبيل هللا تعالى‪ ،‬أو الغدوة‪ ،‬خير‬
‫من الدنيا وما عليها» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن سلمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫يقول‪« :‬رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه‪ ،‬وإن مات فيه أجري عليه عمله‬
‫الذي كان يعمل‪ ،‬وأجري عليه رزقه‪ ،‬وأمن الفتان» ‪ .‬رواه مسلم‪ .‬قوله‪« :‬وأجري عليه‬
‫رزقه» أي‪ :‬برزق من الجنة كما يرزق الشهداء ‪.‬وعن فضالة بن عبيد ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬كل ميت يختم على عمله إَّل‬
‫المرابط في سبيل هللا‪ ،‬فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة‪ ،‬ويؤمن من فتنة القبر» ‪.‬‬
‫رواه أبو داود والترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫عن عثمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫يقول‪« :‬رباط يوم في سبيل هللا‪ ،‬خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل» ‪ .‬رواه‬
‫الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‬

‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫«تضمن هللا لمن خرج في سبيله‪َّ ،‬ل يخرجه إَّل جهاد في سبيلي‪ ،‬وإيمان بي‪،‬‬
‫وتصديق برسلي‪ ،‬فهو ضامن علي أن أدخله الجنة‪ ،‬أو أرجعه إلى منزله الذي خرج‬
‫منه بما نال من أجر‪ ،‬أو غنيمة‪ .‬والذي نفس محمد بيده‪ ،‬ما من كلم يكلم في سبيل‬
‫هللا‪ ،‬إَّل جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم؛ لونه لون دم‪ ،‬وريحه ريح مسك‪ .‬والذي نفس‬
‫محمد بيده‪ ،‬لوَّل أن أشق على المسلمين ما قعدت خالف سرية تغزو في سبيل هللا‬
‫أبدا‪ ،‬ولكن َّل أجد سعة فأحملهم وَّل يجدون سعة‪ ،‬ويشق عليهم أن يتخلفوا عني‪.‬‬
‫والذي نفس محمد بيده‪ ،‬لوددت أن أغزو في سبيل هللا‪ ،‬فأقتل‪ ،‬ثم أغزو فأقتل‪ ،‬ثم‬
‫أغزو فأقتل» رواه مسلم‪ ،‬وروى البخاري بعضه‪.‬‬
‫‪81‬‬

‫عنه قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬ما من مكلوم يكلم في سبيل‬
‫هللا إَّل جاء يوم القيامة‪ ،‬وكلمه يدمى‪ :‬اللون لون دم‪ ،‬والريح ريح مسك» ‪ .‬متفق‬
‫عليه‪.‬‬

‫عن معاذ ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬من قاتل‬
‫في سبيل هللا من رجل مسلم فواق ناقة‪ ،‬وجبت له الجنة‪ ،‬ومن جرح جرحا في سبيل‬
‫هللا أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت‪ :‬لونها الزعفران‪ ،‬وريحها‬
‫كالمسك» ‪ .‬رواه أبو داود والترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‬

‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬مر رجل من أصحاب رسول هللا ‪ -‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ -‬بشعب فيه عيينة من ماء عذبة‪ ،‬فأعجبته‪ ،‬فقال‪ :‬لو اعتزلت الناس‬
‫فأقمت في هذا الشعب‪ ،‬ولن أفعل حتى أستأذن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫فذكر ذلك لرسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فقال‪َّ« :‬ل تفعل؛ فإن مقام أحدكم في‬
‫سبيل هللا أفضل من صالته في بيته سبعين عاما‪ ،‬أَّل تحبون أن يغفر هللا لكم‪،‬‬
‫ويدخلكم الجنة؟ أغزوا في سبيل هللا‪ ،‬من قاتل في سبيل هللا فواق ناقة وجبت له‬
‫الجنة» ‪ .‬رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن‬

‫عن أبي هريرة قال‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ما يعدل الجهاد في سبيل ‪ ...‬هللا؟ قال‪َّ« :‬ل‬
‫تستطيعونه» فأعادوا عليه مرتين أو ثالثا كل ذلك يقول‪َّ« :‬ل تستطيعونه» ! ثم قال‪:‬‬
‫« مثل المجاهد في سبيل هللا كمثل الصائم القائم القانت بآيات هللا َّل يفتر من صيام‪،‬‬
‫وَّل صالة‪ ،‬حتى يرجع المجاهد في سبيل هللا» ‪ .‬متفق عليه‪ ،‬وهذا لفظ مسلم‪.‬‬

‫عن أبي هريرة ‪ :‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬من خير معاش‬
‫الناس لهم‪ ،‬رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل هللا‪ ،‬يطير على متنه‪ ،‬كلما سمع هيعة‬
‫أو فزعة طار عليه يبتغي القتل والموت مظانه أو رجل في غنيمة في رأس شعفة من‬
‫هذه الشعف‪ ،‬أو بطن واد من هذه اَلودية‪ ،‬يقيم الصالة‪ ،‬ويؤتي الزكاة‪ ،‬ويعبد ربه‬
‫حتى يأتيه اليقين‪ ،‬ليس من الناس إَّل في خير» ‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪82‬‬

‫عن أبي هريرة ‪ :‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬إن في الجنة مئة‬
‫درجة أعدها هللا للمجاهدين في سبيل هللا ما بين الدرجتين كما بين السماء واَلرض»‬
‫رواه البخاري‪.‬‬

‫عن أبي سعيد الخدري ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫قال‪« :‬من رضي باّلل ربا‪ ،‬وباْلسالم دينا‪ ،‬وبمحمد رسوَّل‪ ،‬وجبت له الجنة» ‪ ،‬فعجب‬
‫لها أبو سعيد‪ ،‬فقال‪ :‬أعدها علي يا رسول هللا‪ ،‬فأعادها عليه‪ ،‬ثم قال‪« :‬وأخرى يرفع‬
‫هللا بها العبد مئة درجة في الجنة‪ ،‬ما بين كل درجتين كما بين السماء واَلرض» ‪.‬‬
‫قال‪ :‬وما هي يا رسول هللا؟ قال‪« :‬الجهاد في سبيل هللا‪ ،‬الجهاد في سبيل هللا» ‪ .‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬

‫عن أبي بكر بن أبي موسى اَلشعري‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬وهو‬
‫بحضرة العدو‪ ،‬يقول‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬إن أبواب الجنة‬
‫تحت ظالل السيوف» ‪ .‬فقام رجل رث الهيئة‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا موسى أأنت سمعت رسول‬
‫هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يقول هذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فرجع إلى أصحابه‪ ،‬فقال‪ :‬أق أر‬
‫عليكم السالم‪ ،‬ثم كسر جفن سيفه فألقاه‪ ،‬ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى‬
‫قتل‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫عن أبي عبس عبد الرحمن بن جبر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬ما اغبرت قدما عبد في سبيل هللا فتمسه النار» ‪ .‬رواه‬
‫البخاري‪.‬‬

‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫«َّل يلج النار رجل بكى من خشية هللا حتى يعود اللبن في الضرع‪ ،‬وَّل يجتمع على‬
‫عبد غبار في سبيل هللا ودخان جهنم» ‪ .‬رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‬

‫عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫يقول‪« :‬عينان َّل تمسهما النار‪ :‬عين بكت من خشية هللا‪ ،‬وعين باتت تحرس في‬
‫سبيل هللا» ‪ .‬رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن‬
‫‪83‬‬

‫عن زيد بن خالد الجهني ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ -‬قال‪« :‬من جهز غازيا في سبيل هللا فقد غزا‪ ،‬ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد‬
‫غ از» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن أبي أمامة الباهلي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ « :-‬أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل هللا ومنيحة خادم في سبيل هللا‪،‬‬
‫أو طروقة فحل في سبيل هللا» ‪ .‬رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‬

‫عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ :-‬أن فتى من أسلم‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬إني أريد الغزو‬
‫وليس معي ما أتجهز به‪ ،‬قال‪« :‬ائت فالنا فإنه قد كان تجهز فمرض» فأتاه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫إن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يقرئك السالم‪ ،‬ويقول‪ :‬أعطني الذي تجهزت‬
‫به‪ .‬قال‪ :‬يا فالنة‪ ،‬أعطيه لذي كنت تجهزت به‪ ،‬وَّل تحبسي عنه شيئا‪ ،‬فوهللا َّل‬
‫تحبسي منه شيئا فيبارك لك فيه‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫عن أبي سعيد الخدري ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫بعث إلى بني لحيان‪ ،‬فقال‪« :‬لينبعث من كل رجلين أحدهما‪ ،‬واَلجر بينهما» ‪ .‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬

‫عن البراء ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬أتى النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬رجل مقنع‬
‫بالحديد‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬أقاتل أو أسلم؟ قال‪« :‬أسلم‪ ،‬ثم قاتل» ‪ .‬فأسلم‪ ،‬ثم قاتل‬
‫فقتل‪ .‬فقال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬عمل قليال وأجر كثي ار» ‪ .‬متفق‬
‫عليه‪ .‬وهذا لفظ البخاري‪.‬‬

‫عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬ما أحد‬
‫يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على اَلرض من شيء إَّل الشهيد‪،‬‬
‫يتمنى أن يرجع إلى الدنيا‪ ،‬فيقتل عشر مرات؛ لما يرى من الكرامة» ‪ .‬وفي رواية‪:‬‬
‫«لما يرى من فضل الشهادة» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما‪ :‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ -‬قال‪« :‬يغفر هللا للشهيد كل شيء إَّل الدين» ‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪84‬‬

‫عن أبي قتادة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قام فيهم‬
‫فذكر أن الجهاد في سبيل هللا‪ ،‬واْليمان باّلل‪ ،‬أفضل اَلعمال‪ ،‬فقام رجل‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫رسول هللا‪ ،‬أرأيت إن قتلت في سبيل هللا‪ ،‬أتكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول هللا ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬نعم‪ ،‬إن قتلت في سبيل هللا وأنت صابر محتسب‪ ،‬مقبل‬
‫غير مدبر» ‪ ،‬ثم قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬كيف قلت؟» قال‪:‬‬
‫أرأيت إن قتلت في سبيل هللا‪ ،‬أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪« :-‬نعم‪ ،‬وأنت صابر محتسب‪ ،‬مقبل غير مدبر‪ ،‬إَّل الدين فإن جبريل ‪ -‬عليه‬
‫السالم ‪ -‬قال لي ذلك» ‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫عن جابر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رجل‪ :‬أين أنا يا رسول هللا إن قتلت؟ قال‪:‬‬
‫«في الجنة» ‪ .‬فألقى تمرات كن في يده‪ ،‬ثم قاتل حتى قتل‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬انطلق رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر‪ ،‬وجاء المشركون‪ ،‬فقال رسول هللا ‪ -‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪َّ« :-‬ل يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه» ‪ .‬فدنا‬
‫المشركون‪ ،‬فقال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬قوموا إلى جنة عرضها‬
‫السماوات واَلرض» قال‪ :‬يقول عمير بن الحمام اَلنصاري ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ :-‬يا‬
‫رسول هللا‪ ،‬جنة عرضها السماوات واَلرض؟ قال‪« :‬نعم» قال‪ :‬بخ بخ؟ فقال رسول‬
‫هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬ما يحملك على قولك بخ بخ؟» قال‪َّ :‬ل وهللا يا‬
‫رسول هللا إَّل رجاء أن أكون من أهلها‪ ،‬قال‪« :‬فإنك من أهلها» ‪ .‬فأخرج تمرات من‬
‫قرنه‪ ،‬فجعل يأكل منهن‪ ،‬ثم قال‪ :‬لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة‬
‫طويلة‪ ،‬فرمى بما كان معه من التمر‪ ،‬ثم قاتلهم حتى قتل‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه قال‪ :‬جاء ناس إلى النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أن‬
‫ابعث معنا رجاَّل يعلمونا القرآن والسنة‪ ،‬فبعث إليهم سبعين رجال من اَلنصار يقال‬
‫لهم‪ :‬القراء‪ ،‬فيهم خالي حرام‪ ،‬يقرؤون القرآن‪ ،‬ويتدارسون بالليل يتعلمون‪ ،‬وكانوا‬
‫بالنهار يجيئون بالماء‪ ،‬فيضعونه في المسجد‪ ،‬ويحتطبون فيبيعونه‪ ،‬ويشترون به‬
‫الطعام َلهل الصفة‪ ،‬وللفقراء‪ ،‬فبعثهم النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فعرضوا لهم‬
‫‪85‬‬

‫فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان‪ ،‬فقالوا‪ :‬اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك‬
‫ورضيت عنا‪ ،‬وأتى رجل حراما خال أنس من خلفه‪ ،‬فطعنه برمح حتى أنفذه‪ ،‬فقال‬
‫حرام‪ :‬فزت ورب الكعبة‪ ،‬فقال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬إن إخوانكم قد‬
‫قتلوا وإنهم قالوا‪ :‬اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا» ‪ .‬متفق‬
‫عليه‪ ،‬وهذا لفظ مسلم‪.‬‬

‫عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه قال‪ :‬غاب عمي أنس بن النضر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬
‫عن قتال بدر‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬غبت عن أول قتال قاتلت المشركين‪ ،‬لئن هللا‬
‫أشهدني قتال المشركين ليرين هللا ما أصنع‪ .‬فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون‬
‫فقال‪ :‬اللهم إني اعتذر إليك مما صنع هؤَّلء ‪ -‬يعني‪ :‬أصحابه ‪ -‬وأب أر إليك مما‬
‫صنع هؤَّلء ‪ -‬يعني‪ :‬المشركين ‪ -‬ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال‪ :‬يا سعد بن‬
‫معاذ‪ ،‬الجنة ورب النضر‪ ،‬إني أجد ريحها من دون أحد! قال سعد‪ :‬فما استطعت يا‬
‫رسول هللا ما صنع! قال أنس‪ :‬فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف‪ ،‬أو طعنة‬
‫برمح أو رمية بسهم‪ ،‬ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون‪ ،‬فما عرفه أحد إَّل أخته‬
‫ببنانه‪ .‬قال أنس‪ :‬كنا نرى ‪ -‬أو نظن ‪ -‬أن هذه اآلية نزلت فيه وفي أشباهه{ ‪:‬من‬
‫المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا هللا عليه فمنهم من قضى نحبه إلى آخرها اَلحزاب‬
‫‪ . 81‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن سمرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬رأيت‬
‫الليلة رجلين أتياني‪ ،‬فصعدا بي الشجرة فأدخالني دا ار هي أحسن وأفضل‪ ،‬لم أر قط‬
‫أحسن منها‪ ،‬قاَّل‪ :‬أما هذه الدار فدار الشهداء» ‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬

‫عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة‪ ،‬أتت‬
‫النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فقالت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬أَّل تحدثني عن حارثة ‪ -‬وكان‬
‫قتل يوم بدر ‪ -‬فإن كان في الجنة صبرت‪ ،‬وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في‬
‫البكاء‪ ،‬فقال‪« :‬يا أم حارثة إنها جنان في الجنة‪ ،‬وإن ابنك أصاب الفردوس اَلعلى»‬
‫رواه البخاري‪.‬‬
‫‪86‬‬

‫عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما قال‪ :‬جيء بأبي إلى النبي ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ -‬وقد مثل به‪ ،‬فوضع بين يديه؛ فذهبت أكشف عن وجهه فنهاني قومي‪ ،‬فقال‬
‫النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬ما زالت المالئكة تظله بأجنحتها» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن سهل بن حنيف ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫قال‪« :‬من سأل هللا تعالى الشهادة بصدق بلغه هللا منازل الشهداء‪ ،‬وإن مات على‬
‫فراشه» ‪ .‬رواه مسلم*** ‪.‬‬

‫عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬من‬
‫طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه» ‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫«ما يجد الشهيد من مس القتل إَّل كما يجد أحدكم من مس القرصة» ‪ .‬رواه‬
‫الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‬

‫عن عبد هللا بن أبي أوفى رضي هللا عنهما‪ :‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس‪ ،‬ثم قام في الناس‬
‫فقال‪« :‬أيها الناس‪َّ ،‬ل تتمنوا لقاء العدو‪ ،‬وسلوا هللا العافية‪ ،‬فإذا لقيتموهم فاصبروا؛‬
‫واعلموا أن الجنة تحت ظالل السيوف» ‪ .‬ثم قال‪« :‬اللهم منزل الكتاب‪ ،‬ومجري‬
‫السحاب‪ ،‬وهازم اَلحزاب‪ ،‬أهزمهم وانصرنا عليهم» ‪ .‬متفق عليه ‪.‬‬

‫عن سهل بن سعد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪« :-‬ثنتان َّل تردان‪ ،‬أو قلما تردان‪ :‬الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم‬
‫بعضهم بعضا» ‪ .‬رواه أبو داود بإسناد صحيح‪.‬‬

‫عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬كان رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬إذا‬
‫غزا‪ ،‬قال‪« :‬اللهم أنت عضدي ونصيري‪ ،‬بك أحول‪ ،‬وبك أصول‪ ،‬وبك أقاتل» ‪ .‬رواه‬
‫أبو داود والترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن‬
‫‪87‬‬

‫عن أبي موسى ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬كان إذا‬
‫خاف قوما‪ ،‬قال‪« :‬اللهم إنا نجعلك في نحورهم‪ ،‬ونعوذ بك من شرورهم» ‪ .‬رواه أبو‬
‫داود بإسناد صحيح‪.‬‬

‫عن ابن عمر رضي هللا عنهما‪ :‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪... :‬‬
‫«الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن عروة البارقي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪:‬‬
‫«الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة‪ :‬اَلجر‪ ،‬والمغنم» ‪ .‬متفق عليه‬

‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫«من احتبس فرسا في سبيل هللا‪ ،‬إيمانا باّلل‪ ،‬وتصديقا بوعده‪ ،‬فإن شبعه‪ ،‬وريه‬
‫وروثه‪ ،‬وبوله في ميزانه يوم القيامة» ‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬

‫عن أبي مسعود ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬جاء رجل إلى النبي ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ -‬بناقة مخطومة فقال‪ :‬هذه في سبيل هللا‪ .‬فقال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪« :-‬لك بها يوم القيامة سبع مئة ناقة كلها مخطومة» ‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫عن أبي حماد ‪ -‬ويقال‪ :‬أبو سعاد‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو أسد‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو عامر‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو‬
‫عمرو‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو اَلسود‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو عبس ‪ -‬عقبة بن عامر الجهني ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه ‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وهو على المنبر‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫{ «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة[ }اَلنفال ‪ ،] 92‬أَّل إن القوة الرمي‪ ،‬أَّل إن القوة‬
‫الرمي‪ ،‬أَّل إن القوة الرمي» ‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫عن أبي حماد ‪ -‬ويقال‪ :‬أبو سعاد‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو أسد‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو عامر‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو‬
‫عمرو‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو اَلسود‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو عبس ‪ -‬عقبة بن عامر الجهني ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه ‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يقول‪« :‬ستفتح عليكم‬
‫أرضون‪ ،‬ويكفيكم هللا‪ ،‬فال يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه» ‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪88‬‬

‫عن أبي حماد ‪ -‬ويقال‪ :‬أبو سعاد‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو أسد‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو عامر‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو‬
‫عمرو‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو اَلسود‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو عبس ‪ -‬عقبة بن عامر الجهني ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه ‪ :-‬أنه قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬من علم الرمي‪ ،‬ثم‬
‫تركه‪ ،‬فليس منا‪ ،‬أو فقد عصى» ‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫عن عن أبي حماد ‪ -‬ويقال‪ :‬أبو سعاد‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو أسد‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو عامر‪ ،‬ويقال‪:‬‬
‫أبو عمرو‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو اَلسود‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو عبس ‪ -‬عقبة بن عامر الجهني ‪ -‬رضي‬
‫هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يقول‪« :‬إن هللا يدخل‬
‫بالسهم الواحد ثالثة نفر الجنة‪ :‬صانعه يحتسب في صنعته الخير‪ ،‬والرامي به‪،‬‬
‫ومنبله‪ .‬وارموا واركبوا‪ ،‬وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا‪ .‬ومن ترك الرمي بعد ما‬
‫علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها» أو قال‪« :‬كفرها» ‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬

‫عن سلمة بن اَلكوع ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬مر النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫على نفر ينتضلون‪ ،‬فقال‪« :‬ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا» رواه البخاري‪.‬‬

‫عن عمرو بن عبسة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ -‬يقول‪« :‬من رمى بسهم في سبيل هللا فهو له عدل محررة» ‪ .‬رواه أبو داود‬
‫والترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‬

‫عن أبي يحيى خريم بن فاتك ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪« :-‬من أنفق نفقة في سبيل هللا كتب له سبع مئة ضعف» ‪ .‬رواه‬
‫الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن‬

‫عن أبي سعيد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫«ما من عبد يصوم يوما في سبيل هللا إَّل باعد هللا بذلك اليوم وجهه عن النار‬
‫سبعين خريفا» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن أبي أمامة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬من‬
‫صام يوما في سبيل هللا جعل هللا بينه وبين النار خندقا كما بين السماء واَلرض» ‪.‬‬
‫رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫‪89‬‬

‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫«من مات ولم يغز‪ ،‬ولم يحدث نفسه بغزو‪ ،‬مات على شعبة من النفاق» ‪ .‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬

‫عن جابر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬كنا مع النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬في غزاة‬
‫فقال‪« :‬إن بالمدينة لرجاَّل ما سرتم مسيرا‪ ،‬وَّل قطعتم واديا إَّل كانوا معكم‪ ،‬حبسهم‬
‫المرض» ‪ .‬وفي رواية‪« :‬حبسهم العذر» ‪ .‬وفي رواية‪« :‬إَّل شركوكم في اَلجر» ‪.‬‬
‫رواه البخاري من رواية أنس‪ ،‬ورواه مسلم من رواية جابر واللفظ له‪.‬‬

‫عن أبي موسى ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن أعرابيا أتى النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬الرجل يقاتل للمغنم‪ ،‬والرجل يقاتل ليذكر‪ ،‬والرجل يقاتل ليرى‬
‫مكانه؟ وفي رواية‪ :‬يقاتل شجاعة‪ ،‬ويقاتل حمية‪ .‬وفي رواية‪ :‬ويقاتل غضبا‪ ،‬فمن في‬
‫سبيل هللا؟ فقال رسول هللا‪« :‬من قاتل لتكون كلمة هللا هي العليا‪ ،‬فهو في سبيل هللا»‬
‫متفق عليه‪.‬‬

‫عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪« :-‬ما من غازية‪ ،‬أو سرية تغزو‪ ،‬فتغنم وتسلم‪ ،‬إَّل كانوا قد تعجلوا ثلثي‬
‫أجورهم‪ ،‬وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إَّل تم أجورهم» ‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫عن أبي أمامة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن رجال قال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ائذن لي في السياحة‬
‫فقال النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل هللا ‪ -‬عز‬
‫وجل ‪ . »-‬رواه أبو داود بإسناد جيد‪.‬‬

‫عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما عن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ -‬قال‪« :‬قفلة كغزوة» ‪ .‬رواه أبو داود بإسناد جيد‪.‬‬

‫عن السائب بن يزيد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬لما قدم النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ -‬من غزوة تبوك تلقاه الناس‪ ،‬فتلقيته مع الصبيان على ثنية الوداع‪ .‬رواه أبو داود‬
‫بإسناد صحيح بهذا اللفظ‪.‬‬
‫‪91‬‬

‫عن أبي أمامة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬من‬
‫لم يغز‪ ،‬أو يجهز غازيا‪ ،‬أو يخلف غازيا في أهله بخير‪ ،‬أصابه هللا بقارعة قبل يوم‬
‫القيامة» ‪ .‬رواه أبو داود بإسناد صحيح‪.‬‬

‫عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬جاهدوا‬
‫المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» ‪ .‬رواه أبو داود بإسناد صحيح‪.‬‬

‫عن أبي عمرو ‪ -‬ويقال‪ :‬أبو حكيم ‪ -‬النعمان بن مقرن ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪:‬‬
‫شهدت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬إذا لم يقاتل من أول النهار أخر القتال‬
‫حتى تزول الشمس‪ ،‬وتهب الرياح‪ ،‬وينزل النصر‪ .‬رواه أبو داود والترمذي‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫«َّل تتمنوا لقاء العدو‪ ،‬واسألوا هللا العافية‪ ،‬فإذا لقيتموهم فاصبروا» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫عن أبي هريرة وعن جابر رضي هللا عنهما‪ :‬أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫قال‪« :‬الحرب خدعة» ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫يقول اْلمام علي بن أبي طالب (عليه السالم) في [نهج البالغة‪]:‬‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اب الجهن ِة أفتحه هللا لِخ ه ِ‬ ‫إن ال ِجهاد ب ِ‬


‫اس‬‫اصة أولِأيائه‪ ،‬أو ُه أو لأب ُ‬ ‫اب من أأبو ِ أ أ أ ُ ُ أ‬ ‫أأ أ ٌ‬ ‫« أ هما أبع ُد‪ ،‬أف ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التهق أوى‪ ،‬أوِدرعُ هللا ال أحص أينةُ‪ ،‬أو ُجهنتُ ُه ال أوِثيأقةُ‪ ،‬أف أمن تأأرأك ُه أرغأب ًة أعن ُه‪ ،‬أ أ‬
‫ألب أس ُه هللاُ ثأو أب‬
‫ض ِر أب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص أغ ِ‬‫الذ ِل‪ ،‬و أش ِمأله البالأء‪ ،‬ودِي أث ِب ِ‬ ‫ُّ‬
‫ار أوالأق أم أائة ـ أي ُذلل بالصغار واْلهانة ـ‪ ،‬أو ُ‬ ‫أ ُ أ ُ أُ‬
‫ف ـ أي‬ ‫يم ال أخس أ‬ ‫يل ال أح ُّق ِمن ُه ِبتأض ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫ييع الج أهاد‪ ،‬أوس أ‬ ‫أعألى أقلبه باْلس أهاب ـ الثرثرة ـ‪ ،‬أوأُد أ‬
‫ف » نهج البالغة‪( :‬الخطبة رقم‪.)85 :‬‬ ‫صأ‬ ‫ِ ه‬
‫كلف المشقة ـ أو ُمن أع الن أ‬
‫أهمية الجهاد‪:‬‬

‫ه‬
‫إن من يطلع على مصادر التشريع اْلسالمي من الـكتاب والسنة يجد فيهما تركي اًز‬
‫كبي اًر واهتماماً ضخماً بموضوع الجهاد‪..‬‬
‫‪91‬‬

‫ففي القرآن الـكـريم ما ُيقارب (‪ 12‬آية) تتحدث عن الجهاد بلفظ الجهاد ومشتقاته‪،‬‬
‫كقوله تعالى‪:‬‬

‫ين أواغلُظ أعألي ِهم } سورة التوبة‪( :‬اآلية‪.)51 :‬‬ ‫الكهفار و ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ُّها الهن‬
‫المنافق أ‬
‫بي أجاهد ُ أ أ أ‬ ‫ُ‬ ‫{ أيا أأي أ‬
‫أنف ِس ُكم ِفي س ِ‬
‫بيل هللا } سورة التوبة‪( :‬اآلية‪:‬‬ ‫{ إن ِفروا ِخأفافاً وِثأقاَّلً وج ِ‬
‫اه ُدوا ِبأأموالِ ُكم أوأ ُ‬
‫أ‬ ‫أأ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬
‫‪.)13‬‬

‫ين أأج اًر أع ِظيماً } سورة النساء‪( :‬اآلية‪.)66 :‬‬ ‫ِِ‬


‫ين أعألى الأقاعد أ‬
‫ِِ‬ ‫{ أف ه‬
‫ض أل هللاُ ال ُم أجاهد أ‬
‫وهناك أكثر من (‪ 322‬آية) تتحدث عن الجهاد بلفظ القتال ومشتقاته كقوله عز‬
‫وجل‪:‬‬

‫{ أفأق ِاتلُوا أِأئ هم أة ُ‬


‫الكف ِر ِإهن ُهم َّلأ ِإ أ‬
‫يمان أل ُهم } سورة التوبة‪( :‬اآلية‪.)38 :‬‬

‫ين ُكُّل ُه هلل} سورة اَلنفال‪( :‬اآلية‪.)16 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهم أحتهى َّلأ تأ ُكو أن فتن ٌة أوأي ُكو أن الد ُ‬
‫{ أوأقاتلُ ُ‬
‫أحياء ِعن أد أرِب ِهم ُيرأزُقو أن } سورة آل‬ ‫{ وَّلأ تحسب هن هال ِذ ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫ين ُقتُلوا في أسبيل هللا أأمواتاً أبل أ ٌ‬
‫أ‬ ‫أ أ أأ‬
‫عمران‪( :‬اآلية‪.)396 :‬‬

‫باْلضافة إلى مجموعة من اآليات تتحدث عن الجهاد بلفظ الغزو والحرب والشهادة‬
‫ومشتقاتها‪.‬‬

‫الخمس آية‬
‫بينما َّل نجد في القرآن الحكيم عن الحج إَّل (‪ 2‬آيات) فقط‪ ،‬وعن ُ‬
‫واحدة َّل غير‪ ،‬وعن الصوم (‪ 32‬آيات) تقريب ًا‪.‬‬

‫وحينما نرجع إلى السنة المطهرة نجد مئات اَلحاديث و ُّ‬


‫النصوص تركز على‬
‫موضوع الجهاد وتقرر بصراحة‪ :‬أن الجهاد أهم وأفضل من جميع اَلعمال والعبادات‬
‫اَلخرى‪.‬‬

‫فعن الرسول اَلعظم (صلى هللا عليه وآله)‪ « :‬أفو أق ُك ِل ِذي ِب ٍر بر أحتهى ُيقأتل ِفي‬
‫بيل هللاِ أفألي أس أفوأقه بر » [الكافي]‪ :‬الكليني الرازي‪.‬‬
‫بيل هللاِ أفإ أذا ُقِتل ِفي س ِ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫س ِ‬
‫أ‬
‫‪92‬‬

‫ويقول اْلمام محمد الباقر (عليه السالم)‪ « :‬ال ِج أه ُاد هال ِذي أف ه‬
‫ضأل ُه هللا أع هز أو أجل أعألى‬
‫ات أوال أمغ ِف أرة » [الكافي]‪:‬‬ ‫ال ِفي ال هدرج ِ‬ ‫ال تأف ِ‬ ‫ضل ع ِ‬
‫امأله عألى العم ِ‬ ‫ِ‬
‫أأ‬ ‫ضي ً‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫اَلأع أمال أوأف ه أ‬
‫الكليني الرازي‪.‬‬

‫وفي مصدر واحد فقط من مصادر الحديث هو كتاب [وسائل ِ‬


‫الشيعة إلى تحصيل‬
‫الشريعة] نجد (‪3881‬حديثاً) عن الجهاد وفضله وأحكامه وما ه‬
‫يتعلق به‪.‬‬ ‫مسائل ه‬

‫وإذا ما ُقمنا بجولة عابرة في ربوع[نهج البالغة]‪ ،‬فسنرى أن اْلمام علي بن أبي‬
‫طالب (عليه السالم)‪ ،‬يعطي للجهاد مكانة خاصة‪ ،‬ويرفعه إلى أعلى مستوى من‬
‫اَلهمية والتقدير‪ ،‬ويمنحه أعظم الصفات‪ ،‬حيث يقول (عليه السالم)‪ « :‬ال ِج أه ُاد ِع ُّز‬
‫اْلسالم » [نهج البالغة]‪( :‬قصار الحكم رقم‪.)868 :‬‬

‫يل هللا » [نهج البالغة]‪:‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫« هللا‪ .‬هللا‪ِ ،‬في ال ِج أه ِاد ِبأأموالِ ُكم أوأ ُ‬
‫أنف ِس ُكم وأأل ِسأنِت ُكم ِفي سِب ِ‬
‫(الكتاب رقم‪.)15 :‬‬

‫ك ِفي هللاِ ألو أم أة أ‬


‫َّلِئ ٍم » [نهج البالغة]‪( :‬الكتاب‬ ‫اهد ِفي هللاِ أح هق ِج أه ِادِه أو أ‬
‫َّل تأأ ُخ أذ أ‬
‫« وج ِ‬
‫أأ‬
‫رقم‪.)13 :‬‬

‫ان ِب ِه أوبِ أرُسولِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫ض أل أما تأأو هس أل به ال ُمتأأوسلُو أن إألى هللا ُسب أح أان ُه أوتأ أعاألى اْل أ‬
‫يم أ‬ ‫« ِإ هن أأف أ‬
‫اْلسال ِم » [نهج البالغة]‪( :‬الخطبة رقم‪.)332 :‬‬ ‫وال ِجه ُاد ِفي سِبيلِ ِه‪ ،‬أفإهن ُه ُذروةُ ِ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬
‫وكان المسلمون اَلوائل والجهاد يشكل جزءاً َّل ينفصل من حياتهم العملية‪ .‬فكانوا‬
‫يرون فيه طريقاً سريعاً ومختص اًر إلى الجنة فينتظر كل واحد منهم فرصته الغالية في‬
‫الجهاد فـي سبيل هللا ويتاسبقون إليه ويستبشرون به‪.‬‬

‫فهذا حنظلة بن أبي عامر‪ ،‬وقد أنفق شبابه في العمل والكدح‪ ،‬حتى جمع له مبلغاً‬
‫من المال ليتزوج به‪ ،‬وفي أول ليلة من زواجه‪ ،‬وقد بدأ يقطف ثمرة أتعابه‪ ،‬ويعيش‬
‫في ربيع أحالمه وأمانيه‪ ،‬سمع منادي الجهاد عند الفجر وأطل من نافذة داره‪ ،‬فرأى‬
‫المسلمين يحثون السير‪ ،‬ويركضون ملبين داعي الجهاد‪ ،‬فما كان منه إَّل أن أسرع‬
‫للخروج قبل أن يغتسل ُغسل الجنابة‪ ،‬وحاولت زوجته مقاومته ومنعه واستثارة‬
‫‪93‬‬

‫عواطفه‪ ،‬ودغدغة مشاعره‪ ،‬ولكنه رفض البقاء‪ ،‬وأصر على الخروج‪ ،‬فاستشهد في‬
‫صبيحة يوم عرسه‪.‬‬

‫احأب ُكم ‪-‬يعني حنظلة‪ -‬ألتأغ ِسلُ ُه‬


‫فقال رسول هللا (صلى هللا عليه وآله)‪ِ « :‬إ هن ص ِ‬
‫أ‬
‫الئ أكة »‪ .‬فسألوا أهله‪ :‬ما شأنه؟! فسئلت صاحبته عنه‪ ،‬فقالت‪ :‬خرج وهو جنب‬ ‫الم ِ‬
‫أ‬
‫سمع الهاتفة » [السيرة النبوية]‪ :‬ابن هشام دار الجيل ـ بيروت‪.‬‬

‫وهذا عمرو بن الجموح‪ ،‬وقد قطعت السنين شوطاً كبي اًر من ُعمره وأصيب في‬
‫إحدى الغزوات في رجله فصار أعرجاً‪ ،‬ولكنه رغم ذلك حينما سمع منادي الجهاد‪،‬‬
‫ُّ‬
‫بالتخلف رغم معارضة أوَّلده‬ ‫ورأى أوَّلده اَلربعة يتجهزون للخروج لم تسمح له نفسه‬
‫َّل يقول‪ :‬أريد أن أطأ بعرجتي الجنة‪.‬‬
‫وزوجته‪ ،‬فخرج مهرو ً‬

‫فأراد أهله وبنوه حبسه‪ ،‬وقالوا له‪ :‬إن هللا عز وجل قد عذرك‪ .‬ولم يقتنع بمقالتهم‪،‬‬
‫وأتى رسول هللا (صلى هللا عليه وآله) وقال‪ :‬إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا‬
‫الوجه والخروج معك فيه‪ ،‬فوهللا إني َلرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة‪.‬‬

‫فقال (صلى هللا عليه وآله)‪ :‬أما أنت فقد عذرك هللا وَّل جهاد عليك‪ .‬ثم قال لبنيه‬
‫وقومه‪َّ :‬ل عليكم أن َّل تمنعوه لعل هللا يرزقه الشهادة‪ .‬فخلوا عنه‪ ،‬وخرج وهو يقول‪:‬‬
‫اللهم أرزقني الشهادة وَّل تردني إلى أهلي‪ .‬وقد كان موقف هذا المجاهد اَلعرج من‬
‫مشاهد معركة « أحد » العظيمة ومن قصصها الرائعة‪ ،‬فقد كان يحمل على اَلعداء‬
‫وهو يقول‪ :‬أنــا وهللا ُمشتاق إلى الجنة‪ .‬وابنه يعدو في أثره حتى قتال جميعاً [سيد‬
‫المرسلين]‪ :‬الشيخ جعفر السبحاني الطبعة اَلولى‪ ،‬مؤسسة النشر اْلسالمي ـ قم‪.‬‬

‫والقاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب ولم أي ُك عمره يتجاوز الرابعة عشرة يتقدم‬
‫إلى عمه الحسين ليلة عاشوراء‪ ،‬وبعد أن أخبر اْلمام أصحابه بالمصير الذي‬
‫ينتظرهم صباح عاشوراء‪ ،‬وهو الشهادة في سبيل هللا حيث قال لهم‪ :‬يا قوم إني غداً‬
‫أُقتل وتقتلون كلكم معي وَّل يبقى منكم واحد‪ .‬فقالوا‪ :‬الحمد هلل الذي أكرمنا بنصرك‬
‫وشرفنا بالقتل معك‪ ..‬وهنا تقدم القاسم لعمه الحسين(عليه السالم) قائالً‪ :‬وأنا فيمن‬
‫ه‬
‫‪94‬‬

‫ُيقتل؟ وقبل أن يجيبه اْلمام سأله‪ :‬يا بني كيف الموت عندك؟ فأجاب القاسم فو اًر‪ :‬يا‬
‫عم أحلى من العسل‪» .‬‬

‫محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا ‪ ،‬عن أحمد بن محمد ‪ ،‬عن علي بن الحكم‬
‫‪ ،‬عن عمر بن أبان ‪ ،‬عن أبي عبدهللا ( عليه السالم ) قال ‪ :‬قال رسول هللا ( صلى‬
‫هللا عليه وآله وسلم ) ‪ :‬الخير كله في السيف ‪ ،‬وتحت ظل السيف ‪ ،‬وَّل يقيم الناس‬
‫إَّل السيف ‪ ،‬والسيوف مقاليد الجنة والنار‪.‬‬

‫ورواه الشيخ بإسناده عن الصفار ‪ ،‬عن محمد بن السندي ‪ ،‬عن علي بن الحكم ‪،‬‬
‫عن أبان‪.‬‬

‫ورواه الصدوق في ( ثواب اَّلعمال ) وفي ( المجالس ) عن محمد بن علي‬


‫ماجيلويه ‪ ،‬عن محمد بن يحيى ‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن يحيى ‪ ،‬عن محمد بن‬
‫إسماعيل ‪ ،‬عن علي بن الحكم مثله‪.‬‬
‫وعن علي بن إبراهيم ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن النوفلي ‪ ،‬عن السكوني ‪ ،‬عن أبي عبدهللا (‬
‫عليه السالم ) قال ‪ :‬قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬للجنة باب يقال له ‪:‬‬
‫باب المجاهدين يمضون إليه فاذا هو مفتوح ‪ ،‬وهم متقلدون سيوفهم ‪ ،‬والجمع في‬
‫الموقف والمالئكة ترحب ‪ ،‬بهم ‪ ،‬قال ‪ :‬فمن ترك الجهاد ألبسه هللا ذَّل وفق ار في‬
‫معيشته ‪ ،‬ومحقا في دينه ‪ ،‬إن هللا اغنى أمتي بسنابك خيلها ‪ ،‬ومراكز رماحها‪.‬‬

‫ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ‪ ،‬عن أبي جعفر ‪ ،‬عن أبيه‬
‫‪ ،‬عن وهب ‪ ،‬عن جعفر ‪ ،‬عن أبيه ( عليهما السالم ) نحوه‪.‬‬

‫ورواه الصدوق في ( المجالس ) عن محمد بن علي بن عيسى ‪ ،‬عن علي بن‬


‫محمد ماجيلويه ‪ ،‬عن البرقي ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن وهب بن وهب ‪ ،‬عن الصادق (عليه‬
‫السالم ) عن أبيه ‪ ،‬عن جده مثله‪.‬‬
‫وبإسناده قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله خيول الغزاة في الدنيا خيولهم في‬
‫‪95‬‬

‫الجنة ‪ ،‬وإن أردية الغزاة لسيوفهم‪.‬‬


‫المراجع‬
‫التهذيب‪.‬‬
‫ثواب اَّلعمال امالي الصدوق‪.‬‬

‫الكافي ‪ ،‬وثواب اَّلعمال‪.‬‬


‫في التهذيب اعز هامش المخطوط‪.‬‬

‫التهذيب ‪.‬‬
‫امالي الصدوق‪.‬‬
‫الكافي ‪.‬‬

‫ورواه الصدوق في ( ثواب اَّلعمال ) عن محمد بن الحسن ‪ ،‬عن الصفار ‪ ،‬عن‬


‫العباس بن معروف ‪ ،‬عن أبي همام عن محمد بن غزوان ‪ ،‬عن السكوني مثله ‪،‬‬
‫إلى قوله في الجنة ثواب اَّلعمال ‪.‬‬

‫وبإَّلسناد قال ‪ :‬وقال النبي ( صلى هللا عليه وآله ) أخبرني جبرئيل بأمر قرت به‬
‫عيني ‪ ،‬وفرح به قلبي ‪ ،‬قال ‪ :‬يا محمد من غ از من امتك في سبيل هللا ‪ ،‬فأصابه‬
‫قطرة من السماء ‪ ،‬أو صداع ‪ ،‬كتب هللا له ثواب اَّلعمال ‪ .‬شهادة يوم القيامة‪.‬‬

‫ورواه الصدوق في ( المجالس ) بإَّلسناد السابق عن وهب نحوه‪.‬‬

‫وفي ( ثواب اَّلعمال ) عن أبيه ‪ ،‬عن سعد ‪ ،‬عن أحمد بن أبي عبدهللا البرقي ‪،‬‬
‫عن أبيه ‪ ،‬عن وهب مثله ‪ ،‬وكذا اللذان قبله‪.‬‬
‫وبهذا اْلسناد قال ‪ :‬قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) جاهدوا تغنموا‪.‬‬
‫وبهذا اْلسناد قال ‪ :‬قيل للنبي ( صلى هللا عليه وآله ) ما بال الشهيد َّل يفتن في قبره‬
‫قال ‪ :‬كفى بالبارقة فوق رأسه فتنة‬
‫‪96‬‬

‫وعن محمد بن يحيى ‪ ،‬عن محمد بن الحسين ‪ ،‬عن علي بن النعمان ‪ ،‬عن سويد‬
‫القالنسي ‪ ،‬عن أبي بصير قال ‪ :‬قلت َّلبي عبدهللا ( عليه السالم ) ‪ :‬أي الجهاد‬
‫أفضل ؟ فقال ‪ :‬من عقر جواده ‪ ،‬وأهريق دمه في سبيل هللا‪.‬‬
‫وعنه ‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى ‪ ،‬عن الحسن بن محبوب ‪ ،‬عن بعض‬
‫أصحابه قال ‪ :‬كتب أبو جعفر ( عليه السالم ) في رسالته إلى بعض خلفاء بني‬
‫امية ‪ :‬ومن ذلك ما ضيع الجهاد الذي فضله هللا عز وجل على اَّلعمال ‪ ،‬وفضل‬
‫عامله على العمال ‪ ،‬تفضيال في الدرجات والمغفرة ‪ ،‬والرحمة َّلنه ظهر به الدين ‪،‬‬
‫وبه يدفع عن الدين ‪ ،‬وبه اشترى هللا من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة ‪ ،‬بيعا‬
‫مفلحا منجحا اشترط عليهم فيه حفظ الحدود ‪ ،‬وأول ذلك الدعاء إلى طاعة هللا من‬
‫طاعة العباد ‪ ،‬والى عبادة هللا من عبادة العباد ‪ ،‬وإلى وَّلية هللا من وَّلية العباد ‪،‬‬
‫فمن دعى إلى الجزية فابى قتل وسبي أهله ‪ ،‬وليس الدعاء من طاعة عبد إلى طاعة‬
‫عبد مثله ‪ ،‬ومن أقر بالجزية لم يتعد عليه ‪ ،‬ولم تخفر ذمته ‪ ،‬وكلف دون طاقته ‪،‬‬
‫وكان الفيء للمسلمين عامة غير خاصة ‪ ،‬وان كان قتال وسبي سير في ذلك بسيرته‬
‫‪ ،‬وعمل فيه في ذلك بسنته من الدين ‪ ،‬ثم كلف اَّلعمى واَّلعرج والذين َّل يجدون‬
‫ما ينفقون على الجهاد بعد عذر هللا عز وجل إياهم ‪ ،‬ويكلف الذين يطيقون ما َّل‬
‫يطيقون ‪ ،‬وإنما كان أهل مصر يقاتل من يليه ‪ ،‬يعدل بينهم في البعوث ‪ ،‬فذهب‬
‫ذلك كله حتى عاد الناس رجلين ‪ :‬أجير مؤتجر بعد بيع هللا ‪ ،‬ومستأجر صاحبه‬
‫غارم بعد عذر هللا ‪ ،‬وذهب الحج فضيع ‪ ،‬وافتقر الناس فمن أعوج ممن عوج هذا ‪،‬‬
‫ومن أقوم ممن أقام هذا ؟ فرد الجهاد على العباد وزاد الجهاد على العباد إن ذلك‬
‫خطأ عظيم‪.‬‬
‫وعن عدة من أصحابنا ‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن خالد ‪ ،‬عن بعض أصحابه ‪ ،‬عن‬
‫عبدهللا بن عبد الرحمن اَّلصم ‪ ،‬عن حيدرة ‪ ،‬عن أبي عبدهللا ( عليه السالم ) قال ‪:‬‬
‫الجهاد أفضل اَّلشياء بعد الفرائض‪.‬‬
‫‪97‬‬

‫ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ‪ ،‬عن جعفر بن محمد ‪ ،‬عن‬
‫بعض أصحابنا ‪ ،‬عن عبدهللا بن عبد الرحمان اَّلصم مثله‪.‬‬
‫وعنهم ‪ ،‬عن ابن خالد ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن أبي البختري ‪ ،‬عن أبي عبدهللا ( عليه‬
‫السالم ) قال ‪ :‬قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬إن جبرئيل ( عليه السالم )‬
‫أخبرني بأمر قرت به عيني ‪ ،‬وفرح به قلبي ‪ ،‬قال ‪ :‬يا محمد من غ از غزاة في سبيل‬
‫هللا من امتك ‪ ،‬فما أصابه قطرة من السماء أو صداع ‪ ،‬إَّل كانت له شهادة يوم‬
‫القيامة‪.‬‬

‫ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ‪ ،‬عن أبي جعفر ‪ ،‬عن أبيه ‪،‬‬
‫عن وهب ‪ ،‬عن جعفر ‪ ،‬عن أبيه مثله‪.‬‬
‫وعنهم ‪ ،‬عن ابن خالد ‪ ،‬عن عثمان بن عيسى ‪ ،‬عن عنبسة ‪ ،‬عن أبي حمزة قال ‪:‬‬
‫سمعت أبا جعفر ( عليه السالم ) يقول ‪ :‬إن علي بن الحسين ( صلوات هللا عليه )‬
‫كان يقول ‪ :‬قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬ما من قطرة أحب إلى هللا عز‬
‫وجل من قطرة دم في سبيل هللا‪.‬‬
‫المصادر‬

‫الكافي‪.‬‬
‫التهذيب‪.‬‬
‫وعن علي بن إبراهيم ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن ابن محبوب رفعه أن أمير المؤمنين ( عليه‬
‫السالم ) خطب يوم الجمل ـ إلى أن قال ‪ :‬ـ فقال ‪ :‬أيها الناس إن الموت َّل يفوته‬
‫المقيم ‪ ،‬وَّل يعجزه الهارب ‪ ،‬ليس عن الموت محيص ‪ ،‬ومن لم يمت يقتل ‪ ،‬وإن‬
‫أفضل الموت القتل ‪ ،‬والذي نفسي بيده ‪َ ،‬للف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة‬
‫على فراش ‪ . . .‬الحديث‪.‬‬
‫وعن أحمد بن محمد بن سعيد ‪ ،‬عن جعفر بن عبدهللا العلوي ‪ ،‬وعن أحمد بن محمد‬
‫‪98‬‬

‫الكوفي ‪ ،‬عن علي بن العباس ‪ ،‬عن إسماعيل بن إسحاق جميعا ‪ ،‬عن أبي روح‬
‫فرج بن قرة ‪ ،‬عن مسعدة بن صدقة ‪ ،‬عن ابن أبي ليلي ‪ ،‬عن أبي عبد الرحمن‬
‫السلمي قال ‪ :‬قال أمير المؤمنين ( عليه السالم ) ‪ :‬أما بعد فإن الجهاد باب من‬
‫أبواب الجنة فتحه هللا لخاصة أوليائه ـ إلى أن قال ـ هو لباس التقوى ‪ ،‬ودرع هللا‬
‫الحصينة ‪ ،‬وجنته الوثيقة ‪ ،‬فمن تركه ألبسه هللا ثوب الذل ‪ ،‬وشمله البالء ‪،‬‬
‫وديث بالصغار والقماءة ‪ ،‬وضرب على قلبه باَّلسداد ‪ ،‬وأديل الحق منه بتضييع‬
‫الجهاد ‪ ،‬وسيم الخسف ‪ ،‬ومنع النصف ‪ . . .‬الحديث‪.‬‬

‫ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد بن سعيد نحوه ‪ ،‬وزاد ‪ :‬وأديل الحق‬
‫بتضييع الجهاد وغضب هللا عليه بتركه نصرته وقد قال هللا عز وجل في محكم كتابه‬
‫( ‪:‬إن تنصروا هللا ينصركم ويثبت أقدامكم‪ .‬الكافي ‪.‬‬

‫ورواه الرضي في نهج البالغة مرسال‪.‬‬


‫وعن محمد بن يحيى ‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى ‪ ،‬عن علي بن الحكم ‪ ،‬عن‬
‫أبي حفص الكلبي ‪ ،‬عن أبي عبدهللا ( عليه السالم ) قال ‪ :‬إن هللا عز وجل بعث‬
‫رسوله باَّلسالم إلى الناس عشر سنين فأبوا أن يقبلوا حتى أمره بالقتال ‪ ،‬فالخير في‬
‫السيف وتحت السيف واَّلمر يعود كما بدأ‪.‬‬
‫وعن علي بن إبراهيم ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن ابن محبوب رفعه قال ‪ :‬قال أمير المؤمنين (‬
‫عليه السالم ) ‪ :‬إن هللا فرض الجهاد وعظمه وجعله نصره وناصره ‪ ،‬وهللا ما‬
‫صلحت دنيا وَّل دين اَّل به‪.‬‬
‫وعنه ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن هارون بن مسلم ‪ ،‬عن مسعدة بن صدقة ‪ ،‬عن أبي عبدهللا (‬
‫عليه السالم ) قال ‪ :‬قال النبي ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬اغزوا تورثوا أبنائكم مجدا‪.‬‬
‫وبهذا اْلسناد إن أبا دجانة اَّلنصاري اعتم يوم اُحد بعمامة ‪ ،‬وأرخى عذبة العمامة‬
‫بين كتفيه حتى جعل يتبختر ‪ ،‬فقال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬إن هذه‬
‫‪99‬‬

‫لمشية يبغضها هللا عز وجل اَّل عند القتال في سبيل هللا‪.‬‬


‫وعن محمد بن يحيى ‪ ،‬عن أحمد بن محمد ‪ ،‬عن الحجال ‪ ،‬عن ثعلبة ‪ ،‬عن معمر‬
‫‪ ،‬عن أبي جعفر ( عليه السالم ) قال ‪ :‬الخير كله في السيف ‪ ،‬وتحت السيف ‪،‬‬
‫وفي ظل السيف‪. .‬‬
‫قال ‪ :‬وسمعته يقول ‪ :‬إن الخير كل الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة‬
‫وعن الحسين بن محمد ‪ ،‬عن أحمد بن إسحاق ‪ ،‬عن سعدان ‪ ،‬عن أبي بصير قال‬
‫‪ :‬قال أبو عبدهللا ( عليه السالم ) ‪ :‬من قتل في سبيل هللا لم يعرفه هللا شيئا من‬
‫سيئاته محمد بن الحسن الطوسي بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار ‪ ،‬عن‬
‫عبدهللا بن المنبه عن الحسين بن علوان ‪ ،‬عن عمرو بن خالد ‪ ،‬عن زيد بن علي ‪،‬‬
‫عن أبيه ( عليه السالم ) عن آبائه ( عليهم السالم ) قال ‪ :‬قال رسول هللا ( صلى‬
‫هللا عليه وآله وسلم ) ‪ :‬للشهيد سبع خصال من هللا ‪ :‬أول قطرة من دمه مغفور له‬
‫كل ذنب ‪ ،‬والثانية يقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين ‪ ،‬وتمسحان الغبار‬
‫عن وجهه ‪ ،‬وتقوَّلن ‪ :‬مرحبا بك ‪ ،‬ويقول هو مثل ذلك لهما ‪ ،‬والثالثة يكسى من‬
‫كسوة الجنة ‪ ،‬والرابعة تبتدره خزنة الجنة بكل ريح طيبة أيهم يأخذه معه ‪ ،‬والخامسة‬
‫أن يرى منزله والسادسة يقال لروحه ‪ :‬اسرح في الجنة حيث شئت ‪ ،‬والسابعة أن‬
‫ينظر الى وجه هللا وانها لراحة لكل نبي وشهيد‪.‬‬
‫وعنه ‪ ،‬عن العباس بن معروف ‪ ،‬عن أبي همام ‪ ،‬وعن محمد بن سعيد بن غزوان ‪،‬‬
‫عن السكوني ‪ ،‬عن جعفر ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن آبائه ( عليهم السالم ) ان النبي ( صلى‬
‫هللا عليه وآله وسلم ) قال ‪ :‬فوق كل ذي بر بر حتى يقتل في سبيل هللا ‪ ،‬فاذا قتل‬
‫في سبيل هللا فليس فوقه بر ‪ ،‬وفوق كل ذي عقوق عقوق حتى يقتل أحد والديه ‪،‬‬
‫فليس فوقه عقوق‪.‬‬

‫ورواه الصدوق في ( الخصال ) عن محمد بن الحسن بن الوليد ‪ ،‬عن الصفار‪.‬‬


‫‪111‬‬

‫ورواه الكليني ‪ ،‬عن علي بن إبراهيم ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن النوفلي ‪ ،‬عن السكوني ‪ ،‬عن‬
‫أبي عبدهللا ( عليه السالم ) مثله ‪ ،‬إلى قوله ‪ :‬فليس فوقه بر‪.‬‬
‫وعنه ‪ ،‬عن عبدهللا بن المغيرة ‪ ،‬عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ‪ ،‬عن ضرار بن‬
‫عمرو السميساطي ‪ ،‬عن سعد بن مسعود الكناني ‪ ،‬عن عثمان بن مظعون قال ‪:‬‬
‫قلت لرسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬إن نفسي تحدثني بالسياحة وأن ألحق‬
‫بالجبال ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا عثمان َّل تفعل فإن سياحة امتي الغزو والجهاد‪.‬‬
‫وبإسناده عن البرقي ‪ ،‬عن سعد بن سعد اَّلشعري ‪ ،‬عن أبي الحسن الرضا ( عليه‬
‫السالم ) قال ‪ :‬سألته عن قول أمير المؤمنين ( عليه السالم ) َّللف ضربة بالسيف‬
‫أهون من موت على فراش ؟ فقال ‪ :‬في سبيل هللا‬
‫التهذيب ‪.‬‬

‫ورواه الكليني ‪ ،‬عن محمد بن يحيى ‪ ،‬عن أحمد بن محمد ‪ ،‬عن محمد بن خالد ‪،‬‬
‫عن سعد بن سعد مثله‪.‬‬
‫محمد بن علي بن الحسين في ( عيون اَّلخبار ) بإسناده عن الفضل بن شاذان ‪،‬‬
‫عن الرضا ( عليه السالم ) في كتابه إلى المأمون قال ‪ :‬والجهاد واجب مع اَّلمام‬
‫العادل‪.‬‬
‫وفي ( معاني اَّلخبار ) عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ‪ ،‬عن عبد‬
‫العزيز بن يحيى الجلودي ‪ ،‬عن هشام بن علي ومحمد بن زكريا الجوهري ‪ ،‬عن ابن‬
‫عائشة باسناد ذكره إن عليا ( عليه السالم ) قال في خطبة له ‪ :‬أما بعد فإن الجهاد‬
‫باب من أبواب الجنة ‪ ،‬فمن تركه رغبة عنه ألبسه هللا الذل وسيم الخسف وديث‬
‫بالصغار الحديث‪.‬‬
‫ورواه الرضي في ( نهج البالغة ) مرسال‪.‬‬
‫وفي ( المجالس ) عن جعفر بن علي ‪ ،‬عن جده الحسن بن علي ‪ ،‬عن جده عبدهللا‬
‫‪111‬‬

‫بن المغيرة ‪ ،‬عن إسماعيل بن مسلم السكوني ‪ ،‬عن الصادق جعفر بن محمد ( عليه‬
‫السالم ) ‪ ،‬عن أبيه قال ‪ :‬قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬خيول الغزاة‬
‫خيولهم في الجنة‪.‬‬
‫وفي ( عقاب اَّلعمال ) باسناد تقدم في عيادة المريض عن رسول هللا ( صلى هللا‬
‫عليه وآله ) أنه قال ـ في حديث ـ ‪ :‬ومن خرج في سبيل هللا مجاهدا فله بكل خطوة‬
‫سبعمائة ألف حسنة ‪ ،‬ويمحا عنه سبعمائة ألف سيئة ‪ ،‬ويرفع له سبعمائة ألف درجة‬
‫‪ ،‬وكان في ضمان هللا بأي حتف مات كان شهيدا ‪ ،‬وإن رجع رجع مغفو ار له‬
‫مستجابا دعاؤه‪.‬‬
‫المصادر‬

‫الكافي‪.‬‬
‫عيون اخبار الرضا ( عليه السالم )‪.‬‬
‫معاني اَّلخبار‪.‬‬
‫نهج البالغة‪.‬‬
‫امالي الصدوق‪.‬‬
‫عقاب اَّلعمال ‪.‬‬
‫أحمد بن محمد بن خالد في ( المحاسن ) عن الوشاء ‪ ،‬عن مثنى ‪ ،‬عن منصور بن‬
‫حازم قال ‪ :‬قلت َّلبي عبدهللا ( عليه السالم ) ‪ :‬أي اَّلعمال أفضل ؟ قال ‪ :‬الصالة‬
‫لوقتها ‪ ،‬وبر الوالدين ‪ ،‬والجهاد في سبيل هللا‪.‬‬

‫‪ ،‬ويأتي ما‬ ‫)‪(2‬‬


‫‪ ،‬وغيرها‬ ‫)‪(1‬‬
‫أقول ‪ :‬وتقدم ما يدل على ذلك في مقدمة العبادات‬
‫يدل عليه ‪.‬المحاسن اورده عن الكافي في الحديث ‪ 8‬من الباب ‪ 68‬من ابواب‬
‫احكام اَّلوَّلد ونحوه عن الخصال في الحديث ‪ 35‬من الباب ‪ 3‬من ابواب المواقيت ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ باب اشتراط اذن الوالدين في الجهاد ما لم يجب على الولد عينا‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫محمد بن علي بن الحسين في ( المجالس ) عن علي بن أحمد بن عبدهللا عن أبيه‬


‫‪ ،‬عن جده أحمد بن أبي عبدهللا ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن أحمد بن النضر ‪ ،‬عن عمرو بن‬
‫شمر ‪ ،‬عن جابر ‪ ،‬عن أبي عبدهللا الصادق ( عليه السالم ) قال جاء رجل إلى‬
‫رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) فقال ‪ :‬يا رسول هللا اني راغب في الجهاد نشيط ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فجاهد في سبيل هللا فانك إن تقتل كنت حيا عند هللا ترزق وإن مت فقد وقع‬
‫أجرك على هللا وإن رجعت خرجت من الذنوب كما ولدت ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول هللا إن‬
‫لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي ‪ ،‬فقال رسول هللا (‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ :‬أقم مع والديك ‪ ،‬فوالذي نفسي بيده َّلنسهما بك يوما‬
‫وليلة خير من جهاد سنة‪.‬‬
‫محمد بن يعقوب ‪ ،‬عن أبي علي اَّلشعري ‪ ،‬عن محمد بن سالم ‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫النضر مثله ‪ ،‬إَّل أنه قال ‪ :‬فقر مع والديك‪.‬‬
‫وعن علي بن إبراهيم ‪ ،‬عن محمد بن عيسى ‪ ،‬عن يونس ‪ ،‬عن عمرو بن شمر ‪،‬‬
‫عن جابر قال ‪ :‬أتى رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) رجل فقال ‪ :‬اني رجل شاب‬
‫نشيط واحب الجهاد ولي والدة تكره ذلك ‪ ،‬فقال النبي ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬ارجع‬
‫فكن مع والدتك ‪ ،‬فوالذي بعثني بالحق َّلنسها بك ليلة خير من جهاد في سبيل هللا‬
‫سنة‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ باب انه يستحب أن يخلف الغازي بخير وتبلغ رسالته ويحرم أذاه وغيبته وان‬
‫يخلف بسوء‬

‫محمد بن الحسن بإسناده عن أبان بن عثمان ‪ ،‬عن عيسى بن عبدهللا القمي ‪ ،‬عن‬
‫أبي عبدهللا ( عليه السالم ) قال ‪ :‬ثالثة دعوتهم مستجابة ‪ :‬أحدهم الغازي في سبيل‬
‫هللا فانظروا كيف تخلفونه‪.‬‬
‫وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ‪ ،‬عن أبي جعفر ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن وهب عن‬
‫‪113‬‬

‫جعفر ‪ ،‬عن أبيه قال ‪ :‬قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬من بلغ رسالة غاز‬
‫كان كمن أعتق رقبة وهو شريكه في ثواب غزوته‪.‬‬
‫ورواه الصدوق في ( ثواب اَّلعمال ) عن أبيه ‪ ،‬عن سعد ‪ ،‬عن أحمد بن أبي‬
‫عبدهللا البرقي ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن وهب بن وهب ‪ ،‬عن جعفر بن محمد ‪ ،‬عن آبائه‬
‫عليهم السالم‪.‬‬
‫وفي ( المجالس ) عن علي بن عيسى ‪ ،‬عن علي بن محمد ماجيلويه ‪ ،‬عن البرقي‬
‫‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن وهب بن وهب ‪ ،‬عن الصادق ( عليه السالم ) عن أبيه ‪ ،‬عن جده‬
‫( عليهم السالم ) مثله‪.‬‬
‫محمد بن يعقوب ‪ ،‬عن عدة من أصحابنا ‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن خالد ‪ ،‬عن أبيه‬
‫‪ ،‬عن أبي البختري ‪ ،‬عن أبي عبدهللا ( عليه السالم ) قال ‪ :‬قال رسول هللا ( صلى‬
‫هللا عليه وآله ) وذكر مثله‪.‬‬
‫وعن علي بن إبراهيم ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن النوفلي ‪ ،‬عن السكوني ‪ ،‬عن أبي عبدهللا (‬

‫عليه السالم ) قال ‪ :‬قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬من اغتاب مؤمنا غازياً‬
‫أوآذاه أو خلفه في أهله بسوء نصب له يوم القيامة فيستغرق حسناته ثم يركس في‬
‫النار إذا كان الغازي في طاعة هللا عز وجل‪.‬‬
‫ورواه الصدوق في ( عقاب اَّلعمال ) عن أبيه ‪ ،‬عن سعد ‪ ،‬عن إبراهيم بن هاشم ‪،‬‬
‫عن النوفلي‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬وتقدم ما يدل على ذلك في السفر‪.‬‬
‫باب وجوب الجهاد على الرجل دون المرأة بل تجب عليها طاعة زوجها ‪ ،‬وحكم‬
‫جهاد المملوك‬

‫محمد بن يعقوب ‪ ،‬عن علي بن إبراهيم ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن أبي الجوزاء ‪ ،‬عن الحسين‬
‫بن علوان ‪ ،‬عن سعد بن طريف ‪ ،‬عن اَّلصبغ بن نباتة قال ‪ :‬قال أمير المؤمنين (‬
‫‪114‬‬

‫عليه السالم ) ‪ :‬كتب هللا الجهاد على الرجال والنساء فجهاد الرجل بذل ماله ونفسه‬
‫حتى يقتل في سبيل هللا ‪ ،‬وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها‬
‫وغيرته‪.‬‬
‫وفي حديث آخر ‪ :‬وجهاد المرأة حسن التبعل‪.‬‬
‫ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب‪.‬‬

‫أقول ‪ :‬ويأتي ما يدل على ذلك‪.‬‬


‫الحسن بن يوسف بن المطهر في ( المختلف ) نقال عن ابن الجنيد أنه روى أن‬
‫رجال جاء إلى أمير المؤمنين ( عليه السالم ) ليبايعه ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين‬
‫ابسط يدك أبايعك على أن أدعو لك بلساني ‪ ،‬وأنصحك بقلبي ‪ ،‬واجاهد معك بيدي ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬حر أنت أم عبد ؟ فقال ‪ :‬عبد ‪ ،‬فصفق أمير المؤمنين ( عليه السالم ) يده‬
‫فبايعه‬
‫أقول ‪ :‬عمل به ابن الجنيد ‪ ،‬وحمله العالمة على تقدير الحرية ‪ ،‬أو إذن الموالى ‪،‬‬
‫أو عموم الحاجة‪.‬‬

‫وتقدم ما يدل وجوب الجهاد عموما ‪ ،‬ويأتي ما يدل على أنه ليس للعبد التصرف‬
‫في نفسه وَّل ماله إَّل باذن سيده‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ باب أقسام الجهاد وكفر منكره وجملة من أحكامه‬
‫محمد بن يعقوب ‪ ،‬عن علي بن إبراهيم ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬وعلي بن محمد القاساني جميعا‬
‫عن القاسم بن محمد ‪ ،‬عن سليمان بن داود المنقري ‪ ،‬عن فضيل بن عياض قال ‪:‬‬
‫سألت أبا عبدهللا ( عليه السالم ) عن الجهاد أسنة هو أم فريضة ؟ فقال ‪ :‬الجهاد‬
‫على أربعة أوجه ‪ ،‬فجهادان فرض ‪ ،‬وجهاد سنة َّل تقام إَّل مع الفرض ‪ ،‬وجهاد سنة‬
‫‪ ،‬فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي هللا عز وجل وهو من اعظم‬
‫الجهاد ‪ ،‬ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض ‪ ،‬وأما الجهاد الذي هو سنة َّل يقام‬
‫‪115‬‬

‫إَّل مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع اَّلمة ولو تركوا الجهاد َّلتاهم‬
‫العذاب وهذا هو من عذاب اَّلمة ‪ ،‬وهو سنة على اَّلمام وحده أن يأتي العدو مع‬
‫اَّلمة فيجاهدهم ‪ ،‬وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة اقامها الرجل وجاهد في‬
‫إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل اَّلعمال ‪َّ ،‬لنها إحياء سنة‬
‫‪ ،‬وقد قال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) ‪ :‬من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر‬
‫من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من اجورهم شئ‪.‬‬
‫وتقدم ما يدل على عدم وجوب الجهاد على العبد في الحديث ‪ 1‬من الباب ‪ 36‬من‬
‫ابواب وجوب الحج وشرائطه‪.‬‬

‫ورواه الحسن بن علي بن شعبة في ( تحف العقول ) مرسال‪.‬‬


‫ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار ‪ ،‬عن علي بن محمد القاساني ‪،‬‬
‫عن القاسم بن محمد ‪ ،‬عن سليمان بن داود المنقري ‪ ،‬عن حفص بن غياث ‪ ،‬عن‬
‫أبي عبدهللا ( عليه السالم ) وذكر نحوه‪.‬‬
‫وبإَّلسناد عن المنقري ‪ ،‬عن حفص بن غياث ‪ ،‬عن أبي عبدهللا ( عليه السالم )‬
‫قال ‪ :‬سأل رجل أبي ( عليه السالم ) عن حروب أمير المؤمنين ( عليه السالم )‬
‫وكان السائل من محبينا ‪ ،‬فقال له أبو جعفر ( عليه السالم ) ‪ :‬بعث هللا محمدا (‬
‫صلى هللا عليه وآله ) بخمسة أسياف ‪ :‬ثالثة منها شاهرة فال تغمد حتى تضع الحرب‬
‫أوزارها ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها فاذا طلعت الشمس‬
‫من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك اليوم فيومئذ ( ال ينفع نفسا إيمانها لم تكن‬
‫آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خي ار ) ‪ ،‬وسيف منها مكفوف وسيف منها‬
‫مغمود سله إلى غيرنا ‪ ،‬وحكمه الينا ‪ ،‬فأما السيوف الثالثة المشهورة فسيف على‬
‫مشركي العرب قال هللا عز وجل ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم‬
‫واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ( فإن تابوا ـ يعني ‪ :‬آمنوا ـ وأقاموا الصالة وآتوا‬
‫‪116‬‬

‫الزكاة فإخوانكم في الدين فهؤَّلء َّل يقبل منهم اَّل القتل أو الدخول في اَّلسالم‬
‫وأموالهم وذ ارريهم سبي على ما سن رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) فإنه سبى‬
‫وعفا وقبل الفداء ‪ ،‬والسيف الثاني على أهل الذمة قال هللا تعالى ( ‪ :‬وقولوا للناس‬
‫حسنا ) نزلت هذه اآلية في أهل الذمة ‪ ،‬ثم نسخها قوله عز وجل ( ‪ :‬قاتلوا الذين َّل‬
‫يؤمنون باّلل وَّل باليوم اَّلخر وَّل يحرمون ما حرم هللا ورسوله وَّل يدينون دين الحق‬
‫من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) فمن كان منهم‬
‫في دار اَّلسالم فلن يقبل منهم اَّل الجزية أو القتل وما لهم فيء وذ ارريهم سبي واذا‬
‫قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم ‪ ،‬وحرمت أموالهم ‪ ،‬وحلت لنا مناكحتهم ‪،‬‬
‫ومن كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم ‪ ،‬ولم تحل لنا مناكحتهم ‪ ،‬ولم يقبل‬
‫منهم اَّل الدخول في دار اَّلسالم أو الجزية أو القتل ‪ ،‬والسيف الثالث سيف على‬
‫مشركي العجم ـ يعني ‪ :‬الترك والديلم والخزر ـ قال هللا عز وجل في أول السورة التي‬
‫يذكر فيها الذين كفروا فقص قصتهم ثم قال ( ‪ :‬فضرب الرقاب حتى اذا أثخنتموهم‬
‫فشدوا الوثاق فاما أمناً بعد واما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ) فأما قوله ( ‪ :‬فأما‬
‫مناً بعد ) يعني‪ :‬بعد السبي منهم ( واما فداء ) يعني ‪ :‬المفاداة بينهم وبين أهل‬
‫اَّلسالم ‪ ،‬فهؤَّلء لن يقبل منهم اَّل القتل أو الدخول في اَّلسالم ‪ ،‬وَّل تحل لنا‬
‫مناكحتهم ما داموا في دار الحرب ‪ ،‬وأما السيف المكفوف فسيف على أهل البغي‬
‫والتأويل ‪ ،‬قال هللا عز وجل ( ‪ :‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما‬
‫فإن بغت إحداهما على اَّلخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر هللا ) فلما‬
‫نزلت هذه اَّلية قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله‪:‬‬
‫إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبي ( صلى‬
‫هللا عليه وآله ) من هو ‪ ،‬فقال ‪ :‬خاصف النعل ـ يعني ‪ :‬أمير المؤمنين ( عليه‬
‫السالم ) ـ فقال عمار بن ياسر ‪ :‬قاتلت بهذه الراية مع رسول هللا ( صلى هللا عليه‬
‫وآله ) ثالثا ‪ ،‬وهذه الرابعة ‪ ،‬وهللا لو ضربونا حتى يبلغونا المسعفات من هجر‬
‫‪117‬‬

‫لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل ‪ ،‬وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين (‬
‫عليه السالم ) ما كان من رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله ) في أهل مكة يوم فتح‬
‫مكة فإنه لم يسب لهم ذرية ‪ ،‬وقال ‪ :‬من أغلق بابه فهو آمن ‪ ،‬ومن ألقى‬
‫سالحه فهو آمن ‪ ،‬وكذلك قال أمير المؤمنين ( عليه السالم ) يوم البصرة ‪ :‬نادى‬
‫َّل تسبوا لهم ذرية ‪ ،‬وَّل تجهزوا على جريح ‪ ،‬وَّل تتبعوا مدب ار ومن أغلق بابه وألقى‬
‫سالحه فهو آمن ‪ ،‬وأما السيف المغمود فالسيف الذي يقوم به القصاص ‪ ،‬قال هللا‬
‫عز وجل ( ‪ :‬النفس بالنفس والعين بالعين ) فسله إلى أولياء المقتول وحكمه إلينا‬
‫‪ ،‬فهذه السيوف التي بعث هللا بها محمدا ( صلى هللا عليه وآله ) فمن جحدها أو‬
‫جحد واحدا منها أو شيئا من سيرها أو أحكامها فقد كفر بما أنزل هللا على محمد (‬
‫صلى هللا عليه وآله‪) .‬‬

‫ورواه الصدوق في ( الخصال ) عن أبيه ‪ ،‬عن سعد بن عبدهللا ‪ ،‬عن القاسم بن‬
‫محمد ‪ ،‬وكذا الذي قبله‪.‬‬
‫هذه بعض اآليات من كتاب هللا في اليهود‬

‫ود أعألى أشي ٍء أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ ه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ه‬ ‫ِ‬


‫ص أارى ألي أست الأي ُه ُ‬ ‫ص أارى أعألى أشيء أوأقاألت الن أ‬ ‫ود ألي أست الن أ‬‫أوأقاألت الأي ُه ُ‬
‫ين أَّل أيعأل ُمو أن ِمث أل أقولِ ِهم ۗ أف ه‬
‫اّللُ أيح ُك ُم أبيأن ُهم أيوأم ال ِقأي‬ ‫هم يتلُون ال ِكتأاب ۗ أك أذلِك أق ه ِ‬
‫ال الذ أ‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫ُ أ أ‬
‫ام ِة ِفيما كانوا ِف ِ‬
‫يه أيخأتلُِفو أن ﴿‪ ٩٩١‬البقرة﴾‬ ‫أ أ أُ‬

‫َّللاِ ُه أو ال ُه أدى‬
‫ص أارى أحتهى تأتهِب أع ِمهلتأ ُهم ۗ ُقل ِإ هن ُه أدى ه‬ ‫ه‬
‫ود أوأَّل الن أ‬
‫نك الأي ُه ُ‬‫ضى أع أ‬ ‫أوألن تأر أ‬
‫صٍ‬
‫ير‬ ‫َّللاِ ِمن ولِ ٍي وأَّل ن ِ‬
‫اء أك ِم أن ال ِعل ِم ۗ أما أل أك ِم أن ه‬ ‫هِ‬ ‫ِِ ه‬
‫أ أ أ‬ ‫اء ُهم أبع أد الذي أج أ‬ ‫ۗ أوألئن اتأبع أت أأه أو أ‬
‫﴿‪ ٩٢١‬البقرة﴾‬
‫‪118‬‬

‫هاؤهُ ۗ ُقل أفلِ أم ُي أع ِذ ُب ُكم ِب ُذ ُنوبِ ُكم ۗ أبل أأنتُم أب أش‬ ‫وأقاأل ِت اليهود والهنصارى أنحن أأبأناء ه ِ ِ‬
‫َّللا أوأأحب ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أُ ُ أ أ أ‬ ‫أ‬
‫ض أو أما‬‫ات واَلأر ِ‬‫ِ‬
‫الس أم أاو أ‬ ‫اء ۗ أوِهّللِ ُمل ُك ه‬ ‫ِ‬
‫اء أوُي أعذ ُب أمن أي أش ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌر م همن أخأل أق ۗ أيغف ُر ل أمن أي أش ُ‬
‫ص ُير ﴿‪ ٩٨‬المائدة﴾‬ ‫بينهما ۗ وِإألي ِه الم ِ‬
‫أ‬ ‫أ أُ أ أ‬

‫ض ُهم أأولِأياء أبع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ين آم ُنوا أَّل تأته ِخ ُذوا الأي ُه أ ه‬ ‫يا أأي ه ِ‬
‫ض ۗ أو أمن‬ ‫ُ‬ ‫ص أارى أأولأي أ‬
‫اء ۗ أبع ُ‬ ‫ود أوالن أ‬ ‫ُّها الذ أ أ‬
‫أ أ‬
‫ه ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يتأوهلهم ِم ُ ِ ِ‬
‫ين ﴿‪ ١٩‬المائدة﴾‬ ‫نكم أفإهن ُه من ُهم ۗ إ هن ه أ‬
‫َّللا أَّل أيهدي الأقوأم الظالم أ‬ ‫أأ ُ‬

‫َّللاِ أمغُلوأل ٌة ۗ ُغهلت أأي ِدي ِهم ‪ ٤٦﴿ ...‬المائدة﴾‬


‫ود أي ُد ه‬ ‫ِ‬
‫أوأقاألت الأي ُه ُ‬

‫ين أأش أرُكوا ۗ أوألتأ ِج أد هن أأق أرأب ُهم هم أوهد ًة لِهل ِذ‬ ‫هِ‬
‫ود أوالذ أ‬
‫آم ُنوا الأي ُه أ‬
‫ين أ‬
‫ِه ِ‬ ‫ألتأ ِج أد هن أ أ‬
‫أش هد الهن ِ‬
‫اس أع أد أاوًة للذ أ‬
‫ين أوُرهأب ًانا أوأهن ُهم أَّل أيستأكِب ُرو أن‬ ‫ين آمنوا هال ِذين أقاُلوا ِإهنا نصارى ۗ أذلِك ِبأ ه ِ ِ ِ ِ‬
‫أن من ُهم قسيس أ‬ ‫أ‬ ‫أأ أ‬ ‫أ‬ ‫أ أُ‬
‫﴿‪ ٨٢‬المائدة﴾‬

‫َّللاِ ۗ أذلِك أقولُهم ِبأأفو ِ‬


‫اه ِهم ۗ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ه‬ ‫وأقاأل ِت اليهود عزير ابن ه ِ‬
‫أ‬ ‫أ ُ‬ ‫ص أارى ال أمس ُ‬
‫يح اب ُن ه‬ ‫َّللا أوأقاألت الن أ‬ ‫أُ ُ ُأ ٌ ُ‬ ‫أ‬
‫َّللاُ ۗ أهنى ُيؤأف ُكو أن ﴿‪ ١١‬التوبة﴾‬ ‫ين أكأف ُروا ِمن أقب ُل ۗ أق أاتأل ُه ُم ه‬ ‫هِ‬ ‫ي ِ‬
‫ضاه ُئو أن أقو أل الذ أ‬
‫ُأ‬
‫وإِ أذا ألُقوا هال ِذين آمنوا أقالُوا آمهنا وإِ أذا خألوا ِإألى أشي ِ‬
‫اط ِين ِهم أقالُوا ِإهنا أم أعكم ِإهن أما أنح ُن‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫أ أُ‬ ‫أ‬
‫طغأي ِان ِهم أيع أم ُهو أن {البقرة‪}36/‬‬ ‫ىء ِب ِهم أوأي ُم ُّد ُهم ِفي ُ‬‫ِ‬ ‫ِ ن‬
‫ُمستأهزُؤو أ {البقرة‪َّ }31/‬للاُ أيستأهز ُ‬

‫ض أب أعألي ِه أو أج أع أل ِمن ُه ُم‬


‫هلعنه َّللا و أغ ِ‬
‫أأ ُ ُ أ‬ ‫وب ًة ِع أند َّللاِ أمن‬ ‫ِ ِ‬
‫} ُقل أهل أأُنِب ُئ ُكم ِب أش ٍر من أذل أك أمثُ أ‬
‫السِب ِ‬
‫يل‬ ‫أض ُّل أعن أس أواء ه‬ ‫أوأ أ‬ ‫وت أُوألِئ أك أشٌّر هم أكاناً‬‫اغ أ‬
‫ه‬ ‫ال ِق أرأد أة أوال أخأن ِ‬
‫از أير أو أعأب أد الط ُ‬
‫آمهنا أوأقد هد أخلُوا ِبال ُكف ِر أو ُهم أقد أخ أر ُجوا ِب ِه أوَّللاُ أأعأل ُم ِب أما‬
‫وكم أقالُ أوا أ‬
‫آؤ ُ‬
‫{المائدة‪ }92/‬أوإِ أذا أج ُ‬
‫ان أوأأكلِ ِه ُم‬ ‫ارُعو أن ِفي ِ‬
‫اْلث ِم أوال ُعد أو ِ‬ ‫ير ِمن ُهم ُيس ِ‬
‫أ‬ ‫أك ُانوا أيكتُ ُمو أن {المائدة‪ }93/‬أوتأأرى أكِث ًا‬
‫أواَلأحأب ُار أعن أقولِ ِه ُم‬ ‫الرب ِ‬
‫هانيُّو أن‬ ‫اه ُم ه‬ ‫السح أت ألِبئ أس أما أك ُانوا أيع أملُو أن {المائدة‪ }98/‬ألوَّلأ أين أه ُ‬ ‫ُّ‬
‫اليهود يد َّللاِ‬ ‫السح أت ألِبئ أس أما أك ُانوا أيصأن ُعو أن {المائدة‪ }91/‬أوأقاأل ِت‬ ‫اْلث أم أوأأكلِ ِه ُم ُّ‬
‫ِ‬
‫أ ُ ُ أُ‬
‫ف أي أشاء أوألأي ِز أيد هن أكِث ًا‬
‫ير‬ ‫طتأ ِ ِ‬
‫ان ُينف ُق أكي أ‬ ‫أمغُلوأل ٌة ُغهلت أأي ِدي ِهم أوُل ِع ُنوا ِب أما أقاُلوا أبل أي أداهُ أمب ُسو أ‬
‫ضاء ِإألى أيو ِم‬ ‫ُنزأل ِإألي أك ِمن هرِب أك ُ‬
‫طغأي ًانا أو ُكف ًار أوأألأقيأنا أبيأن ُه ُم ال أع أد أاوأة أوالأبغ أ‬ ‫ِمن ُهم هما أ ِ‬
‫‪119‬‬

‫أها َّللاُ وأيس أعو أن ِفي اَلأر ِ‬


‫ض أف أس ًادا أوَّللاُ َّلأ ُي ِح ُّب‬ ‫ال ِقيام ِة ُكهلما أأوأقدوا أن ا ِ‬
‫أ‬ ‫ار لل أحر ِب أأطأفأ أ‬
‫ُ ً‬ ‫أأ أ‬
‫ين {المائدة‪}91/‬‬ ‫ِِ‬
‫ال ُمفسد أ‬
‫اس ِبالب ِ‬
‫اط ِل‬ ‫آم ُنوا ِإ هن أكِث ًا‬
‫ير ِم أن اَلأحأب ِ‬ ‫يا أأي ه ِ‬
‫ال الهن ِ أ‬ ‫ان ألأيأ ُكلُو أن أأم أو أ‬‫الرهأب ِ‬
‫ار أو ُّ‬ ‫ين أ‬
‫ُّها الذ أ‬
‫أ أ‬
‫يل َّللاِ‬
‫ونها ِفي سِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل َّللاِ و هال ِذين يكِن ُزو أن ه‬
‫الذ أه أب أوال ِف ه‬ ‫ويص ُّدو أن عن سِب ِ‬
‫أ‬ ‫ض أة أوَّلأ ُينفُق أ أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أأ ُ‬
‫اب أألِي ٍم {التوبة‪ }11/‬أيوم ُيحمى أعألي أها ِفي أن ِ‬
‫ار أج أههن أم أفتُك أوى ِب أها ِجأب ُ‬
‫اه ُهم‬ ‫أفب ِشرُهم ِبع أذ ٍ‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫أنف ِس ُكم أف ُذوُقوا أما ُكنتُم تأكِن ُزو أن {التوبة‪}16/‬‬
‫ورُهم أه أذا أما أكأنزتُم َل ُ‬
‫ظ ُه ُ‬
‫نوب ُهم أو ُ‬
‫أو ُج ُ‬

‫يل َّللاِ أكِث ًا‬


‫ير‬ ‫ُحهلت ألهم وبِص ِد ِهم عن سِب ِ‬
‫أ أ‬ ‫ُ أ أ‬
‫ات أ ِ‬‫طِيب ٍ‬
‫ين أه ُادوا أح هرمأنا أعألي ِهم أ أ‬
‫أفِب ُ ِ ه ِ‬
‫ظل ٍم م أن الذ أ‬
‫اس ِبالب ِ‬
‫اط ِل أوأأعتأدأنا‬ ‫ِِ‬ ‫{النساء‪ }392/‬أوأأخ ِذ ِهم ِ‬
‫ال الهن ِ أ‬
‫الرأبا أوأقد ُن ُهوا أعن ُه أوأأكلهم أأم أو أ‬ ‫ُ‬
‫يما {النساء‪}393/‬‬‫ِ‬ ‫لِل أك ِاف ِر ِ‬
‫ين من ُهم أع أذ ًابا أأل ً‬
‫أ‬

‫اس أفتأ أمهن ُوا ال أمو أت ِإن ُكنتُم‬‫ُقل ِإن أك أانت أل ُكم ال هد ُار اآلأ ِخ أرةُ ِع أند َّللاِ أخالِص ًة ِمن ُدو ِن الهن ِ‬
‫أ‬ ‫ُ‬
‫هِ‬
‫يم ِبالظال أ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫مين‬ ‫ين {البقرة‪ }61/‬أوألن أيتأ أمهنوهُ أأأب ًدا ب أما أق هد أمت أأيديهم أوَّللاُ أعل ٌ‬ ‫صادق أ‬‫أ‬
‫هِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اس أعألى أحأياة أو ِم أن الذ أ‬
‫ين أأش أرُكوا أي أوُّد أ أ‬
‫أح ُد ُهم ألو‬ ‫ص الهن ِ‬ ‫{البقرة‪ }66/‬أوألتأج أدهن ُهم أأح أر أ‬
‫ص ٌير ِب أما أيع أمُلو أن‬ ‫اب أأن يع همر وَّللا ب ِ‬ ‫ف سأن ٍة وما ُهو ِبم أزح ِز ِح ِه ِم أن الع أذ ِ‬
‫ُأ أ أ ُ أ‬ ‫أ‬ ‫ُي أع هم ُر أأل أ أ أ أ أ ُ‬
‫ص ِدقاً لِ أما أبي أن‬ ‫ِ ِِ ِ ِ‬ ‫ان أع ُدًّوا لِ ِجب ِر أ ِ ه ه‬
‫يل أفإن ُه أنزأل ُه أعألى أقلب أك بإذن َّللا ُم أ‬ ‫{البقرة‪ُ }69/‬قل أمن أك أ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أي أديه أو ُه ًدى أوُبش أرى لل ُمؤ ِمن أ‬
‫ان أع ُدًّوا ّلل أو أمآلئ أكته أوُرُسله أوجب ِر أ‬
‫يل‬ ‫ين {البقرة‪ }65/‬أمن أك أ‬
‫ِ ِ‬
‫ال أفِإ هن َّللاأ أع ُدٌّو لل أكاف ِر أ‬
‫ين {البقرة‪}62/‬‬ ‫أو ِم أ‬
‫يك أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكا‬ ‫وسى لِأقو ِمه أيا أقو ِم اذ ُك ُروا ِنع أم أة َّللا أعألي ُكم ِإذ أج أع أل ِف ُ‬
‫يكم أأنِبأياء أو أج أعأل ُكم ُّمُل ً‬ ‫ال ُم أ‬
‫أوإِذ أق أ‬
‫المأق هد أس أة هالِتي‬
‫ض ُ‬ ‫ين {المائدة‪ }82/‬أيا أقو ِم اد ُخلُوا اَلأر أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أح ًدا من ال أعاألم أ‬
‫ِ‬
‫اكم هما ألم ُيؤت أ أ‬
‫أوآتأ ُ‬
‫وسى ِإ هن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين {المائدة‪ }83/‬أقالُوا أيا ُم أ‬ ‫ارُكم أفتأنأقل ُبوا أخاس ِر أ‬
‫أكتأ أب َّللاُ أل ُكم أوَّلأ تأرتأُّدوا أعألى أأدأب ِ‬
‫هارين وإِهنا ألن هند ُخألها حتهى يخرجوا ِمنها أفِإن يخرجوا ِمنها أفِإهنا د ِ‬ ‫ِ‬
‫اخُلو أن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ ُُ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ أ ُُ‬ ‫يها أقو ًما أجب ِ أ أ‬ ‫فأ‬
‫{المائدة‪}88/‬‬
‫‪111‬‬

‫اب ألِئن أُخ ِرجتُم‬ ‫ين أكأفروا ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ‬ ‫ِِ ِ ِ ه ِ‬ ‫هِ‬
‫ين أنا أفُقوا أيُقوُلو أن ْلخ أوانه ُم الذ أ ُ‬ ‫أألم تأر ِإألى الذ أ‬
‫َّللاُ أيش أه ُد ِإهن ُهم أل أك ِاذ ُبو أن‬
‫نص أرهن ُكم أو ه‬ ‫ِ‬
‫أح ًدا أأأب ًدا أوإِن ُقوتلتُم ألأن ُ‬ ‫يع ِف ُ‬
‫يكم أ أ‬
‫ِ‬
‫ألأنخ ُر أج هن أم أع ُكم أوأَّل ُنط ُ‬
‫ِ ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهم‬
‫ص ُر ُ‬ ‫ون ُهم أوألئن ن أ‬ ‫نص ُر أ‬‫{الحشر‪ }33/‬ألئن أُخر ُجوا أَّل أيخ ُر ُجو أن أم أع ُهم أوألئن ُقوتُلوا أَّل أي ُ‬
‫َّللاِ أذلِ أك‬
‫ورِهم ِم أن ه‬ ‫أش ُّد أرهأب ًة ِفي ص ُد ِ‬
‫ُ‬ ‫نص ُرو أن {الحشر‪ }38/‬أَلأنتُم أ أ‬ ‫ُّ‬
‫أل ُي أول هن اَلأدأب أار ثُ هم أَّل ُي أ‬
‫صأن ٍة أأو ِمن‬ ‫يعا ِإ هَّل ِفي ُق ًرى ُّم أح ه‬ ‫ِ‬
‫ون ُكم أجم ً‬
‫ِ‬
‫ِب أهن ُهم أقوٌم هَّل أيفأق ُهو أن {الحشر‪ }31/‬أَّل ُيأقاتلُ أ‬
‫وب ُهم أشتهى أذلِ أك ِب أهن ُهم أقوٌم هَّل أيع ِقُلو أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أوأراء ُج ُد ٍر أبأ ُس ُهم أبيأن ُهم أشد ٌيد تأح أس ُب ُهم أجم ً‬
‫يعا أوُقُل ُ‬
‫{الحشر‪}31/‬‬

‫َّل ُيؤ ِم ُنو أن {البقرة‪ }322/‬أوأل هما أج ُ‬


‫اءهم‬ ‫ِمن ُهم أبل أأكثأ ُرُهم أ‬ ‫اه ُدوا أعهداً هنأب أذهُ أف ِر ٌ‬
‫يق‬ ‫ه‬
‫أ أأو ُكل أما أع أ‬
‫اب َّللاِ أوأراء‬ ‫معهم نب أذ أف ِريق ِمن هال ِذين أُوتُوا ال ِكتأ ِ‬
‫اب كتأ أ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ٌ أ‬ ‫أ أ ُ أأ‬ ‫ص ِد ٌق لِ أما‬ ‫رس ِ ِ ِ ِ‬
‫ول من عند َّللا ُم أ‬ ‫أُ ٌ‬
‫ورِهم أك أهن ُهم َّلأ أيعأل ُمو أن {البقرة‪}323/‬‬
‫ظ ُه ِ‬
‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ هِ‬


‫صيأنا أواس أمع أغي أر‬ ‫ين أه ُادوا ُي أحرُفو أن ال أكل أم أعن هم أواضعه أوأيُقوُلو أن أسمعأنا أو أع أ‬‫م أن الذ أ‬
‫ين أوألو أهن ُهم أقاُلوا أس ِمعأنا أوأ أ‬ ‫طعنا ِفي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫طعأنا أواس أمع‬ ‫الد ِ‬ ‫ُمس أم ٍع أوأراعأنا أليًّا ِبأألسأنت ِهم أو أ ً‬
‫ان أخي ًار هل ُهم أوأأق أوأم أوأل ِكن هل أعأن ُه ُم َّللاُ ِب ُكف ِرِهم أفالأ ُيؤ ِم ُنو أن ِإَّله أقلِيالً {النساء‪}19/‬‬
‫ظرأنا أل أك أ‬‫أوان ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آم ُنوا ِبما أن هزلأنا م ِ ِ‬ ‫يا أأيُّها هال ِذين أُوتُوا ال ِكتأاب ِ‬
‫صد ًقا ل أما أم أع ُكم من أقبل أأن هنطم أس ُو ُج ً‬
‫وها‬ ‫ُأ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬
‫ان أأم ُر َّللاِ أمف ُعوَّلً‬ ‫ارها أأو نلعنهم أكما ألعهنا أأصحاب ه ِ‬
‫السبت أوأك أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أأُ أ أ‬ ‫أفأن ُرهد أها أعألى أأدأب ِ أ‬
‫{النساء‪}15/‬‬

‫ض أم هرتأي ِن أوألتأعلُ هن ُعلًُّوا أكِب ًا‬


‫ير‬ ‫ضيأنا ِإألى بِني ِإسرِائيل ِفي ال ِكتأ ِ‬
‫اب ألتُف ِس ُد هن ِفي اَلأر ِ‬ ‫أوأق أ‬
‫أ أ‬ ‫أ‬
‫ٍ ٍِ‬ ‫ِ ه ِ‬
‫اسوا‬‫َّله أما أب أعثأنا أعألي ُكم عأب ًادا لأنا أُولي أبأس أشديد أف أج ُ‬ ‫{اْلسراء‪ }1/‬أفِإ أذا أجاء أوع ُد أُو ُ‬
‫ان أوع ًدا همف ُعوَّلً {اْلسراء‪}6/‬‬ ‫ِخالأل ِ‬
‫الدأي ِ‬
‫ار أوأك أ‬ ‫أ‬
‫‪111‬‬

‫ين أيأ ُم ُرو أن ِبال ِقس ِط‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫هِ‬


‫ين ِب أغي ِر أح ٍق أوأيق ُتُلو أن الذ أ‬
‫ين أيكُف ُرو أن ِب أآيات َّللا أوأيق ُتُلو أن الهنِبِي أ‬
‫ِإ هن الذ أ‬
‫طت أأع أمالُ ُهم ِفي ُّ‬ ‫ين أحِب أ‬ ‫ِ هِ‬ ‫اس أفب ِشرهم ِبع أذ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫الدنأيا‬ ‫اب أألي ٍم {آل عمران‪ }83/‬أُوألئ أك الذ أ‬ ‫م أن الهن ِ أ ُ أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أواآلخ أرِة أو أما أل ُهم من هناص ِر أ‬
‫ين {آل عمران‪}88/‬‬

‫ارعون ِفي ال ُكف ِر ِمن هال ِذين أقالُوا آمهنا ِبأأفو ِ‬


‫اه ِهم أوألم‬ ‫الرسول َّلأ يحز ه ِ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ين ُي أس ِ ُ أ‬
‫نك الذ أ‬
‫ُّها ه ُ ُ أ ُ أ‬ ‫أيا أأي أ‬
‫ِ ِ‬ ‫تُؤ ِمن ُقُلوبهم و ِمن هال ِذ ِ‬
‫وك‬
‫ين ألم أيأتُ أ‬ ‫اعو أن لِأقو ٍم أ‬
‫آخ ِر أ‬ ‫اعو أن لل أكذ ِب أس هم ُ‬
‫ين ه ُادوا أس هم ُ‬
‫أ‬ ‫ُُ أ أ‬
‫اض ِع ِه أيُقولُو أن ِإن أُوِتيتُم أه أذا أف ُخ ُذوهُ أوإِن هلم تُؤتأوهُ أفاح أذ ُروا‬
‫يح ِرُفون ال أكلِم ِمن بع ِد مو ِ‬
‫أ أأ‬ ‫أ‬ ‫ُأ أ‬
‫ِ هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط ِه أر ُقُل أ‬
‫وب ُهم‬ ‫ين ألم ُي ِرِد َّللاُ أأن ُي أ‬
‫أو أمن ُي ِرِد َّللاُ فتأنتأ ُه أفألن تأمل أك أل ُه م أن َّللا أشيًئا أُوألئ أك الذ أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألهم ِفي ُّ ِ‬
‫يم {المائدة‪}13/‬‬ ‫اب أعظ ٌ‬ ‫الدنأيا خزٌي أوأل ُهم في اآلخ أرِة أع أذ ٌ‬ ‫ُ‬

‫ورهُ أوألو أك ِرأه ال أك ِاف ُرو أن‬ ‫ي ِريدون أأن يط ِفؤوا نور َّللاِ ِبأأفو ِ‬
‫اه ِهم أوأيأأبى َّللاُ ِإَّله أأن ُيِت هم‬
‫ُن أ‬ ‫أ‬ ‫ُ ُ ُأ‬ ‫ُ ُ أ‬
‫{التوبة‪.}18/‬‬

‫من المعلوم عند جميع الناس أن اليهود هم شر خلق هللا‪ ،‬فهم شر من وطئ الحصى‬
‫َلنهم قتلة اَلنبياء‪ ،‬ومفترو الكذب على هللا‪ ،‬الخونة الجبناء‪ ،‬ناقضوا المواثيق‪ ،‬وفوق‬
‫ذلك فقد حاولوا قتل النبي المصطفى – صلى هللا عليه وعلى آله– عدة مرات لكن‬
‫هللا – تبارك وتعالى – نجاه وحفظه‪.‬‬

‫والمتتبع للتأريخ يدرك غدرهم وحمقهم‪ ،‬وشدة عدائهم للمسلمين‪ ،‬ومن نظر في عصرنا‬
‫الحاضر وما قاموا به من اْلجرام ضد إخواننا في أرض غزة علم ذلك‪ ،‬فقد هدموا‬
‫البيوت‪ ،‬وقتلوا النساء واَلطفال‪ ،‬وسفكوا الدماء‪ ,‬وضربوا باَلسلحة المحرمة دولياً‪،‬‬
‫وحطموا الكهرباء والممتلكات والمستشفيات – وَّل حول وَّل قوة إَّل باّلل العلي العظيم‪،‬‬
‫هو حسبنا ونعم الوكيل‪ .‬و لكن أخي الكريم ما يرجى من نفوس ملئت حقدا و بغضا‬
‫و غال فأصيبوا بالجنون و شعروا بالبراكين تغلي داخلهم فهذه التصرفات تنبئ على‬
‫حالهم و حال من يؤيدهم و يدعمهم‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫عداوة للذين‬
‫ً‬ ‫قال اْلمام الطبري – رحمه هللا تعالى ‪“ :-‬لتجدن يا محمد أش هد الناس‬
‫اليهود والذين أشركوا تفسير‬
‫أ‬ ‫ص هدقوك واتبعوك وصدقوا بما جئتهم به من أهل اْلسالم؛‬
‫الطبري‪.‬‬

‫وقال الحافظ ابن كثير – رحمه هللا – في تفسير اآلية‪“ :‬ما ذاك إَّل َلن كفر اليهود‬
‫وغمط للناس‪ ،‬وتأأنقص بحملة العلم‪ ،‬ولهذا قتلوا كثي اًر‬
‫عناد وجحود‪ ،‬ومباهتة للحق‪ ،‬أ‬
‫من اَلنبياء‪ ،‬حتى هموا بقتل رسول هللا ﷺ غير مرة‪ ،‬وسحروه‪ ،‬و هألبوا عليه أشباههم‬
‫من المشركين – عليهم لعائن هللا المتتابعة إلى يوم القيامة تفسير ابن كثير ‪.‬‬

‫وقال الرازي – رحمه هللا ‪“ :-‬اعلم أنه – تعالى – لما ذكر من أحوال أهل الكتاب‬
‫من اليهود والنصارى ما ذكره ذكر في هذه اآلية أن اليهود في غاية العدواة مع‬
‫المسلمين‪ ،‬ولذلك جعلهم قرناء للمشركين في شدة العداوة‪ ،‬بل نبه على أنهم أشد في‬
‫العداوة من المشركين من جهة أنه قدم ذكرهم على ذكر المشركين‪ ،‬ولعمري أنهم‬
‫كذلك تفسير الرازي‪.‬‬

‫وقال الخازن – رحمه هللا – في تفسيره‪“ :‬الالم في قوله لتجدن َّلم القسم تقديره وهللا‬
‫يا محمد إنك لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا بك وصدقوك؛ اليهود والذين‬
‫أشركوا‪ ،‬ووصف هللا شدة عداوة اليهود وصعوبة إجابتهم إلى الحق‪ ،‬وجعلهم قرناء‬
‫المشركين عبدة اَلصنام في العداوة للمؤمنين‪ ،‬وذلك حسداً منهم للمؤمنين تفسير‬
‫الخازن‬

‫وقال ابن سعدي – رحمه هللا ‪“ :-‬فهؤَّلء الطائفتان على اْلطالق أعظم الناس معاداة‬
‫لإلسالم والمسلمين‪ ،‬وأكثرهم سعياً في إيصال الضرر إليهم‪ ،‬وذلك لشدة بغضهم لهم‬
‫بغياً وحسداً‪ ،‬وعناداً وكفر تفسير السعدي ‪.‬‬
‫‪113‬‬

‫عنادهم وتعنتهم‪ ،‬وكثرة أسئلتهم واستفسارهم ‪:‬إذ من صفاتهم القبيحة أنهم متعنتون‪،‬‬
‫يكثرون اَلسئلة واَّلستفسارات‪ ،‬ومن أمثلة لذلك ما ذكره هللا – تبارك وتعالى – في‬
‫محكم التنزيل عما وقع بين موسى وبين قومه عندما أمرهم أن يذبحوا بقرة فقالوا‪:‬‬
‫وسى لِأقو ِم ِه ِإ هن َّللاأ أيأ ُم ُرُكم أأن‬ ‫ال ُم أ‬
‫أتتخذنا هزواً ثم قالوا‪ :‬ما هي؟ ما لونها؟ أوإِذ أق أ‬
‫ِِ‬ ‫تأذبحوا بأقرة أقالُوا أأتأته ِخ ُذنا ه ُزواً أقال أأعوُذ ِباّللِ أأن أ ُ ِ‬
‫ين۝ أقالُوا ادعُ ألأنا‬ ‫أكو أن م أن ال أجاهل أ‬ ‫أ ُ‬ ‫أ ُ‬ ‫أ ُ أ أً‬
‫ان أبي أن أذِل أك أفاف أعُلوا‬ ‫َّل ِبكٌر أع أو ٌ‬ ‫ول ِإهن أها أبأق أرةٌ َّله أف ِ‬ ‫هك ُيأبِين لأنا ما ِهي أق ِ‬
‫ض أو أ‬ ‫ار ٌ‬ ‫ال إهن ُه أيُق ُ‬
‫أ أ أ‬ ‫أرب أ‬
‫صف أراء أف ِاق ٌع‬ ‫هك ُيأبِين هلأنا ما ألوُنها أقال ِإهن ُه أيُق ِ‬
‫ول إن أها أبأق أرةٌ أ‬ ‫ُ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أما تُؤ أمرو أن۝ أقالُوا ادعُ ألأنا أرب أ‬
‫هك ُيأبِين هلأنا أما ِهي ِإ هن الأبأق أر تأ أش أاب أه أعأليأنا أوإِهنا‬ ‫ين۝ أقالُوا ادعُ ألأنا أرب أ‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫لوُن أها تأ ُس ُّر الهناظ ِر أ‬
‫أ‬
‫ض أوَّلأ تأس ِقي‬ ‫َّللا ألمهتأدون ۝ أقال ِإهنه يُقول ِإهنها بأقرة َّله أذُل ِ‬ ‫ِ‬
‫ول تُث ُير اَلأر أ‬ ‫ٌ‬ ‫أ ُ أ ُ أ أ أٌ‬ ‫اء ه ُ ُ ُ أ‬ ‫إن أش أ‬
‫ه هِ ِ‬
‫وها أو أما أك ُادوا أيف أعلُو أن سورة‬ ‫اآلن ِجئ أت ِبال أح ِق أف أذأب ُح أ‬
‫يها أقالُوا أ‬ ‫ال أحر أث ُم أسل أمةٌ َّل شأي أة ف أ‬
‫البقرة (‪.)53-95‬‬

‫وقالوا لموسى ‪ :‬وأقالُوا ألن ُّنؤ ِم أن أل أك أحتهى تأف ُج أر ألأنا ِم أن اَلأر ِ‬


‫ض أي ُنبوع ًا سورة اْلسراء‬ ‫أ‬
‫(‪.)62‬‬

‫وسى ألن‬ ‫تعنتاً وعناداً‪ ،‬وقالوا له كما أخبر هللا – تبارك وتعالى – بذلك ‪ :‬أوِإذ ُقلتُم أيا ُم أ‬
‫ض ِمن أبقلِ أها أوِقثه ِآئ أها‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫هك ُيخ ِرج ألأنا م هما تُنِب ُت اَلأر ُ‬ ‫هنصِب أر أعأل أى أ‬
‫ط أعا ٍم أواحد أفادعُ ألأنا أرب أ‬
‫طوا ِمص اًر‬ ‫ال أأتأستأب ِدلُو أن هال ِذي ُه أو أأدأنى ِب هال ِذي ُه أو أخيٌر اهِب ُ‬ ‫وُفو ِمها وعد ِسها وب ِ‬
‫صل أها أق أ‬
‫أ أ أ أأ أ أ أ أ‬
‫َّللاِ أذلِ أك ِب أهن ُهم‬
‫ض ٍب ِم أن ه‬
‫آؤوا ِب أغ أ‬
‫ِه‬
‫ض ِرأبت أعألي ِه ُم الذل ُة أوال أمس أكأن ُة أوأب ُ‬ ‫أفِإ هن أل ُكم هما أسأألتُم أو ُ‬
‫ين ِب أغي ِر الحق سورة البقرة (‪ .)319‬أذلِ أك ِب أما‬ ‫ات ه ِ‬ ‫أكانوا يكُفرون ِبآي ِ‬
‫َّللا أوأيق ُتلُو أن الهنِبِي أ‬ ‫ُ أ ُ أ أ‬
‫صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن سورة البقرة (‪.)93‬‬ ‫أع أ‬

‫تحريفهم للكتاب ‪:‬فمن صفاتهم أنهم حرفوا كالم هللا ‪ ‬الذي أُنزل إليهم‪ ،‬وغيروا‬
‫وبدلوا حتى قال هللا – تبارك وتعالى – عنهم للمؤمنين ‪:‬أأفتأط أم ُعو أن أأن ُيؤ ِم ُنوا أل ُكم أوأقد‬
‫‪114‬‬

‫ون ُه ِمن أبع ِد أما أعأقُلوهُ أو ُهم أيعأل ُمو أن سورة‬ ‫ِ‬ ‫أكان أف ِر ِ‬
‫يق من ُهم أيس أم ُعو أن أكالأ أم َّللا ثُ هم ُي أح ِرُف أ‬
‫ٌ‬ ‫أ‬
‫البقرة (‪.)56‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ هِ‬


‫صيأنا أواس أمع‬ ‫ين أه ُادوا ُي أحرُفو أن ال أكل أم أعن هم أواضعه أوأيُقولُو أن أسمعأنا أو أع أ‬ ‫وقال ‪:‬م أن الذ أ‬
‫طعأنا أواس أمع‬‫ين أوألو أهن ُهم أقالُوا أس ِمعأنا أوأ أ‬ ‫طعناً ِفي ِ‬
‫الد ِ‬ ‫اعأنا ألياً ِبأأل ِسأنِت ِهم أو أ‬
‫غير مسم ٍع ور ِ‬
‫أ أ ُ أ أأ‬
‫ان أخي اًر هل ُهم أوأأق أوأم أوأل ِكن هل أعأن ُه ُم َّللاُ ِب ُكف ِرِهم أفالأ ُيؤ ِم ُنو أن ِإَّله أقلِي ً‬
‫ال سورة النساء‬ ‫ظرأنا أل أك أ‬
‫أوان ُ‬
‫(‪.)19‬‬

‫ظرأنا‬ ‫وقال هللا – تبارك وتعالى ‪ -:‬يا أأيُّها هال ِذين آمنوا َّلأ تأُقولُوا ر ِ‬
‫اعأنا أوُقولُوا ان ُ‬ ‫أ‬ ‫أ أُ‬ ‫أ أ‬
‫لك ِاف ِرين ع أذ ِ‬
‫يم سورة البقرة (‪.)321‬‬ ‫أواس أم ُعوا أولِ أ أ أ ٌ‬
‫اب أأل ٌ‬

‫وقال هللا – تبارك وتعالى – لهم ‪ :‬أوإِذ ُقلأنا اد ُخلُوا أه ِذِه الأقرأي أة أف ُكلُوا ِمن أها أحي ُث ِشئتُم‬
‫ِِ‬ ‫ط ٌة هنغ ِفر أل ُكم أخ أ‬‫رغداً وادخُلوا الباب س هجداً وُقوُلوا ِح ه‬
‫ين سورة‬ ‫اكم أو أسأن ِز ُيد ال ُمحسن أ‬ ‫ط أاي ُ‬ ‫أ‬ ‫أ أ ُ‬ ‫أأ أ ُ‬
‫البقرة (‪ .)62‬فقالوا‪ :‬حنطة‪.‬‬

‫الغدر والخيانة ‪:‬إن الغدر والخيانة صفتان قبيحتان يستقبحهما كل من كانت فطرته‬
‫سليمة لم تشبها شائبة‪ ،‬لكن من أعظم الصفات التي يتصف بها اليهود – قبحهم هللا‬
‫– صفتا الغدر والخيانة‪ ،‬فهم خونة ينقضون المواثيق ويغدرون‪ ،‬ويخونون من ائتمنهم‬
‫قال – تعالى ‪ -:‬وإِ أذا ألُقوا هال ِذين آمنوا أقالُوا آمهنا وإِ أذا خألوا ِإألى أشي ِ‬
‫اط ِين ِهم أقالُوا ِإهنا أم أعكم‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫أ أُ‬ ‫أ‬
‫ِإهن أما أنح ُن ُمستأه ِزُؤو أن سورة البقرة (‪.)31‬‬

‫ض ُهم ِإألى أبع ٍ‬ ‫هِ‬


‫ض أقالُوا‬
‫أ‬ ‫آمهنا أوإِ أذا أخالأ أبع ُ‬
‫آم ُنوا أقالُوا أ‬
‫ين أ‬ ‫وقال – تعالى ‪ -:‬أوإِ أذا ألُقوا الذ أ‬
‫وكم ِب ِه ِع أند أرِب ُكم أأفالأ تأع ِقُلو أن سورة البقرة (‪.)59‬‬‫آج ُ‬‫ون ُهم ِب أما أفتأ أح َّللاُ أعألي ُكم ِل ُي أح ُّ‬ ‫ِ‬
‫أأتُ أحدثُ أ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وقال – سبحانه ‪ -:‬أوإِن ُي ِر ُيدوا خأي أانتأ أك أفأقد أخ ُانوا َّللاأ من أقب ُل أفأأم أك أن من ُهم أوَّللاُ أعل ٌ‬
‫يم‬
‫يم سورة اَلنفال (‪.)53‬‬ ‫ِ‬
‫أحك ٌ‬
‫‪115‬‬

‫وروى اْلمام أبو داود السجستاني – رحمه هللا – في سننه “أن النبي ﷺ كان يقبل‬
‫الهدية‪ ،‬وَّل يأكل الصدقة”‪ ،‬زاد “فأهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية س همتها‪ ،‬فأكل‬
‫رسول هللا ﷺ منها‪ ،‬وأكل القوم‪ ،‬فقال ‪:‬ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها‬
‫مسمومة‪ ،‬فمات بشر بن البراء بن معرور اَلنصاري‪ ،‬فأرسل إلى اليهودية ‪:‬ما حملك‬

‫على الذي صنعت؟ قالت‪ :‬إن كنت نبياً لم يضرك الذي صنعت‪ ،‬وإن كنت ملكاً‬
‫أرحت الناس منك‪ ،‬فأمر بها رسول هللا ﷺ فقتلت‪ ،‬ثم قال‪ :‬في وجعه الذي مات‬
‫فيه ‪:‬ما زلت أجد من اَلكلة التي أكلت بخيبر‪ ،‬فهذا أوان قطعت أبهري“ رواه أبو‬
‫داود وروي عن جابر بن عبد هللا – رضي هللا عنهما – عند الدارمي في سننه‬
‫والحاكم في المستدرك وقال‪ :‬صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه؛ وقال اَللباني‪:‬‬
‫حسن صحيح في صحيح أبي داود ‪.‬‬

‫قسوة قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد ‪:‬بسبب عصيانهم هلل – تبارك وتعالى ‪ ،-‬ولرسله‬
‫– صلوات هللا عليهم أجمعين – قال هللا – تبارك وتعالى – مخب اًر عن حال‬

‫وب ُكم ِمن أبع ِد أذلِ أك أف ِه أي أكال ِح أج أارِة أأو أ أ‬


‫أش ُّد أقس أوًة أوإِ هن ِم أن ال ِح أج أارِة أل أما‬ ‫قلوبهم ‪:‬ثُ هم أق أست ُقُل ُ‬
‫ط ِمن أخشأي ِة‬ ‫أيتأأف هج ُر ِمن ُه اَلأن أه ُار أوإِ هن ِمن أها أل أما أي هشهق ُق أفأيخ ُرُج ِمن ُه ال أماء أوإِ هن ِمن أها أل أما أيهِب ُ‬
‫َّللاِ أو أما َّللاُ ِب أغ ِاف ٍل أع هما تأع أملُو أن سورة البقرة (‪.)51‬‬

‫ض ِهم ِميثأا أقهم ألعهناهم وجعلنا ُقلُوبهم أق ِ‬


‫اسأي ًة ُي أح ِرُفو أن ال أكلِ أم‬ ‫وقال – سبحانه ‪ِ -:‬بما نق ِ‬
‫ُ أ أ أ أ أُ‬ ‫ُ‬ ‫أ أ‬
‫طلِ ُع أعألى أخ ِآئأن ٍة ِمن ُهم ِإَّله أقلِيالً ِمن ُه ُم‬
‫اض ِع ِه ونسوا حظ ًا ِم هما ُذ ِكروا ِب ِه وَّلأ تأزال تأ ه‬
‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫عن همو ِ‬
‫أ أ‬
‫أ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين سورة المائدة (‪.)31‬‬ ‫ف أعن ُهم أواصأفح ِإ هن َّللاأ ُيح ُّب ال ُمحسن أ‬ ‫أفاع ُ‬

‫اسأي ِة‬
‫طان ِفتن ًة لِهل ِذين ِفي ُقلُوِب ِهم همرض والأق ِ‬
‫أ ٌ أ‬ ‫أ‬ ‫وقال – سبحانه ‪ -:‬لِأيجعل ما ُيل ِقي ه‬
‫الشي أ ُ أ‬ ‫أأ أ‬
‫اق أب ِع ٍيد سورة الحج (‪.)61‬‬ ‫ين أل ِفي ِشأق ٍ‬ ‫ه ِِ‬
‫وب ُهم أوإِ هن الظالم أ‬
‫ُقلُ ُ‬
‫‪116‬‬

‫وقد توعد هللا – تبارك وتعالى – القاسية قلوبهم بالعذاب فقال – جل وعال ‪ -:‬أأف أمن‬
‫َّللاِ‬
‫وب ُهم ِمن ِذك ِر ه‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلس أال ِم أفهو عألى ن ٍ ِ‬
‫َّللا صدره لِ ِ‬
‫ور من هرِبه أف أوي ٌل للأقاسأية ُقلُ ُ‬ ‫ُأ أ ُ‬ ‫أش أرأح ه ُ أ أ ُ‬
‫ين سورة الزمر (‪.)88‬‬ ‫ض أال ٍل مِب ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫أُوألئ أك في أ‬

‫هم قوم مغرورون ومتكبرون ‪:‬وهاتان الصفتان من أقبح الصفات‪ ،‬فالكبر وحده مانع‬
‫من دخول الجنة كما جاء عن عبدهللا بن مسعود ‪ ‬عن النبي ﷺ قال ‪َّ:‬ل يدخل‬
‫الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر رواه مسلم برقم (‪.)63‬‬

‫ومن كبرهم أنهم قالوا‪ :‬إنهم أبناء هللا وأحباؤه كما قال هللا – تبارك وتعالى ‪ -:‬أوأقاأل ِت‬
‫هاؤهُ ُقل أفلِ أم ُي أع ِذ ُب ُكم ِب ُذ ُنوِب ُكم أبل أأنتُم أب أشٌر ِم همن‬ ‫ِ ِ‬ ‫الأي ُه ُ ه‬
‫ص أارى أنح ُن أأبأناء َّللا أوأأحب ُ‬
‫ود أوالن أ‬
‫ض أو أما أبيأن ُه أما أوإِألي ِه‬
‫ات واَلأر ِ‬‫ِ‬
‫الس أم أاو أ‬ ‫أخأل أق أيغ ِف ُر لِ أمن أي أشاء أوُي أع ِذ ُب أمن أي أشاء أوِّللِ ُمل ُك ه‬
‫ص ُير سورة المائدة (‪.)32‬‬ ‫الم ِ‬
‫أ‬

‫وقالوا‪َّ :‬ل يدخل الجنة إَّل من كان منهم كما قال هللا – تبارك وتعالى ‪ -:‬أوأقالُوا ألن‬
‫ُّهم ُقل أهاتُوا ُبرأه أان ُكم ِإن ُكنتُم‬ ‫يدخل الجهن أة ِإَّله من أكان هوداً أأو نصارى ِتلك أ ِ‬
‫أماني ُ‬
‫أ أ‬ ‫أأ أ‬ ‫أ ُ‬ ‫أ‬ ‫أ ُأ أ‬
‫ين سورة البقرة (‪.)333‬‬ ‫ِِ‬
‫صادق أ‬‫أ‬

‫‪,‬ومن كبرهم وغرورهم أنهم إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ولم يستمعوا له كما أخبر‬
‫ضوا أعن ُه أوأقالُوا ألأنا أأع أمالُأنا أوأل ُكم‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫هللا – تبارك وتعالى – عنهم ‪ :‬أوإِ أذا أسم ُعوا اللغ أو أأع أر ُ‬
‫ين سورة القصص (‪.)66‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫أأع أمالُ ُكم أس أال ٌم أعألي ُكم أَّل أنبتأغي ال أجاهل أ‬

‫قتل اَلنبياء – عليهم الصالة والسالم ‪ ،-‬ومن يأمر بالمعروف وينهى عن‬
‫المنكر ‪:‬ولقبح أخالقهم فقد قاموا بقتل أنبياء هللا – تبارك وتعالى – عليهم الصالة‬
‫والسالم ‪ ،-‬وحاولوا قتل نبينا محمد – صلى هللا عليه وعلى آله وصحبه وسلم – قال‬
‫ين ِب أغي ِر أح ٍق أوأيق ُتلُو أن‬ ‫ِ ِ‬ ‫هِ‬
‫ين أيكُف ُرو أن ِب أآيات َّللا أوأيق ُتُلو أن الهنِبِي أ‬
‫هللا – تبارك وتعالى ‪ِ -:‬إ هن الذ أ‬
‫اب أألِي ٍم سورة آل عمران (‪.)83‬‬ ‫اس أفب ِشرُهم ِبع أذ ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫أ‬ ‫ين أيأ ُم ُرو أن ِبالقسط م أن الهن ِ أ‬
‫الذ أ‬
‫‪117‬‬

‫هك‬ ‫ٍِ‬ ‫وسى ألن هنصِب أر أعأل أى أ‬


‫ط أعا ٍم أواحد أفادعُ ألأنا أرب أ‬ ‫وقال هللا – جل وعال ‪ -:‬أوإِذ ُقلتُم أيا ُم أ‬
‫ال أأتأستأب ِدلُو أن‬
‫صل أها أق أ‬
‫يخ ِرج ألأنا ِم هما تُنِبت اَلأرض ِمن بقلِها وِقثه ِآئها وُفو ِمها وعد ِسها وب ِ‬
‫أ أ أ أ أ أ أ أأ أ أ أ أ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫طوا ِمص اًر أفِإ هن أل ُكم هما سأألتُم وض ِربت عألي ِهم ِ‬
‫الذهل ُة‬ ‫هال ِذي ُه أو أأدأنى ِب هال ِذي ُه أو أخيٌر اهِب ُ‬
‫أ ُ أ أ ُ‬ ‫أ‬
‫ات ه ِ‬ ‫َّللاِ أذلِك ِب أهنهم أكانوا يكُفرون ِبآي ِ‬ ‫والمس أكن ُة وبآؤوا ِب أغ ٍ ِ‬
‫َّللا أوأيق ُتُلو أن الهنِبِي أ‬
‫ين‬ ‫ضب م أن ه أ ُ ُ أ ُ أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ أأ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب أغير ال أح ِق أذل أك ب أما أع أ‬
‫صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن سورة البقرة (‪.)93‬‬

‫أي‪“ :‬ظلماً‪ ،‬فإنهم قتلوا أشعياء‪ ،‬وزكريا‪ ،‬ويحيى وغيرهم تفسير السراج المنير‬
‫وتفسير النسفي‪.‬‬

‫‪,‬وقال البيضاوي – رحمه هللا – في تفسيره‪“ :‬بسبب كفرهم بالمعجزات التي من‬
‫جملتها ما ع هد عليهم من فلق البحر‪ ،‬وإظالل الغمام‪ ،‬وإنزال المن والسلوى‪ ،‬وانفجار‬
‫العيون من الحجر‪ ،‬أو بالكتب المنزلة‪ :‬كاْلنجيل‪ ،‬والفرقان‪ ،‬وآية الرجم‪ ،‬والتي فيها‬
‫نعت محمد ﷺ من التوراة‪ ،‬وقتلهم اَلنبياء‪ ،‬فإنهم قتلوا أشعياء‪ ،‬وزكريا‪ ،‬ويحيى‬
‫وغيرهم بغير الحق عندهم إذ لم يروا منهم ما يعتقدون به جواز قتلهم‪ ،‬وإنما حملهم‬
‫صوا هوأك ُانوا‬ ‫ِ ِ‬
‫على ذلك اتباع الهوى‪ ،‬وحب الدنيا كما أشار إليه بقوله ‪ :‬أذل أك ب أما أع أ‬
‫أيعتأ ُدو أن أي‪ :‬جرهم العصيان والتمادي واَّلعتداء فيه إلى الكفر باآليات‪ ،‬وقتل النبيين‪،‬‬
‫فإن صغار الذنوب سبب يؤدي إلى ارتكاب كبارها‪ ،‬كما أن صغار الطاعات أسباب‬
‫مؤدية إلى تحري كبارها‪ ،‬وقيل كرر اْلشارة للدَّللة على أن ما لحقهم كما هو بسبب‬
‫الكفر والقتل فهو بسبب ارتكابهم المعاصي‪ ،‬واعتدائهم حدود هللا – تعالى“‪ -‬تفسير‬
‫البيضاوي‪.‬‬

‫ين ِب أغي ِر أح ٍق‬ ‫ِ ِ‬ ‫هِ‬


‫ين أيكُف ُرو أن ِب أآيات َّللا أوأيق ُتلُو أن الهنِبِي أ‬
‫ا لذ أ‬ ‫وقال هللا – تبارك وتعالى ‪ِ -:‬إ هن‬
‫اب أألِي ٍم سورة آل عمران (‪.)83‬‬ ‫اس أفب ِشرُهم ِبع أذ ٍ‬
‫أ‬ ‫الهن ِ أ‬ ‫ين أيأ ُم ُرو أن ِبال ِقس ِط ِم أن‬ ‫ِِ‬
‫أوأيق ُتُلو أن الذ أ‬
‫‪118‬‬

‫الذهل ُة أأي أن أما ثُِقُفوا ِإَّله ِب أحب ٍل ِمن َّللاِ أو أحب ٍل‬
‫وقال هللا – تبارك وتعالى ‪ -:‬ض ِربت عألي ِهم ِ‬
‫ُ أ أ ُ‬
‫ض ِرأبت أعألي ِهم ال أمس أكأن ُة أذلِ أك ِب أهن ُهم أك ُانوا أيكُف ُرو أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم أن الهن ِ‬
‫ُ‬ ‫ض ٍب م أن َّللا أو ُ‬
‫آؤوا ِب أغ أ‬
‫اس أوأب ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن سورة آل عمران‬ ‫ب أآيات َّللا أوأيق ُتُلو أن اَلأنبأياء ب أغير أح ٍق أذل أك ب أما أع أ‬
‫(‪.)338‬‬

‫نقضهم العهود والمواثيق‪ :‬ومن أشهر صفات اليهود أيضاً نقضهم العهد والميثاق‪،‬‬
‫فلقد نقضوا عهدهم مع هللا – تبارك وتعالى – ومع رسله في أكثرِ من موضع‪،‬‬
‫ه‬
‫اه ُدوا أعهداً هنأب أذهُ أف ِر ٌ‬
‫يق‬ ‫وسطر هللا ذلك في كتابه فقال – سبحانه وتعالى ‪ :-‬أ أأو ُكل أما أع أ‬
‫ِمن ُهم أبل أأكثأ ُرُهم َّلأ ُيؤ ِم ُنو أن سورة البقرة (‪.)322‬‬

‫َّل تأع ُب ُدو أن ِإَّله َّللاأ أوبِال أوالِ أدي ِن ِإح أساناً‬
‫يل أ‬ ‫ويقول سبحانه‪ :‬وإِذ أأخذنا ِميثأ ِ ِ ِ‬
‫اق أبني إس أرائ أ‬
‫أ‬ ‫أ أ أ‬
‫اة ثُ هم‬ ‫الصالأ أة وآتُوا ه‬ ‫ِ‬ ‫ِه ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الزأك أ‬ ‫أ‬ ‫يموا ه‬ ‫امى أوال أم أساكين أوُقولُوا للناس ُحسناً أوأأق ُ‬ ‫أوذي الُقرأبى أوالأيتأ أ‬
‫ضو أن سورة البقرة (‪.)21‬‬ ‫ِ‬ ‫ال ِم ُ‬
‫نكم أوأأنتُم مع ِر ُ‬ ‫تأأوهليتُم ِإَّله أقلِي ً‬

‫وسى ِإذ‬ ‫ُم أ‬ ‫يل ِمن أبع ِد‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫وقال هللا – تبارك وتعالى ‪ :-‬أألم تأأر إألى ال أمإل من أبني إس أرائ أ‬
‫ِ‬ ‫ال أهل أع أسيتُم ِإن ُكِت أب‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ه‬
‫ال‬
‫أعألي ُك ُم القتأ ُ‬ ‫أقاُلوا لأنب ٍي ل ُه ُم اب أعث ألأنا أملكاً ُّنأقاتل في أسبيل َّللا أق أ‬
‫يل َّللاِ أوأقد أُخ ِرجأنا ِمن ِدأي ِ‬
‫ارأنا أوأأبأن ِآئأنا أفأل هما ُكِت أب‬ ‫أأَّله تُأق ِاتلُوا أقالُوا وما ألأنا أأَّله ُنأق ِاتل ِفي سِب ِ‬
‫أ‬
‫أ‬ ‫أأ‬
‫ه ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ه ِه ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين سورة البقرة (‪.)819‬‬ ‫يم ِبالظالم أ‬ ‫ال تأأولوا إَّل أقليالً من ُهم أوَّللاُ أعل ٌ‬
‫أعأليه ُم القتأ ُ‬

‫ضو أن أعه أد ُهم ِفي ُك ِل أم هرٍة أو ُهم َّلأ أيتهُقو أن سورة‬ ‫وقال هللا ‪ :‬هال ِذين عاه ه ِ‬
‫دت من ُهم ثُ هم أينُق ُ‬ ‫أ أ أ‬
‫اَلنفال (‪.)69‬‬

‫وقد حصل هذا قبل بعثة النبي ﷺ‪ ،‬فلما جاء اْلسالم‪ ،‬وقدم النبي ﷺ إلى المدينة‪،‬‬
‫وعاهدهم؛ نقضوا العهد أكثر من مرة‪ ،‬وتآمروا مع القبائل الكافرة ضد المسلمين حتى‬
‫انتقم هللا – تبارك وتعالى – منهم وأخزاهم‪.‬‬
‫‪119‬‬

‫· تفرقهم واختالفهم‪ :‬ومن صفاتهم أنهم تفرقوا إلى جماعات متعددة متناحرة‪ ،‬وما‬

‫تبارك وتعالى ‪ :-‬أوَّلأ‬ ‫وقع ذلك اَّلختالف والتفرق إَّل بعد أن جاءهم العلم قال هللا –‬
‫ِ‬ ‫ات أوأُوألِئ أك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬
‫يم سورة‬ ‫اب أعظ ٌ‬
‫أل ُهم أع أذ ٌ‬ ‫اءه ُم الأبِيأن ُ‬
‫ين تأأف هرُقوا أواخأتألُفوا من أبعد أما أج ُ‬
‫ونوا أكالذ أ‬
‫تأ ُك ُ‬
‫آل عمران (‪.)326‬‬

‫اءه ُم ال ِعل ُم أبغياً أبيأن ُهم أوألوأَّل‬ ‫ِ‬ ‫ه ِ‬


‫وقال هللا – تبارك وتعالى ‪ :-‬أو أما تأأف هرُقوا ِإَّل من أبعد أما أج ُ‬
‫اب ِمن‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُورثُوا الكتأ أ‬ ‫ين أ ِ‬‫أج ٍل ُّم أس ًّمى لُقض أي أبيأن ُهم أوإِ هن الذ أ‬ ‫ِ‬
‫أكل أمةٌ أسأبأقت من هربِ أك إألى أ أ‬
‫يب سورة الشورى (‪.)31‬‬ ‫بع ِد ِهم أل ِفي أش ٍك ِمن ُه م ِر ٍ‬
‫ُ‬ ‫أ‬

‫وعن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ :‬افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين‬
‫فرقة رواه أبو داود والترمذي وقال أبو عيسى‪ :‬حديث أبي هريرة حديث حسن‬
‫صحيح؛ وصححه اَللباني في السلسلة الصحيحة وفي صحيح ابن ماجة ‪.‬‬

‫وروي عن معاوية بن أبي سفيان – رضي هللا عنهما – بلفظ‪ :‬أنه قام فينا فقال‪:‬‬
‫“أَّل إن رسول هللا ﷺ قام فينا فقال‪ :‬أَّل إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على‬
‫ثنتين وسبعين ملة‪ ،‬وإن هذه الملة ستفترق على ثالث وسبعين‪ :‬ثنتان وسبعون في‬
‫النار‪ ،‬وواحدة في الجنة‪ ،‬وهي الجماعة رواه أبو داود وابن ماجة وقال اَللباني‪ :‬حسن‬
‫صحيح في صحيح الترغيب والترهيب برقم وصححه في السلسلة الصحيحة ‪.‬‬

‫قلة أدبهم مع هللا – تبارك وتعالى ‪ ،-‬ومع أنبيائه‪ ،‬وأنهم قوم مفسدون ‪:‬فهم من أخبث‬
‫قل أدبهم مع هللا – تبارك وتعالى ‪ ،-‬ومع أنبيائه‪ ،‬فنسبوا إلى هللا –‬
‫خلق هللا‪ ،‬حيث ه‬
‫ود‬ ‫ِ‬
‫تبارك وتعالى – الولد‪ ،‬وقالوا أن هللا فقير قال هللا – تبارك وتعالى ‪ -:‬أوأقاألت الأي ُه ُ‬
‫عزير ابن َّللاِ وأقاألت الهنصارى الم ِسيح ابن َّللاِ أذِلك أقولُهم ِبأأفو ِ‬
‫اه ِهم يض ِ‬
‫اه ُؤو أن أقو أل‬ ‫ُأ‬ ‫أ‬ ‫أ ُ‬ ‫أ ُ ُ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫ُأ ٌ ُ‬
‫ين أكأف ُروا ِمن أقب ُل أق أاتأل ُه ُم َّللاُ أهنى ُيؤأف ُكو أن۝ اته أخ ُذوا أأحأب أارُهم أوُرهأب أان ُهم أأرأباباً ِمن‬ ‫هِ‬
‫الذ أ‬
‫‪121‬‬

‫احداً َّله ِإأل أه ِإَّله ُه أو ُسب أح أان ُه أع هما‬


‫ُمروا ِإَّله ِليعبدوا ِإألهاً و ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أ‬ ‫أ ُُ‬ ‫ُدو ِن َّللا أوال أمس أ‬
‫يح اب أن أمرأي أم أو أما أ ُ‬
‫ُيش ِرُكو أن سورة التوبة (‪.)13-12‬‬

‫ود‬ ‫ِ‬
‫وقالوا‪ :‬يد هللا – تبارك وتعالى – مغلولة فقال هللا – تبارك وتعالى ‪ -:‬أوأقاألت الأي ُه ُ‬
‫ف أي أشاء‬ ‫طتأ ِ ِ‬
‫ان ُينف ُق أكي أ‬ ‫أي ُد َّللاِ مغلُوألةٌ ُغهلت أأي ِد ِ‬
‫يهم أوُل ِع ُنوا ِب أما أقالُوا أبل أي أداهُ أمب ُسو أ‬ ‫أ‬
‫ضاء‬ ‫طغأياناً أو ُكف اًر أوأألأقيأنا أبيأن ُه ُم ال أع أد أاوأة أوالأبغ أ‬‫ُنزأل ِإألي أك ِمن هربِ أك ُ‬ ‫أوألأي ِز أيد هن أكِثي اًر ِمن ُهم هما أ ِ‬
‫أها َّللاُ وأيس أعو أن ِفي اَلأر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإألى يو ِم ال ِقي ِ ه‬
‫ض أف أساداً أوَّللاُ َّلأ‬ ‫أ‬ ‫امة ُكل أما أأوأق ُدوا أنا اًر لل أحر ِب أأطأفأ أ‬
‫أأ‬ ‫أ‬
‫ين سورة المائدة (‪.)91‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ُيح ُّب ال ُمفسد أ‬

‫وقالوا‪ :‬إن هللا – تبارك وتعالى – فقير‪ ،‬ونحن أغنياء فقال هللا – سبحانه ‪ -:‬هلأقد‬
‫ين أقاُلوا ِإ هن َّللاأ أف ِق ٌير أوأنح ُن أأغِنأياء أسأنكتُ ُب أما أقاُلوا أوأقتأل ُه ُم اَلأنِبأياء‬ ‫هِ‬ ‫أس ِم أع‬
‫َّللاُ أقو أل الذ أ‬
‫يق سورة آل عمران (‪.)323‬‬ ‫اب ال أح ِر ِ‬ ‫ول ُذوُقوا أع أذ أ‬‫أح ٍق أوأنُق ُ‬ ‫ِب أغي ِر‬

‫ومن قلة أدبهم مع اَلنبياء ما فعله اليهود مع النبي ﷺ‪ ،‬فقد كانوا يسلمون عليه‬
‫فيقولون‪ :‬السام عليك أي‪ :‬الموت‪ ،‬قالت عائشة – رضي هللا عنها – زوج النبي ﷺ ‪:‬‬
‫“دخل رهط من اليهود على رسول هللا ﷺ فقالوا‪ :‬السام عليكم‪ ،‬قالت عائشة – رضي‬
‫هللا عنها ‪ :-‬ففهمتها‪ ،‬فقلت‪ :‬وعليكم السام واللعنة‪ ،‬قالت‪ :‬فقال رسول هللا ﷺ ‪:‬مهالً يا‬
‫عائشة!! إن هللا يحب الرفق في اَلمر كله‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول هللا أو لم تسمع ما قالوا؟‬
‫قال رسول هللا ﷺ ‪:‬قد قلت‪ :‬وعليكم رواه البخاري ومسلم برقم‪.‬‬

‫وعن عائشة – رضي هللا عنها – قالت‪“ :‬كان على رسول هللا ﷺ ثوبان قطريان‬
‫غليظان‪ ،‬فكان إذا قعد فعرق ثقالً عليه‪ ،‬فقدم بز من الشام لفالن اليهودي‪ ،‬فقلت‪ :‬لو‬
‫بعثت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة‪ ،‬فأرسل إليه فقال‪ :‬قد علمت ما يريد‪ ،‬إنما‬
‫يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي‪ ،‬فقال رسول هللا ﷺ ‪:‬كذب‪ ،‬قد علم أني من أتقاهم‬
‫هلل‪ ،‬وآداهم لألمانة رواه الترمذي وقال أبو عيسى‪ :‬حديث عائشة حديث حسن غريب‬
‫‪121‬‬

‫صحيح؛ والنسائي وصححه اَللباني في صحيح وضعبف الترمذي؛ وفي صحيح‬


‫وضعيف سنن النسائي ‪.‬‬

‫تركهم اَلمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ :‬ومن المعلوم أن اَلمر بالمعرف والنهي‬
‫عن المنكر فيه حياة اَلمم‪ ،‬وصالح الحال والمجتمع‪ ،‬وذلك َلنه إذا وجدت المنكرات‬
‫في المجتمع من غير أن يوجد من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ فإن ذلك‬
‫يؤدي إلى فساد المجتمع بأكمله‪ ،‬وجعل هللا – تبارك وتعالى – الخيرية لهذه اَلمة‬
‫وذلك َلمرها بالمعروف‪ ،‬ونهيها عن المنكر قال هللا – تبارك وتعالى ‪ُ :-‬كنتُم أخي أر‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس تأأمرون ِبالمعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وف أوتأن أهو أن أع ِن الم أ ِ‬
‫نكر أوتُؤم ُنو أن باّلل أوألو أ‬
‫آم أن أأه ُل‬ ‫ُ‬ ‫أُ همة أُخ ِر أجت للهن ِ ُ ُ أ أ ُ‬
‫اسُقو أن سورة آل عمران (‪.)332‬‬ ‫ال ِكتأا ِب أل أكان خي اًر هلهم ِمنهم المؤ ِمنون وأأكثأرهم الأف ِ‬
‫أ أ ُ ُ ُ ُ ُ أ أ ُ ُُ‬

‫لكن اليهود بخالف هذه اَلمة تركوا اَلمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر‪ ،‬فاستحقوا‬
‫بذلك غضب هللا – تبارك وتعالى – عليهم‪ ،‬ولعنهم قال – تبارك وتعالى ‪ُ :-‬ل ِع أن‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان أداو أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫هِ‬
‫صوا‬ ‫يسى ابن أمرأي أم أذل أك ب أما أع أ‬
‫ود أوع أ‬ ‫يل أعألى ل أس ِ ُ‬ ‫ين أكأف ُروا من أبني إس أرائ أ‬ ‫الذ أ‬
‫نك ٍر أف أعلُوهُ ألِبئ أس أما أك ُانوا أيف أعلُو أن سورة المائدة‬
‫اهو أن أعن ُّم أ‬
‫هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن * أك ُانوا َّلأ أيتأأن أ‬
‫(‪.)56 -52‬‬

‫انعدام الحياء‪ :‬الحياء من صفات المؤمنين‪ ،‬وهو من اْليمان‪ ،‬وَّل يأتي إَّل بخير فعن‬
‫مر على رجل من اَلنصار‬
‫عبد هللا بن عمر – رضي هللا عنهما – أن رسول هللا ﷺ ه‬
‫وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول هللا ﷺ‪ :‬دعه‪ ،‬فإن الحياء من اْليمان رواه‬
‫البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫وعن عمران بن حصين قال‪ :‬قال النبي ﷺ‪ :‬الحياء َّل يأت إَّل بخير رواه البخاري‬
‫ومسلم ‪.‬‬
‫‪122‬‬

‫ومن قبح اليهود وخستهم أنهم ليس عندهم حياء لحديث أبي هريرة ‪ ‬عن‬
‫النبي ﷺ قال‪ :‬كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة‪ ،‬ينظر بعضهم إلى بعض‪ ،‬وكان‬
‫موسى يغتسل وحده‪ ،‬فقالوا‪ :‬وهللا ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إَّل أنه آدر‪ ،‬فذهب‬
‫مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر‪ ،‬ففر الحجر بثوبه‪ ،‬فخرج موسى في إثره يقول‪:‬‬
‫ثوبي يا حجر‪ ،‬حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى‪ ،‬فقالوا‪ :‬وهللا ما بموسى من‬
‫بأس‪ ،‬وأخذ ثوبه‪ ،‬فطفق بالحجر ضرباً فقال أبو هريرة ‪“ :‬وهللا إنه لندب بالحجر‬
‫ستة أو سبعة ضرباً بالحجر” رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫أنهم حاسدون للمؤمنين‪ :‬من صفات المؤمنين الرحمة والتعاطف بعضهم يعطف‬
‫على بعض‪ ،‬ويحبون الخير لبعضهم بخالف اليهود فإنهم يتصفون بحقدهم على‬
‫المسلمين‪ ،‬وعلى كل صاحب نعمة وذلك لحديث عائشة – رضي هللا عنها ‪ :-‬عن‬
‫النبي ﷺ قال‪ :‬ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السالم‪ ،‬والتأمين رواه‬
‫ابن ماجه وصححه اَللباني في صحيح ابن ماجة وفي صحيح الترغيب‬
‫والترهيب‪ .‬وعموماً فإن اليهود قد جمعوا كل صفة قبيحة فاتصفوا بها‪ ،‬وما ذكرناه‬
‫سابقاً هو بعض الصفات التي اتصفوا بها – عليهم من هللا تعالى ما يستحقون ‪،-‬‬
‫ولذلك استحقوا غضب هللا – تبارك وتعالى – عليهم‪ ،‬ولعنه لهم‪ ،‬ومسخهم إلى قردة‬
‫وخنازير‪ ،‬وكل ذلك بسبب مخالفتهم َلوامر هللا – تبارك وتعالى ‪ ،-‬وإيمانهم بالجبت‬
‫والطاغوت‪ ،‬وبسبب توليهم الذين كفروا قال هللا – تبارك وتعالى ‪ُ :-‬قل أهل أأُنِب ُئ ُكم‬
‫ض أب أعألي ِه أو أج أع أل ِمن ُهم ال ِق أرأد أة أوال أخأن ِ‬
‫از أير‬ ‫ِب أش ٍر ِمن أذلِك مثُوب ًة ِعند َّللاِ من هلعنه َّللا و أغ ِ‬
‫أ أأ ُ ُ أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ‬
‫ُ‬
‫يل سورة المائدة (‪.)92‬‬ ‫السِب ِ‬
‫أض ُّل أعن أس أواء ه‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫وت أُوألئ أك أشٌّر هم أكاناً أوأ أ‬
‫اغ أ‬
‫أو أعأب أد الط ُ‬

‫ونوا ِق أرأد ًة‬ ‫نكم ِفي ه ِ‬


‫ين اعتأأدوا ِم ُ‬ ‫ِ هِ‬
‫السبت أفُقلأنا أل ُهم ُك ُ‬ ‫وقال سبحانه‪ :‬أوألأقد أعلمتُ ُم الذ أ‬
‫ين سورة البقرة (‪.)96‬‬ ‫ِِ‬
‫أخاسئ أ‬
‫‪123‬‬

‫ين أكأف ُروا ألِبئ أس أما أق هد أمت أل ُهم‬ ‫ه هِ‬ ‫ِ ِ‬


‫وقال هللا – سبحانه ‪ :-‬تأأرى أكثي اًر من ُهم أيتأأولو أن الذ أ‬
‫اب ُهم أخالِ ُدو أن سورة المائدة (‪.)22‬‬ ‫ط َّللا أعألي ِهم وِفي الع أذ ِ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ِ‬
‫أنف ُس ُهم أأن أسخ أ ُ‬
‫أُ‬

‫اب ُيؤ ِم ُنو أن ِبال ِجب ِت‬ ‫وقال – جل وعال ‪ :-‬أألم تأر ِإألى هال ِذين أُوتُوا ن ِ‬
‫صيباً ِم أن ال ِكتأ ِ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫آم ُنوا أسِبيالً سورة النساء‬ ‫ِ هِ‬ ‫ِه ِ‬ ‫الط ِ‬‫ه‬
‫ين أ‬ ‫اغوت أوأيُقولُو أن للذ أ‬
‫ين أكأف ُروا أه ُؤَّلء أأه أدى م أن الذ أ‬ ‫أو ُ‬
‫(‪.)63‬‬

‫ونقض المواثيق والعهود‪ ،‬ويشهد التاريخ بهذه الصفات‪،‬‬


‫ُ‬ ‫الكذب‪ ،‬والغدر‪ ،‬والخيانة‪،‬‬
‫ُ‬
‫عهدهم معه‪،‬‬ ‫حيث حاولوا قتل النبي عليه الصالة والسالم غير مرة‪ ،‬فنقضوا بذلك أ‬
‫ض ِهم ِميثأا أقهم ألعهناهم وجعلنا ُقلُوبهم أق ِ‬
‫اسأي ًة ُي أح ِرُفو أن ال أكلِ أم أعن‬ ‫قال ‪-‬تعالى‪ ( :-‬أفِبما نق ِ‬
‫ُ أ ُ أ أ أ أ أُ‬ ‫أ أ‬
‫اض ِع ِه)‪ ]٤[.‬قتل اَلنبياء صلوات هللا عليهم وممن قتلوا من اَلنبياء زكريا‪ ،‬ويحيى‬ ‫مو ِ‬
‫أأ‬
‫َّللاِ أوأقتلِ ِه ُم‬
‫ات ه‬‫ض ِهم ِميثأا أقهم و ُكف ِرِهم ِبآي ِ‬
‫أ‬ ‫ُ أ‬
‫‪-‬عليهما السالم‪ ،-‬قال ‪-‬تعالى‪ ( :-‬أفِبما نق ِ‬
‫أ أ‬
‫َّللاُ أعألي أها ِب ُكف ِرِهم أف أال ُيؤ ِم ُنو أن ِإ هَّل‬
‫طأب أع ه‬
‫ف أبل أ‬ ‫اء ِب أغي ِر أح ٍق أوأقولِ ِهم ُقُل ُ‬
‫وبأنا ُغل ٌ‬ ‫ِ‬
‫اَلأنبأي أ‬
‫يال)‪]٧[.‬‬ ‫أقلِ ً‬
‫وعصيان هللا ‪-‬تعالى‪ ،-‬وعدم التناهي‬ ‫ُ‬ ‫أكل أموالهم بالباطل‪،‬‬ ‫اَّلعتداء على الخلق‪ ،‬و ُ‬ ‫ُ‬
‫يل أعألى‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ هِ‬
‫ين أكأف ُروا من أبني إس أرائ أ‬ ‫فيما بينهم عن المنكرات‪ ،‬قال ‪-‬تعالى‪ُ( :-‬لع أن الذ أ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان أداو أ ِ‬ ‫ِ‬
‫اهو أن أعن‬‫صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن* أك ُانوا أَّل أيتأأن أ‬ ‫يسى ابن أمرأي أم أذل أك ب أما أع أ‬ ‫ود أوع أ‬ ‫ل أس ِ ُ‬
‫إخفاء العلم وكتمانه على الرغم من أمر هللا‬ ‫ُ‬ ‫نك ٍر أف أعلُوهُ ألِبئ أس أما أك ُانوا أيف أعلُو أن)‪]٨[.‬‬
‫ُّم أ‬
‫اب أوأيشتأ ُرو أن ِب ِه‬ ‫َّللا ِم أن ال ِكتأ ِ‬
‫أنزأل ه ُ‬ ‫ين أيكتُ ُمو أن أما أ أ‬
‫هِ‬
‫لهم بتبليغه‪ ،‬قال ‪-‬تعالى‪ِ( :-‬إ هن الذ أ‬
‫ام ِة أوأَّل ُي أزِكي ِهم‬ ‫ِ‬ ‫يال أُوألِئ أك أما أيأ ُكلُو أن ِفي ُب ُ‬
‫طوِن ِهم ِإ هَّل الهن أار أوأَّل ُي أكلِ ُم ُه ُم ه‬
‫َّللاُ أيوأم القأي أ‬ ‫ثأ أمًنا أقلِ ً‬
‫لحسد‪ ،‬ونشر الفساد في اَلرض‪ ،‬وإشاع ُة الفاحشة فيها‪،‬‬ ‫وألهم ع أذ ِ‬
‫يم)‪ ]١[.‬ا ُ‬ ‫اب أأل ٌ‬‫أ ُ أ ٌ‬
‫هِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اس أعألى أحأياة أو ِم أن الذ أ‬
‫ين‬ ‫ص الهن ِ‬ ‫(وألتأج أدهن ُهم أأح أر أ‬
‫الحرص على الحياة‪ ،‬قال ‪-‬تعالى‪ :-‬أ‬ ‫ُ‬ ‫و‬
‫ف سأن ٍة وما ُهو ِبم أزح ِز ِح ِه ِم أن الع أذ ِ‬
‫َّللاُ‬
‫اب أأن ُي أع هم أر أو ه‬ ‫أ‬ ‫أأش أرُكوا أي أوُّد أ أ‬
‫أح ُد ُهم ألو ُي أع هم ُر أأل أ أ أ أ أ ُ‬
‫صير ِبما يعمُلون)‪ ]٩١[.‬البخل‪ ،‬والذل قال ‪-‬تعالى‪( :-‬ض ِربت عألي ِهم ِ‬
‫الذله ُة أأي أن أما‬ ‫ِ‬
‫ُ أ أ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أب ٌ أ أ أ أ‬
‫‪124‬‬

‫اس وباءوا ِبغض ٍب ِمن ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثُِقُفوا ِإ هَّل ِبحب ٍل ِمن ه ِ‬


‫ض ِرأبت أعألي ِه ُم‬
‫َّللا أو ُ‬ ‫أ‬ ‫َّللا أو أحب ٍل م أن الهن ِ أ أ ُ أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫اء ِب أغي ِر أح ٍق أذِل أك ِب أما‬ ‫ن ِ‬ ‫ات ه ِ‬‫المس أكن ُة أذلِك ِب أهنهم أكانوا يكُفرون ِبآي ِ‬
‫َّللا أوأيق ُتلُو أ اَلأنبأي أ‬ ‫أ ُ ُ أ ُ أ أ‬ ‫أ أ‬
‫صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن)‪]٩٩[.‬‬‫أع أ‬

‫وهو أن هللا نفسه قد سماهم بهذا اَّلسم في قوله في التوراة‪( :‬أنتم أوَّلد للرب إلهكم)‪.‬‬
‫وفي مصطلحاتهم نجدهم يخلعون على أنفسهم صفات المدح والتعظيم فيسمون‬
‫أنفسهم أيضاً بـ(الشعب اَلزلي) وبالعبرية (عام عوَّلم)‪ ،‬و(الشعب اَلبدي) وبالعبرية‬
‫(عام ينصح)‪ ،‬و(شعب هللا) وبالعبرية (عام ألوهيم)‪ .‬وانبنى على ذلك احتقارهم لألمم‬
‫اَلخرى وتسميتها بألفاظ السباب والشتائم مثل (الجوييم) و(عاريل) و(ممزير) ‪ ،‬ثم‬
‫تمادوا في ادعائهم بأن لهم حق السيطرة على العالم ما داموا أنهم أبناء هللا وأحباؤه‪.‬‬
‫‪-‬بطالن هذه الدعوى‪:‬‬
‫لقد بيهن القرآن الكريم بطالن زعمهم باَلدلة الواضحة الدامغة فقال تعالى ‪ :‬أوأقاأل ِت‬
‫هاؤهُ ُقل أفلِ أم ُي أع ِذ ُب ُكم ِب ُذ ُنوِب ُكم أبل أأنتُم أب أشٌر ِم همن‬ ‫ِ ِ‬ ‫الأي ُه ُ ه‬
‫ص أارى أنح ُن أأبأناء َّللا أوأأحب ُ‬
‫ود أوالن أ‬
‫ض أو أما أبيأن ُه أما أوإِألي ِه‬
‫ات واَلأر ِ‬‫ِ‬
‫الس أم أاو أ‬ ‫أخأل أق أيغ ِف ُر لِ أمن أي أشاء أوُي أع ِذ ُب أمن أي أشاء أوِّللِ ُمل ُك ه‬
‫صير[ المائدة‪] 32 :‬‬ ‫الم ِ‬
‫أ‬
‫قال اْلمام القرطبي في تفسير اآلية الكريمة‪( :‬لم يكونوا يخلون من أحد أمرين‪:‬‬
‫إما أن يقولوا‪ :‬هو يعذبنا‪ .‬فيقال لهم‪ :‬فلستم إذاً أبناؤه وَّل أحباؤه‪ ،‬فإن الحبيب َّل‬
‫يعذب حبيبه‪ ،‬وأنتم تقرون بعذابه‪ ،‬وذلك دليل على كذبكم‪ ،‬وإما أن يقولوا‪َّ :‬ل يعذبنا‪.‬‬
‫فيكذبوا ما في كتبهم وما جاءت به رسلهم‪ ،‬ويبيحوا المعاصي وهم معترفون بعذاب‬
‫العصاة منهم‪ ،‬فيلتزمون أحكام كتبهم‪).‬‬
‫وجل لليهود على ذنوبهم في الدنيا قبل اآلخرة كما‬
‫عز ه‬‫وقد كان وسيكون عذاب هللا ه‬
‫سبق في أثناء الحديث عن تاريخهم‪.‬‬
‫ثم أبيهن هللا عز وجل بطالن أصل اَّلدعاء‪ ،‬وبين لهم ما هو الحق من أمرهم فقال‬
‫‪125‬‬

‫تعالى ‪:‬أبل أأنتُم أب أشٌر ِم همن أخأل أق أيغ ِف ُر لِ أمن أي أشاء أوُي أع ِذ ُب أمن‬
‫أي أشاء[ المائدة‪ ] 32:‬أي‪ :‬ليس اَلمر كما زعمتم أيها اليهود‪ ،‬بل الحق أنكم كسائر‬
‫البشر من خلق هللا‪ ،‬إن آمنتم وأصلحتم أعمالكم نلتم الثواب‪ ،‬وإن بقيتم على كفركم‬
‫وجحودكم نلتم العقاب‪َّ ،‬ل فضل َلحد على أحد عند هللا إَّل باْليمان والعمل الصالح‪.‬‬
‫فالناس من أصل وأب واحد من آدم عليه الصالة والسالم‪ ،‬وهو من تراب قال‬
‫تعالى ‪:‬و ِمن آي ِات ِه أأن أخألأق ُكم ِمن تُر ٍ‬
‫اب ثُ هم ِإ أذا أأنتُم أب أشٌر تأنتأ ِش ُرون[ الروم‪] 82 :‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫فال فرق بين أسود وأبيض‪ ،‬وَّل ميزة لفرد على آخر‪ ،‬وَّل فضل ْلنسان على إنسان‬

‫اس ِإهنا أخألقأن ُ‬


‫اكم‬ ‫ُّها الهن ُ‬ ‫عند هللا إَّل بالتقوى‪ ،‬وهو المقياس الصحيح‪ ،‬قال تعالى ‪:‬أيا أأي أ‬
‫يم‬ ‫اكم ِإ هن ه ِ‬ ‫ِمن أذك ٍر وأُنثأى وجعلناكم شعوبا وأقب ِائل لِتعارُفوا ِإ هن أأكرمكم ِعند ه ِ‬
‫َّللاأ أعل ٌ‬ ‫َّللا أأتأق ُ‬ ‫أ‬ ‫أأُ‬ ‫أ أ أ أ ُ ُ ُ ً أ أ أ أأ أ‬ ‫أ أ‬
‫وجل زعمهم بقوله تعالى ‪:‬أألم تأأر ِإألى‬ ‫عز ه‬ ‫أخِب ٌير[ الحجرات‪ ] 31 :‬كما أبطل هللا ه‬
‫ال[ النساء‪] 16 :‬‬ ‫َّل ُيظأل ُمو أن أفِتي ً‬
‫أنف أس ُهم أب ِل َّللاُ ُي أزِكي أمن أي أشاء أو أ‬
‫ين ُي أزُّكو أن أ ُ‬ ‫هِ‬
‫الذ أ‬
‫ين‬ ‫وجل في القرآن الكريم ْلظهار كذبهم بقوله تعالى ‪ُ:‬قل يا أأي ه ِ‬ ‫وتحداهم هللا ه‬
‫ُّها الذ أ‬ ‫أ أ‬ ‫عز ه‬
‫اس أفتأمهنوا الموت ِإن ُكنتُم ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ين أوَّل‬
‫صادق أ‬ ‫أ‬ ‫أه ُادوا ِإن أزأعمتُم أهن ُكم أأولِأياء هّلل من ُدو ِن الهن ِ أ ُ أ أ‬
‫ين ُقل ِإ هن ال أمو أت هال ِذي تأِف ُّرو أن ِمن ُه‬ ‫ه ِِ‬
‫يم ِبالظالم أ‬
‫يتأمهنوأنه أأبدا ِبما أق هدمت أأي ِدي ِهم و ه ِ‬
‫َّللاُ أعل ٌ‬ ‫أ‬ ‫أ أ ُ أً أ أ‬
‫الش أه أاد ِة أف ُيأنِب ُئ ُكم ِب أما ُكنتُم‬
‫يكم ثُ هم تُرُّدو أن ِإألى أعالِ ِم ال أغي ِب و ه‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫أفِإهنه م ِ‬
‫الق ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫تعملُون[ الجمعة‪ ،] 2 -9:‬وبقوله تعالى ‪ُ:‬قل ِإن كانت ألكم ال هدار اآلأ ِخرة ِعند َّللاِ‬
‫أُ أ‬ ‫أ أ ُُ ُ‬ ‫أ أ أ‬
‫ص ِاد ِقين[ البقرة‪] 61 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ه ِ ه‬
‫ص ًة من ُدون الناس أفتأ أمن ُوا ال أمو أت إن ُكنتُم أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخال أ‬
‫ثم نقول متعجبين ومستنكرين‪ :‬كيف يكون اليهود أبناء هللا وأحباؤه وقد غضب هللا‬
‫عليهم ولعنهم في كتبه المقدسة المنـزلة على أنبيائه الكرام ؟! فقد ورد في القرآن‬
‫وجل وغضبه عليهم صراحة في أحد عشر موضعاً في اآليات‬
‫عز ه‬‫الكريم لعن هللا ه‬

‫القرآنية اآلتية‪:‬‬
‫ف أبل هل أعأن ُه ُم ه‬
‫َّللا ِب ُكف ِرِهم أفأقلِيالً هما ُيؤ ِم ُنون[ البقرة‪] 22 :‬‬ ‫وبأنا ُغل ٌ‬
‫قال تعالى ‪ :‬أوأقاُلوا ُقُل ُ‬
‫ص ِد ٌق لِ أما أم أع ُهم أوأك ُانوا ِمن أقب ُل‬ ‫وقال تعالى ‪:‬وأل هما جاءهم ِكت ِ ِ ِ ِ‬
‫اب من عند َّللا ُم أ‬ ‫أ ُ أ ٌ‬ ‫أ‬
‫‪126‬‬

‫اءهم هما أع أرُفوا أكأف ُروا ِب ِه أفألعأن ُة ه‬


‫َّللا أعألى‬ ‫هِ‬ ‫ِ‬
‫أيستأفت ُحو أن أعألى الذ أ‬
‫ين أكأف ُروا أفأل هما أج ُ‬
‫ال أك ِاف ِرين[ البقرة‪] 26 :‬‬
‫ات وال ُه أدى ِمن أبع ِد ما أبهيهناهُ لِلهن ِ‬
‫اس‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪-‬وقال تعالى ‪ِ:‬إ هن هال ِذين يكتُمون ما أ ِ‬
‫أ‬ ‫أنزلأنا م أن الأبيأن أ‬ ‫أ أ ُ أ‬
‫لع ُن ُه ُم َّللاُ أوأيل أع ُن ُه ُم الاله ِع ُنون[ البقرة‪] 366 :‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫في الكتأاب أُوألـئ أك أي أ‬
‫اس أأج أم ِعين[ عمران‪:‬‬ ‫آلئ أك ِة والهن ِ‬
‫أن عألي ِهم ألعن أة َّللاِ والم ِ‬
‫أ‬ ‫آؤ ُهم أ ه أ‬
‫ِ‬
‫‪-‬وقال تعالى ‪:‬أُوألـئ أك أج أز ُ‬
‫أ‬ ‫أ أ‬
‫‪]25‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ هِ‬
‫صيأنا‬‫ين أه ُادوا ُي أحرُفو أن ال أكل أم أعن هم أواضعه أوأيُقولُو أن أسمعأنا أو أع أ‬‫‪-‬وقال تعالى ‪:‬م أن الذ أ‬
‫ين أوألو أهن ُهم أقالُوا أس ِمعأنا أوأ أ‬ ‫طعنا ِفي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫طعأنا‬ ‫الد ِ‬ ‫أواس أمع أغي أر ُمس أم ٍع أوأراعأنا أليًّا ِبأألسأنت ِهم أو أ ً‬
‫ظرنا أل أكان خي ار هلهم وأأقوم وأل ِكن هلعنهم َّللا ِب ُكف ِرِهم أفالأ يؤ ِمنون ِإَّله‬
‫ُ ُ أ‬ ‫أأُ ُ ُ‬ ‫أ أ ً ُ أ أأ أ‬ ‫أواس أمع أوان ُ أ‬
‫أقلِيال[ النساء‪] 19 :‬‬
‫ص ِد ًقا لِ أما أم أع ُكم ِمن أقب ِل‬ ‫ين أُوتُوا ال ِكتأ أ ِ ِ ه‬
‫اب آم ُنوا ب أما أنزلأنا ُم أ‬
‫‪-‬وقال تعالى ‪:‬يا أأي ه ِ‬
‫ُّها الذ أ‬‫أ أ‬
‫ارها أأو نلعنهم أكما ألعهنا أأصحاب ه ِ‬ ‫ِ‬
‫ان أأم ُر‬
‫السبت أوأك أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أأُ أ أ‬ ‫وها أفأن ُرهد أها أعألى أأدأب ِ أ‬
‫أأن هنطم أس ُو ُج ً‬
‫َّللاِ أمف ُعوَّلً[ النساء‪] 15 :‬‬
‫الطاغ ِ‬‫ه‬ ‫ِ‬ ‫صيبا ِم أن ال ِكتأ ِ‬‫ِ‬ ‫هِ‬
‫وت‬ ‫اب ُيؤ ِم ُنو أن ِبال ِجبت أو ُ‬ ‫‪ -‬وقال تعالى ‪:‬أألم تأأر ِإألى الذ أ‬
‫ين أُوتُوا أن ً‬
‫ِ هِ‬ ‫ِ هِ‬ ‫ِه ِ‬
‫آم ُنوا أسِبيالً أُوألـئ أك الذ أ‬
‫ين أل أعأن ُه ُم َّللاُ أو أمن‬ ‫ين أ‬ ‫أوأيُقولُو أن للذ أ‬
‫ين أكأف ُروا أه ُؤَّلء أأه أدى م أن الذ أ‬
‫ير[ النساء‪] 68-63 :‬‬ ‫ص ًا‬‫يلع ِن َّللا أفألن تأ ِجد أله ن ِ‬
‫أ ُأ‬ ‫ُ‬ ‫أأ‬
‫أعن‬ ‫ض ِهم ِميثأا أقهم ألعهناهم وجعلنا ُقُلوبهم أق ِ‬
‫اسأي ًة ُي أح ِرُفو أن ال أكلِ أم‬ ‫‪-‬و قال تعالى ‪ :‬أفِبما نق ِ‬
‫ُ أ أ أ أ أُ‬ ‫ُ‬ ‫أ أ‬
‫طلِ ُع أعألى أخ ِآئأن ٍة ِمن ُهم ِإَّله أقلِيالً ِمن ُه ُم‬
‫ظا ِم هما ُذ ِكروا ِب ِه وَّلأ تأزال تأ ه‬
‫أ أ ُ‬ ‫ُ‬
‫اض ِع ِه ونسوا ح ًّ‬
‫أأُ أ‬
‫همو ِ‬
‫أ‬
‫أ‬
‫ف أعن ُهم أواصأفح ِإ هن َّللاأ ُي ِح ُّب ال ُمح ِسِنين[ المائدة‪] 31 :‬‬ ‫أفاع ُ‬
‫ض أب أعألي ِه‬ ‫‪-‬وقال تعالى ‪ُ:‬قل هل أُنِب ُئ ُكم ِب أش ٍر ِمن أذلِك مثُوب ًة ِعند َّللاِ من هلعنه َّللا و أغ ِ‬
‫أ أأ ُ ُ أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫أ أ‬
‫أض ُّل أعن أس أواء‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫أو أج أع أل ِمن ُهم ال ِق أرأد أة أوال أخأن ِ‬
‫وت أُوألـئ أك أشٌّر هم أكاناً أوأ أ‬
‫اغ أ‬
‫از أير أو أعأب أد الط ُ‬ ‫ُ‬
‫السِب ِ‬
‫يل[ المائدة‪] 92 :‬‬ ‫ه‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ود أي ُد َّللا أمغلُوأل ٌة ُغلت أأيديهم أولُع ُنوا ب أما أقالُوا أبل أي أداهُ‬
‫‪-‬وقال تعالى ‪ :‬أوأقاألت الأي ُه ُ‬
‫‪127‬‬

‫ف أي أشاء[ ‪....‬المائدة‪] 91 :‬‬ ‫طتأ ِ ِ‬


‫ان ُينف ُق أكي أ‬ ‫أمب ُسو أ‬
‫يسى اب ِن أمرأي أم‬ ‫ان أداو أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ هِ‬
‫ود أوع أ‬ ‫يل أعألى ل أس ِ ُ‬ ‫ين أكأف ُروا من أبني إس أرائ أ‬ ‫‪-‬وقال تعالى ‪:‬لُع أن الذ أ‬
‫نك ٍر أف أعُلوهُ ألِبئ أس أما أك ُانوا‬
‫اهو أن أعن ُّم أ‬ ‫صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن أك ُانوا أ‬
‫َّل أيتأأن أ‬ ‫ِ ِ‬
‫أذل أك ب أما أع أ‬
‫أيف أعُلون[ المائدة‪] 56-52 :‬‬
‫ولعنهم هللا ضمناً مع الكافرين والمنافقين والظالمين والكاذبين في آيات كثيرة في‬
‫وجل بألوان من العذاب لم تحدث لغيرهم‪ ،‬كالمسخ قردة‬
‫عز ه‬‫القرآن الكريم‪ .‬كما عذبهم ه‬
‫ض أب‬ ‫وخنازير‪ .‬قال تعالى ‪ُ:‬قل هل أُنِب ُئ ُكم ِب أش ٍر ِمن أذلِك مثُوب ًة ِعند َّللاِ من هلعنه َّللا و أغ ِ‬
‫أ أأ ُ ُ أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫أ أ‬
‫أض ُّل أعن أس أواء‬ ‫ِ‬
‫وت أُوألـئ أك أشٌّر هم أكاناً أوأ أ‬ ‫اغ أ‬
‫ه‬ ‫أعألي ِه أو أج أع أل ِمن ُهم ال ِق أرأد أة أوال أخأن ِ‬
‫از أير أو أعأب أد الط ُ‬ ‫ُ‬
‫آمهنا أوأقد هد أخُلوا ِبال ُكف ِر أو ُهم أقد أخ أر ُجوا ِب ِه أوَّللاُ أأعأل ُم ِب أما أك ُانوا‬
‫وكم أقاُل أوا أ‬ ‫آؤ ُ‬ ‫ه ِ‬
‫السِبيل أوإِ أذا أج ُ‬
‫السح أت ألِبئ أس أما أك ُانوا‬ ‫ان أوأأكلِ ِه ُم ُّ‬ ‫ارُعو أن ِفي ِ‬
‫اْلث ِم أوال ُعد أو ِ‬ ‫ير ِمن ُهم ُيس ِ‬
‫أ‬ ‫أيكتُ ُمو أن أوتأأرى أكِث ًا‬

‫اْلث أم أوأأكلِ ِه ُم ُّ‬


‫السح أت ألِبئ أس أما أك ُانوا‬ ‫الرب ِ‬
‫هانيُّو أن واَلأحأبار أعن أقولِ ِهم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أيع أمُلو أن ألوَّلأ أين أه ُ‬
‫اه ُم ه‬
‫وحرم عليهم طيبات أحلت لغيرهم‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬أو أعألى‬ ‫أيصأن ُعو أن[ المائدة‪ ] 91-92 :‬ه‬
‫وم ُه أما ِإَّله أما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين أه ُادوا أح هرمأنا ُك هل ِذي ُ ٍ ِ‬ ‫هِ‬
‫ظُفر أوم أن الأبأقر أوال أغأن ِم أح هرمأنا أعأليهم ُش ُح أ‬ ‫الذ أ‬
‫ص ِاد ُقو أن أفِإن‬ ‫ط ِب أعظ ٍم أذلِ أك أج أزيأن ُ ِ ِ ِ ِ ه‬
‫اهم بأبغيهم وِإنا أل أ‬ ‫ورُه أما أ ِأو ال أح أو أايا أأو أما اخأتأل أ‬
‫ظ ُه ُ‬
‫أح أمألت ُ‬
‫ُّكم ُذو أرح أم ٍة أو ِاس أع ٍة أوَّلأ ُي أرُّد أبأ ُس ُه أع ِن الأقو ِم ال ُمج ِرِمين[ اَلنعام‪-319 :‬‬ ‫وك أفُقل هرب ُ‬ ‫ه‬
‫أكذ ُب أ‬
‫وجل عليهم بالتشريد والعذاب والمسكنة والغضب عليهم‪ ،‬قال‬ ‫عز ه‬ ‫‪ ] 315‬وقضى هللا ه‬
‫آؤوا‬‫اس أوأب ُ‬ ‫الذهل ُة أأي أن ما ثُِقُفوا ِإَّله ِب أحب ٍل ِمن َّللاِ و أحب ٍل ِم أن الهن ِ‬
‫تعالى ‪:‬ض ِربت عألي ِهم ِ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُ أ أ ُ‬
‫ات َّللاِ أوأيق ُتلُو أن‬
‫ِبغض ٍب ِمن َّللاِ وض ِربت عألي ِهم المس أكن ُة أذلِك ِب أهنهم أكانوا يكُفرون ِبآي ِ‬
‫أ ُ ُ أ ُ أ أ‬ ‫أ ُ أ أ ُ أ أ‬ ‫أ‬ ‫أأ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدون[ آل عمران‪] 338 :‬‬ ‫اَلأنبأياء ب أغير أح ٍق أذل أك ب أما أع أ‬
‫وجل على اليهود بسبب كفرهم وعصيانهم ثابت في‬
‫عز ه‬‫وإن إنزال العذاب من هللا ه‬

‫كتبهم التي يقدسونها لتظل شاهداً على افترائهم وكذبهم‪ ،‬فقد ورد في توراتهم قول‬
‫موسى عليه الصالة والسالم‪َ( :‬لني أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة‪ ،‬هو ذا وأنا‬
‫حي ٌۗ معكم اليوم قد صرتم تقاومون الرب‪ ،‬فكم بالحري بعد موتي‪َ ...‬لني عارف‬
‫بعد ٌّ‬
‫‪128‬‬

‫أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم به‪ ،‬ويصيبكم الشر في‬
‫آخر اَليام؛ َلنكم تعملون الشر أمام الرب حتى تغيظوه بأعمال أيديكم)‪ .‬وذكرت‬
‫المزامير بعض العقوبات اْللهية التي نزلت على اليهود بسبب كفرهم وعصيانهم‪،‬‬
‫وفيها‪( :‬وتعلقوا ببعل فغور‪ ،‬وأكلوا ذبائح الموتى وأغاظوه بأعمالهم فاقتحمهم الوباء‪،‬‬
‫فوقف فينحاس ودان فامتنع الوباء‪ ...‬لم يستأصلوا اَلمم الذين قال لهم الرب عنهم‪،‬‬
‫بل اختلطوا باَلمم وتعلموا أعمالهم‪ ،‬وعبدوا أصنامهم فصارت لهم شركاً‪ ،‬وذبحوا بنيهم‬
‫وبناتهم لألوثان‪ ،‬وأهرقوا دماً زكيًّا‪ ،‬دم بنيهم وبناتهم الذين ذبحوهم َلصنام كنعان‪،‬‬
‫وتدنست اَلرض بالدماء‪ ،‬وتنجسوا بأعمالهم‪ ،‬وزنوا بأفعالهم‪ ،‬فحمي غضب الرب‬
‫على شعبه وكره ميراثه‪ ،‬أسلمهم ليد اَلمم‪ ،‬ه‬
‫وتسلط عليهم مبغضوهم‪ ،‬وضغطهم‬
‫أعداؤهم فذلوا تحت يدهم‪ .)...‬وقال نبيهم أرميا في رثاء بيت المقدس وما أصابها من‬
‫اَلعداء‪َ( :‬لن الرب قد أذلها َلجل كثرة ذنوبها‪ ،‬ذهب أوَّلدها إلى السبي قدام‬
‫العدو)‪ .‬وقال أرميا عن هللا وعذابه‪( :‬نحن أذنبنا وعصينا أنت لم تغفر‪ ،‬التحفت‬
‫اء يا رب حسب عمل أياديهم‪ ،‬لعنتك لهم‪ ،‬اتبع‬ ‫ه‬
‫بالغضب وطردتنا)‪ .‬وقال‪( :‬رد لهم جز ً‬
‫بالغضب وأهلكهم من تحت سماوات الرب)‪ .‬ثم قال في نهاية رثائه لما أصاب بني‬
‫إسرائيل‪( :‬لماذا تنسانا إلى اَلبد وتتركنا طول اَليام‪ ،‬ارددنا يا رب إليك فنرتد‪ِ ،‬‬
‫جدد‬
‫أيامنا كالقديم‪ ،‬هل كل الرفض رفضتنا ؟! هل غضبت علينا ًّ‬
‫جدا ؟!)‪ .‬كما أن‬
‫اَلناجيل نسبت إلى المسيح عليه الصالة والسالم ذ هم اليهود وتوعدهم بالعذاب‬
‫اْللهي‪ ،‬فقال‪( :‬يا أورشليم يا أورشليم‪ ،‬يا قاتلة اَلنبياء‪ ،‬وراجمة المرسلين إليها‪ ،‬كم‬
‫أردت أن أجمع أوَّلدك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحها ولم تريدوا‪ ،‬هو ذا‬
‫بيتكم يترك لكم خراباً‪)..‬‬
‫قد حدثتنا سورة اْلسراء أن هللا سبحانه وتعالى قضى على بني إسرائيل أن سيفسدوا‬
‫في اَلرض مرتين‪ ،‬وأنه سيسلط عليهم عقب كل إفساد من يسومهم سوء العذاب؛‬
‫ض أم هرتأي ِن أوألتأعلُ هن‬ ‫ضيأنا إألى بِني إسرِائيل ِفي ال ِكتأ ِ‬
‫اب ألتُف ِس ُد هن ِفي اَلأر ِ‬ ‫{وأق أ‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫فقال تعالى‪ :‬أ‬
‫‪129‬‬

‫ٍ ٍِ‬ ‫ِ ه ِ‬ ‫ُعُلًّوا أكِب ًا‬


‫اسوا‬ ‫َّله أما أب أعثأنا أعألي ُكم عأب ًادا لأنا أُولي أبأس أشديد أف أج ُ‬ ‫اء أوع ُد أُو ُ‬ ‫ير ‪ 1‬أفإ أذا أج أ‬
‫ين‬ ‫اكم ِبأأمو ٍ ِ‬ ‫ان أوع ًدا همف ُعوًَّل ‪ 6‬ثُ هم أرأددأنا أل ُك ُم ال أك هرأة أعألي ِهم أوأأم أددأن ُ‬ ‫ِخالل ِ‬
‫الدأي ِ‬
‫ال أوأبن أ‬ ‫أ‬ ‫ار أوأك أ‬ ‫أ‬
‫اء أوع ُد‬ ‫ير ‪ 9‬إن أأحسنتُم أأحسنتُم َل ُ ِ‬ ‫اكم أأكثأأر أن ِف ًا‬
‫أسأتُم أفأل أها أفإ أذا أج أ‬
‫أنفس ُكم أوإن أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أو أج أعلأن ُ‬
‫وه ُكم أولِأيد ُخُلوا ال أـمس ِج أد أك أما أد أخُلوهُ أهأو أل أم هرٍة أولِ ُيتأِب ُروا أما أعألوا تأتِب ًا‬ ‫ِ ِ‬
‫ير ‪5‬‬ ‫اآلخ أرِة لأي ُس ُ‬
‫وؤوا ُو ُج أ‬
‫ُّكم أأن أير أح أم ُكم أوإن ُعدتُّم ُعدأنا} [اْلسراء‪.]٨ - ٦ :‬‬ ‫أع أسى أرب ُ‬

‫وقد تحدث المفسرون عن مرتي إفساد بني إسرائيل اللتين أخبر هللا بهما في هذه‬
‫اآليات‪ ،‬وعن القوم اَلشداء المسلطين عليهم في كل مرة‪ ،‬فانعقد إجماع غير أهل هذا‬
‫العصر منهم على مضي اْلفسادين والعقابين معاً في أزمنة ما قبل اْلسالم من‬
‫تاريخ بني إسرائيل‪ ،‬ثم اختلفوا في تعيين مرتي إفساد بني إسرائيل‪ ،‬وتحديد المعنيين‬
‫بالقوم أولي البأس الشديد‪ ،‬الذين سلطوا عليهم في المرتين‪ ،‬وليس إيراد ما قالوه في‬
‫هذا الشأن وتتبع آرائهم يخدم الغرض من هذه المقالة‪ ،‬وقد قام بذلك غير واحد؛ كما‬
‫فعل شيخ اَلزهر السابق محمد طنطاوي‪ ،‬في بحثه حول بني إسرائيل في القرآن‬
‫والسنة؛ حيث استقصى أقوال المفسرين في الموضوع‪ ،‬وخلص إلى أن «الذي يراجع‬
‫ما كتبه المفسرون عن هذه اآليات الكريمة‪ ،‬يجد أنهم متفقون على أمرين‪:‬‬

‫اَلول‪ :‬أن مرتي إفساد بني إسرائيل في اَلرض كانتا قبل اْلسالم‪ .‬الثاني‪ :‬أن العباد‬
‫الذين سلطهم هللا عليهم ليذلوهم عقب إفسادهم اَلول والثاني كانوا أيضاً قبل اْلسالم‪،‬‬
‫وخالف المفسرين إنما هو فيما سوى هذين اَلمرين»[‪.]3‬‬

‫ويقصد بما سوى اَلمرين المذكورين ما ذكرته من تعيين مرتي إفساد بني إسرائيل‪،‬‬
‫وتحديد المعنيين بالقوم الذين سلطوا عليهم عقب كل منهما‪ ،‬وقد استقصى آراء‬
‫المفسرين في ذلك وأدلتهم‪ ،‬ثم رجح «أن العباد الذين سلطهم هللا على بني إسرائيل‬
‫بعد إفسادهم اَلول في اَلرض هم جالوت وجنوده‪ ،‬كما يراه المحققون من أهل‬
‫التفسير‪ ...‬أما المراد بالعباد الذين سلطهم هللا على بني إسرائيل بعد إفسادهم الثاني‬
‫‪131‬‬

‫في اَلرض‪ ،‬فيرى جمهور المفسرين أنهم البابليون بقيادة بختنصر‪ ...‬وهذا الرأي‬
‫الذي قاله جمهور المفسرين ليس ببعيد‪ ،‬لما ذكرنا من تنكيله [أي بختنصر] بهم‪ ،‬إَّل‬
‫أننا نؤثر على هذا الرأي أن يكون المسلط عليهم بعد إفسادهم الثاني هم الرومان‬
‫بقيادة تيطس»[‪.]8‬‬

‫على أن نظم اآليات يأبى أن يكون القوم المسلطون عليهم في المرة الثانية غير‬

‫اء أوع ُد أُو ُ‬


‫َّله أما أب أعثأنا أعألي ُكم‬ ‫المسلطين عليهم في اَلولى؛ فإن قوله تعالى‪ { :‬أفإ أذا أج أ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ه‬
‫اء أوع ُد اآلخ أرِة لأي ُس ُ‬
‫وؤوا‬ ‫ِ‬
‫عأب ًادا لأنا‪ ...‬ثُ هم أرأددأنا أل ُك ُم ال أك هرأة أعأليهم‪ ...‬أفإ أذا أج أ‬
‫وه ُكم} [اْلسراء‪ ]٤ -١ :‬يدل على أن الحرب كانت سجاَّلً بين بني إسرائيل‬
‫ُو ُج أ‬
‫وهؤَّلء القوم؛ حيث غلبهم القوم في المرة اَلولى ثم أعاد هللا الكرة لبني إسرائيل على‬
‫القوم ونصرهم عليهم‪ ،‬ثم عاد القوم في المرة الثانية ليسوؤوا وجوه بني إسرائيل‪ ،‬وقوله‬
‫{ولِأيد ُخلُوا ال أـمس ِج أد أك أما أد أخلُوهُ أهأو أل أم هرٍة} [اْلسراء‪ ]٧ :‬واضح في أن من دخلوا‬
‫تعالى‪ :‬أ‬
‫المسجد أول مرة هم أنفسهم من دخله في الثانية‪.‬‬

‫وفي تحديد المسلطين عليهم في المرتين تعيين لإلفسادين بما صدر من بني إسرائيل‬
‫قبل كل عقاب يلحق بهم من أحد فريقي المسلطين‪.‬‬

‫وبعد عرض هذا الرأي ساق اَلدلة التي استند إليها في ترجيحه‪ ،‬وَّل داعي للتطويل‬
‫بإيرادها[‪َ ،]1‬لن ما قرره المفسرون القدماء حول معاني هذه اآليات َّل يعنيني هنا‬
‫بقدر ما يعنيني ما خالف به بعض المعاصرين إجماع المفسرين حول زمن اْلفسادين‬
‫أو اْلفساد الثاني لبني إسرائيل‪ ،‬مدفوعين بالرغبة في تقرير أن القرآن يبشر بأن زوال‬
‫«إسرائيل» واقع َّل محالة؛ وأن اآليات الكريمة نبوءة قرآنية حتمية بتدمير المسلمين‬
‫لـ«دولة اليهود»؛ حيث ذهب أكثرهم إلى أن اْلفساد اَلول مضى‪ ،‬وأن اْلفساد الثاني‬
‫هو الذي نعيشه اآلن مع اَّلحتالل الصهيوني لبالد فلسطين وما اقترن به من إفساد‬
‫وإهالك للحرث والنسل‪ ،‬وأن المسلمين هم الذين سيسوؤون وجوه اليهود‪ ،‬وسيدخلون‬
‫‪131‬‬

‫المسجد اَلقصى كما دخلوه أول مرة‪ ،‬وسيتبروا ما عال اليهود تتبي اًر‪ ،‬يعنينا التحقق‬
‫من سالمة أو عدم سالمة هذا التفسير الجديد لآليات؛ لما قد يكون له من آثار على‬
‫موقف المسلمين من الصراع في فلسطين بما يحمله من خطر اْليحاء بعبثية مقاومة‬
‫الكيان الصهيوني؛ ما دام النصر عليه قد اًر محتوماً‪ ،‬ووعداً إلهياً‪ ،‬وهذا اَلثر حاصل‬
‫مهما حاول من يروج هذا الرأي التأكيد على وجوب المقاومة وعدم انتظار النصر‬
‫الموعود‪.‬‬

‫َّلسيما أن بعضهم ‪ -‬وهو الدكتور مصطفى مسلم في كتابه «معالم قرآنية في‬
‫الصراع مع اليهود» ‪ -‬رسم لمستقبل الصراع سيناريو يتصل بظهور المسيح الدجال‬
‫ملكاً لليهود في «إسرائيل»‪ ،‬ونزول عيسى عليه السالم للقضاء عليه وعلى أتباعه؛‬
‫ما يعني أن اَّلحتالل الصهيوني لفلسطين سيستمر إلى أن تبدأ أشراط الساعة الكبرى‬
‫في الظهور‪ ،‬وأن على المسلمين أن يقطعوا اَلمل في تحريرها قبل قيام الساعة‪،‬‬
‫الشيء الذي يوحي للقارئ أن أي محاولة لدحر اَّلحتالل مغالبة للقدر‪ ،‬واستعجال‬
‫للنصر قبل أوانه‪.‬‬

‫فبعد أن تحدث عن الطرف اليهودي تساءل عن الطرف اآلخر في معادلة الصراع‪،‬‬

‫أين هو؟ فقدم جواباً مفاده أن أبناء الصحوة اْلسالمية سيبتلون ابتالء شديداً وفقاً‬
‫لسنة هللا في ابتالء من يدعي اْليمان‪ ،‬فإذا تمحصت صفوفهم مكن هللا المخلصين‬
‫منهم «في رقعة من اَلرض ليقيموا عليها حكم هللا‪ ...‬ومن بين صفوف هؤَّلء تنطلق‬
‫كتائب جند هللا إلى اليهود لتقع الملحمة الكبرى‪ ،‬وينزل نبي هللا عيسى ابن مريم عليه‬
‫السالم ليكون في طليعة هذه الكتائب وقائدها في المعركة الفاصلة في باب اللد»[‪.]1‬‬

‫ويشير بـ«المعركة الفاصلة في باب اللد» إلى ما جاء في الحديث من أن عيسى‬


‫عليه السالم إذا نزل في آخر الزمان سيقتل ملك اليهود (المسيح الدجال) بباب لد في‬
‫فلسطين[‪.]6‬‬
‫‪132‬‬

‫وفي موضع آخر ذكر أن «قدر هللا الكوني سيقع َّل محالة‪ ،‬وهو إفساد بني إسرائيل‬
‫في اَلرض للمرة الثانية ليأتي بعد ذلك جند هللا الموحدون‪ ،‬وعلى رأسهم المنقذ‬
‫المسيح عيسى ابن مريم صلوات هللا وسالمه عليه‪ ،‬ليقضي على مملكة الباطل‪،‬‬
‫وأهل الفساد والشر‪ ،‬فيقتل بحربته ملكهم المتوج من قبل المفسدين في اَلرض المسيح‬
‫اَلعور الدجال‪ ،‬هذه نهاية الفساد‪ ...‬ليقوم بعد ذلك حكم هللا في اَلرض‪ ،‬ويعيش‬
‫الناس بسالم في ظل اْلسالم»[‪.]9‬‬

‫وفي نبرة تفاؤلية يبشرنا الشيخ متولي الشعراوي في تفسيره بأننا «اآلن ننتظر أوعد هللا‬
‫سبحانه‪ ،‬ونعيش على أمل أن تنصلح أحوالنا‪ ،‬ونعود إلى ساحة ربنا‪ ،‬وعندها سينجز‬
‫لنا ما وعدنا من دخول المسجد اَلقصى‪ ،‬وتكون لنا الكرة اَلخيرة عليهم‪ ...‬فهو وعد‬
‫ٍ‬
‫آت َّل شك فيه»[‪.]5‬‬

‫هذا ويخشى أن يكون في اْلقدام على التفسير المذكور توجيه لآليات القرآنية‬
‫المدروسة نحو قصد يتناغم مع آمالنا في التحرر من اَّلحتالل الصهيوني‪ ،‬وإن لم‬
‫نتحقق من كونه هو مراد هللا سبحانه منها؛ وذلك ضرب من تأويل النص بالتشهي‪،‬‬
‫وقد أوصى العلماء المتصدي للتفسير بـ«التحفظ من القول في كتاب هللا تعالى إَّل‬
‫على بينة»[‪ ،]2‬وأن يكون على بال من «أن ما يقوله تقصيد منه للمتكلم‪ ،‬والقرآن‬
‫كالم هللا؛ فهو يقول بلسان بيانه‪ :‬هذا مراد هللا من هذا الكالم؛ فليتثبت أن يسأله هللا‬
‫تعالى‪ :‬من أين قلت عني هذا؟»[‪.]6‬‬

‫من أجل ذلك لزم النظر في هذه اآليات ‪ -‬كما في غيرها ‪ -‬على ضوء أصول‬
‫التفسير العلمية والشرعية لتبين المراد منها‪ ،‬والتحقق من أن ما جاء فيها من اْلفساد‬
‫الثاني لبني إسرائيل ينطبق حقاً على اليهود المعاصرين وإفسادهم الحالي في‬
‫فلسطين‪.‬‬
‫‪133‬‬

‫القائلون بهذا التفسير من العصريين‪:‬‬

‫‪ -3‬ممن ذهب إلى أن اْلفساد الثاني لبني إسرائيل هو احتالل اليهود الحالي َلرض‬
‫فلسطين وإفسادهم فيها‪ :‬الشيخ عبد المعز عبد الستار من علماء اَلزهر‪ ،‬في مقال له‬
‫نشر بمجلة اَلزهر‪ ،‬بعنوان «سورة اْلسراء تقص نهاية إسرائيل»‪ ،‬قال في مقدمة‬
‫المقال‪« :‬أطبق المفسرون على أن ذلك الفساد واْلفساد وقع منهم مرتين في الماضي‬
‫قبل اْلسالم‪ ...‬والذي يعنيني أن أكشف عنه وأن أثبته في هذا البحث أمران‪ :‬اَلول‬
‫أن هاتين المرتين لم تكونا قبل البعثة‪ ،‬وإنما هما في اْلسالم‪ .‬الثاني أن المرة اَلولى‬
‫كانت على عهد رسول هللا وأصحابه‪ ،‬واآلخرة هي التي نحن فيها اآلن‪ ،‬والتي سنسوء‬
‫فيها وجوههم‪ ،‬وندخل المسجد كما دخلناه‪ ،‬وندمر فيها ما علواً تدمي اًر»[‪.]32‬‬

‫‪ -٢‬وعلى هذا الرأي سار الشيخ متولي الشعراوي في تفسيره‪ ،‬حيث أكد أن اْلفساد‬
‫الثاني لبني إسرائيل هو «ما نحن بصدده اآلن‪ ،‬حيث سيتجمع اليهود في وطن واحد‬
‫اء أوع ُد‬
‫ليتحقق أوعد هللا بالقضاء عليهم‪ ...‬وهذا هو المراد من قوله تعالى‪ { :‬أفإ أذا أج أ‬
‫اآلخ أرِة ِجئأنا ِب ُكم أل ِف ًيفا } [اْلسراء‪ ،]321 :‬أي‪ :‬مجتمعين بعضكم إلى بعض من أشتى‬
‫ِ‬

‫البالد‪ ،‬وهو ما يحدث اآلن على أرض فلسطين»[‪.]33‬‬

‫‪ -١‬وبه جزم عبد الكريم الخطيب في تفسيره المسمى «التفسير القرآني للقرآن»‪،‬‬
‫فقال‪« :‬إننا لنقطع عن يقين أن بني إسرائيل معنا اليوم‪ ،‬واقعون تحت قوله تعالى‪:‬‬
‫وه ُكم أولِأيد ُخلُوا ال أـمس ِج أد أك أما أد أخلُوهُ أهأو أل أم هرٍة أولِ ُيتأِب ُروا‬ ‫ِ ِ‬
‫اء أوع ُد اآلخ أرِة لأي ُس ُ‬
‫وؤوا ُو ُج أ‬ ‫{ أفإ أذا أج أ‬
‫أما أعألوا تأتِب ًيرا} [اْلسراء‪ ..]٧ :‬وإذن فالجولة التالية بيننا وبين بني إسرائيل‪ ،‬هي لنا‪،‬‬
‫وسندخل المسجد إن شاء َّللا كما دخلناه أول مرة‪ ،‬وسنخزي القوم ونعريهم من كل ما‬
‫لبسوا من أثواب الزهو والغرور‪ ..‬وسنقضي على هذه الدولة المولودة سفاحاً‪ ..‬فلن‬
‫تقوم لها قائمة إلى يوم القيامة»[‪.]38‬‬
‫‪134‬‬

‫‪ -٦‬وبسبب علو اليهود في أرض فلسطين بما لم يبلغوا قط مثله خالل عشرين قرناً‬
‫قبل قيام «إسرائيل»‪ ،‬إذ أصبح لهم كيان مزود بكل وسائل التدمير واْلرهاب‬
‫واَّلستعالء‪ ،‬مال الدكتور محمد المجذوب «إلى اعتبار اآلخرة من المرتين هي التي‬
‫نعاصرها اليوم ونعيش مآسيها»[‪.]31‬‬

‫‪ -1‬وبهذا التفسير جزم الدكتور صالح عبد الفتاح الخالدي في كتابه «الشخصية‬
‫اليهودية من خالل القرآن»‪ ،‬حيث رجح «أن اْلفساد الثاني لبني إسرائيل هو ما يقوم‬
‫به اليهود اآلن‪ ،‬وأننا نحن الذين نعيش إفسادهم الثاني‪ ،‬وأن هذا اْلفساد يتمثل في‬
‫كيانهم الذي أقاموه في فلسطين‪ ،‬وفي تحكمهم وسلطانهم وعلوهم وتجبرهم الذي يبدو‬
‫أوضح ما يكون في هذه اَليام»[‪.]31‬‬

‫‪ -6‬وانتهى الباحث محمد إبراهيم هالل في بحثه «اْلسراء وإسرائيل» كذلك إلى‬
‫أن «مرة اْلفساد الثانية هي التي نعيشها اليوم؛ حيث ردت الكرة لبني إسرائيل على‬
‫المسلمين»[‪.]36‬‬

‫‪ -9‬ودافع عن هذا الرأي اَلستاذ بسام جرار في بحثه «زوال إسرائيل ‪ 8288‬نبوءة‬
‫قرآنية أم صدف رقمية؟»‪ ،‬ليبني عليه ما انتهى إليه في القسم الثاني من الدراسة‬
‫بعد حسابات رياضية من أن عمر الكيان الصهيوني سينتهي عام ‪8288‬م[‪.]39‬‬

‫وتعيين وقت نهاية الكيان الصهيوني في السنة المذكورة رجم بالغيب‪َّ ،‬ل ينبغي‬
‫اْلقدام عليه‪ ،‬وإن صدر دراسته بوصف هذه النتيجة التي توصل إليها بقوله‪َّ« :‬ل‬
‫أقول إنها نبوءة‪ ،‬وَّل أزعم أنها ستحدث حتماً»[‪.]35‬‬

‫‪ -5‬وقرر الدكتور مصطفى مسلم أن المرة الثانية ْلفساد بني إسرائيل «بدأت بذورها‬
‫من بداية مؤتمر اليهود في بازل بسويس ار عام ‪3265‬م‪ ،‬والتي وضعوا فيها المخطط‬
‫‪135‬‬

‫المدروس ْلفساد العالم‪ ،‬وأعلن فيها هرتزل وضع اللبنة اَلولى في دولة‬
‫إسرائيل‪ ..‬ومنذ ذلك الوقت إلى اآلن وعلو بني إسرائيل في تزايد مستمر»[‪.]32‬‬

‫هكذا تواردت أقوال هؤَّلء الباحثين المعاصرين على أن اْلفساد الثاني لبني إسرائيل‬
‫هو ما نعيشه اآلن من اَّلحتالل الصهيوني َلرض فلسطين‪ ،‬مع علمهم بإجماع‬
‫المفسرين على خالفه‪.‬‬

‫وليسلم لهم توجيه اآليات الوجهة المطلوبة‪ ،‬عمل بعضهم على إزاحة إجماع‬
‫المفسرين هذا عن الطريق‪ ،‬بتعليله بأن هؤَّلء المفسرين ‪ -‬كما يرى بسام جرار‪ -‬لم‬
‫يكن يدور بخلد أحدهم «أن يعود لليهود دولة في اَلرض المباركة؟ [َلن] الدولة‬
‫اَلموية‪ ،‬والدولة العباسية‪ ،‬والدولة العثمانية‪ ،‬كانت كل واحدة منها أعظم دولة في‬
‫عصرها‪ .‬فأي مفسر هو هذا الذي سيخطر بباله أن المرة الثانية لم تأت بعد؟ وإن‬
‫خطر ذلك بباله‪ ،‬فهل ستقبل عاطفته أن يخط قلمه مثل هذه النبوءة التي تتحدث عن‬
‫سقوط القدس في أيدي اليهود الضائعين المشردين والمستضعفين؟»[‪.]36‬‬

‫ورأى محمد هالل أن ذلك عائد إلى طبيعة «المعلومات التاريخية التي توفرت لهم‬
‫عن بني إسرائيل‪ ،‬والتي كانت مبتورة وناقصة وموجهة‪ ،..‬وعائد كذلك إلى واقع بني‬
‫إسرائيل في زمنهم (زمن المفسرين)؛ حيث لم يكن لهم دولة وَّل نفوذ في اَلرض‪ ،‬وَّل‬
‫كان واقع حالهم يوحي بأنه ستكون لهم دولة ونفوذ‪ ،..‬وقد تناسب هذا التأويل مع ما‬
‫كان عليه اليهود أيام المفسرين الذين تعرضوا لهذه اآليات من الذلة والصغار‪ ،‬ولكن‬
‫لم يعد يتسق مع واقع العلو الكبير الذي يعيشونه اليوم»[‪.]82‬‬

‫وقدم صالح الخالدي لهم عذ اًر قريباً من هذا؛ إذ أرجع ذلك إلى كون المفسرين‬
‫قديماً «كانوا يعيشون في نظام إسالمي قائم‪ ...‬وقد نظروا في اليهود‪ ..‬فإذا هم‬
‫مجموعات من اَلفراد المشتتين اَلذَّلء الضعاف‪َّ ،‬ل يتصور أن يكون لهم كيان في‬
‫‪136‬‬

‫المستقبل‪ ،‬وَّل أن يقع منهم علو وإفساد في اَلرض‪ ...‬ولهذا توجه هؤَّلء إلى التاريخ‬
‫اليهودي القديم‪ ،‬فاستقرؤوه‪ ،‬وبحثوا فيه عن اْلفسادين المذكورين‪ ،‬فقالوا ما‬
‫قالوا»[‪.]83‬‬

‫مستندات هذا التفسير‪ ..‬عرض ونقد‪:‬‬

‫استدل أصحاب هذا الرأي لتفسيرهم بمستندات استخلصوها من التأمل في ألفاظ‬


‫اآليات نفسها‪ ،‬وفي واقع حال اليهود‪ ،‬وما وقع منهم من اْلفساد في الماضي وفي‬
‫الحاضر‪ ،‬وفي صفات من سلطوا عليهم عبر تاريخهم‪ ،‬مع توهمهم أن اليهود‬
‫الحاليين من ساللة بني إسرائيل‪ .‬وهذا عرض َلدلة هذا الرأي‪ ،‬متبوعة بما يبين‬
‫ضعف دَّللتها على التفسير المذكور‪:‬‬

‫الدليل اَلول‪ :‬أن اَلسلوب الذي حكى هللا به اْلفسادين يدل على اَّلستقبال‪« ،‬فإذا‬
‫َّلحظنا‪ ..‬أن هللا ينص على أنه قضى أنهم يفسدون في اَلرض مرتين؛ فإذا جاء‬
‫وعد أوَّلهما كان كذا‪ ،‬وإذا جاء وعد اآلخرة كان كذا‪ ..‬دل ذلك على أن المرتين غير‬
‫ما سبق‪ ،..‬وأنهما يقعان في المستقبل بالنسبة لمن أنزل عليه الكتاب»[‪ ،]88‬وكلمة‬
‫«وعد» التي استعملها هللا في قوله «فإذا جاء وعد» «َّل تأتي لشيء يسبق الكالم بل‬
‫لشيء يأتي من بعد‪ ..‬إذن فلم يكن ذلك في زمان بختنصر»[‪ .]81‬وكذلك‬
‫كلمة «(إذا) الموجودة أوَّلً هي ظرف لما ُيستقبل من الزمان‪ ،‬أي بعد أن جاء هذا‬
‫الكالم»[‪.]81‬‬

‫وهذا الكالم إنما يصح مستنداً للتفسير المذكور لو كان المراد بـ«الكتاب» في قوله‬
‫ضيأنا إألى بِني إسرِائيل ِفي ال ِكتأ ِ‬
‫اب} [اْلسراء‪ ،]٦ :‬هو القرآن؛ وهذا ما‬ ‫{وأق أ‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫تعالى‪ :‬أ‬
‫حاول أن يوهمنا به عبد المعز عبد الستار بقوله‪« :‬يقعان في المستقبل بالنسبة لمن‬
‫أنزل عليه الكتاب»‪ ،‬ولكن المفسرين أطبقوا على أن المراد به التوراة‪ ،‬وأضاف‬
‫‪137‬‬

‫بعضهم جواز أن يراد به اللوح المحفوظ[‪ ،]86‬فال يكون في هذا الكالم مستمسك‬
‫لهم؛ َلن مرتي اْلفساد ستقعان في الزمان المستقبل بالنسبة لزمان نزول التوراة‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬أن اَلوصاف التي أسندتها اآليات للذين سيسلطون على بني إسرائيل‬
‫عقب اْلفسادين اَلول والثاني‪َّ ،‬ل تنطبق على من ذكرهم المفسرون كـ«جالوت» أو‬
‫«بختنصر» أو غيرهما؛ ففعل «البعث» َّل يستعمل إَّل مع المبعوثين المؤمنين‪،‬‬
‫و«طالما لم تستخدم كلمة (بعث) أو (بعثنا) في المبعوثين الكافرين‪ ،‬فال يمكن أن‬
‫يراد بكلمة (بعثنا) في مطلع اْلسراء مبعوثين كافرين‪ ،‬وَّل أن تنطبق على بختنصر‬
‫أو غيره»[‪ ،]89‬و«كلمة (عباداً) وإضافتها إلى هللا بالم اَّلختصاص‪( :‬لنا)‪ ،‬توحي‬
‫بأن هؤَّلء الذين يزيلون إفساد اليهود مؤمنون ربانيون‪ ...‬وتوحي كلمة (لنا) بمزيد من‬
‫التكريم الرباني لهؤَّلء العباد المؤمنين‪ ،‬فهم عباد هلل خالصون له»[‪ .]85‬و«هل كان‬
‫بختنصر يدخل ضمن عباد هللا؟ إن قوله الحق‪( :‬عباداً لنا) مقصود به الجنود‬
‫اْليمانيون‪ ،‬وبختنصر هذا كان فارسياً مجوسياً»[‪.]82‬‬

‫وهذا دليل ضعيف‪ ،‬لكونه مؤسساً على مقدمة خاطئة‪ ،‬وهي أن كلمة البعث َّل‬
‫تستعمل مع المبعوثين الكافرين‪ ،‬وأن كلمة «العباد» إذا أضيفت هلل‪ ،‬كان الموصوفون‬
‫بها بالضرورة عباداً مؤمنين؛ وهذا ليس بصحيح؛ فقد استعملت كلمة البعث مع‬
‫يأجوج ومأجوج‪ ،‬وليسوا سوى مبعوثين كافرين‪ ،‬ووصفهم هللا بـ«العبودية» وأضافهم‬
‫إلى نفسه‪ ،‬وما هم بمؤمنين‪ ،‬ومن جميل اَلقدار أن يجتمع الشاهدان معاً في عبارة‬
‫واحدة من حديث يقول هللا فيه لعيسى عليه السالم آخر الزمان‪ ،‬كما في صحيح‬
‫ان َلأح ٍد ِب ِقتأالِ ِهم؛ أفح ِرز ِعب ِادي ِإألى ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫الطور‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مسلم‪« :‬إني أقد أأخ أرج ُت عأب ًادا لي َّل أي أد ِ أ‬
‫َّللاُ أيأ ُجو أج أو أمأ ُجو أج‪ ،‬أو ُهم ِمن ُك ِل أح أد ٍب أين ِسُلو أن»[‪ ،]86‬فهل يدل هذا على أن‬
‫أوأيب أع ُث ه‬
‫يأجوج ومأجوج من عباد هللا المؤمنين؟‬
‫‪138‬‬

‫ووصف هللا الوثنيين بالعبودية‪ ،‬وأضافهم إلى نفسه كما في قوله تعالى خطاباً لآللهة‬
‫المعبودة من دون هللا يوم القيامة‪ ،‬تبكيتاً لمن يعبدها‪{ :‬أأأنتُم أأضأللتُم ِعب ِادي هؤ ِ‬
‫َّلء أأم‬
‫أُ‬ ‫أ‬
‫يل} [الفرقان‪ ،]35 :‬وهذا يدل بوضوح على أن وصف العبودية مضافاً‬ ‫ضُّلوا ه ِ‬
‫السب أ‬ ‫ُهم أ‬
‫إلى ذات هللا َّل يختص به العباد المؤمنون‪ ،‬بل يوصف به أيضاً المشركون‬
‫والكافرون‪.‬‬

‫الدليل الثالث‪ :‬أن اْلفساد لم يقع من بني إسرائيل في الماضي مرتين فقط؛‬
‫فقد «أفسدوا من قبل سبعين مرة‪ ،‬فالمرتان المعنيتان في اآلية وقعتا بعد»[‪.]12‬‬

‫وهذا ليس بشيء؛ فإن ما قيل عن إفساد بني إسرائيل في الماضي؛ أي قبل نزول‬
‫القرآن‪ ،‬يقال عنهم أيضاً بعد نزوله‪ ،‬فقد أفسدوا أيضاً بعد ذلك مرات عديدة‪ ،‬ومن‬
‫المعلوم أن اْلفساد الوارد في النبوءة َّل يراد به أي إفساد‪ ،‬وإنما المراد به اْلفساد‬
‫العام الظاهر‪ ،‬كالخروج الجماعي عن التوحيد وعبادة اَلوثان‪ ،‬أو قتل نبي‪ ،‬أو ما‬
‫شابه ذلك‪ ،‬وليس المراد به اْلفساد الفردي الذي يتكرر مرات عديدة كل يوم‪.‬‬

‫الدليل الرابع‪ :‬أن ما وعد هللا بني إسرائيل أن يمدهم به في المرة الثانية من اَلموال‬
‫والبنين وكثرة النفير‪ ،‬لم ُي أمد به اليهود عبر تاريخهم إَّل في زماننا[‪ ،]13‬مما يدعم‬
‫القول بأن ما نعيشه اآلن من احتالل اليهود لفلسطين هو اْلفساد الثاني لبني‬
‫إسرائيل‪.‬‬

‫وهذا الكالم مناف لما سجله التاريخ من فترات ازدهار عاشها بنو إسرائيل بعد‬
‫العودة من السبي البابلي أيام قورش الفارسي[‪ ،]18‬وعقب نجاح الثورة اليهودية التي‬
‫قادها المكابيون[‪.]11‬‬

‫هذا ِ‬
‫ويرُد على هذا التأويل ‪ -‬فضالً عن ضعف أدلته ‪ -‬اعتراضان كل منهما كفيل‬
‫بنسفه من أساسه‪:‬‬
‫‪139‬‬

‫أولهما‪ :‬أن اآليات تدل بوضوح على أن العقابين وقعاً معاً ببني إسرائيل في اَلرض‬
‫المقدسة‪ ،‬وأن القوم الذين سلطوا عليهم في المرة اَلولى هم أنفسهم من سلطوا عليهم‬
‫ِ ِ‬
‫وه ُكم‬ ‫اء أوع ُد اآلخ أرِة لأي ُس ُ‬
‫وؤوا ُو ُج أ‬ ‫في المرة الثانية‪ ،‬كما تقدم؛ لقوله تعالى‪ { :‬أفإ أذا أج أ‬
‫أولِأيد ُخُلوا ال أـمس ِج أد أك أما أد أخُلوهُ أهأو أل أم هرٍة} [اْلسراء‪ ،]٧ :‬فالضمير في قوله‬
‫وه ُكم أولِأيد ُخلُوا ال أـمس ِج أد} عائد بالضرورة على العباد أولي البأس‬ ‫ِ‬
‫وؤوا ُو ُج أ‬
‫تعالى‪{ :‬لأي ُس ُ‬
‫{ولِأيد ُخُلوا ال أـمس ِج أد‬
‫الشديد الذين جاسوا خالل الديار في المرة اَلولى؛ وقوله تعالى‪ :‬أ‬
‫أك أما أد أخلُوهُ أهأو أل أم هرٍة} يدل على أنهم دخلوا المسجد في المرة اَلولى أيضاً‪ ،‬ودمروه كما‬
‫فعلوا في المرة الثانية‪ ،‬فهل ُسلط المسلمون يوماً على بني إسرائيل في فلسطين‪،‬‬
‫ودخلوا هيكلهم ودمروه؟ هذا ما لم يحدث في التاريخ‪ ،‬فكيف إذن سيكون المسلمون‬
‫هم المسلطين على بني إسرائيل في مرة إفسادهم الثانية‪ ،‬وهم لم يسلطوا عليهم في‬
‫اَلولى‪.‬‬

‫ولتجاوز هذا اَّلعتراض ادعى أصحاب هذا التأويل أن المقصود بالمرة اَلولى من‬
‫إفسادي بني إسرائيل هو ما «حدث من اليهود في ظل اْلسالم‪ ،‬حيث نقضوا عهدهم‬
‫مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬والعباد هم رسول هللا والذين آمنوا معه عندما‬
‫جاسوا خالل ديارهم‪ ،‬وأخرجوهم من المدينة وقتلوا منهم من قتلوا‪ ،‬وسبوا من‬
‫سبوا»[‪ ،]11‬وأن المسلمين دخلوا «المسجد اَلقصى أول مرة في اَّلمتداد اْلسالمي‬
‫في عهد عمر بن الخطاب رضي هللا عنه»[‪.]16‬‬

‫وهذا تخليط بين؛ فإن دخول المسجد ليس منفصالً عن حدث نكاية العدو ببني‬
‫إسرائيل‪ ،‬بل هو فصل من فصول العقاب واَّلجتياح‪ ،‬ورمز على انتصار العدو‬
‫عليهم‪ ،‬فكيف يكون الجوس خالل الديار في عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫وفي المدينة‪ ،‬ودخول المسجد في عهد عمر في القدس؟ ثم إن الشيخ الشعراوي وهو‬
‫‪141‬‬

‫قائل هذا الكالم‪ ،‬يعترف بأن «المسجد اَلقصى أيام عمر بن الخطاب لم يكن في‬
‫نطاق بني إسرائيل»[‪]19‬؛ فكيف يكون دخوله عقوبة لهم‪ ،‬وأمارة انتصار عليهم؟‬

‫اَلمر الثاني‪ :‬أن الحديث في اآلية إنما هو عن ساللة عرقية محددة‪ ،‬وهي ساللة‬
‫ضيأنا إألى بِني إسرِائيل ِفي ال ِكتأ ِ‬
‫اب} [اْلسراء‪ ،]٦ :‬وقد أثبت كثير‬ ‫{وأق أ‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫بني إسرائيل‪ ،‬أ‬
‫من الدارسين المهتمين بتاريخ وأنثروبولوجيا الجماعات اليهودية أن يهود اليوم ليسوا‬
‫في معظمهم من ساللة بني إسرائيل‪ ،‬وإنما هم من سالَّلت عرقية شتى‪ ،‬بل يعدون‬
‫من أشد الجماعات البشرية أو أشدها تنوعاً من الناحية العرقية؛ خالفاً لما حاولت‬
‫الحركة الصهيونية وروادها منذ تأسيسها أن تروج له من أن اليهود حافظوا على مدار‬
‫التاريخ على نقائهم العرقي‪ ،‬وأنهم ‪ -‬أينما كانوا ‪ -‬ينحدرون جميعاً من ساللة عرقية‬
‫واحدة وهي ساللة بني إسرائيل الذين أجالهم اآلشوريون والبابليون ثم الرومان عن‬
‫فلسطين‪ ،‬وقد راجت هذه اَلكذوبة على عدد غير قليل من الناس ‪ -‬بمن فيهم بعض‬

‫العرب والمسلمين ‪ -‬حتى شاع الوهم بأن اَّلنتماء الديني لليهودية يعني تلقائياً‬
‫اَّلنتماء العرقي لبني إسرائيل؛ وقد تقدمت اْلشارة إلى أن هذا الوهم مما أوقع بعض‬
‫العصريين في اعتقاد أن اَّلحتالل الصهيوني الحالي َلرض فلسطين هو اْلفساد‬
‫الثاني لبني إسرائيل‪.‬‬

‫والحال أن الزعم المذكور ِبي ُن الزيف والكذب؛ لمصادمته للحقائق العلمية والتاريخية‬
‫والواقعية المتعلقة بالجماعات اليهودية؛ فقد «أظهرت نتائج أبحاث علم اَلجناس‬
‫البشرية [كما يقول الدكتور رافائيل باتال] أنه ‪ -‬خالفاً للرأي الشائع ‪ -‬ليس هناك‬
‫جنس يهودي؛ حيث تدل قياسات اَلجسام البشرية التي أجريت على مجموعات من‬
‫اليهود أنهم يختلفون بعضهم عن بعض اختالفاً بيناً»[‪ ،]15‬وقال الدكتور جوان‬
‫كوماسن‪« :‬إن نقاوة الساللة اليهودية ما هي إَّل أوهام»[‪.]12‬‬
‫‪141‬‬

‫ويؤكد أستاذ علم اَلجناس بجامعة جنيف أوجين بيتار أن «اليهود عبارة عن طائفة‬
‫دينية اجتماعية‪ ،‬انضم إليهم في جميع العصور أشخاص من أجناس شتى‪ ،‬جاءوا‬
‫من جميع اآلفاق؛ فمنهم الفالشا سكان الحبشة‪ ،‬ومنهم اَللمان ذوو السحنة‬
‫الجرمانية‪ ،‬ومنهم التامل السود في الهند‪ ،‬والخزر من الجنس التركي‪ ،‬ومن المستحيل‬
‫أن نتصور أن اليهود ذوي الشعر اَلشقر‪ ...‬والعيون الصافية اللون الذين نلقاهم في‬
‫أوربا الوسطى يمتون بصلة القرابة ‪ -‬قرابة الدم ‪ -‬إلى أولئك اْلسرائيليين الذين كانوا‬
‫يعيشون بجانب نهر اَلردن»[‪.]16‬‬

‫وذكر الدكتور جمال حمدان في كتابه‪« :‬اليهود أنثروبولوجيا» أن «اْلجماع بين‬


‫اَلنثروبولوجيين كامل على أن يهود عصر التوراة في فلسطين هم مجموعة سامية‬
‫من ساللة البحر المتوسط‪ ،‬بصفاتها التي نعرف ونرى اليوم؛ من سمرة في الشعر‪،‬‬
‫وتوسط في القامة‪ ،‬وطول إلى توسط في الرأس»[‪.]12‬‬

‫وبعد إيراده إحصاءات تفصيلية حول شكل الرأس لدى المجموعات اليهودية في‬
‫العالم‪ ،‬أجمل النتيجة في قوله‪« :‬من هذا المسح السريع نصل إذن إلى أن اليهود‬
‫يقعون من حيث شكل الرأس في مجموعتين‪ :‬عراض رؤوس‪ ،‬وطوال رؤوس‪ ..‬تزيد‬
‫مجموعة عراض الرؤوس على ‪ 22‬إلى‪ %62‬على اَلقل من كل يهود العالم‪،‬‬
‫واَلقلية الضئيلة الباقية هي طوال الرؤوس»[‪.]13‬‬

‫وحيث إن يهود عصر التوراة كانوا ككل الساميين طوال الرؤوس بإجماع‬
‫اَلنثروبولوجيين «فإذا ما وجدنا رؤوساً غير ذلك بين يهود اليوم؛ فليس ثمة إَّل تفسير‬
‫واحد ووحيد َّل سبيل إلى الشك فيه‪ ،‬وهو اختالط الدم [اليهودي] بعناصر‬
‫غريبة»[‪.]18‬‬
‫‪142‬‬

‫ويمكن صياغة هذا «الدليل الرأسي» الذي اعتمده حمدان وعده «محور الدراسات‬
‫اَلنثروبولوجية» كما يلي‪:‬‬

‫يهود بني إسرائيل طوال الرؤوس بإجماع اَلنثروبولوجيين؛ يهود اليوم في معظمهم‬
‫عراض الرؤوس‪ ،‬كما أثبتت الدراسات التي أجريت عليهم = إذن‪ ،‬يهود اليوم ليسوا‬
‫في معظمهم من ساللة بني إسرائيل‪.‬‬

‫ومع أن اليهود الحاليين خليط من أجناس وأعراق كثيرة كما رأينا إَّل أن معظمهم من‬
‫يهود أروبا الشرقية؛ الذين ينحدرون من عرق الخزر ذي اَلصل التركي القوقازي؛‬
‫وكون يهود اليوم ‪ -‬في معظمهم ‪ -‬ينحدرون من أصول خزرية حقيقة تواطأت‬
‫عليها «آراء‪ ..‬المؤرخين الحديثين؛ سواء كانوا نمساويين أو إسرائيليين أو بولنديين؛‬
‫فقد رأى كل منهم على حدة أن غالبية اليهود العصريين ليسوا من أصل فلسطيني‪،‬‬
‫بل من أصل قوقازي»[‪.]11‬‬

‫وهذا العالم اليهودي البريطاني آرثر كيستلر يقرر جازماً أن «الدليل‬


‫التاريخي‪ ..‬يوضح أن غالبية اليهود الشرقيين ‪ -‬ومن ثم يهود العالم ‪ -‬هم من أصل‬
‫خزري تركي‪َّ ،‬ل من أصل سامي‪ ...‬وأن الدليل القائم على علم اَلجناس يتفق مع‬
‫التاريخ في دحض اَّلعتقاد‪ ..‬بوجود جنس يهودي انحدر من قبيلة اَلسفار‬
‫اَلولى»[‪.]11‬‬

‫وفي بيان أوضح يؤكد أن «الغالبية الكبرى من اليهود في العالم كله في الوقت‬
‫الحاضر هم من أصل أوربي شرقي؛ وبالتالي لعلهم في الدرجة اَلولى من أصل‬
‫خزري‪ ،‬فإن كان اَلمر كذلك؛ فهذا يعني‪ :‬أن أجدادهم‪ ...‬لم يجيئوا من أرض كنعان‬
‫بل من القوقاز‪ ..‬ثم إنهم من حيث التركيب الوراثي أقرب إلى قبائل‬
‫‪143‬‬

‫الهون‪ :‬اْليجور ‪ Uigur‬والماجيار ‪ Magyar‬منهم إلى ذرية إبراهيم وإسحاق‬


‫ويعقوب»[‪.]16‬‬

‫ونسبة يهود الخزر في يهود العالم تزيد على ‪%62‬؛ يقول دوغالس دانلوب‪« :‬يشكل‬
‫المنحدرون من يهود الخزر في أيامنا هذه ما ليس أقل من تسعين بالمئة من يهود‬
‫العالم»[‪.]19‬‬

‫وفي دراسة عن يهود العصر الحالي توصل بنيامين فريدمان إلى «أن من يزعمون‬
‫أنفسهم يهوداً المتحدرين تاريخياً من ساللة الخزر يشكلون أكثر من ‪ %68‬من جميع‬
‫من يسمون أنفسهم يهوداً في كل مكان من العالم اليوم»[‪.]15‬‬

‫وإذا تبين أن اليهود المنحدرين من الخزر يمثلون وحدهم نسبة ‪ %68‬من يهود‬
‫اليهود من‬
‫ُ‬ ‫العصر الحالي‪ ،‬والنسبة المتبقية‪ ،‬وهي ‪ %2‬يتوزعها مع اْلسرائيليين‬
‫اَلجناس اَلخرى؛ كاليهود العرب‪ ،‬واَلمازيغ‪ ،‬والفالشا‪ ،‬والتامل‪ ،‬واليهود‬
‫اليهود المنحدرون‬
‫ُ‬ ‫الصينيين‪ ...‬فكم عسى أن تكون النسبة التي يمثلها بين يهود اليوم‬
‫من أسباط إسرائيل؟‬

‫وإذا تقرر أن اَلصول العرقية لليهود الحاليين ليست إسرائيلية‪ ،‬وأن اْلسرائيليين أقلية‬
‫ضئيلة بينهم‪ ،‬واليهود المجتمعون حالياً في أرض فلسطين ليسوا من ساللة بني‬
‫إسرائيل في معظمهم؛ كما تؤكد «دراسة قام بها أنثروبولوجي بريطاني هو «جيمس‬
‫فنتون» عن يهود «إسرائيل»‪ ،‬توصل فيها إلى أن ‪ %66‬من اليهود [يعني المحتلين‬
‫فلسطين] ليسوا من بني إسرائيل التوراة‪ ،‬وإنما هم أجانب متحولون أو‬
‫مختلطون»[‪]12‬؛ فهل يقبل مع ذلك أن يكون اَّلحتالل اليهودي الحالي لألرض‬
‫المقدسة هو اْلفساد الثاني لبني إسرائيل في هذه اآليات‪ ،‬والمفسدون في أرض‬
‫فلسطين ليسوا من بني إسرائيل؟‬
‫‪144‬‬

‫هذا وللدكتور طارق السويدان اجتهاد آخر في تعيين مرتي اْلفساد في اآليات‪ ،‬لم‬
‫يأخذ فيه بإجماع اَلقدمين‪ ،‬وَّل برأي المعاصرين‪ ،‬ولكن رأيه يفضي إلى نفس النتيجة‬
‫من اآلثار المتوقعة لتفسير المعاصرين‪ ،‬خاصة وأنه قرر بدوره بناء على قوله تعالى‪:‬‬
‫{وإن ُعدتُّم ُعدأنا} [اْلسراء‪ ،]٨ :‬وأحاديث ظهور الدجال‪ ،‬ومقاتلة المسلمين لليهود أن‬
‫أ‬
‫الحرب ستستمر سجاَّلً بين المسلمين واليهود في فلسطين إلى أن ينزل عيسى عليه‬
‫السالم‪.‬‬

‫وقد لخص رأيه هذا في قوله‪« :‬لكنني أرى ‪ -‬وهللا تعالى أعلم ‪ -‬أن المرة اَلولى هي‬
‫التي نعيشها اليوم‪ ،‬وهي العلو اَلول‪ ،‬وسيأتي على دولة اليهود هذه عباد هلل‬
‫يخرجونهم من فلسطين‪ ،‬غير أن اليهود سيتجمعون وينصرهم العالم ويمدهم باَلموال‪،‬‬
‫وينصرهم اليهود المنتشرون في باقي العالم‪ ،‬فيكونون أكثر نفي اًر بالنصرة العالمية لهم‪،‬‬
‫فينتصرون علينا‪ ...‬وبعدها يأتي وعد اآلخرة أي المرة الثانية‪ ،‬والتي سنتغلب فيها‬
‫نهائياً على اليهود ونخرجهم إلى غير رجعة من أرض المقدس‪ ...‬ويظل اَلمر كذلك‬
‫إلى حين خروج المسيح الدجال الذي يؤيده اليهود آنذاك‪ ،‬فيسيطر على اَلرض‬
‫ومنها فلسطين‪ ،‬وتكون نهايته على يد المسيح عيسى ابن مريم عليه السالم في مدينة‬
‫اللد في فلسطين قبيل قيام الساعة‪ ،‬وهللا أعلم»[‪.]16‬‬

‫وهذا الرأي وإن تجاوز به الدكتور السويدان اَّلعتراض اَلول من اَّلعتراضين‬


‫الواردين على تفسير المعاصرين‪ ،‬فإن اَّلعتراض الثاني يبقى قائماً‪ ،‬وهو أن اليهود‬
‫المحتلين فلسطين اليوم ليسوا من ساللة إسرائيل‪ ،‬واآليات إنما تتحدث عن بني‬
‫إسرائيل‪.‬‬
‫‪145‬‬

‫[‪ ]3‬محمد سيد طنطاوي‪« ،‬بنو إسرائيل في القرآن والسنة»‪ ،‬ط‪ .‬دار الشروق‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط‪3182( ،8‬هـ‪8222/‬م)‪ ،‬ص‪.951-958‬‬

‫[‪ ]8‬نفسه‪ ،‬ص‪.996-995‬‬

‫[‪ ]1‬انظرها في المرجع السابق‪ ،‬ص‪.953-995‬‬

‫[‪ ]1‬د‪ .‬مصطفى مسلم‪« ،‬معالم قرآنية في الصراع مع اليهود»‪ ،‬ط‪ .‬دار القلم‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬ط‪3182( ،8‬هـ‪3666/‬م)‪ ،‬ص‪.832‬‬

‫[‪ ]6‬ثبت من حديث أبي أمامة عند ابن ماجه وغيره أن عيسى عليه السالم‪ ،‬إذا نزل‬

‫اءهُ ال هد هج ُ‬
‫ال أم أع ُه‬ ‫اب‪ ،‬أف ُيفتأ ُح‪ ،‬أوأوأر أ‬
‫وصلى الصبح خلف إمام المسلمين‪ ،‬قال‪« :‬افتأ ُحوا الأب أ‬
‫ظ أر ِإألي ِه‬
‫اج [أي طيلسان]‪ ،‬أفِإ أذا أن أ‬ ‫ف ُم أحًّلى أو أس ٍ‬
‫سبعو أن أألف يهوِد ٍي‪ُ ،‬كُّلهم ُذو سي ٍ‬
‫أ‬ ‫ُ‬ ‫أ أُ‬ ‫أ ُ‬
‫الل ِد‬
‫اب ُّ‬ ‫اربا ‪ ..‬أفيد ِرُك ُه ِعن أد ب ِ‬
‫أ‬ ‫ُ‬
‫اء‪ ،‬وين أ ِ‬
‫طل ُق أه ِ ً‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وب المل ُح في ال أم أ أ‬ ‫اب أك أما أي ُذ ُ‬ ‫ال هد هج ُ‬
‫ال أذ أ‬
‫ِ‬
‫الدجال‪...‬‬ ‫الشرِق ِي‪ ،‬أفأيق ُتُل ُه»‪ .‬أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن‪ ،‬باب فتنة‬ ‫ه‬

‫َّل‪ ،‬وأصله عند أبي‬


‫رقم (‪ ،)1255‬قال الحافظ ابن حجر‪« :‬أخرجه ابن ماجه مطو ً‬
‫داود‪ ،‬ونحوه في حديث سمرة عند أحمد بإسناد حسن‪ ،‬وأخرجه ابن منده في كتاب‬
‫اْليمان من حديث حذيفة بإسناد صحيح»‪ .‬فتح الباري‪ ،‬ط‪ .‬دار السالم بالرياض‪،‬‬
‫ودار الفيحاء بدمشق‪ ،‬ط‪)3183 ،1‬هـ‪8222/‬م)‪ :516/9 :‬وهو في صحيح الجامع‬
‫الصغير‪ ،‬رقم (‪.)5256‬‬
‫‪146‬‬

‫[‪ ]9‬نفسه‪ ،‬ص‪.825-829‬‬

‫[‪ ]5‬الشيخ متولي الشعراوي‪« ،‬تفسير الشعراوي‪ :‬الخواطر»‪ ،‬نشر مطابع أخبار‬
‫اليوم‪( ،‬بال تاريخ)‪.2199/31 :‬‬

‫[‪ ]2‬أبو إسحاق الشاطبي‪« ،‬الموافقات»‪ ،‬تحقيق‪ :‬مشهور حسن‪ ،‬ط‪ .‬دار ابن عفان‪،‬‬
‫ط‪3135( ،3‬هـ‪3665/‬م)‪.821/1 :‬‬

‫[‪ ]6‬نفسه‪.826-821/1 :‬‬

‫[‪ ]32‬عبد المعز عبد الستار‪« ،‬سورة اْلسراء تقص نهاية إسرائيل»‪ ،‬مقال منشور‬
‫بمجلة اَلزهر‪ ،‬المجلد ‪ ،82‬ص‪ ،926‬عن محمد سيد طنطاوي‪« ،‬بنو إسرائيل في‬
‫القرآن والسنة»‪ ،‬ص‪.951‬‬

‫[‪ ]33‬تفسير الشعراوي‪.2526/31 :‬‬

‫[‪ ]38‬عبد الكريم الخطيب‪ :‬التفسير القرآني للقرآن»‪ ،‬ط‪ .‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫القاهرة‪( ،‬بال تاريخ)‪.166/ 2 :‬‬

‫[‪ ]31‬محمد المجذوب‪« ،‬دروس من اْلسراء»‪ ،‬مقال منشور بمجلة الوعي‬


‫اْلسالمي‪ ،‬الصادرة عن و ازرة اَلوقاف الكويتية‪ ،‬العدد‪ ،3651 ،321 :‬ص‪.86‬‬

‫[‪ ]31‬الدكتور صالح عبد الفتاح الخالدي‪« ،‬الشخصية اليهودية من خالل‬


‫القرآن‪ :‬تاريخ وسمات ومصير»‪ ،‬ط‪ .‬دار القلم‪ ،‬ط‪ ،3‬دمشق‪3136( ،‬هـ‪3662/‬م)‪،‬‬
‫ص‪.113‬‬

‫[‪ ]36‬الدكتور محمد هالل‪« ،‬اْلسراء وإسرائيل»‪ ،‬ط‪ .‬دار البشير‪ ،‬عمان‪ ،‬ومؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪3135( ،3‬هـ‪3665/‬م)‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪147‬‬

‫[‪ ]39‬بسام نهاد جرار‪« ،‬زوال إسرائيل ‪ 8288‬نبوءة قرآنية أم صدف رقمية؟»‪،‬‬
‫ط‪ .‬مكتبة البقاع الحديثة‪ ،‬لبنان‪3661( ،‬م)‪ ،‬ص‪.63‬‬

‫[‪ ]35‬نفسه‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫[‪ ]32‬معالم قرآنية في الصراع مع اليهود‪ ،‬ص‪.821‬‬

‫[‪ ]36‬زوال إسرائيل ‪ 8288‬نبوءة قرآنية أم صدف رقمية؟‪ ،‬ص‪.83-82‬‬

‫[‪ ]82‬اْلسراء وإسرائيل‪ ،‬ص‪.89-86‬‬

‫[‪ ]83‬الشخصية اليهودية من خالل القرآن‪ ،‬ص‪.112‬‬

‫[‪ ]88‬عبد المعز عبد الستار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 82‬ص‪ ،962‬عن محمد طنطاوي‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.956‬‬

‫[‪ ]81‬الشيخ متولي الشعراوي‪« ،‬التفسير»‪.1268/6 :‬‬

‫[‪ ]81‬نفسه‪.1268/6 :‬‬

‫[‪ ]86‬محمد سيد طنطاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.956‬‬

‫[‪ ]89‬صالح عبد الفتاح الخالدي‪« ،‬الشخصية اليهودية من خالل القرآن»‪،‬‬


‫ص‪.116‬‬

‫[‪ ]85‬نفسه‪ ،‬ص‪.112‬‬

‫[‪ ]82‬الشيخ متولي الشعراوي‪« ،‬التفسير»‪.1268/6 :‬‬

‫[‪ ]86‬أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة‪ ،‬باب ذكر الدجال وصفته وما‬
‫معه‪ ،‬رقم (‪.)5866‬‬
‫‪148‬‬

‫[‪ ]12‬عبد المعز عبد الستار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬المجلد ‪ ،82‬ص‪ ،962‬عن محمد‬
‫طنطاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.956‬‬

‫[‪ ]13‬نفسه‪ ،‬ص‪ ،968‬عن المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.955‬‬

‫[‪ ]18‬انظر وول ديورانت‪« ،‬قصة الحضارة»‪ ،‬ترجمة زكي نجيب محمود وآخرين‪،‬‬
‫ط‪ .‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪3122( ،‬هـ‪3622/‬م)‪.196-191/8 :‬‬

‫[‪ ]11‬انظر المرجع السابق‪.66-62/2 :‬‬

‫[‪ ]11‬الشيخ متولي الشعراوي‪« ،‬التفسير»‪.2165/31 :‬‬

‫[‪ ]16‬نفسه‪.1269/6 :‬‬

‫[‪ ]19‬نفسه‪.1269/6 :‬‬

‫[‪ ]15‬آرثر كيستلر‪« ،‬القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم»‪ ،‬ترجمة‪ :‬أحمد نجيب هاشم‪،‬‬
‫ط‪ .‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة ألف كتاب‪3663( ،‬م)‪ ،‬ص‪.322‬‬

‫[‪ ]12‬خرافات عن اَلجناس‪ ،‬ص‪ ،61‬عن‪ :‬محمد أحمد محمود حسن‪« ،‬اليهودية‬
‫التبشيرية في الكتب المقدسة»‪ ،‬ط‪ .‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة (‪،)3662‬‬
‫ص‪.68‬‬

‫[‪ ]16‬كامل سعفان‪« ،‬اليهود من سراديب الجيتو إلى مقاصر الفاتيكان»‪ ،‬ط‪ .‬دار‬
‫الفضيلة (بدون تاريخ)‪ ،‬ص‪.853‬‬

‫[‪ ]12‬اليهود أنثروبولوجيا؛ لجمال حمدان‪ ،‬تقديم عبد الوهاب المسيري‪ ،‬سلسلة‬
‫تصدر عن دار الهالل القاهرة‪ ،‬العدد (‪ ،)618‬فبراير ‪3669‬م‪ ،‬ص‪.381‬‬

‫[‪ ]13‬نفسه‪ ،‬ص‪.319‬‬


‫‪149‬‬

‫[‪ ]18‬نفسه‪ ،‬ص‪.318‬‬

‫[‪ ]11‬دوغالس دانلوب؛ «تاريخ يهود الخزر»‪ ،‬ترجمة‪ :‬سهيل زكار‪ ،‬ط‪ .‬دار‬
‫إحسان‪ ،‬ط‪ ،8‬دمشق (‪3132‬هـ‪3662/‬م)‪ ،‬ص‪.355‬‬

‫[‪ ]11‬القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم‪ ،‬ص‪.369‬‬

‫[‪ ]16‬نفسه‪ ،‬ص‪.86-81‬‬

‫[‪« ]19‬تاريخ يهود الخزر»‪ ،‬ص‪.92‬‬

‫[‪ ]15‬بنيامين فريدمان‪« ،‬يهود اليوم ليسوا يهوداً»‪ ،‬إعداد زهدي الفاتح‪ ،‬ط‪ .‬دار‬
‫النفائس‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت (‪3122‬هـ‪3622/‬م)‪ ،‬ص‪.16-11‬‬

‫[‪ ]12‬جمال حمدان‪« ،‬اليهود أنثروبولوجيا»‪ ،‬ص‪.322‬‬

‫[‪ ]16‬فلسطين‪ :‬التاريخ المصور‪ ،‬ط‪ .‬شركة اْلبداع الفكري للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الكويت‪8221( ،‬م)‪ ،‬ص‪.188-183‬‬

‫اليهود في القرآن الكريم‬

‫يل اذ ُك ُروا ِنع أمِتي هالِتي أأن أعم ُت أعألي ُكم أوأأوُفوا ِب أعه ِدي‬
‫أ‬ ‫يقول هللا عز وجل‪ ﴿ :‬أيا أبِني ِإس أرِائ‬
‫أ‬
‫هاي أفارأه ُبو ِن ﴾‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫أُوف ب أعهد ُكم أوإِي أ‬

‫إذا نظرنا إلى القرآن الكريم نجد آيات كثيرة تتحدث عن اليهود ولكن أكثرها في سورة‬
‫البقرة‪َ ،‬لنها أول سورة نزلت في المدينة كما يصرح بعض العلماء‪ ،‬واليهود كانوا‬
‫أشهر مجموعة من أهل الكتاب في المدينة وكانوا قبل ظهور النبي (صلى هللا عليه‬
‫وآله وسلم) ينتظرون رسوَّلً بشرت به كتبهم الدينية‪ ،‬كما أنهم كانوا يتمتعون بمكانة‬
‫اقتصادية مرموقة ولذلك كان لليهود نفوذ عميق في المدينة‪.‬‬
‫‪151‬‬

‫فاآلية تذكر اليهود بنعم هللا الكثيرة عليهم ومنها اختيار اَلنبياء منهم كموسى وهارون‬
‫ويوشع وداوود وسليمان وأيوب وعزير وزكريا ويحيى صلوات هللا عليهم أجمعين‬
‫وغيرهم ومريم أم عيسى (عليهما السالم) إسرائيلية ينتهي نسبها إلى داوود ولكن‬
‫اليهود َّل يعترفون بالسيد المسيح ابن مريم (عليهما السالم) ويزعمون أن المسيح‬
‫المذكور بالتوراة لم يأت بعد‪.‬‬

‫ومنها تشريفهم بالتوراة والزبور‪ ،‬وتحريرهم من فرعون‪ ،‬ونجاتهم من الغرق‪ ،‬وإنزال‬


‫المن والسلوى عليهم‪ ،‬وإعطاءهم الملك والسلطان في عهد سليمان‪ ،‬وغير ذلك مما‬
‫يستوجب اْليمان والشكر َّل اْلنكار والكفر كما فعلوا بنقضهم للعهد والميثاق كما‬
‫يظهر القرآن الكريم وسنتحدث عن ذلك إن شاء هللا تعالى‪.‬‬

‫نبذة مختصرة عن تاريخ اليهود‬

‫بعد أن هاجر النبي يعقوب (عليه السالم) بأوَّلده من فلسطين إلى مصر‪ ،‬حيث يقيم‬
‫اما ليوسف‬‫ولده يوسف (عليه السالم) وزير فرعون في ذاك العهد‪ ،‬أقطعهم فرعون إكر ً‬
‫أمدا غير قصير‪ ،‬ولكن الفراعنة‬
‫أرضا خصبة في مصر وظلت ساللة يعقوب هناك ً‬ ‫ً‬
‫الذين جاؤوا فيما بعد اضطهدوا اليهود‪ ،‬وساموهم الخسف والعذاب‪ ،‬فذبحوا اَلبناء‪،‬‬
‫وعبيدا‪ ،‬ثم أرسل هللا نبيًّا منهم ولهم‪ ،‬وهو موسى‬
‫ً‬ ‫خدما‬
‫واستحيوا النساء‪ ،‬واتخذوا منهم ً‬
‫بن عمران (عليه السالم) فحررهم من الظلم واَّلستعباد‪ ،‬ثم طلب منهم العودة إلى‬
‫وجورا‪ ،‬فكتب هللا عليهم أن‬
‫ً‬ ‫جبنا‬
‫فلسطين‪ ،‬وقتال أهلها ووعدهم النصر‪ ،‬فتقاعسوا ً‬
‫يتيهوا في صحراء سيناء أربعين سنة‪ ،‬وفي هذه البرهة توفي هارون‪ ،‬ثم أخوه موسى‬
‫(عليه السالم) فخلفه ابن أخته يوشع بن نون‪ .‬وحوالي القرن الثالث عشر قبل الميالد‬
‫أغار بهم على أرض فلسطين فاحتلوها‪ ،‬وأبادوا معظم أهلها‪ ،‬وشردوا البقية الباقية‪،‬‬
‫تماما كما صنع نسلهم الصهاينة في فلسطين سنة ‪ 3612‬وعلى سبيل المثال َّل‬
‫ً‬
‫الحصر ما حصل في دير ياسين حيث جمع الصهاينة حوالي ‪ 86‬امرأة حامالً وبقروا‬
‫‪151‬‬

‫بالم أدى والحراب‪ ،‬وهكذا جمعوا أهل قرية الزيتونة في المسجد ثم نسفوه‬
‫بطونهم ُ‬
‫بالديناميت على رؤوسهم وهكذا فعلوا في صب ار وشاتيال والمسجد اْلبراهيمي وكثير‬
‫من المجازر وإلى اآلن هي مستمرة في اَلرض المحتلة فلسطين اليوم‪ .‬المهم بعد‬
‫يوشع أرسل هللا سبحانه منهم الكثير من اَلنبياء وفي سنة ‪ 669‬ق‪.‬م‪ .‬أغار على‬
‫كثيرا‪،‬‬
‫فلسطين ملك بابل وهو « بختنصر » فأزال ملكهم من فلسطين‪ ،‬وذبح منهم ً‬
‫كثير‪.‬‬
‫وأسر ًا‬

‫وظلوا بحكم « بختنصر » إلى سنة ‪ 612‬ق‪.‬م‪ .‬حيث تغلب ملك الفرس على «‬
‫بختنصر » فتنفس اليهود الصعداء‪ ،‬واستمروا تحت سيطرة الفرس زهاء مئتأي عام‪،‬‬
‫وبعدها وقعوا تحت حكم خلفاء اَّلسكندر الكبير‪ ،‬ثم تحت سيطرة الرومان‪ .‬وفي سنة‬
‫‪ 316‬ق‪.‬م‪ .‬ثار اليهود على الرومان‪ ،‬ولكن هؤَّلء تغلبوا على اليهود‪ ،‬وأخمدوا‬
‫ثورتهم‪ ،‬ثم أخرجوهم من فلسطين‪ ،‬فهاموا على وجوههم في مختلف بقاع اَلرض‬
‫شرًقا وغرًبا‪ ،‬شرذمة في مصر‪ ،‬وأخرى في لبنان وسورية‪ ،‬وثالثة في العراق ورابعة‬
‫في الحجاز أما اليمن فقد عرفها اليهود‪ ،‬ورحلوا إليها للتجارة في عهد سليمان (عليه‬
‫السالم) الذي تزوج ملكة اليمن بلقيس‪.‬‬

‫ومع ظهور اْلسالم باعتباره الرسالة التي تقف بوجه مصالحهم الالمشروعة‬
‫وانحرافاتهم وغطرستهم فإنهم وقفوا بوجه الدعوة وبدؤوا يحوكون ضدها المؤامرات التي‬
‫َّل زالت مستمرة حتى اليوم‪.‬‬

‫بنو إسرائيل قتلة اَلنبياء‬

‫اء ُهم‬ ‫ه‬ ‫ِ ِ‬ ‫يقول هللا عز وجل‪ ﴿ :‬ألأقد أأخذنا ِميثأ ِ ِ ِ‬


‫يل أوأأرأسلأنا إأليهم ُرُسالً ُكل أما أج أ‬
‫اق أبني إس أرائ أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬
‫أنف ُس ُهم أف ِريقاً أك هذ ُبوا أوأف ِريقاً أيق ُتُلو أن ﴾‬
‫ول ِب أما أَّل تأه أوى أ ُ‬
‫أرُس ٌ‬
‫‪152‬‬

‫من يتابع تاريخ بني إسرائيل يجد أن أكثر اَلنبياء أرسلوا اليهم وذلك لخبثهم وشدة‬
‫مكرهم وانحرافهم‪ .‬وقد قابلوا هذه العناية بهم ونعم هللا تعالى عليهم بالكفر والمعاصي‬
‫واتباع اَلهواء والرغبات وذلك لتكبرهم وإصرارهم على ممارسة الفساد وتعطشهم‬
‫للدماء‪ ،‬فقد كذبوا فريًقا من اَلنبياء كنبي هللا عيسى (عليه السالم) ونبي هللا محمد‬
‫(صلى هللا عليه وآله وسلم) وقتلوا فريًقا آخر كنبي هللا يحيى (عليه السالم) وزكريا‬
‫(عليه السالم‪).‬‬

‫ول ِب أما أَّل تأه أوى أ ُ‬ ‫ه‬


‫أنف ُس ُك ُم استأكأبرتُم‬ ‫وقال سبحانه في هذا السياق‪ ﴿ :‬أأف ُكل أما أج أ‬
‫اء ُكم أرُس ٌ‬
‫أفأف ِريقاً أك هذبتُم أوأف ِريقاً تأق ُتُلو أن ﴾‬

‫ين ِب أغي ِر ال أح ِق‬ ‫ات ه ِ‬‫وقال أيضا سبحانه‪ ﴿ :‬أذلِك ِب أهنهم أكانوا يكُفرون ِبآي ِ‬
‫َّللا أوأيق ُتُلو أن الهنِبِي أ‬ ‫أ ُ ُ أ ُ أ أ‬ ‫ً‬
‫صوا هوأك ُانوا أيعتأ ُدو أن ﴾‬ ‫ِ ِ‬
‫أذل أك ب أما أع أ‬

‫عذاب اليهود‬

‫طا ْليمانهم يقول هللا سبحانه‪:‬‬ ‫حدا طلبوا فيه أن أيرُوا هللا جهرة شر ً‬ ‫لقد بلغ العناد بهم ًّ‬
‫الص ِ‬
‫اعأقةُ أوأأنتُم‬ ‫أخ أذت ُك ُم ه‬ ‫وسى ألن ُّنؤ ِم أن أل أك أحتهى أن أرى ه‬
‫َّللاأ أجه أرًة أفأ أ‬ ‫﴿ أوإِذ ُقلتُم أيا ُم أ‬
‫ظ ُرو أن ﴾‬
‫تأن ُ‬

‫دوما‬
‫فهذه اآلية باْلضافة إلى أنها تحكي ظاهرة لجاج اليهود وعنادهم الذي تميزوا به ً‬
‫أيضا هذا الطلب عن جهل بني إسرائيل َلن إدراك اْلنسان الجاهل َّل يتعدى‬
‫ينم ً‬
‫حواسه‪.‬‬

‫ومن جملة وقاحتهم في هذا السياق أنهم أنكروا كل الكتب السماوية دفعة واحدة يقول‬
‫وسى‬ ‫اب أأن تُن ِزل عألي ِهم ِكتأاباً ِمن ه ِ‬ ‫هللا سبحانه‪ ﴿ :‬يس أُل أك أأهل ال ِكتأ ِ‬
‫الس أماء أفأقد أس أُلوا ُم أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬
‫ظل ِم ِهم ﴾‬ ‫الص ِ‬
‫اعأق ُة ِب ُ‬ ‫أخ أذت ُه ُم ه‬ ‫أأكأب أر ِمن أذلِ أك أفأقاُلوا أ ِأرأنا ه‬
‫َّللاأ أجه أرًة أفأ أ‬
‫‪153‬‬

‫تعصب اليهود ونفاقهم‬

‫َّللاِ‬
‫يق ِمن ُهم أيس أم ُعو أن أك أال أم ه‬ ‫يقول هللا سبحانه‪ ﴿ :‬أأفتأط أم ُعو أن أأن ُيؤ ِم ُنوا أل ُكم أوأقد أك أ‬
‫ان أف ِر ٌ‬
‫آمهنا أوإِ أذا‬ ‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫ثُ هم يح ِرُف ِ‬
‫آم ُنوا أقالُوا أ‬
‫ين أ‬ ‫ون ُه من أبعد أما أعأقلُوهُ أو ُهم أيعأل ُمو أن (‪ )56‬أوإِ أذا ألُقوا الذ أ‬
‫ُأ أ‬
‫وكم ِب ِه ِع أند أرِب ُكم أأف أال‬ ‫َّللاُ أعألي ُكم لِ ُي أح ُّ‬
‫اج ُ‬ ‫ون ُهم ِب أما أفتأ أح ه‬ ‫ِ‬ ‫ض ُهم ِإألى أبع ٍ‬
‫ض أقالُوا أأتُ أحدثُ أ‬ ‫أخ أال أبع ُ‬
‫تأع ِقُلو أن ﴾‬

‫تاريخ اليهود يؤكد أنهم مصرون على تحريف الحقائق ونكران ما عقلوه‪ ،‬في الوقت‬
‫الذي كان من المتوقع أن يكون اليهود أول من يؤمن بالرسالة اْلسالمية بعد إعالنها‬
‫َلنهم أهل كتاب خال ًفا للمشركين وَلنهم ق أروا صفات النبي (صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم) في كتبهم‪.‬‬

‫لكن القرآن يوجه أنظار المسلمين إلى الحالة النفسية السائدة لدى هؤَّلء القوم فهم‬
‫يريدون النبي منهم ولهم تعصًبا ويوضح لهم أن اَّلنحراف النفسي يدفع إلى اْلعراض‬
‫عن الحقيقة مهما كانت هذه الحقيقة واضحة بينة‪.‬‬

‫ثم يتحدث عن نفاقهم فهم يتظاهرون باْليمان لدى لقائهم بالمسلمين ويبرزون إنكارهم‬
‫عند لقائهم باصحابهم‪ ،‬بل يلومون أولئك اليهود الذين يكشفون للمسلمين عما في‬
‫التوراة من أسرار‪.‬‬

‫غرور اليهود وادعاؤهم الكاذب‬

‫َّللاِ أعهداً‬
‫ود ًة ُقل أته أخذتُم ِع أند ه‬
‫يقول هللا سبحانه‪ ﴿ :‬أوأقاُلوا ألن تأ أم هسأنا الهن ُار ِإ هَّل أيهاماً همع ُد أ‬
‫َّللاِ أما أَّل تأعأل ُمو أن ﴾ ‪ ،‬فاّلل سبحانه يشير إلى‬ ‫َّللاُ أعه أدهُ أم تأُقولُو أن أعألى ه‬
‫ف ه‬ ‫ِ‬
‫أفألن ُيخل أ‬
‫واحدة من ادعاءات اليهود الدالة على غرورهم‪ ،‬هذا الغرور الذي يشكل اَلساس‬
‫لكثير من انحرافاتهم‪ ،‬فهم يعتقدون بأنهم شعب هللا المختار‪ ،‬وأن عنصرهم متفوق‬
‫‪154‬‬

‫على سائر اَلجناس البشرية‪ ،‬وأن مذنبيهم لن يدخلوا جهنم سوى أيام قليلة كأربعين‬
‫يوما بعدد اَليام التي عبدوا فيها العجل ليتنعموا بعدها بالجنة‪.‬‬
‫ً‬

‫ومن مظاهر أنانيتهم استفحال ذاتياتهم‪.‬‬

‫هذا اَّلدعاء َّل ينسجم مع أي منطق‪ ،‬إذ َّل يمكن أن يكون بين أفراد البشر أي‬
‫تفاوت في نيل الثواب والعقاب أمام هللا سبحانه وتعالى‪ .‬وقال هللا سبحانه في هذا‬
‫ُّهم ُقل أهاتُوا‬ ‫السياق‪ ﴿ :‬وأقاُلوا ألن يدخل الجهن أة ِإ هَّل من أكان هوداً أأو نصارى ِتلك أ ِ‬
‫أماني ُ‬
‫أ أ‬ ‫أأ أ‬ ‫أ ُ‬ ‫أ‬ ‫أ ُأ أ‬ ‫أ‬
‫ين ﴾‬ ‫برهان ُكم ِإن ُكنتُم ِ ِ‬
‫صادق أ‬‫أ‬ ‫ُ أأ‬

‫وهذا ينافي العدالة التي تقوم على أساس تفضيل الناس بعضهم على بعض باْليمان‬
‫والتقوى والعمل الصالح‪.‬‬

‫وقال أيضا سبحانه في هذا السياق‪ ﴿ :‬وأقاأل ِت اليهود والهنصارى أنحن أأبأناء ه ِ ِ‬
‫هاؤهُ‬
‫َّللا أوأأحب ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أُ ُ أ أ أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫ُقل أفلِم يع ِذبكم ِب ُذنوبِكم بل أأنتم بشر ِم همن خألق يغ ِفر لِمن يشاء ويع ِذب من يشاء وِهّللِ‬
‫أ أ أ ُ أ أ أ ُ أُأ ُ أ أ أ ُ أ‬ ‫أ ُأ ُُ ُ ُ أ ُ أ أ ٌ‬
‫ض وما بينهما وإِألي ِه الم ِ‬
‫ص ُير ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ‬ ‫الس أم أاوات أواَلأر أ أ أ أ ُ أ أ‬
‫ُمل ُك ه‬

‫إذ‪ h‬القانون العام الذي يقوم على المنطق قوله تعالى‪:‬‬

‫يها أخالِ ُدو أن‬ ‫ِ‬ ‫اب الهن ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ بألى من أكسب سيأئ ًة وأأحا أ ِ ِ ِ‬
‫ار ُهم ف أ‬ ‫طت به أخط أيئتُ ُه أفأُوألئ أك أأص أح ُ‬ ‫أ أ أ أ أ أ أ‬
‫﴾ فهذا هو القانون العام الذي يشمل المذنبين من كل فئة وقوم‪.‬‬

‫بشر اليهود بالنبي ثم أنكروه‬

‫ص ِد ٌق ِل أما أم أع ُهم أوأك ُانوا ِمن‬ ‫يقول هللا عز وجل‪ ﴿ :‬وأل هما جاءهم ِكتاب ِمن ِع ِند ه ِ‬
‫َّللا ُم أ‬ ‫أ أُ أ ٌ‬ ‫أ‬
‫َّللاِ أعألى‬
‫اء ُهم هما أع أرُفوا أكأف ُروا ِب ِه أفألعأن ُة ه‬ ‫هِ‬ ‫ِ‬
‫أقب ُل أيستأفت ُحو أن أعألى الذ أ‬
‫ين أكأف ُروا أفأل هما أج أ‬
‫ِ‬
‫ال أكاف ِر أ‬
‫ين ﴾‬
‫‪155‬‬

‫التاريخ يذكر بأن اليهود كانوا يبحثون بولع شديد عن منطلق البعثة النبوية ليكونوا‬
‫أول من يؤمن برسول هللا (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ ،‬فهاجروا ليتخذوا من يثرب‬
‫سكنا بعد أن وجدوا فيها ما يشير إلى أنها أرض الرسول المرتقب وبقوا فيها ينتظرون‬
‫ً‬
‫بفارغ الصبر النبي الذي بشرت به التوراة كما كانوا ينتظرون الفتح والنصر على‬
‫الذين كفروا تحت لواء هذا النبي وكانوا يفتخرون أمام اَلوس والخزرج بأنهم سيكونون‬
‫من خاصة صحابة النبي المبعوث‪.‬‬

‫وإذا بهم يقفون إلى جانب أعداء النبي (صلى هللا عليه وآله وسلم) ـ بسبب لجاجهم‬
‫بعيدا عن‬
‫وعنادهم ـ بينما التف حول الرسول (صلى هللا عليه وآله وسلم) من كان ً‬
‫هذه اَلجواء‪.‬‬

‫بارز في إبعاد هذه الفئة عن الحقيقة‬


‫دور ًا‬
‫فاَلهواء والمصالح الشخصية لعبت ًا‬
‫وحولتهم إلى أعداء أشداء على المؤمنين‪.‬‬

‫ص ِد ٌق لِ أما‬ ‫وقال هللا سبحانه في هذا المجال‪ ﴿ :‬وأل هما جاءهم رسول ِمن ِع ِند ه ِ‬
‫َّللا ُم أ‬ ‫أ أُ أُ ٌ‬ ‫أ‬
‫ورِهم أك أهن ُهم أَّل أيعأل ُمو أن ﴾‬
‫ظ ُه ِ‬
‫اء ُ‬ ‫معهم نب أذ أف ِريق ِمن هال ِذين أُوتوا ال ِكتاب ِكتاب ه ِ‬
‫َّللا أوأر أ‬ ‫أ أ أ أ‬ ‫أ ُ‬ ‫ٌ أ‬ ‫أ أ ُ أأ‬

‫إثارة اليهود للفتن والحروب‬

‫ِ‬ ‫ِ هِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يقول هللا سبحانه‪ ﴿ :‬يا أأي ه ِ‬


‫اب‬ ‫يعوا أف ِريقاً م أن الذ أ‬
‫ين أُوتُوا الكتأ أ‬ ‫آم ُنوا إن تُط ُ‬‫ين أ‬‫ُّها الذ أ‬ ‫أ أ‬
‫يرُّدوكم بعد ِإيم ِانكم ك ِاف ِرين (‪ )322‬وكيف تكُفرون وأأنتم تتألى عأليكم آيات ه ِ‬
‫يكم‬‫َّللا أوِف ُ‬ ‫أ ُ أ ُ‬ ‫أأ أ أ ُ أ أ ُ ُ‬ ‫أُ ُ أ أ أ ُ أ أ‬
‫آم ُنوا اتهُقوا‬ ‫اط ُّمستأ ِقي ٍم (‪ )323‬يا أأي ه ِ‬ ‫صر ٍ‬‫ِ ِ ِ‬ ‫صم ِب ه ِ‬ ‫رسولُه ومن يعتأ ِ‬
‫ين أ‬ ‫ُّها الذ أ‬
‫أ أ‬ ‫اّلل أفأقد ُهد أي إألى أ‬ ‫أُ ُ أأ أ‬
‫َّللاأ أح هق تُأق ِات ِه أوأَّل تأ ُموتُ هن ِإَّله أوأأنتُم ُّمسلِ ُمو أن ﴾‬
‫ه‬

‫يتحدث القرآن الكريم عن اَلوس المدعومة من قبل يهود بني قينقاع‪ ،‬والخزرج‬
‫المدعومة من قبل بني النضير‪ ،‬لما أغرى قوم من اليهود بينهم بذكر حروبهم في‬
‫‪156‬‬

‫الجاهلية ليفتنوهم عن دينهم‪ ،‬الذي خلصهم من نزعات الجاهلية وأحقادها وعداوتها‬


‫وخصومتها وجعلهم متوادين متحابين متآلفين‪.‬‬

‫حمار‬
‫ًا‬ ‫وكاد يقع الصدام بينهم فبلغ ذلك النبي (صلى هللا عليه وآله وسلم) فركب‬
‫وآتاهم ونهاهم عن عادات الجاهلية خاصة أنه (صلى هللا عليه وآله وسلم) بينهم‪،‬‬
‫بعضا فنزلت اآليات المباركة‪.‬‬
‫وقد أعزهم هللا باْلسالم فبكوا وعانق بعضهم ً‬

‫فتاريخهم إذن يشهد عليهم بأنهم أهل فتن فهم الذين أشعلوا الحرب العالمية الثانية‬
‫أيضا الخالفات‬
‫وكثير من الحروب في هذا العصر سببها ومحركها هم اليهود ً‬
‫والصراعات بين اَلحزاب والطوائف‪ ،‬فعلينا أن نحذرهم ونفوت عليهم مؤامراتهم‬
‫وخططهم ونردها إلى نحورهم‪.‬‬

‫مكر اليهود وخداعهم وحسدهم‬

‫ين‬ ‫هِ‬ ‫آم ُنوا ِب هال ِذي أ ِ‬ ‫ط ِائأف ٌة ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ‬
‫اب ِ‬ ‫يقول هللا سبحانه عنهم‪ ﴿ :‬وأقاألت ه‬
‫ُنزأل أعألى الذ أ‬ ‫أ‬
‫آخ أرهُ أل أعهل ُهم أير ِج ُعو أن ﴾‬
‫ار واكُفروا ِ‬
‫آم ُنوا أوج أه الهن أه ِ أ ُ‬
‫أ‬

‫يقول بعض المفسرين‪ :‬إن اثني عشر من يهود خيبر وغيرها وضعوا خطة ذكية‬
‫لزعزعة إيمان بعض المؤمنين‪ ،‬فتعاهدوا فيما بينهم أن يصبحوا عند رسول هللا (صلى‬
‫هللا عليه وآله وسلم) ويتظاهروا باعتناق اْلسالم‪ ،‬ثم عند المساء يرتدون عن‬
‫إسالمهم‪ ،‬فإذا سئلوا لماذا فعلوا هذا‪ ،‬يقولون‪ :‬لقد راقبنا أخالق محمد عن قرب‪ ،‬ثم‬
‫عندما رجعنا إلى كتبنا وإلى أخبارنا رأينا ما رأيناه من صفاته وسلوكه َّل يتفق مع ما‬
‫هو موجود في كتبنا‪ ،‬لذلك ارتددنا‪ ،‬إن هذا يحمل بعضهم على القول بأن هؤَّلء قد‬
‫رجعوا إلى كتبهم السماوية التي هم أعلم منا بها‪ ،‬إ ًذا َّل بد أن يكون ما يقولونه‬
‫حيحا وبهذا تتزعزع عقيدتهم‪.‬‬
‫ص ً‬
‫‪157‬‬

‫ون ُكم أو أما‬ ‫ِ ُّ‬ ‫ط ِائأف ٌة ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ‬


‫اب ألو ُيضل أ‬
‫وفي هذا السياق يقول هللا سبحانه‪ ﴿ :‬وهدت ه‬
‫أ‬
‫يِ‬
‫ضُّلو أن ِإ هَّل أ ُ‬
‫أنف أس ُهم أو أما أيش ُع ُرو أن ﴾‬ ‫ُ‬

‫وسبب اْلصرار على إخراج المسلمين عن دينهم هو الحسد والتعصب والحقد على‬
‫يم ِان ُكم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المسلمين يقول هللا سبحانه‪ ﴿ :‬وهد أكِث ٌير ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ‬
‫اب ألو أي ُرُّد أ‬
‫ون ُكم من أبعد إ أ‬ ‫أ‬
‫ِ‬ ‫ُكهفا اًر حسداً ِمن ِع ِند أ ُ ِ ِ‬
‫أنفس ِهم من أبعد أما تأأبي أ‬
‫هن أل ُه ُم ال أح ُّق ﴾‬ ‫أأ‬

‫قسوة القلب واْلجرام عند اليهود‬

‫وب ُكم ِمن أبع ِد أذلِ أك أف ِه أي أكال ِح أج أارِة أأو أ أ‬


‫أش ُّد أقس أوًة أوِإ هن‬ ‫يقول هللا سبحانه‪ ﴿ :‬ثُ هم أق أست ُقُل ُ‬
‫اء أوِإ هن ِمن أها أل أما‬ ‫ِ‬ ‫هه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫م أن الح أج أارة أل أما أيتأأف هج ُر من ُه اَلأن أه ُار أوإِ هن من أها أل أما أيشق ُق أفأيخ ُرُج من ُه ال أم ُ‬
‫َّللاِ ﴾‬
‫ط ِمن أخشأي ِة ه‬ ‫أيهِب ُ‬

‫عدم الرحمة وقسوة القلب عند اليهود ظاهرة مثل عين الشمس فال شفقة وَّل إنسانية‬
‫فهم ينتقلون من مجزرة إلى أخرى فمن دير ياسين إلى الطائرة المدنية إلى صب ار‬
‫وشاتيال إلى قانا واآلتي قد يكون أفظع والدول التي ترفع شعار شرعة حقوق اْلنسان‬
‫مع مجلس اَلمن واَلمم المتحدة َّل يعملون ما يوقف اْلجرام الصهيوني عند حده بل‬
‫يقفون إلى جانبها ضد شعب أعزل من السالح‪ ،‬فوصفهم بأن قلوبهم كالحجارة أو أشد‬
‫قسوة يستحقونه بجدارة وأما ما يؤكد نفسيتهم اْلجرامية قوله تعالى‪ِ ﴿ :‬من أأج ِل أذلِ أك‬
‫س أأو أفس ٍاد ِفي اَلأر ِ‬
‫ض أف أك أهن أما أقأت أل‬ ‫أكتأبأنا أعألى أبِني ِإس أرِائي أل أهن ُه من أقأت أل أنفساً ِب أغي ِر أنف ٍ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ات ثُ هم ِإ هن‬‫الهناس ج ِميعاً ومن أأحياها أف أك أهنما أأحيا الهناس ج ِميعاً وألأقد جاءتهم رسُلنا ِبالبِين ِ‬
‫أ أ أ ُ ُُ أ أ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أأ‬ ‫أ أ‬
‫أكِثي اًر ِمن ُهم أبع أد أذلِ أك ِفي اَلأر ِ‬
‫ض أل ُمس ِرُفو أن ﴾‬

‫كثير ًّ‬
‫جدا ما ينتظر العالم من شعب يريد أن يبني لنفسه‬ ‫وارتكابهم للجرائم كما أشرنا ًا‬
‫دولة عنصرية بالقوة وعلى يد العصابات الصهيونية التي ارتكبت أبشع الجرائم بحق‬
‫اْلنسانية وهي وصمة عار على جبين العالم المتحضر‪ ،‬وزعماء هذه العصابات‬
‫‪158‬‬

‫أصبحوا وزراء حاكمين كديان وبيغن ورابين وشارون وغيرهم‪ ،‬فقسوة القلب واْلجرام‬
‫متجذرة فيهم وآثارها بادية لمن كان له قلب‪.‬‬

‫واآلتي قد يكون أكثر بشاعة إذا لم يضع لها العالم والشعوب الحرة ًّ‬
‫حدا‪.‬‬

‫جبن اليهود وحبهم للحياة‬

‫َّللاِ أذلِ أك ِب أهن ُهم أقوٌم هَّل أيفأق ُهو أن‬


‫ورِهم ِم أن ه‬ ‫أش ُّد أرهأب ًة ِفي ص ُد ِ‬
‫ُ‬ ‫يقول هللا عز وجل‪ ﴿ :‬أَلأنتُم أ أ‬
‫صأن ٍة أأو ِمن أوأر ِاء ُج ُد ٍر أبأ ُس ُهم أبيأن ُهم أش ِد ٌيد‬ ‫ون ُكم أج ِميعاً ِإ هَّل ِفي ُقر ًى ُّم أح ه‬ ‫ِ‬
‫(‪ )31‬أَّل ُيأقاتلُ أ‬
‫وب ُهم أشتهى أذلِ أك ِب أهن ُهم أقوٌم هَّل أيع ِقُلو أن ﴾‬ ‫ِ‬
‫تأح أس ُب ُهم أجميعاً أوُقُل ُ‬

‫قديما فهم َّل يبرزون لحرب المسلمين وإنما‬


‫القرآن الكريم يؤكد خوفهم وجبنهم ً‬
‫يقاتلونهم متحصنين بالقرى ويرمونكم من وراء الجدران بالهنبل والحجر‪ ،‬وفي هذا‬
‫العصر ما يتفوق به هذا العدو هو سالح الطيران والمدفعية الثقيلة والصواريخ‪ ،‬وكل‬
‫ذلك يؤكد قول هللا سبحانه وقد فضحتهم المقاومة في لبنان وفلسطين ورأينا من خالل‬
‫شاشات ووسائل اْلعالم صريخ وبكاء وارتباك جنود اَّلحتالل من آثار ضربات‬
‫المقاومة اْلسالمية‪.‬‬

‫وسبب هذا الخوف والجبن هو حبهم للحياة يقول هللا سبحانه‪ُ ﴿ :‬قل ِإن أك أانت أل ُك ُم‬
‫اس أفتأمهنوا الموت ِإن ُكنتُم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال هدار اآل ِخرة ِعند ه ِ ِ‬
‫ين (‪)61‬‬ ‫صادق أ‬ ‫أ‬ ‫ص ًة من ُدو ِن الهن ِ أ ُ أ أ‬‫َّللا أخال أ‬ ‫أُ أ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫هِ‬ ‫وألن يتأمهنوه أأبداً ِبما أق هدمت أأي ِدي ِهم و ه ِ‬
‫ص الهن ِ‬
‫اس‬ ‫مين (‪ )66‬أوألتأج أدهن ُهم أأح أر أ‬ ‫يم ِبالظال أ‬ ‫َّللاُ أعل ٌ‬ ‫أ‬ ‫أ أأ ُ أ أ أ‬
‫ف أسأن ٍة أو أما ُه أو ِب ُم أزح ِز ِح ِه ِم أن‬ ‫هِ‬ ‫ٍ‬
‫أعألى أحأياة أو ِم أن الذ أ‬
‫ين أأش أرُكوا أي أوُّد أ أ‬
‫أح ُد ُهم ألو ُي أع هم ُر أأل أ‬
‫ص ٌير ِب أما أيع أمُلو أن ﴾‬ ‫َّللا ب ِ‬ ‫ِ‬
‫ال أع أذاب أأن ُي أع هم أر أو ه ُ أ‬

‫وخصوصا اَّلستشهاديين منهم‬


‫ً‬ ‫وهذه تعتبر نقطة ضعفهم والتي يعمل رجال المقاومة‬
‫على اَّلستفادة منها لدحر هذا العدو وإخراجه من أرض فلسطين وهذا ما عمل‬
‫ويعمل عليه رجال المقاومة اْلسالمية في لبنان‪.‬‬
‫‪159‬‬

‫قصة محاولة اغتيال النبي صلى هللا عليه وآله وسلم‬

‫بعد أن استطاع الرسول (صلى هللا عليه وآله وسلم) أن يضع ًّ‬
‫حدا ليهود الجزيرة‬
‫العربية وهم يهود بني قينقاع‪ ،‬والنضير‪ ،‬وقريظة‪ ،‬وخيبر‪ ،‬وفدك ووادي القرى‪،‬‬
‫وتيماء‪ ،‬هل استسلم بنو إسرائيل فعالً للنبي محمد (صلى هللا عليه وآله وسلم)؟ وهل‬
‫تصير اَلفعى حمامة؟ كانت نفوس اليهود مألى بالخبث والعلل بعد هزيمتهم النكراء‪،‬‬
‫وصمموا على محاولة أخيرة َّلغتيال الرسول (صلى هللا عليه وآله وسلم) ودبروا‬
‫الخطة التالية‪:‬‬

‫تتظاهر زينب بنت الحارث ‪ -‬قائد اليهود الذي صرعه علي (عليه السالم) ‪-‬‬
‫زمنا طويالً إلى أن تنطلي هذه‬
‫بإيمانها الشديد باْلسالم‪ ،‬وتتقي هللا ورسوله وتتورع ً‬
‫الحيلة على محمد (صلى هللا عليه وآله وسلم) وصحبه‪ ،‬وانطلقت الخدعة على‬
‫المسلمين وذاع صيت زينب الطاهرة وفضائلها الحميدة‪ ،‬فقربها النبي إلى صفوفه‪،‬‬
‫ال شهيًّا‪،‬‬
‫وأصبحت تزور بيته باستمرار وفي أحد اَليام‪ ،‬أعدت زينب اليهودية أح أم ً‬
‫وأهدته للنبي وصحبه ليأكلوه وتناول النبي قطعة لحم من الحمل ومضغها لكنه لم‬
‫يزدردها‪ ،‬وقال‪ « :‬وهللا إن هذا العضم ليخبرني أنه مسموم » ثم لفظ المضغة‪ ،‬ولم‬
‫يكن الصحابة قد بدؤوا الطعام بعد‪ ،‬ولكن سبق َلحدهم وهو ابن البراء أن تناول لقمة‬
‫من اللحم وبلعها فمات على الفور‪ ،‬وأحضرت زينب « المؤمنة الفاضلة » إلى النبي‬
‫واعترفت له اليهودية قائلة « لقد بلغت من قومي يا محمد ما بلغت فقلت في نفسي‬
‫ملكا استرحت منك وإن كنت نبيًّا فتُخأبر » وأجابها محمد « ها قد أخبرت‪،‬‬
‫إن كنت ً‬
‫ماذا تقولين اآلن؟ »‪ .‬ويخبر بعض الرواة أن بنت الحارث ركعت أمام النبي (صلى‬
‫هللا عليه وآله وسلم) وأسلمت له فعفا عنها‪ ،‬ويخبر رواة آخرون أن أحد المسلمين قد‬
‫أطاح برأسها بعد أن اعترفت بجريمتها‪ ،‬على أية حال فعلت حادثة السم هذه فعلها‬
‫‪161‬‬

‫في المسلمين وجعلتهم َّل يثقون باليهود ويخافون غدرهم بالرغم من قضاء الرسول‬
‫(صلى هللا عليه وآله وسلم) عليهم‪.‬‬

‫من صفات اليهود في السنة النبوية‬


‫‪-‬هم المغضوب عليهم‪ :‬قال النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬في قول هللا ‪-‬تعالى‪:-‬‬
‫(صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وَّل الضالين ) (الفاتحة‪:)5:‬‬
‫(اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالل) (رواه الترمذي‪ ،‬وصححه اَللباني‪).‬‬
‫‪-‬يحرفون كالم هللا تعالى ‪ :‬كما جاء في حديث البخاري …‪ .‬فأتوا بالتوراة فنشروها ‪،‬‬
‫فوضع أحدهم يده على آية الرجم ‪ ،‬فق أر ما قبلها وما بعدها ‪ .‬فقال له عبد هللا بن‬
‫سالم ارفع يدك ‪ .‬فرفع يده فإذا فيها آية الرجم‪.‬‬
‫‪-‬يتصفون بالكذب والبهتان ‪ :‬كما قال عنهم عبدهللا بن سالم رضي هللا عنه في‬
‫حضرة النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬إن اليهود قوم بهت وإنهم إن يعلموا بإسالمي من‬
‫قبل أن تسألهم يبهتوني‪ .‬رواه البخاري‬
‫‪-‬ملعونون يتحايلون على الدين والحرام ليستحلوه‪ :‬قال النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪:-‬‬
‫(لعن هللا اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها) (متفق عليه‪).‬‬
‫‪-‬ملعونون اتخذوا القبور مساجد‪ :‬قال النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪( :-‬لعنة هللا على‬
‫اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يحذر ما صنعوا (متفق عليه‪).‬‬
‫‪-‬حرب على اْلسالم وأهله إلى قرب يوم القيامة‪ :‬قال رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪َّ( :-‬ل تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ‬
‫اليهودى من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر‪“ :‬يا مسلم يا عبد هللا هذا‬
‫يهودى خلفي فتعال فاقتله”‪ .‬إَّل الغرقد فإنه من شجر اليهود) (رواه مسلم‪).‬‬
‫‪-‬أتباع المسيح الدجال‪ :‬قال ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪( :-‬يتبع الدجال من يهود‬
‫‪161‬‬

‫أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة) (رواه مسلم)‪ ،‬وقال النبي ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬عن الدجال أنه يهودي (رواه مسلم‪).‬‬

‫دلت اَلحاديث الصحيحة على أن نهاية اليهود ستكون في بيت المقدس‪ ،‬حيث يكثر‬
‫فيها شجر الغرقد‪ ،‬واليوم ُيكثر اليهود من زراعته‪ ،‬فهذه عالمة كبرى على صدق‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وصدق ما يبلغ عنه‪ ،‬وكدليل قطعي َّل يقبل الشك‬
‫من أن نهايتهم أوشكت قريبة بإذن هللا‪.‬‬

‫قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪َّ(( :‬ل تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود‬
‫فيقتلهم المسلمون‪ ،‬حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر‪ ،‬فيقول الحجر أو‬
‫الشجر‪ :‬يا مسلم‪ ،‬يا عبد هللا‪ ،‬هذا يهودي خلفي تعال فاقتله‪ ،‬إَّله الغرقد فإنه من شجر‬
‫اليهود‪))[1].‬‬

‫قال اْلمام النووي( رحمه هللا)‪( :‬الغرقد‪ :‬نوع من شجر الشوك معروف ببالد بيت‬
‫المقدس‪ ،‬وهناك يكون قتل اليهود‪)[2].‬‬

‫والذي يقتلهم المسلمون‪ ،‬ويومئذ هم في منعة وقوة ودولة بحيث تعلو رايتهم في‬
‫اَلرض ليخلصوا العباد من دنس اليهود الذين أكثروا فيها الفساد‪.‬‬

‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪َّ(( :‬ل تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى‬
‫يقول الحجر ووراءه اليهود‪ :‬يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله‪)) [3].‬‬

‫ورغم طغيانهم اليوم وجبروتهم وتسلطهم على مقدرات العالم إَّله أن هللا عز وجل‬
‫يبعث عليهم بين الحين واآلخر من يسومهم سوء العذاب ويذيقهم الويالت تلو‬
‫وم ُهم‬ ‫الويالت‪ ،‬قال هللا تعالى ‪ ﴿:‬وإِذ تأ هأذن ربُّك أليبعثأ هن عألي ِهم ِإألى يو ِم ال ِقي ِ‬
‫امة أمن أي ُس ُ‬
‫أأ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ أ أ أأ أ‬
‫‪162‬‬

‫اب ﴾ [اَلعراف‪ ،] [4]395 :‬والتاريخ قد شهد بذلك‪ ،‬فهم كلما أفسدوا في‬ ‫سوء الع أذ ِ‬
‫ُ أ أ‬
‫اَلرض سلط هللا عليهم من يذلهم ويستبيح بيضتهم‪ ،‬وهكذا إلى قيام الساعة‪.‬‬

‫فالمعنى أن كل شيء سيكون في صالح المسلمين‪ ،‬وضد أعدائهم اليهود‪ ،‬وأن‬


‫النصر آت َّل ريب فيه‪ ،‬وأن أسطورة( القوة التي َّل تقهر )التي يشيعها اليهود لن‬
‫تستمر‪ ،‬وأن الذين اغتصبوا فلسطين بقوة السالح‪ ،‬وسالح القوة سيخذلهم هللا الذي‬
‫يملي للظالمين‪ ،‬ثم يأخذهم أخذاً أليماً شديداً‪ ،‬ولن تغني عنهم ترسانتهم النووية التي‬
‫يدلون بها‪ ،‬كما لم تغن حصون أسالفهم من بني النضير عنهم شيئاً حين جاءهم‬
‫بأس هللا‪.‬‬

‫وقد َّلح في اَلفق اليوم أن اليهود لم يبق من عهدهم الذي وعدهم هللا إياه إَّله القليل‬
‫القليل‪ ،‬فقد ظهرت قوتهم وظهر تجمعهم وإفسادهم بشكل قاطع يراه القاصي والداني‬
‫والعدو والصديق‪ ،‬وَّل مرية وَّل مفر من نهايتهم‪َ ،‬لن وعد هللا َّل يتخلف‪ ،‬ومن أصدق‬
‫ال‪.‬‬
‫من هللا قي ً‬

‫وليعلم كل مسلم أن مخلوقات هللا جميعاً ستساعد على مقاتلة أعداء هللا اليهود‪ ،‬فقد‬
‫جاء في حديث أبي أمامة الباهلي قال‪ :‬خطبنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫((‪ ..‬فيهزم هللا اليهود‪ ،‬فال يبقى شيء مما خلق هللا يتوارى به اليهودي إَّله انطق هللا‬
‫ذلك الشيء‪َّ ،‬ل حجر وَّل شجر وَّل حائط‪ ،‬وَّل دابة إَّله الغرقد فإنها من شجرهم َّل‬
‫تنطق إَّله قال‪ :‬يا عبد هللا المسلم هذا يهودي فتعال فاقتله‪..))[5].‬‬

‫نعم هو صراع قائم َّل يفتر‪ ،‬والحرب سجال‪ ،‬كر وفر‪ ،‬نصر وهزيمة‪ ،‬وسيظل ذلك‬
‫الصراع قائماً حتى تعلو راية (َّل إله إَّله هللا محمد رسول هللا) خفاقة عالية بإذنه‬
‫تعالى‪ ،‬ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر هللا‪.‬‬
‫‪163‬‬

‫إذا هو صراع مستمر حتى يأتي وعد هللا الذي وعد به عباده المؤمنين‪ ،‬وهو في‬
‫الحقيقة صراع بين عقيدة التوحيد وبين عقيدة الشرك والخرافة‪ ،‬إَّله أنه بين عقيدة‬
‫الحق التي جاء بها أبو اَلنبياء إبراهيم عليه السالم ثم جددها محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وسيجددها عيسى بن مريم عليه السالم في آخر الدنيا‪ ،‬وبين عقيدة القساوسة‬
‫والرهبان رواد الدجل والشعوذة الذين افتروا على هللا الكذب‪ ،‬وكتبوا باطالً من عندهم‪،‬‬
‫وقالوا هذا من عند هللا بزعمهم‪ ،‬لقد ابتدأت هذه الدعوة الضالة بحاخامات اليهود‬
‫انتهاء بهرتزل وبلفور‪ ،‬ثم ينتهي اَلمر في نهاية الزمن بظهور‬
‫ً‬ ‫والبابوات الضالون ثم‬
‫مسيحهم الدجال‪ ،‬حيث تنتهي المعركة بين الحق والباطل‪ ،‬بين الحق بقيادة عيسى‬
‫عليه الصالة والسالم وبين الباطل بقيادة اَلعور الدجال‪ ،‬بين أمة التوحيد واْلسالم‬
‫من جهة وبين اليهود والنصارى أهل الكتاب من جهة أخرى‪.‬‬

‫واْلشارة النبوية كما في حديث ابن عمر أن اليهود هم الذين يبدءون بقتال‬
‫المسلمين‪ ،‬ولكن هللا عز وجل يسلط المسلمين عليهم ويخيب ما يتمنوه‪ ،‬قال صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪(( :‬تقاتلكم اليهود فتتسلطون عليهم حتى يقول الحجر‪ :‬يا مسلم‪ ،‬هذا‬
‫يهودي ورائي فاقتله‪))[6].‬‬

‫إذا نهايتهم حتمية وقضائية‪ ،‬فال مهرب لهم وَّل مفر من بطش هللا الذي سيعمهم‬
‫ويقطع شأفتهم‪ ،‬وحينها سيندمون ندماً شديداً على طغيانهم وتجبرهم وظلمهم‪ ،‬وكما‬
‫تدين تدان‪.‬‬

‫وعموم هذه اَلحاديث أن لها دَّللة واضحة وجلية بعودة دين هللا إلى الحكم وسيادته‬
‫على العالم من جديد‪ ،‬وإن كان القضاء على اليهود وأتباعهم في آخر الزمان كما‬
‫أشارت تلك اَلحاديث‪ ،‬المهم أنه رد على من يشكك بعودة اْلسالم وسيادته على‬
‫العالم‪ ،‬وأنه انتهى وإلى اَلبد‪ ،‬تعالى هللا عما يقولون علواً كبي اًر‪.‬‬
‫‪164‬‬

‫]‪ [1‬رواه مسلم برقم (‪ ،)8688‬أحمد برقم (‪ ،)6125‬علق عليه شعيب اَلرنؤوط‪:‬‬
‫إسناده صحيح على شرط مسلم‪..‬‬

‫]‪ [2‬شرح صحيح مسلم‪.16/ 32 :‬‬

‫]‪ [3‬صحيح البخاري‪ 3252/ 1 :‬برقم (‪ ،)8595‬صحيح مسلم‪ 8812/1 :‬برقم‬


‫(‪).8683‬‬

‫]‪ [4‬اَلعراف‪.395 :‬‬

‫]‪ [5‬الحديث رواه ابن ماجه وإسناده قوي اللفظ له‪ ،‬وساق أبو داود سنده وهو سند‬
‫صحيح إلى أبي أمامة عن النبي صلى هللا عليه وسلم ثم قال‪ :‬نحوه وذكر الصلوات‬
‫مثل معناه‪ ،‬يعني حديث النواس بن سمعان‪ ،‬وصححه ابن خزيمة ورواه الحاكم في‬
‫المستدرك وقال‪ :‬صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي‪ ،‬وأورده الحافظ بن حجر في‬
‫فتح الباري مستشهداً به‪ ،‬فهو عنده حديث صحيح أو حسن‪.‬‬

‫]‪ [6‬صحيح مسلم‪ :‬ج‪ - 1‬فتن ‪ ،23 /‬وسنن الترمذي‪ :‬ج‪ ،8819/ 1‬ومسند أحمد‪:‬‬
‫ج‪ 8‬ص ‪ .388‬فتح الباري‪ :‬ج‪.8686/ 9‬‬

‫قتال اليهود إحدى النبوءات التي أخبر النبي محمد بها المسلمين‪ ،‬وإحدى‬
‫من عالمات الساعة الصغرى ‪.‬حيث روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي‬
‫الح أج ُر‬ ‫اليه أ ه‬ ‫ِ‬ ‫الس أ ه‬
‫ول أ‬‫ود‪ ،‬حتى أيُق أ‬ ‫اع ُة حتى تُقاتُلوا أ ُ‬ ‫وم ه‬
‫هريرة« ‪:‬أنه رسول هللا ﷺ قال‪َّ :‬ل تأُق ُ‬
‫‪165‬‬

‫الي ُهوِد ُّي‪ :‬يا ُمسلِ ُم‪ ،‬هذا أي ُهوِد ٌّي أورائي فاق ُتل ُه»‪ ]3[،.‬وفي رواية أخرى في صحيح‬ ‫و ار أءهُ أ‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اع ُة أحتهى ُيأقات أل ال ُمسل ُمو أن الأي ُه أ‬
‫ود‪ ،‬أفأيق ُتلُ ُه ُم ال ُمسل ُمو أن أحتى أيختأب أ‬
‫ئ‬ ‫الس أ‬
‫وم ه‬‫مسلم« ‪ :‬أَّل تأُق ُ‬
‫الش أج ُر‪ :‬أيا ُمسلِ ُم أيا أعب أد هللاِ أه أذا‬
‫الشج ِر‪ ،‬أفأيُقول الحجر أ ِأو ه‬
‫ُ أ أُ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الأي ُهود ُّي من أوأراء ال أح أج ِر أو أ‬
‫أيهوِد ٌّي أخل ِفي‪ ،‬أفتأعال أفاق ُتل ُه‪ِ ،‬إ هَّل ال أغرأق أد‪ ،‬أفِإهن ُه ِمن أشج ِر الأيه ِ‬
‫ود‪».‬‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫ُ‬

‫وقد ورد في حديث صحيح أن عيسى يقتل المسيح الدجال عند باب لد الشرقي‪،‬‬
‫فيهزم هللا اليهود ويقتلون أشد القتل‪ .‬فال تبقى دابة وَّل شجرة وَّل حجر يتوارى به‬
‫يهودي إَّل نطق ذلك الشيء فيقول‪ :‬يا عبد هللا المسلم هنا يهودي فتعال فاقتله‬
‫إَّل الغرقد فإنه َّل ينطق‪ ]6[.‬فقد روى أحمد بن حنبل في مسنده حديث يربط الواقعتين‬
‫ببعضهما‪ :‬عن عبد هللا بن عمر« ‪:‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪ :‬أين ِزُل‬
‫اء‪ ،‬أحتهى ِإ هن ه‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ال هد هجال ِفي ه ِذِه ه ِ‬
‫الر ُج أل‬ ‫ن‬ ‫السأب أخة ِب أم ِر أقأن أ‬
‫اة‪ ،‬أفأي ُكو ُ أأكثأأر أمن أيخ ُرُج إأليه الن أس ُ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬
‫طا أم أخا أف أة أأن تأخ ُرأج ِإألي ِه‪،‬‬
‫ُم ِه أوابأنِت ِه أوأُخِت ِه أو أع همِت ِه‪ ،‬أف ُيوِثُق أها ِرأبا ً‬
‫يم ِه وإِألى أ ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ألأيرج ُع إألى أحم أ‬
‫يعتأ ُه‪ ،‬أحتهى ِإ هن الأي ُهوِد هي ألأيختأِبئُ تأح أت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ثُ هم ُي أسلِ ُ‬
‫ون ُه أوأيق ُتلُو أن ش أ‬ ‫ين أعأليه‪ ،‬أفأيق ُتلُ أ‬
‫ط هللاُ ال ُمسلم أ‬
‫[‪]8‬‬
‫الش أج أرةُ لِل ُمسلِمِ‪ :‬أه أذا أي ُهوِد ٌّي تأحِتي أفاق ُتل ُه»‪.‬‬ ‫الشجرِة أ ِأو الحج ِر أفأيُقول الحجر أ ِأو ه‬
‫ُ أ أُ‬ ‫أأ‬ ‫أأ‬
‫ه‬

‫قال ابن حجر« ‪:‬والمراد لقتال اليهود وقوع ذلك إذا خرج الدجال ونزل عيسى‪ ،‬ووراء‬
‫الدجال سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى‪ ،‬فيدركه عيسى عند باب لُد فيقتله‬
‫ويهزم اليهود‪ ،‬فال يبقى شيء مما يتوارى به يهودي إَّل أنطق هللا ذلك الشيء‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«يا عبد هللا ‪-‬للمسلم‪ -‬هذا يهودي فتعال فاقتله»‪ ،‬إَّل الغرقد فإنها من شجرهم»‪.‬‬

‫عقيدتنا أن هللا تعالى أورث علياً وأئمة العترة الطاهرة عليهم السالم الكتاب ومواريث‬
‫اَلنبياء عليهم السالم‪ ،‬وآتاهم الحكمة وفصل الخطاب‪ ،‬ه‬
‫وفضلهم على آل إبراهيم‬
‫وأوصياء اَلنبياء‪ ،‬وجعلهم أئمة يهدون بالحق‪ ،‬وفرض على اَلمة طاعتهم‪ ،‬وأمرها أن‬
‫تهتدي بهم وتقتدي بهم‪.‬‬
‫وقد روى الجميع أن النبي صلى هللا عليه وآله قال‪( :‬أنا مدينة العلم وعلي بابها‪ ،‬فمن‬
‫‪166‬‬

‫أراد المدينة فليأتها من الباب)‪ ،‬وقال صلى هللا عليه وآله ‪ (:‬إني تارك فيكم الثقلين‬
‫كتاب هللا وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلول بعدي )‪ ،‬ومع هذا حاولوا‬
‫أن ينفوا أن يكون علي والعترة عليهم السالم هم المصطفون الذين أورثهم هللا الكتاب‬
‫طأفيأنا ِمن ِعأب ِادأنا)‪(.‬فاطر‪)18:‬‬
‫ين اص أ‬ ‫بقوله‪( :‬ثُ هم أأورثنا ال ِكتأ ه ِ‬
‫اب الذ أ‬
‫أ‬ ‫أأ‬

‫ف في حجر‬ ‫ولكن الحاكم روى حديثاً وصححه بأن النبي صلى هللا عليه وآله لم ُيتأأو ه‬
‫عائشة‪ ،‬بل توفي وهو يناجي علياً عليه السالم‪ ،‬قال في المستدرك‪( :312/1:‬عن أم‬
‫سلمة رضي هللا عنها قالت‪ :‬والذي أحلف به أن كان علي َلقرب الناس عهداً برسول‬
‫غداة وهو يقول جاء‬
‫هللا صلى هللا عليه وآله‪ .‬عدنا رسول هللا صلى هللا عليه وآله ً‬
‫علي ؟ م ار اًر ! فقالت فاطمة رضي هللا عنها كأنك بعثته في حاجة‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫علي جاء ٌّ‬
‫ٌّ‬
‫فجاء بعد‪ .‬قالت أم سلمة‪ :‬فظننت أن له إليه حاجة‪ ،‬فخرجنا من البيت فقعدنا عند‬
‫الباب وكنت من أدناهم الى الباب‪ ،‬فأكب عليه رسول هللا صلى هللا عليه وآله وجعل‬
‫علي‬
‫يسارهُ ويناجيه ثم ُقبض رسول هللا صلى هللا عليه وآله من يومه ذلك‪ ،‬فكان ٌّ‬
‫ُّ‬
‫أقرب الناس عهداً‪( .‬هذا حديث صحيح اْلسناد ولم يخرجاه‪! ).‬‬
‫وروى أحمد في مسنده‪ :98/9:‬أن عائشة أقسمت أنها كانت غائبة يومين بعد وفاة‬
‫النبي صلى هللا عليه وآله ولم تشهد جنازته ! قال‪( :‬عن عمرة عن عائشة قالت‪ :‬وهللا‬
‫ما علمنا بدفن رسول هللا حتى سمعت صوت المساحي من آخر الليل ليلة اَلربعاء)‬
‫!! ورواه البيهقي في سننه‪!6 1/1:‬‬

‫فهل يعقل أن يكون خاتم النبيين وأفضلهم صلى هللا عليه وآله قد هبلغ المسلمين‬
‫وجوب الوصية على كل مسلم‪ ،‬وأخبرهم بوفاته عن قريب‪ ،‬وح هج بالمسلمين حجة‬
‫الوداع‪ ،‬ثم مات ولم يكتب شيئاً‪ ،‬ولم يوص بشئ ؟!‬
‫قال البخاري‪( :329/1:‬حدثنا طلحة بن مصرف قال‪ :‬سألت عبدهللا بن أبي أوفى‪،‬‬
‫هل كان النبي أوصى؟ فقال‪َّ :‬ل‪ .‬فقلت‪ :‬كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا‬
‫‪167‬‬

‫بالوصية؟! قال أوصى بكتاب هللا!!)‬


‫ورواه في‪ 311/6:‬و‪ 5 3/9:‬وتبعه الباقون‪ ،‬فرووه عشرات المرات!‬
‫وأمام سيل هذه التأكيدات يبدو أن ِ‬
‫السنيين المتأخرين مقتنعون بأن نبينا صلى هللا‬
‫عليه وآله الذي هو أعظم اَلنبياء وخاتمهم عليهم السالم‪ ،‬كان أكثر اَلنبياء سذاج ًة‪،‬‬
‫فترك أمته سائب ًة بدون راع‪ ،‬وتركها فكرياً من أفقر اَلمم فلم يكتب لها شيئاً من‬
‫توجيهاته‪ ،‬وَّل شبيهاً بالوصايا العشر التي كتبها موسى لليهود‪ ،‬أو وصايا عيسى‬
‫للحواريين ؟!‬

‫وحتى القرآن الذي هو خاتم الكتب اْللهية‪ ،‬زعموا أنه أوصاهم به وتركه موزعاً مهدداً‬
‫بالضياع‪ ،‬حتى قام الصحابة بجهود مضنية وجمعوه!!‬
‫لقد أقنعهم الذين أبعدوا آل النبي صلى هللا عليه وآله عن السلطة بأن هللا تعالى الذي‬
‫اختار آل نوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين وورثهم علوم اَلنبياء عليهم‬
‫السالم وجعل أممهم بعد أنبيائها غني ًة بهم‪ ،‬لم يختر آل محمد‪ ،‬بل أح أرأم ُهم من إرث‬
‫ومرغ أنوفهم بالتراب‪،‬‬
‫محمد صلى هللا عليه وآله العلمي‪ ،‬والسياسي‪ ،‬وحتى المادي‪ ،‬ه‬
‫وجعلهم من يوم وفاته سوق ًة عاديين ! يجب أن يحرق عليهم دارهم بمن فيه إن لم‬
‫يبايعوا الخليفة الذي اختاره تحالف قبائل قريش!!‬
‫كان إنكار الوصية النبوية ضرورياً لهم‪َ ،‬لن القول بوجودها يعني أنها لعلي عليه‬
‫السالم‪ ،‬ويعني بطالن اَلساس الذي بنوا عليه خالفتهم ووراثتهم للنبي صلى هللا عليه‬
‫وآله!‬
‫لكن إذا ابتعدنا عن الخالفة‪ ،‬فهم حاضرون لإلعتراف بالتفوق العلمي لعلي عليه‬
‫السالم‪ ،‬وأن النبي صلى هللا عليه وآله مهيزه عن غيره بأمر هللا تعالى‪ ،‬لكن في العلم‬
‫فقط !! فقد رووا أن النبي خص علياً بالتعليم‪ ،‬وشهد علماؤهم كأحمد بن حنبل أنه‬
‫علي عليه السالم ما لم يصدر‬
‫صدر من النبي صلى هللا عليه وآله من اَلحاديث في ٍ‬
‫في شأن أحد من الصحابة أبداً!‬
‫‪168‬‬

‫وأحاديثهم في علم علي عليه السالم كثيرة‪ ،‬رووها في جو بعيد عن الخالفة‪ ،‬أو‬
‫أفلتت من رقابة الدولة‪ ،‬وبعضها ينص على أن هللا تعالى الذي أق أر رسوله صلى هللا‬
‫عليه وآله فال ينسى‪ ،‬أمره أن يعلم علياً عليه السالم وأعطاه وعياً وحفظاً فال ينسى!‬
‫قال السيوطي في الدر المنثور‪( : 89/9:‬وأخرج سعيد بن منصور‪ ،‬وابن جرير‪ ،‬وابن‬
‫المنذر‪ ،‬وابن أبي حاتم‪ ،‬وابن مردويه‪ ،‬عن مكحول قال‪ :‬لما نزلت‪ :‬وتأ ِعيها أُ ُذن و ِ‬
‫اعأيةٌ‪،‬‬ ‫أ أأ ٌ أ‬
‫قال رسول هللا (ص)‪:‬سألت ربي أن يجعلها أذن علي‪ .‬قال مكحول‪ :‬فكان علي يقول‪:‬‬
‫ما سمعت من رسول هللا صلى هللا عليه وآله شيئاً فنسيته!‬
‫وأخرج ابن جرير‪ ،‬وابن أبي حاتم‪ ،‬والواحدي‪ ،‬وابن مردويه‪ ،‬وابن عساكر‪ ،‬وابن‬
‫النجاري‪ ،‬عن بريدة قال قال رسول هللا(ص)لعلي‪ :‬إن هللا أمرني أن أدنيك وَّل‬
‫وحق لك أن تعي‪ .‬فنزلت هذه اآلية‪ :‬أوتأ ِعأي أها أُ ُذ ٌن‬
‫أقصيك‪ ،‬وأن أعلمك وأن تعي‪ٌّ ،‬‬
‫وِ‬
‫اعأي ٌة! )‬ ‫أ‬
‫وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ‪ :‬يا علي‬
‫إن هللا أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي‪ ،‬فأنزلت هذه اآلية‪ :‬وتأ ِعيها أُ ُذن و ِ‬
‫اعأي ٌة‪ ،‬فأنت‬ ‫أ أأ ٌ أ‬
‫أذن واعية لعلمي)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وهذا يدل بوضوح على أن هللا تعالى أمر نبيه صلى هللا عليه وآله أن ُي ِع هد علياً عليه‬
‫السالم إعداداً علمياً خاصاً لما بعده‪.‬‬
‫أما كيف أعده وماذا أوهرثأ ُه‪ ،‬فينبغي أن تعرفه من مصادر شيعته‪ ..‬فقد روى الصفار‬
‫في بصائر الدرجات ص‪( :366‬عن أبي عبدهللا عليه السالم قال ذكروا ُولد الحسن‬
‫فذكروا الجفر فقال‪:‬وهللا إن عندي لجلدي ماعز وضأن‪ ،‬إمالء رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وآله وخط علي عليه السالم بيده‪ .‬وإن عندي لجلداً سبعين ذراعاً أماله رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله وخطه علي عليه السالم بيده! وإن فيه لجميع ما يحتاج إليه‬
‫الناس حتى أرش الخدش‪).‬‬
‫وروى الكليني في الكافي‪(:816/3:‬عن أبي جعفر عليه السالم قال‪ :‬سألته عما‬
‫‪169‬‬

‫يتحدث الناس أنه ُدفعت الى أم سلمة صحيفة مختومة فقال‪ :‬إن رسول هللا صلى هللا‬
‫ورث علياً عليه السالم علمه وسالحه وما هناك‪ .‬ثم صار الى‬
‫عليه وآله لما ُقبض ه‬
‫الحسن عليه السالم‪ ،‬ثم صار الى الحسين عليهما السالم‪ ،‬فلما خشينا أن ُنغشى‬
‫استودعها أم سلمة‪ ،‬ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين عليه السالم‪ .‬قال فقلت‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬ثم صار الى أبيك‪ ،‬ثم انتهى إليك‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪).‬‬
‫وفي‪( :882/3:‬عن جابر قال سمعت أبا جعفر عليه السالم يقول‪ :‬ما ادعى أحد من‬
‫الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إَّل كذاب‪ ،‬وما جمعه وحفظه كما نزله هللا تعالى‬
‫إَّل علي بن أبي طالب‪ ،‬واَلئمة من بعده‪.‬‬
‫‪...‬عن أبي جعفر عليه السالم أنه قال‪ :‬ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع‬
‫القرآن كله ظاهره وباطنه غير اَلوصياء)‬
‫وفي‪( :812/3:‬عن أبي بصير قال دخلت على أبي عبدهللا عليه السالم فقلت له‪:‬‬
‫جعلت فداك إني أسألك عن مسألة‪ ،‬هاهنا أحد يسمع كالمي؟ قال‪ :‬فرفع أبو عبد هللا‬
‫عليه السالم ست اًر بينه وبين بيت آخر فاطلع فيه ثم قال‪ :‬يا أبا محمد سل عما بدأ‬
‫لك‪ ،‬قال قلت‪ :‬جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله‬
‫علم علياً عليه السالم باباً يفتح له منه ألف باب؟ قال فقال‪ :‬يا أبا محمد علم رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وآله علياً عليه السالم ألف باب يفتح من كل باب ألف باب ! قال‬
‫لعلم وما هو بذاك‪.‬‬
‫قلت‪ :‬هذا وهللا العلم‪ .‬قال‪ :‬فنكت ساعة في اَلرض ثم قال‪ :‬إنه ٌ‬
‫قال ثم قال‪ :‬يا أبا محمد وإن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة؟ قال قلت‪ :‬جعلت‬
‫فداك وماالجامعة؟ قال‪ :‬صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وآله وإمالئه من فلق فيه وخط علي بيمينه‪ ،‬فيها كل حالل وحرام‪ ،‬وكل شئ يحتاج‬
‫الناس إليه حتى اَلرش في الخدش‪ ...‬إلخ‪).‬‬
‫وفي‪( :813/3:‬عن بكر بن كرب الصيرفي قال‪ :‬سمعت أبا عبدهللا عليه السالم‬
‫يقول‪ :‬إن عندنا ما َّلنحتاج معه الى الناس‪ ،‬وإن الناس ليحتاجون إلينا‪ ،‬وإن عندنا‬
‫‪171‬‬

‫كتاباً إمالء رسول هللا صلى هللا عليه وآله وخط علي عليه السالم صحيف ٌة فيها كل‬
‫حالل وحرام‪...‬وإنكم لتأتونا باَلمر فنعرف إذا أخذتم به‪ ،‬ونعرف إذا تركتموه‪! ).‬‬
‫وفي‪(:869/3:‬عن أبي عبدهللا عليه السالم قال‪:‬كان في ذؤابة سيف رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وآله صحيفة صغيرة‪ ،‬فقلت َلبي عبدهللا عليه السالم ‪ :‬أي شئ كان في تلك‬
‫الصحيفة ؟ قال‪ :‬هي اَلحرف التي يفتح كل حرف ألف حرف‪ .‬قال أبو بصير‪ :‬قال‬
‫أبو عبد هللا عليه السالم ‪ :‬فما خرج منها حرفان حتى الساعة ! )‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وقال السيد اَلرموي محقق كتاب اْليضاح َّلبن شاذان ص‪( :199‬فممن صرح بهذا‬
‫المطلب المحقق الشريف الجرجاني‪ ،‬فإنه قال في مبحث العلم من شرح المواقف‪،‬‬
‫عند ذكر الماتن أعني القاضي عضد الدين اْليجي (أنظر ص‪ 859‬من طبعة بوَّلق‬
‫سنة ‪ ) 3199‬ما نصه‪ :‬الجفر والجامعة‪ ،‬وهما كتابان لعلي رضي هللا عنه قد ذكر‬
‫فيهما على طريقة علم الحروف‪ ،‬الحوادث التي تحدث الى انقراض العالم‪ ،‬وكانت‬
‫اَلئمة المعروفون من أوَّلده يعرفونهما ويحكمون بهما‪ .‬وفي كتاب قبول العهد الذي‬
‫كتبه علي بن موسى رضي هللا عنهما الى المأمون‪ :‬إنك قد عرفت من حقوقنا ما لم‬
‫يعرف آباؤك وقبلت منك عهدك‪ ،‬إَّل أن الجفر والجامعة يدَّلن على أنه َّل يتم!‬
‫ولمشايخ المغاربة نصيب من علم الحروف ينتسبون فيه الى أهل البيت‪ ،‬ورأيت أنا‬
‫بالشام نظماً أشير فيه بالرموز الى أحوال ملوك مصر‪ ،‬وسمعت أنه مستخرج من‬
‫ذينك الكتابين‪...‬‬
‫وقال الشيخ اَلجل بهاء الملة والدين محمد بن الحسين العاملي في شرح اَلربعين‬
‫حديثاً‪ ،‬عند شرحه الحديث الحادي والعشرين ما نصه‪:‬‬
‫وقد تظافرت اَلخبار بأن النبي صلى هللا عليه وآله أملى لعلي عليه السالم كتابي‬
‫الجفر والجامعة‪ ،‬وأن فيهما علم ماكان وما يكون الى يوم القيامة‪.‬‬
‫ونقل الشيخ الجليل عماد اْلسالم محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الكافي عن‬
‫اْلمام جعفر بن محمد الصادق عليه السالم أحاديث كثيرة في أن ذينك الكتابين كانا‬
‫‪171‬‬

‫عنده‪ ،‬وأنهما َّل يزاَّلن عند اَلئمة عليهم السالم يتوارثونهما واحداً بعد واحد‪....‬‬
‫وقال الدميري في حياة الحيوان في باب الجيم تحت عنوان (الجفرة) ما نصه‪:‬‬
‫فائدة‪ :‬قال ابن قتيبة في كتاب أدب الكاتب‪ :‬وكتاب الجفر جلد جفر كتب فيه اْلمام‬
‫جعفر بن محمد الصادق عليهما السالم آلل البيت كل مايحتاجون الى علمه‪ ،‬وكل‬
‫ما يكون الى يوم القيامة‪ .‬وإلى هذا الجفر أشار أبوالعالء المعري بقوله‪:‬‬
‫لقد عجبوا َلهل البيت لم‬
‫أتاهم علمهم في ِمسك أجف ِر‬
‫ومرآةُ المنجم وهي صغرى‬
‫أرت ُـه كل عامـرة وأقـف ِـر‬
‫ثم قال المحقق اَّلرموي رحمه هللا ‪ :‬أقول‪ :‬البيتان من لزوميات أبي العالء وما قبلهما‬
‫ثالثة أبيات‪ ،‬فمجموع القطعة خمسة أبيات‪ ،‬فإن أردت أن تالحظها فراجع ج ‪ 8‬من‬
‫طبعة مكتبة صادر بيروت ص‪ ،816‬وأما الكتاب المنقول عنه الكالم فالصحيح أنه‬
‫تأويل مختلف الحديث َّلبن قتيبة كما صرح به ابن خلكان‪ ،‬واشتبه اَلمر على‬
‫الدميري‪ ،‬فإنا راجعنا أدب الكاتب َّلبن قتيبة فلم نجد هذا المطلب فيه‪ ،‬وأما تأويل‬
‫مختلف الحديث فالقصة مذكورة فيه (انظر ص‪).26‬‬
‫وأما ما ذكره السيد الجرجاني فيما تقدم من كالمه عن الرضا عليه السالم ( إَّل أن‬
‫الجفر والجامعة يدَّلن على أنه َّل يتم ) فهو مأخوذ من كتاب الفخري َّلبن‬
‫الطقطقي‪ ،‬فإن شئت فراجع )‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫أهل البيت عليهم السالم وقفوا ضد اليهود من زمن عمر!‬
‫فقد وقفوا في وجه كعب اَلحبار وتالميذه‪ُّ ،‬‬
‫وردوا أفكارهم التحريفية الكافرة وانتقدوا‬
‫السلطة َلنها أطلقت أيديهم وألسنتتهم لتعبث في عقول المسلمين!‬
‫وقد ذكرنا في المجلد اَلول‪ ،‬المسألة اَلولى رهد علي عليه السالم على كعب اَلحبار‬
‫في مجلس عمر عندما قال كعب‪ ،‬كما في البحار‪ ( :361/19:‬نجد في اَلصل‬
‫‪172‬‬

‫الحكيم أن هللا تبارك وتعالى كان قديماً قبل خلق العرش‪ ،‬وكان على صخرة بيت‬
‫المقدس في الهواء‪ ،‬فلما أراد أن يخلق عرشه تأأف أل تأأفأل ًة كانت منها البحار الغامرة‬
‫واللجج الدائرة‪ ،‬فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته وآخر ما بقي‬
‫منها لمسجد قدسه!)‬
‫هه وقام‬ ‫ه ِ‬
‫قال ابن عباس‪ :‬وكان علي بن أبي طالب عليه السالم حاض اًر‪ ،‬أف أعظ أم أعل ٌّي أرب ُ‬
‫لمـها عاد إلى مجلسه‪ ،‬ففعله‪ .‬قال عمر‪:‬‬ ‫على قدميه ونفض ثيابه ! فأقسم عليه عمر أ‬
‫ُغص عليها يا غواص‪ ،‬ما تقول يا أبا الحسن‪ ،‬فما علمتك إَّل مفرجاً للغم‪ .‬فالتفت‬
‫وحرفوا كتب هللا‪ ،‬وفتحوا الفرية‬
‫علي عليه السالم إلى كعب فقال‪( :‬غلط أصحابك‪ ،‬ه‬
‫عليه!‬
‫يا كعب ويحك ! إن الصخرة التي زعمت َّلتحوي جالله وَّلتسع عظمته‪ ،‬والهواء‬
‫الذي ذكرت َّليحوز أقطاره! ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكان لهما ِقدمته‬
‫وعز هللا وجل أن يقال له مكان يومى إليه ! وهللا ليس كما يقول الملحدون وَّل كما‬
‫يظن الجاهلون‪ ،‬ولكن كان وَّلمكان بحيث َّلتبلغه اَلذهان‪ ،‬وقولي(كان) عجز عن‬
‫ان فقولي له‬ ‫ه‬ ‫كونه‪ ،‬وهو مما أعهل أم من البيان يقول هللا عز‬
‫وجل‪:‬خأل أق اْلنسان أعل أم ُه الأبأي أ‬
‫أ‬
‫(كان) مما علمني من البيان َلنطق بحججه وعظمته‪ ،‬وكان ولم يزل ربنا مقتد اًر على‬
‫ما يشاء محيطاً بكل اَلشياء‪ ،‬ثم أكهو أن ما أراد بال فكرة حادثة له أصاب‪ ،‬وَّل شبهة‬
‫دخلت عليه فيما أراد‪ ،‬وإنه عز وجل خلق نو اًر ابتدعه من غير شئ‪ ،‬ثم خلق منه‬
‫ظلمة‪ ،‬وكان قدي اًر أن يخلق الظلمة َّلمن شئ كما خلق النور من غير شئ‪ ،‬ثم خلق‬
‫وسبع أرضين‪ ،‬ثم‬
‫ٍ‬ ‫من الظلمة نو اًر وخلق من النور ياقوت ًة غلظها كغلظ سبع سماوات‬
‫ماء مرتعداً‪ ،‬وَّل يزال مرتعداً إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫زجر الياقوتة فماعت لهيبته فصارت ً‬
‫ثم خلق عرشه من نوره وجعله على الماء‪ ،‬وللعرش عشرة آَّلف لسان يسبح هللا كل‬
‫لسان منها بعشرة آَّلف لغة ليس فيها لغة تشبه اَلخرى‪ ،‬وكان العرش على الماء من‬
‫دونه حجب الضباب وذلك قوله‪ :‬وأكان عرُشه عألى الم ِ‬
‫اء لِأيبلُ أو ُكم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ ُ أ‬
‫‪173‬‬

‫يا كعب ويحك ! إن من كانت البحار تفلته على قولك‪ ،‬كان أعظم من أن تحويه‬
‫حل فيه ) ! انتهى‪.‬‬
‫صخرة بيت المقدس أو يحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه ه‬
‫وخطابه عليه السالم لكعب شديد يدل على أنه عليه السالم لم يقبل إسالمه بل‬
‫يعامله على أنه حاخام يهودي فيقول له‪(:‬غلط أصحابك وحرفواكتب هللا وفتحوا الفرية‬
‫عليه!! )‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬كان أهل البيت عليهم السالم معارضة‪ ،‬واليهود َّليغضبون السلطة‬
‫ويتقربون الى معارضة مضطهدة‪ ،‬بل يتقربون الى خليفة ينعمون بامتيازاته‪ ،‬وقدكانوا‬
‫يحقدون على أهل البيت عليهم السالم ويؤججون عداء السلطة لهم‪.‬‬
‫ولهذه اَلسباب مجتمعة‪ ،‬وهي‪ :‬استغناء اَلئمة عليهم السالم عن علم اليهود‪،‬‬
‫وموقفهم ضدهم‪ ،‬وتقرب اليهود من السلطة وابتعادهم عن المعارضة‪ ،‬خلت مصادر‬
‫الشيعة من اَّلسرائيليات‪ ،‬إَّل ما تسرب اليها من الرواة السنيين‪ ،‬خاصة الذين‬
‫استبصروا وبقيت فيهم رواسب‪ ،‬أو روايات رووها عن السنيين!‬
‫اَلسئلة‬
‫‪1‬ـ هل توافقوننا على أن مذهب أهل البيت عليهم السالم أبعد المذاهب اْلسالمية‬
‫عن الثقافة اليهودية‪َ ،‬لن أهل البيت عليهم السالم كانوا معادين لليهود ولم يكونوا‬
‫بحاجة الى علمهم‪ ،‬وَلن اليهود كانوا مع السلطة ضد المعارضة ؟!‬
‫‪2‬ـ أَّل ترون في تضخيم بعضهم َّلبن سبأ اليهودي الذي يلعنه الشيعة وزعمهم أنه‬
‫هو الذي أسس التشيع‪ ،‬محاول ًة للتغطية على دور كعب اَلحبار والحاخامات الذين‬
‫تبنتهم الخالفة القرشية‪ ،‬ونشروا ثقافة اليهود بين المسلمين؟!‬
‫‪3‬ـ بماذا تفسرون قوله تعالى‪ :‬ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا‪ ..‬ومن هم‬
‫هؤَّلء ؟ وبماذا تفسرون ما رواه البخاري في ‪ 312/1:‬قال (إن هللا اصطفى آدم‬
‫ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين‪..‬إلى قوله يرزق من يشاء بغير حساب‪،‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران‪ ،‬وآل ياسين وآل‬
‫‪174‬‬

‫محمد صلى هللا عليه وسلم)‪.‬؟!‬


‫‪4‬ـ هل أوصى النبي صلى هللا عليه وآله برأيكم‪ ،‬أم َّل ؟‬
‫ورث النبي صلى هللا عليه وآله من علومه َلهل البيت عليهم السالم أم َّل ؟‬
‫‪5‬ـ هل ه‬
‫‪6‬ـ بماذا تفسرون أن علياً واَلئمة من عترته عليهم السالم لم يحتاجوا الى علم أحد‬
‫ولم يدرسوا عند أحد‪ ،‬واحتاج الناس الى علمهم ؟!‬
‫‪7‬ـ هل رأيتم مستوى علم علي عليه السالم مقارن ًا بعلم عمر وأبي بكر وبقية الخلفاء‬
‫؟!‬

‫علي بن محمد‪ ،‬عن أحمد بن أبي عبد هللا‪ ،‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن ميسر قال‪:‬‬
‫دخلت على أبي عبد هللا (عليه السالم) فقال‪ :‬كيف أصحابك؟ فقلت‪:‬‬
‫جعلت فداك لنحن عندهم أشر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وكان متكئا فاستوى جالسا‪ ،‬ثم قال‪ :‬كيف قلت؟ قلت وهللا لنحن عندهم أشر من‬
‫اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا فقال‪ " :‬أما وهللا َّل يدخل النار منكم اثنان‬
‫َّل وهللا وَّل واحد‪ ،‬وهللا إنكم الذين قال هللا عز وجل‪ " :‬وقالوا ما لنا َّل نرى رجاَّل كنا‬
‫نعدهم من اَلشرار * اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم اَّلبصار * إن ذلك‬
‫لحق تخاصم أهل النار (‪ " )1‬ثم قال‪ :‬طلبوكم وهللا في النار فما وجدوا منكم أحدا‪.‬‬

‫(وصية النبي (صلى هللا عليه وآله )َلمير المؤمنين (عليه السالم ‪)) 33 -‬محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن علي بن النعمان‪ ،‬عن معاوية بن عمار‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد هللا (عليه السالم) يقول‪ :‬كان في وصية النبي (صلى هللا عليه‬
‫وآله )لعلي (عليه السالم )أن قال‪ :‬يا علي أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها عني‬
‫ثم قال‪ :‬اللهم أعنه‪ ،‬أما اَلولى‪:‬‬
‫فالصدق وَّل تخرجن من فيك كذبة أبدا‪ .‬والثانية‪ :‬والورع وَّل تجترئ على خيانة أبدا‪.‬‬
‫والثالثة ‪:‬الخوف من هللا عز ذكره كأنك تراه‪ .‬والرابعة‪ :‬كثرة البكاء من خشية هللا يبنى‬
‫‪175‬‬

‫لك بكل دمعة ألف بيت في الجنة‪ .‬والخامسة ‪:‬بذلك مالك ودمك دون دينك‪ .‬و‬
‫السادسة اَّلخذ بسنتي في صالتي وصومي وصدقتي أما الصالة فالخمسون ركعة و‬
‫أما الصيام فثالثة أيام في الشهر‪ :‬الخميس في أوله واَلربعاء في وسطه والخميس‬
‫في آخره وأما الصدقة فجهدك حتى تقول قد أسرفت ولم تسرف‪ ،‬وعليك بصالة‬
‫الليل وعليك بصالة الزوال وعليك بصالة الزوال‪ ،‬وعليك بصالة الزوال‪ ،‬وعليك‬
‫بتالوة القرآن على كل حال وعليك برفع يديك في صالتك وتقليبهما‪ ،‬وعليك بالسواك‬
‫عند كل وضوء وعليك بمحاسن اَلخالق فاركبها ومساوي اَلخالق فاجتنبها فإن لم‬
‫تفعل فال تلومن إَّل نفسك‪.‬‬

‫سهل‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة‪ ،‬وعبد هللا بن بكير‪ ،‬عن سعيد بن يسار‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد هللا (عليه السالم) يقول‪ :‬الحمد هللا صارت فرقة مرجئه وصارت‬
‫فرقة حرورية وصارت فرقة قدرية وسميتم الترابية وشيعة علي‪ ،‬أما وهللا ما هو إَّل هللا‬
‫وحده َّل شريك له ورسوله (صلى هللا عليه وآله )وآل رسول هللا (عليهم‬
‫السالم )وشيعة آل رسول هللا (صلى هللا عليه وآله )وما الناس إَّل هم‪ ،‬كان علي‬
‫(عليه السالم )أفضل الناس بعد رسول هللا (صلى هللا عليه وآله )وأولى الناس بالناس‬
‫‪ -‬حتى قالها ثالثا‪-.‬‬

‫عنه‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة‪ ،‬عن عمر بن أبان الكلبي‪ ،‬عن عبد‬
‫الحميد الواسطي‪ ،‬عن أبي جعفر (عليه السالم )قال‪ :‬قلت له‪ :‬أصلحك هللا لقد تركنا‬
‫أسواقنا انتظا ار لهذا اَّلمر حتى ليوشك الرجل منا أن يسأل في يده؟ فقال‪ :‬يا‬
‫[أبا ]عبد الحميد أترى من حبس نفسه على هللا َّل يجعل هللا له مخرجا؟ بلى وهللا‬
‫ليجعلن هللا له مخرجا‪ ،‬رحم هللا عبدا أحيا أمرنا‪ ،‬قلت‪ :‬أصلحك هللا إن هؤَّلء المرجئة‬
‫يقولون ما علينا أن نكون على الذي نحن عليه حتى إذا جاء ما تقولون كنا نحن‬
‫وأنتم سواء؟ فقال‪ :‬يا عبد الحميد صدقوا من تاب تاب هللا عليه ومن أسر نفاقا فال‬
‫‪176‬‬

‫يرغم هللا إَّل بأنفه ومن أظهر أمرنا أهرق هللا دمه (‪ )3‬يذبحهم هللا على اَّلسالم‬
‫كما يذبح القصاب شاته‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬فنحن يومئذ والناس فيه سواء؟ قال‪:‬‬
‫َّل أنتم يومئذ سنام اَلرض وحكامها (‪َّ )8‬ل يسعنا في ديننا إَّل ذلك‪ ،‬قلت‪ :‬فإن مت‬
‫قبل أن أدرك القائم (عليه السالم)؟ قال‪ :‬إن القائل منكم إذا قال‪ :‬إن أدركت قائم آل‬
‫محمد نصرته كالمقارع (‪ )1‬معه بسيفه والشهادة )‪ (4‬معه شهادتان‪.‬‬
‫‪38 -‬عنه‪ ،‬عن الحسن بن علي‪ ،‬عن عبد هللا بن الوليد الكندي قال‪ :‬دخلنا على‬
‫أبي عبد هللا (عليه السالم) في زمن مروان فقال‪ :‬من أنتم؟ فقلنا‪ :‬من أهل الكوفة‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ما من بلدة من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة وَّل سيما هذه العصابة‪،‬‬
‫إن هللا جل ذكره هداكم َلمر جهله الناس وأحببتمونا وأبغضنا الناس واتبعتمونا‬
‫وخالفنا الناس و صدقتمونا وكذبنا الناس فأحياكم هللا محيانا وأماتكم [هللا] مماتنا‬
‫فأشهد على أبي أنه كان يقول‪ :‬ما بين أحدكم وبين أن يرى ما يقر هللا به عينه وأن‬
‫يغتبط إَّل أن تبلغ نفسه هذه وأهوى بيده إلى حلقه وقد قال هللا عز وجل في كتابه‪" :‬‬
‫ولقد أرسلنا رسال من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية (‪ " )6‬فنحن ذرية رسول هللا‬
‫(صلى هللا عليه وآله‪).‬‬
‫‪39 -‬حميد بن زياد‪ ،‬عن الحسن بن محمد الكندي‪ ،‬عن أحمد بن عديس‪ ،‬عن أبان‬
‫عن عثمان‪ ،‬عن أبي الصباح قال‪ :‬سمعت كالما يروى عن النبي (صلى هللا عليه‬
‫وآله )وعن علي (عليه السالم )وعن ابن مسعود فعرضته على أبي عبد هللا (عليه‬
‫السالم) فقال‪ :‬هذا قول رسول هللا (صلى هللا عليه وآله )أعرفه قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا (صلى هللا عليه وآله )الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ‬
‫بغيره وأكيس الكيس التقي وأحمق الحمق الفجور وشر الروي روي الكذب )‪ (6‬وشر‬
‫اَلمور محدثاتها واعمى العمى‬
‫‪177‬‬

‫(‪) ٩‬كذا‪.‬‬
‫(‪) ٢‬أي مرتفع اَلرض والمراد هنا عزتهم ورفعتهم ودولتهم‪.‬‬
‫(‪) ١‬قارع وتقارع القوم بعضهم بعضا‪ :‬ضاربوا‪ ،‬وبالرماح‪ :‬تطاعنوا‪.‬‬
‫(‪) ٦‬اي لمتمني الشهادة معه أجر شهيد وللشهادة معه أجر شهيدين‪.‬‬
‫(‪) ١‬الرعد‪.١٨ :‬‬
‫)‪(6‬رواه الصدوق في الفقيه واَلمالي بسند حسن وفيهما " وشر الرواية‬
‫رواية الكذب " و الروى من الروية وهو النظر والتفكر في اَلمور‪ ،‬أو من الرواية أو‬
‫من روى الماء والثاني أظهر‪.‬‬

‫عمى القلب وشر الندامة ندامة يوم القيامة وأعظم الخطايا عند هللا لسان الكذاب‬
‫وشر الكسب كسب الربا وشر المآكل أكل مال اليتيم وأحسن الزينة زينة الرجل (‪)3‬‬
‫هدي حسن مع إيمان وأملك أمره به وقوام خواتيمه ومن يتبع السمعة يسمع هللا به‬
‫(‪ )8‬الكذبة ومن يتول الدنيا يعجز عنها ومن يعرف البالء يصبر عليه ومن َّل‬
‫يعرفه ينكل (‪ )1‬و الريب كفر ومن يستكبر يضعه هللا ومن يطع الشيطان يعص هللا‬
‫ومن يعص هللا يعذبه هللا ومن يشكر يزيده هللا ومن يصبر على الرزية يعنه هللا ومن‬
‫يتوكل على هللا فحسبه هللا‪َّ ،‬ل تسخطوا هللا برضا أحد من خلقه وَّل تقربوا إلى أحد‬
‫من الخلق تتباعدوا من هللا فإن هللا عز وجل ليس بينه وبين أحد من الخلق شئ‬
‫يعطيه به خي ار وَّل يدفع به عنه ش ار إَّل بطاعته واتباع مرضاته‪ ،‬وإن طاعة هللا نجاح‬
‫من كل خير يبتغى ونجاة من كل شر يتقى وإن هللا عز ذكره يعصم من أطاعه وَّل‬
‫يعتصم به من عصاه وَّل يجد الهارب من هللا عز وجل مهربا وإن أمر هللا نازل ولو‬
‫كره الخالئق وكل ما هو آت قريب‪ ،‬ما شاء هللا كان وما لم يشأ لم يكن‪ ،‬فتعاونوا‬
‫على البر والتقوى وَّل تعانوا على اَّلثم والعدوان واتقوا هللا إن هللا شديد العقاب‪.‬‬
‫‪40 -‬وبهذا اَّلسناد‪ ،‬عن أبان‪ ،‬عن يعقوب بن شعيب أنه سأل أبا عبد هللا (عليه‬
‫‪178‬‬

‫السالم) عن قول هللا عز وجل‪ " :‬كان الناس أمة واحدة (‪ " )1‬فقال‪ :‬كان الناس قبل‬
‫نوح أمة ضالل فبدا هلل فبعث المرسلين وليس كما يقولون‪ :‬لم يزل (‪ )6‬وكذبوا‪ ،‬يفرق‬
‫هللا في ليلة القدر ما كان من شدة أو رخاء أو مطر بقدر ما يشاء هللا عز وجل أن‬
‫يقدر إلى مثلها من قابل‪.‬‬

‫(‪) " ٩‬زينة الرجل " عطف بيان أو بدل للزينة و " أملك امره به " معطوف على‬
‫أحسن الزينة‪.‬‬
‫(‪) ٢‬اي أظهره وفي بعض النسخ [يبتغ] وهو اَلصوب‪.‬‬
‫(‪) ١‬النكول ‪:‬الجبن واَّلمتناع وفي الكتابين " ينكر‪".‬‬
‫(‪) ٦‬البقرة‪.٢٩١ :‬‬
‫)‪(5‬اي ليس كما يقولون‪ " :‬ان هللا تعالى قدر اَّلمر في اَلزل وقد فرغ منها فال‬
‫يتغير تقديراته تعالى‪".‬‬
‫بل هلل البداء فيما كتب في لوح المحو واَّلثبات‪ .‬الكافي للشيخ الكليني‪.‬‬

‫اليهود ونقض المواثيق والعهود‬

‫حط النبي اَلكرم ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) رحاله بالمدينة ‪ ،‬والتف حوله اَلوس‬
‫والخزرج ‪ ،‬ففشى أمر اْلسالم وشاع خبره وذكره بين الناس والقبائل القاطنة بأطراف‬
‫المدينة ‪ ،‬وكان ذلك بمثابة جرس إنذار لليهود ينبئ عن إقتراب اُفول شوكتهم في‬
‫المدينة وماواَّلها بل في شبه الجزيرة العربية برمتها‪.‬‬

‫وكانت اليهود في سابق عهدها تفتخر على سائر اَّلُمم بأنها تقتفي أثر التوحيد وأن‬
‫لهم كتاباً سماوياً يجمع بين دفتيه اَلحكام اْللهية ‪ ،‬ولكن تلك المفخرة أوشكت أن‬
‫‪179‬‬

‫تذهب أدراج الرياح بدعوة النبي اَلكرم الناس كافة إلى التوحيد اَلصيل ونزول القرآن‬
‫عليه ‪ ،‬فما كانت لهم بعد إذ ذاك ميزة يمتازون بها على العرب‪.‬‬

‫وكانت اليهود لفرط حبهم للدنيا وزبرجها تمكنوا من السيطرة على مقاليد أزمة إدارة‬
‫التجارة ‪ ،‬وكان وجود الشقة السحيقة بين اَلوس والخزرج ‪ ،‬والنزاعات القبلية بينهما ‪،‬‬
‫خير معين لإلنفراد بإدارة دفة القوافل التجارية ‪ ،‬غير أن تلك اَلرضية التي فسحت‬
‫لهم المجال لتسلم زمام التجارة فيما مضى كادت تنعدم باَّلُخوة اْلسالمية التي جاء‬
‫بها اْلسالم ‪ ،‬فصار المتصارعان متصافيين متآخيين متآلفين في مقابل اليهود‬
‫وأطماعهم‪.‬‬

‫كل ذلك صار سبباً لتحفيز اليهود ْلثارة الشبهات حول رسالة الرسول اَلكرم وبث‬
‫السموم وتشوية معالم الرسالة الجديدة ليضعضعوا أركان اْليمان الفتي في قلوب‬
‫المؤمنين باْلسالم ‪ ،‬وقد غاب عن خلدهم أن سنة هللا الحكيمة تتكفل بنصر رسله‪.‬‬
‫قال سبحانه ‪:‬‬

‫وم اَلأش أه ُاد ) ( غافر ‪١۱ /‬‬ ‫ِ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬ ‫ِه‬
‫آم ُنوا في ال أحأياة الدنأيا أوأيوأم أيُق ُ‬
‫ين أ‬
‫نص ُر ُرُسألأنا أوالذ أ‬
‫( إنا ألأن ُ‬
‫)‪.‬‬

‫وإليك نماذج من أسئلتهم وشبهاتهم التي أثاروها حول الرسالة النبوية ‪:‬‬

‫‪ ۱‬ـ إفشاء عالئم النبوة ‪:‬‬

‫إن أول خطوة خطوها َلجل إيقاف مد الصحوة الدينية واْليمان برسالة النبي اَلكرم‬
‫(صلى هللا عليه وآله وسلم) هو إصدار مرسوم يقضي بكتمان عالئم نبوته التي‬
‫وردت في التوراة حتى َّلتقع للمسلمين ذريعة يتمسكون بها ضدهم في عزوفهم عن‬
‫قبول الدعوة ‪ ،‬وهذا ما يحكي عنه الذكر الحكيم بقوله ‪:‬‬
‫‪181‬‬

‫ون ُهم ِب أما‬ ‫ِ‬ ‫ض ُهم ِإألى أبع ٍ‬ ‫هِ‬


‫ض أقاُلوا أأتُ أحدثُ أ‬ ‫آمهنا أوإِ أذا أخ أال أبع ُ‬
‫آم ُنوا أقاُلوا أ‬
‫ين أ‬ ‫‪ ۱‬ـ ( أوإِ أذا ألُقوا الذ أ‬
‫وكم ِب ِه ِع أند أرِب ُكم أأف أال تأع ِقلُو أن ) ( البقرة ‪.) ۷٤ /‬‬
‫اج ُ‬ ‫أفتأح ه‬
‫الل ُـه أعألي ُكم لِ ُي أح ُّ‬ ‫أ‬

‫وروي عن اْلمام الباقر ( عليه السالم ) أنه قال ‪ :‬كان قوم من اليهود ليسوا من‬
‫المعاندين المتواطئين ‪ ،‬إذا لقوا المسلمين حدثوهم بما في التوراة من صفة محمد (‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم ) فنهاهم كبراؤهم عن ذلك وقالوا ‪َّ :‬لتخبروهم بما في‬
‫التوراة من صفة محمد ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) فيحاجوكم به عند ربكم (‪.)۱‬‬

‫الل أـه أيعأل ُم أما ُي ِس ُّرو أن أو أما ُيعِل ُنو أن ) (‬


‫أن ه‬‫ورد سبحانه عليهم بقوله ‪ ( :‬أ أأوأَّل أيعأل ُمو أن أ ه‬
‫البقرة ‪ ) ۷۷ /‬فاّلل سبحانه يحتج بكتابهم عليهم سواء تفوهوا بسمات النبي اَلكرم‬
‫المذكورة في التوراة أم لم يتفوهوا بها ‪ ،‬على الرغم من أنهم كانوا يستفتحون‬
‫ويستنصرون على اَلوس والخزرج برسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) قبل‬
‫مبعثه فلما بعثه هللا من بين العرب ولم يكن من بني إسرائيل ‪ ،‬كفروا به وجحدوا ما‬
‫كانوا يقولون فيه ‪ ،‬فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور ‪ :‬يا معشر‬
‫اليهود اتقوا هللا وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل الشرك ‪،‬‬
‫وتصفونه وتذكرون أنه مبعوث ‪ ،‬فقال سالم بن مشكم أخو بني النضير ‪ :‬ما جاءنا‬
‫بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى قوله ‪:‬‬

‫ص ِد ٌق لِ أما أم أع ُهم أوأك ُانوا ِمن أقب ُل أيستأفِت ُحو أن أعألى‬ ‫( وأل هما جاءهم ِكت ِ ِ ِ ه ِ‬
‫اب من عند اللـه ُم أ‬ ‫أ أُ أ ٌ‬ ‫أ‬
‫ِ‬ ‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬
‫ين ) ( البقرة ‪۹۸ /‬‬ ‫اء ُهم هما أع أرُفوا أكأف ُروا ِبه أفألعأنةُ اللـه أعألى ال أكاف ِر أ‬
‫ين أكأف ُروا أفأل هما أج أ‬
‫الذ أ‬
‫)‪.‬‬

‫‪ ۲‬ـ السؤال عن الروح اَلمين ‪:‬‬

‫إن نف اًر من أحبار اليهود جاءوا رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) فقالوا ‪ :‬يا‬
‫محمداً أخبرنا عن أربع نسألك عنهن ‪ ،‬فإن فعلت ذلك اتبعناك وصدقناك وآمنا بك ‪،‬‬
‫‪181‬‬

‫فقال لهم رسول هللا ‪ :‬عليكم بذلك عهد هللا وميثاقه لئن أنا أخبرتكم بذلك لتصدقنني‬
‫؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬فسألوا عما بدا لكم ‪ ...‬ومما سألوا عنه نوم النبي ( صلى هللا‬
‫عليه وآله وسلم ) ـ فقالوا ‪ :‬كيف نومك ؟ فقال ‪ :‬تنام عيني وقلبي يقظان‪ .‬قالوا ‪:‬‬
‫فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه ؟ قال ‪ :‬حرم على نفسه لحوم اْلبل وألبانها ‪،‬‬
‫فصدقوه في اْلجابة عن هذين السؤالين ‪ ،‬ثم قالوا له ‪ :‬فأخبرنا عن الروح ‪ ،‬قال‬
‫‪ :‬أنشدكم باّلل وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمونه جبرئيل وهو الذي يأتيني ؟ قالوا‬
‫‪ :‬اللهم نعم ‪ ،‬ولكنه يا محمد لنا عدو وهو ملك إنما يأتي بالشدة وسفك الدماء ولوَّل‬
‫يل أفِإهن ُه أن هزأل ُه أعألى‬ ‫ِِ‬
‫ان أع ُدًّوا لجب ِر أ‬‫ذلك َّلتبعناك ‪ ،‬فأنزل هللا عز وجل فيهم ‪ُ ( :‬قل أمن أك أ‬
‫ان أع ُدًّوا لِهل ِـه‬ ‫ين * أمن أك أ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الل ِـه م ِ ِ‬
‫صد ًقا ل أما أبي أن أي أديه أو ُه ًدى أوُبش أرى لل ُمؤ ِمن أ‬ ‫ُأ‬
‫أقلِبك ِبِإذ ِن ه‬
‫أ‬
‫ِ ِ‬ ‫ه‬
‫ال أفِإ هن الل أـه أع ُدٌّو لل أكاف ِر أ‬ ‫يل أو ِم أ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ين ) ( البقرة ‪ ۸۷ /‬و ‪.)۲( ) ۸۹‬‬ ‫يك أ‬ ‫أو أم أالئ أكته أوُرُسله أوجب ِر أ‬

‫وما ذكرنا من شأن النزول يؤيد ما ذكرناه سابقاً من أن المقصود من الروح في قوله‬
‫ون أك أع ِن ُّ‬
‫الرو ِح ) ( اْلسراء ‪ ) ۹١ /‬هو الروح اَلمين َّل الروح‬ ‫سبحانه ‪ ( :‬أوأيس ألُ أ‬
‫اْلنسانية ‪ ،‬وأن ما اُثير حولها في التفاسير المختلفة مبني على تفسير الروح بالروح‬
‫اْلنسانية وهو غير صحيح‪.‬‬

‫وعلى أي تقدير فنصب العداء لجبرئيل نصب للعداء له سبحانه ‪َ ،‬لن جبرئيل مأمور‬
‫أم أرُهم أوأيف أعُلو أن أما‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫صو أن الل أـه أما أ أ‬
‫من جانبه ومبلغ عنه هو وجميع المالئكة ‪َّ ( :‬ل أيع ُ‬
‫ُيؤ أم ُرو أن ) ( التحريم ‪.) ٤ /‬‬

‫‪ ۳‬ـ إنكار نبوة سليمان ( عليه السالم ) ‪:‬‬

‫إن رسول هللا لما ذكر سليمان بن داود في المرسلين ‪ ،‬قال بعض أحبارهم ‪ :‬أَّل‬
‫تعجبون من محمد ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) يزعم أن سليمان بن داود كان نبياً ‪،‬‬
‫ين أعألى‬ ‫وهللا ما كان إَّل ساح اًر ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى في ذلك ‪ ( :‬واتهبعوا ما تأتلُو ه ِ‬
‫الشأياط ُ‬ ‫أ أُ أ‬
‫‪182‬‬

‫مل ِك سأليمان وما أكأفر سأليمان وألـ ِك هن ه ِ‬


‫اطين أكأفروا يعلِمون الهناس ِ‬
‫السح أر ) ( البقرة‬ ‫أ‬ ‫الشأي أ ُ ُ أ ُ أ‬ ‫ُ ُ أ أ أأ أ ُ أ ُ أ‬
‫‪.)۳( ) ۱۰۲ /‬‬

‫‪ ٦‬ـ كتابه إلى يهود خيبر ‪:‬‬

‫كتب رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) إلى يهود خيبر بكتاب جاء فيه ‪:‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم من محمد رسول هللا صاحب موسى وأخيه والمصدق لما جاء‬
‫به موسى على أن هللا قد قال لكم يا معشر أهل التوراة ‪ ،‬وأنكم لتجدون ذلك في‬
‫اهم ُرهك ًعا‬ ‫هِ‬ ‫ِه‬ ‫ه ِ هِ‬
‫اء أبيأن ُهم تأأر ُ‬
‫اء أعألى ال ُكفار ُر أح أم ُ‬ ‫ين أم أع ُه أأشد ُ‬
‫ول اللـه أوالذ أ‬
‫كتابكم ‪ُّ ( :‬م أح همٌد هرُس ُ‬
‫ود أذلِ أك‬
‫السج ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫الل ِـه وِرضوانا ِسيم ِ‬ ‫س هجدا يبتأ ُغو أن أفض ًال ِمن ه‬
‫اهم في ُو ُجوههم من أثأ ِر ُّ ُ‬ ‫أ أً أ ُ‬ ‫أ‬ ‫ُ ً أ‬
‫ظ أفاستأأوى أعألى‬ ‫نج ِ‬
‫يل أك أزرٍع أأخ أرأج أشطأأهُ أف أآزأرهُ أفاستأغأل أ‬ ‫مأثلُهم ِفي التهورِاة ومأثلُهم ِفي ِ‬
‫اْل ِ‬
‫أ أأ ُ‬ ‫أ ُ‬
‫الصالِح ِ‬
‫ات ِمن ُهم‬ ‫ِ‬
‫آم ُنوا أو أعمُلوا ه أ‬
‫ه هِ‬ ‫اع لِأي ِغي أ‬
‫ظ ِب ِه ُم ال ُكهف أار أو أع أد الل ُـه الذ أ‬ ‫سوِق ِه ُيع ِج ُب ُّ‬
‫ين أ‬ ‫الزهر أ‬ ‫ُ‬
‫يما )‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫همغف أرًة أوأأج ًار أعظ ً‬

‫وإني انشدكم باّلل ‪ ،‬وانشدكم بما أنزل عليكم وانشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من‬
‫أسباطكم المن والسلوى ‪ ،‬وانشدكم بالذي أيبس البحر آلبائكم حتى أنجاهم من فرعون‬
‫وعمله إَّل أخبرتموني ‪ :‬هل تجدون فيما أنزل هللا عليكم أن تؤمنوا بمحمد ؟ فإن كنتم‬
‫الرش ُد ِم أن ال أغ ِي ) فأدعوكم إلى هللا‬ ‫َّلتجدوني ذلك في كتابكم فالكره عليكم ( أقد تهأبي أ‬
‫هن ُّ‬
‫وإلى نبيه (‪.)٦‬‬

‫‪ ١‬ـ إنكار أخذ الميثاق منهم ‪:‬‬

‫إن أحد أحبار اليهود قال لرسول هللا ‪ :‬يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل هللا‬
‫عليك من آية بينة فنتبعك لها ‪ ،‬وقد كانوا ينكرون العهد الذي أخذه اَلنبياء عليهم أن‬
‫يؤمنوا بالنبي اَّلُمي‪.‬‬
‫‪183‬‬

‫ات بِين ٍ‬
‫ات أو أما أيكُف ُر ِب أها ِإ هَّل‬ ‫ٍ‬
‫أنزلأنا ِإألي أك أآي أ أ‬
‫فأنزل هللا سبحانه في ردهم ‪ ( :‬أوألأقد أ أ‬
‫يق ِمن ُهم أبل أأكثأ ُرُهم أَّل ُيؤ ِم ُنو أن ) ( البقرة ‪/‬‬
‫اه ُدوا أعه ًدا هنأب أذهُ أف ِر ٌ‬
‫ه‬ ‫ِ‬
‫الأفاسُقو أن * أ أأو ُكل أما أع أ‬
‫‪ ۸۸‬و ‪.) ۱۰۰‬‬

‫ولفظة « كلما » تفيد التكرر فيقتضي تكرر النقض منهم (‪.)١‬‬

‫‪ ٤‬ـ اَّلقتراحات التعجيزية ‪:‬‬

‫وقد كان اليهود قد تقدموا باقتراحات تعجيزية على غرار ما بدر من المشركين فقد‬
‫سألت العرب محمداً ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) أن يأتيهم باّلل فيروه جهرة ‪ ،‬فنزل‬
‫وسى ِمن أقب ُل أو أمن أيتأأب هد ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله سبحانه ‪ ( :‬أأم تُر ُيدو أن أأن تأس أُلوا أرُسوأل ُكم أك أما ُسئ أل ُم أ‬
‫يل ) ( البقرة ‪.) ۱۰۹ /‬‬ ‫السِب ِ‬
‫اء ه‬ ‫ِ ِ‬
‫اْليم ِ‬
‫ض هل أس أو أ‬ ‫ان أفأقد أ‬ ‫ال ُكف أر ب أ‬

‫وقال رافع بن حريملة لرسول هللا ‪ :‬يا محمد إن كنت رسوَّلً من هللا كما تقول فقل هلل‬
‫ين أَّل أيعأل ُمو أن ألوأَّل ُي أكلِ ُمأنا‬ ‫فيكلمنا حتى نسمع كالمه ‪ ،‬فنزل قوله سبحانه ‪ ( :‬وأق ه ِ‬
‫ال الذ أ‬
‫أ أ‬
‫اللـه أأو تأأِتينا آي ٌة أك أذلِك أقال هال ِذين ِمن أقبلِ ِهم ِمثل أقولِ ِهم تأ أشابهت ُقُلوبهم أقد بهيهنا اآلي ِ‬
‫ات‬ ‫ه‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُُ‬ ‫أأ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أ‬ ‫ُ‬
‫لِأقو ٍم ُيوِق ُنو أن ) (‪.)٤‬‬

‫‪ ۷‬ـ تنازع اليهود والنصارى عند الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم ‪:‬‬

‫لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) أتتهم‬
‫أحبار اليهود فتنازعوا عند رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ ،‬فقال رافع بن‬
‫حريملة ‪ :‬ما أنتم على شيء ‪ ،‬وكفر بعيسى وباْلنجيل ‪ ،‬فقال رجل من أهل نجران‬
‫من النصارى لليهود ‪ :‬ما أنتم على شيء ‪ ،‬وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة ‪ ،‬فأنزل‬
‫هللا في ذلك قوله ‪:‬‬
‫‪184‬‬

‫ود أعألى أشي ٍء‬ ‫ِ‬ ‫ِ ه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ه‬ ‫ِ‬


‫ص أارى ألي أست الأي ُه ُ‬ ‫ص أارى أعألى أشيء أوأقاألت الن أ‬ ‫ود ألي أست الن أ‬
‫( أوأقاألت الأي ُه ُ‬
‫ام ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ه‬ ‫ِ‬
‫ين أَّل أيعأل ُمو أن مث أل أقولهم أفالل ُـه أيح ُك ُم أبيأن ُهم أيوأم القأي أ‬
‫وهم يتلُون ال ِكتأاب أك أذلِك أق ه ِ‬
‫ال الذ أ‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أُ أ أ‬
‫يه أيخأتلُِفو أن ) ( البقرة ‪.) ۱۱۳ /‬‬ ‫ِفيما كانوا ِف ِ‬
‫أ أُ‬

‫ِ‬
‫فقوله سبحانه ‪ ( :‬أو ُهم أيتُلو أن الكتأ أ‬
‫اب ) إشارة إلى أن كالً من الفريقين يتلو في كتابه‬
‫تصديق ما كفر به ‪ ،‬أي كفر اليهود بعيسى بن مريم وعندهم التوراة فيما أخذ هللا‬
‫عليهم على لسان موسى بالتصديق بعيسى ‪ ،‬وفي اْلنجيل ما جاء به عيسى ( عليه‬
‫السالم ) من تصديق موسى ( عليه السالم ) وما جاء به من التوراة من عند هللا وكل‬
‫يكفر بما في يد صاحبه‪.‬‬

‫ين أَّل أيعأل ُمو أن ِمث أل أقولِ ِهم ) إشارة إلى أن مشركي‬ ‫وقوله سبحانه ‪ ( :‬أك أذلِك أق ه ِ‬
‫ال الذ أ‬
‫أ أ‬
‫العرب الذين هم جهال وليس لهم كتاب ‪ ،‬هكذا قالوا لمحمد ( صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم ) وأصحابه ‪ :‬إنهم ليسوا على شيء من الدين مثل ما قالت اليهود والنصارى‬
‫بعضهم لبعض (‪.)۷‬‬

‫وربما بلغ تجاسرهم بساحة النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ ،‬فطلبوا منه أن‬
‫يقتدي بإحدى الشريعتين ‪ ،‬قال ابن عباس ‪ :‬إن جماعة من اليهود ونصارى نجران‬
‫ذموا أهل اْلسالم ‪ ،‬كل فرقة تزعم أنها أحق بدين هللا من غيرها ‪ ،‬فقالت اليهود ‪:‬‬
‫نبينا موسى أفضل اَلنبياء وكتابنا التوراة أفضل الكتب ‪ ،‬وقالت النصارى ‪ :‬نبينا‬
‫عيسى أفضل اَلنبياء وكتابنا اْلنجيل أفضل الكتب وكل فريق منهما قالوا للمؤمنين‬
‫كونوا على ديننا ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى هذه اآلية ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إن ابن صوريا قال لرسول هللا‬
‫( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ :‬ما الهدى إَّل ما نحن عليه فاتبعنا ِ‬
‫تهتد ‪ ،‬وقالت‬
‫ص أارى تأهتأ ُدوا )‪.‬‬
‫ودا أأو أن أ‬ ‫النصارى مثل ذلك ‪ ،‬فأنزل هللا هذه اآلية‪ ( .‬أوأقالُوا ُك ُ‬
‫ونوا ُه ً‬
‫‪185‬‬

‫ِ‬
‫اهيم حِن ًيفا وما أك ِ‬ ‫ِه‬
‫فرد هللا عليهم بقوله ‪ ( :‬أبل مل أة ِإب أر أ أ أ أ أ‬
‫ان م أن ال ُمش ِرِك أ‬
‫ين ) ( البقرة ‪/‬‬
‫‪.) ۱۳١‬‬

‫‪ ۹‬ـ التشبث بالكلمات المتشابهة ‪:‬‬

‫كان اليهود َّليألون جهدًا في إثارة القالقل والفتن واَّلستهزاء بالنبي إلى حد يصرون‬
‫على استعمال الكلمات المشتركة بين المعنى الحسن والمعنى القبيح‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال عندما كان النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) يتحدث ‪ ،‬كان‬
‫المسلمون يطلبون منه التأني في التحدث فيقولون ‪ « :‬راعنا » ‪ ،‬بمعنى أمهلنا مشتق‬
‫من مادة « رعى » ‪ ،‬فحرفت اليهود هذه اللفظة ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا محمد راعنا ‪ ،‬وهم‬
‫يلحدون إلى الرعونة يريدون به النقيصة والوقيعة ومعناه « حمقنا » ‪ ،‬وَلجل ذلك‬
‫وافى الوحي وأمر أن يتركوا هذه الكلمة ويستعملوا مكانه « انظرنا » قال سبحانه ‪( :‬‬
‫يم ) (‬ ‫ظرأنا واسمعوا وِلل أك ِاف ِرين ع أذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يا أأي ه ِ‬
‫اب أأل ٌ‬
‫أ أ ٌ‬ ‫آم ُنوا أَّل تأُقوُلوا أراعأنا أوُقولُوا ان ُ أ أ ُ أ‬
‫ين أ‬
‫ُّها الذ أ‬
‫أ أ‬
‫البقرة ‪.) ۱۰٦ /‬‬

‫وقال العالمة الطباطبائي في اآلية نهي شديد عن قول ‪ « :‬راعنا » ‪ ،‬وهذه الكلمة‬
‫ِ هِ‬
‫ين أه ُادوا‬ ‫ذكرتها آية اُخرى وبينت معناها في الجملة وهي قوله تعالى ‪ ( :‬م أن الذ أ‬
‫اض ِع ِه ويُقولُون س ِمعنا وعصينا واسمع غير مسم ٍع ور ِ‬
‫اعأنا أليًّا‬ ‫يح ِرُفون ال أكلِم عن همو ِ‬
‫أأ أ أ أ أ أ أ أ أ أ أ أ ُ أ أأ‬ ‫أ أ أ‬ ‫ُأ أ‬
‫طعنا ِفي ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين ) ( النساء ‪.) ٦٤ /‬‬ ‫الد ِ‬ ‫ِبأألسأنت ِهم أو أ ً‬

‫ومنه يعلم أن اليهود كانوا يريدون بقولهم للنبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ :‬راعنا‬
‫‪ ،‬نحواً من معنى قوله ‪ ( :‬اس أمع أغي أر ُمس أم ٍع ) ‪ ،‬ولذلك ورد النهي عن خطاب رسول‬
‫هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) بذلك وحينئذ ينطبق على ما نقل ‪ :‬إن المسلمين‬
‫كانوا يخاطبون النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) بذلك إذا ألقى إليهم كالماً يقولون‬
‫ول هللاِ » ‪ ،‬يريدون ‪ :‬أمهلنا وانظرنا حتى نفهم ما تقول ‪ ،‬وكانت‬ ‫ِ‬
‫‪ « :‬أراعأنا أيا أرُس أ‬
‫‪186‬‬

‫اللفظة تفيد في لغة اليهود معنى الشتم ‪ ،‬فاغتنم اليهود ذلك فكانوا يخاطبون النبي (‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم ) بذلك ‪ ،‬يظهرون التأدب معه وهم يريدون الشتم ‪ ،‬ومعناه‬
‫اض ِع ِه‬
‫عندهم ‪ :‬اسمع َّلأسمعت ‪ ،‬فنزل ‪ِ ( :‬من هال ِذين هادوا يح ِرُفون ال أكلِم عن همو ِ‬
‫أ أ أ‬ ‫أ أ ُ ُأ أ‬ ‫أ‬
‫اعأنا ‪ ) ...‬ونهى هللا المؤمنين عن‬ ‫ويُقوُلون س ِمعنا وعصينا واسمع غير مسم ٍع ور ِ‬
‫أأ أ أ أ أ أ أ أ أ أ أ أ ُ أ أأ‬
‫الكلمة وأمرهم أن يقولوا ما في معناه وهو ‪ :‬انظرنا ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬أَّل تأُقولُوا ر ِ‬
‫اعأنا أوُقولُوا‬ ‫أ‬
‫ظرأنا ) (‪.)۹‬‬
‫ان ُ‬

‫‪ ۸‬ـ كتمان الحقائق ‪:‬‬

‫سأل معاذ بن جبل ‪ ،‬وسعد بن معاذ ‪ ،‬وخارجة بن زيد ‪ ،‬نف اًر من أحبار اليهود عن‬
‫بعض ما في التوراة ‪ ،‬فكتموهم وأبوا أن يخبروهم عنه ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى فيهم ‪ِ ( :‬إ هن‬
‫اب أُوألـِئ أك‬ ‫ات وال ُه أدى ِمن أبع ِد ما أبهيهناهُ لِلهن ِ‬
‫اس ِفي ال ِكتأ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫هال ِذين يكتُمون ما أ أ ِ‬
‫أ‬ ‫أنزلأنا م أن الأبيأن أ‬ ‫أ أ ُ أ أ‬
‫الال ِع ُنو أن ) ( البقرة ‪.)۸( ) ۱١۸ /‬‬ ‫ه‬
‫اللـه ويلع ُنهم ه‬
‫أيل أع ُن ُه ُم ُ أ أ أ ُ ُ‬

‫ولو أن أحبار اليهود مثل كعب بن اَلشرف وكعب بن أسد وابن صوريا وغيرهم من‬
‫علماء النصارى بينوا للناس ما ورد في التوراة واْلنجيل من أوصافه ( صلى هللا عليه‬
‫وآله وسلم ) لعم اْلسالم شرق العالم وغربه ويا لألسف رجحوا اَّلحتفاظ بمناصبهم‬
‫على ثواب اآلخرة‪.‬‬

‫‪ ۱۰‬ـ النبي اَلكرم وبيت المدارس ‪:‬‬

‫على جماعة من‬ ‫(‪)۱۰‬‬


‫دخل رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) بيت المدارس‬
‫اليهود فدعاهم إلى هللا ‪ ،‬فقال لهم النعمان بن عمرو والحارث بن زيد ‪ :‬على أي دين‬
‫أنت يا محمد ؟ قال ‪ :‬على ملة إبراهيم ودينه ‪ ،‬قال ‪ :‬فإن إبراهيم كان يهودياً‪ .‬فقال‬
‫لهما رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ :‬فهلما إلى التوراة فهي بيننا‬
‫وبينكم‪ .‬فأبيا عليه ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى فيهما ‪ ( :‬أألم تأر ِإألى هال ِذين أُوتُوا ن ِ‬
‫ص ًيبا ِم أن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫‪187‬‬

‫ضو أن * أذلِ أك‬ ‫أف ِر ِ‬


‫يق من ُهم أو ُهم ُّمع ِر ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الل ِـه لِأيح ُك أم أبيأن ُهم ثُ هم أيتأأوهلى‬
‫اب ه‬ ‫اب يد أعو أن ِإألى ِكتأ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫الكتأ ُ‬
‫ِفي ِد ِين ِهم هما أك ُانوا أيفتأ ُرو أن ) ( آل‬ ‫ات أو أغ هرُهم‬ ‫ِب أهنهم أقالُوا ألن تأم هسنا الهنار ِإ هَّل أيهاما همعدود ٍ‬
‫ً ُ أ‬ ‫ُ‬ ‫أ أ‬ ‫ُ‬
‫عمران ‪ ۲۳ /‬و ‪.) ۲٦‬‬

‫وقد رووا أن أحبار اليهود ونصارى نجران إجتمعوا عند رسول هللا ‪ ،‬فقالت اَلحبار ‪:‬‬
‫ما كان إبراهيم إَّل يهودي ًا ‪ ،‬وقالت النصارى من أهل نجران ‪ :‬ما كان إبراهيم إَّل‬
‫يم أو أما‬ ‫اب لِم تُح ُّ ن ِ ِ ِ‬ ‫نصرانياً ‪ ،‬فأنزل هللا عز وجل فيهم ‪ ( :‬يا أأهل ال ِكتأ ِ‬
‫اجو أ في إب أراه أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أ‬
‫يما أل ُكم ِب ِه‬ ‫ِ‬
‫اججتُم ف أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اْلن ِج ِ ه ِ‬
‫يل إَّل من أبعده أأف أال تأعقُلو أن ‪ ‬أها أأنتُم أهـ ُؤأَّلء أح أ‬
‫ُ‬
‫ُنزأل ِت التهوراةُ و ِ‬
‫أ أ‬ ‫أِ‬
‫اللـه يعألم وأأنتُم أَّل تأعألمون ‪ ‬ما أك ِ ِ‬ ‫ه‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِعلم أفلِم تُح ُّ ِ‬
‫يم‬
‫ان إب أراه ُ‬‫ُ أ أ أ‬ ‫يما ألي أس أل ُكم به عل ٌم أو ُ أ ُ أ‬ ‫اجو أن ف أ‬ ‫ٌ أ أ‬
‫ين * ِإ هن أأوألى الهنا ِ‬ ‫وديًّا وأَّل نصرِانيًّا وألـ ِكن أكان حِن ًيفا ُّمسلِما وما أك ِ‬
‫أيه ِ‬
‫س‬ ‫ان م أن ال ُمش ِرِك أ‬ ‫ً أأ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أ أ أ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫هِ‬ ‫اه ه ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫آم ُنوا أوالل ُـه أولِ ُّي ال ُمؤ ِمن أ‬
‫ين ) ( آل عمران ‪٤١ /‬‬ ‫ين اتهأب ُعوهُ أو أهـ أذا الهنِب ُّي أوالذ أ‬
‫ين أ‬ ‫يم أللذ أ‬
‫بإب أر أ‬
‫ـ ‪.)۱۱( ) ٤۹‬‬

‫إن ادعاءهم بأن إبراهيم ( عليه السالم ) كان يهودياً أو نصرانياً نابع عن جهلهم‬
‫المطبق بحياة إبراهيم ‪ ،‬فكيف يكون إبراهيم يهودياً أو نصرانياً وهو والد إسحاق الذي‬
‫هو والد يعقوب المعروف بيهودا فما ظنك بكونه نصرانياً ؟‬

‫عشية ‪:‬‬
‫‪ ۱۱‬ـ اإليمان غدوة والكفر ّ‬

‫لما رأت اليهود أن اْلسالم ينتشر شيئاً فشيئاً ‪ ،‬فحاولوا تشويه سمعته بالتظاهر‬
‫باْلنتماء إلى اْلسالم صباحاً والخروج عنه عشية حتى يلبسوا على المسلمين دينهم‬
‫ويصيروا مثلهم ‪ ،‬فقال جماعة منهم ‪ :‬تعالوا نؤمن بما اُنزل على محمد وأصحابه‬
‫غدوة ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع ويرجعون‬
‫اب لِم أتلِبسون الح هق ِبالب ِ‬
‫اط ِل‬ ‫عن دينه ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى فيهم ‪ ( :‬يا أأهل ال ِكتأ ِ‬
‫أ‬ ‫أ ُ أ أ‬ ‫أ أ‬
‫آم ُنوا ِب هال ِذي أ ِ‬
‫ُنزأل أعألى‬ ‫ط ِائأف ٌة ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ‬
‫اب ِ‬ ‫وتأكتُمون الح هق وأأنتُم تأعألمون * وأقاألت ه‬
‫ُ أ أ‬ ‫أ ُ أ أ أ‬
‫‪188‬‬

‫آخ أرهُ أل أعهل ُهم أير ِج ُعو أن * أوأَّل تُؤ ِم ُنوا ِإ هَّل لِ أمن تأِب أع ِد أين ُكم‬
‫ار واكُفروا ِ‬
‫آم ُنوا أوج أه الهن أه ِ أ ُ‬
‫ين أ‬
‫هِ‬
‫الذ أ‬
‫وكم ِع أند أرِب ُكم ُقل ِإ هن‬ ‫أحٌد ِمث أل أما أُوِتيتُم أأو ُي أح ُّ‬ ‫هِ‬ ‫ِ‬
‫اج ُ‬ ‫ُقل إ هن ال ُه أدى ُه أدى اللـه أأن ُيؤتأى أ أ‬
‫يم ) ( آل عمران ‪ ۷۱ /‬ـ ‪.) ۷۳‬‬‫ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ِ ِ هِ ِ ِ‬
‫اء أوالل ُـه أواس ٌع أعل ٌ‬
‫الأفض أل بأيد اللـه ُيؤتيه أمن أي أش ُ‬

‫‪ ۱۲‬ـ إتهام النبي بأنه ُي أؤِل ُه نفسه ‪:‬‬

‫اجتمعت اَلحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول هللا ( صلى هللا‬
‫عليه وآله وسلم ) فدعاهم إلى اْلسالم ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما‬
‫تعبد النصارى عيسى بن مريم ؟ وقال رجل من أهل نجران ‪ :‬أو ذاك تريد منا يا‬
‫محمد ؟ وإليه تدعونا ؟ فقال رسول هللا ‪ :‬معاذ هللا أن أعبد غير هللا أو آمر بعبادة‬
‫ان‬
‫غيره فما بذلك بعثني هللا وَّل أمرني‪ .‬فأنزل هللا تعالى في ذلك من قولهما ‪ ( :‬أما أك أ‬
‫الل ِـه‬
‫اس ُكونوا ِعبادا لِي ِمن دو ِن ه‬
‫ُ‬ ‫ول للهن ِ ُ أ ً‬
‫النبهوة ثُ هم يُق ِ‬
‫اب أوال ُحك أم أو ُّ ُ أ أ أ‬
‫ه ِ‬ ‫ِ‬
‫لأب أش ٍر أأن ُيؤِتأي ُه الل ُـه الكتأ أ‬
‫اب أوِب أما ُكنتُم تأد ُرُسو أن ‪ ‬أوأَّل أيأ ُم أرُكم أأن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وألـ ِكن ُكونوا رب ِ‬
‫هانِي أ ِ‬
‫ين ب أما ُكنتُم تُ أعل ُمو أن الكتأ أ‬ ‫ُ أ‬ ‫أ‬
‫ين أأرأب ًابا أأأيأ ُم ُرُكم ِبال ُكف ِر أبع أد ِإذ أأنتُم ُّمسلِ ُمو أن ) ( آل عمران ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تأتهخ ُذوا ال أم أالئ أك أة أوالهنِبِي أ‬
‫‪ ۷۸‬و ‪.) ۹۰‬‬

‫ومحصل ما يستفاد من اآلية إن البشر الذي آتاه هللا تعالى الكتاب والحكم والنبوة‬
‫كائناً من كان ـ عيسى كان أم محمد ـ إنما يدعوكم إلى التلبس باْليمان واليقين بما‬
‫في الكتاب الذي تعلمونه وتدرسونه من اُصول المعارف اْللهية واْلتصاف بالملكات‬
‫واَلخالق الفاضلة التي يشتمل عليها والعمل بالصالحات حتى تنقطعوا بذلك إلى‬
‫ربكم وتكونوا به علماء ربانيين‪.‬‬

‫ثم إن الرباني منسوب إلى الرب ‪ ،‬زيد عليه اَللف والنون للدَّللة على التفخيم كما‬
‫يقال « لحياني » لكثير اللحية ونحو ذلك ‪ ،‬فمعنى الرباني شديد اْلختصاص بالرب‬
‫وكثير اْلشتغال بعبوديته وعبادته (‪.)۱۲‬‬
‫‪189‬‬

‫‪ ۱۳‬ـ سعيهم للوقيعة بين اَلنصار ‪:‬‬

‫نزل النبي اَلكرم ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) مدينة يثرب فوجد اَلوس والخزرج في‬
‫شقاق ‪ ،‬فآخى بينهما وجعل الجميع صفاً واحداً في وجه اليهود ‪ ،‬فشق ذلك على‬
‫الكافرين فحاولوا جاهدين أن يشقوا عرى وحدتهم بوسائل مختلفة ‪ ،‬فمر شاس بن‬
‫قيس ـ وكان شيخاً عظيم الكفر ‪ ،‬شديد الضغن على المسلمين ‪ ،‬شديد الحسد عليهم ـ‬
‫على نفر من أصحاب رسول هللا من اَلوس والخزرج ‪ ،‬في مجلس قد جمعهم‬
‫يتحدثون فيه فغاظه ما رأى من ألفهم وجماعتهم ‪ ،‬وصالح ذات بينهم على اْلسالم‬
‫بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية ‪ ،‬وقال ‪ :‬قد اجتمع مأل بني قيلة بهذا‬
‫البالد ‪َّ ،‬ل وهللا ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار ‪ ،‬فأمر فتى شاباً من‬
‫ً‬
‫اليهود كان معهم ‪ ،‬فقال ‪ :‬أعمد إليهم ‪ ،‬فاجلس معهم ثم اذكر يوم بعاث وما كان‬
‫قبله وأنشدهم بعض ما كانوا تقولوا فيه من اَلشعار ‪ ،‬ففعل ذلك الشاب ‪ ،‬فتكلم القوم‬
‫عند ذلك وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجالن من الحيين ‪ ...‬فبلغ ذلك رسول هللا (‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم ) فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين حتى‬
‫جاءهم فقال ‪ :‬يا معشر المسلمين ! هللا هللا ! أبدعوى الجاهلية ‪ ،‬وأنا بين أظهركم‬
‫بعد أن هداكم هللا لإلسالم وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية ‪ ،‬واستنقذكم به‬
‫من الكفر ‪ ،‬وألف به بين قلوبكم ‪ ،‬فعرف القوم أنها نزعة من الشيطان وكيد من‬
‫عدوهم فبكوا وعانق الرجال من اَلوس والخزرج بعضهم بعضاً ثم انصرفوا مع رسول‬
‫هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ ،‬سامعين مطيعين قد أطفأ هللا عنهم كيد عدو هللا‬
‫شاس بن قيس ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى في شاس بن قيس وما صنع ‪ُ ( :‬قل يا أأهل ال ِكتأ ِ‬
‫اب‬ ‫أ أ‬
‫ص ُّدو أن‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ هِ ه ِ‬ ‫ِ‬
‫ل أم تأكُف ُرو أن ب أآيات اللـه أوالل ُـه أشه ٌيد أعألى أما تأع أملُو أن * ُقل أيا أأه أل الكتأاب ل أم تأ ُ‬
‫الل ِـه من آمن تأب ُغونها ِعوجا وأأنتُم ُشهداء وما ه‬
‫الل ُـه ِب أغ ِاف ٍل أع هما تأع أمُلو أن ) (‬ ‫يل ه‬ ‫عن سِب ِ‬
‫أأ ُ أ أ‬ ‫أأ أ ً أ‬ ‫أ أأ‬ ‫أ أ‬
‫آل عمران ‪ ۸۹ /‬و ‪.)۱۳( ) ۸۸‬‬
‫‪191‬‬

‫‪ ۱٦‬ـ الحط من شأن أمن آمن من اليهود ‪:‬‬

‫قد سبق وأن عرفت أن اليهود كانوا ـ ومازالوا ـ أكثر تعصباً لقوميتهم ودينهم وَلجل‬
‫ذلك لم يدخل منهم في اْلسالم إَّل اَلقل القليل مثل عبد هللا بن سالم ‪ ،‬وثعلبة بن‬
‫سعية ‪ ،‬وأسيد بن سعية ‪ ،‬وأسد بن عبيد ومن أسلم من اليهود معهم ‪ ،‬فخاف المأل‬
‫من اليهود أن يدخل اْلسالم في سائر البيوت ‪ ،‬فنشروا بينهم ‪ :‬ما آمن بمحمد‬
‫وَّلاتبعه إَّل ش اررنا ولو كانوا من أخيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره ‪ ،‬فأنزل‬
‫الل ِـه أآنا أء‬
‫ات ه‬‫اب أُ هم ٌة أق ِائم ٌة يتُلون آي ِ‬
‫أ أ أ أ‬
‫هللا تعالى في ذلك ‪ ( :‬أليسوا سواء ِمن أأه ِل ال ِكتأ ِ‬
‫ُ أأ ً‬
‫ه‬
‫اللي ِل أو ُهم أيس ُج ُدو أن ) ( آل عمران ‪.) ۱۱۳ /‬‬

‫‪ ۱١‬ـ دعوة المسلمين إلى البخل ‪:‬‬

‫كان اْلسالم ينتشر صيته في الربوع واآلفاق بفضل ما كان يمتلكه من مبادئ سامية‬
‫وقيم مثالية وإيثار معتنقيه النفس والنفيس ‪ ،‬فشق ذلك على اليهود فحاولوا خداع‬
‫المسلمين حتى يصدوهم عن البذل في سبيل نصرة الدعوة المحمدية وخوفوهم بحلول‬
‫القحط‪.‬‬

‫قال ابن هشام ‪ :‬كان رجال من اليهود يأتون رجا ً‬


‫َّل من اَلنصار يخالطونهم‬
‫ينتصحون لهم من أصحاب رسول هللا ‪ ،‬فيقولون لهم ‪َّ :‬لتنفقوا أموالكم فإننا نخشى‬
‫عليكم الفقر في ذهابها وَّلتسارعوا في النفقة فإنكم َّلتدرون على ما يكون ‪ ،‬فأنزل هللا‬
‫الل ُـه ِمن أفضلِ ِه‬
‫فيهم ‪ ( :‬هال ِذين يبخُلو أن ويأمرو أن الهناس ِبالبخ ِل ويكتُمو أن ما آتأاهم ه‬
‫ُُ‬ ‫أ ُ أأ ُ أ‬ ‫أ أ ُُ‬ ‫أ أ أ‬
‫ين أع أذ ًابا ُّم ِه ًينا ) ( النساء ‪.) ۳۷ /‬‬ ‫ِ ِ‬
‫أوأأعتأدأنا لل أكاف ِر أ‬

‫‪ ۱٤‬ـ تفضيلهم الوثنية على اْلسالم ‪:‬‬

‫كانت فكرة تأليب العرب هي الفكرة التي إختمرت في نفوس يهود المدينة خصوصاً‬
‫بعد غزوة بدر وأُحد ‪ ،‬فخرجوا من المدينة نازلين بمكة ‪ ،‬فقالت قريش لليهود ‪ :‬يا‬
‫‪191‬‬

‫معشر اليهود إنكم أهل الكتاب اَلول وأهل العلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد‬
‫أ أفديننا خير أم دينه ؟ قالت اليهود ‪ :‬بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق منه ‪،‬‬
‫صيبا ِم أن ال ِكتأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬
‫اب ُيؤ ِم ُنو أن‬ ‫فنزل القرآن رداً عليهم بقوله ‪ ( :‬أألم تأأر ِإألى الذ أ‬
‫ين أُوتُوا أن ً‬
‫يال * أُوألـِئ أك‬ ‫ِ هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِه ِ‬ ‫الط ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫آم ُنوا أسِب ً‬
‫ين أ‬ ‫اغوت أوأيُقوُلو أن للذ أ‬
‫ين أكأف ُروا أهـ ُؤأَّلء أأه أدى م أن الذ أ‬ ‫ِبال ِجبت أو ُ‬
‫اللـه أفألن تأ ِجد أله ن ِ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫هِ‬
‫ير ) ( النساء ‪ ١۱ /‬و ‪.) ١۲‬‬ ‫ص ًا‬ ‫أ ُأ‬ ‫ين أل أعأن ُه ُم الل ُـه أو أمن أيل أع ِن ُ‬
‫الذ أ‬

‫وفي موقف اليهود هذا من قريش وتفضيلهم وثنيتهم على توحيد محمد ( صلى هللا‬
‫عليه وآله وسلم ) ‪ ،‬يقول الدكتور إسرائيل ولفنسون في كتابه ( تاريخ اليهود في بالد‬
‫العرب ) ‪:‬‬

‫« كان من واجب هؤَّلء أَّل يتورطوا في مثل هذا الخطأ الفاحش وأَّل يصرحوا أمام‬
‫زعماء قريش بأن عبادة اَلصنام أفضل من التوحيد اْلسالمي ولو أدى بهم اَلمر‬
‫إلى عدم إجابة مطالبهم َلن بني إسرائيل الذين كانوا مدة قرون حاملي ارية التوحيد‬
‫في العالم بين اَّلُمم الوثنية بإسم اآلباء اَلقدمين والذين نكبوا بنكبات َّلتحصى من‬
‫تقتيل وإضطهاد بسبب إيمانهم باله واحد في عصور شتى من اَلدوار التاريخية ‪،‬‬
‫كان من واجبهم أن يضحوا بحياتهم وكل عزيز لديهم في سبيل أن يخذلوا المشركين‬
‫‪ ،‬هذا فضالً عن أنهم بإلتجائهم إلى عبدة اَلصنام إنما كانوا يحاربون أنفسهم‬
‫ويناقضون تعاليم التوراة التي توصيهم بالنفور من أصحاب اَلصنام وبالوقوف منهم‬
‫موقف الخصومة » (‪.)۱٦‬‬

‫‪ ۱۷‬ـ إدعاؤهم أنهم أحباء هللا وأصفياؤه ‪:‬‬

‫أتى رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) جماعة من اليهود فكلموه وكلمهم رسول‬
‫هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ودعاهم إلى هللا وحذرهم نقمته ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى‬
‫ُي أع ِذ ُب ُكم ِب ُذ ُنوِب ُكم أبل‬ ‫هاؤهُ ُقل أفلِ أم‬ ‫فيهم ‪ ( :‬وأقاأل ِت اليهود والهنصارى أنحن أأبأن ه ِ ِ‬
‫اء اللـه أوأأحب ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أُ ُ أ أ أ‬ ‫أ‬
‫‪192‬‬

‫ِ‬
‫ات واَلأر ِ‬
‫ض‬ ‫اء أولِهل ِـه ُمل ُك ه‬
‫الس أم أاو أ‬
‫ِ‬
‫اء أوُي أعذ ُب أمن أي أش ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أأنتُم أب أشٌر م همن أخأل أق أيغف ُر ل أمن أي أش ُ‬
‫ص ُير ) ( المائدة ‪.) ۱۹ /‬‬ ‫وما بينهما وإِألي ِه الم ِ‬
‫أ‬ ‫أ أ أ أُ أ أ‬

‫‪ ۱۹‬ـ إنكارهم نزول كتاب بعد موسى ‪:‬‬

‫دعا رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) اليهود إلى اْلسالم ورغبهم فيه ‪،‬‬
‫وحذرهم ِغ أير هللا وعقوبته ‪ ،‬فأبوا عليه وكفروا بما جاءهم به ‪ ،‬فقال لهم معاذ بن جبل‬
‫وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب ‪ :‬يا معشر اليهود إتقو هللا فوهللا إنكم لتعلمون أنه‬
‫رسول هللا ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه لنا بصفته ‪ ،‬فقال بعضهم ‪ :‬ما‬
‫قلنا لكم هذا قط وما أنزل هللا من كتاب بعد موسى وَّلأرسل بشي اًر وَّلنذي اًر بعده ‪،‬‬
‫فأنزل هللا تعالى في ذلك من قولهما ‪:‬‬

‫اءأنا‬ ‫اب أقد جاء ُكم رسوُلأنا يبِي ُن أل ُكم عألى أفترٍة ِم أن ُّ ِ‬‫( يا أأهل ال ِكتأ ِ‬
‫الرُسل أأن تأُقوُلوا أما أج أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُأ‬ ‫أ أ أُ‬ ‫أ أ‬
‫الل ُـه أعألى ُك ِل أشي ٍء أق ِد ٌير ) ( المائدة ‪/‬‬
‫ير أفأقد جاء ُكم ب ِشير ون ِذير و ه‬
‫أ أ أ ٌ أأ ٌ أ‬ ‫ير أوأَّل أن ِذ ٍ‬
‫ِمن أب ِش ٍ‬
‫‪.)۱١( ) ۱۸‬‬

‫‪ ۱۸‬ـ رجوعهم إلى النبي في حكم الرجم ‪:‬‬

‫إن أحبار اليهود إجتمعوا في بيت المدارس ‪ ،‬حين قدم رسول هللا المدينة وقد زنى‬
‫رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من اليهود قد أحصنت ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬إبعثوا بهذا الرجل‬
‫وهذه المرأة إلى محمد فسلوه كيف الحكم فيهما ‪ ،‬وولوه الحكم عليهما فإن عمل فيهما‬
‫بعمل من التجبية فاتبعوه فإنما هو ملك وصدقوه ‪ ،‬وإن هو حكم فيهما بالرجم فإنه‬
‫نبي فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه ‪ ،‬فأتوه فقالوا ‪ :‬يا محمد ! هذا رجل قد‬
‫زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت فاحكم فيهما ‪ ،‬فقد وليناك الحكم فيهما ‪ ،‬فمشى‬
‫رسول هللا حتى أتى أحبارهم في بيت المدارس ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا معشر اليهود ! أخرجوا‬
‫إلي علماؤكم ‪ ،‬فاُخرج له عبد هللا بن صوريا وغيره ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬هؤَّلء علماؤنا ‪ ،‬وقالوا ‪:‬‬
‫‪193‬‬

‫إن عبدهللا ابن صوريا أعلم من بقى بالتوراة ‪ ،‬فخلي به رسول هللا وكان غالماً شاباً‬
‫من أحدثهم سناً ‪ ،‬فألح رسول هللا عليه المسألة وقال له ‪ :‬أنشدك هللا واُذكرك بأيامه‬
‫عند بني إسرائيل ‪ ،‬هل تعلم أن هللا حكم في من زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة‬

‫قال ‪ :‬اللهم نعم ! أما وهللا يا أبا القاسم إنه ليعرفونك أنك لنبي مرسل ولكنهم‬
‫يحسدونك ‪ ،‬فخرج رسول هللا فأمر بهما فرجما في باب مسجده ‪ ،‬ثم كفر بعد ذلك ابن‬
‫ين‬ ‫الرسول أَّل يحز ه ِ‬
‫نك الذ أ‬ ‫ُّها ه ُ ُ أ ُ أ‬ ‫صوريا وجحد نبوة رسول هللا ‪ ،‬فأنزل هللا سبحانه ‪ ( :‬أيا أأي أ‬
‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ هِ‬ ‫ِ‬
‫ين أه ُادوا‬ ‫وب ُهم أو ِم أن الذ أ‬ ‫آمهنا ِبأأف أواه ِهم أوألم تُؤ ِمن ُقُل ُ‬ ‫ارُعو أن في ال ُكف ِر م أن الذ أ‬
‫ين أقاُلوا أ‬
‫ُيس ِ‬
‫أ‬
‫اض ِع ِه‬
‫س هماعون لِل أك ِذ ِب س هماعون لِأقو ٍم آخ ِرين ألم يأتُوك يح ِرُفون ال أكلِم ِمن بع ِد مو ِ‬
‫أ أأ‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ أ ُأ أ‬ ‫أ ُ أ‬ ‫أ ُ أ‬
‫الل ُـه ِفتأنتأ ُه أفألن تأملِ أك أل ُه‬
‫يُقولُو أن ِإن أُوِتيتُم هـ أذا أفخ ُذوه وإِن هلم تُؤتأوه أفاح أذروا ومن ي ِرِد ه‬
‫ُ أأ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ ُ ُأ‬ ‫أ‬
‫الدنأيا ِخزٌي أوأل ُهم ِفي‬
‫وب ُهم أل ُهم ِفي ُّ‬ ‫الل ِـه أشيًئا أُوألـِئك اهل ِذين ألم ي ِرِد ه‬
‫ِمن ه‬
‫ط ِه أر ُقُل أ‬
‫الل ُـه أأن ُي أ‬ ‫أ ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وك أفاح ُكم أبيأن ُهم أأو‬
‫اء أ‬ ‫اعو أن لِل أك ِذ ِب أ هكالُو أن لِ ُّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخ أرِة أع أذ ٌ‬
‫لسحت أفإن أج ُ‬ ‫يم * أس هم ُ‬ ‫اب أعظ ٌ‬
‫وك أشيًئا أوإِن أح أكم أت أفاح ُكم أبيأن ُهم ِبال ِقس ِط‬ ‫أأع ِرض أعن ُهم أوإِن تُع ِرض أعن ُهم أفألن أي ُ‬
‫ض ُّر أ‬
‫ِ ِ‬ ‫ه ِ‬
‫ين ) ( المائدة ‪ ٦۱ /‬و ‪.) ٦۲‬‬ ‫ِإ هن الل أـه ُيح ُّب ال ُمقسط أ‬

‫ونقل ابن هشام عن ابن إسحاق ‪ :‬إنه لما حكموا رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم ) فيهما ‪ ،‬دعاهم بالتوراة وجلس حبر منهم يتلوها وقد وضع يده على آية الرجم‬
‫فضرب عبد هللا بن سالم يد الحبر ثم قال ‪ :‬هذه يا نبي هللا آية الرجم يأبى أن يتلوها‬
‫عليك ‪ ،‬فقال لهم رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ :‬ويحكم يا معشر يهود !‬
‫ما دعاكم إلى ترك حكم هللا وهو بأيديكم ؟ قال ‪ « :‬فقالوا أما وهللا أنه قد كان فينا‬
‫يعمل به ‪ ،‬حتى زنى رجل منا بعد إحصانه من بيوت الملوك وأهل الشرف فمنعه‬
‫الملك من الرجم ثم زنى رجل بعده فأراد أن يرجمه فقالوا ‪َّ :‬ل وهللا حتى ترجم فالناً !‬
‫فلما قالوا له ذلك إجتمعوا فأصلحوا أمرهم على التجبية وأماتوا ذكر الرجم ‪ ،‬والعمل به‬
‫»‪ .‬قال ‪ :‬فقال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ :‬فأنا أول من أحيا أمر هللا‬
‫‪194‬‬

‫وكتابه وعمل به ‪ ،‬ثم أمر بهما فرجما عند باب مسجده ‪ ،‬قال عبد هللا بن عمر ‪:‬‬
‫فكنت فيمن رجمهما (‪.)۱۷‬‬

‫‪ ۲۰‬ـ ظلمهم في الدية ‪:‬‬

‫كانت قبيلة بني النضير يؤدون الدية كاملة وبنو قريظة كانوا يؤدون نصف الدية‬
‫فتحاكموا في ذلك إلى رسول هللا ‪ ،‬فنزل قوله سبحانه ‪ ( :‬أوإِن أح أكم أت أفاح ُكم أبيأن ُهم‬
‫ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ِبالقسط ِإ هن الل أـه ُيح ُّب ال ُمقسط أ‬
‫ين ) ( المائدة ‪.) ٦۲ /‬‬

‫فحملهم رسول هللا على الحق ذلك وجعل الدية سواء‪.‬‬

‫‪ ۲۱‬ـ قصدهم الفتنة برسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ‪:‬‬

‫قال جماعة من اليهود ‪ :‬اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فإنما هو بشر ‪،‬‬
‫فأتوه فقالوا له ‪ « :‬يا محمد إنك قد عرفت انا أحبار اليهود وأشرافهم وسادتهم وإنا إن‬
‫إتبعناك إتبعتك اليهود ولم يخالفنا وإن بيننا وبين بعض قومنا خصومة أفنحاكمهم‬
‫إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن بك ونصدقك ؟ » فأبى ذلك رسول هللا ‪ ،‬فأنزل هللا‬
‫وك أعن‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬ ‫أن اح ُكم بينهم ِبما أ أ ه‬ ‫فيهم ‪ ( :‬أوأ ِ‬
‫اء ُهم أواح أذرُهم أأن أيفت ُن أ‬
‫أنزأل الل ُـه أوأَّل تأتبع أأه أو أ‬ ‫أ أُ أ‬
‫ض ُذ ُنوِب ِهم أوِإ هن‬ ‫اللـه أأن ي ِ‬
‫ص أيب ُهم ِبأبع ِ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ض ما أ أ ه‬
‫أنزأل الل ُـه ِإألي أك أفِإن تأأولوا أفاعألم أهن أما ُي ِر ُيد ُ ُ‬ ‫أ‬
‫أبع ِ‬

‫الل ِـه ُحك ًما لِأقو ٍم‬


‫هة يب ُغو أن ومن أأحسن ِمن ه‬
‫أُ أ‬ ‫أأ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ير ِمن الهن ِ ِ‬
‫اس ألأفاسُقو أن ‪ ‬أأف ُحك أم ال أجاهلي أ‬
‫ِ‬
‫أكث ًا أ‬
‫ُيوِق ُنو أن ) ( المائدة ‪ ٦۸ /‬و ‪.) ١۰‬‬

‫‪ ۲۲‬ـ إنكار نبوة المسيح ‪:‬‬

‫مناصبة اليهود العداء للمسيحيين لها جذور متأصلة في التاريخ فمذ أعلن المسيح‬
‫ال‬
‫بنبوته ورسالته قامت اليهود في وجهه وأنكروا رسالته ‪ ،‬يقول سبحانه ‪ ( :‬أوإِذ أق أ‬
‫ص ِد ًقا لِ أما أبي أن أي أد هي ِم أن التهوأرِاة‬ ‫هِ ِ‬ ‫ِعيسى ابن مريم يا بِني ِإسرِائ ِِ‬
‫ول اللـه إألي ُكم ُّم أ‬
‫يل إني أرُس ُ‬
‫أ أ‬ ‫ُ أ أأ أ أ‬ ‫أ‬
‫‪195‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ ِ‬


‫اء ُهم ِبالأبِيأنات أقاُلوا أهـ أذا سحٌر ُّمِب ٌ‬
‫ين‬ ‫أو ُمأبش ًار ب أرُسول أيأتي من أبعدي اس ُم ُه أأح أم ُد أفأل هما أج أ‬
‫) ( الصف ‪.) ٤ /‬‬

‫نعم نرى اليوم تحالف اليهود مع المسيحيين لضمان المصالح المشتركة التي على‬
‫رأسها وأهمها القضاء على اْلسالم وإبعاده عن المجتمع والحياة ‪ ،‬وَلجل ذلك نرى أن‬
‫البابا قام مؤخ اًر بزيارة الكنيست اليهودي في روما وأعلن خالل زيارته له براءة اليهود‬
‫من دم المسيح من أجل توحيد الصف ودعم الجهود الكفيلة بالقضاء على المسلمين‬
‫ودينهم ‪ ،‬ولكنهم في الواقع والحقيقة َّلزالوا يكنون نفس العداء التاريخي المتأصل في‬
‫نفوسهم‪.‬‬

‫روي أن نف اًر من اليهود أتوا رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) فسألوه عمن‬
‫يؤمن به من الرسل ؟ فقال ‪ :‬اُؤمن باّلل ‪ ،‬فعند ذاك جحدوا نبوة المسيح وقالوا وهللا ما‬
‫شر من دينكم ‪ ،‬فأنزل هللا ‪( :‬‬ ‫نعلم أهل دين قط أخطأ في الدنيا واآلخرة منكم وَّلديناً اً‬
‫ُنزأل ِمن أقب ُل‬ ‫الل ِـه أوما أ ِ‬
‫ُنزأل ِإأليأنا أوما أ ِ‬ ‫اب هل تأ ِنقمو أن ِمهنا ِإ هَّل أأن آمهنا ِب ه‬ ‫ِ‬
‫ُقل أيا أأه أل الكتأ ِ أ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬
‫اسُقو أن ) ( المائدة ‪.)۱۹( ) ١۸ /‬‬ ‫أن أأكثأرُكم أف ِ‬
‫أوأ ه أ‬

‫‪ ۲۳‬ـ إشراكهم باّلل عز وجل ‪:‬‬

‫إن العصبية العمياء ربما تبلغ باْلنسان حداً ينكر ما كان يدين به هو وقومه طيلة‬
‫قرون إنصرمت ‪ ،‬فهؤَّلء اليهود المعاصرون كانوا يفتخرون ويتمجدون بدين التوحيد ‪،‬‬
‫وأنهم ضحوا في سبيله نفسهم ونفيسهم ‪ ،‬ولكنهم لما أروا أن النبي اَلكرم يدعو إلى‬
‫هذا المبدأ ‪ ،‬ويتخد منه الحجر اَلساس لدعوته ‪ ،‬عادوا ينكرونه ويروجون الشرك‬
‫تشفياً لغيظهم وحنقهم‪.‬‬

‫أتى رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) جماعة من اليهود فقالوا له ‪ :‬يا محمد‬
‫أما تعلم مع هللا إله غيره ؟ فقال رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ « :‬هللا َّل‬
‫‪196‬‬

‫أي‬‫إله إَّل هو بذلك بعثت وإلى ذلك أدعوا » ‪ ،‬فأنزل هللا فيهم وفي قولهم ‪ُ ( :‬قل أ ُّ‬
‫ُنذ أرُكم ِب ِه أو أمن‬
‫ُوحي ِإأل هي هـ أذا الُقرآن َِل ِ‬
‫اللـه ش ِهيد بيِني وبينكم وأ ِ‬
‫أشي ٍء أأكبر أشهادة ُق ِل ه‬
‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ُ أ ٌ أ أأ أُ أ أ‬ ‫أُ أ أ ً‬
‫الل ِـه آلِه ًة أُخرى ُقل هَّل أأشهد ُقل ِإهنما هو ِإألـه و ِ‬
‫احٌد أوِإهنِني‬ ‫أن مع ه‬ ‫ِ‬
‫أ ُأ ٌ أ‬ ‫أُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أبأل أغ أأئهن ُكم ألتأش أه ُدو أن أ ه أ أ‬
‫يء ِم هما تُش ِرُكو أن ) ( اَلنعام ‪.)۱۸( ) ۱۸ /‬‬ ‫أب ِر ٌ‬

‫‪ ۲٦‬ـ سؤالهم عن محين الساعة ‪:‬‬

‫الل أـه ِع أندهُ ِعل ُم‬


‫تعلقت مشيئته الحكيمة بكتمان وقت الساعة ‪ ،‬قال سبحانه ‪ِ ( :‬إ هن ه‬

‫اع ِة ) ( لقمان ‪ ، ) ۳٦ /‬ومع ذلك جاء جماعة من اليهود قالوا ‪ :‬أخبرنا متى‬ ‫الس أ‬
‫ه‬
‫الس ِ‬
‫اها‬ ‫اعة أي أ‬
‫هان ُمرأس أ‬ ‫ون أك أع ِن ه أ‬ ‫تقوم الساعة إن كنت نبياً ‪ ،‬فنزل قوله سبحانه ‪ ( :‬أيس ألُ أ‬
‫ات واَلأر ِ‬ ‫ِ‬ ‫يها لِ أوقِت أها ِإ هَّل ُه أو ثأُقألت ِفي ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ض أَّل‬ ‫الس أم أاو أ‬ ‫ُقل إهن أما عل ُم أها ع أند أرِبي أَّل ُي أجل أ‬
‫الل ِـه وألـ ِك هن أأكثأأر الهن ِ‬
‫اس‬ ‫يكم ِإ هَّل بغتأ ًة يس ألُونك أك أهنك ح ِف ٌّي عنها ُقل ِإهنما ِعلمها ِعند ه‬
‫أ ُأ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أ أأ‬ ‫تأأِت ُ‬
‫أ‬
‫أَّل أيعأل ُمو أن ) ( اَلعراف ‪.) ۱۹۷ /‬‬

‫ولم يكن هذا السؤال إَّل تعنتاً وعناداً َلنهم هم الذين ذكروا لقريش ‪ :‬إسألوا محمداً عن‬
‫وقت الساعة فإن خول علمها إلى هللا سبحانه فاعلموا أنه نبي ‪.)۲۰( ...‬‬

‫هذه نماذج من مناظراتهم ومشاغباتهم التي تنم عن مبلغ لجاجهم وعنادهم ومما‬
‫يصور لك طبيعتهم‪.‬‬

‫‪ ۲١‬ـ تهجمهم على ذات هللا عز وجل ‪:‬‬

‫أتى رهط من اليهود إلى رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) فقالوا ‪ :‬يا محمد‬
‫هذا هللا خلق الخلق ‪ ،‬فمن خلق هللا ؟ فغضب رسول هللا حتى انتقع لونه ثم‬
‫غضباً لربه ‪ ،‬فجاءه جبرئيل ( عليه السالم ) فسكنه فقال ‪ :‬خفض عليك‬ ‫(‪)۲۱‬‬
‫ساورهم‬
‫الص أم ُد *‬ ‫اللـه أأحٌد * ه‬
‫الل ُـه ه‬ ‫ه‬
‫يا محمد ‪ ،‬وجاءه عن هللا بجواب ما سألوه عنه ‪ُ ( :‬قل ُه أو ُ أ‬
‫أحٌد )‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ألم أيلد أوألم ُيوألد * أوألم أي ُكن ل ُه ُكُف ًوا أ أ‬
‫‪197‬‬

‫فلما تالها عليهم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬فصف لنا يا محمد كيف خلقة ( هللا ) ‪ ،‬كيف ذراعه ‪،‬‬
‫كيف عضده ؟ فغضب رسول هللا أشد من غضبه اَلول وساورهم ‪ ،‬فأتى جبرئيل‬
‫فقال له مثل ما قال له أول مرة ‪ ،‬وجاءه من هللا تعالى بجواب ما سألوه يقول هللا‬
‫ات‬ ‫ام ِة أو ه‬
‫الس أم أاو ُ‬
‫ِ‬
‫ضتُ ُه أيوأم القأي أ‬
‫يعا أقب أ‬
‫ِ‬
‫ض أجم ً‬
‫ه‬
‫تعالى ‪ ( :‬أو أما أق أد ُروا الل أـه أح هق أقد ِِره أواَلأر ُ‬
‫هات ِبأي ِم ِين ِه ُسب أح أان ُه أوتأ أعاألى أع هما ُيش ِرُكو أن ) ( الزمر ‪.) ٤۷ /‬‬
‫أمط ِوي ٌ‬

‫‪ ۲٤‬ـ طلبهم كتاباً من السماء ‪:‬‬

‫إن اليهود كانت جاهلة بحكمة نزول القرآن تدريجياً وقد ورد النص بها في غير واحد‬
‫من اآليات ‪ ،‬قال سبحانه ‪ ( :‬وأقال هال ِذين أكأفروا ألوأَّل ُن ِزل عألي ِه الُقرآن جمأل ًة و ِ‬
‫اح أد ًة‬ ‫ُ ُ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ ُ‬ ‫أ أ‬
‫ك أوأرهتلأناهُ تأرِت ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يال ) ( الفرقان ‪.) ۳۲ /‬‬ ‫أك أذل أك ل ُنثأِب أت ِبه ُف أؤ أاد أ‬

‫إن في نزول القرآن تدريجياً منجماً حسب الوقائع واَلحداث لدَّللة واضحة على أنه‬
‫وحي إلهي ينزل شيئاً فشيئاً حسب الحاجات وليس شيئاً متعلماً عن ذي قبل من إنس‬
‫أو جن ‪ ،‬ولكن جهل اليهود بحكمته دعاهم إلى أن يطلبوا عن رسول هللا نزول القرآن‬
‫جملة واحدة من السماء حتى يروا باُم أعينهم أنه كتاب سماوي اُنزل من عند هللا‬
‫سبحانه وهم يضاهئون في هذا اْلقتراح قول المشركين في مكة (‪.)۲۲‬‬

‫أتى جماعة من اليهود رسول هللا ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا محمد ! إن هذا الذي جئت به لحق‬
‫من عند هللا ؟ فإنا َّلنراه متسقاً كما تتسق التوراة ؟ فقال لهم رسول هللا ‪ :‬أما وهللا‬
‫َلنكم لتعرفون أنه من عند هللا تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة ولو اجتمعت‬
‫اْلنس والجن على أن يأتوا بمثله ما جاءوا به ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا محمد أما يعلمك هذا انس‬
‫وَّلجن ؟ فقال لهم رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ :‬أما وهللا إنكم تعلمون‬
‫أنه من عند هللا وإني لرسول هللا تجدون ذلك مكتوباً عندكم في التوراة ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا‬
‫محمد فإن هللا يصنع لرسول إذا بعثه ما يشاء ويقدر منه على ما أراد ‪ ،‬فأنزل علينا‬
‫‪198‬‬

‫كتاباً من السماء نقرأه ونعرفه وإَّل جئناك بمثل ما تأتي به ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى فيهم‬
‫نس أوال ِج ُّن أعألى أأن أيأتُوا ِب ِمث ِل أهـ أذا الُقر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫هِ‬
‫آن أَّل أيأتُو أن‬ ‫وفيما قالوا ‪ُ ( :‬قل لئ ِن اجتأ أم أعت اْل ُ‬
‫ظ ِه ًا‬ ‫ض ُهم لِأبع ٍ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ير ) ( اْلسراء ‪.) ۹۹ /‬‬ ‫ض أ‬ ‫ِبمثله أوألو أك أ‬
‫ان أبع ُ‬

‫‪ ۲۷‬ـ تحويل القبلة إلى الكعبة ‪:‬‬

‫كان النبي اَلكرم ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) يصلي إلى بيت المقدس في المدينة‬
‫من الهجرة ‪ ،‬وكانت اليهود تعير المسلمين على‬ ‫(‪)۲۳‬‬
‫المنورة إلى سبعة عشر شه ار‬
‫تبعية قبلتهم ويتفاخرون بذلك عليهم ‪ ،‬فحزن رسول هللا ذلك فخرج في سواد الليل‬
‫يقلب وجهه في السماء ينتظر الوحي من هللا سبحانه وكشف همه ‪ ،‬فنزل الوحي بقبلة‬
‫السم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُّ‬
‫اء‬ ‫جديدة ‪ ،‬فقطع تعييرهم وتفاخرهم ‪ ،‬قال سبحانه ‪ ( :‬أقد أن أرى تأأقل أب أوجه أك في ه أ‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اها أف أول أوج أه أك أشط أر ال أمس ِجد ال أح أار ِم أو أحي ُث أما ُكنتُم أف أولوا ُو ُج أ‬
‫وه ُكم‬ ‫ض أ‬ ‫أفأل ُن أولِأيهن أك قبأل ًة تأر أ‬
‫أشطره وِإ هن هال ِذين أُوتُوا ال ِكتأاب أليعألمو أن أهنه الح ُّق ِمن هربِ ِهم وما ه‬
‫الل ُـه ِب أغ ِاف ٍل أع هما أيع أمُلو أن‬ ‫أأ‬ ‫ُ أ‬ ‫أ أ ُ‬ ‫أ‬ ‫أُ أ‬
‫) ( البقرة ‪.) ۱٦٦ /‬‬

‫وروى الصدوق أن النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) صلى إلى بيت المقدس ثالث‬
‫عشرة سنة وتسعة عشر شه اًر بالمدينة ثم عيرته اليهود ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬إنك تابع قبلتنا‬
‫فاغتم لذلك غماً شديداً ‪ ،‬فلما كان في بعض الليل خرج يقلب وجهه في آفاق السماء‬
‫فلما أصبح صلى الغداة فلما صلى من الظهر ركعتين جاء جبرئيل فقال له ‪ ( :‬أقد‬
‫اها أف أو ِل أوج أه أك أشط أر ال أمس ِج ِد ال أح أار ِم‬
‫ض أ‬
‫ِ‬ ‫نرى تأأقُّلب وج ِهك ِفي ه ِ‬
‫الس أماء أفأل ُن أولِأيهن أك قبأل ًة تأر أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫أأ‬
‫‪ ) ...‬ثم أخذ بيد النبي فحول وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه وجوههم حتى قام‬
‫الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال ‪ ،‬فكان أول صالته إلى بيت المقدس وآخرها‬
‫إلى الكعبة ‪ ،‬فبلغ الخبر مسجداً بالمدينة وقد صلى أهله من العصر ركعتين فحولوا‬
‫نحو القبلة ‪ ،‬فكان أول صالتهم إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة فسمي ذلك‬
‫المسجد مسجد القبلتين (‪.)۲٦‬‬
‫‪199‬‬

‫وقد أثار هذا اَلمر أسئلة واعتراضات من جانب اليهود بل المؤمنين أنفسهم وجاء‬
‫الذكر الحكيم مجيباً عنها بما يلي ‪:‬‬

‫‪ ۱‬ـ أتى جماعة من اليهود مثل رفاعة بن قيس وكعب بن اَلشرف وغيرهما فقالوا ‪:‬‬
‫يا محمد ما وَّلك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه‬
‫أرجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك‪ .‬وإنما يريدون بذلك فتنته عن دينه‬
‫اء ِم أن‬
‫السأف أه ُ‬
‫ول ُّ‬
‫‪ ،‬وهذا هو اَّلعتراض الذي يتناوله الوحي مشفوعاً بالجواب ‪ ( :‬أسأيُق ُ‬
‫اس أما أوهَّل ُهم أعن ِقبألِت ِه ُم هالِتي أك ُانوا أعألي أها ) وبعبارة اُخرى إن التحول كان بأمر من‬
‫الهن ِ‬

‫هللا فكيف يأمر به مع انه هو الذي جعل بيت المقدس قبلة فكيف ينقض حكمه‬
‫وينسخ ما شرعه ( واليهود من القائلين بامتناع النسخ ) وإن كان بغير أمر هللا فهو‬
‫انحراف عن الصراط المستقيم‪.‬‬

‫وأما الجواب فهو إن جعل بيت من البيوت أو بناء من اَلبنية قبلة ليس َّلقتضاء‬
‫ذاتي فيه يستحيل التعدي عنه ‪ ،‬بل جميع اَلجسام واَلبنية بل جميع الجهات من‬
‫الشرق والغرب إليه سبحانه على السواء يحكم فيها ما يشاء وكيف يشاء ومتى شاء ‪،‬‬
‫وان اْلعتراض نابع من قلة عقلهم أو عدم استقامته في درك حقيقة التشريع‪.‬‬

‫اء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِق‬ ‫ِه ِ‬


‫وإلى هذا الجواب يشير قوله سبحانه ‪ُ ( :‬قل للـه ال أمشر ُ أوال أمغر ُب أيهدي أمن أي أش ُ‬
‫صر ٍ‬
‫اط ُّمستأ ِقي ٍم ) ( البقرة ‪.) ۱٦۲ /‬‬ ‫ِ ِ‬
‫إألى أ‬

‫‪ ۲‬ـ لما كان المقدر أن تكون الكعبة هي القبلة اَلخيرة فما هو السبب في جعل بيت‬
‫المقدس قبلة اُولى للمسلمين ؟‬

‫والجواب ‪ :‬إن المصالح كانت تقتضي أن يصلي المسلمون إلى القبلة اَّلُولى في مكة‬
‫والمدينة في أوائل البعثة وأوائل الهجرة وذلك َلن النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم )‬
‫في مكة المكرمة وبعد الهجرة بقليل كان مبتلى بالمشركين الذين َّليصلون هلل سبحانه‬
‫‪211‬‬

‫ٍ‬
‫فعندئذ أمر النبي بالصالة إلى بيت‬ ‫وَّليعبدونه وإنما يعبدون اَلوثان واَلصنام ‪،‬‬
‫المقدس ( الذي كان الموحدون من اليهود والنصارى يصلون إليه ) حتى يتميز‬
‫الموحدون عن المشركين ويكون ذلك سمة التوحيد وعالمته ‪ ،‬فكانت الصالة إلى بيت‬
‫المقدس وسيلة لتميز الموحدين عن المشركين‪.‬‬

‫ولما كانت العرب شديدة اَّلُلفة بمكة وقبلتها فأحب هللا تعالى أن يمتحن القوم بغير‬
‫ما ألفوا ليميز من يتبع الرسول عمن ينقلب على عقبيه‪.‬‬

‫وَلجل هذين الوجهين ( تميز الموحدون عن المشركين وامتحان من يتبع الرسول ممن‬
‫ينقلب على عقبيه من العرب اآللفة بمكة وقبلتها ) أمر المسلمون بالصالة إلى بيت‬
‫نت أعألي أها ِإ هَّل‬ ‫ِ هِ‬
‫المقدس مؤقتاً وإلى ذلك يشير قوله سبحانه ‪ ( :‬أو أما أج أعلأنا القبأل أة التي ُك أ‬
‫هِ‬ ‫ه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرس ِ‬ ‫ِ‬
‫ين أه أدى‬ ‫ول م همن أينأقل ُب أعألى أعقأبيه أوِإن أك أانت أل أكِب أيرًة ِإَّل أعألى الذ أ‬ ‫هِ‬
‫لأنعأل أم أمن أيتب ُع ه ُ أ‬
‫الل ُـه ) ( البقرة ‪.) ۱٦۳ /‬‬ ‫ه‬

‫ول ) إشارة إلى الوجه اَلول‪.‬‬ ‫ولعل قوله ‪ ( :‬لِأنعأل أم أمن أيتهِب ُع ه‬
‫الرُس أ‬
‫كما أن قوله ‪ ( :‬وإِن أكانت أل أكِبيرة ِإ هَّل عألى هال ِذين هدى ه‬
‫الل ُـه ) إشارة إلى الوجه الثاني‬ ‫أ أأ‬ ‫أ‬ ‫أً‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وهو اختبار من يخالف العادة واَّلُلفة َلجل إمتثال أمر الرسول ‪ ،‬فإن مخالفة‬
‫العادات والتقاليد كبيرة إَّل على الذين هدى هللا‪.‬‬

‫والحاصل إن جعل بيت المقدس قبلة َلجل تمحيص المؤمنين من غيرهم وتميز‬
‫المطيعين من العاصين والمنقادين من المتمردين‪.‬‬

‫شرف‬ ‫ٍ‬
‫وأما العدول عن بيت المقدس إلى الكعبة فقد عرفت أنه ليس لمكان أو بيت ٌ‬
‫ذاتي بل الحكم يدور مدار المصلحة ‪ ،‬فصارت المصالح مقتضية بأن يتميز‬
‫المسلمون من اليهود بتفكيك قبلتهم التي كانوا يصلون إليها عن قبلة اليهود ‪ ،‬ويميز‬
‫‪211‬‬

‫المنافق المتظاهر باْلسالم من اليهود عن المؤمن المنقاد الواقعي ‪ ،‬وَلجل ذلك‬


‫حولت القبلة إلى الكعبة‪.‬‬

‫‪ ۳‬ـ ما حكم الصلوات التي كان المسلمون قد أدوها إلى بيت المقدس ؟‬

‫والجواب ‪ :‬إن القبلة قبلة ما لم تنسخ وإن هللا سبحانه إذا نسخ حكماً نسخه من حين‬
‫ان‬
‫النسخ َّل من أصله لرأفته ورحمته بالمؤمنين ‪ ،‬وإليه يشير قوله سبحانه ‪ ( :‬أو أما أك أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضيع ِإيمان ُكم ِإ هن ه‬ ‫ه‬
‫يم ) ( البقرة ‪.) ۱٦۳ /‬‬
‫وف هرح ٌ‬
‫الل أـه ِبالهن ِ‬
‫اس أل أرُء ٌ‬ ‫الل ُـه لِ ُي أ أ أ‬

‫وأما اَّلقتراح الذي تقدمت به اليهود إلى النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) من‬
‫رجوعه إلى القبلة السابقة حتى يتبعوه ويصدقوه فإنما هو وعد مكذوب َّليتبعون قبلته‬
‫اب ِب ُك ِل أآي ٍة‬ ‫ِ‬
‫ين أُوتُوا الكتأ أ‬
‫هِ‬ ‫ِ‬
‫إلى آخر الدهر ‪ ،‬وإليه يشير قوله سبحانه ‪ ( :‬أوألئن أأتأي أت الذ أ‬
‫ض أوألِئ ِن اتهأبع أت‬
‫ض ُهم ِبتأاِب ٍع ِقبأل أة أبع ٍ‬ ‫ِ‬
‫أنت ِبتأاِب ٍع قبألتأ ُهم أو أما أبع ُ‬
‫ِ‬
‫هما تأِب ُعوا قبألتأ أك أو أما أ أ‬
‫ه ِِ‬ ‫هِ‬ ‫أأهواءهم ِمن بع ِد ما جاء ِ ِ‬
‫ين ) ( البقرة ‪.) ۱٦١ /‬‬ ‫ك م أن العل ِم ِإهن أك ِإ ًذا لم أن الظالم أ‬ ‫أ أ أ أأ‬ ‫أ أُ‬

‫يع ِإي أم أان ُكم ) هو العمل‪.‬‬ ‫والمراد من اْليمان في اآلية في قوله ‪ ( :‬وما أك ه ِ ِ‬
‫ان الل ُـه ل ُيض أ‬
‫أأ أ‬
‫قال ابن عباس ‪ :‬قالوا كيف بمن مات من إخواننا قبل ذلك ؟ وكان قد مات أسعد بن‬
‫ز اررة والبراء بن معرور وكانا من النقباء‪.‬‬

‫وبذلك يعلم أن ما ذكره سبحانه قبل هذه اآليات من قصة إبراهيم وأنواع كرامته وكرامة‬
‫ابنه إسماعيل ودعوتهما للكعبة ومكة وللنبي واَّلُمة المسلمة وبنائهما البيت واَلمر‬
‫بتطهيره للعبادة ‪ ،‬كل ذلك تمهيد لحادثة تغيير القبلة واتخاذ الكعبة قبلة ‪ ،‬فإن تحويل‬
‫القبلة من أعظم الحوادث الدينية وأهم التشريعات التي قوبل بها الناس بعد هجرة النبي‬
‫إلى المدينة‪ .‬فكانت محتاجة إلى ترويض النفوس لقبولها‪.‬‬

‫(‪)۲١‬‬
‫‪ ۲۹‬ـ مباهلة النبي نصارى نجران ‪:‬‬
‫‪212‬‬

‫لما كتب رسول هللا إلى ملوك العرب والعجم رسائله التبليغية وبعث رسله إلى اَلقوام‬
‫والقبائل ‪ ،‬أرسل عتبة بن غزوان ‪ ،‬وعبد هللا بن أبي اُمية وصهيب بن سنان إلى‬
‫إلى أساقفة نجران يدعوهم إلى رفض اَلقانيم واَلنداد‬ ‫(‪)۲٤‬‬
‫نجران ونواحيه وكتب معهم‬
‫والتزام التوحيد وعبادة هللا تعالى ‪ ،‬وها نحن نسوق إليك نص كتابه ‪:‬‬

‫« بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ‪ ،‬من محمد النبي رسول هللا إلى أسقف نجران ‪،‬‬
‫فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ‪ ،‬أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة هللا‬
‫من عبادة العباد وأدعوكم إلى وَّلية هللا من وَّلية العباد ‪ ،‬وإن أبيتم فالجزية ‪ ،‬فإن‬
‫أبيتم آذنتكم بحرب » (‪.)۲۷‬‬

‫ولما ق أر اَلسقف الكتاب فزع وارتاع وشاور أهل الحجى والرأي منهم ‪ ،‬فقال شرحبيل ـ‬
‫وكان ذالب ورأي بنجران ـ ‪ :‬قد علمت ما وعد هللا إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة‬
‫فما يؤمنك أن يكون هذا الرجل ؟ وليس لي في النبوة رأي لو كان أمر من اُمور‬
‫الدنيا أشرت عليك فيه وجهدت لك‪.‬‬

‫فبعث اَلسقف إلى واحد من بعد واحد من أهل نجران فتشاوروا فكثر اللغط وطال‬
‫الحوار ‪ ،‬فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا وفداً يأتي رسول هللا فيرجع بخبره‪.‬‬

‫فأوفدوا إليه ستين راكباً وفيهم ثالثة عشر رجالً من أشرافهم وذوو الرأي والحجى منهم‬
‫وثالثة يتولون أمرهم ‪ :‬العاقب إسمه عبد المسيح ‪ ،‬أمير الوفد الذي َّليصدرون إَّل‬
‫عن رأيه ‪ ،‬والسيد وإسمه اَليهم وهو ثمالهم وصاحب رحلهم ‪ ،‬وأبوحارثة بن علقمة‬
‫أسقفهم اَلول وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم وهو اَلسقف اَلعظم (‪.)۲۹‬‬

‫فجاءوا إلى النبي حتى دخلوا على رسول هللا وقت العصر ‪ ،‬فدخلوا المسجد وعليهم‬
‫وأردية الحرير مختمين بخواتيم الذهب وأظهروا الصليب وأتوا‬ ‫(‪)۲۸‬‬
‫ثياب الحبرات‬
‫رسول هللا فسلموا عليه ‪ ،‬فلم يرد عليهم السالم ولم يكلمهم ‪ ،‬فانطلقوا يبتغون عثمان‬
‫‪213‬‬

‫بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وكان لهما معرفة بهم فوجدوهما في مجلس من‬
‫المهاجرين ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬إن نبيكم كتب إلينا بكتاب فأقبلنا مجيبين له ‪ ،‬فأتيناه وسلمنا‬
‫عليه فلم يرد سالمنا ولم يكلمنا‪ .‬فما الرأي ؟ فقاَّل لعلي بن أبي طالب ‪ :‬ما ترى يا‬
‫أبا الحسن في هؤَّلء القوم ؟ قال ‪ :‬أرى أن يضعوا حللهم هذه ‪ ،‬وخواتيمهم ثم يعودون‬
‫إليه ‪ ،‬ففعلوا ذلك ‪ ،‬فسلموا فرد عليهم سالمهم ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬والذي بعثني بالحق لقد‬
‫آتيتموني المرة اَّلُولى وإن إبليس لمعكم (‪.)۳۰‬‬

‫وكانوا قد أتوا معهم بهدية وهي ُب أسط إلى النبي فيها تماثيل ومسوح ‪ ،‬فصار الناس‬
‫ينظرون للتماثيل ‪ ،‬فقال ‪ :‬أما هذه البسط فالحاجة لي فيها ‪ ،‬وأما هذه المسوح فإن‬
‫تعطونيها آخذها ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬نعم نعطيكها ‪ ،‬ولما رأى فقراء المسلمين ما عليه هؤَّلء‬
‫من الزينة والزي الحسن ‪ ،‬تشوقت نفوسهم ‪ ،‬فنزل قوله سبحانه ‪:‬‬

‫ات تأج ِري ِمن تأحِت أها اَلأن أه ُار‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِه ِ‬


‫ين اتهأقوا ع أند أرِب ِهم أجهن ٌ‬
‫( ُقل أ ُأؤأنِب ُئ ُكم ِب أخي ٍر من أذل ُكم للذ أ‬
‫ص ٌير ِبال ِعأب ِاد ) ( آل عمران ‪/‬‬ ‫طهرةٌ وِرضو ِ ه ِ ه‬
‫اللـه ب ِ‬ ‫خالِ ِد ِ‬
‫ان م أن اللـه أو ُ أ‬ ‫اج ُّم أ أ أ أ ٌ‬ ‫يها أوأأزأو ٌ‬‫ين ف أ‬ ‫أ أ‬
‫‪.) ۱١‬‬

‫ثم أرادوا أن يصلوا بالمسجد بعد أن حانت وقت صالتهم ‪ ،‬وذلك بعد العصر فأراد‬
‫الناس منهم ‪ ،‬فقال النبي ‪ :‬دعوهم ‪ ،‬فاستقبلوا المشرق فصلوا صالتهم فلما قضوا‬
‫صالتهم ناظروه‪.‬‬

‫فقالوا لرسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) ‪ :‬إلى ما تدعو ؟ فقال ‪ :‬إلى‬
‫شهادة أن َّل إله إَّل هللا وإني رسول هللا وإن عيسى عبد مخلوق ‪ ،‬يأكل ويشرب ‪،‬‬
‫ويحدث ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬فمن أبوه ؟ فنزل الوحي على رسول هللا ‪ ،‬فقال ‪ :‬قل لهم ‪ « :‬ما‬
‫ُ‬
‫ويحدث وينكح ؟ فسألهم النبي ‪ ،‬فقالوا‬‫تقولون في آدم أكان عبداً مخلوقاً يأكل ويشرب ُ‬
‫الل ِـه أك أمأث ِل أآد أم‬
‫‪ :‬نعم ‪ ،‬فقل ‪ :‬فمن أبوه ؟ فبهتوا ‪ ،‬فأنزل هللا ‪ِ ( :‬إ هن مأثل ِعيسى ِعند ه‬
‫أ‬ ‫أ أ أ‬
‫‪214‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫ين ‪ ‬أف أمن‬‫ال أل ُه ُكن أفأي ُكو ُن * ال أح ُّق من هربِ أك أف أال تأ ُكن م أن ال ُممتأ ِر أ‬
‫أخألأق ُه من تُأراب ثُ هم أق أ‬
‫اءأنا‬ ‫ِ‬ ‫يه ِمن بع ِد ما جاء ِ ِ‬ ‫حا هجك ِف ِ‬
‫اء ُكم أون أس أ‬‫اءأنا أوأأبأن أ‬
‫ك م أن العل ِم أفُقل تأ أعاألوا أندعُ أأبأن أ‬
‫أ أ أ أأ‬ ‫أ أ‬
‫ِ‬ ‫هِ‬ ‫ه‬
‫ين ) ( آل عمران ‪/‬‬ ‫أنف أس ُكم ثُ هم أنبتأ ِهل أفأنج أعل لعأن أت اللـه أعألى ال أكاذِب أ‬
‫أنف أسأنا أوأ ُ‬
‫اء ُكم أوأ ُ‬ ‫ِ‬
‫أون أس أ‬
‫‪ ١۸‬ـ ‪.) ٤۱‬‬

‫الدعوة إلى المباهلة‬

‫فألجل ذلك قال لهم رسول هللا ‪ :‬فباهلوني فإن كنت صادقاً اُنزلت اللعنة عليكم وإن‬
‫كنت كاذباً اُنزلت علي ‪ ،‬فقالوا ‪ « :‬أنصفت » ‪ ،‬فتواعدوا للمباهلة ‪ ،‬فلما رجعوا إلى‬
‫منازلهم ‪ ،‬قال لهم رؤساؤهم ـ السيد والعاقب واَليهم ـ ‪ :‬إن باهلنا بقومه باهلناه فإنه‬
‫ليس نبياً ‪ ،‬وإن باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله فإنه َّليقدم أهل بيته إَّل وهو‬
‫صادق ‪ ،‬فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول هللا ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن‬
‫والحسين ‪ ،‬فقال النصارى ‪ :‬من هؤَّلء ؟ فقيل لهم ‪ :‬هذا ابن عمه وصهره علي بن‬
‫أبي طالب وهذه ابنته فاطمة وهذان ابناه الحسن والحسين ‪ ،‬ففزعوا ‪ ،‬فقالوا لرسول هللا‬
‫‪ :‬نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة ‪ ،‬فصالحهم رسول هللا على الجزية‬
‫وانصرف (‪.)۳۱‬‬

‫وروى الطبرسي ‪ :‬ولما كان الغد جاء النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) آخذ بيد‬
‫علي بن أبي طالب والحسن والحسين ( عليهم السالم ) بين يديه يمشيان وفاطمة (‬
‫عليها السالم ) تمشي خلفه ‪ ،‬وخرج النصارى يتقدمهم أسقفهم فلما رأى النبي ( صلى‬
‫هللا عليه وآله وسلم ) قد أقبل بمن معه ‪ ،‬سأل عنهم ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬هذا ابن عمه وزوج‬
‫ابنته وأحب الخلق إليه وهذان ابنا بنته من علي ( عليه السالم ) وهذه الجارية بنته‬
‫فاطمة ‪ ،‬أعز الناس عليه وأقربهم إلى قلبه ‪ ،‬وتقدم رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم ) فجثا على ركبتيه‪.‬‬
‫‪215‬‬

‫قال أبو الحارثة اَلسقف ‪ :‬جثا وهللا كما جثا اَلنبياء للمباهلة ‪ ،‬فسكع ولم يقدم على‬

‫المباهلة ‪ ،‬فقال السيد ‪ :‬ادن يا أبا حارثة للمباهلة ‪ ،‬فقال ‪َّ :‬ل ‪ ،‬إني َلرى رجالً جريئاً‬
‫على المباهلة وأنا أخاف أن يكون صادقاً ولئن كان صادقاً لم يحل وهللا علينا الحول‬
‫وفي الدنيا نصراني يطعم الماء ‪ ،‬فقال اَلسقف ‪ :‬يا أبا القاسم إنا َّلنباهلك ولكن‬
‫نصالحك فصالحنا على ما ينهض به ‪ ،‬فصالحهم رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم ) على ألفي حلة من حلل اَلواقي قيمة كل حلة أربعون درهماً فما زاد ونقص‬
‫فعلى حساب ذلك ‪ ،‬وعلى عارية ثالثين درعاً ‪ ،‬وثالثين رمحاً ‪ ،‬وثالثين فرساً إن‬
‫كان باليمن كيد ‪ ،‬ورسول هللا ضامن حتى يؤديها وكتب لهم بذلك كتاباً‪.‬‬

‫وروي أن اَلسقف قال لهم ‪ :‬إني َلرى وجوهاً لو سألوا هللا أن يزيل جبالً من مكانه‬
‫َلزاله ‪ ،‬فال تباهلوا فتهلكوا وَّليبقى على وجه اَلرض نصراني إلى يوم القيامة ‪ ،‬وقال‬
‫النبي ‪ :‬والذي نفسي بيده لو َّلعنوني لمسخوا قردة وخنازير ‪ ،‬وَّلضطرم الوادي‬
‫عليهم نا اًر ‪ ،‬ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا كلهم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬فلما رجع وفد‬
‫نجران ‪ ،‬لم يلبث السيد والعاقب إَّل يسي اًر ‪ ،‬حتى رجعا إلى النبي ‪ ،‬وأهدى العاقب له‬
‫حلة وعصا وقدحاً ونعلين وأسلما (‪.)۳۲‬‬

‫وهناك كلمة قيمة للزمخشري يقول فيها ‪:‬‬

‫فإن قلت ‪ :‬ما كان دعاؤه إلى المباهلة إَّل لتبين الكاذب منه ومن خصمه وذلك أمر‬
‫يختص به وبمن يكاذبه فما معنى ضم اَلبناء والنساء ؟‬

‫تجر على تعريض‬


‫قلت ‪ :‬ذلك آكد في الدَّللة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حيث أ‬
‫أعزته وأفالذ كبده وأحب الناس إليه لذلك ‪ ،‬لم يقتصر على تعريض نفسه له وعلى‬
‫ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزته هالك اْلستئصال إن تمت‬
‫المباهلة‪ .‬وخص اَلبناء والنساء َلنهم أعز اَلهل وألصقهم بالقلوب ‪ ،‬وربما فداهم‬
‫‪216‬‬

‫الرجل بنفسه ‪ ،‬وحارب دونهم حتى يقتل ‪ ،‬ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن‬
‫في الحروب لتمنعهم من الهرب ‪ ،‬ويسمون الذادة عنهم بأرواحهم ‪ « :‬حماة الحقائق‬
‫» وقدمهم في الذكر على اَلنفس ( في اآلية ) لينبه على لطف مكانهم ‪ ،‬وقرب‬
‫منزلتهم وليؤذن بأنهم مقدمون على اَلنفس مفدون بها ‪ ،‬وفيه دليل َّلشيء أقوى منه‬
‫على فضل أصحاب الكساء ( عليهم السالم ) وفيه برهان واضح على صحة نبوة‬
‫النبي َلنه لم يرو أحد من موافق وَّلمخالف أنهم أجابوا إلى ذلك (‪.)۳۳‬‬

‫ومن أمعن فيما ورد من سبب النزول وشرحه في كتب الحديث والتفسير يقف على‬
‫مكرمة وفضيلة عظيمة َلهل البيت ( عليهم السالم ) في تلك الحادثة ‪ ،‬ومن أراد‬
‫التفصيل فليرجع إلى كتاب « الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء » للسيد شرف الدين (‬
‫ص ‪ ۱۸۷‬ـ ‪.) ۲۰۳‬‬

‫وهناك نكتة اُخرى نقلها الرازي عن بعض معاصريه من الشيعة ولم يناقش في كالمه‬
‫مع غرامه بنقض المحكمات وهيامه في التشكيكات والشبهات ‪ ،‬قال ‪:‬‬

‫كان في الري رجل يقال له محمود بن الحسن الحمصي وكان معلم اْلثنى عشرية‬
‫وكان يزعم أن علياً ـ رضي هللا عنه ـ أفضل من جميع اَلنبياء سوى محمد ( صلى‬
‫أنف أس ُكم ) إذ ليس‬
‫أنف أسأنا أوأ ُ‬
‫هللا عليه وآله وسلم ) واستدل على ذلك بقوله تعالى ‪ ( :‬أوأ ُ‬
‫أنف أسأنا ) نفس محمد ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) َلن اْلنسان‬ ‫المراد بقوله ( أوأ ُ‬
‫َّليدعو نفسه بل المراد غيرها ‪ ،‬وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب‬
‫(رض) فدلت اآلية على أن « نفس علي » هي محمد ‪ ،‬وَّليمكن أن يكون المراد إن‬
‫هذه النفس هي عين تلك ‪ ،‬فالمراد إن هذه النفس مثل تلك النفس ‪ ،‬وذلك يقتضي‬
‫المساواة في جميع الوجوه ‪ ،‬ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة وفي حق الفضل‬
‫لقيام الدَّلئل على أن محمداً عليه الصالة والسالم كان نبياً وما كان علي كذلك‬
‫وْلنعقاد اْلجماع على أن محمداً ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) كان أفضل من علي‬
‫‪217‬‬

‫َّل به ثم اْلجماع دل على أن محمداً ( صلى هللا عليه‬


‫(رض) فبقى فيما وراءه معمو ً‬
‫وآله وسلم ) كان أفضل من سائر اَلنبياء ( عليهم السالم ) فيلزم أن يكون علي‬
‫أفضل من سائر اَلنبياء (‪.)۳٦‬‬

‫‪ ۲۸‬ـ الخلفية التشريعية لحرمة اَلشهر الحرم ‪:‬‬

‫ربما نق أر في بعض الصحف والكتب أن عرب الجاهلية هم الذين حرموا الحرب في‬
‫اَلشهر الحرم وأضفوا عليها مسحة قدسية خاصة ‪ ،‬وذلك َلنهم كانوا متوغلين في‬
‫الحروب والغارات وكان تمادي الظاهرة القبلية الشاذة موجباً لفك عرى الحياة ‪ ،‬وَلجل‬
‫ذلك استثنوا هذه اَلشهر لتقويم أودهم وضمان أمن طرق التجارة وتيسير أمر زيارة‬
‫الكعبة‪.‬‬

‫ولكنها فكرة خاطئة تخالف ما نستلهمه من القرآن الكريم ‪ ،‬فإن الظاهر منه أن حرمة‬
‫اَلشهر لها جذور دينية وأنها جزء من صميم الدين القيم الذي جاء به إبراهيم ( عليه‬
‫الل ِـه اثأنا أع أش أر أشه ًار ِفي‬
‫ور ِعند ه‬
‫الش ُه ِ أ‬ ‫السالم ) إلى اُمته ‪ ،‬قال سبحانه ‪ِ ( :‬إ هن ِع هد أة ُّ‬

‫ين ال أقيِ ُم أف أال تأظِل ُموا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ات واَلأر ِ‬


‫ض من أها أأرأب أع ٌة ُح ُرٌم أذل أك الد ُ‬ ‫أ‬
‫ِ‬ ‫الل ِـه أيوأم أخأل أق ه‬
‫الس أم أاو أ‬
‫اب ه‬ ‫ِكتأ ِ‬

‫أنف أس ُكم ‪ ( ) ...‬التوبة ‪.) ۳٤ /‬‬ ‫ِفي ِه هن أ ُ‬

‫ين ال أق ِي ُم ) ربما يشير إلى أن اتصاف اَلربعة بالحرم جزء من‬ ‫ِ ِ‬


‫فإن قوله ‪ ( :‬أذل أك الد ُ‬
‫الدين القيم وتشريعاته‪.‬‬

‫وعلى ذلك اَلساس فالنبي اَلكرم أولى بأن يحافظ على حرمتها ويراعي قدسيتها ‪،‬‬
‫وبذلك يسهل لك القضاء في الحادثة الدموية التي وقعت في مستهل شهر رجب بيد‬
‫المسلمين وهي التي استغلتها قريش للتعيير بالنبي واْلزدراء به ‪ ،‬وأنه هدم قدسية تلك‬
‫اَلشهر وإراقة الدم فيها ‪ ،‬وإليك نص القصة ‪:‬‬
‫‪218‬‬

‫بعث رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) عبد هللا بن جحش بن رئاب اَلسدي‬
‫في رجب مقفلة من بدر اَّلُولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من‬
‫اَلنصار أحد ‪ ،‬وكتب لهم كتاباً وأمره أن َّلينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه‬
‫‪ ،‬فيمضي بما أمره به وَّليستكره من أصحابه أحداً‪.‬‬

‫فلما سار عبد هللا بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فإذا فيه ‪ :‬إذا نظرت في كتابي‬
‫هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف ‪ ،‬فترصد بها قريشاً وتعلم لنا من‬
‫أخبارهم‪.‬‬

‫فلما نظر عبد هللا بن جحش في الكتاب قال ‪ :‬سمعاً وطاعة ‪ ،‬ثم قال َلصحابه ‪ :‬قد‬
‫أمرني رسول هللا أن أمضي إلى نخلة أرصد بها قريشاً حتى آتيه منهم بخبر ‪ ،‬وقد‬
‫نهاني أن أستكره أحداً منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن‬
‫كره ذلك فليرجع ‪ ،‬فأما أنا فماض َلمر رسول هللا ‪ ،‬فمضى ومضى معه أصحابه لم‬
‫يتخلف منهم أحد‪.‬‬

‫وسلك إلى الحجاز حتى إذا كان بمعد فوق « الفرع » يقال له « بحران » أضل سعد‬
‫ابن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعي اًر لهما ‪ ،‬كانا يتعاقبانه ‪ ،‬فتخلفا عليه في طلبه‬
‫ومضى عبد هللا بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل بنخلة ‪ ،‬فمرت به عير لقريش‬
‫تحمل زبيباً وأدماً وتجارة من تجارة قريش ‪ ،‬فيها عمرو بن الحضرمي ‪ ،‬فلما رآهم‬
‫هابوهم وقد نزلوا قريباً منهم ‪ ،‬فأشرف لهم عكاشة ابن محصن وكان قد‬ ‫(‪)۳١‬‬
‫القوم‬
‫حلق رأسه فلما رأوه أمنوا وقالوا ‪ :‬عمار َّلبأس عليكم منهم ‪ ،‬وتشاور القوم فيهم‬
‫وهللا لئن تركتم القوم هذه الليلة‬ ‫(‪)۳٤‬‬
‫وذلك في آخر يوم من رجب ‪ ،‬فقال القوم ‪:‬‬
‫ولئن قتلتموهم لنقتلنهم في الشهر الحرام ‪ ،‬فتردد‬ ‫(‪)۳۷‬‬
‫ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به‬
‫وهابوا اْلقدام عليهم ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا‬ ‫(‪)۳۹‬‬
‫القوم‬
‫عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد هللا التيمي عمرو بن الحضرمي بسهم‬
‫‪219‬‬

‫نوفل ابن عبد‬ ‫(‪)۳۸‬‬


‫فقتله ‪ ،‬واستأسر عثمان بن عبد هللا والحكم بن كيسان وأفلت القوم‬
‫هللا فأعجزهم وأقبل عبد هللا بن جحش وأصحابه بالعير وباَلسيرين حتى قدموا على‬
‫رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم )‪.‬‬

‫فلما قدموا على رسول هللا المدينة ‪ ،‬قال ‪ :‬ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام فوقف‬
‫العير واَلسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئاً ‪ ،‬فلما قال ذلك رسول هللا ‪ ،‬سقط في‬
‫أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا ‪ ،‬وقالت‬
‫قريش ‪ :‬قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام فسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه اَلموال‬
‫وأسروا فيه الرجال‪.‬‬

‫وقد توقع اليهود َلجل هذه الحادثة بالمسلمين الشر ‪ ،‬فلما أكثر الناس في ذلك أنزل‬
‫صٌّد أعن‬ ‫يه ُقل ِقتأ ٌ ِ ِ ِ‬ ‫ال ِف ِ‬
‫الشه ِر الح ار ِم ِقتأ ٍ‬
‫ون أك أع ِن ه‬
‫ال فيه أكب ٌير أو أ‬ ‫أأ‬ ‫هللا على رسوله ‪ ( :‬أيس ألُ أ‬
‫الل ِـه أوال ِفتأن ُة أأكأب ُر ِم أن‬
‫الل ِـه و ُكفر ِب ِه والمس ِج ِد الح ار ِم وِإخراج أأهلِ ِه ِمنه أأكبر ِعند ه‬
‫ُ أُ أ‬ ‫أأ أ أ ُ‬ ‫أ أ‬ ‫أ ٌ‬
‫يل ه‬‫سِب ِ‬
‫أ‬
‫نكم أعن‬ ‫اعوا أو أمن أيرتأِدد ِم ُ‬‫ط ُ‬ ‫وكم أعن ِد ِين ُكم ِإ ِن استأ أ‬
‫ون ُكم أحتهى أي ُرُّد ُ‬ ‫ِ‬
‫الأقت ِل أوأَّل أي أازُلو أن ُيأقاتُل أ‬
‫اب الهن ِ‬
‫ار‬ ‫ِِ ِ‬ ‫طت أأع أمالُ ُهم ِفي ُّ‬
‫الدنأيا أواآلخ أرة أوأُوألـئ أك أأص أح ُ‬ ‫ِد ِين ِه أفأي ُمت أو ُه أو أك ِافٌر أفأُوألـِئ أك أحِب أ‬
‫الل ِـه أُوألـِئ أك‬
‫يل ه‬ ‫ين هاجروا وجاه ُدوا ِفي سِب ِ‬
‫أ‬
‫هِ‬
‫آم ُنوا أوالذ أ أ أ ُ أ أ أ‬ ‫ين أ‬
‫هِ‬ ‫ِ‬
‫يها أخال ُدو أن * ِإ هن الذ أ‬
‫ِ‬
‫ُهم ف أ‬
‫ِ‬ ‫هِ ه‬
‫يم ) ( البقرة ‪ ۲۱۷ /‬و ‪.) ۲۱۹‬‬ ‫أير ُجو أن أرح أم أت اللـه أوالل ُـه أغُف ٌ‬
‫ور هرح ٌ‬

‫واآلية الثانية تحكي عن نزول المغفرة لعبد هللا بن جحش وأصحابه وذلك َلجل أنهم‬
‫هِ‬ ‫هِ‬
‫ين‬
‫آم ُنوا أوالذ أ‬ ‫كانوا ذوو سابقة حسنة وبالء محمود كما يشير إليه قوله ‪ِ ( :‬إ هن الذ أ‬
‫ين أ‬
‫الل ِـه )‪.‬‬
‫الل ِـه أُوألـِئك يرجو أن رحمت ه‬
‫أ أ ُ أ أأ‬
‫يل ه‬‫هاجروا وجاه ُدوا ِفي سِب ِ‬
‫أ‬ ‫أ أُ أ أ أ‬

‫قال ابن هشام ‪ :‬لما تجلى عن عبد هللا بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل‬
‫القرآن ( اآلية اَّلُولى ) طمعوا في اَلجر ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا رسول هللا أنطمع أن تكون لنا‬
‫‪211‬‬

‫هِ‬
‫آم ُنوا‬ ‫غزوة نعطي فيها أجر المجاهدين ؟ فأنزل هللا عز وجل فيهم ‪ِ ( :‬إ هن الذ أ‬
‫ين أ‬
‫اج ُروا ‪.) ...‬‬ ‫هِ‬
‫ين أه أ‬
‫أوالذ أ‬

‫فلما نزل القرآن بهذا وفرج هللا تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق قبض‬
‫رسول هللا العير واَلسيرين‪ .‬وبعثت إليه قريش في فداء عثمان بن عبد هللا والحكم بن‬
‫كيسان ( اَلسيرين ) ‪ ،‬فقال رسول هللا ‪َّ :‬لنفديكموهما حتى يقدم صاحبانا ـ يعني‬
‫سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان ـ فإنا نخشاكم عليهما فإن تقتلوهما ‪ ،‬نقتل‬
‫صاحبيكم ‪ ،‬فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول هللا ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) منهم‪.‬‬

‫فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسالمه وأقام عند رسول هللا حتى قتل يوم بئر‬
‫معونة شهيداً ‪ ،‬وأما عثمان بن عبد هللا فلحق بمكة حتى مات بها كاف اًر‪.‬‬

‫هذا كله راجع إلى حكاية القصة بجزئياتها ‪ ،‬وأما تحليل الحادثة وتوضيح الجواب‬
‫الذي جاءت به اآلية اَّلُولى فهو بالشكل التالي ‪:‬‬

‫َّلشك أن عمل عبد هللا بن جحش لم يكن خاضعاً للضوابط العسكرية ‪ ،‬فإن النبي (‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم ) لم يأمره بالقتال بل أمر بإستطالع أخبار القوم ونقل‬
‫أخبارهم إليه ‪ ،‬فقتاله كان عصياناً َلوامر قائده أوَّلً وهتكاً لقداسة الشهر ثانياً ‪ ،‬وَلجل‬
‫ذلك لما جاء إلى النبي لم يقبل منه العير واَلسيرين وانتظر الوحي اْللهي حتى وافاه‬
‫‪ ،‬وليس من الصحيح أن يؤاخذ اَلمير ورئيس القوم بإجرام واحد من قادة عسكره‪.‬‬

‫وإليه يشير قوله سبحانه ‪ُ ( :‬قل ِقتال ِف ِ‬


‫يه أكِب ٌير ) أي إن القتال فيه وإن كان صغي اًر‬ ‫أٌ‬
‫في نفسه ‪ :‬أمر كبير مستنكر لعظيم حرمته ‪ ،‬ولكن الذي ينبغي إلفات النظر إليه هو‬
‫أن الناقدين أعني قريشاً قد ارتكبوا جريمة أكبر مما ارتكبه ذلك القائد العسكري وذلك‬

‫‪ ۱‬ـ إنهم صدوا الناس عن سبيل هللا ومنعوهم عن الطريق الموصل إلى هللا تعالى‬
‫وهو اْلسالم ‪ ،‬حيث كان المشركون يضطهدون المسلمين ويقتلون من يسلم أو‬
‫‪211‬‬

‫يؤذونه في نفسه وأهله وماله فيمنعونه من الهجرة إلى النبي ( صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم )‪.‬‬

‫‪ ۲‬ـ إنهم كفروا باّلل سبحانه‪.‬‬

‫‪ ۳‬ـ إنهم صدوا عن المسجد الحرام ومنعوا المؤمنين من الحج واْلعتمار‪.‬‬

‫‪ ٦‬ـ إنهم أخرجوا النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) والمهاجرين‪.‬‬

‫وكل هذه أكبر عند هللا من قتال المسلمين المشركين في الشهر الحرام‪.‬‬

‫‪ ١‬ـ والفتنة أكبر من القتل أي فتنة المسلمين في دينهم بإلقاء الشبهات في قلوبهم أو‬
‫بتعذيبهم كما فعلوا بعمار بن ياسر وبالل وخباب بن اَلرت وغيرهم ‪ ،‬أكبر من قتل‬
‫المشركين‪.‬‬

‫والقتال في الشهر الحرام أهون من الفتنة عن اْلسالم لو لم يحف بها غيرها من‬
‫اآلثار ‪ ،‬كيف وقد قارنها الصد عن سبيل هللا ‪ ،‬والكفر به ‪ ،‬والصد عن المسجد‬
‫الحرام وإخراج أهله منه ‪ ،‬فمن وقف على فتنة المشركين لضعفاء المسلمين طيلة‬
‫ثالث عشرة سنة واستمرارها بعد هجرته في حق المستضعفين القاطنين في مكة ‪،‬‬
‫يقف على أن قتل مشرك وأسر نفرين منهم أهون بكثير مما ارتكبوه طوال هذه‬
‫السنين‪.‬‬

‫وإلى هذا يشير قوله سبحانه ‪:‬‬

‫الل ِـه‬
‫الل ِـه و ُكفر ِب ِه والمس ِج ِد الح ار ِم وإِخراج أأهلِ ِه ِمنه أأكبر ِعند ه‬
‫ُ أُ أ‬ ‫أأ أ أ ُ‬ ‫أ أ‬ ‫أ ٌ‬
‫يل ه‬‫( وصٌّد عن سِب ِ‬
‫أ أ أ أ‬
‫أوال ِفتأن ُة أأكأب ُر ِم أن الأقت ِل )‪.‬‬

‫الهوامش‬
‫‪212‬‬

‫‪ .۱‬مجمع البيان ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪ ( ۲۹٤‬طبع بيروت )‪.‬‬

‫‪ .۲‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪ .١٦۳‬مجمع البيان ‪ :‬ج ‪ ۲‬ص ‪ ( ۳۲٦‬طبع بيروت‬
‫)‪.‬‬

‫‪ .۳‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪ .١٦۰‬مجمع البيان ‪ :‬ج ‪ ۲‬ص ‪ ( ۳۳٤‬طبع بيروت‬
‫)‪.‬‬

‫‪ .٦‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪ ١٦٦‬ـ ‪.١٦١‬‬

‫‪ .١‬مجمع البيان ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪.۳۲۷‬‬

‫‪ .٤‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪.١٦۸‬‬

‫‪ .۷‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪ ، ١٦۸‬ومجمع البيان ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪.۳١۸‬‬

‫‪ .۹‬الميزان ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪.۲٦۹‬‬

‫‪ .۸‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪.١١۱‬‬

‫‪ .۱۰‬بيت المدارس ‪ :‬هو بيت اليهود يتدارسون فيه كتابهم‪.‬‬

‫‪ .۱۱‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪.١١۳‬‬

‫‪ .۱۲‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪ ، ١١٦‬الميزان ‪ :‬ج ‪ ۳‬ص ‪.۲۷٤‬‬

‫‪ .۱۳‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪.١١٤‬‬

‫‪ .۱٦‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪ ، ١٤۲‬حياة محمد ( صلى هللا عليه وآله وسلم )‬
‫لهيكل ‪ :‬ص ‪ ۳۲۹‬ـ ‪.۳۲۸‬‬

‫‪ .۱١‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪ ١٤۳‬ـ ‪.١٤٦‬‬


‫‪213‬‬

‫الجلِد بحبل من ليف مطلي بقار ثم تسود وجوههما ‪ ،‬ثم يحمالن على حمارين‬
‫‪ .۱٤‬أ‬
‫وتجعل وجوهها من قبل ادبار الحمارين‪.‬‬

‫‪ .۱۷‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪.١٤٤‬‬

‫‪ .۱۹‬السيرة الحلبية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪ ، ١٤۷‬مجمع البيان ‪ :‬ج ‪ ۳‬ص ‪ ( ۳۲۸‬طبع‬


‫بيروت )‪.‬‬

‫‪ .۱۸‬السيرة النبوية ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪.١٤۹‬‬

‫‪ .۲۰‬قد ذكرنا تفصيل القصة في ص ‪ ۲۱۷‬ـ ‪.۲۲۰‬‬

‫‪ .۲۱‬ساورهم ‪ :‬واثبهم وباطشهم‪.‬‬

‫‪ .۲۲‬اْلسراء ‪ ، ۸۳ /‬وقد مضى تفسيرها‪.‬‬

‫‪ .۲۳‬وفي رواية الفقية كما سيوافيك تسعة عشر شه اًر‪.‬‬

‫‪ .۲٦‬من َّليحضره الفقيه ج ‪ ۱‬ص ‪ ۱۷۹‬ح ‪.۳‬‬

‫‪ .۲١‬نجران في مخاليف اليمن من ناحية مكة ‪ ،‬وبها كان خبر اَلخدود وإليها تنسب‬
‫كعبة نجران ‪ ،‬وكانت بيعة ‪ ،‬بها أساقفة مقيمون منهم السيد والعاقب اللذان جاءا إلى‬
‫النبي ( صلى هللا عليه وآله وسلم ) في أصحابها ودعاهم إلى المباهلة وبقوا بها حتى‬
‫أجالهم عمر‪ .‬وقال زيني دحالن ‪ :‬نجران بلدة كبيرة واسعة على سبع مراحل من مكة‬
‫إلى جهة اليمن تشتمل على ثالث وسبعين قرية‪.‬‬

‫مراصد اْلطالع في معرفة اَلمكنة والبقاع ‪ ،‬مادة ( نجران )‪.‬‬

‫‪ .۲٤‬وكان بخط اْلمام علي بن أبي طالب ( عليه السالم ) راجع ‪ :‬صبح اَّلعشى‬
‫ج ‪ ۱‬ص ‪ ( ٤١‬طبع بيروت )‪.‬‬
‫‪214‬‬

‫‪ .۲۷‬تاريخ اليعقوبي ج ‪ ۲‬ص ‪ ، ٤١‬دَّلئل النبوة ج ‪ ١‬ص ‪ ، ۳۹١‬البداية والنهاية‬


‫ج ‪ ١‬ص ‪.١۳‬‬

‫‪ .۲۹‬دَّلئل النبوة ج ‪ ١‬ص ‪ ، ۳۹٤‬الدر المنثور ج ‪ ۲‬ص ‪ ، ۳۹‬وتاريخ اليعقوبي ج‬


‫‪ ۲‬ص ‪.٤٤‬‬

‫‪ .۲۸‬ثوب من ثياب اليمن‪.‬‬

‫‪ .۳۰‬السيرة الحلبية ج ‪ ۳‬ص ‪.۲۳۸‬‬

‫‪ .۳۱‬تفسير القمي ج ‪ ۱‬ص ‪.۱۰٦‬‬

‫‪ .۳۲‬مجمع البيان ‪ :‬ج ‪ ۲‬ص ‪ ۷٤۲‬و ‪ ( ۷٤۳‬طبع بيروت )‪.‬‬

‫‪ .۳۳‬الكشاف ‪ :‬ج ‪ ۱‬ص ‪.۳۲۷‬‬

‫‪ .۳٦‬تفسير الرازي ج ‪ ۹‬ص ‪ ( ۹۱‬طبع بيروت )‪.‬‬

‫‪ .۳١‬المقصود عير قريش‪.‬‬

‫‪ .۳٤‬المقصود المسلمون‪.‬‬

‫‪ .۳۷‬أي يتحصنون بالحرم‪.‬‬

‫‪ .۳۹‬المقصود هم المسلمون‪.‬‬

‫‪ .۳۸‬أي فر من بين أيديهم فلم يتمكنوا من اللحاق به والقبض عليه‪.‬‬

‫مقتبس من كتاب ‪ [ :‬مفاهيم القرآن ] ‪ /‬المجلد ‪ / ۷ :‬الصفحة ‪ ۲١١ :‬ـ ‪۲۹۹‬‬

‫وأما اآلن فال مجال لكتمان الحقائق فالضروف تختلف عما كانت عليه فكل الوسائل‬
‫اليوم مسخرة لنا و نحن و هلل الحمد ننعم بمثل هذه الحريات يجب إذا على علماءنا‬
‫‪215‬‬

‫الخروج من صمتهم ليعلنوا للعالم عامة و للمسلمين خاصة الحق كامال فالمسؤولية‬
‫عليهم أكبر بكثير مما كانت على أسالفهم الذين ذاقوا من الويل و العذاب ما ذاقوا و‬
‫لم يكن بإمكانهم القول الصريح في كل ما كتموا مرغمين في أكثر اَلحيان على‬
‫ذلك‪ .‬ألم يزدجر العلماء بوعيد هللا إذ يقول إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و‬
‫الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أؤَّلئك يلعنهم هللا و يلعنهم الالعنون‬
‫{البقرة‪ }159/‬إَّل الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأؤَّلئك أتوب عليهم و أنا التواب‬
‫الرحيم {البقرة‪ .}161/‬أفال يتوبون و يبينوا ما قد أخفوا أم َّل يزال عندهم متسع من‬
‫الوقت؟ و قال رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم من كتم علما ألجم لجاما من‬
‫نار يوم القيامة‪ .‬فالعاقل يتساءل لم كل هذه الكراهية و الحسد آلل بيت النبوة؟ و هذا‬
‫التأكيد على التمسك بهم من قبل رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم و كأنه يؤكد‬
‫بأن في مودتهم و التمسك بهم تمسك بالسنة الصحيحة الواضحة إذ هم من يدافعوا‬
‫عن السنة حق الدفاع و هم من يعلموها و هم معلموها الحقيقيون لقول رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وآله و سلم في الحديث المشهور والمتواتر في حجة الوداع بعد ذكر‬
‫العترة(و َّل تعلموهم فإنهم أعلم منكم)‪ .‬إذا فهم السنة بعينها‪ .‬و نحن ملزمون باتباعهم‬
‫لقول هللا سبحانه و تعالى ُقل ِإن ُكنتُم تُ ِحبُّو أن َّللاأ أفاتهِب ُعوِني ُيحِبب ُك ُم َّللاُ أوأيغ ِفر أل ُكم‬
‫يم {آل عمران‪ .}13/‬و قول رسول هللا صلى هللا عليه و آله‬ ‫ِ‬
‫ور هرح ٌ‬
‫وب ُكم أوَّللاُ أغُف ٌ‬
‫ُذ ُن أ‬
‫تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا كتاب هللا و عترتي أهل بيتي و‬
‫أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كما ذكرته أعاله‪.‬‬

‫أما ما أطلبه من علماء السلطان فهؤَّلء أقول لهم كفاكم فتاوى على قياس الحكام‬
‫مقابل الفتات فما هذا إَّل حب للدنيا و أنكم وهللا متهمون من قبل أمة محمد صلى‬
‫هللا عليه و آله فاحذروا و تراجعوا عما أنتم فيه نصيحة مني إليكم خالصة لوجهه‬
‫الكريم فوهللا ما ينفع إَّل الحق و الحق أحق أن يتبع و وهللا إنكم إن لم تتداركوا‬
‫أنفسكم فأنتم مصاديق قول رسول هللا صلى هللا عليه و آله تعس عبد الدينار و‬
‫‪216‬‬

‫الدرهم و القطيفة و الخميصة إن أعطي رضي و إن لم يعط سخط تعس و انتكس و‬


‫إذا شيك فال انتقش كما في صحيح البخاري و سنن بن ماجة و مسند البزار و معجم‬
‫أبي يعلى و معجم ابن اَلعرابي و صحيح ابن حبان والمعجم اَلوسط و السنن‬
‫الكبرى للبيهقي و شعب اْليمان‪ .‬وفي رواية عن أبي هريرة ( تعس عبد الدينار و‬
‫الدرهم إن أعطي مدح و ضبح و إن منع قبح و كلح تعس فال انتعش و شيك فال‬
‫انتقش) و جاء بلفض لعن عبد الدينار و لعن عبد الدرهم في سنن الترمذي‪ .‬فهذا‬
‫دعاء من رسول هللا صلى هللا عليه و آله و سلم على هؤَّلء عبدة الدينار و الدرهم‬
‫أي جعل هللا حياتهم تعسة و كلها نكسات عليهم و لو يشاك أحد منهم بشوكة لم‬
‫يوفقه هللا ليخلعها فال يكن أحدكم مصداق لهذا الحديث الشريف‪ .‬و لعل السبب‬
‫الرئيسي في ضعف اَلمة و تخاذلها فتاواكم التي جعلت اَلمة في أغلبيتها تنحرف‬
‫عن المسلك الصحيح الذي أراده لنا هللا و رسوله صلى هللا عليه و آله‪.‬‬

‫وهذا يكفي إن شاء هللا لتوحيد كلمة اَلمة اْلسالمية و جعلها تهتم بدينها الذي‬
‫ارتضاه لها هللا و رسوله و المؤمنون و تخرج بإذن هللا من التيه و الحيرة التي شتت‬
‫شمل هذه اَلمة و جعلتها آخر اَلمم‪ .‬فاللهم اجعلنا من محبي رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه و آله و أهل بيته و من مواليهم و من معادي أعدائهم و شفعهم اللهم فينا‬
‫واجعلنا ممن ركب سفينتهم و احتمى بها فنجى إنك ولي ذلك و القادر عليه‪.‬‬

‫أستغفرك اللهم و أتوب إليك و صلى هللا على محمد و آله الطيبين الطاهرين‪ .‬و‬
‫آخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫كتبه أحمد أبركان‬


217

You might also like