Professional Documents
Culture Documents
مدونة الأخلاقيات القضائية
مدونة الأخلاقيات القضائية
2021
المادة :3يقصد باالستقالل ،ممارسة القاضي لمهمته القضائية دون الخضوع ألي ضغط أو تلقي أي أوامر أو تعليمات
من أي جهة كانت ما عدا ضميره المهني والتزامه بالتطبيق العادل للقانون ،وقواعد العدالة واالنصاف المتعارف عليها
دوليا ،والتزام قضاة النيابة العامة بالتعليمات عليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها.
-8يمارس القاضي مهامه القضائية دون أدنى تبعية أو تدخل من السلطتين التشريعية والتنفيذية ،ويستحضر مبدأ
االستقالل في كل عالقة وظيفية معهما ؛
المادة : 6الحياد والتجرد :يقصد بالحياد والتجرد أداء الوظائف القضائية طبقا للوقائع المعروضة ووفقا للقانون ،دون
تحيز أو تحامل أو محاباة اتجاه أي طرف من أطراف الدعوى ،وعدم اتخاذ أي موقف من شأنه التشكيك في سير إجراءات
الدعوى ومصداقيتها ،والتحرر من القناعات اإليديولوجية أو الثقافية أو العقائدية أو الفلسفية عند البث فيها.
-7ينأى القاضي ،في حالة تضارب مصالحه الشخصية مع القضايا المعروضة عليه ،عن ممارسته لمهامه القضائية،
وذلك بوجوب اتخاذ جميع التدابير الالزمة في مثل هذه الحاالت:
-أن تتعارض المصالح الشخصية للقاضي أو لذويه أو لمن تربطه بهم عالقة شخصية مع دعوى قضائية معروضة عليه؛
-أن يكون للقاضي أو لذويه أو لمن تربطه بهم عالقة شخصية مباشرة أو بواسطة الغير وتحت أي اسم كان ،في مؤسسة
هي طرف في الدعوى ،مصالح من شأنها التأثير أو المس باستقالليته أو حياده ،أو قد تعيق قيامه بمهامه القضائية بشكل
عادي؛
-ممارسة ذويه أومن تربطه بهم عالقة شخصية ألي نشاط يمكن أن يؤدي الى معاملة تفضيلية اتجاه أشخاص طبيعيين أو
اعتباريين ،هم طرف في الدعوى؛
- 8يتنحى القاضي عن القضية حاال بسلوك المسطرة المنصوص عليها قانونا ،عند وقوع تضارب في المصالح أو
التعارض أو الشعور بخطر يهدد هذا الحياد؛
المادة : 8النزاهة :يقصد بالنزاهة ،االبتعاد عن أي سلوك مشين ،ورفض كل اغراء المادي أو معنوي يؤثر على عمل
القاضي ،ويسئ الى سمعته والى السلطة القضائية ككل .ان نزاهة القاضي واجبة بحكم نبل المهام الموكولة اليه ،فهي
تؤهله للقيام بوظيفته ،وتحفظ مشروعية السلطة القضائية ،وتقوي الثقة في هذه األخيرة.
المادة 14
-9يرفض القاضي كل تدخل أو محاولة استمالة من أي جهة كانت قد تمس بنزاهة القضاء وسمعته
المادة 21التحفظ :يقصد بالتحفظ حرص القاضي في سلوكه وتعبيره على االتزان والرصانة ،وعدم ابداء اراء ومواقف
من شأنها المساس بثقة المتقاضين في استقالل وحياد القضاء ،وذلك مهما كانت وسائل االتصال ومواقع التواصل
المستخدمة التعبير ،ودون االخالل بالحق الدستوري للقضاة في التعبير.
المادة 23يمتنع القاضي عن اعطاء أي استشارة قانونية ،ال سيما في القضايا المعروضة على أنظار القضاء؛
النطاق الموضوعي لدعوى مخاصمة القضاة بين النظرية والتطبيق .جمال الدين عبد هللا مكناس ،محمد ناصر الخوالدة
دراسات ،علوم الشرعية والقانون ،المجلد ، 42العدد2015، 1
جاء في رسالة عمر بن الخطاب الى أبي موسى األشعري عندما واله القضاء ما يؤكد امكانية ارتكاب القاضي ألخطاء
ترتبط بصفتهم البشرية عندما قال ''...وال يمنعك قضاء قضية باألمس فراجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجع
عنه الى الحق ،فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل...ثم اياك والقلق والضجر والتنكر للخصوم في
مواطني الحق التي يوجب هللا بها األجر ويحسن بها الذخر ''...صفحة 209
رسالة -رد القاضي :دراسة مقارنة بين الشريعة االسالمية والقانون األردني والكويتي ،الباحث عبد العزيز دهام
الرشيدي ،جامعه الشرق األوسط للدراسات العليا2011 ،
تعريف
عرف فقهاء الشريعة اإلسالمية نظام رد القضاة وذكروا حاالته ،اال أنهم لم يعطوا تعريفا له وقد كان يختص بالنظر في
طلب الرد قاض يسمى ''صاحب الرد'' صفحة 13
ويعرف بعضهم رد القاضي في الفقه االسالمي بأنه '':منع القاضي من نظر الدعوى ،كلما قام سبب من األسباب ذكرها
الفقهاء في هذا المجال ،بحيث اذا أصدر القاضي حكما في الدعوى بالرغم من ذلك ،كان حكمه باطال مستحقا للفسخ''.
صفحة 14
وعرف جانب من الفقه القانوني رد القاضي عن الدعوى والحكم فيها ،بأنه منعه من سماعها كلما قام سببا يجعله بعيدا عن
الحيدة ويدعو الى الشك في قضائه بها بغير ميل أو تحيز.
ويعرفه بعضهم االخر بأنه :اجازة المشرع للخصوم بأن يطلبوا منع القاضي من نظر الدعوى المنظورة أمامه في حاالت
معينة حددها القانون.
إذا توافر أحد األسباب أوردها فقهاء الشريعة اإلسالمية في القاضي الذي ينظر الدعوى ،فعلى القاضي أن يتنحى عن
نظرها من تلقاء نفسه فإن استمر في نظرها مع توافر هذا السبب ،فإن حكمه يعد باطال .وبالتالي ال ينفذ وال تكون له
حجية.
فقهاء الشريعة لم يتعرضوا لبيان معنى رد القاضي ،اال أنهم بالرغم من ذلك ذكروا أسبابه ،وهي:
- 1ال يصح الحكم على من ال تقبل شهادة القاضي عليهم ،كالقضاء على عدوه ،وفي جميع األحوال التي يؤدي الى ميل
القاضي الى أحد الخصوم وعدم حياده .الصفحة 19
- 2وال يصح قبول القاضي هدية من أحد الخصمين ،ألن الهدية دليل المودة ،أيا كان قيمتها سواء أخدها القاضي أم أعطيت
لولده .الصفحة 19
- 3ال يصح أن يحكم القاضي بين المتخاصمين وهو غضبان ،ألن الغضب يؤدي الى عدم التأمل ودقة النظر والتفكير.
الصفحة20
-4ال يصح قضاء القاضي لنفسه وال أصوله وإن علوا وال لفروعه وان نزلوا وال لزوجته وال ألقاربه على عمود النسب،
و ذلك لتأمين حياده اتجاه الخصوم .الصفحة 20
- 5ال يصح للقاضي أن يحكم في دعوى كان فيها وكيال عن أحد الخصوم ،أو وصيا عليه ،أو قيما عليه أو موصى له ،ألن
القضاء لهؤالء يعد قضاء لنفسه .الصفحة 21
- 6ليس للقاضي أن ينظر في دعوى سبق وأن أبدى رأيا فيها قبل أن تعرض عليه ،وذلك دفعا لشبهة والتهمة .الصفحة 22
-7ال يصح للقاضي أن يحكم على من ال تقبل شهادته عليه ،أي على من تكون بينه وبين القاضي خصومة أو عداوة
دنيوية ،شريطة أن تقوم البينة على هذه العداوة .الصفحة 22
الفرق بين الشريعة اإلسالمية والقانون المغربي بخصوص هذا األثر ،هو أن هذين القانونين رتب على توافر أحد أسباب
رد القاضي ،أن يقوم القاضي بالتنحي عن نظر الدعوى ،وكذلك من حق الخصم أن يطلب رد القاضي ،اال أن عدم التنحي
القاضي من تلقاء نفسه ،أو عدم قيام الخصم بطلب رده ،ال يؤثر في الحكم ويعتبر صحيحا .ومن تم فال يترتب أثر أسباب
رد القاضي بمجرد توافر احداها ،وإنما يتوقف هذا األثر على طلب الخصم منع القاضي من نظر الدعوى ،فاذا لم يطلب
الخصم رد القاضي عن نظر الدعوى ،كان حكمه فيها صحيحا .الصفحة31
أما بشأن طبيعة األثر المترتب على توافر أحد أسباب الرد ،يرى جانب من الفقه القانوني أنه اذا توافر سبب من أسباب
الرد نشأ واجب قانوني جزاؤه ،هو سلطة الخصم في طلب رد القاضي ،بينما يرى جانب اخر من الفقه القانوني أنه ليس
هناك واجب قانوني على القاضي بالتنحي عن نظر الدعوى في هذه الحالة ،وذلك لعدم وجود جزاء قانوني ،يترتب على
مخالفة قواعد الرد والحكم في الدعوى يعد صحيحا رغم مرجع والي ص359
قيام سبب الرد ،وانما يمكن القول بأن هناك واجبا أخالقيا يرجع الى تقدير قاضي يؤدي الى تنحي القاضي عن نظر
الدعوى إذا قام به سبب من أسباب الرد لالبتعاد عن الشبهات.
تميز رد القاضي عن غيره من األنظمة األخرى وهي عدم الصالحية والمخاصمة .
أوال -تعد أسباب عدم الصالحية من النظام العام ،حيث يتوجب على القاضي بمجرد توفر أحد هذه األسباب التنحي ،ألن
المشرع اعتبر حكمه باطال ولو اتفق الخصوم على غير ذلك .بينما أسباب الرد ال يكفي توفر أحدها ،بل يجب تقديم طلب
من أحد الخصوم لمنع القاضي من نظر الدعوى.
ثانيا -أن لطالب الرد التنازل عن طلبه باعتبار طلب الرد حق للخصم له أن يطلبه أو ال يطلبه ،فإن لم يطلبه فإن القاضي
يستمر في رؤية الدعوى ويكون الفرار الصادر صحيحا حتى لو توفر سبب من أسباب الرد ،بعكس توفر سبب من أسباب
عدم صالحية القاضي لنظر الدعوى .فهي من النظام العام وعدم مراعاتها يؤدي الى البطالن.
تمييز رد القاضي عن نظام المخاصمة:
يختلف نظام رد القاضي عن نظام المخاصمة اختالفا جوهريا ،ذلك أن نظام رد القاضي يهدف الى ابعاد القاضي عن كل
ما من شأنه أن يؤدي شبهة االتهام والتميز ،في حين أن نظام مخاصمة القاضي عبارة عن دعوى يرفعها أحد الخصوم في
الحاالت المحددة حصرا في القانون على القاضي المختصم الذي أخلى بواجبه اخالال جسيما يطالب فيه بالتعويض عما
ناله من ضرر نتيجة الحكم الذي صدر ،ويترتب على الحكم بصحتها بطالن الحكم كنتيجة حتمية لثبوت ما وقع من
القاضي من خطأ.
الشروط الواجب توافرها لقبول طلب رد القاضي ،هما الشروط العامة والشروط الخاصة
الشروط العامة لقبول طلب رد القاضي :ويقصد بها الشروط التي يتطلب القانون توافرها في الطلب لقبوله والفصل في
موضوعه ،وتتمثل هذه الشروط في :
-1المصلحة :ويلزم أن تكون المصلحة قانونية قائمة وحالة(.ص )46وتعرف المصلحة بأنها الفائدة التي يجنيها المدعي
من الحكم له بطلباته وهي قد تكون مادية أو معنوية.ص47
- 2الصفة :يعني أن طلب رد القاضي ينحصر في أطراف الدعوى ،وذلك نظرا لما في طلب الرد من طبيعة خاصة تجعله
حقا شخصيا للخصم نفسه.
- 3توافر سبب من أسباب الرد :ينبغي توافر سبب من أسباب رد القاضي المنصوص عليها في القانون.
الشروط الخاصة لقبول طلب رد القاضي :وهي الشروط التي يتطلب القانون توافرها في طلب الرد دون غيره ،وتتمثل
هذه الشروط بالنسبة لطلب الرد القاضي في االتي :
- 1ينبغي على طالب الرد أن يتقدم بطلب لرد قاض محدد أو عدد معين من القضاة الناظرين في الدعوى.
- 2شرط المدة ،إذ أوجب المشرع المغربي أن يقدم طلب تجريح القاضي قبل الدخول في الدعوى ان كان المتقدم به
المدعي وقبل الدخول في المحاكمة ان كان المتقدم بهم المدعى عليه ،ما لم يكن سبب الرد متولدا عن حادث طرأ بعد
الدخول في الدعوى أو المحاكمة ،وعندئذ يشترط لقبول الرد أن يقدم في أول جلسة تلي هذا الحادث.
والمالحظ أن الميعاد المحدد للمدعي يختلف عن الميعاد المحدد للمدعى عليه ،ويرى جانب الفقه من الفقه القانوني أن هذا
أمر منطقي ،إذ أن الدعوى تبدأ بالئحة الدعوى التي يتقدم بها المدعي ،بينما المدعى عليه يتقدم بالئحة جوابية بعد ابالغه
من قبل المحكمة بالئحة الدعوى وملحقاتها .ولذلك فبحضوره أو بعد إبالغ بالحضور تبدأ مرحلة المحاكمة .ومن ثم يجب
على طلب الرد قبل تقديم أي دفع أو دفاع في الدعوى ،واال سقط الحق فيه.
-3الشكلية في طلب الرد
الشرح العملي لقانون التنظيم القضائي -38.15محمد نعناني -الطباعة األولى مكتبه الرشاد -سطات ،المغرب.
أقر المشرع إمكانية مساءلة الدولة عن أخطاء القضاة و طلب التعويض عن الضرر المترتب عنها ،وذلك تأسيسا على
مقتضيات المادة 122من الدستور ،والمادة الثامنة من مقتضيات القانون 41.90المحدث المحاكم اإلدارية.
من أجل ذلك كان لزاما على المشرع أن يقرر اليات قضائية يلجأ إليها المتقاضي بشكل استباقي من أجل استبدال القاضي
أو الهيئة التي ستنظر قضيته ،كلما رأى أن هنالك سببا من األسباب التي تجعل مصالحه متعارضة مع مصالحها بشكل قد
يؤدي الى التأثير على السير العادي للدعوى أمامها أو على النتيجة المرتقب التوصل إليها ،وذلك من خالل سلوك مسطرة
تجريح القضاة.
المادة 39من قانون '': 38.15تحدد حاالت تجريح القضاة طبقا للمقتضيات المنصوص عليها في كل من قانون المسطرة
المدنية وقانون المسطرة الجنائية'' .تتناول هذه المادة بيان حق من الحقوق المقررة للمتقاضين
التجريح في االصطالح القانوني يقصد به تلك المسطرة التي تمكن أي قاض ينظر في نزاع معين ،سواء كان قاضيا فردا
أو عضوا في هيئة جماعية ،أن يتقدم بطلب بإعفائه كلما كانت استقالليته مهددة بالنظر لمالبسات النزاع أو لهوية
أطرافه.ص172
و الى جانب هذه الحالة التي يتخذ فيها القاضي المعني باألمر المبادرة ،فإن هناك حالة أخرى يمكن فيها المتقاضين الذين
يعتبرون أن استقاللية القاضي الفرد أو أحد أعضاء الهيئة الجماعية غير مضمونة ،أن يطالبوا باستبعاده بسلوك مسطرة
التجريح.
أما حاالت تجريح قضاة طبقا للفصل 295من قانون المسطرة المدنية ،فتحدد:
مجله الباحث للدراسات واألبحاث والقضائية ،عدد 53ابريل ،2023التجريح على ضوء قانون المسطرة المدنية
المغربي ،األستاذ علي ايت بلحسين
انكار ''حق تجريح القضاة'' هذا الحق على األطراف يفتح الباب على مصراعيه للشطط في استعمال السلطة وتصفية
الحسابات ،خصوصا اذا كان ألحد أطراف النزاع عداوة أو صداقة سواء مع أحد أعضاء هيئة الحكم ومع أولئك الذين
يدلون بدلوهم في المحاكمة لتنوير العدالة من شهود أو خبراء.
عرف الفقيه ''اندريه بوني '' Andre Panilleالتجريح على أنه ''هو ذلك االجراء الذي بواسطته يقوم أحد المتقاضين
بإبعاد قاضي أو أكثر بإثارة الشك في حياده ،نزاهته أو ضميره المهني'' ص390
ايمانا من المشرع المغربي بضرورة توسيع مجال تطبيق مسطرة التجريح لتشمل كل المتدخلين في النزاعات المعروضة
أمام المحاكم ،فقد عمل المشرع المغربي على إغناء الترسانة القانونية المسطرية بمقتضيات تكفل لألطراف حق تجريح
المحكمين وهيئات التحكيم (قانون 08.05القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية
الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5584بتاريخ 6دجنبر ) 2007الفصل 323والفصل 320
قانون رقم 95.17المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية الصادر بالجريدة الرسمية عدد 13 ( 7099يونيو ) 2022المادة
24المادة 11
في الغرب ،وتحديدا في فرنسا ،يعد قانون ابارتيسيمي Loi Aperticimiمن بين أول التشريعات التي تطرقت
صراحة الى امكانية تجريح القاضي محددا ''الشك في حياد القاضي'' كسبب فريد لممارسة هذا الحق .ص 393وكان
التجريح يثار فقط من قبل المدعى عليه كدفع شكلي .في بداية القرون الوسطى ،كان جزء من التشريع في أوروبا حكرا
على ملوك الدول على حساب المؤسسات البرلمانية ،بحيث كان الملوك يملكون صالحيات موسعة تخول لهم سن قوانين
ملزمة في مواد شتى ،دونما المرور عبر المؤسسة التشريعية .وفي غياب نصوص صريحة وواضحة تؤطر التجريح،
كان المحامون في الدول األوروبية يلتجئون للفقه الستخالص الوسائل الكفيلة بتأسيس دفوعاتهم المتعلقة بالتجريح.
عمل الملوك الذين تعاقبوا على حكم فرنسا منذ القرن 15والى أواخر القرن ،17على تضمين هذه الوسائل المستوحاة
من الفقه ،في المراسيم الملكية التي عنيت بالتجريح دونما وضع تعريف دقيق لهذا المبدأ أو تحديد نطاق تطبيقه .بدأت في
نهاية القرن 17في فرنسا شرارات التحاقن بين القضاة والمؤسسة الملكية ،فالملك لويس الرابع عشر كان في حاجة الى
قضاة يأتمرون بأوامره لتوحيد البالد ،في حين أن معظمهم كان متأثرين بفكر''كيوم ديران ''Guillaum Durand
المؤسس لمفهوم القاضي الجيد .وفي هذا السياق التاريخي ،جاء المرسوم الملكي لسنة 1667ليحدد أسباب التجريح حفاظ
على شرف القضاة من أي محاولة للنيل من سمعتهم عبر أي ممارسة تعسفية لحق التجريح .لكنه في نفس الوقت جاء
مبهما بمنحه أطراف النزاع امكانية تجريح القضاة حيثما تبت ''سوء نيتهم في التعامل مع القضية''ص 394ولعل الغموض
الذي يكشف هذه عبارة والذي يفتح الباب على مصراعيه لتجريح القضاة بدون أي سبب موضوعي ،لدال على جو التحاقن
وعدم الثقة الذي شاب عالقة القضاة بالملك لويس 14في فرنسا .هذه العالقة المتوترة تم توظيفها الحقا واستثمارها
سياسيا من طرف رواد الثورة الفرنسية ،في محاولة لكسب المؤسسة القضائية عن طريق تحديد أسباب التجريح بطريقة
حصرية حتى ال تكون هذه المسطرة موضوع توظيف من الساسة لتخدم مصالح قصر فيرساي على حساب مصالح
المتقاضين ،وعلى الرغم من أن هذا المبدأ بدأ يطفو في التشريعات األوروبية بطريقة جلية منذ بداية القرون الوسطى ،اال
أن جل التشريعات الوضعية المعاصرة ،الغربية منها أو العربية على حد سواء لم تخصص له سوى مقتضيات مقتضبة.
لم تعطي جل التشريعات ،سواء العربية منها أو الدولية للتجريح حقه في ديباجات قوانينها واقتصرت على تخصيص
بعض الفصول له في اطار مساطر خاصة ،وفي المقابل اكتفت هذه التشريعات على التركيز على مبدأ استقاللية القضاء
وحياده ،واعتبرت أن التجريح ال يعدو أن يكون سوى حق يستند في نشأته ومشروعيته على المبدأين األولين.
لم يحظى التجريح القضاة باالهتمام الكافي من لدن الفقه ،حيث اكتفت القوانين المسطرية ،بالنظر إليه كآلية خاصة تهدف
الى سحب القضية من قاض أو هيئة حكم واحالتها على أخرى .دونما البحث في أغوار األسباب التي بموجبها سن المشرع
هذه المسطرة أو حدد أهدافها.
أبرز الفقه مبدئيين أساسيين شكال اللبنتان اللتان بناء عليهما تم تأسيس حق التجريح ،حيث يعنى األول باستقاللية القضاء
(الفقرة األولى) ،بينما ينصب الثاني على مبدأ الحياد (الفقرة الثانية) لما لهما من تأثير مباشر على فحوى ومضامين
األحكام الصادرة عن الهيئات القضائية.
- 1االخالل بمبدأ استقاللية القضاء ودوره في نشأة حق التجريح :عمدت المدونة على التذكير بأن مبدأ استقاللية القاضي
هو مبدأ ذا قيمة دستورية قبل أن يكوم حقا يحمي القاضي من أي ضغط يتعارض وسيادة القانون .كما اعتبرت المدونة
استفالل القاضي ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة ،وذلك تماشيا مع جل المواثيق الدولية التي عنيت بشروط المحاكمة
العادلة.
تكريسا لمبدأ استقاللية القضاء اتجاه المتقاضين ،نص االطار القانوني المنظم لمهنة القضاة في المغرب
المادة 47من القانون 106.13المتعلق بالنظام األساسي للقضاة على منع الجمع بين المهنة ومزاولة التجارة أو القيام
بأي عمل ،كمأجور ال يتفق واستقالل القضاء وكرامته ويتعارض مع واجباته.
وبناء على ما سبق ،فإن استقالل القضاء عن باقي السلط ،واستقالل القاضي عن أي تأثير سواء من قبل أطراف القضية أو
أية جهات أخرى لها مصلحة في النزاع ،ليعد ضمانة أساسية إلصدار أحكام عادلة ومنصفة .ونظرا لوعي المشرع بأن
السيرورة االجتماعية قد تلد تيارات منافية في توجهاتها لروح القوانين وقواعد النظام العام ،وتسعى الى توجيه األحكام
القضائية لخدمة مصالحها ،كان حينئذ حق التجريح كرد فعل المشرع غايته حماية االفراد والمجتمع ككل من هذا النوع من
االنفالتات ،وجاعل هذا الحق بيد أطراف النزاع لما لهم من مصلحة مباشرة في النزاع ،تستدعي منه القطنة واليقظة اتجاه
كل ما من شأنه أن يخل باستقالل القاضي.
لم ينشأ حق التجريح من عدم ،ولكنه كان وليد وعي المشرع بضرورة منح أطراف النزاع حق استبدال قاض باخر أو
هيئة اخرى في حالة ما إذا تبت انتفاء عنصري الحياد واالستقاللية .فالقاضي المتحلي بالحياد يتعامل مع األطراف على
قدم المساواة دون اصدار أحكام مسبقة أو تكوين انطباع غير متجانس مع الوقائع و الوسائل المتضمنة بالملف .في
المغرب ،نصت مدونة األخالقيات القضائية على مبدأ الحياد وعرفته في المادة السادسة من المدونة .
ويتضح مما تم بسطه انفا أن احترام مبدأ الحياد من عدمه ،وخالفا للمبادئ األخرى التي ترتكز عليها المحاكمة العادلة
كمبدأ المساواة ،له تأثير مباشر على طبيعة القرار ،الحكم المتخذ من طرف القاضي أو الهيئة القضائية
ان احتمال زيغ القاضي عن هذا المبدأ وما له من اثار مباشرة على فحوى الحكم ،ألزم المشرع على وضع الية عملية
تمكن أطراف القضية حينما يتضح لهم وجود هذا النوع من االخالل ،بإبرازه وفقا لمسطرة خاصة.
وضعت محكمة النقض المصري تعريفا لمفهوم تجريح القضاة في القرار عدد 921الصادر في الملف عدد
29/01/1985بأنه ''مسطرة مقررة لتقرير ضمانات معينة للحفاظ على هيئة القضاة وحسم ما يثار حول القاضي من
دعاءات'' ص 423
تتميز مسطرة تجريح القضاة بطابعها االختياري والشخصي ،لكن المشرع المغربي ،وخالفا الى ما سار عليه في الفصل
278من قانون المسطرة الجنائية لم ينص صراحة على ذلك في القانون المسطرة المدنية.
الفصل 278من قانون المسطرة المدنية
من الناحية اإلجرائية ،يقدم طلب التجريح وفق القواعد المنصوص عليها في الفصل 32و 33من قانون المسطرة المدنية
والمحددة لشكليات المقال االفتتاحي لدعوى ،لتقوم بعد ذلك كتابة الضبط بالمحكمة التي يزاول بها القاضي مهامه ،بتبليغه
ذلك الطلب .وعليه ان يصرح داخل أجل 10أيام من تاريخ التوصل الفصل 296سواء برفضه أو قبوله مع اإلجابة عن
وسائل هذا التجريح ،فاذا تعلق األمر بقاض يزاول قاموا بقدم زاول مهامه بالمحكمة االبتدائية أو بمحكمة االستئناف ،فان
طلب التجريح ،مرفقا بجواب القاضي أو المستشار يحال على السيد الرئيس األول الذي يسمع للطرف المقدم للطلب أو
للقاضي أو المستشار قبل أن يحيل الملف على غرفة المشورة .بينما تبث محكمة النقض في نفس اإلجراءات ،ال من ناحية
شكليات تقديم الطلب أو االجاالت الممنوحة في طلب تجريح مستشار لدى محكمة النقض .الفصل 296القانون المسطرة
المدنية
حرص المشرع المغربي منذ صدور الصيغة االولى لقانون المسطرة المدنية على تضمين نصوص ومقتضيات تخول
أطراف النزاع تجريح القاضي وتنحيتهم عن هيئة الحكم .فالميراث التشريع اإلسالمي ،والذي كان سابقا لتأطير التجريح
ووضع ضوابطه شكل حافزا للمشرع المغربي ليتبنى هذه المسطرة الخاصة ويضمنها في الفصول 295وما يليها من
القانون المسطرة المدنية بكل سالسة محددا أسباب التجريح في ثمانية وهي كالتالي:
والجدير بالذكر أن المشرع المغربي ،مكن القاضي في الفصل 298من قانون المسطرة المدنية من تجريح نفسه سواء
بناء على أحد األسباب المنصوص عليها في الفصل 295من القانون المسطرة المدنية أو لسبب اخر،
حيث عليه أن يوجه طلبا لرئيس المحكمة إذا تعلق األمر بقاضي يزاول مهامه في المحكمة االبتدائية ،أما إذا تعلق األمر
برئيس المحكمة االبتدائية فالتصريح يوجه للسيد الرئيس األول .وفيما يخص باقي الحاالت والمتعلقة أساسا بمستشارين
يزاولون مهامهم سواء لدى محكمة االستئناف أو لدى محكمة النقض ،فالطلب يوجه لرؤساء الغرف والمستشارين االخرين
الذين يزاولون مهامه في هذه الغرف والذين عليهم أن يقرروا ما اذا كان على المستشار المقدم للتصريح بالتجريح أن
يتخلى عن الحكم في القضية
التنصيص الحصري ألسباب التجريح ،حينما يتعلق األمر بمباشرة التجريح من طرف أحد المتقاضين من جهة ،ومن جهة
أخرى حينما يتعلق االمر بتصريح بالتنحية صادر عن أحد القضاة أنفسهم ،قد يدعو البعض الى اعتبار أن هذه المسطرة
الخاصة تفتقر الى مقومات االنصاف وأنها تضيق الخناق على أطراف الدعوى ،في حين تتسم بالمرونة كلما تعلق األمر
بتصريح التنحية الصادر عن القاضي .كما أن إمكانية تجريح القاضي نفسه في القانون المسطري المغربي ألسباب أخرى
غير تلك المنصوص عليها في الفصل 299من قانون المسطرة المدنية تطرح أكثر من تساؤل حول امكانية استعمال هذه
االليه من طرف بعض السادة القضاة كوسيلة إلنكار العدالة بمفهوم التخلي عن قضية معينة واالمتناع عن البث فيها