Professional Documents
Culture Documents
التي تحدث عادة بظهور أو انبثاق مفه&وم جدي&د ال يت&وفر على مقاب&ل ل&&ه في لغت&ه،
.فيكرس المختصون جهودهم من أجل وضع مقابل لذلك المفهوم من لغتهم
وإذا ك&&ان الب&&احثون يجمع&&ون على أن المفك&&رين الع&&رب الق&&دامى تن&&اولوا الظ&&اهرة
االصطالحية باعتبارها ظ&&اهرة فكري&&ة ال باعتباره&&ا علم&&ا مس&&تقال ،ف&&إن الغرب&&يين
(األوروبيين خاصة) استطاعوا صياغة قانون لوضع المص&&طلحات وتص&&نيفها م&&ع
بداية القرن 19م .ثم توالت الجهود والمس&&اعي على الص&&عيدين الع&&ربي واألوربي
فظهرت المؤسسات والمجامع اللغوية التي تحمل على عاتقه&&ا س&&ن ق&&وانين لتوحي&&د
جهود وضع المصطلح أو ترجمته أو تعريبه ،وتجميع ذل&&ك في مع&&اجم متخصص&&ة
.قصد تعميمها على القراء
إن البحث عن هيئ&&ة الجدي&&د في الش&&كل الق&&ديم يقتض&&ي دائم&&ا مس&&اءلة الت&&اريخ
واستنطاقه ،لهذا فقد قسمت أفكار هذا المقال إلى ثالثة مح&&اور؛ يتعل&&ق األول بنش&&أة
الدراسة االصطالحية عن&&د الع&&رب ،والث&&اني يتط&&رق لب&&دايات علم المص&&طلح عن&&د
الغرب .أم&&ا المح&&ور الث&&الث فق&&د خصص&&ته للح&&ديث عن جه&&ود بعض المؤسس&&ات
.والمجامع اللغوية العربية في خدمة المصطلح
أوال :في الفكر العربي
يمكن التأريخ النطالقة المصطلحية العربية ببدء ظه&&ور األبح&&اث اإلس&&المية ح&&ول
القرآن والحديث والس&&يرة النبوي&&ة ،حيث ب&&دأت تأخ&&ذ مكانته&&ا في ركب الحض&&ارة،
وتفرض نفسها أثن&&اء ت&&دوين العل&&وم ،حيث« :أص&&بح ل&&دارس اإلعج&&از مص&&طلحه،
وكذلك دارس التفسير والسيرة والمغ&&ازي والت&&اريخ وغ&&ير ذل&&ك من العل&&وم النقلي&&ة
.التي شكلت اللبنات األساسية في بنية الثقافة العربية اإلسالمية»()1
كما كثر االهتمام بمسألة االصطالحات أو الحدود والتعريفات (كم&&ا ي&&رد في بعض
األحي&&ان) ،بع&&د انتش&&ار العل&&وم العقلي&&ة ،ل&&ذا يعتق&&د أن يك&&ون المتكلم&&ون من رواد
.المعتنين بالمصطلح
ويزداد االهتمام بالمسألة المصطلحية مع استيراد العرب للعل&&وم اليوناني&&ة والهندي&&ة
والفارسية من منطق وفلسفة ورياضيات وغيرها ،مما أدى إلى قيام علمائنا األوائل
بمحاورة لغتهم والتفتيش عن كنوزها الدفينة ،مستعينين بوسائل شتى مث&&ل :الوض&&ع
والقياس ،واالشتقاق والنحت ،والترجمة والتعريف وهلم جرا… بهدف إبداع حدود
العلوم ومصطلحاتها ورسومها وتعريفاتها ،ح&تى يس&دوا العج&ز المص&طلحي ال&ذي
.عانوا منه في تلك الفترة
فقد الحظ علماؤنا األولون أن اللغة يحكمها قانون التطور في كل عصر وكل حال،
هذا التط&&ور يؤهله&&ا لمس&&ايرة ال&&رؤى والمخترع&&ات ال&&تي يم&&وج به&&ا العص&&ر؛ ألن
.القاعدة تقول« :إذا اتسعت العقول وتصوراتها اتسعت عباراتها» ()2
وعن آليات وضع المصطلح عند العرب القدامى ،يلخص عباس عب&&د الحليم عب&&اس
م&ا الحظ&ه د .أحم&د مطل&وب في كتاب&ة “بح&وث لغوي&ة” ،حين تح&دث عن وس&ائل
:القدماء في وضع المصطلح ،فوجد أنهم اعتمدوا في ذلك عددا من الوسائل ()3
األولى :اخ&&تراع األس&&ماء لم&&ا لم يكن معروف&&ا كم&&ا فع&&ل النحوي&&ون والعروض&&يون
.والمتكلمون وغيرهم
الثاني ة :إطالق األلفاظ القديم&&ة للدالل&&ة على المع&&اني الجدي&&دة ،على س&&بيل التش&&بيه
والمجاز ،كما في األسماء الشرعية والدينية وغيره&&ا مم&&ا اس&&تجد بع&&د اإلس&&الم من
.علوم وفنون
الثالثة :وهي نق&&ل األلف&&اظ األعجمي&&ة إلى العربي&&ة بإح&&دى الوس&&ائل المعروف&&ة عن&&د
.النحاة واللغويين
وهناك فريق آخر يرى أن بداية االعتناء بالمسألة المص&&طلحية في ال&&تراث الع&&ربي
كانت بسبب «فكرة محورها الص&&راع بين ف&&ريقين ،أح&&دهما ي&&رى أن اللغ&&ة توفي&&ق
.ووحي وإلهام ،واآلخر يفسرها باالصطالح» ()4
ومهما اختلفت اآلراء ،فإن الق&&دماء نجح&&وا في إث&&راء اللغ&&ة بمص&&طلحات متنوع&&ة،
تشمل مختلف الميادين ،لكن المصطلحية -باعتبارها علما قائم&&ا على أس&&س نظري&&ة
مقنعة -قد بزغ نجمه&ا في أواخ&&ر الق&&رن التاس&ع عش&ر« ،أم&ا الطروح&&ات العربي&ة
القديمة التي تمس الظاهرة االصطالحية فقد تن&&اولت االص&&طالح باعتب&&اره ظ&&اهرة
.فكرية ال باعتباره علما مستقال» ()5
إضافة إلى أن المفكرين العرب القدامى لم يكون&&وا يفص&&لون الظ&&اهرة المص&&طلحية
عن ب&&اقي العل&&وم؛ حيث ت&&داخلت القض&&ايا المتعلق&&ة بالمص&&طلح بالكتاب&&ات اللغوي&&ة
.والمنطقية والفقهية واألصولية وغيرها
وإذا كانت القرون األولى من التاريخ اإلسالمي قد شهدت ازدهارا علمي&&ا أس&&هم في
اإلعالء من ش&&أن ال&&ذات الثقافي&&ة المس&&لمة ،ف&&إن رك&&ود البحث العلمي في الق&&رون
الموالية أدى إلى ركود اللغة أيضا ،فجمدت المص&&طلحات ط&&وال س&&تة ق&&رون إب&&ان
الحكم العثم&&اني ال&&تركي ألس&&باب عدي&&دة .وم&&ا أن أش&&رقت ش&&مس النهض&&ة العربي&&ة
الحديثة في القرن19م حتى أشرقت معها أنوار “ص&حوة لغوي&ة” ،نظ&را لم&ا تيس&ر
له&&ا من وس&&ائل العلم والثقاف&&ة كالص&&حف والكتب والمعاه&&د… فظه&&رت المج&&امع
العلمية واستنهض&&ت الهمم وع&&ادت المي&&اه إلى مجاريه&&ا لينض&&ب ش&&ريان اللغ&&ة من
.جديد
فقد «بذل المرحوم رفاعة الطهطاوي وتالميذه في مدرسة األلسن ،جه&دا متواض&عا
في تعريب بعض االصطالحات…» ( .)6وتوالت النداءات في كافة أرجاء الوطن
العربي من المحيط إلى الخليج داعية إلى بذل مزيد من الجهد في س&&بيل رقي اللغ&&ة
.العربية سواء على مستوى المؤسسات أم على مستوى األفراد
وحاصل الكالم ،إن علماءنا األوائل طرحوا العديد من القضايا التي تخص الظاهرة
االصطالحية سواء تعل&&ق األم&&ر بالوض&&ع أو التوحي&&د أو التحدي&&د ،كم&&ا أن بعض&&هم
أبدى موقفا محافظا من مسألة المصطلح الدخيل ،والبعض األخر «م&&ال إلى إنش&&اء
رسائل في االصطالح أدت إلى تطوير الحركة المعجمية وظهور المعاجم الخاص&&ة
.التي تحوي اصطالحات علم من العلوم أو فن من الفنون» ()7
وتبقى مس&&ألة االس&&تفادة من ت&&راث األوائ&&ل في م&&ا يخص الدراس&&ة المص&&طلحية
ض&&رورة ملح&&ة ح&&تى« :نس&&تمد المعاص&&رة من أص&&التنا ،فنمتل&&ك هويتن&&ا ،ونظه&&ر
.بشخصيتنا» ()8
لمصطلحية علم حديث النشأة في الغرب ،ولم يخص علماء العربية دراسة المصطلح ] Inconu Name:م[7:27 2023/11/25 ,
بعلم خالص كما فعلوا مع علوم اللغة والنحو والصرف والمنطق والفلسفة ...ومن يقرأ الكتب التراثية قراءة متأنية يقف على ما يمكن
أن نعده تأسيسا عربيا لهذا العلم؛ ذلك أّن العناية بالمصطلح شغلت بال العلماء ابتداء من صدر اإلسالم ،لتنتشر في السذاحة الفكرية
العربية بعد ذلك ،إذ تفرقت مجاالته في مباحث من كتب الحديث والتفسير والفقه واألصول والبالغة وعلم الكالم والمنطق والفلسفة...
ذلك أن الفكر العربي اإلسالمي جاء في صورة رسالة تغييرية مست المفاهيم التي شاعت في الجاهلية ،وسعت إلى بناء نسق مفهومي
جديد يقوم على أساس العقيدة الجديدة وما حملته من أفكار جديدة ومفاهيم مستحدثة ،وترجم ذلك رصيد مصطلحي خاص ينبئ عن
هويته الفكرية في جميع نواحي الحياة بتفرعاتها وتفاصيلها ،فألفينا مصطلحات من قبيل الوحي والتوحيد والحرام والحالل والقيامة
والوضوء والصالة والصوم والزكاة والحج والدعوة والمؤمن والفاسق واألمة والملة والجهاد والخالفة والشريعة والشورى ...وهي
مصطلحات تحمل في طياتها شحنة عقدية جعلتها متميزة من المفاهيم التي ألفها العربي قبل انتشار الدعوة المحمدية في حنايا جزيرة
العرب ،وهو ما استدعى أن ينبري علماء مخلصون إلحاطة هذا النظام المفهومي الجديد بالدرس والضبط والتأطير حتى برزت علوم
لم يكن للعرب سابق عهد بها؛ كعلم
....مصطلح الحديث ،وعلم التفسير ،وعلم الفقه ،وعلم األصول ،وعلم الكالم والفلسفة
لما انتشر اإلسالم في أرجاء الجزيرة العربية ،ظهرت حاجة المسلمين إلى تدوين كل ما يتعلق بالشرع ،فكانت البداية مع تدوين
الوحي ،وتلتها خطوة أخرى في تدوين الحديث واالهتمام به إلى أن ارتقى إلى درجة العلم علم الحديث) ،بل وقد عرف بـ (علم
المصطلح ؛ وسبب هذه التسمية يعود إلى أنه علم يهتم باصطالحات أهل الحديث ،من تعريف وشرح وإيضاح لما اصطلحوا عليه من
ألفاظ متداولة في هذا العلم ،وقد ارتبطت نشأته بنقل السنة النبوية من دون أن يمسها تحريف أو زيادة أو نقصان ،لذلك
ارتبط مصطلح الحديث بالصدق في روايته ،فكانت المفاهيم والمصطلحات تصب في ] Inconu Name:م[7:28 2023/11/25 ,
هذا المضمار كـ :عدالة الرواة ،والسند والعدل والثقة ،والثبت ،والمبتدع ،والحسن والصحيح والضعيف ،والجرح والتعديل والمرسل
والمنقطع ،والمفصل والمعلق ،والغريب ،والفرد ،والشاذ ،والمعلول ، )1( ...وكان لمصطلح الحديث صدى في المصطلح اللغوي
عند الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 170هـ) ومن جاء بعده ،نظرا للبيئة التي نشأوا فيها ،واستقوا منها تكوينهم األولي ،وهي بيئة
فرض فيها المحدثون سيطرتهم على ساحة الفكر ،فجنح اللغويون إلى جمع اللغة من مصادرها الصحيحة ،وسعى األدباء إلى توثيق
النصوص على منوال المحدثين الذين سنوا القواعد وأصلوا األصول لعملهم ،أو كما يقول الدكتور فاروق حمادة « :إذا كان المحدثون
…قد أسسوا المصطلح النقدي الذي تميز به الفكر العربي اإلسالمي ،فإّن اللغويين قد تشربوه وساهموا في تثبيته وتدعيمه ،وعملو
األلفاظ" ،حيث يقول في مقدمته « :فإَّن علوم القرآِن جّمة ،ومعرفتها مؤّك دة مهمة] Inconu Name: ،م[7:28 2023/11/25 ,
ومن جملتها المحتاج إليها ،والمعول في فهمه عليها ،مدلوالت ألفاظه الشريفة ،ومعرفة معانيه اللطيفة؛ إذ بذلك ُيترقى إلى معرفة
أحكامه ،وبيان حالله وحرامه ،ومناصي أقواله ،وإشارة مواعظه وأمثاله»( .)1وقد انتشر مصطلح "غريب القرآن" ابتداء من
الصحابي عبد هللا بن عباس رضي هللا عنه صاحب المقولة المشهورة« :إذا سألتم عن شيئ من غريب القرآن فالتمسوه في الشعر،
.فإن الشعر ديوان العرب ( .)2ليبدأ في القرن الثاني الهجري تأليف الكتب وليمتد التأليف فيه عبر العصور المختلفة ()3
وقد اعتنى المفسرون بشرح ألفاظ القرآن الكريم ،وأولوها عناية خاصة ،بالتحقيق في معانيها االصطالحية ،بل إنها اتخذت في كثير
… من األحايين منعرجا خطيرا ؛ فاتجه المفسرون بالمصطلحات القرآنية اتجاها يدعم االنتماء المذهبي والكالمي ( .)4فكانت الع
ومناطاتها الشرعية ( ،)1على نحو ما ورد في تفسير الجامع ألحكام القرآن" لإلمام ] Inconu Name:م[7:29 2023/11/25 ,
القرطبي ،وتفسير آيات أحكام القرآن للجصاص الحنفي (ت 370هـ) ،وتفسير "أحكام القرآن البن العربي المالكي (ت 543هـ)،
....وتفسير أحكام القرآن" للكيا الهراسي الشافعي (ت 504هـ)
بدهي أن تلفي الفالسفة يهتمون بحدود المصطلحات والمفاهيم ،وهو ما كان عند الفالسفة المسلمين والمناطقة كابن سينا والفارابي
والغزالي والكندي والرازي وابن تيمية وإخوان الصفا ...وغيرهم ،حين عرضوا للحد وأقسامه وشروط بنائه ،في مثل قول الغزالي
في كتاب الحّد « :والنظر في هذا الكتاب يحصره فنان (األول) فيما يجري من الحّد مجرى القوانين الكلية (والثاني) في الحدود
المفصلة»( .)2كما قسموا الحد والرسم إلى تام وناقص ،وعّد وا التعريف بالحد التام أتم التعريفات ()3؛ ألنه يعرف المصطلح
…بمجموع األجزا
أما تعريف المصطلح بالرسم فهو تعريف له بصفات تخصه ( ،)1وميزوا بين تعريف ] Inconu Name:م[7:29 2023/11/25 ,
المصطلح برسم تام يتضمن أجزاء المفهوم ولوازمه ،ورسم ناقص تعّر ف بمقتضاه المصطلحات بلوازمها فقط ( .)2ففي الرسم التام
تعرف حقيقة اللفظ ببعض أجزائه وبعض لوازمها ،ويمكن صياغة ذلك على
:الشكل التالي
الرسم التام -أجزاء الماهية +لوازم ،أو :الرسم التام -جنس قريب +الزمة
وفي الرسم الناقص تعرف حقيقة اللفظ بما يتركب من أجزاء ولوازم فقط .ويمكن صياغة ذلك
لقد جاء الفالسفة والمناطقة المسلمون بأنواع من التعريفات ،ضبطوا طرقا معينة في صياغة التعريف بنيت على مجموعة من المبادئ
:الواجب اتباعها ،منها
…اجتنا -
احترام التعريف في الحد فإذا وجد للتعريف جنس قريب وآخر بعيد وجب إيراد ] Inconu Name: -م[7:29 2023/11/25 ,
« :القريب ،وإذا وجد للحد جنس وفصل ،وجب االبتداء بذكر الجنس ثم الفصل ،ويعّلق الغزالي على ذلك بالقول
.فرعاية الترتيب في هذه األمور شرط للوفاء بصناعة الحدود ،وهو في غاية العسر )1(»..
وجد المتكلمون في المصطلح مادة خصبة تخدم انشغاالتهم وتوجهاتهم في استحداث المفاهيم وتفريعها حسب ما يقتضيه منحاهم
الفكري ومذهبهم العقدي ،وحرصوا على توليد مصطلحات المفاهيم حديثة؛ كالجوهر والعرض والوجود والماهية ...يقول الجاحظ في
هذا اإلطار -عن جمهور المتكلمين :تخيروا تلك األلفاظ لتلك المعاني ،وقد اشتقوا لها من كالم العرب تلك األسماء ،وهم اصطلحوا
:على تسمية ما لم يكن له في لغة العرب اسم ،فصاروا في تلك سلفا لكل خلف ،وقدوة لكل تابع ،ولذلك قالوا
…ومن ثم
وذات األمر نجده عند األشاعرة الذين صبوا اهتمامهم على االصطالح وعالقته ] Inconu Name:م[7:30 2023/11/25 ,
بالتصورات التي تدور في الخواطر ،وأهميته في البيان .وذهبوا إّن اللغة نظام من العالقات ،ومجموعة من الروابط الداللية
والمفاهيمية التي تنشأ بين األلفاظ الداخلة في تراكيب لغوية يسند بعضها إلى بعض .ويرى األشاعرة أن األلفاظ التي هي أوضاع اللغة
لم توضع معانيها في أنفسها ،ولكن ألن يضم بعضها إلى بعض فيعرف ما بينها من فوائد فاأللفاظ في معتقدهم لم توضع لتعرف بها
،المعاني؛ ألن المعاني معروفة وموجودة في األذهان قبل وضع األلفاظ كذلك وظيفة األسماء ،ليست لتعرف مسمياتها بها
ونجد من المسائل التي شغلت الباقالني (ت 403هـ) مسألة اللفظ والمعنى ،والصلة بينهما ،فقد ارتبطت هذه المسألة عنده بالبحث عن
…مواطن اإلعجاز خدمة للنص القرآني .فقد استطاع أن يدرك ما لأللفاظ من دور في صنع العبارة ،وم
النظري الذي تستمد منه هذه المدرسة مبادئها بمعية (داهلبيرك) و (يرزيك) و ] Inconu Name:م[7:30 2023/11/25 ,
(هوفمان) .ومن أهم مبادئ هذه
.المدرسة أن المفاهيم تخضع لتسلسل بنيوي ،وتحدد في إطار عالقة بعضها ببعض
تجلت عناية األصوليون بالمصطلح في تخصيصهم مباحث في كتبهم لدراسة المصطلح وبيان معانيه ومدلوالته على نحو ما فعل ابن
حزم في تفسره حين وسم أحد أبوابه" :باب األلفاظ الدائرة بين أهل النظر ( .)1والباجي في مقدمة المنهاج ( ، )2وخصص الرازي
مقدمة كتاب المحصول في علم أصول الفقه للمصطلحات األصولية الرائجة في عصره ( ، )3وأما القرافي فقد جعل مدخال في كتابه
"شرح تنقيح األصول" عالج فيه الحد وأنواعه وفروعه ( ، )4وقد يتجاوز األمر الباب والمقدمة والمدخل ،إلى تصنيف المصنفات في
…التعريفات والحدود ،على نحو كتاب الحدود" البن عرفة (ت 803هـ) ،الذي حد فيه المصطلح األصولي والفقهي ،وشرح
للداللة على التمكن في الشعر ،واالسم (فرعون) اصطلح عليه للداللة على الظلم ] Inconu Name:م[7:31 2023/11/25 ,
واالسم (موسى)
".اصطلح عليه للداللة على قهر الظلم ،حتى قيل :لكل فرعون موسى
.األنين
الدال اللفظي الطبيعي :كاألصوات التي يصدرها اإلنسان للتعبير عن المرض ،كمصطلح
.الدال اللفظي العقلي :كداللة اللفظ على وجود المتلفظ ،إذ يستحيل صدور اللفظ دون متلفظ -
.الدال اللفظي الوضعي :وهو داللة األلفاظ المصطلح عليها بإزاء المعاني -
الحقيقة الشرعية تخص الدالالت الشرعية التي تطرأ على اللفظ ،فتخرجه من وضعه األول إلى وضع جديد ،كمصطلحات الزكاة
....والصوم والحج والصالة
الحقيقة العرفية العامة تخص مدلوالت األلفاظ التي بات متعارفا عليها عند الناس في غير أصلها الذي كانت عليه ،نحو حصر -
…مفه
وبعد كل هذا نقول إّن العلماء العرب المسلمين قد ُعنوا أيما عناية بالمصطلحات ] Inconu Name:م[7:31 2023/11/25 ,
ومفاهيمها وباأللفاظ وتعريفاتها ،وقدموا الكثير في تحديدها ،وإن كانوا لم يستخدموا المصطلحات المتعارف عليها اليوم صراحة،
فمن قول ابن فارس لكل لفظ اسمان ُلغوي وصناعي ) ( )1نفهم أن ما يقصده بالصناعي
ومنه نخلص إلى أن علم المصطلح كما قال بعضهم -علم قديم في غايته وموضوعه ،وحديث