You are on page 1of 33

‫دراسة (مجلة "سياسات عربية"‪ ،‬العدد ‪ :3‬تموز ‪ /‬يوليو ‪)3103‬‬

‫تأمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية‬


‫ّ‬
‫*‬
‫المغربي في الحكم‬

‫رشيد مقتدر | يوليو ‪1023‬‬

‫هذه الدراسة منشورة في العدد الثالث من دورية "سياسات عربيّة" (تموز ‪ /‬يوليو ‪ ،)3102‬الصفحات‪ ،01-5 :‬وهي دورية مح ّكمة تعنى بالعلوم‬
‫*‬

‫السياسيّة والعالقات الدوليّة والسياسات العامّة‪ ،‬يصدرها المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات كل شهرين‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫سلسلة‪ :‬دراسات (مجلة "سياسات عربية"‪ ،‬العدد ‪ :3‬تموز ‪ /‬يوليو ‪)1023‬‬

‫رشيد مقتدر | يوليو ‪1023‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة للمركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات © ‪1023‬‬

‫____________________________‬

‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية والعلوم‬
‫ّ‬ ‫بحثية عر ّبية للعلوم‬
‫مؤسسة ّ‬
‫السياسات ّ‬ ‫بي لألبحاث ودراسة ّ‬ ‫المركز العر ّ‬
‫اهتماما‬ ‫ٍ‬
‫أبحاث فهو يولي‬ ‫اإلقليمي والقضايا الجيوستراتيجية‪ .‬واضافة إلى كونه مركز‬ ‫التطبيقية والتّاريخ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دولية تجاه المنطقة‬
‫السياسات ونقدها وتقديم البدائل‪ ،‬سواء كانت سياسات عر ّبية أو سياسات ّ‬
‫لدراسة ّ‬
‫مؤسسات وأحزاب وهيئات‪.‬‬
‫حكومية‪ ،‬أو سياسات ّ‬
‫ّ‬ ‫العر ّبية‪ ،‬وسواء كانت سياسات‬

‫يخية‪،‬‬
‫االقتصادية والتار ّ‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية و‬
‫ّ‬ ‫يعالج المركز قضايا المجتمعات والدول العر ّبية بأدوات العلوم‬
‫بي‪،‬‬
‫نساني عر ّ‬
‫ّ‬ ‫قومي وا‬
‫ّ‬ ‫تكاملية عابرة للتّخصصات‪ .‬وينطلق من افتراض وجود أمن‬‫ّ‬ ‫ومنهجيات‬
‫ّ‬ ‫وبمقاربات‬
‫بي‪ ،‬ويعمل على صوغ هذه الخطط‬ ‫ٍ‬
‫مكانية تطوير اقتصاد عر ّ‬‫ومن وجود سمات ومصالح مشتركة‪ ،‬وا ّ‬
‫البحثي ومجمل إنتاجه‪.‬‬ ‫وخطط من خالل عمله‬‫ٍ‬ ‫وتحقيقها‪ ،‬كما يطرحها كبرامج‬
‫ّ‬

‫________________‬
‫السياسات‬
‫بي لألبحاث ودراسة ّ‬
‫المركز العر ّ‬
‫شارع رقم‪ - 618 :‬منطقة ‪88‬‬
‫الدفنة‬
‫ص‪ .‬ب‪20111 :‬‬
‫الدوحــة‪ ،‬قطــر‬
‫ّ‬
‫هاتف‪ | +917 77299111 :‬فاكس‪+917 77632842 :‬‬
‫‪www.dohainstitute.org‬‬
‫المحتويات‬

‫‪1‬‬ ‫مقدمات أولية للتأطير العلمي لواقع شائك‬

‫‪6‬‬ ‫العقبات المنهجية والنظرية‬

‫‪9‬‬ ‫‪ .0‬لماذا "تأمالت" في التجربة السياسية لحكومة العدالة والتنمية في الحكم؟‬

‫‪11‬‬ ‫معالم اإلستراتيجية الحكومية وأهدافها العامة‬

‫‪00‬‬ ‫‪ .0‬معالم البرنامج الحكومي‬

‫‪01‬‬ ‫‪ .3‬استراتيجية تفعيل البرنامج الحكومي‪ :‬المخطط التشريعي‬


‫‪11‬‬ ‫المحور األول‬ ‫أ‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المحور الثاني‬ ‫ب‪.‬‬
‫‪02‬‬ ‫المحور الثالث‬ ‫ج‪.‬‬

‫‪02‬‬ ‫القوى السياسية المعارضة لحكومة حزب العدالة والتنمية‬

‫‪32‬‬ ‫‪ .0‬أوًال‪ :‬معارضة مؤسساتية‬

‫‪32‬‬ ‫ثانيا‪ :‬معارضة احتجاجية‬


‫‪ً .3‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪ .2‬ثالثًا‪ :‬معارضة القوى الخفية‬

‫‪06‬‬ ‫األداء الحكومي في تدبير المرحلة االنتقالية‪ :‬مالحظات أولوية‬

‫‪02‬‬ ‫نتائج أداء حكومة حزب العدالة والتنمية وتحدياتها‬


‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫مقدمات أولية للتأطير العلمي لواقع شائك‬

‫مكنت التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي‪ ،‬وهو يضطلع بدور المعارضة السياسية طوال‬
‫عاما‪ ،‬من تطوير رؤاه األيديولوجية‪ ،‬وانضاج تصوراته السياسية واالجتماعية‪ .‬وهو ما تؤكده‬
‫خمسة عشر ً‬
‫النظرة السريعة على مختلف البرامج االنتخابية للحزب وأطروحاته األيديولوجية ومشاريعه السياسية في‬
‫السنوات ‪ 0991‬و‪ 3113‬و‪ 3111‬و‪ .3100‬ويمكن أن يعود سير الحزب في منحى الواقعية السياسية‬
‫إلى عدة عوامل أبرزها‪ :‬احتكاك حزب العدالة والتنمية المباشر بمعترك الصراع األيديولوجي والمنافسة‬
‫االنتخابية‪ ،‬واعتماده رؤية سياسية إصالحية راهنت على العمل من داخل المؤسسات السياسية الرسمية‪،‬‬
‫وترتبت على ذلك وعيه لمنطق الحكم والدولة والسياسة‪.‬‬

‫اتسمت تجربة اإلدماج السياسي لإلسالميين اإلصالحيين (حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد‬
‫واإلصالح) بنوع من الدينامية السياسية واالجتماعية؛ من حيث عالقتهم‪ ،‬أوًال‪ ،‬بنظام الحكم التي مرت‬
‫بمراحل متباينة تتراوح ما بين التوافق العابر والتساكن الحذر‪ ،‬وما بين التأزم الظرفي والمواجهة المستمرة‬
‫ثانيا‪ ،‬بالقوى السياسية العاملة داخل النظام سواء‬
‫وصوًال إلى االنسداد والجمود‪ ،‬أو من حيث عالقتهم‪ً ،‬‬
‫كانت أغلبية حكومية أو معارضة سياسية‪.1‬‬

‫ومن النتائج السياسية لمجموع هذه التحوالت السياسية واالجتماعية‪ ،‬تم ّكن حزب العدالة والتنمية من‬
‫االحتكاك العملي بميدان السياسة‪ ،‬من خالل سعيه لفهم السياسات العمومية المنتهجة من لدن الحكومات‬
‫السابقة‪ ،‬وتقييمها وانتقادها من موقع المعارضة السياسية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫موضوع خصصنا له أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم السياسية‪ .‬لالطالع على هذا العمل يمكن العودة إلى‪ :‬رشيد مقتدر‪ ،‬اإلدماج‬
‫السياسي للقوى اإلسالمية بالمغرب (الدوحة وبيروت‪ :‬مركز الجزيرة للدراسات والدار العربية للعلوم ناشرون‪.)3101 ،‬‬

‫‪0‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫وقد أفضت معايشة اإلسالميين اليومية للواقع المركب بمختلف أصناف مشاكله وتعقيداته‪ ،‬إلى اضطرارهم‬
‫للبحث عن حلول عاجلة لها‪ ،‬عبر آليات التوافق والتنسيق مع المسؤولين السياسيين‪ ،‬أو من خالل‬
‫عرضها كمعارضة عبر آليات األسئلة الشفهية أو الكتابية وغيرها‪ ،‬وهو ما أسهم بقدر كبير في إنضاج‬
‫تجربتهم السياسية وتطويرها رغم تحديات اللعبة السياسية وضيق هامش المناورة فيها‪.2‬‬

‫تميزت قواعد اللعبة السياسية في المغرب بالدور المركزي الذي تضطلع به المؤسسة الملكية وفقًا لمنطق‬
‫يسعى للحفاظ على التوازنات السياسية الكبرى‪ ،‬وذلك عبر التوجيه السلس للعملية السياسية باعتماد‬
‫إستراتيجيات متعددة مثل‪ :‬اإلدماج التدريجي‪ ،‬أو التضييق والمحاصرة‪ ،‬أو التجاهل والالمباالة‪ ،‬أو القمع‬
‫والتنكيل‪ ،‬إلى جانب تكتيكات متباينة‪ ،3‬دون االنزالق إلى شرك التدخل المباشر الذي قد ُيظ ِهر النظام‬
‫بمظهر المتسلط‪ .‬وهذا ما يميز خطوات النظام السياسي المغربي في عالقته مع المعارضة السياسية‬
‫إن إستراتيجيات وتكتيكات ممارسة الضغوطات‬
‫بمختلف أصنافها (اإلسالمية‪ ،‬واليسارية‪ ،‬والليبرالية)؛ إذ ّ‬
‫متنوعة‪ ،‬والتلويح باتخاذ إجراءات معينة في حالة التوتر والصدام‪ ،‬قد تفضي في معظم الحاالت إلى حل‬
‫يخول النظام السياسي إمكانية مراقبة‬
‫اإلشكاالت العالقة أكثر من التنفيذ العملي للتهديدات‪ ،‬وهذا ما ِّ‬
‫المجال السياسي وتوجيهه والتحكم في آلياته القانونية والسياسية‪.4‬‬

‫وقد أدى ما شهده الشارع العربي من حركات احتجاجية أثناء ما سمي بـ "الربيع العربي" واإلطاحة بعدد‬
‫من األنظمة التسلطية التي شاخت قياداتها وأصيبت بالترهل السياسي‪ ،‬إلى تسريع خطوات اإلصالح في‬
‫المغرب؛ الحتواء الشارع والحيلولة دون انفجاره‪ ،‬فقد أقدم الملك محمد السادس في خطاب ‪ 9‬آذار‪ /‬مارس‬
‫‪ 3100‬على خطوة استباقية عبر الدعوة إلى تعديل الوثيقة الدستورية‪ ،‬على الرغم من معارضة حركة ‪31‬‬
‫فبراير بمختلف مكوناتها‪ ،‬وكذلك جماعة العدل واإلحسان التي تعد من أبرز التنظيمات اإلسالمية‬

‫‪ 2‬رشيد مقتدر‪" ،‬القوى اإلسالمية والتحالفات المبرمة خالل مرحلة ما قبل الربيع العربي وبعده "‪ ،‬في مؤتمر‪ :‬اإلسالميون ونظام الحكم‬
‫الديمقراطي‪ :‬تجارب واتجاهات‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪ 8-1 ،‬تشرين األول‪ /‬أكتوبر ‪ ،3103‬ص ‪.35-2‬‬

‫‪3‬‬
‫مقتدر‪ ،‬اإلدماج السياسي‪ ،‬ص ‪.025-021‬‬

‫‪4‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.331‬‬

‫‪3‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫المعارضة في المغرب‪ .‬وقد شكلت هذه الظرفية السياسية فرصة استفاد منها حزب العدالة والتنمية‪ ،‬وعمل‬
‫ضمنها النص على إمارة المؤمنين والمؤسسة الملكية‬
‫خاللها على بلورة مقترحاته الدستورية والسياسية التي َّ‬
‫قدما في مساره السياسي من داخل النظام السياسي وفقًا لمنطق‬
‫ودفاعه عنهما‪ ،‬إلى جانب تأكيده السير ً‬
‫إصالحي تدريجي‪ .‬ويمكن اعتبار هذه الخطوات السياسية رسائل طمأنة ما فتئ اإلسالميون يبثونها‪ ،‬والتي‬
‫سائدا بينهم‬
‫ساهمت خالل هذا الظرف الخاص في التخفيف من عناصر عدم الثقة والتوجس الذي كان ً‬
‫والمؤسسة الملكية‪.5‬‬

‫وكان من نتائج هذا الحراك المجتمعي والسياسي صوغ دستور جديد حظي بقبول الشعب‪ ،‬وترتب عنه‬
‫تنظيم انتخابات برلمانية سابقة ألوانها في ‪ 35‬تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر ‪ ،3100‬أدت إلى فوز حزب العدالة‬
‫والتنمية بـ ‪ 011‬مقاعد في البرلمان‪ ،‬تاله وصول الحزب إلى قيادة العمل الحكومي‪ .‬وقد اعتبرت تلك‬
‫مهمة في مسار الفاعل اإلسالمي الذي راهن على االندماج السياسي من داخل النظام‪ ،‬وتم ّكن من‬
‫خطوة ّ‬
‫الوصول إلى السلطة بطريقة سلمية من دون أي تشنجات أو توترات سياسية أو اجتماعية‪ ،‬بحكم‬
‫خصوصية النظام السياسي المغربي الذي تحتل فيه المؤسسة الملكية مكانة مركزية‪.‬‬

‫واذا كانت الحكومة في النظام السياسي المغربي عبارة عن جهاز تنفيذي تابع للملك تساعده في تنفيذ‬
‫عنون الباب الخامس‬
‫فإن التعديل الدستوري لفاتح تموز‪ /‬يوليو ‪ 3100‬الذي ّ‬
‫السياسات العمومية‪ّ ،‬‬
‫أن الحكومة سلطة تنفيذية‬
‫بـ "السلطة التنفيذية"‪ ،‬وهي إشارة صريحة تتم ألول مرة في الدستور‪ ،‬اعتبر ّ‬
‫أن الحكومة من‬
‫(الفصول‪ 81‬و‪ 89‬و‪ )91‬تعمل على تنفيذ البرنامج الحكومي وضمان تنفيذ القوانين‪ ،‬و ّ‬
‫يمارس السلطة التنظيمية (الفصل ‪ 89‬و‪.6 )91‬‬

‫‪5‬‬
‫مقتدر‪" ،‬القوى اإلسالمية"‪ ،‬ص ‪.31-31‬‬

‫‪ 6‬ظهير شريف رقم ‪ 0.00.90‬صادر في ‪ 31‬من شعبان ‪ 39( 0223‬تموز‪ /‬يوليو ‪ )3100‬بتنفيذ الدستور‪ ،‬انظر‪ :‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫عنون‬
‫العدد ‪ 5912‬مكرر‪ ،‬السنة الثامنة‪ 38 ،‬شعبان ‪ 21(0223‬تموز‪ /‬يوليو ‪ ،)3100‬ص ‪ .2101-2101‬وعلى سبيل المقارنة ّ‬
‫أن البرلمان بغرفتيه‬
‫ثم‪ ،‬فهي إشارة صريحة إلى ّ‬
‫الباب الرابع من دستور ‪ 3100‬تحت اسم "السلطة التشريعية" عوض "البرلمان"‪ ،‬ومن ّ‬
‫نوعا من التطور الدستوري‪ .‬انظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.2102-2100‬‬
‫يعد سلطة تشريعية (الفصل ‪ ،)11‬وهو ما يعكس ً‬

‫‪2‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫من الناحية المنهجية‪ ،‬من المهم اإلشارة السريعة لمسار عالقة حزب العدالة والتنمية بنظام الحكم الملكي‬
‫بالمغرب‪ ،‬وذلك لإلحاطة بالموضوع من مختلف أبعاده التاريخية والسياسية واالجتماعية‪ .‬فال يمكن‬
‫التعامل مع التجربة الحالية لهذا الحزب في الحكم بمعزل عن مسار إدماجه السياسي‪ ،‬وتاريخ عالقته‬
‫أن العديد من السلوكات السياسية للحكومة قد نجد تفسيرها في التأثر بالتجربة‬
‫بباقي القوى السياسية؛ ذلك ّ‬
‫ووعر في هذه البلدان‪،‬‬
‫ًا‬ ‫جدا‬
‫طويال ً‬
‫ً‬ ‫السياسية طوال سنوات اإلدماج‪ ،‬فال يزال "الطريق إلى الديمقراطية‬
‫إن "النخبة الحاكمة واألحزاب العلمانية‬
‫وليست األحزاب اإلسالمية هي من زرع كل العقبات في مساره"‪ّ .‬‬
‫أيضا‪ .‬إذ لم تكن األنظمة الناصرية والبعثية والقومية والملكية في‬
‫في الشرق األوسط لم تلتزم بالديمقراطية ً‬
‫المنطقة ديمقراطية‪ ،‬ولم يتجاوز حضور المرأة في األحزاب السياسية العلمانية في العالم العربي حضورها‬
‫بالتعددية‪ ،‬ال يمكن للمجتمعات في الشرق‬
‫ّ‬ ‫ك في ّأنه من دون االلتزام‬
‫في األحزاب اإلسالمية‪ .‬وما من ش ّ‬
‫األوسط أن تأمل بالتّجديد المتواصل‪ ،‬والتنمية المستدامة‪ ،‬وحقوق الفرد والجماعة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ينبغي توقُّع‬
‫هذا االلتزام من الجميع على قدم المساواة‪ ،‬سواء أكانوا إسالميين أو علمانيين"‪.7‬‬

‫إن االنتقال من دور المعارضة السياسية إلى السلطة وقيادة العمل الحكومي‪ ،‬تعد تجربة سياسية جديدة‬
‫انتقل خاللها حزب العدالة والتنمية إلى موقع الفاعل الذي يمتلك القرار السياسي‪ ،‬وهو ما يش ّكل ًّ‬
‫محكا‬
‫لقدرة اإلسالميين على تنزيل مشاريعهم ورؤاهم وتطبيقها على أرض الواقع‪.‬‬

‫نسعى في هذه الدراسة لرصد التجربة الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية‪ ،‬في ظل االئتالف‬
‫الحكومي المشكل من أربعة أحزاب هي‪ :‬حزب العدالة والتنمية (اإلسالمي)‪ ،‬وحزب االستقالل (اليميني‬
‫المحافظ)‪ ،‬وحزب التقدم واالشتراكية (اليساري)‪ ،‬وحزب الحركة الشعبية (األغلبي الذي يوصف بكونه‬
‫حزب اإلدارة)‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫لما يكتمل بعد"‪ ،‬تعليق على أحداث‪ 32 ،‬أيار‪ /‬مايو‬
‫مارينا أوتاوي ومروان المع ّشر‪" ،‬األحزاب اإلسالمية في السلطة‪ :‬عمل ّ‬
‫‪ ،3103‬موقع مؤسسة كارنيغي للسالم الدولي‪ ،‬ص ‪ ،1-1‬انظر‪:‬‬

‫‪http://carnegieendowment.org/‬‬

‫‪2‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫إن العمل على استقصاء تجربة حزب العدالة والتنمية داخل نظام الحكم في سياق ظرفية سياسية شديدة‬
‫ّ‬
‫تتجسد في تدبير ما يسمى في الخطاب السياسي للحكومة بالتنزيل الديمقراطي للدستور‪ ،‬وهو‬
‫ّ‬ ‫الحساسية‪،‬‬
‫ّ‬
‫ما يستلزم تفصيل هذه اإلشكالية إلى مجموعة من األسئلة األساسية‪ :‬ما هي طبيعة تصورات حزب العدالة‬
‫والتنمية وباقي مكونات التحالف الحكومي للمرحلة االنتقالية؟ وما هي اآلليات المعتمدة لتدبير هذه المرحلة‬
‫السياسية االنتقالية الصعبة؟ وكيف سيضطلعون بالمسؤوليات والسلطات الحكومية المخولة إليهم في‬
‫الدستور؟ وما مدى قدرتهم على إرساء آليات مؤسساتية جديدة إلعادة توزيع السلطة بينهم والمؤسسة‬
‫الملكية من دون الوصول لمرحلة التأزم والصدام؟ وهل أسهمت موجة ما سمي بالربيع العربي في المغرب‬
‫أن تغيير اإلطار‬
‫في تغيير قواعد اللعبة السياسية خاصة بعد إقرار دستور فاتح تموز‪ /‬يوليو ‪3100‬؟ أم ّ‬
‫تبدل في موازين القوى وتغيير في الواقع السياسي الذي ما‬
‫الدستوري والقانوني للبالد لم يترتب عليه أي ّ‬
‫مستمر وفقًا لما يسميه العديد من الباحثين بالسلطوية الناعمة أو المرنة؟‬
‫ًا‬ ‫زال‬

‫أن المغرب خرج من عنق‬


‫ويجعلنا هذا نتوقف أمام أطروحتين متناقضتين‪ :‬تعتبر األطروحة األولى ّ‬
‫أن مبادرة الملك محمد السادس وما تالها من خطوات سياسية‪ ،‬كتعديل الدستور واجراء‬
‫الزجاجة‪ ،‬و ّ‬
‫نوعا من الوعي المبكر للمؤسسة الملكية‪ ،‬وقدرتها على معرفة‬
‫تجسد ً‬
‫ّ‬ ‫انتخابات تشريعية سابقة ألوانها‬
‫مآالت األمور واتخاذ الق اررات اإلصالحية في الزمن المناسب‪ .‬فكانت نتيجة هذه التغييرات المؤسساتية‬
‫والسياسية التم ّكن من التغيير الجوهري في قواعد اللعبة السياسية‪ ،‬فدخل معها المغرب إلى مرحلة سياسية‬
‫جنبته التوترات السياسية والقالقل االجتماعية التي عرفتها العديد من البلدان العربية‪ .‬بينما‬
‫ودستورية جديدة ّ‬
‫تمرس في‬
‫أن مجمل ما قام به نظام الحكم من مبادرات سياسية ما هي إال مناورات ّ‬
‫ترى األطروحة الثانية ّ‬
‫أن هذه الخطوات اإلصالحية ال تعدو كونها مساحيق للتجميل‪ ،‬ومحاوالت لاللتفاف على‬
‫إتقانها‪ ،‬و ّ‬
‫أن بنية السلطة ظلت جامدة لصالح‬
‫المطالب الشعبية الداعية للديمقراطية والعدالة ومحاربة الفساد؛ بحكم ّ‬
‫نظام الحكم الملكي الممسك بزمام السلطات والصالحيات‪.‬‬

‫وتواجه الباحث والدارس الطامح إلى المعالجة العلمية الموضوعية للظواهر السياسية داخل المجتمعات‬
‫التي تجتاز مراحل انتقالية‪ ،‬عدة عقبات موضوعية تش ّكل تحديات مركزية أمام تخصص العلوم السياسية‬
‫ٍ‬
‫وتحول‬ ‫ٍ‬
‫مخاض‬ ‫تجسد مرحلة‬
‫ّ‬ ‫واالجتماعية؛ فالمجتمعات والدول موضوع الدراسة تعيش فترات انتقالية‬
‫إن المرور من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مستمر‪ ،‬وفقًا لدينامية صراعية يصعب توقع تطوراتها ونزاعاتها وتوافقاتها وانتكاساتها‪ّ .‬‬

‫‪5‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫الموجهة والمتح ّكم بها‪ ،‬أو‬


‫ّ‬ ‫مرحلة االستبداد والتسلط بمختلف نماذجه كالسلطوية التقليدية‪ ،‬أو الديمقراطية‬
‫السلطوية المرنة‪ ،‬وهي نماذج سياسية تمنح هوامش سياسية وفقًا لخطوط حمراء ِّ‬
‫محددة لقواعد اللعبة‬
‫السياسية‪ ،‬تفسح مجاالت معينة للفاعلين السياسيين للتحرك والمنافسة من دون التأثير في طريقة اشتغال‬
‫النظام أو تغيير القواعد الناظمة للعمل السياسي‪ .‬أما السلطوية الجامدة (األنظمة الشمولية والعسكرية)‬
‫أشكاال وقوالب تفتقد وجود‬
‫ً‬ ‫فتمثل نماذج سياسية مغلقة تطغى فيها إرادة الحاكم الفرد وسلطته‪ ،‬وتتضمن‬
‫فاعلين سياسيين مستقلين مقابل وجود طبقة سياسية تعمل عبر حزب وحيد أو أحزاب سياسية مصطنعة‬
‫يقتصر دورها على مساعدة الحاكم واالستفادة مما يمنحه لها من عطايا مادية ورمزية‪ ،‬وذلك على الرغم‬
‫من وجود بنيات سياسية يصطلح عليها مؤسسات سياسية‪ ،‬وهي في الحقيقة هياكل أو منشآت سياسية‬
‫ذات طابع صوري وال تضطلع بأدوار حقيقية‪.‬‬

‫ثقافيا‪ ،‬وهي‬
‫ووعيا ً‬
‫ً‬ ‫اجتماعيا‬
‫ً‬ ‫ونضجا‬
‫ً‬ ‫سياسيا‬
‫ً‬ ‫وتمرسا‬
‫ً‬ ‫مؤسساتيا‬
‫ً‬ ‫تطور‬
‫ًا‬ ‫إن الوصول لمرحلة المأسسة تستلزم‬
‫ّ‬
‫مرحلة تسبقها مرحلة الشخصنة التي تجري خاللها ممارسة السياسة بشكل شخصي خارج إطار‬
‫المؤسسات السياسية‪.‬‬

‫العقبات المنهجية والنظرية‬

‫أن السعي الستكشاف هذه الظواهر والوقائع المركبة تعترضه جملة من التحديات النظرية‬
‫ال شك ّ‬
‫أن األطر المعرفية والعلمية التي كانت تدرس بها مجتمعاتنا العربية أضحت شبه‬
‫والمنهجية‪ ،‬بحكم ّ‬
‫متجاوزة بحكم دخول بلداننا لمرحلة سياسية انتقالية يصعب معالجتها بنوع من الموضوعية والعلمية‪ ،‬وهي‬
‫سمة المراحل االنتقالية التي تتسم بالهشاشة والسعي للخروج من شخصانية السلطة ونزعاتها الفردية‬
‫والتسلطية إلى الطموح للمزيد من المأسسة والتقنين لقواعد اللعب السياسي‪ .‬واذا كانت المجتمعات التي‬
‫فإن إمكانية التأزم والصدام أو االنتكاسة‬
‫شهدت ثورات مثل تونس ومصر وليبيا تنطبق عليها ما بسطناه‪ّ ،‬‬
‫تبقى واردة‪ ،‬بينما يتسم النموذج السياسي المغربي باعتماده على تجربة إصالحية سياسية قام بها ملك‬

‫‪1‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫البالد‪ ،‬وهي في طور التبلور‪ ،‬على الرغم من كونها مسبوقة بتجربة ما كان يسمى "بالتناوب التوافقي"‬
‫الذي عقده الملك الراحل الحسن الثاني مع المعارضة اليسارية‪.‬‬

‫بعيدا عن سمة الذاتية‬


‫موضوعيا ً‬
‫ً‬ ‫تقييما‬
‫ومن بين األسئلة التي سنطرحها‪ :‬كيف يمكننا تقييم أداء الحكومة ً‬
‫مكونا من مكوناته‪ ،‬والتموقع السياسي واالجتماعي‬
‫ً‬ ‫تجسد‬
‫المصلحية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫التي تطبع شخصية اإلنسان‪ ،‬و‬
‫بالنسبة إلى الفاعل السياسي واالجتماعي؟ وما المقصود بالسياسات العمومية؟ والى ماذا يعزى التباين في‬
‫الحكم عليها وتقييمها؟‬

‫بأنها "برنامج للعمل الخاص‬


‫وعلى الرغم من كثرة التعريفات وتعددها‪ ،‬فيمكن تعريف السياسات العمومية ّ‬
‫بسلطة عمومية أو عدة سلطات حكومية"‪ ،8‬وهي آلية مؤسساتية تسعى إليجاد حلول لمجموعة من‬
‫المشاكل االجتماعية واالقتصادية وغيرها‪ ،‬في سياق رؤية معينة تحمل اسم خطة حكومية وفقًا ألهداف‬
‫معينة وتسعى لتحقيق رهانات محددة‪ ،‬عبر سلطة حكومية لها القدرة على تحقيق أهدافها باالعتماد على‬
‫موارد مادية ووسائل إكراه‪ ،‬تسمى في أدبيات علم السياسة بالعنف المشروع‪ ،‬وتؤثر هذه السياسات في‬
‫وضعيات الفئات االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬فال يمكن للمطالب أن تكون فعالة ما لم تتحول إلى قوانين من‬
‫قبل مؤسسات صنع السياسة وأن تنتقد من قبل مسؤولين حكوميين‪.9‬‬

‫‪8‬‬
‫انظر‪:‬‬

‫‪On peut définir une politique publique comme étant “un programme d’action propre à une ou à‬‬
‫‪plusieurs autorités publiques ou gouvernementales,” Jean-Claude Thoenig, “L’analyse des politiques‬‬
‫‪publiques,” in M. Grawitz & J. Leca (éd.), Traité de science politique, vol. 4 “Les politiques‬‬
‫‪publiques” (Paris: PUF, 1985), p. 6.‬‬

‫‪ 9‬جابرييل إيه‪ .‬آلموند وجي‪ .‬بنجهام باويل االبن‪ ،‬السياسات المقارنة في وقتنا الحاضر‪ ،‬ترجمة هشام عبد اهلل (عمان‪ :‬الدار األهلية‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،)0998 ،‬ص ‪.059‬‬

‫‪1‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫ينبني مفهوم السياسات العمومية على اعتبارات براغماتية صرفة تتعلق بضرورة تحقيق التنمية وتجاوز‬
‫معضالت الركود والتخلف‪ ،‬كما تحكمه في اآلن نفسه أبعاد نظرية ال يمكن إغفالها؛ فمعرفة السياسات‬
‫العمومية ومنطقها يم ّكن الفاعل الحكومي من تحسين أدائه والرفع من حجم توقعاته‪ ،‬ومقارنة مخططاته‬
‫أن هذا المجال تعترضه جملة من الصعوبات والعوائق‪،‬‬
‫مع ما حققه على األرض من نتائج ملموسة‪ .‬إال ّ‬
‫كتعدد مستوى الفاعلين في مجال السياسات العمومية‪ ،‬وتعقّد الواقع‪ ،‬وتباين األهداف‪ ،‬واختالف الرهانات‬
‫والمصالح‪ ،‬وهو ما يسم حقل السياسات العمومية ونظرياتها بنوع من النسبية‪.10‬‬

‫‪11‬‬
‫يتموقع ضمن خانة الفاعلين السياسيين‬ ‫واذا كان الفاعل الحكومي الذي يضع سياساته العمومية‬
‫أصحاب القرار السياسي‪ ،‬وهو ما يجعله يدافع عن سياساته العمومية بمقوالت أيديولوجية وسياسية للدفاع‬
‫والتبرير‪ ،‬بينما يتمحور دور المعارضة السياسية في خلق تبريرات وحجج أيديولوجية مضادة‪ ،‬وهو ما يزيد‬
‫موضوعيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫تقييما‬
‫من تعقيد مجال السياسات العمومية ويصعب من إمكانيات فهمها وتقييمها ً‬

‫يمكن أن يتخذ تقييم حصيلة أداء الحكومة عدة أشكال ونماذج‪ ،‬فقد يأخذ صبغة انتقاد سياسي لحصيلة‬
‫تبعا لموقع الفاعل السياسي ومكانته السياسية إذا كان موقعه ضمن المعارضة السياسية‪ ،‬فال‬
‫أداء الحكومة ً‬
‫منقبا عن أخطائها وهفواتها‪ ،‬كاشفًا للرأي العام‬
‫معارضا للسياسات الحكومية ً‬
‫ً‬ ‫شك أن نقده سيكون‬

‫‪10‬‬
‫لالطالع على مفهوم السياسات العمومية يمكن الرجوع لألدبيات اآلتية‪:‬‬

‫‪H. Lassweel and A. Kaplan, Power and Society (New Haven: Yale University Press, 1970); Ira‬‬
‫;)‪Harkanky, (ed.), Policy Analysis in Political Science (Chicago: Markham Publishing Company, 1970‬‬
‫;)‪R. Thomas Dye, Understanding public Policy (Englewood Cliffs, NJ: Prentice Hall, 7 edition, 1992‬‬
‫‪Paul Saatier, Theories of the Policy Process (New York: Westview Press, 2000).‬‬

‫‪11‬‬
‫تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 011‬من الدستور على موضوع السياسات العمومية كما يلي‪" :‬تقدم األجوبة على األسئلة المتعلقة‬
‫بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة‪ ،‬وتخصص لهذه األسئلة جلسة واحدة كل شهر‪ ،‬وتُقدم األجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه‬
‫يوما الموالية إلحالة األسئلة إلى رئيس الحكومة"‪.‬‬
‫األمر خالل الثالثين ً‬

‫‪8‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫تناقضاتها وتعارض خطاباتها ومشاريعها مع سياساتها العمومية المطبقة‪ .‬أما إذا كان الفاعل السياسي‬
‫فإنه سيدافع عنها ويبرز إيجابياتها‪.‬‬
‫يتموقع ضمن األغلبية الحكومية‪ّ ،‬‬

‫إن العمل على تقييم هذه السياسات ال يجب أن ينطلق من معادلة الدفاع عن هذه السياسات أو الحكم‬
‫سلبيا‪ ،‬بقدر ما يجب أن تقارب مدى تطابق إستراتيجية الفاعل وأهدافه مع ما حققته هذه السياسات‬
‫عليها ً‬
‫إن ما يفسر هذا التباين في المواقف‬
‫من نتائج ملموسة‪ ،‬فهل تمكن من تحقيق مجمل أهدافه أم بعضها؟ ّ‬
‫واالختالف في تقييم السياسات العمومية ما بين مدافع ومعارض يعزى إلى اختالف المواقع السياسية من‬
‫الحكومة إلى المعارضة وتضارب المشاريع السياسية المتنافسة‪ ،‬وتناقض المصالح السياسية الصريحة أو‬
‫الضمنية‪.‬‬

‫‪ .1‬لماذا "تأمالت" في التجربة السياسية لحكومة العدالة والتنمية في الحكم؟‬

‫أن الرصد العلمي لحصيلة عمل الحكومة‬


‫يجابهنا على المستوى النظري اعتراض منهجي أساسي‪ ،‬ذلك ّ‬
‫خالل مدة سنة ونيف غير كاف لتقييم موضوعي لحصيلة عملها‪ ،‬فنحو ُخمس مدة والية الحكومة لن‬
‫يفضي سوى إلى محاكمة النوايا والرؤى‪ ،‬وهي مسألة غير ممكنة من الناحية العلمية‪ .‬وبالمقابل‪ ،‬يمكن‬
‫دراسة التجربة السياسية للحكومة بالتركيز على بعض اإلشكاالت المركزية ومحاولة مالمسة منهج تعامل‬
‫الحكومة معها بغية الخروج ببعض النتائج األولية لمعالم هذه التجربة الحكومية ومساراتها في مجال‬
‫السياسات العمومية‪.‬‬

‫إال أن ما بسطناه من مالحظات منهجية في طريقة التعامل مع هذا الموضوع اإلشكالي ومحاولة تأطيره‬
‫سليما‪ ،‬ال ينفي إمكانية التعامل السياسي مع الحكومة وهو مجال فعل الفاعلين السياسيين‬
‫تأطير ً‬
‫ًا‬ ‫العلمي‬
‫خاصة المعارضة السياسية‪ ،‬فالحكم السياسي على األداء الحكومي يندرج في صميم العمل السياسي للقوى‬
‫خصبا للمنافسة السياسية والصراع األيديولوجي بين الفاعلين‬
‫ً‬ ‫ميدانا‬
‫ً‬ ‫السياسية‪ ،‬وهو ما يجعل منه‬
‫إما لدعم حصيلة الحكومة والعمل على التباهي بحصيلتها‪ ،‬وا ّما لنقد السياسات الحكومية‬
‫السياسيين‪ّ ،‬‬
‫والقول بفشلها بالنسبة إلى القوى السياسية المعارضة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫لقد اخترنا لهذا الموضوع عنوان تأمالت في التجربة السياسية لحكومة العدالة والتنمية في الحكم‪ ،‬إذ ندرك‬
‫أن المدة التي قضاها الحزب حتى اآلن في الحكم غير كافية إلصدار نتائج نهائية حول حصيلة عمل‬
‫ّ‬
‫التقيد‬
‫الحكومة وتقييم نتائجها‪ ،‬وهو ما جعلنا نفضل استعمال عبارة "تأمالت"‪ ،‬من دون أن يعني ذلك ّ‬
‫السنوي للقطاعات الحكومية بمختلف أصنافها‪ ،‬وذلك بالتركيز على المعطيات الكمية‬
‫ّ‬ ‫بتقييم حصيلة العمل‬
‫المستندة إلى اإلحصائيات‪ ،‬وهي على أهميتها التجميعية للمعطيات والمعلومات المتناثرة والمتفرقة‪،‬‬
‫سلبيا‪،‬‬
‫إيجابيا أو ً‬
‫ً‬ ‫يقيم نتيجتها‬
‫وجمعها في مؤلف واحد واقتراح تحليالت بغرض الوصول إلى حكم نهائي ّ‬
‫فإننا نفضل االشتغال بمنهج مختلف يركز على مقاربة كيفية سوسيوسياسية تسعى الستجالء الظواهر‬
‫والسياسات والخلفيات واألبعاد الكامنة وراء انتهاجها‪.‬‬

‫فمن المتعارف عليه داخل حقل الدراسات القانونية الدستورية التي تنهل من النموذج الفرنسي‪ ،‬تناول األداء‬
‫السياسي للتجارب البرلمانية ورصد حصيلتها في شموليتها‪ ،‬من خالل المزج بين المقاربة القانونية والمنهج‬
‫كبير من الدراسات التي يغلب عليها الطابع القانوني الشكالني وهي على‬
‫قدر ًا‬
‫اإلحصائي‪ ،‬وهو ما ولد ًا‬
‫‪12‬‬
‫تعوزها الوسائل‬ ‫فإن من أبرز مساوئها المعرفية سقوطها في نزعة وصفية جامدة‪،‬‬
‫الرغم من أهميتها‪ّ ،‬‬
‫المنهجية والمقاربات النظرية لتطوير رؤاها الوصفية للوصول القتراح فرضيات تحليلية ونتائج فهمية‪،‬‬
‫تم ّكن من تفسير ما غمض من الوقائع والظواهر والبحث عن دواعيها وخلفياتها‪ ،‬أو تفسح آفاقًا معرفية‬
‫وعلمية رحبة تغري الباحثين والدارسين المهتمين‪ ،‬وهي مسألة ليست سهلة‪.‬‬

‫بأن موضوع حصيلة العمل الحكومي من المواضيع التقليدية‪ ،‬التي دأب الباحثون على‬
‫يجب اإلقرار أوًال ّ‬
‫رصدها وتتبعها بالبحث والتنقيب في الحقل المعرفي للعلوم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬وال سيما موضوع‬
‫لكن جديد هذا الموضوع اتسامه بالخصائص اآلتية‪:‬‬
‫السياسات العمومية‪ّ ،‬‬

‫‪12‬‬
‫مقتدر‪ ،‬اإلدماج السياسي‪ ،‬ص ‪ .082‬تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 011‬من الدستور على موضوع السياسات العمومية كما يلي‪:‬‬
‫"تقدم األجوبة على األسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة‪ ،‬وتخصص لهذه األسئلة جلسة واحدة كل شهر‪ ،‬وتُقدم‬
‫يوما الموالية إلحالة األسئلة إلى رئيس الحكومة"‪.‬‬
‫األجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه األمر خالل الثالثين ً‬

‫‪01‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫جسدت تداعيات مرحلة‬


‫أوًال‪ :‬تشكلت حكومة السيد عبد اإلله بن كيران في مرحلة سياسية دقيقة ومحرجة‪ّ ،‬‬
‫ما سمي بالربيع العربي بزخمها وصراعاتها وتناقضاتها‪ ،‬وهو ما يفسِّر اإلقدام على هذه النوعية من‬
‫الدراسات حول التجربة السياسية لحكومة العدالة والتنمية في الحكم في ظل المرحلة االنتقالية‪.‬‬

‫إن الحكومة الحالية تتشكل من ائتالف يقوده حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية اإلسالمية‪ ،‬وهو ما‬
‫ثانيا‪ّ :‬‬
‫ً‬
‫يستدعي معرفة مآل هذه التجربة‪ ،‬ورصد حصيلتها على مستوى العمل الحكومي‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬تجري هذه التجربة السياسية من داخل إطار دستوري جديد ما زال ينتظر التفعيل‪ ،‬وهو ما ِ‬
‫يسمها‬
‫بخصوصية احتكامها لقواعد دستورية رفعت من مستوى صالحياتها وسلطاتها‪.‬‬

‫معالم اإلستراتيجية الحكومية وأهدافها العامة‬

‫‪ .1‬معالم البرنامج الحكومي‬

‫ما هي خصائص البرنامج الحكومي؟ وكيف َّ‬


‫شخص الوضعية السياسية التي اجتازتها البالد؟ وما هي‬
‫أبرز اإلضافات التي قدمها؟‬

‫بعد تعيين الحكومة من قبل الملك محمد السادس‪ ،‬سعت للحصول على ثقة مجلس النواب‪ ،‬فطرحت‬
‫برنامجها الحكومي‪ .‬وينطلق البرنامج الحكومي ‪ -‬الذي يجسد وجهة النظر الرسمية للحكومة ‪ -‬من اقتناع‬
‫أن الحكومة وبرنامجها أتى في مرحلة سياسية انتقالية‬
‫أساسي الزم مضامينه مند بدايته إلى نهايته‪ ،‬وهو ّ‬
‫جسدت ما أسمته بالخيار الثالث للنموذج المغربي في التعامل مع الحركات االحتجاجية التي‬
‫جديدة‪ّ ،‬‬
‫شهدها العالم العربي‪ .‬و ّأنه بفضل خطاب العاهل المغربي في ‪ 9‬آذار‪ /‬مارس ‪ ،3100‬جرى إرساء نهج‬

‫‪00‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫تحول سياسي مستمر وهادئ‪ ،‬تلته مجموعة من اإلجراءات السياسية التي‬ ‫إصالحي م ّكن من إقرار ّ‬
‫وصفها البرنامج الحكومي بالشجاعة واإليجابية من قبيل استفتاء فاتح تموز‪ /‬يوليو وانتخابات ‪ 35‬تشرين‬
‫الثاني‪ /‬نوفمبر ‪ ،3100‬التي اعتبرتها الحكومة متميزة في تاريخ االستحقاقات االنتخابية بالمغرب‪ ،13‬تالها‬
‫ئيسا للحكومة من الحزب الذي حصل على المرتبة األولى‪ ،‬أعقبها تشكيل‬
‫تعيين عبد اإلله بن كيران ر ً‬
‫أغلبية حكومية وفقًا لمنهجية تشاركية واسعة‪.14‬‬

‫إيجابيا لطريقة تدبير المؤسسة الملكية لتداعيات الحراك السياسي‬


‫ً‬ ‫وبهذا‪ ،‬فقد كان تقييم البرنامج الحكومي‬
‫الذي شهده المغرب‪ ،‬بل ّإنه اعتبر التجربة المغربية حظيت باهتمام إعالمي واسع وترقب دولي‪.15‬‬

‫فما هي أبرز رهانات البرنامج الحكومي وأولوياته؟‬

‫يهدف البرنامج الحكومي إلى "االنتقال إلى مرحلة جديدة من البناء الديمقراطي‪ ،‬عبر التقدم في تنزيل‬
‫مقتضيات الدستور الجديد‪ ،‬وتعزيز الثقة في غد أفضل لألمة المغربية وتوفير شروط التنافس والعمل‬
‫الجماعي من أجل نهضة الوطن وقوته وسيادته ووحدته‪ ،‬واالجتهاد في إرساء مغرب الكرامة والحرية‬
‫والتنمية والعدالة االجتماعية لكافة مواطناته ومواطنيه"‪.16‬‬

‫فإنه حدد رهانه األساسي‬


‫يجسد رؤى البرامج االنتخابية ألح ازب التحالف الحكومي‪ّ ،‬‬
‫واذا كان هذا البرنامج ّ‬
‫في "تجسيد االلتزام بتنزيل الدستور ومتطلباته التشريعية والمؤسساتية‪ ،‬واالستجابة لالنتظارات الجوهرية‬
‫والملحة للشعب المغربي بفئاته وشرائحه داخل الوطن وفي الخارج ولعموم الفاعلين االقتصاديين‬

‫‪ 13‬رئيس الحكومة‪ ،‬البرنامج الحكومي‪ ،‬المملكة المغربية‪ ،‬كانون الثاني‪ /‬يناير ‪ ،3103‬ص ‪.5‬‬

‫‪14‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪15‬‬
‫المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.5‬‬

‫‪03‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫واالجتماعيين ومؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬والوفاء بااللتزامات الدولية لبالدنا"‪ .17‬وهو ما جعله يعتبر هذه‬
‫الوالية التشريعية استثنائية بامتياز لما يتطلبه الدستور من ضرورة تنزيل مقتضياته في سياق مسلسل‬
‫"إصالح عميق للدولة وتجديد لوظائفها وتطوير بنيتها وتأهيل أدوراها وارساء قواعد التالؤم والتكامل‬
‫والتعاون بين مؤسساتها‪ ،‬لكسب تحديات الحكامة الجيدة والتنمية االقتصادية والعدالة االجتماعية‪ ،‬مما‬
‫يعزز إشعاع النموذج المغربي وجاذبيته"‪.18‬‬

‫أن أولوية الحكومة ترسيخ مسار البناء الديمقراطي للبالد ومواصلة بناء الدولة الديمقراطية‪،‬‬
‫ويتضح ّ‬
‫ومحاربة االختالالت وأوجه الفساد من خالل ما أسمته "التنزيل التشاركي والديمقراطي لمقتضيات‬
‫الدستور"‪ ،19‬وما يترتب على ذلك من جهوية متقدمة واصالح لإلدارة وتكريس الستقاللية السلطة‬
‫القضائية‪ .‬ويستلزم والقيام بهذا الجهد االستثنائي الذي يهم الدولة والمجتمع استحضار البعد التشاركي في‬
‫فردا؛ فهو تحد وطني‬
‫فاعال أو ً‬
‫ً‬ ‫عملية تنزيل الدستور‪ ،‬فهي قضية مصيرية تهم المجتمع برمته وليس‬
‫يتطلب تضافر جهود األغلبية والمعارضة عبر اعتماد آلية التأويل الديمقراطي للدستور‪.20‬‬

‫وقد حدد البرنامج الحكومي ثالثة مرتكزات في وضع السياسات أو تنفيذها‪:‬‬

‫‪ ‬العمل المندمج والمتكامل‪.‬‬

‫‪ ‬المقاربة التشاركية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪18‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪19‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.08‬‬

‫‪20‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪02‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫‪ ‬ربط المسؤولية بالمحاسبة‪.‬‬

‫كما تستند المنهجية المعتمدة في تفعيل الدستور على أربعة خطوات أساسية‪:21‬‬

‫هيكلة كالقوانين التنظيمية الخاصة بعمل الحكومة والتعيينات‬


‫الم ّ‬
‫‪ ‬إعطاء أولوية للقوانين ذات الطبيعة ُ‬
‫والقضاء واألمازيغية والمالية ولجان تقصي الحقائق‪.‬‬

‫‪ُ ‬بعد مؤسساتي يتجلى في إرساء مجموعة مؤسسات الحكامة والنهوض بالتنمية البشرية والمستدامة‬
‫والديمقراطية التشاركية وحماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ ‬مالءمة المؤسسات القائمة مع مقتضيات الدستور الجديد ذات العالقة بتوسيع اختصاصاتها أو مراجعة‬
‫تركيبتها وأدوارها وعالقاتها‪.‬‬

‫‪ ‬السياسات العمومية والقطاعية الالزم اعتمادها واطالقها أو تطويرها لتنزيل ما جاء به الدستور من حقوق‬
‫وحريات ومقتضيات المواطنة الفعالة‪.‬‬

‫فما الفائدة من تنزيل الدستور؟‬

‫يعيد البرنامج الحكومي التركيز في طريقة تنزيل الدستور بمنطق ديمقراطي على المقاربة التشاركية‬
‫وعيا منه بحساسية المرحلة‪ ،‬وضرورة الحفاظ على التوافق واشراك اآلخرين قصد إنجاح تدبير‬
‫والديمقراطية ً‬
‫التحول إلى طور جديد في نظام الحكامة الجيدة‪" ،‬وارساء سلوك جديد قائم على‬
‫المرحلة االنتقالية و ّ‬
‫الشفافية وتحديد المسؤوليات وسيادة القانون وتثمين الموارد البشرية والصرامة في ربط المسؤولية‬
‫أساسا لنجاعة وفعالية مختلف السياسات العمومية والقطاعية‪ ،‬وضمان استدامتها‬
‫ً‬ ‫بالمحاسبة‪ ،‬باعتبارها‬

‫‪21‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.8-1‬‬

‫‪02‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫إن مصداقية السياسات والبرامج تتحدد بما ينجم عنها‬


‫والتوزيع العادل لثمارها على عموم المغاربة‪ ،‬حيث ّ‬
‫من أثر إيجابي مباشر على الحياة اليومية للمواطنات والمواطنين"‪.22‬‬

‫أما الهدف العام للبرنامج الحكومي فهو "توطيد مسلسل بناء مجتمع متوازن ومتماسك ومستقر ومتضامن‬
‫ومزدهر يضمن العيش الكريم للمواطنات والمواطنين والرعاية الخاصة للمغاربة المقيمين في الخارج‪ ،‬وقائم‬
‫على تنمية الطبقة الوسطى بتوفير الشروط الالزمة إلنتاج الثروة وتحقيق التضامن بين مختلف شرائحه"‪.23‬‬
‫وقد اعتمد في تفعيل هذا الهدف على خمسة توجهات كبرى‪:24‬‬

‫‪ ‬أوًال‪ :‬تعزيز الهوية الوطنية الموحدة وصيانة تالحم وتنوع مكوناتها واالنفتاح على الثقافات والحضارات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ترسيخ دولة القانون والجهوية المتقدمة والحكامة الرشيدة الضامنة للكرامة والحقوق والحريات والقائمة‬
‫ً‬ ‫‪‬‬
‫على المواطنة الحقة وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق بالواجبات‪.‬‬

‫‪ ‬ثالثًا‪ :‬مواصلة بناء اقتصاد وطني قوي متنوع الروافد القطاعية والجهوية وتنافسي ومنتج للثروة وللشغل‬
‫الالئق وسياسة اقتصادية ضامنة للتوزيع العادل لثمار النمو‪.‬‬

‫وخصوصا‬
‫ً‬ ‫ابعا‪ :‬تطوير وتفعيل البرامج االجتماعية بما يضمن الولوج العادل إلى الخدمات األساسية‬
‫‪ ‬رً‬
‫ويكرس التضامن وتكافؤ الفرص بين األفراد والفئات واألجيال والجهات‪.‬‬
‫التعليم والصحة والسكن‪ّ ،‬‬

‫خامسا‪ :‬تعزيز التفاعل اإليجابي مع المحيط الجهوي والعالمي وتقوية األداء العمومي لخدمة المغاربة‬
‫ً‬ ‫‪‬‬
‫المقيمين في الخارج‪.‬‬

‫‪ 22‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.8‬‬

‫‪23‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.9‬‬

‫‪24‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ 01‬و‪.81-00‬‬

‫‪05‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫‪ .2‬استراتيجية تفعيل البرنامج الحكومي‪ :‬المخطط التشريعي‬

‫ما هي طبيعة المخطط التشريعي للحكومة؟ وما الجديد الذي أتى به؟‬

‫يأتي المخطط التشريعي في سياق تفعيل بنود البرنامج الحكومي‪ ،‬ويتضمن جملة من اإلجراءات‬
‫والمخططات التشريعية المزمع تطبيقها إما لتنفيذ بعض أحكام الدستور أو لتفعيل مشاريع قوانين‪ .25‬ويعتبر‬
‫هذا المخطط "أداة لتأطير عمل الحكومة على الصعيد التشريعي‪ ،‬وخارطة طريق مساعدة لمختلف‬
‫السلطات الحكومية في تنفيذ برنامج عمل الحكومة"‪.26‬‬

‫وينقسم المخطط التشريعي إلى مستويين‪ :‬المستوى األول ذو طبيعة إستراتيجية‪ ،‬ويتعلق بالقوانين التي‬
‫نظر ألهميته المركزية في سياق المرحلة االنتقالية الحالية‪.‬‬
‫تسعى لتنزيل الدستور‪ ،‬وسيجري التركيز عليه ًا‬
‫إما بحكم الفراغ‬
‫أما المستوى الثاني‪ ،‬فيتضمن مشاريع القوانين العادية التي تسعى الحكومة لتطبيقها ّ‬
‫لتغير األوضاع والظروف التي تستلزم تغيير اإلطار‬
‫القانوني في إحداث قطاع أو مؤسسة جديدة وا ّما ّ‬
‫القانوني حتى يواكب التحوالت‪ .‬وتعتبر مشاريع القوانين مسألة روتينية عادية ال جديد فيها‪ ،‬وتندرج بحكم‬
‫العادة في سياق السياسات العمومية لجميع الحكومات التي تعاقبت والتي تسعى لتغيير منظومة القوانين‬
‫والمراسيم وغيرها‪.‬‬

‫يعيا‪ ،‬جرى تقسيمها إلى‬


‫نصا تشر ً‬
‫وقد أحصى المخطط عدد مشاريع النصوص القانونية المقترحة في ‪ً 322‬‬
‫نصا‪.‬‬
‫جزأين‪ :‬يرتبط األول بالنصوص التشريعية المزمع إعدادها لتنفيذ بعض أحكام الدستور وتتضمن ‪ً 21‬‬

‫‪25‬‬
‫رئيس الحكومة‪ ،‬المخطط التشريعي برسم الوالية التشريعية التاسعة (كما وافق عليه مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ ‪ 33‬تشرين‬
‫الثاني‪ /‬نوفمبر ‪ ،)3103‬المملكة المغربية‪ ،‬كانون الثاني‪ /‬يناير ‪ ،3102‬ص ‪.5‬‬

‫‪ 26‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.9‬‬

‫‪01‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫عددا من مشاريع القوانين المقترح إعدادها من قبل السلطات الحكومية وعددها ‪312‬‬
‫ويتضمن الثاني ً‬
‫نصوص‪.‬‬

‫أما النصوص التي صادق عليها مجلس الحكومة خالل الوالية التشريعية الحالية حتى ‪ 20‬كانون‬
‫األول‪ /‬ديسمبر ‪ ،3103‬فقد أدرجت ضمن الحصيلة التشريعية للحكومة والتي بلغت ‪ 011‬نص تشريعي‬
‫معروضا على‬
‫ً‬ ‫مشروعا‬
‫ً‬ ‫قانونا صادق عليها البرلمان‪ ،‬ونشرت بالجريدة الرسمية‪ ،‬و‪11‬‬
‫موزعة كاآلتي‪ً 08 :‬‬
‫البرلمان‪ ،‬و‪ 05‬مشروع قانون ستعرض أمام البرلمان‪.27‬‬

‫أن رهان الحكومة خالل هذه المرحلة تطبيق ما أسمته بالتنزيل الديمقراطي والتشاركي للدستور‪ ،‬فإننا‬
‫وبما ّ‬
‫سنركز على الجزء األول من مشاريع القوانين الساعية لتفعيل مقتضيات الدستور‪ .‬لقد بلغ عدد مشاريع‬
‫قانونيا‪ ،‬والتي يقسمها المخطط التشريعي كاآلتي‪:‬‬
‫ً‬ ‫نصا‬
‫النصوص القانونية الساعية لتفعيل الدستور ‪ً 21‬‬

‫المحور األول‬ ‫أ‪.‬‬

‫تنظيميا‪ ،‬تتضمن سبعة قوانين تنظيمية جديدة تهم‪:28‬‬


‫ً‬ ‫قانونا‬
‫ويتضمن ‪ً 02‬‬

‫تنظيم العمل الحكومي‪.‬‬ ‫‪.0‬‬

‫المجلس األعلى للسلطة القضائية‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫الجماعات الترابية‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تنظيم حق اإلضراب‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪27‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.03‬‬

‫‪28‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.02‬‬

‫‪01‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫شروط تقديم ملتمسات المواطنات والمواطنين في مجال التشريع وتقديم العرائض إلى السلطات‬ ‫‪.5‬‬
‫العمومية‪.‬‬

‫تفعيل الطابع الرسمي لألمازيغية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫كما تتضمن ستة قوانين تنظيمية ترمي إلى مراجعة خمسة قوانين تنظيمية حالية وقانون عادي واحد‪ ،‬وتهم‬
‫هذه القوانين‪:29‬‬

‫المحكمة الدستورية‪.‬‬ ‫‪.0‬‬

‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫القانون التنظيمي المتعلق بقانون المالية‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫النظام األساسي للقضاة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫لجان تقصي الحقائق‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫مجلس الوصاية على العرش‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪29‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.02-02‬‬

‫‪08‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫المحور الثاني‬ ‫ب‪.‬‬

‫يتضمن ‪ 01‬قوانين عادية تخص مؤسسات الحكامة‪ ،30‬منها سبعة قوانين لمراجعة النصوص القانونية‬
‫الحالية وتهم‪:‬‬

‫المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪.0‬‬

‫مؤسسة الوسيط‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫مجلس الجالية المغربية بالخارج‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫الهيئة العليا لالتصال السمعي البصري‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫مجلس المنافسة‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫وثالثة قوانين لمؤسسات جديدة‪ ،‬هي‪:‬‬

‫هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز‪.‬‬ ‫‪.0‬‬

‫المجلس االستشاري لألسرة والطفولة‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫‪30‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.02‬‬

‫‪09‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫المجلس االستشاري للشباب والعمل الجمعوي‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫المحور الثالث‬ ‫ج‪.‬‬

‫يعيا‪ ،‬ثالثة منها تهم‪:31‬‬


‫تدبير تشر ً‬
‫يتضمن ‪ً 01‬ا‬

‫‪ ‬حق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومات وحماية مصادرها‪.‬‬

‫‪ ‬قواعد تنظيم وسائل اإلعالم العمومية ومراقبتها‪.‬‬

‫‪ ‬شروط كيفيات مساهمة الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام والمنظمات غير الحكومية في إعداد ق اررات‬
‫ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية وتفعيلها وتقييمها‪.‬‬

‫يعيا من خالل مراجعة التشريعات الحالية من أجل مالءمتها مع أحكام الدستور‪،‬‬


‫تدبير تشر ً‬
‫ًا‬ ‫واتخاذ ‪02‬‬
‫وتهم مجاالت أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬الحقوق والحريات‪.‬‬

‫‪ ‬تخليق الحياة العامة‪.‬‬

‫‪ ‬إقرار مبادئ المنافسة والشفافية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.05-02‬‬

‫‪31‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫‪ ‬القضاء المالي‪.‬‬

‫‪ ‬مراجعة التشريعات الجنائية‪.‬‬

‫‪ ‬حقوق المتقاضين‪.‬‬

‫‪ ‬قواعد سير العدالة‪.‬‬

‫يضاف إلى هذه التدابير التشريعية المتعلقة بهذه المجاالت ميثاق المرافق العمومية المنصوص عليه في‬
‫الفصل ‪ 051‬من الدستور‪.32‬‬

‫وقد أكد المخطط التشريعي ضرورة إعطاء األولوية في مسطرة اإلعداد والمصادقة على النصوص‬
‫المرتبطة بتفعيل الدستور‪ ،‬مع ضرورة التقيد باآلجال الدستورية في إعداد القوانين التنظيمية‪ ،‬وفقًا للفصل‬
‫‪ 81‬من الدستور‪ ،‬ووجوب عرض جميع القوانين التنظيمية على المصادقة خالل الوالية التشريعية الحالية‪.‬‬

‫وبعد عرض أبرز معالم البرنامج الحكومي وأولويات المخطط التشريعي يبقى اإلشكال المطروح‪ :‬إذا كان‬
‫دستور ‪ 0991‬قد اتسم على مستوى تطبيقه بالتبعية المطلقة لمؤسسة الوزير األول للمؤسسة الملكية في‬
‫وقانونيا لمؤسسة رئيس الحكومة‬
‫ً‬ ‫كرس دستورًيا‬
‫فإن دستور ‪ 3100‬قد ّ‬
‫ظل سلطة تنفيذية محدودة‪ّ ،‬‬
‫صالحيات مهمة في سياق تدبير مرحلة االنتقال الديمقراطي الثانية‪ ،‬بغية إرساء نوع من التوازن الدستوري‬
‫والسياسي السلس للسلطة التنفيذية التي يترأسها الملك ورئاسة الحكومة‪ .‬فإلى أي حد يمكن تأسيس مؤسسة‬
‫رئاسة الحكومة كفاعل‪ ،‬ومضطلعة بأدوارها‪ ،‬في انسجام تام مع المؤسسة الملكية في سياق المرحلة‬
‫االنتقالية؟ ويمكن اإلجابة عن ذلك باآلتي‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.05‬‬

‫‪30‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫‪ ‬من خصائص هذه المرحلة االنتقالية تطوير طريقة التعامل مع وسائل اإلعالم بمختلف أنواعه‪ ،‬والدخول‬
‫إلى مساحات إعالمية جديدة لرئيس الحكومة كانت فارغة في التجارب السابقة‪.‬‬

‫‪ ‬فتح ملفات العديد من المؤسسات العمومية التي تشوبها اتهامات بالفساد كالقرض العقاري والسياحي الذي‬
‫تمت المتابعة القضائية لمديره العام السابق‪.‬‬

‫‪ ‬أفضى النص الدستوري الصريح على مؤسسة رئاسة الحكومة والصالحيات الدستورية التي أعطيت لها‪،‬‬
‫واضطالع مجلس الحكومة بأدواره شرعية دستورية جديدة‪ ،‬منح رئيس الحكومة مسؤولية قيادة العمل‬
‫الحكومي وتفعيله‪ ،‬بعد أن كان مجلس الحكومة في ظل دستور ‪ 0991‬غير دستوري ويمارس أدوار‬
‫إن الق اررات السياسية الكبرى كانت تتخذ في المجلس الوزاري‪ ،‬في حين‬
‫سياسية شكلية أكثر منها فاعلة؛ إذ ّ‬
‫أن اجتماعات مجالس الحكومة كانت شكلية تتحدد في عرض مشاريع القوانين وتنظيمها بغرض عرضها‬
‫ّ‬
‫على مجلس الوزراء‪.‬‬

‫نسبيا عن مجال تحرك‬


‫‪ ‬تم ّكن البرنامج الحكومي من إرساء مجال سياسي واجتماعي خاص به ومستقل ً‬
‫المؤسسة الملكية‪ ،‬فبدأنا نالحظ بعض المؤشرات النسبية لتمايز األدوار بين المؤسسة الملكية ورئاسة‬
‫الحكومة على الرغم من واقع االنسجام بين المكونين‪.‬‬

‫‪ ‬فتح الحكومة لملفات مهمة‪ ،‬فاتسمت بنوع من الجرأة السياسية؛ كملف الفساد ومأذونيات النقل ومقالع‬
‫بعيدا‪.‬‬
‫الرمال ورخص الصيد‪ ،‬إال ّأنها لم تذهب بهذه الملفات ً‬

‫‪ ‬انحصار البرنامج الحكومي في تحديات التدبير اليومي للقضايا المطروحة والمشاكل البارزة التي ال‬
‫تنتهي‪ ،‬وهو ما أفقد الرؤية الحكومية البعد اإلستراتيجي في تدبير السياسات الحكومية على الرغم من‬
‫الهم اليومي‪.‬‬
‫لكن التطبيق أفضى إلى السقوط في تتبع مشاكل ّ‬
‫النص عليه في البرنامج‪ّ ،‬‬

‫‪33‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫القوى السياسية المعارضة لحكومة حزب العدالة والتنمية‬

‫تتكون المعارضة السياسية للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية من ثالثة اتجاهات معارضة‬
‫متباينة‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪ .1‬أواال‪ :‬معارضة مؤسساتية‬

‫برزت هذه المعارضة إثر نتائج استحقاقات انتخابات ‪ 35‬تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر‪ ،‬ووصول حزب العدالة‬
‫والتنمية لرئاسة الحكومة‪ .‬ويعد أبرز مكوناتها حزب األصالة والمعاصرة الذي أفضت تداعيات ما يسمى‬
‫بالربيع العربي إلى إقبار مشروعه السياسي‪ ،‬وتكبده هزيمة سياسية في االستحقاقات التشريعية‪ ،‬أرجعته إلى‬
‫الوراء لصالح حزب العدالة والتنمية‪ .‬وقد اضطر كنتيجة لذلك إلى التموقع في خانة المعارضة السياسية‬
‫للحكومة "المرتقبة"‪ ،‬وال شك ّأنه سيكون في معارضة وجودية شرسة‪ ،‬سيسعى خاللها إلبراز قدرته على‬
‫البقاء واالستم اررية بعد خروج مؤسسه فؤاد عالي الهمة منه‪ .‬إن الفشل السياسي الذي ُمني به الحزب قد‬
‫قويا لإلصرار على القيام بمعارضة قوية كشرط الستم ارريته‪ ،‬وكتعويض عن الرأسمال الرمزي‬
‫دافعا ً‬ ‫ِّ‬
‫يشكل ً‬
‫مستشار للملك‪.‬‬
‫ًا‬ ‫الذي فقده بعد انسحاب مؤسسه الذي ُعّين‬

‫وهناك حزب االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية الذي اختار المعارضة السياسية ألول مرة منذ حكومة عبد‬
‫الرحمن اليوسفي عام ‪ .0991‬وقد يعود اتخاذ الحزب هذا القرار إلى عدم رضاه عن نتائج االنتخابات‬
‫التشريعية األخيرة‪ .‬وبذلك ستكون معارضة االتحاد االشتراكي تستلهم شرعيتها من تاريخ الحزب الطويل‬
‫في معارضة النظام منذ السبعينيات من القرن الماضي‪ ،‬وسيسعى الحزب من خاللها إلى إعادة المصالحة‬
‫مع قواعده الشعبية التي أفضت مشاركته الحكومية إلى توسيع الهوة بينهما‪ ،‬وسيعمل الحزب من جهة‬
‫ثانية على بلورة خطاب سياسي احتجاجي يركز على الحداثة والدمقرطة والمحاسبة في محاولة الستقطاب‬
‫بعض الفئات من حركة ‪ 31‬فبراير‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫وهناك حزب التجمع الوطني لألحرار الذي اضطر إلى التموقع كمعارضة بعد هزيمته المدوية في‬
‫لكنها ستبقى‬
‫االنتخابات األخيرة‪ .‬فإذا حافظ على تماسكه‪ ،‬فقد يشكل معارضة سياسية لحكومة بن كيران‪ّ ،‬‬
‫تكون ليشارك في االئتالفات الحكومية‪ ،‬وأعتقد أن تموقعه في المعارضة‬
‫نظر لبنية الحزب الذي ّ‬
‫محدودة ًا‬
‫محدودا‬
‫ً‬ ‫أن دورها سيبقى‬
‫قد يزيد من فرص إضعافه‪ .‬وهناك أحزاب أخرى ستضاف للمعارضة‪ ،‬إال ّ‬
‫وتابعا‪.33‬‬
‫ً‬

‫ثانيا‪ :‬معارضة احتجاجية‬


‫‪ .2‬ا‬

‫يمثل هذه المعارضة الشارع بزعامة حركة ‪ 31‬فبراير بمختلف مكوناتها المدنية‪ ،‬واإلسالمية (جماعة العدل‬
‫مؤخرا) والسلفية‪ ،‬واليسارية (كالنهج الديمقراطي واليسار االشتراكي الموحد وحزب‬
‫ً‬ ‫واإلحسان التي انسحبت‬
‫تحديا‬
‫حتما معارضة شرسة للحكومة وما ستقوم به من برامج ومشاريع‪ .‬ويشكل هذا ً‬
‫الطليعة)‪ .‬وهي تشكل ً‬
‫خوله لهم الدستور الجديد من‬
‫لإلسالميين‪ ،‬فنجاحهم في تنفيذ برنامجهم وقدرتهم على استثمار ما ّ‬
‫صالحيات وسلطات‪ ،‬قد يفضي إلى إضعاف معارضة الشارع‪ ،‬بينما سيؤدي كل إخفاق أو تعثر أو فشل‬
‫للحكومة في إنجاز مشاريعها إلى تقوية الحركة االحتجاجية‪.‬‬

‫إن االختالف الجذري بين القوى السياسية المشتغلة داخل الحقل السياسي الرسمي‪ ،‬والمتمثلة في‬
‫المعارضة المؤسساتية (االتحاد االشتراكي واألصالة والمعاصرة والتجمع الوطني وغيرها) وبين القوى‬
‫أن المعارضة المؤسساتية ستشتغل بمنطق‬
‫السياسية االحتجاجية التي تعمل خارج ذلك الحقل‪ ،‬يتمثل في ّ‬
‫سياسي إصالحي وستسعى الستثمار ما تخوله اللعبة السياسية من صالحيات جديدة للقيام بدور‬

‫‪33‬‬
‫رشيد مقتدر‪" ،‬اإلسالميون والسلطة‪ ..‬أسباب الخالف وجذور العطب"‪ ،‬موقع هيسبرس‪ ،3103/0/00 ،‬انظر‪:‬‬

‫‪http://hespress.com/orbites/45181.html‬‬

‫‪32‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫المعارضة من داخل النظام‪ ،‬بغية خلق دينامية سياسية جديدة قد تستميل الجماهير التي أبدت عزوفًا عن‬
‫العمل السياسي‪ ،‬وهي بذلك ال تؤثر في طريقة اشتغال النظام‪ ،‬بل تعمل على خلق التوافق حوله وشرعنته‬
‫كآلية سلمية للتناوب على السلطة‪ .‬أما القوى السياسية االحتجاجية فتهدف إلى معارضة مجمل العملية‬
‫تأثر بمنطق الثورات التي يشهدها العالم العربي‪ ،‬إذ ستستمر في المطالبة بتغيير جوهري وجذري‬
‫السياسية‪ً ،‬ا‬
‫لقواعد اللعبة السياسية واعادة صوغ مفاهيمها وقواعدها ومضامينها‪ ،‬بالرجوع إلى ضغط الشارع‪ ،‬وهي من‬
‫أبرز التحديات المطروحة التي ستواجه الحكومة المقبلة وستصعب من مهامها المرتقبة‪.‬‬

‫وقد دخلت جماعة العدل واإلحسان في خط معارضة الحكومة بعد خروجها من حركة ‪ 31‬فبراير‪ ،‬وان‬
‫بأن مشكلتها هي مع نظام الحكم وليس مع الحكومات التي تعتبرها شكلية ومن دون‬
‫كانت تؤكد ّ‬
‫صالحيات‪.‬‬

‫‪ .3‬ثالثاا‪ :‬معارضة القوى الخفية‬

‫وتقوم بهذه المعارضة القوى الخفية غير الراضية عن صعود اإلسالميين للسلطة‪ ،‬وهي التي يصفها رئيس‬
‫مجاز بالعفاريت والشياطين والتماسيح؛ وهي تشتغل بشكل خفي‪ ،‬وتسعى‬
‫ًا‬ ‫الحكومة عبد اإلله بنكيران‬
‫للحفاظ على نفوذها السياسي ومصالحها االقتصادية ومواقعها داخل أجهزة الدولة وفقًا لمنطق اللوبيات‪.34‬‬

‫‪34‬‬
‫المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫األداء الحكومي في تدبير المرحلة االنتقالية‪ :‬مالحظات أولوية‬

‫إن تباين وجهات نظر الحكومة والمعارضة حول طريقة تأويل الدستور توجب طرح السؤال اآلتي‪ :‬ما هي‬
‫ّ‬
‫عددا من‬
‫األسباب الرئيسة التي تكمن في سوء فهم الدستور؟ علينا أن نبدأ بحقيقة أن الدستور نفسه يحوي ً‬
‫صحيحا‪ ،‬فمن‬
‫ً‬ ‫األمور الغامضة‪ ،‬فالدستور هو أن يفعل الناس ما يسرهم من بنوده‪ ،‬واذا كان هذا الحكم‬
‫الممكن أن يكون ثمة تفسير آخر وراء ارتباكنا واضطرابنا‪.35‬‬

‫تتحدد إذن انتقادات المعارضة للبرنامج الحكومي في مجموعة من النقاط التي تراها تتناقض مع ما أتى‬
‫به البرنامج الحكومي‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ ‬بطء وتيرة عمل الحكومة في طريقة تفعيل الدستور من خالل مؤشر ضعف عدد مشاريع القوانين‬
‫المقترحة‪.‬‬
‫‪ ‬عدم انسجام الحكومة مع ما جاء في الدستور والبرنامج الحكومي من خالل عدم إعطاء‬
‫اجعا عما أسمته الحكومة بالتنزيل‬
‫المعارضة السياسية المكانة الخاصة بها‪ ،‬وهو ما اعتبرته تر ً‬
‫التشاركي والديمقراطي للدستور‪.‬‬
‫‪ ‬جنوح الحكومة في منهج تفعيلها للدستور إلى تأويل رئاسي لمواد الدستور بدل االحتكام للتأويل‬
‫اغا للدستور من مضمونه وفشل في تفعيل مواده‪.36‬‬
‫البرلماني‪ ،‬وهو ما اعتبرته المعارضة إفر ً‬

‫‪35‬‬
‫مايكل كامن‪ ،‬الدستور في الثقافة األمريكية‪ :‬آلة تعمل من تلقاء ذاتها‪ ،‬ترجمة أحمد طاهر (عمان‪ :‬دار فارس للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،)0991‬ص ‪.23-20‬‬

‫‪36‬‬
‫يمكن الرجوع لألدبيات النظرية لندوة‪" :‬التأويل الديمقراطي للدستور‪ :‬قراءات متقاطعة" التي نظمتها كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية – أكدال – الرباط‪ ،‬شعبة القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬بتعاون مع الجمعية المغربية للعلوم السياسية‪ ،‬والجمعية المغربية‬
‫للقانون الدستوري (غير منشورة)‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫ويمكن أن نضيف مجموعة من مالحظات أولوية أخرى في سياق مقارنة ما تضمنه البرنامج الحكومي‬
‫والمخطط التشريعي مع ما أُنجز في الواقع‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ ‬رفع الحكومة سقف وعودها ‪ -‬وان شئنا توقعاتها ‪ -‬في مجال اإلصالح ومحاربة الفساد واالستبداد‬
‫وتحسين الوضعية االجتماعية للبالد بإيجاد مناصب شغل ومحاربة الفقر والتهميش‪ ،‬والعمل على تطوير‬
‫آماال عريضة على هذه الطموحات‬
‫ً‬ ‫االقتصاد المغربي وتحديثه‪ .‬وقد جعل ذلك المواطنين يعلقون‬
‫الحكومية‪ ،‬التي سرعان ما اصطدمت بواقع معقد وشائك‪ ،‬كان يخفي تركة سياسية واقتصادية واجتماعية‬
‫ثقيلة (مثل أزمة صندوق المقاصة وصناديق التقاعد‪ ،‬ومعضلة استشراء الفساد‪ ،‬وضعف االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬والبطالة‪ ،‬والمديونية‪ ،‬وآثار األزمة المالية العالمية على المغرب‪...‬إلخ)‪ .‬وقد أدركت الحكومة‬
‫ضيق من هامش مناوراتها‪ ،‬وش ّكل‬
‫امتحانا ّ‬
‫ً‬ ‫الوضع الصعب الذي وجدت نفسها فيه‪ ،‬وهو ما أضحى يشكل‬
‫فرصة ذهبية لخصومها التهامها بالتقصير والعجز‪.‬‬

‫تتويجا لمرحلة الربيع العربي في ظل دستور جديد وسع من صالحياتها وسلطاتها‪،‬‬


‫ً‬ ‫‪ ‬تعد هذه الحكومة‬
‫وخولها القدرة على المبادرة‪ ،‬لكن إيقاع عمل الحكومة بدا يعتريه البطء والضعف‬
‫مقارنة مع سابقاتها‪ّ ،‬‬
‫والتردد الذي يعكس غياب رؤية إستراتيجية في سياق تدبير إشكالية السلطة السياسية‪ .‬وقد أظهر هذا‬
‫الملحة للجمهور العريض‬
‫ّ‬ ‫الوضع الحكومة بمظهر غير القادرة أو المترددة‪ ،‬وهو ما ال يساير المطالب‬
‫الذي ينتظر اإلنجازات بتلهف‪.‬‬

‫أن اإلسالميين غير قادرين على تسلُّم زمام السلطة‪ ،‬وتعتبر شرعيتهم‬
‫أن هناك ثقافة سياسية مستشرية ترى ّ‬
‫‪ّ ‬‬
‫السياسية ناقصة‪ ،‬و ّأنهم غير جديرين بالحكم على الرغم من وصولهم إليه عبر صناديق االقتراع‪ .‬وهي‬
‫نزعة غير ديمقراطية‪ ،‬تجد تفسيرها في فشل منافسيهم في تحقيق نتائج سياسية أضعفت من شرعيتهم‪ ،‬إلى‬
‫جانب احتدام المنافسة بينهم وبين خصومهم األيديولوجيين‪ ،‬ثم الصراع على المواقع السياسية‬
‫إن مجموع هذه العوامل يفسر لنا ‪ -‬على الرغم من األخطاء الحكومية غير المحسوبة ‪-‬‬
‫واالجتماعية‪ّ .‬‬
‫كثرة خصوم اإلسالميين ومنتقديهم‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫‪ ‬السير في مسار إرساء التوافق بين المؤسسة الملكية وحزب العدالة والتنمية خالل مرحلة الربيع العربي‬
‫قصد تدبير المرحلة االنتقالية الحرجة؛ فإذا كانت بعض المراحل السياسية التاريخية اقتضت إرساء نوع من‬
‫فإن المرحلة الحالية‬
‫التحالف بين المؤسسة الملكية وقوى اليسار لمواجهة تحدي األصولية اإلسالمية‪ّ ،‬‬
‫مسار إلرساء الثقة المتبادلة قصد التعايش بين اإلسالميين والمؤسسة الملكية في المغرب‪.‬‬
‫ًا‬ ‫تشهد‬

‫سلبيا في صورة‬
‫‪ ‬تباين مكونات األغلبية الحكومية واستشراء خالفاتها السياسية الخفية والمعلنة‪ ،‬وهو ما أثّر ً‬
‫الحكومة واستدراجها إلى الدخول في معارك هامشية زاد من حدتها محاوالت الخصوم السياسيين للحكومة‬
‫تصيد أخطاء مسؤوليها‪ ،‬وعلى رأسهم رئيس الحكومة‪ ،‬وتسليط الضوء على تصريحاتهم ومواقفهم بل حتى‬
‫ّ‬
‫اتهاما‪.‬‬
‫نقدا و ً‬
‫على بعض تصرفاتهم الشخصية ً‬

‫‪ ‬مصادفة تنصيب الحكومة في سياق التأثيرات المباشرة لألزمة االقتصادية العالمية التي بدأ لهيبها يصل‬
‫إلى المغرب‪ ،‬فإذا كانت سمة الخطاب الرسمي ألسباب متعددة لم يقر سابقًا بتأثيرات هذه األزمة في‬
‫فإن هذه التأثيرات بدت ملموسة في الجاليات المغربية المقيمة في بلدان المهجر‪ ،‬والتي ما فتئت‬
‫البالد‪ّ ،‬‬
‫تتقلص مواردها ومن ثم عوائدها المالية على بلدهم‪ ،‬إلى جانب تقلّص عدد السياح والنقص في السيولة‪.‬‬

‫نتائج أداء حكومة حزب العدالة والتنمية وتحدياتها‬

‫أن السعي الستكشاف التجربة السياسية للحكومة الحالية مسألة ليست سهلة بالنسبة إلى الراغب‬
‫ال شك ّ‬
‫في التعامل العلمي الموضوعي البعيد عن السياسة واأليديولوجيا والتموقع السياسي‪ .‬وهو ما أ ّكدنا ّأنها‬
‫ستواجه جملة من التحديات النظرية والمنهجية بحكم جدة التجربة وبداياتها‪ ،‬فنحو سنة ونيف غير كافية‬
‫ونظر لطبيعة المرحلة السياسية االنتقالية التي نمر منها‬
‫ًا‬ ‫للخروج بحصيلة نهائية حول األداء الحكومي‪،‬‬
‫مما يصعِّب من معالجتها بنوع من الموضوعية والعلمية‪ ،‬وهو ما حدا بنا إلى التركيز على إشكالية تفعيل‬
‫الدستور دون غيره من السياسات العمومية‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم‬

‫وبعد بسط الرؤية الحكومية لمنهجية تنزيلها للدستور في البرنامج الحكومي والمخطط التشريعي‪ ،‬ثم‬
‫الحديث عن معارضات حكومة حزب العدالة والتنمية المؤسساتية واالحتجاجية‪ ،‬وعرضنا وجهة نظرها‬
‫المنتقدة للبرنامج الحكومي وطريقة تنزيله للدستور‪ ،‬نخلص إلى بعض التفسيرات األولية لهذه الدينامية‬
‫أن حكومة العدالة والتنمية مترددة وبطيئة في طريقة تنزيلها‬
‫المتقلبة‪ ،‬فمجمل ما طرح من انتقادات ترى ّ‬
‫لدستور مرحلة ما بعد الربيع العربي‪ ،‬ويمكن أن نجد له التفسيرات اآلتية‪:‬‬

‫قدما في التوافق مع المؤسسة الملكية بحكم تجذرها االجتماعي وعمقها‬


‫‪ ‬رهان حكومة بنكيران على السير ً‬
‫ألن موازين القوى والنفوذ السياسي في صالح المؤسسة الملكية‪ ،‬وهو ما يجعل‬
‫الشعبي الذي تتميز به‪ ،‬و ّ‬
‫سلبيا في مستقبل المسلسل اإلصالحي‪.‬‬
‫من أي مواجهة لإلسالميين معها غير محسوبة قد تؤثر ً‬

‫‪ ‬الفوز باالستقرار السياسي للمغرب وتجنيب البلد القالقل االجتماعية والسياسية التي قد تعصف باالقتصاد‬
‫واألمن وصورة البالد الخارجية‪.‬‬

‫‪ ‬دخول اإلسالميين للحكم بطريقة سلسة تم ّكنهم من التماس المباشر بجميع مؤسسات الدولة خاصة الجيش‬
‫واألمن‪ ،‬قصد تغيير الصورة النمطية السلبية التي يوصفون بها‪.‬‬

‫‪ ‬ربط عالقات جيدة مع اللوبيات االقتصادية ورجال المال واألعمال التي لها أدوار اقتصادية مهمة‪.‬‬

‫‪ ‬سير بنكيران في سياق الواقعية السياسية عبر إدراك واقع البالد ومعرفة موازين القوى الحقيقية وتدبير‬
‫يعوق المشروع السياسي ويؤدي إلى إحباطات وخيبات‬ ‫تسرع قد ّ‬
‫واقعي ألبرز اإلشكاالت؛ وذلك لتفادي أي ّ‬
‫أمل‪ ،‬وهي رؤية مستمدة من تجربة بنكيران خالل مرحلة الشبيبة اإلسالمية واالنفصال عنها‪ ،‬وتأثيرات‬
‫مسار اإلدماج السياسي لتياره‪.‬‬

‫أما أبرز التحديات المطروحة أمام حكومة العدالة والتنمية فهي‪:‬‬

‫‪ .0‬التفعيل الديمقراطي للدستور وتدبير المرحلة االنتقالية‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫‪ .3‬التدبير السلس للعالقة بين الحكومة والمؤسسة الملكية والحفاظ على التوافق الدائم في القضايا الخالفية‪.‬‬

‫‪ .2‬الوصول للسلطة بمختلف أبعادها‪ ،‬وهو اختبار لقدرة اإلسالميين على تدبير السياسة من داخل المسؤولية‬
‫الحكومية‪.‬‬

‫‪ .2‬محاربة الفساد واالستبداد والريع (الفساد المالي والسياسي)‪.‬‬

‫‪ .5‬الدمقرطة واعادة الصدقية للعمل السياسي وتوسيع مجال الحريات‪.‬‬

‫‪ .1‬الحفاظ على نظافة اليد ومقاومة إغراءات الموقع والجاه والسلطة‪.‬‬

‫‪ .1‬الحفاظ على جاذبية المسار السياسي اإلصالحي من داخل النظام‪.‬‬

‫‪ .8‬إرساء سياسة خارجية تحقق التنمية والتطور والحد من التبعية واالستقالل‪.‬‬

‫‪21‬‬

You might also like