Professional Documents
Culture Documents
Document 7A26C5CA
Document 7A26C5CA
هذه الدراسة منشورة في العدد الثالث من دورية "سياسات عربيّة" (تموز /يوليو ،)3102الصفحات ،01-5 :وهي دورية مح ّكمة تعنى بالعلوم
*
السياسيّة والعالقات الدوليّة والسياسات العامّة ،يصدرها المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات كل شهرين
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
____________________________
االجتماعية
ّ االجتماعية والعلوم
ّ بحثية عر ّبية للعلوم
مؤسسة ّ
السياسات ّ بي لألبحاث ودراسة ّ المركز العر ّ
اهتماما ٍ
أبحاث فهو يولي اإلقليمي والقضايا الجيوستراتيجية .واضافة إلى كونه مركز التطبيقية والتّاريخ
ً ّ ّ
دولية تجاه المنطقة
السياسات ونقدها وتقديم البدائل ،سواء كانت سياسات عر ّبية أو سياسات ّ
لدراسة ّ
مؤسسات وأحزاب وهيئات.
حكومية ،أو سياسات ّ
ّ العر ّبية ،وسواء كانت سياسات
يخية،
االقتصادية والتار ّ
ّ االجتماعية و
ّ يعالج المركز قضايا المجتمعات والدول العر ّبية بأدوات العلوم
بي،
نساني عر ّ
ّ قومي وا
ّ تكاملية عابرة للتّخصصات .وينطلق من افتراض وجود أمنّ ومنهجيات
ّ وبمقاربات
بي ،ويعمل على صوغ هذه الخطط ٍ
مكانية تطوير اقتصاد عر ّومن وجود سمات ومصالح مشتركة ،وا ّ
البحثي ومجمل إنتاجه. وخطط من خالل عملهٍ وتحقيقها ،كما يطرحها كبرامج
ّ
________________
السياسات
بي لألبحاث ودراسة ّ
المركز العر ّ
شارع رقم - 618 :منطقة 88
الدفنة
ص .ب20111 :
الدوحــة ،قطــر
ّ
هاتف | +917 77299111 :فاكس+917 77632842 :
www.dohainstitute.org
المحتويات
مكنت التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي ،وهو يضطلع بدور المعارضة السياسية طوال
عاما ،من تطوير رؤاه األيديولوجية ،وانضاج تصوراته السياسية واالجتماعية .وهو ما تؤكده
خمسة عشر ً
النظرة السريعة على مختلف البرامج االنتخابية للحزب وأطروحاته األيديولوجية ومشاريعه السياسية في
السنوات 0991و 3113و 3111و .3100ويمكن أن يعود سير الحزب في منحى الواقعية السياسية
إلى عدة عوامل أبرزها :احتكاك حزب العدالة والتنمية المباشر بمعترك الصراع األيديولوجي والمنافسة
االنتخابية ،واعتماده رؤية سياسية إصالحية راهنت على العمل من داخل المؤسسات السياسية الرسمية،
وترتبت على ذلك وعيه لمنطق الحكم والدولة والسياسة.
اتسمت تجربة اإلدماج السياسي لإلسالميين اإلصالحيين (حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد
واإلصالح) بنوع من الدينامية السياسية واالجتماعية؛ من حيث عالقتهم ،أوًال ،بنظام الحكم التي مرت
بمراحل متباينة تتراوح ما بين التوافق العابر والتساكن الحذر ،وما بين التأزم الظرفي والمواجهة المستمرة
ثانيا ،بالقوى السياسية العاملة داخل النظام سواء
وصوًال إلى االنسداد والجمود ،أو من حيث عالقتهمً ،
كانت أغلبية حكومية أو معارضة سياسية.1
ومن النتائج السياسية لمجموع هذه التحوالت السياسية واالجتماعية ،تم ّكن حزب العدالة والتنمية من
االحتكاك العملي بميدان السياسة ،من خالل سعيه لفهم السياسات العمومية المنتهجة من لدن الحكومات
السابقة ،وتقييمها وانتقادها من موقع المعارضة السياسية.
1
موضوع خصصنا له أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم السياسية .لالطالع على هذا العمل يمكن العودة إلى :رشيد مقتدر ،اإلدماج
السياسي للقوى اإلسالمية بالمغرب (الدوحة وبيروت :مركز الجزيرة للدراسات والدار العربية للعلوم ناشرون.)3101 ،
0
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
وقد أفضت معايشة اإلسالميين اليومية للواقع المركب بمختلف أصناف مشاكله وتعقيداته ،إلى اضطرارهم
للبحث عن حلول عاجلة لها ،عبر آليات التوافق والتنسيق مع المسؤولين السياسيين ،أو من خالل
عرضها كمعارضة عبر آليات األسئلة الشفهية أو الكتابية وغيرها ،وهو ما أسهم بقدر كبير في إنضاج
تجربتهم السياسية وتطويرها رغم تحديات اللعبة السياسية وضيق هامش المناورة فيها.2
تميزت قواعد اللعبة السياسية في المغرب بالدور المركزي الذي تضطلع به المؤسسة الملكية وفقًا لمنطق
يسعى للحفاظ على التوازنات السياسية الكبرى ،وذلك عبر التوجيه السلس للعملية السياسية باعتماد
إستراتيجيات متعددة مثل :اإلدماج التدريجي ،أو التضييق والمحاصرة ،أو التجاهل والالمباالة ،أو القمع
والتنكيل ،إلى جانب تكتيكات متباينة ،3دون االنزالق إلى شرك التدخل المباشر الذي قد ُيظ ِهر النظام
بمظهر المتسلط .وهذا ما يميز خطوات النظام السياسي المغربي في عالقته مع المعارضة السياسية
إن إستراتيجيات وتكتيكات ممارسة الضغوطات
بمختلف أصنافها (اإلسالمية ،واليسارية ،والليبرالية)؛ إذ ّ
متنوعة ،والتلويح باتخاذ إجراءات معينة في حالة التوتر والصدام ،قد تفضي في معظم الحاالت إلى حل
يخول النظام السياسي إمكانية مراقبة
اإلشكاالت العالقة أكثر من التنفيذ العملي للتهديدات ،وهذا ما ِّ
المجال السياسي وتوجيهه والتحكم في آلياته القانونية والسياسية.4
وقد أدى ما شهده الشارع العربي من حركات احتجاجية أثناء ما سمي بـ "الربيع العربي" واإلطاحة بعدد
من األنظمة التسلطية التي شاخت قياداتها وأصيبت بالترهل السياسي ،إلى تسريع خطوات اإلصالح في
المغرب؛ الحتواء الشارع والحيلولة دون انفجاره ،فقد أقدم الملك محمد السادس في خطاب 9آذار /مارس
3100على خطوة استباقية عبر الدعوة إلى تعديل الوثيقة الدستورية ،على الرغم من معارضة حركة 31
فبراير بمختلف مكوناتها ،وكذلك جماعة العدل واإلحسان التي تعد من أبرز التنظيمات اإلسالمية
2رشيد مقتدر" ،القوى اإلسالمية والتحالفات المبرمة خالل مرحلة ما قبل الربيع العربي وبعده " ،في مؤتمر :اإلسالميون ونظام الحكم
الديمقراطي :تجارب واتجاهات ،المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات ،الدوحة 8-1 ،تشرين األول /أكتوبر ،3103ص .35-2
3
مقتدر ،اإلدماج السياسي ،ص .025-021
4
المرجع السابق ،ص .331
3
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
المعارضة في المغرب .وقد شكلت هذه الظرفية السياسية فرصة استفاد منها حزب العدالة والتنمية ،وعمل
ضمنها النص على إمارة المؤمنين والمؤسسة الملكية
خاللها على بلورة مقترحاته الدستورية والسياسية التي َّ
قدما في مساره السياسي من داخل النظام السياسي وفقًا لمنطق
ودفاعه عنهما ،إلى جانب تأكيده السير ً
إصالحي تدريجي .ويمكن اعتبار هذه الخطوات السياسية رسائل طمأنة ما فتئ اإلسالميون يبثونها ،والتي
سائدا بينهم
ساهمت خالل هذا الظرف الخاص في التخفيف من عناصر عدم الثقة والتوجس الذي كان ً
والمؤسسة الملكية.5
وكان من نتائج هذا الحراك المجتمعي والسياسي صوغ دستور جديد حظي بقبول الشعب ،وترتب عنه
تنظيم انتخابات برلمانية سابقة ألوانها في 35تشرين الثاني /نوفمبر ،3100أدت إلى فوز حزب العدالة
والتنمية بـ 011مقاعد في البرلمان ،تاله وصول الحزب إلى قيادة العمل الحكومي .وقد اعتبرت تلك
مهمة في مسار الفاعل اإلسالمي الذي راهن على االندماج السياسي من داخل النظام ،وتم ّكن من
خطوة ّ
الوصول إلى السلطة بطريقة سلمية من دون أي تشنجات أو توترات سياسية أو اجتماعية ،بحكم
خصوصية النظام السياسي المغربي الذي تحتل فيه المؤسسة الملكية مكانة مركزية.
واذا كانت الحكومة في النظام السياسي المغربي عبارة عن جهاز تنفيذي تابع للملك تساعده في تنفيذ
عنون الباب الخامس
فإن التعديل الدستوري لفاتح تموز /يوليو 3100الذي ّ
السياسات العموميةّ ،
أن الحكومة سلطة تنفيذية
بـ "السلطة التنفيذية" ،وهي إشارة صريحة تتم ألول مرة في الدستور ،اعتبر ّ
أن الحكومة من
(الفصول 81و 89و )91تعمل على تنفيذ البرنامج الحكومي وضمان تنفيذ القوانين ،و ّ
يمارس السلطة التنظيمية (الفصل 89و.6 )91
5
مقتدر" ،القوى اإلسالمية" ،ص .31-31
6ظهير شريف رقم 0.00.90صادر في 31من شعبان 39( 0223تموز /يوليو )3100بتنفيذ الدستور ،انظر :الجريدة الرسمية،
عنون
العدد 5912مكرر ،السنة الثامنة 38 ،شعبان 21(0223تموز /يوليو ،)3100ص .2101-2101وعلى سبيل المقارنة ّ
أن البرلمان بغرفتيه
ثم ،فهي إشارة صريحة إلى ّ
الباب الرابع من دستور 3100تحت اسم "السلطة التشريعية" عوض "البرلمان" ،ومن ّ
نوعا من التطور الدستوري .انظر :المرجع نفسه ،ص .2102-2100
يعد سلطة تشريعية (الفصل ،)11وهو ما يعكس ً
2
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
من الناحية المنهجية ،من المهم اإلشارة السريعة لمسار عالقة حزب العدالة والتنمية بنظام الحكم الملكي
بالمغرب ،وذلك لإلحاطة بالموضوع من مختلف أبعاده التاريخية والسياسية واالجتماعية .فال يمكن
التعامل مع التجربة الحالية لهذا الحزب في الحكم بمعزل عن مسار إدماجه السياسي ،وتاريخ عالقته
أن العديد من السلوكات السياسية للحكومة قد نجد تفسيرها في التأثر بالتجربة
بباقي القوى السياسية؛ ذلك ّ
ووعر في هذه البلدان،
ًا جدا
طويال ً
ً السياسية طوال سنوات اإلدماج ،فال يزال "الطريق إلى الديمقراطية
إن "النخبة الحاكمة واألحزاب العلمانية
وليست األحزاب اإلسالمية هي من زرع كل العقبات في مساره"ّ .
أيضا .إذ لم تكن األنظمة الناصرية والبعثية والقومية والملكية في
في الشرق األوسط لم تلتزم بالديمقراطية ً
المنطقة ديمقراطية ،ولم يتجاوز حضور المرأة في األحزاب السياسية العلمانية في العالم العربي حضورها
بالتعددية ،ال يمكن للمجتمعات في الشرق
ّ ك في ّأنه من دون االلتزام
في األحزاب اإلسالمية .وما من ش ّ
األوسط أن تأمل بالتّجديد المتواصل ،والتنمية المستدامة ،وحقوق الفرد والجماعة .ومع ذلك ،ينبغي توقُّع
هذا االلتزام من الجميع على قدم المساواة ،سواء أكانوا إسالميين أو علمانيين".7
إن االنتقال من دور المعارضة السياسية إلى السلطة وقيادة العمل الحكومي ،تعد تجربة سياسية جديدة
انتقل خاللها حزب العدالة والتنمية إلى موقع الفاعل الذي يمتلك القرار السياسي ،وهو ما يش ّكل ًّ
محكا
لقدرة اإلسالميين على تنزيل مشاريعهم ورؤاهم وتطبيقها على أرض الواقع.
نسعى في هذه الدراسة لرصد التجربة الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية ،في ظل االئتالف
الحكومي المشكل من أربعة أحزاب هي :حزب العدالة والتنمية (اإلسالمي) ،وحزب االستقالل (اليميني
المحافظ) ،وحزب التقدم واالشتراكية (اليساري) ،وحزب الحركة الشعبية (األغلبي الذي يوصف بكونه
حزب اإلدارة).
7
لما يكتمل بعد" ،تعليق على أحداث 32 ،أيار /مايو
مارينا أوتاوي ومروان المع ّشر" ،األحزاب اإلسالمية في السلطة :عمل ّ
،3103موقع مؤسسة كارنيغي للسالم الدولي ،ص ،1-1انظر:
http://carnegieendowment.org/
2
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
إن العمل على استقصاء تجربة حزب العدالة والتنمية داخل نظام الحكم في سياق ظرفية سياسية شديدة
ّ
تتجسد في تدبير ما يسمى في الخطاب السياسي للحكومة بالتنزيل الديمقراطي للدستور ،وهو
ّ الحساسية،
ّ
ما يستلزم تفصيل هذه اإلشكالية إلى مجموعة من األسئلة األساسية :ما هي طبيعة تصورات حزب العدالة
والتنمية وباقي مكونات التحالف الحكومي للمرحلة االنتقالية؟ وما هي اآلليات المعتمدة لتدبير هذه المرحلة
السياسية االنتقالية الصعبة؟ وكيف سيضطلعون بالمسؤوليات والسلطات الحكومية المخولة إليهم في
الدستور؟ وما مدى قدرتهم على إرساء آليات مؤسساتية جديدة إلعادة توزيع السلطة بينهم والمؤسسة
الملكية من دون الوصول لمرحلة التأزم والصدام؟ وهل أسهمت موجة ما سمي بالربيع العربي في المغرب
أن تغيير اإلطار
في تغيير قواعد اللعبة السياسية خاصة بعد إقرار دستور فاتح تموز /يوليو 3100؟ أم ّ
تبدل في موازين القوى وتغيير في الواقع السياسي الذي ما
الدستوري والقانوني للبالد لم يترتب عليه أي ّ
مستمر وفقًا لما يسميه العديد من الباحثين بالسلطوية الناعمة أو المرنة؟
ًا زال
وتواجه الباحث والدارس الطامح إلى المعالجة العلمية الموضوعية للظواهر السياسية داخل المجتمعات
التي تجتاز مراحل انتقالية ،عدة عقبات موضوعية تش ّكل تحديات مركزية أمام تخصص العلوم السياسية
ٍ
وتحول ٍ
مخاض تجسد مرحلة
ّ واالجتماعية؛ فالمجتمعات والدول موضوع الدراسة تعيش فترات انتقالية
إن المرور من ٍ ٍ ٍ
مستمر ،وفقًا لدينامية صراعية يصعب توقع تطوراتها ونزاعاتها وتوافقاتها وانتكاساتهاّ .
5
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
ثقافيا ،وهي
ووعيا ً
ً اجتماعيا
ً ونضجا
ً سياسيا
ً وتمرسا
ً مؤسساتيا
ً تطور
ًا إن الوصول لمرحلة المأسسة تستلزم
ّ
مرحلة تسبقها مرحلة الشخصنة التي تجري خاللها ممارسة السياسة بشكل شخصي خارج إطار
المؤسسات السياسية.
أن السعي الستكشاف هذه الظواهر والوقائع المركبة تعترضه جملة من التحديات النظرية
ال شك ّ
أن األطر المعرفية والعلمية التي كانت تدرس بها مجتمعاتنا العربية أضحت شبه
والمنهجية ،بحكم ّ
متجاوزة بحكم دخول بلداننا لمرحلة سياسية انتقالية يصعب معالجتها بنوع من الموضوعية والعلمية ،وهي
سمة المراحل االنتقالية التي تتسم بالهشاشة والسعي للخروج من شخصانية السلطة ونزعاتها الفردية
والتسلطية إلى الطموح للمزيد من المأسسة والتقنين لقواعد اللعب السياسي .واذا كانت المجتمعات التي
فإن إمكانية التأزم والصدام أو االنتكاسة
شهدت ثورات مثل تونس ومصر وليبيا تنطبق عليها ما بسطناهّ ،
تبقى واردة ،بينما يتسم النموذج السياسي المغربي باعتماده على تجربة إصالحية سياسية قام بها ملك
1
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
البالد ،وهي في طور التبلور ،على الرغم من كونها مسبوقة بتجربة ما كان يسمى "بالتناوب التوافقي"
الذي عقده الملك الراحل الحسن الثاني مع المعارضة اليسارية.
8
انظر:
On peut définir une politique publique comme étant “un programme d’action propre à une ou à
plusieurs autorités publiques ou gouvernementales,” Jean-Claude Thoenig, “L’analyse des politiques
publiques,” in M. Grawitz & J. Leca (éd.), Traité de science politique, vol. 4 “Les politiques
publiques” (Paris: PUF, 1985), p. 6.
9جابرييل إيه .آلموند وجي .بنجهام باويل االبن ،السياسات المقارنة في وقتنا الحاضر ،ترجمة هشام عبد اهلل (عمان :الدار األهلية
للنشر والتوزيع ،)0998 ،ص .059
1
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
ينبني مفهوم السياسات العمومية على اعتبارات براغماتية صرفة تتعلق بضرورة تحقيق التنمية وتجاوز
معضالت الركود والتخلف ،كما تحكمه في اآلن نفسه أبعاد نظرية ال يمكن إغفالها؛ فمعرفة السياسات
العمومية ومنطقها يم ّكن الفاعل الحكومي من تحسين أدائه والرفع من حجم توقعاته ،ومقارنة مخططاته
أن هذا المجال تعترضه جملة من الصعوبات والعوائق،
مع ما حققه على األرض من نتائج ملموسة .إال ّ
كتعدد مستوى الفاعلين في مجال السياسات العمومية ،وتعقّد الواقع ،وتباين األهداف ،واختالف الرهانات
والمصالح ،وهو ما يسم حقل السياسات العمومية ونظرياتها بنوع من النسبية.10
11
يتموقع ضمن خانة الفاعلين السياسيين واذا كان الفاعل الحكومي الذي يضع سياساته العمومية
أصحاب القرار السياسي ،وهو ما يجعله يدافع عن سياساته العمومية بمقوالت أيديولوجية وسياسية للدفاع
والتبرير ،بينما يتمحور دور المعارضة السياسية في خلق تبريرات وحجج أيديولوجية مضادة ،وهو ما يزيد
موضوعيا.
ً تقييما
من تعقيد مجال السياسات العمومية ويصعب من إمكانيات فهمها وتقييمها ً
يمكن أن يتخذ تقييم حصيلة أداء الحكومة عدة أشكال ونماذج ،فقد يأخذ صبغة انتقاد سياسي لحصيلة
تبعا لموقع الفاعل السياسي ومكانته السياسية إذا كان موقعه ضمن المعارضة السياسية ،فال
أداء الحكومة ً
منقبا عن أخطائها وهفواتها ،كاشفًا للرأي العام
معارضا للسياسات الحكومية ً
ً شك أن نقده سيكون
10
لالطالع على مفهوم السياسات العمومية يمكن الرجوع لألدبيات اآلتية:
H. Lassweel and A. Kaplan, Power and Society (New Haven: Yale University Press, 1970); Ira
;)Harkanky, (ed.), Policy Analysis in Political Science (Chicago: Markham Publishing Company, 1970
;)R. Thomas Dye, Understanding public Policy (Englewood Cliffs, NJ: Prentice Hall, 7 edition, 1992
Paul Saatier, Theories of the Policy Process (New York: Westview Press, 2000).
11
تنص الفقرة الثالثة من المادة 011من الدستور على موضوع السياسات العمومية كما يلي" :تقدم األجوبة على األسئلة المتعلقة
بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة ،وتخصص لهذه األسئلة جلسة واحدة كل شهر ،وتُقدم األجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه
يوما الموالية إلحالة األسئلة إلى رئيس الحكومة".
األمر خالل الثالثين ً
8
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
تناقضاتها وتعارض خطاباتها ومشاريعها مع سياساتها العمومية المطبقة .أما إذا كان الفاعل السياسي
فإنه سيدافع عنها ويبرز إيجابياتها.
يتموقع ضمن األغلبية الحكوميةّ ،
إن العمل على تقييم هذه السياسات ال يجب أن ينطلق من معادلة الدفاع عن هذه السياسات أو الحكم
سلبيا ،بقدر ما يجب أن تقارب مدى تطابق إستراتيجية الفاعل وأهدافه مع ما حققته هذه السياسات
عليها ً
إن ما يفسر هذا التباين في المواقف
من نتائج ملموسة ،فهل تمكن من تحقيق مجمل أهدافه أم بعضها؟ ّ
واالختالف في تقييم السياسات العمومية ما بين مدافع ومعارض يعزى إلى اختالف المواقع السياسية من
الحكومة إلى المعارضة وتضارب المشاريع السياسية المتنافسة ،وتناقض المصالح السياسية الصريحة أو
الضمنية.
إال أن ما بسطناه من مالحظات منهجية في طريقة التعامل مع هذا الموضوع اإلشكالي ومحاولة تأطيره
سليما ،ال ينفي إمكانية التعامل السياسي مع الحكومة وهو مجال فعل الفاعلين السياسيين
تأطير ً
ًا العلمي
خاصة المعارضة السياسية ،فالحكم السياسي على األداء الحكومي يندرج في صميم العمل السياسي للقوى
خصبا للمنافسة السياسية والصراع األيديولوجي بين الفاعلين
ً ميدانا
ً السياسية ،وهو ما يجعل منه
إما لدعم حصيلة الحكومة والعمل على التباهي بحصيلتها ،وا ّما لنقد السياسات الحكومية
السياسيينّ ،
والقول بفشلها بالنسبة إلى القوى السياسية المعارضة.
9
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
لقد اخترنا لهذا الموضوع عنوان تأمالت في التجربة السياسية لحكومة العدالة والتنمية في الحكم ،إذ ندرك
أن المدة التي قضاها الحزب حتى اآلن في الحكم غير كافية إلصدار نتائج نهائية حول حصيلة عمل
ّ
التقيد
الحكومة وتقييم نتائجها ،وهو ما جعلنا نفضل استعمال عبارة "تأمالت" ،من دون أن يعني ذلك ّ
السنوي للقطاعات الحكومية بمختلف أصنافها ،وذلك بالتركيز على المعطيات الكمية
ّ بتقييم حصيلة العمل
المستندة إلى اإلحصائيات ،وهي على أهميتها التجميعية للمعطيات والمعلومات المتناثرة والمتفرقة،
سلبيا،
إيجابيا أو ً
ً يقيم نتيجتها
وجمعها في مؤلف واحد واقتراح تحليالت بغرض الوصول إلى حكم نهائي ّ
فإننا نفضل االشتغال بمنهج مختلف يركز على مقاربة كيفية سوسيوسياسية تسعى الستجالء الظواهر
والسياسات والخلفيات واألبعاد الكامنة وراء انتهاجها.
فمن المتعارف عليه داخل حقل الدراسات القانونية الدستورية التي تنهل من النموذج الفرنسي ،تناول األداء
السياسي للتجارب البرلمانية ورصد حصيلتها في شموليتها ،من خالل المزج بين المقاربة القانونية والمنهج
كبير من الدراسات التي يغلب عليها الطابع القانوني الشكالني وهي على
قدر ًا
اإلحصائي ،وهو ما ولد ًا
12
تعوزها الوسائل فإن من أبرز مساوئها المعرفية سقوطها في نزعة وصفية جامدة،
الرغم من أهميتهاّ ،
المنهجية والمقاربات النظرية لتطوير رؤاها الوصفية للوصول القتراح فرضيات تحليلية ونتائج فهمية،
تم ّكن من تفسير ما غمض من الوقائع والظواهر والبحث عن دواعيها وخلفياتها ،أو تفسح آفاقًا معرفية
وعلمية رحبة تغري الباحثين والدارسين المهتمين ،وهي مسألة ليست سهلة.
بأن موضوع حصيلة العمل الحكومي من المواضيع التقليدية ،التي دأب الباحثون على
يجب اإلقرار أوًال ّ
رصدها وتتبعها بالبحث والتنقيب في الحقل المعرفي للعلوم السياسية والقانون الدستوري ،وال سيما موضوع
لكن جديد هذا الموضوع اتسامه بالخصائص اآلتية:
السياسات العموميةّ ،
12
مقتدر ،اإلدماج السياسي ،ص .082تنص الفقرة الثالثة من المادة 011من الدستور على موضوع السياسات العمومية كما يلي:
"تقدم األجوبة على األسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة ،وتخصص لهذه األسئلة جلسة واحدة كل شهر ،وتُقدم
يوما الموالية إلحالة األسئلة إلى رئيس الحكومة".
األجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه األمر خالل الثالثين ً
01
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
إن الحكومة الحالية تتشكل من ائتالف يقوده حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية اإلسالمية ،وهو ما
ثانياّ :
ً
يستدعي معرفة مآل هذه التجربة ،ورصد حصيلتها على مستوى العمل الحكومي.
ثالثًا :تجري هذه التجربة السياسية من داخل إطار دستوري جديد ما زال ينتظر التفعيل ،وهو ما ِ
يسمها
بخصوصية احتكامها لقواعد دستورية رفعت من مستوى صالحياتها وسلطاتها.
بعد تعيين الحكومة من قبل الملك محمد السادس ،سعت للحصول على ثقة مجلس النواب ،فطرحت
برنامجها الحكومي .وينطلق البرنامج الحكومي -الذي يجسد وجهة النظر الرسمية للحكومة -من اقتناع
أن الحكومة وبرنامجها أتى في مرحلة سياسية انتقالية
أساسي الزم مضامينه مند بدايته إلى نهايته ،وهو ّ
جسدت ما أسمته بالخيار الثالث للنموذج المغربي في التعامل مع الحركات االحتجاجية التي
جديدةّ ،
شهدها العالم العربي .و ّأنه بفضل خطاب العاهل المغربي في 9آذار /مارس ،3100جرى إرساء نهج
00
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
تحول سياسي مستمر وهادئ ،تلته مجموعة من اإلجراءات السياسية التي إصالحي م ّكن من إقرار ّ
وصفها البرنامج الحكومي بالشجاعة واإليجابية من قبيل استفتاء فاتح تموز /يوليو وانتخابات 35تشرين
الثاني /نوفمبر ،3100التي اعتبرتها الحكومة متميزة في تاريخ االستحقاقات االنتخابية بالمغرب ،13تالها
ئيسا للحكومة من الحزب الذي حصل على المرتبة األولى ،أعقبها تشكيل
تعيين عبد اإلله بن كيران ر ً
أغلبية حكومية وفقًا لمنهجية تشاركية واسعة.14
يهدف البرنامج الحكومي إلى "االنتقال إلى مرحلة جديدة من البناء الديمقراطي ،عبر التقدم في تنزيل
مقتضيات الدستور الجديد ،وتعزيز الثقة في غد أفضل لألمة المغربية وتوفير شروط التنافس والعمل
الجماعي من أجل نهضة الوطن وقوته وسيادته ووحدته ،واالجتهاد في إرساء مغرب الكرامة والحرية
والتنمية والعدالة االجتماعية لكافة مواطناته ومواطنيه".16
13رئيس الحكومة ،البرنامج الحكومي ،المملكة المغربية ،كانون الثاني /يناير ،3103ص .5
14
المرجع نفسه ،ص .1
15
المرجع نفسه.
16
المرجع نفسه ،ص .5
03
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
واالجتماعيين ومؤسسات المجتمع المدني ،والوفاء بااللتزامات الدولية لبالدنا" .17وهو ما جعله يعتبر هذه
الوالية التشريعية استثنائية بامتياز لما يتطلبه الدستور من ضرورة تنزيل مقتضياته في سياق مسلسل
"إصالح عميق للدولة وتجديد لوظائفها وتطوير بنيتها وتأهيل أدوراها وارساء قواعد التالؤم والتكامل
والتعاون بين مؤسساتها ،لكسب تحديات الحكامة الجيدة والتنمية االقتصادية والعدالة االجتماعية ،مما
يعزز إشعاع النموذج المغربي وجاذبيته".18
أن أولوية الحكومة ترسيخ مسار البناء الديمقراطي للبالد ومواصلة بناء الدولة الديمقراطية،
ويتضح ّ
ومحاربة االختالالت وأوجه الفساد من خالل ما أسمته "التنزيل التشاركي والديمقراطي لمقتضيات
الدستور" ،19وما يترتب على ذلك من جهوية متقدمة واصالح لإلدارة وتكريس الستقاللية السلطة
القضائية .ويستلزم والقيام بهذا الجهد االستثنائي الذي يهم الدولة والمجتمع استحضار البعد التشاركي في
فردا؛ فهو تحد وطني
فاعال أو ً
ً عملية تنزيل الدستور ،فهي قضية مصيرية تهم المجتمع برمته وليس
يتطلب تضافر جهود األغلبية والمعارضة عبر اعتماد آلية التأويل الديمقراطي للدستور.20
المقاربة التشاركية.
17
المرجع نفسه ،ص .1
18
المرجع نفسه ،ص .1
19
المرجع نفسه ،ص .08
20
المرجع نفسه ،ص .1
02
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
كما تستند المنهجية المعتمدة في تفعيل الدستور على أربعة خطوات أساسية:21
ُ بعد مؤسساتي يتجلى في إرساء مجموعة مؤسسات الحكامة والنهوض بالتنمية البشرية والمستدامة
والديمقراطية التشاركية وحماية حقوق اإلنسان.
مالءمة المؤسسات القائمة مع مقتضيات الدستور الجديد ذات العالقة بتوسيع اختصاصاتها أو مراجعة
تركيبتها وأدوارها وعالقاتها.
السياسات العمومية والقطاعية الالزم اعتمادها واطالقها أو تطويرها لتنزيل ما جاء به الدستور من حقوق
وحريات ومقتضيات المواطنة الفعالة.
يعيد البرنامج الحكومي التركيز في طريقة تنزيل الدستور بمنطق ديمقراطي على المقاربة التشاركية
وعيا منه بحساسية المرحلة ،وضرورة الحفاظ على التوافق واشراك اآلخرين قصد إنجاح تدبير
والديمقراطية ً
التحول إلى طور جديد في نظام الحكامة الجيدة" ،وارساء سلوك جديد قائم على
المرحلة االنتقالية و ّ
الشفافية وتحديد المسؤوليات وسيادة القانون وتثمين الموارد البشرية والصرامة في ربط المسؤولية
أساسا لنجاعة وفعالية مختلف السياسات العمومية والقطاعية ،وضمان استدامتها
ً بالمحاسبة ،باعتبارها
21
المرجع نفسه ،ص .8-1
02
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
أما الهدف العام للبرنامج الحكومي فهو "توطيد مسلسل بناء مجتمع متوازن ومتماسك ومستقر ومتضامن
ومزدهر يضمن العيش الكريم للمواطنات والمواطنين والرعاية الخاصة للمغاربة المقيمين في الخارج ،وقائم
على تنمية الطبقة الوسطى بتوفير الشروط الالزمة إلنتاج الثروة وتحقيق التضامن بين مختلف شرائحه".23
وقد اعتمد في تفعيل هذا الهدف على خمسة توجهات كبرى:24
أوًال :تعزيز الهوية الوطنية الموحدة وصيانة تالحم وتنوع مكوناتها واالنفتاح على الثقافات والحضارات.
ثانيا :ترسيخ دولة القانون والجهوية المتقدمة والحكامة الرشيدة الضامنة للكرامة والحقوق والحريات والقائمة
ً
على المواطنة الحقة وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق بالواجبات.
ثالثًا :مواصلة بناء اقتصاد وطني قوي متنوع الروافد القطاعية والجهوية وتنافسي ومنتج للثروة وللشغل
الالئق وسياسة اقتصادية ضامنة للتوزيع العادل لثمار النمو.
وخصوصا
ً ابعا :تطوير وتفعيل البرامج االجتماعية بما يضمن الولوج العادل إلى الخدمات األساسية
رً
ويكرس التضامن وتكافؤ الفرص بين األفراد والفئات واألجيال والجهات.
التعليم والصحة والسكنّ ،
خامسا :تعزيز التفاعل اإليجابي مع المحيط الجهوي والعالمي وتقوية األداء العمومي لخدمة المغاربة
ً
المقيمين في الخارج.
23
المرجع نفسه ،ص .9
24
المرجع نفسه ،ص 01و.81-00
05
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
ما هي طبيعة المخطط التشريعي للحكومة؟ وما الجديد الذي أتى به؟
يأتي المخطط التشريعي في سياق تفعيل بنود البرنامج الحكومي ،ويتضمن جملة من اإلجراءات
والمخططات التشريعية المزمع تطبيقها إما لتنفيذ بعض أحكام الدستور أو لتفعيل مشاريع قوانين .25ويعتبر
هذا المخطط "أداة لتأطير عمل الحكومة على الصعيد التشريعي ،وخارطة طريق مساعدة لمختلف
السلطات الحكومية في تنفيذ برنامج عمل الحكومة".26
وينقسم المخطط التشريعي إلى مستويين :المستوى األول ذو طبيعة إستراتيجية ،ويتعلق بالقوانين التي
نظر ألهميته المركزية في سياق المرحلة االنتقالية الحالية.
تسعى لتنزيل الدستور ،وسيجري التركيز عليه ًا
إما بحكم الفراغ
أما المستوى الثاني ،فيتضمن مشاريع القوانين العادية التي تسعى الحكومة لتطبيقها ّ
لتغير األوضاع والظروف التي تستلزم تغيير اإلطار
القانوني في إحداث قطاع أو مؤسسة جديدة وا ّما ّ
القانوني حتى يواكب التحوالت .وتعتبر مشاريع القوانين مسألة روتينية عادية ال جديد فيها ،وتندرج بحكم
العادة في سياق السياسات العمومية لجميع الحكومات التي تعاقبت والتي تسعى لتغيير منظومة القوانين
والمراسيم وغيرها.
25
رئيس الحكومة ،المخطط التشريعي برسم الوالية التشريعية التاسعة (كما وافق عليه مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ 33تشرين
الثاني /نوفمبر ،)3103المملكة المغربية ،كانون الثاني /يناير ،3102ص .5
01
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
عددا من مشاريع القوانين المقترح إعدادها من قبل السلطات الحكومية وعددها 312
ويتضمن الثاني ً
نصوص.
أما النصوص التي صادق عليها مجلس الحكومة خالل الوالية التشريعية الحالية حتى 20كانون
األول /ديسمبر ،3103فقد أدرجت ضمن الحصيلة التشريعية للحكومة والتي بلغت 011نص تشريعي
معروضا على
ً مشروعا
ً قانونا صادق عليها البرلمان ،ونشرت بالجريدة الرسمية ،و11
موزعة كاآلتيً 08 :
البرلمان ،و 05مشروع قانون ستعرض أمام البرلمان.27
أن رهان الحكومة خالل هذه المرحلة تطبيق ما أسمته بالتنزيل الديمقراطي والتشاركي للدستور ،فإننا
وبما ّ
سنركز على الجزء األول من مشاريع القوانين الساعية لتفعيل مقتضيات الدستور .لقد بلغ عدد مشاريع
قانونيا ،والتي يقسمها المخطط التشريعي كاآلتي:
ً نصا
النصوص القانونية الساعية لتفعيل الدستور ً 21
27
المرجع نفسه ،ص .03
28
المرجع نفسه ،ص .02
01
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
شروط تقديم ملتمسات المواطنات والمواطنين في مجال التشريع وتقديم العرائض إلى السلطات .5
العمومية.
كما تتضمن ستة قوانين تنظيمية ترمي إلى مراجعة خمسة قوانين تنظيمية حالية وقانون عادي واحد ،وتهم
هذه القوانين:29
29
المرجع نفسه ،ص .02-02
08
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
يتضمن 01قوانين عادية تخص مؤسسات الحكامة ،30منها سبعة قوانين لمراجعة النصوص القانونية
الحالية وتهم:
30
المرجع نفسه ،ص .02
09
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
شروط كيفيات مساهمة الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام والمنظمات غير الحكومية في إعداد ق اررات
ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية وتفعيلها وتقييمها.
الحقوق والحريات.
31
المرجع نفسه ،ص .05-02
31
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
القضاء المالي.
حقوق المتقاضين.
يضاف إلى هذه التدابير التشريعية المتعلقة بهذه المجاالت ميثاق المرافق العمومية المنصوص عليه في
الفصل 051من الدستور.32
وقد أكد المخطط التشريعي ضرورة إعطاء األولوية في مسطرة اإلعداد والمصادقة على النصوص
المرتبطة بتفعيل الدستور ،مع ضرورة التقيد باآلجال الدستورية في إعداد القوانين التنظيمية ،وفقًا للفصل
81من الدستور ،ووجوب عرض جميع القوانين التنظيمية على المصادقة خالل الوالية التشريعية الحالية.
وبعد عرض أبرز معالم البرنامج الحكومي وأولويات المخطط التشريعي يبقى اإلشكال المطروح :إذا كان
دستور 0991قد اتسم على مستوى تطبيقه بالتبعية المطلقة لمؤسسة الوزير األول للمؤسسة الملكية في
وقانونيا لمؤسسة رئيس الحكومة
ً كرس دستورًيا
فإن دستور 3100قد ّ
ظل سلطة تنفيذية محدودةّ ،
صالحيات مهمة في سياق تدبير مرحلة االنتقال الديمقراطي الثانية ،بغية إرساء نوع من التوازن الدستوري
والسياسي السلس للسلطة التنفيذية التي يترأسها الملك ورئاسة الحكومة .فإلى أي حد يمكن تأسيس مؤسسة
رئاسة الحكومة كفاعل ،ومضطلعة بأدوارها ،في انسجام تام مع المؤسسة الملكية في سياق المرحلة
االنتقالية؟ ويمكن اإلجابة عن ذلك باآلتي:
32
المرجع نفسه ،ص .05
30
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
من خصائص هذه المرحلة االنتقالية تطوير طريقة التعامل مع وسائل اإلعالم بمختلف أنواعه ،والدخول
إلى مساحات إعالمية جديدة لرئيس الحكومة كانت فارغة في التجارب السابقة.
فتح ملفات العديد من المؤسسات العمومية التي تشوبها اتهامات بالفساد كالقرض العقاري والسياحي الذي
تمت المتابعة القضائية لمديره العام السابق.
أفضى النص الدستوري الصريح على مؤسسة رئاسة الحكومة والصالحيات الدستورية التي أعطيت لها،
واضطالع مجلس الحكومة بأدواره شرعية دستورية جديدة ،منح رئيس الحكومة مسؤولية قيادة العمل
الحكومي وتفعيله ،بعد أن كان مجلس الحكومة في ظل دستور 0991غير دستوري ويمارس أدوار
إن الق اررات السياسية الكبرى كانت تتخذ في المجلس الوزاري ،في حين
سياسية شكلية أكثر منها فاعلة؛ إذ ّ
أن اجتماعات مجالس الحكومة كانت شكلية تتحدد في عرض مشاريع القوانين وتنظيمها بغرض عرضها
ّ
على مجلس الوزراء.
فتح الحكومة لملفات مهمة ،فاتسمت بنوع من الجرأة السياسية؛ كملف الفساد ومأذونيات النقل ومقالع
بعيدا.
الرمال ورخص الصيد ،إال ّأنها لم تذهب بهذه الملفات ً
انحصار البرنامج الحكومي في تحديات التدبير اليومي للقضايا المطروحة والمشاكل البارزة التي ال
تنتهي ،وهو ما أفقد الرؤية الحكومية البعد اإلستراتيجي في تدبير السياسات الحكومية على الرغم من
الهم اليومي.
لكن التطبيق أفضى إلى السقوط في تتبع مشاكل ّ
النص عليه في البرنامجّ ،
33
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
تتكون المعارضة السياسية للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية من ثالثة اتجاهات معارضة
متباينة ،هي:
برزت هذه المعارضة إثر نتائج استحقاقات انتخابات 35تشرين الثاني /نوفمبر ،ووصول حزب العدالة
والتنمية لرئاسة الحكومة .ويعد أبرز مكوناتها حزب األصالة والمعاصرة الذي أفضت تداعيات ما يسمى
بالربيع العربي إلى إقبار مشروعه السياسي ،وتكبده هزيمة سياسية في االستحقاقات التشريعية ،أرجعته إلى
الوراء لصالح حزب العدالة والتنمية .وقد اضطر كنتيجة لذلك إلى التموقع في خانة المعارضة السياسية
للحكومة "المرتقبة" ،وال شك ّأنه سيكون في معارضة وجودية شرسة ،سيسعى خاللها إلبراز قدرته على
البقاء واالستم اررية بعد خروج مؤسسه فؤاد عالي الهمة منه .إن الفشل السياسي الذي ُمني به الحزب قد
قويا لإلصرار على القيام بمعارضة قوية كشرط الستم ارريته ،وكتعويض عن الرأسمال الرمزي
دافعا ً ِّ
يشكل ً
مستشار للملك.
ًا الذي فقده بعد انسحاب مؤسسه الذي ُعّين
وهناك حزب االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية الذي اختار المعارضة السياسية ألول مرة منذ حكومة عبد
الرحمن اليوسفي عام .0991وقد يعود اتخاذ الحزب هذا القرار إلى عدم رضاه عن نتائج االنتخابات
التشريعية األخيرة .وبذلك ستكون معارضة االتحاد االشتراكي تستلهم شرعيتها من تاريخ الحزب الطويل
في معارضة النظام منذ السبعينيات من القرن الماضي ،وسيسعى الحزب من خاللها إلى إعادة المصالحة
مع قواعده الشعبية التي أفضت مشاركته الحكومية إلى توسيع الهوة بينهما ،وسيعمل الحزب من جهة
ثانية على بلورة خطاب سياسي احتجاجي يركز على الحداثة والدمقرطة والمحاسبة في محاولة الستقطاب
بعض الفئات من حركة 31فبراير.
32
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
وهناك حزب التجمع الوطني لألحرار الذي اضطر إلى التموقع كمعارضة بعد هزيمته المدوية في
لكنها ستبقى
االنتخابات األخيرة .فإذا حافظ على تماسكه ،فقد يشكل معارضة سياسية لحكومة بن كيرانّ ،
تكون ليشارك في االئتالفات الحكومية ،وأعتقد أن تموقعه في المعارضة
نظر لبنية الحزب الذي ّ
محدودة ًا
محدودا
ً أن دورها سيبقى
قد يزيد من فرص إضعافه .وهناك أحزاب أخرى ستضاف للمعارضة ،إال ّ
وتابعا.33
ً
يمثل هذه المعارضة الشارع بزعامة حركة 31فبراير بمختلف مكوناتها المدنية ،واإلسالمية (جماعة العدل
مؤخرا) والسلفية ،واليسارية (كالنهج الديمقراطي واليسار االشتراكي الموحد وحزب
ً واإلحسان التي انسحبت
تحديا
حتما معارضة شرسة للحكومة وما ستقوم به من برامج ومشاريع .ويشكل هذا ً
الطليعة) .وهي تشكل ً
خوله لهم الدستور الجديد من
لإلسالميين ،فنجاحهم في تنفيذ برنامجهم وقدرتهم على استثمار ما ّ
صالحيات وسلطات ،قد يفضي إلى إضعاف معارضة الشارع ،بينما سيؤدي كل إخفاق أو تعثر أو فشل
للحكومة في إنجاز مشاريعها إلى تقوية الحركة االحتجاجية.
إن االختالف الجذري بين القوى السياسية المشتغلة داخل الحقل السياسي الرسمي ،والمتمثلة في
المعارضة المؤسساتية (االتحاد االشتراكي واألصالة والمعاصرة والتجمع الوطني وغيرها) وبين القوى
أن المعارضة المؤسساتية ستشتغل بمنطق
السياسية االحتجاجية التي تعمل خارج ذلك الحقل ،يتمثل في ّ
سياسي إصالحي وستسعى الستثمار ما تخوله اللعبة السياسية من صالحيات جديدة للقيام بدور
33
رشيد مقتدر" ،اإلسالميون والسلطة ..أسباب الخالف وجذور العطب" ،موقع هيسبرس ،3103/0/00 ،انظر:
http://hespress.com/orbites/45181.html
32
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
المعارضة من داخل النظام ،بغية خلق دينامية سياسية جديدة قد تستميل الجماهير التي أبدت عزوفًا عن
العمل السياسي ،وهي بذلك ال تؤثر في طريقة اشتغال النظام ،بل تعمل على خلق التوافق حوله وشرعنته
كآلية سلمية للتناوب على السلطة .أما القوى السياسية االحتجاجية فتهدف إلى معارضة مجمل العملية
تأثر بمنطق الثورات التي يشهدها العالم العربي ،إذ ستستمر في المطالبة بتغيير جوهري وجذري
السياسيةً ،ا
لقواعد اللعبة السياسية واعادة صوغ مفاهيمها وقواعدها ومضامينها ،بالرجوع إلى ضغط الشارع ،وهي من
أبرز التحديات المطروحة التي ستواجه الحكومة المقبلة وستصعب من مهامها المرتقبة.
وقد دخلت جماعة العدل واإلحسان في خط معارضة الحكومة بعد خروجها من حركة 31فبراير ،وان
بأن مشكلتها هي مع نظام الحكم وليس مع الحكومات التي تعتبرها شكلية ومن دون
كانت تؤكد ّ
صالحيات.
وتقوم بهذه المعارضة القوى الخفية غير الراضية عن صعود اإلسالميين للسلطة ،وهي التي يصفها رئيس
مجاز بالعفاريت والشياطين والتماسيح؛ وهي تشتغل بشكل خفي ،وتسعى
ًا الحكومة عبد اإلله بنكيران
للحفاظ على نفوذها السياسي ومصالحها االقتصادية ومواقعها داخل أجهزة الدولة وفقًا لمنطق اللوبيات.34
34
المرجع نفسه.
35
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
إن تباين وجهات نظر الحكومة والمعارضة حول طريقة تأويل الدستور توجب طرح السؤال اآلتي :ما هي
ّ
عددا من
األسباب الرئيسة التي تكمن في سوء فهم الدستور؟ علينا أن نبدأ بحقيقة أن الدستور نفسه يحوي ً
صحيحا ،فمن
ً األمور الغامضة ،فالدستور هو أن يفعل الناس ما يسرهم من بنوده ،واذا كان هذا الحكم
الممكن أن يكون ثمة تفسير آخر وراء ارتباكنا واضطرابنا.35
تتحدد إذن انتقادات المعارضة للبرنامج الحكومي في مجموعة من النقاط التي تراها تتناقض مع ما أتى
به البرنامج الحكومي ،وهي:
بطء وتيرة عمل الحكومة في طريقة تفعيل الدستور من خالل مؤشر ضعف عدد مشاريع القوانين
المقترحة.
عدم انسجام الحكومة مع ما جاء في الدستور والبرنامج الحكومي من خالل عدم إعطاء
اجعا عما أسمته الحكومة بالتنزيل
المعارضة السياسية المكانة الخاصة بها ،وهو ما اعتبرته تر ً
التشاركي والديمقراطي للدستور.
جنوح الحكومة في منهج تفعيلها للدستور إلى تأويل رئاسي لمواد الدستور بدل االحتكام للتأويل
اغا للدستور من مضمونه وفشل في تفعيل مواده.36
البرلماني ،وهو ما اعتبرته المعارضة إفر ً
35
مايكل كامن ،الدستور في الثقافة األمريكية :آلة تعمل من تلقاء ذاتها ،ترجمة أحمد طاهر (عمان :دار فارس للنشر والتوزيع،
،)0991ص .23-20
36
يمكن الرجوع لألدبيات النظرية لندوة" :التأويل الديمقراطي للدستور :قراءات متقاطعة" التي نظمتها كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية – أكدال – الرباط ،شعبة القانون العام والعلوم السياسية ،بتعاون مع الجمعية المغربية للعلوم السياسية ،والجمعية المغربية
للقانون الدستوري (غير منشورة).
31
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
ويمكن أن نضيف مجموعة من مالحظات أولوية أخرى في سياق مقارنة ما تضمنه البرنامج الحكومي
والمخطط التشريعي مع ما أُنجز في الواقع ،وهي:
رفع الحكومة سقف وعودها -وان شئنا توقعاتها -في مجال اإلصالح ومحاربة الفساد واالستبداد
وتحسين الوضعية االجتماعية للبالد بإيجاد مناصب شغل ومحاربة الفقر والتهميش ،والعمل على تطوير
آماال عريضة على هذه الطموحات
ً االقتصاد المغربي وتحديثه .وقد جعل ذلك المواطنين يعلقون
الحكومية ،التي سرعان ما اصطدمت بواقع معقد وشائك ،كان يخفي تركة سياسية واقتصادية واجتماعية
ثقيلة (مثل أزمة صندوق المقاصة وصناديق التقاعد ،ومعضلة استشراء الفساد ،وضعف االقتصاد
الوطني ،والبطالة ،والمديونية ،وآثار األزمة المالية العالمية على المغرب...إلخ) .وقد أدركت الحكومة
ضيق من هامش مناوراتها ،وش ّكل
امتحانا ّ
ً الوضع الصعب الذي وجدت نفسها فيه ،وهو ما أضحى يشكل
فرصة ذهبية لخصومها التهامها بالتقصير والعجز.
أن اإلسالميين غير قادرين على تسلُّم زمام السلطة ،وتعتبر شرعيتهم
أن هناك ثقافة سياسية مستشرية ترى ّ
ّ
السياسية ناقصة ،و ّأنهم غير جديرين بالحكم على الرغم من وصولهم إليه عبر صناديق االقتراع .وهي
نزعة غير ديمقراطية ،تجد تفسيرها في فشل منافسيهم في تحقيق نتائج سياسية أضعفت من شرعيتهم ،إلى
جانب احتدام المنافسة بينهم وبين خصومهم األيديولوجيين ،ثم الصراع على المواقع السياسية
إن مجموع هذه العوامل يفسر لنا -على الرغم من األخطاء الحكومية غير المحسوبة -
واالجتماعيةّ .
كثرة خصوم اإلسالميين ومنتقديهم.
31
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
السير في مسار إرساء التوافق بين المؤسسة الملكية وحزب العدالة والتنمية خالل مرحلة الربيع العربي
قصد تدبير المرحلة االنتقالية الحرجة؛ فإذا كانت بعض المراحل السياسية التاريخية اقتضت إرساء نوع من
فإن المرحلة الحالية
التحالف بين المؤسسة الملكية وقوى اليسار لمواجهة تحدي األصولية اإلسالميةّ ،
مسار إلرساء الثقة المتبادلة قصد التعايش بين اإلسالميين والمؤسسة الملكية في المغرب.
ًا تشهد
سلبيا في صورة
تباين مكونات األغلبية الحكومية واستشراء خالفاتها السياسية الخفية والمعلنة ،وهو ما أثّر ً
الحكومة واستدراجها إلى الدخول في معارك هامشية زاد من حدتها محاوالت الخصوم السياسيين للحكومة
تصيد أخطاء مسؤوليها ،وعلى رأسهم رئيس الحكومة ،وتسليط الضوء على تصريحاتهم ومواقفهم بل حتى
ّ
اتهاما.
نقدا و ً
على بعض تصرفاتهم الشخصية ً
مصادفة تنصيب الحكومة في سياق التأثيرات المباشرة لألزمة االقتصادية العالمية التي بدأ لهيبها يصل
إلى المغرب ،فإذا كانت سمة الخطاب الرسمي ألسباب متعددة لم يقر سابقًا بتأثيرات هذه األزمة في
فإن هذه التأثيرات بدت ملموسة في الجاليات المغربية المقيمة في بلدان المهجر ،والتي ما فتئت
البالدّ ،
تتقلص مواردها ومن ثم عوائدها المالية على بلدهم ،إلى جانب تقلّص عدد السياح والنقص في السيولة.
أن السعي الستكشاف التجربة السياسية للحكومة الحالية مسألة ليست سهلة بالنسبة إلى الراغب
ال شك ّ
في التعامل العلمي الموضوعي البعيد عن السياسة واأليديولوجيا والتموقع السياسي .وهو ما أ ّكدنا ّأنها
ستواجه جملة من التحديات النظرية والمنهجية بحكم جدة التجربة وبداياتها ،فنحو سنة ونيف غير كافية
ونظر لطبيعة المرحلة السياسية االنتقالية التي نمر منها
ًا للخروج بحصيلة نهائية حول األداء الحكومي،
مما يصعِّب من معالجتها بنوع من الموضوعية والعلمية ،وهو ما حدا بنا إلى التركيز على إشكالية تفعيل
الدستور دون غيره من السياسات العمومية.
38
تأ ّمالت في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم
وبعد بسط الرؤية الحكومية لمنهجية تنزيلها للدستور في البرنامج الحكومي والمخطط التشريعي ،ثم
الحديث عن معارضات حكومة حزب العدالة والتنمية المؤسساتية واالحتجاجية ،وعرضنا وجهة نظرها
المنتقدة للبرنامج الحكومي وطريقة تنزيله للدستور ،نخلص إلى بعض التفسيرات األولية لهذه الدينامية
أن حكومة العدالة والتنمية مترددة وبطيئة في طريقة تنزيلها
المتقلبة ،فمجمل ما طرح من انتقادات ترى ّ
لدستور مرحلة ما بعد الربيع العربي ،ويمكن أن نجد له التفسيرات اآلتية:
الفوز باالستقرار السياسي للمغرب وتجنيب البلد القالقل االجتماعية والسياسية التي قد تعصف باالقتصاد
واألمن وصورة البالد الخارجية.
دخول اإلسالميين للحكم بطريقة سلسة تم ّكنهم من التماس المباشر بجميع مؤسسات الدولة خاصة الجيش
واألمن ،قصد تغيير الصورة النمطية السلبية التي يوصفون بها.
ربط عالقات جيدة مع اللوبيات االقتصادية ورجال المال واألعمال التي لها أدوار اقتصادية مهمة.
سير بنكيران في سياق الواقعية السياسية عبر إدراك واقع البالد ومعرفة موازين القوى الحقيقية وتدبير
يعوق المشروع السياسي ويؤدي إلى إحباطات وخيبات تسرع قد ّ
واقعي ألبرز اإلشكاالت؛ وذلك لتفادي أي ّ
أمل ،وهي رؤية مستمدة من تجربة بنكيران خالل مرحلة الشبيبة اإلسالمية واالنفصال عنها ،وتأثيرات
مسار اإلدماج السياسي لتياره.
39
بي لألبحاث ودراسة السياسات
المركز العر ّ
.3التدبير السلس للعالقة بين الحكومة والمؤسسة الملكية والحفاظ على التوافق الدائم في القضايا الخالفية.
.2الوصول للسلطة بمختلف أبعادها ،وهو اختبار لقدرة اإلسالميين على تدبير السياسة من داخل المسؤولية
الحكومية.
21