‫المملكة المغربية‬

‫األساس جغرافيا‬
‫التكوين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم‬
‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫التربية–جغرافيا‪-‬‬ ‫دعملمهن‬
‫تكوين األساس‬ ‫الجهوي‬
‫مجزوءة‪:‬‬ ‫المركز‬
‫والتكوين‬
‫مسلك الثانوي االعدادي والتأهيلي‬
‫الدار البيضاء‪-‬السطات‬
‫شعبة االجتماعيات‬ ‫الفرع اإلقليمي ‪-‬الجديدة‪-‬‬

‫أوليات في‬
‫جغرافية األرياف‬

‫إعداد‪ :‬ذ‪ .‬مراد عرابي‬

‫مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الدار البيضاء‪-‬السطات‬
‫‪1‬‬
‫فرع الجديدة‬
 ‫المملكة المغربية‬
‫األساس جغرافيا‬ ‫شعبةالتكوين‬
‫االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫التربية‬
‫األساس –جغرافيا‪-‬‬ ‫لمهن‬
‫تكوين‬ ‫الجهويدعم‬
‫مجزوءة‪:‬‬ ‫المركز‬
‫والتكوين‬
‫مسلك الثانوي االعدادي والتأهيلي‬
‫الدار البيضاء‪-‬السطات‬
‫شعبة االجتماعيات‬ ‫الفرع اإلقليمي ‪-‬الجديدة‪-‬‬

‫أوليات في‬
‫جغرافية األرياف‬

‫إعداد‪ :‬ذ‪ .‬مراد عرابي‬

‫التربية والتكوين الدار البيضاء‪-‬السطات‬
‫‪2‬‬ ‫مكون بالمركز الجهوي لمهن‬
‫فرع الجديدة‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫تقديم عام‪03..................................................................................................................................‬‬
‫المحور األول الريف‪ :‬المفهوم‪ ،‬األنواع‪ ،‬وأهميته في الدرس الجغرافي‪04.............................‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المجال الريفي ‪04.................................................................L'espace rural‬‬
‫‪ -2‬االهتمامات الجغرافية بالمجال الريفي ‪05 .......................................................................‬‬
‫‪ -2-1‬الجغرافيا الريفية ‪05.............................................. La géographie rurale‬‬
‫‪ -2-2‬الجغرافيا الفالحية ‪06 .........................................La géographie agricole‬‬
‫‪ -2-3‬الجغرافيا الزراعية ‪06......................................... La géographie agraire‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬المجاالت الفالحية في العالم‪06..........................................................................‬‬
‫‪ -1‬تحديد المجال الفالحي العالمي‪07.....................................................................................‬‬
‫‪ -2‬يعرف المجال الفالحي توسعا مستمرا‪ :‬الدواعي والوسائل‪07.......................................‬‬
‫‪ -2-1‬دواعي توسيع المجال الفالحي العالمي‪08..............................................................‬‬
‫‪ -2-2‬وسائل توسيع المجال الفالحي في العالم‪08............................................................‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬المشهد الزراعي ومكوناته‪10...........................................................................‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المشهد‪10................................................................................. Le paysage:‬‬
‫‪ -2‬مفهوم المشهد الريفي ‪10...........................................................Le paysage rural‬‬
‫‪ -3‬مفهوم المشهد الزراعي ‪11...................................................Le paysage agraire‬‬
‫‪ -4‬عناصر المشهد الزراعي‪13..............................................................................................‬‬
‫‪ -4-1‬المحاط ‪13..........................................................................................Le Finage‬‬
‫‪ -4-2‬الرستاق ‪14........................................................................................Le terroir‬‬
‫‪ -4-3‬السكن ‪14.............................................................................................L'habitat‬‬
‫‪ -4-4‬المشارة والدبر‪15.....................................................................................................‬‬
‫‪ -5‬األصناف الكبرى للمشاهد الزراعية‪15............................................................................‬‬
‫‪ -5-1‬المشاهد الزراعية في المنطقة المعتدلة‪16.............................................................‬‬
‫‪ -5-2‬المشاهد الزراعية في المناطق الجافة‪16................................................................‬‬

‫‪1‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫المحور الرابع‪ :‬العوامل الطبيعية والبشرية المؤثرة في النشاط الفالحي‪17............................‬‬

‫‪ -1‬العوامل الطبيعية‪17...........................................................................................................‬‬
‫‪ -1-1‬المناخ‪17...................................................................................................................‬‬
‫‪ -1-2‬التربة‪20....................................................................................................................‬‬
‫‪ -1-3‬التضاريس‪21............................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬العوامل البشرية ‪21.........................................................................................................‬‬
‫‪ -2-1‬الجانب التاريخي‪22..................................................................................................‬‬
‫‪ -2-2‬الجانب الديموغرافي‪22............................................................................................‬‬
‫‪ -2-3‬الجانب االقتصادي‪23................................................................................................‬‬
‫‪ -3‬السياسات الحكومية‪24......................................................................................................‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬االطار االقتصادي واالجتماعي للنشاط الفالحي‪24.......................................‬‬
‫‪ -1‬الملكية العقارية‪25.............................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬نظم وطرق االستغالل‪26....................................................................................................‬‬
‫‪ -2-1‬االستغالل المباشر‪26................................................................................................‬‬
‫‪ -2-2‬االستغالل غير المباشر‪26........................................................................................‬‬
‫‪ -3‬أنواع الفالحات‪27..............................................................................................................‬‬
‫‪ -3-1‬الفالحة المعيشية‪27.................................................................................................‬‬
‫‪ -3-2‬الفالحة التسويقية‪28................................................................................................‬‬
‫خاتمة‪29 .............................................................................................................................‬‬

‫‪2‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫تقديم عام‬
‫يحضى المجال الريفي باهتمام الباحثین والدارسین على اختالف تخصصاتهم‬
‫ومناهجهم وأهدافهم‪ ،‬ويحتل مكانة هامة داخل البرامج والمقررات الدراسیة لجمیع‬
‫المنظومات التربوية وال سیما المغربیة منها‪ ،‬ويتتعزز مشروعیة درسه وتدريسه ألهمیته‬
‫الطبیعیة‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعیة والسیاسیة والديموغرفیة وعلى مستوى التنمیة ورهاناتها‪.‬‬
‫يسود الريف على أكبر مساحة من إجمالي كل بلدان العالم‪ ،‬ويشكل مصدرا للموارد المائیة‬
‫ي‪ ،‬كما يض ّم القسط األوفر من الثروات‬
‫للتنوع البیولوج ّ‬
‫ّ‬ ‫وموئال للمجاالت الغابوية وموطنا‬
‫الطبیعیة‪ ،‬ويضمن حاجیات السكان من الحبوب‪ ،‬الحلیب‪ ،‬اللحوم الحمراء‪ ،‬الدواجن‪ ،‬من‬
‫السكر‪ ،‬من الزيت‪( ،‬أمن غذائي)‪ 1‬ويحتضن نسبة مهمة من الساكنة ويشكل مورد عیشها‬
‫الرئیس بممارسة الفالحة التي تساهم في الناتج الداخلي الخام‪ ،‬وفي توفیر الشغل للماليین‬
‫ويسهم في إنعاش باقي القطاعات االقتصادية األخرى‪.‬‬
‫يعرف المجال الريفي العالمي تحوالت قوية‪ :‬اقتصاديا‪ ،‬اجتماعیا وسیاسیا وثقافیا‪،...‬‬
‫متخذا مشاهد مختلفة غالبا ما تتناسب مع المعطیات البیئیة والثقافیة واالجتماعیة‪ ،‬ويخضع‬
‫في تحوله بتغیر هذه المعطیات‪ .‬باعتباره كیان متغیر‪/‬تابع يتحول بتحول األنظمة االجتماعیة‬
‫والثقافیة واالقتصادية‪ ،‬بل يرتبط بتحول المجتمع ككل‪ ،‬ومن هذا المنظور فكثیرا ما تعتبر‬
‫دينامیة‪ 2‬المجال الريفي وتواتر مشاهده وتنوعها مرآة صريحة لقراءة تلك التحوالت‪.‬‬
‫تكمن أهمیة إدراج هذا الموضوع ضمن مجزوءة دعم التكوين األساس (جغرافیا)‬
‫بالنظر الى‪:‬‬
‫‪ -‬األهمیة االيكولوجیة للمجال الريفي إذ تصنف بعض أجزاءه تراثا طبیعیا عالمیا؛‬

‫‪ 1‬هو القدرة على توفیر الحاجات الغذائیة األساسیة للسكان وضمان حد أدنى من تلك الحاجات بانتظام وبأسعار مناسبة‪.‬‬
‫‪ 2‬يدل مفهوم "الدينامیة" لغة على النشیط والحركي‪ ،‬يكتسي دالالت تختلف باختالف السیاقات والمجاالت المعرفیة التي‬
‫تستعمله‪ .‬من المفاهیم األكثر تداوال في الجغرافیا‪ ،‬تعني دراسة دينامیة أو دينامیات المجاالت القیام بتحلیل التغیرات أو‬
‫التحوالت التي تطرأ على تنظیم المجاالت والقوى المتحكمة فیها‪ ،‬والمتسببة في حدوثها‪ ،‬يتعلق األمر إذن بمفهوم أساسي من‬
‫أجل فهم التحوالت المجالیة‪ ،‬حیث تسمح دراسة الدينامیات بمعرفة ظروف ومالبسات إنتاج وإعادة إنتاج أو تحول األنظمة‬
‫أو البنیات المجالیة‪.‬‬
‫أصبحت دراسة الدينامیات المجالیة مكونا أساسیا ضمن التحلیل الجغرافي باعتبار المجاالت الجغرافیة (ريفیة وحضرية)‬
‫بناءات اجتماعیة وفعالیات اقتصادية وسیاسیة تعیش تحوالت عمیقة ومستمرة ‪ .‬كمیة أو كیفیة إما ايجابیة أو سلبیة‪ ،‬إن تحلیل‬
‫دينامیة المجال ال يأخذ بعین االعتبار عنصر الوقت فحسب بل الفاعلین والقوى الفاعلة في التراب وأيضا باعتبار ارتباط‬
‫هذا الموضوع بالتنمیة المستديمة والتهیئة المندمجة للمجال‪.‬‬
‫‪3‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -‬مجال هش ذو حساسیة اتجاه أشكال االستعمال واالستغالل سواء تلك المتعلقة بالفعل‬
‫العفوي للسكان أو بالتدخالت والتوجیهات الرسمیة اإلنتاجیة واإلعدادية؛‬
‫‪ -‬هشاشة المجال الريفي بفعل قدم االستغالل وتناوب أشكال االستغالل علیه وتعدد‬
‫استعماالته بین أنشطة فالحیة‪ ،‬غیر فالحیة‪ 3‬وسكنیة‪...‬؛‬
‫‪ -‬ارتباط موضوع الريف بمجموعة من الدروس المقررة في مكون مادة الجغرافیا ال سیما‬
‫بالسلك الثانوي التأهیلي وباألهداف والقدرات والكفايات التي يسطرها المنهاج الدراسي‬
‫وملمح تخرج المتعلمین والمتعلمات؛‬
‫المحور األول‪ :‬الريف‪ :‬المفهوم‪ ،‬األنواع‪ ،‬وأهميته في الدرس الجغرافي‪........................‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المجال الريفي ‪L espace rural‬‬
‫"الريف" مفهوم فضفاض‪ ،‬شائع التداول يطرح إشكالیة تعريفه بدقة‪ ،‬فالتعاريف‬
‫المستعملة تختلف من بلد إلى آخر‪ ،‬الختالفات معايیر ومرتكزات بلورة التعريف‪ ،‬جل‬
‫القوامیس تعرف األرياف أنها نقیض للمدن‪ ،‬فالبحث عن معنى ريف ‪ Rural‬تحیلنا على‬
‫كلمة مدينة ‪ Ville‬أو كلمة تمدين ‪ ،Urbain‬أي أن األرياف عكس المدن دون تحديد أي‬
‫معايیر لإلحاطة بمحتوى كل المجالین‪ ،‬وهذا الغموض ناتج عن انعدام تعريف دقیق بالنسبة‬
‫للمجال الريفي أو العالم القروي كمرادفین‪ .‬إن اختزال تعريف األرياف كنقیض للحواضر‪،‬‬
‫لهو دلیل على الصعوبة تحديد المقومات والمكونات الخاصة باألرياف‪ ،‬ورسم الحد الفاصل‬
‫بینها وبین المجاالت الحضرية بالشكل الذي يسمح بإجراء مقارنة حقیقیة بین محتويات‬
‫وخصوصیات كال المجالین‪ ،‬وال سیما مع التحوالت الكبرى والعمیقة التي تعیشها المجالت‬
‫الجغرافیة بكل مكوناته في ظل التطور التكنولوجي المثیر وتیار العولمة الذي تخطى كل‬
‫العتبات‪.‬‬
‫يفهم من المجال الريفي تلك المجاالت القلیلة التعمیر والكثافات السكانیة‪ ،‬سكن متفرق‬
‫بین الحقول واألراضي البوار والغابات‪ ،‬يتسم بهوية نوعیة من خالل الثقافة الفالحیة ركیزته‬

‫‪ 3‬أنشطة خارجیة ال تمت بصلة للفالحة تمارس بالموازاة مع األنشطة الفالحیة كفعل تكیفي يضمن توازن الحیازة أو مستقلة‬
‫كشكل من أشكال االستثمار في مجاالت انتاجیة اخرى تتخذ من المجال الريفي موطنا لها العتبارات معینة (القرب من‬
‫المادة األولیة االمكانیة العقارية‪ ،‬تحفیزات ضريبیة‪)...‬‬
‫‪4‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫االقتصادية النشاط الفالحي‪ ،‬يتمیز بانعدام الخدمات أو قلتها كما هو الحال في معظم دول‬
‫العالم النامي‪ ،‬لكن الريف ال يقصد به المجال الزراعي الذي يستخرج منه اإلنسان حاجاته‬
‫الغذائیة أو متطلبات ماشیته أو موارده األساسیة‪ ،‬فهو المجال يشمل أيضا الحیز غیر‬
‫المزروع كما يضم إلى جانب النشاط الفالحي أنشطة أخرى كالحرف‪ ،‬الصناعة‪ ،‬الخدمات‪،‬‬
‫السیاحة‪...‬‬
‫تستعمل الكتابات الجغرافیة المهتمة باألرياف المجال الريفي ‪ Espace rural‬الذي‬
‫تداولته جغرافیة األرياف الفرنسیة منذ وقت مبكر‪ ،‬المتمیز بهیمنة األنشطة الفالحیة وضعف‬
‫الكثافة السكنیة‪ ،‬كما أنها تتداول كمرادف للمجال الريفي لفظ البادية ‪ Compagne‬الذي‬
‫يحمل نفس المعنى والدالالت‪ ،‬ومنها‪ Milieu campagnard‬التي تتردد في الكتابات‬
‫الجغرافیة الفرنسیة‪ ،‬ويرد في متونها أيضا تسمیة العالم القروي كمرادف لعالم األرياف‪،‬‬
‫والذي يعني هو اآلخر المجاالت الممتدة خارج المجاالت الحضرية‪ ،‬وهي التسمیة الشائعة‬
‫التداول في الوثائق الرسمیة لمختلف القطاعات العمومیة المعنیة باألرياف المغربیة مثال‪.‬‬
‫‪ -2‬االهتمامات الجغرافية بالمجال الريفي‬
‫نشیر إلى أهمیة التمییز بین الجغرافیا الريفیة والجغرافیا الفالحیة والجغرافیا الزراعیة‪.‬‬
‫‪ -2-1‬الجغرافيا الريفية ‪La géographie rurale‬‬
‫تهتم جغرافیة األريا ف بدراسة المجاالت الريفیة اقتصاديا واجتماعیا‪ ،‬لقد كانت‬
‫الجغرافیا الريفیة خالل القرن الماضي وحتى العقد السادس منه‪ ،‬تعتمد في تحلیالتها على‬
‫مفهومي نمط العیش المرتكز على الحتمیة الطبیعیة واإلمكانیة النسبیة بإدخال عناصر ثانوية‬
‫مفسرة كالتاريخ والعوامل الخارجیة‪ ،‬وهو أمر بات متجاوزا ‪ ،‬لذا أصبحت الجغرافیا الريفیة‬
‫تدرس الريف ككیان حي دينامي‪ .‬فالريف لیس مجرد مسرح للنشاط الفالحي فقط‪ ،‬فهو مجال‬
‫معقد أكثر مما قد يتصور فهو حاضن ألنشطة أخرى‪ ،‬يخضع لتأثیرات داخلیة وخارجیة‬
‫ومرتبط بمجاالت مجاورة وبعیدة عنه جهوية ووطنیة وعالمیة‪ ،‬ويتصرف تحت تأثیر‬
‫توجیهات وضغوط مختلفة ذات طبیعة سیاسیة اقتصادية ثقافیة‪...‬‬

‫‪5‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -2-2‬الجغرافيا الفالحية ‪La géographie agricole‬‬

‫تعنى بالجوانب التقنیة واالقتصادية لمزروع معین أو ماشیة معینة دون اعتبار‬
‫للظروف البشرية التي يتم فیها العمل‪( ،‬عوامل االنتاج)‪ 4‬فهي من جهة تدرس العالقة القائمة‬
‫بین اإلنتاج الفالحي واألسالیب التقنیة المستعملة‪ ،‬ومن جهة أخرى تهتم بالجانب االقتصادي‬
‫المتعلق بهذا اإلنتاج فیما يتعلق باالعتبارات التقنیة‪ ،‬كما تعكف على دراسة المؤهالت البیئة‬
‫الطبیعیة من حیث التربة والمناخ‪ ...‬وإمكانیة واالعتماد على الري واستعمال األسمدة‬
‫واستخدام المكننة‪...‬وفیما يخص االعتبارات االقتصادية فهي تهتم مثال بالمردود وحجم‬
‫اإلنتاج والتسويق‪.‬‬
‫‪ -2-3‬الجغرافيا الزراعية ‪La géographie agraire‬‬
‫تعنى الجغرافیا الزراعیة باألثر الذي يترتب عن االستغالل الفالحي على سطح‬
‫األرض والذي تعكسه المشاهد الزراعیة‪ ،‬فهي تبحث في تأثیر الماضي على الحاضر‪،‬‬
‫وتخص بالدرس التنظیمات الزراعیة الكبرى في المكان (شكل الحقول‪ ،‬توزيع السكان‪)...‬‬
‫وفي الزمان (تعاقب المزروعات)‪ ،‬مع اعتبار كل ما من شأنه أن يوثر فیها من عوامل‬
‫طبیعیة وتقنیات مستعملة وظروف اقتصادية ومعطیات بشرية كالعادات االجتماعیة والبنیة‬
‫العقارية‪....‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬المجاالت الفالحية في العالم‪...........................................................‬‬
‫يفید معنى المجال الفالحي حسب جل األدبیات الجغرافیة التي عنیت بمناقشة مفهوم‬
‫ومواضیع المجال الفالحي‪ ،‬بكون هذا األخیر يتشكل من مجموع األرضي التي يستغلها فعلیا‬
‫اال نسان بغیة تحقیق انتاج من مزروعات معینة وفي تربیة الماشیة على اختالف أصنافها‪،‬‬

‫‪ 4‬يقوم النشاط الفالحي على األرض ورأسمال والعمل وهي تكون مجتمعة عوامل االنتاج‪:‬‬
‫‪ -‬األرض وهي الرأسمال العقاري للحقول الزراعیة وتتفاوت قیمتها التجارية أو الكرائیة حسب عوامل طبیعیة واقتصادية؛‬
‫‪ -‬رأس المال‪ :‬وينقسم الى قسمین‪:‬‬
‫* رأسمال متحول‪ :‬يضم البذور والشتائل واألسمدة الكیماوية والمبیدات والمواد البیطرية والمحروقات باإلضافة إلى‬
‫الموارد المالیة‪...‬؛‬
‫* رأس المال تابث‪ :‬يتكون من البنیات التحتیة الفالحیة من بناءات ومنشات وآالت وتجهیزات مائیة وحیوانیة منتجة أو‬
‫المخصصة للعمل‪.‬؛‬
‫‪ -‬الید العاملة‪ :‬تتكون من الید العاملة العائلیة أو األجیرة وتنقسم هذه األخیرة الى صنفین فتكون قارة أو موسمیة حسب‬
‫الحاجة التي يتطلبها العمل الفالحي؛‬
‫‪6‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫هذا المجال المستغل بهذا الشكل فیما يتعلق بحجمه (ضیق‪/‬اتساع) يتأثر بالحتمیات البیئي‪-‬‬
‫طبیعیة‪ ،‬كما أنه يخضع لتدخالت البشرية فیما يتعلق بإمكاناتها وقدراتها التقنیة والعلمیة ذات‬
‫الصلة بالمجال واإلنتاج الفالحیین‪.‬‬
‫‪ -1‬تحديد المجال الفالحي العالمي‬
‫يختلف التوزيع المجالي للمجال الفالحي على سطح األرض حیث المساحات الشاسعة‬
‫التي تنعدم فیها ظروف ومقومات ممارسة أي نشاط فالحي من قبل االنسان‪ ،‬ولعل أهمها‬
‫وأوسعها المجالین القطبیین (الشمالي والجنوبي) اضافة الى المجاالت الصحراوية المدارية‬
‫القاحلة‪ ،‬نظرا إلى كونها مجاال تطرف مناخي (برودة شديدة طیلة السنة بالقطبین‪ ،‬حرارة‬
‫مرتفعة بالصحاري)‪ ،‬اضافة الى أنها مجاالت ندرة مائیة شديدة إلى منعدمة‪.‬‬
‫تحد من امتداد المجاالت الفالحیة وبشكل واضح في كثیر من بقاع العالم مثبطات‬
‫طبیعیة أخرى‪ ،‬من قبیل‪ :‬المساحات الشاسعة التي تشغلها األشكال التضاريسیة الوعرة‬
‫خصوصا السالسل الجبلیة‪ ،‬اضافة الى المستنقعات دون أن ننسى أن المجال الفالحي يحد من‬
‫تمدده أو يقلص منه التوسع العمراني‪ ،‬خصوصا التوسع الحضري وما ينجزه االنسان من‬
‫بنیات تحتیة صناعیة سیاحیة مواصالتیة‪ ...‬كما تساهم العوامل المناخیة هي األخرى وبشكل‬
‫كبیر في تقرير حجم المجال الفالحي‪ ،‬وتتحكم في توزيعه حسب النطاقات المناخیة المختلفة‪.‬‬
‫تحتضن المناطق المعتدلة بجزئیها الشمالي والجنوبي مساحات فالحیة هامة (حوالي ‪%55‬‬
‫من مجموع المجال الفالحي العالمي)‪ ،‬تتوزع في تفاوت من بلد إلى آخر باستحضار العامل‬
‫التضاريسي والتقني والتنظیمي لكل بلد‪ ،‬بینما في المناطق الحارة تحتضن مجاال فالحیا أقل‬
‫(حوالي ‪ %45‬من مجموع المجال الفالحي العالمي)‪ ،‬هو اآلخر يعرف تفاوتا في توزيعه بین‬
‫البلدان لنفس االعتبارات‪ ،‬إضافة إلى أن استغالله يعرف تقطعا زمنیا بالنظر إلى الخصائص‬
‫المناخیة‪.‬‬
‫‪ -2‬يعرف المجال الفالحي توسعا مستمرا‪ :‬الدواعي والوسائل‬
‫يعرف المجال الريفي العالمي توسعا يوما بعد يوم من أجل االستغالل الزراعي‬
‫والرعوي‪ ،‬وذلك من خالل مجموع من الوسائل لمجموعة من األسباب‪.‬‬

‫‪7‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -2-1‬دواعي توسيع المجال الفالحي العالمي‬

‫تعرف الساكنة العالمیة نموا مضطردا‪ ،‬هذا النمو يرافقه ارتفاع في الطلب على الغذاء‬
‫وبالتالي تكثیف االنتاج وتوسیع المجال الفالحي الذي ساعد في توسیعه التقدم الحاصل في‬
‫مجاالت علمیة متنوعة (علوم زراعیة‪ ،‬كیمیائیة‪ ،‬آالت‪ ،‬تقنیات‪ ،‬أدوات عصرية‪ ،)...‬اذن‬
‫أمام التطور العلمي والتقني ونمو السوق االستهالكیة الفالحیة‪ ،‬انتعشت عملیة توسیع المجال‬
‫الزراعي مستفیدة من ذلك‪ ،‬إال أننا وال بد أن نشیر الى أن عملیة توسیع المجال الفالحي هي‬
‫بدورها تختلف من بلد الى آخر‪ ،‬في ارتباطها بعوامل طبیعیة‪ ،‬اقتصادية وتنظیمیة‪...‬‬
‫‪ -2-2‬وسائل توسيع المجال الفالحي في العالم‬
‫تتنوع وسائل توسیع المجال الفالحي العالمي والتي يلجأ إلیها ممارسي األنشطة الفالحیة‪ ،‬أو‬
‫التي تتم في إطار مبادرات وبرامج مدعومة من طرف الدولة في إطار مشاريع التنمیة‬
‫الفالحیة‪ ،‬ونعرض لبعض أهم وسائل توسیع المجال الفالحي في العالم وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -2-2-1‬االجتثاث‪:‬‬
‫معناه ازالة الغطاءات النباتي األصلیة بقصد ممارسة أنشطة زراعیة‪ ،‬ويتم االجتثات‬
‫بطرق وتقنیات متنوعة كالقطع أو استعمال الجرافات أو احراق الغابة كما هو معروف‬
‫بالمناطق االستوائیة (الضريم)‪.5‬‬
‫‪ -2-2-2‬العدن ‪:L épierrage‬‬
‫عملیة ربح مساحات زراعیة على حساب أراضي متحجرة بتهشیم الصخرة األم‪ ،‬أو‬
‫تنقیة األراضي من الكتل الحجرية التي تعیق استقرار المزروعات وتمدد جذورها‪ ،‬هذه‬
‫العملیة هي قديمة قدم االستغالل البشري لألرض في أنشطة زراعیة‪ ،‬كانت تستعمل فیها‬
‫األدوات البسیطة كالفؤوس‪ ،‬إال أنها توسعت بشكل كبیر بفعل التطور التقني باستعمال االلة‬
‫التي توفر الجهد والوقت‪.‬‬

‫‪ 5‬تعتمد زراعة الضريم المتنقلة على عدد كبیر من المزارعین لحرق جزء من الغابة‪ ،‬تتصف هذه الزراعة بغیاب السكن‬
‫القار وتزرع العائالت األرض المحروقة لمدة سنتین أو ثالث‪ ،‬ولما تفقد التربة خصوبتها تنتقل هده العائالت الى مجال‬
‫غابوي مجاور لتقوم بنفس العملیة‪.‬‬
‫‪8‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -2-2-3‬الري ‪:L irrigation‬‬

‫عملیة توفیر المیاه عن طريق الجمع والتعبئة بواسطة السدود أو استغالل المیاه‬
‫السطحیة والباطنیة عن طريق ضخها‪ ،‬ومد القنوات لربط الحقول بها لسقي المزروعات‬
‫بمجاالت ندرة مائیة وجفاف مناخي‪ ،‬ويتم الري بمجموعة من الطرق والتقنیات‪.‬‬
‫* الغمر‪ :‬تعني عملیة سقي المزروعات الشجرية أو الجذرية أو الثمرية أو الحبوب‪ ...‬عن‬
‫طريق غمرها بالماء ضمن أحواض ذات شكل مربع أو مستطیل في أغلب األحیان‪ ،‬ويتم‬
‫توزيع الماء داخل الحقول في سواقي غالبا ترابیة‪ ،‬يعتمد توزيع الماء داخل الحقل على‬
‫الجاذبیة حیث يلعب السطح دورا في ذلك‪ ،‬تعتبر من طرق السقي األقدم منذ آالف السنین‬
‫وفي جمیع بقاع العالم‪ ،‬ال تحتاج كلفة مالیة من أجل تدبیر تجهیزات السقي أو الصیانة‪ ،‬كما‬
‫أنها األكثر هدرا للماء وللجهد والوقت‪.‬‬
‫* الرش‪ :‬تستعمل تقنیة الرش خصوصا في سقي الحبوب باستعمال تقنیات لضخ الماء في‬
‫أنابیب موصولة برؤوس رشاشة توزع داخل الحقول ومن بین أبرز هذه التقنیات األدرع‬
‫المحورية التي تمكن من سقي مساحات كبیرة‪ ،‬تتخذ شكل دوائر حیث استعملت بداية وعلى‬
‫نطاق واسع بالواليات المتحدة األمريكیة‪ ،‬إال أنها تتمیز بهدر في الماء السقوي‪ ،‬استعملت‬
‫أيضا في سقي حبوب سهل الغرب والشاوية في المغرب على سبیل المثال‪.‬‬
‫* التنقيط ‪ :Gout a gout‬تقنیة للسقي تسمر أيضا بالسقي الموضعي‪ ،‬تعتمد ايصال‬
‫الماء في شكل قطرات أو تدفقات قلیلة الى جذوع المزروعات عبر شبكة كثیفة من األنابیب‪،‬‬
‫تحافظ على رطوبة التربة وتعتبر تقنیة األكثر ترشیدا لمیاه السقي عن طريق تجنیب هدرها‬
‫في السواقي وعن طريق التبخر‪ ،‬كما تستعمل إلمداد المزروعات بالمواد المغذية (أسمدة)‪،‬‬
‫وقد دشن المغرب تشجیع استعمال التقنیة وتعمیمه ا عبر برنامج وطني القتصاد میاه السقي‬
‫(‪ 6)PENEEI‬في إطار التدابیر األفقیة لمخطط المغرب األخضر‪.‬‬

‫‪ 6‬برنامج يهدف إلى التخفیف من اآلثار المترتبة عن ندرة الموارد المائیة وتحسین نجاعة استعمال المیاه في السقي‪ ،‬امتد من‬
‫سنة ‪ 2008‬إلى سنة ‪ ، 2020‬هدف الى تحويل طرق السقي المتبعة حالیا نحو تقنیات السقي الموضعي بغیة الوصول إلى‬
‫اقتصاد حوالي ‪ 1,4‬ملیار متر مكعب من المیاه سنويا‪ ،‬وبالتالي تحسین استعمال الماء وتثمینه‪.‬‬
‫‪9‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -2-2-4‬التجفيف‪:‬‬
‫عملیة لربح مجاالت زراعیة على حساب المستنقعات عن طريق تجفیفها وردمها‬
‫بتربات مجلوبة من مجاالت أخرى‪ ،‬وهناك أيضا توسع للمجال الفالحي على حساب البحر‬
‫(بولديرات هولندا)‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬المشهد الزراعي ومكوناته‪............................................................‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المشهد‪Le paysage :‬‬

‫المشهد في معناه البسیط كل نظرة على المجال من نقطة معینة ومن زاوية خاصة في‬
‫وقت محدد‪ ،‬إن وصف وتقديم مشهد معین يترجم العالقة بین اإلنسان ومحیطه البیئي كمركب‬
‫من الخصائص الطبیعیة والبشرية التي تعكس فعل اإلنسان وتدخالته الماضیة والحاضرة‪،7‬‬
‫لذا تعتبر الجغرافیا مرادفا لمفهوم المشهد ولدراسة المشاهد‪ ،8‬تتیح فهم العالقة بین اإلنسان‬
‫والوسط البیوفزيائي‪.9‬‬

‫‪ -2‬مفهوم المشهد الريفي ‪Le paysage rural‬‬

‫يمثل المشهد الريفي هو جزء من مقطع محدد من منطقة جغرافیة ريفیة معینة‪ ،‬تعكس‬
‫اإلطار الخارجي لمجال‪/‬وسط العیش‪ ،‬فهو نظام بیئي يتمیز بخصائص محدد وخاصة‪ ،‬كما‬
‫أن المشهد يمثل الهوية المحلیة لمجتمع معین في المكان والزمان‪ ،‬ويعكس الوعاء الطبیعي‬
‫الذي يتم في االستغالل‪ ،‬وحتى اإلطار التنظیمي الثقافي لمجال ريفي معین‪ .‬المشهد الريفي‬
‫مشهد عام يعبر عما يوجد في البادية‪ ،‬حقول زراعیة‪ ،‬أراضي بوار‪ ،‬ضیعات‪ ،‬سكن‪،‬‬
‫مراكز‪ ...‬بمختلف مكوناتها من بنیات إدارية وخدماتیة‪ ،‬إقامات ثانوية وأوراش الصناعة‪،‬‬
‫الحرف التقلیدية ومخازن ودك اكین وأسواق‪ ...‬مشهد عام يتطلب معرفة جیدة وتحلیل دقیق‬
‫لكل مكوناته المترابطة فیما بینها من خالل شبكة عالقات تفاعلیة‪ ،‬ففي المشهد الريفي نجد‬

‫‪7‬‬ ‫‪Dunlop,J.(2012): Op.Cit, p: 18.‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪Diry,J,P.(1999): Op.Cit, p: 27.‬‬
‫‪9 Bavoux,J,J.)2002(: Op.Cit, p: 30.‬‬

‫‪10‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫والمشهد البشري عقب سلسلة طويلة تتعاقب فیها عملیات تفاعل‬ ‫‪10‬‬
‫تداخل المشهد الطبیعي‬
‫متبادلة‪ ،‬لذا فهو يحمل بصمات تاريخ تشكیله التي تعرف تغیرا باستمرار‪.‬‬
‫ال يمكن الحديث عن مجال ريفي واحد وموحد بل عن مجاالت قروية متنوعة‪ ،‬نظرا‬
‫للتنوع الكبیر في المشاهد الريفیة التي هي نتیجة لتدخل العنصر البشري ولكونها عبارة عن‬
‫أوساط طبیعیة مشكلة ‪ Modelé‬بعوامل اجتماعیة وثقافیة‪ ،‬لها خصوصیاتها من حیث‬
‫ال موارد الطبیعیة واختالف الضغوطات واألولويات التي يحددها السكان المعنیون‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يحیلنا على وظائف العالم الريفي من وظائف إنتاجیة ووظائف استهالكیة تتمثل في‬
‫األنشطة السیاحیة ووظیفة اإلقامة أي العودة إلى الريف‪...‬‬
‫‪ -3‬مفهوم المشهد الزراعي ‪Le paysage agraire‬‬
‫المشهد الزراعي هو ذلك المنظر المرئي المباشر أو عن طريق الصور الفتوغرافیة‪،‬‬
‫الجوية‪ ،‬بواسطة األقمار االصطناعیة او رسوم تبسیطیة وتوضیحیة‪ ...‬إضافة الى األراضي‬
‫زراعیة فالمشهد الزراعي يضم أيضا األراضي غیر الصالحة للزراعة (المراعي)‪ ،‬السكن‪،‬‬
‫الطرقات والمسالك‪ ،‬البنیات التحتیة السقوية‪ ،‬بینما األرضي الزراعیة تتشكل من مشارات‬
‫تختلف وتتنوع مساحاتها وأشكالها حسب طبیعة الوسط الطبیعي وحجم الكتلة الديموغرافیة‪،‬‬
‫وطبیعة البنى االجتماعیة والساياسیة‪...‬‬

‫يعكس المشهد الريفي عامة ما يوجد في البادية من حقول زراعیة‪ ،‬أراضي بوار‪،‬‬
‫ضیعات‪ ،‬سك ن‪ ،‬أوراش‪ ،‬أسواق‪ ،‬مراكز وبنیات إدارية وخدماتیة‪ ،...‬يتطلب معرفة جیدة‬
‫وتحلیل دقیق لكل مكوناته المترابطة فیما بینها من خالل شبكة عالقات تفاعلیة‪ ،‬حیث تداخل‬
‫المشهد الطبیعي والمشهد البشري عقب سلسلة طويلة تتعاقب فیها عملیات تفاعل متبادلة‪.‬‬

‫ال يمكن الحديث عن مجال ريفي واحد وموحد‪ ،‬نظرا للتنوع الكبیر في المشاهد‬
‫الريفیة‪ ،‬لكونها عبارة عن أوساط طبیعیة مشكلة ‪ Modelé‬بعوامل اجتماعیة وثقافیة‪ ،11‬لها‬
‫خصوصیاتها من حیث الموارد الطبیعیة واختالف الضغوطات واألولويات‪ ،‬لذا فالمشهد‬
‫‪ 10‬المشاهد الطبیعیة األصیلة لألرياف قد عرفت تحوالت ترجع أساسا إلى التدخالت البشرية المتواصلة والمتعاقبة من أجل‬
‫االستجابة إلى حاجات اإلنسان عبر استغالل الموارد الطبیعیة‪.‬‬
‫‪ 11‬قواق حميد‪ :)2013(،‬الضاحیة الجنوبیة الغربیة للجديدة الكبرى‪ :‬الواقع الحالي واآلفاق المستقبلیة‪ ،‬بحث لنیل شهادة‬
‫الماستر في الجغرافیا‪ ،‬كلیة اآلداب والعلوم واإلنسانیة‪ ،‬جامعة شعیب الدكالي‪ ،‬الجديدة‪ ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪11‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫الريفي هو جزء من مقطع معین من منطقة ريفیة ما‪ ،‬يعكس اإلطار الخارجي لمجال‪/‬وسط‬
‫عیش‪ ،‬فهو نظام بیئي يتمیز بخصائص محددة‪ ،‬كما أن المشهد يمثل الهوية المحلیة لمجتمع‬
‫معین في المكان والزمان‪ ،‬ويعكس الوعاء الطبیعي الذي يتم في االستغالل وحتى اإلطار‬
‫التنظیمي الرسمي والثقافي السائدين‪.‬‬

‫يدل المشهد ضمنیا عن تشكیل جماعي لألرض‪ ،‬يعكس ممارسات ومعتقدات وتقنیات‬
‫مجتمع أو ثقافة ما‪ ،‬كما يعكس العناصر المؤثرة من خارج المجتمع‪ ،‬والجغرافیا المشهدية‬
‫هي التي تتساءل عن الكیفیة التي تشكل بها هذا المشهد أو ذاك‪ ،‬باحثة عن العوامل المفسرة‬
‫غیر مكتفیة بالوصف‪ ،‬وبعیدا عن التفسیر القائم على الحتمیة الطبیعیة التي تعتبر المشهد‬
‫دون إعارة‬ ‫‪12‬‬
‫نتاجا لمحددات طبیعیة صرفة يبقى اإلنسان رهینة لها وعنصر متكیف فقط‬
‫االهتمام بباقي العوامل‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المشهد الزراعي يعتبر جزءا من المشهد الريفي العام األكثر‬
‫تعقیدا‪ ،‬إذ يعتبر نتیجة تنظیم اإلنسان للمجال الفالحي وتجهیزه لألرض قصد االستغالل فهو‬
‫انعكاس النشاط الفالحي على وجه األرض‪ ،‬فالمشهد الزراعي إذن ال يعني اإلطار الطبیعي‬
‫‪14‬‬
‫الذي يتم فیه االستغالل فقط‪ 13‬بل يعكس البنیات االجتماعیة واالقتصادية أيضا‬

‫‪ 12‬كرانغ مايك‪ :)2005(،‬الجغرافیا الثقافیة‪ :‬أهمیة الجغرافیا في تفسیر الظواهر اإلنسانیة‪ ،‬ترجمة‪ :‬منتاق سعید‪ ،‬عالم‬
‫المعرفة‪ ،‬عدد ‪ ،317‬سلسلة كتب ثقافیة شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬ص‪ 29 :‬و‪.30‬‬
‫‪ 13‬بلفقيه محمد‪ :)1988(،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.85 :‬‬
‫‪14 Diry,J,P.(1999): Op.Cit, p: 26.‬‬

‫‪12‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫شكل رقم ‪ :9‬تفاعل العوامل الطبيعية والبشرية والتنظيمية في تشكيل المشهد‬

‫يؤثر في‬
‫التقنيات واألساليب الفالحية‬ ‫المجال الحاضن‬
‫تتأثر ب‬

‫ينعكس على‬

‫قرارات الفالحين‬ ‫المشهد‬

‫تتحكم‬ ‫يؤثر في‬

‫تعكس‬
‫البيئة السوسيو‪-‬اقتصادية‬

‫‪ -4‬عناصر المشهد الزراعي‬

‫‪ -4-1‬المحاط ‪Finage‬‬
‫مجموع األ راضي التي تملكها جماعة بشرية تكتسب من الفالحة (دوار‪ ،15‬قبیلة‪،‬‬
‫جماعة قروية‪ ،)...‬اما ملكا شرعیا عندما يتوفر المالكون على رسوم عقارية‪ ،‬أو ملكا عرفیا‬
‫يضم المحاط جمیع‬ ‫‪16‬‬
‫كما هو الحال بالنسبة لألراضي الجماعیة (أراضي الجموع )‪،‬‬
‫األراضي المزروعة وغیر الصالحة للزراعة والضايات والغابات‪ ...‬وإذا لم يزرع المحاط‬
‫بالكامل فهو ينقسم الى الحريث والشیم‪.‬‬

‫‪ 15‬يثیر مفهوم الدوار نقاشا داللیا يحیل بالرجوع إلى المعاجم اللغوية العربیة على معاني بعیدة مثال‪" :‬الدوار هو جزء قابل‬
‫للدوران واللف"‪ ،‬وعموما لفظة الدوار في المغرب ينعت بها كل أشكال السكن المتجمع المستقر في شكل دائرة‪ ،‬تسمیة‬
‫تختلف من منطقة ألخرى‪ ،‬الدشر تستعمل في جبال الريف‪ ،‬وإغرم في األطلس الكبیر‪ ،‬والقصر في األوساط الواحیة‪ ،‬كذلك‬
‫تشیر لفظة الدوار في البلدان المغاربیة إلى كل تجمع سكاني مستقر أو متنقل مؤقت أو دائم‪ ،‬أفراده تربطهم عالقة قرابة‪،‬‬
‫عبارة عن تنظیم مجالي واجتماعي ذو مستويات وأبعاد مختلفة‪.‬‬
‫‪ 16‬تسمى أيضا األراضي التي تملكها الجماعات الساللیة بأراضي الجموع‪ ،‬األراضي الجماعیة‪ ،‬األراضي‬
‫العشائرية‪،‬األراضي اإلثنیة‪ ،‬أراضي الجماعات األصلیة‪ ،‬لقد عرف المشرع األراضي الجماعیة في ديباجة ظهیر ‪ 17‬أبريل‬
‫‪9191‬بأنها تلك األراضي التي تتصرف فیها الجماعة وساللتها تصرف المالك في ملكه‪ ،‬وتعرف بأنها" تلك األراضي التي‬
‫ترجع ملكیتها إلى جماعات ساللیة في شكل قبائل أو دواوير أو عشائر قد تربط بینهم روابط عائلیة أو عرفیة واجتماعیة‬
‫ودينیة بحیث حقوق األفراد غیر متمیزة عن حقوق الجماعة‪.‬‬
‫‪13‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫* الحريث ‪ :Ager‬الجزء الذي يستغل من المحاط بشكل فعلي ودائم‪ ،‬يتكون من حقول‬
‫تمارس فیها الزراعات الموسمیة أو األشجار المثمرة‪ ،‬وبمعنى اخر كل القطع األرضیة التي‬
‫تحضى بعناية الفالح‪.‬‬
‫* الشيم ‪ :Saltus‬الجزء الذي اليستغل في الزراعة أي أن األراضي تترك على شكلها‬
‫الطبیعي وتستغل في غالب األحیان كمراعي‪.‬‬
‫‪ -4-2‬الرستاق ‪Le terroir‬‬
‫مساحة أرضیة تنفرد ببعض الخصائص الطبیعیة (المناخ‪ ،‬التربة‪ ،‬المیاه‪ ،‬الغطاء‬
‫النباتي‪ )...‬والبشرية (االصالحات المختلفة التي يقوم بها العنصر البشري فوق مساحة‬
‫معینة)‪ ،‬لذلك تسعى المجموعات البشرية الحصول على محاط يتوفر على عدد أكبر من‬
‫الرساتیق‪ ،‬حتى يتنوع المنتوج وتحصل التكاملیة الوظیفیة بینها‪.‬‬
‫‪ -4-3‬السكن ‪L'habitat‬‬
‫يعرف السكن الريفي بأنه نمط توزيع المنازل الفالحیة الدائمة أو المؤقتة التي يقطنها‬
‫سكان غالبیتهم يشتغلون في الفالحة داخل محاط‪ ،‬فهو لیس معطى تابث بل متغیر‪/‬متحول‬
‫ككل األنظمة االقتصادية واالجتماعیة ضمن سیرورات تحول المجتمع وتطوره باالنفتاح‬
‫على مختلف التأثیرات‪ ،‬يعتبر من الن احیة الشكلیة شكال توطینیا يعبر عن نوع اندماج سكان‬
‫الريف بترابهم المحلي‪ ،‬وعن نوع تنظیم المجال والمستوى االقتصادي واإلرث الثقافي‪ ،‬ومن‬
‫الناحیة الوظیفیة هو بعد اجتماعي واقتصادي وإطار للحماية ومساهم في العملیة اإلنتاجیة‪،‬‬
‫يأوي األسر ووسائل اإلنتاج‪ ،‬كما يقصد بالسكن الريفي الرقعة التي تحتلها المنازل والمرافق‬
‫التابعة لها‪.‬‬

‫يعتبر السكن الريفي إطار حیاة وعنصر أساسي في إنتاج المشهد الريفي‪ ،‬ومن هذا‬
‫المنظور فكثیرا ما يعتبر السكن مرآة صريحة لقراءة التحوالت المجالیة‪ ،‬باعتبار أن مكوناته‬
‫وهندسة أشكاله تعكس درجة وأسالیب استغالل اإلنسان للمجال‪ .‬في الوقت الراهن أصبح‬
‫يضطلع بوظائف جديدة غیر وظیفته التقلیدية‪ ،‬وتحوالت سريعة على المستويین الكمي‬
‫والنوعي لعدة عوامل‪:‬‬

‫‪14‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -‬ديمغرافية‪ :‬تعرف الساكنة الريفیة نموا ديمغرافیا مهما مقارنة بالمدن؛‬

‫‪ -‬عقارية‪ :‬يتمیز المجال الريفي بسهولة الولوج الى العقار (الثمن)؛‬

‫‪ -‬جغرافية‪ :‬تستفید بعض المجاالت الريفیة من القرب من المدن أو الربط بالطرق ووسائل‬
‫النقل؛‬

‫‪ -‬اقتصادية‪ :‬تحسن مداخیل الفالحین وانتعاش العودة الى الريف؛‬

‫‪ -4-4‬المشارة والدبر‬
‫* المشارة ‪Parcelle‬‬
‫قطعة أرضیة لشخص أو مجموع اشخاص لهم ما يتبث ملكیتها‪ ،‬تختلف مساحتها من‬
‫مجال الى اخر أو داخل نفس المجال‪ ،‬تصغر بمجاالت ندرة األراضي الصالحة للزراعة‬
‫نتیجة وعورة التضاريس أو القحولة لقلة إلى انعدام التساقطات (مناطق جبلیة واحیة‪،)...‬‬
‫وتكبر مساحتها بالمناطق السهلیة الشاسعة (سهول الواليات المتحدة االمريكیة)‪ ،‬تتنوع‬
‫أشكالها الهندسیة وعملیات تهیئتها (مسیجة أو مفتوحة)‪.‬‬
‫* الدبر ‪Parcellaire‬‬
‫عبارة عن مشارات متشابهة ومتجانسة على مستوى المساحة‪ ،‬غالبا ما تخضع لنظام‬
‫خاص في استغاللها‪ ،‬ويبرز ذلك جلیا بالمجاالت السهلیة المسقیة بالمغرب التي عرفت‬
‫عملیات ضم لألراضي وإعدادا هیدروفالحیا (سهل دكالة‪ ،‬الغرب‪ ،‬تادلة‪ ،‬الحوز‪.)...‬‬
‫‪ -4‬األصناف الكبرى للمشاهد الزراعية‬
‫تصنف المشاهد الزراعیة بناءا على عوامل تختلف من مجاال جغرافي الى اخر في كل‬
‫أرجاء العالم‪ ،‬ويتم ذالك حسب التقنیات واألسالیب المستعملة في مزاولة النشاط الزراعي بین‬
‫مشاهد زراعیة باألرياف التي تعرف سیطرة الطابع التقلیدي‪ ،‬وأخرى عصرية أو على‬
‫أساس مشاهد زراعیة تسود بها الزراعات المسقیة وأخرى زراعات بورية‪ ،‬أو حسب تشكیل‬
‫المشارات بین مسیجة ومفتوحة‪ ،‬وما يرافق ذلك من أشكال توطن وتوزيع السكن (متجمع أو‬
‫متفرق‪.)...‬‬

‫‪15‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -4-1‬المشاهد الزراعية في المنطقة المعتدلة‬

‫تتسم المشاهد الزراعیة في المنطقة المعتدلة بسیادة الحقول المفتوحة غیر المسیجة في‬
‫الغالب‪ ،‬بل ويتسم الدبر بالتجزؤ بفعل عامل االرث إلى مشارات صغیرة المساحة‪ ،‬بینما‬
‫يتمیز السكن بصفة التجمع في نقط معینة بالقرب من المشارات لیبقى الفالح على مقربة من‬
‫مشارته اقتصادا للوقت في التنقل الیها وللجهد في نقل مدخالت االنتاج الیها أو جمع‬
‫المحصول وتخزينه‪ ...‬أما على مستوى النظام الزراعي يطغى علیه عموما زراعة الحبوب‪،‬‬
‫حیث أن الفالح يعتمد على نفس النوع أو يختار تنويعها داخل نفس المشارة‪ ،‬هذا اضافة الى‬
‫وجود حقول زراعیة مغلقة (مسیجة) يتخللها سكن متفرق في شكل بیوت ريفیة منعزلة‬
‫مفصولة عن بعضها البعض بمسافات مختلفة‪ ،‬ويسود بهذه البوادي نظام زراعي ال تؤطره‬
‫أشكال استغالل جماعیة تستند الى أعراف وتقالید متوارثة عبر األجیال‪.‬‬
‫‪ -4-2‬المشاهد الزراعية في المناطق الجافة‬
‫يمكن تحديد النطاق الجاف في كونه مجال قسوة مناخیة حیث ندرة الى انعدام‬
‫التساقطات مما يعیق تطور الزراعة بل وينعكس ذلك عموما على تطور الغطاء النباتي حیث‬
‫تصبح التشكیالت النباتیة جد قصیرة ومنفرجة وأحیانا منعدمة كما أن المناطق الجافة تتمیز‬
‫بخصائص مناخیة التالیة‪:‬‬
‫‪ -‬حرارة مرتفعة مع فارق يومي وسنوي ضعیف؛‬
‫‪ -‬المجموع السنوي من التساقطات ضعیف مما يجعل الجريان ضعیفا وبالتالي تكون‬
‫األودية جافة في الغالب؛‬
‫‪ -‬ندرة الغطاء النباتي وبغاء األتربة عارية بل أن هناك بعض الصحاري الخالیة من أي‬
‫تشكیلة نباتیة؛‬
‫‪ -‬افتقار هذه المناطق ألتربة خصبة وهي مجاالت توقف أي تطور للتربة حالیا حیث أن‬
‫التربات الموجود هي تربات موروثة عن حقب قديمة عرفت رطوبة؛‬
‫رغم قساوة الظروف المناخیة بالمناطق الجافة إال أن هناك بعض المناطق منها تتوفر على‬
‫امكانیات الري‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للمجاالت الواحیة‪ ،‬التي ساعدت على استقرار السكان‬

‫‪16‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫وممارس ة أنشطة زراعیة متنوعة‪ ،‬ويتمیز المشهد الزراعي بالواحات بوجود مشارات ضیقة‬
‫ومسیجة في الغالب‪ ،‬اما النظام الزراعي فهو يتمیز بالتنوع حیث نجد داخل نفس المشارة‬
‫ثالثة مستويات‪ :‬أشجار النخیل‪ ،‬األشجار المثمرة‪ ،‬المغروسات الظلیة (استغالل عمودي‬
‫للمجال)‪ ،‬ويبقى توزيع میاه السقي يخضع لنظام عرفي معقد متعاقد حوله ومتوارث ويقوم‬
‫على مبدأ النوبة‪.‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬العوامل الطبيعية والبشرية المؤثرة في النشاط الفالحي‪.........................‬‬
‫تقع األنشطة الفالحیة تحت التأثیر الكبیر للعوامل الطبیعیة المتنوعة غیر أنها مرتبطة‬
‫أيضا بالعوامل البشرية المختلفة‪ ،‬أي أن هناك عالقة متصلة وتأثیر متبادل بین هذه العوامل‬
‫مجتمعة‪.‬‬
‫‪ -1‬العوامل الطبيعية‬
‫تعتبر العوامل الطبیعیة احدى أهم المقومات األساس لنشوء وتطور نشطة فالحیة‬
‫بمجال ما‪ ،‬والعامل المحدد لنوعیة المحصول ودرجة نجاحه‪ ،‬ويمكن تقسیم العوامل الطبیعیة‬
‫إلى مناخ بعناصره المختلفة‪ ،‬المیاه‪ ،‬التربة والتضاريس‪.‬‬
‫‪ -1-1‬المناخ‬
‫يعتبر العامل المناخي بعناصر المختلفة من العوامل الطبیعیة ذات التأثیر القوي على‬
‫االنتاج الزراعي‪ ،‬فلكل نوع نباتي الظروف التي تالئم نموه ويساعده على مردودية كبیرة‬
‫وبأقل تكلفة اقتصادية‪ ،‬فاإلطار المناخي هو الذي يحدد المجال المناسب لتعاطي مزروع‬
‫معین‪ ،‬ويحدد أيضا شكل االنتاج الزراعي‪ ،‬ولمعرفة هذا التأثیر نعرض لكل عنصر مناخي‬
‫على حدى‪:‬‬
‫‪ -1-1-1‬الحرارة والضوء‬
‫* الحرارة‪ :‬هي الحالة التي يكون علیها الجو من البرودة أو السخونة‪ ،‬وكما هو معلوم‬
‫فالسخونة تدعم نمو النباتات حیث أ ن الفترة االنباتیة تتطلب متوسط حرارة ال يقل عن ‪،°10‬‬
‫وعلى النقیض من ذلك تعیق البرودة عملیة االنبات ونمو المزروعات‪ ،‬ففي ظل االنخفاض‬
‫الكبیر لدرجة الحرارة تتوقف الحیاة النباتیة أو تنعدم بحسب نوع النبات وقدرته على التكیف‪.‬‬

‫‪17‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫* الضوء‪ :‬شكل من أشكال الطاقة المطلوبة من طرف األحیاء عامة‪ ،‬يتطلبها النبات خالل‬
‫كافة مراحل نموه‪ ،‬ويؤثر الضوء في الزراعة بشكل كبیر ذلك من خالل عملیة التمثیل‬
‫الضوئي التي تعتمد على الضوء بشكل أساسي وتنعدم بانعدامه‪ ،‬إذ يتیح الضوء التفاعل بین‬
‫ثاني أوكسید الكاربون الذي تمتصه النباتات الخضراء من الجو وبین الماء الذي تمتصه‬
‫النباتات من التربة عن طريق الجذور‪ ،‬كما تؤثر شدة أو ضعف الضوء في نمو وإزهار‬
‫النباتات‪.‬‬
‫‪ -1-1-2‬الرياح‬
‫للرياح تأثیر ايجابي على المزروعات عند حدود مناسبة من السرعة‪ ،‬تساعد على تلقیح‬
‫النباتات بینما تعود سلبیة لما تكون على سرعة مرتفعة قلیال الى مرتفعة‪ ،‬ويختلف تأثیرها‬
‫هذا حسب نوعیة النبات ودرجة حساسیته وحسب نوعیة الرياح‪ :‬باردة‪ ،‬حارة‪ ،‬جافة أو‬
‫رطبة‪ ،‬كما أنها وكلما كانت سرعتها مرتفعة تنشط أكثر عملیة التبخر‪ ،‬ومن آثار الرياح‬
‫تجفیف التربة وتذريتها كشط المواد الدقیقة عنها‪ ،‬ما يتسبب في تدمیر المحاصیل وإسقاط‬
‫الثمار وتصبح خطیرة فترة اإلزهار‪ ،‬كما تؤدي الى ذبول النباتات إذا كانت مرتفعة البرودة‬
‫أو السخونة‪.‬‬
‫‪ -1-1-3‬الصقيع‬
‫يرتبط الصقیع باالنخفاض الشديد في درجة الحرارة الى ما تحت الصفر‪ ،‬لهذه الظاهرة‬
‫انعكاسات سلبیة على النباتات والمزروعات‪ ،‬بحیث أنه لما تنخفض درجة الحرارة الى ما‬
‫دون الصفر فان األنسجة النباتیة تتجمد ويغادر الماء خالياها‪ ،‬ونشیر إلى أن للنباتات قدرات‬
‫مختلفة على تحمل ومقاومة الصقیع‪ ،‬وعندما تنخفض الحرارة دون الحد قدرة النباتات على‬
‫المقاومة تصاب بالتلف (عتبة الصقیع)‪ ،‬والمالحظ كذلك أن المناطق المرتفعة تتأثر بشكل‬
‫كبیر بالصقیع بالمقارنة مع المناطق الساحلیة بسبب التأثیر البحرية التي تعمل على تلطیف‬
‫الجو بتعديل برودته خالل الفصول الباردة والتخفیف من سخونته خالل الفصول الحارة‬
‫(نسیم البحر)‪.‬‬

‫‪18‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -1-1-4‬التساقطات‬
‫هي كل أشكال نزول الماء من السماء في حاالته الفیزيائیة‪ :‬السائلة‪ ،‬الصلبة والغازية‪،‬‬
‫من أمطار وبرد وثلوج كمصدر للماء الضروري للحیاة النباتیة‪ ،‬فلكل شكل من أشكال‬
‫التساقطات جوانب ايجابیة وأخرى سلبیة ‪ ،‬حیث أن التساقطات المطرية لها أهمیة كبیرة جدا‬
‫في تأمین المیاه الضرورية لألنشطة الزراعیة‪ ،‬إال أنها فقط أحد مقومات النشاط الزراعي‬
‫الذي يتوقف أيضا على ضرورة حضور مقومات طبیعیة أخرى مناخیة كدرجتي الحرارة‬
‫والتبخر اضافة الى مقوم التربة‪ ،‬حیث أن األمطار قد ال تكون كافیة بالنسبة ألحد‬
‫المزروعات والعكس بالنسبة ألخرى‪ ،‬أو قد تكون غیر كافیة بالنظر إلى درجة التبخر‬
‫المرتفعة كما هو بالنسبة في المجاالت الحارة‪ ،‬اضافة إلى قدرة التربة على امتصاص الماء‬
‫واالحتفاظ علیه لمدة أطول‪ ،‬وقد تؤدي أحیانا وفرة الماء أو سوء تصريفه إلى كبح نمو‬
‫النباتات بفعل خنقها وتعفن جذورها‪ ،‬كما ال تخفى خطورة األمطار الغزيرة المركزة في‬
‫الزمان على المحاصیل اذ تؤدي إلى جرفها وإغراقها‪ ،‬كما أن الثلج له اثار سلبیة على‬
‫النباتات خاصة عندما يتحول الى جلید ويزداد التأثیر عندما يزداد سمكه‪ ،‬فیتسبب في كسر‬
‫أغصان األ شجار كما يؤدي ذوبانه بشكل سريع الى حدوث الفیضانات ينتج عنها ضیاع‬
‫المزروعات وانجراف التربة‪ ،‬أما اآلثار الجانبیة االيجابیة تتجلى في تزويد التربة والنباتات‬
‫بالرطوبة الالزمة للنمو‪ ،‬حیث تكون كمیة المیاه المتسربة إلى التربة كبیرة عندما يكون‬
‫الذوبان بطیئا‪ ،‬في حین يمكن القول أن آثار البرد تبقى سلبیة على النبات في مختلف مراحل‬
‫نموه‪ ،‬وتزداد اثاره السلبیة تبعا لحجم حباته ومدة استمرار سقوطه‪ ،‬حیث يؤدي الى سقوط‬
‫األوراق واألزهار والثمار اضافة الى تكسیر األغصان والبراعم الصغیرة‪ ،‬وكثیرا من‬
‫المرات التي تتضرر فیها بعض المحاصیل الزراعیة من سقوط البرد ال سیما الزراعات‬
‫الشجرية التي يتسبب في اسقاط ثمارها وإتالف المحصول‪ ،‬هذا ما يفسر انتشار تسقیف‬
‫مزارع أشجار الورديات (تفاح‪ ،‬خوخ‪ ،‬إجاص‪ )...‬في المغرب بشباك واقي خصوصا‬
‫بالمنخفضات واألحواض الجبلیة لألطلس المتوسط ‪.‬‬

‫‪19‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -1-2‬التربة‬
‫التربة هي الجزء العلوي من القشرة األرضیة‪ ،‬محصلة نهائیة لتفاعل عدة عناصر‬
‫وعوامل كالصخر األم والمناخ والغطاء النباتي والتضاريس والزمن‪ ،‬تتكون من المواد‬
‫العضوية والمواد المعدنیة والماء والهواء‪.‬‬
‫* المواد العضوية‪ :‬من بقايا مخلفات الحیاة النباتیة والحیوانیة التي تتحلل تحت ظروف‬
‫عديدة (حرارة ورطوبة)‪ ،‬بمساعدة الكائنات المجهرية التي تعمل على تحويلها الى ثاني‬
‫أوكسید الكاربون وماء وأمالح كمواد ضرورية للحیاة النباتیة‪.‬‬
‫* المواد المعدنية‪ :‬مواد دقیقة حبیبیة ناتج عن تفكك الصخور وتفتتها‪ ،‬تعود في أصلها‬
‫للصخرة األم المحلیة أو لصخور توجد في مناطق أخرى قريبة أو بعیدة‪ ،‬لكن بفعل الیات‬
‫النقل والترسیب ثم جلبها وتوضعها في أماكن جديدة (مثال‪ :‬التعرية النهرية)‪ ،‬وتتأثر التربة‬
‫في تكوينها بعدة عوامل نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -1-1-2‬الصخرة األم‪ :‬عن طريق العملیات المناخیة (التجوية) الكیمیائیة‬
‫والمیكانیكیة والبیولوجیة‪ ...‬التي تتعرض لها الصخور نعرض لبعض األمثلة منها‪:‬‬
‫* التصدع الحراري‪ :‬تهشم الصخرة األم تحت تأثیر التغیرات الحرارية بفعل تردد‬
‫عاملي التمدد والتقلص‪.‬‬
‫* التصدع الجمدي‪ :‬بفعل تجمد المیاه وازدياد حجمها في الشقوق لتمارس ضغطا‪،‬‬
‫وبتردد العملیة تهشم الصخور خصوصا بالصخور المتجانسة التكوين‪.‬‬
‫* التصدع الملحي‪ :‬في المناطق الساحلیة أو على هوامش البحیرات الصحراوية‬
‫(السبخات) تحمل الرياح الماء المالح الذي تنمو بلوراته بمسامات الصخر وتؤدي الى تفكیكه‬
‫وتحطیمه‪.‬‬
‫* التصدع المائي‪ :‬تعاقب الماء على الصخر خصوصا األنواع النافذة (الكلس)‬
‫يعرضها للتبلیل تم االنتفاخ‪ ،‬بینما التبخر يؤدي الى تیبیس الصخر‪ ،‬وتعاقب هذه العملیة يؤدي‬
‫الى تفكیك الصخر وتهشیمه‪ ،‬وينشط التصدع المائي بالمناطق التي تسجل تغیرات يومیة أو‬
‫فصلیة مهمة من الرطوبة‪.‬‬

‫‪20‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫* التصدع البيولوجي‪ :‬تلعب الكائنات الحیة دورا أساسیا في تحطیم الصخور‪ ،‬مثال‬
‫النباتات تقوم بتحطیم الصخور المتماسكة عبر شقوق تخترقها جذورها‪.‬‬
‫‪ -1-1-2‬المناخ بعناصره المختلفة‪ :‬تلعب الحرارة والرطوبة دورا مهما في تكوين‬
‫التربة‪ ،‬حیث تشكل الرطوبة عنصرا مشتركا بین كثیر من العملیات الكمیائیة والحیوية التي‬
‫تحدث في التربة‪ ،‬كما تساعد الحرارة على تسريع حدوث هذه العملیات‪.‬‬
‫‪ -1-1-2‬أثر السطح في تكوين التربة‪ :‬له دور كبیر في تكوين التربة نتیجة تنوع‬
‫المظاهر الطبوغرافیة‪ ،‬فاالرتفاع واالنحدار يؤثر في تكوين التربة بسبب كمیة التربة‬
‫المجروفة‪ .‬وبالتالي تختلف المردودية الفالحیة فوق تربة اللوس بحوض باريس وتربة‬
‫تشرونیوزيوم بأوكرانیا عن التربة الحديدية المدارية‪ ،‬أو فوق تربة البودزول في الطايغا‪،‬‬
‫وكمث ال اخر على مستوى المغرب تختلف المردودية الفالحیة بین تربات التیرس والحمري‬
‫والرمل‪...‬‬
‫‪ -1-2‬التضاريس‬
‫تؤثر التضاريس في االنتاج الزراعي بشكل مباشر أو غیر مباشر‪ ،‬فتنوع التضاريس له‬
‫دور كبیر في االنتاج الزراعي من حیث اختالف االمكانیات الزراعیة‪ ،‬فكلما كان الطابع‬
‫المنبسط سائدا أتاح امكانیة وجود أراضي صالحة للزراعة أو على األقل استحداثها في بعض‬
‫الحاالت‪ ،‬وكلما كانت التضاريس وعرة كحالة المناطق الجبلیة تنعدم األراضي الزراعیة‬
‫وتقتصر أحیانا على بعض األودية (أحزمة ضیقة) أو المنخفضات الداخلیة حبیسة‪.‬‬
‫‪ -2‬العوامل البشرية‬
‫تتمیز العوامل البشرية المؤثرة في الزراعة بتعقدها وتداخلها وتغیرها السريع‪ ،‬ويقصد‬
‫بها كل ما يتصل باإلنسان ونشاطه في هذا المجال‪ ،‬لكن ال يمكن فصلها من حیث التأثیر عن‬
‫العوامل الطبیعیة‪ ،‬وتتجلى العوامل البشرية في اإلرث التاريخي‪ ،‬الجانب الديموغرافي‪،‬‬
‫الجانب االقتصادي‪ ،‬الجانب االجتماعي والسیاسات الحكومیة‪ ،‬وتفاعل هذه العوامل فیما بینها‬
‫يؤدي الى خلق مشاهد زراعیة معینة‪.‬‬

‫‪21‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -2-1‬الجانب التاريخي‬
‫يتحكم الجانب التاريخي في النشاط الفالحي بشكل عام‪ ،‬فمثال نالحظ أن الجبال‬
‫المغربیة شأنها شأن كثیر من المجاالت الجبلیة في العالم‪ ،‬تحتضن كثافة سكانیة مهمة منذ‬
‫القديم بالرغم من قساوة الظروف الطبیعیة (قساوة المناخ‪ ،‬وعورة التضاريس‪ ،‬ضعف‬
‫خصوبة التربة‪ ،‬قلة األراضي الصالحة للزراعیة‪ ،)...‬ويفسر األمر بكون الجبال شكلت مالذا‬
‫لالحتماء في فترات شیوع الحرب وانعدام األمن‪ ،‬وكشكل من أشكال التكیف وتطويع‬
‫المعطیات الطبیعیة لصالح االنسان الجبلي‪ ،‬تمت إقامة المدرجات الزراعیة واستغاللها في‬
‫زراعة الحبوب والقطاني‪ ،‬الخضراوات‪ ،‬األشجار المثمرة‪ ...‬الى جانب تربیة الماشیة اضافة‬
‫الى استغالل المجال الغابوي‪ ،‬أما المناطق السهلیة والهضبیة عرفت تحوالت عمیقة على‬
‫كافة المستويات منذ بداية القرن الماضي (الحماية الفرنسیة بالمغرب)‪.‬‬
‫‪ -2-2‬الجانب الديموغرافي‬
‫يخضع النشاط الفالحي لتأثیر الجانب الديموغرافي‪ ،‬فكلما تزايد عدد السكان يرتفع‬
‫مستوى الطلب على المنتوجات الغذائیة‪ ،‬ما يطرح ضرورة توسیع المجال الزراعي‬
‫خصوصا للرفع من اإلنتاج‪ ،‬كما يساهم في ذلك تحسن مستوى معیشة السكان‪ ،‬التي ترفع من‬
‫الطلب على بعض المنتوجات من الخضر والفواكه واألعالف (إلنتاج اللحوم)‪ ،‬بینما يقل‬
‫الطلب علیها في حالة تراجع المستوى المعیشي‪ ،‬ويقتصر األمر على منتوجات ضرورية‬
‫غالبا ما تكون حبوب وقطاني‪.‬‬
‫يعتبر اقتران الفالحة بالضغط الديمغرافي الكبیر من أهم العوامل المسؤولة عن‬
‫الدينامیكیة التي تعیشها أرياف العالم‪ ،‬ويستدل على هذا الباحث ‪ BOZERUPE‬صاحب‬
‫نظرية الضغط الديموغرافي‪ ،‬مفادها أن كل االبتكارات التقنیة التي تمت خالل قرون كانت‬
‫نتیجة للضغط السكاني‪ ،‬وإلحداث نوع من التوازن بین حجم السكان والحاجة الى الغذاء‪ ،‬تم‬
‫اللجوء الى ابتكار حلول تقنیة أو تكییفها للزيادة االنتاج أو توسیع المجال الفالحي أفقیا‬
‫للتخفیف من الضغط السكاني ومن تبعاته االقتصادية واالجتماعیة أو الهجرة نحو المدن‪.‬‬

‫‪22‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -2-3‬الجانب االقتصادي‬
‫يتركب الجانب االقتصادي المتعلق باألنشطة الفالحیة من عدة عناصر التي لها أهمیة‬
‫في االنتاج الفالحي وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -2-3-1‬رأس المال‪:‬‬
‫تزايدت أهمیة الرأسمال في ظل التقدم المضطرد الذي تشهده األسالیب والتقنیات‬
‫الفالحیة‪ ،‬مما مكن من تكثیف االنتاج بانتشار المكننة واستخدام اآلالت واألسمدة والبذور‬
‫المنتقاة والمحسنة‪ ،‬حیث بات من المستحیل أن ال يسعى الفالح الى تحسین مدخالت االنتاج‬
‫الفالحي في مزرعته‪ ،‬األمر الذي يفرض توفیر رأسمال لتمويلها‪.‬‬
‫‪ -2-3-2‬النقل‪:‬‬
‫ساهم وال يزال العامل المواصالتي من طرق ووسائل النقل (البري‪ ،‬البحري‪ ،‬الجوي)‬
‫في التحفیز على استغالل األراضي الزراعیة واالستثمار فیها‪ ،‬فوجود بنیة تحتیة مواصالتیة‬
‫يسهل عملیة الربط بین مناطق االنتاج ومناطق االستهالك وتصريف المنتوج‪ ،‬فكلما كانت‬
‫طرق ووسائل النقل جیدة وسريعة كلما كان وصول السلع الى المستهلك سريعا وبجودة‬
‫عالیة‪.‬‬
‫‪ -2-3-3‬السوق‪:‬‬
‫الحلقة النهائیة التي ينتهي عندها مسار عملیات االنتاج الفالحي‪ ،‬ففي ظل االنفتاح‬
‫الحاصل أصبح الفالح أكثر تطلعا الى الدخول بمنتوجاته األسواق الداخلیة منها والخارجیة‪،‬‬
‫ذلك بانتقائه واستثماره في المنتوجات التي يرتفع الطلب علیها والتي توفر هامشا مهما من‬
‫الربح في نفس الوقت‪ ،‬ان عملیات تسويق المنتوج الفالحي يخضع لمنطق الطلب والعرض‬
‫والمنافسة‪.‬‬
‫‪ -2-3-4‬اليد العاملة‪:‬‬
‫هناك ارتباط وعالقة كبیرين بین االنتاج الفالحي والید العالمة‪ ،‬حیث أن األخیرة كلما‬
‫كانت مؤهلة ومكونة تكوينا جیدا‪ ،‬ومدربة ولها خبرة في الممارسة الفالحیة‪ ،‬كلما انعكس ذلك‬
‫ايجابا على االنتاج على مستوى الحجم والجودة والعكس صحیح‪.‬‬

‫‪23‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -3‬السياسات الحكومية‬
‫يتعلق األمر بتدخالت الفاعل الرسمي أي الدوائر الدوالتیة التي تعنى بالشأن الفالحي‬
‫عن طريق بلورة وتنفیذ سیاسات اصالح زراعي يتطلع الى احداث تغییرات في البنیات‬
‫العقارية بمجال ريفي معین‪ ،‬من أجل تحقیق نتائج زراعیة ‪،‬حسن‪ ،‬عن طريق مشاريع‬
‫تحسین وتطوير التقنیات واألسالیب للرفع من االنتاج‪ ،‬وقد عرفت دول العالم النامي سیاسات‬
‫فالحیة اصالحیة منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي لتحقیق عدة أهداف منها‪:‬‬
‫* غايات اجتماعية‪ :‬تعزيز المساواة وتكريس عدالة اجتماعیة بین ساكنة األرياف‪،‬‬
‫وتمكینها وتسهیل الولوج إلى إنتاج الثروة والعیش الكريم‪ ،‬ذلك عن طريق اعادة النظر في‬
‫أشكال ملكیة األرض وفي توزيع األراضي‪ ،‬وتحديد المستفیدين من استغاللها واالستثمار‬
‫فیها‪.‬‬
‫* غايات اقتصادية‪ :‬يتمثل في سعي األنظمة السیاسیة من خالل سیاساتها االصالحي‪-‬‬
‫زراعیة تحقیق حجم انتاج معتبر‪ ،‬ضمانا لالكتفاء الذاتي واألمن الغذائي وتخفیض التكلفة‬
‫السنوية من العملة الصعبة التي تدفع الى األسواق الخارجیة مقابل الحصول على المنتوجات‬
‫الغذائیة‪ ،‬كل هذه األمور تحتم على الدولة رصد میزانیات ضخمة لتمويل االصالح الزراعي‬
‫وتوفیر الموارد البشرية الضرورية من مصالح فالحیة (مهندسین‪ ،‬تقنیین‪ ،‬مرشدين‬
‫فالحیین‪ ...‬اضافة الى توفیر اللوجستیك والدراسات والبحوث وإحداث وتنشیط مراكز البحث‬
‫والتكوين وتأسیس هیاكل تعاونیة وتوفیر القروض المناسبة المحفزة على االستثمار في‬
‫الفالحة‪...‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬االطار االقتصادي واالجتماعي للنشاط الفالحي‪.................................‬‬
‫يتأثر النشاط الفالحي بنوعیة العالقات التي تربط االنسان باألرض مثلما تتأثر‬
‫بالظروف الطبیعیة من جهة‪ ،‬كما تتأثر أيضا بالعالقة التي تربط بین مختلف األفراد‬
‫والجماعات المستغلة للمجال الريفي من جهة أخرى‪ ،‬هذه العالقات تحدد نمط االنتاج‬
‫االقتصادي ل لنشاط الفالحي وبالتالي فهي مسؤولة عن التنوع الكبیر الذي تعرفه المجتمعات‬

‫‪24‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪17‬‬
‫الريفیة ومن الجوانب األساسیة لهذه العالقات االجتماعیة نجد ما يعرف بالملكیة‬
‫والحیازة‪.18‬‬
‫تعتبر دراسة النظم واألسالیب الفالحیة من أهم مواضیع الجغرافیا األرياف التي تعنى‬
‫بالبنیات الفالحیة في شمولیتها‪ ،‬وهي تتناول كل النظم واألسالیب الفالحیة وكل ما يتعلق‬
‫بالخدمات واآلالت التي يتطلبها اعداد الحقل‪ ،‬كما تتطرق الى كل ما يتعلق بأصناف الفالحة‬
‫الكبرى (فالحة معاشیة وفالحة تسويقیة)‪ ،‬وكل نوع من هذه األصناف يحوي نماذج كثیرة‬
‫ومتنوعة تختلف بعضها عن بعض حسب الحضارات والتقالید والمعطیات الطبیعیة‬
‫والمؤهالت االقتصادية والسیاسیة السائدة بالبالد‪.‬‬
‫‪ -1‬الملكية العقارية‬
‫تعتبر ملكیة األرض الزراعیة مسألة أساسیة تتحكم بشكل كبیر وواسع في المشاهد‬
‫الزراعیة كما أنها تتحكم في االنتاج والمردودية وفي نوعیة االستثمار وتختلف ملكیة األرض‬
‫بین الملكیة الفردية والجماعیة‪:‬‬
‫‪ -1-1‬الملكية الفردية‪:‬‬
‫هي الملكیة العقارية السائدة بالبلدان ذات أنظمة االنتاج الرأسمالیة والبلدان ذات‬
‫االستقرار الزراعي القديم‪ ،‬ويكون لصاحبها حق استغاللها بكل حرية (البیع الكراء‬
‫الرهن‪ ،)...‬وتنتقل الملكیة بالتوارث حسب القوانین واألعراف المتداولة في المجتمعات نتیجة‬
‫لذلك تكون لها مساحات صغیرة وإنتاجیة ضعیفة‪ ،‬وبالتالي تشكل عائق أمام التحديث‬
‫الزراعي‪.‬‬

‫‪ 17‬تكتسي معنى تجريديا أي معرفة من له الحق في األرض‪ ،‬وتعطي لصاحبها ثالثة حقوق‪ :‬حق االستعمال‪ ،‬حق االنتفاع‪،‬‬
‫حق التفويت‪.‬‬
‫‪ 18‬عبارة عن مساحة من األرض سواء كانت ملكا )رسم عقاري( أو انتفاعا أو كراءا وتعني كذلك وسائل وأدوات االنتاج‬
‫األخرى‪ ،‬يقوم المستغل بتوظیفها للحصول على االنتاج الفالحي‪ .‬تعتبر الخلیة األساسیة للنشاط الفالحي وللحیاة الريفیة‪ ،‬كما‬
‫تشكل واقعا اقتصاديا واجتماعیا باعتبارها إطارا لحیاة عائلة فالحیة‪.‬‬
‫‪25‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫‪ -1-2‬الملكية الجماعية‪:‬‬
‫هي كل األراضي التي لسكان حق االنتفاع بها فقط لكونها غیر قابلة لتفويت ال يمكن‬
‫بیعها أو توارثها أو ترهن أو تكرى ألنها ملك جماعي كالمراعي والغابات في المغرب مثال‬
‫نذكر أراضي القبائل أراضي الجیش أراضي الدولة أراضي األحباس‪.‬‬
‫‪ -2‬نظم وطرق االستغالل‬
‫نقصد بذلك قانون االستغالل الفالحي الذي ينظم العالقة بین المالك و المستغل وينقسم‬
‫الى قسمین‪:‬‬
‫‪ -2-1‬االستغالل المباشر‪:‬‬
‫نتحدث عن هذا النوع من االستغالل عندما يشرف المالك نفسه عن عملیات االستغالل‬
‫وتدبیر شرون حیازته او بمساعدة افراد اسرته او االستعانة بالید العاملة المأجورة لما تدعو‬
‫الضرورة الى ذلك‬
‫‪ -2-2‬االستغالل غير المباشر‪:‬‬
‫يحدث هذا عندما ال يستغل المالك الحیازة الفالحیة بنفسه‪ ،‬بل تكون بید شخص اخر‬
‫يدير شؤونها‪ ،‬ويتخذ هذا النوع أشكاال متعددة ومعقدة أحیانا تعوق بشكل كبیر تطور القطاع‬
‫الفالحي نذكر منها‪:‬‬
‫* األكارة‪ :‬مبنیة على أساس عقدة شفوية أو كتابیة‪ ،‬تبرم بین المالك والمكتري بمقتضاها‬
‫يدفع الثاني لألول أجرا عینیا أو ماديا وتكون مدة الكراء محددة‪.‬‬
‫* البيزرة‪ :‬تختلف عن األكارة‪ ،‬فالبیزرة يساهم الشريك بنصیب من المال وأيضا من‬
‫العمل لكن المالك هو الذي يحدد نوع المزروع ويقرر بیع المنتوج‪ ،‬مقابل نصیب يرجع الى‬
‫الشريك بعد ناهیة السنة الفالحیة‪.‬‬
‫* الخماسة‪ :‬أساسها اتفاق عرفي‪ ،‬اذ يتم تقسیم وسائل االنتاج الفالحي الى خمسة أقسام‬
‫وهي األرض‪ ،‬الدواب‪ ،‬البذور‪ ،‬العمل والمصاريف‪ ،‬ويأخذ الشخص الخماس الذي يقوم‬

‫‪26‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫بعملیة استغالل األرض خمس االنتاج‪ ،‬غیر أن هذه العملیة تختلف باختالف المنتوج وأهمیة‬
‫مردود المحاصیل‪ ،‬لذلك قد يحصل على الربع ويسمى رباعا‪.19‬‬
‫* الشركة‪ :‬من أهم األنوع السائدة في العالم‪ ،‬تنتج عن العجز الذي تعانیه الفالحة التقلیدية‬
‫في وسائل االنتاج وحجم الملكیة‪ ،‬وبالتالي فإن المزارعین يضطرون الى التعاون فیما بینهم‬
‫لمواجهة نوعیة النقص الذي يعانون منه‪ ،‬وهذه الشركة تشمل كل األراضي المستغلة وكذلك‬
‫وسائل االنتاج‪.‬‬
‫* تعاونيات اإلنتاج‪ :‬تهم جانبا من الفالحة اما الزراعة أو تربیة الماشیة وأحیانا أخرى‬
‫هما معا‪ ،‬التعاونیة هي جمعیة تضم عددا من الفالحین والغاية تقديم بعض المساعدات‬
‫والخدمات للمنخرطین لتطوير االنتاج دون السعي لتحقیق الربح‪.‬‬
‫‪ -3‬أنواع الفالحات‬
‫‪ -1-3‬الفالحة المعيشية‬
‫تعتبر الفالحة المعیشیة من أهم األنشطة الزراعیة السائدة في العالم‪ ،‬وتمارس الغالبیة‬
‫العظمى من المزارعین في افريقا وأمريكا الالتینیة وجنوب شرق اسیا وأوربا المتوسطیة‪،‬‬
‫تعتمد الفالحة التقلیدية على تقنیات وأسالیب تقلیدية تحتل الید العاملة مكان هامة في االنتاج‬
‫الفالحي‪ ،‬تستعمل أدوات ووسائل قديمة‪ ،‬وبالتالي فإن مردوديتها االقتصادية تكون ضعیفة‬
‫(فالحة مقاللة)‪ 20‬موجهة لسد الحاجات الذاتیة‪ ،‬وتتمیز الفالحة المعیشیة ب‪:‬‬
‫* استغالل محدود للمجال الفالحي‪ :‬بحكم ضعف وسائل االنتاج ال تشغل المجال كله وإنما‬
‫تنحصر في بعض البقع الصالحة لبعض الزراعات التي تستهلكها الجماعات المحلیة‪،‬‬
‫وبالتالي ال يستغل الفالح من األرض إال ما يستطیع استغالله‪ ،‬ويكفي حاجاته حسب األسالیب‬
‫الفالحیة المعروفة لديه‪ ،‬وتكون البقع المستغلة متناثرة ومتباعدة كما هو الشأن في بعض‬

‫‪ 19‬نظام تعاقدي يلتزم من خالله الرباع بالعناية باألرض وفالحتها وصیانتها كما يلتزم بدفع ثالثة أرباع المحصول إلى مالك‬
‫األرض‪ ،‬بینما يحصل هو على ربع من المحصول وهو كما المخامسة تعاقد يكون لسنة فالحیة واحدة قابلة للتجديد في حال‬
‫االتفاق بین الطرفین‪.‬‬
‫‪ 20‬مردودية ضعیفة ومتعددة المحاصیل يقوم فیها الفالح بالتحايل على الطبیعة‪ ،‬يمارس فیها تناوبا ثنائیا أو ثالثیا يركز على‬
‫مزروعات (بكرية‪ ،‬مزوزية‪ ،‬استراحة)‪.‬‬
‫‪27‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫المناطق االفريقیة واالستوائیة والمدارية حسب كثافة السكان‪ ،‬وقد تكون شديدة الكثافة كما هو‬
‫بالنسبة للمناطق اسیا الشرقیة‪.‬‬
‫* فالحة متعددة المحاصيل‪ :‬تتعدد المحاصیل الزراعیة خالل السنة الواحدة‪ ،‬وتمكن مثل‬
‫هذه العملیة الفالح من الحصول على المواد الغذائیة الضرورية والمتنوعة‪ ،‬كما تمكنه من‬
‫التعويض في حالة اذا ما أصیب منتوج معین بالتلف لسبب من األسباب كاستراتیجیة لتشتیت‬
‫المخاطر‪ ،‬كما توفر على الفالح مشكلة التخزين‪ ،‬وفي مثل هذا النوع من الفالحة فان‬
‫األسلوب الزراعي لیست له عالقة بالظروف االقتصادية‪ ،‬وإنما هو مرتبط بالظروف‬
‫الطبیعیة والبشرية التي تؤثر مباشرة على النشاط الفالحي‪ ،‬خاصة وأن العديد من الجماعات‬
‫الزراعیة في العالم ال تزال تسودها البنیة األبوية‪ ،‬التي تجعل من األرض ملكا جماعیا يوزع‬
‫دوريا على العائالت المزارعة‪ ،‬وفي هذا االطار االجتماعي يضطر أرباب العائالت‬
‫للخضوع ألى أسالیب زراعیة معینة يجري بها العمل داخل العشیرة التي ينتمون إلیها‬
‫وبالتالي تنعدم المبادرة الشخصیة التي من شأنها العمل على ادخال تحسینات على الحیازة‪.‬‬
‫‪ -1-3‬الفالحة التسويقية‬
‫ازدهر هذا النوع من الزراعة بأوربا خالل القرنین الماضیین‪ ،‬نظرا لتزايد حاجة‬
‫السكان األوربیین من الغذاء خاصة بالمدن التي تزايدت ساكنتها بفضل الثورة الصناعیة‬
‫والهجرة التي ترتبت عنها‪ ،‬هذا الى جانب التطور الذي عرفته أسالیب الفالحة وتوسع طرق‬
‫المواصالت‪ ،‬وأمام تزايد انفتاح العالم تزايد الطلب وارتباط االقتصاد بالسوق‪ ،‬أصبح الفالح‬
‫مجبرا على تلبیة طلبات السوق العالمیة فیما يخص بعض المنتجات الفالحیة مقابل الربح‬
‫المادي‪ ،‬وهكذا أصبحت الفالحة التسويقیة عبارة عن اقتصاد زراعي يعتمد على المبادالت‬
‫التجارية‪ ،‬غیر أن السوق يبقى له الدور الفعال والحاسم في هذا النوع من الفالحة من خالل‬
‫توجیهها‪ ،‬هذا يدفعها إلى إنتاج مرتفع وذو جودة عالیة باستعمال مختلف التقنیات واألسالیب‬
‫الحديثة والمستجدة‪ ،‬والوسائل التكنولوجیة المتطورة والتخصص في اإلنتاج لذلك نجد كثیر‬
‫من المناطق في العالم تتخصص في إنتاج محصول زراعي معین وواحد‪ ،‬أو عدد قلیل من‬

‫‪28‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫المزروعات (أمريكا الوسطى المتخصصة في انتاج الموز والفواكه‪ ،‬البرازيل متخصصة في‬
‫البن‪ ،‬الصین في األرز‪ ،‬الواليات المتحدة األمريكیة متخصصة في القمح)‪.‬‬
‫تنتج الفالحة التسويقیة حسب متطلبات السوقیین الداخلي والخارجي العالمي‪ ،‬مما‬
‫يجعلها تتسم بصفة عدم االستقرار ألنها تعل دوما على التأقلم مع تقلبات السوق ومتطلباته‬
‫وأسعاره‪.‬‬
‫خاتمة عامة‬
‫تعنى جغرافیة األرياف عموما بدراسة الدينامیات والتحوالت التي تطرأ بالمجاالت‬
‫الريفیة في ظل وجود اطارين طبیعي وبشري متفاعلین فیما بینهما في سیاقات اجتماعیة‬
‫وتنظیمیة معینة تحدد انماط االستغالل وسبله‪ ،‬كل ذلك في تعالقه أيضا بمختلف التطورات‬
‫االقتصادية واالجتماعیة والثقافیة والسیاسیة لبلد ما‪ ،‬بل وتخضع التحوالت الريفیة كذلك‬
‫لتأثیرات قد تتجاوز أحیانا حدود البلد الواحد وتصبح مصدر عالمي باستحضار مبدأ تأثیر‬
‫العالمي في المحلي‪ ،‬حیث أن المجال الريفي في الوقت الراهن ال يوجد بمنآى عن التأثر‬
‫بظاهرة العولمة‪.‬‬

‫‪29‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ ‫مجزوءة‪ :‬دعم تكوين األساس –جغرافيا‪-‬‬

‫بيبليوغرافياةعربية‬
‫بيبليوغرافيا عربي‬

‫‪ -‬المجلس العام للتنمية الفالحية‪(،‬دون سنة)‪ :‬الوضعیة الفالحیة للمغرب‪ ،‬رقم ‪ ،10‬عدد‬
‫الصفحات ‪. 192‬‬
‫‪ -‬بلفقيه محمد‪ :)1988(،‬أولیات في الجغرافیا الزراعیة‪ ،‬منشورات الشركة المغربیة لتنمیة‬
‫النشر والتوزيع‪ ،‬عدد الصفحات ‪.149‬‬
‫‪ -‬تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ :)2017(،‬تنمیة العالم القروي التحديات‬
‫واآلفاق‪ ،‬إحالة ذاتیة رقم‪.29/20 :‬‬
‫‪ -‬لمباركي حسن‪ :)2016(،‬البحث السلوكي في الدراسات الريفیة المغربیة تقییم أولي التجاه‬
‫علمي واعد‪ ،‬تنظیم وتهیئة المجال الريفي بالمغرب‪ :‬أبحاث وتدخالت‪ ،‬تنسیق‪ :‬األكحل‬
‫المختار‪ ،‬فاتح عبد العالي‪ ،‬حنزاز محمد‪ ،‬تخلیدا للذكرى ‪ 10‬لتأسیس مجموعة البحث حول‬
‫األرياف وتكريما لألستاذ كرزازي موسى‪ ،‬ص ص‪.48-37 :‬‬
‫‪ -‬مشوري نادية‪ ،‬أصفى محمد والعوينة عبد هللا‪ :)2008(،‬المساهمة في إعداد مخطط‬
‫للتهیئة من أجل تنمیة مجال ريفي مغربي‪ ،‬نحو استراتیجیة تخطیط التنمیة المجالیة في العالم‬
‫العربي بأبعادها المحلیة والقومیة والعالمیة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬تنسیق‪ :‬محمد األسعد‪ ،‬منشورات‬
‫الجمعیة الوطنیة للجغرافیین المغاربة‪ ،‬أبحاث الملتقى الرابع للجغرافیین العرب‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‬
‫ص‪.567-553 :‬‬
‫‪ -‬موساوي وآخرون‪ :)2016(،‬البحث الجغرافي حول أرياف صفرو أية حصیلة ؟‪ ،‬مئوية‬
‫الجغرافیا المغربیة‪ ،‬ص ص‪.130-105 :‬‬
‫‪ -‬األكحل المختار‪(،‬دون سنة)‪ :‬التحوالت المعاصرة للمسكن الريفي حالة بنسلیمان‪ ،‬دينامیة‬
‫المجاالت الفالحیة بالمغرب‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬منشورات كلیة االداب والعلوم االنسانیة‬
‫الرباط‪ ،‬سلسلة وندوات ومناظرات رقم ‪ ،121‬تنسیق موسى الكرزازي‪ ،‬المختار األكحل‪،‬‬
‫ص ص‪.66-49 :‬‬
‫‪ -‬جمال عبد اللطيف‪ :)2011(،‬مالحظات أولیة حول موضوع السكن الريفي بالمغرب‪،‬‬
‫السكن القروي‪ :‬التحوالت وآفاق التنمیة‪ ،‬كلیة اآلداب والعلوم اإلنسانیة جامعة شعیب الدكالي‪،‬‬

‫‪30‬‬
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ -‫ دعم تكوين األساس –جغرافيا‬:‫مجزوءة‬

25 ‫أعمال الندوة التي نظمت بتعاون مع الجمعیة الوطنیة للجغرافیین المغاربة بالجديدة يومي‬
.10-7 :‫ ص ص‬،10 ‫ سلسلة ندوات ومناظرات العدد‬،2006 ‫ ماي‬26‫و‬
‫بيبليوغرافيا فرنسية‬

-Gouin,Leveque,Pascale.(2016): quelle place pour la géographie

rurale dans l’enseignement universitaire ?, organisation et
aménagement de l’espace rural au Maroc: recherches et actions,
coordination: Lakhal Moktar, Fateh Abdelali, Hanzaz Mohamed, a
l’occasion du 10 eme anniversaire du GREMR et en hommage au
professeur Moussa Kerzazi, pp: 23-30.
-Jean-paul Diry.(1999): les espaces ruraux, Armand Colin, Paris,
2eme éditions.
-Jean-Jacques,bavoux.(2002): la géographie: objets méthodes
débats, Armand Colin.
- Wakrim,M.(1994): les grandes lignes du plan directeur de gestion
conservatoire des ressources en terres Bour, série N⁰3, éditée par le
ministre de l’agriculture et de la mise en valeur agricole, cellule de
l’environnement, pp: 9-26.
-Gouin,Leveque,Pascale.(2016): quelle place pour la géographie
rurale dans l’enseignement universitaire ?, organisation et
aménagement de l’espace rural au Maroc: recherches et actions,
coordination: Lakhal Moktar, Fateh Abdelali, Hanzaz Mohamed, a
l’occasion du 10 eme anniversaire du GREMR et en hommage au
professeur Moussa Kerzazi, pp: 23-30.

31
 ‫شعبة االجتماعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬ ‫أوليات في جغرافية األريــاف‬ -‫ دعم تكوين األساس –جغرافيا‬:‫مجزوءة‬

-Jean-Jacques,bavoux.(2002): la géographie: objets méthodes

débats, Armand Colin.
- Dunlop,Jerome.(2012): les 100 mots de la géographie, Que sais-
je?, 2 eme édition.

32