You are on page 1of 13

‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬

‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬


‫غوية‬

‫ّاللهجات الجزائرّية بين ّالتباعد واالنسجام‬


‫ا‪ .‬عمر شيخه بلقاسم‬
‫‪‬‬
‫جامعة مولود معمري؛ تيزي وزو‬
‫‪omarchekha@gmail.com‬‬

‫القبول‪ .2018/06/01 :‬النشر‪2018/10/01:‬‬ ‫االستالم‪. 2018/04/30:‬‬


‫ائرية مع ّ‬
‫العربية‬ ‫الملخص‪ :‬تهدف هذه الدراسة إلى إبراز مدى انسجام ّاللهجات الجز ّ‬
‫الفصحى وابتعادها عنها‪ ،‬وإظهار اهم خصائصها واهم العوامل التي ا ّدت إلى تطورها‪ ،‬حيث‬
‫الضوء على بعضها من خالل استقرائها‪ّ ،‬ثم مقارنتها بالفصحى‪ ،‬وقد ّبينا اهم‬ ‫قمنا بتسليط ّ‬
‫المواطن التي خالفت فيها هذه ّاللهجات قواعد ّاللغة الفصحى‪ ،‬وقد كانت هذه ّالدراسة على‬
‫الصوتي من خالل إبدال بعض الحروف ّ‬
‫وتغير حركاتها‪،‬‬ ‫ّعدة مستويات منها المستوى ّ‬
‫ّ‬
‫المعجمية لبعض اال لفاظ الفضيحة واستعماالتها‬ ‫والمستوى ّالداللي من خالل معرفة المعاني‬
‫ائرية وايضا على المستوى ّالتركيبي بكل انواعه االسنادي‪ ،‬واإلضافي‪،‬‬ ‫العامية الجز ّ‬
‫ّ‬ ‫في‬
‫ّ‬
‫والمزجي‪ ،‬وقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج الوصفي الذي ساعدنا على وصف اهم‬
‫الخصائص ّاللغوية ّللهجات المدروسة‪ ،‬والمنهج ّالتاريخي المقارن لمقارنة ّاللهجات باللغة االم‪،‬‬
‫وخلصنا إلى ّعدة نتائج ّبينا من خاللها اهم االسباب التي ا ّدت إلى ابتعاد ّاللهجات الجز ّ‬
‫ائرية عن‬
‫حدت من وتيرة تطورها‪.‬‬ ‫ّاللغة الفصحى‪ ،‬واهم العوامل التي ّ‬
‫الكلمات المفاتيح‪ّ :‬اللغة الفصحى؛ ّالتعدد ّاللهجي؛ ّالتباعد؛ االنسجام؛ المعجم‬
‫الصفات ّاللغوية‪.‬‬ ‫ّاللغوي؛ ّ‬

‫‪The Algerian Dialects between Disparity and Affinity‬‬


‫‪The present study aims to show how the different Algerian :Abstract‬‬
‫‪dialects converge to, and diverge from, Modern Standard Arabic (MSA). It‬‬
‫‪also seeks to explore their special characteristics and the various factors that‬‬

‫‪ ‬المؤلف المرسل‪ :‬عمر شيخة بلقاسم‪omarchekha@gmail.com ،‬‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪39‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫‪have contributed to their development. For that end, a thorough analysis was‬‬
‫‪conducted on multiple linguistic levels: phonetic, semantic, and‬‬
‫‪morphological. Furthermore, a diachronic and synchronic comparison was‬‬
‫‪carried out with MSA in order to shed light on where these‬‬
‫‪convergences/divergences occur and why. The study results revealed a‬‬
‫‪number of factors that have influenced these dialects, ranging from historical‬‬
‫‪factors such as the immigration of several Arabian tribes from the Arabian‬‬
‫‪Peninsula to North Africa, to political factors such as the French colonization‬‬
‫‪of Algeria, to cultural factors, particularly, the direct influence of Tamazight,‬‬
‫‪the language of indigenous Berbers.‬‬
‫;‪Key words: Modern Standard Arabic; dialects; convergence‬‬
‫‪.divergence‬‬
‫غوي الفراد‬‫ظاهرة اجتماعية تع ِك ُس َّالت ُّنو َع ّالل ّ‬‫المحكية في الجزائر ً‬ ‫ّ‬ ‫عد ّاللهجات‬
‫مقدمة‪َ :‬ت ُّ‬
‫ّ‬
‫للعربية ما يقارب عدد الواليات‪،‬‬ ‫المحكية ّ‬‫ّ‬ ‫المجتمع الجزائري‪ ،‬الذي تتراوح فيه عدد ّاللهجات‬
‫العربية الفصحى‪ ،‬وتختلف هذه ّاللهجات‬ ‫للعامية كلغة منبثقة عن ّ‬ ‫تعكس آاالداءات المختلفة ّ‬
‫اللية‪ ،‬ما جعلنا نختار‬ ‫والد ّ‬‫ركيبية‪ّ ،‬‬ ‫رفية ّ‬
‫والت ّ‬ ‫وتية‪ّ ،‬‬
‫والص ّ‬ ‫في ما بينها من حيث خصائصها ّ‬
‫الص ّ‬
‫الخوض في هذا الموضوع لنحاول الوقوف من خالله بدراسة مقارنة بين بعض ّاللهجات لمناطق‬
‫تحقق االنسجام ّاللغوي بين هذه ّاللهجات‪،‬‬ ‫إمكانية ّ‬
‫مختلفة في الجزائر‪ ،‬والكشف عن مدى ّ‬
‫وسعيا منا إلى تحقيق ذلك‪ ،‬نحاول اإلجابة عن مجموعة تساؤالت ا ّهمها‪ :‬ما هي ابرز مظاهر‬
‫عدد ّاللهجي في الجزائر؟ وما هي اهم اسبابه؟ وما مدى انسجام وتباعد ّاللهجات الجزائرية‬ ‫ّالت ّ‬
‫فيما بينها وبين الفصحى؟‬
‫حري بنا في هذا البحث ان نعرف ّاللهجة‪ ،‬وان ُن ّبين‬ ‫وقبل معالجة هذا اإلشكال‪ٌّ ،‬‬
‫باللغة‪ ،‬وعند الرجوع إلى المعاجم العربية والبحث في مادة (ل ه ج)‪ ،‬نجد ا ّن ّاللهجة‬ ‫عالقتها ّ‬
‫واللهجة هي جرس الكالم‪ ،‬و ّاللهجة‬ ‫في ّاللغة تحمل ّعدة معان منها‪ّ :‬اللهجة هي طرف ّاللسان‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫سان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫هي ّاللغة؛ يقول ابن منظور‪" :‬واللهج بالشيء‪ :‬الولوع ِب ِه‪ .‬واللهجة والله‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جة‪ :‬طرف الل ِ‬ ‫والفتح اعلى‪ .‬ويقال‪ :‬فالن فصيح ّالل ْهجة ّ‬ ‫والل ْهجة ّ‬
‫ّ‬
‫والل َهجة‪ ،‬وهي لغته‬ ‫ُ‬ ‫الكالم‪،‬‬
‫جرس ِ‬ ‫والل َهجة‪ُ :‬‬
‫لهجا إذا اغري ِب ِه َ‬
‫فثابر‬ ‫يلهج ً‬ ‫التي ُجبل عليها‪ ،‬فاعتادها ونشا عليها‪ .‬الجوهري‪ :‬لهج‪ ،‬بالكسر‪ ،‬به ُ‬
‫حرك"‪.1‬‬ ‫جة‪ّ :‬الل ُ‬
‫سان‪ ،‬وقد ُي َّ‬ ‫عليه‪ّ .‬‬
‫والل ْه ُ‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪40‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫الصفات ّاللغوية تنتمي‬ ‫ا ّما مفهومها في االصطالح العلمي الحديث؛ فهي مجموعة من ّ‬
‫الصفات ّاللغوية جميع افراد هذه البيئة‪ .‬وبيئة ّاللهجة هي‬ ‫إلى بيئة خاصة‪ ،‬ويشترك في هذه ّ‬
‫تضم ّعدة لهجات تختلف في ما بينها في ّعدة مستويات ّ‬
‫(صوتية‪،‬‬ ‫جزء من بيئة اوسع واشمل ّ‬ ‫ٌ‬
‫ولكل منها ما يميزها عن غيرها‪ .‬وجميع هذه ّاللهجات تشترك في‬ ‫وداللية)‪ّ ،‬‬ ‫وتركيبية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وصرفية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مجموعة من ّ‬
‫الكالمية التي تؤلف لغة مستقلة عن غيرها من‬ ‫الصفات اللغوية‪ ،‬والعادات‬
‫يتميز بها اصحاب منطقة‬ ‫غوية التي ّ‬ ‫ّ‬
‫الصفات الل ّ‬ ‫فاللهجة في مفهومها البسيط؛ هي تلك ّ‬ ‫ّاللغات‪ّ .2‬‬
‫عن غيرهم من ابناء تلك ّاللغة‪.‬‬
‫قوم عن‬ ‫حدها ّفإنها ا ٌ‬
‫صوات ّ‬ ‫فحدها كما ّبينه ابن جني بقوله‪" :‬ا ّما ُّ‬ ‫ا ّما ّاللغة ّ‬
‫يعبر بها كل ٍ‬ ‫يؤكد على ّ‬
‫اجتماعية نشات بسبب‬‫ّ‬ ‫وتية ّللغة‪ ،‬إذ ّإنها ظاهرة‬ ‫الطبيعة ّ‬
‫الص ّ‬ ‫اغراضهم"‪ ،3‬وهو بذلك ّ‬
‫حاجة اإلنسان إليها لقضاء حوائجه‪ ،‬ا ّما في اصطالح المحدثين؛ فهي مجموعة من ّاللهجات‬
‫التي تنتمي إلى بيئة معينة‪ ،‬والعالقة بينها وبين ّاللهجة‪ ،‬هي عالقة العام بالخاص؛ ال ّن ّاللغة‬
‫تشتمل على ّعدة لهجات لكل منها ما يميزها عن غيرها‪ ،‬وجميعها تشترك في مجموعة من‬
‫ّ‬
‫مستقلة عن غيرها من ّاللغات‪.4‬‬‫تؤلف لغة ّ‬ ‫ّ‬
‫الكالمية التي‬ ‫الصفات ّاللغوية‪ ،‬والعادات‬ ‫ّ‬
‫العربية في الجزائر‪ ،‬وتختلف حسب ظروف كل منطقة‪ ،‬لذا يمكننا‬ ‫وتتنوع ّاللهجات ّ‬
‫آ‬
‫تقسيمها إلى خمسة اصناف هي كاالتي‪:‬‬
‫الشرقي‪ ،‬قسنطينة وما جاورها‪.‬‬ ‫الشمال ّ‬ ‫الشرقي‪ :‬ويشمل لهجات منطقة ّ‬ ‫الشمال ّ‬ ‫‪ -‬صنف ّ‬
‫الصنف المركزي (الوسط)‪ :‬خاص بمناطق العاصمة والوسط الجزائري‪.‬‬ ‫‪ّ -‬‬
‫الشمال الغربي‪ :‬يوجد في وهران وما جاورها من مناطق الغرب‪.‬‬ ‫‪ -‬صنف ّ‬
‫الشرقي‪ :‬يشمل لهجات كل من الوادي‪ ،‬وبسكرة‪ ،‬والمناطق الجنوبية‬ ‫‪ -‬صنف الجنوب ّ‬
‫لكل من تبسة وخنشلة‪.‬‬
‫‪ -‬صنف الجنوب الغربي‪ :‬ويشمل لهجات كل من ّالنعامة‪ ،‬وتندوف‪ ،‬وبشار وما جاورهم‪.‬‬
‫وهناك صفات تميز هذه ّاللهجات عن بعضها البعض‪ ،‬وهذه الصفات تكاد تنحصر في‬
‫االصوات وطبيعتها‪ ،‬وكيفية صدورها‪ .‬وهي صفات ال تتميز بها عن باقي ّاللهجات العربية‪،‬‬
‫"فالذي يفرق بين لهجة واخرى‪ ،‬هو بعض االختالف الصوتي في بعض االحيان"‪ ،5‬فسكان‬
‫تبسة مثال يقولون في كلمة فسدت‪ :‬فزدت‪ ،‬بالزاي بدل ّ‬
‫السين‪.‬‬ ‫منطقة ّ‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪41‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫وتتميز بيئة ّاللهجة بصفات صوتية خاصة تخالف كل المخالفة او بعضها‪ ،‬صفات ّاللهجة‬
‫االخرى في ّاللغة الواحدة‪ ،‬غير ا ّن ّاللهجة قد تتميز ايضا بقليل من صفات ترجع إلى بنية الكلمة‬
‫ونسجها‪ ،‬او معاني بعض الكلمات‪َ :‬ف ُيروى ا ّن بني اسد كانوا يقولون في ُس ْك َرى‪ ،‬سكرانة‪ ،‬وا ّن‬
‫بعضا من بني تميم كانوا يقولون‪ :‬مديون بدال من مدين‪ ،‬وجاء في المعاجم العربية ا ّن‬ ‫ً‬
‫ال ِه ْجرس‪ ،‬تعني القرد عند الحجازيين‪ ،‬وتعني الثعلب عند تميم‪ ،6‬ومثل هذا موجود وواضح‬
‫في كل ّاللهجات الجزائرية‪ ،‬فكلمة "اشبح" تعني في لهجة وادي سوف "انظر"‪ ،‬وفي لهجة‬
‫الشد من‬ ‫اصحاب سطيف‪ ،‬تعني ُ"اشدد بقوة"؛ نقول‪ :‬ا َش َب ْح الحبل؛ اي ِش َّد ُه بقوة‪ ،‬ويكون ّ‬
‫الجهتين‪ ،‬وفي لهجة سكان العاصمة الشباح تعني التزيين‪ ،‬شيء مشبوح؛ اي ُمز ّين‪ ،‬وفي‬
‫وبالتحديد منطقة تيزي وزو تعني الجمال‪ ،‬مشبوح؛ اي جميل‪ّ ،‬إال ا ّنه‪ ،‬ينبغي‬ ‫منطقة القبائل ّ‬
‫اال تكون هذه الصفات الخاصة ك ثيرة‪ ،‬تجعل اللهجة بعيدة على اخواتها‪ ،‬وعسيرة الفهم على‬
‫ابناء اللهجات االخرى في نفس اللغة‪ .‬كما ا ّن ك ثرة الصفات الخاصة للهجة ما‪ ،‬واستمرار‬
‫يؤدي بها إلى فقدان الصفات المشتركة مع لغتها االم‪ ،‬وباقي ّاللهجات االخرى‪ ،‬إلى ان‬ ‫تطورها‪ّ ،‬‬
‫العبرية‪ ،‬التي انفصلت عن‬ ‫تستقل بذاتها وتصبح لغة لها لهجاتها الخاصة بها‪ ،‬كما حدث للغة ّ‬
‫باقي ّاللغات ّ‬
‫السامية‪.‬‬
‫ائرية في "اللهجات اإلقليمية التي تختلف من‬ ‫ويتمثل الهيكل اللغوي العام للعامية الجز ّ‬
‫جهة إلى اخرى‪ ،‬بل احيانا تختلف من قرية إلى قرية مجاورة لها‪ .‬وهذه اللهجات تخضع لعوامل‬
‫لغوية ك ثيرة‪ ،‬منها ما ينشا عن الوراثة الطبيعية‪ ،‬ومنها ما ينشا عن البيئة والجوار‪ ،‬ومنها ما‬ ‫ّ‬
‫ينشا عن االختالف ّالناشئ عن اختالف الجنس‪ ،‬واللغة‪ ،‬والطبيعة الفيزيولوجية نفسها‪،‬‬
‫ويؤثر الناطقون بها؛ ال ّنها ظاهرة اجتماعية‪ ،‬كما ثبت في العلوم‬ ‫وتؤثر‪ ،‬كما يتا ّثر ّ‬
‫فاللغات تتاثر ّ‬
‫ائرية‪ّ ،‬إال‬
‫المؤدية إلى اختالف ّاللهجات الجز ّ‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية نفسها"‪ .7‬وقد يصعب حصر االسباب‬
‫ا ّن منها ما يعود السباب تاريخية‪ ،‬ومنها ما يعود السباب جغر ّافية‪ ،‬ومنها ما يعود السباب‬
‫سياسية‪ّ ،‬‬
‫ولعل من ابرزها ما يلي‪:‬‬
‫العربية التي هاجرت‬‫ائرية‪ ،‬هو اختالف لهجات القبائل ّ‬ ‫‪ -‬اختالف ّاللهجات ّ‬
‫العربية الجز ّ‬
‫إلى شمال افريقيا؛ تقول عائشة عبد الرحمن‪" :‬والقبائل قد هاجرت بلغتها إلى منازلها الجديدة‪،‬‬
‫المحلية للمتعربين باختالف لغات القبائل التي نزلت بينهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فكان ان اختلفت ّاللهجات‬
‫واصهرت إليهم‪ ،‬وامتزجت بهم"‪.8‬‬
‫العربية‪ ،‬إذ ّإن احتكاك ّاللغات‬
‫مازيغية ‪ -‬على ّاللغة ّ‬ ‫‪ -‬اثر ّاللغة االصلية في الجزائر – اال ّ‬
‫تغير اللغة‬‫يؤدي إلى ّ‬‫غوية لكل منها‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫بعضها ببعض‪ ،‬له تاثير كبير على الخصائص ّالل ّ‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪42‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫آ‬ ‫وحدوث ّاللهجات؛ ويختلف هذا ّ‬


‫التغير من منطقة الخرى‪ ،‬ومن شخص الخر؛ يقول ابن جني‪:‬‬
‫يخف ويسرع قبول‬ ‫"واعلم ا ّن العرب تختلف احوالها في تلقي الواحد منها لغة غيره‪ ،‬فمنهم من ّ‬
‫البتة‪ ،‬ومنهم من إذا طال تكرر لغة غيره عليه‬ ‫ما يسمعه‪ ،‬ومنهم من يستعصم فيقيم على لغته ّ‬
‫لصقت به‪ ،‬ووجدت في كالمه"‪ ،9‬ويقول نايف معروف‪" :‬ا ّما اختالف هذه ّاللهجات بعضها عن‬
‫فمرده إلى اختالف ّاللغات التي غزتها ّاللغة العربية في البيائت التي تناولتها الفتوحات‬ ‫بعض‪ّ ،‬‬
‫ريانية في اطراف بالد ال ّشام‪،‬‬ ‫وبالس ّ‬
‫بالفارسية في بالد فارس‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬إذ اصطدمت‬
‫وبالبربرية في شمال افريقيا"‪ .10‬ومعلوم ا ّن االمازيغية في الجزائر لها عدةّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبالقبطية في مصر‪،‬‬
‫ّ‬
‫والتارقية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫والشاوية‪،‬‬ ‫لهجات تتوزع على مناطق كبيرة من ارجاء الوطن‪ ،‬فمن بينها‪ :‬القبائلية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والشلحية‪ ،‬والمز ّابية وغيرها‪ ،‬واحتكاك لهجات المهاجرين العرب بكل هذه اللهجات في اللغة‬ ‫ّ‬
‫العربية‪ ،‬ليس هو نفسه‬ ‫القبائلية على ّ‬‫ّ‬ ‫االمازيغية‪ ،‬ا ّدى إلى اختالف تاثيرها على ّ‬
‫العربية‪ ،‬فتاثير‬
‫عربية تختلف عن غيرها في مناطق اخرى‪.‬‬ ‫العربية‪ ،‬فكل منهما ُي ِحدث لهجة ّ‬
‫التارقية على ّ‬
‫تاثير ّ‬
‫‪ -‬كما ا ّن اتساع رقعة الجزائر وامتدادها‪ ،‬واختالف البيائت الجغر ّافية فيها‪ ،‬جعل‬
‫استعمال لهجة واحدة ا ًمرا مستحيال‪ ،11‬إذ ّإن اماكنها تختلف من منطقة الخرى جغر ّافيا‪ ،‬ففيها‬
‫الشمالية الصالحة ّللزراعة‪ ،‬وفيها المناطق‬ ‫والسهول والوديان‪ ،‬وفيها االراضي ّ‬ ‫الجبال ّ‬
‫ّ‬
‫فإن ذلك يؤدي إلى اختالف اللغة‪ ،‬فإذا‬ ‫ّ‬ ‫الصحر ّ‬
‫اوية القاحلة‪ ،‬ومتى اختلفت البيئة الجغر ّافية ّ‬ ‫ّ‬
‫يؤدي‬‫فإن ذلك ّ‬ ‫معين على ارض واسعة تختلف طبيعتها ّ‬ ‫انتشرت جماعة لغوية تعيش في مكان ّ‬
‫تؤثر على سكانها‬ ‫– مع مرور ّالزمن ‪ -‬إلى انشعاب لغتها الواحدة إلى لهجات‪ ،‬وإذا كانت البيئة ّ‬
‫ونفسيا‪ ،‬فإنها تؤثر كذلك على اعضاء ّالنطق وطريقة الكالم‪.12‬‬‫وخلقيا ّ‬
‫جسميا ّ‬ ‫ّ‬
‫الجنوبية في الجزائر‪ ،‬التي‬ ‫ّ‬ ‫وهذا العامل الجغرافي يظهر تاثيره بوضوح على المناطق‬
‫والتباعد بين مناطقها‪ ،‬إذ ّإن البعد بين المناطق يصل في بعض االحيان إلى‬ ‫تتميز ّ‬
‫باالتساع‪ّ ،‬‬
‫مائت الكيلومترات‪ ،‬كما هو الحال في دائرة عين صالح التي تبعد عن مقر والية تمنراست ب ‪664‬‬
‫كلم‪ .‬وايضا دائرة جانت ّالتابعة لوالية إليزي تبعد عنها ب ‪ 407‬كلم‪ ،‬كما تبعد دائرة عين امناس‬
‫عن مقر الوالية ب ‪ 245‬كلم‪ ،‬وكل هذا ّالتباعد له تاثير كبير في اختالف ّاللهجات في الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬ومن االسباب ايضا نجد سياسة الحكم التي انتهجها االستعمار الفرنسي في الجزائر‬
‫ّإبان االستعمار‪ ،‬حيث فرض مجموعة من االستراتيجيات‪ ،‬بهدف عزل المناطق عن بعضها‬
‫البعض؛ يقول ابو القاسم سعد هللا‪" :‬كما ا ّن نظام الحكم نفسه ساعد على عزلة ّالناس عن‬
‫فظلت ا ّقلية متقوقعة على نفسها‪ ،‬ونتيجة‬ ‫قلية غريبة عن اهل البالد‪ّ ،‬‬ ‫بعضهم‪ ،‬فهو حكم ا ّ‬
‫ثقافيا ّ‬
‫وحتى‬ ‫والسلطة‪ .‬ا ّما ًّ‬ ‫ياسية ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫ّ‬
‫المركزية ّ‬ ‫لذلك كانت العاصمة عاصمة فقط من حيث‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪43‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫ّ‬
‫اإلدارية‬ ‫تجاريا فلم تكن هي عاصمة البالد‪ ،‬كان كل إقليم له عاصمته‪ ،‬وكانت السلطات‬ ‫ًّ‬
‫مستقلة ولكن دون حدود ّ‬
‫تجارية وال‬ ‫تشكل وحدات (فدراليات) ّ‬ ‫(المخز ّنية) قد جعلت البالد ّ‬
‫تعليمية‪ .‬وهذا الوضع ّكله قد ساعد على بقاء ّاللهجات مجهولة بالنسبة لبعضها البعض‪ ،‬سواء‬
‫عربية‪ ،‬او غير ّ‬
‫عربية"‪.13‬‬ ‫اكانت لهجات ّ‬
‫جدا وال‬‫تحكمها‪ ،‬وهي ك ثيرة ًّ‬ ‫عامة ُ‬‫وللهجات الجزائرية خصائص‪ ،‬ومبادئ‪ ،‬وقواعد ّ‬ ‫ّ‬
‫يمكن حصرها في هذا البحث‪ ،‬وعليه ّفإننا نك تفي بذكر بعضها فقط‪ ،‬ومن ابرز هذه الخصائص‬
‫ما يلي‪:14‬‬
‫‪ -1‬ا ّنهم يحذفون الهمزة في ك ثير من االحيان‪ ،‬فينطقونها مسهلة ك قولهم للمؤمن‪" :‬مومن"‪،‬‬
‫او ا ّنهم ينطقونها همزة وصل كما في لفظة اإلسالم ينطقونها "اإلسالم"‪.‬‬
‫الشرق الجزائري مثل‬ ‫‪ -2‬ا ّنهم ينطقون ّالدال ذاال‪ ،‬والثاء تاء‪ ،‬ونجد ذلك ك ثيرا في منطقة ٍ ّ‬
‫"التوم" بدال من ُّالثوم‪.‬‬
‫قسنطينة‪ ،‬وميلة‪ ،‬وسطيف‪ .‬مثل "هدا" بدال من هذا‪ ،‬ومثل ّ‬
‫قافا كما هو موجود في لهجة المسيلة والجلفة وبعض سكان بسكرة‪،‬‬ ‫‪ -3‬ا ّنهم ينطقون الغين ً‬
‫فيقولون في غير‪" :‬قير"‪ ،‬وفي غريبة‪" :‬قريبة"‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -4‬ا ّنهم قد ينطقون هذه القاف نفسها احيانا‪ ،‬كافا‪ ،‬او بين الكاف والقاف‪ ،‬كما عند سكان‬
‫كافا دون قلقلة‪ ،‬فيقولون في قهوة "‬ ‫الساحل الشرقي جيجل وما جاورها ينطقون القاف ً‬
‫َ"كهوة"‪ ،‬وفي عبد القادر‪" :‬عبد َ‬
‫الكادر"‪.‬‬
‫كافة‬‫‪ -5‬ا ّنهم ال يستعملون االسم الموصول في لهجاتهم‪ ،‬ويستعملون بدله لفظة "اللي" في ّ‬
‫االحوال‪.‬‬
‫ّ‬
‫واطن التي يجب ان يفك فيها‪ ،‬بل يبقون عليه‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -6‬انهم ال يفكون إدغام المضعف في الم ِ‬
‫و"رديت" بدال من‬ ‫"شد ْد ُّت"‪ّ ،‬‬
‫"شديت" بدال من َ‬ ‫ُمشبعينه بياء ساكنة‪ ،‬فيقولون‪ّ :‬‬
‫ُّ‬
‫"رددت"‪.‬‬
‫المتعددة وصوغها في عبارة واحدة مختصرة‪ ،‬كما في‬ ‫ّ‬ ‫‪ -7‬ا ّنهم يميلون إلى نحت الكلمات‬
‫قولهم‪" :‬كيراك؟" ّفإنما جاءت من "كيف اراك؟"‪.‬‬
‫نموذج تطبيقي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قبل ّالتمثيل لظاهرة ّالتباعد واالنسجام في اللهجات‪ ،‬علينا ان ّ‬
‫نوضح با ّن اللهجة التي‬
‫ائرية‪ ،‬هي ّاللهجة التي تستمد معجمها ّاللغوي من‬
‫يكون فيها االنسجام من بين ّاللهجات الجز ّ‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪44‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫العربية الفصحى‪ ،‬ا ّما التي يتحقق فيها ّالتنافر او الال انسجام‪ ،‬هي ال ّلهجة التي‬ ‫معجم ّاللغة ّ‬
‫تبتعد في معجمها ّاللغوي عن معجم الفصحى‪ .‬وقد اك تفينا في هذه الدراسة بنوعين من‬
‫المستويات‪ ،‬هما المستوى المعجمي‪ ،‬والمستوى التركيبي‪ ،‬فقمنا بانتقاء بعض اال لفاظ من‬
‫معجميا‪ّ ،‬ثم قارّنا بين دالالت هذه اال لفاظ‪ ،‬كي ّنبين‬ ‫ّ‬ ‫بعض ّاللهجات الجزائرية‪ ،‬وقمنا بدراستها‬
‫مدى انسجامها او تباعدها مقارنة بالفصحى‪ ،‬كما قمنا بدراسة على المستوى التركيبي لبعض‬
‫آ‬
‫العامية‪ ،‬وإليكم ّالنماذج االتية‪:‬‬
‫الجمل والعبارات في ّ‬
‫آ‬ ‫آ‬
‫هناك ّعدة عبارات يستعملها الجزائريون بنفس المعنى‪ ،‬وهي كاالتي‪ :‬إيه‪ ،‬واي‪ ،‬وهيه‪،‬‬
‫وواه‪ .‬وتستعمل كل منطقة اللفظة الخاصة بها من تلك اال لفاظ‪ ،‬فلفظة ايه مثال؛ التي تعني‬
‫"نعم"‪ ،‬او "صحيح"‪ ،‬او اكمل الحديث‪ /‬اكمل العمل؛ هي لفظة يستعملها بعض سكان‬
‫وبالتحديد لهجة وادي سوف‬ ‫الشرقي‪ّ ،‬‬‫الجنوب‪ ،‬وتقابلها لفظة اي عند سكان مناطق الجنوب ّ‬
‫الشمال‬ ‫الشرقي‪ ،‬ولفظة واه عند اصحاب ّ‬ ‫الشمال ّ‬ ‫وما جاورها‪ ،‬بينما نجد لفظة هيه عند اصحاب ّ‬
‫الغربي‪ ،‬ولمعرفة مدى انسجام هذه اال لفاظ او تباعدها‪ ،‬ننظر في جذورها ّاللغوية في المعاجم‬
‫المعجمية لكل لفظة من هذه اال لفاظ‪ ،‬ومجاالت استعمالها‪.‬‬‫ّ‬ ‫العربية؛ لنعرف ّالدالالت‬
‫ّ‬
‫الصوت‪ .‬وتقول لمن‬ ‫يهت به‪ ،‬إذا صحت به‪ .‬والتاييه‪ُ :‬‬
‫رفع ّ‬ ‫إيه‪ :‬يقول ابن فارس‪" :‬ايه‪ :‬ا ُ‬
‫تستزيده الحديث‪ :‬إيه‪ ،‬ولمن تامره قطع الحديث ًإيها‪ .15‬ويقول ايضا‪ :‬وا ّما الهمزة والياء والهاء‪،‬‬
‫فهو حرف واحد‪ ،‬يقال‪ :‬ايه تاييها‪ :‬إذا صوت‪ .‬وقد قلنا ّإن االصوات ال يقاس عليها"‪.16‬‬
‫ويقول ابن منظور‪" :‬إيه" كلمة استزادة واستنطاق‪ ،‬وهي مبنية على الكسر‪ ،‬وقد ت ّنو ُن‪.‬‬
‫تقول ّللرجل إذا استزدته من حديث‪ ،‬او عمل‪ :‬إيه‪ ،‬بكسر الهاء‪ .‬وفي الحديث‪ :‬انه انشد شعر‬
‫امية بن ابي الصلت فقال عند كل بيت‪ :‬إيه"‪17‬؛ اي اكمل‪.‬‬
‫وفي معجم ّاللغة العربية المعاصرة‪ ،‬إيه‪ :‬هي "اسم فعل امر لالستزادة من حديث او‬
‫"إيه من حديثك‪ٍ -‬إيه من عطاءٍ ‪ُ -‬اعجب‬ ‫عمل‪ ،‬وما ِ ّنون منه كان نكرة وما لم ُي َن َّون كان معرفة ِ‬
‫فلما سكت قال له ِإيه"‪.18‬‬‫بحديثه ّ‬
‫ا ّما لفظة هيه؛ فهي لفظة تتطابق مع سابقتها (إيه) في المعنى‪ ،‬وفي االستعمال في‬
‫ّاللهجات الجزائرية‪ ،‬وهذا ّالتطابق موجود حتى في اللغة العربية؛ يقول ابن منظور‪" :‬هيه‬
‫بمعنى‪ :‬إيه‪ُ ،‬فابدل من الهمزة هاء‪ ،‬وإيه اسم ُس ّمي به الفعل‪ ،‬ومعناه االمر؛ تقول ّللرجل‪ :‬إيه‪،‬‬
‫بغير تنوين‪ ،‬إذا استزدته من الحديث المعهود بينكما‪ ،‬فإن ّنونت استزدته من حديث ما غير‬
‫بالنصب‪ ،‬فالمعنى ا ّن ا ّمية قال‬ ‫معهود؛ ال ّن التنوين للتنكير‪ ،‬فإذا سكنته وك ففته قلت ًإيها‪ّ ،‬‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪45‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫له‪ :‬زدني من حديثك‪ ،‬فقال له ابو سفيان‪ :‬ك ّف عن ذلك‪ .‬ابن سيده‪ :‬إيه كلمة استزادة‬
‫للكالم"‪.19‬‬
‫فانسجام ّاللفظتين (إيه) و(هيه) مع بعضهما البعض واضح؛ ويكمن في ا ّن كليهما‬
‫يحاكي الفصحى في الداللة على معنى "اكمل"‪ ،‬ويبعدان عنها في ّالداللة على معنى "نعم"؛‬
‫النهما لم يستعمال بهذا المعنى في الفصحى‪ ،‬ا ّما معنى "صحيح" فلم تحمله كل من اللفظتين‬
‫العامية الجزائرية فقط‪ ،‬عن طريق ّالتطور ّالداللي؛ ال ّن‬ ‫في الفصحى‪ ،‬وهو معنى ُاك ُت ِسب في ّ‬
‫الجواب بهاتين اللفظتين‪ ،‬يكون إجابة ّعما هو صحيح من االختيارات‪ ،‬وبما ا ّن كليهما اك تسب‬
‫معنى نعم عن طريق لفظة "اي" التي سياتي ذكرها‪ ،‬استعملتا ايضا بمعنى صحيح؛ والمقصود‬
‫هو (نعم صحيح)؛ اي ا ّن كال منهما جاء اختصارا لهذه العبارة‪.‬‬
‫تختص بالمجيء مع القسم‪ ،‬وال تحمل معنى‬ ‫ا ّما لفظة اي‪ /‬آاي؛ فهي تعني "نعم"‪ّ ،‬إال ا ّنها ًّ‬
‫َ‬
‫وجل‪ُ :‬ق ْل ِإي َو َر ِّبي ِإ َّن ُه ل َح ٌّق؛ والمعنى ِإي وهللا؛ قال الزجاج‪ُ :‬ق ْل ٍإي‬ ‫االستزادة‪ .‬قال هللا ّعز ّ‬
‫تكرر في الحديث إي‬ ‫و َر ِّبي ِإ َّن ُه َل َح ٌّق‪ ،‬المعنى نعم وربي‪ ،‬قال‪ :‬وهذا هو القول الصحيح‪ ،‬وقد ّ‬
‫وهللا‪ ،‬وهي بمعنى نعم‪ّ ،‬إال ا ّنها تختص بالمجيء مع القسم إيجابا لما سبقه من االستعالم‪.20‬‬
‫تتقدم التفسير؛ تقول‪ :‬اي كذا‪ ،‬بمعنى يريد كذا‪ ،21‬وهي ال‬ ‫واي‪ ،‬مثال كي‪ ،‬وايضا كلمة ّ‬
‫ائرية‪ ،‬كما ا ّنها ال تعني االستزادة واالستنطاق‪،‬‬
‫العامية الجز ّ‬ ‫تستعمل بهذا المعنى – التفسير‪ -‬في ّ‬
‫والمالحظ هنا‪ ،‬هو ا ّن هذه ّاللفظة قد استعملت في ّ‬
‫العامية الجزائرية في غير ما ُوضعت له في‬
‫الفصحى‪.‬‬
‫واه‪ :‬عند ابن فارس في معجمه مجمل ّاللغة‪ ،‬هي لفظة تستعمل ّللتعبير عن ّالتعجب؛‬
‫واها له‪ ،‬إذا تعجبت‪ .22‬قال ابو النجم‪:23‬‬ ‫تقول‪ً :‬‬
‫واهـ ـ ـ ـ ــا َ‬
‫واهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫واه ـ ـ ـ ـ ـ ــا لر َي ـ ـ ـ ــا ثم ً‬
‫ً‬
‫َ‬
‫عينـ ـ َـاه ـ ــا ل َنـ ـ ـ ــا َوف ـ َـاه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫يا ليت َ‬
‫بثمـ ـ ـ ـ ٍـن ُنرض ـ ـ ــي بـ ـ ــه ا َبـ َـاهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫الشيء‪ :‬واها له‪.24‬‬‫وفي مقاييس ّاللغة‪ ،‬الواو والهمزة والهاء‪ :‬كلمة يقولونها عند استطابة ّ‬
‫وظيفية]‪ :‬اسم فعل مضارع بمعنى‬ ‫العربية ف واه‪[" :‬كلمة َّ‬ ‫ا ّما في المعجم الوسيط ّللغة ّ‬
‫مضى! ‪-‬‬‫"واه على ما َ‬
‫ينون‪َ ،‬‬ ‫تحسر‪ ،‬او اتعجب‪ ،‬يكون نكرة إذا ّنون ومعرفة إذا لم َّ‬ ‫اتل ّهف‪ ،‬او ا ّ‬
‫ِ‬
‫واها لمشهد االزهار!"‪.25‬‬ ‫ً‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪46‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫ونالحظ هنا ا ّن هذه ّاللفظة لم تا ِت في الفصحى بمعنى "نعم"‪ ،‬ولم تك تسب هذا‬
‫العامية عند اهل الغرب الجزائري‪ّ ،‬إال ا ّنها انسجمت مع الفصحى وباقي ا ّللهجات‬
‫المعنى ّإال في ّ‬
‫في الداللة على استطابة الكالم وطلب االستزادة منه‪ ،‬وعلى ّالرغم من ا ّن بعض هذه اال لفاظ‬
‫ترجع جذورها إلى الفصحى‪ ،‬وا ّن بعضها استعمل بنفس االستعمال في الفصحى‪ّ ،‬إال ا ّن‬
‫انسجاما؛ ال ّن‬
‫ً‬ ‫استعمال كل لهجة‪ ،‬لفظة تختلف عن لفظة اخرى في لهجة اخرى‪ ،‬يعتبر‬
‫االنسجام ّالتام بين ّاللهجات‪ ،‬يكون باتحادها في استعمال ّاللفظ ومعناه ًمعا‪ ،‬وليس باحدهما‬
‫فقط‪.‬‬
‫يكمن في مدى قربها‬ ‫والتباعد بين ّاللهجات الجزائرية‪ُ ،‬‬
‫سبق وان ذكرنا ا ّن االنسجام ّ‬
‫ائرية عن الفصحى في المستوى‬ ‫وبعدها عن الفصحى‪ ،‬ومن مظاهر ابتعاد ّاللهجات الجز ّ‬
‫ّالتركيبي‪ ،‬نجد مخالفتها لها في قواعد التركيب‪ ،‬ففي التركيب اإلضافي مثال‪ ،‬نجد "ا ّنهم ال‬
‫وإنما يتوصلون إلى‬ ‫العربية المباشرة‪ ،‬كان يقولوا مثال‪" :‬شعب الجزائر"‪ّ ،‬‬ ‫يصطنعون اإلضافة ّ‬
‫ذلك بعبارة "ديال"‪ ،‬او "نتاع"‪ .‬والعبارة االولى اشيع في لهجات المغاربة منها في لهجات‬
‫يعبرون عنها بقولهم‪ :‬الك تاب انتاعي"‪ ،26‬وهذا غير موجود في‬ ‫الجزائريين‪ .‬فعبارة ك تابي ّ‬
‫يعبرون عن هذا‬ ‫ُالفصحى‪ّ ،‬إال ا ّن هذا "ال يقوم مقام القاعدة ّ‬
‫الكلية الجامعة‪ّ ،‬فإنهم ك ثيرا ما ّ‬
‫ّ‬
‫الضميرية"‪ ،‬ومن امثالهم‬ ‫المتكلم"‪ ،‬و"كاف الخطاب‬‫سليما‪ ،‬فيستعملون "ياء ّ‬ ‫تعبيرا ً‬
‫المعنى ً‬
‫المعروفة في الغرب الجزائري‪ :‬ادخل يا مبارك بحمارك"‪ ،27‬فنالحظ هنا ا ّن التركيب مطابق‬
‫لقواعد ّاللغة الفصحى‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫المزجي من‬ ‫ومن مظاهر االنسجام في المستوى التركيبي ايضا‪ ،‬نجد استعمالهم ّللتركيب‬
‫مكونات جملة في‬ ‫خالل نحتهم لبعض العبارات‪ ،‬ففي بعض االحيان نجد ظاهرة دمج اجزاء‪ّ /‬‬
‫الظاهرة موجودة في العربية‪ ،‬وهي "ان يؤخذ من‬ ‫معين‪ ،‬وهذه ّ‬ ‫للداللة على شيء ّ‬ ‫كلمة واحدة‪ّ ،‬‬
‫كلمتين فاك ثر كلمة واحدة‪ ،‬او هو‪ :‬استخراج كلمة واحدة من كلمتين او اك ثر"‪ ،28‬كما في قولهم‬
‫(حي) ومن (على)‪ .‬ومن ابرز امثلته في ّ‬
‫العامية‪ ،‬استعمالهم للفظة‪:‬‬ ‫حيعل‪ ،‬فهي منحوتة من َّ‬
‫واشكون؟‪ /‬اشكون؟‪ /‬شكون؟‪ ،‬وهي عبارات تستعمل لالستفهام عن شخص‪ ،‬او لطلب‬
‫بالتعرف على االشخاص‪ ،‬فمثال عندما ُيطرق الباب‪،‬‬ ‫المعلومات عليه‪ ،‬كما ا ّنها تختص فقط ّ‬
‫الطارق؟" هذا للمخاطب‪ ،‬وتستعمل ايضا‬ ‫للطارق‪ :‬شكون؟ اي‪" :‬من ّ‬ ‫يقول صاحب البيت ّ‬
‫بمعنى "من هو؟" لمعرفة الغائب‪ .‬وعندما نحاول تاصيل هذه الكلمة‪ ،‬ال نجد لها تفسيرا ّإال من‬
‫خالل ا ّنها منحوتة من عبارة (ا ُّي شيءٍ يكون؟)‪.‬‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪47‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫ومن مظاهره ايضا قولهم‪"ِ :‬منه؟" بكسر الميم‪ ،‬وهي لفظة مرادفة للفظة "شكون؟"‪،‬‬
‫وتحمل معها نفس المعنى‪ ،‬وهذه الكلمة هي ايضا منحوتة من اداة االستفهام‪( :‬من)‪ ،‬وضمير‬
‫الغائب المنفصل‪( :‬هو) مع حذف الواو‪ ،‬وباعتبار ا ّنه ليس كل نحت في العربية صحيح‪ ،‬وا ّن‬
‫آ‬
‫الضمير المنفصل ال يكون متصال‪ ،‬وا ّن احدهما ال يحل مكان االخر‪ّ ،‬فإنه يمكننا القول‪ّ :‬إن‬
‫العربية الفصحى؛ ال ّنه ال يجور ان ّتتصل اداة‬ ‫خاطئ من الناحية ّاللغوية في ّ‬ ‫ٌ‬ ‫هذا ّالنحت‬
‫ّ‬
‫االستفهام (من) بالضمير المنفصل (هو)؛ ال ّن االتصال ال يكون إال للضمير المتصل فقط وليس‬
‫عدو الضمير المنفصل‪ ،‬ال يجتمعان ابدا‪ ،‬يقول‬ ‫"إن الضمير المتصل ّ‬ ‫للمنفصل‪ ،‬ولهذا يقال‪ّ :‬‬
‫محل يصلح لك ّفإنه ال يصلح لي‪ ،‬فيقول الضمير‬ ‫الضمير المتصل للضمير المنفصل‪ُّ :‬كل ّ‬
‫الشاعر‪:30‬‬ ‫المنفصل له‪ :‬وانا كذلك ُّكل مكان يصلح لي ّفإنه ال يصلح لك"‪ ،29‬وهذا ابلغ من قول ّ‬
‫ـوين وان ـ ـ ـ ـ ـ َـت اضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــافة ٌ ف ـ ـ ــاين تران ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال َت ِّحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـل َم َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاني‬
‫ك ـ ـ ــا ِّّني تن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫العامية لها قواعدها ّاللغوية الخاصة بها‪ ،‬وهي التي تضبطها‪ ،‬وعليه‬ ‫ّإال ا ّن اللهجات في ّ‬
‫خروق لقواعد اللغة‬ ‫يبقى هذا ّالنحت صحيحا في العامية دون الفصحى؛ ال ّن العاميات ّكلها ٌ‬
‫"اللهجات واقع ومستوى لغوي‬ ‫عامية‪ ،‬ويرى بعض ّالدارسين ا ّن ّ‬ ‫وإال لما ُس ّميت ّ‬ ‫الفصحى‪ّ ،‬‬
‫البد منه‪ ،‬وال تعمل على التخلف ّاللغوي مطلقا‪ ،‬ولم نجد‬ ‫ادنى‪ ،‬واستعمال وظيفي تخفيفي ّ‬
‫مشكلة اجتماعية ا ّدت إلى خراب المجتمع من وجود ّاللهجات"‪ .31‬وتبقى هذه ّاللهجات منسجمة‬
‫آ‬
‫مع بعضها البعض‪ ،‬ومع لغتها االم ما دامت تستعمل قواعدها‪ ،‬وادواتها‪ ،‬والياتها في الخطاب‬
‫ونظم الكالم‪.‬‬
‫آ‬
‫ائرية ايضا‪ ،‬نجد لفظة‪ُ :‬ض ْر َكا التي تعني‪ :‬االن‪ ،‬او‬ ‫العامية الجز ّ‬ ‫ومن مظاهر ّالنحت في ّ‬
‫العربية‪ ،‬ال نجد لها تفسيرا‬ ‫حاليا‪ .‬وعندما نبحث في التاصيل ّاللغوي لهذه الكلمة في ّ‬ ‫حاال‪ ،‬او ًّ‬
‫ّإال من خالل ا ّنها كلمة منحوتة‪ ،‬وا ّن "اصلها َض ْر َو ْك ْت‪ِ ،‬وهي إدغام لعبارة َ"ذا َالو ْق ْت"‪ .‬صيغ‬
‫يك‪ُ ،‬د َوقا"‪32‬؛ اي هذا الوقت‪ّ ،‬إال ا ّن هذه اللفظة غريبة‬ ‫اخرى‪ُ :‬ض ْر َكا‪ُ ،‬د ْر َكا‪َ ،‬ض ْر َو ْك‪ُ ،‬ض ْر َكا ِت ْ‬
‫بعض الشيء‪ ،‬وال تستعمل ّإال في لهجات شمال إفريقيا فقط‪ ،‬ومنهم من يستعملها بحرف‬
‫(ض ْر ْك)‪ ،‬ومنهم من يستعملها بحرف ّالدال ُ(د ْر ْك‪ُ ،‬د ْو َقا)‪ ،‬كما ا ّن لها صيغ ّ‬
‫صرفية‬ ‫الضاد ُ‬
‫ٌ‬
‫يك‪ُ /‬د َوقا‪ ،‬وهذه اللفظة ثقيلة بعض الشيء على‬ ‫مختلفة‪ ،‬منها‪ُ :‬ض ْر َكا‪ُ /‬د ْر َكا‪َ /‬ض ْر َو ْك‪ُ /‬ض ْر َكا ِت ْ‬
‫وتسهل في ّالنطق‪ّ ،‬‬
‫وإال‬ ‫تخف ُ‬ ‫اللسان‪ ،‬وابرز ما يدل على ثقلها هو ا ّنها ُنحتت‪ ،‬فلم ُتنحت ّإال ِل َّ‬
‫الشرقي‪ ،‬ا ُّقل منها‬ ‫َل َما ُنحتت‪ ،‬ونرى ا ّن كلمة َ(ت ْو َ‪/‬ت ّوه)‪ ،‬التي يستعملها اصحاب الجنوب ّ‬
‫طقا؛ ال ّن حرف ّالتاء ايسر في ُّالنطق من حرف ّ‬
‫الضاد‪.‬‬ ‫خف ُن ً‬ ‫انسجاما ُوالفة‪ ،‬وا ُّ‬ ‫ً‬ ‫حروفا‪ ،‬واك ثر‬ ‫ً‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪48‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫خاتمة‪ :‬تناولنا في هذا البحث بعض مظاهر االنسجام والتباعد بين ّاللهجات الجزائرية‪،‬‬
‫العربية الفصحى‪ ،‬وابرزنا اهم االسباب التي ادت إلى ّالتباعد‪ ،‬وخلصنا إلى مجموعة‬ ‫وبين ّاللغة ّ‬
‫من النتائج‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ّ‬
‫العربية‬ ‫تستمد انسجامها من مدى صلتها ّ‬
‫باللغة‬ ‫ّ‬ ‫العامية في الجزائر‬‫ا ّن ّاللهجات ّ‬
‫الفصحى‪ ،‬باعتبارها ّاللغة الجامعة بين كل هذه ّاللهجات‪ ،‬بحيث كلما كانت ّاللهجات ّ‬
‫العامية‬
‫على صلة باللغة الفصحى كانت اقرب إلى االنسجام‪ ،‬وكلما ابتعدت عن اللغة الفصحى كانت‬
‫ابعد عن االنسجام واقرب إلى ّالتنافر‪.‬‬
‫المؤدية إلى انقسام ّاللغة العربية في الجزائر إلى لهجات مختلفة‪ ،‬بين‬
‫تعددت االسباب ّ‬
‫اسباب تاريخية تمثلت في اختالف لهجات القبائل ّ‬
‫العربية‪ ،‬التي هاجرت إلى شمال افريقيا‪،‬‬
‫وهو ما ادى إلى اختالف التاثير على اللغة العربية في الجزائر‪ ،‬واخرى جغرافية تمثلت في اتساع‬
‫رقعة الجزائر وامتدادها‪ ،‬واختالف البيائت الجغر ّافية فيها‪ ،‬وهو ما جعل استعمال لهجة واحدة‬
‫ا ًمرا مستحيال‪ ،‬وا ّدى إلى ّالتعدد اللهجي‪.‬‬
‫السياسية دور مهم في حدوث اللهجات ُّ‬
‫وتعددها في الجزائر‪،‬‬ ‫والحظنا ايضا ا ّن للعوامل ّ‬
‫ولعل من ابرز هذه العوامل‪ ،‬سياسة الحكم التي كان ينتهجها االستعمار الفرنسي في الجزائر‬ ‫ّ‬
‫ّإبان االستعمار‪ ،‬حيث فرض مجموعة من االستراتيجيات‪ ،‬تهدف إلى عزل المناطق عن بعضها‬
‫البعض‪ ،‬وهو ما ادى إلى انقطاع التواصل ّاللغوي بين هذه المناطق‪.‬‬
‫للشعب الجزائري في لهجته في تزايد مستمر بعد‬ ‫اللغوية الفصيحة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّإن الحصيلة‬
‫االستقالل؛ اي ّإنه اصبح يميل إلى استعمال الفاظ العربية الفصحى في محادثاته‪ ،‬وذلك نظرا‬
‫العربية الفصحى في العديد من المجاالت كالتعليم‪ ،‬والصحافة بكافة اشكالها‬ ‫النتشار ّاللغة ّ‬
‫المك توبة والمنطوقة‪ ،‬فهناك ك ثير من االميين الذين ال يعرفون القراءة والك تابة‪ ،‬تعلموا ا ً‬
‫لفاظا‬
‫ات فصيحة عن طريق ّالتلفاز‪.‬‬ ‫وعبار ٍ‬
‫والدراسة‪ ،‬ال ّن دراستها ٌ‬
‫عنصر‬ ‫تفتقد ّاللهجات العامية في الجزائر إلى مزيد من البحث ّ‬
‫تنوعت اللغة العربية الفصحى إلى لهجات؟‬ ‫غوي‪ ،‬يمكن من خالله فهم كيف ّ‬ ‫مهم في البحث ّالل ّ‬‫ٌّ‬
‫مكننا من فهم قواعدها والقوانين التي تحكمها اك ثر‬ ‫تعددت طرق ّالتعبير فيها؟ وهو ما ُي ّ‬ ‫وكيف ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فاك ثر‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪49‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫‪ -1‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور ابو الفضل جمال الدين‪ ،‬دار صادر – بيروت‪ ،‬ط‪1414 ،3‬ه ‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.359‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬في اللهجات العربية‪ ،‬إبراهيم انيس‪ ،‬مك تبة االنجلو مصرية‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪ ،‬ط‪2003 ،3‬م‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫ّ‬
‫المصرية‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪( ،‬د‪.‬ط)‪،‬‬ ‫‪ -3‬الخصائص‪ ،‬ابن جني ابو الفتح عثمان‪ ،‬تح‪ :‬محمد علي ّالنجار‪ ،‬دار الك تب‬
‫‪1376‬ه ‪1957-‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.33‬‬
‫آ‬
‫‪ -4‬ينظر‪ :‬المقتبس من ّاللهجات العربية والقرانية‪ ،‬محمد سالم محيسن‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪-‬مصر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(د‪.‬ط)‪1986 ،‬م‪ ،‬ص‪.8 ،7‬‬
‫‪ -5‬في اللهجات العربية‪ ،‬إبراهيم انيس‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -6‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه ص ‪.16‬‬
‫الوطنية ّللنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪-‬الجزائر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى‪ ،‬عبد المالك مرتاض‪ ،‬الشركة‬ ‫‪ّ -7‬‬
‫(د‪.‬ط)‪1981 ،‬م‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ -8‬لغتنا والحياة‪ ،‬عائشة عبد الرحمن‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪ ،‬ط‪( ،2‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪ -9‬الخصائص‪ ،‬ابن جني‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.383‬‬
‫‪ -10‬خصائص العربية وطرق تدريسها‪ ،‬نايف معروف‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‪ ،‬ط‪1985 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -11‬ينظر‪ :‬تاريخ الجزائر ّالثقافي‪ ،‬ابو القاسم سعد هللا‪ ،‬دار المغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‪ ،‬ط‪1998 ،1‬م‪ ،‬ج‪،8‬‬
‫ص ‪.16‬‬
‫العربية نشاة وتطورا‪ ،‬عبد الغفار حامد هالل‪ ،‬مك تبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪ ،‬ط‪1414 ،2‬ه ‪-‬‬ ‫‪ -12‬ينظر‪ :‬اللهجات ّ‬
‫‪1993‬م‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -13‬تاريخ الجزائر ّالثقافي‪ ،‬ابو القاسم سعد هللا‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫بالفصحى‪ ،‬عبد المالك مرتاض‪ ،‬ص ‪.15-11‬‬ ‫ائرية وصلتها ُ‬‫العامية الجز ّ‬
‫‪ -14‬ينظر‪ّ :‬‬
‫‪ -15‬مجمل اللغة‪ ،‬ابن فارس‪ ،‬تح‪ :‬زهير عبد المحسن سلطان‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‪ ،‬ط‪1406 ،2‬ه ‪-‬‬
‫‪1986‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.108‬‬
‫‪ -16‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬ابن فارس‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪-‬سوريا‪( ،‬د‪.‬ط)‪1399 ،‬ه ‪-‬‬
‫‪1979‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.167‬‬
‫‪ -17‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬ج‪ ،13‬ص ‪.474‬‬
‫آ‬
‫‪ -18‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬احمد مختار عبد الحميد عمر واخرون‪ ،‬عالم الك تب‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪ ،‬ط‪ 1429 ،1‬ه ‪-‬‬
‫‪2008‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.145‬‬
‫‪ -19‬لسان العرب ابن منظور‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪.552‬‬
‫‪ -20‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.58‬‬
‫‪ -21‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،14‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -22‬ينظر‪ :‬مجمل اللغة‪ ،‬ابن فارس‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.913‬‬
‫‪ -23‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.913‬‬
‫‪ -24‬ينظر‪ :‬مقاييس اللغة‪ ،‬ابن فارس‪ ،‬ج‪ ،6‬ص ‪.80‬‬
‫‪ -25‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬احمد مختار عمر‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.2391‬‬
‫بالفصحى‪ ،‬عبد المالك مرتاض‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫ائرية وصلتها ُ‬‫العامية الجز ّ‬
‫‪ّ -26‬‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪50‬‬


‫ص ص‪51-39‬‬ ‫ّ‬
‫المجلد‪ / 10 :‬العدد‪( 02 :‬اك توبر ‪)2018‬‬ ‫الممارسات ّالل ّ‬
‫غوية‬

‫‪ -27‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ -28‬فقه اللغة مفهومه موضوعاته قضاياه‪ ،‬محمد بن إبراهيم الحمد‪ ،‬دار ابن خزيمة‪ ،‬الرياض‪-‬السعودية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1426‬ه ‪2005-‬م‪ ،‬ص ‪.269‬‬
‫جرومية‪ ،‬محمد بن صالح العثيمين‪ ،‬دار ابن الجوزي‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪ ،‬ط‪ 1432 ،1‬ه ‪2011-‬م‪،‬‬‫‪ -29‬ال ّدرة النحوية في شرح اال ّ‬
‫ص ‪.303‬‬
‫‪ -30‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.303‬‬
‫‪ -31‬في المواطنة اللغوية واشياء اخرى‪ ،‬صالح بلعيد‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪-‬الجزائر‪( ،‬د‪.‬ط)‪،‬‬
‫‪2008‬م‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -32‬ينظر‪ :‬معجم اللهجة الجزائرية على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://ar.mo3jam.com/term/%D8%B6%D8%B1%D9%83#Algerian.‬تاريخ المشادة‪.2017-07-15 :‬‬

‫‪EISSN :2602-5353 / ISSN : 2170-0583‬‬ ‫‪51‬‬

You might also like