You are on page 1of 81

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة الدكتور يحيى فارس بالمدية‬


‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫قسم العلوم اإلنسانية‬

‫�‬ ‫�‬‫��‬ ‫ﻣ��� � �‬


‫ﺔ ا ﺘﺎر ﺦ ا ﻤﺎ ﯽ‬

‫السلطة القضائية في الدولة العثمانية‬


‫في عهد السلطان سليمان القانوني (‪972-926‬هـ‪1566-1520/‬م)‬

‫خالل القرن ‪10‬ه‪16/‬م‪.‬‬


‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في التاريخ الحديث والمعاصر‬

‫إشــراف األستاذة‪:‬‬ ‫إعــداد الطالبتين‪:‬‬


‫‪ -‬إيمان دحمون‬
‫لطيفة حمصي‬
‫‪ -‬صابرينة بوزوران‬

‫السنة الجامعية‪1436-1435 :‬هـ‪2015-2014/‬م‬


‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬
‫جامعة الدكتور يحيى فارس بالمدية‬
‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫قسم العلوم االنسانية‬

‫السلطة القضائية في الدولة العثمانية‬


‫في عهد السلطان سليمان القانوني (‪972-926‬هـ‪1566-1520/‬م)‬

‫خالل القرن ‪10‬ه‪16/‬م‪.‬‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في التاريخ الحديث والمعاصر‬

‫إشــراف األستاذة‪:‬‬ ‫إعــداد الطالبتين‪:‬‬


‫لطيفة حمصي‬ ‫‪ -‬إيمان دحمون‬
‫‪ -‬صابرينة بوزوران‬

‫الجامعة‬ ‫الصفة‬ ‫االسم واللقب‬


‫ج‪/‬د حيي فارس املدية‬ ‫رئيسا‬ ‫سعيدة زفزاف‬

‫ج‪/‬د حيي فارس املدية‬ ‫مشرفا‬ ‫لطيفة محصي‬

‫ج‪/‬د حيي فارس املدية‬ ‫مناقشا‬ ‫بلخوص دراجي‬

‫السنة الجامعية‪1436-1435 :‬هـ‪2015-2014/‬م‬


‫شكر وعرف ان‬
‫الحمد هلل الذي وفقنا في إتمام هذا العمل‪.‬‬

‫مصداق ا لقوله صلى هللا عليه وسلم " من لم يشكر الناس لم يشكر هللا "‪.‬‬

‫نرفع أسمى آيات الشكر واالمتنان إلى األستاذة المشرفة "لطيفة حمصي" التي‬
‫بذلت من الجهد الكثير ف لم تبخل علينا بتوجيهاتها‪ ،‬فرغم انشغاالتها العملية‬
‫أن صدرها كان أرحب من كل هذا‪ ،‬وأسهمت في توجيه مسيرة‬
‫والعلمية‪ ،‬إال ّ‬
‫هذا البحث حتى استوى‪.‬‬

‫كما ال ننسى توجيه الشكر الجزيل لكل من الدكتور الغالي غربي والدكتورة‬
‫نادية طرشون على المساعدة والتوجيهات التي قدموها لنا‪.‬‬

‫والشكر الموصول أيضا إلى األستاذ قريتلي حميد‪.‬‬

‫الى كل أساتذة قسم التاريخ‪ ،‬وكل من ساعدنا من قريب أو من بعيد في إنجاز‬


‫هذا العمل‪.‬‬
‫إهداء‬
‫إلى لحن الحب والعطاء إلى معزوفة الحنان والوف اء إلى من ظللتني‬
‫بدعواتها أينما ذهبت إليها وحدها أمي الحبيبة أدامها هللا فوق رؤوسنا‪.‬‬
‫إلى الذي أفنى عمره لتربيتي فكان ومازال سندي في الحياة إلى الصدر‬
‫الحنون الذي غمرني بعطفه والدي الحبيب‪.‬‬
‫إلى من زرعوا األمل واإلرادة في حياتي إلى مبعث سعادتي إلى إخوتي‬
‫األعزاء‪ :‬سيد علي‪ ،‬جمال‪ ،‬جميلة‪ ،‬إسحاق‪ ،‬هديل‪.‬‬
‫إلى كل عائلة دحمون– إبراهيمي– سالني–عامر‪.‬‬
‫إلى من تحملت معي مشاق هذا العمل المتواضع الزميلة صابرينة‪.‬‬
‫إلى كل من شاركني مسيرة الحياة الدراسية في األطوار المختلفة‬
‫والجامعية خاصة‪.‬‬
‫إلى كل صديق اتي‪ :‬سعاد‪ ،‬سمية‪ ،‬هجيرة‪ ،‬أمال‪ ،‬سميرة‪ ،‬دليلة‪ ،‬عتيقة‪،‬‬
‫زهية ل‪ ،‬هجيرة ز‪ ،‬هند‪ ،‬هدى‪ ،‬ياقوت‪ ،‬سمية ح‪ ،‬مسعودة‪ ،‬جهيدة‪ ،‬سميرة‪،‬‬
‫إكرام‪ ،‬حورية‪ ،‬زينب‪ ،‬سهام‪ ،‬مسعودة‪ ،‬صليحة‪ ،‬سميحة‪ ،‬سمية س‪ ،‬زهية‪،‬‬
‫حليمة‪ ،‬إلهام‪ ،‬سارة‪.‬‬
‫إلى كل هؤالء أهدي هذا العمل المتواضع‬

‫إيمان‬
‫إهداء‬
‫إلى من بأيدي اآلالم وبعيــون األتعاب رعتني وبصدر المشتاق حمتني إلى التي سراً‬
‫دعت لي‬
‫إلى نبع الصفـاء ورمز الوفـاء وفيض الحنان‬
‫أمي الحبيبة‪.‬‬
‫عز وجلّ وأورثني اسمه إلى من شجعني من أجل‬
‫في الحياة بعد هللا ّ‬
‫إلى الذي زرع ّ‬
‫النجاح إلى الحضن األمين والركن المتين‬
‫إلى رجل لم تضنيه السنين إلى سندي وقوتي ومالذي بعد هللا‬
‫وال ــدي الحبيــب‪.‬‬
‫إلى الذين كانوا شجرة اإلخوة التي قطفت منها ثمار الحب الخالص إلى من زرعوا‬
‫األمل ورسموا االبتسامة على وجهي‬
‫إلى من أحبهم دوما إخوتي‪ :‬أحمد وزوجته وأوالده‪ ،‬جميلة وزوجها وأوالدها‪ ،‬مداني‬
‫وزوجته‪ ،‬رشيدة وزوجها وأوالدها‪ ،‬فضيلة وزوجها‪ ،‬عزالدين‪ ،‬أحالم وزوجها‪.‬‬
‫إلى كل من علمني ولو حرف إلى كل أساتذتي في كل األطوار‪.‬‬
‫إلى من قـاسمتني عناء هذه المذكرة بكل ما فيها‪ :‬إيمان‪ ،‬وكل من ساعدني ولو‬
‫بكلمة طيبة‪.‬‬
‫إلى كل الورود التي جمعتني معهم حديقة الصداقة والحب في هللا‪:‬‬
‫إيمان ج‪ ،‬شمس‪ ،‬ليندة‪ ،‬نجاة‪ ،‬سهام‪ ،‬سعيدة‪ ،‬حسينة‪ ،‬وهيبة‪ ،‬سعاد‪ ،‬غنية‪ ،‬فطيمة‪،‬‬
‫وإلى كل من وسعتهم ذاكرتي ولم تسعهم مذكرتي‪.‬‬
‫إلى كل أحبتي أهدي ثمرة جهدي‪.‬‬

‫صابرينة‬
‫قائمة املختصرات‪:‬‬

‫حتقيق‬ ‫تح‬
‫ترمجة‬ ‫تر‬
‫تعليق‬ ‫تع‬
‫تقدمي‬ ‫تق‬
‫اجلزء‬ ‫ج‬
‫دراسة‬ ‫در‬
‫الطبعة‬ ‫ط‬
‫جملد‬ ‫مج‬
‫مراجعة‬ ‫مر‬
‫مقدمة‬
‫‪2‬‬

‫التعريف باملوضوع‪:‬‬
‫عمرت الدولة العثمانية أزيد من ستة قرون من الزمن استطاعت خالهلا توسيع رقعتها اجلغرافية‬
‫إىل القارات الثالث (آسيا‪ ،‬أوربا‪ ،‬إفريقيا)‪ ،‬وقد عرف القرن العاشر هجري ‪ /‬السادس عشر ميالدي‬
‫ازدهاراً كبرياً يف شىت اجملاالت‪ ،‬إذ يعترب العصر الذهيب للدولة العثمانية وأصبحت خالله قوة عاملية‬
‫حيسب هلا ألف حساب من طرف أقوى الدول يف العامل‪ ،‬نظراً لسلسلة الفتوحات املتواصلة اليت قام هبا‬
‫السلطان سليمان القانوين‪972-926‬ه‪1566-1520/‬م‪ ،‬كما أن هذا القرن شهد انضمام العديد من‬
‫الدويالت كاجلزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬طرابلس الغرب واليت تكالبت عليها هجمات الغرب املسيحي‪ ،‬فرأت يف‬
‫الدولة العثمانية احلامي هلا باعتبارها عاصمة للخالفة اإلسالمية محلت لواء الدفاع عن اإلسالم‪ ،‬وإضافة‬
‫إىل كل هذا فإن الدولة يف هذه املرحلة متيزت بتنظيم مؤسساهتا اإلدارية والسياسية والعسكرية‪ ،‬والشرعية‬
‫تعترب اهليئة الشرعية من املؤسسات اهلامة اليت كان هلا وزهنا يف عهد السلطان سليمان القانوين‬
‫خاصة بسبب املستحدثات اليت مستها‪ ،‬إذ كانت تشكل إحدى الدعامات األساسية يف جناح وتنظيم‬
‫أمور الدولة الداخلية واحملافظة على استمراريتها‪ ،‬ولقد لعب القضاء واإلفتاء دوراً مهما فيها نظراً للمكانة‬
‫اهلامة اليت حظي هبا داخل مؤسسات الدولة‪ ،‬وكان شيخ اإلسالم من العناصر الفاعلة نظرا للصالحيات‬
‫الواسعة اليت متتع هبا إذ عملت من خالله الدولة على تطبيق مبادئ الشريعة اإلسالمية يف العديد من‬
‫اجملاالت‪ ،‬ويظهر ذلك جلياً من خالل األحكام السلطانية املستنبطة من الشرع اليت ظهرت يف عهد‬
‫السلطان سليمان القانوين وعليه جاء موضوع دراستنا املوسوم بالسلطة القضائية يف الدولة العثمانية يف‬
‫عهد السلطان سليمان القانوين (‪972-926‬هـ‪1566-1520/‬م) خالل القرن ‪10‬ه‪16/‬م‪ ،‬أما اإلطار‬
‫املكاين فقد انطلقنا من خالله من مركز احلكم بالدولة العثمانية لنتتبع ذلك يف بعض اإلياالت التابعة‬
‫هلا‪ ،‬كما تركزت دراستنا على القضاء واإلفتاء‪.‬‬
‫دوافع اختيار املوضوع‪:‬‬
‫‪ ‬الرغبة الشخصية يف إماطة اللثام عن فرتة مهمة من تاريخ الدولة العثمانية مثلت فيها اهليئة الشرعية‬
‫مكانة بالغة األمهية‪.‬‬
‫‪ ‬التطرق إىل موضوع مل يأخذ يف رأينا حقه من الدراسة والبحث‪.‬‬
‫‪ ‬تسليط الضوء على مستحدثات السلطان سليمان القانوين يف القضاء خاصة أن معظم الدراسات‬
‫العثمانية اليت تناولت هذه الفرتة انصب جل اهتمامها على اجلوانب العسكرية والسياسية بالدرجة أوىل‬
‫‪3‬‬

‫_ خاصة فتوحاته _‪ ،‬يف حني مل تركز هذه الدراسات على مرجعية القضاء العثماين واألسس اليت بنيت‬
‫عليها القوانني العثمانية‪.‬‬
‫‪ ‬معرفة موقع وصالحيات شيخ اإلسالم يف الدولة‪ ،‬كهيئة قائمة بذاهتا سيما يف فرتة السلطان سليمان‬
‫األول وعالقة هذا األخري بالسلطة احلاكمة من جهة وباجملتمع من جهة أخرى‪.‬‬
‫أمهية املوضوع‪:‬‬
‫تكمن أمهية الدراسة يف كوهنا متكننا من إدراك الدور الذي لعبه جهاز القضاء داخل هيكل‬
‫الدولة العثمانية واملكانة اهلامة اليت حظي هبا لدى السالطني‪ ،‬وعن الصالحيات الواسعة اليت كان يتمتع‬
‫هبا شيخ اإلسالم باعتباره رأس اهليئة الشرعية والسلطة القضائية اليت هي جزء منها حيث كان يستشريه‬
‫السلطان يف كل صغرية وكبرية إلضفاء الشرعية على قراراته‪ ،‬إذ ال يقدم على أمر إال بالرجوع إليه‪.‬‬
‫إبراز دور ومكانة القضاة املسلمني يف تنظيم أمور اجملتمع العثماين العبني بذلك دور الوسيط‬
‫بني السلطة واجملتمع‪ ،‬ذلك أن الدولة كانت تستخدمهم كدرع ملواجهة أي مترد من الرعية‪ .‬كما أن‬
‫دورهم مل يقتصر عند هذا احلد بل تعداه ليشمل ميادين أخرى مبا يف ذلك العمل على احملافظة على‬
‫سلطة الدولة املركزية يف إياالهتا‪.‬‬
‫اإلشكالية‪:‬‬
‫إن موضوع الدراسة استوجب علينا طرح اإلشكالية الـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالية‪:‬‬
‫‪ ‬كيف كانت السلطة القضائية يف الدولة العثمانية وخاصة يف فرتة حكم السلطان سليمان األول‬
‫وماهي أهم األسس اليت بنيت عليها؟ وعليه استخلصنا التساؤالت الت ـ ـ ـ ـ ـ ــاليــة‪:‬‬
‫‪ ‬ماهي مرجعية القضاء العثماين يف عهد السلطان سليمان القانوين وماهي أهم مستحدثاته؟‬
‫‪ ‬ماهي أمهية املذهب احلنفي يف القضاء؟‬
‫‪ ‬فيما تكمن السياسة القضائية اليت اتبعتها اإلياالت العثمانية؟ وهل كانت عثمانية حبتة أم أهنا‬
‫خضعت خلصوصيات كل منطقة؟‬
‫‪ ‬مث كيف أثرت السلطة القضائية يف السلطة احلاكمة من جهة ويف اجملتمع من جهة أخرى؟‬
‫‪4‬‬

‫منهج البحث‪:‬‬
‫ولإلجابة على اإلشكالية اعتمدنا على املنهج السردي وذلك بعرض األحداث التارخيية خاصة‬
‫فيما يتعلق باستعراضنا ملراحل تطور منصب القضاء ومركز شيخ اإلسالم الذي مثل املرجعية الشرعية‬
‫والفقهية يف الدولة العثمانية‪ .‬واملنهج الوصفي وذلك يف وصفنا للسلطة القضائية يف الدولة العثمانية‬
‫واإلياالت التابعة هلا‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫من أجل اإلجابة عن اإلشكالية املطروحة قسمنا موضوع دراستنا إىل مقدمة قدمنا فيها املوضوع‬
‫مع ذكر دواعي اختياره‪ ،‬مربزين أمهية الدراسة واإلشكالية اليت حتملها‪ ،‬حتدثنا عن الدراسات السابقة‬
‫اليت تناولت جوانب من املوضوع‪ ،‬مث املنهج املتبع‪ ،‬املادة العلمية األساسية اليت اعتمدنا عليها‪،‬‬
‫والصعوبات اليت واجهتنا‪ ،‬مقسمني العمل إىل مدخل وثالثة مباحث وخامتة‪.‬‬
‫تناولنا يف‪:‬‬
‫املدخ القضاء قبل فرتة السلطان سليمان أي فرتة والده سليم األول‪ ،‬مث تطرقنا إىل التعريف بالسلطان‬
‫سليمان األول وأهم إجنازاته العسكرية وبعدها كان لنا حديث إىل ما وصلت إليه الدولة العثمانية يف‬
‫عهده (الرقعة اجلغرافية)‪.‬‬
‫املبحث األول املوسوم ب ـ "السلطة القضائية" حاولنا فيه التعريف موظفو اهليئة القضائية من أعلى‬
‫سلطة املتمثلة يف شيخ اإلسالم وعدد من القضاة على اختالف مراكزهم ومهامهم وأماكن تواجدهم‬
‫واملسؤول عن تعيينهم مث حتدثنا عن مستحدثات السلطان سليمان األول يف جمال القضاء‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل حديثنا عن املركز الذي حصل عليه شيخ اإلسالم‪ ،‬وقوانني نامة اليت ساهم فيها هذا األخري‬
‫بشكل كبري‪ ،‬واملدارس اليت بناها السلطان سليمان القانوين ونظم اجلديدة اليت أدخلها ‪ ،‬منها نظام‬
‫املالزمة وذلك من أجل تنظيم السلطة القضائية‪ ،‬كما حتدثنا عن االمتيازات األجنبية خاصة منها اليت‬
‫منحتها الدولة لفرنسا ركزت على جانب القضاء‪ ،‬وحديثنا عن القضاء من خالل املذهب احلنفي ركزنا‬
‫فيه عن أسباب اعتماده وأهم خصائصه ‪.‬‬
‫املبحث الثاين املعنون بـ ـ "آليات التعامل القضائي يف اإلياالت العثمانية" فقد تطرقنا فيه إىل القضاء يف‬
‫البالد املفتوحة واملقصود هبا أوربا فتم التعريف بالقاضي املكلف باملهام القضائية يف الروميلي وكذلك‬
‫أهم اختصاصاته‪ ،‬باإلضافة إىل احلديث عن القاضي يف بالد املشرق وكانت مصر منوذجاً تطرقنا فيه‬
‫‪5‬‬

‫إىل قاضي عسكر‪ ،‬تعيينه‪ ،‬مقره‪ ،‬مدة التولية‪ ،‬وأهم اختصاصاته‪ ،‬وكان لنا حديث عن القضاء العثماين‬
‫يف املغرب واجلزائر منوذجاً عن ذلك‪.‬‬
‫املبحث الثالث املوسوم بـ "سري املؤسسة القضائية" فقد استعرضنا فيه عالقة اهليئة الشرعية بالسلطة‬
‫احلاكمة‪ ،‬ركزنا فيه على عالقة شيخ اإلسالم بالسلطان وعالقته بالصدر األعظم‪ ،‬والقضاء داخل الديوان‬
‫اهليمايوين‪ .‬مث بينا عالقة السلطة القضائية باجملتمع؛ حاولنا من خالله توضيح عالقة اهليئة القضائية‬
‫بالرعية وكذلك عالقتها بأهل الذمة‪ ،‬والطبقات العسكرية‪ ،‬وعالقتها بسكان املدن واألرياف‪.‬‬
‫أما اخلامتة فكانت عبارة عن أهم االستنتاجات اليت توصلنا إليها من خالل هذه الدراسة اليت‬
‫هي عبارة دراسة ممهدة للدراسات األخرى املتخصصة يف هذا اجملال‪.‬‬
‫املصادر واملراجع املعتمدة‪:‬‬
‫ومن أجل إجناز هذه الدراسة مت الرجوع إىل جمموعة من املصادر واملراجع اليت قدمت لنا يد‬
‫العون يف حتديد املادة العلمية وكيفية صياغتها يف شكلها النهائي فبالنسبة للمصادر اعتمدنا على كتاب‪:‬‬
‫الشقائق النعمانية يف علماء الدولة العثمانية‪ ،‬وذيله العقد املنظوم يف ذكر أفاضل الروم‪ ،‬ملؤلفه‬
‫طاشكربي زاده‪ ،‬وحيتوي على ترمجة للعديد من علماء الدولة العثمانية من فرتة السلطان عثمان األول‬
‫‪1326-1288‬م وصوال لفرتة السلطان سليمان األول ‪1566-1520‬م‪.‬‬
‫‪-‬كتاب تاريخ الدولة العثمانية‪ :‬تأليف يلماز أوزتونا‪ ،‬صدر الكتاب يف جملدين‪ ،‬األول يعرض فيه‬
‫املؤلف التاريخ السياسي والعسكري للدولة العثمانية ملقيا الضوء على دولة اخلالفة العثمانية منذ ظهورها‬
‫إىل غاية احنالهلا‪ ،‬واجمللد الثاين يتناول فيه احلضارة العثمانية من ثقافة وفن وأسلوب حياة‪ ،‬وقد اعتمدنا‬
‫على اجمللد األول الذي استقينا منه املعلومات اخلاصة بأهم فتوحات السلطان سليمان األول‪ ،‬واملذهب‬
‫الذي اعتمدت عليه الدولة يف القضاء وهو املذهب احلنفي‪.‬‬
‫‪-‬الدولة العثمانية تاريخ وحضارة‪ :‬شارك يف إعداده خنبة من املتخصصني األتراك يف التاريخ واألدب‬
‫العثماين‪ ،‬من حترير وتقدمي أكمل الدين إحسان أوغلى‪ .‬ويعد مرجعا أساسيا لكل من يرغب يف اإلملام‬
‫بالتاريخ السياسي واحلضاري للدولة العثمانية بشكل عام‪ .‬غري أنه مل خيصص فيه للتاريخ السياسي إال‬
‫حيزا حمدودا‪ ،‬يف حني مت التوسع يف اجلوانب األخرى كاإلدارة واجليش والقضاء واالقتصاد والفكر‬
‫والتعليم‪...‬إخل‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫‪-‬كتاب مؤسسة شيخ اإلسالم يف الدولة العثمانية‪ :‬للمؤلف أكرم كيدو‪ ،‬ويتناول الكتاب التطور‬
‫التارخيي ملنصب شيخ اإلسالم والدور الرئيسي والفاعل الذي لعبه يف الدولة العثمانية‪.‬‬
‫أما فيما خيص الدراسات السابقة فقد اعتمدنا على مذكرة فيص بن موسى‪ :‬حتت عنوان السلطة‬
‫احلاكمة واهليئة الدينية يف الدولة العثمانية خالل القرن العاشر هجري السادس عشر ميالدي‪،‬‬
‫واليت استفدنا منها كثريا أخذنا منها التوجيهات األوىل للخوض يف هذا املوضوع باعتبارها حتدثت كثرياً‬
‫عن القضاء وعن اهليئة الدينية خاصة أهنا تغطي نفس فرتة دراستنا‪.‬‬
‫صعوبات البحث‪:‬‬
‫وكغريها من الدراسات فقد واجهتنا بعض العراقيل يف جمريات إجناز هذا البحث‪ ،‬ال خترج عن الصعوبات‬
‫اليت يواجهها أي باحث أكادميي وهي‪:‬‬
‫‪ ‬قلة املادة املصدرية يف هذا املوضوع خاصة اليت تغطي الفرتة األوىل من احلكم العثماين وخنص‬
‫بالذكر القرن العاشر هجري‪ /‬السادس عشر ميالدي وإن وجدت فهي ال ختتص بالفرتة‬
‫املدروسة كما أهنا هتتم باجلانب السياسي والعسكري يف الدولة العثمانية أي فتوحات السالطني‬
‫وأعماهلم‪.‬‬
‫‪ ‬قصر املدة الزمنية املتاحة إلعداد املذكرة ألهنا تتطلب وقتاً كافياً لإلحاطة الشاملة باملادة العلمية‪.‬‬
‫‪ ‬عدم العثور على كتب متخصصة بالسلطة القضائية يف الدولة العثمانية وإمنا كان احلديث عنها‬
‫يف أجزاء الكتب املصدرية واملرجعية مقتضبا فالرتكيز فيها يكون على اهليئة الشرعية ككل‪.‬‬
‫ويف األخري نرجو أن نكون قد وفقنا يف دراستنا هذه واليت ما هي إال عبارة عن حماولة بسيطة‬
‫ومتواضعة لدراسة املوضوع‪ ،‬ومقدمة للدراسات جديدة متخصصة يف هذا اجملال‪.‬‬
‫مدخل‬
‫‪8‬‬

‫تعترب الدولة العثمانية من أهم الدول اليت عرفها التاريخ كوهنا عمرت فرتة طويلة من الزمن‬
‫زادت عن ستة قرون ونصف‪13-7‬ه‪20-13/‬م متكنت خالهلا من توسيع رقعتها اجلغرافية وتداول‬
‫على حكمها العديد من السالطني(‪ )1‬يف حني جسدت اهليئة الشرعية (القضاء واإلفتاء) السلطة‬
‫الثانية(‪ )2‬وسعت الدولة العثمانية يف تطبيق الشريعة اإلسالمية يف خمتلف اجملاالت‪ ،‬كما استفادت من‬
‫نظم حكم الدول اليت سبقتها كالسالجقة(‪ )3‬واملماليك على سبيل املثال وبنت بالتايل نظام إدارهتا‬
‫لتسيري دفة احلكم‪ ،‬ومع مرور الوقت واتساع رقعتها اجلغرافية استطاعت أن توجد نظاماً خاصاً هبا‬
‫(‪)4‬‬
‫ظهر من خالل سنها للفرمانات والقوانني اليت كانت تصدر من حني آلخر تعديالت وتصحيحات‬
‫وأهم تغيري حدث هو ذلك الذي مس التشكيلة الرمسية جلهاز القضاء يف الدولة العثمانية خالل فرتة‬
‫حكم السلطان سليم األول(‪ )5‬من خالل تعيني قاضي عسكر العرب والعجم عام ‪922‬ه‪1516/‬م‪،‬‬
‫بعد فتحه لشرقي األناضول(‪ ،)6‬مرعش(‪ ،)7‬مالطية(‪ )8‬وأحوازها‪.‬‬

‫(‪-)1‬لإلطالع على السالطني انظر‪ :‬حضرة عزتلو يوسف بك آصاف‪ ،‬تاريخ آل عثمان من أول نشأهتم حىت اآلن‪ ،‬تق‪ ،‬حممد‬
‫زينهم حممد عزب‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة املدبويل‪ ،‬القاهرة‪1995 ،‬م‪.‬‬
‫(‪-)2‬سيتم التعريف بالقضاء يف املبحث األول‪.‬‬
‫(‪-)3‬ينحدر السالجقة من قبيلة قنق الغزية‪ ،‬وينتمون إىل جد هو سلجوق بن دقاق‪ ،‬استوطنوا األراضي الواقعة أقصى بالد‬
‫الرتكستان‪ ،‬ومسيت سلطنة السالجقة يف آسيا الصغرى بسلطنة سالجقة الروم‪ .‬للمزيد انظر‪ :‬حممد سهيل طقوش‪ ،‬تاريخ‬
‫السالجقة يف بالد الشام ‪511-471‬ه ‪1117-1078 /‬م‪ ،‬ط‪ ،3‬دار النفائس‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1430 ،‬ه‪2009/‬م‪،‬‬
‫ص‪.76‬‬
‫(‪-)4‬أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬الدولة العثمانية تاريخ وحضارة‪ ،‬ج‪ ،1‬تر‪ ،‬صاحل سعداوي‪ ،‬مركز األحباث للتاريخ والفنون‬
‫والثقافة‪ ،‬إستنبول‪1999 ،‬م‪ ،‬ص ‪.294‬‬
‫(‪ -)5‬أصبح سلطانا يف عام ‪918‬ه‪1512/‬م‪ ،‬دامت سلطنته مثاين سنوات و تسعة أشهر تويف سنة ‪926‬ه‪1520/‬م‪ ،‬عرف‬
‫مبحاربته الصفويني وقد اتسعت الدولة العثمانية يف عهده و تضاعفت اإلياالت التابعة هلا خالل فرتة حكمه‪ .‬أنظر‪ :‬صاحل‬
‫كولن‪ ،‬سالطني الدولة العثمانية‪ ،‬تر‪ ،‬مىن مجال الدين‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النيل للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪2011 ،‬م‪ ،‬ص ‪ 90‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ -)6‬شبه اجلزيرة تعرف بآسيا الصغرى‪ ،‬حيدها من الشمال البحر األسود‪ ،‬ومن الغرب حبر إجية‪ ،‬ومن اجلنوب البحر األبيض‬
‫املتوسط أما من الشرق فيتصل مبرتفعات جبلية واسعة‪ .‬سهيل صابان ‪ ،‬املعجم املوسوعي للمصطلحات العثمانية‪ ،‬مر‪ ،‬عبد‬
‫الرزاق حسن بركات‪ ،‬مكتبة امللك فهد الوطنية‪ ،‬الرياض‪2000 ،‬م‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫(‪-)7‬مدينة يف تركيا اآلسيوية (األناضول) مركز اللواء الذي حيمل االسم نفسه يف والية أضنة‪ .‬أنظر‪ :‬س‪.‬موسرتاس‪ ،‬املعجم اجلغرايف‬
‫لإلمرباطورية العثمانية‪ ،‬تر وتع‪ ،‬عصام حممد الشحادات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪2002 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.461‬‬
‫(‪-)8‬مدينة يف تركيا اآلسيوية (األناضول) مركز اللواء الذي حيمل االسم نفسه يف والية خربوت‪ .‬موسرتاس‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص‪.468‬‬
‫‪9‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫مركزاً‬ ‫كعضو‪ ،‬وأصبحت ديار بكر‬ ‫لكن ممثل هذا املنصب مل يدخل يف الديوان اهلمايوين‬
‫لقاضي عسكر‪.‬‬
‫وعندما ّت فتح سوريا ومصر(‪ )3‬دخل قاضي عسكر العرب والعجم إىل الديوان اهلمايوين وأصبح‬
‫بذلك عضواً فيه‪ ،‬إال أنه مل يدم طويال‪ ،‬حيث ألغي هذا املنصب فيما بعد وربطت معامالته وأموره‬
‫بقاضي عسكر أناضول(‪.)4‬‬
‫شهدت السنوات األوىل من القرن العاشر هجري‪ /‬السادس عشر ميالدي حتوالت أثرت بعمق‬
‫وعلى املدى البعيد يف تطور الدولة العثمانية وبالتايل اجملتمع العثماين برمته‪ ،‬كان من بينها ظهور قوة‬
‫جديدة وهي ساللة الصفويني الشيعة(‪ )5‬اليت شكلت خطرا على كيان الدولة‪ ،‬مما أدى إىل حماربتها‬
‫باإلضافة إىل بداية انضواء البالد العربية حتت احلكم العثماين(‪ .)6‬واليت ستحمل اسم إيالة(‪.)7‬‬
‫دأبت الدولة العثمانية مند بداياهتا على تعني قاضياً يف األماكن اليت فتحتها مباشرة بغية‬
‫الفصل يف النزاعات بني الناس لتحقيق العدالة‪ ،‬وأصبح هذا النهج تقليدا منذ الفتح العثماين‪ ،‬إذ اقرتن‬
‫فتح أحد األماكن ودخوله النهائي حتت لواء الدولة العثمانية ال يكتمل إال بتعيني قاض أو‬
‫صوباشي(‪ ،)8‬فكان من طبيعة احلكم العثماين اإلبقاء على الوضع القائم يف البالد اليت ّت ضمها‬

‫(‪ -)1‬دار حكومية مرموقة يف الدولة العثمانية وظيفتها مناقشة القضايا السياسية واإلدارية والعسكرية والشرعية واملالية ‪...‬اخل‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫صابان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫(‪-)2‬مدينة يف تركيا اآلسيوية (األناضول) يف والية أرضروم‪ .‬أنظر‪ :‬موسرتاس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.272‬‬
‫(‪ّ-)3‬ت فتح سوريا بعد معركة مرج دابق ‪1516‬م‪ ،‬وفتح مصر يف معركة الريدانية‪1518 ،‬م‪ .‬للمزيد أنظر‪ :‬حممد عبد هللا عودة‬
‫وإبراهيم ياسني اخلطيب‪ ،‬تاريخ العرب احلديث‪ ،‬األهلية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪1989 ،‬م‪ ،‬ص ص‪.25-24‬‬
‫(‪ -)4‬أمحد آق كوندوز وسعيد أوزتورك ‪ ،‬الدولة العثمانية اجملهولة ‪ 303‬سؤال و جواب توضح حقائق غائبة عن الدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬إسطنبول‪2008 ،‬م‪ ،‬ص‪.214‬‬
‫(‪-)5‬ينسب الصفويون إىل جدهم صفي الدين الشيعي و ينتمون مبذهبهم الشيعي إىل موسى الكاظم‪ ،‬كان احلكام الصفويون أشد‬
‫محاساً لنشر املذهب الشيعي يف منطقة فارس‪ .‬للمزيد انظر‪ ،‬عبد الفتاح حسن أبو علي‪ ،‬الدولة العثمانية والوطن العريب‪ ،‬دار‬
‫املريخ‪ ،‬الرياض‪1429 ،‬ه‪2000-‬م‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫(‪ -)6‬حممد سهيل طقوش‪ ،‬تاريخ العثمانيني من قيام الدولة إىل االنقالب على اخلالفة‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار النفائس‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪2013‬م‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫(‪-)7‬أكرب التقسيمات اإلدارية يف الدولة العثمانية‪ .‬أنظر‪ :‬صابان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫(‪-)8‬إحسان أوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 294‬‬
‫‪-‬رئيس فرقة من السبايهية‪ ،‬وهي فرقة من الفرسان يف العسكرية ويطلق أيضاً على القائم بأعمال البلدية يف األقضية والبلدات‪ ،‬وله‬
‫معاين أخرى متعددة‪ .‬للمزيد أنظر‪ ،‬صابان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪10‬‬

‫حلاضرة الدولة العثمانية لالستفادة من خربة من سبقوهم يف تسيري األمور مع إحالل نظمهم السياسية‬
‫واإلدارية والعسكرية بشكل تدرجيي‪ ،‬إذ مل يلغ السلطان سليم األول عمل القضاة باملذاهب األربعة‪،‬‬
‫بل أبقى على مناصبهم وقلل من سلطتهم بإدخال قاضي العرب والعجم على املذهب احلنفي‪ ،‬ففي‬
‫مصر على سبيل املثال كان هذا القاضي (قاضي العرب والعجم) مبثابة رقيب على قضاهتا ونواهبا‪ ،‬ومل‬
‫يكن مبقدور أحد من هؤالء القضاة القيام بأمر من األمور إال بعد عرضه عليه(‪ .)1‬وأضحى منذ ذلك‬
‫احلني مذهب أيب حنيفة النعمان(‪ )2‬مذهب الدولة العثمانية(‪.)3‬‬
‫مل تقتصر السلطة الشرعية على منصب القضاء خالل هذه الفرتة فحسب‪ ،‬إاما وجد معها‬
‫منصب اإلفتاء الذي مثلته مشيخة اإلسالم‪ ،‬ولكن وجد فرق بينهما متثل يف أن الفتوى هي إعطاء‬
‫الرأي الشرعي يف مسألة دون اإللزام بتطبيقها‪ ،‬بينما القضاء هو فصل بني املتخاصمني مع تطبيق‬
‫احلكم وإن مل يتم تطبيقه تتدخل سلطة الدولة يف تنفيذه(‪ .)4‬ومن أشهر شيوخ اإلسالم يف عهد‬
‫(‪)6‬‬
‫السلطان سليم األول شيخ اإلسالم زنبيللي علي (‪ ،)5‬حيث محلوا ألقابا شرفية مثل أفندي‬
‫وباشا(‪ )7‬إىل جانب لقب املفيت والفقيه‪ ،‬مما مسح هلم أن يتمتعوا مبكانة رفيعة ليس فقط يف القصر‬
‫السلطاين وإاما بني أفراد اجملتمع‪ ،‬حيث زاد من رفعة منصبهم وبالتايل تقرهبم مع القضاة إىل حضرة‬
‫السلطان‪ ،‬هذا التقرب ازداد خالل فرتة حكم السلطان سليمان ابن سليم األول (‪927‬ه‪1520/‬م‪-‬‬
‫‪974‬ه‪1566/‬م)‪.‬‬

‫(‪-)1‬عبد الرزاق إبراهيم عيسى‪ ،‬تاريخ القضاء يف مصر العثمانية (‪1517‬م ـ ‪ 1798‬م)‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتب‪ ،‬فرع‬
‫الصحافة‪1998 ،‬م‪،‬ص ‪. 83‬‬
‫(‪ -)2‬سيتم توضيح ذلك يف املبحث األول‪.‬‬
‫(‪-)3‬أورهان صادق جانبوالت‪ ،‬قوانني الدولة العثمانية و صلتها باملذهب احلنفي‪،‬ط‪ ،1‬املعهد العاملي للفكر اإلسالمي‪ ،‬فرجينيا‬
‫الواليات املتحدة األمريكية‪2012 ،‬م‪،‬ص ‪.45‬‬
‫(‪-)4‬أكرم كيدو‪ ،‬مؤسسة شيخ اإلسالم يف الدولة العثمانية‪ ،‬تر‪ ،‬هاشم األيويب‪ ،‬ط‪ ،2‬منشورات جروس برس‪ ،‬لبنان‪1992 ،‬م‪،‬‬
‫ص ‪.87‬‬
‫(‪-)5‬كوندوز وأوزتورك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 214‬‬
‫(‪-)6‬كلمة رومية بيزنطية‪ ،‬بدء استعماهلا يف العقد الثاين من القرن اخلامس عشر للميالد لدى العثمانيني للداللة على اإلنسان‬
‫املتعلم‪ .‬صابان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫(‪-)7‬لقب تشريفي يف الدولة العثمانية أطلق على رتب متعددة عسكرية ومدنية‪ .‬أنظر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪11‬‬

‫السلطان سليمان القانوين‪:‬‬


‫ولد السلطان سليمان األول(‪ )1‬يف سنة ‪ 900‬طرابزون(‪ )2‬ه‪1494/‬م(‪ ، )3‬ويف عام‬
‫‪927‬ه‪1520/‬م ارتقى عرش الدولة العثمانية وعمره ‪ 26‬سنة(‪ ،)4‬وهو عاشر ملوك آل عثمان‪ ،‬فبمجرد‬
‫وصول خرب وفاة أبيه السلطان سليم األول قام قاصداً القسطنطينية ودخلها يف ‪ 29‬سبتمرب‬
‫‪927‬ه‪1520/‬م‪ ،‬بلغت الدولة يف عهده أوج قوهتا و اتساعها(‪.)5‬‬
‫ويذكر جيل قينشتاين يف الفصل السادس من كتاب تاريخ الدولة العثمانية اجلزء األول لروبري‬
‫مونرتان أنه كان أكرب الشخصيات التارخيية شهرة يف العامل ذلك الوقت‪ ،‬حيث مثل بالنسبة للغرب‬
‫كما للشرق رمز العظمة‪ ،‬ولقب بالعظيم وكان املستفيد منها وصانعها(‪.)6‬‬
‫كان صغر سن السلطان سليمان القانوين أثناء توليه احلكم سبب يف زيادة أطماع والة‬
‫اإلياالت ورغبتهم يف االستقالل عن الدولة العثمانية‪ .‬هذا األمر الذي أدى بالسلطان يف بداية‬
‫حكمه إىل مواجهة أربعة متردات‪:‬‬
‫فكان أول مترد ذلك الذي قام به وايل الشام مجربدي الغزايل فأمر السلطان نتيجة ذلك بقمع‬
‫الفتنة وأرسل رأس الثائر إىل إسطنبول داللة على انتهاء التمرد(‪ ،)7‬أما التمرد الثاين فقام به أمحد باشا‬
‫اخلائن يف مصر عام ‪931‬ه‪1524/‬م‪ .‬بسبب طمعه يف أن يكون صدراً أعظم ومل يفلح يف األمر‪ .‬وقد‬
‫كان معينا من طرف السلطان والياً على مصر فحاول االستقالل هبا وهذا ما أثار أهل الشرع واجلنود‬
‫ضده فقتلوه‪ ،‬يف حني كان التمرد الثالث متردا شيعيا علويا قام به بابا ذو النون عام ‪933‬ه‪1526/‬م يف‬

‫(‪ – )1‬أنظر امللحق رقم ‪.01‬‬


‫(‪ - )2‬مدينة يف تركيا اآلسيوية (األناضول)‪ ،‬مركز الوالية واللواء اللذين حيمالن االسم نفسه‪ ،‬على البحر األسود‪ .‬أنظر‪ :‬موسرتاس‪،‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.345‬‬
‫(‪-)3‬سرهنك املريالي إمساعيل‪ ،‬من حقائق األخبار عن دول البحار‪،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬بوالق مصر احملمية‪1312 ،‬م‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫(‪-)4‬كوندوز وأوزتورك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫(‪-)5‬حممد فريد نك احملامي‪ ،‬تاريخ الدولة العلية العثمانية‪ ،‬تح‪ ،‬إحسان حقي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النفائس‪1981 ،‬م‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫(‪-)6‬روبري مونرتان‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬تر‪ ،‬بشري السباعي‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دار الفكر للدراسات ونشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1992‬م‪ ،‬ص ‪.237‬‬
‫(‪ -)7‬حممد حرب‪ ،‬العثمانيون يف التاريخ واحلضارة‪ ،‬املركز املصري للدراسات العثمانية و حبوث العامل الرتكي‪ ،‬القاهرة‪1994 ،‬م‪،‬‬
‫ص ‪ 59‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫(‪)1‬‬
‫بفرض اخلراج على املنطقة وانتهت هذه الفتنة الشيعة هبزميته وأرسل رأسه إىل‬ ‫منطقة يوزغاد‬
‫إسطنبول(‪.)2‬‬
‫والتمرد الرابع الذي واجهه السلطان سليمان األول كان مترداً شيعياً علوياً أيضاً وكان على‬
‫رأسه قلندر جليب يف منطقيت قونيه(‪)3‬ومرعش وانتهى مبقتل قلندر جليب(‪.)4‬‬
‫عاصر السلطان سليمان األول هنري الثامن ملك إجنلرتا واإلمرباطور شارل اخلامس‪ ،‬وفرنسوا‬
‫األول ملك فرنسا‪ ،‬وبابا الون العاشر‪ ،‬سيجسموند ملك بولونيا(‪ ،)5‬ومتيزت فرتة حكم السلطان‬
‫سليمان األول بالقوة وعرفت بالعصر الذهيب نتيجة ملا وصلت إليه الدولة العثمانية من توسع خالل‬
‫هذه الفرتة‪ ،‬فقد عرف بفتوحاته اليت قام هبا يف أوربا وآسيا وإفريقيا‪ ،‬وقاد ثالثة عشر محلة منذ ارتقائه‬
‫إىل عرش السلطنة العثمانية أمهها‪:‬‬

‫‪ -‬احلملة اهلمايونية األوىل ببلغراد ‪928‬ه‪1521/‬م ‪ :‬وهي أول محلة قادها بعد وفاة والده قاصداً‬
‫بلغراد أقوى قلعة يف اجملر‪.‬‬
‫كانت هذه احلملة سنة‬ ‫‪929‬ه‪1522/‬م‪930-‬ه‪1523/‬م‪:‬‬ ‫‪ -‬احلملة اهلمايونية الثانية رودس‬
‫‪929‬ه‪1522/‬م‪ ،‬حيث متت السيطرة على جزيرة رودس من طرف اجليش العثماين بقيادته(‪.)6‬‬
‫‪-‬احلملة اهلمايونية الثالثة ‪933‬ه‪1526/‬م‪ :‬وهي احلملة األوىل على اجملر اليت أطلق عليها اسم‬
‫أنكرس(‪ )7‬واستهدفت القضاء على امللكية الكربى‪ .‬من خالهلا وصلت حدود الدولة العثمانية إىل‬
‫النمسا‪.‬‬
‫‪-‬احلملة اهلمايونية الرابعة فينا ‪936‬ه‪1529/‬م‪ :‬مل يكن غرض السلطان من هذه احلملة احتالل‬
‫أملانيا‪ ،‬بل كان غرضه العثور على اجليش األملاين فقد جاء إىل فينا لتعجيز العدو األملاين ومل يكن هذا‬

‫(‪-)1‬مدينة يف تركيا اآلسيوية (األناضول)‪ ،‬يف والية ولواء بوزاووق‪ .‬أنظر‪ :‬موسرتاس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.502‬‬
‫(‪-)2‬حرب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 59‬و ما بعدها‪.‬‬
‫(‪-)3‬من أعظم بالد اإلسالم بالروم‪ .‬أنظر‪ :‬طقوش‪ ،‬تاريخ السالجقة ‪ ،‬ص‪.138‬‬
‫(‪ -)4‬حرب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 59‬‬
‫(‪ -)5‬باتريك مادي ملز‪ ،‬سالطني بين عثمان‪ ،‬ط ‪ ،1‬مؤسسة عزالدين للطباعة و النشر‪1986 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 43‬‬
‫(‪-)6‬يلماز أوزتونا‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬تر‪ ،‬عدنان حممود سليمان‪ ،‬مج‪ ،1‬منشورات مؤسسة فيصل للتمويل‪ ،‬تركيا‪1988 ،‬م‪،‬‬
‫‪.261‬‬ ‫ص‬
‫(‪-)7‬االسم الذي أطلقه العثمانيون على اجملر و بالد هنغاريا‪ .‬صابان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪13‬‬

‫ضمن خطته احتل من خالهلا اجليش العثماين املدينة الكبرية يف أملانيا سنة ‪936‬ه‪1529/‬م وكذلك‬
‫‪ Maribor‬يف سلوفينيا (‪.)1‬‬
‫استمر السلطان سليمان األول يف محالته من سنة ‪928‬ه‪1521/‬م حىت ‪974‬ه‪1566/‬م فكان آخر ما‬
‫قام به من مح ـ ـ ـالت ‪:‬‬
‫محلته ضد إيران وتسمى احلملة اإليرانية اليت متت يف عامي ‪955‬ه‪1548/‬م ـ‪956‬ه‪1549/‬م اسرتجعت‬
‫‪961‬ه‪-‬‬ ‫خالهلا الدولة العثمانية مدينة تربيز(‪ ،)2‬أما احلملة الثانية على إيران فكانت من سنة‬
‫‪1553‬م‪963/‬ه‪1555-‬م وعرفت باسم محلة خنجيوان وهي احلملة الثانية عشر‪ ،‬احلملة الثالثة عشر‬
‫كانت احلملة األخرية للسلطان سليمان األول(‪.)3‬‬
‫وصلت الدولة العثمانية يف عهده إىل أقصى اتساعها بضم عدة بلدان‪ ،4‬ففي أوروبا أحلقت‬
‫اجملر‪ ،‬رومانيا‪ ،‬بلغاريا‪ ،‬يوغسالفيا‪ ،‬ألبانيا‪ ،‬اليونان‪ ،‬ميسرابيا‪ ،‬أوكرانيا‪ ،‬القرم إىل حاضرة الدولة العثمانية‪،‬‬
‫أما يف آسيا فقد ضمت العراق‪ ،‬سوريا‪ ،‬لبنان‪ ،‬فلسطني وواجهة شبه اجلزيرة العربية على البحر األمحر‬
‫واليمن الشمايل وعدن‪ ،‬يف حني ضمت كل من مصر‪ ،‬الساحل السوداين‪ ،‬إثيوبيا‪ ،‬ليبيا‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫جزائر الغرب واليت مثلت الطرف اإلفريقي‪ ،‬أما جماهلا البحري فقد تربع على ثالث قارات مشل احلوض‬
‫الشرقي للبحر املتوسط ( مبا يف ذلك اجلزء الشرقي للبحر األدريايت و البحر األيوين) وجنوب احلوض‬
‫الغريب حىت حدود املغرب وأغلبية أطراف البحر األسود ومعظم أطراف البحر األمحر وجنوب غريب‬
‫اخلليج العريب (‪.)5‬‬
‫وعليه وصلت مساحة الدولة العثمانية يف عهد السلطان سليمان إىل ‪15‬مليون كلم‪ 2‬واستطاع‬
‫السلطان أن يستفيد من إجنازات أجداده عثمان الغازي‪745‬ه‪1299 -‬م‪771/‬ه‪1324-‬م وأورخان‬
‫الغازي‪771‬ه‪810/1324 -‬ه‪1362-‬م ومراد الغازي ‪1389-1326‬م والسلطان بيازيد ‪1402-1389‬م‬

‫(‪-)1‬أوزتونا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 261‬وما بعدها‪.‬‬


‫(‪-)2‬كوندوز وأوزتورك ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪ -‬أشهر مدن أذربيجان‪ ،‬وهي مدينة عامرة ذات أسوار حمكمة يف وسطها عدة أهنار جارية‪ .‬أنظر‪ :‬طقوش‪ ،‬تاريخ سالجقة‪،‬‬
‫ص‪.154‬‬
‫(‪-)3‬كوندوز وأوزتورك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.240‬‬
‫( ‪– )4‬امللحق رقم ‪.02‬‬
‫(‪-)5‬مونرتان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.238‬‬
‫‪14‬‬

‫وحممد الفاتح ‪848‬ه‪1444-‬م‪846/‬ه‪1442-‬م ووالده السلطان سليم األول ‪1512‬ه‪918-‬ه‪969/‬ه‪-‬‬


‫‪1520‬م‪ ،‬فحافظ عل هذه اإلجنازات وأضاف إليها الكثري فأصبح عهده عهد الفتوحات العظيمة‬
‫واحلنكة السياسية والنظام والقوانني(‪ ،)1‬حيث قام بتوسيع القوانني والتشكيالت اإلدارية املوضوعة يف‬
‫عهد السلطان حممد الفاتح وأجرى بعض التغيريات فيها(‪ )2‬وأضفى عليها صبغة قانونية ملتمسا يف‬
‫ذلك رأي املفيت أبو السعود وبعض القضاة الذين ملس فيهم الرأي الصائب‪ ،‬وهبذا يظهر عهده حبلة‬
‫جديدة تظفي على الدولة هبة أكثر من خالل سن قوانني تضبط مجيع األمور وعلى مجيع األصعدة‪،‬‬
‫عرفت هذه القوانني بقانون نامة(‪ )3‬وهبذا محل لقب سليمان بالقانوين‪.‬‬
‫برزت الدولة العثمانية يف عهده بشكل ظاهر‪ ،‬إذ أصبحت ملمحا للحضارة اإلسالمية من‬
‫خالل مؤسساهتا وتشكيالهتا العسكرية واإلدارية واملالية والقضائية والعلمية واالجتماعية(‪ .)4‬وهبذا‬
‫أضحت الدول األوربية تسعى جاهدة ألجل كسب اجلانب العثماين بربط الصالت وإبرام‬
‫االتفاقيات‪.‬‬

‫(‪-)1‬السيد حممد السيد حممود‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية [ النشأة ـ ـ االزدهار ] وفق املصادر العثمانية املعاصرة و الدراسات‬
‫الرتكية احلديثة‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.249‬‬
‫(‪-)2‬كوندوز وأوزتوك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.240‬‬
‫(‪-)3‬سيتم التعريف به املبحث األول‪.‬‬
‫(‪-)4‬السيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.249‬‬
‫السلطة القضائية‬ ‫املبحث األول‪:‬‬
‫موظفوا اهليئة القضائية‪.‬‬ ‫املطلب األول‪:‬‬
‫مستحدثات السلطان سليمان يف القضاء‪.‬‬ ‫املطلب الثاين‪:‬‬
‫القضاء من خالل املذهب احلنفي‪.‬‬ ‫املطلب الثالث‪:‬‬
‫‪16‬‬

‫املبحث األول‪ :‬السلطة القضائية‪.‬‬


‫‪-1‬موظفوا اهليئة القضائية‪:‬‬
‫لقد كان القضاء(‪ )1‬يف الدولة العثمانية منظما تنظيما دقيقا وحظي مباراتب تتسلس ممن ا‪،‬‬
‫وكانت أعلى قمة فيه هي مارتبة شيخ اإلسالم أو املفيت الكبري كما كان تطلق عليه سابقا‪ ،‬وتليه‬
‫قاميان للعسكار أحدمها للاروميلي وآخار لألنامول مث عدد من كبار القضاة حيملون لقب مال(‪ )2‬أو‬
‫موىل(‪ )3‬بالارغم أنه مل تكن هناك سلطة قضائية مستقلة بذاهتا‪ ،‬ب كانت كل ا حتت سلطة اهليئة‬
‫الدتنية اإلسالمية أو كما تعارف بالسلطة الشارعية‪.‬‬
‫أ)‪-‬شيخ اإلسالم‪:‬‬
‫كان تطلق عليه أول األمار مفيت العاصمة وأحيانا املفيت األكرب‪ ،‬ولقد وقع خالف كبري بني‬
‫املؤرخني حول حتدتد الوقت الذي أطلق فيه على مفيت العاصمة لقب شيخ اإلسالم‪ ،‬هلذا ظ ارت‬
‫ثالثة آراء جاءت مضامين ا كالتايل‪:‬‬
‫‪ -‬الرأي األول‪ :‬حسب هايدبورن‪ Heidborn -‬وهو خمتص يف جمال القانون من النمسا تقول‬
‫هو أول من أطلق هذا اللقب على مفيت‬ ‫‪1451-1421‬م‬ ‫أن السلطان ماراد الثاين ‪855-824‬ه‪/‬‬
‫أدرنة(‪ )4‬عاصمة الدولة آنذاك‪.‬‬

‫(‪-)1‬القضاء مصدر قضاء مجع ا أقضية وفعل ا قضي تقضي قضاء أي حكم‪ ،‬مبعين إحكام الشيء‪ .‬أنظار‪ :‬حممد الححيلي‪ ،‬تاريخ‬
‫القضاء يف اإلسالم‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكار املعاصار‪ ،‬بريوت‪ ،1995،‬ص ص ‪.11-10‬أما شارعا عارفه الفق اء بتعارتفات كثرية‪ ،‬نأخذ‬
‫من ا أن القضاء هو فص اخلصومات وقطع النحاعات باحلكم الشارعي على وجه خمصوص‪ ،‬وإمنا مسي القضاء حكما ملا فيه من‬
‫احلكمة يف التوجب ومع الشيء يف حمله‪ ،‬لكونه تكف الظامل عن ظلمه‪ .‬أنظار‪ :‬عبد العحتح حممد عحام‪ ،‬النظام القضائي يف‬
‫اإلسالم‪ ،‬ج‪ ،1‬املؤسسة العاربية احلدتثة للطبع والنشار والتوزتع‪ ،‬القاهارة‪ ،‬ص‪.71 ،‬‬
‫(‪-)2‬لفظ متداول يف الع د العثماين مبعين السيد‪ ،‬أطلق كلقب من ألقاب التشارتف على قضاة العسكار‪ .‬أنظار‪ :‬مصطفى عبد‬
‫الكارمي اخلطيب‪ ،‬معجم املصطلحات واأللقاب التارخيية‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الارسالة‪ ،‬بريوت‪1996 ،‬م‪ ،‬ص ‪.407‬‬
‫(‪-)3‬حممد األمني احمليب‪ ،‬خالصة األثر يف أعيان القرن احلادي عشر‪1111،‬ه‪1699-‬م‪ ،‬تع‪ ،‬ليلى الصباغ‪ ،‬منشورات وزارة‬
‫الثقافة واإلرشاد‪ ،‬دمشق‪ ،1983،‬ص‪(.87‬املعلومات من هامش الكتاب)‪.‬‬
‫(‪-)4‬كانت قدميا بلد من طارابشا وامس ا منسوب إىل امللك أدرتان الذي جدد بناءها ويف سنة ‪1360‬م اختذها السلطان ماراد‬
‫األول كقاعدة للدولة العثمانية من ذلك الحمان حىت فتح القسطنطينية سنة ‪1453‬م‪ ،‬أنطار‪ :‬سليمان بن خلي بن بطارس جاوتش‪،‬‬
‫التحفة السنية يف تاريخ القسطنطينية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الصادر للطباعة والنشار‪ ،‬لبنان‪ ،1995 ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪17‬‬

‫‪ -‬الرأي الثاين‪ :‬الذي تبناه ك من املؤرخ دوسون‪ D’ohosson -‬الفارنسي واملؤرخ ليبي‪-‬‬
‫هو من أطلق هذا‬ ‫‪886-855‬ه‪1451/‬م‪1481-‬م‬ ‫‪ Lybyer‬األمارتكي‪ ،‬أن السلطان حممد الثاين‬
‫اللقب على مفيت القسطنطينية(‪ )1‬بعد أن فتح ا(‪. )2‬‬
‫‪ -‬الرأي الثالث‪ :‬وهو ما صارح به جب وبوون‪ Gibb and Bowen-‬اإلجنليحتني مفاده أن‬
‫السلطان سليمان القانوين هو صاحب التسمية‪ ،‬أما الشناوي يف كتابه الدولة العثمانية فريى أن الارأي‬
‫األقارب إىل الصواب هو أن السلطان حممد الثاين أوجد هذا اللقب بعد فتح القسطنطينية‪ ،‬وتتوافق‬
‫(‪)3‬‬
‫بالتايل مع ما وص إليه دوسون وليبي‪ ،‬حيث كان شيخ اإلسالم أكرب شخصية دتنية إسالمية‬
‫ورئيس العلماء تعني يف منصبه مبارسوم سلطاين وكان حىت القارن العاشار هجاري‪ /‬السادس عشار‬
‫ميالدي خيتار من بني املدرسني الذتن اشت اروا بعلم م(‪ ،)4‬حتال إليه القضاتا اجلنائية اليت تارى القامي‬
‫في ا احلكم بإعدام املت مني‪ ،‬كما كان الصدر األعظم والوزراء وحىت السلطان يف بعض األحيان‬
‫تلتمسون رأته وتعارمون عليه مشاروعات القوانني الومعية قب إقارارها بصفة هنائية ومدى مطابقت ا‬
‫ألحكام الشارتعة(‪ ،)5‬وعليه جسد شيخ اإلسالم رأس السلطة الشارعية يف الدولة العثمانية وخضعت له‬
‫مجيع اهليئات القضائية والدتنية)‪ ،(6‬إذ كان حتت سلطته التشارتع واحملاكم واملدارس امللحقة باملساجد‬
‫وممتلكات األوقاف‪ ،‬كما كان حتت سلطته القضاة الشارعيون والقضاة العسكارتون واملفتون)‪ ،(7‬له‬
‫مكانة مارموقة بصفته املفسار الارمسي األعلى للشارتعة اليت كان السلطان نفسه خامعا هلا‪ ،‬وله‬
‫صالحيات ماراقبة القانون والقضاء بدون أي تدخ من السلطة الحمنية احلاكمة‪ ،‬إذ تتمتع باستقالل‬

‫(‪-)1‬مدتنة عظيمة على مفاف البوسفور عارفت بأمساء عدتدة وقد عارف ا اليونان والارومان باسم بيحنطة وعارفت باسم روما اجلدتدة‬
‫والقسطنطينية نسبة لقسطنطني ومساها األتاراك إستنبول أو إسالمبول أي البالد العامارة بإسالم‪ .‬أنظار‪ :‬برينارد لوتس‪ ،‬إسطنبول‬
‫وحضارة اخلالفة اإلسالمية‪ ،‬تار‪ ،‬السيد رموان علي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار السعودتة للنشار والتوزتع‪ ،1982 ،‬ص ص ‪.12-11‬‬
‫(‪-)2‬عبد العحتح الشناوي‪ ،‬الدولة العثمانية دولة إسالمية مفرتي عليها‪،‬ج‪،1‬مكتبة األجنلو املصارتة‪ ،‬القاهارة‪ ،1980،‬ص ص‬
‫‪.400-399‬‬
‫(‪-)3‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪.401 -400‬‬
‫(‪-)4‬خلي إتناجليك‪ ،‬الدولة العثمانية من النشوء إىل االحندار‪ ،‬تار‪ ،‬حممد‪-‬م‪ -‬أرناؤوط‪ ،‬ط‪ ،1‬دار املدار اإلسالمي‪،2002 ،‬‬
‫بريوت‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫(‪ -)5‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.399‬‬
‫(‪-)6‬فيص بن موسى‪ ،‬السلطة احلاكمة واهليئة الدينية يف الدولة العثمانية خالل القرن العاشر هجري السادس عشر ميالدي‪،‬‬
‫مذكارة لني ش ادة املاجستري يف التارتخ احلدتث واملعاصار‪ ،‬ختصص دولة عثمانية واملشارق العاريب‪ ،‬جامعة اجلحائار‪،2003 ،2‬‬
‫ص‪.60‬‬
‫(‪-)7‬إمساعي أمحد تاغي‪ ،‬الدولة العثمانية يف التاريخ اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة عبيكان‪ ،1998 ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪18‬‬

‫مايل)‪ (1‬ومل تكن تعحل من منصبه حىت النصف الثاين من القارن السادس عشار‪ .‬وألن شيخ اإلسالم‬
‫ممث للشارتعة اإلسالمية فقد كان تعم بشك مستق عن السلطة السياسية(‪ ،)2‬ومل تقتصار صالحياته‬
‫على ذلك فحسب‪ ،‬ب كان السلطان تأخذ رأته وال تقدم على خوض غمار احلارب إال بعد‬
‫استشارته إذ جارت العادة أن تصدر شيخ اإلسالم فتوى تقار في ا بأن أهداف احلارب ال تتعارض مع‬
‫الدتن وهبذا جتاز فتواه‪ ،‬كما كان جييح للسلطان التنازل عن بعض األقاليم لصاحل دولة أجنبية فضال‬
‫عن وجود فتاوى جتيح عحل السلطان لسبب أو آلخار(‪.)3‬‬
‫تعد شيخ اإلسالم أعلى مارتبة يف السلطة القضائية‪ ،‬فقد كانت هذه األخرية تتكون من جمموعة‬
‫من القضاة على اختالف أمسائ م ترتكحون يف خمتلف أرجاء الدولة العثمانية تلجؤون إىل املفيت يف‬
‫القضاتا اليت حتتاج إىل رأته باعتباره رأس هارم هذه السلطة الشارعية وجندهم كالتـ ـ ـ ـ ـايل‪:‬‬
‫ب)‪ -‬القضاة‪:‬‬
‫كان القضاة ميارون بطارتق دراسي طوت قب أن تتقلدوا املنصب؛ أما التعيني يف املنصب فقد كان‬
‫وفق شاروط مل تسمح لغري املؤهلني علميا بتقلده نظارا ألمهيته‪ ،‬واعتمدت احملاكم للنظار يف مجيع‬
‫القضاتا سواء كانت من اختصاص الشارتعة أو القوانني الومعية أو العارف والقضاة على بكارة أبي م‬
‫كانوا مسلمني‪ ،‬أما رواتب م فكانت من الارسوم القضائية والغارامات اليت حيكمون هبا للمتخاصمني‬
‫وتتقامون جحء من دخل م يف معاتنة الرتكات وتقسيم املبيعات والنظار يف األحوال الشخصية كعقود‬
‫الحواج وغريها‪ ،‬حيث تصدرون يف احملاكم عقودا تعارف باألوراق الارمسية وتطلق علي ا اسم احلجج‬
‫الشارعية (‪.)4‬‬
‫والقضاة تتسلسلون على الرتتيب كالتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـايل‪:‬‬
‫ب‪-1/‬املال الكبار‪:‬‬
‫هم قضاة العسكار أو املقاطعات أو املدن الكربى(‪.)5‬‬

‫(‪-)1‬لوتس‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.181‬‬


‫(‪-)2‬إتناجليك‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫(‪-)3‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫(‪-)4‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪.422 -421‬‬
‫(‪-)5‬كيدو‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪19‬‬

‫قضاة العسكر‪:‬‬
‫أنشأت الدولة العثمانية على رأس النظام القضائي منصب قامي القضاة أو رئيس القضاة‪ ،‬مقاره‬
‫العاصمة تشارف على أعماهلم يف سائار أحناء الدولة(‪ ،)1‬ظ ار هذا املنصب من قب إذ وجد تشابه من‬
‫حيث االسم وأسلوب العم بينه وبني قامي القضاة عند العباسيني‪ .‬عارف هذا املنصب أول مارة يف‬
‫ع د السلطان ماراد األول ‪765‬ه‪1363/‬م وعني على تلك الوظيفة قامي بورصة خليل خري الدين‬
‫باشا من أفاراد عائلة جندريل(‪ ،)2‬وكان أعلى مارتبة بني القضاة‪ ،‬أما يف ع د السلطان حممد الفاتح فقد‬
‫كان املنصب األوحد الذي ميكن أن تصدر الفتاوى واألحكام وله سلطة تارشيح من تقع علي م‬
‫االختيار ليشغلوا وظائف القضاء على اختالف فئاهتم(‪ ،)3‬متتع بنفوذ كبري مل تظفار به قامي القضاة‬
‫يف أي بلد إسالمي هلذا خشي أحد الصدور العظام وتسمى"قرمان حممد باشا"من تحاتد نفوذ قامي‬
‫العسكار فاقرتح على السلطان حممد الفاتح أن تنشئ منصب ثاين‪ ،‬قام السلطان حممد الفاتح بإنشاء‬
‫منصبان سنة ‪885‬ه‪1480/‬م حيم ك من ما اسم قامي عسكار األول للاروميلي والثاين‬
‫لألنامول(‪.)4‬‬
‫‪ -‬قاضي عسكر روميلي ‪:‬‬
‫إذا ارتقى قامي إسطنبول أصبح قامي عسكار أنامول وإذا ارتقى هذا األخري أصبح قامي‬
‫عسكار الاروميلي مث شيخ اإلسالم‪ ،‬وكان قامي عسكار الاروميلي أعلى مارجع لكافة القضاة يف‬
‫الاروميلي وهو عضو يف الدتوان اهليماتوين‪.‬سيتم التطارق إليه أكثار يف املبحث الثاين‪.‬‬
‫‪-‬قاضي عسكر األناضول‪:‬‬
‫كان ميارس امل ام نفس ا اليت تقوم هبا قامي العسكار الاروميلي فيما خيص األقاليم العثمانية يف‬
‫آسيا(‪)5‬وتقوم بتعيني القضاة داخ املناطق التابعة له واإلشاراف علي م وماراقبت م وتعيني مسؤويل‬
‫املساجد واملوظفني الدتنيني داخ منطقة نفوذه(‪ ،)6‬وبعد زتادة توسع الدولة باجتاه العامل العاريب يف‬

‫(‪-)1‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص‪.424‬‬


‫(‪-)2‬إحسان أوغلى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.299‬‬
‫(‪-)3‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.424‬‬
‫(‪-)4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.424‬‬
‫(‪-)5‬صابان‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫(‪-)6‬إباراهيم عيسى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪20‬‬

‫استحدث منصب قامي‬ ‫‪928‬ه‪1521/‬م‬ ‫شارق األنامول وجنوبه يف ع د السلطان سليم األول‬
‫لذلك(‪.)1‬‬ ‫العارب والعجم واختذت دتار بكار ماركح‬
‫‪-‬قضاة املدن الكبى‪:‬‬
‫قاضي إسطنبول‪ :‬كان تلي قضاة العسكار يف الدرجة واملاركح وتطلق عليه "استنبول أفندتس"‪ ،‬مث‬
‫تليه قضاة الثالثة لضواحي ا سكوتاري‪ Scutari-‬وهو اسم تارجع إىل الع د البيحنطي وتطلق علي ا‬
‫االسم الرتكي أسكودار مث ماحية جاالطة‪ Galata-‬مث ماحية أيوبا(‪ ،)2‬ولقد متتع هؤالء القضاة‬
‫ببعض االستقاللية عن قامي اسطنبول‪ ،‬حيضارون معه جلسة الدتوان اهليماتوين توما واحد يف األسبوع‬
‫وحيلون حم قامي عسكار‪ ،‬كما تساعدون الصدر األعظم ورئيس الدتوان يف النظار يف القضاتا وتطلق‬
‫علي م اسم قضاة التخت (ختت قاميسي) ألهنم تقيمون بصفة دائمة يف العاصمة‪.‬‬
‫‪-‬قضاة املدن الكبى حسب التسلسل‪:‬‬
‫قامي مكة‪ ،‬املدتنة‪ ،‬أدرنة‪ ،‬بورصة‪ ،‬القاهارة‪ ،‬دمشق‪ ،‬وقضاة التخت سبق ذكارهم‪ ،‬مث القدس‪،‬‬
‫إزمري‪ ،‬حلب‪ ،‬الرتسا وسالونيكي‪.‬‬
‫ب‪-2/‬املال الصغار‪:‬‬
‫وهم قضاة املدن العشارة اليت تأيت يف املارتبة الثانية‪( ،‬ماراص‪ ،Maras-‬بغداد‪ ،‬بوسناساراي‪-‬‬
‫‪ ،Bosnaserai‬صوفيا‪ ،‬بلغاراد‪ ،‬أنتيب(عنتاب)‪ ،Antep-‬كوتاهية‪ ،Kurahya-‬قونيا‪-‬‬
‫‪ ،Konya‬فيليب‪ ،Filibe-‬دتار بكار) (‪.)3‬‬
‫‪-)3‬املفتشون‪:‬‬
‫هم أتضا من رجال القضاء على الارغم من أن امس م ال تنم عن م مت م القضائية‪ ،‬عددهم قلي‬
‫تص إىل مخس مفتشني(‪ )4‬حبسب دوائار التفتيش‪ ،‬ثالثة من ا يف إسطنبول وواحدة يف أدرنة واألخارى‬
‫يف بورصة(‪ )5‬ولقد اختصوا باإلشاراف على األوقاف السلطانية وسريوها للنفقة على املؤسسات الدتنية‬

‫(‪-)1‬صابان‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص‪.175‬‬


‫(‪-)2‬كيدو‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪-)3‬كيدو‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ -)4‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.429‬‬
‫(‪ -)5‬كيدو‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪21‬‬

‫اخلريتة كما كان بعض ا حتت إشاراف شيخ اإلسالم وجحء آخار حتت إشاراف الصدر األعظم‪ ،‬يف حني‬
‫كان اجلحء املتبقي حتت إشاراف رئيس اخلصيان البيض الذي تقوم على خدمة أجنحة حارمي‬
‫السلطان(‪.)1‬‬
‫ب‪-4/‬املفتون‪:‬‬
‫من بني الشخصيات اهلامة أتضا يف نظام القضاء العثماين‪ ،‬واملسامهة يف إرساء دعائم النظام‬
‫العثماين ملا تتمتعون به من ثق يف هارم السلطة‪ ،‬تشكلون فئة هامة يف اهليئة الشارعية اليت تارأس ا املفيت‬
‫األكرب‪ ،‬خيتارون من بني رجال الدتن‪ ،‬تقومون مب ام جبانب القضاة خاصة يف املدن امل مة لكن م أق‬
‫رتبة من مفيت إسطنبول وأق ماركح من قضاة األقاليم(‪ )2‬م مت م الوحيدة هي إصدار الفتاوى يف حتلي‬
‫أو حتارمي املسائ املعارومة علي م‪ ،‬أما يف املدن الصغارى فقد كان ماركح القامي واملفيت تدمج يف‬
‫شخص واحد‪ ،‬حيث اعترب هؤالء املفتون يف مارتبة واحدة فيما بين م وتعينون على مدى احلياة من‬
‫قب شيخ اإلسالم وهم تندرجون من حيث املارتبة وراء أصحاب لقب املال والقضاة(‪.)3‬‬
‫ب‪-5/‬نواب ومبعوثوا القضاة ‪:‬‬
‫من حيم لقب املال الكبري أو الصغري كان باستطاعته أن خيتار من تنوبه عن م عندما ال تتسىن له‬
‫ممارسة م امه من املاركح عندما ال تتواجدون‪ ،‬وذلك على حسابه اخلاص لكن كان تتوجب على‬
‫املاراتب األدىن من القضاة احلصول على إذن من قامي العسكار لتعيني نواب هلم‪ ،‬ونائب املال تسمى‬
‫(مال نائيب –‪ ) Molla Naibi‬أي نائب القامي(‪.)4‬‬
‫‪-)2‬مستحدثات السلطان سليمان القانوين يف القضاء‪:‬‬
‫السلطان سليمان القانوين الذي اشت ار بتطبيق العدالة دون حتيح يف شىت ربوع أمالكه‬
‫الواسعة(‪)5‬حامار يف ك شيء إذ مل تكن حيدث داخ الدولة شيئا إال كان وراءه وعلى دراتة به‪ ،‬إذ‬

‫(‪ -)1‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.429‬‬


‫(‪ -)2‬بن موسى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫(‪ -)3‬كيدو‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.18 -17‬‬
‫(‪-)4‬كيدو‪،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.14-13‬‬
‫(‪-)5‬أمحد عبد الارحيم مصطفي‪ ،‬أصول التاريخ العثماين‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الشارق‪ ،‬القاهارة‪ ،2013 ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪22‬‬

‫مل تعارف الدولة نشاطا قانونيا مكثفا بالشك الذي عارفته يف فرتة حكمه (‪.)1‬‬
‫أ)‪-‬حتديدا املركز الوظيفي والقانوين لشيخ اإلسالم‪:‬‬
‫حيث أصبح رئيس العلماء وأكرب شخصية عاملة يف اهليئة الشارعية(‪ ،)2‬بارزت شخصيته بصفة‬
‫ملفتة وازدادت تألقا حىت أنه وص كما تشري أحد املؤرخني ندا للصدر األعظم(‪ ،)3‬وكانت الارعية‬
‫تظ ار له احرتاما مل تظ اروه لارج آخار يف الدولة‪ ،‬حيث حظي هبذا التقدتار ألنه ميث الشارتعة‬
‫اإلسالمية(‪.)4‬‬
‫اكتسبت مؤسسة اإلفتاء (مشيخة اإلسالم) تنظيما إدارتا واسعا وأمحت ماركح من ماراكح القوى‬
‫السياسية يف الدولة‪ ،‬حيث أنشأ السلطان مكتبا لشيخ اإلسالم تطلق عليه ( باب مشيخة) وأحلق به‬
‫مكتبا آخار (باب الفتوى)(‪ )5‬أو فتوى خانة مبعىن دار اإلفتاء‪ ،‬تعم هبا كبار العلماء تبحثون في ا‬
‫املسائ الشارعية اليت تطلب إىل شيخ اإلسالم إصدار فتوى بشأهنا‪ ،‬وكان تارأس دار اإلفتاء أحد كبار‬
‫العلماء تطلق عليه (فتوى أميين) أي أمني اإلفتاء(‪ ،)6‬واستحدث نوع من أمانة السار دعي املوظف‬
‫في ا باسم (التلخيصجي)(‪ ،)7‬كما كانت لشيخ اإلسالم امتيازات اإلعفاء من الضارائب وممتلكاته ال‬
‫ختضع للمصادرة مثال‪ :‬كان القامي تتمتع باحلصانة مد العحل والنق وتنحت الارتبة وله صالحيات‬
‫ماراقبة الوايل والدفرت دار ومجيع موظفي اجل از اإلداري(‪.)8‬‬
‫كان تتم اختيار شيخ اإلسالم من بني املفتني الذتن تعملون يف أحناء الدولة لكن ملا تغري لقب‬
‫املفيت إيل شيخ اإلسالم أصبح السلطان خيتاره من بني كبار القضاة (‪( )9‬قضاة العسكار) وذلك لعدة‬

‫‪-‬عبد الارحيم بنحادة‪ ،‬العثمانيون واملؤسسات واالقتصاد والثقافة‪ ،‬ط‪،2‬النجاح اجلدتد‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2008 ،‬ص‬ ‫( ‪)1‬‬

‫ص‪.40-39‬‬
‫(‪ -)2‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.410‬‬
‫(‪ )3‬الغايل غاريب‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية واملشرق العريب‪ ،‬ط‪ ،2‬دتوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلحائار‪ ،2011 ،‬ص ‪.34‬‬
‫(‪ -)4‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.411 -410‬‬
‫(‪-)5‬وجيه الكوثاراين‪ ،‬الفقيه والسلطان‪ ،‬املاركح العاريب للنشار والرتمجة‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫(‪ -)6‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.411‬‬
‫(‪ -)7‬موظف عند شيخ اإلسالم تكون على اتصال بالسلطة احلاكة حول الفتاوى واألحكام الفق ية الدتنية وكانت تعيينات‬
‫املدرسني والقضاة وغري ذلك مما تتم عن طارتق شيخ اإلسالم تبلغ من خالل التلخيصجي‪ ،‬أنظار‪ :‬كيدو‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ص‬
‫‪.60 -59‬‬
‫(‪-)8‬غاريب‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫(‪-)9‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.411‬‬
‫‪23‬‬

‫أسباب من ا‪ :‬باعتبار قامي العسكار تكون قد أمضى فرتة اختبار طوتلة داخ مؤسسات السلطة‬
‫وهي فرتة كفيلة لتثبيت عملية اندماجه داخ هذه املؤسسات(‪.)1‬‬
‫استطاع السلطان سليمان األول بعد خماض طوت أن تنجح يف تثبيت املارتكحات الن ائية ملؤسسة‬
‫شيخ اإلسالم داخ مباين السلطة وذلك على تد املفيت الش ري أبو السعود أفندي(‪ )2‬حيث أصبحت‬
‫مؤسسته متعددة الوظائف التشارتعية والقضائية والتعليمية(‪ .)3‬ملا توىل أبو السعود أفندي منصب شيخ‬
‫اإلسالم عارض على السلطان سليمان القانوين خطة تعني القضاة أي بتقدمي األفض يف العلم والدتن‬
‫والعدالة‪ ،‬وتف م من هذا تشكي جلنة تعني القضاة‪ ،‬إذ تقوم قامي عسكار روميلي أو األنامول‬
‫برتشيح القضاة وتارفع األمار إىل شيخ اإلسالم وبعد أخذ املوافقة تعارمه على السلطان الذي تصدر‬
‫بدوره مارسوما بتعيني القضاة‪ ،‬أما النواب فقد كان تقوم بتعيين م قامي العسكار مباشارة(‪.)4‬ومن‬
‫شاروط القامي يف الع د العثماين أن تكون سنه ‪25‬سنة فما فوق‪ ،‬أن ال تكون ممنوعا من تويل‬
‫القضاء بسبب أحد القوانني وأن تكون مأذونا من مدرسة القضاة وتكون مسلما منتميا للمذهب‬
‫احلنفي(‪.)5‬‬
‫ب)‪ -‬تدوين قوانني نامة‪:‬‬
‫قانون نامة هو مصطلح مكون من كلمتني األوىل قانون وتعين مقياس والثانية نامة وهي كلمة‬
‫فارسية تعين الكتاب أو الورقة أو الارسالة‪ ،‬وعليه قانون نامة هو ورقة القانون أو الئحة القوانني وهي‬

‫(‪-)1‬حسن الضيقة‪ ،‬الدولة العثمانية ثقافة اجملتمع والسلطة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار املنتخب العاريب للدراسات والنشار والتوزتع‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪1997‬م‪ ،‬ص ص ‪.124 -123‬‬
‫(‪-)2‬هو حممد بن حمي الدتن حممد بن مصطفى العماد‪ ،‬الش ري بأيب السعود أفندي‪ ،‬هناك رواتات عدة حول ميالده والاراجح أنه‬
‫ولد عام ‪898‬ه‪1493-‬م وهو التارتخ الذي أورده الطاشكربي زاده‪ ،‬كان مولده يف قارتة قارب القسطنطينية وعلى األرجح‬
‫إسكليب يف بالد الاروم‪ ،‬نشأ يف إسطنبول ودرس على شيوخ ا وعلمائ ا كان بيته بيت علم وصالح فقد كان والده حمي الدتن‬
‫حممد من علماء عصاره‪ ،‬توىل أبو السعود عدة ومائف التدرتس القضاء حىت أصبح مفيت إسطنبول عام ‪952‬ه‪1545/‬م استمار‬
‫يف املنصب ‪30‬سنة‪ .‬عصام حممد علي عدوان‪" ،‬شيخ اإلسالم أبو السعود أفندي‪986-898‬ه‪1574-1493/‬م"‪ ،‬جملة‬
‫جامعة القدس املفتوحة لألحباث والدراسات‪ ،‬العدد‪،22‬شباط ‪2011‬م‪ ،‬ص ‪ 266‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ -)3‬الضيقة‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫(‪-)4‬جانبوالت‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.433 -432‬‬
‫(‪ -)5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.440 -439‬‬
‫‪24‬‬

‫جمموعة النصوص القانونية(‪ ،)1‬والكتب اليت جتمع بعض النظم أو القوانني املعمول هبا يف الدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬وهي كثرية من ا جمموعة حتتوي فارمانات متعلقة بشؤن خمتلفة‪ ،‬ال جيمع بين ا موموع واحد‪،‬‬
‫ومن ا ما جيمع قوانني خاصة ختص سنجق(‪ )2‬من السناجق يف الدولة(‪ ،)3‬والقانون هو جمموعة القواعد‬
‫اليت تنظم الاروابط االجتماعية‪ ،‬وهلا معىن خاص تعين ك قاعدة أو جمموعة القواعد اإللحامية اليت‬
‫تضع ا السلطة التشارتعية لتنظيم أمار معني‪.‬‬
‫مل تكن فكارة التقنني (سن القوانني ) فكارة جدتدة أو مبتكارة يف الدولة العثمانية وإمنا تعود إىل‬
‫قارون سابقة‪ ،‬فالبشار يف خمتلف العصور(‪ )4‬كانوا حباجة إىل قوانني‪ ،‬وقد تفاوتت هذه القوانني يف مدة‬
‫صالحياهتا عرب العصور‪ ،‬والذي مييح قوانني الدولة العثمانية عن سابقاهتا أهنا جاءت منسجمة مع‬
‫تعاليم اإلسالم‪ .‬بدأت مارحلة التقنني يف الدولة العثمانية يف ع د السلطان عثمان الغازي مث ابنه‬
‫أورخان إذ تارسخت يف ع ده فكارة املؤسسات العلمية واإلدارة العسكارتة عمال بوصية أبيه يف‬
‫مصاحبته للعلماء واستشارهتم(‪ ،)5‬مث قوانني نامة السلطان ماراد خداوندكار ‪792-764‬ه‪-1362 /‬‬
‫‪1389‬م يف هذه الفرتة اتسعت الدولة وازدهارت األرامي التيمارتة(‪ )6‬فأجارتت تعدتالت م مة يف‬
‫التشارتع‪ ،‬وومعت قوانني تنظيم العسكار واألسارى والغنائم استمار هذا حىت ع د السلطان باتحتد‬
‫األول ‪805-792‬ه‪1402-1389/‬م الذي مل تدون يف ع ده جمموعات قانونية مستقلة إال بعض‬
‫القوانني املتعلقة باملسائ القانونية املتعلقة بالقضاء(‪.)7‬‬
‫أما فيما خيص السلطان سليمان القانوين فقد قام بتدوتن القوانني اليت ومعت يف ع د ك من‬
‫السلطان حممد الفاتح ويف ع د باتحتد الثاين وع د السلطان سليم األول‪ ،‬مع أن هذه القوانني كانت‬

‫(‪-)1‬جازتة دمحاين‪ ،‬السياسة اخلارجية للدولة العثمانية يف عهد السلطان حممد الفاتح(‪)1481 -1451‬م‪ ،‬مذكارة ختارج لني‬
‫ش ادة املاجستري يف التارتخ احلدتث واملعاصار‪ ،‬ختصص دولة عثمانية واملشارق العاريب‪ ،‬جامعة اجلحائار‪2013،‬م‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫(‪-)2‬ومعناها اللغوي العلم واللواء اخلاص بالدولة مث خص هبا اللواء الذي مينحه السلطان للويل أو األمري تعبريا عن ثقته بأنه أه‬
‫للحكم مث تطورت الداللة فأصبحت تعين قسما إدارتا من أقسام الدولة‪ .‬أنظار‪ :‬صابان‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫(‪-)3‬خلي ساحلي أوغلى‪ ،‬من تاريخ األقطار العربية يف العهد العثماين حبوث ووثائق وقوانني‪ ،‬ماركح األحباث للتارتخ والفنون‬
‫والثقافة اإلسالمية باسطنبول‪ ،2001،‬ص ‪.529‬‬
‫(‪ -)4‬جانبوالت‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪-)5‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪.54 -52‬‬
‫(‪-)6‬إقطاع أرمي مينح لضباط السباهية ودخله التتجاوز‪ 999،19‬أقجة‪ ،‬حممود عامار‪" ،‬املصطلحات املتداولة يف الدولة‬
‫العثمانية"‪ ،‬جملة الدراسات التارخيية‪ ،‬العدد‪ 118-117‬ححتاران‪،2012 ،‬دمشق‪ ،‬ص ‪.271‬‬
‫(‪ - )7‬جانبوالت‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪25‬‬

‫موجودة من قب إال أن السلطان سليمان القانوين كان أفض من قام بتحارتارها إذ بلغ عددها مئيت‬
‫قانون(‪ )1‬تقارتبا(‪ ،)2‬ومع هذه القوانني مع شيخ اإلسالم أبو السعود أفندي راعى وحارص أن تتفق‬
‫هذه القوانني مع الشارتعة اإلسالمية والقواعد العارفية‪ ،‬عارفت هذه القوانني باسم "قانون نامة‬
‫سليمان"(‪ .)3‬جاءت مكملة لدستور الفاتح والقوانني األخارى اليت سنت ونشارت على ع ده‪ ،‬وقد‬
‫ومع أتضا قوانني لإلتاالت (قانون نامة مصار) وراعى في ا الظاروف اخلاصة بتلك األقطار إذ الءم ا‬
‫أبو السعود أفندي مع الشارتعة والقواعد العارفية(‪ .)4‬استند السلطان سليمان القانوين يف هذه القوانني‬
‫على فتاوي علماء عصاره‪ ،‬فيما خيص خمالفة هذه القوانني للشارتعة اإلسالمية ال ميكن القول بوجود‬
‫خمالفة وامحة لكن جيوز أنه أخذ بعض اآلراء الضعيفة واألقوال املارجوحة من أج الضارورة أو املنفعة‬
‫العامة‪ ،‬حيث ومع بعض القوانني املفتوحة للنقاش‪ ،‬كما اقتبس البعض من القوانني األوربية(‪.)5‬‬
‫ج) ‪ -‬بناء املدارس‪:‬‬
‫تعترب التعليم أحد الاركائح األساسية اليت تساعد على ازدهار الثقافة وانتشارها‪ .‬أدرك العثمانيون دور‬
‫التعليم هلذا أولوه اهتماما كبريا‪ ،‬إذ عم سالطني الدولة على تشييد املدارس والوقف(‪ )6‬علي ا(‪،)7‬‬
‫وبناء املدارس عند العثمانيني بدأ بداتة متوامعة‪ ،‬حيث أن أول مدرسة عثمانية كانت مدرسة "إزنق"‬
‫اليت أقام ا السلطان الغازي أورخان‪ ،‬ويف أواسط القارن اخلامس عشار للميالد أقام السلطان حممد‬
‫الفاتح مدارس "الصحن الثمان" ‪876-872‬ه‪1471-1467/‬م(‪ )8‬اعتربت هذه املدارس يف ذلك الوقت‬
‫أعلى مؤسسة للتعليم يف الدولة العثمانية‪ ،‬بعد هذه املدارس بدرجة تأيت (دار احلدتث) اليت أسس ا‬
‫السلطان ماراد الثاين ‪855-824‬ه‪1451-1421/‬م يف أدرنة‪ ،‬أما السلطان سليمان القانوين فقد أسس‬
‫خالل ‪967-957‬ه‪1559-1550/‬م أربع مدارس عامة ومدرستني للدراسات املتخصصة حول اجلامع‬

‫(‪ -)1‬أنظار‪ :‬امللحق رقم ‪.03‬‬


‫(‪ -)2‬كندوزو وأوزتوك‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.242‬‬
‫(‪)3‬جنم الدتن مصطفى حممد‪ ،‬الدساتري والقوانني العثمانية‪...‬اجلذور والتوجه اجلديد‪ ،‬أطاروحة لني درجة الدكتوراه يف القانون‪،‬‬
‫الدانيمارك‪ ،2013،‬ص ‪.243‬‬
‫(‪-)4‬أوزتونا‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.355‬‬
‫(‪ -)5‬كوندوز وأزتوك‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.243‬‬
‫(‪-)6‬هو حبس عني على ملك الواقف والتصدتق باالنتفاع األبدي لصاحل الفقاراء أو اهليئات الدتنية أو خدمة ملنفعة عامة‪ .‬أنظار‪:‬‬
‫أرنست مريسي‪ ،‬الوقف واحلبوس قواعده وأحكامه‪ ،‬تع‪ ،‬أمينة كوايت‪ ،‬بن مارابط‪ ،2014 ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ -)7‬بن موسى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫(‪ -)8‬إحسان أوغلى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪26‬‬

‫الذي بناه يف إسطنبول تسمي "مدارس السليمانية"(‪ ،)1‬إذ عربت هذه املدارس عن عظمة ع د‬
‫السلطان سليمان وعن عبقارتة امل ندس سنان(‪ )2‬باشا(‪ ،)3‬بدء بناء هذه املدارس سنة ‪956‬ه‪1549/‬م‬
‫واكتم بناؤها سنة ‪963‬ه‪1552/‬م(‪.)4‬‬
‫ارتبطت املدارس يف ع د السلطان سليمان القانوين بامسه وأعيد تنظيم ا من جدتد حيث‬
‫أصبحت مدارس الصحن الثمانية تعترب من املدارس املتوسطة ومدارس السلطان سليمان القانوين مبثابة‬
‫معاهد عليا‪ ،‬وتقسم إىل ستة ماراح هي‪ :‬من األدىن إىل األعلى ابتداي التمشلي‪ ،‬موصلة السليمانية‪،‬‬
‫خامسة السليمانية‪ ،‬دار احلدتث السليمانية‪ ،‬وهذه األخرية األعلى درجة من املدارس األخارى(‪.)5‬‬
‫أوجد السلطان سليمان القانوين نظام تعليمي سارت عليه الدولة العثمانية لتخارتج خمتلف العاملني‬
‫يف اهليئة العلمية‪ ،‬وتبدو أن السلطان ربط يف التنظيم التعليمي بني التعليم والقضاء وتفارعاته إذ ميكن‬
‫للمتخارج من هذه املدارس أن تصبح مدرس أو قامي(‪ ،)6‬إذ لعبت هذه املدارس دو كبري يف إعداد‬
‫القضاة وغريها من املناصب األخارى كالتدرتس وغريها‪ ،‬هذه املدارس كانت تعلم الطالب الفقه‬
‫بالقدر الذي تسمح تولي م م مة القضاء وعندما تتخارج الطالب من املدرسة تالزم القامي وتتدرب‬
‫على خدمة القضاء(‪.)7‬‬
‫د)‪ -‬نظام املالزمة‪:‬‬
‫كلمة مالزمة تعين االرتباط بشخص أو املكان واملداومة على العم ‪ ،‬وهي تدل على أمارتن األول‬
‫هو مدة التدرتب العملي اليت تقضي ا (املالزم) بعد ختارجه من املدرسة(‪ ،)8‬أي الطالب الناجح حيص‬

‫(‪ -)1‬إتناجليك‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.259 -257‬‬


‫(‪-)2‬أو قوجا سنان ولد عام ‪895‬ه‪1490/‬م يف قارتة آغارناص جاء إىل إسطنبول يف ع د السلطان سليم تاوز باعتباره من‬
‫الدفشارمة يف ع د السلطان سليمان القانوين أصبح إنكشارتا‪ ،‬اختري رئيسا للمعمارتني بسبب بنائه جسار يف محلة على "قارا‬
‫بوغدان" ‪1538‬م وبقي ‪ 35‬سنة يف هذه الوظيفة‪ .‬أنظار‪ :‬كوندوزو وأزتوك‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.253‬‬
‫(‪ -)3‬بن موسى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫(‪-)4‬كوندوزو وأوزتورك‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.628‬‬
‫(‪ - )5‬كيدو‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ -)6‬بن موسى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫(‪ -)7‬خلي الساحلي‪" ،‬سجالت احملاكم الشرعية كمصدر للتاريخ االقتصادي واالجتماعي"‪ ،‬اجمللة التارخيية املغاربية(للع د‬
‫احلدتث واملعاصار)‪ ،‬العدد ‪ ،1‬جانفي ‪ ،1974‬تونس‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫(‪-)8‬إحسان أوغلى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.287‬‬
‫‪27‬‬

‫على لقب مالزم (‪)1‬إىل أن جياري تعيينه يف إحدى الوظائف التدرتس أو القضاء‪ ،‬أما األمار الثاين تدل‬
‫على مدة االنتظار اليت تقضي ا القامي بعد عحله (املؤقت) من الوظيفة رغم أن هذا النظام كان‬
‫موجود من قب إال أنه مل تطبق بسبب قلة عدد املارشحني‪ ،‬أما يف القارن السادس عشار عندما تحاتد‬
‫عدد خارجيي املدارس وقعت بعض املخالفات عارموا شكواهم على السلطان سليمان القانوين الذي‬
‫كلف أبو السعود أفندي بومع قانون تنظم هذا األمار(‪.)2‬‬
‫قام أبو السعود أفندي بومع املبادئ األساسية هلذا النظام‪ ،‬وحدد النظام الذي أتاح لك عامل أن‬
‫تصطحب إىل جانبه عدد معني من خارجيي املدارس ليكونوا مالزمني له‪ ،‬كما شدد السلطان سليمان‬
‫على أن تطبق هذا القانون حبذافريه‪ ،‬هذا النظام الذي أعاد تنظيمه أبو السعود أفندي قد أقار عدد‬
‫معني من املالزمني لك واحد من املوايل‪ ،‬أي الذتن تشغلون مناصب عليا يف اهليئة الشارعية‪ ،‬وعلى‬
‫ذلك أصبح لشيخ اإلسالم والقضاة العسكار ونقيب األشاراف(‪ )3‬ومعلمي السلطان وقضاة احلوامار‬
‫الكربى واملفتني وكبار املدرسني احلق أن تصطحب ك واحد من م عدد معني من خارجيي املدارس‬
‫ليكونوا مالزمني هلم(‪.)4‬‬
‫كان نظام املالزمة هو األساس يف تشكيالت اهليئة الشارعية وكان قضاة العسكار هم املسؤولني عن‬
‫تطبيقه‪ ،‬كان جياري تسجي املقبولني للمالزمة يف دفاتار رزنامة قامي العسكار‪ ،‬تكتب فيه أمساؤهم‬
‫ومالحم م البارزة والعامل الذي سيالزمونه وحتفظ هذه الدفاتار لدي قامي العسكار‪ ،‬ومدة الوظيفة‬
‫سواء القضاء أم التدرتس ثالثني عاما نصف ا تقضي ا القامي باملمارسة الفعلية هلا‪ ،‬أما النصف الثاين‬
‫تقضيه يف املالزمة لفرتات معينة(‪ .)5‬ولقد استفادت الدولة العثمانية كثريا من هذا النظام الذي ساهم‬
‫مسامهة كبرية يف توجيه خارجيي املدارس وتنظيم أمورهم قب حصوهلم على الوظيفة‪ ،‬تسج املتخارجني‬

‫(‪-)1‬الشناوي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.447‬‬


‫(‪-)2‬إحسان أوغلى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.288‬‬
‫(‪)3‬تشارف على األمور املتعلقة بالسادة واألشاراف املنتسبني للساللة النبوتة الشارتفة كان تقيم يف العاصمة وله وكي ناحية تسمى‬
‫قائمقام كما كان حيافظ على السجالت اخلاصة بأنساهبم وحقوق وامتيازات املمنوحة للسادة ‪.‬أنظار‪ :‬صابان‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪.224‬‬
‫(‪-)4‬إحسان أوغلى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.288‬‬
‫(‪--)5‬إحسان أوغلى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص‪. 289‬‬
‫‪28‬‬

‫يف دفرت حسب التسلس تتيح هلم احلصول على الوظيفة الشاغارة مبوجب التسلس الوارد يف الدفرت‪،‬‬
‫لوال هذا النظام لكان املتخارج من املدرسة تبقي عاط عن العم (‪.)1‬‬
‫ه)‪ -‬نظام اإلمتيازات األجنبية‪:‬‬
‫إن الدولة العثمانية اليت استمارت قارونا عدتدة وامتدت عرب القارات الثالث آسيا أوربا إفارتقيا‬
‫وتعيش يف بوتقت ا أجناس خمتلفة وشعوب متنوعة‪ ،‬هلا أدتان متعددة‪ ،‬ومذاهب شىت إسالمية ربطت ا‬
‫بعامل الغارب عدة عالقات باعتبار أن جحء من أرامي ا امتدت يف أوربا فاربطت عالقات مع الدول‬
‫األوربية(‪.)2‬‬
‫كانت البداتة احلقيقية لالمتيازات(‪ )3‬األجنبية منذ فتح القسطنطينية على تد حممد الفاتح‬
‫‪857‬ه‪1453/‬م عندما أراد السلطان أن تظ ار للنصارى التسامح الذي تتجلى به اإلسالم واملسلمون‪،‬‬
‫فس هلم سبي اإلقامة يف مجيع أرجاء الدولة العثمانية‪ ،‬من ا التس يالت اليت رغبت م يف اإلقامة في ا‬
‫وفضلوها على غريها‪ ،‬بلغ هذا التسامح أنه أباح لارجال الدتن املسيحيني من رؤساء الطوائف أن تتولوا‬
‫القضاء بأنفس م يف شؤون طوائف م(‪.)4‬‬
‫منحت الدولة العثمانية امتيازات وحقوق قضائية لألقليات غري املسلمة ولألجانب املوجودتن يف‬
‫الدولة‪ ،‬وتتمث هذه االمتيازات مبنح السالطني لبعض الدول واجلماعات ألغاراض سياسية‬
‫وجتارتة(‪.)5‬بدأ العم بنظام االمتيازات األجنبية عام ‪ 943‬ه‪1536/‬م على إثار التحالف الذي عقده‬

‫(‪-)1‬صابان‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.215‬‬


‫(‪-)2‬فاطمة بوجلطي‪ ،‬إنعكاسات اإلمتيازات األجنبية على بالد الشام خالل القرن ‪19‬م‪ ،‬مذكارة مقدمة لني ش ادة املاجستري‬
‫يف التارتخ احلدتث‪ ،‬جامعة اجلحائار‪ ،2011 ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪-)3‬هي تارمجة ملعىن كلمة (‪ )les capitulations‬يف اللغة الفارنسية وقد فسارها املؤرخ عبد العحتح الشناوي كما تلي‪:‬‬
‫املعاهدات املتضمنة املبادئ القانونية إلقامة املستأمنني من رعاتا الدول األجنبية يف ممتلكات الدولة العثمانية وملمارسة نشاط م‬
‫التجاري املشاروع في ا وتقارتار حق رعاتا الدولة العثمانية املقيمني يف أرامي تلك الدول يف سارتان هذه املبادئ علي م‪ .‬أنظار‪ :‬تاسار‬
‫بن عبد العحتح حممود القاري‪ ،‬دور اإلمتيازات األجنبية يف سقوط الدولة العثمانية دراسة تارخيية حتليلية‪ ،‬مذكارة لني درجة‬
‫الدكتوراه يف التارتخ احلدتث‪ ،‬اململكة العاربية السعودتة‪ ،2001،‬ص‪.94‬‬
‫(‪-)4‬الححيلي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.434‬‬
‫(‪-)5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.433‬‬
‫‪29‬‬

‫السلطان سليمان القانوين مع سفري فارنسا الفوري‪ ،‬مبنح بعض االمتيازات لارعاتا امللك (‪ ،)1‬جاءت‬
‫هذه املعاهدة يف ستة عشار بند حتوي على مصاحل سياسية وجتارتة وقضائية(‪.)2‬‬
‫بنود االمتيازات نذكر منها ما يتعلق باجلانب القضائي‪:‬‬
‫‪ -‬تكون للقنص الفارنسي أن تسمح وحيكم وتقطع مبقتضى قانونه وذمته يف مجيع ما تقع يف دائارته‬
‫من القضاتا املدنية واجلنائية بني رعاتا ملك فارنسا بدون أن مينعه من ذلك حاكم أو قامي شارعي أو‬
‫أي موظف آخار(‪.)3‬‬
‫‪-‬ليس للقامي الشارعي أو أي موظف آخار احلق أن حيكم يف املنازعات اليت تقع بني جتار فارنسا‬
‫وبني باقي رعاتا فارنسا حىت لو طلبوا احلكم بين م وإذا صدر حكم يف مث هذه األحوال تكون ال‬
‫غيا ال حيم به مطلقا وال تكون نافدا إال إذا وثقه القنص وتارمجانه(‪.)4‬‬
‫‪-‬ال جيوز للقضاة الشارعيني أو غريهم من مأموري احلكومة العثمانية مساع أي دعوى جنائية أو حكم‬
‫مد جتار أو رعاتا فارنسا بناء على شكوى أحد العثمانيني‪ ،‬ب على القامي أو املأمور رفع هذه‬
‫القضية إىل الباب العايل مقار الصدر األعظم(‪.)5‬‬
‫‪-‬ال جيوز القبض على أجنيب أو دخول منحله أو تبليغه األوراق القضائية أو جلبه إيل احملاكمة‪ ،‬أو‬
‫إنفاذ احلكم الصادر عليه إال بواسطة قنص دولته(‪.)6‬‬
‫واملالحظ هنا أن فارنسا أو رعاتا فارنسا قد استفادوا كثريا من هذه اإلمتيازات اليت تطلق علي ا‬
‫العدتد من املؤرخني أهنا قسمت ظ ار الدولة العثمانية‪ ،‬أما فيما خيص اجلانب القضائي فإن القضاة‬
‫العثمانيني مهش دورهم هنا‪.‬‬
‫‪-)3‬القضاء من خالل املذهب احلنفي‪:‬‬
‫اعتنق األمري عثمان الدتن اإلسالمي وتبعه األتاراك العثمانيون‪ ،‬أما دتانت م قب ذلك فلم تكن‬
‫وامحة متاما وحيتم أهنم كانوا يف حالة حتول من الوثنية أو العقائد األخارى إىل اإلسالم‪ ،‬وعلى ك‬

‫(‪-)1‬احملامي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.223‬‬


‫(‪-)2‬قيس جواد العحاوي‪ ،‬الدولة العثمانية قراءة جديدة لعوامل االحنطاط‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار العاربية للعلوم‪ ،‬بريوت‪ ،2003 ،‬ص ‪.19‬‬
‫(‪ -)3‬الححيلي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.433‬‬
‫(‪-)4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.434‬‬
‫(‪ -)5‬احملامي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.225‬‬
‫(‪ -)6‬الححيلي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.434‬‬
‫‪30‬‬

‫حال فإن صلت م الوثيقة بدولة الاروم السالجقة يف األنامول وهي دولة مسلمة كانت عام أساسي‬
‫ساعدهم على اعتناق الدتن اإلسالمي(‪.)1‬كان دتن الارمسي للدولة العثمانية اإلسالم ومذهب ا السنية‬
‫احلنفية(‪ )2‬أي اسم الدتن اإلسالم واملذهب احلنفية واملذاهب السنية األخارى الشافعية واملالكية‬
‫واحلنبلية كانت مكانت ا متساوتة(‪ ،)3‬وقد كان لدولة السالجقة دور م م يف تبين وانتشار املذهب‬
‫احلنفي إذ كان السالجقة منذ ع د أرطغ خيتارون القضاة يف الغالب من املذهب احلنفي‪ ،‬غري أنه مل‬
‫توجد وثيقة تبني هذا‪ ،‬كذلك احلال بالنسبة للعثمانيني يف بداتة ع دهم فال توجد إشارة وامحة أن‬
‫القضاة كانوا تصدرون أحكام م وفق املذهب احلنفي أو أن القضاة مل جيدوا ما تدعوهم للتصارتح‬
‫بتطبيق هذا املذهب(‪.)4‬‬
‫‪ -‬خصائص املذهب احلنفي‪:‬‬
‫تتسم املذهب احلنفي مبجموعة من اخلصائص أعطته طابعا حاركيا يف مواج ة الواقع‪ ،‬كما صبغته‬
‫بالتسامح يف العالقة مع اآلخار وقد تارك ذلك أثار يف موقف الدولة العثمانية مع أقلياهتا وهذه‬
‫اخلصائص‪:‬‬
‫‪ -‬التشدد يف قبول احليث ممن تاروته عن النيب صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -‬ساهم يف تأسيس أصول الفقه اإلسالمي خاصة بالنسبة ألدوات االجت اد واالستنباط والتخارتج‬
‫والرتجيح أكثار من أي مذهب آخار‪.‬‬
‫‪ -‬تتفق مع املذاهب األخارى يف أصوهلا (القارآن‪ ،‬السنة‪ ،‬اإلمجاع)(‪.)5‬‬

‫(‪-)1‬تاغي‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫(‪ -)2‬املذهب احلنفي تنتسب إىل مؤسسه وهو اإلمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي التميمي األص ‪ ،‬ولد بالكوفة سنة‬
‫‪80‬ه وتويف ببغداد ‪150‬هوهبذا تكون عاصار الدولتني األموتة والعباسية‪ .‬أنظار‪ :‬كمال سعيد احلبيب‪ ،‬األقليات والسياسة يف‬
‫اخلبة اإلسالمية من بداية الدولة النبوية وحيت هناية الدولة العثمانية(‪1‬ه‪622-‬ه‪1325،‬م‪1908-‬م)‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة مدبول‪،‬‬
‫القاهارة‪ ،2002 ،‬ص ‪.237‬‬
‫(‪ -)3‬أزتونا‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.461‬‬
‫(‪-)4‬أوغلى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.473‬‬
‫(‪-)5‬احلبيب‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪ 37‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫‪-‬األسباب اليت جعلت الدولة العثمانية تلتزم مبذهب أيب حنيفة‪:‬‬


‫‪ -‬وصول السالجقة إىل ماراكح رفيعة يف الدولة العباسية وكانوا قد تأثاروا باملذهب احلنفي من‬
‫العباسيني اللذتن كان قضاهتم من احلنفية‪ ،‬ورثت الدولة العثمانية هذا حيث كانت تعيني شيخ‬
‫اإلسالم وقضاة العسكار والقضاة يف منطقة األنامول من املذهب احلنفي‪.‬‬
‫‪ -‬العلماء الذتن اتصلوا بالدولة العثمانية يف بداتة نشأهتا كانوا من أتباع املذهب احلنفي‪.‬‬
‫‪ -‬كانت مصادر املفتني والقضاة من كتب متأخاري احلنفية‪ ،‬وخباصة علماء ما وراء الن ار الذتن‬
‫كانوا مارجعا أساسيا لعلماء الدولة العثمانية(‪.)1‬‬
‫املذهب احلنفي كان أكثار تطبيقا يف الدولة العثمانية مع وجود من تنتمون إىل املذاهب األخارى‬
‫اليت هي يف مكان الصدارة يف الشارتعة اإلسالمية مث املذهب الشافعي واحلنبلي واملالكي‪ ،‬لذا كان‬
‫على القضاة أن تصدروا أحكام م وفق املذهب احلنفي ويف بعض األحيان كانوا تأخذون بآراء‬
‫املذاهب األخارى (‪.)2‬‬
‫أغلب العثمانيون كانوا من أتباع مذهب أيب حنيفة إذ كانوا تعينون شيخ اإلسالم من املذهب‬
‫احلنفي وتصدر الفتاوى وفقه‪ ،‬لكن ملا جاء السلطان سليمان القانوين أصدر فارمانا تعلن فيه أن‬
‫املذهب احلنفي هو مذهب الدولة الارمسي واإللحامي يف أمور القضاء والفتوى وأصبح شيخ اإلسالم‬
‫ومجيع املفتني والقضاة تفتون وحيكمون وفقه مث قامت الدولة بتدوتن املذهب احلنفي يف املعامالت‬
‫ليكون مبثابة قانون إلحامي للتطبيق يف حماكم الدولة العثمانية(‪ )3‬والقضاة مكلفني باحلكم اعتمادا على‬
‫أصح اآلراء يف املذهب احلنفي وعلى الارغم من ذلك كان يف وسع القامي أن حيكم بارأي خيارج عن‬
‫الارأي الغالب يف املذهب احلنفي أو أن تعتمد على اجت اد مقبول من املذاهب األخارى ولكن جيب‬
‫عليه أن حيص على إذن صارتح من السلطان(‪.)4‬‬
‫حيكم القضاء وفق املذهب احلنفي لكن إذا طلب أحدهم النظار يف قضيته بأحكام أحد املذاهب‬
‫الفق ية الثالثة األخارى كان القامي مضطار لتلبية هذا الطلب(‪ ،)5‬ويف حال كان اخلالف بني طارفني‬

‫(‪-)1‬جانبوالت‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.43 -42‬‬


‫(‪-)2‬عبد العحتح باتندر‪ ،‬األعمال القضائية يف الدولة العثمانية‪www.Hablullah.com /http://،‬‬
‫(‪ -)3‬حممود بن حممد بن عارنوس‪ ،‬تاريخ القضاء يف اإلسالم‪ ،‬املكتبة األزهارتة للرتاث‪ ،‬القاهارة‪ ،2012 ،‬ص ‪.126‬‬
‫(‪-)4‬إحسان أوغلى‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.474‬‬
‫(‪-)5‬أوزتونا‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.461‬‬
‫‪32‬‬

‫منتسبني لغري املذهب احلنفي ورأى القامي ح املسألة حسب املذهب الذي تنتمي إليه الطارفني‬
‫ولكن مل جيد يف هذا املذهب حكما متعلقا باملسألة املذكورة‪ ،‬فعندها تكون من حق الطارفني تعيني‬
‫قامي آخار من مذهبه حل املسألة(‪ .)1‬وتظ ار من ذلك أن التسامح الذي ظ ار جتاه املذاهب السنية‬
‫األخارى حىت القارن السادس عشار قد انت ى عند هذا التارتخ(‪ ،)2‬حيث طبق املذهب احلنفي بصورة‬
‫كاملة تقارتبا يف القانون املدين ولكن ومعت أحكام وقوانني جدتدة يف جماالت كالضارتبة والسياسة‬
‫واجلحاء(‪ )3‬أي إىل جانب املذهب احلنفي أصدر السالطني العثمانيني تشارتعات لتنظيم أمور القانون‬
‫واملالية واإلدارة والدواوتن احلكومية عارفت باسم قانون نامة حممد الفاتح وقانون نامة سليمان القانوين‬
‫الصادرة عام ‪962‬ه‪1554/‬م(‪.)4‬‬
‫أقار السلطان سليمان القانوين بأن كتاب ملتقى األحبار لإلمام إباراهيم احلليب(‪ )5‬مارجعا م ما‬
‫للقضاء وقانونا مدنيا للدولة العثمانية‪ ،‬تعد من أفض املتون املتأخارة يف مذهب احلنفية(‪.)6‬‬

‫(‪-)1‬باتندر‪ ،‬املارجع السابق‪.‬‬


‫(‪ -)2‬إحسان أوغلى‪ ،‬املارجع السابق ‪.474‬‬
‫(‪ -)3‬أوزتونا‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.465‬‬
‫(‪-)4‬احلبيب‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.243‬‬
‫(‪-)5‬هو من مدتنة حلب قارأ على علماء عصاره ارحت إىل مصار ودرس على تد علمائ ا احلدتث والتفسري مث أتى بالد الاروم وتوطن‬
‫بالقسطنطينية صار إمام جبامع السلطان حممد خان مث مدرسا كان عامل بعلوم التفسري واحلدتث وعلوم القارآن أش ار كتبه يف الفقه‬
‫"ملتقى األحبار" تويف ‪956‬ه وعماره ‪ 90‬سنة‪ ،‬للمحتد أنظار‪ ،‬طاشكربي زاده‪ ،‬الشقائق النعمانية يف علماء الدولة العثمانية وذيله‬
‫العقد املنظوم يف ذكر أفاضل الروم‪ ،‬دار الكتاب العاريب‪ ،‬لبنان‪ ،1975 ،‬ص ص ‪.296 - 295‬‬
‫(‪ -)6‬عارنوس‪ ،‬املارجع السابق‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫العثمانية‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬آليات التعامل القضائي يف اإلياالت‬ ‫املبحث‬
‫األول‪ :‬يف البالد املفتوحة‪.‬‬ ‫املطلب‬
‫املشرق‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬يف بالد‬ ‫املطلب‬
‫الثالث‪ :‬يف بالد املغرب‪.‬‬ ‫املطلب‬
‫‪34‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬آليات التعامل يف اإلياالت العثمانية‪:‬‬


‫عرف السلطان سليمان األول بفتوحاته‪ ،‬حيث شهدت الدولة العثمانية أقصى اتساعها خالل‬
‫هذه الفرتة‪ ،‬وقد عمل سالطني الدولة العثمانية على تطبيق الشريعة اإلسالمية يف البالد املفتوحة‬
‫والدفاع عن اإلسالم وإعطاء الصبغة الشرعية اليت مثلتها اهليئة الشرعية وطبقتها املؤسسة القضائية‪،‬‬
‫وكان السالطني العثمانيون يعينون ممثلني عن الدولة يتوليان إدارة أي منطقة بعد كل فتح؛ األول‪:‬‬
‫البك(‪ )1‬من الطبقة العسكرية الذي ميثل السلطة التنفيذية للسلطان‪ ،‬والثاين‪ :‬القاضي من العلماء‬
‫الذي ميثل السلطة الشرعية للسلطان (‪.)2‬‬
‫كما سبق الذكر فإنه يف سنة ‪887‬ه‪1480/‬م استحدث منصباً ثانيا لقاضي العسكر‪ ،‬حيث‬
‫انقسم هذا املنصب إىل قضاء عسكر األناضول وقضاء عسكر الروميلي (‪ .)3‬فقد أقام السلطان حممد‬
‫الثاين والسلطان سليم األول إىل جانب هذا القاضي قاضيني آخرين أحدمها ألوربا والثاين إلفريقيا(‪،)4‬‬
‫وقسمت الدولة العثمانية إىل منطقتني قضائيتني رئيسيتني مها الروميلي واألناضول‪ ،‬منطقة الروميلي‬
‫القضائية وتتبعها أوربا ومشال إفريقيا‪ ،‬ومنطقة األناضول القضائية وتتبعها األناضول والبالد العربية‬
‫اآلسيوية ومصر(‪ ،)5‬وهذه التقسيمات هي اليت تشكل جهاز قضاء العسكر خارج مركز الدولة(‪.)6‬‬
‫كان قاضي عسكر الروميلي وقاضي عسكر األناضول املسؤوالن يف احلكومة عن تطبيق‬
‫الشريعة اإلسالمية ومها اللذان يعينان ويعزالن القضاة وأصحاب املناصب الدينية‪ ،‬باإلضافة إىل اختاذ‬
‫القرارات النهائية يف القضايا املتعلقة بالشريعة(‪ ،)7‬وإذا كان قاضي عسكر الروميلي املرجع القضائي‬
‫األعلى للمسلمني‪ ،‬فإن قاضي عسكر األناضول هو املرجع األعلى لغري املسلمني‪ ،‬وكان القاضيان من‬
‫(‪)8‬‬
‫أعضاء الديوان اهلمايوين الدولة ويعينان من طرف الصدر األعظم‬

‫(‪-)1‬لقب موظف دولة يف سنجق‪ ،‬أو هو أيضاً ألبناء احلكام اإلداري‪ .‬للمزيد أنظر‪ :‬جانبوالت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.230‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪ -)2‬إيناجليك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪165‬‬
‫(‪ -)3‬صابان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫(‪-)4‬كارل بروكلمان‪ ،‬تاريخ الشعوب اإلسالمية‪ ،‬تر‪ ،‬نبيه أمني فارس ومنري البعلبكي‪ ،‬ط ‪ ،5‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪1968‬م‪ ،‬ص ‪.478‬‬
‫(‪-)5‬مجيل بيضون‪ ،‬شحادة الناطور وعلي عكاشة‪ ،‬تاريخ العرب احلديث‪ ،‬ط‪ ،1‬دار األمل‪ 1412،‬ه ‪ 1991 /‬م‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫(‪-)6‬إحسان أوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪. 294‬‬
‫(‪-)7‬نفسه‪ ،‬ص‪.154‬‬
‫)‪-(8‬كيدو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 11‬‬
‫‪35‬‬

‫‪-1‬القضاء يف البالد املفتوحة(‪:)1‬‬


‫منذ سنة ‪868‬ه‪1481/‬م تم إنشاء منصب جديد يف الدولة العثمانية وهو قاضي عسكر‬
‫الروميلي(‪ )2‬الذي خيتص بقضاء بالد البلقان وبقية األقاليم العثمانية يف أوربا‪ ،‬وكان قاضي عسكر‬
‫الروميلي أعلى مركزاً من قاضي عسكر األناضول‪ ،‬فقد كان يرافق اجليش العثماين يف حروبه حنو‬
‫أوربا‪،‬وكان من اختصاصاته تعيني مجيع القضاة الذين يعملون يف أوربا وكذلك العاملني يف املساجد‬
‫اليت أقيمت يف الواليات العثمانية األوربية(‪.)3‬‬
‫وقد كان قاضي عسكر منطقة الروميلي رغم أهنا أقل من منطقة األناضول من حيث املساحة‬
‫وعدد األقضية اليت يتضمنها يتقدم درجة على قاضي عسكر األناضول‪ ،‬ونظراً لألعمال الكثرية يف‬
‫األقضية واملسؤولية اليت تتطلبها فقد كان يساعده يف القيام بواجباته عدد كبري من املوظفني يتبعونه‬
‫بشكل مباشر أو غري مباشر ويكونون مسؤولني أمامه وهم‪:‬‬
‫‪-‬النائب ويعرف كذلك باسم نائب ما بني فهو وكيل القاضي أثناء غيابه ويقوم بأداء املهام اليت‬
‫يؤديها القاضي يف احملاكم الشرعية(‪.)4‬‬
‫‪-‬باإلضافة إىل النائب هناك القسام وهو الذي يقسم الدور واألرض بني الشركاء فيها‪ ،‬وكذلك يتوىل‬
‫مهمة تقسيم الرتكات وحتديد األرض‪.‬‬
‫‪-‬احملتسب وهو الذي يشرف على مراقبة السوق وتفتيشه وتدقيق األسعار واألوزان ونوعية السلع‪،‬‬
‫ومراقبة اآلداب العامة اليت تتعلق باالحتساب(‪.)5‬‬
‫‪-‬أمام الكاتب فيقوم بتدوين األحكام وتسجيل القضايا يف السجالت وتنظيم الوثائق‪.‬‬
‫‪-‬احملضر باشي (الشرطة القضائية)‪ ،‬الذي يكون مبثابة حاجب يقدم املتخاصمني‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫املرتجم أو الرتمجان الذي يشرتط فيه أن يكون عارفاً على األقل بلغتني(‪ )6‬واإلمام والراهب واحلاخام‬

‫( ‪ -)1‬نقصد هبا مناطق نفوذ الدولة العثمانية يف أوربا‪.‬‬


‫(‪-)2‬الروميلي‪ ،‬اإلسم الذي أطلقته الدولة العثمانية على الواليات التابعة هلا يف شرق أوربا‪ .‬أنظر‪ :‬جانبوالت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪.231‬‬
‫(‪ -)3‬الشناوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.424‬‬
‫(‪-)4‬إحسان أوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪294‬‬
‫(‪-)5‬إيناجليك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.340‬‬
‫(‪-)6‬بن موسى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫‪36‬‬

‫ومن اختصاصاهتم الشؤون القضائية والتشريعية على مستوى احلي‪ ،‬وعدد من السعاة والفراشني وقد‬
‫يتضاعف عدد املوظفني للوظيفة الواحدة تبعاً حلجم القضاء ومقدار العمل فيه(‪.)1‬‬
‫أما املوظفون املسؤولون أمام القاضي عن أعماهلم واملكلفون بعرضها عليه يف فرتات معينة فهم‪:‬‬
‫املتويل ووكيل احلرفيني (أصناف كتخداسي) والصوباشي والسباهي وغريهم ممنن كنانوا مسنؤولني عنن‬
‫إدارة فئة أو وحدة إدارية معينة(‪.)2‬‬
‫وقنند حصننل قاضنني عسننكر الروميلنني علننى احلننق امنناص أن يقنندم أمننام حمكمتننه كننل القضننايا املتعلقننة يف‬
‫حماكم العاصمة الصغرى وأن خيتم على أمالك األشخاص الذين يتوفون بداخلها حفاظاً هلا‪ ،‬وكان من‬
‫وظيفتننه كننذلك أن يقننوم بوظيفننة مستشننار دين للسننلطان مننع اإلشنراف علننى توزيننع الغنننائم والفصننل يف‬
‫امصننومات الناشننئة بننني أفنراد اجلننيش والنندعاوي اجلنائيننة واملدنيننة الننيت ترفننع مننن األهننان ضنند أحنند ممننن‬
‫ينتمون للجيش‪ ،‬أما توقيع العقوبات اماصة باملخالفنات العسنكرية فلنم تكنن منن اختصاصنات قاضني‬
‫العسكر وإمّنا كان ذلك من اختصاصات السلطة العسنكرية(‪ ،)3‬ومنن وظائفنه أيضناً تعينني صنغار قضناة‬
‫الواليات العثمانية يف أوربا(‪.)4‬‬
‫وقند كننان لكننل مننن قاضني عسننكر الروميلنني وقاضنني عسننكر األناضنول منوارد للنندخل جنند كثننرية‬
‫وتشكل يف جمموعها مبلغاً كبرياً‪ ،‬إذ كان حيصل الواحد منهما من ميزانية الدولة علنى راتنب ينومي يزيند‬
‫عن مخس مئة أقجة(‪ ،)5‬ويتقاضى قسماً من مواريث فئة العسكريني‪ ،‬ورسوماً على التعييننات النيت يقنوم‬
‫هبا للقضاة واملدرسني وما حيصل عليه من اهلدايا واهلبات من املوظفني اجلدد‪ ،‬أما يف حالة عزل قاضني‬
‫العسكر فكان حيصل إما على راتب التقاعد من خزانة الدولة أو على مورد يدر دخالً(‪.)6‬‬

‫(‪-)1‬إحسان أوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.297‬‬


‫(‪ -)2‬نفسه‪.‬‬
‫(‪-)3‬إبراهيم عيسى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 53‬‬
‫(‪ -)4‬بركات‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪137‬‬
‫(‪-)5‬أصلها مغولية ومعناها النقد االبيض‪ ،‬وهي قطعة صغرية من الفضة ضربت أول مرة عام ‪729‬ه يف عهد السلطان أورخان‪،‬‬
‫وكانت حتمل على وجهها األول كلمة الشهادة وعلى وجهها اآلخر كلمة أورخان‪ .‬صابان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪20-21‬‬
‫(‪ -)6‬إحسان أوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪300‬‬
‫‪37‬‬

‫القضاء يف بالد املشرق‪:‬‬


‫س ن ننعى العثم ن ننانيون من ن ننذ أن بس ن ننطوا نف ن ننوذهم عل ن ننى ال ن ننبالد العربي ن ننة إىل ربن ن ن املؤسس ن ننة القض ن ننائية‬
‫بالتشنكيالت املركزيننة للدولننة‪ ،‬وقنند سننبق وأوضننحنا أن السننلطان سننليم األول أوجنند منصننباً ثالثننا لقضنناء‬
‫العسكر خصصه للمنطقة العربية وأسنده إىل القاضي إدريس البدليسي مقره يف ديار بكر‪.‬‬
‫مل تقم السلطة العثمانية بإلغاء اهليئة القضائية املوجودة بل سعت إلجراء تغيريات تدرجيياً‪ ،‬وهي‬
‫السياسننة الننيت اتبعهننا السننلطانني سننليم األول وابنننه سننليمان (‪)1‬إذ متتننع قاضنني الشننام مبكانننة هامننة لنندى‬
‫الدولة العثمانية فقد أصبحت مناطق حلنب والشنام ومصنر منن املنناطق القضنائية املولوينة‪ ،‬حينث حيمنل‬
‫القاضي لقب موىل (‪ ،)2‬ذلك ألنمه يلي قضاء الروميلي واألناضول مباشرة‪ ،‬مّث أجريت تعديالت أخرى‬
‫أصننبح مبوجبهننا قضنناء حلننب يننأ بعنند قضنناء إسننطنبول وأدرنننة وبورصننة‪ ،‬بينمننا قضنناء الشننام بعنند قضنناء‬
‫مصر(‪. )3‬‬
‫ي نرتأس التشننكيل القضننائي القاض ييي وكننان القضنناة ميثلننون الدعامننة األساسننية يف البنيننة اإلداريننة‬
‫العثمانيننة‪ ،‬فقنند اكتسننب القاضنني أمهيننة بالغننة يف اإليالننة‪ ،‬فهننو احلنناكم الشننرعي الننذي حيظننى بالتقنندير‬
‫باعتبناره هننو املنفننذ ألحكننام الشننرع‪ ،‬أمننا يف املننناطق البعينندة فنجنند القاضنني مبثابننة املوظننف الر نني الننذي‬
‫ختاطبه الدولة مباشرة إىل جانب كونه ممثل السلطة القضائية يف هنذه املنطقنة(‪ .)4‬فقند وفنرت السنلطات‬
‫العثمانيننة هلننم كننل اإلمكانيننات املاديننة واملعنويننة ل ننتأدية مهننامهم بكننل حريننة واسننتقاللية بعيننداً عننن كننل‬
‫الضغوطات‪ ،‬هلذا كان يتمتع القاضي بنوع من احلصانة القانونية ضد العزل والنقل وتنزيل الرتبة(‪.)5‬‬
‫ب ننالرغم م ننن أن الدول ننة العثماني ننة ق نند اخت ننذت امل ننذهب احلنف نني امل ننذهب الر نني هل ننا يف تطبي ننق‬
‫األحك ننام يف القض نناء واإلفت نناء إال أهن ننا ح ننت للم ننذاهب األخ ننرى م ننن التواج نند‪ ،‬ومنح ننت لرعاياه ننا‬
‫الشافعيني واملالكيني والدروز حرية اختيار قضاة حيكمون بينهم اعتمادا على املذاهب اماصة هبم‪ ،‬أما‬

‫(‪-)1‬جب هاملتون‪ ،‬وباون هارولدن‪ ،‬اجملتمع اإلسالمي والغرب‪ ،‬دراسة حول تأثري احلضارة العربية يف الثقافة اإلسالمية‪ ،‬تر‪ ،‬أمحد‬
‫إيبش‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬هيئة أبو ظيب للسياحة والثقافة‪ ،‬دار الكتب الوطنية‪ ،‬أبو ظيب‪2012 ،‬م‪.‬‬
‫(‪-)2‬سيد حممد السيد‪ ،‬مصر يف العصر العثماين يف القرن السادس عشر " دراسة وثائقية يف النظم اإلدارية والقضائية واملالية‬
‫والعسكرية‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة مدبوىل‪ ،‬القاهرة‪1997 ،‬م‪،‬ص ‪. 390‬‬
‫(‪-)3‬زبريي بومدين‪ ،‬احلكم واإلدارة العثمانية لبالد الشام يف القرنني ‪ 16‬و‪ 17‬من خالل دفاتر مهمة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫املاجستري‪ ،‬اجلزائر‪2012،‬م‪ ،‬ص ‪. 116‬‬
‫(‪-)4‬بروكلمان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 478‬‬
‫(‪ -)5‬غريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪38‬‬

‫عننن غننري املسننلمني فننإن الش نريعة اإلسننالمية أباحننت لك نل ملننة مننن امللننل أن تطبننق يف ناحيننة األح نوال‬
‫الشخصية قوانينها اماصة (‪.)1‬‬
‫ومل يكن القضاة يف الواليات العربية من درجة واحدة‪ ،‬فقد كان قضاة دمشق والقاهرة‪ ،‬القدس‪،‬‬
‫مكة املكرمة‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬وحلب من القضاة الذين عرفوا بفئة املنال الكبنار ويتمينزون بقندرات علمينة‬
‫كبرية‪ ،‬وكان شيخ اإلسالم هو الذي يعينهم يف مناصبهم مبوجب توجيه فرمناين ملندى احليناة‪ ،‬أمنا الفئنة‬
‫الثانية من القضاة فكانت القضاة العاديون وهؤالء يتم تعيينهم من طرف قاضي عسكر األناضنول(‪،)2‬‬
‫كننان القضنناة العنناملني يف الواليننات العربيننة مننن أصننل رومنني إالم أ من ن نواهبم أو قضنناة األقسننام اإلداريننة‬
‫الصغرية كانوا يعينون من العرب(‪. )3‬‬
‫القضاء يف مصر‪:‬‬
‫مثل نت إيالننة مصننر مرك نزاً هامننا للدولننة العثمانيننة يف الشننرق‪ ،‬حيننث كانننت تباشننر مصننا الدولننة‬
‫اهلامننة يف املنطقننة ولننذلك اهتمننت اإلدارة املركزيننة مبنصننب القضنناء مبصننر‪ ،‬إذ منننح هلننذا األخننري درجننة يف‬
‫هيكل التشكيالت القضائية يف الدولة تتناسب مع ما تقوم به إيالة مصر من دور(‪.)4‬‬
‫عندما فتح العثمانيون مصر وجدوا االضطرابات تسيطر على كافة األمور يف البالد سواء كانت‬
‫يف الننواحي السياسننية‪ ،‬االقتصنادية‪ ،‬غننري أ من الناحينة القضننائية كانننت أكثنر هننذه األوضناع تردينناً وسننوءاً‪،‬‬
‫لذا عمنل العثمنانيون علنى إدخنال بعنض اإلصنالحات علنى هنذا النظنام (‪)5‬؛ وأدخلنت نظنم جديندة مل‬
‫تكننن معروفننة مننن قبننل مثننل القسننام العسننكري(‪ )6‬وكانننت أهننم خطننوة يف هننذا ا ننال إلغنناء العمننل بقضنناة‬
‫امل ننذاهب األربع ننة والعم ننل بامل ننذهب احلنف نني ومج ننع الس ننلطة القض ننائية يف ش ننخص واح نند وه ننو قاض نني‬
‫العسكر الذي يعني من قبل السلطان العثماين مباشرة(‪.)7‬‬

‫(‪ -)1‬غريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 88‬وما بعدها‪.‬‬


‫(‪-)2‬كيدو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 12‬‬
‫(‪-)3‬غريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫(‪-)4‬السيد‪ ،،‬مصر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪389‬‬
‫(‪-)5‬الدمريي‪ ،‬القضاة يف القرن العاشر والربع األول من القرن احلادي عشر هجري‪ ،‬تح وتع ودر عبد الرزاق عبد الرزاق عيسى‬
‫ويوسف مصطفى احملمودي‪،‬ط‪ ،1‬العريب للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫(‪-)6‬هو القاضي املختص بقسمة الرتكات وتعيني األوصياء على القصر من أبناء املتوىف وبيع الرتكات وحماسبة األوصياء على‬
‫القصر‪ ،‬وهو أعلى درجة من القسام العريب‪ .‬للمزيد انظر‪ :‬صابان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫(‪ -)7‬إبراهيم عيسى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪39‬‬

‫عنرف هننذا اللقننب الننوظيفي يف مصننر يف العصننر العثمنناين حيننث ألغننى السننلطان سننليمان القننانوين‬
‫مناصننب القضنناة األربعننة وأحننل حملهننم منصننب قاضنني العسننكر يسنناعده نائننب مننن كننل مننذهب وكننل‬
‫نائننب معننه اثنننان مننن الشننهود ويكننون مقننر الننواب األربعننة باملدرسننة الصنناحلية حبيننث ال يقننوم بننأي مهننام‬
‫م ننن األم ننور الش ننرعية ح ن تع ننرض عل ننى قاض نني العس ننكر باملدرس ننة الص نناحلية دائم ناً(‪ ،)1‬واحت ننل قاض نني‬
‫العسكر املركنز الرابنع يف التشنريفات العثمانينة بنني قضناة السنلطنة(‪ .)2‬وأول منن ون هنذا املنصنب جلنيب‬
‫أفندي الذي وصل مصر يف العاشر من رجب ‪928‬ه‪1522/‬م(‪.)3‬‬
‫وعلننى الننرغم مننن أ من قننانون مصننر الننذي أصنندره سننليمان القننانوين نننص علننى حتننر بيننع وظيفننة‬
‫القضنناء إال أ من ذلننك مل يكننن مطبقناً ال سننيما يف السنننوات األخننرية مننن احلكننم العثمنناين‪ ،‬إذ أ من وظيفننة‬
‫قاضنني عسننكر تشننرتى وينندفع التزامهننا إىل قضنناة األناضننول وشننيخ اإلسننالم‪ ،‬كمننا أ من وظيفننة القضنناة‬
‫الستة والثالثون كانت تباع يف القسطنطينية‪.‬‬
‫ك ننان قاض نني عس ننكر رئ ننيس اهليئ ننة القض ننائية يف الق نناهرة يف العه نند العثم نناين‪ ،‬وص نناحب الوالي ننة‬
‫القضننائية علننى قضنناة حماكمهننا وإن مل يكننن لننه سننلطة علننى قضنناة األقنناليم(‪ ،)4‬يننتم تعينننه مننن األسننتانة‬
‫مبوجب براءة(‪ )5‬سلطانية بناءً على ترشنيح قاضني عسنكر األناضنول وهنو هبنذا مسنؤول أمامنه‪ ،‬ويسنجل‬
‫قنرار تعييننه يف سننجالت احملنناكم‪ ،‬ويشننرتط فيننه أن يكننون تركيننا‪ ،‬يتننوىل تعيننني القضنناة يف أحننناء مصننر(‪،)6‬‬
‫وبعد صدور النااءة السنلطانية بتعينني قاضني العسنكر كنان يرسنل إىل قائمقنام(‪ )7‬حينل حملنه حن وصنوله‬
‫وأحيانا كان خيتار من بني العلماء املصريني(‪ ،)8‬ويف حالة وفناة قاضني العسنكر وهنو يف امدمنة أو عنند‬

‫(‪-)1‬مصطفى بركات‪ ،‬األلقاب والوظائف العثمانية دراسة يف تطور األلقاب والوظائف منذ الفتح العثماين ملصر حىت إلغاء‬
‫اخلالفة(من خالل اآلثار والوثائق واملخطوطات )‪ ،‬دار غريب للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪2000،‬م‪ ،‬ص ‪ 134‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪-)2‬يأ قاضي عسكر مصر يف التشريفات العثمانية من حيث الرتتيب بعد قضاة إسطنبول ومكة املكرمة واملدينة وأدرنة وبورصة‪.‬‬
‫للمزيد أنظر‪ :‬السيد‪ ،‬مصر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.390‬‬
‫(‪-)3‬مصطفى بركات‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 13‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)4‬حممد بن أيب السرور الصديقي البكري‪ ،‬فيض املنان يف دولة آل عثمان‪ ،‬تح ودر وتع‪ ،‬عبد الرزاق عيسى‪ ،‬مكتبة زهراء‬
‫الشرق‪ ،‬القاهرة‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪ 52‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪-)5‬براءة‪ ،‬الوثيقة املكتوبة املتضمنة يف غالب توجيه وظيفة‪ ،‬أو صالحية‪ ،‬للمزيد أنظر‪ :‬جانبوالت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫(‪-)6‬الزحيلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 438‬‬
‫(‪-)7‬رتبة عسكرية من رتب اجليش العثماين بعد إلغاء اإلنكشارية‪ ،‬توازي رتبة العقيد وفق املصطلحات العسكرية املعاصرة‪ .‬أنظر‬
‫امطيب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.346‬‬
‫(‪-)8‬ابن أيب السرور‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 52‬‬
‫‪40‬‬

‫انتهاء مدتنه‪ ،‬كنان الباشنا يصندر فرماننا بتعينني قائمقنام عننه حن يصنل القاضني اجلديند منن إسنطنبول‪،‬‬
‫وعند قدوم قاضي عسكر يأ معه أهله وأوالده وغالباً ما يتولون مناصب قضائية جبانبه(‪.)1‬‬
‫خيتار قاضي العسكر من حيل حمله يف حاالت السفر أو الغياب نائبناً وهنذا األخنري ينأ معنه منن‬
‫إسطنبول إذ يكون تعيني النائب مصاحباً لتعيني قاضي العسكر نفسه‪ ،‬يتمتنع مبكاننة كبنرية فهنو يقنوم‬
‫بأعمننال قاضنني العس ننكر يف حالننة ع نندم تواجننده(‪ ،)2‬إضننافة إىل النائ ننب وجنند يف احملكم ننة ن نواب عل ننى‬
‫املذاهب اإلسالمية األربعة يلجنأ إلنيهم أتبناع منذاهبهم وإن كنان بعنض قضناة العسنكر قند منعنوا العمنل‬
‫باملذاهب األربعة يف بعض األحيان إال من حمكمة الباب العان(‪.)3‬‬
‫يف بداية الفتح العثماين مل يكن هناك م مدة حمددة لتولية قضاة العسكر‪ ،‬ومع هناية القرن العاشنر‬
‫اهلجري‪/‬السادس عشنر منيالدي أصنبحت املن مدة النيت يقضنيها قضناة العسنكر تنرتاو منا بنني عنام وثالثنة‬
‫أع نوام وكثن نرياً م ننا ك ننان يت ننوىل قاض نني العس ننكر م نرتني أو ث ننالث يف ف نرتات تلف ننة(‪ ،)4‬وق نند ق ننرر الق ننانون‬
‫العثماين أن تكنون من مدة خدمنة قاضني مصنر النظامينة سننة واحندة فقن ‪ ،‬مأمنا يف حالنة رغبنة القاضني يف‬
‫جتدينند فننرتة قضننائه كننان عليننه أن يعننرض رغبتننه هننذه علننى األسننتانة بواسننطة أحنند رجننال الدولننة وقبننل‬
‫انقضنناء فننرتة قضننائه بوقننت كنناف‪ ،‬ويف حالننة قبننول األسننتانة ملنننح قاضنني مصننر فننرتة قضننائية جدينندة يف‬
‫اإليالنة كانننت ترسننل األوامننر إىل القاضنني نفسننه(‪،)5‬وعلننى ذلنك مل تكننن هننناك من مدة حمننددة لتعيننني قضنناة‬
‫العسكر فقد تدرجت هذه امل مدة الطويلة ح قصرت يف القرن السادس عشر (‪.)6‬‬
‫مأما عن مقر قاضي عسكر فإن أول قاضي عسكر عثمناين وهنو جلنيب أفنندي جلنس يف حمكمنة‬
‫الصاحلية النجمية املوصوفة بقلعة العلماء واليت كان هلا الصدارة واملكانة خنالل العهند اململنوكي‪ ،‬ولكنن‬
‫مقننر قاضنني عسننكر يف الصنناحلية مل ينندم لفننرتة طويلننة‪ ،‬فقنند انتقننل إىل مقعنند مامنناي أزبننك السننيفي(‪،)7‬‬

‫(‪ -)1‬ابن أيب السرور‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫(‪-)2‬الدمريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 37‬‬
‫(‪-)3‬ابن أيب السرور‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 55‬‬
‫(‪-)4‬إبراهيم عيسى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 87‬‬
‫(‪-)5‬السيد‪ ،‬مصر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 393‬‬
‫(‪-)6‬إبراهيم عيسى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪87‬‬
‫(‪-)7‬يسمى هذا املقعد بيت القاضي وهو يف االصل جزء من قصر أنشأه األمري ماماي السيفي سنة‪901‬ه‪1495/‬م ‪.‬للمزيد‬
‫انظر‪ :‬ابن أيب السرور‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪41‬‬

‫وأحيان ناً كننان قاضنني العسننكر جيلننس بالننديوان العننان للنظننر يف القضننايا الننيت تعننرض عليننه (‪ ،)1‬مقابننل‬
‫حصوله على أجر (‪.)2‬‬
‫كان لقاضي العسكر اختصاصات نوعية وأخرى قيمية‪ ،‬فأمام االختصاصات النوعية وهي اليت‬
‫يتم حتديد أنواع معينة من القضايا دون غريها كإبطال العقود والكتابة على أرض الرزقة(‪ ،)3‬فقد‬
‫اختص قاضي العسكر يف النظر يف األمور اماصة بأراضي الرزقة‪ ،‬ومن اختصاصاته أيضاً كتابة‬
‫التواجر الطويلة وحفاظا على األوقاف وملنع التالعب فيها كانت أمور االستبدال ال تتم إال بني يدي‬
‫قاضي العسكر وبإذنه‪ ،‬باإلضافة إىل احلكم على الغائب حيث ال يسمح بنظر األمور بالفسخ على‬
‫أيضا اإلسقاطات يف القرى(‪ )4‬اليت ال تتم إالم أمام‬
‫الغائب إال أمام قاضي العسكر‪ ،‬ومن اختصاصاته ً‬
‫قاضي العسكر أيضاً‪.‬‬
‫باإلضافة إىل فسخ األنكحة (الطالق)‪ ،‬مبايعة األنقاض‪ ،‬الكتابة على الواقف مباله من شروط‪،‬‬
‫والكتابة على أوقاف الدشايش(‪ ،)5‬أما االختصاصات القيمية فهي اليت ترجع قيما الدعوى موضوع‬
‫النزع فيه وحتددها بقيمة مالية معينة (‪ ،)6‬أمام يف القضايا اجلنائية فقد اقتصر دور القاضي على‬
‫التحقيق(‪.)7‬‬
‫حافظ القضاة على القواعد الفقهية يف أحكامهم‪ ،‬فكان سلوكهم خاضعاً لنوعني من الرقابة‬
‫أحدمها خارجي واآلخر داخلي‪ ،‬وكان امارجي يتمثل خاصة يف الرقابة من طرف العلماء(‪.)8‬‬

‫(‪-)1‬ابن أيب السرور‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 56‬‬


‫(‪-)2‬أوليا جليب‪ ،‬سياحتنامة‪ ،،‬تر‪ ،‬حممد علي عوين‪ ،‬تح‪ ،‬عبد الوهاب عزم‪ ،‬أمحد السعيد سليمان‪ ،‬دار الكتب والوثائق القومية‪،‬‬
‫القاهرة‪1424 ،‬ه‪2013،‬م‪ .‬ص ‪596‬‬
‫(‪ -)3‬هي مساحات واسعة من األراضي يف جهات عديدة من البالد وأنعم هبا السالطني السابقون على بعض الناس وأصبح‬
‫حق االنتفاع هبا ينتقل باملرياث لورثة وهي معفاة من الضرائب وال يدفع عنها للروزنامة إال ضريبة ر ية باسم "مال احلماية" نظري‬
‫محاية رجال اإلدارة هلذه األراضي من العبث‪ .‬للمزيد أنظر‪ ،‬الدمريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫(‪ -)4‬التنازل عن حق املنفعة باألرض من ملتزمها لشخص آخر يف مقابل مبلغ من املال يسمى احللوان ‪.‬أنظر‪ :‬نفسه‪.‬‬
‫(‪ -)5‬هي األوقاف املرصدة على أهان احلرمني الشريفني‪ ،‬وهذه االوقاف سابقة للعصر اململوكي‪ .‬انظر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫(‪ - )6‬بن أيب السرور‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪ 59‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪-)7‬الدمريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 44‬‬
‫(‪-)8‬نفسه‪.‬‬
‫‪42‬‬

‫وقسم اإلقليم املصري إىل ستة وثالثني قضاء يضم ستة رتب‪ ،‬وكان القضاة يف األقاليم على‬
‫درجات أعظمهم قضاة املديريات البحرية والثغور‪ .‬ويعني قاضي عسكر األناضول قضاة األقاليم وال‬
‫توجد سلطة لقاضي عسكر مصر عليهم فهم مستقلون عنه متاماً‪ ،‬كما أ من كل إقليم مستقل من‬
‫الناحية القضائية عن اآلخر(‪ ،)1‬ويف حالة فراغ إقليم من األقاليم املصرية من قاضيه كان يتوىل عليه‬
‫النيابة من طرف والة مصر إىل حني حيضر القاضي من إسطنبول‪ ،‬وكان أقاليم من األقاليم عدد من‬
‫النواحي التابعة له‪ ،‬ميارس القاضي عمله من عاصمة اإلقليم ويعني نواباً عنه للنظر يف القضايا يف‬
‫النواحي‪ ،‬ومن اختصاصات قضاة األقاليم النظر يف كافة أنواع القضايا اليت تعرض عليهم‪ ،‬فلم تكن‬
‫هناك قضايا صصة هلم بصفة القاضي يف رئيس اهليئة القضائية باإلقليم(‪.)2‬‬
‫أمام عن أهل الذمة يف األقاليم فهناك العديد من أنواع القضايا اماصة هبم يف سجالت حماكم‬
‫اليت ختص األمور املرتبطة بإجراءات كنيسة معينة مثل‪ :‬الزواج‪ ،‬الطالق‪ ،‬وكانوا يلجؤون إىل القاضي‬
‫املسلم يف تقسيم مواريثهم بالفريضة الشرعية ويف هذه احلاالت كان القاضي حيكم بينهم تبعاً للشرع‬
‫والقواعد الفقهية اإلسالمية(‪.)3‬‬
‫القضاء يف بالد املغارب‪:‬‬
‫مل ختتلف السلطة القضائية يف بالد املغاربة عن نظريهتا يف املشرق‪ ،‬حيث سعت السلطة‬
‫العثمانية إىل ربطها مبركز الدولة وأولتها اهتماما كبريا‪ ،‬وقد عملت وفق املذهب احلنفي مع احملافظة‬
‫على املذهب السائد هناك‪.‬‬
‫يذكر محدان خوخة يف كتابه املرآة‪ ،‬أنمه عندما طرد اإلسبان األندلوسيني من بالدهم بواسطة‬
‫(‪)4‬‬
‫االضطهاد‪ ،‬أرسل الباب العان خري الدين باشا لنجدة املسلمني ووضع حتت تصرفه أسطوالً صغرياً‬
‫للقضاء على األعمال الوحشية اليت يتعرضون هلا(‪ ،)5‬وقد كان هلؤالء السكان دوراً يف تشكيل السلطة‬
‫العثمانية ويظهر ذلك من خالل ما قدموه هلم من ترحيب ومحاس وعرفان فبعدها تكونت يف اجلزائر‬

‫(‪ -)1‬الدمريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.48‬‬


‫(‪-)2‬الدمريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 51‬وما بعدها ‪.‬‬
‫(‪-)3‬نفسه‪ ،‬ص‪. 55‬‬
‫(‪-)4‬هو أحد أكا قادة األساطيل العثمانية وأحد رموز اجلهاد البحري‪ ،‬توىل منصب حاكم إيالة اجلزائر ّث عينه السلطان سليمان‬
‫القانوين كقائد عام جلميع األساطيل البحرية للخالفة العثمانية‪ .‬أنظر‪Diego de haedo , Histoire des rois :‬‬
‫‪d’Alger ,truite par H.D.DE, Grammont, Alger1881,p p35-36.‬‬
‫(‪-)5‬محدان بن عثمان خوجة‪ ،‬املرآة‪ ،‬تعريب العريب الزبريي‪،‬ط‪ ،2‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،1982 ،‬ص ‪. 69‬‬
‫‪43‬‬

‫سلطة قائمة على مبادئ معتدلة تدعو إىل التفاهم لرب مصا األهان مبصا األندلسيني‪ ،‬وهبذا‬
‫نشأت ثالث سلطات‪ :‬أحدمها مدنية‪ ،‬والثانية قضائية‪ ،‬والثالثة هي سلطة السيادة التنفيذية (‪.)1‬‬
‫كان القضاء جزءاً من النظام القضائي للخالفة العثمانية الذي يبدأ بشيخ اإلسالم وقاضيا‬
‫عسكر(‪ .)2‬وملا جاء العثمانيون أحدثوا تغيريات يف هذا النظام فقد جعلوا اإلفتاء وظيفة ر ية‪ ،‬على‬
‫مذهبني‪ :‬مذهب اإلمام أيب حنيفة‪ ،‬ومذهب اإلمام مالك‪ ،‬فكان األول املذهب الر ي‪ ،‬أل مهنم كانوا‬
‫أحنافاً ولكنهم مل يتدخلوا يف املذاهب األخرى(‪ )3‬ويأ القضاء بعد اإلفتاء يف األمهية‪ ،‬إال أن وظيفة‬
‫القاضي احلنفي يف املرحلة األوىل من الوجود العثماين كانت هي األساسية ألهنا كانت وظيفة سياسية‬
‫ودينية(‪.)4‬‬
‫القضاء يف اجلزائر‪:‬‬
‫كان النظام القضائي يف اجلزائر خالل احلكم العثماين متصال باحلناكم‪ ،‬إذ يعند مصندر السنلطة‬
‫السياس ننية والقض ننائية‪ ،‬ومب ننا أ من احل نناكم العثم نناين ك ننان م ننن املعتنق ننني للم ننذهب احلنف نني وس ننكان اجلزائ ننر‬
‫يتبعننون املننذهب املننالكي(‪ )5‬فقنند متيننز القضنناء يف اجلزائننر باالزدواجيننة(‪ ،)6‬فثمننة القاضنني احلنفنني املننذهب‬
‫الر نني للدولننة العثمانيننة‪ ،‬واآلخننر للمننذهب املننالكي الننذي كننان يسننري عليننه معظننم سننكان احملليننني(‪،)7‬‬
‫فالقاض نني يت ننوىل الفص ننل يف امص ننومات املعروض ننة عل ننى حمكمت ننه إذ يعت ننا الدعام ننة األساس ننية جله نناز‬
‫العدالنة‪ ،‬ولقنند متتننع بنندرجات علميننة يف أصننول النندين والفقنه إىل جانننب حصنوله علننى شننهادة عليننا مننن‬
‫القاهرة أو إسطنبول‪ ،‬ويتم اختيارهم من طرف السلطة احلاكمة يف النبالد منن املفنيت وموافقتنه(‪ ،)8‬وكنان‬

‫(‪-)1‬محدان خوجة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 70‬‬


‫(‪-)2‬عبد املنعم إبراهيم اجلميعي‪ ،‬الدولة العثمانية واملغرب العريب‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪،2007 ،‬ص ‪.24‬‬
‫(‪-)3‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬تاريخ اجلزائر الثقايف ‪1500‬م‪1850-‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪1998 ،‬م‪،‬‬
‫‪.392‬‬
‫(‪-)4‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.394‬‬
‫(‪-)5‬مؤيد حممود محد املشهداين‪ ،‬سلوان رشيد رمضان‪" ،‬أوضاع اجلزائر خالل احلكم العثماين ‪1830-1518‬م"‪ ،‬جملة‬
‫الدراسات التارخيية واحلضارية (جملة علمية حمكمة)‪ ،‬مج (‪ ،)5‬العدد(‪ ،)16‬نيسان‪2013‬م‪،‬جامعة تكرت‪ ،‬ص‪.429‬‬
‫(‪-)6‬عائشة غطاس‪ ،‬احلرف واحلرفيني مبدينة اجلزائر‪-1700 ،‬ن‪1830‬م‪ ،‬مقاربة اجتماعية ن ن اقتصادية‪ ،‬منشورات‬
‫‪2007،ANEP‬م‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫(‪-)7‬عبد املنعم إبراهيم اجلميعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫(‪ –)8‬لطيفة محصي‪ ،‬اجملتمع والسلطة القضائية اجمللس العلمي باجلامع األعظم مبدينة اجلزائر ‪1122.1246‬ه‪1710.1830/‬م‬
‫منوذجا‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستري‪ ،‬اجلزائر‪2012 ،‬م‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪44‬‬

‫تعيننني القاضنني احلنفنني مننن طننرف سننالطني آل عثمننان م ن مدة سنننتني يف أغلننب األح نوال(‪ ،)1‬أمننا نظننريه‬
‫املالكي فكان يعني مبعية مفيت مذهبه ومبوافقة احلاكم من بني سكان إيالة(‪.)2‬‬
‫أصننبح يف اجلزائننر قاضننيان يف كننل مدينننة رئيسننية‪ ،‬وحتننت هننذين القاضننيني جمموعننة مننن القضنناة‬
‫املنتش نرين يف أحننناء األقنناليم‪ ،‬وكننان القضنناة ين نوب عنننهم غننريهم أيضننا أو يعننني البنناي خليفننة للقاضنني‪،‬‬
‫باإلضننافة إىل وجننود قضنناة يننذهبون مننع احلمننالت العسننكرية يف الننداخل والغننزوات البحريننة يف امننارج‬
‫وكانوا يسمون قضاة العسكر(‪.)3‬‬
‫كمننا وجنند ا لننس الشننرعي األعلننى الننذي يتننألف مننن قاضننيني ومفتيننني علننى املننذهبني‪ ،‬وأحنند‬
‫املشايخ للنظر يف شؤون األوقاف وممثل السلطة‪ ،‬وكاننت مهمنة هنذا ا لنس تتحندد يف مراجعنة أحكنام‬
‫القضن نناء‪ ،‬والنظن ننر يف املنازعن ننات الكن نناى ومقن ننره باجلن ننامع الكبن ننري بن نناجلزائر العاصن ننمة‪ ،‬وحيضن ننر احلن نناكم‬
‫اجتماعاتن ننه غالبن ننا(‪ ،)4‬وقن نند كانن ننت اليهن ننود حن ننرة يف التحن نناكم إىل قضن نناهتا اماصن ننني حسن ننب قوانينه ن ننا‬
‫اماصة(‪.)5‬‬
‫اخ ننتص القاض نني يف الفص ننل يف امص ننومات وعق ننود ال ننزواج والط ننالق‪ ،‬وعق ننود البي ننع والشن نراء‪،‬‬
‫وعقنود وقنف وكنراء(‪.)6‬ومل يكنن القضناة حيصنلون علنى املرتبنات‪ ،‬إمّننا كنانوا حيصنلوهنا منن الرسنوم واملبنالغ‬
‫املالية عن كل عقد يسجلونه ويضعون عليه ختماً(‪. )7‬‬
‫وممننا سننبق يتضننح أ من الدولننة العثمانيننة اسننتطاعت مننن أن حتننافظ علننى شخصننيتها الدينيننة والننيت‬
‫جس نندهتا الس ننلطة الش ننرعية وحرص ننت عل ننى تطبي ننق قن نوانني الش ننرع اإلس ننالمي حي ننث ربط ننت جهازه ننا‬
‫القضائي خارج الدولة العثمانية بالسلطة املركزية‪.‬‬

‫(‪-)1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.392‬‬


‫(‪-)2‬لطيفة محصي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫(‪-)3‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.394‬‬
‫(‪-)4‬عبد املنعم إبراهيم اجلميعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫(‪-)5‬حممد املبارك اهلالن امليلي‪ ،‬تاريخ اجلزائر يف القدمي واحلديث‪ ،‬ج‪،3‬مكتبة النهضة اجلزائرية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص ‪.318‬‬
‫(‪-)6‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.394‬‬
‫(‪-)7‬املشهداين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.429‬‬
‫الثالث‪ :‬سري املؤسسة القضائية‬ ‫املبحث‬
‫األول‪ :‬عالقة السلطة القضائية بالسلطة احلاكمة‪.‬‬ ‫املطلب‬
‫املطلب الثاين‪ :‬عالقة السلطة القضائية باجملتمع‪.‬‬
‫‪46‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬سري املؤسسة القضائية‪.‬‬


‫‪-1‬عالقة السلطة القضائية بالسلطة احلاكمة‪:‬‬
‫السلطان‪:‬‬
‫وهو الرئيس األعلى للدولة العثمانية والقوة املؤثرة األوىل سياسيا و عسكريا عرف بلقب خنكار‬
‫ويعين بالرتكية السلطان األعظم كما عرف أحيانا بلقب باد شاه الفارسي‪ ،‬ويعين احلاكم األعلى‪،‬‬
‫حيث متتع بسلطات واسعة ومطلقة‪ ،‬فهو رئيس الدولة والقائد األعلى للقوات العثمانية ورئيس اهليئة‬
‫احلاكمة (القوالر)(‪ )1‬ويف ذات الوقت رئيس اهليئة اإلسالمية احلاكمة‪ ،‬كانت أهم وأكرب هيئتني على‬
‫اإلطالق يف الدولة تلتقيان يف شخص السلطان‪ ،‬إذ اعترب احلامي واملنقذ للشريعة اإلسالمية(‪.)2‬‬
‫أما السلطة التنفيذية فقد رأسها السلطان أيضا ومل يكن الوزير سوى مستشار له‪ ،‬مث قوي مركزه‬
‫فيما بعد حىت أصبح مطلق الصالحية حيث محل الصدر األعظم اخلامت السلطاين رمزا لقوته‪ ،‬يساعده‬
‫أربعة أو ستة من الوزراء أقل منه يف النفوذ(‪.)3‬‬
‫الديوان اهليمايوين‪:‬‬
‫هو اجمللس األعلى للدولة يعقد حتت رئاسة السلطان نفسه يف مكان إقامته وينوب عن‬
‫السلطان يف حالة غيابه الصدر األعظم(‪ ،)4‬الذي أصبح فيما يف عهد السلطان سليمان يرأسه‪ ،‬كان‬
‫الديوان يعقد أربع جلسات أسبوعية تستغرق اجللسة الواحدة اليوم بطوله مما كان يصرف السلطان‬
‫عن حضوره للتفرغ ألمور أخرى(‪ )5‬كان ينظر يف هذا اجمللس كافة أمور الدولة اهلامة إدارية كانت أم‬
‫عرفية مالية أو حىت شرعية يظم هذا اجمللس كل من الصدر األعظم‪ ،‬والوزراء‪ ،‬الدفرتدار وقاضي‬
‫عسكر‪ ،‬النشاجني‪ ،‬الروزنامةجي(‪.)6‬‬

‫(‪-)1‬كانوا يف نشأهتم األوىل مسيحيني انتزعتهم الدولة وهم يف سن غضة من آبائهم وأمهاهتم وحولتهم إىل اإلسالم‪ ،‬وهيأت هلم‬
‫تعليما عسكريا ومدنيا وجعلت منهم أدوات للحرب واحلكم‪ ،‬ولكنهم كانوا عبيد للسلطان ومن مث أصبح وضعهم الديين والقانوين‬
‫واالجتماعي‪ ،‬من حيث األمر الواقع مسلمني عبيدا‪ .‬أنظر‪ :‬الشناوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.396‬‬
‫(‪-)2‬ياغي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫(‪-)3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫(‪-)4‬السيد ‪ ،‬مصر املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫(‪-)5‬الشناوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.389‬‬
‫(‪-)6‬السيد ‪ ،‬مصر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪47‬‬

‫الصدر األعظم‪:‬‬
‫لقب الوزير األول أو الوزير األعظم يف الدولة العثمانية وهو منصب رفيع يأيت من حيث الرتتيب‬
‫باملقام الثاين بعد السلطان‪ ،‬أطلق عليه لقب الوزير األول يف عهد السلطان سليمان القانوين مقره يف‬
‫الباب العايل‪ ،‬ويرأس الديوان نيابة عن السلطان‪ ،‬وكان يرأس ديوان آخر بعد صالة العصر عرف باسم‬
‫إيكندي ديواين (ديوان العصر) يقوم فيه بإمتام أعمال الديوان اهليمايوين‪ ،‬ينوب عن السلطان يف قيادة‬
‫احلمالت العسكرية(‪.)1‬‬
‫الوزراء‪:‬‬
‫وهم من األعضاء األساسيني يف الديوان اهليمايوين وصل عددهم يف مطلع القرن السادس عشر‬
‫إىل سبع وزراء يتدرجون كالتـ ـ ـ ــايل (أمري السنجق‪ ،‬أمري األمراء‪ ،‬أمري أمراء األناضول وآخر للروميلي)‬
‫يعاونون الوزير يف تدوين كافة شؤون الدولة‪.‬‬
‫قضاة العسكر‪:‬‬
‫كان كل من قاضي عسكر األناضول وقاضي عسكر الروميلي كما تطرقنا سابقا حق النظر يف‬
‫األمور الشرعية والقضائية اليت تتعلق مبنطقته يف الديوان اهليمايوين(‪. )2‬‬
‫الدفرتدار‪:‬‬
‫كان له دور فعال يف الديوان اهليمايوين خاضع للصدر األعظم ومسؤول عن النظام املايل يف‬
‫الدولة العثمانية‪ ،‬ومع اتساع الرقعة اجلغرافية للدولة العثمانية‪ ،‬انقسم هذا املنصب إىل قسمني أحدمها‬
‫لألناضول والثاين للروميلي يف النصف األول من القرن السادس عشر للنظر يف الشؤن املالية يف منطقة‬
‫كل واحد منهما(‪.)3‬‬
‫النشاجني‪( :‬التوقيعي)‪.‬‬
‫ويعرف أيضا باسم الطغرائي نظرا لوضعه الطغراء (عالمة اخلامت) السلطان اليت حتتوي توقيعه على‬
‫الفرامانات واملناشري اليت تصدر عنه‪ ،‬وهو من األعضاء الدائمني يف الديوان اهليمايوين وكان من مهامه‬

‫(‪-)1‬السيد‪ ،‬مصر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬


‫(‪-)2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.47-46‬‬
‫(‪-)3‬إحسان أوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.621‬‬
‫‪48‬‬

‫فحص مدى توافق قوانني الدولة وقراراهتا مع الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وإعداد املناشري والعقود والرباءات‬
‫اليت متنح للوزاراء(‪.)1‬‬
‫الروزنامةجي‪:‬‬
‫وهو الرئيس العام ألقالم وكتبة أقالم الديوان اهليمايوين كانت تقع حتت يده كافة مكتبات الدولة‬
‫املالية واإلدارية ودفاتر الديوان اهليمايوين(‪.)2‬‬
‫‪-)2‬السلطة الشرعية‪:‬‬
‫لقد حرصت السلطة احلاكمة وهي تباشر اختصاصاهتا يف شىت جماالت عملها حرصا بالغا على‬
‫أن تكون الشريعة اإلسالمية يف الوضع التنفيذ الدقيق واالحرتام العميق من جانب احلكام واحملكومني‬
‫سواء‪ ،‬والدولة العثمانية دولة دينية اتسمت سياستها العليا ومعظم تصرفاهتا بالطابع الديين اإلسالمي‪،‬‬
‫فكانت اهليئة الشرعية وعلى رأسها شيخ اإلسالم تؤدي رسالتها اإلسالمية نشرا وتعليما وقضاء‬
‫وإفتاء(‪ .)3‬نبدأ العالقة بني السلطة الشرعية والسلطة احلاكمة بعالقة هذه األخرية بشيخ اإلسالم‬
‫باعتباره رئيس السلطة الشرعية‪.‬‬
‫إن املوقع الروحي والسامي لشيوخ اإلسالمي جعلهم على عالقة وطيدة جدا بالسالطني تتطور‬
‫أحيانا إىل صداقة شخصية و إىل ثقة متبادلة‪ ،‬حيث كانت الصداقة بني السلطان سليمان القانوين‬
‫وشيخ اإلسالم أبو السعود أفندي كبريا جدا‪ ،‬إذ كان ينظر لشيوخ اإلسالم على أهنم أصحاب الفضل‬
‫والربكة على الدولة يستشريوهم يف مسائل مهمة يف الدولة(‪.)4‬‬
‫العالقة بني شيخ اإلسالم والسلطان أي العالقة بني السلطة الشرعية والسلطة املركزية تشكل‬
‫اإلطار الذي حيوي تكامال وظيفيا بني الطرفني‪ ،‬حيث أنه منذ الفرتة التأسيسية األوىل للدولة العثمانية‬
‫ارتبطت صورة السلطان العثماين بصورة العامل الديين الذي يبايع ويقدم النصيحة واملشورة والفتوى(‪.)5‬‬
‫رغم السلطة اليت كان يشكلها السلطان إال أنه مل يكن يف وسعه جتاهل حدود الشريعة اإلسالمية‬
‫بصورة علنية‪ ،‬فاملراسيم السلطانية تأيت يف املرتبة الرابعة بعد مصادر القانون اإلسالمي أي القرآن‬

‫(‪-)1‬السيد‪ ،‬مصر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬


‫(‪-)2‬نفسه‪.‬‬
‫(‪-)3‬الشناوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.348‬‬
‫(‪-)4‬كيدو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.105 -104‬‬
‫(‪-)5‬الكوثراين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.79 -75‬‬
‫‪49‬‬

‫والسنة واملذاهب األربعة‪ ،‬إذ كان على السلطان أن حيصل على فتوى من شيخ اإلسالم قبل اختاذ أي‬
‫إجراء سياسي وذلك لكي تتماشى هذه اإلجراءات مع الشريعة اإلسالمية وإن رفض املفيت ذلك‬
‫اإلجراء غالبا ما يعدل السلطان عن مشروعاته(‪.)1‬‬
‫جلأ السالطني يف الكثري من األحيان إىل استغالل سلطة شيخ اإلسالم واإلفادة منها كلما تعرضوا‬
‫ألزمة خطرية حيث بلغت سلطة شيخ اإلسالم أنه كان حيق له إصدار فتوى وصلت إىل تعيني والعزل‬
‫وحىت فتاوي القتل وهذا ما سنراه(‪ .)2‬من أهم فتاوي شيخ اإلسالم أبو السعود أفندي للسلطان‬
‫سليمان القانوين نذك ـ ـ ـ ـر‪:‬‬
‫‪-)1‬أفىت للسلطان سليمان القانوين جبواز قتل ابنه األمري مصطفى زاده على أساس أنه مترد على أبيه‬
‫وطالب بالسلطنة‪ ،‬مت قتله وإعدامه ‪960‬ه‪1553/‬م‪.‬‬
‫‪-)2‬أفىت السلطان سليمان القانوين جبواز قتل ابنه بايزيد شاه زاده على أساس أنه مترد‪ ،‬وفعال قتل‬
‫‪966‬ه‪1559/‬م‪.‬‬
‫‪-)3‬صادق على قانون نامة الذي أصدره السلطان سليمان القانوين وهو مبثابة اإلفتاء بشرعية ما جاء‬
‫فيه وجوازه‪ ،‬وقد وردت فيه جتاوزات لشرع هللا (كحد السرقة والزنا على سبيل املثال) (‪.)3‬‬
‫ويف هذه العالقة اليت كانت بني السلطان وشيخ اإلسالم استفادة السلطان من تقريبه لشيخ‬
‫اإلسالم إلضفاء الشرعية على قراراته وذلك ملا حضي به شيخ اإلسالم من احرتام لدى الرعية بصفته‬
‫ممثل للشريعة اإلسالمية‪ .‬هذه املؤسسة الشرعية اليت اعتربها املؤرخون جزءا من جهاز السلطة العثمانية‬
‫شكلت يف الواقع نافذة املؤسسة احلاكمة على اجملتمع عرب وظيفتها الدينية والقانونية والتعليمية يف‬
‫الواليات واملقاطعات(‪ .)4‬كما كانت الدولة هتتم اهتماما بالغا بشيخ اإلسالم لنشر التعبئة الروحية بني‬
‫أفراد قوات اجليش وإثارة روح اجلهاد(‪ .)5‬وميكن تفسري العالقة بني املفيت والسلطة احلاكمة مبدي قربه‬

‫(‪-)1‬ياغي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬


‫(‪-)2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫(‪-)3‬عدوان‪ ،‬املرجع السابق‪.245-274 ،‬‬
‫(‪-)4‬وجيه الكوثراين‪ ،‬السلطة واجملتمع والعمل السياسي يف تاريخ الوالية العثمانية يف بالد الشام‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬بريوت‪ ،1988 ،‬ص ‪.43‬‬
‫(‪-)5‬خلف بن دبالن بن خضر الوذيناين‪ ،‬الدولة العثمانية والغزو الفكري حىت عام ‪1327‬ه‪1909/‬م‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل‬
‫درجة الدكتوراه يف التاريخ اإلسالمي احلديث‪ ،‬إشراف عبد اللطيف عبد هللا بن دهيش‪ ،‬مكة‪ ،1990 ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫‪50‬‬

‫من السلطان حيث كان مبثابة الصدر األعظم بل إنه كان متقدم عليه من حيث الدرجة والتقدير‬
‫واالحرتام(‪.)1‬‬
‫أما فيما خيص عالقة شيخ اإلسالم بالصدر األعظم‪ ،‬فقد كان مها املوظفني الوحيدين يف الدولة‬
‫اللذين يتسلمان فرمان تعيني كل منهما يف منصبه من يد السلطان‪ ،‬ومن التقاليد املتبعة يف‬
‫االحتفاالت الرمسية أال يتقدم أحدمها عن اآلخر بل كانا يسريان جنبا إىل جنب وإن قام أحدمها بزيارة‬
‫رمسية لآلخر تقام مراسيم التكرمي والتشريف اليت تتبع االستقبال وتوديع أحدمها لآلخر‪ ،‬إذا كان‬
‫الصدر األعظم حيظى بسلطات أكثر فإن شيخ اإلسالم كان يظفر بتقدير أكرب(‪ ،)2‬وكان على الصدر‬
‫األعظم أن يكون على اتصال مستمر بشيخ اإلسالم لبحث املسائل اخلاصة بشؤون الدولة واليت‬
‫تتطلب أخذ رأيه فيها من حيث مطابقتها للشريعة اإلسالمية‪ ،‬هلذا كان الصدر األعظم هو الذي‬
‫يقوم بالزيارات العديدة لشيخ اإلسالم(‪.)3‬‬
‫تطرقنا إىل عالقة السلطة شرعية بالسلطة احلاكمة وركزنا فيها على اإلفتاء فما هي عالقة السلطة‬
‫احلاكمة بالقضاة؟‪.‬‬
‫احتل القضاء مكانة مركزية داخل مباين السلطة العثمانية منذ نشأهتا فعلى خالف مركز شيخ‬
‫اإلسالم فقد كان مركز القضاء ميثل إحدى مستلزمات قيام السلطة‪ ،‬تتشعب املهام املنوطة هبذا املركز‬
‫لتشمل حقل السلطة نفسه إىل مجلة األدوار املركزية على صعيد عالقة السلطة باجملتمع‪ ،‬إذ تعدد مهام‬
‫القضاء جعلت منه صلة الوصل الرئيسية بني السلطة واجملتمع(‪.)4‬‬
‫انتقلت إىل الديوان اختصاصات احملكمة العليا حيث كان الصدر األعظم يتوىل القضاء مبساعدة‬
‫قضاة الشريعة بعد أن مت تطعيم الديوان بأكرب العناصر القضائية اليت متثل الشريعة اإلسالمية والكلمة‬
‫العليا يف هذا اجملال هلؤالء القضاة‪ ،‬لكن ملا كان الصدر األعظم أعلى من القضاة يف السلم الوظيفي‬
‫حبكم منصبه كانت األحكام والتصرف يف القضايا تصدر عنه من الناحية الشكلية وهكذا أصبح من‬
‫اختصاصات الديوان النظر يف املسائل القضائية(‪.)5‬وجتدر اإلشارة إىل أن قاضي عسكر الروميلي‬

‫(‪-)1‬الكوثراين‪ ،‬الفقيه والسلطان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬


‫(‪-)2‬الشناوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.409‬‬
‫(‪-)3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.410‬‬
‫(‪ -)4‬الضيقة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫(‪ -)5‬الشناوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.392-391‬‬
‫‪51‬‬

‫وقاضي عسكر أناضول كانا عضوين يف الديوان اهليمايوين لكن مل يثبت أن شيخ اإلسالم شارك يف‬
‫جلساته‪ ،‬فقد كان كل من قاضي عسكر األناضول والروميلي كل واحد منهما يناقش القضايا اليت‬
‫تتعلق بأماكن اختصاصه‪.‬‬
‫رغم أن الديوان كان جيمع بني الوزارة واحملكمة إال أنه مل تكن هناك أوجه للشبه بني الديوان واهليئتني‪،‬‬
‫وكان الديوان كمحكمة تشمل واليته القضائية مجيع القضايا املدنية واجلنائية اليت ترفع إليه من أي‬
‫جزء من أجزاء اإلمرباطورية جنم عن ذلك أن السلطة القضائية مل تكن مقيدة ومن ناحية أخرى ال‬
‫تصبح أحكامه القضائية هنائية إال بعد موافقة السلطان عليها (‪. )1‬‬
‫لقد أضحت العالقة بني السلطة الشرعية والسلطة احلاكمة منظمة تنظيما دقيقا خاصة يف عهد‬
‫السلطان سليمان القانوين الذي حدد مركز شيخ اإلسالم والذي أضحى أحد أهم مرتكزات السلطة‬
‫احلاكمة‪ ،‬وكانت االستفادة الكبرية منه بالنسبة للسلطة احلاكمة اليت استطاعت مترير العديد من‬
‫القضايا باسم الدين‪ ،‬فقوانني نامة اليت ساهم فيها شيخ اإلسالم أبو السعود أفندي جاءت فيها‬
‫العديد من األمور اخلارجة عن الدين مثلما سبق الذكر عن حد السرقة الذي حكمه قطع اليد يف‬
‫الشرع‪ ،‬جاء يف قوانني نامة احلكم باجللد‪.‬‬
‫‪-)2‬عالقة السلطة القضائية بالفئات األخرى‪:‬‬
‫حاولت السلطة القضائية من خالل قراراهتا اليت مشلت كل امليادين حتقيق العدل والتوازن يف الدولة‬
‫ومل تكن بعيدة عما يدور يف اجملتمع‪ ،‬فما هي عالقة السلطة القضائية باجملتمع؟‬
‫طبقات اجملتمع العثماين‪:‬‬
‫ال خيلــو أي جمتمــع مــن الطبقــات يف كــل زمــان‪ ،‬و املقصــود بالطبقــات االجتماعيــة هــو تصــنيف‬
‫اجملتمع إىل فئات على درجات تعلو بعضها فـوق بعـض يف السـلطة واملقـام والقـوة(‪ ،)2‬واجملتمـع العثمـاين‬
‫مقسم إىل قسمني‪:‬‬
‫‪-‬القسم األول‪ :‬الذي يضم احلكام ووزرائه وحكام األقاليم الذين ينقل هلم بعض سلطاته‪.‬‬
‫‪-‬القسم الثاين‪ :‬أولئك الذين يدفعون الضريبة أو الرعية‪.‬‬

‫(‪-)1‬الشناوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.393‬‬


‫(‪ -)2‬كوندوز وأوزتورك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.538‬‬
‫‪52‬‬

‫ورجال الدولة ينقسم أيضا إىل قسمني‪ :‬طبقة العسكر اليت تتمتع بسلطة سياسية‪ ،‬وعمال الدولة؛ لقد‬
‫كانوا هؤالء معفيني من دفع الضرائب‪ ،‬أما الذين يدفعون الضرائب فقد قسموا إىل جمموعات حسب‬
‫النشاط الذي ميارسونه فهناك الفالحون و التجار و الرعاة‪ ،‬وقد أضاف البعض إىل هؤالء احلرفيني يف‬
‫(‪)1‬‬
‫املدن ‪.‬‬

‫ويقسم علماء االجتماع اجملتمع العثماين يف عصر االزدهار والصعود غلى ثالثة فئات‪:‬‬
‫‪-‬الطبقة الراقية‪ :‬وهم احلائزون على السلطة السياسية املمثلة يف القوة املركزية مثل القادة العسكريني‬
‫وأصحاب التيمار‪ ،‬اخلواص‪ ،‬األعيان‪ ،‬األشراف واألمراء احملليني‪.‬‬
‫‪-‬الطبقة املتوسطة‪ :‬وهم التجار وأهل احلرف والصناعة‪.‬‬
‫‪-‬الطبقة األدىن‪ :‬وهم الرعية(‪ ،)2‬وهي اليت تقوم باإلنتاج وتدفع الضرائب وكانت الدولة شديدة‬
‫االهتمام ببقاء كل فرد من طبقته‪ ،‬للمحافظة على االنسجام السياسي االجتماعي يف الدولة(‪.)3‬‬
‫إىل جانب ذلك هناك طبقة الرعية املعفاة اليت كانت معفاة من الضرائب وتتمتع ببعض االمتيازات‬
‫مقابل قيامها بأعمال معينة لصاحل الدولة(‪ ،)4‬من بينهم جنود القالع واملكلفون أحيانا بالزراعة‪،‬‬
‫ومالزمو القالع الذين يقومون مبساعدهتم و عدد من احلدادين و النجارين وصيادو الطيور و عمال‬
‫أفران صهر املعادن وزراع حقول األرز حلساب الدولة وحراس اجلسور واملضايق واملمرات باإلضافة إىل‬
‫سكان الزوايا واملقعدون من السبايهية‪ ،‬ومالزمو اجلوامع واملشتغلون بالعلم وأبناء املشايخ وأبناء أمراء‬
‫السبايهية‪ ،‬هؤالء كانوا معفون من جزء من الضريبة أو كلها(‪.)5‬‬
‫أما الطبقة العسـكرية فقـد كانـت تضـم كـل العسـكر الـذين يعملـون يف اخلدمـة الشخصـية للسـلطان‬
‫مباشــرة‪ ،‬وكــل التشــكيالت العســكرية الــيت ال تتعــاط اإلنتــاج‪ ،‬ورجــال الــدين و الكتــاب مــع عــائالهتم‬
‫وأقارهبم‪ ،‬وخدمهم‪ ،‬وعبيدهم(‪.)6‬‬
‫أما بنية اجملتمع العثماين من حيث مواطن االستيطان فيمكن تصنيفها إىل‪:‬‬

‫(‪ -)1‬إيناجليك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬


‫(‪-)2‬كوندوز وأوزتورك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.538‬‬
‫(‪-)3‬ياغي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫(‪-)4‬إيناجليك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫(‪-)5‬أوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.569‬‬
‫(‪-)6‬إيناجليك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.108‬‬
‫‪53‬‬

‫‪-‬سكان املـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدن‪ :‬ويتشكلون من املوظفني الرمسيني وأرباب الصنائع‪.‬‬


‫‪-‬سكان األرياف‪ :‬الذين يعيشون على الزراعة‪.‬‬
‫‪-‬البدو الرح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل‪ :‬الذين مل يعتادوا حياة االستقرار بعد‪.‬‬
‫وتعتــرب املدينــة هــي نـواة األنشــطة السياســية واإلداريــة والعســكرية والدينيــة وتقــام فيهــا مشــاريع البنيــة‬
‫التحتية الالزمة لكل تلك األمور ويتم تنظيم سـكاهنا علـى ذلـك األسـاس ويطلـق علـى قاطنيهـا سـكان‬
‫املدن أو أهل احلضر ومعظمهم من املوظفني الرمسيني والتجار وأرباب احلرف(‪.)1‬‬
‫يتشــكل الرعايــا مــن مجاعــات وطوائــف متلفــة‪ ،‬تنتمــي ألديــان ومــذاهب و أعـراق متعــددة‪ ،‬غــري أن‬
‫اجملتم ــع العثم ــاين مل يق ــم عل ــى أس ــاس عرق ــي ب ــل ق ــام عل ــى أس ــس ديني ــة(‪ ،)2‬ألن األحك ــام يف الدول ــة‬
‫العثمانية كانت تستند للشريعة اإلسالمية(‪.)3‬‬
‫وعــدا العنصــر الرتكــي وهــو الغالــب علــى مقاليــد احلكــم يف الدولــة‪ ،‬كــان اجملتمــع العثمــاين يضــم عناصــر‬
‫أخرى كالعرب واليونانيني والرومان واألرمن واليهود والسالف‪ ،‬فقد عمـدت الدولـة العثمانيـة تـرك لكـل‬
‫طائفــة دينيــة حريتهــا املذهبيــة وقــدرا معينــا مــن االســتقالل ومل تســع إىل اســتيعاب أحــد أو إاولــة إذابتــه‬
‫ضمن تركيبتها اخلاصة (‪ ،)4‬فقد عـار أبـو السـعود أفنـدي مـن خـالل فتـواه محـل مجيـع النصـارى علـى‬
‫الدخول يف اإلسالم قهرا و غصبا(‪.)5‬‬
‫كـان رعايــا الدولــة خيضـعون لنظــام امللــل‪ ،‬الــذي يقـوم علــى التبعيــة الدينيـة للطوائــف غــري اإلســالمية‪،‬‬
‫وقــد اعتمــد العثمــانيون التبعيــة الدينيــة كأســاس للتقســيم اإلداري وكانــت كــل فئــة مــن الفئــات الدينيــة‬
‫تســمى ملــة وكانــت أكــرب ملــة‪ ،‬ملــة اإلســالم الــذين كــانوا ميثلــون أغلبيــة اجملتمــع العثمــاين املســلم املتكــون‬
‫من األتراك و العرب و العجم‪ ،‬بوشناق‪ ،‬األرناؤوط مث تأيت امللـل األخـرى مـن غـري املسـلمني املتمثلـة يف‬
‫األرثــوذكس‪ ،‬الكاثوليــك‪ ،‬األرم ــن واليهــود (‪ )6‬كانــت مجي ــع امللــل غــري اإلس ــالمية مقســمة إىل طوائ ــف‬

‫(‪-)1‬أوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.569‬‬


‫(‪-)2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.552‬‬
‫(‪-)3‬ياغي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪-)4‬إحسان أوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.552‬‬
‫(‪-)5‬عدوان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.275‬‬
‫(‪-)6‬إحسان أوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.553 – 552‬‬
‫‪54‬‬

‫دينية‪ ،‬لكل طائفة رئيس من أبناء الطائفة يقوم بالفصل يف قضايا األحوال الشخصية ألتبـاع هـذه امللـة‬
‫وفق لقوانينها دون تدخل من الدولة وهكذا منح نظام امللل الرعايا غري املسلمني كيانا ذاتيا خاصا(‪.)1‬‬
‫مل يكن من طبيعة احلكم العثماين التدخل يف الشـؤون الدينيـة ألي طائفـة تعـيش فـوق أراضـيهم أو‬
‫يف كيـاهنم االجتمــاعي و اإلداري أو حــىت يف لغــاهتم‪ ،‬لــذلك نعمــت كــل الطوائـف يف ظــل نظــام احلكــم‬
‫العثماين حبرية كبرية يف التنقل بني متلف إياالت الدولة خاصة يف الروميلي و األناضـول و بـالد الشـام‬
‫و مصــر (‪ ،)2‬وســعت الدولــة عــرب مؤسســة الســلطة القضــائية إىل تأكيــد مبــدأ اح ـرتام حريــة األديــان و‬
‫امل ــذاهب ق ــدر املس ــتطاع ب ــني متل ــف طوائ ــف اجملتم ــع العثم ــاين وف ــق م ــا نص ــت علي ــه ح ــدود الش ـريعة‬
‫اإلسالمية(‪.)3‬‬
‫وتكمن عالقة السلطة الشرعية باجملتمع يف طبيعة املهام اليت يقوم هبـا اجلهـاز القضـائي مـن أجـل تطبيـق‬
‫الشريعة اإلسالمية أوال وحتقيق األمن والعدل واالستقرار يف اجملتمع من جهة أخرى‪.‬‬
‫خضع اجملتمع املدين لسلطة القاضي باعتباره احلاكم الشرعي و هبـذا فـإن طوائـف احلـرف و طوائـف‬
‫التجار وكذلك اجلماعات الدينية غـري اإلسـالمية كانـت ترجـع يف شـؤوهنا إىل احلـاكم الشـرعي الـذي لـه‬
‫ســلطة الفصــل فيهــا وكــذلك اإلشـراف علــى األوقــاف وصــرف متحصــالهتا‪ ،‬فقــد خضــع جهــاز العلمــاء‬
‫لسلطة القاضي أيضا من حيث الوجه الوظيفي هلذا اجلهاز(‪)4‬؛ وكان للقاضي احلق يف تثبيت أصحاب‬
‫الوظائف يف وظائفهم؛ هذا ما جعله حيتل مكانة يف السلطة واجملتمع‪.‬‬
‫تتدرج سلطة اجلهاز القضائي لتشمل مهام اقتصادية واجتماعية تغطـي شـىت أنشـطة اجملتمـع(‪ )5‬فقـد‬
‫كان للقاضي نواب يساعدونه يف مجع بعض الضرائب وتطبيق األحكام الصادرة عنه أو من العاصمة‪،‬‬
‫فاحملتسـ ــب يقـ ــوم مبراقبـ ــة احلـ ــرفيني و الصـ ــناع‪ ،‬بالضـ ــبب والتفتـ ــيش ومراقبـ ــة األسـ ــعار والتسـ ــعري واألوزان‬
‫واملكايي ــل باإلض ــافة إىل مراقب ــة اجل ــودة والنظاف ــة ومعاقب ــة املخ ــالفني ل ــذلك(‪ ، )6‬وض ــبب العم ــل ب ــالنظم‬
‫املوضوعة إلجراء احلرف والصنائع؛ ووضع نظام لضبب املواد الغذائية اخلارجـة مـن اسـطنبول أو القادمـة‬

‫(‪)1‬إمساعيل أمحد ياغي‪ ،‬العامل العريب يف التاريخ احلديث‪ ،‬ط ‪ ،1‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الريا ‪1418،‬ه‪1997/‬م‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫(‪-)2‬بن موسى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫(‪-)3‬نفسه‪.‬‬
‫(‪ -)4‬خالد زيادة‪ ،‬الكاتب والسلطان من فقبه إىل مثقف‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫(‪-)5‬الضيقة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.134-133‬‬
‫( ‪-)6‬إحسان اوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.561‬‬
‫‪55‬‬

‫إليها(‪ ،)1‬ويف أمور تعمري املدينة وتنظيم مبانيها فكان القاضي يستعني مبشورة رئيس املعماريني (معمـار‬
‫باشــا) ‪ ،‬أمــا احملض ـرين فيســاعدونه يف تعقــب اجملــرمني وتنفيــذ العقوبــات والقــبض علــى املشــبوهني‪ ،‬كمــا‬
‫يساعده حراس القالع وجنودها يف محاية القلعة من الداخل وتوفري األمن(‪.)2‬‬
‫إن تــدخالت القاضــي علــى هــذا النحــو تعمــل علــى محايــة املنــتإ والبــائع و املســتهلك‪ ،‬و هتــدف إىل‬
‫تأمني مصاحل متلف طبقات اجملتمع وحتقيق قواعد العدل و التوازن و االستقرار(‪.)3‬‬
‫كمــا كــان للقاضــي مهــام ماليــة و قضــائية يف أريــاف الواليــات‪ ،‬تؤكــد املكانــة املركزيــة جلهــاز القضــاء‬
‫كإح ــدى احللق ــات املكلف ــة بإجي ــاد ن ــوع م ــن التـ ـوازن ب ــني مرك ــز الف ــالح املن ــتإ و وب ــني حق ــوق الدول ــة‬
‫الض ـريبية(‪ ،)4‬فقــد أبقــى العثمــانيون يف املنــاطق الواقعــة خــارج املــدن علــى الزعمــاء احملليــني الــذين قامــت‬
‫زعامــاهتم إمــا علــى أســس دينيــة أو إقطاعيــة أو بدويــة (‪ ،)5‬ومبــا أن األوضــاع املوجــودة يف الريــف ختتلــف‬
‫متامــا عمــا هــو يف املدينــة فــإن الدولــة العثمانيــة انتهجــت سياســة تتماشــى وطبيعــة الفــرد الــذي يقطــن‬
‫بــالريف فعمــدت الدولــة إىل االســتفادة مــن األوضــاع االجتماعيــة و االقتصــادية املرتديــة و توظيفهــا يف‬
‫سياس ــتها‪ ،‬حي ــث مت إنش ــاء العدي ــد م ــن املؤسس ــات الديني ــة و األوق ــاف اخلريي ــة (‪.)6‬حي ــث انتش ــرت‬
‫األوقــاف بشــكل كبــري خــالل العهــد العثمــاين وحظيــت باهتمــام كبــري مــن طــرف الدولــة(‪ ،)7‬فكــل وقــف‬
‫قــانوين خيضــع لرقابــة القاضــي الــذي يفصــل يف النزاعــات املتعلقــة بــه وينظــر يف تفاصــيل إدارتــه وال ميكــن‬
‫القيام بأي خطوة دون إذن منـه‪ ،‬ويكـون واجبـه األول ضـمان تنفيـذ مـا جـاء يف العقـد والقيـام بالتـدابري‬
‫الضرورية للحفاظ على املوقوف؛ ويف بعض احلاالت إصدار إذن بـالبيع مقابـل شـراء عقـار آخـر يوقـف‬
‫مكــان األول‪ ،‬كمــا جيــب عليــه احلفــاظ علــى املوقــوف وإعادتــه للواقــف أو لورثتــه يف حــال صــار الوقــف‬
‫الغيا لسبب من األسباب (‪.)8‬‬

‫(‪-)1‬كوندوز وأوزتورك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.548‬‬


‫( ‪ -)2‬إحسان اوغلى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.562‬‬
‫(‪-)3‬الضيقة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫(‪-)4‬نفسه‪.‬‬
‫(‪-)5‬بن موسى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫(‪-)6‬الضيقة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫(‪-)7‬بن موسى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫(‪-)8‬مري سي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪56‬‬

‫وفيمــا خيــص بعــض النزاعــات الــيت قــد تنشــب بــني ســكان الريــف‪ ،‬فــإهنم كــانوا يتوجهــون إىل قاضــي‬
‫ناحيتهم لتسويتها ويكتبون بذلك احلجإ الشرعية اليت سوف تصبح هلا أمهية كبرية يف حسم النـزاع إذا‬
‫ثار مرة أخرى‪ ،‬وكان القاضي يف كثري من األحـوال يطالـب أحـد طـريف النـزاع بإقامـة احلجـة علـى دعـواه‬
‫إذا تطلــب األمــر ذلــك‪ ،‬و الغايــة مــن مثــل هــذه اإلجـراءات حــىت ال جيانــب القاضــي أثنــاء أدائــه ملهمتــه‬
‫الصواب يف حكمه‪ ،‬خصوصا و أن الديوان اهلمايوين أثناء إصداره لألحكام و األوامـر السـلطانية كـان‬
‫يف كل مرة يؤكد على القضـاة ضـرورة املراعـاة الدقيقـة لضـوابب الشـريعة اإلسـالمية (‪)1‬؛كمـا أن للقاضـي‬
‫صلة مبراكز العلم والطرق و املؤسسات الوقفية وهذا ما يبني الدور الذي يلعبه جهاز القضاء يف حتقيـق‬
‫التوازن بني السلطة و اجملتمع(‪.)2‬‬
‫عالقة السلطة القضائية باملؤسسة العسكرية‪:‬‬
‫تكمن طبيعة العالقة بني السلطة الشرعية و املؤسسة العسكرية يف أن لكل هيئة مهامهـا اخلاصـة‪،‬‬
‫حبيث ال ميكن أن تتدخل أي هيئة مبهام اهليئة األخرى‪ ،‬أما إذا تعلق األمر باملسائل و القضايا اليت هلا‬
‫صلة وثيقة بالدولة فإن الصالحيات الرئيسية للهيئتني كانت تكفل هلما العمل جنبـا إىل جنـب حفاظـا‬
‫علــى املصــلحة العليــا للدولــة(‪ ،)3‬فقــد مثلــت كــل مــن اهليئــة الشــرعية واهليئــة العســكرية روح الســلطة يف‬
‫الدولة والعمود الفقري هلا من خالل املهام اليت تقوم هبا كل هيئة (‪.)4‬‬
‫وتربز العالقة بني اهليئتني يف الدور الذي تلعبه كل هيئة‪ ،‬فاهليئة الدينية هلا تأثري على املؤسسة‬
‫العسكرية من خالل احلروب عمليات الغزو فقد كان على السالطني أن يتوجهوا إىل شيخ اإلسالم‬
‫الستصدار فتوى دينية تقر بشرعية احلرب املعلنة وجتيزها أو اليت سوف تقبل عليها الدولة‪ ،‬ويف هذا‬
‫الصدد كان على شيوخ اإلسالم أن يدرسوا هذا املوضوع بكل جد وموضوعية حسب ما يقتضيه‬
‫الفقه اإلسالمي قبل إصدار قرارهم يف ذلك وكانت الدولة هتدف من خالل هذه السياسة املتبعة إىل‬
‫تشجيع جنود اإلنكشارية ورفع معنوياهتم القتالية من أجل اإلقبال على احلرب(‪.)5‬‬

‫(‪-)1‬مري سي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.157‬‬


‫(‪-)2‬الضيقة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫(‪-)3‬بن موسى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.142‬‬
‫(‪-)4‬الشناوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.364‬‬
‫(‪ -)5‬كيدو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪57‬‬

‫ومتثل تأثري هيئة العسكرية على اهليئة الدينية يف مساندة املؤسسة العسكرية للهيئة الدينية يف‬
‫متلف قراراهتا‪ ،‬فقد كانت هي األداة لتنفيذ أحكامها سواء تعلق األمر جبانب اإلفتاء أو باألحكام‬
‫القضائية باإلضافة إىل سعيها يف احلفاظ على تطبيق أحكام الشريعة اإلسالمية عمليا‪ ،‬كما حرصت‬
‫املؤسسة العسكرية عرب أجهزهتا املختلفة على عدم تعر املصادر املالية للهيئة الشرعية ألي جتاوزات‬
‫من متلف األطراف السيما إذا تعلق األمر بإدارة األوقاف اإلسالمية(‪.)1‬‬
‫من خالل ما سبق ميكن القول أن السلطة الشرعية استطاعت أن تلعب دورا فاعال بني أفراد‬
‫اجملتمع العثماين من خالل جهاز القضاء يف حتقيق العدالة االجتماعية وذلك من خالل املهام اليت قام‬
‫هبا القضاة يف متلف اجملاالت مسحت هلم من اكتساب مكانة مرموقة يف اجملتمع باعتبارهم اهليئة اليت‬
‫متثل الشريعة اإلسالمية وتطبق قوانينها‪.‬‬

‫(‪-)1‬الشناوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.364‬‬


‫خـ ـ ـامتة‬
‫‪59‬‬

‫اجلدير بالذكر أ ّن الدولة العثمانية استطاعت خالل القرن العاشر هجري ‪ /‬السادس عشر ميالدي‬
‫أن حتافظ على الصبغة الدينية للدولة من خالل تطبيقها للشريعة اإلسالمية بواسطة أجهزهتا املختلفة‬
‫مست كل اجملاالت مبا يف ذلك املؤسسة القضائية‪.‬‬ ‫واليت عملت على تطويرها منذ نشوئها‪ ،‬حيث ّ‬
‫لقد عرف جهاز القضاء تغريات عديدة‪ ،‬فكان نتيجة التساع رقعة الدولة العثمانية يف أوربا‬
‫استحداث منصب قاضي عسكر الروميلي وآخر لألناضول‪ ،‬وتوجهها حنو البالد العربية دفع هبا إىل‬
‫تعيني قاضي العرب والعجم الذي مل يدم طويال‪ ،‬ففي القرن العاشر هجري‪ /‬السادس عشر ميالدي‬
‫وهي فرتة حكم السلطان سليمان القانوين برزت مكانة شيخ اإلسالم من خالل إنشاء باب املشيخة‬
‫واالستناد هبم يف تدوين لقوانني نامة وخنص بالذكر شيخ اإلسالم أبو السعود أفندي‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫زيادة نفوذه لدرجة تعيني وعزل السالطني‪.‬‬
‫نظم السلطان سليمان القانوين النظام التعليمي لتخريج العاملني يف اهليئة العلمية وربط في بني‬
‫التعليم والقضاء من خالل بناء املدارس السليمانية‪ ،‬ونتيجة لتزايد عدد خرجيي املدارس حدثت فوضى‬
‫مما استدعت السلطان القانوين على إثرها بإعادة هيكلة نظام املالزمة‪ ،‬حيث أصبح لكل قاضي مالزم‬
‫ل‪.‬‬
‫من خالل االمتيازات اليت منحها السلطان سليمان القانوين لفرنسا ازدادت مكانة رعاياها‪ ،‬حيث‬
‫أصبح هلا احلق يف مقاضاهتم بنفسها مما أدى إىل هتم قضاء الدولة العثمانية‪ ،‬أماّ فيما خيص‬
‫مذهب الدولة فكان املذهب احلنفي هو املذهب الرمسي للدولة ولكن دون إقصاء املذاهب األخرى‬
‫بالرغم من أ ّن فرتة السلطان سليمان شهدت تعميم املذهب احلنفي بصورة كاملة تقريباً‪.‬‬
‫لقد كان اجلهاز القضائي منظماً تنظيما دقيقا سواء ا داخل الدولة أو خارجها‪ ،‬حبيث مثل‬
‫القاضي السلطة القضائية يف املنطقة وكانت ل مكانة داخل هيكل الدولة‪.‬‬
‫قّسمت الدولة العثمانية إىل منطقتني قضائيتني رئيسيتني مها‪ :‬الروميلي واألناضول؛ حيث أحلقت‬
‫منطقة أوربا ومشال إفريقيا إىل قاضي الروميلي‪ ،‬يف حني كانت األناضول والبالد العربية واآلسيوية يف‬
‫مجلة قاضي األناضول‪ ،‬وكان قاضي عسكر الروميلي وقاضي عسكر األناضول املسؤولني على تطبيق‬
‫الشريعة اإلسالمية؛‬
‫اعترب قاضي عسكر الروميلي الذي ظهر أول األمر سنة ‪885‬هـ‪1480-‬م أعلى مركز من‬
‫قاضي عسكر األناضول حبيث أحلقت ب مجلة من املهام كاصطحاب اجلي العثماين يف احلروب حنو‬
‫أوربا وكذلك تعيني القضاة العاملني فيها وغريها من املهام اليت أكسبت مكانة مرموقة داخل اجلهاز‬
‫القضائي للدولة‪ ،‬فقد سعت الدولة العثمانية لربط اجلهاز القضائي خارج الدولة بالتشكيالت املركزية‬
‫‪60‬‬

‫فيها سواء كان ذلك يف البالد األوربية أو العربية‪ ،‬ولقد حافظت الدولة العثمانية على املذاهب‬
‫املوجودة يف البالد العربية لكنها جعلت املذهب احلنفي متصدرا للمذاهب األخرى عملت وفق‬
‫املذهب احلنفي باعتباره املذهب الرمسي يف دولة آل عثمان‪ ،‬وكان القاضي هو املمثل الشرعي جلهاز‬
‫القضاء باإلضافة إىل من ينوب يف حالة غياب ومع جمموعة من املساعدين من أجل ضمان تطبيق‬
‫القوانني وفق مبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬و ّأما عن غري املسلمني فقد اتبعت الدولة العثمانية اجتاههم‬
‫سياسة التسامح الديين وأباحت هلم الرجوع إىل القوانني اخلاصة هبم‪ ،‬سيما فيما يتعلق بأحواهلم‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫احتل القضاء مكانة داخل مباين السلطة العثمانية‪ ،‬إذ أ ّن شيخ اإلسالم باعتباره على قمة اجلهاز‬
‫القضائي كانت ل عالقة جيدة مع السلطان وصلت حىت الصداقة‪ ،‬أماّ فيما خيص القضاة فقد كان‬
‫هلم دور داخل الديوان اهليمايوين الذي كان يرأس الصدر األعظم وكانت أحكام املنازعات تصدر‬
‫عن من الناحية الشكلية‪ ،‬حيث أصبح من مهام الديوان النظر يف املسائل القضائية‪.‬‬
‫اكتسبت اهليئة الشرعية مكانة عالية داخل الدولة العثمانية من خالل املهام اليت انيطت بالقضاة‬
‫يف املناطق التابعة هلم‪ ،‬هذا ما مسح هلم من أن يلعبوا دور الوساطة بني السلطة العليا واجملتمع‪ ،‬وتكمن‬
‫طبيعة العالقة بني السلطة الشرعية واملؤسسة العسكرية يف أ ّن لكل هيئة مهامها اخلاصة‪ ،‬وال تتدخل‬
‫أي منهما يف األخرى‪ ،‬أما إذا تعلق األمر باملسائل والقضايا اليت هلا صلة وثيقة بالدولة فإن‬
‫الصالحيات الرئيسية للهيئتني كانت تكفل هلما العمل جنبا إىل جنب حفاظاً على املصلحة العليا‬
‫للدولة‪.‬‬
‫استطاعت السلطة الشرعية أن تلعب دوراً فاعالً بني أفراد اجملتمع العثماين من خالل جهاز‬
‫القضاء وكذلك من خالل املهام اليت قام هبا القضاة يف خمتلف اجملاالت من حتقيق العدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬إذ مسح هلم ذلك أن يكسبوا مكانة مرموقة يف اجملتمع باعتبارهم اهليئة اليت متثل الشريعة‬
‫اإلسالمية وتطبق قوانينها‪.‬‬
‫املالحق‬
‫‪62‬‬

‫امللحق رقم‪ :01‬السلطان سليمان القانوين‬

‫صاحل كولن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.102‬‬


‫‪63‬‬

‫امللحق رقم ‪ :02‬خريطة التوسع العثماين يف عهد السلطان سليمان القانوين‪.‬‬

‫الدولة العثمانية في اوج اتساعها خالل حكم‬


‫السلطان سليمان القانوني (‪10‬هـ ‪ 16 -‬م)‬

‫للمزيد أنظر الموقع‪http.co/pbthekejocn. :‬‬


‫‪64‬‬

‫امللحق رقم ‪ :03‬قوانني نامة يف عهد السلطان سليمان القانوين‪.‬‬


‫‪65‬‬

‫ساحلي أوغلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.550-549‬‬


‫قائمة املصادر واملراجع‬
‫‪67‬‬

‫املصادر بالعربية‪:‬‬
‫‪-1‬البكري حممد بن أيب السرور الصديقي‪ ،‬فيض املنان يف دولة آل عثمان‪ ،‬تح ودر وتع‪ ،‬عبد‬
‫‪2010‬م‪.‬‬ ‫الرزاق عيسى‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫جليب أوليا‪ ،‬سياحتنامة‪ ،‬تر‪ ،‬حممد علي عوين‪ ،‬تح‪ ،‬عبد الوهاب عزم‪ ،‬أمحد السعيد سليمان‪ ،‬دار‬ ‫‪-2‬‬
‫الكتب والوثائق القومية‪ ،‬القاهرة‪1424 ،‬ه‪2013 ،‬م‪.‬‬
‫‪-3‬سرهنك إمساعيل املريالي‪ ،‬من حقائق األخبار عن دول البحار‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،1‬بوالق مصر‬
‫احملمية‪1312 ،‬م‪.‬‬
‫‪-4‬طاشكبي زاده‪ ،‬الشقائق النعمانية يف علماء الدولة العثمانية وذيله العقد املنظوم يف ذكر‬
‫أفاضل الروم‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬لبنان‪1975 ،‬م‪.‬‬
‫‪-5‬حميب حممد األمني‪ ،‬خالصة األثر يف أعيان القرن احلادي عشر‪1111،‬ه‪1699-‬م‪ ،‬تع‪ ،‬ليلى‬
‫الصباغ‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واإلرشاد‪ ،‬دمشق‪1983 ،‬م‪.‬‬
‫املراجع العربية‪:‬‬
‫‪-1‬إبراهيم عيسى عبد الرزاق‪ ،‬تاريخ القضاء يف مصر العثمانية (‪1517‬م ـ ‪1798‬م)‪ ،‬اهليئة املصرية‬
‫العامة للكتب‪ ،‬فرع الصحافة‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫‪-2‬آصاف حضرة عزتلو يوسف بك‪ ،‬تاريخ آل عثمان من أول نشأهتم حىت اآلن‪ ،‬تق‪ ،‬حممد‬
‫زينهم حممد عزب‪ ،‬ط ‪ ،1‬مكتبة املدبويل‪ ،‬القاهرة‪1995 ،‬م‪.‬‬
‫‪-3‬آق كوندوز أمحد وأوزتورك سعيد‪ ،‬الدولة العثمانية اجملهولة ‪ 303‬سؤال وجواب توضح حقائق‬
‫غائبة عن الدولة العثمانية‪ ،‬إسطنبول‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫‪-4‬أوزتونا يلماز‪ ،‬تاربخ الدولة العثمانية‪ ،‬تر‪ ،‬عدنان حممود سليمان‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬منشورات‬
‫مؤسسة فيصل للتمويل‪ ،‬تركيا‪1988 ،‬م‪.‬‬
‫‪-5‬أوغلى أكمل الدين إحسان‪ ،‬الدولة العثمانية تاريخ وحضارة‪ ،‬ج ‪ ،1‬تر‪ ،‬صاحل سعداوي‪ ،‬مركز‬
‫األحباث للتاريخ والفنون والثقافة‪ ،‬إستنبول أبو‪1999 ،‬م‪.‬‬
‫‪-6‬أوغلى خليل ساحلي‪ ،‬من تاريخ األقطار العربية يف العهد العثماين حبوث ووثائق وقوانني‪ ،‬مركز‬
‫األحباث للتاريخ والفنون والثقافة اإلسالمية باسطنبول‪2001،‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬إيناجليك خليل‪ ،‬الدولة العثمانية من النشوء إىل االحندار‪ ،‬تر‪ ،‬حممد‪-‬م‪ -‬أرناؤوط‪،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫املدار اإلسالمي‪ ،2002 ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫‪-8‬بركات مصطفى‪ ،‬األلقاب والوظائف العثمانية دراسة يف تطور األلقاب والوظائف منذ الفتح‬
‫العثماين ملصر حىت إلغاء اخلالفة (من خالل اآلثار والوثائق واملخطوطات)‪ ،‬دار غريب للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪2000،‬م‪.‬‬
‫‪-9‬بروكلمان كارل‪ ،‬تاريخ الشعوب اإلسالمية‪ ،‬تر‪ ،‬نبيه أمني فارس ومنري البعلبكي‪ ،‬ط‪ ،5‬دار العلم‬
‫للماليني‪ ،‬بريوت‪1968 ،‬م‪.‬‬
‫‪-10‬بنحادة عبد الرحيم‪ ،‬العثمانيون واملؤسسات واالقتصاد والثقافة‪ ،‬ط‪ ،2‬النجاح اجلديد‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫‪-11‬بيضون مجيل الناطور شحادة وعكاشة علي‪ ،‬تاريخ العرب احلديث‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار األمل‪،‬‬
‫‪1412‬ه‪1991 /‬م‪.‬‬

‫‪-12‬جانبوالت أورهان الصادق‪ ،‬قوانني الدولة العثمانية وصلتها باملذهب احلنفي‪ ،‬ط‪ ،1‬املعهد‬
‫العاملي للفكر اإلسالمي‪ ،‬فرجينيا الواليات املتحدة األمريكية‪2012 ،‬م‪.‬‬
‫‪-13‬جاويش سليمان بن خليل بن بطرس‪ ،‬التحفة السنية يف تاريخ القسطنطينية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار‬
‫الصادر للطباعة والنشر‪ ،‬لبنان‪1995 ،‬م‪.‬‬
‫‪-14‬اجلميعي عبد املنعم إبراهيم‪ ،‬الدولة العثمانية واملغرب العريب‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬
‫‪-15‬احلبيب كمال سعيد‪ ،‬األقليات والسياسة يف اخلربة اإلسالمية من بداية الدولة النبوية وحىت‬
‫هناية الدولة العثمانية (‪622-1‬ه‪1908-1325/‬م)‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة مدبول‪ ،‬القاهرة‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫‪-16‬حرب حممد‪ ،‬العثمانيون يف التاريخ واحلضارة‪ ،‬املركز املصري للدراسات العثمانية وحبوث العامل‬
‫الرتكي‪ ،‬القاهرة‪1994 ،‬م‪.‬‬
‫‪-17‬خوجة محدان بن عثمان‪ ،‬املرآة‪ ،‬تع‪ ،‬الزبريي العريب‪ ،‬ط‪ ،2‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫اجلزائر‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫‪-18‬الدمريي‪ ،‬القضاة يف القرن العاشر والربع األول من القرن احلادي عشر هجري‪ ،‬حتقيق‬
‫وتعليق ودراسة عبد الرزاق عبد الرزاق عيسى ويوسف مصطفى احملمودي‪ ،‬ط‪ ،1‬العريب للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪-19‬الزحيلي حممد‪ ،‬تاريخ القضاء يف اإلسالم‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر املعاصر‪ ،‬بريوت‪1995،‬م‪.‬‬
‫‪69‬‬

‫‪-20‬زيادة خالد‪ ،‬الكاتب والسلطان من الفقيه إىل املثقف‪ ،‬ط‪ ،1‬دار املصرية اللبنانية القاهرة‪،‬‬
‫‪2013‬م‪.‬‬
‫‪-21‬سعد هللا أبو القاسم‪ ،‬تاريخ اجلزائر الثقايف ‪1500‬م‪1850-‬م‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،1‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫‪-22‬السيد حممد السيد‪ ،‬مصر يف العصر العثماين يف القرن السادس عشر " دراسة وثائقية يف‬
‫النظم اإلدارية والقضائية واملالية والعسكرية‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة مدبويل‪ ،‬القاهرة‪1997 ،‬م‪،‬‬
‫‪-23‬سيد حممد السيد حممود‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية [النشأة ـ ـ اإلزدهار] وفق املصادر العثمانية‬
‫املعاصرة والدراسات الرتكية احلديثة‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪-24‬الشناوي عبد العزيز حممد‪ ،‬الدولة العثمانية دولة إسالمية مفرتي عليها‪ ،‬ج‪ ،1‬مكتبة األجنلو‬
‫املصرية‪ ،‬القاهرة‪1980،‬م‪.‬‬
‫‪-25‬الضيقة حسن‪ ،‬الدولة العثمانية ثقافة اجملتمع والسلطة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار املنتخب العريب للدراسات‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬بريوت‪1997 ،‬م‪.‬‬

‫‪-26‬طقوش حممد سهيل‪ ،‬تاريخ العثمانيني من قيام الدولة إىل االنقالب على اخلالفة‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار‬
‫النفائس‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2013 ،‬م‪.‬‬
‫‪-27‬طقوش حممد سهيل‪ ،‬تاريخ السالجقة يف بالدالشام ‪511-471‬ه ‪1117-1078 /‬م‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫دار النفائس‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1430 ،‬ه‪2009/‬م‪.‬‬
‫‪-28‬عرنوس حممود بن حممد‪ ،‬تاريخ القضاء يف اإلسالم‪ ،‬املكتبة األزهرية للرتاث‪ ،‬القاهرة‪2012 ،‬م‪.‬‬
‫‪-29‬عزام عبد العزيز حممد‪ ،‬النظام القضائي يف اإلسالم‪ ،‬ج‪ ،1‬املؤسسة العربية احلديثة للطبع‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دس‪ ،‬ص‪.71 ،‬‬
‫‪-30‬العزاوي قيس جواد‪ ،‬الدولة العثمانية قراءة جديدة لعوامل االحنطاط‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار العربية‬
‫للعلوم‪ ،‬بريوت‪2003 ،‬م‪.‬‬
‫‪-31‬أبوعلي حسن عبد الفتاح‪ ،‬الدولة العثمانية والوطن العريب‪ ،‬دار املريخ‪ ،‬الرياض‪1429 ،‬ه‪-‬‬
‫‪2000‬م‪،‬‬
‫‪-32‬غريب الغايل‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية واملشرق العريب‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪2011‬م‪.‬‬
‫‪70‬‬

‫‪-33‬غطاس عائشة‪ ،‬احلرف واحلرفيني مبدينة اجلزائر‪1700 ،‬م‪1830-‬م‪ ،‬مقاربة اجتماعية‬


‫ــاقتصادية‪ ،‬منشورات ‪2007 ،ANEP‬م‪.‬‬
‫‪-34‬الكوثراين وجيه‪ ،‬السلطة واجملتمع والعمل السياسي يف تاريخ الوالية العثمانية يف بالد الشام‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪1988 ،‬م‪.‬‬
‫‪-35‬الكوثراين وجيه‪ ،‬الفقيه والسلطان‪ ،‬املركز العريب للنشر والرتمجة‪.‬‬
‫‪-36‬كيدو أكرم‪ ،‬مؤسسة شيخ اإلسالم يف الدولة العثمانية‪ ،‬تر‪ ،‬هاشم األيويب‪ ،‬ط‪ ،1‬جروس‬
‫برس‪ ،‬طرابلس لبنان‪1992 ،‬م‪.‬‬
‫‪-37‬لويس برينارد‪ ،‬إسطنبول وحضارة اخلالفة اإلسالمية‪ ،‬تع‪ ،‬السيد رضوان علي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار‬
‫السعودية للنشر والتوزيع‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫‪-38‬احملامي حممد فريد بك‪ ،‬تاريخ الدولة العلية العثمانية‪ ،‬تج‪ ،‬إحسان حقي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النفائس‪،‬‬
‫‪1401‬ه‪1981/‬م‪.‬‬
‫‪-39‬مصطفى أمحد عبد الرحيم‪ ،‬أصول التاريخ العثماين‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الشرق القاهرة‪2013 ،‬م‪.‬‬
‫‪-40‬ملز باتريك مادي‪ ،‬سالطني بين عثمان‪ ،‬ط ‪ ،1‬مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر‪1986 ،‬م‪.‬‬
‫‪-41‬مونرتان روبري‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬ترمجة بشري السباعي‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دارالفكر للدراسات‬
‫ونشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪1992 ،‬م‪.‬‬
‫‪-42‬مريسي أرنست‪ ،‬الوقف واحلبوس قواعده وأحكامه‪ ،‬تع‪ ،‬أمينة كوايت‪ ،‬بن مرابط‪.2014 ،‬‬
‫‪-43‬امليلي حممد املبارك اهلاليل‪ ،‬تاريخ اجلزائر يف القدمي واحلديث‪ ،‬ج‪ ،3‬مكتبة النهضة اجلزائرية‪،‬‬
‫اجلزائر‪.‬‬

‫‪-44‬هاملتون جب‪ ،‬وهارولدن باون‪ ،‬اجملتمع اإلسالمي والغرب‪ ،‬دراسة حول تأثري احلضارة العربية‬
‫يف الثقافة اإلسالمية‪ ،‬تر‪ ،‬أمحد إيبش‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬هيئة أبو ظيب للسياحة والثقافة‪ ،‬دار الكتب‬
‫الوطنية‪ ،‬أبو ظيب‪2012 ،‬م‪.‬‬
‫‪-45‬ياغي إمساعيل أمحد‪ ،‬الدولة العثمانية يف التاريخ اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة عبيكان‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫‪-46‬ياغي إمساعيل أمحد‪ ،‬العامل العريب يف التاريخ احلديث‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫‪1418‬ه‪1997/‬م ‪.‬‬
‫‪71‬‬

‫املراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪1-Diego de haedo , Histoire des rois d’Alger ,truite par H.D.DE, Grammont,‬‬
‫‪Alger1881.‬‬
‫املقاالت‪:‬‬
‫‪ -1‬ساحلي خليل‪" ،‬سجالت احملاكم الشرعية كمصدر للتاريخ االقتصادي واالجتماع"‪،‬اجمللة‬
‫التارخيية املغربية (للعهد احلديث واملعاصر)‪،‬العدد ‪ ،1‬تونس‪ ،‬جانفي ‪1974‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬عدوان عصام حممد علي‪" ،‬شيخ اإلسالم أبو السعود أفندي (‪898‬ه‪986-‬ه‪1493 ،‬م‪-‬‬
‫‪1574‬م)"‪ ،‬جملة جامعة القدس املفتوحة لألحباث والدراسات‪ ،‬العدد‪ ،22‬شباط‪2011‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬حممود عامر‪ ،‬املصطلحات املتداولة يف الدولة العثمانية‪ ،‬جملة الدراسات التارخيية‪،‬العدد‪-117‬‬
‫‪ 118‬حزيران‪،‬دمشق‪2012،‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬مؤيد حممود محد املشهداين‪ ،‬سلوان رشيد رمضان‪" ،‬أوضاع اجلزائر خالل احلكم العثماين‬
‫‪1830-1518‬م"‪ ،‬جملة الدراسات التارخيية واحلضارية (جملة علمية حمكمة)‪ ،‬اجمللد (‪ ،)5‬العدد(‪،)16‬‬
‫نيسان‪2013‬م‪،‬جامعة تكرت‪.‬‬
‫الرسائل اجلامعية‪:‬‬
‫‪ -1‬بوجلطي فاطمة‪ ،‬انعكاسات االمتيازات األجنبية على بالد الشام خالل القرن ‪19‬م‪ ،‬مذكرة‬
‫مقدمة لنيل شهادة املاجستري يف التاريخ احلديث‪ ،‬جامعة اجلزائر‪2011 ،‬م‪.‬‬
‫من خالل دفاتر‬ ‫‪ 16‬و‪17‬‬ ‫‪ -2‬بومدين زبريي‪ ،‬احلكم واإلدارة العثمانية لبالد الشام يف القرنني‬
‫مهمة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستري‪ ،‬اجلزائر‪2012،‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬محصي لطيفة‪ ،‬اجملتمع والسلطة القضائية اجمللس العلمي باجلامع األعظم مبدينة اجلزائر‬
‫منوذجا‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستري يف التاريخ‪ ،‬جامعة‬ ‫‪ 1122‬ـ‪1246‬ه‪ 1710/‬ـ‪1830‬م‬
‫اجلزائر‪2012 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬دمحاين جازية‪ ،‬السياسة اخلارجية للدولة العثمانية يف عهد السلطان حممد الفاتح(‪-1451‬‬
‫‪1481‬م)‪ ،‬مذكرة خترج لنيل شهادة املاجستري يف التاريخ احلديث واملعاصر‪ ،‬ختصص دولة عثمانية‬
‫واملشرق العريب‪ ،‬جامعة اجلزائر‪2013،‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬قاري ياسر بن عبد العزيز‪ ،‬دور االمتيازات األجنبية يف سقوط الدولة العثمانية دراسة تارخيية‬
‫حتليلية‪ ،‬مذكرة لنيل درجة الدكتوراه يف التاريخ احلديث‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪2001،‬م‪.‬‬
‫‪72‬‬

‫‪ -6‬بن موسى فيصل‪ ،‬السلطة احلاكمة واهليئة الدينية يف الدولة العثمانية خالل القرن العاشر‬
‫هجري السادس عشر ميالدي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستري يف التاريخ احلديث واملعاصر‪ ،‬ختصص‬
‫دولة عثمانية واملشرق العريب‪ ،‬جامعة اجلزائر‪2003 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬جنم الدين مصطفى حممد‪ ،‬الدساتري والقوانني العثمانية‪...‬اجلذور والتوجه اجلديد‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل درجة الدكتوراه يف القانون‪ ،‬الدانيمارك‪2013،‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬وذياين خلف بن دبالن بن خضر‪ ،‬الدولة العثمانية والغزو الفكري حيت عام‬
‫‪1327‬ه‪1909/‬م‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه يف التاريخ اإلسالمي احلديث‪ ،‬مكة‪ ،‬جامعة أم‬
‫القرى‪1990 ،‬م‪.‬‬
‫مقاالت الشبكة العنكبوتية‪:‬‬
‫‪1-www.hablullah.com /http://‬‬
‫‪2- http.co/pbthekejocn.‬‬
‫املوسوعات واملعاجم‪:‬‬
‫‪-1‬خطيب مصطفى عبد الكرمي‪ ،‬معجم املصطلحات واأللقاب التارخيية‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بريوت‪1996 ،‬م‪.‬‬
‫‪-2‬صابان سهيل‪ ،‬املعجم املوسوعي للمصطلحات العثمانية‪ ،‬مكتبة اللك فهد الوطنية‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫‪2000‬م‪.‬‬
‫‪-3‬س‪ .‬موسرتاس‪ ،‬املعجم اجلغرايف لإلمرباطورية العثمانية‪ ،‬تر وتع‪ ،‬عصام حممد الشحادات‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫‪73‬‬

‫الفهرس‬
‫اإلهداء‬
‫كلمة شكر وعرفان‬
‫قائمة املختصرات‬
‫‪2‬‬ ‫مقدمة‪........................................................................................‬‬
‫‪8‬‬ ‫مدخل‪........................................................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬السلطة القضائية‬
‫املطلب األول‪ :‬موظفو اهليئة الشرعية‪16 ............................................................‬‬
‫‪16‬‬ ‫شيخ اإلسالم‪..................................................................................‬‬
‫‪18‬‬ ‫القضاة‪........................................................................................‬‬
‫‪18‬‬ ‫املال الكبار‪..............................................................................‬‬
‫‪20‬‬ ‫املال الصغار‪.............................................................................‬‬
‫‪20‬‬ ‫املفتشون‪......................................................................................‬‬
‫‪21‬‬ ‫املفتون‪........................................................................................‬‬
‫‪21‬‬ ‫نواب ومبعوثو القضاة‪..........................................................................‬‬
‫‪21‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬مستحدثات السلطان سليمان القانوين يف القضاء‪...................................‬‬
‫حتديد املركز الوظيفي والقانوين لشيخ اإلسالم‪22 ......................................................‬‬
‫‪24‬‬ ‫تدوين قوانني نامة‪..............................................................................‬‬
‫‪25‬‬ ‫بناء املدارس‪...................................................................................‬‬
‫‪27‬‬ ‫نظام املالزمة‪..................................................................................‬‬
‫‪28‬‬ ‫نظام االمتيازات األجنبية‪........................................................................‬‬
‫‪29‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬القضاء من خالل املذهب احلنفي‪................................................‬‬
‫خصائص املذهب احلنفي‪30 .......................................................................‬‬
‫األسباب اليت جعلت الدولة العثمانية تلتزم مبذهب أيب حنيفة‪31 .......................................‬‬
‫‪74‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬آليات التعامل القضائي يف اإلياالت العثمانية‬


‫املطلب األول‪ :‬القضاء يف البالد املفتوحة‪35 .........................................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬القضاء يف بالد املشرق‪37 ...........................................................‬‬
‫القضاء يف مصر‪38 ................................................................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬القضاء يف بالد املغارب‪42 .........................................................‬‬
‫القضاء يف اجلزائر‪43 ...............................................................................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬سري املؤسسة القضائية‬
‫املطلب األول‪ :‬عالقة السلطة القضائية بالسلطة احلاكمة‪46 ...........................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬عالقة السلطة القضائية باجملتمع‪51 ...................................................‬‬
‫اخلامتة‪59 ........................................................................................‬‬
‫املالحق‪63 ......................................................................................‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‪67 ........................................................................‬‬
‫الفهرس ‪73 ......................................................................................‬‬

You might also like