You are on page 1of 22

‫‪721‬‬

‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫التخطيط السياحي وأثره في مناطق ومواقع التراث األثري‬


‫د‪ .‬كباشي حسين قسيمة‬
‫أستاذ مشارك ‪ ،‬كلية السياحة واآلثار ‪-‬جامعة الملك سعود‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The tourism planning contributes largely to developing and promoting of‬‬
‫‪the archaeological heritage areas that are intended to be a cultural tourism‬‬
‫‪destination. And hence, the construction of sustainable tourism development‬‬
‫‪projects, with its economical, social and cultural benefits. The significance of‬‬
‫‪tourism planning is seen in terms of shedding light on the historical, cultural‬‬
‫‪and economical aspects of the archaeological sites.‬‬
‫‪The research points out the economical significance that could be result‬‬
‫‪from the exploitation of the archaeological heritage resources in tourism sector‬‬
‫‪, for the benefit of the national economy and the local communities.‬‬

‫ملخص باللغة العربية‪:‬‬


‫يسهم التخطيط السياحي في تنمية وتطوير مناطق ومواقع التراث األثري بغرض‬
‫تأهيلها للجذب السياحي‪ ،‬ومن ثم إنشاء مشروعات التنمية السياحية المستدامة التي‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية على المستوى القومي‬ ‫تعود بالفوائد والمنافع‬
‫والمحلي‪ .‬ومن هنا تبرز أهمية التخطيط السياحي لمناطق ومواقع التراث األثري من‬
‫خالل إلقاء الضوء على أهميتها التاريخية والثقافية واالقتصادية‪.‬‬
‫كما يشير البحث إلى أهمية استغالل مواقع وموارد التراث األثري في السياحة‬
‫الثقافية وتوظيفها في صناعة السياحة من خالل تبني التخطيط السياحي الفعَّال الذي‬
‫يسهم بصورة إيجابية في االقتصاد الوطني‪ ،‬وتحسين المستوى المعيشي للمجتمعات‬
‫المحلية‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫تعتمد الدول المتقدمة والنامية على السواء ـ في عالمنا المعاصرـ منهج التخطيط‬
‫أسلوباً إلدارة أوجه حياتها المختلفة؛ بغرض تنمية وتطوير مجتمعاتها‪ ،‬وتحقيق التقدم‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪721‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫واالزدهار لشعوبها؛ فإذا نظرنا إلى التخطيط (‪ )Planning‬على أنه االستخدام‬


‫الموجه والمنظم للموارد بما يحقق الحاجات األساسية لإلنسان ففي هذا اإلطار يمكن‬
‫القول بأن الحضارات القديمة في كل من مصر‪ ،‬والعراق‪ ،‬والهند وضعت أسس‬
‫التخطيط الزراعي السليم في هذه المراحل المبكرة من فجر بزوغ الحضارة اإلنسانية‪،‬‬
‫حيث أقاموا المدرجات الزراعية‪ ،‬وشقوا قنوات الري‪ ،‬وشيدوا الطرق‪ ،‬وتحكموا في‬
‫الفيضانات‪ ،‬وغير ذلك من قنوات التخطيط الزراعي ـ ما يؤكد العمق التاريخي لدور‬
‫التخطيط في حياة الشعوب واألمم‪.‬‬
‫التخطيط في العصر الحديث كوسيلة للتنمية االقتصادية واالجتماعية يعود إلى‬
‫مطلع القرن الماضي؛ فقد بدأت الدول األوربية بعد الحرب العالمية الثانية تتخذ من‬
‫التخطيط أسلوباً‪ ،‬ومنهجاً؛ لتحقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬األمر الذي أفضى‬
‫إلى التحول المذهل في حياة الشعوب اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً‪.‬‬
‫لقد أصبح مفهوم التخطيط من أكثر المصطلحات شيوعاً في أدبيات البحث‬
‫العلمي في عالم اليوم؛ فقد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالنجاح‪ ،‬وكل ما هو إيجابي ومتفرد‪ .‬أما‬
‫اإلخفاق والفشل فيعزى‪ .‬في أغلب األحيان لغياب التخطيط‪ ،‬ولغياب الخطط الفاعلة التي‬
‫تهدف إلى تحقيق التنمية بكل مظاهرها وأبعادها االجتماعية واالقتصادية والثقافية‪.‬‬
‫أهداف البحث ‪:‬‬
‫‪ .1‬إبراز أهمية التخطيط السياحي لمواقع ومناطق التراث األثري فيما يتعلق‬
‫بأهميتها التاريخية والثقافية والمعرفية واالقتصادية‪ ،‬ومن ثم إدارتها‬
‫والحفاظ عليها‪.‬‬
‫‪ .2‬السعي لتطبيق مفهوم التنمية السياحية المستدامة في مواقع التراث األثري‬
‫من خالل االستخدام األمثل والمرشد لموارد الثروة السياحية الثقافية‪.‬‬
‫‪ .3‬تأكيد األثر االيجابي لتوظيف التراث األثري سياحياً‪ ،‬والمنافع والفوائد‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية الناتجة عن هذا التوظيف ‪.‬‬
‫‪ .4‬إبراز اآلثار البيئية السالبة في مواقع ومناطق التراث األثري‪ ،‬والمتمثلة في‬
‫السياحة غير المرشدة والمخططة التي تهدد المعالم األثرية السياحية‬
‫بالزوال‪.‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪721‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫أهمية البحث ‪:‬‬


‫تكمن أهمية البحث في األتي ‪:‬‬
‫‪ .1‬عدم تناول مفهوم التخطيط السياحي كثي اًر في مجال الدراسات اإلنسانية ذات‬
‫العالقة باقتصاديات التراث والسياحة الثقافية‪ ،‬خاصةً في الدول األقل نمواً؛‬
‫‪ .2‬لذا من المأمول أن يسهم البحث في إلقاء الضوء على أساليب التخطيط‪،‬‬
‫والتهيئة لمواقع ومناطق التراث األثري ‪.‬‬
‫‪ .3‬السعى إلى انتهاج إستراتيجية التخطيط السياحي لمواقع التراث األثري التي‬
‫تعمل على حمايتها‪ ،‬والحفاظ عليها من خالل رسم السياسات‪ ،‬والخطط‪،‬‬
‫والبرامج الداعمة لذلك ‪.‬‬
‫‪ .4‬إبراز أهمية االستغالل األمثل لموارد التراث الثقافي التي تعود بالمنافع‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية لألجيال الحالية‪ ،‬مع مراعاة استحقاق أجيال‬
‫المستقبل من االستفادة واالنتفاع واالستمتاع بها من خالل تطبيق مفهوم‬
‫التنمية السياحية المستدامة ‪.‬‬
‫مشكلة البحث ‪:‬‬
‫يعد التخطيط السياحي‪ ،‬والتهيئة لمواقع ومعالم التراث األثري‪ .‬من األولويات‬
‫الرئيسة لمعظم دول العالم التي تسعى لوضع اإلستراتيجيات التي تعمل على‬
‫االستفادة من مواردها الثقافية اقتصادياً عبر صناعة السياحة ‪.‬‬
‫تتمحور مشكلة البحث حول افتقار معظم مواقع ومعالم التراث األثري في‬
‫العديد من الدول النتهاج سياسية التخطيط السياحي والتهيئة؛ مما أعاق االستفادة‬
‫منها اقتصادياً باستغالل وتوظيف هذه الموارد في التنمية السياحية المستدامة ‪.‬‬
‫مفهوم التخطيط (‪:)The concept of planning‬‬
‫هنالك العديد من التعريفات التي قدمها الباحثون لمفهوم التخطيط في أبعاد‬
‫مختلفة تشمل ما يلي‪:‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪732‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫مفهوم التخطيط العام‪:‬‬


‫يصف كل من (كاتاينس وساندير) عند تعريفهما للتخطيط بأنه نشاط ذهني‪،‬‬
‫وليس نشاطاً وصفياً (‪)Catanese and Snyders,1979:107‬؛ فالتخطيط‬
‫عملية ذهنية يقوم بها كل الناس عند رغبتهم في تحقيق هدف معين مستخدمين في‬
‫ذلك موارد محددة (‪)limited resources‬؛ فالمخطط ال يصف فقط الواقع وانما‬
‫يسعى لتغيير هذا الواقع لألفضل من خالل انتهاج العديد من الوسائل‪ ،‬والطرق‪،‬‬
‫واآلليات التي تؤدي إلى تحقيق األهداف المنشودة‪ .‬وفي هذا السياق يمكن تعريف‬
‫التخطيط بأنه تحديد أهداف المشروع (‪،)the objectives of the project‬‬
‫ووحداته‪ ،‬وعناصره‪ ،‬مع تفصيل لطرق ووسائل تحقيقها‪ ،‬بمعنى آخر إن التخطيط‬
‫كمفهوم عام يهتم بعنصريين رئيسيين هما تحديد الهدف‪ ،‬وطريقة تحقيقه‪.‬‬
‫أما (بنتون) فيعرف التخطيط كمفهوم عام بأنه تحضير واعداد ذهني للنشاط من‬
‫أجل العمل (‪ ،)Bunton,l984:11‬هذا التعريف الذي قدمه بنتون يشير إلى منهجية‬
‫متعارف عليها في أدبيات البحث العلمي‪ ،‬وهي قاعدة التفكير قبل العمل ‪ .‬وفي ذات‬
‫االتجاه يعرف (كونيارس) التخطيط كمفهوم عام بأنه جهد موجه ومقصود‪ ،‬ومنظم؛‬
‫لتحقيق هدف أو أهداف معينة في فترة زمنية محددة‪ ،‬وبمال وجهد محددين‬
‫(‪ ،)Conyers,1985:6‬يتميز هذا التعريف بأنه تعريف شامل يتضمن مجموعة‬
‫العناصر الرئيسة لم ـراحل عملية التخطيط ( جهد منظم ومقصود‪ ،‬تحقيق أهداف‬
‫محددة‪ ،‬الخطة الزمنية المحددة‪ ،‬والتمويل في إطار الموازنة المالية )‪.‬‬
‫مفهوم التخطيط من حيث البعد االقتصادي والتنموي‪:‬‬
‫هنالك العديد من التعريفات التي قدمت لمفهوم التخطيط من حيث البعد‬
‫االقتصادي والتنموي‪ ،‬وفي هذا المجال يمكن الرجوع إلى التعريفات اآلتيه‪:‬‬
‫‪ -1‬يعرف ( اإلمام‪ )7 :1693،‬التخطيط بأنه وسيلة لغاية يتم فيها حصر جميع‬
‫موارد المجتمع المادية والبشرية‪ ،‬وتحديد طريقة استغاللها‪ ،‬وتشغيلها‪ ،‬وتوجيهها بشكل‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪737‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫يساعد على تحقيق الغايات المرجوة في أقصى فترة ممكنة‪ ،‬وبأقل جهد وتكلفة‬
‫اجتماعية واقتصادية‪ ،‬وبأقل قدر من اإلهدار للموارد‪.‬‬
‫‪ -2‬يذهب شارك بيتلهم (‪ )Bettelheim,1966‬إلى أن التخطيط ما هو إال العملية‬
‫التي تنظم في جميع مجاالت التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتستلزم ترابطاً وتنسيق ًا‬
‫بين قطاعات االقتصاد القومي مع التبصير بالموارد الموجودة‪ ،‬وباألحوال والظروف‬
‫االجتماعية واالقتصادية السائدة‪ ،‬بحيث يمكن السيطرة عليها؛ وذلك ضماناً للنتائج‬
‫المستهدفة من الخطة‪ 0‬هذا التعريف يشير إلى أن التخطيط من وجهة النظر‬
‫االقتصادية يعني التنبوء بالمستقبل االقتصادي‪ ،‬وأخذ جميع المتغيرات في الحسبان‪،‬‬
‫واالختيار بين الطرق البديلة للتنفيذ لتحقيق األهداف االقتصادية المنشودة‪.‬‬
‫‪ -3‬و يرى (الجنزوري‪ )17 :1672 ،‬أن التخطيط ما هو إال منهج علمي‬
‫يستهدف التنمية الشاملة بكل جوانبها االقتصادية واالجتماعية ( ‪Socio-economic‬‬
‫‪ ،)aspects‬مع تركيز فلسفته ومقوماته على جوانب مهمة تتمثل في المعرفة بكل‬
‫اإلمكانات والموارد المتاحة‪.‬‬
‫‪ -4‬أما (كونيارس) فإنه يعرف التخطيط في بعده االقتصادي التنموي بأنه (مجموعة‬
‫جهود واعية‪ ،‬ومستمرة تبذل من قبل حكومة ما لزيادة معدالت التقدم االقتصادي‪،‬‬
‫واالجتماعي‪ ،‬والتغلب على جميع اإلجراءات المؤسسية التي من شأنها أن تقف‬
‫عائقاً في وجه تحقيق هذه األهداف(‪.)Conyers,1985:8‬‬
‫‪ -5‬وعرف ميردال (‪ )Myrdal‬التخطيط كمفهوم تنموي بأنه برنامج يظهر إستراتيجية‬
‫الدولة على المستوى الوطني‪ ،‬واجراءات تدخلها إلى جانب قوى السوق من أجل دفع‪،‬‬
‫وتطوير النظام االجتماعي (‪. )Cheema and Rondinelli, 1985:5‬‬
‫مفهوم التخطيط من حيث البعد اإلداري والتنظيم‪:‬‬
‫على مستوى البعد اإلداري والتنظيم‪ .‬نجد أن التخطيط ُيعرف بطرق وأشكال مختلفة؛‬
‫فمن وجهة نظر المهتمين باإلدارة ؛ فإن التخطيط يعني الوظيفة اإلدارية التي تضمن‬
‫االختيار بين البدائل‪ ،‬بالنسبة ألهداف المشروع‪ ،‬وسياساته‪ ،‬وبرامجه‪ ،‬وخططه؛‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪732‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫إذ ُيعرف (‪ )Hottse et al , 1984:13‬التخطيط بأنه وظيفة تشمل االختيار بين‬


‫البدائل لألهداف‪ ،‬السياسات‪ ،‬اإلجراءات والبرامج‪ ،‬وبالتالي فهو عبارة عن الق اررات‬
‫التي تحدد عمل اإلدارة والمؤسسة مستقبالً؛ وفي ذات اإلطار فقد أشار كل من‬
‫كونتر ودونيل (‪ )Koontr and Donnell‬إلى أن التخطيط هو اختيار من بين‬
‫مسارات بديلة للتعرف على المستقبل للمشروع ككل‪ ،‬ولكل قسم من أقسامه (هاشم‬
‫‪)55 :1676‬؛ فالتخطيط من وجهة نظر إدارية يساعد في تحقيق االستخدام الفعال‬
‫واألمثل للموارد البشرية (القوى العاملة )‪ ،‬واإلمكانيات المادية المتاحة‪.‬‬
‫مما سبق نالحظ الفارق في مفهوم التخطيط بين وجهة نظر كل من المهتمين‬
‫باالقتصاد‪ ،‬والمهتمين باإلدارة‪ ،‬وينحصر الفارق في أن االقتصاديين يهتمون‬
‫بالتخطيط الشامل من أجل التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أما اإلداريون فيهتمون‬
‫بالتخطيط للمشروعات وادارتها ‪.‬‬
‫عموماً يمكن القول إ ن التعريفات التي تناولت مفهوم التخطيط في أبعاده المختلفة‬
‫مباشر‬
‫اً‬ ‫مناح متعددة ومتكاملة‪ ،‬مع مالحظة أنه لم يكن هنالك اتفاقاً جماعياً‬
‫قد شملت ٍ‬
‫في الرأي بين الباحثين في تناولهم لمفهوم التخطيط‪ ،‬وربما يعزى ذلك للعديد من‬
‫األسباب والعوامل والتي من بينها التأهيل األكاديمي في مجال البحث العلمي‬
‫ومدارسه المتعددة‪ ،‬باإلضافة إلى اهتمامات الباحثين‪ ،‬وتخصصاتهم المختلفة‪ .‬كما‬
‫يالحظ أيضاً من خالل ما تم عرضه أن هذه التعريفات قد اتفقت وبشكل غير مباشر‬
‫على مجموعة من المحاور والمبادئ واألسس الرئيسة التي يمكن إجمالها فيما يلي ‪:‬‬
‫)‪(Catanese and Synyder 1979:108-110‬‬
‫‪ ‬التخطيط نشاط إنساني أساسي ‪.‬‬
‫‪ ‬التخطيط خيار عقالني ‪.‬‬
‫‪ ‬التخطيط موجه للعمل المستقبلي ‪.‬‬
‫‪ ‬التخطيط وسيلة لحل العقبات والمعوقات ‪.‬‬
‫من خالل ما تم عرضه حول مفهوم التخطيط يمكن القول إن التخطيط أصبح اليوم‬
‫يحتل أهمية كبرى في العديد من دول العالم‪ ،‬وخاصة تلك التي لديها قد اًر محدوداً من‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪733‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫الموارد‪ .‬وكثي اًر ما يتم الخلط بين التخطيط وشح اإلمكانات‪ ،‬فكلما كانت اإلمكانات‬
‫شحيحة كلما كانت الحاجة للتخطيط أكبر‪ ,‬فقد نجد مؤسسة بإمكانات قليلة تحقق‬
‫نتائج كبرى مذهلة‪ ،‬وأخرى ال تنقصها اإلمكانيات‪ ،‬ولكن مردود إنتاجها قليل جداً‬
‫(قسيمة ‪.) 17 :2005‬‬
‫التخطيط السياحي‪:‬‬
‫ارتبط التخطيط السياحي وتطوره ببروز السياحة كظاهرة حضارية‪ ،‬وكظاهرة‬
‫اقتصادية اجتماعية‪ ،‬ونتيجة لآلثار االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية التي‬
‫نجمت عن النشاطات السياحية الكثيفة‪ ،‬وما ترتب عليها من أثر عظيم في حياة‬
‫المجتمعات والشعوب‪ .‬كان ال بد من توجيه االهتمام إلى ضرورة تنظيم وضبط‬
‫وتوجيه وتقييم هذه النشاطات للوصول إلى األهداف المنشودة من السياحة؛ وقد‬
‫ترتب على ذلك تبني أسلوب التخطيط السياحي كمنهج فعال يعمل على دراسة‬
‫وتحليل‪ ،‬وتفسير جميع األنشطة السياحية‪ ،‬ويسعى لتطويرها وتنميتها‪ ،‬وتحسين‬
‫مخرجاتها ‪.‬‬
‫فالتخطيط السياحي يعد من العمليات الحيوية لتطوير السياحة ومواجهة‬
‫التغير؛ فالتطوير يعني ضرورة إحداث التغيير‪ ،‬والتغيير ال يتحقق إال من خالل‬
‫تخطيط محكم ومتابعة دقيقة؛ فالتخطيط السياحي الفعال ُيمكن القطاع السياحي‬
‫من مواجهة المتغيرات السلبية واالستفادة من المتغيرات اإليجابية وتوظيفها‬
‫واستغاللها االستغالل األمثل بغية الوصول إلى فوائد‪ ،‬ومنافع السياحة المتعددة‬
‫االقتصادية منها واالجتماعية والثقافية والبيئية ‪.‬‬
‫نشأة التخطيط السياحي‪:‬‬
‫كان مفهوم التخطيط السياحي قديماً ُيرى في أبسط صوره بأنه مجرد تشجيع إقامة‬
‫الفنادق ووجود المواصالت‪ ،‬وتنظيم حمالت الترويج السياحي؛ ولقد بدأ مفهوم‬
‫التخطيط السياحي يتبلور بشكل واضح في نهايات ثالثينات القرن الماضي بعد تطور‬
‫حركة السفر الدولية بشكل كثيف ‪،‬وتزايد أعـ ـ ـ ـداد السياح‪ ،‬وتنوع المناطق السياحية(غنيم‬
‫وسعد‪.)40-1666:36‬ومع بروز االهتمام بالس ـ ـ ـ ـياحة‪ ،‬واألنش ـ ـ ـ ـ ـ ـطة السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـياحية ‪-‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪731‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫ظهرت الحاجة لضبط وتوجيه هذه النشاطات من أجل الحد من تأثيراتها‬


‫االجتماعية والبيئية والثقافية السالبة‪ ،‬فبعد الحرب العالمية الثانية وبروز ما يعرف‬
‫بالسياحة الكثيفة (‪ ،)Mass-tourism‬ونمو السياحة المذهل في عدة مناطق من‬
‫العالم ـ ظهر االتجاه نحو التخطيط السياحي المحدود األفق‪ ،‬خاصة في مناطق‬
‫البحر األبيض المتوسط‪ ،‬ومناطق البحر الكاريبي؛ مما أدى إلى الكثير من‬
‫المشاكل البيئية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬وتدمير مواقع التراث الثقافي‪.‬‬
‫في مطلع ستينات القرن الماضي بدأ االتجاه للتنمية السياحية المخططة‬
‫بغرض الحفاظ على المناطق السياحية‪ ،‬وتقليل األضرار التي قد تنتج عن‬
‫األنشطة السياحية غير المدروسة والمرشدة؛ ففي العام ‪1693‬م وضعت أسبانيا‬
‫خطتها القومية للتخطيط السياحي‪ ،‬كما بدأت فرنسا في تخطيط مشروعها الضخم‬
‫لتنمية شواطئها‪ .‬وبدأت دول عدة في ميادين المنافسة في اجتذاب السياحة‬
‫الدولية مثل‪ :‬تونس‪ ،‬ومصر‪ ،‬والمغرب‪ ،‬واليونان‪ ،‬ودول الشرق األقصى مثل‪:‬‬
‫سنغافورة‪ ،‬وتايالند بعد وضع أسس التخطيط السياحي لمناطقها ومواردها‬
‫السياحية ‪.‬‬
‫مفهوم التخطيط السياحي‪:‬‬
‫برز مفهوم التخطيط السياحي كأداة لتحقيق التنسيق والتواؤم بين مختلف‬
‫القطاعات المرتبطة بالسياحة‪ ،‬وايجاد التوازن المطلوب على قاعدة الموارد‬
‫المحدودة‪ ،‬وتعظيم اآلثار اإليجابية للتنمية السياحية‪ ،‬مع العمل على تخفيف‬
‫آثارها السلبية‪ .‬فتنمية المناطق السياحية وتهيئتها للطلب السياحي تتطلب تخطيطاً‬
‫شامالً للقطاعات االقتصادية المختلفة بهذه المناطق‪ ،‬وضرورة التنسيق بينها‪ ،‬مع‬
‫ضرورة األخذ في االعتبار اآلثار اإليجابية والسلبية للتنمية‪ ،‬والبحث عن أنسب‬
‫الحلول لمعالجة السالب فيها ‪.‬‬
‫هنالك العديد من التعريفات التي وضعت من قبل الباحثين لمفهوم التخطيط‬
‫السياحي منها ما يلي‪:‬‬
‫يتمثل التخطيط السياحي من وجهة نظر المهتمين بالسياحة بأنه رسم صورة تقديرية‬
‫لمستقبل النشاط السياحي لفترة زمنية مقبلة‪ ،‬بحيث يحقق هذا التخطيط التوازن بين‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪731‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫الطلب السياحي المتوقع والعرض السياحي (الروبي‪ .)31 :1659،‬ويتوقف الوصول‬


‫إلى هذا الهدف على مدى النجاح في تخطيط عناصر العرض السياحي لتتناسب مع‬
‫الطلب‪.‬‬
‫ويرى مترفي (‪ )Murphy 1985:17‬أن التخطيط السياحي يهتم بتوجيه‬
‫وتنظيم المناطق السياحية من أجل الحصول علي المنافع االقتصادية‬
‫واالجتماعية والبيئية القصوى من عملية التنمية‪.‬‬
‫ويعرف (قيتز) التخطيط السياحي بأنه عملية تعتمد على البحث ‪ ،‬والتقييم‬
‫الذي يتطلع إلى تعظيم المساهمة االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية من خالل السياحة‬
‫لرفاهية اإلنسان‪ ،‬والتوعية البيئية (‪.) 1997:23،Getz‬‬
‫أما الجالد (‪ )161 :2002‬فيرى أن التخطيط السياحي ما هو إال نموذج خاص‬
‫التخطيط االقتصادي واالجتماعي ينفرد باهتمامات تنبثق من طبيعة ودوافع‬ ‫من‬
‫النشاط السياحي‪ ،‬ويعطي التخطيط السياحي للمكان األهمية األولى‪ ،‬وتعد مرافق‬
‫اإلقامة والنقل عوامل مساعدة ‪ .‬ويقوم التخطيط السياحي أساساً على المحافظة على‬
‫قيم المواقع السياحية سواء أكانت تعتمد في جاذبيتها على الموارد الطبيعية‪ ،‬أم الثقافية‪.‬‬
‫من خالل المراجعة النظرية لهذا المفهوم ـ يمكن تعريف التخطيط السياحي بأنه‬
‫وضع خطة للتنمية السياحية لمنطقة ما في مستوى تخطيطي معين؛ لتحقيق أهداف‬
‫محددة للتنمية‪ ،‬باالستغالل األمثل لعناصر الجذب السياحي المتاحة والكامنة ألقصى‬
‫درجات المنفعة ‪،‬ومتابعة وتوجيه وضبط هذا االستغالل إلبقائه ضمن دائرة المرغوب‬
‫والمنشود‪ ،‬في ظل الظروف واإلمكانات المتاحة ‪ ،‬والعمل على منع حدوث أية نتائج‬
‫سلبية ناجمة عن هذا االستغالل خالل مرحلة التنمية المختلفة‪ ،‬مع تحقيق التوازن بين‬
‫العرض والطلب السياحي‪.‬‬
‫أهمية التخطيط السياحي‪:‬‬
‫تكمن أهمية التخطيط السياحي في النقاط التالية ( الطائي‪ 325: 2001 ،‬ـ ‪)325‬‬
‫‪ ‬يحدد التخطيط اتجاه حركة القطاع السياحي؛ وبالتالي فإن األهمية‬
‫األساسية تكمن في تحديد الوجهة التي يسعى إليها القطاع السياحي‪ ،‬من‬
‫خالل وضع الخطط السنوية‪ ،‬وكيفية تحقيق األهداف ‪.‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪731‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫‪ ‬تحديد اإلطار الموحد للعمل؛ يحدد التخطيط إطا اًر موحداً التخاذ الق اررات في‬
‫القطاع السياحي‪ ،‬أو الشركة السياحية‪ ،‬وهذا أمر مهم؛ ألن غياب التخطيط‬
‫يعني غياب الهدف‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد التخطيط السياحي على معرفة الفرص والمخاطر الكامنة في المستقبل؛‬
‫فالتخطيط يساعد على معرفة الفرص والمخاطر الكامنة في المستقبل التي‬
‫تواجه القطاع السياحي والعمل على األقل ـ على خفض تلك المخاطر‪.‬‬
‫‪ ‬يشمل التخطيط السياحي عملية الرقابة على األداء السياحي؛ فالرقابة على‬
‫األداء السياحي تعني ضمان مواءمة األنشطة السياحية الفعلية للخطط‬
‫الموضوعة‪.‬‬
‫‪ ‬يعمل التخطيط على االستغالل األمثل لإلمكانات والموارد؛ مما يؤدي إلى‬
‫تخفيض التكاليف إلى أدنى حد‪ ،‬وهذا في حد ذاته يمثل هدفاً اقتصادياً للقطاع‬
‫السياحي‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد أهداف القطاع السياحي والشركات السياحية؛ فمن مزايا التخطيط أنه‬
‫يعمل على تحديد أهداف الشركات السياحية بوضوح حتى يسعى كل العاملين‬
‫في القطاع السياحي على تحقيقها في إطار عمل متكامل وبروح الفريق‬
‫المتجانس‪.‬‬
‫أهداف التخطيط السياحي‪:‬‬
‫يهدف التخطيط بصورة رئيسة إلى اآلتي (الطائي ‪347 ،2001،‬ـ‪: )746‬‬
‫‪ ‬تحقيق التنسيق بين مختلف القطاعات المرتبطة بالسياحة ‪.‬‬
‫‪ ‬إيجاد التوازن المطلوب بين المنافع االقتصادية والمحافظة على البيئة (الموارد‬
‫الطبيعية والثقافية) بحيث ال تدمر السياحة الكثيفة مواقع التراث األثري‪ ،‬أو‬
‫المحميات الطبيعية ‪.‬‬
‫‪ ‬المحافظة على قيم وعادات وتقاليد المجتمعات المضيفة من خالل إرساء برنامج‬
‫تطوير سياحي ينسجم مع األوضاع االجتماعية والثقافية للمجتمع المضيف ‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير البنى التحتية‪ ،‬وتوفير التسهيالت الترفيهية للزائرين والسياح والسكان‬
‫المحليين على حد سواء ‪.‬‬
‫‪ ‬تعظيم رضاء الزائرين والسياح ‪.‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪731‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫هذه األهداف تسعى إلى معالجة موضوع الحفاظ على البيئة‪ ،‬واالعتبارات الثقافية‬
‫واالجتماعية للمجتمعات المحلية في البلد المضيف؛ فالبلدان المضيفة قد تتعرض‬
‫للتلوث البيئي‪ ،‬وبعض اإلف ارزات االجتماعية والثقافية السالبة في حالة سيادة سوء‬
‫ال بأهداف‬
‫التخطيط السياحي؛ فتنمية المناطق السياحية تتطلب تخطيط ًا شام ً‬
‫محددة مع ضرورة األخذ في االعتبار اآلثار اإليجابية والسلبية للتنمية السياحية‪،‬‬
‫والبحث عن أنسب الحلول لمعالجة آثارها السالبة‪.‬‬
‫تتمثل إيجابيات التنمية في المنافع االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬أما سلبياتها‬
‫فتشمل تدمير مواقع التراث الثقافي والبيئة‪ ,‬وبعض اآلثار السالبة على المجتمع المحلي‬
‫المضيف‪ ،‬وكل هذا يمكن معالجته من خالل انتهاج سياسة تخطيطية محكمة تستند‬
‫إلى أسس محددة تضع في أولوياتها خصوصية المجتمع المحلي (البلد المضيف) بأنه‬
‫أمانة أخالقية‪ ،‬ومسئولية اجتماعية وثقافية ينبغي عدم المساس بها؛ كما يجب النظر‬
‫إلى السائح‪ ،‬أو الزائر بأنه جوهر العملية التخطيطية؛ إذ أن المنتفعين من الخدمات‬
‫السياحية هم الذين يحددون أنواع واتجاهات التخطيط السياحي المطلوب‪.‬‬
‫تخطيط المواقع األثرية سياحيا‪:‬‬
‫تنبع أهمية التراث األثري بصورة رئيسة من القيم والمعاني والدالالت الثقافية‬
‫والتاريخية والفنية واالجتماعية واالقتصادية التي تجسد تاريخ األمم والشعوب‬
‫(الزهراني و قسيمة‪ .)25:2006 ،‬فمن المنظور الثقافي الحضاري تعد المواقع‬
‫األثرية كنز حضاري ثمين‪ .‬فهي تشكل شاهداً ورم اًز صادقاً علي اإلبداع اإلنساني‬
‫ورؤاه الفنية عبر مسيرة التاريخ الحضاري اإلنساني‪ ،‬فهي تعمل على إبراز عناصر‬
‫الفن والجمال والتميز واإلبداع واألصالة‪ ،‬ولهذا فهي تشكل خير لبنة لبناء صرح‬
‫وحدة األمم وتماسكها(قسيمة‪ .)27:2005 ،‬أما من حيث المنظور االجتماعي‬
‫االقتصادي فالمواقع األثرية تعود بالفوائد والمنافع االقتصادية واالجتماعية المتعددة‬
‫والمتنوعة ‪،‬كمـ ـ ـ ـ ـا أنها تغذي وتنم ـ ـ ـ ـ ـي روح االنتم ـ ـ ـ ـ ـاء والهـ ـ ـ ـ ـ ـوية للشع ـ ـ ـ ـوب‬
‫بتمسك ـ ـ ـ ـ ـ ـها بحضارت ـ ـ ـ ـها وتراث ـ ـ ـ ـ ـ ـها الذي ال تـ ـ ـ ـ ـود أن تنفصـ ـ ـ ـ ـل أو تنفـ ـ ـك عـ ـ ـنه‪ ،‬كم ـ ـ ـ ـا‬
‫أنه ـ ـ ـ ـ ـا تمـ ـ ـ ـ ـثل مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـورداً اقتص ـ ـ ـ ـادياً سياحياً مهماً‪ ،‬فالمناطق السياحية الثقافية الجاذبة‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪731‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫أصبحت في عالم اليوم مورداً رئيساً لالطالع والترفيه والتنزه واالستجمام ما يؤسس لتنمية‬
‫مستدامة (‪ )Sustainable development‬ذات منافع اقتصادية واجتماعية للمجتمعات‬
‫المحلية‪ ،‬األمر الذي يشكل عنص اًر أساسياً في االهتمام بها والعمل على تخطيطها وتهيئتها‬
‫سياحياً (‪.)Enskeep,1991:34‬‬
‫فمفهوم تخطيط الموقع األثري سياحياً يعني (كافة اإلجراءات المؤدية إلى وضع أهداف‬
‫ممكنة التنفيذ من الناحية البيئية وعلى ضوء الموارد الثقافية (اآلثارية ) والموارد البشرية‬
‫والموارد المالية المتاحة وفق األولويات المحددة (عيدان‪.)57-15 ،2000 ،‬‬
‫إن عملية التخطيط والتهيئة السياحية لمواقع ومعالم التراث الثقافي يقوم بها عادة‬
‫خبراء ذوي اختصاص في مجال إدارة الموارد الثقافية (‪ ،)CRM‬وخبراء في مجال‬
‫التخطيط بغرض اتباع المنهج العلمي الذي يحقق أهداف التخطيط وادارة الموقع ‪ .‬فالهدف‬
‫الرئيس لتخطيط وتهيئة الموقع األثري سياحياً هو حمايته والحفاظ علية أوال‪ ،‬ثم العمل‬
‫على توظيفه‪ ،‬واالستغالل األمثل والمرشد لموارده الثقافية في تحقيق الجذب السياحي‬
‫وصناعة السياحة ؛ بغرض تحقيق منافع وفوائد اقتصادية متعددة ومتنوعة ‪.‬‬
‫ولتحقيق المنافع والفوائد االجتماعية والثقافية والبيئية الناتجة من عملية التنمية‬
‫السياحيةـ فإن عملية التخطيط والتهيئة السياحية لمواقع التراث األثري تستوجب اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬مراعاة الطابع الذي تتميز به مواقع التراث األثري بحيث يكون هنالك انسجام وتناغم‬
‫في التصميم للمشاريع االستثمارية السياحية المقترحة وطبيعة المواقع؛ فعلى سبيل‬
‫المثال ال يتوقع أن تصمم البنيات االستثمارية بطابع غربي في موقع إسالمي‪.‬‬
‫‪ ‬مراعاة المحافظة على البيئة المحيطة بالموقع‪ ،‬أو ما يعرف بمنظر المحيط الثقافي‬
‫(‪.)Cultural land scape‬‬
‫‪ ‬يجب أال يؤثر تصميم وتوزيع المشاريع السياحية اإلستثمارية في الموقع أو‬
‫حوله في الرؤيا البصرية للموقع حتى ال يؤدي ذلك إلى طمس معالمه الثقافية‪،‬‬
‫وخلق ما يعرف بالتشوهات السياحية للموقع‪ ،‬عن طريق حجب رؤية الموقع‬
‫باإلنشاءات والبنيات السياحية‪.‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪731‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫‪ ‬تخطيط أماكن لقرى الحرفيين‪ ،‬وأماكن للحرف ‪ ،‬والمصنوعات التقليدية بجوار‬


‫المواقع‪ ،‬شريطة مراعاة العالقة التنموية اإليجابية المتبادلة بين الموقع والبيئة‬
‫المحيطة به‪.‬‬
‫أما مراحل تخطيط الموقع األثري سياحياً فتشمل الخطوات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬إجراء دراسات الجدوى االقتصادية للمشروع السياحي في مناطق ومواقع التراث‬
‫الثقافي األثري‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد فريق العمل المختص بتجهيز الموقع األثري سياحياً واإلشراف عليه‬
‫وادارته الحقاً‪ ,‬وهذا الفريق هو من يقوم بوضع خطط تحويل الموقع األثري إلى‬
‫منطقة جذب سياحي‪ ،‬كما يقوم أيضاً بتنفيذها ومتابعتها‪.‬‬
‫‪ ‬جرد كافة مقومات عناصر الجذب السياحي المتوفرة بالموقع األثري الحالية‬
‫والمحتملة‪ ،‬وتشمل هذه المرحلة أيضاً معرفة ما إذا كانت هناك زيارات سابقة‬
‫للمنطقة من قبل الزوار والسياح أم ال ‪.‬‬
‫‪ ‬تقييم عناصر الجذب السياحي والتي تشمل مقاييس التقييم التالية‪:‬‬
‫‪ ‬الجودة‪ :‬فهدف زيارة السائح للموقع األثري التعرف عليه من جميع الجوانب‪،‬‬
‫والحصول على منفعة أو فائدة مقابل تكلفة مادية يتحملها‪ ،‬وال نقصد هنا‬
‫بالجودة فقط رفع كفاءة الخدمات والتسهيالت السياحية في الموقع األثري‪ ،‬بل‬
‫يمتد إلى الحفاظ على الموقع األثري‪ ،‬وعلى تاريخه و خصوصيته‪.‬‬
‫‪ ‬األصالة‪ :‬ونعني بها أن تتالءم الخدمات والتسهيالت السياحية المتوفرة بشكل‬
‫يتواءم ويتمشى مع طبيعة الموقع األثري وعناصر الجذب األخرى‪ ،‬وكذلك مع‬
‫النظم االجتماعية السائدة‪ .‬واالحتفاظ باألصالة يعني االحتفاظ بما تتمتع به‬
‫المنطقة من خصائص ومميزات ( الحفاظ على خصوصية المنطقة )‪.‬‬
‫‪ ‬التفرد‪ :‬إن السبب الذي حدا بالزوار والسياح لزيارة الموقع األثري هو تفرده‬
‫بعدد من الخصائص التاريخية والثقافية والجمالية‪ ،‬ومميزات جذب أخرى ربما‬
‫ال تتوافر لغيره‪.‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪712‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫‪ ‬الخدمات والتسهيالت‪ :‬وتشمل كافة البنى التحتية‪ ،‬والخدمات‪ ،‬والتسهيالت التي‬


‫أقيمت والتي ستقام في المنطقة‪ ،‬وامكانيات توسيعها‪ ،‬ويشمل ذلك شبكات‬

‫الطرق والمواصالت‪ ،‬والمياه‪ ،‬والصرف الصحي‪ ،‬والكهرباء والهاتف‪ ،‬وأيضاً‬


‫فنادق سياحية واستراحات‪ ،‬مطاعم‪ ،‬متاجر‪ ،‬أسواق تراثية واستهالكية‪ ،‬مكاتب‬
‫لوكالء السياحة والسفر‪ ،‬ساحات عامة ومناطق تخييم‪.‬‬
‫‪ ‬القوة الجاذبة‪ :‬تقاس القوة الجاذبة للموقع األثري تبعاً لنوعية زائريه والبلد الذي‬
‫يأتون منه‪ ,‬والوقت الذي يستغرقونه في الرحلة‪ ,‬ونوعية وسيلة النقل التي‬
‫يستخدمونها‪ ...‬إلى غير ذلك من األسباب والتي تعرف باسم (دراسات مجلد‬
‫الزائر ‪. )Visitor profile studies‬‬
‫‪ ‬استخدام المزيج من عناصر الجذب السياحي بشكل متوائم وواحد يجعلها تبدو‬
‫كوحدة واحدة‪ ،‬ال يحدث تنافر بين كافة هذه العناصر‪ ،‬بحيث تشكل في‬
‫تكاملها عنص اًر جاذباً للمنطقة‪.‬‬
‫‪ ‬السياسات الحكومية والتمويل الخاص بالمشروع والقوانين واألنظمة المحددة‬
‫للعمل السياحي‪ ،‬في هذا اإلطار البد من اإلشارة إلى الدور المهم الذي يقوم به‬
‫القطاع الخاص في مجال االستثمار السياحي‪ ،‬الذي يمثل محور عملية التنمية‬
‫السياحية من خالل مبدأ الشراكة الفعالة التي تؤدي إلى تحقيق األهداف‪،‬‬
‫والمنافع‪ ،‬والفوائد الناتجة من االستثمار السياحي‪.‬‬
‫الفوائد والمنافع اإليجابية للتخطيط السياحي في مناطق ومواقع التراث األثري‬
‫ترتبط أنواع ودرجة التأثيرات اإليجابية االقتصادية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬واالجتماعية‪،‬‬
‫والبيئية بطبيعة ونوع التخطيط السياحي‪ ،‬وكثافة التنمية السياحية السائدة؛ لذا فإنه من‬
‫المفضل خالل عملية التخطيط السياحي والتنمية السياحية تطبيق مبدأ (الوقاية خير‬
‫من العالج)‪ ،‬بمعنى ضرورة تفادي حدوث المشكالت البيئية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الثقافية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬وقد يكون هذا التوجه مكلفاً‪ ،‬ولكنه أكثر ضماناً من حيث السيط ـ ـ ـرة‬
‫على سـ ـالمـ ـة البيئ ـ ـ ـ ـة‪ ،‬ومثل هذا التوجـ ـ ـه يتطلب أيض ـ ـ ـاً تفهماً للخصائص البيئية‪،‬‬
‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬
‫‪717‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫والثقافية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬وتحديد القدرة االستيعابية لمناطق ومواقع التراث األثري‪.‬‬


‫ويمكن كذلك اعتماد سياسات معينة لتخفيف الموسمية الشديدة لالستخدام السياحي‬
‫في مواقع التراث األثري‪ ،‬وكذلك التنظيم الحذر‪ ،‬ورقابة االستخدام السياحي لعناصر‬
‫وموارد الجذب السياحي ‪.‬‬
‫يعمل التخطيط السياحي الناجح على تأكيد اإليجابيات‪ ،‬والعمل على معالجة‬
‫السلبيات والسعي لتخفيفها‪ ،‬ويتم ذلك من خالل انتهاج خطة التخطيط السياحي‬
‫المستدام الذي يعمل على ما يلي ( منظمة السياحة العالمية (‪.)1663 ،)WTO‬‬
‫‪ ‬استناد عملية التطوير السياحي على معايير االستدامة‪ ،‬والذي يعني ضرورة‬
‫أن يكون النشاط السياحي على المدى البعيد منتظماً من أجل تحقيق األهداف‬
‫التي تخدم المجتمع قاطبة اجتماعياً‪ ،‬اقتصادياً‪ ،‬ثقافياً وبيئياً‪.‬‬
‫‪ ‬على هيئة تنشيط السياحة أن تأخذ في الحسبان مدى تأثيرها السلبي في‬
‫البيئة‪ ،‬وأن تعمل جاهدة باتجاه تقليص أي ضرر على البيئة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة االعتماد على مقاييس عادلة؛ لضمان التوزيع العادل‪ ،‬واألمثل‬
‫للمنافع‪ ،‬والفوائد المتأتية من النشاط السياحي‪ ،‬مع التركيز على أال تكون‬
‫المنافع على حساب البلد المضيف والمجتمع المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬توفير نظام معلوماتي شامل وفعال يضمن تدفق وانسياب المعلومات عن‬
‫مناطق ومواقع التراث األثري لكافة المنتفعين من الخدمات السياحية‪.‬‬
‫‪ ‬إنجاز دراسات الجدوى في صناعة السياحة على أن تكون هذه الدراسات‬
‫علمية‪ ،‬وموضوعية ودقيقة؛ فالتنمية المستدامة تحتاج إلى تخطيط سياحي‬
‫مستدام‪.‬‬
‫‪ ‬العمل باتجاه وضع األنظمة إلدارة السياحة‪ ،‬واإلدارة البيئية بغرض التعريف‬
‫النظم اإلدارية لدعم‪ ،‬وتأمين عدم اإلضرار بالبيئة الثقافية‪ ،‬والطبيعية‪،‬‬
‫بأهمية ُ‬
‫وجميع مكوناتها‪.‬‬
‫التأثيرات اإليجابية للتخطيط السياحي‪:‬‬
‫التأثيرات االيجابية للتخطيط السياحي الناجح والسليم تتمثل في النواحي اآلتية‬
‫(غنيم وسعد‪ )171- 190 :1666 ،‬و(الطائي‪: )354 -352 : 2001 ،‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪712‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫التأثيرات االقتصادية‪:‬‬
‫تعتمد درجة التأثيرات االقتصادية اإليجابية للتخطيط السياحي على كثافة التنمية‬
‫السياحية‪ ،‬وكذلك على الخصائص والسمات االقتصادية المحلية‪ ،‬وتتمثل التأثي ارت‬
‫االقتصادية اإليجابية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬توفير فرص عمل جديدة‪ ،‬وبالتالي توقع دخول اقتصادية جديدة لمناطق و مواقع‬
‫التراث األثري‪.‬‬
‫‪ ‬توفير العملة الصعبة وما ينجم عنها من تحسينات في نوعية الحياة ومستويات‬
‫على المستويين الوطني‬ ‫المعيشة للمجتمع المحلي‪ ،‬ودعماً للتنمية الشاملة‬
‫واإلقليمي‪.‬‬
‫‪ ‬دعم األنشطة االقتصادية األخرى في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات‬
‫المختلفة؛ وذلك من خالل زيادة الطلب على المنتجات‪ ،‬والصناعات اليدوية‬
‫والتقليدية‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير خدمات النقل وخدمات البنية التحتية األخرى من أجل تلبية حاجات‬
‫قطاع السياحة‪ ،‬وهذه الخدمات ال تقتصر االستفادة منها على السياح فقط‪ ،‬بل‬
‫تتعداهم لتشمل سكان المجتمعات المحلية ‪.‬‬
‫المحافظة على مواقع التراث األثري؛ حيث تشكل السياحة حاف اًز للمحافظة على‬ ‫‪‬‬
‫عناصر ومقومات التراث الثقافي في المنطقة السياحية باعتبارها أماكن جذب‬
‫سياحية‪ .‬وتشمل عمليات الـمحافظة في هذا المجال‪ ،‬المحافظة على المواقع‬
‫األثرية والتاريخية و إحياء الفنون التقليدية‪ ،‬والمصنوعات اليدوية‪ ،‬والمناسبات‬
‫التقليدية‪ ،‬وبعض مظاهر الحياة المحلية‪ ،‬والدعم المالي لصيانة وترميم مواقع‬
‫التراث األثري‪.‬‬
‫وهنالك العديد من الطرق واآلليات التي يجب اتباعها وانتهاجها لنجاح خطة التخطيط‬
‫السياحي؛ من أجل تعزيز اآلثار االيجابية االقتصادية للتخطيط السياحي‪ ،‬تشمل ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬توفير الوقت الكافي للسكان المحليين من خالل التوعية باألهمية االقتصادية للتنمية‬
‫السياحية ‪.‬‬
‫‪ ‬مشاركة المجتمعات المحلية في صنع القرار المتعلق بالتخطيط السياحي؛ من‬
‫أجل إدراك فوائد التنمية السياحية‪ ،‬ومشاكلها دون فرض السياسات عليهم‪.‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪713‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫‪ ‬أهمية المحافظة على شكل وحجم التنمية السياحية في كل منطقة‪ ،‬بمعنى‬


‫أال يتجاوز عدد السياح الطاقة االستيعابية والتي بعدها يبدأ السكان‬
‫المحليون يشعرون بالكراهية تجاه السياح‪.‬‬
‫‪ ‬االهتمام بالسياحة في إطار األسس الثقافية المحلية‪ ،‬من حيث المحافظة‬
‫على المواقع األثرية‪ ،‬التاريخية‪ ،‬تطوير الحرف المصنوعات اليدوية‪.‬‬
‫اآلثار االجتماعية والثقافية اإليجابية‪:‬‬
‫تتمثل اآلثار االجتماعية والثقافية اإليجابية للتخطيط السياحي في اآلتي‬
‫(الطائي‪ ،353 -352 :2001،‬وأبو عياش والطائي ‪:)77 -73: 2003‬‬
‫‪ ‬السعي إلى إحداث تحوالت اجتماعية ثقافية داخل المجتمعات المحلية؛ للتعامل‬
‫مع السياحة بطريقة تحافظ على األنماط االجتماعية والثقافية‪ ،‬وعادات وتقاليد‬
‫السكان من ناحية‪ ،‬وفي ذات الوقت تطوير اإلمكانات المجتمعية للتعامل مع‬
‫الثقافات الواردة والوافدة مع السياح؛ وذلك بغرض إيجاد نوع من التواؤم‪،‬‬
‫والتجانس بين المنظومة االجتماعية المحلية‪ ،‬والمنظومات االجتماعية‬
‫المصاحبة لدخول السياح واقامتهم وتنقلهم واختالطهم بالسكان المحليين‪.‬‬
‫‪ ‬دمج المجتمعات المحلية في عملية التخطيط السياحي والتنمية السياحية بما‬
‫يساعد على عملية الحفاظ على الخصائص االجتماعية‪ ،‬والثقافية‬
‫للمجتمعات المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬تناسب نوعية التنمية السياحية مع أهداف المجتمع المحلي وخصائصه‬
‫االجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫‪ ‬الحفاظ علي مقومات النسيج االجتماعي المحلي القائمة على العادات‬
‫والتقاليد ‪ ،‬وأساليب الحياة والقيم‪ ،‬والحرف والمصنوعات اليدوية التقليدية ‪.‬‬
‫‪ ‬توعية السكان والمجتمعات المحلية باآلثار اإليجابية للسياحة‪ ،‬وكذلك بعض‬
‫اآلثار السالبة لها‪ ،‬وذلك بغرض مواجهتها وايجاد الحلول لها‪.‬‬
‫لقد أدركت المنظم ات السياحية أهمية توجيه العناية واالهتمام الالزمين باألبعاد‬
‫االجتماعية والثقافية اإليجابية للسياحة؛ ولهذا فإن األهداف القومية للتخطيط‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪711‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫السياحي‪ ،‬والتنمية أصبحت تستند إلى المبادئ الدولية التي تنظم عملية التخطيط‬
‫والتنمية‪ .‬وقد تجلى ذلك في مؤتمر منظمة السياحية العالمية في (إعالن مانيال)‬
‫حول اآلثار االجتماعية للسياحية (مانيال‪ ،‬الفلبين‪ )1667 ،‬والذي عمل على تعظيم‬
‫اآلثار اإليجابية االجتماعية للسياحة‪ ،‬وتخفيف اآلثار السلبية‪ ،‬وقد تضمن (إعالن‬
‫مانيال) ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تعزيز ودعم التعاون الدولي للتخلص من اآلثار السلبية للسياحة من خالل‬
‫أنظمة متابعة بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المعنية ‪.‬‬
‫‪ ‬دعم المزيد من إندماج المجتمعات المحلية في عملية التخطيط السياحي‪،‬‬
‫والتنفيذ والمتابعة والتقييم للسياسات والبرامج والمشاريع السياحية في إطار‬
‫األهداف واألولويات القومية ‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين المستويات المعيشية للسكان من خالل التنمية السياحية؛ وذلك‬
‫بتوفير الفرص االجتماعية واالقتصادية والمشاركة الواسعة‪ ،‬وتوزيع األنشطة‬
‫السياحية على المناطق لزيادة الدخول الريفية ‪.‬‬
‫‪ ‬التأكيد على أن عملية التخطيط السياحي تعمل على احترام التقاليد‬
‫االجتماعية‪ ،‬والقيم الثقافية للمجتمعات المحلية ‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بحمالت توعية في المجتمعات المحلية‪ ،‬وحينما يكون ذلك ضرورياً‬
‫ومناسباً بغرض توعية السكان المحليين بالفوائد الناتجة عن التخطيط‬
‫للتنمية السياحية‪.‬‬
‫اآلثار البيئية اإليجابية للتخطيط السياحي‪:‬‬
‫اآلثار البيئية اإليجابية الناتجة من التخطيط السياحي في مناطق ومواقع‬
‫التراث األثري تتمثل في المحافظة على خصائص البيئة الثقافية وحمايتها‪،‬‬
‫والحفاظ عليها‪ ،‬والعمل على عدم تعرضها ألي خلل‪ ،‬أو آثار سلبية يمكن أن‬
‫تصاحب حركة السياح‪ ،‬وخاصة السياحة الكثيفة‪ ،‬هذا إذا ُوضع في االعتبار أن‬
‫موارد ومواقع التراث األثري دائماً ما تتصف بالهشاشة (‪ ،)fragile‬وعدم مقدرتها‬
‫على التجدد (‪. )non renewable resource‬‬
‫التأثيرات اإليجابية للتخطيط السياحي السليم في البيئة تتمثل فيما يلي ‪:‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪711‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫‪ ‬المحافظة على المواقع األثرية والتاريخية‪:‬‬


‫يساعد التخطيط السياحي السليم في المساعدة على جمع وتوفير‬
‫تكاليف المحافظة على المواقع األثرية والتاريخية والتي إذا لم يتم الحفاظ عليها‬
‫ستتعرض للدمار والتدهور؛ ويمكن أن يستفاد من الرسوم التي يدفعها السياح‬
‫في تغطية تكاليف إجراءات المحافظة على هذه المعطيات و الموارد الثقافية‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين نوعية البيئة‪:‬‬
‫يوفر تخطيط التنمية السياحية الحوافز لتنظيف البيئة من خالل مراقبة‬
‫التلوث والضجيج‪ ،‬ورمي النفايات وغيرها من المشاكل‪ ،‬كما أنه يسهم في‬
‫تحسين الصورة الجمالية للبيئة من خالل برامج تنسيق المواقع وصيانتها‬
‫والحفاظ عليها‪.‬‬
‫‪ ‬المساعدة للحفاظ على القدرات التحميلية لمواقع التراث األثري‪:‬‬
‫يساعد التخطيط السياحي على االهتمام بموضوع القدرات التحميلية‬
‫(‪ )carrying capacity‬لمواقع التراث األثري بحيث تتناسب أعداد السياح‬
‫مع قدرتها التحملية‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين البيئة التحتية‪:‬‬
‫يعمل التخطيط السياحي على تطوير خدمات البنية السياحية المحلية‪ ،‬مثل‬
‫المطارات‪ ،‬الطرق‪ ،‬والصرف الصحي‪ ،‬واالتصاالت ‪.‬‬
‫هنالك العديد من السياسات البيئية في مجال التخطيط السياحي تعمل على مراقبة‬
‫التأثيرات البيئية‪ ،‬والتي يؤدي تطبيقها لتحقيق تنمية سياحية تعمل على تعزيز اآلثار‬
‫اإليجابية‪ ،‬وال ينشأ عنها تأثيرات بيئية سالبة؛ فالكثير من السياسات البيئية لها‬
‫تطبيقات واسعة في عمليات التخطيط السياحي منها‪:‬‬
‫‪ ‬تطوير السياحة بحيث ال تتجاوز المواقع السياحية طاقتها االستيعابية‪.‬‬
‫‪ ‬استخدام السياحة كتقنية للمحافظة على البيئة وحمايتها‪.‬‬
‫‪ ‬انتهاج سياسة تركيز المرافق السياحية في بعض المناطق‪ ،‬والتي عادة ما‬
‫تكون على شكل مجمعات متكاملة؛ وذلك من أجل توفير بنية تحتية قوية‪،‬‬
‫وتطبيق الرقابة التنموية‪ ،‬واحتواء أية آثار بيئية سالبة‪.‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪711‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫يعد التخطيط السياحي والتهيئة لمواقع التراث األثري من األوليات الرئيسة لمعظم‬
‫دول العالم التي تسعى لوضع االستراتيجيات والخطط لحماية تراثها الثقافي‪ ،‬والحفاظ‬
‫عليه‪ ،‬واالستفادة من قيم موارد هذا التراث اقتصاديا عبر صناعة السياحة؛ إذ أثبتت‬
‫التجارب العالمية أن التنمية السياحية التي تعتمد على موارد السياحة الثقافية تلعب‬
‫دو ار فاعال ومتزايدا في اقتصاديات الدول؛ وذلك من خالل تحفيز النمو االقتصادي‪،‬‬
‫وتنويع مصادر الدخل‪ ،‬وتوسيع قاعدة االقتصاد الوطني‪ ،‬وتوفير فرص عمل أكثر‬
‫للمجتمعات المحلية‪.‬‬
‫إن ا تباع منهج البحث العلمي في مجال التراث األثري والذي يتخذ من سياسة‬
‫التخطيط السياحي‪ ،‬وخطط التهيئة أسلوبا ـ يعد األسلوب العلمي األمثل لمثل هذا‬
‫النوع من الدراسات التطبيقية؛ إذ يؤدي إلى تحقيق العديد من األهداف المنشودة‪،‬‬
‫ولعل من أهمها إبراز األهمية التاريخية والثقافية والرمزية لهذه المواقع‪ ،‬وازكاء الروح‬
‫الوطنية واالنتماء الحضاري‪ ،‬هذا باإلضافة إلى الفوائد والمنافع االقتصادية‬
‫واالجتماعية والبيئية المتعددة ‪.‬‬
‫تفتقر العديد من المناطق ومواقع التراث األثري في العالم إلى سياسات‪ ،‬وخطط‬
‫التخطيط السياحي‪ ،‬والتهيئة؛ مما أعاق االستفادة منها كمورد ثقافي مهم يمكن‬
‫توظيفه اقتصاديا في مجاالت القطاع السياحي المتعددة لمصلحة المجتمع المحلي‬
‫واقتصاديات الدول‪ .‬وفي هذا اإلطار البد من اإلشارة إلى أهمية االستغالل األمثل‬
‫للموارد الثقافية من خالل األنشطة السياحية التنموية في مناطق ومواقع التراث‬
‫األثري‪ ،‬وذلك من خالل االسترشاد بمبادئ وأسس التنمية السياحية المستدامة من‬
‫أجل تحقيق أهداف التنمية القومية دون إلحاق الضرر بالموارد الثقافية‪ ،‬بمعنى آخر‬
‫تحقيق مبدأ التوازن بين التنمية والتراث الثقافي‪ ،‬وهو ما يعرف بسياسة التنمية‬
‫الرشيدة‪.‬‬
‫إن أثر التخطيط السياحي وتهيئة مواقع التراث األثري سياحياًـ يتجسد في التنمية‬
‫السياحية المستدامة المنشودة لهذه المناطق والتي تعود بالفوائد والمنافع اإليجابية المتعددة‪،‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


‫‪711‬‬
‫العدد التاسع (يوليو ‪2272‬م) ‪ISSN:1858-571X‬‬ ‫جملة جامعة شندي‬

‫مع القليل من اآلثار السلبية التي يمكن معالجتها‪ ،‬ووضع الحلول لها من خالل‬
‫انتهاج خطة إدارة التأثيرات السلبية على مناطق ومواقع التراث األثري‪ .‬فاآلثار‬
‫اإليجابية المتوقعة جراء تطبيق التخطيط السياحي تتمثل في الفوائد والمنافع‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪.‬‬
‫خالصة يمكن القول بأنه إذا ما تمت تهيئة وتأهيل مناطق ومواقع التراث‬
‫األثري وفق خطط وبرامج وسياسات التخطيط السياحي ـ فإن ذلك من المأمول أن‬
‫يؤدي إلى بروز تنمية سياحية مستدامة ومسئولة تعود بالمنافع االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية والبيئية لفائدة المجتمع المحلي واالقتصاد القومي‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫أوال‪:‬العربية‪:‬‬
‫‪ -1‬أبو عياش‪ ،‬عبد اإلله والطائي‪ ،‬حميد عبد النبي (‪2003‬م) التخطيط السياحي‪.‬‬
‫الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلمام‪ ،‬محمد محمود (‪1693‬م) التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ .‬دار الجيل‪.‬‬
‫‪ -3‬الجالد‪ ،‬أحمد(‪2002‬م) أطوار االتجاهات الحديثة في السياحة‪ ،‬عالم الكتب‪،‬‬
‫القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -4‬الجنزوري‪ ،‬كمال أحمد (‪1672‬م) التخطيط الزراعي‪ ،‬معهد التخطيط القومي‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ -5‬الروبي‪ ،‬نبيل(‪1659‬م) النظرية السياحية‪ ،‬مؤسسة الثقافة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ -6‬الزهراني‪ ،‬عبد الناصر بن عبد الرحمن وقسيمة‪ ،‬كباشي حسين (‪2006‬م) مقدمة‬
‫في إدارة التراث‪ .‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -7‬الطائي‪ ،‬أحمد (‪2001‬م) أصول صناعة السياحة‪ ،‬مؤسسة الوراق للنشر‪،‬‬
‫األردن‪.‬‬
‫‪ -8‬عيدان‪ ،‬محمد (‪2000‬م) االستثمار السياحي‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.‬‬

‫‪journal.ush.sd‬‬ ‫‪E-mail:journal@ush.sd‬‬ ‫‪Box:142-143‬‬


711
ISSN:1858-571X )‫م‬2272 ‫العدد التاسع (يوليو‬ ‫جملة جامعة شندي‬

،‫ دار صفاء للنشر والتوزيع‬،‫م) التخطيط السياحي‬1666( ‫ بنيتا‬،‫ عثمان وسعد‬،‫ غنيم‬-9
.‫ األردن‬،‫عمان‬
.‫م) تنمية وتطوير السياحة في الوالية الشمالية‬2005( ،‫ كباشي حسين‬،‫ قسيمة‬-11
.‫ السودان‬،‫ دنقال‬،‫مؤتمر تنمية السياحة بالوالية الشمالية‬
.‫م) التجربة السودانية في إدارة التراث الثقافي‬2005( ‫ كباشي حسين‬،‫ قسيمة‬-11
.‫ الخرطوم‬،‫المروة للطباعة والنشر‬
‫م) التخطيط السياحي‬1663( ) WTO ( ‫منظمة السياحة العالمية‬ -12
.‫المستدام‬
،‫الوكالة العامة للمطبوعات‬،‫م) اإلدارة العلمية‬1676(‫ زكي محمود‬،‫هاشم‬ -13
.‫الكويت‬
:‫ اإلنجليــزية‬:‫ثانيا‬
1- Bettelheim, C. ( 1966). Planning and development .New York.

2-Bunton, M. (1984) The sprit and purpose of planing , London .

3- Catanese, J. and Snyder,(1979) Introduction to urban planing . New york.

4- Cheema, G. and Rondinelli,D.(1985) Decentralization and developing


countries, SASE puplication, London.

5- Conyers , D. (1985) Rural Regional Planing , London.

6- Enskeep, E.(1991) Tourism planing .An integrated and sustainable


development. New York.

7- Getz . D.(1997) Event Management and Event Tourism. Coginzant


Comunication Corporation. U.S.A.

8- Hottse, K. and Others,(1984) Regional planning in different political


systems, Beijing.
9- Murphy , P. (1985) Tourism community approach. Routeledge, London.

journal.ush.sd E-mail:journal@ush.sd Box:142-143

You might also like