You are on page 1of 3

‫تعتبر الثقافة دعامة أساسية لتحديد الهوية الوطنية الي بلد‪ ،‬وبعدا أساسيا للتنمية المستدامة‪ ،‬ويمكن‬

‫استقراء درجة االهتمام بالجانب الثقافي من خالل مجموعة من المحددات و المعطيات‪ ،‬ومن أبرزها‬
‫الدستور الذي يعتبر أسمى قانون في الدولة‪ ،‬والمعبر األساسي عن خصوصياتها السياسة والمجتمعية‬
‫والثقافية‪.‬‬
‫وقد تناول الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬للثقافة والمسألة الثقافية’‪ ،‬من زوايا مختلفة يمكن إجمالها في‬
‫أربعة مستويات‪ ،‬وهي‪ :‬الثقافة في الهوية الوطنية‪ ،‬التعدد اللغوي والثقافي‪،‬الحقوق الثقافية‪ ،‬والثقافة كبعد‬
‫من أبعاد التنمية‪.‬‬
‫ولقد جاء في قول الملك نصره هللا (فالمغرب هو وطننا وهويتنا المشتركة ويجب علينا جميعا أن نحافظ‬
‫عليه‪ ،‬ونساهم في تنميته وتقدمه)‪.‬‬
‫الحياة الفنية والثقافية في المغرب‬
‫حيث يوجد الكثير من التنوع على الساحة الفنية المغربية‪ ،‬فنجد ثراء فني‪ ،‬وموسيقي كبير‪ ،‬حيث اهتم‬
‫الكثير من الشعراء بالذوق‪ ،‬وعمق المعاني‪ ،‬واالهتمام بالجوانب الصوفية التي تتحدث عن حب هللا‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫كما أن الموقع الجغرافي للمغرب جعل منه حلقة الوصل بين الكثير من الثقافات‪ ،‬حيث يوجد العديد من‬
‫الفنون الغنائية منها “أحيدوس “‪ ،‬الكدرة‪ ،‬المديح والسماع ‪ ،‬أحواش ‪ ،‬عيساوة ‪ ،‬فن الملحون ‪ ،‬موسيقى‬
‫اآللة ‪ ،‬الدقة المراكشية والراي وكناوة‪.‬‬
‫فن المسرح او أبو الفنون‬
‫حيث أن نشأة المسرح المغربي كانت معاصرة لفترة الحماية المغربية‪ ،‬وتمثل فيه الصدام بين التقاليد‬
‫المغربية والفكر الغربي‪ ،‬حيث كانت البداية لوعي ثقافي ووطني للتوعية‪ ،‬ولمواجهة االحتالل األجنبي‪،‬‬
‫حيث ظهر بعض الرواد المناضلين لالستعمار‪ ،‬ومنهم محمد القري‪ ،‬ومهدي المنيعي‪ ،‬وبدأ المسرح‬
‫المغربي بعد عام ‪ 1956‬مرحلة من تأكيد الذات‪ ،‬والتنوع الكمي والكيفي‪ ،‬حيث حدث تنامي للمسرح‬
‫المغربي‪ ،‬بالرغم من سيطرة النزعة التجارية على النشاط المسرحي‪.‬‬

‫تم إدراج الثقافة ألول مرة في جدول األعمال الدولي للتنمية المستدامة‪ ،‬وذلك ضمن‬
‫أهداف التنمية التي اعتمدتها األمم المتحدة في سبتمبر ‪2015‬‬
‫إن حماية الثقافة وتطويرها هما‪ ،‬في نفس الوقت‪ ،‬غاية في حّد ذاتها ووسيلة للمساهمة‬
‫المباشرة في تحقيق جزء كبير من أهداف التنمية المستدامة‪ ،‬لكن العمل بأهداف التنمية‬
‫يسمح أيضا بجني فوائد غير مباشرة من الثقافة‪.‬‬
‫ففي أهداف التنمية المستدامة مصادقة على مفهوم جديد للتنمية‪ ،‬يتجاوز هدف النمو‬
‫االقتصادي ‪ ،‬ليرسم المستقبل المنشود الذي يرتكز على اإلنصاف والشمولية والسالم‬
‫وديمومة البيئة‪ .‬وهذه النظرة الجريئة تستوجب تفاعالت خاّل قة تتجاوز المقاربات‬
‫السطحية والقطاعية التي تعّو دت عليها جّل الدول منذ عقود‪.‬‬
‫وإذا حصرنا هذه األهداف حول األسس الثالثة للتنمية المستدامة‪ ،‬االقتصادي واالجتماعي‬
‫والبيئي‪ ،‬أدركنا الدور المشترك الذي يؤّمنه‪ ،‬في كّل منها‪ ،‬البعدان الثقافي واإلبداعي‪ .‬وفي‬
‫المقابل‪ ،‬تساهم أيضا األبعاد االقتصادية واالجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة في‬
‫المحافظة على التراث الثقافي وفي تغذية القدرات االبتكارية‪.‬‬
‫ويشّك ل كّل من التراث الثقافي المادي وغير المادي‪ ،‬والطاقة اإلبداعية‪ ،‬موارد يجب‬
‫حمايتها وإدارتها بكل عناية‪ .‬فكل منها قادر على أن يكون ُمحّر كا لتحقيق أهداف التنمية‬
‫المستدامة وعلى تيسيرها‪ ،‬باعتبار أن المقاربة الثقافية هي عنصر أساسي إلنجاح‬
‫المجهودات المبذولة لبلوغ هذه األهداف‪.‬‬
‫للثقافة دور حاسم في بلوغ أهداف التنمية المستدامة‪ ،‬الرامي إلى «العمل على أن تكون‬
‫المدن والمؤسسات البشرية مفتوحة للجميع‪ ،‬مِر نة ودائمة‬
‫وقد أصدرت اليونسكو تقريرا تحت عنوان "الثقافة‪ :‬المستقبل الحضري"‪ ،‬الذي ُيعطي‬
‫نظرة شاملة حول صيانة التراث الحضري والمحافظة عليه وإدارته‪ ،‬وكذلك حول تنمية‬
‫الصناعات الثقافية واإلبداعية‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬فإن إعادة تهيئة المباني المهجورة والُمتضّر رة تشكل فرصا جديدة‬
‫للتجمعات المحلية‪ .‬فقد تّم تحويل مبنى قصر البديع بمراكش القديم إلى فضاء عمومي‬
‫ُمتعّد د الخدمات يحتضن أنشطة ثقافية مختلفة‪ .‬وتمنح مثل هذه المبادرات إمكانيات جديدة‬
‫للسّك ان وُتعيد إحياء االقتصاد المحّلي‪ .‬ذلك أن اشراك األفراد والمجموعات المختلفة في‬
‫وضع المشاريع يشّج ع على تماسك المجتمع‪ ،‬وفي ذلك مساهمة في نيل الهدف ‪ 17‬لألمم‬
‫المتحدة للتنمية المستدامة حول دور الشراكة في تحقيق أهداف التنمية‪.‬‬
‫أّما السياحة‪ ،‬فهي قطاع اقتصادي يشهد نمّو ا سريعا على كل المستويات‪ ،‬الوطني‬
‫واإلقليمي والدولي‪ .‬وُتمّث ل السياحة الثقافية ‪ % 40‬من مداخيل السياحة العالمية‪ .‬ولهذه‬
‫االرباح تأثير إيجابي على ُمجمل أهداف التنمية المستدامة‪ ،‬وخاصة منها الهدف الرامي‬
‫إلى تحقيق الشغل الالئق والنمّو االقتصادي‪ .‬ذلك أن اإلدارة الرشيدة للتراث الثقافي تجلب‬
‫استثمارات سياحية دائمة تنتفع منها الجماعات المحّلية دون اإلساءة إلى المناطق‬
‫التراثية‪.‬مثال المدينة القديمة بمراكش‬
‫الثقافة‪ ،‬عامل تنّو ع‬
‫ويمثل تشجيع تجارة المنتوجات والخدمات الثقافية حافزا لألسواق المحلية والوطنية‪ ،‬كما‬
‫ُيساعد على خلق مواطن شغل الئقة وعلى دفع اإلنتاج المحّلي‪ .‬وتساهم السياسات الثقافية‬
‫التي تكّر س التعامل التفاضلي مع المنتوجات المحّلية على تقليص الفوارق داخل الدول‬
‫وفيما بينها‪ ،‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يعتبر مشروع “المركز الثقافي الحي المحمدي” بمواصفات‬
‫جديدة بمقاطعة جيليز بمدينة مراكش ويتكون المشروع من طابق أرضي يشمل بهو‬
‫لالستقبال‪ ،‬وقاعة مسرح‪ ،‬وقاعة ورشات لألنشطة الثقافية والفنية‪ ،‬وخزانة للمطالعة‪ ،‬وقاعة‬
‫العروض‪ ،‬ثم طابق أول يضم قاعة للمعلوميات‪ ،‬وقاعدة متعددة االختصاصات ومكاتب‬
‫إدارية‪.‬‬
‫كما أن المناطق الحضرّية الثرية بالممتلكات الثقافية وتلك التي يتوّفر فيها قطاع خاّل ق‬
‫وحيوي‪ ،‬هي أكثر جاذبية للمؤسسات‪.‬‬
‫إن تطوير النمّو االقتصادي الشامل والدائم بفضل التشغيل في المجالين الثقافي واإلبداعي‪،‬‬
‫هو حافز لبعث مواطن شغل الئقة‪.‬‬
‫وخير دليل على هذا‪ ،‬الهشاشة االقتصادية التي تعرفها منطقة ازيكي المرتبطة بإنعدام‬
‫البنية التحتية الثقافية‪ ،‬مع ان هذه المنطقة تعرف تواجد اربع مدارس ابتدائية إال أن كلها‬
‫تفتقر للتنشيط الثقافي والفني‪ ،‬لينضاف هذا التهميش من طرف وزارة التربية الوطنية‬
‫إلنعدام البنية التحتية الثقافية‪ ،‬مما ولد واقع إجتماعي يعرف الكثير من االضطراب والقلق‬
‫والشعور بالحرمان والضياع لدى الشباب‪ ،‬مما يدفعهم الى ممارسات تبدوا غير أخالقية‬
‫ويغلب عليه الطيش‪ ،‬في حين أن الحقيقة هي ان الشباب يبحثون عن متنفس عاطفي‬
‫إلثبات الذات والبحث المتعطش عن تقدير المجتمع‪.‬‬

‫نظم المعرفة‬
‫ُتشّك ل نظم المعرفة وطرق التعامل مع المحيط التي تتبعها الشعوب األصلية والمحلية‪،‬‬
‫مصدرا ألفكار جديدة لمواجهة التحديات البيئية بشكل أفضل‪ ،‬وللوقاية من تقّلص التنّو ع‬
‫البيئي‪ ،‬والحّد من تدهور األراضي‪ ،‬ومكافحة مخّلفات التغّيرات المناخية‪ .‬فالثقافة‪،‬‬
‫وخاّصة منها المعارف التقليدية‪ُ ،‬ت ساهم أيضا في استعادة الحيوية مثال مشروع تشجير‬
‫أركان بمنطقة سوس‪.‬‬
‫فدور الثقافة وتأثيرها الحقيقي في التنمية الشاملة ال زاال بحاجة إلى الدراسة والتقييم‬
‫والتفعيل بكل دّقة‪ .‬وبالتوازي مع تحقيق هذه األهداف‪ ،‬ال بّد من بذل مجهودات إضافية‬
‫لتكوين قاعدة تضبط عوامل واقعية ومنتظمة وقابلة للقياس‪ ،‬لتوضيح كل مساهمة من‬
‫مساهمات الثقافة في تحقيق التنمية الدائمة‪.‬‬

‫وأخيرا فإن جمعية رسالة الشباب بكل وضوح تهدف الى العمل على تعزيز دور الثقافة‬
‫في تنمية وتطوير الفكر اإلبداعي لدى الشباب واكتشاف المواهب الفنية والمعرفية‪ ،‬حيث‬
‫ندعو إلى تعزيز ثقافة الِّسلم ونبذ العنف وإلى احترام التنّو ع الثقافي في إطار احترام‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬ومساهمة الثقافة في التنمية المستدامة‪.‬‬

‫لهذا نحن في الجمعية إخترنا بكل إصرار على اشراك الشباب والشابات معا في كل‬
‫أنشطة الجمعية‪.‬‬

‫وفي الختام أتوجه اليكم بجزيل الشكر‪ ،‬والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

You might also like