You are on page 1of 13

‫دور المتحف في تأصيل ثقافة الطفل في مواجهة االغتراب الثقافي ‪:‬‬

‫يلعب المتحف دورًا هامًا في تأصيل ثقافة الطفل من خالل التعريف بمقتنياته التراثية‬
‫المتنوعة ‪،‬ومن خالل طرق واساليب التربية المتحفية المتمثلة في الورش الفنية والندوات‬
‫والمحاضرات والعروض التقديمية التي تشرح وتوضح باسلوب مؤثر وشيق ومبسط في نفس‬
‫الوقت الكثير من المعلومات والمفاهيم والمضامين الثقافية المتعلقة بالمعروضات المتحفية ‪،‬كما‬
‫يلعب المتحف دورًا تعليميًا وتثقيفيًا رائدًا من خالل تنمية الثقافة البصرية والمدركات الحسية‬
‫والعقلية والوجدانية عند الطفل ‪ ،‬وذلك بإتاحة الفرصة للمعرفة والتعلم واالكتشاف والتجريب‬
‫والتعرف على ثقافته المميزة‪ .‬وتعد التربية المتحفية وسيلة هامة للتعلم والمالحظة والنقد‬
‫والتحليل والتعرف على الثقافات المختلفة ‪،‬باالضافة الى االعتزاز بثقافته الخاصة وتكوين‬
‫اتجاهات ايجابية نحوها‪.‬‬

‫ويصبح للتربية المتحفية دورًاهامًا وفعاًال في تكوين الوعي المعرفي و الثقافي عند الطفل‬
‫خاصة في ظل التغير الثقافي العالمي المتالحق والذي يمتد في ظل العولمة الى التنميط الثقافي‬
‫للعالم وتغييبه واغترابه تمهيًد ا لجعله قرية كونية واحدة تابعة لمفاهيم الكوكبة والهيمنة والتبعية‬
‫الثقافية كل ذلك يؤثر بال شك على ثقافة الطفل باعتبارها كيان متكامل في مرحله التكوين يتبلور‬
‫وينشأ من خالل التراكم الجمالي والمعرفي والثقافي الممتد الى أصوله الحضارية والثقافية‬
‫المتمثلة في مضامين منجزات فنون الحضارات القديمة ومقتنيات المتاحف والتي تمثل منظومة‬
‫الوعي الجمالي والثقافة االبداعية لألمة باعتبارها مصدرًا من مصادر الخصوصية الثقافية‬
‫المتجسدة في الفن والتي يمكن من خالل تقديمها للطفل تحرير واتساع آفاق ثقافته وتأصيل‬
‫هويته في مواجهة االغتراب الثقافي ‪.‬‬

‫يقول "حامد عمار"‪ (:‬يمضي بنا االبداع الى رؤى جديدة نصنع من خاللها هويتنا‬
‫كمانريدها نحن بإبداعتنا ال كما يريدها لنا غيرنا ‪).‬‬

‫ال شك ان المتحف من اهم الوسائل لنقل الثقافة و تكوين الوعي الفني و ارهاف الحس و‬
‫تنمية الثقافة البصرية باإلضافة الى تأصيل القيم و رسم معالم الهوية الثقافية للطفل ‪.‬‬

‫وال يعني تأصيل ثقافة الطفل أو الحفاظ عليها التشبث بمنطلقات التراث واالكتفاء بها‬
‫باعتبارها الحصن الحصين ضد تداعيات العولمة او اعتبارها الينابيع والمصادر الوحيدة‬
‫المطلقة لثقافة الطفل‪ ,‬ذلك أن الطفل شئنا أم ابينا متعرض المحالة لمعطيات االغتراب الثقافي‬
‫بكل تداعياتها وتقنياتها التكنولوجية و االلكترونية التي الغت الحدود والحواجز واختزلت الزمن‬
‫في صور مصدرة ‪.‬‬

‫والطفل مستقبل ايضا لثقافة العولمة الوافدة المتجسدة في كل المنتجات االبداعية التي‬
‫تؤصل لالغتراب الثقافي والتبعية الثقافية ‪ ،‬بدءا من من ماليين افالم االطفال الكارتون المصدرة‬
‫وانتهاء بماليين افالم العنف الموجهة والتي تتضمن بداخلها الكثير من المضامين المستوردة‬
‫والهادمة لبعض القيم االيجابية عند الطفل ‪.‬‬
‫لذلك فان خطر االغتراب الثقافي على الطفل ال يكمن في وجوده او عدم وجوده فهو‬
‫موجود بالفعل ومؤثر بالفعل ولكن يكمن الخطر في استقباله بطريقة أحادية الجانب بمعنى ترك‬
‫الطفل للتعرض لتداعياته وافرازاته الثقافية و الفنية وأخذها كمسلمات غير قابلة للنقد او‬
‫المراجعة و فرضها من خالل المؤسسات الثقافية واإلعالمية المحلية او االستسالم لمقولة أن‬
‫العالم تحول الى قرية كونية واحده ولن تستطيع الثقافة التقليدية الصمود امام هذه الثقافة الوافدة‬
‫المسلحة بالثورة التكنولوجية المتطورة والقادرة على االختراق الثقافي لألمة ‪.‬‬

‫ولكن خطر هذه الرؤية في االنفتاح غير المقنن و غير المنضبط على الثقافة الوافدة بما‬
‫يحمله من التاثير السلبي على ثقافة الطفل وانسالخ من هويته الذاتية ونشاته منبهرا باآلخر على‬
‫اعتبار أن اآلخر هو نموذج التقدم الوحيد في العالم ‪.‬‬

‫ويلعب المتحف دورًا هاما في تكوين الوعي لدي الطفل بالنموذج الثقافي المعرفي ؛‬
‫او بمعنى ادق النماذج الثقافية المعرفية العديدة النابعة من ثقافته االصلية الضاربة بجذورها في‬
‫اعماق التاريخ بدا من الفنون المصرية القديمة ومرورًا بالقبطية واالسالمية والمعاصرة المحلية‬

‫وعلى هذا ينبغي تكوين الوعي لدى الطفل بثقافته على مر التاريخ مما يؤثر ايجابيًا في‬
‫اعتزاز الطفل بتراثه واحترامه والحفاظ عليه وتكوين ثقافة الطفل من خالل منظومة الوعي‬
‫بالذات الحضارية ‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أن احد أهم أهداف التربية الفنية المعاصرة ينص على" االهتمام بالتراث‬
‫والمحافظة عليه ونقله وتطويره"‬

‫واليوم نحن في اشد االحتياج لالهتمام بالتراث وتأصيله داخل ثقافة الطفل خاصة في ظل هيمنة‬
‫الثقافة الغربية على الثقافات المحلية في ما يعرف بمصطلح أيديولوجية التبعية واالغتراب‬
‫الثقافي والتي من شأنها تفكيك أواصر االنتماء القومي للثقافة المحلية في ما يعرف بمصطلح‬
‫"العولمة الثقافية"‪.‬‬

‫يقول السيد يس ‪ ¹ 2001":‬يقصد بالعولمة الثقافية خلق ثقافة عالمية وفرض اذواق واحدة‬
‫عن طريق سوق استهالكية عالمية تغير من العادات المحلية وهنا تثار المخاوف من تهديد هذه‬
‫الثقافة العالمية للخصوصيات الثقافية ومن هنا تأتي أهمية تأصيل ثقافة الطفل العربي في مجال‬
‫التفاعل مع تجليات العولمة ‪.‬‬

‫يذكر شوقي جالل " ‪ : 1998‬نريد تحوًال حضاريًا نتجاوز به أنفسنا من منطلق قبول‬
‫تحدي الهيمنة باسم العولمة من خالل اإلنتاج اإلبداعي بوجهيه المادي (التقني) و المعنوي‬
‫( الفكري و الثقافي ) الذي يدعم ويرسخ ثقافة االبتكار هكذا نصون الهوية التي هي فعل‬
‫االجتماعية في الزمان وهذا هو ما يحدد من نكون‪.‬‬

‫كما يذكر "عبد الواحد علواني‪ : )²(" 1997‬إن ثقافة الطفل تشكل الجانب األكثر إثارة والذي‬
‫يختزل الثنائيات اإلشكالية المتداولة مثل األصالة والمعاصرة الماضي والحاضر التراث‬
‫والتجديد االتباع واإلبداع ثقافة الطفل ضمان تمثله لهويته وارتباطه بأسالفه وإدراك لتاريخه‬
‫وكذلك بوابه االنطالق للتخطيط للمستقبل ‪.‬‬
‫واالغتراب الثقافي يؤثر سلبًا على تكوين الهوية الثقافية الذاتية للطفل في ظل غياب‬
‫الوعي الجمالي بتراثه المتحفي وثقافته اإلبداعية وفي ظل هيمنة الثقافة الغربية على ثقافة الطفل‬
‫والتي تستبطن بداخلها صور و خلفيات ومضامين بعيدة كل البعد عن المضامين الذاتية الثقافية‬
‫لفنوننا' والتي تتجسد في مقتنيات المتاحف التراثية ‪،‬وانشطة التربية المتحفية كبيئة تعليمية‬
‫تؤصل لثقافة الطفل ‪.‬‬

‫واالغتراب الثقافي يمكن ان يسهم في التشويش على هوية الطفل إذا تركنا الطفل نهبا له‬
‫بما يتضمنه من سلبيات كالعنف والجنس باإلضافة إلى االستعالء الثقافي الذي يؤثر سلبًا لدي‬
‫الطفل األحساس بالنقص ‪ ،‬وبالطبع ال يمكن عزل الطفل عن التيارات الثقافية الوافدة فأطفال‬
‫اليوم بارعين في استخدام التكنولوجيا ووسائل االتصال واالنترنت والقنوات الفضائية التي تقدم‬
‫لهم كل ما هو مستورد ودخيل فليس تبني الكامل لهذه الثقافة الوافدة هو سبيل التقدم وإنماتكوين‬
‫الوعي عند الطفل بالخصوصية الثقافية المتمثلة في التراث الثقافي ‪.‬‬

‫وعلى ذلك يمكن ان يصبح المتحف احد أهم أشكال حفظ الكيان الثقافي للطفل وإعطاءه‬
‫التوازن الداخلي بتعبيره عن الذاتية الثقافية كما يمكن أن يلعب المتحف دورًا هامًا في بلوره‬
‫وتكوين هوايات الطفل بما يعبر عنه من قيم ومضامين جمالية و بما يتضمنه من محتوى تعبير‬
‫ثقافي يمكن أن يسهم في تعزيز الهوية لدي الطفل واثراء ها من خالل رؤية خاصة متميزة نابعة‬
‫من هويته الثقافية المحلية مما يسبب إحداث أثرايجابي مباشر على اتجاهات األطفال الثقافية ‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫‪¹‬عبد الواحد علواني ‪ : 1997‬ثقافة الطفل واقع و آفاق ‪،‬دمشق ‪،‬دار الفكر ‪،‬ص‪.١٣‬‬

‫‪ ²‬شوقي جالل ‪ : 1998‬تنمية ثقافية ام تحول حضاري ‪،‬القاهرة ‪،‬المجلس األعلى للثقافة ص‬
‫‪٦٥٤‬‬

‫وعلى ذلك يمكن أن يصبح المتحف أحد أهم أشكال حفظ الكيان الثقافي للطفل ضد‬
‫اإلغتزاب الثقافي المصدر‪ ،‬وذلك من خالل توفير التوازن الوجداني للطفل بتعبيره عن القيم‬
‫الثقافية من خالل التراث‪ ،‬وبذلك يصبح الفن وسيطًا وجدانيًا يمكن أن يلعب دورًا هامًا في تكوين‬
‫االتجاهات اإليجابية نحو القيم الثقافية وما تحتويه من مضامين تسهم في تأصيل هذه القيم‬
‫اإليجابية وفي نفس الوقت تكوين إتجاهًا إيجابيًا لدى الطفل نحو ثقافته وتاريخه ‪.‬‬

‫ومن خالل أنشطة التربية المتحفية يمكن تأصيل ثقافة الطفل من خالل التفاعل اإلبداعي والتعبير‬
‫الفني عن محتويات المتحف الطفل وذلك لتكوين الوعي لدى الطفل بالقيم الثقافية ‪ ،‬وإبراز دور‬
‫المتحف في تأصيل وابراز الطاقات الكامنة عند الطفل وتوجيهها نحو اكتساب المعرفة والثقافة ‪.‬‬

‫ومن خالل ممارسة الفن‪ ،‬على اعتبار أن الفن يخاطب وجدان الطفل ويعبر من خالله‬
‫عن اتجاهاته القيمية يمكن أن يكون قيم ثقافية واجتماعية تؤّصل بداخله ويؤمن بها من خالل‬
‫تنمية قدراته اإلدراكية والحسية والمعرفية بمقتنيات المتحف ‪ ،‬كما يمكن أيضًا أن تصبح‬
‫اتجاهات خاصة بالطفل للتعبير الفني تتيح له فرصة التعرف من خالل الفن على قيم ثقافية‬
‫واجتماعية مستمدة من فنون الحضارات ‪ ،‬يمكن أن تكون حاضرة في سلوكياته باعتبارها هدف‬
‫مجتمعي يسعى لتحقيقه‪.‬‬

‫أهمية دور المتحف كوسيط ثقافي في تأصيل الهوية الثقافية عند الطفل‪:‬‬
‫يلعب الفن دورًا محوريًا هامًا في تأصيل القيم األخالقية عند الطفل باعتباره وسيطًا‬
‫ثقافيًا يصل الطفل بأفاق متسعة من الرؤى الحضارية اإلبداعية‪ ،‬وباعتبار الفن أيضًا أداة إبداعية‬
‫لتفريغ طاقات األطفال الوجدانية ووسيلة لشحذ هذه الطاقات‪.‬‬

‫ومن خالل ممارسة الطفل للفن يمكن العمل على تنمية اتجاهاته نحو تبني القيم‬
‫األخالقية (قبول األخر ‪ -‬الحب ‪ -‬السالم) مما ينمي لدى الطفل استيعابه أبجديات رفض العنف‪،‬‬
‫وتبني منظومة قيم االختالف والتنوع الثقافي‪ ،‬وقيم الحب لآلخرين‪ ،‬وقيم العيش في سالم مع‬
‫األخر‪.‬‬

‫ومن خالل ممارسة الطفل للفن داخل إطارانشطة التربية المتحفية يغرس في وجدانه‬
‫بذور احترام ثقافته والتعبير عنها وإعادة تكوين وعي ثقافي قيمي لديه‪ ،‬وإعادة بناء رؤية جديدة‬
‫نحو ثقافة اآلخر‪ ،‬من أجل إحالل واقع أكثر إنسانية وتأصيل هذه الرؤية في وجدان الطفل من‬
‫خالل تعبيره الفني‪ ،‬وذلك حتى تصل إلى مستوى أن تصبح اتجاه قيمي عند الطفل وذلك من‬
‫منطلق تأصيل القيم الثقافية لدى الطفل‪.‬‬

‫إن ممارسة الفن تعني نشاط مبدع يمكن أن يحمل معان معرفية واسعة‪ ،‬والفن له مكانة‬
‫خاصة عند الطفل يمكن من خالله أن يستمتع ويعبر عما يجول بداخله من أفكار‪ ،‬والفن يمكن أن‬
‫يجعل الطفل يرتبط بكل ما يحيط به من ثقافة‪ ،‬كما يمكن ربطه بالكثير من عناصر البيئة‬
‫التعليمية داخل المتحف من خالل الفن‪.‬‬

‫والتراث المتحفي يعتبر لون من ألوان الثقافة البصرية ذات التأثير المتميز في الطفل لما‬
‫له من خاصية التفاعل سواء من خالل تقديم الفن للطفل وتذوقه أو تعبير الطفل عن الفن‬
‫وإبداعه‪ ،‬ويرتبط الفن بالتسلية والمتعة من جانب كما يرتبط بالثقافة ونظرية الغرس الثقافي من‬
‫جانب أخر‪.‬‬

‫والمتحف يربط الطفل بثقافته وقيمة ويستثير مشاعره وانفعاالته وينمي لديه موهبة‬
‫التذوق‪ ،‬كما ينمى ثقافته البصرية يمكن للمتحف أن يكسب الطفل الكثير من القيم الجمالية‬
‫واألخالقية والثقافية من خالل عرض المقتنيات المتحفية عليه وشرح محتواها لتفسير نماذج‬
‫األعمال الفنية المعبرة عن القيم الحضارية للطفل‪ ،‬ثم تعبيره عنها من خالل اللغة البصرية لغة‬
‫التعبير الفني‪.‬‬

‫ويعتبر المتحف مصدرًا من مصادر تكوين االتجاهات الثقافية القيمية لدى الطفل‬
‫باعتباره يسمح بتكوين مساحة معرفية تتحرك من خاللها ملكات الطفل وتصبح نقطة البدء في‬
‫تنمية خبراته الفنية والثقافية‪ ،‬والمتحف يعتبر مصدر إلهام ال ينضب يمكن أن يثري تجربة‬
‫الطفل بما يتضمنه من قيم جمالية تمتاز باألصالة تبهر الطفل وتجذبه وقيم ثقافية يمكن أن‬
‫تؤصل لديه القيم األخالقية المرغوب غرسها في وجدانه‪ ،‬كما تجعله عندما يمارس الفن يبحث‬
‫في مخزونه البصري عن أشكال يتخذها أداة التعبير في الفن وهي ال شك األشكال التي تم‬
‫اختزانها في ذاكرته البصرية‪.‬‬

‫يقول "نبيل الحسيني"‪ :‬والقيم تعتبر من الموضوعات المجازية الغير ملموسة والغير‬
‫مجسدة‪ ،‬ومن حسن الحظ أن الطفل يمكنه أن يفكر بصريًا‪ ،‬ويعبر عن المعاني المجازية من‬
‫خالل رموز وتعبيرات بصرية‪ ،‬كما أنها يمكن أن تتميز بحيوية التعبير حيث يختزن الطفل‬
‫العديد من الصورة في ذاكرته البصرية والتي تمتزج بمشاعره ووجدانه ورؤيته الخاصة‬
‫ومالمح التعبير المرتبطة بخصائص رسوم األطفال فيتسع تعبيره الفني‪ ،‬وتتاح له الفرصة‬
‫لتناوله من زوايا متنوعة‪ ،‬غالبًا ما تؤثر الثقافة كفكرة أو تصور في نوعية التعبير الفني‪ ،‬فتتدخل‬
‫الثقافة كعامل هام الختيار نوعية األشكال المرسومة والمصورة‪ ،‬بل وتحدد الثقافة كفكر هذه‬
‫األشكال المرسومة‪ ،‬وغالبًا ما تعمل الثقافة كفكر في األعماق والجذور أو تحت السطح"‪(.‬نبيل‬
‫الحسيني‪)270-269 :‬‬

‫وتذكر "وفاء إبراهيم"‪" :‬اهتم علماء النفس والتربية باتخاذ الفن نقطة رئيسية تكشف عن‬
‫ذكاء الطفل أو عن اضطراباته المعرفية أو عن شخصيته ثم تمهد الطرق لتنمية األبعاد الثقافية‬
‫(وفاء إبراهيم‪)11 :1997 ،‬‬ ‫واالجتماعية والقيمية"‪.‬‬

‫والفن المتحفي يمثل مخزون لمنجزات الوعي الحضاري وهو يتميز بوجود إبداعي‬
‫خاص ومتدفق يمثل ميراث غني للرؤية والتذوق والتعبير الفني‪.‬‬

‫والفن يتضمن بداخله الكثير من القيم الثقافية التي تنعكس في صورة رموز ومضامين‬
‫جمالية و فكرية متجسدة في صور فنية تراثية ‪ ،‬واستيعاب الطفل لهذه الرموز والمضامين‬
‫الثقافية والتعايش معها واستلهامها والتعبير عنها ينمي إدراكه التصوري عنها‪ ،‬ذلك الذي ينطبع‬
‫بداخله ويصبح بمثابة أحد مكونات القيم لديه‪.‬‬

‫وبالنسبة للطفل فإن المتحف يحمل الكثير من اإلبداع المحمل بالقيم الثقافية‪ ،‬كما يتضمن‬
‫قوة رمزية تجذب انتباه الطفل وتجذب مشاعره وتثير وجدانه الخصب‪.‬‬

‫كما تكشف البيئة التعليمة داخل المتحف عن ثقافة المجتمع وعن ذاتيته المتميزة وعن‬
‫المعاني الرمزية المكونة للقيم بداخله‪ ...‬وهي متسعة األبعاد ومتنوعة الرؤى وفقًا لمستوى رؤية‬
‫المتلقي ووفقًا للمحتوى التعبيري الذي ينعكس في الفن بما يتضمنه من لغة فريدة هي لغة‬
‫الرموز التي تعتبر نوع من التمثيل غير المباشر لألفكاروالقيم الثقافية‪.‬‬

‫والفن داخل المتحف يعتبر أساس كل تصور يقوم على الخبرة الجمالية وعلى أساس‬
‫إبداع الصور والرموز والرسوم وهو بذلك لغة للتواصل تحظى بتأثير قوى عند الطفل لما لها‬
‫من مظهر مركب ينطوي على عناصر جمالية إبداعية (كاللون والخط والمساحة والشكل‬
‫واألرضية) كما يشمل الفن األنماط القيمية الجمالية بشكل عام‪.‬‬
‫وتنطوي فنون الحضارات على عناصر فكرية وثقافية عميقة ومعقدة يمكن أن تبسط‬
‫عند تقديمها للطفل في سياق مترابط ومتسق‪ ،‬بحيث تقدم له في صورة (حكاية) في صياغة‬
‫لألفكار وعرض للشكل الفني مواز للحكاية‪ ،‬مما يهيأ للطفل رؤية كلية شاملة تسهم في بلورة‬
‫فكرة عن مضمون الثقافة المراد التعبير عنها‪.‬‬

‫هذا باإلضافة إلى ما يتمتع به الفن من طاقة بصرية جمالية تستوعب األفكار وتعبر‬
‫عنها بصريًا‪ ،‬وهو ما يربطها بروح الثقافة العامة للمجتمع وأشكال الحياة فيه‪.‬‬

‫ويسهل من خالل ممارسة الفن داخل المتحف تأصيل ثقافة الطفل وذلك ألن الثقافة‬
‫ترتبط بالمشاعر والوجدان‪ ،‬تمامًا مثلما يرتبط الفن بالمشاعر والوجدان‪.‬‬
‫ا ل ث ق ا ف ي ة‬ ‫ا ل ه و ي ة‬ ‫ت أ ص ي ل‬ ‫ا أل و ل ‪:‬‬ ‫ا ل م ح و ر‬
‫م‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫أ‪-‬‬
‫ة‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ع‬
‫ه‬ ‫ه و و ال ء ه أل م ت‬ ‫اط بوطن‬ ‫ا ء و ا ال ر ت ب‬ ‫ا ال ن ت م‬ ‫‪-1‬‬
‫وحضارتها‪.‬‬
‫اح ترام الرواب ط القومي ة‪ ،‬وتماس ك ال روح‬ ‫‪-2‬‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫ة‬ ‫ا أل م‬ ‫د‬ ‫وتقالي‬ ‫ادات‬ ‫ع‬ ‫على‬ ‫اظ‬ ‫الحف‬ ‫‪-3‬‬
‫واحترامها‪.‬‬
‫ة‬ ‫ر ا أل م‬ ‫ة بين عناص‬ ‫روح الوطني‬ ‫ك ال‬ ‫تماس‬ ‫‪-4‬‬
‫واحترامها‪.‬‬
‫المواطن ة والع دل والمس اواة تج اوز الح واجز بين األف راد (الع رق‪ ،‬الل ون‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الثقافة‪ ،‬الدين)‬
‫ار‬ ‫ل إط‬ ‫وع داخ‬ ‫ط المجتمعي (التن‬ ‫التراب‬ ‫‪-6‬‬
‫الوحدة)‪.‬‬
‫اركة‬ ‫اءات والمش‬ ‫باب والكف‬ ‫التمكين للش‬ ‫‪-7‬‬
‫الفعالة‪.‬‬
‫ثقاف ات‬ ‫واح رام‬ ‫الثقافي ة‬ ‫ال ذات‬ ‫تق دير‬ ‫‪-8‬‬
‫ا آل خ ر ‪.‬‬
‫ت ر ا ب‬ ‫ا ال غ‬ ‫ة‬ ‫م ق ا و م‬ ‫‪-9‬‬
‫ا ل ث ق ا ف ي ‪.‬‬
‫ا ال ع ت ز ا ز‬ ‫ب‬ ‫ع و ر‬ ‫ا ل ش‬ ‫‪-10‬‬
‫ب ث ق ا ف ة ‪.‬‬
‫تركة بين‬ ‫انية المش‬ ‫ت ر ا م ا ل ق ي م ا إل ن س‬ ‫اح‬ ‫‪-11‬‬
‫الثقافات‪.‬‬
‫ة‬ ‫الثقافي‬ ‫ايير‬ ‫والمع‬ ‫النظم‬ ‫ب‬ ‫تزام‬ ‫ا ال ل‬ ‫‪-12‬‬
‫للمجتمع‪.‬‬
‫ل‬ ‫و ت ق ب‬ ‫ا ف ي‬ ‫ا ل ث ق‬ ‫و ا ر‬ ‫ا ل ح‬ ‫‪-13‬‬
‫ا أل خ ر ‪.‬‬
‫ا ل ح ف ا ظ ع ل ى ا ل خ ص و ص ي ة ا ل ث ق ا ف ي ة و ا ال ع ت ز ا ز‬ ‫‪-14‬‬
‫بها‪.‬‬
‫ة‬ ‫رامج التنمي‬ ‫ة في ب‬ ‫اركة المجتمعي‬ ‫المش‬ ‫‪-15‬‬
‫الثقافية‪.‬‬
‫مقاوم ة العولم ة الثقافي ة ومح و الهوي ات ورفض ت رويج الص ور‬ ‫‪-16‬‬
‫النمطية ‪.‬‬
‫تأص يل قيم الحري ة الثقافي ة (حري ة المعتق د – حري ة ال رأي – حري ة التعب ير‬ ‫‪-17‬‬
‫اإلبداعي )‬

‫ة‬ ‫ناعات الثقافي‬ ‫ة الص‬ ‫ق بممارس‬ ‫قيم تتعل‬ ‫ب‪-‬‬


‫ا إل ب د ا ع ي ة ‪:‬‬
‫يمل ك الق درة على تك وين رؤى وأه داف تنموي ة قريب ة وبعي دة‬ ‫‪-1‬‬
‫المدى‪.‬‬
‫ي ج د د م ف ا ه ي م ا ل ت ن م ي ة م ن خ ال ل ا ل ف ن و ا ل ع ال ق ة ب ي ن ا إل ب د ا ع‬ ‫‪-2‬‬
‫و ا ال ق ت ص ا د ‪.‬‬
‫ي ت ع ر ف ع ل ى ا ل ق ي م ا ال ق ت ص ا د ي ة ل ل ع م ل و ا إل ن ت ا ج ا ل ث ق ا ف ي‬ ‫‪-3‬‬
‫ا إل ب د ا ع ي ‪.‬‬
‫يتقن جم ع وتنظيم المعلوم ات عن الص ناعات اإلبداعي ة ودوره ا في‬ ‫‪-4‬‬
‫التنمية ‪.‬‬
‫ي ج ي د ا ال ب ت ك ا ر و ا ال س ت ح د ا ث ا ل ت ق ن ي ف ي ا ل ص ن ا ع ا ت‬ ‫‪-5‬‬
‫ا إل ب د ا ع ي ة ‪.‬‬
‫ي ب ل و ر أ ف ك ا ر ه ل ال س ت ف ا د ة م ن ا إل ب د ا ع ا ال ق ت ص ا د ي ا ل ج ز ئ ي‬ ‫‪-6‬‬
‫ا إل ن ت ا ج ي ‪.‬‬
‫ي م ت ل ك ا ل م ه ا ر ة و ا ل ق د ر ة ع ل ى ا إل ن ت ا ج ي ة ا ل م ب د ع ة ع ل ى ا ل م س ت و ى‬ ‫‪-7‬‬
‫الخاص‪.‬‬
‫ي م ت ل ك ا ل ق د ر ة ع ل ى إ ق ا م ة م ش ر و ع ه ا إل ب د ا ع ي ا ل ت ن م و ي‬ ‫‪-8‬‬
‫الخاص‪.‬‬
‫يمتل ك الق درة على التن افس المحلي والع المي على المس توى‬ ‫‪-9‬‬
‫ا إل ب د ا ع ي ‪.‬‬
‫يمتل ك الق درة على خل ق و إ نت اج ال ثروة اإلبداعي ة ب د ًال من إع ادة‬ ‫‪-10‬‬
‫توزيعها ‪.‬‬
‫داع‬ ‫ة ل إل ب‬ ‫تفيد من القيم التنموي‬ ‫يس‬ ‫‪-11‬‬
‫ا ال ق ت ص ا د ي ‪.‬‬
‫يتقن اس تخدام قيم وقواع د التس ويق وال ترويج لمنتجات ه‬ ‫‪-12‬‬
‫ا إل ب د ا ع ي ة ‪.‬‬
‫ي ت ر ج م ا ل ر ؤ ى و ا أل ه د ا ف إ ل ى م ش ا ر ي ع إ ب د ا ع ي ة‬ ‫‪-13‬‬
‫تنموية‪.‬‬
‫ا ل م ح و ر ا ل ث ا ن ي ‪ :‬ت أ ص ي ل ق ي م ث ق ا ف ة ا ل ت ن م ي ة م ن خ ال ل ا ل ف ن ‪:‬‬
‫ة‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪:‬‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫و‬
‫ت ن م ي ة ا ل ق د ر ة ع ل ى ا ال ب ت ك ا ر و ا إل ب د ا ع ا ل ف ا ئ ق و ا إل ن ت ا ج ي ة‬ ‫‪-1‬‬
‫العالية‬
‫تفعيل قيمة المعرفة اإلبداعية في عناصر اإلنتاج باعتبارها عامل جديد (إضافة إلى األرض ‪ -‬ورأس المال – العمل – التنظيم) باعتبارها عناصر التنمية التقليدية‬ ‫‪-2‬‬
‫األربعة‪.‬‬
‫الكف اءة التنمي ة لتحقي ق مس توى يص عب منافس ته في المنتج‬ ‫‪-3‬‬
‫ا إل ب د ا ع ي ‪.‬‬
‫الج ود ة الفائق ة تق اس بم ا حقق ه المنت ج اإلب داعي م ن رض ا ل دى‬ ‫‪-4‬‬
‫العمالء ‪.‬‬
‫ت أ ص ي ل ق ي م ة ا ال ت ق ا ن ت ق ل ي ل ا ل ج ه د ا ل م س ت غ ر ق ف ي إ ص ال ح‬ ‫‪-5‬‬
‫العيوب‪.‬‬
‫ا ال س ت ج ا ب ة ا ل د ق ي ق ة ال ح ت ي ا ج ا ت ا ل ع م ال ء و س و ق‬ ‫‪-6‬‬
‫العمل‪.‬‬
‫ا ل م ن ا ف س ة ك ق و ة ت ح ف ز ا إل ب د ا ع ( ا ل خ ب ر ة ب ا أل ن ش ط ة‬ ‫‪-7‬‬
‫التنافسية)‪.‬‬
‫االعتم اد على الخام ات والم وارد الطبيعي ة في تنمي ة الص ناعات‬ ‫‪-8‬‬
‫اإلبداعية ‪.‬‬
‫إ د ر ا ك ا ل ع ال ق ة ب ي ن ا إل ب د ا ع و ا ال ق ت ص ا د و م ه ا ر ا ت‬ ‫‪-9‬‬
‫العمل‪.‬‬
‫خ وض مج االت إبداعي ة جدي دة لنق ل االبتك ار إلى ح يز التط بيق‬ ‫‪-10‬‬
‫التنموي ‪.‬‬
‫فتح أس واق محلي ة وعالمي ة لتص ريف المنتج ات‬ ‫‪-11‬‬
‫ا إل ب د ا ع ي ة ‪.‬‬
‫تط وير نظم للمش روعات الص غيرة للمس اهمة في‬ ‫‪-12‬‬
‫التنمية‪.‬‬
‫تأص يل ش راكات إبداعي ة لإلنج ازات اإلبداعي ة وتحالف ات إنتاجي ة بين‬ ‫‪-13‬‬
‫المؤسسات ‪.‬‬
‫العمل على االندماج في األسواق العالمية والنقد والتقييم المستمر لإلنجازات اإلبداعية لتالفي األخطاء وتصحيحها والتطوير‬ ‫‪-14‬‬
‫المستمر‪.‬‬
‫قيم ترتب ط بدراس ة وممارس ة الص ناعات الثقافي ة‬ ‫ب‪-‬‬
‫ا إل ب د ا ع ي ة ‪:‬‬
‫يح دد م ف اهيم الهو ي ة الث قاف ي ة و أثر ه ا على التن و ع الحض ار ي ف ي‬ ‫‪-1‬‬
‫ال فنو ن ‪.‬‬
‫يتعرف على تنوع الهويات الثقافية في الفنون المصرية (هوية الفن البدائي – الفن المصري القديم – الفن القبطي – الفن اإلسالمي – الفن المصري الحديث – الفن‬ ‫‪-2‬‬
‫المعاصر‪....‬‬
‫يتعرف على طرق دمج المعارف الثقافي ة في الممارس ات اإلبداعي ة المع برة عن‬ ‫‪-3‬‬
‫الهوية‪.‬‬
‫يك ون وعي عن أث ر الهوي ة الثقافي ة على التن وع االبتك اري في‬ ‫‪-4‬‬
‫الصناعات ‪.‬‬
‫اته‬ ‫ة في ممارس‬ ‫ارف الثقافي‬ ‫يتقن دمج المع‬ ‫‪-5‬‬
‫ا إل ب د ا ع ي ة ‪.‬‬
‫ي ترجم األفك ار والمض امين الجمالي ة لتراث ه إلى ص يغ ص ناعات‬ ‫‪-6‬‬
‫إبداعية ‪.‬‬
‫يتقن ص ياغة نت اج جم الي مع بر عن الهوي ة الثقافي ة يس هم في إنت اج المش اريع‬ ‫‪-7‬‬
‫اإلبداعية‪.‬‬
‫يغ‬ ‫اج ص‬ ‫افي في إنت‬ ‫تراث الثق‬ ‫تلهم ال‬ ‫يس‬ ‫‪-8‬‬
‫جمالية‪.‬‬
‫يت درب على إبداع نتاج ثقافي مع بر عن الهوية (ن دوات – م ؤتمرات – ورش‬ ‫‪-9‬‬
‫ثقافية)‪.‬‬
‫ي ح د د ا ل ع ال ق ة ب ي ن ا إل ب د ا ع ا ل ث ق ا ف ي و ا ال ق ت ص ا د ا إل ب د ا ع ي و ق ي م‬ ‫‪-10‬‬
‫الهوية‪.‬‬

‫المراجع ‪:‬‬

‫‪ 1-‬حامد عمار ‪ :1998‬نحو تجديد تربوي ثقافي‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الدار العربية للكتاب‪ ,‬ص ‪33‬‬

‫‪ ²‬حامد عمار ‪ : 1998‬مرجع سابق ص ‪٤٢‬‬

‫‪ ³‬السيد احمد المخزنجي ‪ : 1988‬شخصية الطفل و ثقافته ‪ ،‬وزارة الثقافة ‪ ،‬المسابقة لسنوية‬
‫لالبداع ‪،‬القاهرة ص‪١٦٦‬‬

‫‪¹‬عبد الواحد علواني ‪ : 1997‬ثقافة الطفل واقع و آفاق ‪،‬دمشق ‪،‬دار الفكر ‪،‬ص‪.١٣‬‬
‫‪ ²‬شوقي جالل ‪ : 1998‬تنمية ثقافية ام تحول حضاري ‪،‬القاهرة ‪،‬المجلس االعلى للثقافة ص‬
‫‪٦٥٤‬‬

You might also like