Professional Documents
Culture Documents
المقــــدمــــــة
1
إعتبرت األرض سبب الثروة والنماء ،والزالت كذلك رغم تبدل الوقت والظروف
هذا ما جعل اإلنسان في سعي متواصل الستنباط الطرق لغاية تنظيم األرض ،ودائم الحرص
على بيان ما يتصل بها باستحداث الوسائل القانونية .
ومن هنا برز نظام التسجيل العقاري الذي يقوم على فكرة توضيح معالم الملكية
وإقرارها مسندة إلى مستحقيها ،وإخضاع األراضي والمباني لنظام اإلشهار العيني بإنشاء
رسم يكون بمثابة الحالة المدنية للعقار .فال ترسم به من الحقوق العينية إال التي أثبتها الحكم
بالتسجيل ومن الحقوق الجديدة إال الثابتة قانونا .
وقد ظهرت طالئع هذا النظام في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بإرساء القانون
العقاري المعروف بطريقة Acte TORRENSالذي دافع عن مشروعه روبارت ريتشارد
تورينس سنة 1865ووقع إقراره من قبل البرلمان األسترالي سنة . 1868
ويؤكد األستاذ الهادي سعيد أن فكرة التسجيل العقاري فكرة قديمة ،تمتد عروقها في
بطون التاريخ ،وقد كانت بابل أول دولة أقامت نظاما ال يقل في الكثير من النواحي إحكاما
عن نظام التسجيل العقاري المعاصر .فأحصت األراضي الزراعية ،وأثبتت على صحائف
من اآلجر ما هو كفيل ب ضبطها والتعرف عليها وجمع المعلومات على األراضي في كل قرية
باعتبارها مجموعة زراعية ،ومراجعتها من حين آلخر.
أما تونس ،فقد عرفت نظاما لمسح األراضي من العهد القرطاجني 2والذي إستمده من
الحضارات التي سبقته .ثم شهدت في العصر الروماني تطورا للتسجيل العقاري وإجراءات
تقسيم العقارات .
أما عرب الجاهلية فنجد عندهم عادة تحجير األراضي والتي أخذ بها المسلمون بعدهم
فقد وضع الفقه اإلسالمي األسس لعلم التوثيق ،ودعا لضرورة تحرير الكتائب وتوثيق
)1إبن خلدون"المقدمة"
) 2يراجع حول المسح في قرطاج محمود العنابي "قانون التسجيل العقاري التونسي" علما وعمال .دراسة مقارنة ،منشورات معهد البحوت
والدراسات العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم 1973ص 1ما يليها
1
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
المعامالت من خالل اآلية الكريمة " إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" .3لكن فقهاء
اإلسالم لم يضعوا أحكاما لإلشهار العقاري .
أما العهد الحسيني ،فلم يشهد تجربة الدفاتر الخاقانية العثمانية ،وكان لهذا الوضع األثر
الكبير ،ذلك أنه ساعد الفرنسيين خالل فترة الحماية لإلستالء على أخصب األراضي الزراعية
في إطار إصالح قانوني ،وقع بمقتضاه تغيير نظام الملكية العقارية ،وظهرت في هذه الفترة
الدف اتر العقارية بالبالد التونسية من خالل إصدار األمر العلي المؤرخ في غرة جويلية
. 41885وقد تتالت التطورات القانونية العقارية التونسية مرورا من صدور القانون عدد 05
لسنة 1965المؤرخ في 02فيفري 1965المتعلق بإصدار مجلة الحقوق العينية ،وصوال
إلى تنقيح 17أفريل 2001لنفس المجلة .
والمالحظ للقوانين العربية يتبين أن هناك عدة تسميات للقانون العقاري ،فمن الدول
من يطلق عليه إسم قانون التسجيل ،وهناك من يسميه نظام اإلشهار العقاري أو الشهر العقاري
كدولة مصر العربية .ومن هنا نستنتج الخاصية األساسية للتسجيل العقاري وهي وظيفته
اإلشهارية و ال تي تمثل موضوع رسالتي هذه .فما المقصود بالوظيفة اإلشهارية؟
تعرف الوظيفة اإلشهارية بأنها مجموع األعمال التي تمكن بمقتضاها إدارة الملكية
العقارية العموم من اإلطالع على الوثائق التي تمسكها ،والتي يجيز القانون أو يوجب عليها
وضعها على ذمة المطلعين ليقفوا على الحقوق والتصرفات القانونية المتعلقة بالعقارات
المسجلة حماية ل هم وألرباب تلك العقارات ،ولذوي الحقوق الموظفة عليها .5فآلية التسجيل
العقاري وجدت إلشهار المعامالت العقارية ولكي تصبح الوضعية القانونية للعقار واضحة
المعالم .
أما مصطلح التسجيل فهو يعد من المصطلحات القانونية األكثر ورودا في المجالت
القانونية .فبالرجوع لمجلة اإللتزامات والعقود نجد أن لفظة التسجيل مرتبطة بقباضة التسجيل
أين يتم تسجيل العقود والكتائب والحجج قصد إثبات التاريخ ،وحتى يمكن اإلحتجاج بالكتب
2
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
أو العقد خاصة عقود البيع والشراء والقرض وغيرها من العقود .وقد ورد هذا المعنى بالفصل
581من م إ ع وبهذا المعنى ال يعدوا أن يكون التسجيل سواء شرطا من الشروط الشكلية
المرتبطة بالمفعول اإلحتجاجي للعقد .
أما التسجيل العقاري فقد عرفه الفقيه George SOULMAGNONبكونه طريقة
ترمي إلى إخراج العقار من وضعيته السالفة وجعله خاضعا لنظام السجالت العقارية .أما
عملية التسجيل فقد عرفها الفقيه Gasse VICTORبأنها نظام يمكن مالك العقار من رسم
نهائي غير ممكن الطعن فيه ،وهذا الرسم هو بمثابة بطاقة الوالدة للعقار من حيث وضعيته
القانونية .لكن تخصيص سجل لكل ملك ومسكه من قبل حافظ الملكية العقارية ،ضمانا لعالنية
المعامالت العقارية والتي تسبقه أعماال أخرى من األهمية والخطورة بمكان وهي إجراءات
التسجيل.
تتميز إجراءات التسجيل بالصبغة اإلشهارية من خالل جملة األعمال الفنية والقضائية
الموصلة إلثبات شخصية العقار بعد تطهيره من الرسوم القديمة الصحيح منها والمفتعل
وتصفيته من كل الحقوق والتحمالت القديمة التي لم تعلن وقت التسجيل ،وذلك على وجه
الحسم بمقتضى حكم قضائي ال يقبل المراجعة إال في حاالت محدودة حتى يخرج العقار للناس
صافيا ،واضح المعالم ،مسندا الملكية لشخص أو أشخاص معينين .
وهنا نتبين الميزة األساسية للقانون العقاري التونسي ،وهي الطابع القضائي لهذا
التسجيل .فإجراءات التسجيل تكون بمراقبة قاض مقرر الذي يقوم بأعمال استقرائية ورد
تحديدها بالفصل 329من م ح ع .وهذا التوجه إختاره كل من الكونغو وبرازافيل التي
تعرض مطالب التسجيل على المحاكم العدلية .وتبعا لذلك تخضع أحكامها لطرق الطعن العادية
خالفا للتسجيل ال عقاري التونسي الذي تختص به محكمة خاصة وهي المحكمة العقارية .وفي
مقابل ذلك نجد أن أغلب الدول العربية كالمغرب مثال والدول الغربيـــة كفرنسا تعتمد التسجيل
اإلداري .
والجدير بالذكر أن الدفاتر العقارية تنقسم إلى صنفين :دفاتر شخصية وهي األقدم
ودفاتر عينية كثر الجدل حول تحديد تاريخ بروزها ،وإن كان جل الباحثون يرجعون أمرها
إلى التجربة األسترالية .
3
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
فالنظام األول ،يمتاز باعتماد أسماء األشخاص المالكين للعقار أو من تصدر عنهم
تصرفات تتعلق به من خالل ترتيب هجائي دون اإللتفات إلى العقار كمحور لتنظيم الملكية .
وهذه الترسيمات ليست لها قوة ثبوتية ،بل هي مجرد إجراء يهدف إلى العالنية فقط دون أن
يكون لها تأثير على الحق .
أما النظام العيني على غرار القانون التونسي والذي وقع إرساؤه مع دخول الحماية
لتونس ،يعتمد العقار كمحور للتسجيل بالسجل العقاري ،ويصبح هذا األخير ذاتا مستقلة
ومشخصة بكل دقة في صحيفة خاصة به في ذلك السجل .
وقد كان التسجيل العقاري بتونس إختياريا إلى سنة ،1964وبصدور المرسوم رقم
03لسنة 1964المؤرخ في 20فيفري ،1964أصبح إجباريا ،ويمتاز بكونه مجانيا إال أن
تدخلـه إقـتصر على جهـات دون أخرى .نـتـج عن ذلك نوعان من المطالب وهي مطالـب
التسجيل العادية ومطالب التسجيل المسحيّة أو اإلجبارية .
ويبقى دور المحكمة العقارية هاما بالنسبة للنظامين مع إختالف إجراءات كل منهما
ويتمثل بالخصوص في دراسة مطالب التسجيل وفحص الرسوم وتطبيقها على العين والتثبت
من كونها معززه بالحوز الفعلي السالم من العيوب ،والتحقق من أن الطالب هو فعال صاحب
الحق وال يدعي باطال ي رمي من ورائه اإلستالء على حقوق غيره .ويتأكد هذا التوجه من
خالل اإلشهارات ،كإشهار مطلب التسجيل بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية خالل العشر
أيام الموالية لتقديم المطلب كما أورد ذلك الفصل 322م ح ع .فالتسجيل العقاري كعملية
تتدخل في إحداثه ثالثة أجهزة أساس ية وهي مصلحة قيس األراضي كجهاز فني يعد األمثلة
الهندسية ،والمحكمة العقارية كجهاز قضائي تصدر األحكام على ضوء األبحاث اإلستحقاقية
واإلستقرائية التي يقوم بها القاضي المقرر بإذن منها ثم يأتي دور إدارة الملكية العقارية
كجهاز إداري وظيفتها إقامة الرسوم العقارية باإلعتماد على األحكام العقارية .
إن الغاية األساسية من التسجيل العقاري ،إشهار الحقوق العقارية من خالل إشهار
المعامالت الواقعة على عقار معين بتخصيص رسم عقاري له ضمن السجل العقاري .
فالوظيفة اإلشهارية بهذا التوجه تتمظهر خاصة بعد صدور الحكم العقاري وإقامة الرسم .
فلئن ال ننفي وجود إشهار في ا ألعمال التحضيرية كالنشر بالرائد الرسمي ،والتعليق للمطالب
4
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
بالوالية التي يوجد بدائرتها العقار .إال أن هذه اإلشهارات ال تمثل إال عمليات لإلعالن
واإلعالم للكافة لضمان صدور حكم عقاري حامل بين طياته الطمأنينة واإلستقرار وبالتالي
رسم عقاري تتماثل من خالل بياناته الوضعية القانونية للعقار مع الوضعية اإلستحقاقية
والواقعية له .
وتبعا لذلك سأتناول بالدراسة في هذه الرسالة الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري بعد
صدور الحكم والتي تطرح عدة إشكاليات قانونية وعملية على درجة كبيرة من األهمية فما
هو مدلول الوظيفة اإلشهارية ،وما مدى ضمان السجل العقاري لمبدأ اإلشهار؟
لإلجابة عن هذه التساؤالت سأتناول بالدرس في الجزء األول من الرسالة ماهية
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري بعد صدور حكم التسجيل ،فيما أتعرض في الجزء الثاني
لبيان حدود تلك الوظيفة .
الجـزء األول:
ماهيـة الوظيفـة اإلشهاريـة
يقوم نظام التسجيل العيني الوارد بقانون تورنس والذي وقع تبنيه من المشرع التونسي
على قاعدة التخصيص .وهي التي تجعل من الوحدة العقارية محور اإلشهار ومرجعه
5
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
األساسي .إن العنصر الثابت في عملية التسجيل والترسيمات الالحقة هو العقار ،أما العنصر
المتغير فهم األشخاص الذين يتعاقبون على التملك به أو اكتساب حقوق عينية فرعية عليه .
تكون الرسم
أما قاعدة التخصيص فتتمثل في تمييز كل عقار بصحيفة أو عدة صحف ّ
و انتقاالت العقاري ،والذي يحتوي كل المعلومات التي تخص ذلك العقار من تحمالت
طرأت عليه .و مجموع الرسوم العقارية تكون السجل العقاري .
و الرسم هو تشخيص للعقار مما جعل البعض يعتبر السجل بمثابة الحالة المدنية
و للعقار 6من خالل ذكر " رقمه وإسم مالكه وجميع المعامالت التي تطرأ عليه . " ...
بهذا المعنى مثل السجل العقاري تحديدا للوحدة العقارية ،وتثبت الحقوق باسم مالكها
الحقيقي حسب اإلجراءات المقررة بالقانون العقاري الذي يهدف إلى تطهير الوحدة العقارية
من جميع الحق وق السابقة قصد إنشاء سند ملكية وسيلته في ذلك اإلشهار فهو آلية وهدف في
اآلن نفسه .
فالتسجيل العقاري يمثل مرحلة اإلجراءات القضائية قصد الوصول إلى الحكم العقاري
الذي يقضي بتسجيل معاملة ما على عقار معين بإقامة رسم له .إن إقامة الرسم العقاري
تكون الحقة للحكم وهي من واجبات إدارة الملكية العقارية ،وبترسيم الحق ينشأ ويثبت
تجاه األطراف وتجا ه الغير ،فالوظيفة اإلشهارية تبعا لذلك تتمظهر في أحسن مظاهرها في
السجل العقاري ،فهو"المعرف" و"البطاقة المدنية للعقار".
و لدراسة ماهية الوظيفة اإلشهارية سأتعرض في فرع اول من التحليل إلى تحديد
مفهوم الوظيفة اإلشهارية في ما ابين في الفرع الثاني آليات تحقيق هذه الوظيفة .
6
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
و الحال أنها أشمل من ذلك و محاولة مني تحديد هذا المفهوم سأتناول في مبحث أول دراسة
مبدأ العالنية و الذي يمظهر الوظيفة اإلشهارية في ما أخصص المبحث الثاني لبيان موجبات
هذه الوظيفة .
دكتور محمد مهدي الجم" التحفيظ العقاري في المغرب " دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة الثانية ص 282 1
7
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
8
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
و تبعا لذلك ّ
فإن تطبيق الفصل 373يكون بارتباط وثيق مع الفصل 12م ح ع فال
يمكن ترسيم عقد منشئ لحق غير مدرج بالقائمة المذكورة إذ أنها قائمة حصريّة فال ترسم
حقوق الشفعة و األولويّة في الشراء ،كما ترسم وبصفة استثنائية بعض الحقوق الشخصيّة إال
أن ما يجمع الحقوق القابلة للترسيم عينية كانت أو شخصيّة أنها متعلّقة بالعقار موضوع الرسم
العقاري و الذي ال يدرج به إال ما يتعلّق به.
إال أن الحقوق العينية قد توجد و تقوم خارج إطار السجل العقاري بل إنها تكون نافذة
تجاه الغير و هذه الحقوق تمثّل إستثناءات مبدأ العالنيّة.
ّ
الحق العيني قائما ونافذا تجاه الغير رغم غياب اإلشهار بالسجل العقاري وهذه يكون
اإلستثناءات كثيرة سأكتفي في هذه الفقرة بذكر بعض األمثلة .
يمكن اإلشارة إلى انتقال ملكية العقارات الفالحيّة الراجعة في األصل لألجانب إلى ملك الدولة
الخاص بموجب التأميم تطبيقا للقانون عدد 5لسنة 1964المؤرخ في 12ماي 1964و
فبمجرد صدور هذا القانون انتقلت ملكية تلك العقارات إلى
ّ المتعلّق بالعقارات الفالحّية بتونس
ال دولة دون قيام الدولة بإشهار هذا اإلنتقال بالسجل العقاري لمجابهة الغير الذي قد يكتسب
حقوقا على تلك العقارات بعد صدور القانون المذكور أعاله وذلك تطبيقا للقاعدة التي مفادها
أن كل شخص مفروض عليه العلم بالقانون طبقا للفصل 545م إ ع.
ومن اإلستثناءات أيضا الحقوق العينية التبعيّة التي ال تخضع لإلشهار عن طريق الترسيم
لخصوصيّة طبيعتها القانونية و عدم تالؤمها مع أصول نظامي التسجيل و السجل العيني و
هذان اإلستثناءان هما اإلمتياز العام الذي تتمتّع به خزينة الدولة و ّ
حق الحبس .اما الحق األول
في متاز بكثرته لذلك يتعذر ترسيمه ألنه من السهولة إكتشافه من طرف المتعاملين أما حق
الحبس فالحوز عادة ما يكون معلنا و بالتالي يمكن مجابهة الغير به.
9
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
نجد إستثناء أخر هام وهو انتقال الملكية بموجب اإلرث طبقا للفصل 373م إ ع دون
وجوبيّة إشهار بالسجل العقاري فلئن يبقى الحق مرسّما بإسم المورث بعد وفاته فهو ينتقل
قانونا للورثة من لحظة الوفاة.
ّ
اإلطالع على الرسم العقاري هو واجب محمول على و نستنتج من هذا التحليل أن
المتعاملين ،فال يكون كافيا ذلك أنه ال يغني عن وجوب العلم بالقانون و معاينة العقار موضوع
التعامل على أرض الواقع ألن األمثلة الهندسية كثيرا ما ال تعكس هذا الواقع المادي للعقار،
فحق اإلرتفاق الذي تتمتّع به األرض المنخفضة و التي تكون موجودة حذو أرض مرتفعة
ّ
ومنحدرة في إتجاهها فال يجوز في هذه الحالة لصاحب هذه األرض الالحقة الذكر أن يمنع
سيل مياه األمطار المنحدرة على أرضه ببناء س ّد أو غير ذلك من الحواجز بتعلّة أن ّ
حق
اإلرتفاق المحتج به غير مرسم بالرسم العقاري.
ومهما يكن من أمر فإن مبدأ العالنية يبقى ركيزة النظام القانوني للمعامالت التي
موضوعها العقارات المسجّلة باإلطالع على السجل العقاري يعكس حقيقتي العقار الماديّة و
القانونية وهو كما سبق اإلشارة إليه حق متاح لكّ الناس و يكمل هذا الواجب معرفة األشخاص
بالقانون و الزيارة الميدانية للعقار قصد معرفة واقعه واكتشاف ما ال تستطيع األمثلة الهندسية
توضيحه في الرسم العقاري ،و تبعا لذلك أقام المشرع التونسي قاعدة عا ّمة في القانون العقاري
تنص على أن " :ك ّل حق عيني ال ّ
يتكون إال بترسيمه ّ وردت بالفصل 305م ح ع و التي
بالسجل العقاري وإبتداءا من تاريخ ذلك الترسيم و إبطال الترسيم وإعتمادا على الترسيمات
الوارد ة بالسجل " فهذا الفصل يوجب إشهار الحقوق العينية بالسجل العقاري فما هي موجبات
الوظيفة اإلشهارية للسجل العقاري ؟
10
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
الواقع الذي أفرزته العمليّة العقارية المرسمة ،و لهذا التحيين أيضا مساس بالوظيفة اإلشهاريّة
طالما أن وسائل أداء هذه الوظيفة هي بيانات الرسم العقاري.
و دراسة موجبات اإلشهار بالسجل العقاري هي دراسة لموجبات الترسيم بهذا السجل وتبعا
لذلك وجب تحديد مفهوم الترسيم وهو في معناه الضيّق العمليّة الكتابيّة المتعلّقة بإدراج صكّ
ّ
لحق الملكيّة أو غيره من الحقوق العينية إتفاقي أو إداري أو قضائي أو وال شيء منشىء
مصرح به أو بانقضائه أو جعله غير قابل
ّ األصليّة او التبعيّة ،أو ناقل له أو معدّل له أو
ي شرط آخر من شروط ترسيمه كما نجد إلى جانب هذه
للتفويت أو مقيّد لحريّة جوالنه أو أل ّ
الحقوق العينية موضوع الترسيم بعض الحقوق الشخصيّة كعقد التسويغ الذي تتجاوز مدّته 3
نص في فقرته األولى على ّ
أن هذه الحقوق سنوات و قد أورد الفصل 373م ح ع هذه القائمة و ّ
" يجب إشهارها بطريق الترسيم برسم الملكية " .و ما يجمع الحقوق القابلة للترسيم عينيّة
كانت أو شخصيّة هو أنها متعلّقة بعقار ،وهو أمر بديهي طالما أن منطلق الرسم العقاري هو
العقار فال يدرج به إال ما يتعلّق به على أنه تجدر اإلشارة إلى وجوب تفرقة الترسيم على
صه
التنصيصات األخرى الواردة بالسجل العقاري على غرار القيد اإلحتياطي و الذي خ ّ
المشرع بالباب الثاني من العنوان الثالث الذي ورد تحت عنوان اإلعتراضات التحفظيّة و
ّ
372م ح ع . المض ّمنة بالفصول 365إلى
مجرد تنصيص لإلعالم بوجود عمل
ّ و تجدر اإلشارة أن ك ّل ما يقيّد إحتياطيا ال يرسم بل هو
أو إجراء ما ،كالقيد اإلحتياطي المتعـلّق بالدعاوى الرامية إلى اسـتصدار حكم ببطالن الحقوق
يخص وعد البيع و الذي ينفي
ّ العينية المرسـّمة أو إبطالها او فسخها أو القيد اإلحتياطي الذي
حسن النيّة و الجهل .كما أن القيود اإلحتياطية قابلة للسقوط بمرور المدّة و يمكن للمحكمة
اإلبتدائية التي بدائرت ها العقار إصدار إذن على عريضة بالتشطيب على القيود اإلحتياطية
المتعلّقة بالدعاوى و عقود المغارسة وقد ورد هذا الحكم بالفصل 371م ح ع .
ومهما يكن من أمر فإن موجبات اإلشهار في السجل العقاري عن طريق الترسيم ها ّمة
ّ
الحق ال يعتبر موجودا تجاه الغير إال من يوم إدراجه بالسجل العقاري وهو ما يعبر ذلك أن
ّ
للحق ( فقرة أولى) كما أن الحق عنه بالمفعول المنشئ للترسيم و الذي يصاحبه مفعول حفظي
قوة ثبوتية مطلقة .
المرسّم يكتسب ّ
11
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
سم
الفقرة األولى :نشأة الحق المر ّ
ينتج عن ترسيم الحق بالسجل العقاري نشأة ذلك الحق و يتبعه مفعول حفظي لذلك
الحق.
يتمثّل مبدأ المفعول المنشئ للترسيم في ارتباط نشأة الحق بترسيمه فالملكيّة مثال ال
تنتقل من ذ ّمة البائع إلى ذ ّمة المشتري إال بترسيم عقد البيع أي بإشهاره بالسجل العقاري .و
قد رأى الفقيه Alfred Dainفي هذا المبدأ تصادما مع أسس القانون المدني الفرنسي
صة مبدأ سلطان اإلرادة الذي يفترض الرضائيّة في المادّة التعاقدية .2
وخا ّ
كما رأى فيه بعض الفقهاء التونسيون تخطيا لمبادئ الفقه اإلسالمي و التي لم تعرف
لها شبيها .و قد أثرت تلك اإلنتقادات على سلطة الحماية واستغلت فترة تأجيل دخول المجلة
العقارية حيّز التنفيذ لتقوم بمراجعة العديد من فصولها و تعدل عن تبنّي مبدأ المفعول المنشئ
للترس يم و تنقيح األحكام التي تضمنته و حصر آثار الترسيم على اإلحتجاج بالحق العيني إزاء
الغير .و بهذا الخيار كان نظام اإلشهار العقاري نظاما عينيا منقوصا بتبنيه المبادئ السبعة
وهي مبدأ التخصيص و التطابق بين الرسم و المثال و مبدأ الشرعية ومبدأ تسلسل الترسيمات
ومبدأ المفعول الحفظي للترسيم و منع التقادم بنوعية و القوة الثبوتية للترسيم و التخلّي عن
المبدأ األخير وهو المفعول المنشئ للترسيم و الذي لم يقع تنبيه إال في القانون المؤرخ في 04
ماي 1992كما وقع ّ
سن قواعد لإلعداد لتطبيقه و تدعيمه.
وقع التكريس الصريح لهذا المفعول المنشئ للترسيم في الفصل 305جديد م ح ع و
يتكون إال بترسيمه بالسجل العقاري و ابتداء من ّ نص على انه " ك ّل حق عيني الّ الذي
ّ
للمجلة العقارية تاريخ ذلك الترسيم " و هذه الصيغة ذاتها التي كانت مض ّمنة بالنسخة األصليّة
عند صدورها سنة 1885و تبعا لذلك كان اإلصالح التشريعي يمثّل في الحقيقة تراجعا عن
ما جاء به تنقيح سنة 1886و عودة لألصل .وهو بذلك يمثّل نظام إشهار عقاري عيني
2
) Alfred Dain . Le système Torreng et son application en Tunisie et en Algérie R.A. 1885 . I p 285 et suiv.
يندرج هذا الموقف للفقيه المذكور ضمن األفكار العا ّمة التي كانت يتبنّها مدرسة الشرح على المتون في فترة صدور المجلة العقاريّة بتونس في
إطار دفاع هذه المدرسة عن مبادئ مجلة .1804
12
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
3محمد كمال شرف الدين " مبدأ المفعول المنشئ للترسيم في قوانين 4ماي " 1992مقال بالمجلّة القانونية التونسية لسنة 1993الصفحة .104
) 4اما القانون الليبي رقم 11لسنة 1988فهو أشّد صرامة فجاء بالمادّة 3منه ما يلي " :ال يعتّد في إثبات الحقوق العينية العقارية بأية حجّة أو
وثائق أو شهادات أو أيّة مستندات أخرى تتعارض مع أحكام القوانين المشار اليها في المادة السابقة " فعبارة النص وردت عامة و لكلذك فإنها تؤخذ
على إطالقها فالصكوك الغير مرسمة ال تكون لها حجّة و لو بين أطرافها وفقا لهذا النص.
) 5د محمد مهدي الجم " التحفيظ العقاري في المغرب " دار الثقافة للتشر و التوزيع الطبعة الثالثة صفحة .273
) 6حامد المقعاوي :الوجيز في قانون السجل العيني ،دار الميزان للنشر ،سوسة تونس الطبعة األولى ص . 252
13
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
و الرجوع ّ
بحق عيني مرسم وجب ترك مفاهيم القانون المدني جانبا كلما تعلّق األمر
إلى قواعد القانون العقاري ألنّه قانون خاص و الخاص يقدّم على العام.
تخص مثال نطاق ومجال هذا المبدأ .
ّ وقد طرح مبدأ المفعول المنشئ عدّة تساؤالت
ّ
بالحق فإن الفصل 373م ح فلئن أورد المشرع الفصل 305م ح ع أن الترسيم يتعلّق
ع (جديد) يميل إلى اعتبار "الصكوك و اإلتفاقات و األحكام" من "األمور" التي يجب إشهارها
بالترسيم ومهما يكن من أمر فالصكّ يشهر بالسجل و يشهر تبعا لذلك الحق العيني أما نطاق
المبدأ يشمل ج ّل الصكوك و اإلتفاقات و األحكام المتعلّقة بالحقوق العينية سواء كانت تهدف
إلنشاء الحق أو لنقله أو للتصريح به أو لتعديله أو إلنقضائه أو بجعله غير قابل للتفويت أو
لتغيير أي شرط أخر من شروط ترسيمه .
كما نجد إشكاال آخر يتعلّق بما جرى العمل على تسميته بـ " الصكوك المتأخرة " وهي
الصكوك التي تنشأ في الفترة الممتّدة من تاريخ تقديم مطلب التسجيل أو التصريح بالملكية
إلى تاريخ صدور الحكم العقاري القاضي بالتسجيل و تتميّز هذه الصكوك بصدورها في فترة
انتقالية من حياة العقار من نظام العقارات غير المسجّلة إلى نظام العقارات المسجّلة فهـل
تخضع لنظام العقارات الغير مسجّلة أم إلى نظام العقارات المسجّلة ؟ و هل تخضع هذه
التصرفات إلى مبدأ المفعول المنشئ للترسيم؟
يرتبط الح ّل بتحديد المفعول الزمني للتطهير القانوني المترتّب عن الحكم العقاري
فالمحكمة العقارية تحسم الوضعية القانونية للعقار و تثبت زمن تلقّي التصريح بالملكيّة أو
تقديم مطلب الترسيم فيزيد المفعول التطهيـري لحكمها لذلك التاريخ وتبعا لذلك تعتبر الصكوك
المتأخ رة خاضعة للترسيم و اإلشهار بالسجل العيني إذ صدرت ممن حكم لفائدته بالتسجيل.
وقد قضت مجلّة الحقوق العينية بأحكام دقيقة هذه المسألة وقد تضمنتها الفصل 350والذي
وقع تنقيحه تماشيا مع تطبيق مبدأ المفعول المنشئ للترسيم " :تودع بكتابة المحكمة العقارية
الصكوك و اإلتفاقات التي تقع في المدّة الجارية بين تقديم مطلب التسجيل و الحكم في األصل
يتكون إال بترسيمه بالسجل العقاري".
إذا كان الحق العيني المض ّمن بها ال ّ
وهذا الحكم يأذن بترسيم الحقوق الحاصلة بعد تقديم مطلب التسجيل بترسيمها بسجل
يتكون إال بترسيمه بالسجل وابتداء
الملكية العقارية طبق أحكام الفقرة األولى إذ أن الحق ال ّ
14
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
من تاريخ ذلك الترسيم " ويستخلص من هذا الفصل أن الحقوق موضوع هذه الصكوك
تتكون و ال تنشأ إال من تاريخ ترسيمها بالسجل العقاري . 7
المتأخرة ال ّ
المشرع التونسي نشأة الحق المرسّم بمفعول هام وهو المفعول الحفظي
ّ وقد دعّم
للترسيم و الذي أورده المشرع الفص 361م ح ع " رسم الملكّية و الترسيم يحفضان الحق
موضوعهما كا لم يقع إبطالهما أو التشطيب عليهما أو تعديلهما" و هذا أثر آخر لإلشهار إذ
أن الحقوق المش ّهرة تتمتّع بالحفظ ما لم يقع القيام بدعوى في التشطيب على ترسيم سابق و
إضافة إلى ذلك فإن الحقوق المشهرة بالسجل العقاري ال يسري عليها مرور الزمن فالتقادم
8
370م ح ع ال ينسحب على هذه الحقوق و قد أورد المشرع هذا الحكم بالفصل
سك بالحوز
معتبرا " ان مرور الزمن ال يسري على الحق المرسم و أنه ليس ألي كان أن يتم ّ
مهما طالت مدّته" .
و يستخلص مما سبق بيانه أن المشرع أوجب إشهار الصكوك و اإلتفاقات و األحكام التي
موضوعها حقوق عينية أو بعض الحقوق الشخصية أثارا على درجة كبيرة من األهميّة من خالل نشأة
بقوة ثبوتية مطلقة و التي تم ّكن صاحب الحق من
الحق و حفظه ولكن المشرع أوجب تمتّع هذه الترسيم ّ
معارضة الكافة به واإلحتجاج به كوسيلة لإلثبات تكفي بذاتها دون اللجوء إلى الصك الذي انبنى عليه.
) 7حامد النقعاوي " الوجيز في قانون السجل العيني " دار ميزان للنشر سوسة تونس الطبعة األولى الصفحة 252
) 8محمود العنابي :سبق ذكره ص . 129
) 9محمد كمال شرف الدين :سبق ذكره
15
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
إن أهم مقاصد نظام السجل العيني هو إعطاء الحقوق العينية المرسمة حجية على
الكافة فالحق المرسم ثابت ويواجه به الجميع فهو بمثابة وسيلة اإلثبات الكاملة .ولكن هذا
المبدأ لم يجعله المشرع على إطالقه في كل الحاالت إذ أقام تفرقة بين الترسيمات األولى أي
الناطق بها في إطار حكم قضائي بالتسجيل ،والترسيمات اإلدارية الالحقة والتي ال تتمتع إال
بقوة ثبوتية نسبية .
أما الترسيمات األولى فهي التي وردت في شكل حكم قضائي صادر عن المحكمة
العقارية والقاضي بترسيم العقار وقد أقرت الفصول 308و 337و 355م ح ع على وجه
الخصوص أحكام القانون العقاري القديم ونصت على أن الحق يكون الغيا كلما لم يقع ترسيمه
عند التسجيل ،فال يمكن بأي حال تغيير الترسيمات األولى وال القيام بدعوى تهدف الرجوع
للعقار إذ أن هذه الترسيمات تتمتع بحجية مطلقة والتي كانت ركيزة تطهير العقار .خالفا
قوة ثبوتية نسبيّة.
للترسيمات الالحقة و اإلدارية و التي تشهد ّ
لقد نصت الفقرة الثانية من الفصل 305م ح ع على أن " إبطال الترسيم ال يمكن بأي
حال أن يعارض به الغير حسن النية " ،فالترسيم اإلداري الالحق قابل لإلبطال والحكم
القضائي باإلبطال أو التشطيب له حجة محدودة تجاه الغير حسن النية ّ .
إن الترسيم هو وليد
السند الذي تسبب في وجوده ،فإن بطل العقد لسبب من األسباب القانونية فإنه يمكن التشطيب
كرس الفصل المذكور أعاله حماية للشخص حسن النية الذي يتمتع بقوة ثبوتية
على الترسيم ّ .
مطلقة إذا إكتسب حقوقا إعتمادا على الترسيمات الواردة بالسجل العقاري .
المشرع لم يبين مفهوم الغير وبالرجوع إلى الفصل 241
ّ ونالحظ في هذا اإلطار أن
م إ ع نجد أن الورثة والخلف الخاص ليست لهم صفة الغير بما أنهم معنيون بآثار التصرفات
الصادرة عن مورثهم أو سلفهم بإيجابياتها وسلبياتها .إال أن هذا المفهوم ال يتماشى ومضمون
الفصل 305م ح ع الذي عمل من خالله المشرع على حماية الخلف الخاص أساسا .فعبارة
"إكتسب حقوقا على العقار" تنسحب على الخلف الخاص الذي هو خلف لصاحب الحق
المرسم ،فال يمكن أن يكون خلفا عاما له .
16
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
وحسن النية يعتبر من الواجبات األولية التي يتحملها مشتري العقار ،إذ عليه أن يتحرى
حقيقة ملكية البائع حتى ال يجهل ما يكون من مصلحته أو واجبه أن يعلم .وإذا لم يباشر
التحريات الالزمة ،فإنه يرتكب غلطا غير مغتفر يبعد قرينة حسن النية .فحسن النية ليس ما
نعتقده بل ما كان يجب إعتقاده ومعرفته 10فاإلقتصار على مقياس الجهل لقيام ركن حسن النية
يجعل منها غطاءا لصالح المغفلين أكثر مما هو في صالح األشخاص العاديين .تبعا لذلك
يصبح لحسن النية معنى سلبي ،فالشخص حسن النية هو شخص مغفـّل .11ومهما يكن من
أمر فإن حسن النية مفترض حسب الفصل 558م إ ع وهذا ما أكدته محكمة التعقيب وعلى
من يدعي عكس ذلك إثباته .
وتعود أصل حماية الغير حسن النية إلى القانون البروسي المؤرخ في 05ماي 1875
وإلى فصله التاسع على وجه الخصوص ،وهذا القانون خالفا لعدة تشاريع ال يحمي إال الغير
الذي إكتسب حقوقا بعوض .فافتراض حسن النية أو سوئها هو السجل العقاري وليس
الشخصي فتضمن السجل العقاري ل وجود نزاع حول حق مرسم يصبح معه الغير غير متمتع
بصفة حسن النية أي الجهل بوجود النزاع وفي هذا اإلطار يمكن ذكر القيد اإلحتياطي الذي
يحمي أصحاب الحقوق من خطر الغير حسن النية .وقد أكدت محكمة التعقيب هذا التوجه
من خالل القرار عدد 58المؤرخ في 09جوان 1975الذي نص على أن ":المراد بحسن
النية هنا أن يكون المشتري ال يعلم وقت شرائه بوجود شراء قبله لما إشتراه" كما بينت
محكمة التعقيب مفهوم الغير في قرارها عدد 3151المؤرخ في 25ماي 1981أن ":المراد
بالغير هو كل من إنجر لهم حق بوجه خاص أما من إنجر لهم حق بوجه عام كالورثة فال
يعتبرون غيرا" .
نستخلص مما سبق أن القوة الثبوتية المطلقة في خصوص الترسيمات الالحقة اإلدارية
رهينة توفر شروط حسن النية حين التعاقد وإكتساب الحق اعتمادا على الترسيمات الواردة
بالسجل ،وفي غير هذه الحاالت تكون هذه الحجية نسبية .
) 10فضيلة عجالن " :حماية الغير في التسجيل العقاري" مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص السنة الجامعية . 1999 – 1998
ص . 129
) 11محمد جمال الدين زكي "la bonne foi dans l'acquisition des droits" Caire 1953 :ص . 129
17
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
كما تجدر اإلشارة إلى أن الحجية تنحصر في بيانات السجالت العينية وهي التي تكون
موضوع إطالع من العموم بما أن هذه السجالت معدة لإلشهار خالفا لسجالت اإليداع
والسجالت الهجائية وهذا تأكيد على حرص المشرع على موجبات الوظيفة اإلشهارية.
وما يمكن إستخالصه من خالل هذا التحليل للقوة الثبوتية المطلقة حرص المشرع على
جعل الحق المرسم بمثابة الحقيقة المطلقة التي ال تضاهي حقيقة أخرى فهي بمثابة الوسيلة
اإلثباتية الهامة في مواجهة الغير ،و بهذا المعنى أصبح الحق المشهر أداة لمعارضة الكافة .
كما ذهب المشرع التونسي إلى إعتبار الحق غير المرسم الغيا أي ال عمل عليه وال
إعتبار له وهدف السجل العقاري إشهار "الحالة المدنية للعقار والتي تعكس الحالة الواقعية
لكي تكون الملكية العقارية واضحة المعالم و محققة لإلستقرار .وتبعا لذلك كان الرسم
العقاري زيادة ع لى أنه وسيلة إثبات ذات حجية هامة فالرسم يثبت الحق بقطع النظر عن
الصك الذي نقله وبذلك فإن الحق المشهر يعارض به الكافة وهذه المعارضة ال يمكن أن تقوم
إال من تاريخ الترسيم .
يتمتع صاحب الحق المشهر بحق معارضة الكافة فال يمكن لهؤالء المنازعة في ذلك
الحق فالترسيم المتمظهر في حكم التسجيل يشكل الحقيقة القضائية لحالة العقار اإلستحقاقية
بقطع النظر عن الحقيقة الواقعية فال مجال لغير هذه الحقيقة صلب صفحات السجل العقاري،
وفي هذا اإلطار ورد الفصل 373م ح ع فقرة ثالثة الذي أوجب أن الكراء طويل المدة ال
يعارض به مشتري العقار ما لم يقع ترسيمه .فما هي اآلليات التي تم ّكن من تحقيق الوظيفة
اإلشهارية للسجل العقاري ؟
18
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
يمثل اإلشهار الغاية األساسية للنظام العقاري العيني من خالل ضبطه لحق الملكية
12
،وهذه الوحدة تمثل محور اإلشهار العيني والحقوق العينية األخرى في الوحدة العقارية
والعنصر الثابت فيه ،وحيث يتم إشهار الحالة المادية للعقار والحقوق العينية المتعلقة به مع
ذكر أسماء المالكين وغيرهم من أرباب الحقوق العينية ،وهم يشكلون العنصر المتغير في
النظام العيني .واإلطالع على السجل العقاري يعني التطلع أي النظر فيه أو أحد الرسوم
المشرع باهتمام خاص
ّ صها ّ
واإلطالع كآليّة لإلشهار خ ّ المكونة له و قراءة البيانات الواردة فيه
اإلطالع إذ أنّنا نجد ّ
إطالعا مباشر وهو ما سنتناول في المبحث ّ كما و أنّه ميّز بين طرق
األول من هذا الفرع و إطالع غير مباشر وهو موضوع المبحث الثاني.
ّ
اإلطالع على الرسوم العقارية ،من ذلك القانون اللبناني لئن قننت عديد التشاريع ّ
حق
ّ
اإلطالع ،وقد ورد هذا اإلجراء بالمادّة 86من القرار رقم الذي أوجب وضع رسوم مقابل
. 188و كذلك القانون الليبي بالمادّة 94من قانون التسجيل العقاري و نفس الموقف سلكه
المشرع
ّ المشرع المغربي بالفصل 35من القرار الوزاري المؤرخ في 4جانفي ،1915إالّ أن
ّ
ّ
اإلطالع. التونسي لم يسلك هذا المنهج ولم يقنّن حق
فإن إدارة الملكيّة العقاريّة فسحت المجال ل ّكل من يريد
رغم هذا الغياب التشريعي ّ ،
ّ
اإلطالع على الرسوم العقارية و قد جعلت هذا الحق غير مقيّد بشروط ،فلم تشترط ال المصلحة
وال الصفة و هذا يؤ ّكد الحرص على تحقيق الوظيفة اإلشهاريّة للسجل العقاري .وقد جعلت
ّ
اإلطالع خاضع إلجراءات إدارية بسيطة. هذا
ّ
اإلطالع يكون ملزما بتقديم مطلب كتابي أو شفاهي إلى العون المشرف على فطالب
ّ
اإلطالع ،الذي يتولى التثبّت من وجود الرسم العقاري بالمكان الم ّخصص لحفظ الرسوم قاعة
) 12لم يعرف المشرع الوحدة العقارية وعرفها بعض الفقهاء بكونها كل قطعة محدودة من األرض تقع في قسم مساحي واحد ،مع ما يدخل في
تكوينها كالمناجم والمحاجر والمنشآت أو المزروعات التي تعتبر متممة لها بشرط أن تكون مملوكة لشخص واحد ،أو عدة أشخاص على الشيوع وال
يفصل جزء منها على سائر األجزاء فاصل من ملك عام أو خاص وال يكون لجزء منها أو عليها من الحقوق ما ليس لألجزاء األخرى أو عليها
19
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
العقاريّة ،و إذا ما تبيّن وجود الرسم موضوع المطلب فإنّه يشير على الطالب تعمير إحدى
إستمارتين موجودتين لديه بحسب ما إذا كان شخصا ماديّا أو ذاتا اعتباريّة ،ث ّم يقوم بتعمير
اإلطالع المعدّة في نظيرين فيمضيهما الطالب ث ّم يحيلهما العون المكلّف بقاعة
ّ مطبوعة مطلب
ّ
اإلطالع و يمضي النظيرين ثم يعيدهما ّ
اإلطالع إلى وكيل التقابيض الذي يستخلص معلوم
و المطبوعتين بعد إعادة إلى العون المشرف على قاعة الرسوم و يسلمه الوصل
ّ
اإلطالع اإلطالع و يتسلّم الرسم العقاري و يمكنه الجلوس بقاعة
ّ سحبهما من عون قاعة
ّ
اإلطالع. ليتولى قراءة ما شاء منه تحت إشراف العون المكلف بقاعة
ّ
اإلطالع على الرسوم نص الفصل 387جديد م ح ع على واجب التمكين من
و قد ّ
العقارية بمقتضى القانون عد 35لسنة ،2001و بالتالي ّ
فإن هذا القانون لم يأت بجديد بل
كرس ما جرى به العمل بإدارة الملكية العقارية فلم يشترط هذا القانون توفر المصلحة في
ّ
ّ
اإلطالع حقا مطلقا غير مقيّدا حق ّ
اإلطالع ،ولم يشترط أيضا األهليّة و تبعا لذلك كان ّ طالب
بشروط معيّنة.
المشرع التونسي على إشهار مضمون السجل العقاري من خالل
ّ هذا ما يفسّر حرص
ّ
اإلطالع في متناول ك ّل النّاس فيمكنهم ذلك بمجرد التصريح بإرادتهم بصفة كتابيّة جعل ّ
حق
بمجرد القيام ببعض اإلجراءات اإلداريّة السهلة.
ّ أو شفاهيّـة و
ّ
اإلطالع بمتناول العموم يؤدي إلى أن أصل الرسم العقاري أصبح بيد و لكن جعل
المتعاملين و تحت سلطتهم الماديّة المباشرة ،وهذا ما يجعل الرسم العقاري عرضة للتمزيق
أو الشطب أو التغيير أو غير ذلك من أساليب التدليس فهل أوجد القانون وسائل معيّنة لحماية
البيانات الواردة بالرسم العقاري؟.
اإلطالع على مجلّة الحقوق العينية يؤدي بنا إلى القول أنّه ال يوجد إال فصل وحيد
ّ ّ
إن
يجرم ك ّل تدليس أو تقليد أو تغيير في الرسوم العقارية .وقد وضع
وهو الفصل ، 405والذي ّ
المشرع هذه الجرائم ضمن تطبيقات الفصلين 175و 177من المجلّة الجنائيّة و لكن القانون
ّ
تسول له نفسه
الجنائي له صبغة عقابيّة لتحقيق المحافظة على النظام العام ولردع كل من ّ
مجرم في إطار المجلّة الجنائيّة و لكن للحماية و جب إتخاذ إجراءات وقائية إلى
ّ إتيان أي فعل
جانب اإلجراءات و التدابير العقابية.
20
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
21
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
ّ
اإلطالع المباشر على الرسوم العقارية ،ووسائل إطالع غير مباشر من ذلك تسليم جانب
اإلدارة لشهادات تقيمها و ترسّمها و سنكتفي بذكر أه ّمها.
نجد في إطار هذه الشهادات ،شهادة الملكيّة العقاريّة و التي تقام أساس على الرسوم
العقارية وهي تتض ّمن أساسا تشخيص العقار موضوع الرسم تحديد بيان أسماء المالكين بصفة
مسترسلة مع تحديد نطاق ملكيّة ك ّل منهم من خالل بيان إن كانت الملكيّة مكتملة األركان أو
ملكية رقبة فقط و تحدّد شهادة الملكية التحمالت الموظفة على العقار بذكر أنواعها كالرهون
تخص كامل العقار أو مناب منه فقط و
ّ ّ
الحق و بيان إن كانت هذه التحمالت و شرط إسقاط
ّ
الموظف عليه التح ّمل مع ذكر المستفيدين من هذه التحمالت في هذه الحالة وجب ذكر المناب
فالعون الذي يع ّد شهادة الملكيّة يكتفي بنقل تلك البيانات من خالل دراسته لمضمون الرسم
العقاري.
ولكن هذه العمليّة رغم بساطتها على درجة كبيرة من األهميّة ذلك أن العون وجب
عليه التثبّت من الوضعيّة القانونية و الماديّة للعقار في وقت تقديم المطلب لتكون شهادة الملكيّة
مرآة عاكسة لحقيقة العقار فيجب عليه كذلك التأ ّكد من مالكي العقار و إنتقاالت الملكيّة التي
ّ
الموظفة على العقار و أصحابها. يخص التحمالت
ّ حصلت و كذلك الشأن فيما
ينص بشهادة الملكيّة إال على الحقوق
ّ تتعلّق المسألة بتحيين الوضعيّة الماديّة للعقار فال
وأصحابها الثابتة في ذلك التاريخ فإذا ما وجد بيعا قد وقع بمقتضاه إستخراج الجزء المبيع
فينص العون بشهادة الملكيّة على تلك العمليّة مع ذكر المساحة الجديدة للعقار
ّ برسم مستقّل
موضوع الرسم العقاري بعد استغالل الجزء المبيع برسم جديد ،و المالحظ ّ
أن هذه الشهادة
ال تسلّم إال لمالك العقار موضوع الرسم وتبعا لذلك فهي ال تدخل في إطار الشهادات المعدّة
لتحقيق الوظيفة اإلشهاريّة خالفا لذلك نجد شهادات الترسيم و التي تشمل الرسم و غيره من
و شهادة التـنصيص و الكتابات و لذلك فإنّنا نجد ثالثة أنواع من الشهادات ،شهادة الترسيم
شهادة التشطيب وكل شهادة تقتصر في مضمونها على العمليّة المذكورة وتاريخ إنجازها.
و تجدر اإلشارة إلى أن التنقيح التشريعي بتاريخ 17أفريل 2001ضمن القانون عدد
35لسنة 2001والذي نقّح الفصل 378م ح ع ألغى العمل بأغلب الشهادات التي كانت تنّص
عليه صبغته القديمة و لم يعد العمل في إطار اإلدارة الملكية العقارية العمل جاريا إال بشهادات
22
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
الملكية وعدم الملكية و نسخ الرسوم العقارية أما شهادة عدم المل ّكية وجداول حوصلة الحقوق
العينية وهما صنفان من الشهادات أصول نظام اإلشهار لشخصي ذلك أنهما تستندان عل
بيانات الفهارس الهجائيّة التي تمسكها إدارة الملكيّة العقارية بصورة ثانوية و تكميليّة.
تتض ّمن شهادة عدم الملكيّة إشهاد إدارة الملكية العقارية بعدم تملّك شخص ما بعقار
مسجّل وفي المقابل تتض ّمن شهادات جداول حوصلة الحقوق العينيّة وجود عقارات مسجّلة أو
حقوق مرسّمة بإسم شخص معيّن.
المكلف بهذه المه ّمة يتولّى البحث في
ّ أ ّما كيفيّة إعداد هذين الشهادتين ّ
فإن العون
الفهارس الهجائيّة السابق ذكرها عن إسم المالك ولكن العمليّة تتطلّب تحيين هذه الفهارس
مستمرة ومنتظمة لتكون البيانات معيّنة و حقيقيّة.
ّ بصفة
لئن لم يجز القانون التونسي العقاري على غرار القوانين المقارنة تسليم الرسوم
العقاريّة تحقيقا للوظيفة اإلشهاريّة فقد أجيز إلدارة الملكية العقارية تسليم نسخ مطابقة لألصل
من الرسوم العقارية حسب الطلب و هذا رغم غياب نص تشريعي يجيز ذلك صراحة ،و قد
كانت اإلدارة تستند في تسليم هذه النسخ إلى الفصل 387م ح ع الذي ورد بها أن مدير
بحق عيني فالنّص
ّ الملكية العقاريّة يتولّى تسليم نسخ حرفيّة من جميع التنصيصات المتعلّقة
المشرع التونسي تفادى
ّ هنا لم يشر بصفة صريحة أو ضمنية إلى نسخة الرسم العقاري إال أن
هذا الغياب التشريعي م ن خالل التنقيح التشريعي بمقتضى القانون عدد 35لسنة 2001
كرس صراحة واجب تسليم نسخة من الرسم العقاري.
المؤرخ في 17أفريل 2001و الذي ّ
وتجدر اإلشارة إلى أن التشاريع العربيّة المقارنة لم تجز صراحة أو ضمنيا تسليم نسخ مطابقة
لألصل من الرسوم العقاريّة من خالل قانون السجل العقاري الليبي الذي يجيز في المادّة 94
ّ
موظفي المحافظة ّ
اإلطالع على عين المكان على الرسوم وبحضور أحد منه تمكين العموم من
ّ
اإلطالع في أيّام محدّدة من األسبوع كما أباح الحصول على مختلف الشهادات و قد حدّد هذا
المنصوص عليها قانونا .أما المشرع المغربي فلم يعطي المسألة أهميّة كبرى و إكتفى باإلشارة
إلى تحقيق الوظيفة اإلشهارية وآليات تلك الوظيفة للكناش العقاري في المواد ،37 ،36 ،35
مكرر من القرار الوزاري المؤرخ في 04جوان 1915وقد اتّسم هذا القرار
،39 ،38و ّ 39
ّ
اإلطالع ،و تتمثل أساسا في بغموض جعل المحافظ العقاري المغربي يضع قيودا على ّ
حق
23
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
) 15حامد النقعاوي " الوجيز في قانون السجل العيني " ص 329دار الميزان للنشر سوسة تونس طبعة أولى 2002
) 16نفس المرجع السابق ذكره.
24
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
العقاري من القاعة المخصصة للرسم و عادة ما يوجد لدى العون المحقّق أو المراجع و بالتالي
ّ
فالتفطن إلى وجود العمليّات الجارية يسيرا و في هذه الحالة تحال النسخة إلى المدير الجهوي
بعد ختم كل صفحة من صفحات الرسم بالطابع الذي يثبت وجود عمليات جارية و تسليم
قائمتها ليتولّى إمضاءها.
المشرع التونسي كان حريصا على تحقيق
ّ في ختام هذا المبحث الثاني يمكن القول ّ
أن
المشرع وجعلها
ّ كرسها
اإلطالع و التي ّّ الوظيفة اإلشهارية للسجل العقاري من خالل أهميّة
ّ
بالحق ّ
المتعلقة ّ
اإلطالع كما وأنّه أوجب تسليم ك ّل البيانات مطلقة دون تحديد بشروط طلب
العيني و قد قامت إدارة الملكيّة العقاريّة بواجب هام من خالل تسليم أنواع عديدة من الشهادات
والتي كانت في إجراءاتها على قدر من البساطة.
تجدر اإلشارة إلى أن الترسيم الذي يقوم بالوظيفة اإلشهارية لما بعد صدور الحكم
بالتسجيل عرف تقهقرا ،إذ أن الرسوم العقارية أصبحت عاجزة عن عكس الحالة اإلستحقاقية
و الواقعية للعقار .إن الرسم يعتمد نشر المعلومات الحقيقية و الواقعية بإشهار هوية العقار
373م ح ع إال دون اإلهتم ام بهوية األشخاص ،و ما التنصيصات الواردة بالفصل
تأكيدا على ذلك .
إذا ما أصبح الرسم العقاري يتضمن معلومات منقوصة خاصة و أن النقص قد ضرب
مبدأ هاما من المبادئ العينية و هو مبدأ التسلسل المنصوص عليه بم ح ع فنجد حلقات تمثل
إنتقاالت للملكية لم يقع التنصيص عليها بالرسم العقاري.
و تبعا لذلك كانت الوظيفة اإلشهارية للسجل العقاري محدودة األمر الذي يدعوني إلى
تخصيص الجزء الثاني من هذه الرسالة لبيان تلك الحدود.
25
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
) 1محمد كمال شرف الدين التطور التاريخي لنظام العقاري التونسي التسجيل واإلشهار ()1985/1885
26
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
المجمدة والتي سأتناولها بالدرس في فرع أول من هذا الجزء الثاني .فما معنى رسوم مجمدة؟
ومتى ظهرت هذه الظاهرة؟ وما مدى خطورتها على تواصل إستقرار المعامالت؟
وحرصا من المشرع التونسي على ضمان اإلشهار وهو الهدف األساسي واألمثل
لنظام التسجيل العقاري من خالل ما يقوم به من دور إعالمي ،ضمانا للمحافظة على حقوق
كل من له عالقة بالعقار المراد تسجيله .كل ذلك في إطار الشفافية ووضوح المعامالت
العقارية بصفة مسترسلة كما وقع بيانه في الجزء األول من رسالتي هذه.
وباسم هذه اإلعتبارات تدخل المشرع التونسي من خالل قيامه بوضع حلول تحسينية
وإصالحات للقضاء على ظاهرة الرسوم المجمدة والتي تمظهرت من خالل قوانين آمرة
وتنقيحات على درجة من األهمية تجعلني أخصها بالفرع الثاني.
27
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
بادئ ذي بدء تجدر اإلشارة إلى أن للرسم المجمد تعريفان ،إذ نجد تعريفا مضيقا وآخر
موسعا.2
)2أنظر محمد كمال شرف الدين "مبدأ المفعول المنشئ للترسيم في قوانين 4ماي : 1992المجلة القانونية التونسية 1993ص " 103
28
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
29
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
وقد أكد الدارسون أن نسبتها تفوق ،%60ذلك أن دراسة 1986بينت أن هذه النسبة
17
وهذه النسبة تمثل عدد الرسوم المجمدة من مجموع الرسوم والذي يقدر ب 152800رسما
ناتجة عن العيوب التي تحتويها الملفات .وفي سنة 1988قدّرت عدد الرسوم المج ّمدة بـ
152800رسما من مجموع 254671رسما.
ّ
إن ظاهرة الجمود تفاقمت وأصبحت معضلة تشل اليوم أكثر من % 90من عدد
الرسوم العقارية .وقد مثلت هذه المعضلة محور إهتمام الباحثين ،ورجال القانون المهتمين
بالقانون العقاري التونسي .وقد تمظهر ذلك في مئوية القانون العقاري التونسي ،والذي إحتفل
18
بها في أفريل 1987إذ ذهب جل الفقهاء المتدخلين في ملتقى مئوية التسجيل العقاري بتونس
إلى ضرورة معالجة مرض و"داء " الرسوم المجمدة بل هناك من وصف هذه الظاهرة بمرض
الموت و"مرض السرطان" و"قتل الشيخ" و"جنازة القانون العقاري".19
وقد تمخض عن أعمال هذا الملتقى الذي بين النقائص التي يعاني منها القانون العقاري
التونسي على مستوى تنظيم السجل العقاري خاصة مع ما وقع إعالمه من أرقام مفجعة
للرسوم المجمدة ،والتي جعلت رجال القانون يوجهون نقدا الذعا لمبادئ القانون العقاري
التونسي .ونتيجة لذل ك إتجهت النية إلى مراجعة أصل نظام التسجيل العقاري الذي تميز
بالبطء في اإلجراءات والتكلفة الباهضة زيادة على التعقيد مع اإلرتكاز على إجراءات إدارية
تمكن من إقامة رسم عقاري وبالتالي تمام أعمال التسجيل في أجل ال يتجاوز 15سنة.
ونتج عن هذه اإلستشارة الموسعة تكون لجنة خاصة بوزارة العدل 20لدراسة المسألة
لتبيين أسباب تفشي "داء " الرسوم المجمدة قصد تقديم مقترحات إستنادا إلى المعطيات القانونية
والواقعية المتصلة بالرسوم المجمدة والملفات المعطلة من خالل دراسات ميدانية وقع اإلرتكاز
عليها .ولكن عالج أي "داء " يتطلب معرفة أسبابه والدواعي التي أدت إلى ظهوره كي يكون
الدواء ناجعا.
) 17ملتقى مئوية القانون بتونس نظمية كلية الحقوق والعلوم االقتصادية والسياسة بسوسة أيام 10-9و 11أفريل 1987بسوسة ،نشر كلية الحقوق
والعلوم االقتصادية والسياسة بسوسة .
) 18مئوية التسجيل العقاري بتونس ملتقى نظمته كلية الحقوق والعلوم االقتصادية والسياسية بسوسة بالتعاون مع إدارة الملكية العقارية بمناسبة مرور
مائة سنة على بعث دفتر خانة لألمالك العقارية أيام 11-10-9أفريل 1987بسوسة نشر كلية الحقوق والعلوم االقتصادية والسياسة بسوسة
) 19األستاذ العربي هاشم التقرير اإلنتمائي لملتقى مئوية القانون العقاري 1987
) 20ترأس اللجنة السيد حسن الممي "قاض" وشملت خاصة السيدة روضة الساحلي "قاضية" والسادة موسى الشنوي وفرحات الراجحي ومحمد
المنصف الزين وصالح الدين الضميري ومحمد الحبيب بن عبد السالم وحمدي مارس موظفين
30
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
) 21السيد علي كحلون " التحسين العقاري وأثره على المفعول المنشئ للترسم " .
31
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
ضمانات وعدم إحترام مبادئها و ضوابطها ،ينعكس سلبا على عملية التسجيل ومن شأن ذلك
أن يوفر ظرفا مالئما لنشأة العقار مجمدا منذ البداية ،كأن يصدر حكم التسجيل باسم المجموعة
فيما يخص األراضي اإلشتراكية ،أو باسم المتوفي في حالة العجز في العثور عن حجج
الوفيات والحاال ت المدنية .وهذه الصور وغيرها ينتج عنها والدة الرسم العقاري منذ البداية
مجمدا.
) 2عدم إحترام مبادئ نظام السجالت العينية :يعتبر هذا السبب من األسباب الرئيسية إن لم
نقل إنه محور جمود الرسوم وسببه الوحيد .فالنظام العيني يقوم على خمسة مبادئ أساسية،
ومتناسقة ،ومكملة كل واحدة منها لألخرى .و تبعا لذلك ال مجال للتخلي عن أحد تلك
المبادئ ،أل ن في التخلي عن إحداها تخل عن جميع المبادئ األخرى .والمتأمل للقانون
العقاري المعتمد سنة 1885يالحظ أنه لم يعتمد كل مبادئ القانون العيني إذ تخلى عن أهمها
وهو المفعول المنشئ للترسيم بدعوى المحافظة على المبادئ المدنية وتبنى في المقابل
المفعول النسبي للترسيمات اإلدارية الالحقة.
وقد ساهم هذا الوضع في إضعاف السجالت وفقدانها لقوتها وأدى العمل بهذا النظام
العقاري المنقوص إلى إطمئنان المتعاملين إلى الحقوق المنشئة بمقتضى اإلتفاق ،لذلك بقيت
إجراءات الترسيم من آخر إهتماماتهم .وبمجرد تعرضهم ألي صعوبة مهما كانت ضئيلة
يتراجع عن القيام با لترسيم ،ومن هذا المنطلق مثلت طول اإلجراءات سببا آخر لإلمتناع عن
تسجيل المعامالت العقارية.
) 3طول إجراءات التسجيل :تتميز اإلجراءات باإلمتداد زمنيا على مدى سنوات متعددة،
فرغم محاوالت إدارة الملكية العقارية من اإلستجابة للطلبات في أسرع األوقات ،إال أن بعض
و حجمه الملفات تتطلب الكثير من الوقت بحكم مبدإ الشرعية في الترسيم ،و ضغط العمل
.
وتساهم هذه الظاهرة بشكل هام في جمود الرسوم العقارية ، 22غير أن هذه األسباب
المتعلقة بالتنظيم على مستوى السجل العقاري على أهميتها ،ليست الوحيدة المتسببة في تفشي
ظاهرة الرسوم المجمدة ،ذلك أننا نجد أسباب ال تقل عنها أهمية وهي األسباب العامة.
) 22علي كحلون "التحين العقاري وأثره على المفعول المنشئ للترسيم الصفحلت 10غلى . 14
32
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
23
) Chafedine Mohamed Kamel les droit des tiers et les actes translatifs de propreté immobilière thèse faculté de
droit et des sciences politiques de Tunis 1990page 168 et survient
33
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
المسحي يملكها أفراد من ذوي الدخل المتوسط أو الضعيف لذلك نجدهم عاجزون عن تسديد
تلك المبالغ إلجراء العمليات الفنية ،بل نجد أن هؤالء األشخاص يتحاشون القيام بتسجيل
معامالتهم العقارية هروبا من إرتفاع تكاليف العمليات الفنية إضافة إلى ّ
أن مطلب الترسيم قد
يتطلب تدخل عدّة محاكم مما يقلص حظوظ ترسيم تلك اإلتفاقات.
)3توزيع إختصاص السجل العقاري بين المحاكم :قد تقتضي إجراءات الترسيم ،تدخل
محاكم الحق العام والمحكمة العقارية وحتى بعض الجهات اإلدارية وإن كان هذا التدخل يقع
بصفة مباشرة أو غير مباشرة ،وهذا الواقع أدى إلى وجود بعض القرارات المتناقضة والتي
تهرب األشخاص من كثرة الهياكل القضائية
قللت إمكانية ترسيم الرسوم والكتائب نتيجة ّ
المتد ّخلة.
لم يكن التحيين من أهداف الفرنسيين ،فقد وضعوا أسس القانون العقاري لغاية تمرير
الملكية بأيدي الفرنسيين بواسطة آليات القانون العقاري المستحدث .لكن المشرع التونسي
أحس بخطورة الرسوم المج ّمدة باكرا وحاول معالجتها في إطار إعادة هيكلة إلدارة الملكية
ّ
العقارية " دفتر خانة " بموجب المرسوم عدد 4لسنة 1964المؤرخ في 21فيفري .1964
ولكن هذه اإلجراءات لم تقضي على هذه الظاهرة التي إستفحلت وأصبحت ته ّم جل الرسوم
العقاريّة إن لم تقل كلها ،مما جعل األصوات ترتفع منادية بنهاية نظام التسجيل العقاري .
إال أن أعمال اللجنة الخاصة لوزارة العدل والتي تناولت منذ تكوينها سنة 1988
مسألة الرسوم المجمدة من خالل دراسات نظرية قانونية ودراسات واقعية وميدانية وقد
تمخض عن أعمالها إجراءات و محاوالت لإلصالح تمظهرت في قوانين تشريعية ،وهو ما
سنستعرض له بالدرس في الفرع الثاني من هذا الجزء الثاني من هذه الرسالة.
34
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
العقارية المسجلة .بحيث تكون هذه الحقوق مرسّمة دوما بأسماء أصحابها إال أن المتتبع لحياة
السجل العقاري منذ نشأته،يتبين أن التوافق المنشود تراجع بصفة ملحوظة في كثير من
الرسوم العقارية التي أصبحت وضعيتها غير مطابقة تماما للواقع وما النسب المخيفة التي
وقع ذكرها في الفرع األول إال دليل قاطع على إستفحال ظاهرة الرسوم المج ّمدة.
وقد جعلت هذه الوضعية المتردية البعض ينادي بإلغاء التسجيل العقاري والرجوع إلى
نظام الملكية غير المسجلة .إال أن المشرع لم ينهج هذا المنهج وخير خيار العالج واإلصالح
وإتخاذ جملة من التدابير واإلجراءات التي ترمي إلى القضاء على ظاهرة الجمود وإرجاع
الحياة إلى الرسوم التي ماتت أو أوشكت على الموت .وقد ت ّم هذا اإلصالح التشريعي بمقتضى
قانون أو تنقيح تشريعي أول في سنة 1992وهو موضوع المبحث األول من هذا الفرع
الثاني وبما أن التنقيح لم يحقق النتائج المرجوة فقد أتبعه بقانون خصه بمسألة التحيين العقاري
والذي صدر سنة 2001وهو موضوع المبحث الثاني من هذا الفرع الثاني من رسالتي.
35
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
) 24ورد هذا المفهوم بالقانون عدد 39لسنة 1992المؤرخ في 27أفريل 1992و هو يتعلق بتحيين الرسوم العقارية و تخليصها من الجمود .و قد
أورد الفصل 13نفس المفهوم الذي أبقى عليه المشرع في القانون عدد 34لسنة 2001المؤرخ في 10أفريل 2001و المتعلق بتحيين الرسوم العقارية
و كان من المفروض اإلشارة إلى تخليص الرسوم العقارية من الجنود تماشيا مع المضمون الذي أورده المشرّ ع بهذا القانون
36
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
37
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
تجدر اإلشارة في نهاية هذا العنصر أن هذا اإلصالح التشريعي المتمثل في القانون
عدد 39لسنة 1992المؤرخ في 27أفريل 1992لم يكن القانون الوحيد ذلك أنه وقع إصدار
بعض القوانين بعده من ذلك القانون عدد 46لسنة 1992المؤرخ في 04ماي 1992والمتعلق
بتنقيح مجلة الحقوق العينية وكذلك القانون عدد 47لسنة 1992المؤرخ في 04ماي 1992
المتعلق بتنقيح الفصل 581م ح ع نتيجة إلستكمال القانون العيني التونسي لمبادئه بتكريس
25
كما مبدأ المفعول المنشئ للترسيم والذي إرتبط في بعض تطبيقاته بإجراءات التحيين
ألحقت هذه القوانين بالقانون عدد 48لسنة 1992المؤرخ في 04ماي 1992والمتعلق بتنقيح
الفصل 204م أ ش وأحدثت هذه القوانين المفعول المنشئ للترسيم وحددت طريقة معينة في
تحرير الرسم الخاضع له.
لئن لم يعلن فشل هذه المحاولة اإلصالحية التشريعية األولى ،فإن عدم نجاعة وفشل
هذه التوجهات قد وقع إقرارها بصفة ضمنية من خالل صدور اإلصالح التشريعي الثاني
والذي تمظهر في القانون عدد 34لسنة 2001المؤرخ في 10أفريل 2001المتعلق بتحيين
الرسوم العقارية والذي أعل ن إلغاء لجان التحيين اإلدارية بمقتضى الفصل 36مع إحالة جميع
المطالب التي وقع تقديمها إليها والتي مازالت منشورة أمام المحكمة العقارية غير أن هذه
المحكمة تستمر في النظر طبق القانون عدد 39لسنة 1992المؤرخ في 27أفريل 1992
في المطالب المحالة إليها قبل دخول القانون عدد 34لسنة 2001المؤرخ في 10أفريل
. 2001كما أقر هذا القانون مواصلة النظر طبق أحكام القانون عدد 39لسنة 1992في
26
.وبهذا الطعون المرفوعة ضد القرارات الصادرة عن اللجان الجهوية لتحيين الرسوم
خص القانون المحكمة
ّ المعنى فإن قرارات لجان التحيين تتسم بالصبغة اإلدارية لذلك فقد
العقارية للنظر في الطعون الموجهة لها حرصا منه على مصالح المتعاملين بالعقارات
موضوع السجل العقاري رغم حصره لحاالت التي يمكن فيها القيام بالطعن.
) 25معلوم ان لجان التحيين تحيل على المحكمة العقارية كل المطالب التي لم تتوصل الى إصدار قرار بالترسيم في شأنها طبقا للفصل العاشر من
القانون عدد 39لسنة 1992المؤرخ في 27أفريل . 1992
) 26معلوم أن قرارات اللجنة نهائية و ال يمكن الطعن فيها إال إذا خالفت أحكام الفصلين 6و 7من القانون عدد 39لسنة 1992المؤرخ في 27
أفريل 1992و ذلك في أجل شهرين من تاريخ اإلعالم القانوني و يرفع الطعن أمام المحكمة العقارية مع واجب الطاعن في إعالم إدارة الملكية
العقارية لذلك الطعن.
38
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
39
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
وكل المعامالت التي تليها مع ترتيب زمني ومع وصف دقيق للعقار ومالكيه .خالف لذلك
فإن التحيين يخص العقارات التي لها رسم عقاري أي عقارات مسجلة لكنها تتصف بالجمود
إذ أن مضمون الرسم العقاري متناقض مع واقع العقار .ومهما يكن من أمر فإن اإلختالف
القائم بين المؤسستين لم يمنع المشرع من تبني التوجه القضائي لكالهما وهو ما يعتبر ميزة
القانون العقاري التونسي ،الذي أسند النظر في مطالب التسجيل والتحيين للمحكمة العقارية و
هي الجهاز المؤهل قانونا في عملية التحيين.
هذا اإلختصاص ليس بالمستحدث ذلك أننا نجد تكريسا له في الفصل 13من القانون
عدد 39لسنة 1992المؤرخ في 27أفريل 1992الذي أسند مه ّمة التحيين للمحكمة العقارية
إذ نص أنه" بصورة إنتقالية ولمدة ثالث سنوات من تاريخ نشر هذا القانون تأذن المحكمة
العقارية سواءا بطلب ممن يهمه األمر أو من اللجنة الجهوية لتحيين الرسوم العقارية
وتخليصها من الجمود وبالتنصيص بالرسوم العقارية على آخر تعديل طرأ عليها وتنظر في
الحالة القانونية والمادية لل عقارات المسجلة من تاريخ إبتداء العمل بهذا القانون كما تأذن
بالتنصيص على سلسلة اإلنتقاالت التي طرأت على العقارات الالزمة"
حافظ القانون عدد 34لسنة 2001على نفس المضمون وقد أورد المشرع بالفصل 5
من نفس القانون المذكور أعاله .فإجراءات التحيين لها صبغة قضائية وهذا التوجه حتم إلغاء
اللجان الجهوية للتحيين التي وقع إنشاؤها بمقتضى القانون عدد 39لسنة 1992.وتبعا لذلك
وقعت إحالة المل فات التي تعهدت بها هذه اللجان للمحكمة العقارية وبذلك أكد هذا القانون
الطبيعة القضائية ألعمال التحيين وهو نفس اإلتجاه الذي أوجب إمكانية الطعن في قرارات
حافظ الملكية العقارية أمام المحكمة العقارية خالفا للتجارب المقارنة التي تمسكت بإجراءات
27
الطعن العادية.
وجبت اإلشارة إلى أن تطبيق قانون عدد 34لسنة 2001المتعلق بالرسوم العقارية
وتخليصها من الجمود إرتبط بالتطبيق التدريجي للمفعول المنشئ للترسيم والذي وقع تكريسه
بقانون عدد 46لسنة 1992المؤرخ في 04ماي 1992ثم القانون عدد 37لسنة 1995
المؤرخ في 1995/04/24وال متعلق بالتمديد في مفعول األحكام القانونية اإلنتقالية المرتبطة
) 27قانون برازفيل و الكنغو تعرض مطالب التسجيل على محاكم الحق العام مع اعتماد طرق الطعن العادية.
40
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
بتحيين الرسوم العقارية ومرة ثانية بمقتضى القانون عدد 30لسنة 1998المؤرخ في 20
أفريل 1998وانتهى أخيرا إألى تطبيق نظام تدريجي و مزدوج لمبدأ المفعول المنشأ للترسيم
و إجراءات التحيين بموجب القانون عدد 34لسنة 2001المؤرخ في 10أفريل . 2001
ومن هنا كان إختصاص المحكمة في الرسوم العقارية المقامة قبل سنة 1998وفي المطالب
الخاصة بالرسوم غير المحينة وهذا اإلختصاص وقتي ينتهي بإنتهاء تحيين الملفات المعطلة
وتطبيق المفعول المنشئ للترسيم .ولكن أين يتمثل إختصاص محاكم الحق العام في القانون
عدد 34لسنة 2001المتعلق بالرسوم العقارية وطريقة تحيينها ؟
نص الفصل 9من القانون المذكور أعاله "لكل شخص إستدعي لدى إحدى محاكم
الحق العام أو لدى اللجنة الجهويّة لتصفية األحباس الخاصة أو المشتركة أن يطلب منها
قبل الخوض في األصل التخلي عن القضية أو المطلب بشرط أن يكون قد قدم بصفة قانونية
مطلبا لدى المحكمة العقارية في حدود نظرها المبين بالفصول السابقة وأن تسعى بإستمرار
في القيام بما يستلزمه النظر في ذلك المطلب"
نالحظ أن المشرع قد أعاد أحكام الفصل 331م ح ع وهو المنظم لتوزيع اإلختصاص بين
محاكم الحق العام والمحكمة العقارية فيما يتعلق باإلختصاص األصلي للمحكمة العقارية وقد
لوحظ بأن هذا الفصل 331م ح ع ال يتناسب والمبادئ العامة للقانون الواردة بمجلة المرافعات
المدنية والتجارية ذلك أن اإلختصاص الحكمي يعتبر من المسائل التي تتعلق بالنظام العام
فهي تدخل في إطار اإلجراءات األساسية وبالتالي فإن من واجب المحكمة أن تتمسك بها من
و تجدر اإلشارة إلى أنه يمكن تلقاء نفسها وتثيرها ولو إمتنع األطراف عن القيام بذلك.
إثارتها في أي طور من أطوار القضية خالفا لمرجع النظر الترابي الذي يهم األطراف
وحدهم والذي ال يمكن إثارته أو الخوض فيه إال قبل الخوض في األصل .وبهذا المعنى كان
من األجدى تمكين األطراف الدفع بعدم اإلختصاص الحكمي في أي طور من أطوار القضية
وإبقاء حق إثارة المسألة من طرف المحكمة من تلقاء نفسها ،لكن المشرع خيّـر اإلبقاء على
أحكام الفصل 331م ح ع وقد يبرر هذا الخيار التشريعي بطبيعة إختصاص المحكمة العقارية
في مسألة التحيين ذلك أنه كما سبق اإلشارة إليه إختصاص محدد في الزمن وفي الموضوع.
41
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
إن القول بوجود تنازع في اإلختصاص بين محاكم الحق العام والمحكمة العقارية ليس
باألمر المستعصي وليس بالخطورة التي تتطلب وجود جهاز قضائي لحسم النزاعات المتعلقة
بتحديد مرجع النظر لكل محكمة على غرار ما هو معمول به في تنازع اإلختصاص بين
محاكم الحق العام والمحكمة اإلدارية . 28إذ يكفي تحديد الشروط الواجب توفرها لكي تتخلى
محاكم الحق العام عن النظر في الدعوى لفائدة المحكمة العقارية و قد وردت في الفصل 9
من القانون عدد 34لسنة 2001وتتمثل هذه الشروط في أن يكون مطلب التخلي قد قدّم قبل
الخوض في األصل أي قبل الجواب على الدعوى لكي يكون المطلب مستقيما قانونيا ووجيها
29
أما الشرط الثاني فهو يتمثل في أن يكون الطالب قد قدم مطلب للمحكمة العقارية في حدود
نظرها و يقع إثبات ذلك بأن يقدم للمحكمة شهادة في نشر القضية تسلم من إدارة المحكمة
العقارية كما وجب أن يسعى الطالب باستمرار في القيام بما يلزمه النظر في ذلك المطلب.
ما يمكن إستنتاجه على مستوى اإلختصاص الحكمي للمحكمة العقارية في مسألة التحيين هو
أن هذا اإلختصاص مطلقا وال يجوز لمحكمة أخرى أن تتدخل فيه ،فهذا اإلختصاص الحكمي
تتمسك به المحكمة العقارية من تلقاء نفسها ودعوى التحيين ال يمكن بأي حال أن تكون من
أنظار محاكم الحق العام ولو في إطار قضية مدنية ،وتبعا لذلك فإن إثارة هذا الدفع ممكن في
كل أطوار القضية ولو كان ذلك أمام محكمة التعقيب لتعلقه بالنظام العام .وقد كان المشرع
متشدد في هذه المسألة للمحافظة على التناسق بين األحكام وتالفي تناقضها فما هو الشأن فيما
يخص اإلختصاص ال ترابي لمطالب تحيين الرسوم العقارية المجمدة .
) 28القانون األساسي عدد 38لسنة 1996المؤرخ في 3جوان 1996المتعلق بتوزيع اإلختصاص بين المحكمة اإلدارية و المحاكم العدلية و
إحداث مجلس تنازع اإلختصاص .
) 29أحمد أبو الوفاء " :أصول المحاكمات المدنية " الدار الجامعية بيروت . 1983
42
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
لكن إنتشار فروع المحكمة العقارية في كل واليات البالد تقريبا جعل المشرع يعتمد
المبدأ العام المنصوص عليه بالفصل 38م م م ت والذي ينص على أن المحكمة المختصة
بالنظر في الدعاوي المتعلقة بالعقار هي المحكمة التي يوجد بدائرتها الترابية ذلك العقار،
وذلك تسهيال لألع مال القضائية للدعوى التي قد تتطلب معاينة العقار .وقد أدى هذا الوضع
بالمشرع التونسي إلى تبني هذا المبدأ العام في القانون المتعلق بتحيين الرسوم العقارية المتسمة
بالجمود ،وقد أورد هذا المعنى بالفصل 4فقرة 2من القانون عدد 34لسنة 2001بالتنصيص
على أن المطلب ي رفع "إلى مركز المحكمة العقارية الكائن بدائرته العقار" ونالحظ في هذا
اإلطار إستعمال المشرع لمصطلح "المركز" عوض "فرع المحكمة العقارية" 30.وهذه القاعدة
تبقى سارية المفعول ولو كان المكلف العام بنزاعات الدولة طرفا في المطلب وذلك خالفا
للقاعدة الواردة بالفصل 32م م م ت والذي ينص على أن الدعوى تكون من أنظار المحاكم
31
و ذلك باعتبار المنتصبة بتونس إذا كانت الدولة طرفا فيها سواء كانت طالبة أو مطلوبة
أن القاعدة الواردة بقانون التحيين هي إستثناء لإلستثناء .
ولكن اإلختصاص الترابي ال يه ّم النظام العام بل إنه يخص األطراف وتبعا لذلك كان
من الممكن القيام أمام المحكمة العقارية بتونس والحال أن العقار يوجد بنابل مثال وال تملك
المحكمة التي تنظر في الدعوى إثارة الدفع بعدم اإلختصاص الترابي قبل الخوض في األصل
على معنى الفصل 18م م م ت فالدفع المتعلق بمصلحة األطراف يبقى لهم وحدهم حق إثارته
في الوقت المناسب أي قبل الخوض في األصل تيسيرا لإلجراءات القضائية للتحيين .فكيف
يت ّم تحيين السوم العقارية المتسمة بالجمود أمام المحكمة العقارية؟ وما هي مميزات هذه
اإلجراءات الوارد تحديدها بالقانون عدد 34لسنة 2001المؤرخ في 10أفريل 2001
والمتعلق بتحيين الرسوم العقارية المجمدة ؟
) 30علي كحلون :التحيين العقاري و أثره على المفعول المنـشئ للترسيم .
) 31القانون عدد 13لسنة 1998المؤرخ في 7مارس 1998المتعلق بتمثيل الدولة و المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية الخاضعة
إلشراف الدولة لدى سائر المحاكم .
43
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
) 32الفصل " 19حق القيام لدى المحاكم يكون لكل شخص له صفة وأهلية تخوال منه حتى القيام بطلب ماله من حق وأن تكون للقائم مصلحة من
القيام" السيد محمد الزين "النظرية العامة لاللتزامات العقد تونس في 1993صفحة 79وما بعده
44
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
أ كثر من المناب الحقيقي ون إدراج فريضة أو تجاوز تلك المنابات كأن تشمل عملية البيع
.و تجدر اإلشارة أن ا لمشرع لم يحصر األسباب الموجبة لتخليص الرسم من الجمود بل
أوردها على سبيل الذكر ال الحصر ويبقى األمر خاضعا لتقدير إ دارة ا لملكية ا لعقارية و
تقدير رئيس المحكمة .
وجب أن يرفع المطلب الصادر عن إدارة الملكية العقارية إلى رئيس المحكمة العقارية بتونس
و لرئيس د ون وجو ب إعالم المعنين فاألمر يبقى خاضعا لنظر حافظ الملكية العقارية
المحكمة قبول المطلب وإحالته إلى دائرة الرسوم المجمدة المختصة ترابيا حسب موقع العقار
موضوع الرسم العقاري أو رفض المطلب على ضوء الملحوظات المقدمة من اإلدارة و قرار
الرفض يمكن طلب تعليله مع وجود إمكانية إعادة المطلب إذا دعت الحاجة إلى ذلك على أن
هذا القرار ال يمكن الطعن فيه.
3 2
في الدعوة أو المعارضة حافظ المشرع على نفس اإلتجاه فيما يخص شروط التداخل
من خالل إشتراط المصلحة فقط دون األهلية و الصفة فالمعارضة هي المنازعة التي تصدر
أما التداخل فيكون من عن أحد األطراف أو الغير في أصل الحق بهدف إستحقاقه
الغير الذي يكون منازعا في الحق موضوع الدعوى .و لقد درج المشرع هذا المدرج فسحا
منه المجال أمام ال شركات واألشخاص المعنوية والسؤال المطروح يتعلق بإمكانية التداخل
أو اإلعتراض دون أن يكون للغير الصفة القانونية كما هي الحالة في إجراءا ت التسجيل
330م .ح .ع من أن للمقدمين و الممثلين القانونين اإلختياري و الواردة بالفصل
واألقارب واألصدقاء ووكيل الج مهورية و حكام النواحي و الوالة صفة القيام باإلعتراض
نيابة عن القصر و الغائبين في آجال محدودة .هذه القواعد مطبقة في مطالب التحيين ذلك
أنه يجري وفق أحكام القانون عدد 34لسنة 2001و حسب اإلجراءات الواردة بمجلة
خاصة و تبقى القواعد العامة سارية ما لم الحقوق العينية .فهذا القانون لم يأت بقواعد
تتعارض مع موجبات إجراءات التحيين .
2مفهوم التداخل في القانون العقاري مختلف عن مفهومه في م م م ت الوارد بالفصلين 224و 225منها فالتداخل حق لكل من له مصلحة ولم
تعرف هذا المفهوم رغم تعدد التنقيحات وورود هذا المفهوم في عدة مواضيع
3يختلف هذا المفهوم عن المفهوم الوارد بالفصول 28و29و226و227و 228م م م ت فهي دعوى تختص بالقيام بها المطلوب لرد دعوى أصلية أو
طلب مقاصة أو طلب غرم الضرر
45
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
أما تقديم المطالب فيكون مبدئيا إلى المحكمة العقارية وبصفة خاصة لكتابة هذه
المحكمة و التي يوجد بدائرتها العقار مع إمكانية تقديم اإلعتراضات لمحكمة الناحية التي
تحيلها للمحكمة صاحبة اإلختصاص الترابي تطبيقا لقوا عد الفصل 324م.ح.ع نص الفصل
األول من القانون عدد 34لسنة 2001على أ ن اإلجراءات الواردة بمجلة الحقوق العينية
تنطبق فيما لم يأت فيه قو اعد و أحكام خاصة .
تقوم اإلجراءات العقارية فيما يخص اإلجراءات المسحية أو اإلختيارية على جملة من
اإلشهارات وقد نقل المشرع جانبا كبيرا منها وسحبها على مطالب التحيين رغم الفوارق
الموجودة بين مطالب التسجيل ومطالب التحيين و هذا التبني يفسر إرادة المشرع و حرصه
على العال نية في مطالب التحيين .فما هي هذه اإلشهارات ؟
بالدفتر المعد لذلك ثم يوجه نظيرين بمجرد تلقي كاتب المحكمة المطلب يتولى إدراجه
ومضمونين منه ،أما األول فيوجه إلدارة الملكية العقارية التي تتولى خالل األسبوع الموالي
إلتصالها به التنصيص على مضمون المطلب بالرسم العقاري و الرسوم العقارية المحينة
كما تضع المطلب ومؤيداته على ذمة العموم بقصد اإلطالع عليها دون مقابل .يقع تضمين
التنصيص تاريخ إجراءه والمحكمة المتعهدة وعدد المطلب وتاريخ تقديمه وموضوعه واسم
الطالب ولقبه ومقره وبيان الحقوق والعمليات المطلوب إدراجها ،ثم تعلم اإلدارة المحكمة
العقارية بإتمام التنصيص وإفادتها بالحالة القانونية األخيرة للرسم العقاري.
أما مضمون المطلب الثاني ومؤيداته فكاتب المحكمة يوجهه إلى مركز محكمة الناحية
الكائن بدائرتها العقار وتوجد مطبوعة خاصة بهذا المضمون ويتولى قاضي الناحية تعليق
مضمون المطلب بمدخل المحكمة ويبقى معلقا لمدة شهرين مع إعالم كاتب المحكمة العقارية
بوقوع ذلك في ظرف 48ساعة .و تتبع نفس اإلجراءات بالنسبة للتعليق ببهو المعتمدية الكائن
بدائرتها العقار والتي يوجه لها كاتب المحكمة مضمون المطلب بمجرد تسلمه فمدة التعليق
بالمعتمدية هي شهرين ويقوم المعتمد في جميع الصور اعالم المحكمة بالتعليق بعد إمضائه
في ظرف 48ساعة.
واإلشهار في إجراءات التحيين تتنوع إذ نجد اإلشهار األصلي ويتم بالتنصيص بالرسم
العقاري والتعليق بمركزي المعتمدية ومجكمة الناحية و هو إجراء وجوبي يمكن للمحكمة في
46
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
جلستها الحكمية أن تأذن بإتمامه إذا تعذر ذلك .وكذلك الشأن بالنسبة للمطلب المقدم من إدارة
الملكية العقارية .ونجد من ناحية ثانية اإلشهار التكميلي والذي تأذن المحكمة بإدراج المطلب
بالرائد الرسمي أو بإحدى الجرائد اليومية.
وتتمتع هذه اإلشهارات بأهمية بالغة إذ أورد المشرع بالفصل 13من القانون عدد 34
لسنة 2001أنه" ال يجوز إلدارة الملكية العقارية إبتداءا من تاريخ التنصيص على مضمون
المطلب بالرسم العقاري مبا شرة أي عملية في موضوعه و عليها أن توجه إلى المحكمة
ملفات المطالب المقدمة إليها في نفس الموضوع مع بيان تاريخ ورودها حسب التنصيصا
ت المثبتة بدفتر مطالب الترسيم أو الشطب "
يبدو للوهلة األولى أن المشرع منع جميع التعامالت على الرسم إذا تعلقت به مطالب
تحيين لكن هذا لم يكن مقصد المشرع بإعتباره أشار إلى المواضيع التي تتعلق بمضمون
المطلب فهناك مواضيع أخرى يمكن التنصيص عليها إذا لم تتعلق بموضوع التحيين
فالعمليات المتعلقة بالقيود اإلحتياطية و اإلعتراضات التحفظية و اإلنذارات وإصالح
األخطاء المادية يمكن إدراجها ولو كان الرسم موضوع مطلب تحيين.
و بهذا المعنى يمكن إلدارة الملكية العقارية قبول جميع العمليات وإدراجها و عدم
التقيد بحضر التعامل على الرسم كلما كانت ال تتعلق بموضوع المطلب و تصبح المسألة
خاضعة للسلطة التقديرية إلدارة الملكية العقارية .أما الصعوبات الواقعية والتي تحول دون
تنفيذ حكم ا لتحيين فترجع بالنظر للمحكمة التي بإمكانها التعديل في الحكم أو الترسيمات
الواردة بالرسم العقاري ومراقبة مدى شرعية إدراج تلك الحقوق .
تقوم إدارة الملكية العقارية بتوجيه المطالب المقدمة إليها في نفس الموضوع مع بيان ورودها
ثم إحالتها فورا إلى محكمة التحيين مع وجوبية بيان تاريخ تضمينها إذ أن هذا التاريخ على
درجة كبيرة من األهمية إذ تتعلق بتقدّم بعض الحقوق على األخرى وتاريخ التضمين معتمدا
في إيداع الحق بعد قبوله مهما تأخرت عملية اإلدراج بالرسم العقاري.
المشرع التونسي في الفقرة األخيرة من الفصل 13من نفس القانون أنه وجب
ّ وقد نص
تضمن الشهادات المسلمة من إدارة الملكية العقارية اإلشارة إلى التنصيصات المتعلقة
47
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
بالمطالب المقدمة في موضوع الشهادات المذكورة و في مقدمة هذه الشهادات نجد شهادة
الملكية التي أوردها الفصل 387م ح ع.
إن أهمية هذه اآلثار ال تنفي وجود السلبية من ذلك مثال حضر التعامل على العقار
موضوع التحيين العقاري فوقف التعامل على الرسم فيه خسارة كبيرة على مستوى التعامل
اإلقتصادي .كما أن المشرع لم يعط لمطلب التحيين حق التقدم القانوني على المطالب الالحقة
ولم يسحب آثار القيود اإلحتياطية من مطلب التحيين ،كما و أنه لم يف ّكر في قيد مطلب التحيين
قيدا إحتياطيا وبقيت في سباق مع المطالب التي قد تأتى الحقا.
تجدر اإلشارة إلى وجود استثناء لمبدأ حضر التعامل على الرسم بمجرد التنصيص
على مطلب التحيين وقد ورد ذلك في الفصل 14من القانون عدد 34لسنة 2000من أنه
يمكن لدائرة الرسوم العقارية المجمدة أو قاضي السجل العقاري كل في حدود إختصاصه
اإلذن بناء على مطلب ممن له مصلح ة بمباشرة العملية المطلوبة لدى إدارة الملكية بعد التحقق
من عدم تعلقها بالمطلب المنشور لدى المحكمة و تقدير مدى تعلق الطلبات بالمطلب المنشور.
إن إدارة الملكية العقارية ترفع يدها عن جميع العمليات و تحيل الرسوم للمحكمة
العقارية و يبقى لكل من له المصلحة الحق في تقديم مطلب أمام قاضي السجل العقاري أو
دائرة تحيين الرسوم المج ّمدة حسب اإلختصاص لإلذن بإدراج الطلبات إذ أنه مطلب مستقل
على المطلب األصلي و تقع اإلجابة عنه بقرار إستيفائي ليست له قوة التنصيصات الواردة
في الحكم .و يقوم التساؤل في هذا السياق عن اإلجراءات الحكمية المعتمدة في التحيين .
ب ـ اإلجراءات الحكمية للتحيين :
هناك هيكلين قضائيين مختصين في مسألة تحيين الرسوم العقارية المج ّمدة فقد جاء
في شرح األسباب أنه ت ّم إحداث قضاء فردي و تكليف قاض مختص بوظائف مشابهة لوظائف
تمس
ّ رئيس لجنة المسح العقاري و تم اإلستناد للقضاء الفردي للبتّ في المطالب التي ال
و مختلف بأصل الحق .هذا القاضي هو جهاز قضائي يبتّ في نوع معيّن من القضايا
عن القاضي المقرر أو القاضي المكلّف اللذان يكونان مكلفان بالبحث فقط.
إستثنى المشرع التونسي اإلجراءات الخاصة بقاضي السجل العقاري من إجراءات
المواجهة إعتمادا على إمكانية إحتجاج على الغير التي تحصر في طلبات اإلشهار القانوني
48
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
لجميع المطالب و بهذا المعنى يصبح قاضي السجل العقاري جهاز قضائي غير حكمي إذ أن
و اإلجراءات أمامه إستيفائية ال تتطلب إستدعاء الطرف المقابل و تباشر بالمكتب
يستجاب للمطلب على ضوء ما قدمه األطراف من ملحوظات كتابية و شفاهية و بذلك تشبه
هذه اإلجراءات المعتمدة في األذون على العرائض .
ّ
الخطة إلى جانب دائرة الرسوم المج ّمدة ال يتعدّى أخيرا يمكن القول أن إحداث هذه
كونه من األمور الصناعية .
تتميّز اإلجراءات أمام دائرة الرسوم المج ّمدة بأنها قضائية إذ أن هذه الدائرة هي صاحبة
اإلختصاص األصلي في اإلجراءات المتعلقة بالتحيين و اإلجراءات أمامها إستيفائية ال تطرح
أي نزاع مع محافظتها على مبدأ المواجهة بين األطراف .
نص الفصل 18من القانون عدد 34لسنة 2001المتعلق بتحيين الرسوم التي تعاني
من الجمود " يتعلق في الطلبات الرامية إلى التشطيب على ترسيم أو إبطال تشطيب أو تعديل
ترسيم أو الحط من الترسيم أو اإلعتراف بحق المغارسي أو قسمة األرض المغروسة .و يقع
إستدعاء المطلوب إلى الجلسة التي تعينها إدارة الرسوم المجمدة طبق الصيغة المعينة
بالفصلين 342و 343م ح ع ويمكن للدائرة إذا لم يبلغ اإلستدعاء حسب الصيغة القانونية
اإلذن باستدعاء المطلوب بمكتوب مضمون الوصول مع اإلعالم بالبلوغ .وقد حدد المشرع
المواضيع والطلبات الخاضعة لمبدأ الموا جهة واستثنى بقية الطلبات المنظورة أمام دائرة
الرسوم المجمدة و لذلك فقد حدد موضع اإلجراءات التنازعية.
أما تعهد قاضي السجل العقاري و دائرة الرسوم المج ّمدة فيقع بمقتضى إحالة من رئيس
المحكمة العقارية أو من ينوبه في أجل شهرين من تاريخ التنصيص على مضمون المطلب
بالرسم العقاري .أما تتشكل دائرة الرسوم المجمدة بمناسبة النظر في المطالب التابعة لكل
فرع و هي التي تنظر في بقية الملفات العادية والمسحية .
تتركب هذه الدائرة من وكيل رئيس وقاضيين.
كما حدد الفصل 17من قانون التحيين لسنة 2001الوسائل التحضيرية إذا يأذن كل
من دائرة الرسوم العقارية وقاضي السجل العقاري بالتخليصات الالزمة ويأذن كل فيما يخصه
بما يراه من الوسائل التحضيرية كاإلختبار والبحث والتوجه على العين وأخذ رأي إدارة
49
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
الملكية العقارية كما يمكن لهما طلب أي وثيقة صالحة من كل اإلدارات والمؤسسات العمومية
أو الخاصة أو أي شخص مادي و يمكنهما اإلذن بإقامة المثال النهائي أو تعديله عند اإلقتضاء
مع إشتراط المبادئ العامة العقارية.
و قد تلجأ المحكمة إلى تعيين خبراء سواءا في قيس األراضي أو في الفالحة وتعيين
الخبير وواجباته والتزاماته وآجال تقديم التقرير وإجراء الفسخ يكون على معنى الفصل 101
م م م ت وما بعده و القانون عدد 61لسنة 1991المؤرخ في 23جوان 1991المتعلق
بالخبراء .إن اإلذن في إنتداب الخبير يكون من قاضي السجل العقارى أو من دائرة الرسوم
العقارية و يقوم األطراف أو األحرص منهم تسبقة المصاريف الالزمة .أما في ما يخص
البحث فإن قاضي السجل العقاري يتولى انهاء البحث مع إمكانية تعيين غيره ،خالفا دائرة
الرسوم المجمدة التي تكلف أحد أعضائه ا مع تشريك القضاة في فصل القضايا من خالل
دراسة الملف و إعداد التقارير والتحريرعلى األطراف لتوضيح المسائل الغامضة والتحرير
على الخبير و سماع من تخشى المساس بحقوقه و اإلطالع على ملفات التحيين األخرى مع
الترخيص للغير في اإلطالع على الملف و أخذ صورة منه ،كما يمكن التوجه على العيب
وهي أساس اإلجراءات في التسجيل للتأكد من شمول الكتب لكل العقار أو إذا ما تعلق األمر
مثال بحق مغارسي و التحقق واقعيا من إطعام األ شجار.
أما في ما يخص أخذ رأى إدارة الملكية العقارية فهو من قبيل اإلستحسان في جميع
الصور وال يقيد المحكمة فالمهم إحترام اإلجراءات بقطع النظر على اإلختصاص .ذلك أن
المحكمة العقارية ال يمكنها تجاوز الملفات العقارية المفقودة وهي المعظلة التي تعطل إجراء
التحيين ،ذ لك أن مفهوم التخليص ال يعني إمكانية التجاوز كما ورد تحديده بالفصل 6من
قانون التحيين لسنة . 2001إن المحكمة مقيدة بعدم سريان الحيازة على العقارات المسجلة و
هي مدعوة إلحترام مبدأ التسلسل في الملكية .و تبعا لذلك يصبح للجمود تحديات تفرض
اللجوء إلى أحكام إستثن ائية حتى تكون للمحكمة سلطة مطلقة في إجراءات البحث و نتبيّن في
هذا السياق ضرورة طالق يد القضاء سواء كانت مجلسيّة أ و فردية قصد تحقيق اليقين.
تقوم المحكمة بالتثبت من شكليات المطلب ومن وجود المصلحة في القيام و التثبت من
بيانات المطلب و الوثائق المصاحبة و قيام أعمال اإلشهار التي وضعت على كاهل كاتب
50
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
المحكمة فهو المسؤول على إجراء هذه اإلشهارات مع وجوب مراعاة األجل في الحكم وهو
شهر من تاريخ إدراج التنصيص المتعلق باإلشهار األصلي و اإلشهار الجديد أو التكميلي
بعد التنصيص على مطلب التحيين األصلي بالرسم العقاري ذلك أنه من المحبذ اتخاذ القرارات
في أقرب اآلجال.
تجدر اإلشارة إلى أن اختصاص قاضي السجل العقاري يكون بصفة مدققة فهو ينظر
في المطلب الذي يخلو من كل معارضة قبل صدور الحكم و إال يقوم القاضي بالتخلي عن
النظر في المطلب لفائدة دائرة الرسوم المجمدة التي هي صاحبة اإلختصاص األصلي ،أما
التخلي فيقع عن طريق إذن من رئيس المحكمة العقارية أو من ينوبه الذي يأذن بإحالة الملف
على الدائرة.
و أما دائرة الرسوم المجمدة فإنها ال تتخلى لفائدة قاض السجل العقاري ذلك أنها صاحبة
اإلختصاص العام كما سبق اإلشارة إليه و تبعا لذلك فإنه في صورة التخلي لفائدتها ال يحق
لها الرفض ذلك أن لها نظر شامل في عملية التحيين إحتراما للمبدأ العام القائل بأن من أمكنه
األكثر أمكنه األقل.
و الجدير بالذكر أنه يمكن ضم المطالب لبعضها بعض إذا كانت مرتبطة ببعضها نظرا
و الجزائي. لوحدة الموضوع و األطراف و السبب و لكن هذا يختلف عن الضم المدني
المشرع
ّ ّ
إن أهمية هذا الموضوع لما فيه من خصوصية على مستوى مطالب التحيين لم تدعو
إلى ضبط مدلول و حدود هذا الضم و إكتفى بتكريس المبدأ بالفصل 22من القانون عدد34
لسنة " 2001تحكم ولو دون طلب بضم القضايا المرتبطة عند اإلقتضاء" و كان من الجدير
تحديد مفهوم اإلرتباط وصوره.و نبقى بهذا المعنى السلطة التقديرية واسعة للمحكمة في إثارة
مواطن الربط و القضاء تبعا لذل ك بضم المطالب لبعضها بعض وهو إجراء ضروري إذا ما
تعلقت مطالب التحسين برسم عقاري واحد.
يمكن للمحكمة رفض المطلب إذا لم يقدم الطالب الوثائق المطلوبة أو تقاعس عن
اإلستجابة لألحكام التحضيرية وهذه اإلمكانية غير مخولة لقاضي السجل العقاري الذي في
حالة استعصاء األمر يحيل المطلب على دائرة الرسوم العقارية و قد كان من األجدى إلزام
دائرة التحيين عدم القضاء بالرفض ألن غاية قانون 2001تحيين الرسوم العقارية المجمدة
51
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
و أما في صورة الرفض فالحالة تبقى على ما هي عليه و ينتج عن ذلك عدم تغيير طبيعة
الرسم لذلك كان من واجب المحكمة عدم اللجوء لرفض مطالب التحيين إال في حالة
اإلستعصاء المطلق.
أما إذا ما استجابت الهيئة القضائية للمطلب فهي تصدر حكما بالترسم كل حسب حدود
إختصاصه .فإذا ما كان قاضي السجل العقاري مختصا بالنظر في المطالب الرامية إلى
تصحيح الوثائق المقدمة للترسيم كتدارك السهو أو النقص أو الغلط أو الخلل أو عدم تطابق
البيانات أو التنصيصات أو اإلرشادات أو اإلمضاءات كما ينظر أيضا في المطالب الرامية
إلى تحرير الفرائض حسب ما يرد في الرسم العقاري.
أما إدارة الرسوم العقارية فإن إختصاصها الحكمي ممتدا فهي تقضي بترسيم الكتائب
المقدمة كما تأذن لحافظ الملكية العقارية بإدراج تنصيصات محددة إلى جانب القضاء بإبطال
و تقسيم األرض التشطيب أو ضبط منابات إستحقاقية أو اإلعتراف بحق المغارسي
المغروسة و تأ ذن بترسيم الحقوق الناشئة عن حل األحباس.
ثم تقوم المحكمة العقارية بختم إجراءات التحيين وهي وسيلة مستحدثة في القانون
عدد 34لسنة . 2001هذا اإلجراء يعني إستيفاء الشكليات المطلوبة و نهاية األعمال القانونية
واإلجرائية و يشترط لقيامه شمول التحيين لكامل الرسم العقاري موضوع المطلب أو الذي
نشأ عنه إحداث رسم عقاري جديد.
نص المشرع بالفصل 24من القانون عدد34
أما فيما يخص تنفيذ الحكم العقاري فقد ّ
لسنة 2001على الطريقة التقليدية في تنفيذ األحكام العقارية فال وجود ألحكام جديدة وقواعد
مستحدثة إال فيما يتعلق وجوب إعالم إدارة الملكية العقارية في صورة الحكم برفض المطلب
بقطع النظر إن كان المطلب مقدم من طرف األشخاص أو من حافظ الملكية العقارية على
معنى الفصل 11من هذا القانون و اإلعالم يكون بمكتوب عادي ما دام المشرع لم يشترط
طريقة معينة في اإلعالم.
أما طريقة اإلعالم بالحكم يكون عن طريق كاتب المحكمة على معنى الفصل 349م
ح ع مع إمكانية تنفيذ الحكم جبريا بعد تحليته بالصبغة التنفيذية فيما يخص المصاريف
المحكوم بها .و قد جرى العمل بالمحكمة العقارية على تلخيص الحكم و إحالته على إدارة
52
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
الملكية العقارية التي تدرجه بدفتري التضمين و اإليداع ث ّم بالسجل العقاري مع وجوب
التنصيص على الحكم عند إدراج كل عملية يتم اإلذن بها بموجب الحكم.
وجبت اإلشارة في نهاية هذا الجزء الثاني من هذه الرسالة إلى أن المشرع و إن كرس
الصبغة النهائية لألحكام العقارية في مادة التحيين فال يمكن الطعن فيها بأي وجه من األوجه
33
مع تخصيص هذه اإلمكانية بإجراءات إال أنه أعطى إمكانية طلب إعادة النظر في الحكم
ويقدّم المطلب إلى مركز متميزة و منفردة فالقيام بطلب إعادة النظر يكون لمن له مصلحة
المحكمة العقارية الموجودة بدائرتها العقار مع إشتراط إنابة محام لدى اإلستناف أو التعقيب
وهذا اإلجراء مستحدث أيضا في المادة العقارية ذلك أنه يح ّد من عدد الطعون المقدمة مع
إيراد تنصيصات وجبت ذكرها بالمطلب دون تحديد جزاء عدم مراعاتها.
أما صور الطعن فوردت على سبيل الحصر ال الذكر وهي عدم اعتماد الحكم وثائق
كانت مظروفة بالملف ولها تأثير على وجه الفصل في القضية وهذا نفس الشرط الوارد
بالفصل 332م ح ع وقد أوضحت الدوائر المجتمعة للمحكمة العقارية أن عبارة عدم اعتماد
وثيقة مظروفة بالملف الوارد بالفصل 332م ح ع ثالثا يقصد بها اإلهمال المادي للوثيقة أو
شبهه و عدم اإللتفات إليها من طرف المحكمة رغم ما لها من تأثير على وجه الفصل في
القضية أو مخالفة ما تفيده العبارات الصريحة لتلك الوثيقة في ما ال يحتاج إلى تأويل أو
إحتمال في الداللة و ال يتعدى ذلك إلى مناقشة سلطة المحكمة في تقدير الوثائق المضافة .
إن الطعن الذي يهدف إلى مناقشة المحكمة في تقدير وقائع القضية هو جدل موضوعي
و ليس سببا من أسباب المراجعة الواردة بالفصل 332م ح ع .34
أما السبب الثاني فهو صدور حكم مدني إتصل به القضاء و متناقض مع الحكم العقاري
المشرع حريص على انسجام األحكام و عدم تعارضها ،و لذلك لم يشترط إضافة
ّ ،و هنا نجد
مرة .
نسخة من الحكم في ملف القضية .فهذا الطعن يمكن اإلحتجاج به ألول ّ
) 33السيد علي كحلون "التحين العقاري وأثره على المفعول المنشئ للترسيم ص139و141
) 34قرار الدوائر المجتمعة عدد 63الصادر بتاريخ 3جوان 1997نشرية قرارات و أحكام المحكمة العقارية في مادّة المراجعة 1996 – 1995
– 1998 – 1997نشر مركز الدراسات القانونية و القضائية ص . 155
53
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
أما السبب الثالث فهو إنبناء الحكم على أدلة ثبت جزائيا زورها أو تدليسها بحكم نهائي
و الشرط و هي نفس الصورة المعتمدة في الفصل 332م ح ع في قائمة صور المراجعة
الوحيد هو صدور حكم نهائـي في الزور أو التدليس .
ومن خالل هذا التحديد نالحظ أن المشرع إعتمد تنظيم الصور الواردة في باب
المراجعة بمجلة الحقوق العينية مع إضافة عدم اإلستدعاء و صور عدم مراعاة العقود
35
اإلحتياطية كما تقدم .
أما أجال الطعن فهي شهرين لكل الحاالت المذكورة سابقا و الشهر كما تنص عليه م
م م ت هو 30يوما و ال يحسب اليوم األخير إذا صادف يوم عطلة رسمية كما أن اليوم
األول ال يقع إحتسابه ذلك أن يوم العد ال يعد .و يسري األجل من تاريخ إدراج الحكم بالرسم
العقاري.
أما فيما يخص الطعن المؤسس على صدور حكم الجزائي في تدليس الرسوم فاألجل
يبتدأ من تاريخ صدور الحكم الجزائي النهائي.
و يوجد أجل مفتوح يخص حالة صدور حكمين أو أكثر عن المحكمة العقارية في نفس
الموضوع وهذا الطعن يتعلق بالنظام العام إذ أنه يتعلق بتوحيد األحكام الصادرة في نفس
الموضوع و بين نفس األطراف ،و تبعا لذلك كانت إعادة النظر في هذه الصورة مستقيمة
قانونا في أي وقت و يمكن للمحكمة إثارة هذا الطعن من تلقاء نفسها أو بطلب من إدارة الملكية
العقارية.
أما النظر في المطلب فهو يكون من طرف هيئة تتكون من وكيل رئيس و قاضيين
مقررين ممن لم يسبق لهم المشاركة في الحكم و يمكن أن يكون القرار برفض المطلب مع
أنه ثبت في األصل ،فالشكل ال يمثل عقبة في إتجاه الطعن و يمكن للمحكمة قبول المطلب و
الرجوع في الحكم الذي يكون نافذا ال مجال للطعن فيه بأي وجه من األوجه إذ أن الحكم في
هذه الحالة يكون باتا.
) 35قرار الدوائر المجتمعة للمحكمة العقاريةعدد 25الصادر بتاريخ 14جويلية 1998من المرجع السابق ص179
54
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
الخـــــاتمـــــــة
بعد الذي مر عرضه ،سأحاول أن أستخلص ما ينفع لفهم الوظيفة اإلشهارية
للتسجيل العقاري .لقد إختار المشرع التونسي عرض جميع مطالب التسجيل على
محكمة خاصة وهي المحكمة العقارية ،وحدد إجراءات متعددة وردت بمجلة الحقوق
العينية ،كل ذلك لتمكين المحكمة من إحاطة نفسها بأوسع الضمانات ليحمل الحكم
اإلستقرار والطمأنينة .
وال يمكن ألي حكم صادر بالتسجيل أن يكون حامال لإلستقرار والطمأنينة ما
لم تستوفى القضية فيه جميع أطوار اإلشهار الذي يرافق إجراءات التسجيل وما توفره
من ضمانات .إن هذه اإلشهارات على أهميتها ال تتعدى كونها ضمانات إلعالم
العموم بكيفية دقيقة بكل ما يتعلق بالعقارات المطلوب تسجيلها ،وفي ذلك نداء ملح
ألصحاب الحقوق حتى يقدموا إعتراضاتهم ويفسح لهم المجال إلثبات حقوقهم .أ ّما
الوظيفة اإلشهارية الهامة فتبدأ بعد صدور الحكم بالتسجيل وإقامة الرسم العقاري
الذي يمثل إشهار للحقوق المتعلقة بالعقار موضوعه .
وقد حاول المشرع التونسي من خال ل مجلة الحقوق العينية تأصيل الوظيفة
اإلشهارية ،من خالل مبدأ العالنية الذي يوجب ترسيم الحقوق العينية األصلية
والتبعية ،إضافة إلى بعض الحقوق الشخصية بالسجل العقاري .وقد استوجبت هذه
المشرع آليات هامة
ّ الوظيفة نشأة الحق المرسم وتمتعه بقوة ثبوتية مطلقة ،كما أرسى
قصد تحقيق تلك الوظيفة من خالل تكريسه لحق اإلطالع على الرسوم العقارية من
طرف المتعاملين على العقارات و بتمكين هؤالء من نسخ و شهادات تثبت حقوقهم
العينية الواردة بالسجل العقاري .
ولكن رغم كل هذه المحاوالت التشريعية ورغم مرور أكثر من قرن عن والدة
القانون العقاري التونسي ،إال أن اإلنتقادات مازالت موجهة ضده ،فقد نادى
و بعضهم"بمحاكمة القانون العقاري التونسي " لتراجع الوظيفة اإلشهارية خاصة
تفشي ظاهرة الرسـوم المجمدة والتي أضحت بمـثابة المعضلة التي تشل قرابة %90
من الرسوم العقارية .
55
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
إن السجل العقاري لم يعد مرآة عاكسة لحقيقة العقار اإلستحقاقية والواقعية،
ورغم تحديد رجال القانون العقاري ألسباب تفشي ظاهرة الرسوم المجمدة ،كمشاكل
التحرير وطول إجراءات التسجيل وكلفتها .ورغم تبني المشرع لمبدأ المفعول المنشئ
للترسيم والذي نتج عنه إكتمال النظام العقاري التونسي لصبغته العينية ،إال أن تطبيق
هذا المبدأ تطلب مرحلية جعلت الرسوم العقارية تشهد تفرقة بين الرسوم العقارية
المقامة قبل 1998وتمثل موضوع عمليات التحيين ،والرسوم العقارية المقامة بعد
ذلك التاريخ والتي تخضع للمبدأ المذكور .
لقد حاول المشرع الحد من عدد الرسوم المجمدة من خالل إصداره لقانونين
وهما القانون عدد 39لسنة 1992المؤرخ في 27أفريل 1992والقانون عدد 34
لسنة 2001المؤرخ في 10أفريل 2001و تعلقا بالتحيين العقاري الذي يعمل على
تحقيق التماثل بين الوضعية الواقعية واإلستحقاقية للعقار والوضعية القانونية له
الواردة بالسجل ،إال أن كل هذه المحاوالت لم تقضي على معضلة الرسوم المجمدة
ذلك أن عددها في إرتفاع مستمر .
إن السجل العقاري لم يعد يمثل الحقيقة المثلى ،وتبعا لذلك تساءل العديد من
الفقهاء عن جدوى اإلطالع على الرسوم وجدوى السجل العقاري كأداة لتحقيق الوظيفة
اإلشهارية للملكية العقارية .
هذا األمر يدعوني إلى التساؤل عن نجاعة نظام التسجيل العقاري .أليس من
األجدى الرجوع إلى نظام العقارات غير المسجلة التي تتميز بالبساطة والوضوح
واإلبتعاد عن اإلجراءات المعقدة ؟ أم قد يكمن الحل في تبني النظام الشخصي للتسجيل
العقاري ؟
56
الوظيفة اإلشهارية للتسجيل العقاري
57