You are on page 1of 23

‫(الفوج الثالث)‬

‫توثيق المعامالت العقارية ودوره في تحقيق األمن‬


‫العقاري والحد من ظاهرة االستيالء على عقارات الغير‬

‫إشراف‪:‬‬ ‫إعداد‪ :‬المجموعة الخامسة‬


‫* د‪.‬الميساوي *‬ ‫‪ +‬حبوب عبد القادر‬
‫‪ +‬مراد بركاوي‬
‫‪ +‬مروان السعدي‬
‫‪ +‬هشام بلشيش‬
‫‪ +‬محمد أيت عدي‬
‫‪+‬عبد الكريم احباري‬
‫اإلعداد الشرفي للمجموعة الثامنة‬

‫‪2019-2020‬‬
‫‪1‬‬
‫المــقـدمــــــــة‬
‫يلعب العقار دورا أساسيا على صعيد التنمية االقتصادية و االجتماعية والبشرية بمختلف تجلياتها‪،‬‬
‫لذلك فقد أحاطه المشرع المغربي بمجموعة من المقتضيات القانونية و ارتقى به إلى مصاف الحماية‬
‫الدستورية بموجب الفصل ‪ 35‬من دستور ‪ ،2011‬والذي اعتبر حق الملكية العقارية من أهم الحقوق‬
‫الراجعة لألفراد التي ال يمكن المساس بها إال بموجب القانون ووفق إجراءات محددة سلفا‪.‬‬
‫وقد شكل نظام التحفيظ العقاري الذي تم سنه بتاريخ ‪ 12‬غشت ‪ 2013‬واحد من القوانين الرامية إلى‬
‫حماية الملكية العقارية بشكل يسهل تداولها في السوق االقتصادية وفق ضوابط قائمة على مبدأ الثقة‬
‫بين مختلف الفاعلين االقتصاديين‪ ،‬دون إغفال العديد من القوانين الرامية جميعها إلى ضبط الملكية‬
‫العقارية وحمايتها من االعتداء‪.‬‬
‫وبالنظر ألهمية الملكية العقارية في حياة األفراد‪ ،‬ولقيمتها التصاعدية في السوق االقتصادية‪ ،‬فقد‬
‫شكلت مطمعا لذوي النيات السيئة الذين يحاولون الترامي عليها وسلبها من مالكيها الحقيقيين بشتى‬
‫الطرق إلى حد ظهور شبكات مؤطرة في ميدان التزوير‪ ،‬غايتها البحث عن العقارات المهملة‪ ،‬وعلى‬
‫إثر تضخم وتفشي هذه الظاهرة استوجب الوقوف أمامها والتصدي لها من أجل إعادة تحقيق األمن‬
‫العقاري‪.‬‬
‫مما دعى تدخل الملك محمد السادس نصره للا من خالل بعثه لرسالة سامية إلى السيد وزير العدل و‬
‫الحريات بتاريخ ‪ 30‬ديسمبر ‪ 2016‬وذلك بهدف التصدي الفوري والحازم‪ ،‬لظاهرة االستيالء على‬
‫عقارات الغير لما قد ينجم عنها من انعكاسات وسلبيات خطيرة قد تؤدي إلى زعزعة ثقة الفاعلين‬
‫االقتصاديين والتي كما يقول جاللة الملك" ال يخفى دورها كرافعة أساسية لالستثمار‪ ،‬وكمحرك لعجلة‬
‫التنمية االقتصادية و االجتماعية"‪.‬‬
‫أما تدخل المشرع المغربي فاتجه نحو السير على إقرار الرسمية في مجال المعامالت العقارية حيث‬
‫أبقى على مبدأ الخيار بين المحررات الرسمية‪ ،‬وحصر أيضا الجهات والمؤسسات التي تصدر هذه‬
‫المحررات الرسمية المتعلقة بالتوثيق العقاري في كل من مؤسسة العدول المنظمة وفق قانون ‪،16.03‬‬
‫والتي تعتبر مؤسسة قديمة قدم التاريخ حيث كان المغاربة يعملون بها في توثيق مجمل التصرفات‬
‫التي كانوا ينشؤونها فيما بينهم‪ ،‬ثم مؤسسة التوثيق العصري المنظمة وفق قانون ‪32.09‬والتي لم‬
‫تظهر إال بعد بزوغ الحماية الفرنسية على المغرب‪ ،‬حيث جاء بها المستعمر الفرنسي من أجل‬
‫االستيالء على العقارات و الخيرات التي كان ينعم بها المغرب‪ .‬ثم هناك أيضا المحررات الثابتة‬
‫التاريخ التي خول المشرع للمحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض إمكانية تحريرها و‬
‫إصدارها‪.‬‬
‫ثم تدخل المشرع المغربي أيضا من خالل سن وتعديل مجموعة من القوانين الخاصة كقانون رقم‬
‫‪ 107.12‬المغير والمتمم للقانون رقم ‪ 44.00‬المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز والمتمم بموجبه‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وكذلك القانون رقم ‪ 106.12‬المغير والمتمم للقانون ‪ 18.00‬المتعلق ببيع‬

‫‪2‬‬
‫الشقق في إطار الملكية المشتركة‪ ،‬والقانون رقم ‪ 51.00‬المتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار‪،‬‬
‫والقانون رقم ‪ 25.90‬المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات‪ ،‬ثم القانون‬
‫الصادر في ‪23‬فبراير‪ 2010‬المتعلق بمدونة األوقاف‪ ،‬ثم تعديله وتغييره أخيرا لظهير ‪ 1919‬المتعلق‬
‫بأراضي الجماعات الساللية بقوانين ‪ 62.17‬و ‪ 63.17‬و ‪.64.17‬‬
‫بالتالي فإن موضوع توثيق المعامالت العقارية ودوره في تحقيق األمن العقاري والحد من ظاهرة‬
‫االستيالء على عقار الغير له من األهمية االقتصادية في الدور الذي أصبح العقار يضطلع به‪ ،‬فال‬
‫يتصور تحقيق أي استثمار أو تطور اقتصادي‪ ،‬في أي مجال كان‪ ،‬دون التوفر على وعاء عقاري آمن‬
‫وسليم‪ ،‬يمنح للمؤسسات المالية الثقة واالطمئنان إلى تمويل المشاريع المختلفة دونما أي تردد أو‬
‫شك‪.‬أما على المستوى االجتماعي فيكتسي هذا الموضوع أهمية في تحقيق السلم و االستقرار‬
‫االجتماعيين عن طريق وضع حد لكافة االختالفات التي يعرفها النظام القانون للعقار ببالدنا‪ ،‬والتي‬
‫تساهم في استمرار تفشي ظاهرة االستيالء على عقارات الغير وهو الذي يحول دون تحقيق األمن‬
‫العقاري بالشكل المطلوب‪.‬‬
‫وحتى يتحقق التأطير المنهجي للنقاط السالفة الذكر‪ ،‬فالبد من صياغة إشكال مركزي‪ ،‬يعد بمثابة‬
‫الخيط الناظم الذي يحكم هذا البحث المتواضع‪ ،‬إشكال مفاده‪:‬‬
‫ما الدور الذي لعبه توثيق المعامالت العقارية في تحقيق األمن العقاري والحد من ظاهرة االستيالء‬
‫على العقارات؟‬
‫إن هذا اإلشكال األ ساسي يقتضي لمعالجته طرح العديد من التساؤالت الجزئية التي تدور في فلكه‪،‬‬
‫لعل اإلجابة عليها بصميم البحث من شأنه إيجاد حل لهذا اإلشكال ويمكن إجمال هذه اإلشكاالت‬
‫الفرعية في ما يلي‪:‬‬
‫كيف يمكن تحقيق األمن العقاري ؟‬
‫ماهي أسباب تفشي ظاهرة االستيالء؟‬
‫ماهي التدابير ا لتوثيقية الكفيلة بالتصدي لظاهرة االستيالء على العقارات؟‬
‫إن دراسة موضوع دور توثيق المعامالت العقارية في تحقيق األمن العقاري و الحد من ظاهرة‬
‫االستيالء على العقارات‪ ،‬و اإللمام بجميع جوانبه يقتضي تقسيمه إلى مبحثين اثنين كالتالي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬توثيق المعامالت العقارية ودوره في تحقيق األمن العقاري‬
‫المبحث الثاني‪ :‬توثيق المعامالت العقارية ودوره في الحد من ظاهرة االستيالء على العقارات‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬دور التوثيق المعامالت العقارية في تحقيق األمن‬
‫العقاري‬
‫إن توثيق التصرفات العقارية‪،‬أمر فرضه المشرع من خالل الفصل ‪ 489‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والذي ينص‬
‫على أنه‪" :‬إذا كان المبيع عقارا أو حقوق عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن‬
‫يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ‪،‬وال يكون له أثر في مواجهة الغير‪،‬إال إذا سجل في الشكل‬
‫المحدد بمقتضى القانون"‪ .‬فالمشرع وانطالقا من النص أعاله فرض و أوجب ضرورة كتابة عقد البيع‬
‫المنصب على عقار أو حقوق عقارية أو أشياء يمكن رهنها رهنا رسميا‪،‬في محرر ثابت التاريخ و‬
‫يجب تسجيل هذا المحرر وفق الشكل المحدد بمقتضى القانون‪،‬غير أن هذا الفرض‪،‬أو ضرورة الكتابة‬
‫التي سعى وحاول المشرع من خاللها تنظيم مسألة توثيق المعامالت العقارية‪،‬تبقى عاجزة عن تحقيق‬
‫المبتغى‪،‬ذلك أنه اقتصر في الفصل ‪ 489‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على البيع فقط ‪،‬دون أن يعرض لباقي‬
‫التصرفات العقارية المهمة ‪،‬كما أن حديثه عن المحرر الثابت التاريخ يعتبر موجها للمحررات العرفية‬
‫دون المحررات الرسمية ‪،‬على اعتبار أن هذه األخيرة تصبح ثابتة التاريخ منذ تاريخ التأشير عليها‬
‫من الجهات المختصة بتحريرها ‪،‬كما أنه أكد على ضرورة تسجيل العقود إذ ال يكون لهذه األخيرة أثر‬
‫‪1.‬‬
‫في مواجهة الغير إال إذا سجلت تبعا للشكل المحدد قانونا‬
‫ووعي ا وإدراكا من المشرع المغربي ألهمية التوثيق‪،‬لم يقتصر على تنظيمه بالقواعد العامة‪،‬بل تدخل‬
‫عبر مجموعة من النصوص الخاصة‪،‬لتدارك النقص والثغرات التي شابت الفصل‪ 489‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع‪،‬وهو ما يستنتج من خالل القانون رقم ‪ ،244 -00‬والقانون رقم‪،351-00‬القانون رقم‪-00‬‬
‫‪.4‬‬
‫‪18‬‬
‫من هنا سنتناول هذا المبحث من خالل مطلبين‪:‬األول نخصصه لضمانات توثيق التصرفات العقارية‬
‫على ضوء مدونة الحقوق العينية والقوانين الخاصة‪،‬والثاني سنعرض فيه العوارض التي تعيق بناء‬
‫المحرر التوثيقي و تؤثر سلبا على استقرار المعامالت العقارية وتحقيق األمن العقاري‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الحق الصافي ‪،‬عقد البيع ‪،‬دراسة في قانون االلتزامات والعقود وفي القوانين الخاصة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى ‪،1998‬ص‪.173‬‬
‫‪ 2‬القانون رقم ‪ 44-00‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‪ ،1-02-309‬صادر في ‪ 25‬رجب‪ 1423‬الموافق ل‪ 3‬أكتوبر‪ 2002‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 5054‬بتاريخ ‪7‬نوفمبر ‪،2002‬ص‪.3183‬والمتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز‪.‬‬
‫‪ 3‬القانون رقم‪ 51-00‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‪ ، 1-03-202‬صادر في‪ 11‬نوفمبر ‪2003‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5172‬بتاريخ‬
‫‪25‬ديسمبر‪،2003‬ص‪.4375‬والمتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار‪.‬‬
‫‪ 4‬القانون رقم ‪18-00‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‪ ، 1-02-298‬صادر ‪ 3‬أكتوبر‪،2002‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5054‬بتاريخ ‪7‬نوفمبر‪2002‬‬
‫‪،‬ص‪.3175‬والمتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ضمانات توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق‬
‫العينية والقوانين الخاصة‬
‫سنعمل على تناول هذا المطلب من خالل فقرتين‪،‬األولى سنخصصها للضمانات المتعلقة بتحرير‬
‫العقود العقارية‪،‬والثانية سنعرض فيها التوجه التشريعي نحو الرسمية بين القوانين الخاصة ومدونة‬
‫الحقوق العينية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ضمانات تحرير العقود العقارية‬


‫عمل المشرع على حصر الجهات المؤهلة لتحرير و توثيق التصرفات الواردة على العقار‪,‬إذ ينبغي‬
‫أن ترد هذه األخيرة في محررات رسمية‪،‬يتولى تحريرها الموثقون والعدول‪،‬أو في محررات ثابتة‬
‫التاريخ يتولى تحر يرها الموثقون والعدول‪،‬أو في محررات ثابتة التاريخ يتولى تحريرها المحامي‬
‫المقبول للترافع أمام محكمة النقض‪.‬‬
‫ومن هنا سنقسم الدراسة في هذه الفقرة إلى (أوال) توثيق المعامالت العقارية في المحررات الرسمية‪،‬‬
‫و( ثانيا) توثيق المعامالت العقارية في المحررات الثابتة التاريخ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬توثيق المعامالت العقارية في المحررات الرسمية‬


‫أ‪ :‬توثيق المعامالت العقارية من طرف الموثق‬
‫تخضع مهنة التوثيق ألحكام القانون رقم ‪ 32-09‬فهي مهنة حرة تمارس وفق الشروط وحسب‬
‫االختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة‪ ،5‬وقد وفر هذا القانون إلى حد كبير‬
‫حماية قانونية للمهنة‪،‬متى احترم الموثق الممارس األخالقيات التي تفرضها عليه مهنته‪ 6‬والمنصوص‬
‫عليها في القانون المتعلق بمهنة التوثيق هذا من جهة كما وفر حماية للمتعاملين أيضا‪،‬وهو ما يبرر نية‬
‫المشرع في تحقيق نوع من التوازن التعاقدي‪،‬الذي فرضه التطور والتغير الذي عرفه المجتمع‬
‫فالموثق ملزم حسب المادة‪ 37‬من القانون رقم ‪ 32-09‬بالتأكد والتحقق تحت مسؤوليته من هوية‬
‫األطراف وصفتهم وأهليتهم للتصرف‪،‬ومدى مطابقة الوثائق المدلى بها للقانون‪ ،‬كما أنه ملزم بالـتأكد‬
‫من الوضعية القانونية للعقار موضوع التعاقد‪،‬فضال عن ذلك واستنادا إلى نفس المادة يلتزم الموثق‬
‫بإسداء النصح لألطراف وأن يوضح لهم األبعاد التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها‪.‬‬
‫وهنا البد من اإلشارة إلى أن المادة ‪ 42‬من القانون رقم ‪ 32-09‬نصت على انه‪":‬تحرر العقود‬
‫والمحررات باللغة العربية وجوبا‪،‬إال إذا اختار األطراف تحريرها بلغة أخرى‪،‬‬

‫‪ 5‬المادة ‪ 1‬من القانون رقم ‪ 32-09‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق‪.‬‬


‫‪ 6‬عبد للا درميش ‪،‬أخالقيات مهنة التوتيق وسلطة التنظيم‪،‬مساهمة في ندوة إصالح مهنة الثوثيق في ظل تحديات العولمة والمنظمة بالمعهد العالي للقضاء يوم‬
‫‪03‬نونبر‪ 2009‬بالرباط‪،‬منشورة بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬العدد‪،69‬سنة ‪، 2010‬ص‪.23‬‬

‫‪5‬‬
‫تحرر أصول العقود والنسخ بكيفية مقروءة وغير قابلة للمحو على ورق يتميز بخاصية الضمان‬
‫الكامل للحفظ"‪.‬‬
‫بقي أن نشير إلى إجراء هام يتولى الموثق القيام به و يتمثل في كونه يقدم نسخا من المحررات‬
‫والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه لمكتب التسجيل المختص قصد استيفاء واجبات‬
‫التسجيل‪ ،‬كما يتولى القيام باإلجراءات الضرورية للتقييد في السجالت العقارية وغيرها لضمان‬
‫فعاليتها‪ ،‬ويقوم أيضا بإجراءات النشر والتبليغ طبقا للمادة ‪47‬من قانون مهنة التوثيق‪.‬‬
‫ب‪:‬توثيق المعامالت العقارية من طرف العدول‬
‫تخضع مهنة التوثيق العدلي ألحكام القانون رقم ‪ 16-03‬المتعلق بخطة العدالة ‪ ،‬فهي مهنة حرة‬
‫‪7‬‬

‫تمارس وفق الشروط وحسب االختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة‪ ،‬ويعتبر‬
‫العدول من مساعدي القضاء ‪،‬ويعتبر تلقي الشهادة المرحلة األولى إلنشاء الوثيقة العدلية ‪،‬وتلقي يجب‬
‫أن يتم من طرف عدلين ‪،‬أي يجب أن يكون ثنائيا ‪،‬ماعدا في حالة تعذر ذلك ‪،‬فإنه يجوز التلقي الفردي‬
‫شريطة الحصول على إذن من القاضي المكلف بالتوثيق والتلقي يجب أن يتم طبق المادة ‪29‬من‬
‫القانون ‪ 16-03‬مباشرة‪،‬وفي حالة كون المشهود عليه عاجز عن الكالم أو السمع جاز اإلشهاد عليه‬
‫بالكتابة‪،‬وإال فباإلشارة المفهمة مع التنصيص على ذلك في العقد‪،.‬وتكتب الشهادة وجوبا باللغة‬
‫‪8‬‬
‫العربية‪ ،‬وينص فيها على اللغة األجنبية أو اللهجة التي تم بها التلقي إذا تعلق األمر بغير لغة الكتابة ‪.‬‬
‫وفي السياق الحديث عن دور العدول في توثيق المعامالت العقارية ال بد من الحديث عن اإلجراء‬
‫الذي تضمنته المادة ‪ 35‬من القانون ‪ 16-03‬المتعلق بخطة العدالة‪،‬إذ يتضح من هذه المادة أن رسوم‬
‫العدلية ال تتمتع بحجيتها اإلثباتية بمجرد التلقي الشهادة من قبل العدلين كما هو األمر بالنسبة للموثقين‬
‫‪،‬بل البد من الخطاب عليها من قب ل القاضي التوثيق لتكتسي الصبغة الرسمية ‪،‬غير أن الوثيقة العدلية‬
‫ال تذيل بخطاب قاضي التوثيق إال بعد تأكد هذا األخير من مرورها بجميع مراحل تكوينها والتي من‬
‫بينها تسجيل الرسوم العدلية بمصلحة التسجيل و التمبر‪.‬‬

‫تانيا‪:‬توثيق التصرفات العقارية في المحررات العرفية الثابتة التاريخ‬


‫حصرت المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية‪،‬إمكانية تحرير العقود العرفية الثابتة التاريخ في فئة‬
‫المحامين حيت إشترطت‪:‬‬
‫*ان يكون المحامي مقبوال للترافع لدى محكمة النقض‬
‫لقد حددت المادة ‪ 33‬من القانون رقم ‪ 28-08‬المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة‪ ،‬المحامون الذين يكتسبون‬
‫صفة المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض‪:‬‬
‫‪-‬المحامي الذي يكون مسجال بجدول هيئة المحامين لمدة ‪ 15‬سنة على األقل‪.‬‬
‫‪ -‬المحامي الذي تم قبول تسجيله في الجدول بعد تقاعده أو استقالته وكان مستشارا بصفة نظامية أو‬
‫محاميا عاما لدى محكمة النقض‪ ،‬قبل أن يكتسب صفة المحامي‪.‬‬
‫‪ 7‬ظهير شريف رقم ‪ 1-06-56‬صادر في ‪ 15‬من محرم ‪ 14(1427‬فبراير ‪.)2006‬‬
‫‪ 8‬أنظر المادة‪ 30‬من القانون رقم ‪ 16-03‬المتعلق بخطة العدالة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬المحامي الذي كان قاضيا أو أستاذا للتعليم العالي‪ ،‬والمعفى من شهادة األهلية ومن التمرين بعد‬
‫خمس سنوات من تاريخ تسجيله بالجدول‪.‬‬

‫*التعريف بإمضاء المحامي‬


‫ألزم المشرع المحامي المؤهل لتحرير العقود العقارية ‪،‬تصحيح إمضائه والتعريف به لدى رئيس‬
‫مصلحة كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي يمارس بها عمله‪ ،‬طبقا لمقتضيات المادة الرابعة من‬
‫مدونة الحقوق العينية بنصها على أنه"‪...‬تصحح إمضاءات األطراف من لدن السلطات المحلية‬
‫المختصة‪ ،‬ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة‬
‫االبتدائية التي يمارس بدائرتها‪".‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬التوجه التشريعي نحو الرسمية بين القوانين الخاصة و مدونة الحقوق‬
‫العينية‬
‫أفرز الواقع العملي أنواع حديثة من البيوعات العقارية‪ ،‬يكون أحدهما محله عقار غير موجود وقت‬
‫التعاقد‪،‬وهو عقد البيع العقا ر في طور اإلنجاز‪،‬وثانيهما يجمع بين الكراء و البيع‪،‬وهو عقد اإليجار‬
‫المفضي إلى تملك العقار‪.‬‬
‫ونظرا لخصوصية بعض العقود‪،‬فقد ألزم المشرع ضرورة توثيقها في محرر رسمي فقط وذلك طبقا‬
‫لبعض المواد المتفرقة في مدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫من هنا و لإللمام بهذا الموضوع‪ ،‬سنتناول هذه الفقرة من خالل‪(،‬أوال)توثيق المعامالت العقارية في‬
‫إطار النصوص الخاصة ‪،‬و(ثانيا)أعرض فيها لتوثيق بعض المعامالت العقارية في محررات رسمية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬توثيق المعامالت العقارية في إطار النصوص الخاصة‬


‫أ‪ :‬توثيق بيع العقار في طور اإلنجاز‬
‫عرف المشرع المغربي بيع العقار في طور اإلنجاز من خالل الفصل ‪ 618-1‬منق‪.‬ل‪.‬ع بقوله‬
‫‪9‬‬

‫‪":‬يعتبر بيعا لعقار في طور اإلنجاز‪،‬كل إتفاق يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل محدد‪،‬كما‬
‫يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم األشغال‪".‬‬
‫وقد أتى المشرع‪،‬فيما يتعلق ببيع هذه العقارات التي ل م يكتمل بناؤها بعد ‪،‬بمقتضيات تحقق نوعا من‬
‫التوازن في العالقة التي تربط بين المنعش العقاري صاحب المشروع بوصفه بائعا‪ ،‬و بين المقتنين‬
‫للشقق التي توجد في طور البناء‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى قانون رقم ‪ 44_00‬المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز نجده أتى بمجموعة من‬
‫الضمانات ومن أهمها‪:‬‬

‫‪ 9‬أضيف هذا الفصل بموجب القانون رقم ‪ 44_00‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.309‬صادر في ‪ 03‬أكتوبر ‪ 2002‬و المنشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪5054‬بتاريخ ‪ 7‬نوفمبر ‪،2002‬ص ‪.3183‬‬

‫‪7‬‬
‫*إبرام عقد البيع االبتدائي للعقار في طور اإلنجاز إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ‬
‫يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونا تحرير العقود و ذلك‬
‫تحت طائلة البطالن‪.‬‬
‫*يعد باطال كل أداء كيفما كان قبل التوقيع على عقد البيع االبتدائي‪.‬‬
‫*يتعين على البائع أن يقيم لفائدة المشتري ضمانة بنكية أو أي ضمانة أخرى مماثلة ‪،‬وعند االقتضاء‬
‫تأمينا ‪،‬وذلك لتمكين المشتري من استرجاع األقساط المؤداة في حالة عدم تطبيق العقد‪.‬‬
‫*يمكن للمشتري بموافقة البائع ‪،‬إذا كان العقار محفظا‪ ،‬أن يطلب من المحافظ على األمالك العقارية‬
‫إجراء تقييد احتياطي بناء على عقد البيع االبتدائي وذلك للحفاظ المؤقت لحقوقه‪.‬‬

‫ب‪ :‬توثيق عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار‬


‫‪10‬‬
‫عرف المشرع اإليجار المفضي إلى تملك العقار من خالل المادة الثانية من قانون ‪51-00‬‬
‫بقوله‪ ":‬يعتبر اإليجار المفضي إلى تملك العقار كل عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه تجاه المكتري‬
‫المتملك بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة االنتفاع به بعوض مقابل أداء الوجيبة المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 8‬من هذا القانون وذلك إلى حلول تاريخ حق الخيار‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 7‬من القانون من رقم ‪ 51-00‬نجدها حددت البيانات الخاصة بهذا العقد و‬
‫المتمثلة فيما يلي ‪:‬‬
‫•هوية األطراف المتعاقدة‪.‬‬
‫•مراجع العقار محل التعاقد‪.‬‬
‫•موقع العقار ووصفه كليا أو جزئيا‪.‬‬
‫•مبلغ التسبيق عند االقتضاء و تحديد الوجيبة التي يتحملها المكتري المتملك وفترات و كيفية تسديدها‬
‫و كذا كيفية الخصم من ثمن البيع‪.‬‬
‫•تخويل المكتري المتملك إمكانية تسبيق أداء ثمن البيع كليا أو جزئيا قيل حلول تاريخ حق الخيار‪.‬‬
‫•مراجع عقد التأمين المبرم من قبل البائع لضمان العقار‪.‬‬
‫•شروط مزاولة حق الخيار و فسخه‪.‬‬
‫• تاريخ بدء االنتفاع من العقار و األجل المحدد للمكتري المتملك لممارسة حقه في تملك العقار و كذا‬
‫شروط التمديد و الفسخ المسبق للعقد‪.‬‬
‫انطالقا من هذه المادة يتضح أنه بعد اشتراط المشرع للبيانات العامة‪،‬الخاصة بعقد البيع‪،‬أضاف بيانات‬
‫أخرى خاصة ‪،‬والسبب في ذلك يكمن في كون هذا العقد يجمع بين تصرفين قانونيين‪ ،‬الكراء‬
‫والبيع‪،‬فاإليجار المفضي إلى تملك العقار أساسه‪ ،‬بيع مؤجل‪ ،‬وظاهره كراء‪ ،‬بحيث ينتفع المكتري‬
‫المتملك للعقار مقابل أدائه الوجيبة التي تتكون من جزئين‪ ،‬األول وهو مبلغ متعلق بحق االنتفاع من‬
‫العقار‪ ،‬والثاني يتعلق باألداء المسبق لثمن العقار‪.‬‬
‫‪ 10‬ظهير شريف رقم ‪ 1-03-202‬صادر في ‪ 16‬من رمضان ‪11(1424‬نوفمبر‪ )2003‬بتنفيد القانون رقم ‪ 51-00‬المتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار‪،‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5172‬بتاريخ ‪ 25‬ديسمبر ‪،2003‬ص ‪.4375‬‬

‫‪8‬‬
‫وباعتبار عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار عقد بيع‪،‬فقد اشترط المشرع لوجوب انعقاده وجوب‬
‫تحريره في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ من طرف مهني ينتمي إلى مهنة منظمة قانونا‬
‫يخولها صالحية تحرير العقود‪،‬وذلك تحت طائلة البطالن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬توثيق بعض المعامالت العقارية في محررات رسمية‬


‫أوجب المشرع المغربي في مدونة الحقوق العينية ضرورة توثيق بعض المعامالت والتصرفات‬
‫العقارية في محرر رسمي فقط‪ ،‬نظرا ألهميتها ‪،‬ولما في ذلك من حماية للمتعاملين بها‪.‬‬
‫ومن بين المعامالت التي أوجب المشرع تحريرها في محرر رسمي نذكر‪:‬‬
‫‪-‬عقد العمري‬
‫العمري وفق المادة ‪ 105‬من مدونة الحقوق العينية‪،‬حق عيني قوامه تمليك منفعة عقار بغير عوض‬
‫يقرر طوال حياة المعطى له أو المعطي أو لمدة معلومة والكتابة المشترطة في عقد العمري ‪،‬يجب أن‬
‫ترد في محرر رسمي‪ 11‬فقط تحت طائلة البطالن‪.‬‬
‫‪-‬الرهن الحيازي‬
‫الرهن الحيازي كما عرفته المادة ‪ 145‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬هو حق عيني يتقرر على ملك‬
‫يعطيه المدين أو كفيله العيني إلى الدائن المرتهن لضمان الوفاء بدين ويخول الدائن المرتهن حق‬
‫حيازة المرهون وحق حبسه إلى أن يستوفى دينه‪.‬‬
‫ويشترط لصحة الرهن الحيازي حسب المادة ‪ 147‬من مدونة الحقوق العينية ‪،‬أن يتم إبرام عقد الرهن‬
‫الحيازي في محرر رسمي‪ ،‬وأن يكون لمدة معينة ‪،‬كما يجب أن يتضمن هذا العقد معاينة الحوز‪.‬‬
‫‪-‬عقد المغارسة‬
‫المغارسة وفق المادة ‪ 265‬من مدونة الحقوق العينية‪،‬عقد يعطي بموجبه مالك أرضه آلخر ليغرس‬
‫فيها على نفقته شجرا مقابل حصة معلومة من األرض والشجر‪ ،‬يستحقها الغارس عند بلوغ الشجر حد‬
‫اإلطعام ‪،‬مع اإلشارة إلى أن محل عقد المغارسة ال يمكن أن يكون حقوقا مشاعة‪ .‬وعقد المغارسة‬
‫يجب أن يبرم وفق المادة‪ 268‬من مدونة الحقوق العينية في محرر رسمي ويشترط لصحته أن يعين‬
‫نوع الشجر المراد غرسه و يبين حصة الغارس في األرض وفي الشجر‪.‬‬
‫‪-‬عقد الهبة‬
‫عرفت المادة ‪ 273‬من مدونة الحقوق العينية بأنها تمليك عقار أو حق عيني عقاري لوجه الموهوب‬
‫له في حياز ة الواهب بدون عوض‪ ،‬وتنعقد الهبة وفق المادة ‪ 274‬من مدونة الحقوق العينية باإليجاب‬
‫والقبول‪ ،‬ويجب أن يبرم عقد الهبة تحت طائلة البطالن في محرر رسمي‪.‬‬
‫وفي ختام هذا المطلب نرى أن المشرع ‪،‬قد أحسن صنعا نظرا لحصره الجهات المخول لها صالحية‬
‫التوثيق في المعامالت العقاري ة في السادة الموثقين والعدول و المحامون المقبولين للترافع أمام محكمة‬
‫النقض وذلك تحت طائلة البطالن ألن ذلك من شأنه ضمان التعبير عن اإلرادة بشكل صحيح و توثيق‬
‫العقد بكيفية سليمة من الناحية القانونية مادام سيصدر من ذوي االختصاص ‪،‬إال أن ذلك ال يمنع من‬

‫‪ 11‬تنص المادة ‪ 106‬من مدونة الحقوق العينية على أنه‪...":‬يجب تحت طائلة البطالن أن يبرم عقد العمرى في محرر رسمي"‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫القول بوج ود مجموعة من العوارض تؤثر سلبا على بناء المحرر التوثيقي وهذا ما سنتناوله في‬
‫المطلب الثاني‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬عوارض بناء المحرر التوثيقي و آثرها على تحقيق األمن‬
‫العقاري‬
‫إذا كان المشرع المغربي قد أضفى الصبغة الرسمية على التوثيق الذي يمارسه العدل و الموثق ‪،‬وقيد‬
‫مجال التوثيق العرفي سواء من حيث ممارسته أو من حيث شكليات تحرير العقود المتعلقة به‪ ،‬وعمل‬
‫على توحيد البناء المحرر التوثيقي من حيث مضمونه أو اإلجراءات المتعلقة بسالمته ‪،‬فإن هذا البناء‬
‫مازالت تعترضه مجموعة من العوائق والصعوبات ترتبط من جهة بصياغة النصوص القانونية ‪،‬ومن‬
‫جهة أخرى بإشكاالت عملية وتطبيقية‪.‬‬
‫من هنا سنتناول هذا المطلب من خالل ‪(،‬الفقرة األولى)عوارض قانونية لبناء المحرر التوثيقي‬
‫و(الفقرة الثانية) للعوائق العملية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬العوارض القانونية لبناء المحرر التوثيقي‬


‫سنتناول هذه الفقرة‪ ،‬من خالل (أوال)محدودية حماية رضى األطراف المتعاقدة‪ ،‬و(ثانيا) تعارض‬
‫النصوص القانونية وجمودها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬محدودية حماية رضى األطراف المتعاقدة‬
‫لقد خطى المشرع خطوة هامة نحو تخليق المعامالت العقارية ‪،‬من خالل إلزامه بتضمين األطراف‬
‫المتعاقدة لعدة بيانات تقنية خاصة بهويتهم ‪،‬والشيء محل التعاقد وتحديد كافة الشروط ‪،‬كآجال‬
‫التسليم‪،‬والثمن وغيرها من البيانات المتعلقة بالعقد الدي يختص بتحريره جهات معينة ومحددة بعدما‬
‫يتم إرفاق هذا العقد بترسانة من الوثائق‪، 12‬هذا التوسع في البيانات يعد من صميم النظرية الحديثة‬
‫لحماية رضى األطراف المتعاقدة‪.‬‬
‫ومن الضمانات التي تحمي رضى األطراف المتعاقدة‪ ،‬والتي أغفلها المشرع ولم يدمجها في منظومته‬
‫القانونية ‪،‬نجد عدم منعه لبعض األشخاص الذين يشكلون خطرا على المؤسسة التعاقدية من إبرام‬
‫العقد‪ ،‬أو التدخل فيه بواسطة ‪،‬كما فعل المشرع الفرنسي الذي منع األشخاص الذي صدرت في حقهم‬
‫أحكام في جرائم السرقة والنصب وإصدار شيكات بدون رصيد‪ ،‬واألشخاص الذين يمنع عليهم‬
‫ممارسة نشاط تجاري أن يباشروا بصفة معتادة لحسابهم أو لحساب الغير أي تصرف ‪،‬خاصة عمليات‬
‫بيع العقار في طور اإلنجاز‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬تعارض النصوص القانونية و جمودها‬

‫‪ 12‬علي الرام‪ ،‬بيع العقار في طور البناء في القانون المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬جامعة محمد‬
‫األول وجدة‪،‬السنة الجامعية ‪،2004-2003‬ص‪.47‬‬

‫‪10‬‬
‫صنف المشر ع المغربي المحررات التي ينجزها العدول و الموثقين ‪،‬ضمن التوثيق الرسمي‪ ،‬لكن‬
‫النصوص المنظمة لكل مهنة على حدة يسودها التعارض من النصوص المنظمة للمهنة األخرى مما‬
‫يخص بناء الوثيقة‪ ،‬ويتجلى ذلك خصوصا فيما يلي‪:‬‬
‫‪ . 1‬تعارض في إنجاز إجراءات التسجيل والتحفيظ‬
‫أوجبت المادة ‪ 47‬من القانون ‪ 32_09‬المنظم لمهنة التوثيق‪،‬على الموثق أن يقدم نسخا من العقود‬
‫بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه‪،‬لمكتب التسجيل المختص الستيفاء إجراءات التسجيل وأداء‬
‫الواجب في األجل المحدد قانونا‪،‬وإنجاز اإلجراءات الضرورية للتقييد في السجالت العقارية‪.‬‬
‫ومقابل هذه المادة ‪،‬نجد في القانون رقم ‪ 16-03‬المتعلق بخطة العدالة‪،‬أن المادة ‪ 17‬منه‪،‬منحت‬
‫للمتعاقدين الخيار بين أن يقوموا بأنفسهم باإلجراءات المتعلقة بالتسجيل وبإدارة المحافظة‪،‬أو أن يكلفوا‬
‫أحد العدلين بالقيام باإلجراءات المذكورة ‪.‬‬
‫فإذا قرنا هذين النصين ‪ ،‬نجد أن األصل في القانون رقم ‪ ،32_09‬هو أن يقوم الموثق بإجراءات‬
‫التسجيل و التحفيظ‪ ،‬و االستثناء هو إعفاءه صراحة من طرف األطراف المتعاقدة ‪،‬‬
‫عكس ما هو عليه األمر في القانون رقم‪،16_03‬إذ األصل فيه أن يقوم األطراف المتعاقدة بأنفسهم‬
‫بمتابعة اإلجراءات الالزمة لتمام التصر فات العقارية ‪،‬من إجراءات التسجيل والتحفيظ‪ ،‬و االستثناء‬
‫هو تكليفهم ألحد العدول الذين تلقيا اإلشهاد لمباشرة هذه اإلجراءات‪.‬‬
‫‪ 2‬المصادقة على إمضاء المحامي‬
‫يقصد باإلشهاد أو المصادقة على صحة اإلمضاء ‪،‬الشهادة التي تدلي بها السلطة المختصة بصحة‬
‫اإلمضاء‪ ،‬المثبت على وثيقة معينة ‪،‬والذي يفيد معناه تعبير الشخص المعني بتلك الوثيقة بكيفية‬
‫صريحة عن إرادته وقبوله لما هو مضمن بالوثيقة التي وقع عليها ‪،‬وإن كان أن السلطة المكلفة تشهد‬
‫على صحة اإلمضاء‪،‬وال تشهد على صحة مضمون الوثيقة‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 4‬منم‪.‬ح‪.‬ع أوجبت تصحيح إمضاءات األطراف من لدن السلطات المحلية‬
‫المختصة‪،‬ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة‬
‫االبتدائية التي يمارس بدائرتها‪.‬‬
‫هذا المقتضى خلق إشكاال‪،‬حيث جعل المصادقة على اإلمضاءات بخصوص المحرر الذي يحرره‬
‫المحامي‪ ،‬من اختصاص مؤسستين مختلفتين السلطة المحلية بالنسبة لألطراف المتعاقدة‪،‬ورئيس كتابة‬
‫الضبط بالنسبة لمحرر العقد‪،‬وهو تناقض من شأنه إرهاق األطراف المتعاقدة بل وضياع حقوقهم‬
‫أحيان ا‪ ،‬خاصة إذا ما أخدنا بعين االعتبار طول المدة التي قد تكون بين فترة المصادقة على إمضاءات‬
‫األطراف لدى السلطة المحلية ‪،‬وبين التعريف على إمضاء المحامي لدى رئيس كتابة الضبط‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬العوائق العملية لبناء المحرر التوثيقي‬


‫يعيب العديد من الفاعلين في مجال العقار على نظام التوثيق بالمغرب‪ ،‬عدم أخده بعين االعتبار‬
‫الظروف االقتصادية الصعبة التي يعيش تحتها الجميع‪،‬مقاوالت وأفراد‪،‬فأضافت أعباء جديدة وعراقيل‬
‫من شأنها تأخير إنجاز العقد‪،‬ذلك أن تحديد األشخاص الموكل لهم تحرير العقد‪،‬واالتجاه نحو‬

‫‪11‬‬
‫رسمية‪،‬سيؤدي حتما إلى رفع ثمن تكلفة إنجاز العقد‪،‬خصوصا أمام االرتفاع النسبي ألجور و أتعاب‬
‫العدول و الموثقون‪ ،‬هذا االرتفاع سيقع على عاتق المشتري لوحده الذي يتحمل أصال أعباء أخرى‪.‬‬
‫وباستثناء بعض التصرفات العقارية‪،‬خاصة بيع العقار في طور اإلنجاز الذي حدد له المشرع في‬
‫المادة األولى من المرسوم الصادر في‪ 27‬دجنبر‪، 132004‬تعريفة إبرام العقد االبتدائي في مبلغ‬
‫‪ 500‬درهم يؤدى لفائدة محرر العقد‪،‬وبالنسبة للبيع النهائي نصت المادة الثانية من النص التنظيمي‬
‫المذكور أنه يتقاضى محرر العقد النهائي لبيع العقار في طور اإلنجاز مبلغا يتناسب مع ثمن البيع‬
‫اإلجمالي للعقار وذلك كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أقل من ‪ 120000‬درهم أو ما يعادله مبلغ ‪ 600‬درهم‪.‬‬
‫‪ -‬من ‪ 120000‬إلى ‪ 200000‬درهم مبلغ ‪1000‬درهم‪.‬‬
‫‪-‬من ‪ 200001‬إلى ‪ 500000‬درهم مبلغ ‪ 2500‬درهم‪.‬‬
‫‪ -‬من ‪ 5000001‬فما فوق نسبة ‪ %0.50‬من المبلغ اإلجمالي للعقار‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬توثيق المعامالت العقارية ودوره في الحد من ظاهرة‬


‫االستيالء على العقارات‪.‬‬
‫عرفت الساحة التشريعية في السنوات األخيرة مستجدات هامة على مستوى التشريعات المرتبطة‬
‫بتنظيم العقار‪ ،‬ويعد مجال توثيق التصرفات العقارية من المجاالت األساسية التي حظيت باالهتمام‬
‫التشريعي‪ ،‬سواء على مستوى تنظيم المهن المتدخلة في ميدان التوثيق أو على مستوى إصدار‬
‫تشريعات جديدة تروم تضييق اللجوء إلى العقد العرفي‪ ،‬وتأتي كل هذه المجهودات المبذولة من قبل‬
‫المشرع في إطار التصدي إلى ما يعرف اليوم بظاهرة االستيالء على العقارات‪ ،‬والتي ساهمت في‬
‫تفشيها مجموعة من األسباب ( المطلب األول )‪ ،‬مما جعل المشرع المغربي العمل على مضاعفة‬
‫الجهود‪ ،‬واتخاذ مجموعة من التدابيرالتوثيقية الكفيلة بالتصدي لهذه الظاهرة ( المطلب الثاني )‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أسباب تفشي ظاهرة االستيالء على العقارات‪.‬‬


‫نظرا للوظائف المتعددة التي يضطلع بها العقار فإن جل الدول قامت بتحصين أنظمتها العقارية‬
‫بالعديد من القواعد القانونية‪ ،‬واإلجراءات الشكلية لحماية الملكية العقارية وحماية المتعاملين في هذا‬
‫الميدان لتحقيق األمن القانوني‪ ، 14‬لكن رغم ذلك تتظافر عدة عوامل تجعل الحماية القانونية قاصرة‪،‬‬

‫‪ 13‬مرسوم رقم ‪ 2-04-143‬صادر بتاريخ ‪ 14‬ذي القعدة ‪ 1425‬موافق ل ‪27‬ديسمبر ‪.2004‬‬


‫‪ 14‬عبد للا درويش ‪ :‬العدالة التصالحية كآلية لتسوية المنازعات بين طالب التحفيظ والمتعرض‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء المدني‪ ،‬سلسلة " دراسات وأبحاث "‬
‫العدد الخاص بالمنازعات العقارية‪ ،‬دراس ات وأبحاث على ضوء نظام التحفيظ العقاري ومدونة الحقوق العينية والمستجدات التشريعية في المادة العقارية‪ ،‬العدد ‪،9‬‬
‫سنة ‪ ،2005‬ص ‪.143 :‬‬

‫‪12‬‬
‫وهو األمر الذي أصبح معه "اال ستيالء على عقارات الغير ممارسة متكررة‪ ،‬يدل عليها عدد القضايا‬
‫المعروضة على المحاكم وتعدد الشكاوى المقدمة حولها‪ ،‬واألخبار المتواترة التي توردها الصحافة‬
‫‪15‬‬
‫بشأنها‪ ،‬وأضحى يجسد وجود ظاهرة خطيرة تتفشى بشكل كبير"‬
‫فمن بين األسباب التي تقف وراء هذه السلوكيات ما هو قانوني وقضائي (الفقرة األولى) أو‬
‫اقتصادي واجتماعي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬األسباب القانونية والقضائية لتفشي ظاهرة االستيالء على العقارات‪.‬‬
‫إن الحديث اليوم عن ظاهرة االستيالء على عقارات الغير ال يمكن تشخيصه دون الحديث في‬
‫العوامل القانونية التي يمكن أن تشكل ثغرة ينتج عنها السطو على عقارات الغير (أوال)‪ ،‬وكذا مالمسة‬
‫تعامل القضاء مع القضايا المعروضة عليه والمرتبطة بذلك (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬األسباب القانونية‬
‫تعتبر الثغرات القانونية من العوامل المعتمد عليها في السطو واالستيالء على عقارات الغير‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل النصوص القانونية المتفرقة والمرتبطة أساسا بتعدد األنظمة العقارية والتوثيقية‪ ،‬سواء تلك‬
‫المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية‪ 16‬أو المتعلقة بتوثيق التصرفات العقارية وكذا الدعاوى‬
‫التي يكون موضوعها ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشطيب‪ ،17‬دون إغفال ما يتعلق‬
‫بالزجر والعقاب للفئات المهنية أو حق االطالع على المعلومات‪ ،‬أو المصادقة من قبل القنصليات‪.‬‬
‫ولعل هذا هو السبب الذي أكدت عليه الرسالة الملكية حينما دعت إلى ضرورة ابتكار إجراءات‬
‫"تضمن معالجة أي قصور قانوني أو مسطري من شأنه أن يشكل ثغرات تساعد على استمرارها"‪.‬‬
‫ثانيا األسباب القضائية‬
‫تعد السلطة القضائية أحد أهم الجهات التي خولها الدستور المغربي حماية حقوق األفراد‪ ،‬وفي‬
‫ذلك نص الفصل ‪ 117‬منه على أنه "يتولى القاضي حماية حقوق األشخاص‪ ،‬والجماعات‪ ،‬وحرياتهم‪،‬‬

‫‪15.2016/12/30‬‬ ‫‪ 15‬الرسالة الملكية السامية الموجهة لوزير العدل والحريات بتاريخ‬


‫‪ 16‬ظهير شريف رقم ‪ 178.11.1‬صادر في ‪ 25‬ذي الحجة ‪ 1432‬الموافق ل ‪ 22‬نونبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪08‬ـ‪ 39‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪ ،‬المنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ 27‬ذي الحجة ‪ 1432‬الموافق ‪ 24‬نونبر‪ ،2011‬ص ‪ 5587 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 17‬تنص المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية على ما يلي "إن الرسوم العقار ية وما تتضمنه من تقييدات تابعة إلنشائها تحفظ الحق الذي تنص عليه وتكون حجة‬
‫في مواجهة الغير على أن الشخص المعين بها هو فعال صاحب الحقوق المبينة فيها‪.‬‬
‫إن ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشطيب من الرسم العقاري ال يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية‪ ،‬كما ال يمكن أن يلحق به أي‬
‫ضرر‪ ،‬إال إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد‬
‫المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه"‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وأمنهم القضائي‪ ،‬وتطبيق القانون"‪ ،‬غير أن استفحال ظاهرة االستيالء على عقارات الغير أصبح اليوم‬
‫يطرح العديد من التساؤالت حول تعامل القضاء مع القضايا المعروضة عليه‪ ،‬وتتبعه لها‪ ،‬وطول‬
‫إجراءاتها‪ ،‬وقد جاءت الرسالة الملكية لتؤكد على أن " ‪ ...‬استمرار التشكي بشأن نفس الموضوع لهو‬
‫دليل على تواصل استفحال هذه الظاهرة‪ ،‬ومؤشر على محدودية الجهود المبذولة لمكافحتها لحد اآلن‪،‬‬
‫إن على صعيد ما يالحظ من فتور في تتبع معالجتها القضائية‪ ،‬أو على مستوى ما يتبين من قصور‬
‫‪18‬‬
‫في تدابير مواجهتها الوقائية ‪"...‬‬
‫وعليه فالقضاء مدعو إلى تطبيق القانون بكل صرامة والتصدي بكل حزم للظاهرة‪ ،‬ومعالجة‬
‫الملفات العالقة وتبسيط المساطر وإرجاع الحقوق إلى ذويها باعتباره الساهر على تحقيق العدل‬
‫وصيانة الحقوق خاصة وأن األمر يتعلق بالثروة العقارية التي تعد قطبا أساسيا لكل تنمية اقتصادية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬األسباب االقتصادية واالجتماعية لتفشي ظاهرة االستيالء على عقارات‬
‫األجانب‬
‫تشكل األسباب االقتصادية واالجتماعية عامال مباشرا النتشار ظاهرة االستيالء على عقارات األجانب‬
‫األمر الذي يدفعنا للبحث في األسباب االقتصادية (أوال) واألسباب االجتماعية (ثانيا) لهذه الظاهرة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬األسباب االقتصادية‬
‫يشكل العامل االقتصادي أحد أهم األسباب في انتشار ظاهرة االستيالء على عقارات األجانب‬
‫والمتمثل باألساس في الرغبة باالغتناء السريع خصوصا إذا علمنا أن العقارات التي تكون موضوع‬
‫استيالء غالبا ما تكون ذات قيمة مالية مهمة‪ ،19‬فالعصابات اإلجرامية أو ما يطلق عليه مافيا العقار‬
‫غالبا ما تلجأ في تنفيذ مخططاتها قصد السطو على عقارات الغير إلى ترصد مناطق متعددة في أغلب‬
‫المدن منها الدار البيضاء‪ ،‬طنجة‪ ،‬مراكش‪ ،‬بني مالل‪ ،‬أسفي والقنيطرة‪.‬‬
‫وعليه فإن العائدات المالية المحصلة من هذه العملية تكون في غالب األحوال الدافع الرئيسي والمباشر‬
‫لإلقدام إلى االستيالء على عقارات الغير بدون موجب قانوني‪.20‬‬

‫‪ 18‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الوسيط في نظام الم لكية العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والتشريعات العقارية الخاصة‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،2019‬مطبعة النجاح الجديدةـ‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.132 :‬‬
‫‪ 19‬إدريس الفاخوري‪" :‬ظاهرة االستيالء على عقارات الغير ‪ :‬األسباب وسبل التصدي"‪ ،‬مقال منشور ضمن سلسلة المعارف القانونية والقضائية‪ ،‬مؤلف جماعي‬
‫بعنوان "االستيالء على عقارات الغير واالسترجاع" منشورات مجلة الحقوق ‪ ،‬اإلصدار ‪ 2018-62‬دار النشر والمعرفة‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط طبعة‬
‫‪ ،2018‬ص ‪17‬‬
‫‪ 20‬إدريس الفاخوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪18‬‬

‫‪14‬‬
‫كما أن وجود عقارات شاغرة أو تعود ملكيتها لألجانب والمغاربة المقيمين خارج الوطن ذات قيمة‬
‫مالية مهمة هو ما يغري المستولون للحصول على هذه العقارات بكل الوسائل الممكنة‪ ،‬وتبقى قيمة‬
‫العقار هي الهاجس وراء السطو واالستيالء فال يمكن تصور وجود عقارات شاغرة وذات قيمة مالية‬
‫مهمة دون االستغالل‪ ،21‬وما يدل على ذلك هي اإلحصائيات التي أوردها وزير العدل والحريات‬
‫بخصوص قضايا االستيالء على عقارات الغير والمعروضة على القضاء والتي تبلغ سبعة وثالثون‬
‫قضية من بينها ‪ 25‬وعشرون قضية ال تزال أمام القضاء‪.22‬‬
‫ورغم هذه اإلحصائيات التي أوردها وزير العدل فهي التعكس الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة‪ ،‬وهو‬
‫األمر الذي يتضح من الرسالة الملكية‪ ،‬فصرامتها توحي بأن األمر يتجاوز ذلك بكثير‪ ،‬واليمكن لسبعة‬
‫وثالثون قضية أن تكون سببا للرسالة الملكية بالشكل والصيغة التي وردت بها‪.23‬‬
‫وهنا البد من اإلشارة إلى نقطة مهمة وهي أن الفراغ القانوني الذي يعاني منه اليوم المجال العقاري‪،‬‬
‫فالبد من التأكيد أن الرسالة الملكية التي تهم محاربة اإلستيالء على عقارت الغير هي عنوان لفشل‬
‫المنظومة العقارية‪ ،‬ألن هناك إقرار بوجود هلل قانوني وخلل في مجال التعامالت وأخالقيات التعامل‬
‫بالعقار أدى إلى واقع يفيد ضرب األمن القانوني العقاري للمملكة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬األسباب االجتماعية‬
‫تشكل األسباب االجتماعية عامال مباشرا في تفشي ظاهرة االستيالء على عقارات األجانب‪ .‬ولعل‬
‫ابرز هذه األسباب الجهل وال نقصد من الجهل‪ .‬الجهل بالقراءة أو الكتابة بل أمية أوسع من ذلك وهي‬
‫الجهل باألمور القانونية ذات االرتباط بالملكية األمر الذي يزيد من تفاقم هذه الظاهرة‪ ،‬هذا كله من‬
‫أجل إشباع الحاجة المتمثلة في حب التملك‪ ،‬باإلضافة إلى النزعة العدوانية بداخل الفرد‪ ،‬دون أن‬
‫ننسى إهمال المالك األصليين لعقاراتهم والذين يغيبون عنها لمدة زمنية تفوق أربعة سنوات الشيء‬
‫الذي يجعلها عرضة لالستيالء و أطماع الكثيرين‪.‬‬
‫هذا وال نستغرب من وجود أساتذة وأطر في قطاعات مختلفة صاروا ضحايا لمثل هده السلوكيات‪،‬‬
‫وذلك أن هذه الظاهرة ال تستثني أحد وإن كانت الفئة الغير المتعلمة هي أكثر الفئات عرضة لالستيالء‬
‫على عقاراتهم‪.24‬‬
‫‪ 21‬فحسب اإلحصائيات التي قامت مصالح المحافظة العقارية بالدار البيضاء في ظل التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير أبانت عن وجود إحدى عشر‬
‫ألف عقار مهجور بالدار البيضاء تعود ملكيتها لألجانب‪ ،‬وملفات بعضها منذ ‪ 60‬سنة‪ ،‬أنظر جريدة الصباح العدد ‪ 5414‬السنة الثامنة عشر ليوم ‪ 20‬سبتمبر‬
‫‪2017‬‬
‫‪ 22‬عائشة أمغار‪ ،‬االستيالء على عقارات الغير وأثره على األمن العقار‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬ماستر الدراسات القانونية والعقارية‪ ،‬جامعة‬
‫القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2018/2019‬ص ‪35 34‬‬
‫‪ 23‬عائشة أمغار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪35‬‬
‫‪ 24‬إدريس الفاخوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪18‬‬

‫‪15‬‬
‫وكمثال على ذلك أن يقوم شخص بتحرير محرر عرفي يتعلق بعقار ذو قيمة مالية مهمة‪ ،‬دون سلوك‬
‫الرسمية التي توفر له حماية أكثر‪ ،‬وهذه أمية عقارية تكرس ظاهرة االستيالء‪.‬‬
‫كذلك من بين العوامل االجتماعية نجد عدم تتبع المالكين لوضعيتهم عقاراتهم المحفظة أو التي في‬
‫طور التحفيظ‪ ،‬فكثير من الناس ال يطلعون على وضعية عقارات مما يزيد من خطورة واحتمال فقدان‬
‫ممتلكاتهم‪ ،25‬حيث ينص الفصل ‪ 27‬من المرسوم ‪ 14‬يوليوز ‪ 2014‬في شأن إجراءات التحفيظ‬
‫العقاري على أنه "يمكن لكل شخص‪ ،‬بعد التعريف بهويته‪ ،‬أن يحصل بناء على طلب المعلومات‬
‫المضمنة بالسجالت العقارية أو الواردة في تصاميم العقارات المحفظة أو في طور التحفيظ أو‬
‫المودعة بملفات الرسوم العقارية ومطالب التحفيظ‪ ،‬شريطة اإلدالء برقم مطلب التحفيظ أو الرسم‬
‫العقاري المعني‪."...‬‬
‫باإلضافة إلى عدم تحيين الرسوم العقارية‪ ،‬حيث يتضح من خالل الممارسة العملية داخل المحافظات‬
‫العقارية أن أغلب المالك ال يقومون بتقييد حقوقهم العقارية المنتقلة إليهم عن طريق البيع أو القسمة أو‬
‫اإلرث وغيرها من التصرفات الناقلة للملكية مما يجعل حقوقهم عرضة للضياع بسبب تقاعسهم عن‬
‫تقييد حقوقهم‪ ،‬وهذه العوامل تساهم في بروز ظاهرة االستيالء على عقارات الغير‪.26‬‬
‫فإذا كان المشرع المغربي بمقتضى ظهير التحفيظ العقاري قد وضع قاعدة مفادها أن الحقوق العينية‬
‫والتكاليف العقارية ال تنشأ وال تنتقل وال تتغير وال تزول إال بتقييدها بالسجل العقاري‪ ،‬وذلك حتى‬
‫تنطبق صورة هذا السجل مع الحقيقة الفعلية للعقار‪ ،‬غير أنه إذا كان المشرع قد أقر مبدأ التحيين حتى‬
‫تظل الرسوم العقارية وسيلة موثوق بها لتقديم المعلومات الصحيحة حول المالك الحقيقي‪ ،‬أو ما يعرف‬
‫بمصداقية الرسوم العقارية‪ ،27‬إال أن الواقع أبان عن وجود عدد هائل من الرسوم العقارية الجامدة‪،‬‬
‫والتي أضحت تثير أكثر من إشكالية أمام التنمية نظرا للصعوبات التي تطرحها و التي تؤثر بال شك‬
‫على استقطاب االستثمارات وتحقيق األمن العقاري‪.‬‬

‫‪ 25‬إن الحصول على المعلومات بالنسبة للعقارات المحفظة أو في طور التحفيظ تناوله المشرع في المرسوم رقم ‪ 2.13.2‬الصادر في ‪ 16‬رمضان ‪1435‬‬
‫الموافق ل ‪ 14‬يوليوز ‪ 2014‬في شأن إجراءات التحفيظ العقاري‪ ،‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6277‬المؤرخة في ‪ 28‬يوليوز ‪ ،2014‬صفحة ‪ 9117‬وما‬
‫بعدها‬
‫‪ 26‬عائشة أمغار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪37‬‬
‫‪ 27‬طارق الدخيسي‪ ،‬تحيين الرسوم العقارية وأثره على التنمية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ‪ ،‬جامعة محمد األول وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪-2007‬‬
‫‪ ،2008‬ص‪52‬‬

‫‪16‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التدابير التوثيقية الكفيلة بالتصدي لظاهرة االستيالء على‬
‫العقارات‬
‫نص المشرع المغربي في الفصل ‪ 21‬من الدستور على حماية حق الملكية‪,‬إلى جانب النصوص‬
‫التشريعية التي تهدف أيضا إلى نفس األمر كذا إلى استقرار المعامالت العقارية‪,‬لكن رغم كل هذه‬
‫النصوص إال أن ظاهرة االستيالء الزالت تعطي مفعولها لذلك وجب التصدي لها من خالل تعديل‬
‫مجموعة من النصوص القانونية "الفقرة األولى" باإلضافة إلى تدبير هذه الظاهرة والتصدي لها عن‬
‫طريق بعض الجهات كالمحافظة العقارية مثال "الفقرة الثانية"‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعديل بعض نصوص مدونة الحقوق العينية‬


‫عمل المشرع المغربي على تعديل بعض النصوص القانونية ولعل أهمها المادة الرابعة من مدونة‬
‫الحقوق العينية (أ)‪ ,‬كما بادر أيضا بتعديل المادة الثانية من نفس المدونة ألجل حماية المالك الحقيقي‬
‫هو ما يحول دون تحقيق األمن العقاري بالشكل المراد‪.‬‬
‫أوال‪:‬تعديل المادة الرابعة من م ح ع‬
‫اتخذ المشرع المغربي عدة تدابير‪,‬للحد من ظاهرة االستيالء على عقارات الغير‪ ,‬منها جاء تعديل‬
‫المادة الرابعة من م ح ع بموجب قانون ‪.28 69-16‬‬
‫والذي ينص بتتميم المادة الرابعة‪,‬وذلك بادخل الوكاالت المرتبطة بالتصرفات المتعلقة بالملكية وبذلك‬
‫أصبحت الصيغة الحالية للمادة ‪ 4‬كالتالي " يجب أن تحرر تحت طائلة البطالن‪-‬جميع التصرفات‬
‫المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكاالت‬
‫الخاصة بها بمحرر رسمي‪ ،‬أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام‬
‫محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خالف ذلك"‪.‬‬
‫يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من األطراف ومن‬
‫الجهة التي حررته‪.‬‬
‫تصحح إمضاءات األطراف من لدن السلطة المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد‬
‫من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي يمارس بدائرتها‪.‬‬
‫استنتاجا مما أعاله أدخل الوكالة ضمن العقود التي يجب تحريرها بموجب عقد رسمي مبرم من لدن‬
‫عدل أو موثق أو في محرر ثابت التاريخ مبرم من لدن محام مقبول للترافع للترافع أمام محكمة‬

‫‪-28‬الظهير الشريف رقم ‪ 1-17-50‬صادر في ‪ 8‬ذي الحجة ‪ 1438‬الموافق ل ‪ 30‬غشت ‪ 2017‬بتنفيد القانون ‪ 16-69‬القاضي بتتميم المادة ‪ 4‬ةمن القانون ‪-08‬‬
‫‪ 39‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6604‬بتاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪ 2011‬ص ‪.5068‬‬

‫‪17‬‬
‫النقض‪ ,‬والوكاالت العرفية العرفية التي أبرمت قبل هذا القانون ولم يعمل بها أو عمل بها ولم تنته‬
‫إجراءات العقود المرتكزة عليها بعد‪ ,‬فإنه يتعين على الموكلين إقرار الوكاالت الصادرة عنهم‬
‫لوكالئهم أو إعادة تحريرها وفق ما تقتضيه المقتضيات التشريعية الجديدة للمادة المذكورة‪29,‬إذا فكل‬
‫وكالة عرفية وإن حررت قبل دخول هذا القانون ‪16-69‬حيز التنفيد‪ ,‬تبقى بدون مفعول ما لم تنسجم‬
‫مع التعديل الجديد الذي أدخل على المادة ‪ 4‬من م ح ع‪ ,‬وفي هذا االتجاه أصد المحافظ العام مذكرة‬
‫توجيهية إلى المحافظين على األمالك العقارية‪ 30,‬إال أن التفسير الذي أبداه المحافظ العام على المادة ‪4‬‬
‫أثا ر العديد من النقاشات من ذلك أن العديد اعتبر أن المذكرة فصلت التصرفات القانونية في آثلرها في‬
‫ظل القانون الجديد‪ ,‬يبقى غير مؤسس من الناحية القانونية ألنه يقوم على فصل التصرفات عن أاثارها‬
‫فصلال يراعي قيامها صحيحة منتجة الثارها د‪ ,‬وبالتالي ال يمكننا القول بعدم اعتبار اثار الوكاالت‬
‫العرفية التي ابرمت في ظل القانون القديم من غير التطرق لما إذا كانت الوكاالت قد قامت على نحو‬
‫‪31‬‬
‫صحيح بالنظر للقانون القديم ام ال‪.‬‬
‫إال أن هذا مخالف لما جاء في الدستور حيث نص الفصل ‪..." 6‬ليس للقانون آثر رجعي"‪.‬‬
‫أثيرت العديد من اإلشكاليات حول صعوبة تطبيق مقتضيات المادة ‪ 4‬بعد التعديل وخاصة بالنسبة‬
‫‪32‬‬
‫للوكاالت التي سبقت تاريخ التعديل‪,‬بادرت وزارة العدل إلى طرح بعض الحلول منها‪:‬‬
‫• ضرورة إحصاء السادة العدول والسادة الموثقين الحاالت التي تم فيها توثيق التصرفات‬
‫القانونية بناء على وكاالت عرفية بعد نشر التعديل بالجريدة الرسمية‪.‬‬
‫• مباشرة كل المحاوالت الممكنة على الموكلين الذين أنجزوا وكاالت عرفية داخل أو خارج‬
‫المغرب في عقود لم تنتهي إجراءاتها رغم حلول ‪ 14‬شتنبر‪ 2017‬للحصول منهم على إجازة‬
‫لتلك الوكاالت الصادرة عنهم‪ ,‬أو إعادة تحريرها وفق المقتضيات الجديدة للمادة ‪ 4‬من م ح ع‬
‫‪.‬‬
‫مما سبق نستنتج أن التعديل الجديد له أهمية خاصة في إدراج الرسمية ضمن الوكاالت‪ ,‬أي أنه‬
‫باإلمكان أن حسم في التخلص من أحد منافذ السطو على أمالك الغير ويتعلق األمر بتزوير الوكاالت‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬مشروع تعديل المادة ‪ 2‬من م ح ع‬

‫‪ 29‬بالغ وزارة العدل والحريات في بوابتها االلكترونية بشأن المادة ‪ 4‬من م ح ع بتاريخ ‪ 4‬أكتوبر ‪. 2017‬‬
‫‪-30‬مذكرة المحافظ العام عدد ‪ 20‬صادر بتاريخ ‪21‬شتنبر ‪ 2017‬في شأن تتميم المادة ‪ 4‬من م ح ع وفق القانون ‪.69-16‬‬
‫‪ -31‬إدريس الفاخوري ‪,‬ظاهرة االستيالء على عقارات الغير‪,‬االسباب وسبل التصدي‪,‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدار البيضاء‪,‬ط‪ , 2017‬ص ‪26‬‬
‫‪ -32‬هشام مالطي‪ ,‬مداخلة في الندوة المنظمة من طرف وزارة العدل والحريات بعنوان "المجهودات المبذولة في مجال التصدي ألفعال االستيالء على عقارات‬
‫الغير والتي تم تنظيمها بالمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء يوم ‪ 17‬فبراير ‪, 2018‬غير منشورة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫جاءت المادة ‪ 2‬بمقتضى خدش حجية التقييد بالرسوم العقارية‪ ،‬إذ منذ إنشاء هذا النظام القانوني‬
‫والترويج لنجاعته‪ ،‬اعتمد على حمايته للملكية العقارية بسبب صالبته والضمانات التي يقدمها ضد‬
‫كل اعتداء‪,‬عليها‪,‬لكن بهذا المقتضى أصبح المالك هو المطالب بحماية عقاره باإلطالع لدى المحافظة‬
‫على األمالك العقارية على رسمه العقاري والتأكد مرة بعد آخري من عدم إدراج المحافظ العقاري‬
‫‪33‬‬
‫برسمه ألي تقييد ال عالقة قانونية له به ويهدد ملكيته‪.‬‬
‫إن هذه المادة تكرس لظاهرة االستيالء على عقارات الغير‪ ,‬حيث يمكن لصاحب حق مقيد بالسجل‬
‫العقاري أن يجد حقه قد تم حرمانه منه‪ ,‬بسبب وثيقة أو مستندات مزورة ‪ ,‬بأن المالك قد باع‬
‫والمشتري قيد عقد البيع وانتقلت إليه ملكيته‪,‬وأربع سنوات مرة سواء علم أو لم يعلم ‪ ،‬إذا لم يتمكن‬
‫من إثبات الزور أو التدليس يطالب بالتعويض‪ ,‬حيث هذا يعد ثغرة تمكن من االستيالء على عقارات‬
‫الغير دون سند أو موجب قانوني‪.‬‬
‫ومدة أربع سنوات هي أجل سقوط وليس تقادم‪ ,‬ألن الحق يسقط وال يمكن سوى المطالبة بالتعويض‬
‫‪34‬‬
‫بعد مرور المدة‪.‬‬
‫في إطار تصدي وزارة العدل والحريات لهذه الظاهرة‪ ,‬تقدمت األغلبية بمجلس النواب بمقتضى‬
‫التعديل‪ ,‬وذلك بجعل أجل رفع دعوى التشطيب على التقييدات التي تتم بالرسوم العقارية بناء على‬
‫تدليس أو تزوير تبتدئ من تاريخ اكتشاف التزوير أو التدليس‪ ,‬بدال من األجل المنصوص عليه حاليا‪,‬‬
‫حيث أكد السيد محمد أوجار وزير العدل والحريات أن المناقشات ال تزال جارية على مستو مجلس‬
‫النواب لتعديل مقتضيات المادة ‪ 2‬من م ح ع‪ ,‬بقوله أن الوزارة منفتحة على كافة االقتراحات للوصول‬
‫‪35‬‬
‫إلى صيغة توافقية تحظى باإلجماع والتوافق وعرضها على البرلمان للمصادقة‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق وفي نظرنا فإنه ال بد من تعديل هذه المادة الثانية في فقرتها الثانية فيجب جعل‬
‫أجل رفع الدعوى من تاريخ اكتشاف التزوير أو التدليس وليس من تاريخ التقييد كما هو معمول به‪,‬‬
‫وذلك في إطار تحقيق نوع من التوازن بين حقوق المالك الحقيقي وحسن النية إضافة إلى استقرار‬
‫‪36‬‬
‫المعامالت‪.‬‬

‫‪ -33‬عبدالسالم الشمانتي الهواري‪,‬الحماية القاضائية لعقارات األجانب من االستيالء‪,‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط‪ ,‬طبعة ‪ ,2018‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 34‬يمكن مقارنتها بأجل السقوط في دعوى الحيازة من خالل المادة ‪ 167‬م ح ع التي تنص على أنه " ال تقل دعوى الحيازة‪...‬إال إذا أثيرت خالل السنة التالية للفعل‬
‫الذي يخل بالحيازة"‪.‬‬
‫‪ 35‬عبد السالم الشمانتي الهواري‪,‬م س‪ ,‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 36‬اجتماع اآللية المكلفة بتتبع موضوع " االستيالء على عقارات الغير بالرباط يوم االثنين ‪ 07‬غشت ‪ 2017‬منشور بالموقع االلكتروني ‪ maroc.ma‬تاريخ‬
‫االطالع ‪ 10/08/2018‬على الساعة‪.02:25‬‬

‫‪19‬‬
‫من خالل ما أحاطنا إليه نتساءل عن دور المحافظة والنيابة العامة وكذا بعض الجهات في الحد من‬
‫هذه الظاهرة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور المحافظة العقارية والنيابة العامة والجهات المكلفة بالتوثيق في‬
‫التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير‪.‬‬
‫تعتبر ظاهرة االستيالء على عقارات الغير من أخطر الظواهر التي يمكن أن تهدد الملكية العقارية‬
‫للغير‪ ،‬وبهذا ثم إحداث عدة آليات ومساطر استباقية لمواجهة هذه الظاهرة دون انتظار حدوتها وهذا‬
‫من أجل معالجتها والتصدي لها‪ ،‬ومن بين التدابير المقترحة ما هو مرتبط بمصالح المحافظة‬
‫العقارية(أوال)‪ ،‬والنيابة العامة(ثانيا)‪ ،‬ثم الجهات المكلفة بالتوثيق(ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬دور المحافظة العقارية في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير‬
‫يتجلى دور المحافظة العقارية في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير من خالل‪:‬‬
‫‪-1‬إنشاء بوابة الكتر ونية من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية يتم من خاللها اشهار رقمي‬
‫يخول للمالك المقيدين حق تتبع وضعية عقاراتهم من خالل االطالع على البيانات المسجلة بالرسوم‬
‫العقارية دون مشقة التنقل للمحافظة العقارية‪ ،37‬إال أن هذا التدبير اقتصر على الرسوم العقارية فقط‬
‫دون مطالب التحفيظ التي يمكن لها هي األخرى أن تكون عرضة لالستيالء عن طريق التفويت‬
‫بطرق احتيالية و تحفظها في اسم المفوت له‪.‬‬
‫‪ -2‬تفعيل المحافظين لصالحياتهم المنصوص عليها في ظ‪.‬ت‪.‬ع بشكل صارم‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق‬
‫بمراقبة السندات المدلى بها من قبل المعنيين باألمر تدعيما لطلبات التقييد‪ ،‬وبدل مزيد كذلك من‬
‫الحرص في مراقبة السندات المؤيدة لطلبات اإليداع والتقييد بالسجالت العقارية عموما‪ ،‬وتلك المتعلقة‬
‫بالعقارات المملوكة لألجانب أو المغاربة القاطنين بالخارج بصفة خاصة‪.38‬‬
‫‪ -3‬ح صر العقارات المحفظة المملوكة لمتغيبين أجانب أو مغاربة وفي هذا اإلطار راسل السيد وزير‬
‫الداخلية ووالة الجهات وعمال عماالت و أقاليم المملكة‪ ،39‬يحتم على القيام بجرد ميداني على صعيد‬
‫كافة عماالت و أقاليم المملكة للعقارات المحفظة التي يمكن أن تكون عرضة لالستيالء بحكم إهمالها‬
‫أو عدم معرفة أو وفاة مالكيها‪.‬‬
‫‪ -4‬إلزامية المحافظين بضرورة دراسة طلبات تقييد األوامر بعقل وتجميد وحجز العقارات المعنية‬
‫الصادرة في إطار التدابير االحترازية المتخذة خالل إجراءات التحقيق القضائي في شكل شكاوى‬
‫االستيالء على العقارات و إيالئها األهم ية الالزمة والضرورية دون تأخير أو تسويف بغية منع‬
‫‪ 1‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الوسيط في نظام الملكية العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والتشريعات العقارية الخاصة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديد‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة ‪ ،2019‬ص‪. 143/142:‬‬
‫مذكرة المحافظ العام الموجهة للسادة المحافظين على األمالك بتاريخ ‪ 17‬يناير ‪ 2017‬في شأن االستيالء على عقارات الغير‪38.‬‬
‫رسالة السيد وزير الداخلية عدد ‪ 2011‬المؤرخة في ‪ 08‬فبراير ‪ 2017‬حول التصدي ألفعال االستيالء على عقارات الغير‪39 .‬‬

‫‪20‬‬
‫التصرف في هذه العقارات لفائدة الغير‪ ،‬إلى حين انتهاء التحقيق والبث في الشكاوى المذكورة وفق ما‬
‫تقتضيه المساطر القانونية المعمول بها في هذا اإلطار‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬دور النيابة العامة في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير‬
‫إن أهم األدوار التي يمكن للنيابة العامة القيام بها لحماية عقارات الغير من االستحواذ عليها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬كلما تعلق األمر بدعوى الزور الفرعي ينبغي الحرص على تبليغ النيابة العامة بذلك وتزويدها‬
‫بمجموعة الوثائق موضوع الطعن‪ ،‬ولو تعلق األمر بتنازل المطعون ضده بالزور عن استعمال الوثيقة‬
‫وسحبه لها‪ ،‬األمر الذي يمكن أن يثني بعض المتالعبين بأمالك الغير عن سلوكياتهم الماسة باألمن‬
‫العقاري عموما‪.‬‬
‫‪ -2‬الحرص الشديد والصرامة الالزمة بخصوص تتبع األبحاث الجارية بشأن قضايا االستيالء على‬
‫عقارات الغير لماله من تأثير على االستثمار وما يترتب عنه من زعزعة ثقة الفاعلين والمساهمين‬
‫االقتصاديين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬دور الجهات المكلفة بالتوثيق في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير‬
‫يمكن الحديث هنا على ما جاء في أحد البالغات الصادرة عن وزارة العدل والحريات‪ ،40‬في إطار‬
‫الحرص على تعزيز ضمانات استقرار المعامالت وحماية األمن التعاقدي‪ ،‬وبغية حماية المهن المؤهلة‬
‫لتوثيق وتحرير العقود ذات ال صلة بالمعامالت العقارية من إمكانية إنكار بعض المتعاقدين لتصرفاتهم‪،‬‬
‫ثم اإلعالن عن منشور ومراسالت للسيد وزير العدل والحريات لكل من النيابة العامة وتمثيليات‬
‫المهن القضائية من تجهيز مكاتب المكلفين بتحرير مثل هذه العقود بكاميرات بغية التسجيل السمعي‬
‫البصري أثناء عملية تحرير العقود‪ ،‬واالحتفاظ بها والرجوع لها عند االقتضاء‪.41‬‬
‫إال أن المؤاخذة التي يمكن أن يؤاخذ عليها هذا اإلجراء هو أن األمر هذا يتطلب تدخال تشريعيا‬
‫صريحا للتنصيص على هذه التقنية و إلزام القضاء بخصوصها في اإلثبات‪.‬‬
‫فرغم كل هذه التدابير التي تم ذكرها والت طرق إليها فال يمكن القول بكفايتها للحد من ظاهرة االستيالء‬
‫على عقارات الغير التي أصبحت موضوع الساعة بفعل ما تعرفه من انتشار واسع بفعل استغالل‬
‫مافيا العقار للثغرات القانونية من أجل االستيالء على هذه العقارات‪.‬‬

‫خــاتمــــــــة‬
‫وفي الختام‪،‬يتضح أن المشرع المغربي قد عمل في اآلونة األخيرة على تعديل و مراجعة الترسانة‬
‫القانونية المنظمة لمؤسسة التوثيق‪،‬بهدف تحقيق األمن العقاري و التوثيقي للحد من االستيالء على‬
‫عقارات الغير‪،‬وهو تعديل حقق من خالله المشرع العديد من اإليجابيات‪،‬التي ساهمت في حل العديد‬
‫‪ 40‬البالغ الصادر عن وزارة العدل و الحريات ‪ 17‬فبراير ‪ 2017‬منشور بالموقع الرسمي للوزارة ‪.www.justice.gov.ma‬‬
‫إدريس الفاخوري‪ ،‬الوسيط في الملكية العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والتشريعات العقارية الخاصة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪14441:‬‬

‫‪21‬‬
‫من اإلشكاليات التي كانت مطروحة‪،‬لكن هذا التعديل لم يواكبه ما يصطلح عليه بالمالئمة‪،‬أي مالئمة‬
‫هذه النصوص المنظمة للتوثيق‪،‬مع باقي المؤسسات القانونية األخرى التي لها عالقة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة بميدان التوثيق ‪،‬وعدم هذه المالئمة انعكست سلبا على تحقيق األمن العقاري المنشود‪ ،‬بحيث‬
‫ما تزال بعض النصوص القانونية يلفها الغموض و التعارض ‪،‬بل والتناقض أحيانا خاصة فيما يتعلق‬
‫بتمام بناء المحرر‪.‬‬
‫فإن هذا ال يمنعنا من تقديم بعض التوصيات لعل أهمها‪:‬‬
‫*جمع النصوص القانونية المتعلقة بتوثيق التصرفات العقارية في مدونة واحدة‪ ،‬بدل تشتتها بين أكثر‬
‫من نص قانوني‪.‬‬
‫*مالئمة منظومة التوثيق مع الثروة التكنولوجية التي يعرفها العالم‪ ،‬والتي نجم عنها العمل بالعقد‬
‫اإللكتروني‪ ،‬والتعاقد عن بعد‪.‬‬
‫*إحداث الصندوق ضمان خاص بأداء المبالغ المحكوم بها لفائدة المتضرر من خطأ مهني ارتكبه‬
‫العدل‪ ،‬وذلك على غرار صندوق ضمان الموثقين‪.‬‬
‫* إعادة النظر في المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية عن طريق إقرار مبدأ رسمية العقود‬
‫والتصرفات الواردة على العقار‪.‬‬

‫الفـهــرس‬
‫المــقـدمــــــــة ‪2 ................................................................................................................................................‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬دور التوثيق المعامالت العقارية في تحقيق األمن العقاري‪4 .............................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ضمانات توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والقوانين الخاصة‪5.........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ضمانات تحرير العقود العقارية ‪5 ........................................................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬توثيق المعامالت العقارية في المحررات الرسمية ‪5 ..............................................................................................‬‬
‫تانيا‪:‬توثيق التصرفات العقارية في المحررات العرفية الثابتة التاريخ‪6 .............................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪:‬التوجه التشريعي نحو الرسمية بين القوانين الخاصة و مدونة الحقوق العينية‪7 ...................................................‬‬
‫أوال‪ :‬توثيق المعامالت العقارية في إطار النصوص الخاصة ‪7 .......................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬توثيق بعض المعامالت العقارية في محررات رسمية ‪9 .........................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬عوارض بناء المحرر التوثيقي و آثرها على تحقيق األمن العقاري‪10 ................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬العوارض القانونية لبناء المحرر التوثيقي‪10 ...........................................................................................‬‬

‫‪22‬‬
‫أوال‪ :‬محدودية حماية رضى األطراف المتعاقدة ‪10 .....................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪:‬العوائق العملية لبناء المحرر التوثيقي ‪11 ................................................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬توثيق المعامالت العقارية ودوره في الحد من ظاهرة االستيالء على العقارات‪12.....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أسباب تفشي ظاهرة االستيالء على العقارات‪12......................................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬األسباب القانونية والقضائية لتفشي ظاهرة االستيالء على العقارات‪13 ......................................................... .‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬األسباب االقتصادية واالجتماعية لتفشي ظاهرة االستيالء على عقارات األجانب ‪14 ...........................................‬‬
‫أوال ‪ :‬األسباب االقتصادية ‪14 ...............................................................................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬األسباب االجتماعية ‪15 ...............................................................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التدابير التوثيقية الكفيلة بالتصدي لظاهرة االستيالء على العقارات‪17 ...............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعديل بعض نصوص مدونة الحقوق العينية ‪17 ........................................................................................‬‬
‫أوال‪:‬تعديل المادة الرابعة من م ح ع ‪17 ...................................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪:‬مشروع تعديل المادة ‪ 2‬من م ح ع ‪18 ...............................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور المحافظة العقارية والنيابة العامة والجهات المكلفة بالتوثيق في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير‪20 .‬‬
‫أوال‪ :‬دور المحافظة العقارية في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير ‪20 ..............................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬دور النيابة العامة في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير ‪21 .....................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬دور الجهات المكلفة بالتوثيق في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير ‪21 .......................................................‬‬
‫خــاتمــــــــة ‪21 ................................................................................................................................................‬‬

‫‪23‬‬

You might also like