Professional Documents
Culture Documents
الفقرة الثانية
الفقرة الثانية
من خالل هذه الفقرة سنتطرق الى توجهات كل من الفيلسوف جورج لوكاتش (أوال)،و كدا
الفيلسوف أنطونيو غرامشي (ثانيا).
أوال:
يعتبر جورج لوكاتش المؤسس الحقيقي لما يسمي بالماركسية الغربية ،حيث تميزت أفكاره من
حيث المنهج أو الممارسة عن الماركسية السوفياتية السائدة ،وتعتبر كتاباته في األدب والفن
والمسرح بجانب أفكاره عن اإلنتاج الثقافي والطبقات االجتماعية أهم المصادر التي اطلع
عليها رواد المدرسة اإلنسانية من ثم تأثر بها الفكر األوروبي .ظهر ت أعمال لوكاتش إلى
النور في فترة حياته لتؤثر بشكل واضح في بلورة منهجية متماسكة في مواجهة منظري
1
الرأسمالية ومفكريها.
-
الوحدة الشاملة والتشيؤ:
كان غرض لوكاتش األساسي في مجمل كتاباته هو إعادة تأسيس وتطوير القاعدة الفلسفية
للتوجه السياسي اللينيني ،فقد صاحب رفضه لرؤية الماركسية األرثوذكسية للفن ،مراجعة
لدور األحزاب العمالية في صياغة وعي طبقاتها ،باعتبار التعبيرات الفنية في جملتها نتاج
للقاعدة االقتصادية فقط ،أي أن الفن ما هو سوى نتاج الوضع االقتصادي ،فبينما كان يدافع
لوكاتش عن استقاللية االنتاج الثقافي كانت النتيجة التي توصل إليها في أبحاثه هو أن في ظل
الرأسمالية ،يتحول االنتاج الثقافي إلى الصناعي لترسيخ دعائم الرأسمالية ،مما زاد من تمسكه
بالدفع نحو مزيد من االستقاللية للعمل الفني عندما عمل وزيرا .
إن منهج الوحدة الشاملة كما يطلق عليه حسب ماركسية لوكاتش متجذر في الوضع الطبقي
للطبقة العاملة ،حيث يمكن من بناء منهج الوحدة الشاملة وال يمكن انجاز الوحدة الشاملة إال من
خالل العمال حيث أن األوضاع األخرى تطرح علينا رؤى محدودة وجزئية ،ولذلك ال يجب
أن تكون الماركسية ال باعتبارها وصفا علميا محايدا وموضوعيا للعالم فقط ،بل كتعبير عن
الوعي الفعلي للطبقة العاملة .ومع ذلك فهي ال تتطابق مع الوعي الفعلي للطبقة العاملة كما هو
قائم في زمان ومكان معينين ،فالطبقة العاملة في مجتمع ما قد تحمل وعيا زائفا نظرا لسوء
فهم وضعيتهم ومطامحهم ،وهذا الوعي يوجه حزبا لدى قادته فهم واعي للوضع الحقيقي الذي
مقال منشور على الموقع االلكتروني https://aawsat.com/home/article/4192791/%D8%AD%D8Fاطلع عله بتاريخ 2024-5-20 1
تعيشه الطبقة حتى يتسنى الوصول إلى الوعي الناضج .وبالضرورة تقود الطبقة العاملة طليعة
من المثقفين من ذوي المعرفة العلمية.2
الرواية كملحمة برجوازية:
اعتبر لوكاتش الرواية األوروبية ملحمة بورجوازية عملت على عكس المجتمع األوروبي وفق
تصوراتها األيديولوجية ،حيث قام لوكاتش بتفريعات في نظرية الرواية على ما جاء به هيغل،
مستندا إلى النظرية المادية في التحليل االجتماعي للطبقات عند ماركس ليخرج من كل ذلك
بأطروحته المشهورة بأن الرواية ليست إال ملحمة البرجوازية التي ظهرت على مسرح التاريخ
في أعقاب النهضة األوروبية ،وبالتحديد بعد الثورة الصناعية التي جعلت منها الطبقة السائدة
في المجتمعات األوروبية وانطالقا من تحليله في القرن التاسع عشر ،قدم لوكاتش تصنيفا
للرواية األوروبية ،موزع إلى ثالث أنواع قدمها تلميذه غولدمان كالتالي:
رواية "المثالية المجردة" ،تتميز بنشاط البطل بوعيه الضيق للغاية قياسا إلى تعقد -
العالم.
الرواية النفسية التي تنزع إلى تحليل الحياة الباطنية ،وتتميز بسلبية البطل وبوعيه -
الواسع إلى الحد الذي ال يرضيه معه ما بمقدور عالم العرف أن يقدمه إليه.
الرواية التربوية المنتهية بانحصار ذاتي ال يشكل ال قبوال لعالم العرف وال تخليا عن -
سلم القيم الضمني رغم أنه تنازل عن البحث اإلشكالي ،هذا االنحصار الذاتي يمكن
تخصيصه " بالنضج الفحولي " لبطل الرواية.
أضاف لوكاتش تصنيفا الحقا جديدا وذلك عام 1920من خالل رواية تولستوي التي تنزع
نحو الملحمية وهذه اإلمكانيات المفتوحة أمام الرواية جعل ته يعود لنفس الموضوع بعد فترة
كبيرة من الزمن عن كتابة مؤلفه "نظرية الرواية" ،وفي عام 1934حين كان مقيما في
موسكو ،ألف دارسة جديدة أثارت جدال عنوانها" :تقرير حول الرواية".
إن األفكار التي قدمها لوكاتش في كتابه "نظرية الرواية" وكذا في كتابه اآلخر"التاريخ والوعي
الطبقي "سيأتي عالم االجتماع لوسيان غولدمان ويبني عليها مشروعه حول سوسيولوجية
الرواية ومنهجيته النقدية "البنيوية التكوينية" .
2
دخل لوكاتش في مواجهة مع الفلسفة الوجودية كإطار كلي عام ،وحاور جان بول سارتر
فيلسوف الوجودية الفرنسية حول نقده للماركسية من الداخل .فقد جادل حول انعدام جوهر
الوجودية التي تصل في منهجيتها دائما بالنفي حيث أن اإلنسان وفقا للوجودية هو وجودة بينما
ال تحدد الوجودية ما هو الوجود .يرى لوكاتش أن الوجودية كاستمرار للفينومنولوجيا ليست
سوى تعبير عن حالة الفردية النيتشية التي تعكس أزمة اإلمبريالية .ومن ناحيته فهو يرى
اإلنسان ليس سوى نتاج الظروف الموضوعية مع امكانيته إلعادة خلق نفسه من خالل الوعي
الحقيقي بالذات.
ثانيا :االتجاه الفكري لدى أنطونيو غرامشي
نبذة تاريخية
يعتبر أنطونيو غرامشي مناضال وفيلسوفا سياسيا إيطاليا ومفكرا ماركسيا بارزا في
القرن العشرين .ولد غرامشي يوم 22يناير سنة 1891في بلدة آليس " "Alesوهي بلدة
زراعية صغيرة بجزيرة ساردينيا اإليطالية .انضم إلى الحزب الشيوعي اإليطالي مند تأسيسه،
وأصبح عضوا في أمانة الفرع اإليطالي من األممية اإلشتراكية .ويعّد أنطونيو غرامشي ذو
بصمة كبيرة في التيار الماركسي ،رغم أن كتاباته لم تنشر إال في وقت الحق ،بداية بمختارات
من مذكرات السجن سنة .1978 3
اشتهر غرامشي بأفكاره حول الهيمنة الثقافية ،والحرب الموضعية ،والمثقف العضوي،
والتي كان لها تأثير عميق على النظرية السياسية والفكر النقدي.
موقف غرامشي من الماركسية
اتسم موقف غرامشي من الفكر الماركسي الذي يعد مكونا أساسيا لفلسفته السياسية بكونه
موقفا نقديا يرفض القداسة للحزب الواحد ،الذي يؤمن بمبدأ وحيد يفسر جميع األشياء ،ناهيك
4
عن نقده لنظريات الحتمية والجبرية التاريخية التي حولت الماركسية إلى أسطورة ،وقد حاول
بذلك أن يقدم بديل يتمثل في النزعة االنسانية كمنهج فاعل قادر على إحداث التغيير ،لذلك انتقد
غرامشي الحزبية والمركزية ،فهو يرى أن الماركسية منهج علمي ونظري وليس انتماء حزبي
أو سلطوي منعزل عن الناس ومعاناتهم.
مفهوم الهيمنة الثقافية عند غرامشي
3نبذة منقولة من الموقع االلكتروني لويكيبيديا ، /https://ar.wikipedia.orgتم االطالع بتاريخ 20/05/2024على الساعة .22.00
4يوسف تيبس وآخرون ،الماركسية الغربية وما بعدها – التأسيس واالنعطاف واالستعادة ،دار ومكتبة عدنان ،الطبعة األولى ،2014الصفحة .343
يتداخل مفهوم الهيمنة عند غرامشي مع مفاهيم كثيرة أخرى ،كالمجتمع المدني،
والحزب ،واألمير الحديث ،ويعد مفهوم الهيمنة الثقافية حجر الزاوية في فكر غرامشي ،إذ 5
يرى أن الطبقة الحاكمة ال تمارس سيطرتها فقط من خالل القوة والقمع المباشرين ،بل تعتمد
كذلك على الهيمنة الثقافية لنشر أفكارها وقيمها ومعتقداتها داخل المجتمع ،حيث تنتشر وتتغلغل
هذه األفكار في مختلف جوانب الحياة ،وذلك من خالل تسخير التعليم واإلعالم وكذا الفنون
والدين ،لتصبح القاعدة المقبولة للجميع بموافقتهم .
6
تعتبر االيديولوجيا أحد أهم المفاهيم التي اعتنت بها الماركسية من ناحية مضمونها
وشكلها وآليات اشتغالها من منطلق العالقة بين القاعدة المادية واالقتصادية لحياة الناس
وتأثيرها على وعيهم.
وينظر غرامشي لإليديولوجيا كونها معتقد وإيمان بل حتى دين بغض النظر عن أصله،
حيث تتجلى اإليديولوجيا بالنسبة للفرد في تصوره للوجود واألشكال الثقافية واألدبية
واألخالقية والقانونية ،وهي ممارسات تحكم سلوك الفرد والجماعة.
يرى كذلك غرامشي أن هناك عالقة قوية بين االيديولوجيا والصراع الطبقي،
فالممارسات السياسية لكل طبقة اجتماعية تحركها االيديولوجيا وتحفزها وتحدد غايتها ،ومن تم
فهي تنتقل من كونها مجرد معتقد لتصبح قوة مادية وتنظيما سيسيولوجيا .
7
الكتب
يوسف تيبس الماركسية الغربية و ما بعدها التأسيس و االنعطاف ،الطبعffة االولى سffنة -
2014
رسائل
نهايffة الحسffنى ،دراسffة تحليليffة للهيمنffة عنffد أنطونيffو غرامشffي ،بحث جffامعي مقffدم -
للحصffول على درجffة الماسffتر ،كليffة العلffوم اإلنسffانية ،جامعffة موالنffا مالffك ابffراهيم
االسالمية الحكومية -ماالنج ،سنة 2021
المواقع االلكترونية
https://aawsat.com/home/article/4192791/%D8%AD%D8F -
https://ar.wikipedia.org -