You are on page 1of 84

‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.

07‬‬

‫قائمة المختصرات‪:‬‬
‫ظ‪.‬ت‪.‬ع ______________________ ظهير التحفيظ العقاري‬

‫ق‪.‬ت‪.‬ع _______________________ قانون التحفيظ العقاري‬

‫م‪.‬ح‪.‬ع _______________________ مدونة الحقوق العينية‬

‫ق‪.‬م‪.‬م _______________________ قانون المسطرة المدنية‬

‫ق‪.‬م‪.‬ج _______________________ قانون المسطرة الجنائية‬

‫ق‪.‬ج ________________________ القانون الجنائي‬

‫ج‪.‬ر _________________________ الجريدة الرسمية‬

‫م‪.‬س _________________________ مرجع سابق‬

‫‪1‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫مـــــــــــ ــقدمــــــة‪:‬‬

‫يحتل نظام التحفيظ العقاري مكانة متميزة على رأس األنظمة‬


‫القانونية األكثر تطورا بمختلف تيارات التقدم‪ ،‬والتي تعد الوسيلة الفعالة‬
‫لبناء مشروعات عمالقة؛ ذلك أنها تدمج الملكية العقارية في الحياة‬
‫االقتصادية وتساهم في إستقرار المعامالت وتسهيل الحصول على‬
‫القروض الشيء الذي ينعكس إيجابا على مالية األفراد واالقتصاد‬
‫‪1‬‬
‫الوطني‪.‬‬

‫لهذا نجد عالقة اإلنسان باألرض عالقة ممتدة في التاريخ‪ ،‬فهي‬


‫قديمة قِدم اإلنسان فوقها‪ ،‬وهي تأخذ أهمية بالغـة في حياة اإلنسان‬
‫تصل إلى حـد حـب التملك‪ ،‬على إعتبار أن هذا األخير طبيعة بشرية‪.‬‬

‫ويعتبر حق الملكية العقارية‪ ،‬المضمون دستوريا‪ ،‬أبرز تمظهرات هذه‬


‫العالقة‪ ،‬وهو مـا يشكل أهمية هذا الحق و قدسيته وعدم ترك المجال‬
‫للترامي و االعتداء على العقارات‪ ،‬وكذا إنتزاعه من طرف األغيار‬
‫وبالتالي ضياع الحقوق من أصحابها‪ ،‬وهذا ما جعل المشرع يتدخل‬
‫حفاظا على هذه القدسية التي تجعل العقار محفوظا وفق الضوابط‬
‫والمعايير المعدة سلفا في القانون‪ .‬لذلك شكلت وال تزال تشكل‬
‫الملكية العقارية أحد الموارد الضرورية لتكوين ثروة اإلنسان‪ ،‬والتي‬
‫تساعد بدورها على تنمية اقتصاد كل بلد على إعتبار أن العقار يعد من‬

‫‪ - 1‬المختار بن أ حمد عطار‪" :‬التحفيظ العقاري على ضوء القانون المغربي"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،2008 ،‬ص‪.05 :‬‬

‫‪2‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫بين المساعدين النطالق المشروعات المنتجة‪ ،‬لذلك يتطلب األمر‬


‫(‪)1‬‬
‫استقرار في الوضعية المادية والقانونية‪.‬‬

‫كما تعتبر الملكية العقارية أساس التنمية االجتماعية واالقتصادية‬


‫في كل بلد‪ ،‬ذلك أنها تجمع بين تحقيق المصلحة الخاصة لكل فرد أو‬
‫مالك من جهة‪ ،‬والمصلحة العامة للمجتمع أو الدولة من جهة أخرى(‪.)2‬‬

‫إن العقار يشكل العنصر األساسي في بناء الدولة العصرية القوية‬


‫والمزدهرة اقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬والقادرة على حماية الملكية العقارية‬
‫وحقوقها وتسهيل التعامالت العقارية وإستقرارها وذلك بهدف خلق‬
‫المناخ االقتصادي المالئم لألنشطة التنموية التي يمكن المراهنة عليها‬
‫من أجل جلب االستثمارات المنشودة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد إتجهت نظرة اإلجتهاد القضائي إلى تأمين‬
‫حق الملكية العقارية وذلك عن طريق مجموعة من األحكام و القرارات‬
‫الرامية إلى تأمين العقارات‪ ،‬في ظل التشريعات المنظمة لهذا الحق‬
‫مراعاة لقواعد العدل واإلنصاف وتأمين التعامل مع الثروة العقارية‪.‬‬

‫كل هذا دفع التشريعات السابقة ومنذ زمن بعيد للسعي إلى إيجاد‬
‫أنظمة تؤمن الملكية العقارية بشكل كافي وضروري نظرا ألهميتها في‬
‫حياة الفرد‪.‬‬

‫لذلك فقضية األمن كانت وال زالت أمرا أساسيا في الوجود إلرتباطها‬
‫بحياة اإلنسان بصفة خاصة‪ ،‬لذا خصها هللا برعايته‪ ،‬ويظهر ذلك من‬
‫خــــالل التوجيهــات القرآنية المعجزة‪ ،‬التي تدفع بإتجاه تربية أمنية‬

‫(‪ - )1‬ادريس الفاخوري‪" :‬نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ‪ ،"14.07‬دار النشر المعرفة‪ ،‬طبعة ‪،2013‬‬
‫الرباط‪ ،‬ص‪.01 :‬‬
‫(‪- )2‬عبد النبي ميكو‪" :‬حق الملكية لدى كثير من دول العالم"‪ ،‬مجلة القضاء والقانون‪ ،‬العدد‪ ،2012 ،120‬ص‪.531 :‬‬

‫‪3‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫واعية للمؤمنين‪ ،‬حيث يوجد في القرآن الكريم عشرون صيغة لمادة‬


‫(أمن) (‪.)1‬‬

‫غير أن العقار بالمغرب عرف تنظيما يستمد قواعده من الشريعة‬


‫اإلسالمية وأحكامها‪ ،‬وذلك قبل دخول نظام الحماية إلى المغرب‪ ،‬إضافة‬
‫إلى بعض القواعد واألعراف المحلية‪ .‬ومع دخول المستعمر أصبحت‬
‫وضعية العقار تعرف تعددا في الهياكل العقارية وبإزدواجية النظام‬
‫المعتمد‪ ،‬وذلك نظرا لوجود عقارات محفظة وأخرى غير محفظة‪ .‬مما نتج‬
‫عن ذلك تعدد في القوانين واألنظمة المطبقة على كل نظام حسب‬
‫خضوعه لنظام لتحفيظ العقاري من عدمه الشيء الذي يصعب معه‬
‫تحقيق األمن القانوني بالشكل المطلوب‪.‬‬

‫لهذا بات من الضروري الخضوع لسياسة عقارية محكمة من طرف‬


‫الدولة تحترم توجهاتها اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وتوفير أمن عقاري‬
‫وإستقرار في المعامالت باعتبارهما يساعدان في تسهيل وإنعاش‬
‫‪2‬‬
‫التداول العقاري وتنمية السلفات الرهنية‪.‬‬

‫‪ ‬أهمية الموضوع‪:‬‬

‫تكمن أهمية موضوع "األمن القانوني والقضائي في‬


‫التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪ "14.07‬في‬
‫المبالغة باالهتمام بالمجال العقاري في كافة البلدان نظرا للتطورات‬
‫والتحوالت التي تطرأ عليه وكذا في مساهمته في تطور األنظمة‬
‫اإلقتصادية العالمية‪ ،‬وكذا أثرها في إصالح األنظمة التشريعية‬

‫(‪ )1‬ادريس اجويلل‪ " :‬القواعد الموضوعية لألمن العقاري دراسة فقهية وقانونية وقضائية "‪ ،‬مطبعة دار السالم‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،2‬الرباط‪ ،2018 ،‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ 2‬يوسف مختري‪ " :‬حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ "‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫الرباط‪ ،2016 ،‬ص‪.15 :‬‬

‫‪4‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫العقارية‪ ،‬نفس الشيء الذي نهجه النظام المغربي في اآلونة‬


‫األخيرة حفاظا على الملكية العقارية‪.‬‬

‫ونظرا ألهمية الموضوع‪ ،‬فإن المشرع المغربي إنصب عمله على‬


‫التركيز في وضع القواعد والضوابط القانونية بقصد تفعيلها من طرف‬
‫السلطة القضائية من خالل القوانين ‪ 14.07‬و ‪ ،39.08‬وذلك‬
‫لإلحساس باالطمئنان والثقة لوضع أموال المستثمر أمام أمن قانوني‬
‫وقضائي‪.‬‬

‫كما يمكن مالمسة أهمية هذا الموضوع في محاولة توضيح‬


‫العالقة الوطيدة القائمة بين القاعدة القانونية وتحقيق األمن العقاري‬
‫في القواعد العقارية الخاصة‪ ،‬وبيان األهداف المتوخاة من القواعد‬
‫القانونية المعتمدة لتسهيل فض المنازعات العقارية وكذا البحث عن‬
‫عناصر الخلل التي مازالـت تطبع عالقة اإلفراد بالقانون والقضاء‬
‫وتشخيص المشاكل القانونية والواقعية‪ ،‬وهذا ما يبرر مدى تحقيق‬
‫األمن القانوني والقضائي للمتعاملين في المجال العقاري من‬
‫منعشين عقارين ومستثمرين وأصحاب حقوق عينية وعقارات‪.‬‬

‫أما األهمية النظرية لهذا الموضوع‪ ،‬فتتجلى في محاولة إيجاد‬


‫ورصد بعض تمظهرات األنظمة القانونية العقارية والتي من شأنها أن‬
‫تحقق أمن قانوني وقضائي على الساحة العملية‪ ،‬والذي نجد‬
‫مساندته في مقتضيات الدستور المغربي التي نصت على حق‬
‫الملكية وحمايتها في الفصل ‪ ،35‬والمادة ‪ 14‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫نفس الشيء من الناحية العملية إذ تسعى إلى تحسين العالقة‬


‫القائمة بين القاضي والمتقاضين‪ ،‬وذلك من خالل توفير مناخ قانوني‬
‫مالئم تعزيزا لثقة المتعاملين في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ ‬دوافع اختيار الموضوع‪:‬‬


‫إن إختيار هذا الموضوع يرجع إلى مجموعة من المستندات‬
‫واألسباب‪ ،‬تثير فضول واهتمام الباحث‪ ،‬وبالتالي لم يكن إختيار هذا‬
‫الموضوع من قبيل الصدفة‪ ،‬لذا كانت من بين دوافع إختيار موضوع‬
‫"األمن القانوني والقضائي في الشريع العقاري المغربي على‬
‫ضوء القانون ‪ " 14.07‬كمحور لدراسة هذا البحث ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬قلة األبحاث والدراسات الرامية إلى اإللمام بجوانب األمن القانوني و‬
‫القضائي العقاري المغربي‪ ،‬وهذا ما دفع إلى التفكير جليا من أجل‬
‫إغناء الكتابة في هذا الموضوع‪ ،‬سيرا على خطى بعض األبحاث‬
‫الجامعية التي سبق وأن تناولت نفس الموضوع‪.‬‬
‫‪ -2‬كون موضوع األمن القانوني والقضائي في المجال العقاري من‬
‫موضوعات الساعة‪ ،‬التي تعنى بدراسة وتحليل مدى تناسق‬
‫وإ نسجام القضاء مع القانون في محاولة توفير األمن في المجال‬
‫العقاري‪ ،‬ومدى تنزيل ذلك على أرض الواقع‪.‬‬
‫‪ -3‬كون الموضوع من المواضيع التي إستهوتني‪ ،‬ليس فقط على‬
‫المستوى النظري بل حتى على المستوى الواقعي المعاش‪ ،‬حيث‬
‫كثرة اإلعتداءات والترامي على األمالك العقارية واألراضي في الوقت‬
‫الحاضر‪ ،‬وذلك في ظل غياب ثقافة قانونية عقارية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫‪ ‬إشكالية الموضوع‪:‬‬

‫إن الهاجس لدى المشرع المغربي في المادة العقارية من خالل‬


‫إصدار القوانين وتعديلها وعبر اجتهاداته القضائية‪ ،‬هو تحقيق عدالة‬
‫عقارية‪ ،‬وذلك من أجل أن تتوسع دائرة الولوج و اإلستفادة من الثروة‬
‫العقارية وخلق ثقة لدى المواطنين في الترسانة القانونية والقضائية‬
‫الرامية إلى تحقيق أمن قانوني وقضائي عقاري‪.‬‬

‫وترتيبا عليه‪ ,‬إلى أي حد إستطاع المشرع تحقيق أمن قانونيا‬


‫وقضائيا في المجال العقاري على ضوء القانون ‪ 14.07‬؟‬

‫ويتفرع على هذه اإلشكالية تساؤالت فرعية هي كاألتي‪:‬‬

‫‪ -‬ما مدى مساهمة التشريع العقاري في توفير األمن القانوني؟‬


‫‪ -‬ومدى إلمام الفاعل القضائي بالنصوص القانونية العقارية وتفعيله‬
‫لها؟‬
‫‪ -‬هل استطاع القضاء خلق الثقة واالطمئنان في المجال العقاري عبر‬
‫إجتهاداته القضائية وسد الثغرات المعيبة لألنظمة السابقة؟‬
‫‪ ‬المناهج المعتمدة‪:‬‬

‫تقتضي منا دراسة هذا الموضوع اإلستعانة بالمنهح التحليلي الذي‬


‫حاولنا من خالله تحليل بعض النصوص القانونية المضمنة في القانون‬
‫‪ 14.07‬و ‪ 39.08‬وقوانين أخرى‪ ،‬كما تم اإلعتماد على المنهج التاريخي‬
‫من أجل التأصيل لظهور مفهومي األمن القانوني والقضائي‪ ،‬كما أن‬
‫طبيعة الموضوع إقتضت منا ضرورة اللجوء الى المنهج المقارن الذي‬
‫يفيد في اإلستطالع على بعض اإلجتهادات القضائية المقارنة‪ ،‬ومقارنة‬

‫‪7‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري لسنة ‪ 1913‬بالقانون ‪ ،14.07‬وكذا رصد‬


‫مدى دستورية األمن القانوني في بعض األنظمة القانونية المقارنة‪.‬‬

‫‪ ‬خطة البحث‪:‬‬

‫ولدراسة هذه اإلشكاليات يقترح التصميم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬دور القانون ‪ 14.07‬في تحقيق األمن العقاري‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور العمل القضائي في تحقيق األمن العقاري‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫المبحث األول‪:‬‬
‫دور القانون ‪ 14.07‬في تحقيق األمن العقاري‬

‫‪9‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫األصل في معظم األنظمة الحديثة أن يتولى أمر سن القوانين‬


‫ومناقشتها والتصويت عليها أفراد األمة أنفسهم وبشكل مباشر‪ ،‬إال انه‬
‫ونظرا إلستحالة ذلك كانت الهيئة المختصة في التشريع هي البرلمان‬
‫بمجلسيه وقد يشاركهما رئيس الدولة في ذلك عن طريق المصادقة‪،‬‬
‫تماما كما هو معمول به في المغرب‪ ،‬حيث ال يصبح قانونا نافذا إال بعد‬
‫المصادقة عليه بظهير من قبل جاللة الملك‪ ،‬ونشره في الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬وكمثال على ذلك قانون التحفيظ العقاري ومدونة الحقوق‬
‫العينية(‪.)1‬‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬فإن السلطة التشريعية من خالل سنها لمجموعة‬


‫من القوانين والتشريعات‪ ،‬تسعى إلى محاولة تحقيق أمن قانوني من‬
‫أجل ضمان الحقوق‪ ،‬وحماية الملكية العقارية في مختلف جوانبها بما‬
‫فيها التصرفات الرامية إلى اإلخالل بالسير العادي للمعامالت العقارية‪.‬‬
‫إذن فما هو البعد الحمائي لمفهوم األمن القانوني ( المطلب األول ) ؟‬
‫وما مدى نجاعة التشريع العقاري في توفير األمن القانوني في ظل‬
‫القانون ‪ (14.07‬المطلب الثاني )؟‬

‫المطلب األول‪ :‬البعد الحمائي لمفهوم األمن القانوني‬

‫إن من سمات الدولة الحديثة محاولة توفير امن قانوني لمواطنيها‪،‬‬


‫وذلك لتفادي مفاجئتهم مع نصوص القوانين والتشريعات في الدولة‪،‬‬
‫لهذا جاء المشرع المغربي بترسانة قانونية مهمة من اجل توفير هذا‬
‫األمن عن طريق مؤسساته الدستورية‪ ،‬وعليه سوف يتم التطرق‬

‫(‪ -)1‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.177‬الصادر في ‪ 22‬نونبر والقاضي بتفنيد ق‪ 14.07‬والقانون رقم ‪ ،39.08‬منشور ج‪.‬ر‬
‫العدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪.2011‬‬

‫‪10‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫لماهية األمن القانوني ( الفقرة األولى )‪ ،‬على أساس التطرق لبعد‬


‫األمن القانوني العقاري في التشريع العقاري ( الفقرة الثاني )‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية األمن القانوني‬

‫في هذا اإلطار ستتم محاولة اإللمام بمجموعة من التعاريف التي‬


‫أعطيت لألمن القانوني ( أوال )‪ ،‬وكذا محاولة رصـد مدى دستورية األمن‬
‫العقاري في التشريع المغربي والمقارن ( ثانيا )‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف مبدأ األمن القانوني‬

‫لقد كان األمن القانوني ضرورة إنسانية وحياتية ال سبيل للتنازل‬


‫عنها‪ ،‬وذلك من اجل ضمان الحقوق واستقرار المعامالت وتحقيق نماء‬
‫في المجالين االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬خروجا باإلنسان من دائرة‬
‫الفوضى والهمجية وسمو قانون الغاب ‪-‬الذي يضمن حقوق القوي فقط‪-‬‬
‫إلى المجتمع القانوني والحضاري المنظم بمؤسساته‪.‬‬

‫لذلك يرجع ترسيخ األمن القانوني إلى دولة ألمانيا سنة ‪،1961‬‬
‫بعدما أقرت محكمتها الدستورية الفيدرالية بمشروعية هذا المبدأ(‪،)1‬‬
‫وبعد ذلك أقرت المحكمة األوروبية بمشروعيته أيضا سنة ‪ 1962‬وبهذا‬
‫أصبح مبدءا دوليا تعمل به جل الدول األوروبية‪.‬‬

‫إال انه ورغم ذلك قلما اهتم الفقهاء بتعريف هذا المبدأ رغم‬
‫االستعمال الشائع له‪ ،‬إذ غالبا ما يقدم كغاية من وراء سن جملة من‬

‫(‪)1‬‬
‫‪_CJCE, 6 avril 1962, Robert Boch GmbH et autres, aff.13/61 25 ,CJCE, 12 juillet 1972,‬‬
‫‪Azienda Colori Nazionali, aff. 57/69.‬‬

‫‪11‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫القوانين ومطلبا أساسيا لكل دولة‪ ،‬لذلك فيصعب إعطاء تعريف دقيق‬
‫لهذا المبدأ‪ ،‬وذلك راجع إلى تعدد مظاهره وإبعاده وموضوعاته خاصة تلك‬
‫المتعلقة بتنظيم الشأن العقاري‪ .‬كما نجد من بين الصعوبات التي تحول‬
‫دون إعطاء تعريف دقيق جملة اإلشكاالت القانونية والواقعية التي تؤدي‬
‫إلى عدم وضوح وتحديد المطلوب منه‪.‬‬

‫ونظرا لصعو بة ذلك فقد حاول الفقه في البداية قياس هذا المبدأ‬
‫بالثقة المشروعة‪ ،‬غير أن البعض يرى إن الثقة المشروعة اقرب إلى‬
‫اإلنصاف‪ ،‬لكن رغم التقارب بينهما إال أن الفقه على غرار المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي(‪.)1‬‬

‫أما من خالل التعريف الذي أعطي لمبدأ األمن القانوني من طرف‬


‫المؤسسة القضائية‪ ،‬فيكفي ذكر التعريف الذي أقره مجلس الدولة‬
‫الفرنسي حيث " مبدأ األمن القانوني يقضي ان يكون المواطنون دون‬
‫كبير عناء في مستوى تحديد ما هو مباح وما هو ممنوع من طرف‬
‫القانون المطبق‪ ،‬وللوصول إلى هذه النتيجة يتعين إن تكون القواعد‬
‫المقررة واضحة ومفهومة وان ال تخضع ف الزمان إلى تغيرات متكررة‬
‫وغير متوقعة "‪.‬‬

‫كما يعرف األمن القانوني بأنه مجرد فكرة تستهدف توفير حالة من‬
‫االستقرار في العالقات والمراكز القانونية‪ ،‬وذلك من خالل إصدار‬
‫تشريعات متطابقة مع الدستور ومتوافقة مع مبادئ القانون الدولي‪،‬‬
‫لذلك فغايتها إشاعة الطمأنينة بين أطراف العالقات القانونية من‬
‫أشخاص القانون العام أو أشخاص القانون الخاص‪ ،‬بحيث يجب على‬
‫)‪(1‬‬
‫‪- Cathy Pomart_ La enagistrature familiale : vers une consécration légale du nouveau‬‬
‫‪visage de l’office du juge de la famille, Editions L’harmatt, 2004, collection logiques‬‬
‫‪juridiques, p : 190.‬‬

‫‪12‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫التشريع أن ال يتسم بالمفاجئات واالضطراب أو التضخم في النصوص‬


‫القانونية أو القرارات مما يؤدي إلى زعزعة الثقة في الدولة وقوانينها(‪.)1‬‬

‫ولذلك فمبدأ األمن القانوني يعبر عنه أحيانا بتعبيرات تتمحور حول‬
‫مبادئ محددة هي من قبيل‪:‬‬

‫‪ -‬واجب القاضي بالبث طبق القوانين المطبقة يوم تقديم الطلب؛‬


‫‪ -‬اآلثار الملزمة التفاق األطراف؛‬
‫‪ -‬عدم رجعية القواعد القانونية؛‬
‫‪ -‬التأويل في أضيق نطاق للنصوص الجزائية؛‬
‫‪ -‬احترام أجال الطعون والتقادم؛‬
‫‪ -‬احترام حجية الشيء المقضي به؛‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬حماية مبدأ الثقة المشروعة؛‬

‫وعموما فإن األمن القانوني يعني كل ضمانة وكل نظام قانوني‬


‫للحماية يهدف إلى تأمين‪ ،‬دون مفاجئات‪ ،‬حسن تنفيذ االلتزامات‬
‫وتجنب على األقل الحد من عدم الوثوق في تطبيق القانون‪.‬‬

‫لهذا يعتبر األمن القانوني من شروط جودة القانون والتي تضمن‬


‫القدرة على التحقيق الفعلي والدائم ألهداف المعنيين بالقانون(‪ ،)3‬وانه‬
‫أصبح مطلبا على الصعيد الدولي من اجل تشجيع االستثمار األجنبي‬
‫والوطني‪.‬‬

‫(‪ - )1‬مصطفى بنشريف وفريد بنته‪" :‬األمن القانوني واألمن القضائي"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪ ،‬موجودة بالموقع‬
‫اإللكتروني التالي‪ https://www.maroclaw.com :‬نشر بتاريخ ‪ ،28-01-2016‬تمت زيارة الموقع في ‪-03-2019‬‬
‫‪ 24‬على الساعة ‪.20:30‬‬
‫(‪ - )2‬عبد المجيد غميجة‪ " :‬مبدأ األمن القانوني وضرورة األمن القضائي"‪ ،‬عرض مقدم بمناسبة المؤتمر ‪ 13‬للمجموعة‬
‫اإلفريقية لإلتحاد العالمي للقضاة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص‪.04 :‬‬
‫(‪ - )3‬عبد المجيد غميجة‪" :‬مبدأ األمن القانوني وضرورة األمن القضائي" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.06 :‬‬

‫‪13‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫وبالتالي فإن قيمة وقوة أي مبدأ تجد مرجعيتها في قوة مصدره‪ ،‬فإذا‬
‫كان اسمي مرجع في البالد وفي كافة األنظمة القانونية هو الدستور‪،‬‬
‫فهل يعتبر األمن القانوني مبدءا دستوريا أم أنه مجرد مبدأ قانوني ؟‬

‫ثانيا‪ :‬دستورية األمن القانوني العقاري المغربي والمقارن‬

‫أ‪ -‬دستورية األمن القانوني في المجال العقاري بالمغرب‬

‫ال جدل أن النظام الفرنسي دائما ما يشكل المرجعية التاريخية‬


‫للقانون المغربي‪ ،‬لذا فالبرجوع إلى النظام القانوني الدستوري المغربي‬
‫نجده انه ال يتضمن أي إشارة صريحة لمبدأ األمن القانوني‪ ،‬وإنما تطرق‬
‫إلى عدة مفاهيم تساهم في تحقيقه(‪ .)1‬على خالف األمن القضائي‬
‫الذي حظي بتفعيله بشكل صريح في الفصل ‪ 117‬من الدستور‪ ،‬والذي‬
‫ينص على أنه "يتولى القاضي حماية حقوق األشخاص والجماعات‬
‫وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون"(‪.)2‬‬

‫لذلك فالمغرب يعتبر من بين الدول التي تسعى إلى تطوير نظامها‬
‫العقاري‪ ،‬من اجل تحقيق االستقرار والتنمية‪ ،‬ذلك إن الحركة العقارية‬
‫تعرف أهمية كبرى على الصعيد االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬ومن اجل جعل‬
‫الملكية العقارية مضمونة من كل ما يهددها وحماية الثروة العقارية‬
‫باعتبارها ركيزة أساسية لتثبيتها واستقرارها بصفة دائمة‪ ،‬مما يترتب‬
‫عنه استقرار المعامالت العقارية والزيادة من قيمة العقارات المحمية‬
‫بفعل كونها خضعت لمسطرة خاصة ادخلتها ضمن العقارات المحفظة‪.‬‬

‫(‪ -)1‬سارة الدراق‪" :‬األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫المدني واألعمال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،2012/2011 ،‬ص‪.18:‬‬
‫(‪ - )2‬الدستور الجديد للمملكة المغربية لسنة ‪.2011‬‬

‫‪14‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫ولتحقيق األمن العقاري فإن ذلك يقتضي أن تكون المراكز القانونية‬


‫الناجمة عن النشاط البشري واضحة وفعالة وغير معرضة لالهتزاز‬
‫بمدى إلمام القضاء المغربي‬ ‫والمفاجئة‪ ،‬غير أن األمن يبقى رهين‬
‫بمقاصد وأحكام المذهب المالكي‪.‬‬

‫لهذا تروم اإلبعاد األمنية القانونية الخاصة بالعقارات إلى المحافظة‬


‫باإلفراد‬ ‫الخاصة‬ ‫المكتسبات‬ ‫وكذلك‬ ‫والممتلكات‬ ‫الحقوق‬ ‫على‬
‫والجماعات‪ ،‬بهدف توطيد العالقات التجارية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫وخلق نوع من الثقة بين المتعاملين في المجال العقاري‪ ،‬لذا عمل‬
‫المشرع المغربي على تجميع وإقرار مجموعة من النصوص القانونية‪،‬‬
‫بغية إرشاد األفراد نحو إطار مرجعي منظم ينظم ويحفظ حقوقهم‪،‬‬
‫وبذلك يكون المشرع قد استجاب لتطلعات كل الفاعلين القانونين‬
‫(‪) 1‬‬
‫والمتتبعين للمجال العقاري‪.‬‬

‫ب‪ -‬دستورية األمن القانوني في المجال العقاري بمصر‬

‫إن النظام القانوني المصري فيه إشارات للمحكمة الدستورية العليا‬


‫الى مبدأ األمن القانوني في العديدة من أحكامها‪ ،‬مؤكدة أن السلطة‬
‫التشريعية تلتزم دستوريا بمراعاة التوقع المشروع من جانب األفراد‪.‬‬
‫وقد ظهرت فكرة األمن القانوني في قضاء المحكمة الدستورية العليا‬
‫باعتباره أساس استندت عليه المحكمة في تقييد األثر الرجعي لبعض‬
‫النصوص التشريعية‪ ،‬فقد قررت المحكمة إن تطبيق بعض النصوص بأثر‬
‫رجعي من شأنه المساس بالمراكز القانونية بشكل يتجاوز الحدود التي‬

‫(‪ - )1‬سارة الدراق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.20 :‬‬

‫‪15‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫تسمح بها المبادئ الدستورية على الرغم من أن الدستور يخول‬


‫للمشرع تقرير األثر الرجعي للنصوص غير الجنائية (‪.)1‬‬

‫ج‪ -‬دستورية األمن القانوني في المجال العقاري بالجزائر‬

‫فيما يخص المشرع الجزائري‪ ،‬وبالرغم من عدم دسترته على األمن‬


‫القانوني‪ ،‬فقد اعتبره احد أهم مقومات الدولة القانونية الحديثة القائمة‬
‫على سيادة القانون والتي تعتبر الدستور احد أسمى القوانين فيها‪،‬‬
‫ومؤدى هذا المبدأ أن تلتزم السلطات العمومية بضمان ثبات العالقات‬
‫القانونية وحد ادنى لإلستقرار للمراكز القانونية لكي يتمكن األشخاص‬
‫من التصرف في ممتلكاتهم باطمئنان على سبيل القواعد القانونية‬
‫المالئمة بأعمالها وترتيب أوضاعهم على ضوئها دون التعرض لتصرفات‬
‫مباغتة تهدم توقعاتهم المشروعة وتزعزع استقرار أوضاعهم القانوني‪.‬‬

‫بهذا المفهوم تساهم فكرة األمن القانوني للتشريع العقاري في‬


‫تحقيق السلم االجتماعي وتشجيع االستثمار ودعم التنمية عموما(‪.)2‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬بعد األمن القانوني العقاري في التشريع‬


‫المغربي‬

‫يسعى األمن القانوني وخاصة القوانين المؤطرة للمجال العقاري‬


‫المغربي من مدونة الحقوق العينية وقانون التحفيظ العقاري المعدل‬
‫والمتمم بمقتضى القانون ‪ 14.07‬وغيره من القوانين األخرى‪ ،‬إلى‬
‫الحفاظ على الممتلكات والمكتسبات العامة أو الخاصة‪ ،‬وإستقرار‬
‫المعامالت العقارية وحماية األفراد من اآلثار السلبية للقانون نتيجة عدم‬

‫(‪ - )1‬أ حمد بركة‪" :‬مبدأ األمن القانوني" مقال منشور بالموقع اإللكتروني التالي‪، https://www.pallLp.org :‬‬
‫تمت زيارته بتاريخ ‪ 24-03-2019‬على الساعة ‪.21:13‬‬
‫(‪ -)2‬سارة الدراق‪" :‬األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.16 :‬‬

‫‪16‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫انسجامها أو تعقيدها أو تعديالتها المتكررة‪ ،‬الشيء الذي يؤدي إلى‬


‫زعزعت االستقرار في الملكية العقارية‪.‬‬

‫لذلك فمحاولة إبقاء هذا األمن (القانوني) يتطلب مجموعة من الضوابط‬


‫واألساسيات التي تؤطره (أوال)‪ ،‬وكذلك محاولة تخطي المعيقات‬
‫والعراقيل التي تحول دون تحقيق هذا األمن للعقارات وسبل مواجهتها‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضوابط مبدأ األمن القانوني العقاري‬

‫إن من متطلعات األمن القانوني خاصة في مجال العقار هو حماية‬


‫األفراد من اآلثار السلبية للقاعدة القانونية‪ ،‬السيما عدم انسجامها‬
‫وتعقدها كما هو الشأن بالنسبة للتشريع العقاري المغربي فيما يخص‬
‫التشريع المطبق على العقارات غير المحفظة‪ ،‬قبل صدور القانون‬
‫الجديد للتحفيظ العقاري ‪ ،14.07‬الذي عمل على تنظيم أحكامه إلى‬
‫جانب العقار المحفظ‪ ،‬إذ أنه كان يتم االحتكام إلى قواعد الفقه المالكي‬
‫فيما يتعلق بالعقار غير المحفظ‪ ،‬وهذا ما كان يثير جدال قضائيا بخصوص‬
‫الفصل في المنازعات المثارة بشأنه‪ ،‬وذلك راجع إلى عدم إلمام القضاء‬
‫بأصول وقواعد الفقه المالكي وتأثره بالنصوص المنظمة لها‪.‬‬

‫ويتعين لقيام مبدأ األمن القانوني في المجال العقاري تحقق عدة‬


‫متطلبات(‪ ،)1‬حتى يتكرس المفهوم األمني على أرض الواقع‪ ،‬ويتجلى‬
‫ذلك بخصوص‪:‬‬

‫(‪ - )1‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.18 :‬‬

‫‪17‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫الحرص على مبدأ المساواة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫إن من االلتزامات الملقاة على عاتق الدولة الحديثة ضمان العلم‬


‫بالقانون لدى المخاطبين به‪ ،‬انسجاما والمبدأ الدستوري المتمثل في‬
‫المساواة‪ ،‬على اعتبار أن ذلك هو تجسيد فعلي لألمن القانوني وصورة‬
‫حقيقية له‪ .‬ولقد أكد المشرع الدستوري في الفصل ‪ 6‬في فقرته الثانية‬
‫على أن القانون هو أسمى تعبير على إرادة األمة‪ ،‬وأن الكل سواء‬
‫أشخاصا ذاتيين كانوا أم اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية‬
‫متساوون أمامه؛ لهذا فالقوانين المؤطرة للنظام العقاري المغربي يجب‬
‫الخضوع لها بشكل يتماشى مع هذا المبدأ‪.‬‬

‫ب‪ -‬وضوح القاعدة القانونية‬

‫حتى يتحقق األمن القانوني ينبغي العمل على صياغة القاعدة‬


‫القانونية بطريقة تتسم بالدقة والبساطة والوضوح‪ ،‬بحيث يعمل المشرع‬
‫على وضع القواعد القانونية الموضوعية‪ ،‬بهدف إرساء اإلستقرار‬
‫القانوني في المجتمع من خالل وضع أنظمة قانونية تضم مجموعة من‬
‫القواعد القانونية تحدد شروط ميالد وصحة مختلف المعامالت والتصرفات‬
‫المتعلقة بها‪.‬‬

‫وخير مثال على ذلك ما قام به المشرع المغربي في هذا المجال‬


‫بسنه قانون جديد للتحفيظ العقاري وكذا مدونة الحقوق العينية(‪.)1‬‬

‫لذلك فإن المشرع المغربي يهدف من وراء إصالح نظام التحفيظ‬


‫العقاري سد الثغرات التي كانت تشوبه‪ ،‬وإدماج العقارات غير المحفظة‬

‫(‪ - )1‬القانون ‪ ،14.07‬صادر بتنفيذ الظهير الشريف ‪ 1.1.117‬والقانون ‪ 39.08‬الصادر بتفنيد الظهير الشريف ‪1.1.178‬‬
‫بتاريخ ‪ 20‬نونبر ‪ ،2011‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 24(5998‬نونبر ‪ ،)2011‬ص‪ ،5575 :‬ص‪.5587:‬‬

‫‪18‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫وبعض المعامالت الجارية عليها في مسار التنمية والتهيئة المجالية‪،‬‬


‫والتسريع من وثيرة المشاريع االستثمارية وتسهيل عمل المحاكم عند‬
‫الفصل في المنازعات العقارية(‪.)1‬‬

‫استقرار القواعد القانونية والعالقات التعاقدية‬ ‫ج‪-‬‬

‫إن من أهم أساسيات األمن القانوني هو الحفاظ على استقرار‬


‫القاعدة القانونية وتأمينها من التعديالت المفاجئة التي يمكن أن تؤثر‬
‫سلبا على إستقرار األفراد في معامالتهم العقارية‪ ،‬وكذا انعكاساتها‬
‫على الجانب التعاقدي بين األطراف المتعاملين في المجال العقاري‪،‬‬
‫والسيما الجانب المرتبط بالحقوق والحريات التعاقدية‪ ،‬بإعتبار أن‬
‫التعديالت المفاجئة والمتكررة من حين ألخر يجعل المتعاملين في هذا‬
‫المجال ينفرون من تنزيل إستثماراتهم ومشاريعهم التي تؤثر إيجابا‬
‫على المجال العقاري‪.‬‬

‫د‪ -‬عدم رجعية القوانين‬

‫سعيا من المشرع لضمان األمن القانوني لألفراد المخاطبين بالقاعدة‬


‫القانونية يتطلب األمر إعمالها بأثر فوري وعدم تطبيقها بأثر رجعي‪ ،‬ألن‬
‫تطبيق القانون الجديد على الماضي من شأنه اإلخالل باستقرار‬
‫المعامالت ويؤدي إلى انعدام الثقة في القانون والدولة(‪ .)2‬وكمثال على‬
‫ذلك تطبيق قواعد قانون التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بمقتضى‬
‫القانون ‪ ،14.07‬ومدونة األحوال العينية الصادران في ‪ 22‬نونبر ‪،2011‬‬
‫على التصرفات الواقعة منذ وقت دخولها حيز التنفيذ‪ ،‬كما ال يمكن أن‬

‫(‪ - )1‬سارة ا لدراق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.22 :‬‬


‫(‪ -)2‬علي الحنودي‪" :‬األمن القانوني؛ مفهومه وأبعاده" المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 96‬يناير‪-‬فبراير‪،‬‬
‫ط‪ ،2011‬ص‪.121 :‬‬

‫‪19‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫تسري بأثر رجعي على التصرفات والمعامالت السابقة لصدور القانون‬


‫الجديد و م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬

‫لهذا فمبدأ األمن القانوني يتطلب بيئة قانونية سليمة‪ ،‬بدءا من‬
‫جودة اإلعداد وتحرير القاعدة القانونية‪ ،‬إلى تطبيقها وتنفيذها على‬
‫الوجه المطلوب‪ ،‬ولذلك فإن تحقق األمن القانوني العقاري على أرض‬
‫الواقع يلزم اإلعالم والنشر في كل ما يرتبط بالقاعدة القانونية عند‬
‫تعديلها أو تغيرها سعيا لوصولها إلى علم العموم حتى يدبروا أمرهم‬
‫في ضوء ذلك‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المعيقات التي تهدد األمن القانوني للعقار والحلول‬


‫الممكنة‬

‫أ‪ -‬المعيقات التي تهدد األمن القانوني للعقار‬


‫تترصد باألمن القانوني جملة من المعيقات التي يمكن أن تؤثر على‬
‫المبدأ بما تشيعه من شك وإرتياب في نظام قانوني معين بشكل‬
‫ينتشر معه انعدام األمن القانوني ويتجلى ذالك بالخصوص‪:‬‬
‫‪ -‬تضخيم التشريع؛‬
‫‪ -‬التعقيد المبالغ فيه للقواعد القانونية؛‬
‫‪ -‬عدم جودة النصوص القانونية ؛‬
‫‪ -‬عسر فهم القانون؛‬
‫‪ -‬عدم تضمن القانون لقواعد معيارية كمشاريع القوانين التي‬
‫تتضمن فقط مجرد مقتضيات مختلفة؛‬
‫‪ -‬وضعيات تكوين واضعي النصوص القانونية على نفسية التشريع؛‬
‫‪ -‬رجعية القوانين بما يلحق الضرر بمراكز تعاقدية سابقة؛‬
‫‪ -‬خرق مبدأ المساواة أمام القانون؛‬

‫‪20‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫خاصة في مجال العقاري؛‬ ‫(‪)1‬‬


‫‪ -‬كثرة المنازعات‬

‫لهذا ونظرا لالنعكاسات السلبية لهذه المعيقات على مبدأ األمن‬


‫القانوني ‪،‬وفي ظل التوجهات التي إتبعها المغرب في اآلونة األخيرة‪،‬‬
‫وخاصة اإلصالحات التشريعية المتعلقة بالعقار‪ ،‬حيث قام المشرع‬
‫بإصدار تشريع عقاري موحد متمثل في القانون التحفيظ العقاري الجديد‬
‫رقم ‪ ،14.07‬ومدونة الحقوق العينية ‪ 39.08‬نظرا لما له من أهمية كبرى‬
‫في تشجيع االستثمار وتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫الحلول المقترحة لتجاوز معيقات األمن القانوني‬ ‫ب‪-‬‬

‫لكل هذه األسباب والمعيقات‪ ،‬وللحد منها باعتبارها خطر موجه‬


‫ضد األمن القانوني البد من االعتماد على جملة من الحلول الكفيلة‬
‫بتنزيل امن قانوني على الواقع‪ ،‬وذلك قد يكون عبر إنشاء أجهزة‬
‫وفرق تعمل على تقسيم أداء النصوص القانونية خاصة العقارية منها‬
‫والسهر على مراقبتها واحترام تنزيلها‪ ،‬وكذا مدى فعاليتها بعد‬
‫صدورها‪ ،‬هذه الفرق من الالزم أن تقسم المهام عبر مرحلتين‬
‫أساسيتين هما على الشكل األتي‪:‬‬

‫‪ -‬مرحلة التقييم القبلي‪ :‬يختص دور هذه الخلية في دراسة مدى‬


‫بحسن تطبيق القاعدة‬ ‫األخذ بعين االعتبار عدة عوامل مرتبطة‬
‫القانونية‪ ،‬وخاصة العقارية منها ومراعاة المصلحة العامة وصعوبات‬
‫المادة المعنية بالقاعدة‪ ،‬ثم تحديد الفئة المستهدفة‪ ،‬ومدى تطابق‬
‫القاعدة مع الواقع العملي‪ ،‬وهذا فضال عن تكوين اللجان المكلفة‬

‫(‪- )1‬عبد المجيد غميجة ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20-19،‬‬

‫‪21‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫بوضع مشاريع قوانين وتدريبهم من اجل ضمان جودة تحرير قاعدة‬


‫قانونية‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة التقييم البعدي‪ :‬إن هذا نوع من االختصاص مرتبط‬
‫باألساس بتضخيم القوانين وعدم االنسجام بين مختلف القواعد‬
‫القانونية‪ ،‬وأثار التعديل المفاجئ للقوانين ومدى انزعاج الفئة المعنية‬
‫بذالك‪ .‬هذا وال ننسى تتبع صدور المراسيم التطبيقية للقوانين التي‬
‫يؤدي عدم صدورها إلى جمود القوانين‪.‬‬

‫وقد حتمت محاولة التقييم القبلي والبعدي العمل على توفر‬


‫أنظمة العديد من الدول على آليات قمينة بتقييم مدى فعالية القانون‬
‫قبل صدوره ودخوله حيز تنفيذ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مدى نجاعة التشريع العقاري في توفير‬


‫األمن القانوني على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫إن التشريع العقاري متجسدا في نظام التحفيظ العقاري يشكل‬


‫وسيلة ضرورية لحماية الملكية العقارية‪ ،‬وتحقيق أمنها واستقرار‬
‫المعامالت المرتبطة بها وذلك من اجل الرفع من قيمتها‪ ،‬ولتساهم‬
‫بفعالية في بناء المستقبل االقتصادي واالجتماعي للبالد‪.‬‬

‫وقد كشفت التجربة عن أهمية مزايا نظام التحفيظ العقاري وقوة‬


‫المبادئ األساسية التي يقوم عليها‪ ،‬والتي من بينها الصفة النهائية‬
‫للرسم العقاري‪ ،‬وعدم القابلية للطعن‪ ،‬والتوازن ما بين اإلشهار‬
‫الموسع لإلجراءات ومبدأ التطهير القانوني والمادي للعقار باإلضافة‬
‫إلى التسوية للتعقيدات المنجزة بالرسم العقاري مما أدى إلى‬
‫حماية الملكية العقارية وتعبئتها للقيام بدورها االقتصادي‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫وإذا كانت مبادئ التحفيظ العقاري ومزاياه تجعل من االحتفاظ به‬


‫ضرورة ومن تعميمه هدفا أساسيا فان مقتضيات ظهير ‪ 12‬غشت‬
‫‪ 1913‬غير متالئمة مع الواقع الحالي بعد التطورات التي عرفها‬
‫المغرب في الميادين االقتصادية واالجتماعية واإلدارية‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫تعقد اإلجراءات وطول المدة التي يستغرق انجازها‪ ،‬مما يجعل إدخال‬
‫تعديالت على بعض مقتضياته ضرورة حتمية ‪.‬‬

‫بناء على هذا كله‪ ،‬عمل المشرع المغربي على تعديل الترسانة‬
‫القانونية المتعلقة بالمجال العقاري وذلك بإدخال بعض التعديالت‬
‫األساسية على ظهير ‪ 1913‬بموجب القانون ‪ 14.07‬الذي دخل حيز‬
‫التنفيذ في ‪ 25‬ماي ‪ 2012‬وعليه‪ ،‬فان كل ما سبق يجعلنا نتساءل‬
‫حول الدوافع المؤدية إلى تبني القانون ‪(14.07‬الفقرة األولى) وعن‬
‫المستجدات التي جاء بها أثناء مسطرة التحفيظ (الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دوافع تبني قانون ‪14.07‬‬

‫جاء قانون ‪ 14.07‬بمستجدات مهمة مقارنة مع ظهير ‪ ،1913‬رغم‬


‫أن بعض قوانين ذلك الظهير لم يطرأ عليها أي تعديل لذلك حرص‬
‫المشرع على تبنيه لما له من ايجابيات‪ ،‬ونظرا لمجموعة من األسباب‬
‫المتعلقة بما هو قانوني محض (أوال) كذلك ما هو مرتبط بالمجالين‬
‫االقتصادي واالجتماعي (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬األسباب القانونية‬

‫لقد جاء ظهير ‪ 1913‬في فترة فرض الحماية على المغرب‪ ،‬ومنذ‬
‫ذلك الحين والى حدود أخر تعديل لهذا الظهير بمقتضى القانون‬
‫‪ 14.07‬سنة‪ 2011 ،‬وبعد مائة سنة تقريبا على اعتماده أبان عن‬

‫‪23‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫مجموعة من النقائص استدعت معها الظروف إدخال جملة من‬


‫التعديالت‪ ،‬وكان قانون ‪ 14.07‬اخرها‪ ،‬بحيث أصبحت الظرفية في‬
‫الوقت الراهن ال تتوافق والمقتضيات القديمة في الظهير(أ)‪ ،‬إضافة‬
‫إلى إن هذا األخير كان يتسم بطول مساطره وتعقد إجراءاته (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬عدم مالئمة ظهير ‪ 1913‬الظرفية الحالية بالمغرب‬

‫صدر نظام التحفيظ العقاري بتاريخ ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬لذا قد مر على‬


‫صدوره ما يزيد عن مائة سنة‪ ،‬وبالرغم من صالبة المبادئ التي اعتمد‬
‫عليها فقد ظهرت الحاجة الماسة إلى ضرورة إدخال مجموعة من‬
‫التعديالت عليه‪ ،‬وذلك حتى يبقى نظام التحفيظ العقاري مواكب‬
‫لتطورات والمستجدات المتسارعة في ميدان المعامالت العقارية‬
‫بالمغرب‪ ،‬وهي التي دفعت أكثر من مرة بالمشرع من اجل التدخل في‬
‫حين وأخر إلدخال مجموعة من التعديالت التي يراها مناسبة للظرفية‬
‫التي يعيشها المغرب‪ ،‬والمالحظ هو أن غالبية هذه التعديالت وقعت‬
‫خالل األربعين سنة الموالية لصدور قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬إلى غاية‬
‫‪ 25‬غشت ‪ ،1954‬حيث تميزت هذه المرحلة بحركة تشريعية نشيطة‬
‫الهدف منها مالئمة ومواكبة تشريع نظام التحفيظ العقاري مع‬
‫المستجدات‪ ،‬وسد الثغرات على مستوى النصوص القانونية والتي‬
‫أبانت عنها الممارسة الفعلية لهذا الظهير(‪.)1()1913‬‬

‫إال أ نه وبعد حصول المغرب على استقالله عرفت المؤسسة‬


‫التشريعية فتورا أدى إلى نوع من الجمود واالنكماش وتوقف وثيرة‬
‫اإلصالحات التي تميزت بها المرحلة السابقة (االستعمار)‪ ،‬ومما أدى‬
‫إلى تراكم مجموعة من المشاكل والصعوبات على مستوى تطبيق‬
‫(‪ )1‬سارة الدراق ‪ :‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 63-62،‬‬

‫‪24‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫نظام التحفيظ العقاري‪ ،‬فعند االستقالل لم يقع أي تعديل مهم على‬


‫نصوص هذا القانون اللهم فصول قليلة أهمها الفصل ‪ 65‬مكرر‪ ،‬وهذا‬
‫بالرغم من ظهور العديد من المعطيات والمستجدات اقتضت ظروف‬
‫المغرب الجديد في ميدان المعامالت العقارية ذلك‪.‬‬

‫ورغم تراكم المشاكل التي ظهرت وأثرت بطريقة سلبية على نظام‬
‫التحفيظ العقاري‪ ،‬بل وهددت بعض أسسه ومركزاته في أحيان أخرى‪،‬‬
‫كما هو الشأن بالنسبة لعدم تعيين الرسوم العقارية‪ ،‬وطول وتعقيد‬
‫مساطر التحفيظ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى السير البطيء لفض المنازعات‬
‫الطارئة بشأن التحفيظ والذي يشكل عرقلة في حد ذاته أمام تطبيق‬
‫نظام التحفيظ العقاري‪ ،‬هذا باإلضافة إلى مجموعة من المشاكل التي‬
‫أبانت عن عدم مالئمة مجموعة من فصول هذا النظام مع الطفرة‬
‫النوعية التي عرفها المغرب‪ ،‬سواء على المستويين اإلقتصادي‬
‫واإلجتماعي في السنوات األخيرة(‪.)1‬‬

‫طول المساطر وتعقيد اإلجراءات‬ ‫ب‪-‬‬

‫إن أكبر إشكالية تواجه التحفيظ العقاري بالمغرب‪ ،‬هي مسالة‬


‫التحفيظ والقضاء‪ ،‬فالمسطرة اإلدارية تستغرق وقت طويال وان مواجهتها‬
‫قضائيا يزيد من عمر هذه المسطرة وتمديد فترتها‪ ،‬هذا باإلضافة إلى‬
‫إتسام التعرضات بكثير من السلبيات وهو ما ينعكس سلبا على‬
‫تأسيس الرسوم العقارية‪ ،‬وكما هو معلوم في كون مسطرة التحفيظ‬
‫هي عبارة عن مجموعة من اإلجراءات التي يجيب أن يمر بها العقار‬
‫المطلوب تحفيظه‪ ،‬حيث يكون الهدف منها هو التعرف على الوضعية‬

‫(‪- )1‬عبد الحق ابن عطية األندلسي ‪" :‬أسباب عدم تحق يق الرسوم العقارية " ‪ ،‬منشور بندوة علمية حول موضوع ‪80:‬‬
‫سنة من التحفيظ العقاري حصيلة وافاق ‪، 1993-1913،‬ص‪44 :‬الى ‪. 48‬‬

‫‪25‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫الهندسية والقانونية لهذا العقار وتطهيره من كافة الحقوق والتحمالت‬


‫غير الثابتة حتى ال تسجل بالسجالت إال الحقوق المشروعة‪.‬‬

‫كما تعرف أيضا مسطرة التحفيظ وفق القانون ‪ 14.07‬بأنه مجموعة‬


‫من القواعد القانونية والعمليات المتبعة والمتكاملة بدءا من وضع مطلب‬
‫التحفيظ وإيداعه مرورا بإقامة الرسم العقاري وانتهاء بمختلف التقيدات‬
‫بالسجالت العقارية‪.‬‬

‫وبتالي فالتحفيظ العقاري يضبط الملكية العقارية وسائر الحقوق‬


‫العينية العقارية ويطهرها من جميع ما كانت الملكية مستقلة به من‬
‫حقوق قبل تحفيظها(‪.)1‬‬

‫إال أن الواقع العملي يبرهن على إن األمور ال تسري دوما بهذه‬


‫البساطة‪ ،‬فقد تعرف هذه المسطرة مجموعة من الصعوبات والمعيقات‬
‫تتمثل في ظهور متعرضين يطالبون بحقوق لهم على العقار موضوع‬
‫مطلب التحفيظ وهو ما يؤدي إلى إطالة أمد مسطرة التحفيظ وإمكانية‬
‫باعتبارها األصل إلى المرحلة القضائية‪،‬‬ ‫نقلها من المرحلة اإلدارية‬
‫خاصة في حالة عدم التوصل إلى صلح من قبل األطراف‪ ،‬وهو األمر‬
‫الذي قد يطيل من مسطرة التحفيظ لكون المشرع خول إلطراف النزاع‬
‫الحق في الدفاع عن حقوقهم والمطالبة بها أثناء المرحلة القضائية عن‬
‫طريق االستئناف والطعن بالنقض‪ ،‬مادام أن الهدف من مسطرة التحفيظ‬
‫هو تطهير العقار من كافة الحقوق الغير المشروعة أثناء جريان مسطرة‬
‫التحفيظ‪ ،‬وان كان التعرض يشكل ضمانة قانونية بحيث ال يمكن‬
‫االستغناء عنه لكونه يعد من إحدى دعائم نظام التحفيظ العقاري‬

‫(‪- )1‬محاضرات ألقيت على طلبة الفصل الخامس من طرف االستاذة فاطمة الزهراء عالوي في مادة قانون العقاري‪،‬‬
‫بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية‪ ،‬السنة الجامعية‪.2019-2018 :‬‬

‫‪26‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫ووسيلة من وسائل مبدأ التطهير المسبق للحقوق المزمع تحفيظها‪ ،‬إال‬


‫أن السير البطيء لفض النزاعات العقارية يشكل عرقلة في تطبيق هذا‬
‫النظام سواء من حيث كثرة القضايا المعروضة على المحاكم أو على‬
‫مستوى تقيد االختصاصات بالنسبة للمحكمة (‪. )1‬‬

‫وعموما‪ ،‬فان طول اإلجراءات وتعقيدها يعطل الهدف األساسي‬


‫المتوخى أال وهو تأسيس الرسم العقاري موضوع مطلب التحفيظ‪ ،‬حيث‬
‫ينشئ لصاحبه اإلستفادة منه باعتباره السند الوحيد للملكية الذي‬
‫يكتسب الحجية المطلقة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬األسباب االقتصادية واالجتماعية‬

‫إلى جانب األسباب القانونية تتنوع األسباب األخرى المرتبطة‬


‫بالمجالين االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬باعتبارهما أساسا لإلقالع نحو الدول‬
‫الحديثة‪ ،‬لذلك فسوف نعرض لجملة األسباب اإلقتصادية (أ) على إعتبار‬
‫العقار أحد أهم الركائز النطالق المشاريع االقتصادية‪ ،‬وكذلك األسباب‬
‫االجتماعية (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬األسباب االقتصادية‬

‫إن من فوائد التحفيظ العقاري جعل العقارات المحفظة تتسم‬


‫باستقرار المعامالت فيها وخلق الثقة واالطمئنان بين المتعاملين في‬
‫هذا المجال‪ ،‬وذلك راجع إلى أن التحفيظ يرمي إلى جعل العقار خاليا‬
‫من أي نزاع‪ ،‬كذلك من بين أهدافه وفوائده تنمية السلفات الرهنية وكذا‬

‫(‪- )1‬المختار بن أحمد عطار ‪" :‬التحفيظ العقاري على ضوء القانون المغربي "‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬ط ‪ ،1‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،2008 ،‬ص‪ 64 :‬و‪.65‬‬

‫‪27‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫رفع من قيمة العقارات‪ ،‬لذلك سوف يقتصر في البحث عن األسباب‬


‫االقتصادية لتبني هذا القانون على العاملين السابقين‪.‬‬

‫‪ -‬الرفع من قيمة العقارات‪ :‬إن فعالية نظام التحفيظ العقاري تبدو‬


‫جلية من خالل ضبط المعامالت العقارية ومن خالل إضفاء الوضوح‬
‫والدقة على الوضعية العقارية العادية منها والقانونية‪ ،‬األمر الذي‬
‫يؤدي إلى إستقرار الملكية العقارية وتقيدها على أسس سليمة‬
‫وتسهيل تداولها‪ ،‬وهو ما يشجع عمليات البناء والتجزئة والتعمير‬
‫واستقرار المعامالت‪ ،‬من خالل بعث الثقة جراء تبني نظام‬
‫التحفيظ العقاري لكون الرسم العقاري للعقار المحفظ يتضمن‬
‫بيانات تتمتع بالحجية وقوة الشيء المقضي به‪.‬‬

‫فإذا كانت القاعدة سليمة والمرجعية واضحة فان العقار يؤتي أكله‬
‫المالي والتجاري‪ ،‬ويسهل بالتالي من تداول العقار بكل ثقة‬
‫وطمأنينة وهذا ما نالحظه من كون وجود عالقة بين التحفيظ‬
‫والتنمية العقارية‪ ،‬فالغاية األساسية من وراء نظام التحفيظ‬
‫العقاري هي إدراج العقار في حلبة التنمية اإلقتصادية‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤدي على الرغم من القيمة المالية للملكية العقارية إلى كون‬
‫العقار المحفظ يقدم ضمانات عينية لمؤسسات السلف والدائنين‬
‫بصفة عامة وهو ما ينعش أيضا السوق السلفات الرهنية وبالتالي‬
‫(‪) 1‬‬
‫تنشيط الدورة اإلقتصادية للبالد‪.‬‬

‫تنمية السلف الرهني‪ :‬ويتمثل ذلك كما تم التطرق إليه سابقا‬ ‫‪-‬‬
‫في تشجيع السلفات الرهنية للمؤسسات البنكية‪ ،‬على إعتبار‬

‫(‪ - )1‬رضوان بلشقر‪ " :‬األسباب الداعية لتبني القانون ‪ ،" 14.07‬نشر في الموقع االلكتروني‪ ،‬تمت زيارته بتاريخ ‪-29‬‬
‫‪ 2019-03‬على الساعة ‪http://zidni3ilma.arabepro.com/t175/topic. 17:14‬‬

‫‪28‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫هذه األخيرة تكون مطمئنة عند تقديمها للسلفات على أساس أن‬
‫السلف المقدم مرهون بعقار محفظ قابل للتنفيذ عليه في حالة‬
‫عدم إرجاع القرض للمؤسسة المقرضة‪ ،‬لهذا وجب التعامل بثقة‬
‫بين المقرض والمقترض لتحقيق ذلك الربح‪ ،‬وهذا هو االتجاه الذي‬
‫يسير فيه االئتمان العقاري‪ ،‬وتجسد هذه الثقة في الرسم‬
‫العقاري المقدم كضامنة من حيث حالته المادية والقانونية نتيجة‬
‫عدم قابلية للطعن‪ ،‬هذا بدون شك يشجع التعامل بالعقارات وبقوة‬
‫الضمان الذي يتطلبه ويزيد في تشجيع األبناك والمؤسسات‬
‫المالية في منح قروض بسخاوة تحت حماية قانونية ضامنة‬
‫لالسترداد‪.‬‬

‫لذلك المؤسسات المقرضة ال تشترط ضرورة أن يكون الشخص‬


‫طبيعي أو معنوي بل هدفهم من ذلك في أغلب األحوال هو‬
‫ولذلك فبمجرد منح‬ ‫(‪)1‬‬
‫استثمار أموالهم والزيادة في الرأس المال‪.‬‬
‫رهن الرسم العقاري للمؤسسة المقرضة وتسجيله‪ ،‬يمكن للدائن‬
‫المرتهن أن يحصل على شهادة خاصة وموقعة من طرف المحافظ‬
‫على األمالك العقارية طبقا للفصل ‪ 58‬من ظهير ‪ 12‬غشت ‪،1913‬‬
‫التي تقر انه إذا لم يستوفي دينه عند حلول اجله‪ ،‬من حق‬
‫المقترض بيع العقار المرهون عن طريق النزع الجبري للحقوق‬
‫العقارية محل الرهن طبقا لإلجراءات المنصوص عليها في ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫(‪ -)1‬رضوان بلشقر‪ " :‬األسباب الداعية لتبني القانون ‪ ،" 14.07‬نشر في الموقع االلكتروني‪ ،‬تمت زيارته بتاريخ ‪-29‬‬
‫‪ 2019-03‬على الساعة ‪http://zidni3ilma.arabepro.com/t175/topic. 17:14‬‬

‫‪29‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫األسباب االجتماعية‬ ‫ب‪-‬‬

‫إن المجال االجتماعي بدوره أيضا كان محفزا أساسيا دفع المشرع‬
‫المغربي إلى ضرورة تبني القانون ‪ ،14.07‬لذلك يمكن أن نجعل هذه‬
‫األسباب في سببين رئيسيين‪:‬‬

‫‪ -‬التقليل المنازعات‪ :‬إن الحد من النزاعات هو غاية في حد ذاته‬


‫من تبني القانون ‪ ،14.07‬هذه النزاعات تتجلى في التصرفات بين‬
‫المالكين المجاورين فيما بعضهم او المطالبين بحقوق عينية على‬
‫هذه العقارات‪ ،‬فتأسيس الرسم العقاري من شانه تثبيت الملكية‬
‫العقارية واستقرارها وهذا من شانه التخفيف من المنازعات التي‬
‫قد تثار حول مشروعية الملكية العقارية‪ ،‬وهكذا فان نظام التحفيظ‬
‫العقاري باعتباره يحدد مالكي العقار الحقيقيين وكذا مساحته‬
‫ووضعيته ومشتمال ته وحدوده كما هو منصوص عليه في الفصل‬
‫‪ 52‬من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون ‪،14.07‬‬
‫كل هذا من شأنه أن يوفر أمنا واستقرارا يؤدي إلى التقليل من‬
‫المنازعات العقارية سواء في المدينة أو البادية وما تجريه من‬
‫خالفات على الحدود‪ ،‬وبالتالي توفير الوقت والجهد والمال المهدور‬
‫في سبيل ذلك‪ ،‬وعليه كلما زادت الضمانات القانونية في نظام‬
‫التحفيظ العقاري انعكس ذلك ايجابيا على استقرار الملكية‬
‫العقارية وتقليص المنازعات بين المالك أو أصحاب الحقوق العقارية‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪.)1(10‬‬

‫(‪ -)1‬رضوان بلشقر‪ " :‬األسباب الداعية لتبني القانون ‪ ،" 14.07‬نشر في الموقع االلكتروني‪ ،‬تمت زيارته بتاريخ ‪-29‬‬
‫‪ 2019-03‬على الساعة ‪http://zidni3ilma.arabepro.com/t175/topic. 17:14‬‬

‫‪30‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫السكن‬ ‫القضاء على‬ ‫العقاري في‬ ‫التحفيظ‬ ‫‪ -‬مساهمة‬


‫العشوائي‪ :‬يعتبر نظام التحفيظ العقاري عامال ناجحا في حل‬
‫أزمة السكن من خالل توفير وعاء عقاري خالي من المنازعات‪،‬‬
‫وهو ما يشجع المستثمرين على اإلقدام على مشاريع البناء أو‬
‫خلق تجزئات سكنية تسد الخصاص والنقص الحاصل في مجال‬
‫السكن‪ ،‬وهو ما يالحظ من خالل التوحيد الذي سار عليه‬
‫المشرع حيث جعل التحفيظ إجباريا‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للقانون ‪ ،)1(90.25‬وذلك من اجل تثبيت حق المجزئين من جهة‪،‬‬
‫وحماية حقوق الغير من جهة أخرى‪ ،‬وكسب الثقة الزبناء هذا‬
‫باإلضافة إلى سهولة حصولهم على قروض من البنوك‪ ،‬من اجل‬
‫أداء الثمن المحدد للبيع‪ ،‬عكس األمر إذا تعلق بعقار غير محفظ‪،‬‬
‫لذلك فإن نظام التحفيظ العقاري يخلق أرضية مناسبة لتشجيع‬
‫المتدخلين في قطاع السكن‪ ،‬من أجل توفير منتوج سكني‬
‫يتضمن جميع الشروط القانونية‪ ،‬إال أنه وبالرغم من وضع النصوص‬
‫القانونية يتطلب األمر مع ذلك ضرورة تدخل الدولة للحد من بعض‬
‫الممارسات التي تؤدي إلى ارتفاع أسعار العقار بصورة كبيرة‪،‬‬
‫الشيء الذي قد يحرم الكثير من المواطنين من الحصول على‬
‫سكن الئق‪ ،‬وهو ما قد يترتب عنه نتائج وإنعكاسات وخيمة تتمثل‬
‫في توجه األفراد نحو السكن العشوائي وغير النظامي‪.‬‬

‫(‪– )1‬القانون رقم ‪ 25.90‬المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم االراضي‪ ،‬الصادر بتنفيذ الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ ،1.92.07‬في ‪ 15‬من ذي الحجة ‪ 17( 1412‬يونيو ‪.)1992‬‬

‫‪31‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المستجدات التي جاء بها القانون ‪ 14.07‬فيما‬


‫يخص مسطرة التحفيظ‬

‫إن من أهم اإلصالحات القانونية التي قام بها المشرع المغربي في‬
‫المجال العقاري هو تنزيل وتعديل ظهير التحفيظ العقاري المعدل‬
‫والمتمم بقانون ‪ ،14.07‬هذا األخير جاء بمجموعة من اإلصالحات بدءا‬
‫بإيداع مطلب التحفيظ إلى حين تأسيس الرسم العقاري موفرا أمنا‬
‫قانونيا للفئة التي تتعامل بالمجال العقاري ‪.‬‬

‫لهذا فالقانون ‪ 14.07‬المتمم لظهير ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬جاء كردة فعل‬


‫على الصعوبات التي تعرفها مسطرة التحفيظ‪ ،‬وألننا نعيش في زمن‬
‫تتعالى فيه األصوات بالعمل على تشجيع االستثمار العقاري‪ ،‬فان‬
‫القاعدة القانونية لن تهدف إلى تحقيق العدالة المطلقة بقدر ما تساهم‬
‫(‪)1‬‬
‫فيه باستقرار المعامالت وتطوير االقتصاد‪.‬‬

‫وللموازنة بين المصلحة االقتصادية وبين حماية الملكية العقارية‪ ،‬كان‬


‫على المشرع لزوما إدخال تعديالت جديدة وخاصة المتعلقة بمسطرة‬
‫التحفيظ سواء المسطرة العادية(أوال) أو بمسطرة التعرضات(ثانيا)‬
‫باإلضافة إلى المقتضيات المتعلقة بمسطرة التحفيظ اإلجباري (ثالثا) ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المستجدات المتعلقة بالمسطرة العادية‬

‫لقد جاء القانون ‪ 14.07‬بمجموعة من المستجدات المتعلقة‬


‫بمسطرة التحفيظ العادية‪ ،‬وخاصة الفصول ‪ 20 19 18 17‬والفصل ‪،23‬‬
‫حيث تم إدخال تعديالت على مضمون الفصل ‪ 18‬المتعلق باإلشهار‬

‫(‪_ )1‬يونس معاطا ‪" :‬األمن العقاري في ضوء القانون ‪ ،" 14.07‬بحث لنيل ديبلوم الماستر في العلوم األمنية وتدبير‬
‫المخاطر ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية بسطات ‪، 2013،‬ص‪. 6 :‬‬

‫‪32‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫وتعليق ملخص مطلب التحفيظ‪ ،‬بحيث يستفاد من مضمن الفصلين ‪17‬‬


‫و‪ 18‬إن عملية اإلشهار تتم عبر إخبار العموم بموضوع مسطرة التحفيظ‬
‫وكل من له مصلحة إلبداء رأيه ومالحظته وذلك عن طريق قيام المحافظ‬
‫باإلجراءات المنصوص عليها في الفصل ‪ 17‬عبر إعالن التحديد إلى‬
‫الجهات التي يقع العقار في دائرة نفوذها‪ ،‬والمتمثلة في رئيس‬
‫المحكمة االبتدائية‪ ،‬وممثل السلطة المحلية‪ ،‬ورئيس المجلس‬
‫الجماعي‪ .‬ويتم بعث الوثائق المشار إليها في الفصل ‪ 17‬إلى الجهات‬
‫األخيرة بطرف التبليغ المقررة مقابل إشعار بالتوصل قبل تاريخ التحديد‬
‫(‪)1‬‬
‫بعشرين يوم على األقل‪.‬‬

‫والمستجدات التي جاء بها هذا القانون الجديد كذلك االستغناء عن‬
‫بعث شهادة التعليق إلى المحافظ العقاري الجاري بها العمل سابقا‬
‫واالقتصار على اإلشعار بالتوصل‪ ،‬بحيث إن توصلهم يفيد قيامهم‬
‫بالتعليق‪ ،‬وكان هذا اإلجراء من الناحية العملية يعرقل مسطرة التحفيظ‬
‫لشهور وسنوات‪ ،‬كما ان هذا القانون قام بتعديل المقتضيات الخاصة‬
‫بتعديل العقار‪ ،‬إذ كانت عملية التحديد تقوم بها مصلحة المسح‬
‫الطبوغرافي تحت إشراف المحافظ العقاري أو من ينوب عنه‪ ،‬لكن‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 19‬التي تنص فقرته األولى على " يقوم المحافظ‬
‫على األمالك العقارية بتسيير عملية التحديد وينتدب لهذه الغاية‬
‫مهندسا مساحا طبوغرافيا محلفا من جهاز المسح العقاري‪ ،‬مقيد‬
‫في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافين ‪"...‬‬

‫(‪ - )1‬الفقرة األولى من الفصل ‪ ،18‬من الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 1331‬الموافق ل ‪ 12‬أغسطس ‪،1913‬‬
‫المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغيريه وتتميمه‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫ويالحظ إن المشرع ال يحترم التميز بين مسؤولية المحافظ‬


‫ومسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي‪ ،‬بحيث إن األول يكلف‬
‫بالجانب القانوني واإلجراءات المتعلقة باالستدعاء لعملية التحديد‬
‫لجميع اإلطراف المعنية تحت طائلة إلغاء عملية التحديد‪ ،‬وفيما يختص‬
‫(‪)1‬‬
‫المهندس المساح الطبوغرافي بالجانب القانوني والتقني ‪.‬‬

‫وجاء الفصل ‪ 20‬أيضا ببعض المستجدات حيث سمح بإمكانية اللجوء‬


‫إلى وكيل الملك للمطالبة بتسخير القوة العمومية‪ ،‬عند االقتضاء بطلب‬
‫(‪)2‬‬
‫من المحافظ أو من كل من له مصلحة من اجل إجراء عملية التحديد‬
‫حينما يتبين إن هناك أشخاص يعارضون في عملية التحديد لكونهم‬
‫ينازعون طالب التحفيظ‪ ،‬الذين يختارون اللجوء إلى وسائل غير قانونية‬
‫متمثلة في ممارسة حقهم في التعرض بدون أي إجراء قانوني‪،‬‬
‫كممارسة ضغوطات في عين المكان ويمنعون المساح من وضع األنصاب‬
‫أو قطع الطريق أمامه للوصول إلى العقار موضوع التحديد‪ ،‬لهذا يتم‬
‫تسخير القوة العمومية للحفاظ على األمن وعدم عرقلة أعمال‬
‫المهندس المساح الطبوغرافي الذي يقوم باإلشراف على عملية‬
‫التحديد‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك فالفصل ‪ 21‬من القانون ‪ 14.07‬ينص في فقرته‬


‫الثانية على أن يحرر المهندس المساح الطبوغرافي محضر للتحديد‬
‫ويوقع عليه مع توقيع باقي اإلطراف الحاضرة‪ ،‬وما يالحظ هو إن‬
‫االستغناء عن توقيع المحافظ العقاري‪.‬‬

‫(‪- )1‬سارة الدراق‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.69 :‬‬


‫(‪- )2‬الفقرة األولى من الفصل ‪ ،20‬من الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 1331‬الموافق ل ‪ 12‬أغسطس ‪،1913‬‬
‫المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغيريه وتتميمه‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫وحث الفصل ‪ 23‬إلى إمكانية إلغاء مطلب التحفيظ‪ ،‬إذا لم يدلي‬


‫طالب التحفيظ بعذر مقبول داخل أجل شهر من تاريخ توصله باإلنذار يبرر‬
‫تغيبه عن عملية التحديد أو عدم قيامه بما يلزم إلجرائها باإلضافة إلى‬
‫إمكانية إلغاء مطلب التحفيظ عندما يتعذر انجاز عملية التحديد لمرتين‬
‫متتاليين بسبب نزاع حول الملك‪ ،‬وهذا المستجد جاء به القانون من‬
‫خالل الفصل ‪ ،23‬من شانه إعطاء فرصة لطالب التحفيظ من اجل‬
‫استئناف عملية التحديد وذلك بمنحه اجل لتبرير تغيبه بعد إنذاره داخل‬
‫اجل شهر‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المستجدات المتعلقة بمسطرة التعرضات‬

‫عرف األستاذ مأمون الكزبري بإن التعرض هو " ادعاء يتقدم به احد‬
‫من الغير ضد طالب التحفيظ بمقتضاه يتنازع من اجل حق ملكية طالب‬
‫التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو في حدود العقار المراد تحفيظه‪ ،‬أو‬
‫يطالب عين مترتب له على هذا العقار وبنكره عليه طالب التحفيظ الذي‬
‫‪)1(.‬‬ ‫لم يشير إليه فيه مطلبه"‬

‫ويعتبر التعرض ميزة من مميزات نظام التحفيظ العقاري و وسيلة من‬


‫وسائل تطبيق مبدأ التطهير المسبق للحقوق المزمع تحفيظها أو‬
‫(‪)2‬‬
‫تسجيلها‪.‬‬

‫ونظرا ألهمية التي تلعبها التعرضات في حماية الملكية العقارية‬


‫وممتلكات الغير وتحقيق امن اجتماعي‪ ،‬فقد خصها المشرع بتعديالت‬
‫بموجب القانون ‪ 14.07‬وهمت المستجدات التي جاء بها والمتعلقة‬

‫(‪ - )1‬مأمون الكزبري ‪" :‬التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي "‪ ،‬الجز األول‪،‬‬
‫شركة الهالل العربية للطباعة والنشر‪ ،‬ط ‪ ،2،1987‬مصر‪ ،‬ص‪.47 :‬‬
‫(‪ - )2‬محمد خيري‪ " :‬حماية الملكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري‪ ،‬دار النشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط ‪ ،2001‬ص‪.175 :‬‬

‫‪35‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫بتقديم التعرض والبت فيه وبتنفيذ اإلحكام الصادرة بشأنه وكذا‬


‫المقتضيات المتعلقة بالتعرض االستثنائي‪.‬‬

‫لهذا ومن خالل الفصل ‪ 24‬من ظهير التحفيظ العقاري نجده يوسع‬
‫مجال وموضوع التعرض يفتح إمكانية التعرض حتى على بعض الحقوق‬
‫المنصوص عليها طبقا للفصل ‪ 84‬من نفس القانون‪ ،‬فهذا المستجد‬
‫أنهى الجدل الفقهي والقضائي حول الموضوع بين مؤيد لفتح إمكانية‬
‫التعرض على بعض الحقوق التي وقع اإلعالن عنها في الفصل األخير و‬
‫معارض لذلك‪.‬‬

‫ومن المستجدات التي تضمنها القانون أيضا؛ حصره الجهة التي‬


‫تتلقى التعرضات في محافظ على األمالك العقارية والمهندس المساح‬
‫الطبوغرافي المنتدب من طرفه أثناء عملية التحفيظ طبقا للمقتضيات‬
‫الفقرة األولى من الفصل ‪ ،125‬وهنا يالحظ إن المشرع ادخل مقتضى‬
‫جديد بحيث جعل المهندس المساح الطبوغرافي يتلقى التعرضات إلى‬
‫جانب المحافظ على األمالك العقارية وكلفه ببعض الجوانب ذات الصبغة‬
‫القانونية باإلضافة إلى الجوانب التقنية وتم االستغناء عن تقديمه إلى‬
‫المحكمة أو الممثل السلطة المحلية ومركز قاضي التوثيق‪ ،‬وهو تعديل‬
‫ايجابي سيضع حد لشتت وتنوع الجهات التي تتلقى التعرضات كما‬
‫تضمن الفصل نفسه في فقرته الثالثة ضرورة توفر جملة من البيانات‬
‫المدرجة في تقديم طلب التعرض‪.‬‬

‫وعلى هذا الجانب‪ ،‬تم نسخ الفصل ‪ 29‬من ظهير التحفيظ العقاري‬
‫وتعويضه بالقانون ‪ 14.07‬الذي ينص على إمكانية قبول التعرض‬
‫االستثنائي ولو لم يرد على هذا المطلب أي تعرض سابق‪ ،‬لكن‬
‫شريطة إن ال يكون الملف قد وجه صوب المحكمة‪ ،‬هذا التعرض‬

‫‪36‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫اإلستثنائي تم حصر الجهة الوحيدة المخول لها قبول هذا التعرض في‬
‫شخص المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬وذلك إلغاء إمكانية تقديمه أمام‬
‫(‪)1‬‬
‫وكيل الملك للمحكمة التي يوجه إليها الملف‪.‬‬

‫وجاء الفصل ‪ 30‬الذي حدد اآلجال للمحافظ على األمالك العقارية‬


‫التخاذ القرار المالئم من طرف المحافظ العقاري‪ ،‬بحيث إذا انتهى أجل‬
‫التعرضات دون إن يسجل أي تعرض‪ ،‬فيتعين عليه تحفيظ العقار بعد‬
‫التحقق والتأكد من جميع اإلجراءات القانونية‪ ،‬وان ال يكون قد قبل أي‬
‫تعرض استثنائي خالل هذه الفترة‪.‬‬

‫كما عدل أيضا الفصل ‪ 231‬في فقرته الثالثة ونص على إمكانية‬
‫تجزيء مطلب التحفيظ تلقائيا وإنشاء رسم عقاري خاص بالجزء الذي‬
‫لم يقع عليه التعرض بعد تحديده‪.‬‬

‫أيضا تم نسخ الفصل ‪ 32‬وتعويضه بالقانون ‪ 14.07‬الذي ينص صراحة‬


‫على عدم إمكانية قبول أي تعرض خارج األجل المنصوص عليه في‬
‫الفصل ‪ 25‬من القانون‪ ،‬أو لم يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة‬
‫والوثائق المؤيدة لتعرضه‪ ،‬أولم يثبت حصوله على المساعدة القضائية‪،‬‬
‫وكذا شريطة إن ال يوجه الملف الى المحكمة االبتدائية للنظر في‬
‫التعرضات المضمنة به خالل ‪ 3‬أشهر الموالية النتهاء اجل التعرضات‪،‬‬
‫باإلضافة إلى التعديالت التي همت البت في التعرض فقد تم إعادة‬
‫تحديد نطاق سلطة المحكمة ومنحها سلطة لزجر التعرضات الكيدية إذا‬
‫ما ثبت سوء نية في تقديم التعرض‪.‬‬

‫(‪ - )1‬أحمد أ جعون ‪" :‬المقتضيات الجديدة المتعلقة بالتعرض على مسطرة التحفيظ "‪ ،‬منشور بسلسلة "األنظمة‬
‫‪،‬المنازعات العقارية"‪ ،‬نظام التحفيظ العقاري على ضوء القانون ‪ ،14.07‬مجلة الحقوق‪ ،‬اإلصدار السادس‪ ،‬ص‪.53 :‬‬
‫‪ 2‬ينص الفصل ‪ 31‬من قانون التحفيظ العقاري في فقرته الثالثة " ‪...‬اذا لم يتمكن طالب التحفيظ من ذلك فإن المحافظ‬
‫على األمالك العقارية يمكنه ان يجزئ المطلب‪ ،‬ويؤسس رسما عقاريا خاصا بالجزء الذي ال يشمله النزاع بعد اجراء‬
‫تحديد تكميلي ‪"...‬‬

‫‪37‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫كما نجد الفصل ‪ 109‬من ق ت ع يتحدث ويحدد لنا طرق الطعن في‬
‫المجال العقاري إذ ينص على " ال تقبل اإلحكام الصادرة في مادة‬
‫التحفيظ العقاري الطعن إال باالستئناف والنقض" ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المستجدات المتعلقة بمسطرة التحفيظ اإلجبارية‬

‫بالرغم من الصفة االختيارية التي يتميز بها النظام التحفيظ العقاري‬


‫والمنصوص عليها في الفصل ‪ 6‬من القانون ‪ 14.07‬فإننا نجد المشرع‬
‫العقاري قد إضطر إلى إدخال بعض الحاالت اإلستثنائية التي يصبح فيها‬
‫التحفيظ إجباريا وهي المنصوص عليها في الفصول ‪ 7‬و ‪ 8‬وغيرها من‬
‫الحاالت المنصوص عليها في القوانين الخاصة‪.‬‬

‫ذلك كله ضمانا لتحيق مصالح تعتبر أجدر بالرعاية من مصالح‬


‫الخواص‪ ،‬وكذا الهدف من إقرار هذه الحاالت التقليل من مجال االختيار‪.‬‬

‫لهذا نجد مجموعة من الحاالت التي يستوجب فيها المشرع إلزامية‬


‫التحفيظ منها الحالة المنصوص عليها في الفصل ‪ 7‬و ‪ ،8‬هذا األخير يكون‬
‫إجباريا إذا كان من المحكمة أو بقرارها‪ ،‬كذلك يكون إجباريا في أمالك‬
‫الدولة الخاصة في حالة تعرض على تحديدها‪ ،‬وأيضا في حالة مقايضة‬
‫عقار محبس تحبيسا عموميا‪ ،‬وكذلك في حالة ضم األراضي أو عند‬
‫تجزأت العقارات الزراعية‪ ،‬وكذلك يكون إجباريا في حالة األراضي‬
‫(‪)1‬‬
‫الجماعية‪.‬‬

‫والمالحظ أن األصل في التحفيظ العقاري فهو اإلختيارية‪ ،‬لكن إذا تم‬


‫تقديم مطلب التحفيظ فانه ال يجوز سحبه مطلقا‪ ،‬طبق للفصل‬
‫السادس من القانون التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون ‪.14:07‬‬

‫(‪- )1‬إدريس الفاخوري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪. 19-18-17 :‬‬

‫‪38‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫دور العمل القضائي في تحقيق األمن العقاري‬

‫‪39‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫يعتبر القضاء إحدى الركائز األساسية التي تقوم عليها الدولة‬


‫العصرية التي تعمل على تنظيم حق التقاضي‪ ،‬ويعتبره واجبا عليها نحو‬
‫مواطنيها‪ .‬وعليه نجد تاريخ المغرب قد خص للقضاء مكانة هامة ومحورية‬
‫في ترسيخ وحدة الدولة والحفاظ على أسسها وحماية حقوق وحريات‬
‫األفراد بالتطبيق العادل للقانون(‪ .)1‬لهذا فإستقاللية القضاء‪ ،‬وحياده‪،‬‬
‫ونزاهة القضاة‪ ،‬وجودة األحكام وغيرها‪ ،‬كلها تعد شروط ضرورية لبناء‬
‫دولة القانون‪ ،‬وتحقيق األمن القضائي سواء في المجال العقاري أو‬
‫المجاالت األخرى‪ ،‬والتي تعد ضمانات أساسية لتطبيق وسيادة‬
‫الديمقراطية وحماية ممتلكات األفراد‪.‬‬

‫فاألمن القضائي في المجال العقاري ال يتحقق إال من خالل توفير‬


‫آليات تضمن حسن سير القضاء كاستقالليته ونزاهته ونجاعة إدارته‪،‬‬
‫هذه كلها تبعث الثقة في الجهاز القضائي الذي يعتبر ملجأ لألفراد‬
‫لضمان حقوقهم وممتلكاتهم وحمايتها من أي إعتداء‪ ،‬لهذا أصبحت‬
‫التشريعات العقارية المعاصرة تولي عناية خاصة وإهتماما بالغا بالملكية‬
‫العقارية والمعامالت المرتبطة بها‪ ،‬مما يساهم في ترسيخ مبدأ األمن‬
‫القانوني واألمن القضائي‪.‬‬

‫إن الغاية األساسية من توفير األمن القضائي هي ترسيخ الثقة في‬


‫المؤسسة القضائية واالطمئنان إلى ما ينتج عنها أو ما يجتهد بشأنه‬
‫من نوازل‪ ،‬لهذا فإن الحلول المعمول بها على الصعيد المقارن هو تأمين‬
‫اإلجتهاد القضائي‪ ،‬إذ ال يتم الرجوع عن االجتهاد إال بعد دراسة‬
‫وتمحيص األبعاد التي تنسجم مع اإلجتهاد القضائي الجديد(‪ .)2‬وبهذا‬

‫(‪ )1‬محمد الخضراوي‪" :‬األمن القضائي في التجربة المغربية"‪ ،‬دراسة منشورة في جريدة الصباح المغربية‪ ،‬عدد‪3578‬‬
‫بتاريخ‪.13.10.2011 :‬‬
‫(‪ _ )2‬محمد الطيب الناصري‪ ،‬كلمة ألقاها أمام مجلس المستشارين خالل عرض مشروع م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬بتاريخ‪.13.09.2011 :‬‬

‫‪40‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫فإن األمن القضائي من الوظائف األساسية للدولة ومرآتها التي تعكس‬


‫تقييم النظام القانوني‪ ،‬المتمثل في التشريع العقاري المغربي بين‬
‫جديد ق‪.‬ت‪.‬ع ‪ ،‬ومدونة ح‪.‬ع‪ .‬وتفعيل مقتضياتها على أرض الواقع(‪ ،)1‬لهذا‬
‫يعتبر القضاء عنصرا حازما في حل المنازعات العقارية‪.‬‬

‫لذلك فلدراسة هذا المبحث واإللمام بجل المعلومات األساسية‬


‫المرتبطة بهذا الموضوع‪ ،‬ستتم محاولة التطرق إلى األمن القضائي‬
‫ومدى مساهمته في تطوير النظام العقاري (المطلب األول)‪ .‬ثم نطاق‬
‫تدخل النيابة العامة والقضاء لحماية الملكية العقارية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األمن القضائي ومدى مساهمته في تطوير‬


‫النظام العقاري‬

‫إن حماية الممتلكات العقارية ال تكون إال عبر توفر القضاء على آليات‬
‫قمينة بإستقرارها وثباتها‪ ،‬هذه اآلليات بدورها تضمن سير القضاء وتبعث‬
‫الثقة في المؤسسة القضائية عند حلها لجملة من النوازل‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يشجع المستثمرين أيضا لوضع أموالهم بين أيدي الفاعلين‬
‫القانونيين وكذا القضائيين عندما يعرف هذا المجال نوع من النزاعات‪،‬‬
‫لذلك ففي محاولة للحديث عن دور المؤسسة القضائية في توفير األمن‬
‫العقاري‪ ،‬سيتم التطرق إلى ماهية األمن القضائي (الفقرة األولى)‬
‫على أساس أن يتم التطرق ألثر اإلجتهاد القضائي في التشريع‬
‫العقاري المغربي(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫(‪ _)1‬ظهير الشريف رقم ‪ 1.11.177‬الصادر في ‪ 22‬نونبر والقاضي بتفنيد ق‪ 14.07‬والقانون رقم ‪ ،39.08‬منشور ب‬
‫ج‪.‬ر العدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪.2011‬‬

‫‪41‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية األمن القضائي‬

‫إن محاولة الحديث عن ماهية األمن القضائي تستدعي ضرورة‬


‫التطرق لمفهوم األمن القضائي (أوال)‪ ،‬وكذا المرتكزات التي يقوم عليها‬
‫األمن القضائي في المجال العقاري (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم األمن القضائي‬

‫ال يحظى مصطلح األمن القضائي بنفس الدراسة التي حظي بها‬
‫مصطلح األمن القانوني‪ ،‬وهذا قد يكون راجعا إلى حداثة المصطلح‬
‫وإستعماله خاصة في الدول النامية‪ ،‬وإما لكون األمن القانوني قد‬
‫إستغرق األمن القضائي واحتواه‪.‬‬

‫ويبدو من خالل اإلستعمال الشائع لمصطلح األمن القضائي أن هناك‬


‫إرتباط بين المفهومين‪ ،‬إذ غالبا ما يضاف إلى األمن القضائي فيقال‬
‫األمن القانوني والقضائي وذلك من أجل الداللة على أمرين ‪:‬‬

‫‪ ‬إقتران مبدأ األمن القانوني باألمن القضائي‪.‬‬


‫‪ ‬إبراز الطابع الحمائي للقضاء في سهره على تطبيق القانون‬
‫وحماية الحقوق(‪.)1‬‬

‫ورغم ذلك فإن مفهوم األمن القضائي لم يتم تعريفه والتطرق إليه‬
‫في الدساتير السابقة لدستور ‪ ،2011‬وهو ذات التوجه الذي عكسه‬
‫دستور ‪ 2011‬أيضا لكنه أشار في الفصل ‪" 117‬يتولي القاضي حماية‬
‫حقوق األشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق‬
‫القانون" وأضاف أيضا الفصل ‪ 118‬منه "حق التقاضي مضمون لكل‬
‫شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحها التي يحميها القانون‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫عبد المجيد غميجة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16 :‬‬

‫‪42‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫كل قرار اتخذ في مجال إداري سواء كان تنظيمي أو فردي يمكن‬
‫الطعن فيه أمام الهيئة القضائية المختصة"‬

‫ونستنتج من أحكام الدستور أنه أكد على أهمية األمن القضائي‪،‬‬


‫لكنه لم يرد فيه تعريف للمفهوم‪ .‬كما ال نجد له تعريف في االجتهاد‬
‫القضائي المغربي‪ ،‬لكنه بالمقابل نجد خطاب العرش لسنة ‪2007‬‬
‫"يتعين على الجميع التجند لتحقيق اإلصالح الشمولي للقضاء‬
‫ولتعزيز استقالله الذين نحن له ضامنون (فصل ‪ ،)108‬هدفنا ترسيخ‬
‫الثقة في العدالة وضمان األمن القضائي الذي يمر عبر األهلية‬
‫المهنية والنزاهة واالستقامة وسبيلنا صيانة حرمة القضاء‬
‫(‪)1‬‬
‫وأخالقيته ومواصلة تحديثه وتأهيله‪"...‬‬

‫من خالل هذا الخطاب يتضح جليا أن مبدأ األمن القضائي أصبح‬
‫مبدءا أساسيا من أجل ضمان مجموعة من الحقوق للمتقاضين‪ ،‬إلى‬
‫جانب الضمانات األساسية المخولة قانونيا كالمحاكمة العادلة‪.‬‬

‫إن مفهوم األمن القضائي ال يمكن حصره من جهة واحدة‪ ،‬بل ال بد‬
‫من التطرق إلى مفهومه بشكله الواسع والضيق من أجل معرفة مدى‬
‫الدالالت التي يوحي بها المفهوم‪.‬‬

‫فبمفهومه الواسع يقصد به توفير الثقة للمتقاضين‪ ،‬بحيث يعكس‬


‫الثقة في المؤسسة القضائية واالطمئنان إلى ما ينتج عنها‪ ،‬وهي تقوم‬
‫بمهمتها التقليدية المتجلية في تطبيق أو قول القانون على ما يعرض‬
‫عليها من قضايا وما تجتهد بشأنه من نوازل‪ ،‬هذا مع تحقيق ضمانات‬

‫( ‪)1‬‬
‫مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس‪ ،‬بمناسبة عيد العرش‪ ،‬يوم ‪ ،2007-07-30‬بمدينة طنحة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫جودة أدائها وتسهيل الولوج إليها والرفع من مستواها وكذا زيادة الثقة‬
‫للمواطنين والمستثمرين في نجاعته‪.‬‬

‫فاألمن القضائي يمكن فهمه من جهتين أساسيتين‪:‬‬

‫‪ ‬أنه يعتبر حاجزا وقائيا لفائدة األشخاص ضد تجاوزات بعضهم‬


‫البعض من جهة‪ ،‬وحائال دون تجاوز اإلدارة ضد هؤالء األشخاص من‬
‫جهة ثانية‪ ،‬وهذا ما يبرز سيادة القانون طبقا لمقتضيات الفصل‬
‫السادس من دستور ‪ 2011‬في فقرته األولى الذي نص على أن‬
‫"القانون هو أسمى تعبير عن إرادة األمة‪"...‬‬
‫‪ ‬كما يشكل حماية للسلطات العمومية ضد الدعاوى الكيدية‬
‫وتعسفات المتقاضين(‪.)1‬‬

‫ومن هذا المنظور فإن المستفاد من دور القضاء هو المتقاضي‬


‫بصفة خاصة والنظام القانوني بصفة عامة‪ ،‬ومن أهم تجليات هذه‬
‫الفائدة ذات الطابع الجماعي‪ ،‬شيوع الثقة واإلستقرار في المعامالت‬
‫العقارية واالطمئنان إلى فاعلية النصوص القانونية والوثوق بالقانون‬
‫والقضاء في النهاية(‪ ،)2‬خاصة أن الفاعلين االقتصاديين وأصحاب‬
‫الحقوق والممتلكات العقارية هم المستفيدين نظرا ألهمية العقار‬
‫ودوره في تحقيق التنمية‪.‬‬

‫أما المفهوم الضيق لألمن القضائي فتمت اإلشارة سابقا أن للقضاء‬


‫دور فعال في تحقيق األمن القضائي‪ ،‬إال أن هذا يستوجب باإلضافة إلى‬
‫فاعلين قانونيين ووجود جهاز قضائي فعال ومتسلسل‪ ،‬يعمل على‬

‫(‪ )1‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22 :‬‬


‫(‪ )2‬خالد االدريسي‪" :‬اصالح المجلس االعلى ودوره في تحقيق األمن القضائي"‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪،2010 ،1‬‬
‫ص‪.13 :‬‬

‫‪44‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫تطبيق القانون بشكل دقيق وعادل‪ ،‬ونظرا لخصوصية التجربة المغربية‪،‬‬


‫يمكن القول بأن األمن القضائي في تجلياته ومفاهيمه المختلفة عبر‬
‫عنه صاحب الجاللة محمد السادس بمفهوم أكثر وأشمل أال وهو‬
‫"القضاء في خدمة المواطن" وجاء أيضا في خطابه السامي بمناسبة‬
‫إفتتاح الدورة التشريعية في أكتوبر ‪ ،2010‬كما يلي "قيام عدالة‬
‫متميزة يقرها المتقاضين وببساطة مساطرها وسرعتها ونزاهة‬
‫أحكامها وحداثة هياكلها وكفاءة وتجرد قضائها وتحفيزها للتنمية‬
‫وإلتزامها بسيادة القانون في إحقاق الحقوق ورفع المظالم‪ "...‬بهذا‬
‫نجد في السنوات األخيرة عمل المشرع المغربي على إصالح الجهاز‬
‫القضائي بدءا من فصل السلطة القضائية عن باقي السلط‪ ،‬وخلق قضاء‬
‫متخصص‪ ،‬وجعل التقاضي على درجتين تحت رقابة محكمة النقض‪،‬‬
‫بإعتبارها هرم من الجهاز القضائي من خالل قراراتها وإجتهاداتها‬
‫القضائية‪ ،‬ويتجلى دور محكمة النقض في المجال العقاري في إصدار‬
‫مجموعة من القرارات في هذا المجال‪ ،‬بإعتبار ظهير التحفيظ العقاري‬
‫لسنة ‪ 1913‬كان يتسم بمجموعة من الثغرات القانونية وأنه ال يتماشى‬
‫مع أحداث النوازل التي يفرزها الواقع المعاصر‪.‬‬

‫لهذا نجد أن األمن القضائي ينبني على مجموعة من األسس‬


‫والمرتكزات التي تساهم في حماية حقوق وحريات المتقاضين وخاصة‬
‫في المجال العقاري‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫ثانيا‪ :‬مرتكزات األمن القضائي‬

‫إن من أهم مرتكزات ومبادئ دولة القانون هو التقيد بمبدأ الشرعية‬


‫الذي يقتضي إستقاللية القضاء‪ ،‬وإخضاع الكل حاكمين ومحكومين‬
‫لسلطة القضاء‪ ،‬بإعمال المبدأ بأن المسؤولية تقتضي المساءلة وأن‬
‫القاضي ملزم بتطبيق القانون‪ ،‬وكل إخالل بذلك هو مساس باألمن‬
‫القضائي وكذا القانوني‪ ،‬هذا كله من أجل تجسيد مبدأ استقاللية‬
‫القضاء‪ ،‬الذي يجب أن يكون على سائر السلطات (التنفيذية‬
‫والتشريعية)‪ ،‬وعن جميع العالقات الشخصية المؤثرة وعن التجاذبات‬
‫السياسية أو المذاهب الفكرية أو الدينية وعن كل جماعات الضغط‬
‫المؤثرة في سير نظام العدالة‪ ،‬لهذا يجب أن يكون إستقالل القضاء‬
‫والقضاة متجسد في مقومين أساسيين؛ أولهما استقالل المؤسسة‬
‫(‪)1‬‬
‫وثانيهما إستقالل القضاة من حيث التخصص‪.‬‬

‫كما نجد من بين المرتكزات التي يقوم عليها األمن القضائي ضرورة‬
‫المساواة بين الخصوم‪ ،‬ويعني هذا المبدأ العام النابع من سيادة‬
‫القانوني في آن واحد‪ ،‬وأن لكل إنسان الحق في اللجوء للمحاكم‪ ،‬وأن‬
‫تعامل المحاكم كل الناس يجب أن تكون معاملة متساوية‪ ،‬لهذا‬
‫فالمساواة أمام القضاء‪ ،‬تهدف إلى ضمان وتكريس حق كل فرد على‬
‫قدم المساواة مع األفراد اآلخرين في اللجوء إلى المحاكم‪ ،‬وحقه في‬
‫أن يعامل على أساس المساواة التامة مع الغير أمام المحاكم‪ .‬وعن‬
‫طريق هذين الهدفين األساسيين‪ ،‬يتحقق تجرد القضاء كسلطة والقضاء‬

‫(‪ )1‬أمين إعزان‪" :‬مداخلة في الندوة الوطنية حول مرتكزات تحقيق األمن القانوني والقضائي في المجال العقاري"‬
‫طنجة‪ ،2018 ،‬الموجودة بالموقع االلكتروني التالي‪ ،https://www.youtube.com/watch?v=lleDmT6Meiw :‬تم‬
‫اإلطالع عليها يوم ‪ ،2019-03-16‬على الساعة ‪.07:45‬‬

‫‪46‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫كأشخاص‪ ،‬حيث يتم التعامل مع كل القضايا والمنازعات على أساس‬


‫الوقائع وطبقا للمقتضيات القانونية بغض‪ ،‬النظر عن أي نوع من أنواع‬
‫التمييز كيفما كان األساس الذي يقوم عليه‪.‬‬

‫ومن بين المبادئ كذلك قرينة البراءة والتي نصت عليها المادة‬
‫األولى من قانون المسطرة الجنائية(‪ ،)1‬على إعتبار أن هذا المبدأ يحتل‬
‫مكانة متميزة بإعتباره أحد أهم الضمانات للمحاكمة العادلة‪ ،‬إذ لواله‬
‫لتمكنت سلطة االتهام من أن تعصف بحريات األفراد وأمنهم‪ ،‬وتتخذ من‬
‫اإلجراءات ما يعيق من هذه الحرية‪ ،‬لذلك فان هذا المبدأ تؤيده اعتبارات‬
‫دينية وأخرى أخالقية‪ ،‬بل وإعتبارات حسن سير العدالة في حد ذاتها‪،‬‬
‫كما أن هذا المبدأ يساهم في تجنب األخطاء القضائية بإدانة األشخاص‬
‫وثبوت جرائمهم بعد ذلك وهو ما من شأنه أن يزعزع ثقة األفراد من‬
‫مرفق القضاء‪.‬‬

‫لهذا فإ حترام مبدأ قرينة البراءة وتكريسها على مستوى الممارسة‪،‬‬


‫يع تبر من أهم المداخل األساسية لتحقيق األمن القضائي في جميع‬
‫المجاالت القضائية(‪.)2‬‬

‫أذن كلها مرتكزات ومبادئ وأخرى تساعد على ضرورة تنزيل األمن‬
‫القضائي وتساهم في تكريسه وذلك من أجل ضمان محاكمة عادلة‬
‫طبقا للمقتضيات الدستورية واالتفاقات الدولية‪.‬‬

‫(‪ )1‬تنص المادة األولى من ق‪.‬م‪.‬ج‪":‬كل مت هم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا‪ ،‬الى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر‬
‫مكتسب لقوة الشيء المقضى به بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها الضمانات القانونية ‪"...‬‬
‫(‪ )2‬جميلة السيوري‪" :‬دراسة حول جودة األحكام واألمن القضائي"‪ 15 ،‬مارس ‪ ،2013‬بفاس‪ ،‬ص‪.12 :‬‬

‫‪47‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آثار االجتهاد القضائي في التشريع العقاري‬


‫المغربي‬

‫ال شك أن للعقار دور بالغ في الميدان االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وأن‬


‫الثقة بين العاملين في هذا المجال هي أساس االستثمار‪ ،‬فالملكية‬
‫العقارية اآلمنة من النزاعات والمستقرة تساعد وتشجع في التعاطي‬
‫مع مجال العقار بكل طمأنينة‪ ،‬كما تساهم في نمو البلد وازدهاره‪.‬‬
‫ولهذا تواله القضاء بعناية مركزة‪.‬‬

‫فمحكمة النقض‪ ،‬بإعتبارها أعلى هيأة قضائية منوط بها مهمة توحيد‬
‫الفهم القانوني من خالل تفسير النصوص القانونية وتأويل مقتضياتها‬
‫المختلفة‪ ،‬لها مساهمات متميزة في مجال حماية الملكية العقارية‬
‫وتعزيز االئتمان العقاري‪ ،‬بحيث إعتمد المشرع على هذه اإلجتهادات‬
‫والتأويالت إلعداد مشايع القوانين ذات الصلة بالعقار‪ ،‬ومن ذلك مشروع‬
‫القانون المتعلق ب م‪.‬ح‪.‬ع رقم ‪ 39.08‬لذلك سوف تتم محاولة التطرق‬
‫اإلجتهاد القضائي‪ ،‬ودوره في مسطرة التحفيظ العقاري (أوال)‪ ،‬ومدى‬
‫مساهمة القضاء المغربي في تطوير قواعد التشريع العقاري (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دور اإلجتهاد القضائي في مسطرة التحفيظ العقاري‬

‫قد ال يبدو أن للقضاء دورا فعاال في إطار المسطرة اإلدارية للتحفيظ‬


‫لكن بعض اإلشكاالت التي تطرحها هذه األخيرة ظلت في الحقيقة‬
‫بعيدة عن أي تدخل قضائي حاسم‪.‬‬

‫إن اإلشكاالت األساسية التي تطرح في هذا السياق تتعلق‬


‫بمسألة إرفاق مطلب التحفيظ بالوثائق والمستندات‪ ،‬فكما ال يخفى أن‬
‫هذه المسألة أثارت ومازالت تثير إشكاليات في ظل الصياغة التي جاءت‬

‫‪48‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫بها المادة ‪ 114‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ .‬التي ال تحمل أي إجبار بهذا الخصوص‪ ،‬كما‬
‫ال تتناول أي شكل من أشكال الرقابة التي قد يمارسها المحافظ‪ ،‬على‬
‫غرار الرقابة التي يمارسها بالنسبة للوثائق المؤيدة لطلبات التقييد‬
‫الواردة على العقار المحفظ‪ ،‬والمنظمة خاصة في الفصل‪ ،‬حيث يبقي‬
‫المحافظ ملزما بإجراء رقابة من حيث الشكل والجوهر على هاته‬
‫الوثائق‪ ،‬سواء تعلق األمر بالتقييد أو التشطيب وهذا ما دفع العديد من‬
‫الباحثين‪ ،‬والممارسين أيضا إلى التأكيد على عدم إجبارية إرفاق مطلب‬
‫التحفيظ بالمستندات المؤيدة(‪.)2‬ذلك أن مطلب التحفيظ يعتبر في‬
‫نظرهم قرينة قانونية على وجود الحق‪.‬‬

‫ويمكن القول أن الموقف السابق‪ ،‬أي عدم تأييد مطلب التحفيظ‬


‫بوثائق مؤيدة‪ ،‬يتماشى مع االجتهاد القضائي الذي استقر على طالب‬
‫التحفيظ يعتبر مدعى عليه ال يقع عليه عبء اإلثبات‪ ،‬وهو إجتهاد منتقد‬
‫لكنه يعتبر بالضرورة تحصيل حاصل‪.‬‬

‫إن اإلجتهاد القضائي لم يظهر موثقه بشكل صريح إال بعدما أصبحنا‬
‫نقف على بعض مطالب التحفيظ التعسفية‪ ،‬حيث تم تسجيل القرار‬
‫الصادر عن المحكمة محكمة اإلستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 23‬يونيو(‪ ،)3‬الذي‬
‫أكد على ضرورة إرفاق مطلب التحفيظ بالمستندات المؤيدة وتمديد‬
‫رقابة المحافظ لتشمل حتى هذه الوثائق‪.‬‬

‫‪ 1‬ينص الفصل ‪ 14‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع على " يقدم طالب التحفيظ مع مطلبه أصول أو نسخ رسمية للرسوم والعقود والوثائق‬
‫التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية وبالحقوق العينية المترتبة على الملك" ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أبو صبر‪" :‬مسؤولية المحافظ على األمالك العقارية والرهون بالمغرب"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬بكلية الرباط‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪ ،1993/1992 :‬ص‪.115 :‬‬
‫(‪ )3‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 23‬يونيو ‪ ،1964‬مجلة الحكامة المغربية ‪ 25‬يناير ‪،1965‬‬
‫ص‪.10 :‬‬

‫‪49‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫غير أنه أعتقد أن المشكل حاليا لم يعد مطروحا بحيث يستفاد من‬
‫المادة ‪ 30‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬أنها ألزمته بتدعيم المطلب بالوثائق الضرورية‬
‫بحيث أن مسطرة التحفيظ تتحول من إدارية إلى قضائية عندما يكون‬
‫مطلب التحفيظ موضوع للتعرض أو لعدة تعرضات‪ ،‬وعلى إثرها يعرض‬
‫الملف أمام أنظار القضاء وذلك كيفما كان شكل أو نوع التعرض‪ ،‬كلي‪،‬‬
‫جزئي‪ ،‬أو على حقوق مشاعة‪ ،‬وقد إستقر اإلجتهاد القضائي على‬
‫مجموعة من المبادئ في هذا اإلطار أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬أن عبء اإلثبات يقع على عاتق المتعرض بوصفه مدعيا وليس‬
‫على طالب التحفيظ بواسطة ظهير‪ ،‬بحيث إستقر اإلجتهاد‬
‫القضائي ع لى هذا المبدأ منذ التعديل الذي خضعت له المادة ‪37‬‬
‫بواسطة ظهير ‪ 24‬شتنبر‪ ،1917‬الذي تم بمقتضاه التقليص من‬
‫سلطة القضاء لفائدة سلطة المحافظ بخصوص التقرير بشأن‬
‫مطلب التحفيظ‪ ،‬في وقت لم تكن قد مرت على وضع ظ‪.‬ت‪.‬ع وقت‬
‫كافي للحكم عليه‪ ،‬وهو ما يعبر على نية مبنية لسلطات الحماية‬
‫من أجل السيطرة على أكبر األراضي الفالحية‪.‬‬
‫فالقضاء كان له دور في التقرير بشأن مطلب التحفيظ قبل‬
‫تعديل ‪ 24‬شتنبر ‪ ،1917‬إذ إن المادة ‪ 38‬كانت تعطي للمحكمة‬
‫صالحية كبيرة بهذا الخصوص‪ ،‬فكان بإمكانها الرفض الكلي أو‬
‫جزئي لمطلب التحفيظ‪ ،‬كما ان المادة ‪ 39‬قبل إلغائها‪ ،‬كانت تخول‬
‫للقضاء سلطة كبيرة بهذا الشأن‪ ،‬إذ أن القرار الصادر عنه يوضح إن‬
‫إقتضى الحال كيفية إجراء عمليات التحديد النهائي وتأسيس‬
‫الرسم العقاري بل وحتى التقيدات الواجب تضمينها‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫‪ ‬إن موقف االجتهاد القضائي كان يؤسس على المادة ‪ ،37‬وكان‬


‫موقفا مجحفا في الواقع‪ ،‬بحيث ترك سلطة التقرير بشأن مطلب‬
‫التحفيظ بيد المحافظ الذي أصبحت له سلطات شبه قضائية‪ ،‬وهذا‬
‫خالفا لبعض األنظمة المقارنة كالنظام التونسي‪ ،‬حيث أن المحافظ‬
‫العقاري في ظل هذا النظام يعمل على تأسيس الرسم العقاري‬
‫إستنادا للحكم القضائي الصادر في الموضوع(‪.)1‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬فإن اإلجتهاد القضائي مطالب باألخذ‬
‫بعين اإلعتبار الظروف التي تمت في ظلها تعديالت ‪ ،1917‬ومن تم‬
‫عدم التشبث بمتن المادة ‪ .37‬وهذا التوجه أصبحت تجسده فعال‬
‫بعض القرارات القضائية‪ ،‬كالقرار الصادر عن المجلس األعلى بتاريخ‬
‫‪17‬أبريل ‪ ،1963‬الذي أكد على البث في إدعاءات المتعرض ال‬
‫يكون بمعزل عن إدعاءات طالب التحفيظ(‪.)2‬‬
‫‪ ‬أما المبدأ الثاني الذي إستقر عليه اإلجتهاد القضائي فيجعل من‬
‫المحكمة ال تبث بين المتعرضين‪ ،‬بل بين المتعرض وطالب‬
‫التحفيظ‪ ،‬أي أنه إذا كان مطلب التحفيظ موضع عدة تعرضات‪ ،‬فإن‬
‫القاضي ملزم بأن يبث في كل تعرض اتجاه مطلب التحفيظ‬
‫وبشكل مستقل عن أي تعرض آخر‪ ،‬وذلك بناء على المادة ‪،37‬‬
‫وهذا التوجه تبناه اإلجتهاد القضائي منذ السنوات األولى لدخول‬
‫ظ‪.‬ت‪.‬ع حيز التطبيق‪ ،‬كما يظهر من خالل القرار الصادر عن محكمة‬
‫االستئناف بالرباط بتاريخ ‪.1922.01.31‬‬

‫(‪ )1‬أسماء بوحمدي‪" ،‬دو ر نظام التحفيظ العقاري في تحقيق األمن العقاري"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم ماستر العقار والتعمير‪،‬‬
‫جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬بمكناس‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2017/2016 :‬ص‪.56.57.55 :‬‬
‫(‪ )2‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 17‬أبريل ‪.1963‬‬

‫‪51‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫وما يالحظ بهذا الخصوص أن الفقرة الثالثة من الفصل ‪ ،37‬فتحت المجال‬


‫بشكل أوسع لمناقشة هذا المبدأ في جميع األحوال‪ ،‬فإن هذه الفقرة‬
‫تحسم األمر‪ ،‬ليبقى إشكال البث بين المتعرضين مازال مطروحا‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مدى مساهمة االجتهاد القضائي في تطوير قواعد‬


‫التشريع العقاري‬

‫يعتبر اإلجتهاد القضائي وسيلة من الوسائل التي تساهم في‬


‫التنمية والتقدم‪ ،‬بحكم أن تطور أي بلد رهين أساسا بالتطور في‬
‫منظومته القانونية ومسايرتها للتحوالت‪ ،‬ففي بعض األحيان قد يكون‬
‫النص القانوني صريح ال يكتنفه أي غموض أو إبهام‪ ،‬وال يتعارض مع‬
‫نصوص أخرى خاصة كانت أو عامة‪ ،‬فتكون مهمة القاضي قاصرة على‬
‫التطبيق فقط‪ ،‬ولكن في أحيان أخرى قد تكون عبارات النص القانوني‬
‫وجيزة ومركزة‪ ،‬أو في صيغة غير جلية المعنى وال سليمة المبنى أو‬
‫تكون في داللتها تعارض ظاهرا مع داللة نص آخر‪ ،‬أو غير ذلك تجعل‬
‫إدراك المعنى المراد أمرا شاقا‪ ،‬فيضطر القاضي إلى محاولة تفسير أو‬
‫مزج النصوص ومصادرها واآلراء الفقهية الصادرة بشأنها‪.‬‬

‫ولقد حاول اإلجتهاد القضائي المغربي أن يتعامل مع القواعد‬


‫المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري تعامال إيجابيا‪ ،‬كما أنه‬
‫إ ستطاع خلق قواعد جديدة جعل منها مبادئ خاصة تحكم عمل قاضي‬
‫(‪) 1‬‬
‫التحفيظ العقاري وهو يبث في نزاعات التحفيظ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سعاد بن جاني‪ ":‬مدى مساهمة االجتهاد القضائي في تطوير نظام التحفيظ العقاري"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬وحدة القانون والعقار‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪ ،2004/2005 :‬ص‪.8:‬‬

‫‪52‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫لهذا نجد ظهير ‪ 1913‬يحيل صراحة أو ضمنيا على قانون م‪.‬م‪ ،‬فإن‬
‫اإلشكال يظل قائما حينما يتكلم أو يسكت ق‪.‬ت‪.‬ع في معالجة بعض‬
‫المسائل المسطرية ذات العالقة بقضايا التحفيظ‪ .‬فبالرغم من إختالف‬
‫قواعد ق‪.‬م‪.‬م عن ق‪.‬ت‪.‬ع من حيث الصياغة والطبيعة‪ ،‬فإن القضاء‬
‫المغربي تدخل ورتب آثار مهمة مستنتجا منها آثار وقواعد خاصة طبقها‬
‫في هذا المجال‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فقد ذهب المجلس األعلى في قرار له بتاريخ ‪14‬‬
‫شتنبر ‪ 1983‬في الملف المدني عدد ‪ ،95/317‬إلى أن عدم التعريف‬
‫بأطراف النزاع وفق ما تقتضيه قواعد المسطرة المدنية في المادة ‪142‬‬
‫في المقال اإلستئنافي ال يشكل إجراء جوهريا‪ ،‬حيث أنه لما كان النزاع‬
‫يتعلق بمطلب التحفيظ فإنه ال مجال للتقيد بالبيانات المتعلقة بتعريف‬
‫التي أوجب الفصل ‪ 142‬ق‪.‬م‪.‬م توفرها في مقال‬ ‫أطراف النزاع‬
‫اإلستئناف(‪ ،)1‬وذلك فقد جاء بالعلل "حيث يتبين أن القرار المطعون‬
‫فيه قد تنحى عن الصواب حينما قضى بعدم قبول اإلستئناف شكال‬
‫إستنادا لمقتضيات الفصل ‪ 142‬ق‪.‬م‪.‬م الذي يوجب أن يتضمن‬
‫المقال‪ :‬األسماء الشخصية والمدنية لكل مستأنف عليهم على أن‬
‫موضوع النزاع يتعلق بطلب تحفيظ عقار‪ ،‬مما يحتم تطبيق الفصل‬
‫‪ 42‬من ق‪.‬ت‪.‬ع بإعتباره قانونا موضوعيا إجرائيا في نفس الوقت"‪،‬‬
‫كما يالحظ أن إستبعاد قواعد المسطرة المدنية لم يقتصر على شكلية‬
‫المقال اإلستئنافي بل تجاوزه إلى شكل األحكام‪ ،‬ومن الشكليات‬
‫الضرورية للحكم تحت طائلة البطالن هي تضمنه ألسماء أطراف الدعوى‬
‫فيما يتعلق باألحكام الصادرة في نطاق مسطرة التحفيظ‪ ،‬هكذا ذهب‬

‫(‪ )1‬محمد أوفقير‪" :‬ظهير التحفيظ العقاري والعمل القضائي المغربي"‪ ،‬سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين‪،‬‬
‫العدد ‪ ،7‬ص‪.8 :‬‬

‫‪53‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫المجلس األعلى في قراره الصادر بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪" 1983‬الى أن عدم‬


‫اإلشارة إلى أس ماء جميع األطراف في الدعوى ال يؤثر في صحة‬
‫الحكم مادام أن مطلب التحفيظ موجود بملف يشتمل على جميع‬
‫هذه األسماء‪ ،‬حيث أن مقتضيات الفصل ‪ 40‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع ‪1913‬‬
‫المنظم لمسطرة التحفيظ مقدم على مقتضيات الفصل ‪ 50‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م المحتج به عمال بمبدأ تقديم النص الخاص على النص‬
‫العام"‪.‬‬

‫وبالرجوع أيضا إلى الفصل ‪ 24‬من ظهير التحفيظ العقاري نجد أن‬
‫المشرع لم يضع قيد في مواجهة األشخاص الذين يمكن لهم ممارسة‬
‫حق التعرض‪ ،‬بحيث فتح الباب لكل شخص ليتخذ صفة متعرض وذلك‬
‫باستعماله عبارة "يمكن لكل شخص أن يتدخل عن طريق التعرض‬
‫في أعمال التحفيظ"‪ .‬و مع ذلك فإن اإلجتهاد القضائي إستقر على أنه‬
‫ينبغي أن تتوفر في المتعرض الصفة واألهلية والمصلحة ألن التعرض‬
‫(‪)1‬‬
‫يشكل دعوى تقدم ضد طالب التحفيظ‪.‬‬

‫إن المادة ‪ 37‬كذلك من ظ‪.‬ت‪.‬ع في فقرتها الثانية‪ ،‬تحدد إطار صالحية‬


‫محكمة التحفيظ فيما يتعلق بدعاوى مطالب التحفيظ حيث نصت على‬
‫ما يلي "تبث المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل‬
‫المتعرضين وطبيعته ومشتمالته ونطاقه‪ ،‬وتحيل األطراف للعمل‬
‫بقرارها‪ ،‬بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به‪ ،‬على‬
‫المحافظ على االمالك العقارية الذي له وحده النظر في قبول‬
‫مطلب التحفيظ أو رفضه كال أو بعضا‪ ،‬وذلك مع االحتفاظ بحق‬
‫الطعن المنصوص عليه في الفصل ‪ 37‬مكرر"‪.‬‬

‫(‪ )1‬سارة الدراق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.105 :‬‬

‫‪54‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫واإلجتهاد القضائي في تعامله مع هذه الفقرة إستنتج عددا من‬


‫القواعد‪ ،‬كما حاول خلق مجموعة أخرى من المبادئ‪ ،‬وذلك بهدف‬
‫التخفيض من صرامة الفصل المذكور وتجاوز السلبيات الناجمة عنه‪ ،‬لهذا‬
‫نجد أن محكمة التحفيظ ال يمكنها البث إال في حدود اإلدعاءات من قبل‬
‫المتعرضين في مواجهة طالب التحفيظ‪ ،‬وبالتالي ليس من إختصاص‬
‫هذه المحكمة النظر في الحقوق المزعومة من طرف طالب التحفيظ‪،‬‬
‫والتقرير بشأنها ألن ذلك يدخل في صالحية المحافظ على األمالك‬
‫العقارية‪ ،‬وليس من اختصاصها أيضا البت في حقوق المتعرضين في‬
‫مواجهة بعضهم البعض في حالة تعدد التعرضات والتي يكون لها موضوع‬
‫واحد‪ .‬كما أنه أيضا قد إستقر على إعتبار المتعرض مدعيا وبالتالي يقع‬
‫عليه عبء اإلثبات‪ ،‬وهذا ما أكده القضاء المغربي من خالل عدة قرارات‬
‫له(‪. )1‬‬

‫لهذا ليس للمحكمة أن تفحص حقوق طالب التحفيظ وتقرر بشأنها‬


‫بحيث أن طالب التحفيظ يخضع للتدقيق والمراقبة من طرف المحافظ‬
‫العقاري إستنادا إلى مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل ‪ ،37‬وبالتالي‬
‫فمطلب التحفيظ يدخل في صالحيات المحافظ على األمالك العقارية‬
‫والذي يرجع له وحده دون غيره النظر في قبول التحفيظ أو رفضه كال أو‬
‫بعضا‪ ،‬وذلك ما أكده اإلجتهاد القضائي في قرار لمحكمة االستئناف‬
‫الصادر في ‪ 21‬مارس ‪ 1923‬على أن "تفحص حقوق طالب التحفيظ‬
‫يرجع في حد ذاته للمحافظ‪ ،‬و أن المحكمة ليس لها سوى البث‬
‫في إدعاءات المتعرضين"‪.‬‬

‫(‪ )1‬قرار رقم ‪ ،137‬صادر بتاريخ ‪ 12‬يناير ‪ ،2005‬في الملف المدني رقم ‪ ،1628/1/1/2004‬أشار إليه محمد الزاليجي‪،‬‬
‫بالمجلة الغربية للمنازعات العقارية‪ ،‬ص‪.53 :‬‬

‫‪55‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك فالمحكمة ال تملك حق الفصل بين المتعرضين‬


‫وفق ما جاء في القرار الصادر عن المجلس األعلى "إن محكمة‬
‫التحفيظ وبمقتضى الفصل ‪ 37‬ق‪.‬ت‪.‬ع ال تنظر في االدعاءات‬
‫القائمة بين المتعرضين ولكن النزاعات القائمة بين طلب التحفيظ‬
‫(‪)1‬‬
‫من جهة والمتعرض من جهة أخرى"‪.‬‬

‫كما ذهب االجتهاد القضائي‪ ،‬وانطالقا من استنتاجاته من الفقرة ‪2‬‬


‫من الفصل ‪ 37‬ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬بأن المتعرض يعتبر مدعيا في النزاع‪ ،‬وبالتالي‬
‫يقع عليه عبء اإلثبات‪ ،‬حيث جاء في القرار الصادر عن المجلس‬
‫بأنه في مسطرة التحفيظ يعتبر المتعرض مدعيا عليه إثبات ما‬ ‫(‪) 2‬‬
‫األعلى‬
‫يتعرض عليه‪ ،‬وأن حجج طالب التحفيظ باعتباره مدعى عليه ال تناقش‬
‫إال إذا أدلى المتعرض بحجج إلثبات تعرضه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نطاق تدخل النيابة العامة والقضاء لحماية‬


‫الملكية العقارية‬

‫النيابة العامة هي القضاء الخاص القائم لدى المحاكم لتمثيل‬


‫المجتمع‪ ،‬وهي المكلفة بإقامة الدعاوى العامة ومباشرتها وحمل‬
‫المحاكم على جعل أحكامها منطبقة على القوانين‪ ،‬ثم تنفيذ هذه‬
‫األحكام بعد اكتسابها الدرجة القطعية(‪ .)3‬و بالتالي فإذا كانت الوظيفة‬
‫األساسية للنيابة العامة ترتبط بالمادة الجنائية‪ ،‬فإن دورها أمام القضاء‪،‬‬
‫وهو ينظر في اقتضاء الحقوق الخاصة‪ ،‬ال يقل أهمية إذ قد ترفع الدعوى‬
‫على من يخالف القانون‪ ،‬كما قد ترفع ضدها دعوى من شخص‬

‫(‪ )1‬قرار عدد ‪ ،348‬ملف عدد ‪ 87/4612‬صادر بتاريخ ‪ 01‬فبراير ‪.1995‬‬


‫(‪ )2‬قرار عدد ‪ ،4921‬ملف مدني رقم ‪ ،2000/01/01/1800‬صادر بتاريخ ‪ 19‬دجنبر ‪.2000‬‬
‫(‪ )3‬فاطمة الحروف‪ " :‬الدور المقيد للقضاء بشأن التعرضات على طلب التحفيظ العقاري"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة‪،‬‬
‫جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‪ ،‬بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2005/2004 :‬ص‪.53 :‬‬

‫‪56‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫لإلعتراف له بمركز قانوني‪ ،‬وقد يقتصر دورها على التدخل في الخصومة‬


‫القائمة إلبداء رأيها(‪.)1‬‬

‫وعموما فإن أهمية تدخل النيابة العامة تتمثل في كونها حارسة‬


‫لتطبيق القانون‪ ،‬ومواجهة اإلجتهاد وهي خصم شريف وسند للمصلحة‬
‫العامة‪ ،‬أي ممثلة للمجتمع بأسره لذلك سوف يتم االعتماد في هاته‬
‫الدراسة الحديث على حدود تدخل النيابة العامة لحماية الملكية‬
‫العقارية (الفقرة األولى)‪ .‬وكذلك محاولة اإللمام بدور القضاء في حماية‬
‫الملكية العقارية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حدود تدخل النيابة العامة لحماية الملكية‬


‫العقارية‬

‫قد ظهر جهاز النيابة العامة بصيغته الحالية بفرنسا رغم اختالف‬
‫الفقه الفرنسي في تحديد تاريخ نشأته‪ ،‬أما في المغرب فإن ظهورها‬
‫كجهاز مستقل ارتبط بفترة الحماية األجنبية‪ ،‬قبل أن يخضع للتقييم مع‬
‫بزوغ فجر اإلستقالل إنسجاما مع ما عرفته التجارب المعاصرة من تطور‬
‫على مستوى جهاز النيابة العامة(‪.)2‬‬

‫وحسب مقتضيات قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬فإن أعضاء النيابة العامة‬


‫يعتبرون ضباطا ساميين للشرطة القضائية‪ ،3‬وبهذه الصفة يضطلعون‬
‫بأدوار مختلفة ومتعددة سواء تعلق األمر في مواد المنازعات الجنائية أو‬
‫غيرها كالمنازعات المدنية بصفة عامة‪ ،‬وتلك المرتبطة بمادة التحفيظ‬

‫(‪ )1‬سميرة محدوب‪" :‬القواعد المسطرية لقانون التحفيظ العقاري"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األ ول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪ ،2005/2004‬ص‪.33 :‬‬
‫(‪ )2‬لحسن عبد العظيم‪ " :‬تدخل القضاء في ميدان التحفيظ العقاري"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪،‬السنة الجامعية‪ ،2012/2011 :‬ص‪.106 :‬‬
‫‪ - 3‬الفصل ‪ 19‬من ق‪.‬م‪.‬ج واحالته على الفصل ‪.16‬‬

‫‪57‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫العقاري بصفة خاصة‪ .‬وذلك عبر إثارة الدعوى المدنية كما هو الحال‬
‫بشأن منازعات التحفيظ العقاري‪ ،‬لذلك سوف يتم الحديث في هذه‬
‫الفقرة على تدخل النيابة العامة في دعاوى التحفيظ العقاري (أوال)‪ ،‬ثم‬
‫محاولة الحديث عن دور النيابة العامة خالل المرحلة اإلدارية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تدخل النيابة العامة في دعاوى التحفيظ‬

‫أ‪ -‬طرق تدخل النيابة العامة كطرف رئيسي في الدعاوى‬


‫المدنية‬

‫على عكس المحكمة الزجربة‪ ،‬حيث يعتبر تمثيل النيابة العامة‬


‫وحضورها لمناقشة الحكم أمرا ضروريا‪ ،‬بحيث يتميز تدخل هذه األخيرة‬
‫أمام المحاكم المدنية في كونها تتخذ في صورتين بحيث يجب ان‬
‫تتدخل‪:‬‬

‫‪ ‬تدخل النيابة العامة كطرف رئيسي في الدعوى‬

‫تجدر اإلشارة بداية إلى أن المشرع في ق‪.‬م‪.‬م لم يعد القضايا التي‬


‫تتدخل فيها النيابة العامة كطرف رئيسي‪ ،‬كما فعل فحصر تدخلها‬
‫كطرف منظم‪ ،‬خاصة في القضايا التي أوجب القانون تبليغها إليها‪ ،‬حيث‬
‫تنص المادتان ‪6‬و ‪ 7‬ق‪.‬م‪.‬م على أن النيابة العامة قد تكون طرف رئيسي‬
‫في الدعاوى وتمارسها تلقائيا مدعية أو مدعى عليها في األحوال‬
‫المحددة بمقتضى القانون‪ ،‬وفي غيرها من القضايا التي أسند إليها‬
‫المشرع صراحة هذا الحق‪ ،‬ومادام مضمون الفصلين المذكورين يحيل‬
‫على القانون بمفهومه العام فإنه يمكن الوقوف على مجموعة من‬
‫القضايا التي تسمح النيابة العامة للتدخل فيها‪:‬‬

‫‪58‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫‪ ‬القضايا التي تتعلق بالتدابير الواجب إتخاذها ضد الحاجرين‪.‬‬


‫‪ ‬قضايا تسيير أموال األشخاص المفترضة غيباهم‪.‬‬
‫‪ ‬قضايا الشركات الشاغرة ‪.‬‬
‫‪ ‬قضايا التحجير‪.‬‬
‫‪ ‬قضايا الحالة المدنية‪.‬‬
‫‪ ‬قضايا المحامين‪.‬‬
‫‪ ‬قضايا الجنسية‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ‬قضايا التعرض على مطالب التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫ويمكن للنيابة العامة أن تمارس الدعوى المدنية كطرف رئيسي في‬


‫غير ذلك من القضايا التي أسند المشرع لها الحق في ذلك‪ .‬أما‬
‫بخصوص تدخل النيابة العامة في قضايا التحفيظ العقاري‪ ،‬فهي مؤطرة‬
‫بموجب الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 26‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬الذي‬
‫ينص على أن النيابة العامة تكون طرفا رئيسيا في دعاوى التحفيظ في‬
‫الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ ‬بإسم األشخاص المحجورين‪.‬‬


‫األشخاص المفقودين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫األشخاص الغائبين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬واألشخاص الغير الحاضرين(‪.)2‬‬

‫ففي هذه الحاالت تتقمص النيابة العامة شخصية األشخاص السالف‬


‫ذكرهم‪ ،‬وتكون مدعية كسائر المتعرضين بشأن أعمال التحفيظ‪،‬‬

‫(‪ )1‬محمد عتيق‪ " :‬المنازعات العقارية من خالل اجتهادات المجلس األعلى"‪ ،‬سلسلة من الندوات الجهوية طيلة سنة‬
‫‪ ،2007‬عدد ‪ ،2612‬ص‪ 74 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬لحسن عبد العظيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.117 :‬‬

‫‪59‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫وعليها أن تقدم كل البيانات واإلثباتات التي عليها تقديمها كما لها‬


‫متابعة الدعوى حتى صدور الحكم النهائي‪.‬‬

‫‪ ‬تدخل النيابة العامة كطرف منظم‬

‫باإل ضافة إلى كل ذلك فيكون تدخل النيابة العامة كطرف منظم أيضا‬
‫في دعاوى التحفيظ والدعاوى المدنية بصفة عامة‪ ،‬ويعني ذلك أنها‬
‫ليست خصما في النزاع والهدف من التنصيص على تدخلها بهذه الصفة‬
‫إنما لتبدي وجهة نظرها لفائدة القانون والعدالة‪ ،‬أي أن إبداء رأيها بما‬
‫تراه حقا وعدال‪ ،‬وليس اإلنضمام ألحد األطراف ولو كانوا من بين الذين‬
‫أوجب القانون تدخلها لحماية مصالحهم كالقاصرين وفاقدي األهلية ومن‬
‫في حكمهم(‪.)1‬‬

‫وبالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية في الفصل السابع منها‪،‬‬


‫نجده ينص على هذا الدور كما يلي‪" :‬يمكن للنيابة العامة أن تكون‬
‫طرف منضم وتمثل األغيار في الحاالت التي ينص عليها القانون"‪.‬‬

‫لهذا يتعين أن يفهم في هذا الفصل أن النيابة العامة ال تمثل األغيار‬


‫إال عندما تكون طرفا رئيسيا‪ ،‬وال يتأتى لها ذلك إذا كانت طرفا منضما إال‬
‫في الحاالت االستثنائية‪ ،‬كما في المساطر األجنبية وفي الفصلين ‪381‬‬
‫و‪ 382‬ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫وحسب الفقرة األخيرة من الفصل الثامن من ق‪.‬م‪.‬م فإن القضاء‬


‫الواقف عندما يتدخل كطرف منضم ال يكون له صفة الخصم العاديين‪،‬‬
‫لذلك ال يحق له الطعن في األحكام إال استثناء حينما ينص القانون على‬
‫منحه هذا الحق عندما يكون سبب الطعن يتعلق بالنظام العام ‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمد عتيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.272 :‬‬

‫‪60‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫تدخل النيابة العامة في مسطرة التحفيظ‬ ‫ب‪-‬‬

‫يستفاد من الفصول ‪ 9-8-7-6‬ق‪.‬م‪.‬م أن النيابة العامة تتدخل في‬


‫دعاوى التحفيظ كطرف منضم إما بصفة اختيارية وإما بصفة إلزامية‪.‬‬

‫‪ ‬تدخل النيابة العامة بصفة إختيارية‬

‫بإعتبار دعاوى التحفيظ دعاوى مدنية فإنه تسري عليها أحكام‬


‫الفصول ‪ 9-8-7-6‬ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وهكذا فإنه وبمقتضى المادة‪ 8‬من نفس‬
‫القانون‪ ،‬فإنه للنيابة العامة الحق في اإلطالع على ما تشاء من ملفات‬
‫التحفيظ المعروضة على المحكمة وتتدخل كلما بدا لها أن المصلحة‬
‫(‪)1‬‬
‫العامة تقتضي ذلك‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار تنص المادة ‪ 8‬من ق‪.‬م‪.‬م " تتدخل النيابة العامة‬
‫كطرف منضم في جميع القضايا التي يأمر القانون بتبليغها إليها‪.‬‬
‫وكذا في الحاالت التي تطلب النيابة العامة التدخل فيها بعد‬
‫اطالعها على الملف‪ ،‬أو عندما تحال عليها القضية تلقائيا من طرف‬
‫القاضي‪ ،‬وال يحق لها في هذه األحوال إستعمال أي طريق‬
‫(‪)2‬‬
‫للطعن‪".‬‬

‫وبصفة عامة فإنه متى تضمنت أي دعوى في ثناياها أمورا تمس‬


‫بالصالح العام أو الحق‪ ،‬حق للنيابة العامة التدخل فيها لحماية هذا‬
‫األخير‪.‬‬

‫باإلضافة إلى التدخل االختياري للنيابة العامة فإنه يمكن لها أيضا أن‬
‫تتدخل قانونيا أو قضائيا‪.‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫محمد عتيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.272 :‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫لحسن عبد العظيم‪ ،‬مرحع سابق‪ ،‬ص‪113 :‬و ‪.114‬‬

‫‪61‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫‪ ‬تدخل النيابة العامة في دعاوى التحفيظ بصفة إلزامية‬

‫يكون تدخل النيابة العامة إلزاميا في دعاوى التحفيظ العقاري في‬


‫الحالة المنصوص عليها في الفصل التاسع ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬والتي تتعلق إما‬
‫بقضايا عامة تهم الدولة أو إحدى الجماعات المحلية أو المؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬كما أشار لذلك قرار صادر من الغرفة اإلدارية بالمجلس‬
‫األعلى بتاريخ ‪ 27‬غشت ‪ ،1982‬والذي ورد في إحدى حيثياته "‪ ....‬لكن‬
‫حيث أن تبليغ الملف للنيابة العامة هو مقرر لفائدة صندوق اإليداع‬
‫والتدبير باعتباره مؤسسة عمومية‪ "....‬وكذا كلما تعلق األمر بقضايا‬
‫األحوال الشخصية والقاصرين وفاقدي األهلية والغياب أو القضايا‬
‫(‪)1‬‬
‫المرتبطة بعدم االختصاص النوعي ومخاصمة القضاة‬

‫وجاء في قرار آخر أن اإلجراءات المنصوص عليها في المادة ‪ 9‬من‬


‫ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وهو قرار لمصلحة القاصر‪ ،‬وأن هذه األخيرة لم تتضرر مما قضت‬
‫(‪)2‬‬
‫به المحكمة وال من مصلحة للطاعنين إلثارته لتعلقه بالغير‪.‬‬

‫وإنطالقا مما سبق‪ ،‬يتضح أن النيابة العامة كطرف منضم في‬


‫مجموعة من القضايا من بينها قضايا الزور الفرعي‪ ،‬مخاصمة القضاة‪،‬‬
‫والقضايا المتعلقة بعدم اإلختصاص النوعي وتنازع اإلختصاص‪...‬‬

‫ثانيا‪ :‬تدخل النيابة العامة في المرحلة اإلدارية‬

‫إن الحديث عن إختصاصات النيابة العامة أثناء المرحلة اإلدارية‬


‫ل مسطرة التحفيظ يقتضي ضرورة التمييز بين حالتين‪ ،‬حالة التدخل عن‬
‫طريق تحريك الدعوى العمومية (أ) وكذا عن طريق ممارسة التعرض‬
‫(ب)‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫قرار رقم ‪ ،311‬صادر عن الغرفة االدارية بالمجلس األعلى بتاريخ ‪ 27‬غشت ‪ ،1982‬ملف مدني عدد ‪.66268‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫قرار المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،1410‬ملف عدد ‪ ، 90/370‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬يونيو ‪.1996‬‬

‫‪62‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫أ‪ -‬تدخل النيابة العامة عن طريق الدعوى العمومية‬

‫تتدخل النيابة العامة عن طريق تحريك الدعوى العمومية إما‬


‫بناءا على مقتضيات ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬وإما استنادا إلى مقتضيات قوانين أخرى‪.‬‬

‫‪ ‬تحريك الدعوى العمومية بناء على مقتضيات ظهير التحفيظ‬


‫العقاري‬

‫ونظرا لما يكتسبه التحفيظ العقاري من أهمية تكمن أنه يطهر العقار‬
‫من كل الحقوق التي لم يتم التنصيص عليها في الرسم العقاري‪ ،‬فإنه‬
‫لحماية هذا الوضع القانوني نص المشرع في ظهير التحفيظ العقاري‪،‬‬
‫وكذا القرار الوزاري المؤرخ في ‪ 3‬يونيو ‪ 1915‬الذي ينص على تفاصيل‬
‫تطبيق النظام العقاري‪ ،‬وهذه النصوص تتمحور حول حماية عملية‬
‫التحديد في حد ذاتها‪ ،‬باإلضافة إلى حماية األنصاب المؤقتة أو النهائية‬
‫التي يضعها مأموري المحافظة العقارية بعد تحديد أمكنتها من قبل‬
‫المهندس الطبوغرافي في مصلحة المسح والتصميم‪.‬‬

‫ينص الفصل ‪ 104‬ظ‪.‬ت‪.‬ع " أحكام الفصلين ‪354‬و ‪ 653‬من ق‪.‬ج‪.‬‬


‫تطبق على‪:‬‬

‫‪ -1‬على من يقوم بعلم وبقصد جلب ربح غير مشروع لشخص‬


‫آخر‪ ،‬بالتزوير أو تزييف أو تحريف الرسوم العقارية أو نظائرها‪،‬‬
‫أو القوائم أو الشهادات التي سلمها المحافظ على األمالك‬
‫العقارية‪ ،‬طبقا لمقتضيات هذا القانون أو يستعمل مستندات‬
‫مزورة أو مزيفة أو محرفة على الكيفية المذكورة‪.‬‬
‫بقصد التقييد او‬ ‫‪ -2‬يقترف زورا في المحررات المقدمة‬
‫التشطيب‪ ،‬إما بتزييف أو تحريف كتابات أو توقيعات‪ ،‬إما بخلق‬

‫‪63‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫أشخاص وهميين أو بإصطناع إتفاقيات أو تصرفات أو إبراءات‪،‬‬


‫او إدرج ذلك في تلك السندات بعد تحريرها بإضافة أو تزيف‬
‫شروط أو تصريحات أو وقائع كان غرض تلك المحررات أن‬
‫تثبتها"‪.‬‬

‫ويتضح من خالل هذا الفصل أن المشرع عند تجريمه لهاته األفعال‬


‫المخالفة لمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬أحال بشأن العقوبات المقرر‬
‫لها على القانون الجنائي وذلك في الفصل ‪ 104‬ظ‪.‬ت‪.‬ع والمتمثلة في‬
‫الحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة تتراوح بين ‪ 500‬درهم و‪1000‬‬
‫درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى الفصل ‪ 105‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع الذي عدل وتم بمقتضى‬


‫القانون ‪ 41.07‬ينص على أنه ‪ ":‬يتعرض األشخاص الذين يقترفون‬
‫هدم أو تحريف أو تحويل عالمات البحث الجيوديزية أو نصاب‬
‫من ق‪.‬ج‪ ،‬فضال عن‬ ‫(‪)1‬‬
‫التحفيظ للعقوبات المقررة في الفصل ‪606‬‬
‫أداء النفقات والمصاريف التي تتطلبها إعادة العالمات واألنصاب‬
‫المذكورة‪".‬‬

‫فالمشرع في الفصل تنبه إلى أن الجيران قد يلتجئون إلى قلع أو‬


‫إتالف األحجار أو األنصاب‪ ،‬إما بجعل التحديد سلبيا عندما يتعلق األمر‬
‫ببداية عملية أو جعل المسح الطبوغرافي مستحيال بسبب تغيير معالم‬
‫الملك‪ ،‬لذلك تدخل المشرع ونص على جزر من يقترف هذه األفعال‬
‫حفاظا منه على وقت اإلدارة العمومية من الضياع من خالل إعادة‬
‫(‪ )1‬ينص الفصل ‪ 606‬من القانون الجنائي على‪ " :‬من ردم كال أو جزءا من خندق أو أتلف كال أو جزءا من سياج‪ ،‬مهما‬
‫تكن المادة التي صنع منها‪ ،‬أو قطع أو قلع حسكا أخضر أو جافا‪ ،‬أو نقل أو أزا ل نصبا أو أي عالمة أخرى مغروسة أو‬
‫متعارفا عليها إلثبات الحدود الفاصلة بين العقارات المختلفة‪ ،‬يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين إلى‬
‫خمسمائة درهم‪.‬‬
‫ويعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسة آالف درهم من حول عمدا وبدون حق مياها عامة أو‬
‫خاصة "‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫عملية المسح من جديد دون مبرر مشروع‪ ،‬ولعل هاته العقوبات‬


‫المشددة نسبيا توضح مدى رغبة المشرع في حماية مسطرة التحفيظ‬
‫(‪)1‬‬
‫العقاري‪.‬‬

‫‪ ‬تحريك الدعوى العمومية أثناء المرحلة اإلدارية إستنادا إلى‬


‫قوانين أخرى‬

‫إن تدخل النيابة العامة في تحريك الدعوى لعمومية أثناء المرحلة‬


‫اإلدارية للتحفيظ استنادا إلى القوانين األخرى يتخذ صورتين‪.‬‬

‫األولى تتعلق بتحريك الدعوى العمومية إستنادا لظهير‬ ‫‪‬‬


‫‪ 17.06.1992‬المعلق بالتجزئات العقارية‪ ،‬فكما هو معلوم‬
‫فالتجزئات العقارية هي تقسيم عقار معين عن طريق البيع أو‬
‫اإليجار أو القسمة إلى بقعتين أو أكثر لتشييد مباني للسكن‪ ،‬أو‬
‫لغرض صناعي أو تجاري أو حرفي‪ ،‬مهما كانت مساحة البقعة‬
‫التي يتكون منها العقار المراد تجزئته(‪.)2‬‬
‫ويتوقف إحداث التجزئة العقارية على إذن من رئيس الجماعة‬
‫التي يوجد بترابها مشروع التجزئة‪ ،‬والتي بمقرها يتم إيداع طلب‬
‫اإلذن من طرف صاحب الشأن بالتجزئة مقابل وصل مؤرخ وموقع‬
‫عليه من لدن الوديع(المادة ‪ 2‬و‪ 3‬من ظهير ‪.)1992‬‬
‫لكن هذا اإلذن يستوجب الحصول عليه تقديم طلب إلى الجهة‬
‫المذكورة مرفوقا بمجموعة من الوثائق التي نصت عليها المادة‬
‫الرابعة‪ ،‬حيث أن هذا الطلب ال يقبل إال إذا كانت األرض محفظة أو‬

‫(‪ )1‬لحسن عبد العظيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.112 :‬‬


‫(‪ )2‬محمد العتيقي‪" :‬النيابة العامة ومسطرة التحفيظ العقاري"‪ ،‬بحث لنيل الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد بن‬
‫عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2013 /1012 :‬ص‪.11 :‬‬

‫‪65‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫بصدد التحفيظ‪ ،‬ويكون األجل محدد للتعرضات على التحفيظ قد‬


‫(‪)1‬‬
‫إنتهى دون تقديم أي تعرض على تحفيظ تجزئته‪.‬‬

‫وقد تدخل المشرع لسن بعض العقوبات خاصة مقترفي األفعال‬


‫المخالفة‪ ،‬فالغاية من سن هذه العقوبات هو حث الراغب في إنشاء‬
‫تجزئة على سلوك اإلجراءات القبلية لتقديم طلب الحصول على اإلذن‪،‬‬
‫ومنها تحفيظ العقار إن لم يكن محفظ‪ ،‬وتساهم النيابة العامة بدورها‬
‫(‪)2‬‬
‫الهام في هذا الجانب‪ ،‬بإعتبارها الجهة المحركة للدعوى العمومية‪.‬‬

‫‪ ‬والثانية تتعلق بتحريك الدعوى العمومية إستنادا على مقتضيات‬


‫القانون الجنائي‪ ،‬بحيث أن القانون الجنائي الخاص هو الجزء الذي‬
‫يتناول فيه المشرع بتعداد كافة األفعال والتروك التي يعتبرها‬
‫جرائم‪ ،‬سواء تم التنصيص عليها في القانون الجنائي أو نصوص‬
‫قانونية أخرى‪ ،‬أي تقييد بمبدأ ال جريمة وال عقوبة إال بنص‪.‬‬
‫وبعد وضع مطلب التحفيظ لدى المحافظة العقارية يقوم المحافظ‬
‫على األمالك العقارية داخل أجل ‪ 10‬أيام من تاريخ تقديم المطلب‪،‬‬
‫بتحرير ملخص منه ونشره بالجريدة الرسمية‪ ،‬ويحد فيه تاريخ‬
‫التحديد‪ ،‬بإعتبار هذا األخير عبارة عن عملية هندسية طبوغرافية‬
‫تهدف إلى مسح وتحديد العقار المراد تحفيظه‪ ،‬وإذا كانت إجراءات‬
‫تسيير وتنفيذ هذه العملية تنصب على عاتق المحافظ أو نائبه‬
‫بمساعدة أو مشاركة مهندس محلف لدى مصلحة المسح‬
‫والتصميم‪ ،‬إال أنه عمليا يتم تفويض سلطة المحافظ في هذا‬

‫( ‪)1‬‬
‫محمد العتيقي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ 11 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫لحسن عبد العظيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.109 :‬‬

‫‪66‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫الشأن إلى المهندس وذلك راجع إلى اإلنشغاالت وتعدد المهام‬


‫(‪)1‬‬
‫واإلختصاصات للمحافظ على األمالك العقارية‪.‬‬

‫وتقتضي المسطرة اإلدارية للتحفيظ إنتقال موظفي المحافظة‬


‫العقارية إلى مكان تواجد العقار بهدف إنجاز عملية التحديد‪ ،‬ويتم‬
‫منعهم مثال من طرف جيران طالبي التحفيظ بعلة أن الحدود‬
‫المذكورة في طلب التحفيظ تظل جزءا من عقاراتهم‪ ،‬أو بعلة أن‬
‫العقار موضوع مطلب التحفيظ ليس في ملكية الطالب‪ ،‬لكنهم‬
‫يحجمون عن اللجوء إلى ممارسة حق التعرض الذي يعتبر‬
‫الوسيلة القانونية الوحيدة لحماية حقهم رغم إنذارهم بذلك‬
‫فيعرقلون بتصرفاتهم هذا السير العادي للمسطرة اإلدارية‬
‫(‪)2‬‬
‫للتحفيظ‪.‬‬

‫ولهذا سنكتفي بهذه األمثلة التي تبين دور النيابة العامة الذي‬
‫تباشره أثناء المرحلة اإلدارية للتحفيظ‪ ،‬والذي يدخل ضمن إختصاصها‬
‫األصلية‪ ،‬وهو دور حمائي يتجلى في ردع كل من يعرقل مسطرة‬
‫التحفيظ بإتيان أفعال يعاقب عليها القانون‪ ،‬وهو دور ينضاف إلى غيره‬
‫من األدوار التي تقوم بها النيابة العامة للدفاع عن المجتمع وحماية‬
‫أفراده باعتباره خصم شريف في الدعوى‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمد الحياني‪ " :‬المحافظ العقاري بين متطلبات االختصاص وإكراهات المسؤولية"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ط‪ ،2002 ،1.‬ص‪.48 :‬‬
‫(‪ )2‬محمد خيري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.117 :‬‬

‫‪67‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫ب ‪ -‬تدخل النيابة العامة لحماية الملكية العقارية عن طريق‬


‫ممارسة التعرض‬

‫إن التعرض على مطلب التحفيظ هو الوسيلة القانونية التي يمارسها‬


‫الغير للحيلولة دون إتمام التحفيظ‪ ،‬وذلك خالل اآلجال القانونية المقررة‪،‬‬
‫ويؤدي التعرض إلى توقيف إجراءات التحفيظ من طرف المحافظ إلى أن‬
‫يرفع التعرض ويوضع حدا للنزاع بتصالح األطراف أو بقرار نهائي صادر عن‬
‫القضاء‪ ،‬بحيث أن التعرض يجب أن يصدر من طرف شخص له الصفة‬
‫والمصلحة‪ .‬ولما كان التعرض بمثابة إدعاء ضد طالب التحفيظ‪ ،‬فإن‬
‫المتعرض يتحمل عبء اإلثبات حتى ولو كانت حيازة العقار بيده‪ ،‬وهو ما‬
‫(‪)1‬‬
‫إستقر عليه المجلس األعلى في أغلب قراراته‪.‬‬

‫كما يمكن للنيابة العامة أن تمارس التعرض بإسم المحجوزين‬


‫والغائبين والمفقودين وغير الحاضرين متى تقاعس ممثليهم األصليين‬
‫عن ممارسة الحق‪.‬‬

‫وهو ما تم التنصيص عليه في الفصل ‪ 26‬م ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ .‬حيث منح حق‬


‫التعرض لغير صاحب الحق العيني أو وكيله من أجل التدخل لحماية‬
‫مصالح فئة معينة غير قادرة على حماية مصالحها بنفسها‪ ،‬كما يمكن‬
‫لكل شخص يدعي حق على عقار ثم طلب تحفيظه أن يتدخل عن‬
‫طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خالل أجل شهرين تبتدئ من يوم‬
‫نشر اإلعالن عن االنتهاء من التحديد في ج‪.‬ر وذلك استنادا إلى الفصل‬
‫‪ 24‬من ق‪.‬ت‪.‬ع‪.‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫إدريس الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23 ،22 :‬‬

‫‪68‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك فإن المشرع العقاري حدد مجموعة من الشكليات‬


‫بحيث على طالب التحفيظ إحترامها‪ ،‬حتى يتم قبول تعرضه‪ ،‬إذ يمكنه‬
‫تقديم تعرضه بشكل كتابي أو شفهي للمحافظ العقاري‪ ،‬أو المساح‬
‫الطبوغرافي أثناء إجراءات التحديد‪ ،‬وأن يدلى تعرضه بحجج ومستندات‬
‫ووسائل إثبات مقبولة قانونا قبل انصرام أجل التعرض المنصوص عليه‬
‫في الفصل ‪ 25‬ظ‪.‬ت‪.‬ع المعدل والمتمم بمقتضى القانون ‪ ،14.07‬حيث‬
‫في حالة اإلدالء داخل األجل المنصوص عليه في الفصل ‪ 25‬يعتبر‬
‫(‪) 1‬‬
‫التعرض الغيا وكأن لم يكن‪.‬‬

‫وعموما فإن دور القضاء الواقف في حماية الملكية العقارية ال يقتصر‬


‫على ما رأيناه في هذه الفقرات‪ ،‬بل يضطلع قضاة النيابة العامة بدور‬
‫مهم ودقيق في حماية الملكية العقارية بعد انتقال ملف التحفيظ إلى‬
‫المحكمة من خالل النظر في التعرضات المقدمة خارج أجلها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور القضاء في حماية الملكية العقارية‬

‫إن إنتقال الملف إلى المحكمة يصبح بحوزة القاضي العقاري‪ ،‬الذي‬
‫يعمل على حماية الملكية العقارية من خالل التحري حول صحة الحق‬
‫المدعى به‪ ،‬في إطار ما تقرره نصوص ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬والتي تفرض على قضاة‬
‫الحكم إبان نظرهم في نزاعات متعلقة بالتحفيظ العقاري‪ ،‬العمل وفق‬
‫قواعد إجرائية خاصة‪.‬‬

‫لذلك منع المشرع المغربي لكل شخص ارتأى أن مطلب التحفيظ‬


‫الذي تقدم به غيره سيؤدي إلى المساس بمصالحه وحقوقه‪ ،‬الحق في‬
‫أن يتقدم بالتعرض على هذا المطلب‪ ،‬بمقابل ذلك يكون من حق طالب‬

‫(‪- )1‬محاضرات ألقيت على طلبة الفصل الخامس من طرف االستاذة فاطمة الزهراء عالوي في مادة قانون العقاري‪،‬‬
‫بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية‪ ،‬السنة الجامعية‪.2019-2018 :‬‬

‫‪69‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫التحفيظ بتغريم المتعرض إذا رأى أن تعرضه كيدي وال يروم سوى‬
‫المساس بالسير العادي لمسطرة التحفيظ وتعطيلها‪ ،‬ومن هذا‬
‫المنطلق ستتم المحاولة لتسليط الضوء على حالتي تقديم مطلب‬
‫التحفيظ الكيدي والتعرض التعسفي (أوال)‪ ،‬ثم اإلجراءات التي أقرها‬
‫المشرع لذلك (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حالتي تقديم مطلب التحفيظ الكيدي والتعرض التعسفي‬

‫سوف يتم االقتصار في الدراسة على كل حالة على حدى بحيث‬


‫سيتم التطرق لحالة تقديم مطلب التحفيظ الكيدي (أ) وحالة التعرض‬
‫التعسفي (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬مطلب التحفيظ الكيدي‬

‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 48‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع نجده ينص على "كل مطلب أو‬
‫تعرض عليه ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء نية‬
‫يوجب لصاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية‬
‫والمسح العقاري والخرائطية‪ ،‬ال يقل مبلغها عن ‪ 10‬في بالمئة من‬
‫قيمة العقار و الحق المدعى به‪ ،‬والكل دون المساس بحق األطراف‬
‫المتضررة في التعويض‪"...‬‬

‫ومن خالل هذا الفصل فإنه يشير كما سبق التطرق إلى ذلك إلى أن‬
‫التعسف في تقديم طلبات التحفيظ أو التعرض عليها‪ ،‬وهو نفس اإلجراء‬
‫الذي نص عليه الفصل ‪ 48‬من ظهير ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬إال أن المستجد‬
‫في األمر هو الرفع من قيمة الغرامة تتراوح ما بين ‪ 10‬دراهم و‪1000‬‬

‫‪70‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫درهم في ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬التي نسبته ال تقل عن ‪ 10‬في المائة‬


‫من قيمة العقار أو الحق المدعى به(‪.)1‬‬

‫غير أنه جاء في ظهير ‪ 02‬ماي ‪ 1977‬نص على أن طالب التحفيظ‬


‫بدوره يمكن أن يحكم عليه بغرامة وبتعويضات إذا ثبت أن مطلبه صدر‬
‫عن تعسف وسوء نية‪ ،‬إال أن هذه األحكام أقل قوة على طالب التحفيظ‬
‫مقارنة مع المتعرض‪ .‬بناء على هذا يمكن القول أن المشرع أراد الضرب‬
‫على أيادي المتالعبين الالمبالين الذين يتقدمون بمطالب وتعرضات‬
‫تعسفية أو كيدية صادرة عن سوء نية‪.‬‬

‫الكيد والتعسف في تقديم الطلب‬ ‫ب‪-‬‬

‫لقد منح المشرع المغربي العقاري لكل من يدعي حقا على عقار‬
‫في طور التحفيظ إمكانية التدخل في مسطرة تحفيظه عن طريق آلية‬
‫التعرض‪ ،‬وفي هذا اإلطار إعتبر أحد الفقه أن التعرض بمثابة شر البد‬
‫منه في ميدان التحفيظ العقاري‪ ،‬وال ينبغي أن يزعج هذا طالبي‬
‫التحفيظ ما داموا يعتمدون في مطالبهم على الحق وعلى حسن النية‪،‬‬
‫وال بد أن يقلق المحافظين العقاريين وال القضاة ماداموا جميعا يعملون‬
‫(‪)2‬‬
‫في إطار المشروعية والقانون‪.‬‬

‫لذلك يستطيع كل من يدعي حق على عقار في طور التحفيظ أن‬


‫يتدخل داخل أجل محدد‪ ،‬وذلك عبر تقديم المستندات المثبتة للحق‬
‫المدعى به وأداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة تحت طائلة إلغاء‬

‫(‪ )1‬لحسن عبد العظيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.300 :‬‬


‫(‪ )2‬محمد صالحي‪ " ،‬الحد من التعرضات الكيدية كآلية لتحقيق األمن العقاري"‪ ،‬مقال منشور بمجلة المعرفة القانونية‬
‫والقضائية"‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،2018 ،2.3‬ص ‪.222:‬‬

‫‪71‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫تعرضه(‪ ،)1‬ولكن إن كانت دعوى التعرض وسيلة مشروعة لحماية الحق‬


‫وتوجيهها نحو خدمة التنمية اإلقتصادية فإن ممارستها بشكل كيدي‬
‫وتعسفي ليس من المشروعية في شيء‪ ،‬بل يؤدي إلى إطالة‬
‫مسطرة التحفيظ‪ ،‬ومع هذه اإلطالة يزيد الخالف‪ ،‬وهذا يؤدي إلى ضرر‬
‫طالب التحفيظ وتعطيل فرص اإلستثمار‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬الجزاءات المترتبة عن تقديم مطلب التحفيظ الكيدي‬


‫والتعرض التعسفي‬

‫إذا ثب ت للمحكمة بعد البث في التعرض أن صاحبه مجرد متعرض‬


‫كيدي أو بالمقابل إتضح لها أن طالب التحفيظ كان متعسفا في تقديم‬
‫مطلبه‪ ،‬فقد نص الفصل ‪ 48‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع كما وقع تعديله وتتميمه‬
‫بمقتضى القانون ‪ 14.07‬على ما يلي‪ " :‬كل طلب للتحفيظ أو تعرض‬
‫عليه ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء نية‪ ،‬يوجب‬
‫ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية‬
‫والمسح العقاري والخرائطية ال يقل مبلغها عن عشرة في المائة‬
‫من قيمة العقار أو الحق المدعى به‪ ،‬والكل دون المساس بحق‬
‫األطراف المتضررة في التعويض‪.‬‬

‫إن المحكمة التي أحيل إليها مطلب التحفيظ لها صالحية الحكم‬
‫تلقائيا بغرامة والبث عند االقتضاء في طلبات التعويض"‬

‫يتضح أن القانون رقم ‪ 14.07‬المعدل بمقتضاه الفصل ‪ 48‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع جاء‬


‫بوسيلة فعالة لحماية الملكية العقارية يتمثل في سياسة ردع كل‬
‫طالب التحفيظ أو متعرض ثبتت سوء نيه أو كيده أو تعسفه عن طريق‬

‫(‪-)1‬محاضرات ألقيت على طلبة الفصل الخامس من طرف االستاذة فاطمة الزهراء عالوي في مادة قانون العقاري‪،‬‬
‫بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية‪ ،‬السنة الجامعية‪.2019-2018 :‬‬

‫‪72‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫الحكم عليه تلقائيا بغرامة مالية لفائدة الجهة المذكورة ال تقل عن ‪10‬‬
‫في المائة من قيمة العقار أو الحق المتنازع عليه‪ ،‬إضافة إلى إمكانية‬
‫تعويض المتضرر(‪.)1‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬ذهب األستاذ محمد خيري بأنه كان لزوما على‬
‫المشرع أن يفرض عقوبات مماثلة ليس فقط على المتعرض‪ ،‬وإنما على‬
‫كل من يشهد شهادة زور من أجل تعضيد إدعاءات المتعرض وهو يعلم‬
‫(‪)2‬‬
‫أن ليس للمتعرض مطالب جدية على ذلك العقار‪.‬‬

‫وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن مصاريف التعرض يتحملها طالب‬


‫التحفيظ إذا ثبتت صحة التعرض ويتحملها المتعرض إذا رفض تعرضه‪.‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫إدريس الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 60 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫محمد الصالحي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.238 :‬‬

‫‪73‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫خــــــــــاتــمـــــــــــة‪:‬‬

‫وفي ختام هذا البحث والذي تمت فيه المحاولة اإلجابة عن مدى‬
‫مساهمة التشريع العقاري والفاعلين القضائيين بتوفير أمن قانوني‬
‫وقضائي في مجال العقار على ضوء القانون ‪ ،14.07‬الذي أتى بمجموعة‬
‫من المستجدات من أجل سد الثغرات التي كانت تطال ظهير التحفيظ‬
‫العقاري لسنة ‪ ،1913‬بحيث أصبح محط انتقاد من لدن العديد من‬
‫ا لفقهاء والمهتمين بالشأن العقاري لعدم مسايرته للتطورات التي‬
‫يعرفها النظام العقاري المعاصر لهذا جاء القانون ‪ 41.07‬المعدل والمتمم‬
‫للظهير األخير‪ ،‬وكذا القانون ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‬
‫والذي عمل على توحيد القواعد القانونية المطبقة عن الحقوق العينية‬
‫العقارية سواء كان العقار محفظ أو غير محفظ‪.‬‬

‫وفي هذا البحث تم االستنتاج من خالل تحليل بعض القوانين‬


‫واألعمال القضائية‪ ،‬هو أنه ال يمكن توفير أمن قانوني بشكل مطلق‪ ،‬بل‬
‫إن ما يمكن فعله هو البحث عن سبل تقليص نسبة اإلنعدام في األمن‬
‫القانوني‪ ،‬فيما يبقى نجاح هذه العملية رهين بخلق ظروف مناسبة‬
‫تساعد على تنويه قدرات التشريع والقضاء على حد سواء وذلك بمراعاة‬
‫مجموعة من النقاط من أجل تحقيق أمن قانوني وقضائي مساير‬
‫للتطورات االقتصادية واالجتماعية التي يعرفها المغرب‪.‬‬

‫وفي األخير تجدر اإلشارة إلى الواقع العملي‪ ،‬بأن بعث الثقة في‬
‫نفوس أفراد المجتمع يتطلب تفادي معيقات تشريع القانون الهادف‬

‫‪74‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫على أرض الواقع المغربي‪ ،‬وتفعيل العمل القضائي كالبطء في البث في‬
‫النزاعات وصعوبات التنفيذ‪ ،‬وهذا لن يتحقق إال بخلق جهاز قضائي‬
‫متخصص في المجال العقاري والمنازعات العقارية كإحداث محاكم‬
‫عقارية على غرار المحاكم اإلدارية والتجارية‪ ،‬وخلق هذه المحاكم‬
‫يستوجب بالضرورة توفير العدد الكافي منها حتى يتسنى لنا الحديث‬
‫عن تحقيق القرب الجغرافي للقضاء من المتقاضي على أثر إدارة‬
‫المحافظة العقارية‪.‬‬

‫ضرورة تفعيل مقتضيات الفصل ‪ 48‬من ظهير التحفيظ العقاري الجديد‬


‫فيما يخص الحد ن التعرضات ومطالب التحفيظ الكيدية‪ ،‬وكذا الفصل ‪88‬‬
‫مكرر من نفس القانون فيما يخص الحد من طلبات التقييد االحتياطي‬
‫التعسفية أو الكيدية‪.‬‬

‫إخضاع جميع قرارات المحافظ على األمالك العقارية للرقابة القضائية‬


‫بدون استثناء‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫الئحـــــة المراجــــع‬

‫الكتب‪:‬‬

‫‪ ‬إدريس الفاخوري‪" :‬نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون‬


‫‪ ،"14.07‬دار النشر المعرفة‪ -‬طبعة ‪ ،2013‬الرباط‪ ،‬سنة ‪.2013‬‬
‫‪ ‬المختار بن أحمد عطار " التحفيظ العقاري على ضوء القانون‬
‫المغربي"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الطبعة األولى‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫سنة ‪.2008‬‬
‫‪ ‬ادريس اجويلل‪ " :‬القواعد الموضوعية لألمن العقاري؛ دراسة‬
‫فقهية وقانونية وقضائية "‪ ،‬مطبعة دار السالم للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،2‬الرباط‪.2018 ،‬‬
‫‪ ‬مأمون الكزبري "التحفيظ العقاري والحقوق األصلية والتبعية في‬
‫ضوء القانون المغربي"‪ ،‬شركة الهالل للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪.1987‬‬
‫‪ ‬محمد الحياني‪ " :‬المحافظ العقاري بين متطلبات االختصاص‬
‫واكراهات المسؤولية"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة االولى‪.‬‬
‫‪ ‬محمد خيري " حماية الملكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري"‪،‬‬
‫دار المعرفة‪ ،‬الدار البيضاء ‪،‬طبعة ‪.2001‬‬
‫‪ ‬خالد االدريسي "إصالح المجلس األعلى ودوره في تحقيق األمن‬
‫القضائي"‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪.2010‬‬

‫األطروحات والرسائل الجامعية‬

‫‪76‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫‪ -‬األطروحات الجامعية‪:‬‬
‫‪ ‬فاطمة الحروف‪ ":‬الدور المقيد للقضاء بشأن التعرضات على طلب‬
‫التحفيظ العقاري"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص‬
‫جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫بوجدة‪.2005/2004 ،‬‬
‫‪ ‬لحسن عبد العظيم‪ " :‬تدخل القضاء في ميدان التحفيظ العقاري"‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد الخامس‪،‬‬
‫الرباط‪،‬‬ ‫واالجتماعية‪،‬‬ ‫واالقتصادية‬ ‫القانونية‬ ‫العلوم‬ ‫كلية‬
‫‪.2012/2011‬‬
‫‪ -‬الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ ‬سارة الدراق‪ " :‬األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري‬
‫المغربي"‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص‪ ،‬ماستر‬
‫القانون المدني واألعمال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية طنجة‪.2012/2011 ،‬‬
‫‪ ‬يونس معاطى‪" :‬األمن العقاري في القانون ‪ ،"14.07‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم العلوم والتنمية وتدبير المخاطر‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سطات‪. 2013/2012 ،‬‬
‫‪ ‬أبو صبر‪" :‬مسؤولية المحافظ على األمالك العقارية والرهون‬
‫بالمغرب"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم سلك التعليم العالي كلية الرباط‪،‬‬
‫‪.1992/1993‬‬
‫‪ ‬أسماء بوحميدي‪" :‬دور التحفيظ العقاري في تحقيق األمن‬
‫العقاري " رسالة لنيل شهادة الماستر"‪ ،‬العقار والتعمير" جامعة‬
‫موالي اسماعيل بمكناس‪.2017/2016 ،‬‬

‫‪77‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫‪ ‬سعاد بن جانى‪" :‬مدى مساهمة االجتهاد القضائي في تطوير‬


‫نظام التحفيظ العقاري"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة في القانون الخاص‪ .‬وحدة القانون والعقار‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪،‬‬
‫‪.2004/2005‬‬
‫‪ ‬سميرة محدوب‪" :‬القواعد المسطرية لقضايا التحفيظ العقاري"‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بوجدة‪.2005-2004 ،‬‬
‫‪ ‬محمد العتيقي‪ " :‬النيابة العامة ومسطرة التحفيظ العقاري"‬
‫ماستر القانون الخاص‪ ،‬بجامعة سيدي محمد بن ع هللا‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس‪.2012/2013 ،‬‬
‫المقاالت‬
‫‪ ‬عبد المجيد غميجة‪" :‬مبدأ األمن القانوني وضرورة األمن‬
‫القضائي"‪ ،‬عرض مقدم بمناسبة المؤتمر ‪ 13‬للمجموعة االفريقية‬
‫لالتحاد العالمي للقضاة الدار البيضاء‪.2008 ،‬‬
‫‪ ‬أحمد أعجون‪" :‬المقتضيات الجديدة المتعلقة بالتعرض على‬
‫مسطرة التحفيظ"‪ ،‬منشور بسلسلة األنظمة والمنازعات العقارية‪،‬‬
‫نظام التحفيظ العقاري على ضوء القانون ‪ 41.07‬مجلة الحقوق‪.‬‬
‫‪ ‬محمد الخضراوي‪" :‬األمن القضائي في التجربة المغربية"‪ ،‬مقال‬
‫منشور في جريدة الصباح عدد ‪ ،3578‬بتاريخ ‪.13.10.2011‬‬
‫‪ ‬محمد أوفقير‪ " :‬ظهير التحفيظ العقاري والعمل القضائي‬
‫المغربي"‪ ،‬سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين العدد ‪.7‬‬
‫‪ ‬عبد النبي ميكو‪" :‬حق الملكية لدى كثير من دول العالم"‪ ،‬مجلة‬
‫القضاء والقانون‪ ،‬العدد‪.2012 ،120‬‬

‫‪78‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫‪ ‬محمد صالحي‪ " :‬الحد من التعرضات الكيدية كآلية لتحقيق األمن‬


‫العقاري"‪ ،‬مقال منشور في مجلة المعرفة القانونية والقضائية عدد‬
‫مزدوج ‪ ،2.3‬سنة ‪.2018‬‬
‫النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ ‬قانون ‪ ،14.07‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف‪ 1.11.177،‬المؤرخ في‬
‫‪ 23‬ذي الحجة ‪ ،1432‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 5992‬بتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪ ،2011‬ص‬
‫‪ 5575‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ ‬قانون رقم ‪ ، 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذ‬
‫الظهير الشريف ‪ .1.11.178‬الصادر في ذي الحجة ‪ 22 .1432‬نونبر‬
‫‪.2011‬‬

‫القانون رقم ‪ 25.90‬المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات‬ ‫‪‬‬


‫السكنية وتقسيم االراضي‪ ،‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم‬
‫‪ ،1.92.07‬في ‪ 15‬من ذي الحجة ‪ 17( 1412‬يونيو ‪.)1992‬‬

‫الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 1331‬الموافق ل ‪12‬‬ ‫‪‬‬


‫أغسطس ‪ ،1913‬المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغيريه‬
‫وتتميمه‪.‬‬

‫الندوات العلمية‪:‬‬

‫‪ ‬عبد الحق بنعطية األندلسي‪" :‬أسباب عدم تحيين الرسوم‬


‫العقارية"‪ ،‬منشور بندوة علمية حول موضوع ‪ 80‬سنة من التحفيظ‬
‫العقاري حصيلة وآفاق ‪.2015‬‬
‫‪ ‬محمد الطيب الناصري‪ :‬كلمة ألقاها أمام مجلس المستشارين‬
‫خالل عرض مشروع م‪.‬ح‪.‬ع بتاريخ ‪.13.09.2011‬‬

‫‪79‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫‪ ‬أمين إعزان‪" :‬مداخلة في الندوة الوطنية حول موضوع مرتكزات‬


‫تحقيق األمن القانوني والقضائي في المجال العقاري"‪ ،‬طنجة‬
‫‪.2018‬‬
‫‪ ‬جميلة السيوري‪" :‬دراسة حول جودة األحكام واألمن القضائي"‪،‬‬
‫‪ 15‬مارس‪ ،2013‬بفاس‪.‬‬
‫‪ ‬محمد عتيق‪" :‬المنازعات العقارية من خالل اجتهادات المجلس‬
‫األعلى" سلسلة من الندوات الجهوية طيلة ‪.2007‬‬

‫المواقع االلكترونية‪:‬‬
‫‪ ‬مصطفى بن شريف وفريد بنته‪" :‬األمن القانوني واألمن القضائي"‪،‬‬
‫مجلة العلوم القانونية‪ ،‬منشور في الموقع الكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.maroc.low.com‬‬
‫‪ ‬رضوان بنشقر‪" :‬األسباب الداعية لتبني القانون ‪ ،"14.07‬مقال‬
‫منشور في الموثع االلكتروني ‪:‬‬

‫‪https://zidni3ilma.arabepro.com/7175/topic‬‬

‫المراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪- Ouvrage :‬‬


‫‪Cathy Pomart_ La enagistrature familiale : vers une consécration‬‬
‫‪légale du nouveau visage de l’office du juge de la famille, Editions‬‬
‫‪L’harmatt, 2004, collection logiques juridiques, p : 190.‬‬
‫‪- Texte juridique :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪_CJCE, 6 avril 1962, Robert Boch GmbH et autres, aff.13/61 25‬‬
‫‪,CJCE, 12 juillet 1972, Azienda Colori Nazionali, aff. 57/69.‬‬

‫‪80‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫الفهرس‬

‫قائمة المختصرات‪01..................................................................:‬‬

‫مقدمة‪02 .............................................................................. :‬‬

‫المبحث األول‪ :‬دور التشريع المغربي في تحقيق األمن العقاري على‬


‫ضوء القانون ‪09 .............................................................. 14.07‬‬

‫المطلب األول‪ :‬البعد الحمائي لمفهوم األمن القانوني ‪10 ..................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية األمن القانوني ‪11 ........................................‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف مبدأ األمن القانوني ‪11...............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬دستورية األمن القانوني العقاري المغربي والمقارن ‪14 ..............‬‬

‫أ‪ -‬دستورية األمن القانوني العقاري بالمغرب ‪14 ..........................‬‬


‫دستورية األمن القانوني العقاري بمصر ‪15 ......................‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫دستورية األمن القانوني العقاري بالجزائر ‪16....................‬‬ ‫ج‪-‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬بعد األمن القانوني العقاري في التشريع المغربي‪16 .....‬‬

‫أوال‪ :‬ضوابط مبدأ األمن القانوني للتشريع العقاري ‪17 .......................‬‬

‫الحرص على مبدأ المساواة ‪18 .....................................‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪81‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫وضوح القاعدة القانونية ‪18 ...........................................‬‬ ‫ب‪-‬‬


‫استقرار القواعد القانونية والعالقات التعاقدية ‪19 ...............‬‬ ‫ج‪-‬‬

‫عدم رجعية القوانين ‪19............................................‬‬ ‫د‪-‬‬

‫ثانيا‪ :‬معيقات التي تهدد األمن القانوني للعقار والحلول الممكنة ‪20 ....‬‬

‫أ‪ -‬معيقات التي تهدد األمن القانوني للعقار ‪20 ..........................‬‬


‫والحلول المقترحة لتجاوز معيقات االمن القانوني ‪21 .........‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مدى نجاعة التشريع العقاري في توفير األمن القانوني‬


‫على ضوء القانون ‪22 ……………………………………………........…14:07‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دوافع تبني القانون ‪23 .................................. 14.07‬‬

‫أوال‪ :‬األسباب القانونية ‪23 ..........................................................‬‬

‫أ‪ -‬عدم مالئمة ظهير ‪ 1913‬للظرفية الحالية بالمغرب ‪24 ...............‬‬


‫طول المساطر وتعقيد اإلجراءات ‪25 ................................‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫ثانيا‪ :‬األسباب اإلقتصادية واإلجتماعية ‪27 .......................................‬‬

‫أ‪ -‬األسباب االقتصادية ‪27 .......................................................‬‬


‫األسباب االجتماعية ‪30 ..............................................‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المستجدات التي جاء بها قانون ‪ 14.07‬الخاصة بمسطرة‬


‫التحفيظ ………‪32 …………………………………………………………………..‬‬

‫أوال‪ :‬المستجدات المتعلقة بالمسطرة العادية ‪32 .............................‬‬

‫ثانيا‪ :‬المستجدات المتعلقة بمسطرة التعرضات ‪35 ..........................‬‬

‫‪82‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المستجدات المتعلقة بمسطرة التحفيظ اإلجبارية ‪38 ...............‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور العمل القضائي في تحقيق األمن العقاري‪39 .…...‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األمن القضائي ومدى مساهمته في تطوير النظام‬


‫العقاري…………………‪41…………………………………………...…………….‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية األمن القضائي ‪42 ........................................‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم األمن القضائي ‪42 ....................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مرتكزات األمن القضائي ‪46 ..................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أثر االجتهاد القضائي في التشريع العقاري المغربي‪48 ..‬‬

‫أوال‪ :‬دور االجتهاد القضائي في مسطرة التحفيظ العقاري ‪48 ..............‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدى مساهمة اإلجتهاد القضائي المغربي في تطوير قواعد‬


‫التشريع العقاري…‪52 .…………………………………………………………….‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نطاق تدخل النيابة العامة والقضاء لحماية الملكية‬


‫العقاري ‪56 ………………………………………………………………………….‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حدود تدخل النيابة العامة لحماية الملكية العقارية ‪57 ...‬‬

‫أوال‪ :‬تدخل النيابة العامة في دعاوى التحفيظ ‪58 .............................‬‬

‫أ‪ -‬طـرق تدخـل الـنيابة العـامة كـطرف رئيـسي في الدعـاوى‬


‫المـدنية ‪58 ....................................................................‬‬
‫تدخل النيابة العامة في مسطرة التحفيظ ‪60 ...................‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫ثانيا‪ :‬تدخل النيابة العامة في المرحلة اإلدارية ‪62 ............................‬‬

‫‪83‬‬
‫كموني ع الرحمان‪ ،‬فريد عثمان __________ األمن القانوني والقضائي في التشريع العقاري المغربي على ضوء القانون ‪14.07‬‬

‫أ‪ -‬تدخل النيابة العامة عن طريق تحريك الدعوى العمومية ‪63 ........‬‬
‫تدخل النيابة العامة لحماية الملكية العقارية عن طريق‬ ‫ب‪-‬‬
‫ممارسة التعرض ‪68 .........................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور القضاء في حماية الملكية العقارية ‪69 ...................‬‬

‫أوال‪ :‬حالة تقديم مطلب التحفيظ الكيدي والتعرض التعسفي ‪70 .........‬‬

‫أ‪ -‬مطلب التحفيظ الكيدي ‪70 ..................................................‬‬


‫الكيد والتعسف في تقديم التعرض ‪71 ............................‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجزاءات المترتب على تقديم مطلب التحفيظ الكيدي والتعرض‬


‫التعسفي ‪72 ...........................................................................‬‬

‫خاتــمــة‪74 ........................................................................... :‬‬

‫الئحة المراجع ‪76 .....................................................................‬‬

‫الفهرس ‪81 .............................................................................‬‬

‫‪84‬‬

You might also like