Professional Documents
Culture Documents
المحرر الرسمي ودوره في تحقيق الأمن العقاري
المحرر الرسمي ودوره في تحقيق الأمن العقاري
المملكة المغربية
جامعة موالي إسماعيل
الكلية المتعددة التخصصات
الرشيدية
بحث لنيل شهادة اإلجازة األساسية
شعبة القانون
مسلك القانون الخاص
][1
2
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
البد لنا ونحن نخطو خطواتنا األخيرة في الحياة الجامعية من وقفة نعود بها إلى
أعوام قضيناها في رحاب الجامعة مع أساتذتنا الكرام الذين قدموا لنا الكثير بذلك
وقبل أن تمضي نقدم أسمى آيات الشكر واالمتنان للذين حملوا أقدس رسالة في
الحياة… إلى جميع أساتذتنا األفاضل وأخص بالشكر والتقدير األستاذ الجليل
المشرف" :الدكتور أمين إعزان"،الذي تعهد الزهرة بالرعاية والعناية بما يكفي حتى
تستوي على سوقه ،فالباحث المبتدئ كالنبتة التي إذا ما عهدتها باالهتمام والعناية
أنبتت وأثمرت وإذا ما أهملتها ذبلت واندثرت .فنعم المشرف ونعم اإلشراف.
كما نتقدم بالشكر الجزيل لقاضي التوثيق " عبد العزيز وحشي " على تزويدنا بالمراجع
التي أغنت هذا البحث ،و إلى كل من مد لنا يد العون والمساعدة وساهم في إنجاز هذا
الشكر.
][2
3
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][3
4
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
مقدمة:
تحظى الملكية العقارية بمكانة متميزة في حياة اإلنسان ،و يرتبط بها إرتباطا فطريا باعتبارها
مصدر عيشه و استقراره ،مصداقا لقوله تعالى "و لكم في األرض مستقر و متاع إلى حين قال فيها
تحيون و فيها تموتون و منها تخرجون " ، 1و من خالل هذه اآلية الكريمة نصل إلى حقيقة مطلقة
مفادها أنه من األرض انطلق اإلنسان و على األرض كان يعيش و إليها يسير ،هكذا إذن جاءت
فكرة احتساب األرض من لدن اإلنسان كميراث مقدس ،فسعى إليها حائزا أو مالكا أو غاصبا ،و
مع تطور الحياة و تضارب المصالح إزدادت أهمية العقار سواء كانت أرضا عارية أو بناء متكامال
أو في طور البناء ،و أصبح إلى جانب العنصر البشري محور أي مشروع تنموي مما استلزم تدخل
التشريعات بفلسفاتها المختلفة لتنظيم مجال التعامل فيه حتى تحقق األهداف المرسومة له.
لذلك عمد المشرع المغربي إلى توفير مجموعة من اآلليات القانونية والقضائية تعمل على
إحاطة الملكية العقارية بالحماية التامة وارتقى بها الى مصاف الحماية الدستورية ،وذلك بموجب
الفصل 235من الدستور ،والذي اعتبرها من أهم الحقوق الراجعة لألفراد التي ال يمكن المساس
بها إال بموجب القانون وفق اإلجراءات المحددة سلفا ،باإلضافة إلى ربط الميدان العقاري بمنظومة
التوثيق الرسمي لما توفره من إستقرار في المعامالت العقارية ،بسبب جو الثقة الذي تمنحه
للمتعاملين في المجال العقاري.
ويكون بذلك المشرع قد حقق حاجة األفراد الماسة إلى من يوجههم التوجيه القانوني السليم
لضبط تصرفاتهم ،و ضمان حقوقهم و صيانتها من العبث أمام تعدد و تنوع المعامالت و تشعب
القوانين من جهة و انتشار عمليات النصب و اإلحتيال المستهدفة للملكية العقارية من جهة أخرى.
و ال يتأتى ذلك إال بعمل المشرع الدؤوب و الجاد على سن ترسانة قانونية ذات الصلة بتنظيم
المجال العقاري ،الهدف منها حماية المعامالت العقارية و ضمان استقرارها ،بالشكل الذي يتحقق
معه األمن بجميع مستوياته ( قانوني ،قضائي ،عقاري ) ،و من أهمها نجد القوانين العقارية الخاصة،
و هي القانون رقم 18-00المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية ،1و قانون رقم 44-00
المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز ،2و القانون رقم 51-00المتعلق باإليجار المفضي إلى تملك
المتعلق 5
المتعلق بخطة العدالة ،و قانون رقم 32-09 4
العقار ،3بعدها القانون رقم 16-03
بتنظيم مهنة التوثيق ،لتأتي بعد ذلك الخطوة األخيرة بصدور مدونة الحقوق العينية 6و تعد خطوة
جريئة و طفرة نوعية تعتبر من دون شك إحدى اللبنات األساسية في إطار المقاربة الشمولية
إلصالح منظومة التوثيق من خالل ترسيخها مبدأ رسمية العقود الواردة على التصرفات العقارية
و إجراءاتها على مستوى الواقع العملي ،عن طريق مؤسسة التوثيق الرسمي بشقيها العدلي و
العصري ،نظرا العتبارها إحدى الدعامات األساسية الستقرار المعامالت العقارية و تحقيق التنمية
االقتصادية و االجتماعية و الضمانات العديدة التي توفرها للمتعاقدين في الحصول على وثيقة
رسمية مضبوطة ال يمكن الطعن فيها اال بسلوك مسطرة معقدة تكون حاجز أمام المتالعبين بحجية
العقود التوثيقية.
وتماشيا مع غايات المشرع المغربي في توفير الحماية الالزمة لمستهلكي العقار وتحقيق
األمن العقاري للمنعشين والمستثمرين المحليين واألجانب ،وضع على عاتق مهني التوثيق تنفيذ
جملة من اإللتزامات المنصوص عليها في كل من قانون التوثيق وخطة العدالة ،كما أقرعقوبات
في حق كل من قصر أو ثبت في حقه إحدى األفعال التي من شأنها المساس بمصداقية المحرر
الرسمي.
-1قانون رقم 18-00المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.298المؤرخ
في 25رجب 3( 1423أكتوبر )2002والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5054بتاريخ 7نونبر 2002كما وقع تعديله وتتميمه
بالقانون رقم . 106-12
-2قانون رقم 44-00المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.309المؤرخ في 25
رجب عام 3( 1423أكتوبر )2002والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5054بتاريخ 7نوفمبر 2002صحيفة .3183والذي تم
تعديله وتتميمه بالقانون رقم 107-12الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.05المؤرخ في 23ربيع الثاني
3(1437فبراير. )2016
-3قانون رقم 51-00المتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.202والمؤرخ في
16رمضان 11( 1424نونبر )2003والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5172بتاريخ .25دجنبر. 2003
-4ظهير شريف رقم 1.06.56صادر في 15محرم 1427موافق 14فبراير 2006بتنفيذ القانون رقم 16-03المتعلق بخطة
العدالة ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 5400بتاريخ 01صفر 1427موافق 2مارس . 2006
-5ظهير شريف رقم 1.11.179صادر في 25ذي الحجة 22( 1432نوفمبر )2011بتنفيذ القانون رقم 32-09المتعلق
بتنظيم مهنة التوثيق ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998بتاريخ 27ذي الحجة 24 ( 1432نوفمبر . )2011
-6ظهير شريف رقم 1.11.178بتنفيذ القانون رقم 39-08المتعلق بمدونة الحقوق العينية صادر في 25من ذي الحجة 1432
( 22نوفمبر ،)2011منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998بتاريخ 27ذي الحجة 24( 1432نوفمبر . )2011
][5
6
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
و إذا كان المشرع قد سن مجموعة من النصوص القانونية الرامية إلى تحقيق األمن العقاري
و التخفيف من حدة المشاكل التي يعرفها المجال العقاري خاصة على مستوى توثيق التصرفات
الواردة عليه ،من خالل إقراره مبدأ رسمية العقود و تضييق الخناق على المحررات العرفية ،فإن
مجمل هذه الخطوات بقيت دون ما كان مأموال منها ،حيث ثبت من خالل التطبيقات العملية لها
على أرض الواقع أنها لم تحد من عمق المشاكل التي يتخبط فيها القطاع العقاري ببالدنا بصفة
عامة و الجانب التوثيقي بصفة خاصة ،بسبب مجموعة من اإلكراهات القانونية و العملية التي حالت
دون تحقيق الغاية المنشودة من المشرع.
إن مجال التوثيق التصرفات العقارية يعد من المجاالت الحيوية التي ينبغي اإلهتمام بها،
والعمل على ضبطها وتجديدها حتى تصبح مسايرة للتغيرات االقتصادية واالجتماعية التي يعرفها
المجتمع ،باعتبار التوثيق هو السبيل الوحيد الكافل لحفظ وصيانة حقوق وأموال الناس وأغراضهم
حتى ال تكون عرضة للضياع.
و من ثم فإن التوثيق الرسمي يحول دون وقوع منازعة بين المتعاقدين أو بينهم و بين األغيار،
إذ يبين لكل منهم ما له من حقوق و ما عليه من واجبات ،و هذا من شأنه التأثيراإليجابي على
السياسات و التوجهات الكبرى التي انخرط فيها المغرب ،و التي تأتي في مقدمتها التشجيع على
اإلستثمار في السكن و السياحة و الفالحة و الصناعة و غيرها من المجاالت ،كما تساهم العقود
التوثيقية الرسمية أيضا في تحقيق اآلمن في الميدان العقاري و استقرار المعامالت الواردة عليه
بخالف المحررات العرفية و ما تحدثه من آثار سيئة بالنسبة للمتعاقدين أو الدولة أو األمن العقاري.
وعلى اثر هذه األهمية التي يحظى بها هذا الموضوع ،وقع اختيارنا على البحث في موضوع
" المحرر الرسمي و دوره في تحقيق األمن العقاري " و ذلك من أجل البحث و تعميق الدراسة
حوله بقدر المستطاع.
][6
7
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
صعوبة البحث:
تتمثل صعوبة البحث في عدم حصولنا على الزاد الكافي من المعلومات والمراجع المتنوعة
في إنجازه ،وذلك راجع لحداثة كليتنا القانونية ،إذ لم يمر على إحداث شعبة القانون بأروقتها إال
أربع سنوات ،ولبعد المسافة آيضا ،لكن هذا لم يكن سدا مانعا حتى يحول دون تحقيق مبتغانا ،بحيث
ما كانت هذه الصعوبات والعراقيل تزيدنا إال إصرارا وعنادا على إنجازه.
نظرا لكون موضوع البحث ينصب على دراسة الدور الذي يقوم به المحرر الرسمي في
تحقيق األمن العقاري ،فإن اإلشكالية العامة والمحورية التي نسعى إلى معالجتها في بحثنا المتواضع
هذا تتمثل في مايلي:
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي بإقراره الرسمية ضمان األمن العقاري في ظل وضعية يتقدم
فيها الواقع على القانون؟،
وتتفرع عن هذه اإلشكالية المحورية تساؤالت فرعية أخرى ،يمكن تلخيصها في مايلي:
ماهي الضوابط التي تنظم توثيق المعامالت العقارية في المحررات الرسمية؟ ،و ماهي مختلف
الضمانات التي يوفرها المحرر الرسمي لتحقيق األمن العقاري؟ ،ثم أين تتجلى مظاهر القصور
على مستوى القانوني و العملي؟ ،وما مدى تأثيرها على المحرر الرسمي؟ .
و لمعالجة هذه التساؤالت المطروحة إرتأينا إلى اإلعتماد على خليط من المناهج العلمية،
ترجع أساسا إلى المنهج الوصفي عندما يقتضي األمر القيام بعرض النصوص القانونية و األحكام
القضائية المنظمة لمهنة التوثيق الرسمي في المعامالت العقارية ،ثم المزاوجة بينه و بين المنهج
التحليلي االستنباطي و ذلك عند دراسة القواعد العامة و فهمها فهما جيدا ،و معرفة شروط تطبيقها
و اآلثار المترتبة عن تطبيقها على الجزئية المعروضة ،باإلضافة الى المنهج النقدي الذي كان
بارزا بقوة ،و تطلبته طبيعة الموضوع و واقعه ،السيما في المبحث الثاني.
][7
8
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
ولكي نقف على تفاصيل هذا الموضوع بشكل أدق ،إرتأينا إلى تقسيم محتوياته على الشكل اآلتي:
][8
9
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
المبحث األول:
األمن العقاري.
][9
10
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
ظل التشريع المغربي متمسكا بمبدأ حرية التعاقد إلى غاية القرن ،19لكن بفعل التطور
الحاصل في مجال المعامالت ،أصبح هذا المبدأ يتراجع شيئا فشيئا مقابل التوسع الواضح لدائرة
النظام العام والقوانين االَمرة التي أصبحت تفرض جعله في قالب رسمي وفق شكلية معينة ،السيما
عندما يتعلق األمر بالمعامالت العقارية ،لذلك ألزم المشرع في الفصل 489من ق ل ع أنه إذا
كان محل البيع عقارا أو حقوق عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا أن يتم كتابتها في
محرر ثابت التاريخ كما أنه ال يكون لها اَثار في مواجهة الغير إال إذا تم تسجيلها في الشكل المحدد
بمقتضى القانون.
وهكذا يكون المشرع قد بدأ بفرض توثيق المعامالت العقارية و إلزامية كتابتها ،إال أنه وعلى
الرغم من ذلك لم يحدد طبيعة المحرر ما إذا كان رسميا أو عرفيا ،لذلك ومن أجل تدارك الثغرة
التي عرفها الفصل أعاله قام المشرع بإصدار مجموعة من القوانين الخاصة كما هو الشأن بالنسبة
للقانون رقم 44-00الذي تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم 107-12والقانون 51-00
والقانون 18-00المعدل بمقتضى القانون رقم 106-12التي سارت هي األخرى نحو إلزامية
توثيق التصرفات التي تدخل في إطار هذه القوانين في المحررات الرسمية أو الثابتة التاريخ ،لتأتي
بعد ذلك مدونة الحقوق العينية لتؤكد على ضرورة تحرير بعض المعامالت العقارية في المحرر
الرسمي ،والذي يتم تحريره من طرف الموثق أو العدول كال وفق القانون المنظم لمهنته ،نظرا
لقيمة المحرر الرسمي والضمانات القانونية التي يقدمها لألطراف المتعاقدة والدور الفعال الذي
يلعبه في حفظ وصيانة حقوق وأموال المتعاقدين من الضياع وكذا القوة الثبوتية والحجية القاطعة
التي يتصف بها المحرر الرسمي ،والذي ال يمكن الطعن فيه إال بسلوك دعوى الزور.
][10
11
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
-1ينص الفصل األول من ظهير 4ماي 1925الملغى المتعلق بتنظيم التوثيق الفرنسي على ما يلي " يعين كموظفين عموميين
فرنسيين بصفتهم موثقين."...
-2تنص المادة األولى من قانون رقم 32.09المنظم لمهنة التوثيق على أن" التوثيق مهنة حرة تمارس وفق الشروط وحسب
االختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة"
][11
12
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
وبناء على ذلك فإن المادة الثالثة 1من القانون أعاله جاءت بمجموعة من الشروط تتعلق أساسا
بكفاءة الشخص المترشح لهذه المهنة؛ ومن بين هذه الشروط توفر على الجنسية المغربية
سواء كانت أصلية أو مكتسبة طبقا لمقتضيات قانون الجنسية المغربية ،2كما إشترطت في المترشح
بلوغه 23سنة كاملة دون أن يتجاوز 45سنة باستثناء بعض الفئات المحددة في المادة 38من
نفس القانون.
وخالفا لما كان األمر عليه في ظل ظهير 4ماي ،41925يعين الموثق العصري في ظل
القانون 32-09بناء على قرار صادر من رئيس الحكومة وباقتراح من وزير العدل بعد إبداء
اللجنة المنصوص عليها في المادة 11رأيها في الموضوع.5
وحتى تكتسب الوثيقة صفة الرسمية ،فال يكفي أن يكون الموثق أهال لمزاولة مهامه ،بل البد
أن يكون مختصا بتحريرها من حيث الموضوع والمكان؛ أي أن تكون له والية موضوعية على
المحرر الذي أقامه ،وأن تكون هذه الوالية في المكان الذي حرره فيه.6
فاستنادا إلى مقتضيات المادة 735من القانون رقم 32-09فإن الموثق يختص موضوعيا في
تلقي العقود التي يحتم القانون إضفاء الصبغة الرسمية عليها والمرتبطة بأعمال السلطة العمومية
كالبيوعات الواردة على العقارات أو الحقوق العينية المرتبطة بها ،طبقا لنص المادة 4من مدونة
الحقوق العينية ،أو تلك التي يرغب األطراف في رسميتها؛ وهى جميع العقود التي لم يتطلب القانون
ضرورة إضفاء الطابع الرسمي عليها ،إال أن أطرافها ارتأوا جعلها رسمية وبالتالي يقوم الموثق
بإثبات تاريخها وضمان حفظ أصولها وكذا تسليم نسخ منها.
ولإلشارة فإن المشرع قد منع الموثق في بعض الحاالت من تلقي العقود حتى لو كانت تدخل
في نطاق إختصاصه ،إذ نجده ينص في المادة 30من قانون التوثيق على أنه " يمنع على الموثق
أن يتلقى عقدا في الحالتين التاليتين:
إذا كانت له أو لزوجه أو ألصوله أو لفروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في
العقد
إذا وجدت قرابة أو مصاهرة بينه أو بين زوجه أو ألصوله أو لفروعه مع أحد األطراف
إلى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية".
ولعل الغاية من وراء هذا المنع تكمن في رفع مظنة المحاباة والتأثير في إرادة أحد المتعاقدين
والتي من شأنها اإلضرار بمصلحته ،وذلك بتحيز الموثق لفائدة أقاربه أو أصهاره خالل تحرير
العقد ،فهذا المنع يشكل ضمانة قوية تبعث على الثقة واإلطمئنان واألمان.1
أضف إلى ذلك أنه ال يسوغ للموثق أن يقوم مثال بكتابة محرر يتعلق بالحالة المدنية أو توثيق
عقود الزواج لكونها من إختصاص العدول المنتصبين لإلشهاد ،وكذلك توثيق الطالق والرجعة.2
ومن بين الحاالت التي تجاوز فيها الموثق اختصاصه الموضوعي نذكر تلك القضية التي عرضت
على أنظار المحكمة اإلبتدائية بالدار البيضاء ،3حيث تقدم أحد األطراف بمحرر عرفي إلثبات ما
يدعيه وقد تمت المصادقة على صحة توقيعه من قبل أحد الموثقين متجاوزا بذلك نطاق اختصاصه
النوعي والمحكمة لم تنتبه إلى ذلك مع العلم أن مهمة اإلشهاد على صحة اإلمضاءات أناطها المشرع
بموظفين معينين.
ومن خالل إستقراء كل من المادة 413و 514من قانون التوثيق ،يتبين أن اإلختصاص المكاني
للموثق محدد في دائرة محكمة اإلستئناف المعين بها.
-1إيمان السائح ،الضمانات القانونية للعقود الرسمية ودورها في استقرار الملكية العقارية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،سنة ،2015/2014ص .44
-2جابر التامري ،مؤسسة التوثيق العصري في القانون المغربي ،مقال منشور بالموقع اإللكتروني لمجلة العلوم القانونية،
،www.marocdroit.comتاريخ زيارة الموقع .2018-2-10
-3حكم المحكمة اإلبتدائية بالدار البيضاء ،ملف إستعجالي رقم 85/ 4931بتاريخ ،1985/11/29رقم القرار .421-5208
أوردته لمياء الفركاتي ،توثيق المعامالت العقارية في المحررات الرسمية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون
الخاص ،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
وجدة ،السنة الجامعية ،2007/2006ص .12
-4المادة 13من القانون رقم . 32-09
-5المادة 14من القانون رقم .32-09
][13
14
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
وتبعا لذلك ،فإذا حصل أن قام موثق بتحرير وثيقة دون إلتزامه بحدود إختصاصه ،فإنه يتحمل
مسؤولية شخصية إزاء أطراف الوثيقة وخطأه هذا يجعل المحرر معرضا للطعن بالبطالن ومن ثم
انتفاء الصبغة الرسمية عنه ،بحيث يبقى له فقط قيمة المحرر العرفي ،إذا توافرت شروطه تطبيقا
لمقتضيات المادة 149من قانون التوثيق.
ولإلشارة فإن هذه المقتضيات المتعلقة باإلختصاص المكاني تسري على الموثقين فحسب وال
تطبق على األفراد الذين يبقى لهم الحق في اللجوء إلى أي موثق لتوثيق إلتزاماتهم ،2وبهذا فإن
الموثق الذي يمارس مهامه بالراشيدية ال يجوز له ذلك في مدينة مكناس ،في حين يحق لسكان
مدينة الراشيدية توثيق تصرفاتهم العقارية لدى موثقين مقيمين في مدينة مكناس.
وهكذا نجد الوثيقة التي يحررها الموثق والتي تدخل في إختصاصه النوعي والمكاني تمر
بمراحل؛ بدءا بمرحلة التلقي اإلنفرادي للعقود الذي يختار فيها الموثق طبيعة العقد والبنود التي
ستضمن فيه ،باإلضافة إلى مراعاة مجموعة من البيانات تتمثل أساسا في التأكد من هوية المتعاقدين
وأهليتهم ،إذ أن تقاعس الموثق من القيام بهذا اإلجراء من شأنه أن يؤثر سلبا على الحجة الثبوتية
للعقد التوثيقي.3
وبعد ذلك تأتي مرحلة تحرير الوثيقة ،إذ يلتزم الموثق بتحرير العقد تحت مسؤوليته دون
انقطاع أو بتر أو إصالح في صلبه أو إقحام أو كتابة بين السطور أو إلحاق أو تشطيب أو ترك
بياض باستثناء ما يفصل بين الفقرات ،وعليه ترقيم جميع الصفحات ويشير إلى عددها في آخر
العقد ،وكل تصحيح لخطأ أو إغفال يجب أن يتم تصحيحه بواسطة إحالة تدون في الهامش أو في
أول الصفحة ،4ولعل الحكمة من ذلك هي إبعاد أي شبهة في صحة العقد التوثيقي ومنع أي محاولة
لتالعب أو التزوير فيه.
ثانيا :توثيق العدول للمعامالت العقارية.
على خالف التوثيق العصري الذي كان وليد اإلستعمار الفرنسي ،فإن مؤسسة التوثيق
العدلي تبقى عربية ومتأصلة وذات طابع إسالمي أصيل بالمغرب إذ كانت للشريعة اإلسالمية
الغراء الدور الريادي البارز في صياغة أحكامه ،1ولذلك فقد أولى المشرع لهذه المؤسسة أهمية
بالغة ،بحيث عمل على تنظيم مقتضياتها بموجب القانون رقم 16-03المتعلق بخطة العدالة،
الذي نص في مادته األولى 2على أن التوثيق العدلي مهنة حرة ،تمارس حسب االختصاصات
والشروط المقررة في القانون أعاله.
ومن بين الشروط التي ينبغي توفرها في المترشح لمهنة العدول؛ أن يكون مسلما مغربيا مع
مراعاة قيود األهلية - ،سبق اإلشارة إليها بخصوص الموثق -وأن يكون بالغا من العمر 25سنة
وأال يزيد على 45سنة ،وأن يكون متمتعا بحقوقه الوطنية وذا مروءة وسلوك حسن ،وأال تكون له
سوابق عدلية ،وغيرها من الشروط األخرى المشار إليها في المادة الرابعة من نفس القانون.
وبعد تحقق الشروط المذكورة أعاله ،يمكن للمترشح عندئد أن يجتاز مبارة يحدد موادها وكيفية
اختباراتها بنص تنظيمي ،ويعين الناجح في المبارة بصفته عدال متمرنا مدة سنة بقرار من وزير
العدل.3
وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية فإنه تم السماح للمرأة المغربية وألول مرة للولوج لمهنة
العدول ،نظرا لما وصلت إليه من تكوين وتثقيف علمي رفيع ،وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة
واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية.
وما يجب اإلشارة إليه أنه ليس هناك مقتضى يدل على تحديد اإلختصاص النوعي للعدل بدقة،
وبالتالي يبقى هذا اإلختصاص مفتوحا بشكل كبير ،وذلك في كل ما يتعلق بتلقي الشهادة وتحريرها
وفق الشكل المعتبر قانونا ،شريطة أن يكون موضوعها مما يجوز التعامل به ،4إال ما إستثنى بنص
خاص ،5ونمثل لهذه االختصاصات في شمولها بالشهادة على عقود الزواج والطالق وعلى اعتناق
اإلسالم وإثبات الوراثة وإحصاء التركات...
إلى جانب الشواهد المتعلقة بالعقارات بنوعه المحفظة وغير المحفظة والذي في طور التحفيظ
-1الوزاني سكينة ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء المادة 4من مدونة الحقوق العينية والقوانين الخاصة ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون المدني واألعمال ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية بطنجة ،سنة ، 2014/2013ص .20
-2تنص المادة األولى من القانون " 16-03تمارس خطة العدالة بصفتها مهنة حرة حسب االختصاصات والشروط المحددة في
هذا القانون وفي النصوص الخاصة."...
-3عمر أوتيل ،م.س ،ص .30
-4إيمان السائح ،م.س ،ص. 42
-5نشير أن هناك مجموعة من التصرفات التي ال يمكن للعدل توثيقها كبيوع األصل التجاري الصيدلي والبيوع المرتبطة بالسفن
وبيوع السكن االجتماعي.
][15
16
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
وكذا إختصاص العدول في توثيق جميع التصرفات الواردة على عقار والتي ينص القانون على
ضرورة إفراغها في شكل رسمي.1
وخالفا للقانون 81-11المتعلق بتنظيم خطة العدالة وتلقي الشهادة وتحريرها الملغى ،فإن
القانون 16-03قد وسع اإلختصاص المكاني للعدول إذ لم يعد منحصرا في الدائرة القضائية
للمحكمة اإلبتدائية بل أصبح اليوم من حق العدل التلقي في حدود دائرة اإلستئناف المعين فيها.
وقد أكد القضاء 2على ضرورة مراعاة العدول في تحريرهم للوثائق العدلية لحدود اختصاصهم
المكاني ،تحت طائلة تعرضهم للمساءلة التأديبية في حالة تلقيهم شهادات خارج الدائرة التي عينوا
فيها.
ورغم توسيع القانون المذكور أعاله إشتغال العدول ،بنقله من الدائرة اإلبتدائية الى الدائرة
اإل ستئنافية ،فإن المطالبة بنقله ليشمل جميع ربع التراب الوطني الزالت قائمة من طرف العدول،
وجعل التبعية للمحكمة االستئنافية مقتصرة على التعيين فقط دون العمل.
وعلى غرار الموثق ،فالعدل كذلك يجب عليه مراعاة مجموعة من البيانات القانونية في الوثيقة
العدلية لكي تحقق األهداف المتوخاة منها ،لذلك فقد ألزم المشرع أن يتلقى الشهادة عدالن ،ماعدا
في حالة تعذر ذلك فإنه يجوز التلقي الفردي ،شرط الحصول على إدن من القاضي.3
وخالل تلقي الشهادة وقبل تحريرها بمذكرة الحفظ ،يقوم العدالن بالتأكد من هوية المتعاقدين
وأهليتهم؛ بمعنى أن يشتمل العقد التوثيقي على كون المتعاقد يتمتع باألهلية القانونية للقيام بالتصرف
(العقار في حالتنا هذه) .4كما يتوجب عليهم بتعيين العقار تعيينا دقيقا ،والتأكد من كونه قابال
للتصرف ،5من أجل حصول العلم به والتحقيق من معرفته ولو لم يره المشتري.
-1جابر التامري ،مؤسسة التوثيق العصري في القانون المغربي ،مقال منشور بالموقع اإللكتروني لمجلة العلوم القانونية،
،www.marocdroit.comتاريخ زيارة الموقع . 2018-2-10
-2قرار صادر عن محكمة االستيئناف بفاس ،رقم ،2005/1424بتاريخ ،2005/10/12في ملف عدد ،3-05-400غير
منشور.
-3المادة 27من قانون خطة العدالة.
-4إيمان السائح ،م.س ،ص .64
-5الفقرة الثانية من المادة 31من قانون خطة العدالة.
][16
17
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
وبعد ذلك يقوم العدالن بإدراج الشهادة في مذكرة الحفظ وتحريرها ،ثم توقيعها مع وجوب ذكر
إسمهما وكذ ا تاريخ التحرير ،ليتم وضعها بين يدي القاضي المكلف بالتوثيق داخل أجل ال يتعدى
6أيام ،من أجل المخاطبة عليها حتى تكتسب الصفة الرسمية.1
وعلى هذا األساس فإن إحترام العدول لهذه الشروط الشكلية والموضوعية من شأنه أن يجعل
من الوثيقة العدلية الصادرة عنهم ،وسيلة من وسائل اإلثبات القاطعة في ميدان التصرفات العقارية،
مادامت تحمل خطاب القاضي بالكيفية المنصوص عليها في القانون أعاله ،فطبيعة الوثيقة العدلية
هي طبيعة رسمية بدون منازع ،وبالتالي فإن توجه الدولة نحو إقرار مبدأ الرسمية بصفة تدريجية
يخدم التوثيق العدلي على المدى البعيد لذا ينبغي لنا أن نحافظ على هذا التوجه وأن ندعم فكرة
رسمية العقود ألنها تخدم المتعاقدين الذين يلجؤون إلى هذا النوع من التوثيق من جهة ،وتخدم
المهنيين الذين يسهرون على تحرير الوثيقة العدلية الرسمية بكيفية دقيقة وجعلها وسيلة من وسائل
اإلثبات الكتابية الرسمية من جهة ثانية.2
وعموما يمكن القول أن المشرع المغربي قد أحسن صنعا ،حينما حصر األشخاص الموكول
لهم تحرير العقود المتعلقة بالتصرفات العقارية في هيئات منظمة قانونا ،ويخول لها قانونها تحرير
هذه العقود وهى فئات الموثقين ،باعتبارهم مؤهلين أكثر من غيرهم إلدراك مدلول العبارات
القانونية ،وبالتالي العمل على صد الباب في وجه كل من ليست له الدراية والكفاءة القانونية المطلوبة
في مجال تحرير وتوثيق العقود المنصبة على الملكية العقارية وعلى الحقوق العينية األخرى،
ووضع حد نهائي لكل فوضى في هذا المجال الحيوي بامتياز ،وذلك كله من أجل ضمان اإلستقرار
للمعامالت العقارية وحماية حقوق المتعاقدين وتعزيز األمن التعاقدي والعقاري.
سار المشرع بصفة تدريجية نحو تعميم رسمية التصرفات العقارية سواء تعلق األمر بعقار
محفظ أو غير محفظ ،ويتجلى هذا التوجه من خالل وضع المشرع القوانين العقارية الخاصة (أوال)
إلى أن جاءت الخطوة األخيرة بصدور قانون 39-08المتعلق بمدونة الحقوق العينية
(ثانيا) بهدف وضع حد نهائي لكل تسيب في مسألة تحرير العقود المتعلقة بالتصرفات العقارية،
وحصر هذا األمر على ذوي اإلختصاص.
أوال :توثيق المعامالت العقارية في إطار النصوص الخاصة.
إن مسألة تحرير العقود العقارية ،لم تكن منظمة تنظيما محكما في ظل الفصل 489من
ق ل ع ،األمر الذي أدى الى إرتفاع أصوات كافة المتدخلين في مجال المعامالت العقارية ،وطالبوا
بعدم تطبيق هذا الفصل على العقود العقارية ،ووضع حد نهائي لإلزدواجية التعاقدية في الميدان
العقاري والمتمثلة في وجود محررات رسمية وأخرى عرفية ،1لكون هذه األخيرة تشكل مصدر
لزعزعة االستقرار في المعامالت العقارية ،إذ يتم تحريرها بطريقة معيبة وتفتقد الى أدنى شروط
الدقة والوضوح.2
وبالفعل إستجاب المشرع المغربي لنداءات المتدخلين والباحثين القانونين الداعين لتكريس مبدأ
الرسمية ،نظرا لما يعرفه الواقع المغربي من تطورات مختلفة ،السيما تلك التي تتعلق بالمعامالت
العقارية ،وهذا ما تبين من خالل وضعه لمجموعة من القوانين العقارية الخاصة ،التي جاءت
بمقتضيات جديدة دالة على إتجاه المشرع نحو تعميم رسمية العقود والتي لم يكن منصوص عليها
سابقا ،لما في ذلك من حماية لمصالح األفراد ونظرا لخطورة المعامالت والتصرفات المترتبة على
العقار والتي تتطلب الحذر والتأني.3
-1ابراهيم قادم ،رسمية العقود في التصرفات العقارية ودورها في تكريس األمن القانوني.ص .310عدم ذكر إسم المجلة والعدد.
-2د .إدريس الفاخوري ،نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ،14-07طبعة ،2013دار النشر والمعرفة ،ص . 176
-3سهام الفرح ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء القوانين الخاصة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار،
جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،سنة ،2012/2011ص . 58
][18
19
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
ومن هذه القوانين ،القانون رقم 51-00المتعلق باإليجار المفضي الى تملك العقار ،و القانون
رقم 44-00المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز ،و الذي تم تغييره و تتميمه بمقتضى القانون
،107-12و القانون رقم 18-00المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبينة ،و الذي تم تغييره
و تتميمه بمقتضى القانون ،106-12و من األمور المستجدة التي جاء بها هذا األخير ،هو
التنصيص على وجوب توثيق جميع التصرفات الواردة على الملكية المشتركة في محرر رسمي
أو ثابت التاريخ يحرر من طرف مهني ينتمي الى مهنة قانونية و منظمة يخول لها قانونها تحرير
العقود و ذلك تحت طائلة البطالن.1
ويقصد بهذه المهن؛ العدول ،الموثق ،المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض ،غير أن هذا
األخير يتم المصادقة على توقيعه من طرف رئيس كتابة الضبط الواقع في دائرة إختصاصها مكتب
المحامي المعني. 2
وهذا األمر فيه ضمانة وأكثر حماية لألشخاص المتعاقدين في إطار الملكية المشتركة ،ويكون
بذلك المشرع قد أقفل الباب على بعض محرري العقود الذين ال تتوفر فيهم الكفاءة الالزمة والذين
قد يحررون عقودا معيبة في صياغتها أو ناقصة في مضمونها ،وهو شيء إيجابي سيضع حدا
لكثير من التالعبات التي كانت تحدث في مجال بيع الشقق والطبقات مما كان يعرض كثير من
األشخاص لعملية النصب واإلحتيال نتج عنها ضياع حقوقهم. 3
ومواكبة للتطور الحاصل في مجال اإلنعاش العقاري أصدر المشرع إلى جانب القانون أعاله،
القانون 44-00المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز ،الذي تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون
،107-12إذ يشكل هذا النوع من البيوع مصلحة للمتعاقدين معا ،فالمشتري يدفع الثمن على شكل
أقساط دورية وذلك حسب وضعيته المالية ،مما يؤدي إلى عدم إرهاقه ،وكذلك البائع يحصل على
سيولة مالية من أجل تمويل مشاريعه دون اللجوء إلى القروض والرهون واإلشكاالت المتعلقة بها.
-1جاء في الفصل 12من القانون 18-00الذي عدل وتمم بالقانون رقم 106.12على أنه " يجب أن تحرر جميع التصرفات
المتعلقة بنقل الملكية أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم
تحريره من طرف مهني ينتمي الى مهنة قانونية ومنظمة يخول إليها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطالن " .
-2د.أحمد بن محمد خرطة ،صياغة العقود الرسمية و الثابتة التاريخ وفق آخر التشريعات المغربية ،طبعة ،2017مكتبة
الرشاد،سطات،ص106.
-3د .إدريس الفاخوري ،الحقوق العينية وفق القانون ،39-08طبعة ،2013دار النشر والمعرفة ،ص. 50-49.
][19
20
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
وقد عرف المشرع المغربي بيع العقار في طور اإلنجاز في الفصل 1-618من ق ل ع كما يلي"
يعتبر بيع العقار في طور اإلنجاز كل اتفاق يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل محدد كما
يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم األشغال".
ويستشف من خالل هذا التعريف أن بيع العقار في طور اإلنجاز هو بمثابة عقد بيع يتأخر فيه تسليم
الشيء المبيع الذي هو العقار ،إلى أن يتم إنجازه مقابل أن يؤدي المشتري الثمن وذلك تبعا لتقدم
األشغال مع إحتفاظ البائع بحقوقه إلى أن يتم اإلنتهاء من األشغال.
ومن بين الضمانات التي أتي بها هذا القانون هو وجوب إبرام عقد إبتدائي بواسطة محرر رسمي
أو بموجب عقد ثابت التاريخ ،محرر من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية وهو ما أشار إليه
الفصل 13-618من ق ل ع ،كما تطبق نفس المقتضيات بالنسبة إلبرام عقد البيع النهائي طبقا
للفصل 216-618من ق ل ع.
وبذلك يكون قانون 44-00المعدل قد عمل على خلق مناخ سليم ومالئم لهذا النوع من المعامالت
العقارية وتوفير الضمانات الكافية لكل األطراف المتعاقدة وإقرار الشفافية واألمن القانوني إضافة
إلى محاولة تجاوز العراقيل التي تعترض هذا النوع من البيوع. 3
و نفس الشيء أكد عليه القانون 51-00المتعلق باإليجار المفضي الى تملك العقار ،فاستنادا
إلى مقتضيات المادة 4منه ،فإن المشرع إشترط إلنعقاد هذا البيع وجوب تحريره في محرر رسمي
أو ثابت التاريخ من طرف مهني ينتمي إ لى مهنة قانونية و منظمة يخولها قانونها تحرير العقود و
ذلك تحت طائلة البطالن ،كما أن هذا البيع يخضع لتحرير رسمي بداية و نهاية و هذا ما نصت
عليه المادة 16من القانون المذكور " ال يتم إبرام عقد البيع النهائي إال بعد أداء المبلغ المتبقي من
ثمن البيع المتفق عليه في عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار".
-1ينص الفصل 3-618من ق ل ع على أنه " يجب أن يرد عقد البيع االبتدائي العقار في طور اإلنجاز اما في محرر رسمي أو
ثابت التاريخ يتم توثيقه من طرف مهني ينتمي الى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة
البطالن."...
-2ينص الفصل 16-618من ق ل ع على أنه " يبرم عقد البيع النهائي طبقا لمقتضيات الفصل 3-618المشار إليه أعاله ،وذلك
بعد أداء المبلغ اإلجمالي للعقار أو للجزء المفرز من العقار ،محل عقد البيع االبتدائي "
-3د .محمد محروك ،الوجيز في العقود المسماة -البيوعات واألكرية الواردة على العقار في ضوء أخر التعديالت ،الطبعة األولى
،2017مكتبة المعرفة مراكش ،ص.182.
][20
21
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
ويتجلى الهدف من إقرار المشرع بضرورة تحرير هذا النوع من البيوع في محرر رسمي أو ثابت
التاريخ ،هو حماية للطرف الضعيف في العالقة التعاقدية من بعض الشروط التعسفية التي تخل
بمبدأ التوزان العقدي. 1
وما يجب اإلشارة إليه أن المحرر ثابت التاريخ آثار خالفا فقهيا حول طبيعته القانونية ،خاصة
أمام غياب أي نص قانوني صريح يوضح ذلك ،حيث إنقسم الفقه بهذا الخصوص ،إلى من يرى
بأنه ليس سوى عقد عرفي وأخر أنه محرر رسمي وأخر يرى بأنه محرر من نوع خاص.
وتأسيسا على ذلك يمكن القول بأن المحرر ثابت التاريخ في إطار القوانين العقارية الخاصة ومدونة
الحقوق العينية هو محرر رسمي بقوة القانون على اعتبار أن المشرع قد حدد له مجموعة من
الشروط واإلجراءات الشكلية التي كانت السبب في إضفاء الصبغة الرسمية عليه.2
ثانيا :توثيق المعامالت العقارية وفق مدونة الحقوق العينية.
إذا كانت نية المشرع من خالل سن القوانين العقارية الخاصة كما تم التطرق إلى ذلك سابقا،
هو السير نحو رسمية العقود ومحاولة تفادي والقضاء على المحررات العرفية ،فإن هذه األخيرة
رغم تقليص مجال التعامل بها مقارنة مع الماضي لكن ذلك يبقى رهين بالمعامالت التي تبرم في
إطارها ،لذلك فإن القوانين العقارية الخاصة يمكن القول بأنها طرحت إكراهات عديدة على مستوى
المعامالت العقارية بصفة عامة ،وذلك ما حاول المشرع تجاوزه في المادة الرابعة 3من مدونة
الحقوق العينية ،بحيث جاء حكم 4البتدائية الرشيدية يؤكد على أنه " وحيث إن طلب المدعي يهدف
إلي الحكم على المدعى عليه بإتمام إجراءات بيع الجزء السفلي من المنزل ...وحيث إنه وإن كان
األصل هو حرية التعاقد إال أن هذه الحرية تتقيد كلما تعلق األمر بقواعد أمرة أو من النظام العام
كما هو الشأن بالنسبة للقواعد المنصوص عليها في المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية،...
والحال وأنه وبعد إطالع المحكمة على العقد المدلى به يتبين بأن األمر يتعلق بعقد عرفي ،...دون
التقيد بالمقتضيات القانونية الواردة بالمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية هو عقد باطل."...
هكذا يكون المشرع قد تابع سيره بخطى ثابتة نحو فرض الرسمية ،وتضييق الخناق على
المحررات العرفية ،حيث ا شترط ضرورة توثيق بعض المعامالت العقارية في المحرر الرسمي
دون المحرر ثابت التاريخ ،1وذلك ألهمية ومميزات المحرر الرسمي وفعاليته في حماية وصيانة
حقوق المتعاقدين ،وكذا ضمان األمن واستقرار المعامالت العقارية.
وعلى سبيل المثال نجد عقد المغارسة الذي نظمه المشرع في الباب الثاني المتعلق بأسباب
كسب الملكية في المواد من 265الى 272من م ح ع ،حيث عرفه في المادة 265من هذه
المدونة على أن " المغارسة عقد يعطي بموجبه مالك أرض ألخر ليغرس فيها على نفقته شجرا
مقابل حصة معلومة من األرض و الشجر يستحقها الغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام".
وهكذا فإن الغارس ال يكتسب حق عينيا على العقار موضوع المغارسة إال بتحقيق اإلطعام ،و نظرا
ألهمية هذه المعاملة و خصوصيتها في كونها ال تقوم على حق عيني محقق بل على حق إحتمالي
لكسب الملكية ،فقد أوجب المشرع في المادة 2268من م ح ع ضرورة توثيق عقد المغارسة في
محرر رسمي ،و غياب الشكلية المذكورة يرتب البطالن على هذا العقد ،بمعنى ال يجوز تحريره
من طرف المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض حيث يقتصر ذلك على الموثق و العدول.
ولعل الغاية من ذلك هو صيانة للحقوق واألموال من الضياع ،وكذا تحقيق االستقرار واألمن
العقاري في معاملة ال تقل أهمية عن باقي المعامالت العقارية. 3
و في نفس السياق نجد المشرع تناول أيضا عقد الرهن الحيازي في القسم الحادي عشر من
قانون اإللتزامات و العقود في الفصول من 1170إلى ،1240ثم خصه بالتنظيم القانوني آيضا
في المواد من 145إلى 164من مدونة الحقوق العينية ،حيث عرفت الفقرة األولى من المادة
145من المدونة المذكورة الرهن الحيازي بكونه " حق عيني يتقرر على ملك يعطيه المدين أو
كفيله العيني إلى الدائن المرتهن لضمان الوفاء بدين و يخول الدائن المرتهن حق حيازة المرهون
و حق حبسه إلى أن يستوفي دينه ".
وهكذا فإن الرهن الحيازي يقوم أساسا على إنتقال حيازة المرهون إلى الدائن أو من يقوم مقامه
بخالف الرهن الرسمي الذي ال يشترط إنتقال الحيازة بل يبقى في حيازة الراهن ألن تقييده بالرسم
العقاري يقوم مقام الحيازة ،لذا نجد المشرع نص في الفقرة األولى من المادة 147من المدونة
أعاله ،على أنه " يشترط لصحة الرهن الحيازي أن يبرم في محرر رسمي وأن يكون
لمدة معينة " ومن ثم فتخلف شرط التوثيق في محرر رسمي يرتب بطالن العقد وعدم صحته حتى
بين األطراف.
وحسن صنع المشرع إذ أن أهمية عقد الرهن الحيازي وخطورته تقتضي تحريره في محرر
رسمي من طرف ذوي اإلختصاص ،وهو ما من شأنه أن يقف حاجزا ومانعا دون ضياع حقوق
األطراف وأموالهم ،وعلى اعتبار أن العقد المذكور قد يرد على العقار ،فإن ذلك يستوجب ضرورة
توثيقه في محرر سليم وواضح يؤكد مدخل الدائن المرتهن على العقار ،حماية للمدين الراهن من
كل ترامي على ملكه.1
و خالصة القول ،فإن رغبة المشرع المغربي في الحصول على وثيقة رسمية سليمة و خالية
من العيوب الشكلية و الموضوعية ،األمر الذي جعله يقر الفئات المؤهلة لتوثيق المحررات الرسمية
وفق مجموعة من الضوابط و األحكام القانونية ،و بهذا يسترجع المحرر الرسمي قوته و عافيته في
مجال التصرفات و المعامالت العقارية حماية لحقوق األطراف و التي كثيرا ما تتعرض للضياع
و النزاع بسبب عقد عرفي ال تحترم فيه شكلية التعاقد و مبدأ سلطان إرادة المتعاقدين في الكثير
من األحيان ،نظرا الفتقاد محرريها شروط و مؤهالت تحرير العقود وفق الشكل القانوني الصحيح.
وهكذا فإن إقرار رسمية التصرفات العقارية في القوانين العقارية الخاصة والتي كرسته مدونة
الحقوق العينية يتماشى مع ما هو مقرر في أغلب األنظمة العقارية المقارنة فضال عما يحققه من
مزايا وإيجابيات.
المطلب الثاني :الضمانات التي يوفرها المحرر الرسمي لتحقيق األمن العقاري.
إن استجماع الوثيقة التي يحررها الموثق العصري أو العدلي للشروط والبيانات المتطلبة قانونا
واحترام الموثقين اللتزامات مهنتهم من شأنه أن يضفي على المحرر الصيغة الرسمية ،وما لذلك
من صون للحقوق وحماية ألموال المتعاقدين من الضياع وكذا التأثير على حجيتها في اإلثبات
والتنفيذ سواء بين األطراف المتعاقدة أو في مواجهة الغير.
لذلك سوف نبين في إطار هذا المطلب الضمانات المتعلقة بالجهة الموثقة (الفقرة األولى) على أن
ننتقل إلى الحديث عن الضمانات المتعلقة بالمحرر نفسه في (الفقرة الثانية ) .
الفقرة األولى :الضمانات المتعلقة بالجهة الموثقة.
نظرا لألهمية الكبرى التي تحظى بها المحررات الرسمية في صيانة حقوق المتعاقدين ،وضع
المشرع جملة من اإللتزامات على عاتق الجهة الموثقة التي يتوجب عليهم القيام بها على أكمل وجه
(أوال) ،تحت طائلة تعريضهم للمساءلة المدنية والجنائية في حالة اإلخالل بها (ثانيا).
أوال :االلتزامات الملقاة على الجهة الموثقة.
يعتبر المحرر الرسمي و بنوده الضمانة األساسية و القانونية للطرفين ،و قد ال تنفع هذه
العبارة شيئا إذا لم يتم التنصيص عن هذه الضمانات في صلب المحرر ،1من طرف فئات مؤهلة
لذلك ،األمر الذي جعل المشرع يفرض شروط خاصة ابتداء من تقنين عملية الولوج إلى مهنة
التوثيق و اشتراط عدد من األركان لصحة الوثيقة المحررة ،من أجل تكوين نخبة ذات كفاءة عالية
قادرة على صياغة محررات رسمية سليمة من الناحية القانونية و خالية من أي نقص ،و الهدف
األساسي من ذلك هو تحقيق اإلستقرار في المعامالت العقارية و كذا حماية أموال المتعاقدين و
صيانة حقوقهم من أيدي العابثين ،و بذلك فمؤسسة التوثيق بشقيها تلعب دورا كبيرا في تحقيق النماء
االجتماعي و االقتصادي.2
وال يتأتى ذلك إال من خالل التزام الموثق والعدول بالضوابط واألحكام القانونية التي تنظم
مهنتهم ،إذ نجد المشرع من خالل مقتضيات القانون رقم 32-09المنظم لمهنة التوثيق والقانون
رقم 16-03المتعلق بخطة العدالة ،قد ألقى على عاتقهم مجموعة من االلتزامات الواجب احترامها
-1د .أحمد بن محمد خرطة ،صياغة العقود الرسمية و الثابتة التاريخ وفق آخر التشريعات المغربية ،م.س ،ص .14
-2عمر أوتيل ،م.س ،ص .98
][24
25
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
واألخذ بها ،رغبة منه في الحفاظ على قيمة المحرر الرسمي من جهة ،وتوفير الحماية الالزمة
للمتعاقدين في المجال العقاري بغية الحصول على ملكية عقارية خالية من كل نزاع من جهة أخرى.
لذلك يتوجب على كل من الموثق والعدول اإللتزام باإلعالم والنصح سواء بصفة مباشرة،1
أو بصفة غير مباشرة ،2والمقصود بهذا المقتضى هو قيام محرري العقود التوثيقية الرسمية أثناء
عملية التعاقد بإطالع الزبون على مضمون العقد وآثاره ،وأن يبين له بوضوح إلتزاماته وحقوقه،
وخاصة المعلومات الضرورية لصحة العقد وتمامه.3
و عالوة على ذلك إن الموثق ملزم بإعالم األطراف بجميع المعلومات التي يعلمها و التي
وصلت إلى علمه تحت طائلة قيام مسؤوليته ،و هو األمر الذي كرسه قرار لمحكمة اإلستئناف
بوجدة ، 4الذي ورد فيه " و حيث أن أثبت من وثائق الملف و خاصة محضر اإلستماع المؤرخ في
18مارس 2011ثبت من خالل تصريحاته أنه يقر بكونه كان يعلم بأن العقار ذي الرسم العقاري
رقم ...مثقل برهون رسمية و قد أخبر المشتري المشتكي بذلك شفويا و مع ذلك أبدى رغبته باقتناء
العقار ...و حيث أنه تبعا لما ذكر فإن الموثق ملزم بإعطاء النصح و البحث عن وضعية العقار و
تمكين المتعامل معه بكل الضمانات التي تحفظ حقوقه و ال تضر بمصالحه و أن ادعاءه بأنه أخبر
المشتري بوضعية العقار و بالتحمالت التي عليه شفويا غير كافي إلبعاد مسؤوليته كموثق عما
صدر عنه من خطأ".
كما يعد مبدأ الحياد و اإلستقالل و الشفافية في التعامل مع المتعاقدين من أخالقيات مهنة
التوثيق ،إذ يتعين على كل من الموثق و العدل أن يكون محايد بحيث ال يغلب مصلحة شخص على
حساب مصلحة شخص آخر ،لذلك نجد المشرع قد منع الموثق من تحرير بعض العقود رغم أنها
تدخل في إختصاصه كأن يتعلق األمر بوجود قرابة أو مصلحة أو مصاهرة ...بينه و بين أحد
أطراف العقد ، 5و هذا ما من شأنه حفظ حقوق األطراف و صيانة أموالهم و كذا ضمان وثيقة
-1نصت الفقرة الثانية من المادة 37من القانون 32-09على أنه " يجب على الموثق إسداء النصح لألطراف ،كما يجب عليهم
أن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم ،وأن يوضح لهم األبعاد واألثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها".
-2تنص المادة 28من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة رقم 2.08.378على أنه " يتعين على العدل إذا نعلق األمر
بشهادات تخضع لواجبات التسجيل :إشعار المتعاقدين بذلك وحثهم على أداء الواجبات لدى الجهة المختصة داخل األجل القانوني،
ما لم يكلف من طرف المتعاقدين بإجراء التسجيل".
-3إيمان السائح ،م.س ،ص .127
-4قرار غرفة المشورة رقم 835صادر بتاريخ 2012/07/18في الملف العقاري عدد 12/293غير منشور.
-5المواد 30و 31من قانون .32-09
][25
26
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
رسمية نزيهة و محايدة ،بل األكثر من ذلك و رغبة من المشرع في حماية مستهلكي خدمة التوثيق
و رفع كل محاباة أو إنحياز ،فقد منعه من مزاولة أي نشاط آخر غير مهنة التوثيق.1
باإلضافة أن إشراف ومراقبة القاضي المكلف بالتوثيق ووزير العدل للعدول ،2أمرا يزيد من
ثقة الزبناء المتعاملين معه ،حيث أن الوثيقة العدلية ال تكتسي الصفة الرسمية إال بعد أن يخاطب
عليها القاضي المذكور ،وهذا ما يجعل مؤسسة العدول تعد إحدى الضمانات القوية للمتعاقدين في
حماية حقوقهم وإحاطتها برعاية شخصية إلى أن تنجز المهمة المنوطة بها ،وهي تحضير وثيقة
عدلية رسمية خالية من أي نقص وسليمة من الخلل.3
وحماية لشرف وهبة مهنة التوثيق نجد المشرع قد ألزم كل من الموثق والعدل بالكتمان المطلق
ألسرار الزبناء وعدم إفشائها بحكم إطالعهما على قضايا الناس وأحوالهم ،ونجد أساس هذا اإللتزام
ب اليمين القانونية التي يؤدونها قبل الشروع في مزاولة مهنتهم حيث جاء في المادة 10من قانون
خطة العدالة على أنه " يؤدي العدل بعد ترسيمه وقبل الشروع في مهامه اليمين التالية:
أقسم باهلل العظيم أن أودي بكل أمانة وإخالص األمانة المنوطة بي ،وأن أحافظ كل المحافظة على
أسرار المتعاقدين ،وأن أسلك في ذلك كله مسلك العدل المخلص األمين" .ونفس المقتضيات أشارت
إليها المادة 24من القانون رقم .32-09
ونظرا لألهمية التي تكتسيها مسألة حفظ الشهادات وصون الوثائق والمستندات ،فقد نصت
مختلف القوانين المغربية المنظمة لمهنة التوثيق على ضرورة تضمين الشهادات في سجالت
وكنانيش مخصصة لهذا الغرض ،وتقديم نسخ منها لألطراف األمر الذي من شأنه الحفاظ على تلك
الوثائق وعدم ضياعها ،كما أنه يولد نوعا من الطمأنينة في نفوس المتعاقدين على أصول عقودهم
ووثائقهم.4
وفي خاتمة هذا التحليل ال يسعنا إلى أن نقر بأن المشرع المغربي أقر التزامات تحمي حقوق
األطراف المتعاقدة ،وتجعل المهنة في منأى من المس بها من قبل أصحابها ،ذلك أن مخالفة الموثق
أو العدل لإللتزامات المذكورة أعاله تترتب عليها مسؤولية قانونية نتيجة إخاللهما بها ،و هو األمر
الذي سنعمل على توضيحه في ما بعد (ثانيا).
ثانيا :المسؤولية المدنية والجنائية للجهة الموثقة.
يقصد بالمسؤولية عند إطالق هذا المصطلح تحمل الشخص لنتائج وعواقب التقصير الصادر
عنه أو عمن يتولى رقابته واإلشراف عليه ،أما بخصوص المعنى الدقيق لمصطلح المسؤولية في
إطار الميدان المدني فهي تعني المؤاخذة عن األخطاء التي تضر بالغير وذلك بإلزام المخطئ بأداء
التعويض للطرف المضرور وفقا للطريقة والحجم الذين يحددهما القانون.1
ومن ثم فإن عدم إلتزام الموثقين عدوال كانوا أو موثقين عصرين باألحكام والضوابط القانونية
التي تنظم مهنتهم وإختصاصاتهم تعرضهم للمسؤولية المدنية والتي تكون الغاية منها تعويض
المضرور عما لحقه من أضرار جراء األخطاء المرتكبة من طرف الموثقين وذلك بهدف جبر
الضرر الذي أصاب الغير.
وال مالحظ أن المشرع لم يخص لمسؤولية العدل والموثق بأي مقتضيات خاصة ،وبذلك تبقى
القواعد العامة للمسؤولية المدنية هي الواجبة التطبيق في هذا المجال استنادا الى مبدأ القاضي بإلزام
كل من ارتكب خطأ سبب للغير ضررا بالتعويض. 2
وعلى هذا األساس فالمسؤولية المدنية تترتب عن اإلخالل بالتزام قانوني ذي طبيعة مدنية ينتج عنه
ضرر بالغير ،3ومن ثم فإن لقيام المسؤولية المدنية للموثق أو العدل ،البد من توفر أركانها المتمثلة
في الخطأ المهني للجهة المحررة وضرر يلحق أحد زبنائها ،وعالقة سببية تجعل الضرر ناتج عن
خطأ الموثق أو العدل.
و من بين الحاالت التي تعرض محرري العقود الرسمية للمسؤولية المدنية ،نجد الحالة التي
يخل فيها العدل أو الموثق بالقيام بكل اإلجراءات القانونية التي من شأنها إضفاء الصبغة الرسمية
على العقود التي يتلقونها؛ كعدم احترام الشكلية المنصوص عليها قانونا سواء في قانون خطة العدالة
أو قانون التوثيق أو مدونة التسجيل و التمبر أو ظهير التحفيظ العقاري ،إذ أن من شأن هذا اإلخالل
-1د.عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزام ،الكتاب الثاني للمسؤولية المدنية ،دار األمان الرباط ،الطبعة الخامسة ،ص .11
-2الفصل 77من قانون االلتزامات والعقود.
-3عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،الجزء األول ،مصادر االلتزام ،منشآة المعارف اإلسكندرية ،2004
ص.84
.
][27
28
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
إبطال العقد ،و من ثم إلحاق الضرر بالمتعاقدين ،1و في هذا الصدد جاء في حكم المحكمة اإلبتدائية
بوجدة " 2و حيث إنه من االلتزامات الملقاة على عاتق الموثق التأكد من الوضعية القانونية للعقار
من حيث سالمته من الرهون و التكاليف و التيقن من كونه غير مثقل بتحمالت أخرى كالضريبة.
وحيث أنه مادام أن الموثقة لم تتأكد من ذلك فإنها مسؤولة عن الضرر الذي لحق بالمدعية وهو ما
يوجب عليها تعويضها استنادا الى الخطأ والضرر والعالقة السببية بينهما".
كما أن من شأن إخالل العدل أو الموثق من تقديم النصح و اإلرشاد لألطراف المتعاقدة و بسط
الحقائق أمامهم لما يجب عمله بشأن موضوع عقودهم من شأن ذلك أن يعرضهم للمساءلة المدنية
و هذا ما أكدته المحكمة اإلبتدائية بمراكش في حكم لها ،3بل األكثر من ذلك حمل المشرع للموثق
من خالل المادة 27من قانون التوثيق ،مسؤولية مطلقة عن كل ما يضمنه في المحررات و العقود
من التصريحات و بيانات يعلم مخالفتها للحقيقة أو كان بإمكانه معرفتها أو العلم بها ،باإلضافة إلى
أنه ال يسوغ للموثق اإلمتناع عن تلقي عقد من زبون بدون سبب مشروع ،و هذا ما أشارت إليه
المادة 29من القانون المذكور التي نصت على أنه " إذا امتنع الموثق عن القيام بواجبه بدون سبب
مشروع تحمل مسؤولية الضرر المترتب عن هذا اإلمتناع".
كما أن العدول ليس لهم الحق عن اإلمتناع عن أداء واجبهم ،و هذا ما يؤكده القرار4عدد 366
الصادر عن محكمة النقض و الذي جاء فيه "ال يجوز للعدلين ال شرعا و ال قانونا ان يمتنعا عن
تلقي إشهاد دعيا له لقواه تعالى » وال يأب الشهداء إذا ما دعوا. « 5
و وعيا من المشرع بأهمية المحررات الرسمية باعتبارها ركنا أساسيا إلنعقاد العقود التي
يكون محلها معامالت عقارية ،و لكونها تشكل ضمانة قوية لما لها من حجية قاطعة ال يمكن الطعن
فيها إال بسلوك دعوى الزور ،فقد أحاطها بعدة ضمانات ،و لعل أهمها الضمان الجنائي الذي من
شأنه غل يد كل من تسول له نفسه اإلعتداء على ثقة و شرف المهنة ،1كما هو الشأن بالنسبة
لجريمة تزوير المحررات الرسمية من قبل الموثق أو العدول و التي تعد من أخطر الجرائم التي
تمس بمصداقية الوثيقة الرسمية ،كأن يقوم بتغيير في جوهرها أو في ظروف تحريرها أو بوضعيه
توقيعات مزورة أو إستبدال أشخاص بأخرين أو شهود بغيرهم ،2إذ أن عبء اإلثبات بعدم ارتكاب
الفعل المجرم يقع على عاتق العدل أو الموثق ،و إال سيكون مهددا بالسجن المؤبد و ذلك طبقا
للمقتضيات الفصل 353من القانون الجنائي.
كما عمل المشرع على تجريم كل عمل يستهدف جلب الزبناء و سمسرتهم ،و أقر عقوبات
زجرية و مالية ،و هذا ما يالحظ من خالل تنصيصه على مجموعة من المواد التي تمنع على
محرري العقود التوثيقية الرسمية بالقيام بأي عمل من شأنه سمسرة الزبناء و جلبهم ،و ذلك تحت
طائلة عقوبة حبسية محددة من شهر إلى ستة أشهر و غرامة مالية من 1000درهم الى 2500
درهم بالنسبة للعدول ،3أو من سنتين إلى أربعة سنوات و بغرامة بين 20000درهم إلى
40000درهم إذا تعلق األمر بالموثق. 4
وهذا ونضيف على أن الموثقين من واجبهم الحفاظ على السر المهني وأسرار المتعاقدين وذلك
طبقا لمقتضيات القانون 32-09والقانون 16-03المتعلق بخطة العدالة.
وإذا كان المشرع قد سكت عن تحديد العقوبة التي يتعرض لها كل من الموثق أو العدول في
حالة أفشى أسرار مهنته ،فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 446من القانون الجنائي ،باعتبار العدول
والموثقين العصرين من األمناء على األسرار ،فإنه ال يجوز لهم إفشائها وإال تعرضوا للعقاب
المقرر قانونا والمحدد في الحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة مالية بين 1200درهم الى
20000درهم.
خالصة القول فإن المشرع قد حاول جديا ترسيخ ضمانات فعلية لتحقيق اإلستقرار في
المعامالت العقارية وذلك من خالل تحميل كل من العدل و الموثق جملة من اإللتزامات و الواجبات
الضرورية منها ما هو أخالقي مرتبط باألشخاص المهنين و منها ما هو قانوني ،الغاية منه منح
الوثيقة المحررة حجية مطلقة و حماية مصالح المتعاقدين من الضياع و صونها من العبث ،و
الحفاظ على الثقة التي تربط محرر العقد التوثيقي بزبنائه.
وهي كلها واجبات وإلتزامات لم يكتفي المشرع بفرضها بل قارنها بتحميل العدل والموثق مسؤولية
مزدوجة عن خرقها األولى مسؤولية مدنية تتأسس على تعويض المتضرر والثانية مسؤولية جنائية
تهدف باألساس الى معاقبة المسؤول وحماية الملكية العقارية.
الفقرة الثانية :الضمانات المتعلقة بالمحرر نفسه.
إن تحرير الوثيقة الرسمية وفق اإلجراءات والضوابط واألحكام القانونية المحددة في القانون
رقم 32-09المنظم لمهنة التوثيق والقانون رقم 16-03المنظم لمهنة العدول ،من شأنها أن يضفي
عليها حجية قاطعة ،على المتعاقدين أو في مواجهة الغير ،وسواء تعلق األمر بإثبات التصرفات
والوقائع التي تضمنها هذه الوثيقة (أوال) أو من حيث تنفيذها (ثانيا).
أوال :حجية المحررات الرسمية في اإلثبات.
يعتبر الدليل الكتابي سيد أدلة اإلثبات في القانون المغربي ،فهو يمتاز عن غيره من األدلة
بإمكان إعداده مند نشوء الحق أي قبل قيام النزاع ،كما أنه يوفر عدة ضمانات لألطراف ،باإلضافة
إلى أن الكتابة ال تكون عرضة للتزوير كما هو الشأن بالنسبة لشهادة الشهود أو غيرها من األدلة،1
لذلك نجد المشرع المغربي قد ألزم األطراف المتعاقدة على توثيق تصرفاتهم العقارية في المحررات
الرسمية نظرا لما تتمتع به هذه األخيرة من حجية في اإلثبات سواء بين أطراف العالقة التعاقدية
أو في مواجهة الغير.
وانطالقا من مقتضيات الفصول 2 418و 3 419و 4420من ق ل ع ،فإنه يجب أن تتوفر
في الوثيقة عدلية كانت أو عصرية على مجموعة من الشروط والبيانات القانونية من جهة ،ومن
جهة ثانية ينبغي على الموثقين احترام ضوابط وأحكام مهنتهم ،وهوما من شأنه أن يضفي على
الوثيقة المحررة من طرفهم الصبغة الرسمية والحجة القاطعة في اإلثبات ،وهو التوجه الذي سارت
عليه محكمة النقض حيث جاء في قرار 1لها بتاريخ 28ماي 1996أن " عقد البيع المحرر من
طرف الموثق يعتبر حجة رسمية ال يطعن فيها طبقا لمقتضيات الفصلين 418و 419من ق ل ع
إال بالزور".
وما يجب اإلشارة إليه أن الحجية ال تسري على كل البيانات والوقائع التي تتضمنها الوثيقة
الرسمية ،فهناك من البيانات التي تكون دليال قاطعا ال يمكن دحض صحتها إال بسلوك دعوى
الزور ،و أخرى يمكن إثبات عكسها بجميع وسائل اإلثبات العادية ،فأما األولى فتشمل جميع البيانات
والشكليات التي تعتبر من ضوابط الوثيقة والوقائع التي تتم بمحضر الموثق والعدل وتدخل في إطار
اختصاصهما ،وعلة إضفاء الصفة الرسمية والحجية القاطعة على هذا النوع من البيانات يكمن في
الثقة المفترضة في كل منهم والتي تكفلها الشروط والمعايير المطلوبة عند توظيفهما ،واآلثار
الخطيرة التي يتحمالنها عند قيامهما بأي تزوير في الوثيقة الصادرة عنهما.2
ويعتبر تاريخ الوثيقة ومكان توثيق المحرر وأسماء المتعاقدين ،من بين البيانات التي تتصف
ب الرسمية لكونها تتم تحت مسؤولية الموثقين ،لذلك ال يسمح ألين كان أن يمس بهذه الثقة إال أن
يدعي أن المحرر من أصله مزور على لسان الموثق عدال كان أو موثقا عصريا.
وتكتسب البيانات المذكورة أعاله الصفة الرسمية بمجرد توقيع الموثق على المحرر مباشرة
بعد آخر توقيع ألطراف العقد ،في حين أن الوثيقة العدلية ال تكتسي الصفة الرسمية إال من اللحظة
التي يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق عليها ،كما أن محاكم الموضوع لها سلطة تقديرية في مراقبة
صحة المحررات العدلية خاصة توفرها على الشروط القانونية من حيث الشكل والمضمون أو من
حيث أ شخاصها من عدول ومتعاقدين أو مشهود عليهم...وتقدير قيمتها اإلثباتية بحسب الحاالت.3
وإذا كان التاريخ المتضمن في الوثيقة العصرية ال يثير أي إشكال ،نظرا لكونها تحتوي على
تاريخ واحد فإن اإلشكال يبقى مطروحا حول التاريخ الذي ينبغي األخذ به بالنسبة للوثيقة العدلية
لكونها تتضمن ثالث تواريخ؛ فهناك تاريخ التلقي وتاريخ التحرير وتاريخ التضمين بسجل األمالك
لدى قاضي المكلف بالتوثيق.
-1قرار عدد ،3434ملف مدني عدد 92-2409مجلة قضاء المجلس األعلى ،عدد ،52ص .60
-2إيمان السائح ،م.س ،ص .278
-3محمد زعاج ،آثار تعدد التشريعات واألنظمة العقارية والتوثيقية على السياسة العقارية بالمغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،سنة ،2016/2015ص .142
][31
32
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
أو الموثق أن أصحاب الشأن أقارب أو أن أحدهم يبلغ كذا من العمر ،فإنها تكون من باب اللغو
الذي ال يعتد به ،ومن ثم ال تكون لها أي حجية.1
وعالوة على كل ما سبق ،فإن عدم تقيد الموثق أو العدل بالبيانات واإلجراءات المنصوص
عليها قانونا من شأنه أن يجعل من المحرر التوثيقي عقدا باطال وغير مكتسب للحجية المقررة في
الفصلين 418و 419من ق ل ع.
وإذا كان المحرر الرسمي يكتسب حجية قاطعة سواء بين الطرفين أو في مواجهة الغير ،نجد
الم شرع المغربي كان حريصا على النسخ ونظائر األصول والعقود التي يحررها هؤالء كحرصه
على الوثيقة األم ،وانطالقا من الفصل 440و 441و 442من ق ل ع وكذا القانون رقم 49-00
المتعلق بمهنة النساخة ،فإن النسخ التي يتم تحريرها وفق الشروط المحددة والتي يشهد على مطابقتها
لألصل ،تعتبر محررات رسمية لها من الحجية ما للمحرر الرسمي األصلي وينطبق عليها ما ينطبق
على هذا األخير.
ثانيا :حجية المحررات الرسمية في التنفيذ.
إذا كانت بعض التشريعات المقارنة ،كالتشريع الفرنسي والمصري قد أعطت للمحررات
الرسمية الصيغة التنفيذية ،بمعنى تخول لحاملها اللجوء مباشرة إلى مصلحة التنفيذ الستفاء حقوقه
دون حاجة الستصدار حكم قضائي بذلك ،حيث نجد المشرع الفرنسي فوض أمر تسليم الصور
التنفيذية للموثق ،وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه المشرع المصري ،في قانونه المدني إذ نجده
ينص في المادة 2من قانون التوثيق المصري على ما يلي " إن مكاتب التوثيق تقوم بما يلي :وضع
الصيغة التنفيذية على صور المحررات الرسمية الواجبة التنفيذ".
وأكدت هذه التشريعات طرحها بنصوص قانونية في قوانينها المسطرية ،ويتجلى ذلك في الفصل
502من قانون المسطرة المدنية الفرنسي الجديد ،وكذلك في الفصل 280من قانون المرافعات
المصرية.2
-1عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،الجزء الثاني ،نظرية االلتزام بوجه عام ،االثبات ،آثار االلتزام ،دار
إحداث التراث العربي ،بيروت لبنان (دون ذكر تاريخ الطبع).
-2صفاء كريم ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية ،بحث لنيل شهادة االجازة في القانون الخاص،
جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ظهر المهراز فاس ،السنة الجامعية ،2016/2015
ص .25
][33
34
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
فإن المشرع المغربي وبخالف التشريعات السابقة لم يأخذ بفكرة المحررات التنفيذية سواء في
القانون 32-09أو قانون 16-03أو في قانون المسطرة المدنية ،إذ ال بد ألصحاب المحررات
الرسمية من اللجوء إلى القضاء إلستصدار حكم قضائي بتنفيذ العقد ،إال أنه ورغم ذلك فإن السندات
الرسمية ال تخلو من امتيازات ،حيث راعى المشرع مصلحة األفراد الذين تكون بحوزتهم حجة
قوية تثبت حقوقهم ،خاصة ما يتعلق بالتنفيذ المعجل ،فقد نص الفصل 147من ق م م في فقرته
األولى على أنه " يجب أن يؤمر بالتنفيذ المعجل رغم كل تعرض أو استئناف دون كفالة إذا كان
هناك سند رسمي أو تعهد معترف به أو حكم سابق غير مستأنف"
1
كما أن حامل الورقة الرسمية يكون من حقه إستصدار أمر باألداء أمام رئيس المحكمة اإلبتدائية
،وكذا أمام رئيس المحكمة التجارية.2
ولعل الغاية من عدم إضفاء الصيغة التنفيذية على المحررات الرسمية من شأنه تحقيق التوازن
بين مصلحتين متعارضتين ،فمن جهة نتحدث عن ضمان مصلحة الدائن باقتضاء حقه على وجه
السرعة ،ومن جهة أخرى نتحدث عن حق المدين في عدم ممارسة إجراءات التنفيذ على أمواله إال
من طرف من تقرر لمصلحته دين في ذمته.3
وخالصة القول إن التوثيق الرسمي يحقق فائدة لالئتمان العقاري وكذلك حفظ وصيانة حقوق
المتعاقدين ،ألنه يضمن إلى حد كبير مراعاة الشروط الالزمة لصحة التصرفات العقارية ونفاذها
سواء من حيث الشكل أو الموضوع ،وهو ما يكون له آثار على حجية المعامالت العقارية
واستقرارها ،كما يساهم في التقليل من المنازعات والمشاكل التي تثقل القضاء بسبب العقود العرفية.
المبحث الثاني:
في
المعامالت العقارية.
][35
36
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
لقد أبان المشرع المغربي عن نية جادة في التوجه نحو تعميم مبدأ رسمية العقود العقارية،
وذلك من خالل صدوره للقوانين العقارية الخاصة ومدونة الحقوق العينية للحد من المنازعات
الكثيرة المثارة بشأن العقار ،كما ال ينكر أحد أن الوعاء العقاري بالمغرب يشكل حجر األساس على
الصعيد االقتصادي واالجتماعي ،وركيزة ذات أولوية لكل مشروع تنموي ،بل ويعد العمود الفقري
لكل عمل من أعمال التهيئة الهادفة إلى التعجيل بوثيرة المشاريع اإلستثمارية.
إلى أن الكل يجمع آيضا على جملة من اإلشكاالت القانونية والعملية التي تشكل حجرة عثرة
أمام آية قفزة نوعية للنهوض بالمجال العقاري ،وذلك راجع إلى التعارض والغموض الذي يتخلل
بعض المقتضيات القانونية التوثيقية ،هذا باإلضافة إلى اإلشكال الذي أصبح يفرض نفسه بإلحاح
قوي والمتمثل في مدى إمكانية إبرام التصرفات العقارية بالوسائل اإللكترونية ومسايرة التطور
التكنولوجي والتقنيات الحديثة التي فرضتها ثورة المعلومات في الوقت الراهن.
أما من الناحية العملية فإن المشرع المغربي لم يتنبأ لآلثار السلبية التي يمكن أن تنتج أثناء
تطبيق هذه المقتضيات الجديدة ،األمر الذي يفسح المجال أمام ذوي النيات السيئة لتزوير المحررات
الرسمية والتالعب فيها ،قصد السطو على ممتلكات وحقوق األخرين ،كما أن المشرع لم يراعي
الظروف االقتصادية واالجتماعية للمتعاقدين ،حيث أن ارتفاع التكاليف المتطلبة إلنجاز المحرر
الرسمية يقف عائق أمام توثيق تصرفاتهم في مثل هذه العقود ،خصوصا الفئات الفقيرة التي يجذبها
رخاء وسهولة المحررات العرفية رغم ضعف الضمانات التي توفرها هذه األخيرة.
وبناء على ما سبق سنقسم هذا البحث إلى مطلبين:
][36
37
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
-1تنص المادة 27من خطة العدالة على أنه" يتلقى الشهادة في آن واحد عدالن منتصبان لإلشهاد"......
][37
38
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
المماطلة بل تستوجب السرعة واإلتقان كما هو حال العقود المتعلقة بالمعامالت العقارية ،لما تقوم
به من أدوار في تحقيق النمو االقتصادي والنهوض بالمشاريع اإلستثمارية العقارية الضخمة.1
باإلضافة إلى ذلك فإن الوثيقة العصرية تكتسب الصفة الرسمية بمجرد وضع التوقيع عليها
من طرف الموثق ،في المقابل فإن الوثيقة العدلية وحتى تكتسب الصفة الرسمية اشترط المشرع
ضرورة مخاطبة القاضي المكلف بالتوثيق عليها ،2لكن من خالل قراءة المادة 33من القانون رقم
16-03نجد أنها تفرض على العدلين شكليات معينة لتحرير الشهادة ،بحيث تكتب تحت مسؤوليتهم
في وثيقة واحدة دون انقطاع أو بياض أو بتر أو إصالح أو إقحام أو إلحاق أو تشطيب أو استعمال
حرف إضراب ،على أن تذيل الوثيقة لتوقيع العدلين بإسميهما مع التنصيص دائما على تاريخ
التحرير ،ومن هنا يمكن القول أفال يكفي هذا كله العتبارها وثيقة رسمية دون الحاجة لمخاطبة
القاضي المكلف بالتوثيق عليها.3
كما أنه ومن خالل الوقوف على مقتضيات المادة 417من قانون 16-03والمادة 547من
قانون 32-09يتبين على أن محور التعارض بينهما يستهدف األصل واإلستثناء المنصبين على
القاعدة ،وفي الوقت الذي يجعل القانون 16-03من قيام أطراف العقد بمجموعة من اإلجراءات
المتطلبة قانونا حتى يعتبر التصرف صحيحا وتاما وهو األصل ،ويمنح العدول صالحية القيام بتلك
اإلجراءات فقط إستثناءا ،فإن في مقابل ذلك في قانون ،32-09يوحي بخالف ذلك عندما يستأنف
المشرع في المادة 47بصيغة الوجوب حين أوكل هذه المهمة في األصل للموثق ،ومنح إستثناءا
لألطراف صالحية إعفائهم من اإلجراءات ،ليرتب مباشرة بعد ذلك مسؤولية هؤالء وفق ضمانات
6
توضح كون اإلستثناء ال يبني القاعدة.
ومن اإلشكاالت أيضا نجد أن العدول موكول لهم تحرير العقود المتعلقة بالتصرفات العقارية
سواء كانت عقارات محفظة أو غير محفظة أو في طور التحفيظ ،وهذا ما يدعنا للتساؤل كيف
يتأتى للعدول القيام بتحرير عقد عقار غير محفظ والذي يلف وضعيته المادية والقانونية غموض
ولبس وانعدام ثبات ،في الوقت الذي سيكون هذا العدل مسؤوال عن مضمون هذا العقد؟.
لذلك فإن المشرع المغربي عندما أسند مهمة تحرير العقود العقارية ،لم ينتبه إلى مجموعة من
األسباب الواقعية التي لن تجعل الموثق العدل يساير هذا المستجد ،من بينها عدم مواكبته للعديد من
المستجدات القانونية في مجال المعامالت العقارية ،إضافة إلى افتقار محرري الرسوم العدلية إلى
الدقة والتحديد واعتمادهم على التصريحات والشهود واألعراف أكثر من اعتمادهم على الوسائل
التقنية الحديثة ،خاصة فيما يتعلق بتحديد موقع ومساحة األمالك العقارية.1
وعلى خالف قانون التوثيق الذي منع الموثق من تحرير كل عقد قد يكون له مصلحة مباشرة
فيه أو ألحد أقاربه أو أصهاره -كما رأينا ذلك سابقا -فإن قانون خطة العدالة لم يشر إلى مثل هذه
المقتضيات ،مما يوحي بأنه يمكن للعدل قانونا توثيق جميع التصرفات العقارية حتى لو كانت له
مصلحة فيها سواء لشخصه أو ألحد أقاربه أو أصهاره ،2لذلك كان من األجدر على المشرع منعهم
من القيام بهذا التصرف ترسيخا لمبدأ الحياد.
كما يعاب على المشرع في التنظيم القانوني لمسؤولية العدول والموثقين هو التمييز بينهما من
ناحية طبيعة العقوبات ،إذ أنه مزال متشبتا وماضيا في التفرقة بينهما ،ولعل الجزاء المترتب عن
جريمة سمسرة الزبناء وجلبهم ألكبر دليل على هذا األمر ،ذلك أن العقوبات المقررة عند ارتكاب
الموثق العصري للجريمة تتضاعف عند الحالة التي يكون مرتكبها عدال.
ثانيا :اإلشكاليات التي يطرحها المحرر ثابت التاريخ.
إذا كان المشرع قد أكد في المادة الرابعة من م ح ع ،على أن جميع التصرفات المتعلقة بنقل
الملكية أو إنشاء الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكاالت الخاصة يجب
أن تحرر –تحت طائلة البطالن-بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ من طرف محام
مقبول للترافع أمام محكمة النقض ،مالم ينص قانون خاص على خالف ذلك ،فإنه إلى جانب ذلك
-1لعبيد محمد ياسين ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية ،بحث لنيل دبلوم الماستر في الشريعة
والقانون ،جامعة القرويين كلية الشريعة فاس-سايس ،سنة 1434ه2013/م ،ص.84
-2إيمان السائح ،م.س ،ص .131
][39
40
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
لم يحدد معنى للمحرر ثابت التاريخ ،كما أنه لم يبين طبيعته هل يعتبر محرر رسمي أو محرر
عرفي.
مما ترتب عنه خالف فقهي ،فهناك من يرى 1على أنه واستنادا إلى اشتراط المشرع لمجموعة
من الشروط كي يكون المحرر الذي يحرره المحامي صحيحا وسليما دليل على أن العقود المحررة
من طرفه تدخل في خانة المحررات الرسمية التي لها القوة الثبوتية مثلها مثل أي محرر صادر
عن موثق عصري أو موثق عدلي.
وخالفا لهذا الموقف هناك من يرى 2على أن المشرع يقصد به المحرر العرفي لكن مع بعض
الخصوصيات التي يتم إضفائها كضرورة كتابة العقد من قبل مهني مأذون له بكتابة المحررات
بحكم مهنته واستلزم توقيعه والتأشير على جميع صفحاته ،حيث أن المسألة تفرغ هذا العقد من
الخصوصيات التي يتميز بها فضال على أنه يدنو به نحو الورقة العرفية ،وفي نفس التوجه يذهب
األستاذ محمد بونبات ،3إلى اعتبار المحرر الثابت التاريخ المنصوص عليه في القوانين الخاصة
محررا عرفيا قابل للمنازعات مثله مثل باقي العقود العرفية.
ويضيف بعضهم أن الفصل 418من ق ل ع حدد الورقة الرسمية في تلك التي يتلقاها
الموظفون العموميون المؤهلون لذلك ،وهى صفة ال يدخل في إطارها المحامي على اعتباره مزاول
لمهنة حرة مستقلة عن مؤسسات الدولة الرسمية ،حيث تظل العقود التي يقوم بتحريرها
بعيدة عن هذه الصفة ،وما تنصيص المشرع على مجموعة من الشروط لقبول المحرر الذي يتكلف
بكتابته المحامي إال زيادة في الحماية ألطراف العالقة التعاقدية ال بغرض إضفاء الرسمية عليها،4
إذ أن مهام المحامي األصلية هي الدفاع والترافع أمام المحاكم نيابة عن موكليهم ،لذلك ال يقوم
بتحرير العقود إال نادرا ،وهذا راجع لعدم إلمامه بتقنيات التحرير.
-1محمد الهاشمي التسولي ،المحامي وتحرير العقود ،المطبعة والوراقة الوطنية ،الطبعة األولى ،2006 ،ص 66ومابعده،
بتصرف.
-2عبد الكريم الطالب ،توثيق اإليجار المفضي إلى تملك العقار ،ندوة توثيق التصرفات العقارية ،منشورات كلية العلوم القانونية
واالجتماعية ومركز الدراسات القانونية والمدنية والعقارية ،كلية الحقوق مراكش ،يومي 12-11فبراير ،العدد ،23الطبعة
الثانية ،2005 ،ص .156
-3محمد بن أحمد بونبات ،بيع العقار بين حرية إختيار المحرر إلى تقييد هذا اإلختيار ،ندوة توثيق التصرفات العقارية ،منشورات
كلية العلوم القانونية واالجتماعية ومركز الدراسات القانونية والمدنية والعقارية ،كلية الحقوق ،مراكش يومي 12-11فبراير ،العدد
،23الطبعة الثانية ،2005 ،ص .111
-4لعبيد محمد ياسبن ،م.س ،ص .71
][40
41
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
كما أنه ومن خالل إستقراء النصوص القانونية التي أعطت للمحامي الحق في إبرام التصرفات
العقارية فقد حصرت عمله في الكتابة والتحرير دون اإلشهاد على األطراف ،وبالتالي عدم تحمله
آية مسؤولية في حالة الخلل والتقصير الذي يظهر على مضامين العقد والتي بسببها تتعرض حقوق
األطراف للضياع والنزاع وتأثير كل ذلك على استقرار المعامالت العقارية.1
وعلى عكس المشرع المغربي فإن المشرع التونسي يرى على أن مسؤولية المحامي مسؤولية
عقدية اتجاه أطراف العقد وتقصيرية اتجاه الغير الذي تضررت مصالحه جراء العقد وكذا مسؤولية
مهنية كلما خالف أحكام الفصل 39من قانون المحاماة التونسي والمتعلقة بإفشاء السر المهني.2
وإذا كان المشرع حريصا على اإلحتفاظ بالمحامي كمحرر للعقود المنصبة على العقار ،فلماذا
لم يسع للرقي بمحرره إلى مستوى المحرر الرسمي ويجعله ضمن المعنيين في الفصل 418من
ق ل ع؟ وبالتالي نكون أمام نظام واحد للتعاقد ،وهو رسمية العقود في المعامالت العقارية والذي
ال شك أن له آثارإيجابية على مستقبل األمن العقاري ببالدنا.
كما يبادر إلى الذهن إشكاال حول علة إستثناء المشرع المحامين العاديين من تحرير العقود،
علما أنهم مساعدو القضاء وذوو كفاءة قانونية وعلمية ال تقل عن المحامين المقبولين للترافع أمام
محكمة النقض ،3لذلك فإن التفرقة التي نصت عليها المادة الرابعة من م ح ع ،ال تقوم على أي
أساس منطقي ،وبالتالي ما كان على المشرع أن ينص على صنف المحامين المقبولين للترافع أمام
محكمة النقض ،وإنما كان عليه أن يفسح المجال لجميع المحامين ،وذلك تجنبا للتعارض بين
النصوص القانونية.4
إذ بالرجوع إلى القانون 28-08المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة نجد المادة 30
منه تنص على مهام المحامين والتي من بينها تحرير العقود ،لكن هذه المادة لم تفصل المحامين
المقبولين للترافع أمام محكمة النقض على غيرهم من المحامين األخرين.
-1سمية الشيخ علي ،إشكالية التوفيق بين إستقرار المعامالت وحماية الملكية العقارية ،بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،ماستر العقار والتنمية ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية الحقوق طنجة ،السنة الجامعية ،2013-2012ص .26
-2محمد الحبيب مقداد ،مسؤولية المحامي في إبرام العقود ،ص ،2-1منشور بالموقع اإللكتروني .www.chakitabib.inf
تاريخ الولوج 20مارس .2018
-3يقصد بالمحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض كل محامي مسجل بجدول هيئات المحامين لفترة ال تقل عن 15سنة.
-4لعبيد محمد ياسين ،م.س ،ص .69
][41
42
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
أضف إلى ذلك أن المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية لم تقتصر في إقصائها المحامين العاديين
بل شملت كذلك شريحة وكالء األعمال 1والكتاب العموميين أيضا الذين ما فتئت عدة أصوات تنادي
بمنعهم من تحرير العقود بعلة أنهم أساس المشاكل والنزاعات.
وهذا التوجه وإن كان مبررا وله نصيبه من الصحة في أحد جوانبه لكنه ينطوي على كثير
من التجني على هذه الفئة التي ال يمكن في جميع األحوال تحميلها كامل المسؤولية وال يمكن آيضا
نفي إيجابياتها وارتباطها بالفئات البسيطة والفقيرة لذلك كان يجب على المشرع أن يفتح نوافده من
أجل إعادة تأهيل هذه الفئة وتكوينها التكوين الالزم لتحرير مثل هذه العقود بدال من حرمانها من
موارد عيشها وعيش أسرتها ،2بحيث أن سلوكه نحو تنظيم هذه الفئة سيؤدي ال محال إلى الرفع
من قيمة المحررات الصادرة عنها.
خالصة القول تعد القواعد القانونية كاألدوية ،يجب عدم اإلكثار منها حتى ال تؤدي إال
التعارض بين أحكامها ،وأال يتم استعمالها إال بعد تشخيص دقيق للواقع المراد معالجته ،حيث أن
الصياغة العامة التي جاءت بها القوانين التي تخص المهنيين المؤهلون لتحرير العقود قد فتحت
المجال أمام الصراع بين الفئات المكلفة بالتحرير ،األمر الذي جعل المشرع يقوم بتحديد الفئة
التي لها صالحية التوثيق في كل من الموثقين العصريين والعدول والمحامي المقبول للترافع أمام
محكمة النقص وإقصاء باقي الفئات األخرى.
إذ كان من األجدر عليه تأهيلهم وتأطيرهم ووضع بعض الشروط التي تسمح بإدماجهم في مجال
العمل ،بدال من إقصائهم وحرمانهم من قوت يومهم ،نظرا لكون مجال تحرير العقود يشكل مجاال
خصبا لتشغيل حاملي الشهادات وبالتالي حل جزء من أزمة بطالة خريجي كليات الحقوق.
الفقرة الثانية :غياب مواكبة قوانين التوثيق للتطور التكنولوجي.
إن التشريع المغربي وعلى غرار باقي التشريعات المقارنة ،عرف هو األخر تطورات التي
عرفتها نظم اإلثبات ،في ظل ثورة المعلومات والتقنيات الحديثة ،حيث أصبح يتم إبرام العقود كذلك
عن طريق وسائل اإلتصال الحديثة ،األمر الذي أدي إلى إنتشار ما يسمى بالعقود اإللكترونية ،وهذا
-1يعتبر الفصل األول من ظهير 12يناير 1945على أن وكيل األعمال هو كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس بطريقة
إعتيادية مهمة من المهن المنصوص عليها في هذا القانون ،والذي يعتبر بمثابة إطار عام لجميع المهن غير منظمة.
-2محمد الخضراوي ،إشكاليات توثيق التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية قراءة في قانون ،44-00ندوة المنازعات العقارية،
منشورات كلية الحقوق بمراكش ومركز الدراسات القانونية والمهنية والعقارية ،يومي 12-11فبراير ،الطبعة الثانية،2005 ،
ص .150
][42
43
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
ما يدفعنا إلى التساؤل حول مفهوم المحررات اإللكترونية(أوال) ،وما تطرحه من إشكاالت قانونية
متعددة(ثانيا).
أوال :مفهوم المحررات اإللكترونية.
إذا كان المشرع المصري قد عرف المحرر اإللكتروني من خالل المادة األولى 1من قانون
تنظيم التوقيع اإللكتروني بقوله" رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترسل
أو تستقبل كليا أو جزئيا بوسيلة إلكترونية أو ضوئية أو بأي وسيلة أخرى مشابهة".
فإن المشرع المغربي لم يعطي تعريفا دقيقا للمحرر اإللكتروني وال للوثيقة اإللكترونية ،وإنما ترك
المجال مفتوحا أمام الفقه إلعطاء تعريف لهذا النوع من العقود ،حيث عرفه األستاذ نور الدين
الناصري على أنه ذلك العقد المبرم بين طرفين غائبين من حيث المكان حيث يتطابق فيه اإليجاب
و القبول عن طريق إستخدام وسائل تقنية حديثة تعمل آليا وتلقائيا بمجرد إصدار أوامر التشغيل
إليها.2
ومن خالل إستقراء الفصلين 417-1و 417-2من ق ل ع يتضح جليا على أن المحرر
اإللكتروني يكون بمثابة محرر عرفي إذا توفرت فيه العناصر التالية:
أن تحمل الوثيقة العرفية اإللكترونية توقيع الشخص الذي صدرت عنه.
أن تكون الوثيقة العرفية اإللكترونية معدة ومحفوظة ضمن شروط تضمن تماميتها.
أن تحمل الوثيقة العرفية اإللكترونية تاريخا ثابتا عن التوقيع اإللكتروني المؤمن.
في حين يكتسب المحرر اإللكتروني صفة الرسمية إذا وضع التوقيع المذكور عليه أمام موظف
عمومي له صالحية التوثيق.3
وفيما يتعلق بمجال إعمال المحررات اإللكترونية فإنه وبالرجوع إلى مقتضيات القانون المنظم
للعقد اإللكتروني رقم ،453-05فإننا نجده يستثني بعض التصرفات التي ال يجوز إبرامها في هذا
النوع من المحررات؛ على سبيل المثال المعامالت واألمور التي تتعلق باألحوال الشخصية كالزواج
والطالق والوصية وأي محرر يتطلب القانون إجراءه أمام العدول....
ولعل غاية المشرع المغربي من إقرار هذا اإلستثناء يتجلى في حماية الطرف الضعيف في العقد
ال سيما عندما يكون هذا الطرف شخصا ال إلمام له بتقنيات اإلتصال والتعاقد اإللكتروني.
ونظرا لما يتميز به العقد اإللكتروني من خصائص منها الغياب المادي للمتعاقدين أثناء تبادل
التعبير عن إرادتهم ،حيث يتم التعبير عن اإليجاب والقبول فيه من خالل وسائل اإلتصال عن بعد،
وأنه وبالنظر للوسيلة التي يتم التعاقد بها ،يمكن اعتباره من زمرة عقود اإلذعان ،1وكما هو معلوم
في عقود اإلذعان فإن الطرف القوي يفرض شروطه على الطرف الضعيف وال يكون أمام هذا
األخير سوى قبولها أو عدم قبولها ،فمثال أن البائع هو الذي يحدد مسبقا الشروط العامة للبيع بموقع
البيع وال يكون أمام المشتري سوى قبولها أو رفضها.
وحتى يستمد المحرر اإللكتروني قوته الثبوتية والحجة القاطعة البد له من أن يستوفي مجموعة
من الشروط ،ولعل أهمها شرط الكتابة التي تتم عن طريق النشر عبر شبكة األنترنيت ،من خالل
معالجة المعلومات معالجة رقمية ،حيث يتم تحوي لها إلى أرقام وبالتالي تخزن في جهاز الحاسوب
وتكون مرتبة بشكل يفهمه هذا األخير ،فيقوم بترجمتها إلى حروف وكلمات ،كما يجب أن تكون
هذه الكتابة مقروءة أي يكون المحرر مدونا بحروف أو رموز معروفة ومفهومة لدى أطراف العقد،
وليس بالضرور ة أن تتم قراءة المحرر من طرف اإلنسان مباشرة وإنما يمكن أن تتم القراءة بطريقة
غير مباشرة باستعمال اآللة ،2أي بإيصال المعلومات في الحاسب اآللى الذي يجري تغذيته ببرامج
لها القدرة على ترجمة لغة اآللة إلى اللغة المقروءة لإلنسان.3
باإلضافة إلى ضرورة اإلستمرارية في كتابة المحرر اإللكتروني ،وحتى يكون ذلك البد من
التدوين على وسيط يسمح بثبات الكتابة عليه وديمومتها ،مع إمكانية الرجوع إليه عند الحاجة ،وعدم
قابلية هذا التدوين للتعديل أو التحريف بمعنى أن يكون المحرر قادرا على مقاومة أي محاولة
إلجراء أي تعديل أو تحريف في مضمونه ،أو التالعب في البيانات التي من شأنها التأثير على
المراكز القانونية ألصحاب الحقوق المتنازع فيها ،وتفاديا لذلك يجب تخزينها كما هي وبما تحتويه
من نصوص وتوقيعات آليا في الحاسوب ،وحفظها إما في الشريط المغناطيسي ،أو داخل األقراص
المرنة أو بداخل األقراص الصلبة ،زيادة على ذلك ومن خالل مقتضيات القانون رقم 53-05
المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية فإنه من الضروري المصادقة على المحرر
اإللكتروني من قبل السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة اإللكترونية.1
وهذه هي جل الشروط الواجب توافرها في المحرر اإللكتروني وذلك إلضفاء الحجية على
هذا المحرر ،إال أنه وبالرغم من تنظيم المشرع المغربي للعقود اإللكترونية فما زالت تتخللها
مجموعة من اإلشكاالت القانونية ،وهذا ما سوف نعمل على توضيحه فيما بعد(ثانيا).
ثانيا :اإلشكاالت المتعلقة بالمحررات اإللكترونية.
إن اإلغراق في الرسمية وفي المبادئ التقليدية للتوثيق من شأنه الحرمان من نتائج ومميزات
ثورة اإلتصال الحديثة والمحررات اإللكترونية و التوقيع اإللكتروني ،على خالف القوانين المدنية
الجديدة في التشريعات 2المقارنة التي حاولت تعديل نصوصها بما يتالئم مع المعطيات الجديدة
للسرعة و اختصار الوقت و المسافات و التكاليف مع ضمان في نفس الوقت الثقة و الشفافية.
حيث أن البنية االقتصادية المغربية أصبحت تعتمد في جزء كبير منها على تحويالت الجالية
الموجودة بالخارج و التي اتجهت في السنوات األخيرة الى اإلستثمار في العقار لما لذلك من دالالت
مالية و اجتماعية و ثقافية لكن األمر ال يكون دائما إيجابيا ،فساحات المحاكم ال تخلو من قضايا
كان ضحيتها أحد أفراد الجالية الذين يفوضون عادة أحد أقاربهم لتدبير شؤونهم المالية و العقارية
ليفاجؤوا بعد ذلك بعملية نصب واحتيال و من ثم يكون من األفضل لهم مباشرة تعاقداتهم بصفة
3
شخصية ولوعن بعد من خالل استعمال األنترنيت و الفاكس و غيرها من األدوات التقنية الحديثة
التي تسهل عملية التعاقد و تربط بين األطراف على الرغم من المسافات التي تفصل بينهما في
وقت وجيز و بدون تكاليف مرهقة للطرفين.
إال أن المحررات اإللكترونية آثارت عدة إشكاالت حول اعتراف المشرع المغربي بحجيتها
للتعبير عن اإليجاب والقبول و بناء أركان التعاقد ،إذ أنه و بالوقوف على المقتضيات الخاصة
بالتوثيق بشقيه العدلي و العصري يتضح أن المشرع مزال متمسكا بالمفاهيم التقليدية للتعاقد و التي
يأتي في مقدمتها "مفهوم مجلس العقد " ،خصوصا عندما يتعلق األمر بالضمانات الشخصية و
العينية في الميدانين المدني و التجاري و التي بدورها ال يمكن إبرامها في محررات إلكترونية،
الشيء الذي يستوجب حضور األطراف في مجلس العقد ،فالمعامالت التي ينصب مضمونها على
بيع أو شراء لألموال غير المنقولة؛ و هي العقارات سواء بطبيعتها أو بالتخصيص تتضمن قيمة
مالية ،و تداولها يكون بقبضها باليد و ليس بالطريقة اإللكترونية ،لذا إن التصرف فيها يخرج من
نطاق التعامل اإللكتروني ،و هذا ما يستفاد من المادة 42من قانون رقم
53-05حيث نصت على أنه " استبعاد الحقوق العينية مؤقتا الى حين صدور مقتضيات تطبيقية".
إال أن تلك اإلستثناءات ال مبرر لها ،إذ أن الشكلية اإللكترونية أمر أقرته غالبية التشريعات
الحديثة بشأن العقود والمعامالت اإللكترونية ،ومن ثم فإن إبرامها ال يقتصر على نوع معين من
العقود ،بل إبرام كافة أنواع العقود إلكترونيا ولو كانت عقودا شكلية.1
خصوصا إذا علمنا أن السرعة هي الصفة التي تالزم المعامالت العقارية ،وهذا األمر لن يتأتى
إال باإلعتماد على المحررات اإللكترونية بدل المسطرة المعقدة التي تمر بها المحررات التقليدية
الصادرة عن العدول أو الموثقين العصريين.
و إذا كان هدف المشرع المغربي في هذا اإلستثناء هو حماية للطرف الضعيف الذي ال إلمام
له بتقنيات اإلتصال و التعاقد اإللكتروني مستحضرا في ذلك أمية المجتمع المغربي ،إال أن هذه
الحماية مبالغ فيها ،إذ كيف للمشرع أن يستثني الضمانات الشخصية و العينية في الميدانين المدني
و التجاري و هو يسعى إلى تطبيق القانون رقم 53-05على الحقوق العينية ذاتها.2
و رغبة منا في إعطاء أمثلة أخرى توضح عدم مواكبة قوانين التوثيق للتقنيات الحديثة التي
تقوم عليها المعامالت في الوقت الراهن ،نجد اإلشكال المتعلق بمسألة التوقيع من طرف المحرر،
-1العاللي شرف ،دفالي نور الدين ،الشويخ خالد ،إثبات العقد اإللكتروني ،بحث لنيل شهادة اإلجازة في القانون الخاص ،جامعة
القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،سنة ،2015/2014ص .39
-2محمد محروك ،خصوصيات التوقيع اإللكتروني وحجيته في اإلثبات ،ص ،19مقال منشور بالموقع اإللكتروني
www.free.ebooks.info/léconomey/htmتاريخ الولوج .2018/03/23
][46
47
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
فإذا كانت بعض التشريعات المقارنة تجيز التوقيع بالبصمة أو الختم ،فإن المشرع المغربي لم يأخذ
إ ال بالتوقيع و استبعد في المقابل كال من البصمة و الختم ،و بالتالي فإذا كان األمر كذلك بالنسبة
للمحررات العادية سواء الرسمية أو العرفية ،فإنه ال يمكن تصور اإلمضاء على المحررات
اإللكترونية.1
باإلضافة إلى أن هناك إشكال آخر يطرح بالنسبة للتوقيع الصادر من الموثق ،فإذا كان التوثيق
الرسمي العادي ال يطرح أي إشكال ألنه يقوم على حضور أطراف العقد أمام الموثق الذي يقوم
بعملية التلقي في نفس المكان والزمان و يكسب بذلك قوة الحجية و قوة التنفيذ ،فإن
المحرر اإللكتروني و بحكم التباعد الحاصل بين أطراف المحرر يبقى اإلشكال حول كيفية حضور
الموثق لمجلس العقد و إشهاده على تضمين األطراف في المحررات اإللكترونية لتوقيعاتهم و وضع
توقيعه ،حيث أن تواجد الموثق يكون فقط لوضع توقيع األطراف ثم يرسل الوثيقة إلكترونيا.2
وبناء على ما سبق فإن اعتبار المشرع المغربي على أن الوثيقة تصبح رسمية إذا وضع
التوقيع اإللكتروني عليها أمام موظف عمومي له صالحية التوثيق كما أشار الى ذلك الفصل
417-2من ق ل ع ،يكون بذلك المشرع قد ساوى بين المحررات العادية و المحررات اإللكترونية
برغم أن من خصوصيات هذه األخيرة عدم اجتماع أطراف المحرر في مجلس العقد بحكم البعد
الفاصل بينهما ،لذلك كان من األجذر على المشرع تنصيب موثق إلكتروني يتسم باإلنحياز و
اإلستقاللية و موثوق فيه ،و ترتكز وظائفه األساسية في إثبات مضمون المستندات و العقود
اإللكترونية و توثيقها.
- 1ينص الفصل 352من القانون الجنائي على أنه" يعاقﺐ بالﺴﺠﻦ الﻤﺆبﺪ كل قاض أو مﻮﻇﻒ عﻤﻮمي وكل مﻮثق أو عﺪل
ارتﻜﺐ أثﻨاء قﻴامه بﻮﻇﻴفﺘه ،تﺰويﺮا بإحﺪى الوسائل اآلتﻴة:
-وضع توقيعات مزورة
-تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع؛
-وضع أشخاص موهومين أو استبدال أشخاص بآخرين؛
-كتابة إضافية أو مقحمة في السجالت أو المحررات العمومية ،بعد تمام تحريرها أو اختتامها ".
][48
49
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
والغاية من هذا الحصر هي حرص المشرع أن تكون دائرة األفعال التي توصف بالتزوير ،معلومة
الحدود محصورة النطاق ،حتى ال تدخل فيها حاالت أخرى من تغيير الحقيقة ،ال تقتضي المصلحة
االجتماعية العقاب عليها.1
ويعد وضع توقيعات مزورة إحدى هذه األفعال ،حيث تتحقق هذه الصورة عن طريق وضع
العدول أو الموثق في المحرر الصادر عنهما لتوقيع ينسبونه إلى الغير من أجل التغليط حول هوية
صاحب التوقيع ،حتى ولو كانت بيانات المحرر صحيحة.
وفي هذا الصدد صدر قرار2عن غرفة الجنايات بمحكمة اإلستئناف بوجدة الذي جاء فيه" حيث إن
الخبرة القضائية المنجزة أثبتت أن التوقيع الوارد برسم الهبة المطعون فيه بالتزوير ،بعد مقارنته
بالتوقيع المنسوب إلى المشتكي أنه توقيع وهمي مزور لم يصدر عنه ،مما تكون معه جناية التزوير
في محرر رسمي ثابتا في حق العدلين."...
كما يعتبر تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع إحدى أساليب التزوير التي تؤدي إلى تشويه
المحرر بعد اإلنتهاء من تحريره ،3وذلك عن طريق اإلضافة أو الحذف أو الشطب أو المحو،
باإلضافة إلى ذلك قد يقوم العدل أو الموثق أثناء تحريره العقد بكتابة إسم شخص خيالي ال وجود
له في الواقع ،أو إستبدال أشخاص بآخرين في المحرر الموثق فيراد به كتابة إسم شخص معين
موجود بدل اسم شخص أخر حقيقي ...أو أن يعمد العدل أو الموثق إلى تغيير الحقيقة عن طريق
كتابة إضافة في المحرر أو إقحامها في السجالت الممسوكة لدى كل واحد منهما سواء في مذكرة
الحفظ أو مذكرة التحصين بعد إتمام تلقي العقد وتحريره والتوقيع عليه من األطراف.4
ولإلشارة فإن قيام الموثق أو العدل بكتابة مضمون الشهادة في مذكرة الحفظ لما جاء في الرسم
المسلم له من طرف طالب الشهادة ال يعتبر تزويرا وإنما مخالفة تستوجب إنذار العدل فقط.5
كما يعد إثبات صحة وقائع يعلم المحرر أنها غير صحيحة من أوسع طرق التزوير وأكثرها
وقوعا في الحياة العملية ،فالعدل الذي يثبت في رسم البيع بأن فالن باع لشخص آخر عقارا في
-1أحمد أمين ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،مكتبة النهضة بيروت ،الطبعة الثانية ،1964 ،ص .290
-2قرار رقم 575صادر عن غرفة الجنايات بمحكمة اإلستئناف بوجدة ،بتاريخ ،2013/12/25في الملف الجنائي عدد
،12/236غير منشور.
-3أحمد بنعجيبة ،التزوير في المحررات ،مجلة اإلشعاع ،العدد ،23ماي ،2009ص .185
-4إيمان السائح ،م.س ،ص .205
-5قرار محكمة اإلستئناف بفاس ،صادر بتاريخ ،2003/10/22ملف رقم 3/03/1038غير منشور ،أورده لعبيد محمد ياسين،
م.س ،ص .94
][49
50
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
ملكه بثمن معين والحال أن المالك لم يسبق له أن مارس هذا التصرف أمام هذا العدل ،والموثق
الذي يضع في المحرر تاريخا غير التاريخ الحقيقي يرتكب جريمة التزوير.1
وبالتالي فإن كل تغيير يقوم به العدل أو الموثق في التصريحات أو إتفاقات األطراف يعتبر
تزويرا ،وكمثال على ذلك أن يتواطأ أحد المتعاقدين مع موثق على الزيادة في ثمن البيع أو الخفض
منه ،أو إدعاء صحة وقائع غير صحيحة ،أو تفويت مال غير قابل للتفويت أو عدم تسليم األموال
إلى أصحابها ،وهذا ما أدرجته إستئنافية الرباط في إحدى قراراتها 2الذي جاء فيه على أنه " وحيث
أن المتهم الموثق كان يسلم الضحايا إشهادا من طرفه يتضمن إيداعا لمبالغ نقدية من أجل شراء
عقارات في ملك الدولة رغم علمه بأن اإلجراءات المتعلقة ببيع تلك العقارات لم تتم بعد ،ورغم
علمه آيضا بأن بعضها مصنف ضمن المآثر التاريخية وال يمكن بيعها ،وأن صفته كموثق تجعله
يعلم بعدم قابليتها للبيع ،وأنها تخرج عن دائرة اختصاصه الترابي ومع ذلك يوهم الضحايا بإمكانية
إقتنائها ويدفعهم بذلك إلى اإلضرار بمصالحهم المالية..كما توبع الموثقان كذلك في صنع شهادة
تتضمن وقائع غير صحيحة بغية اإلستيالء على أموال الشركة."...
ورغبة من المشرع في التقليص من هذه الجريمة فقد شدد في العقوبة المقررة على كل موثق
أو عدل ثبت في حقه ارتكاب تزويرا في عقد توثيقي أثناء مزاولته لمهامه ،وذلك طبقا لمقتضيات
الفصل 352من القانون الجنائي المغربي ،كما جاءت وزارة العدل والحريات بمجموعة من
التوصيات بغية تعزيز ضمانات استقرار المعامالت العقارية وحماية األمن التعاقدي والحد من
ظاهرة التزوير القاضية بتجهيز مكاتب المكلفين بتحرير العقود بكاميرات من أجل التسجيل السمعي
والبصري أثناء عملية التحرير ،واإلحتفاظ بها قصد الرجوع إليها عند اإلقتضاء.3
إال أنه وفي غياب الصفة اإللزامية لتفعيل هذه التقنية وعدم أخد القضاء بخصوصها في اإلثبات
يحول دون إمكانية تنفيذها على أرض الواقع ،خصوصا إذا علمنا أن معظم العدول يحررون العقود
خارج مكاتبهم.
-1حياة الصابري ،مدى تأثير إقرار رسمية التصرفات العقارية في استقرار المعامالت العقارية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
قانون العقود والعقار ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الجامعية ،2014/2013
ص .56
-2جواد بوكالطة ،جريمة التزوير في المحررات في نطاق التشريع المغربي والمقارن ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
سنة ،2009الطبعة الثانية ،ص .112
-3قرار صادر بتاريخ 2007/7/24عن غرفة الجنايات اإلستئنافية بمحكمة اإلستئناف بالرشيدية ،رقم ،2007/60غير منشور.
][51
52
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
أما التحريف فهو كل تغيير يقع على التوقيع أو الكتابة ،وغايته الغش وإخفاء الحقيقة ،ويمكن
أن يتم بجميع طرق التغيير التي تم اإلشارة إليها في تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع من قبل
العدل أو الموثق ،كما ال يشترط أن يقع على المحرر بأكمله بل يكفي وقوعه على جزء منه.
وفيما يخص اإلصطناع المشار إليه في الفصل الذي سبق ذكره باعتباره شكل من أشكال
التزوير المرتكب من قبل األشخاص العاديين فإنه يتحقق إما بخلق محرر لم يكن له وجود من قبل
أو بخلق محرر ليحل محل محرر آخر بعد التعديل في شروطه أو بدون تعديل فيه ،كما يمكن أن
يتحقق اإلصطناع بجمع أجزاء سند ممزق ولصق بعضها ببعض بحيث يعود السند إلى حالته
األولى.
كما أن قيام أحد أطراف العقد بأي إضافة أو حذف أو تحريف الشروط أو التصريحات أو
الوقائع أثناء تدوين المحرر يعد هو األخر تزوير ،وكمثال على التزوير باإلضافة؛ تدوين الموثق
أو العدل بناء على تصريح أحد المتعاقدين شرطا في العقد غير متفق عليه بين المتعاقدين ،كعدم
تنصيص الموثق في العقد على أن العقار مثقل برهن أو بحجز ،أما فيما يتعلق بالتحريف فيتم مثال
باإلشهاد أمام العدلين بأن العقار مملوك مناصفة بين الزوجين في حين يعلم الشهود بأن الزوجة هي
المالكة الوحيدة للعقار.1
وتجدر اإلشارة أنه إذا كان المملي ليس طرفا في العقد ،كأن يشهد شهود رسم الملكية أمام
العدلين بأن المشهود له يحوز العقار المشهود فيه ،رغم علمهم بأنه فقط كان بكتريه ،فإن المصرح
ال يعاقب بنص الفصل 354من القانون الجنائي وإنما تطبق عليه مقتضيات الفصل 355من نفس
القانون الذي ينص على أنه" يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات ،وغرامة من مأتين إلى
خمسمائة درهم كل شخص ليس طرفا في المحرر ،أدلى أمام العدل بتصريحات يعلم أنها مخالفة
للحقيقة".
ومن بين حاالت التزوير آيضا نجد الحالة التي يعمد من خاللها أحد أطراف العقد إلى خلق
أشخاص وهميين أو استبدال أشخاص بآخرين ،بحيث تشمل هاتان الطريقتان انتحال المتهم لشخصية
غير شخصيته الحقيقية ،أو تقمص اسم غير إسمه الصحيح ،كأن ينتحل المتهم شخصية تحمل نفس
اسمه الشخصي والعائلي ويقوم ببيع عقار في اسم المنتحل ،على أساس أنه هو مالكه ،وهذا ما أكده
القضاء في عدة أحكام حيث جاء في حكم 1صادر عن المحكمة اإلبتدائية بالرباط ما يلي" وحيث أن
الضنين قام بتوقيع الوثيقة المسلمة له من قبل شركة ...والخاصة بإذن المالك ،فإن ذلك يعتبر كافيا
لتطبيق الفصل 358من القانون الجنائي المتعلق بالتزوير في محرر عرفي ،وذلك باستبدال
شخص بآخر واإلشهاد عليه بأنه ذلك الشخص ،إذ أن الشهادة الموقعة من قبل الضنين تخص
المالك والحال أن الضنين لم يعد مالكا ،ألن العقد الذي تم بينه وبين المالك األصلي هو مجرد وعد
بالبيع ولم يكتسب بعد الضنين ملكية الفيال المبيعة ،األمر الذي تكون معه العناصر التكوينية للفصل
355من القانون الجنائي قائمة في نازلة الحال يتعين مؤاخدة الضنين من أجلها ."...ونفس التوجه
سارت عليه محكمة اإلستئناف بالرشيدية في إحدى قراراتها.2
ونظرا ألهمية المحررات الرسمية وما توفره من ضمانات قانونية وصيانة لحقوق المتعاقدين،
فقد أجاز المشرع للطرف الذي تضررت مصالحه جراء تزوير المحرر من سلوك مسطرة الزور
الفرعي.3
وعموما يمكن القول أن استمرار هذا الوضع من شأنه تأخير تنزيل التوجيهات التشريعية
الرامية إلى العمل برسمية العقود بشكل مطلق ،في الوقت الذي يالحظ ارتفاع هامش اإلستهتار
واإلستخفاف من لدن من أوكلهم المشرع القيام بالمهمة التوثيقية وتحقيق العدالة العقارية بصفة
خاصة من جهة ،وعدم جاهزية الظروف المحيطة بذلك بصفة عامة من جهة أخرى.
الفقرة الثانية :مصاريف توثيق المحرر.
إذا كان المشرع قد اتجه نحو تعميم الرسمية من خالل إلزامه بتوثيق التصرفات العقارية في
العقود الرسمية أو ثابتة التاريخ ،وذلك لما تلعبه من دور في حماية حقوق المتعاقدين و صيانتها من
العبث و الضياع ،و كذا تحقيق اإلستقرار في المعامالت العقارية ،فكانت بذلك هذه المحررات
-1حكم المحكمة االبتدائية بالرباط ،صادر بتاريخ ،2008/12/07ملف جنحي رقم ،08/23/148غير منشور ،أورده لعبيد
محمد ياسين ،ص.93-92 :
-2قرار صادر بتاريخ 2006/7/18عن غرفة الجنايات بمحكمة اإلستئناف بالرشيدية ،ملف جنائي رقم ،2006/32قرار عدد
،71غير منشور.
-3عرف الدكتور إدريس العلوي العبدالوي الزور الفرعي ،على أنه" مجموعة من اإلجراءات التي يقتضي اتباعها إلثبات
التزوير في األوراق سواء كانت رسمية أم عادية" .راجع في ذلك كتاب وسائل اإلثبات في التشريع المغربي ،طبعة ،1977
مطبعة فضالة المحمدية ،ص.72
][53
54
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
الصادرة عن ذوي اإلختصاص هي الوسيلة الفعالة المقصودة من طرف المشرع و التي من شأنها
تحقيق كل هذه الغايات.
لكن المشرع و كعادته لم يولي أي اهتمام لمفهوم القدرة االجتماعية في الوقت الذي يضفي هو
نفسه هذا الوصف األخير على القاعدة القانونية ،و ال للظروف االقتصادية التي نالت اهتماما من
أكثر التشريعات حداثة ،فكان الجديد الذي عاصر صدور القانون رقم 39-08المتعلق بمدونة
الحقوق العينية تحديد و حصر األشخاص الذين يمكنهم و دون غيرهم توثيق التصرفات العقارية
في المحررات الرسمية أو ثابتة التاريخ وفق مسطرة خاصة ،فكانت نتيجة ذلك إضافة أعباء مالية
أخرى أصبح يتطلبها إنجاز العقد التوثيقي و يتحملها أحد األطراف بناءا على طبيعة المعامالت
التعاقدية و اختالف المركز القانوني ،1الشيء الذي يدفع المواطنين السيما الفئة الهشة ذات الوضعية
الضعيفة في المجتمع إلى اللجوء لتوثيق تصرفاتهم العقارية في المحررات العرفية ،نظرا لسرعة
إنجازها و بساطة التكاليف و كذا سهولة اإلجراءات ،و هذا ما يجعلها مالذا و مقصدا للكثير من
المواطنين الذين يحرصون على إنجاز معامالتهم في وقت قياسي و بأقل تكلفة ،حيث تكون المصادقة
على صحة إمضاءات أصحابها في وقت ال يتعدى 10دقائق ،و يتم تسجيلها في مكتب التسجيل
في الحين ،كما يتم تقييدها في المحافظة العقارية في ذات الوقت ،إال أن هذه اإلمتيازات ال تبعث
دائما الراحة و اإلطمئنان للمتعاقدين ،و إنما تكون في غالب األحيان أوراق خالية من أي إثبات،
خاصة أمام القضاء الذي يبين عيوبها و مكامن خللها ،بحيث جاء في حكم 2البتدائية الرشيدية تؤكد
فيه على أنه " وحيث أن ما أدلى به الطاعن من وثائق لتأييد دعواه ال يرقى لدرجة المحرر الثابت
التاريخ الذي ينعقد به البيع ."...
و هذا ما يؤثر سلبا على تصرفات المواطنين العقارية التي غالبا ما تكون خارجة عن نطاق
القانون و تساهم في انتشار ظاهرة السكن العشوائي و البناء غير الصحي.3
كما أن التسيب والفوضى الذي يعرفه هذا الميدان أفرز مجموعة من الظواهر كالنصب
واالحتيال في مجال الملكية العقارية والتي تتم بواسطة عقود عرفية يتم تحريرها من طرف مدلسين
ال يقدرون مسؤولية ما يقومون به؛ ألن المحررين للمحررات العرفية ال يتحملون مسؤولية األخطاء
التي برتكبونها.1
هذا من جهة و من جهة أخرى فإذا كان المشرع قد حدد في خطة العدالة قيمة األتعاب التي
يستحقونها العدول عن مهامهم التوثيقية ، 2فإن تحديد التعريفة المستحقة بالنسبة للموثقين –
العصرين -تبقى معلقة بصدور قانون التنظيمي حسب منطوق المادة 15من القانون رقم 32-09
المنظم لمهنة التوثيق حيث جاء فيها على أنه " للموثق الحق في أتعاب يحدد مبلغها و طريقة
استفائها بنص تنظمي " ،و أمام هذا التأخر في صدور هذا القانون التنظيمي ،و عدم التعرض في
المرسوم التطبيقي لهذا القانون لهذه المسألة يبقى فقط خيار الخضوع للعرف الجاري به العمل منذ
مدة.
كما يطرح إشكال آخر عندما يتعلق األمر بمشروع بناء مجموعات سكنية تضم مئات أو آالف
الشقق و المحالت ،فإن تطبيق مقتضيات الفصلين 618-3و 618-4من ق ل ع يصبح صعبا
إذا لم نقل مستحيال على المستوى اللوجستيكي و المادي حيث يجب توفير آالف النسخ ،بعدد الشقق
و المحالت ،من دفتر التحمالت و التصاميم الهندسية و غيرها من الوثائق الواجب إرفاقها بالعقد و
هذا ما من شأنه رفع التكلفة بالنسبة للمشتري ،بحيث كان من األولى في مثل هذه الحاالت اإلكتفاء
بوضعها -الوثائق -لذى محرر العقد سواء كان عدال أو موثقا و تخويل المشتري حق اإلطالع
3
عليها.
و عليه إن تقرير مبدأ تحرير جميع التصرفات العقارية بموجب محررات رسمية تحرر من
طرف العدول أو الموثقين مهما كانت قيمتها فيه ضرر واضح على المواطنين عندما تكون قيمة
تلك التصرفات ضئيلة ،كما في حالة نصيب في اإلرث ضئيل يوجد بمنطقة نائية و يتعلق بأرض
البور ،و سيؤدي ذلك إ لى تخلي كثير من المواطنين عن المطالبة بحقوقهم إن كانت ضئيلة ،ألن
مصاريف تحرير العقد قد تستغرق أو تفوق قيمة العقار موضوع التصرف و في ذلك ضرر واضح
-1د عبد المجيد الكتاني ،نظام التوثيق بالمغرب في ضوء مستجدات 32-09والقانون 39-08والقوانين ذات الصلة ،مجلة القبس
المغربية ،العدد الخامس ،ص .137
-2تنص المادة 40من قانون رقم 16-03المتعلق بخطة العدالة على أنه " يتقاضى العدول عن الشهادات التي يتلقونها أجورا
طبق التعريفة الملحقة بهذا المرسوم ما لم تكن هناك نصوص خاصة فيعمل بها ".
-3محمد الخضراوي ،م.س ،ص .165
][55
56
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
على الفقراء بالخصوص ،و بذلك يتعين تعديل المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بحيث تقتصر
إلزام تحرير التصرفات العقارية بعقود رسمية على الحقوق التي تتجاوز قيمتها 100000درهم
مثال أو ما شابه ذلك.1
وبناء على ما سبق يمكن القول أنه في ظل المتغيرات االقتصادية و االجتماعية أصبح الوضع
يحتم على المشرع التنزيل المعقلن للمقتضيات القانونية المتعلقة بإنجاز المحرر البعيدة عن العبث
التشريعي المألوف الخاضع في كثير من األحيان للتصورات اإليديولوجية لبعض الفعاليات ،و
العمل على الموازنة بين حقوق األطراف و مصالح الجهات الموثقة ،و مصلحة الدولة في تحصيل
الرسوم.
-1ذ إبراهيم بحماني ،توسيع مجال مدونة الحقوق العينية لتشمل جميع األنظمة العقارية وتوحيد القوانين والمساطر المتعلقة
بالنزاعات العقارية ،أشغال الندوة الوطنية حول العقار والتعمير واالستثمار ،مركز إدريس الفاخوري للدراسات واألبحاث في
العلوم القانونية بوجدة ،يومي 25و 26نونبر ،2016الطبعة األولى ،2017الجز األول ،ص .248
][56
57
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
خامتة:
وختاما يمكن القول أن مؤسسة التوثيق الرسمي بشقيها العدلي والعصري تلعب دورا مهما
في حماية الملكية العقارية والمساهمة في استقرار المعامالت والتصرفات الواردة عليها ،نظرا
لكونها تتضمن أشخاصا ذوي كفاءة علمية وعملية تؤهلهم لصيانة عقود سليمة شكال ومضمونا،
قادرة على حماية وصيانة حقوق وأموال المتعاقدين من الضياع ،وكذا تجنب أي نزاع قد يشوش
عليهم التصرف في ممتلكاتهم ،فالموثق سواء كان عدال أو موثقا عصريا يسعى إلى أن يكون
إتفاق الطرفين قد تم وفق للقواعد المقررة قصد درء كل األخطار والمشاكل التي يمكن أن تثار
.بعد إبرام العقد
غير أنه إذا كان تحقيق األمن العقاري هو الغاية التي يسعى إليها المشرع المغربي ويؤكد
عليها من خالل نيته نحو التوجه لرسمية العقود في المعامالت العقارية وعمله على تعميمها ،فإنه
يتعين بداية اإلنتقال من مجرد الرغبة التشريعية إلى العمل على إيجاد حلول لإلشكاالت التي تتخلل
النظام التوثيقي ككل ،سواء على المستوى القانوني أو على المستوى العملي والتي يمكن إجمال
بعضها فيما يلي:
التعارض بين أحكام المنظمة لمهنة التوثيق العصري مع خطة العدالة
عدم تحديد المشرع لطبيعة المحررات الثابتة التاريخ والمقصود منها ،مما يجعل
مبدأ إقرار الرسمية مجرد شعار ال أقل وال أكثر في ظل وجود إزدواجية التوثيق.
اإلبقاء على الفصل 92من ق م م الذي يشكل ثغرة خطيرة تمكن الجناة من التهرب
من العقاب وتشجعهم على استعمال المحررات المزورة ،طالما أن بإمكانهم سحبها
متى شعروا بقرب إنزال العقاب بهم ،أما إذا لم يتم الطعن فيها فهم يكتسبون بها
حقوقا ليست لهم ،وهو ما يشجع على نهب أموال وحقوق الناس.
ولتجاوز هذه الصعوبات ال يسعنا سوى المناداة بضرورة إعادة النظر في بعض المقتضيات
القانونية حتى تؤدي الغايات المنشودة منها بإيجابية أكثر وبفعالية أكبر ،وذلك وفقا لما يلي:
][57
58
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
العمل على تعديل وتتميم المقتضيات الواردة في قانون اإللتزامات والعقود خاصة
تلك المضمنة في الفصل 489لجعلها قادرة على استيعاب المفاهيم والتقنيات الحديثة
لتحرير العقود ،وإشهار التصرفات الواردة على العقارات والمنقوالت ذات الطبيعة
الخاصة.
إعادة النظر في النصوص المكونة للنظام القانوني الخاص بالعقار والحقوق العينية
العقارية.
تفعيل التوصيات المتمحصة عن الندوات والمناظرات ألن أغلبها يمس بجوهر الخلل
في المنظومة التوثيقية ويقدم البديل على شكل اقتراحات من شأنها تجاوز الصعوبات
القانونية والعملية معا.
اإلستناد إلى اإلجتهادات القضائية واإلتجاهات الفقهية ذات األساس المنطقي التي
تعطي حلول تتماشى مع اإلطار القانوني المنظم ألحكام توثيق التصرفات
العقارية.
][58
59
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
امللحق رقم
1
][59
60
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][60
61
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][61
62
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][62
63
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][63
64
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][64
65
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][65
66
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
امللحق رقم
2
][66
67
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][67
68
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][68
69
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][69
70
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][70
71
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][71
72
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][72
73
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][73
74
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][74
75
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][75
76
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][76
77
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][77
78
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][78
79
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
][79
80
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
الئحة المراجع:
-د .إدريس الفاخوري ،نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ،14-07طبعة ، 2013
دار النشر و المعرفة.
-د .إدريس الفاخوري ،الحقوق العينية وفق القانون ،39-08طبعة ،2013دار النشر
والمعرفة ،ص .
-إدريس العلوي العبدالوي ،وسائل اإلثبات في التشريع المغربي ،طبعة ،1977مطبعة فضالة
المحمدية.
-د.أحمد بن محمد خرطة ،صياغة العقود الرسمية و الثابتة التاريخ وفق آخر التشريعات
المغربية ،طبعة ،2017مكتبة الرشاد،سطات.
-أحمد أبو الوفا ،التعليق على نصوص قانون اإلثبات ،منشآة المعارف اإلسكندرية ،الطبعة
.1987
-أحمد أمين ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،مكتبة النهضة بيروت ،الطبعة الثانية،
.1964
-جواد بوكالطة ،جريمة التزوير في المحررات في نطاق التشريع المغربي والمقارن ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،سنة ،2009الطبعة الثانية.
-د.عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزام ،الكتاب الثاني للمسؤولية المدنية ،دار األمان الرباط،
الطبعة الخامسة.
-عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،الجزء األول ،مصادر االلتزام،
منشآة المعارف اإلسكندرية .2004
-عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،الجزء الثاني ،نظرية االلتزام
بوجه عام ،االثبات ،آثار االلتزام ،دار إحداث التراث العربي ،بيروت لبنان (دون ذكر تاريخ
الطبع).
][80
81
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
-محمد الربيعي ،األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم ،دراسة على ضوء
التوثيق العدلي والتوثيق العصري ،المطبعة والوراقة الوطنية مراكش ،الطبعة األولى ،سنة
.2008
-محمد الهاشمي التسولي ،المحامي وتحرير العقود ،المطبعة والوراقة الوطنية ،الطبعة األولى،
.2006
-د .محمد محروك ،الوجيز في العقود المسماة -البيوعات واألكرية الواردة على العقار في
ضوء أخر التعديالت ،الطبعة األولى ،2017مكتبة المعرفة مراكش.
-نور الدين الناصري ،المعامالت واإلثبات في مجال االتصاالت الحديثة ،سلسلة الدراسات
القانونية المعاصرة ،العدد ،12الطبعة األولى 1428ه2007/م.
-إيمان السائح ،الضمانات القانونية للعقود الرسمية ودورها في استقرار الملكية العقارية،
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،سنة .2015/2014
-محمد زعاج ،آثار تعدد التشريعات واألنظمة العقارية والتوثيقية على السياسة العقارية
بالمغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،سنة .2016/2015
-الوزاني سكينة ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء المادة 4من مدونة الحقوق العينية
والقوانين الخاصة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني واألعمال ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية بطنجة ،سنة .2014/2013
][81
82
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
-الفقية بشرى ،المعامالت العقارية وإشكالية توثيقها بالمغرب ،بحث لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،ماستر العقار والتنمية ،جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية طنجة ،سنة .2013/2012
-لعبيد محمد ياسين ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية ،بحث لنيل
دبلوم الماستر في الشريعة والقانون ،جامعة القرويين كلية الشريعة فاس-سايس ،سنة
1434ه2013/م.
-لمياء الفركاتي ،توثيق المعامالت العقارية في المحررات الرسمية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،جامعة محمد
األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الجامعية .2007/2006
-حياة الصابري ،مدى تأثير إقرار رسمية التصرفات العقارية في استقرار المعامالت العقارية،
رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الجامعية .2014/2013
-حسام الدين اليوبي ،دور رسمية العقود في تحقيق األمن العقاري ،بحث لنيل دبلوم الماستر في
العلوم القانونية شعبة القانون المدني ،جامعة محمد الخامس الرباط ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،سنة .2017-2016
-عمر أوتيل ،التوثيق ودوره في استقرار المعامالت العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية،
رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،سنة .2013/2012
-سهام الفرح ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء القوانين الخاصة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
في قانون العقود والعقار ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية
وجدة ،سنة .2012/2011
-سمية الشيخ علي ،إشكالية التوفيق بين إستقرار المعامالت وحماية الملكية العقارية ،بحث لنيل
دبلوم الماستر في القانون الخاص ،ماستر العقار والتنمية ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية
الحقوق طنجة ،السنة الجامعية .2013-2012
][82
83
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
-العاللي شرف ،دفالي نور الدين ،الشويخ خالد ،إثبات العقد اإللكتروني ،بحث لنيل شهادة
اإلجازة في القانون الخاص ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية مراكش ،سنة .2015/2014
-صفاء كريم ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية ،بحث لنيل شهادة
االجازة في القانون الخاص ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ظهر المهراز فاس ،السنة الجامعية .2016/2015
-إدريس الفاخوري ،أشغال اليوم الدراسي حول ظاهرة اإلستيالء على عقارات الغير :األسباب
وسبل التصدي -قراءة على ضوء الرسالة الملكية المؤرخة في 2016/17/30بوجدة ،سنة
.2017/07/15
-إبراهيم بحماني ،توسيع مجال مدونة الحقوق العينية لتشمل جميع األنظمة العقارية وتوحيد
القوانين والمساطر المتعلقة بالنزاعات العقارية ،أشغال الندوة الوطنية حول العقار والتعمير
واالستثمار ،مركز إدريس الفاخوري للدراسات واألبحاث في العلوم القانونية بوجدة ،يومي 25
و 26نونبر ،2016الطبعة األولى ،2017الجز األول.
-أحمد بنعجيبة ،التزوير في المحررات ،مجلة اإلشعاع ،العدد ،23ماي .2009
-ابراهيم قادم ،رسمية العقود في التصرفات العقارية ودورها في تكريس األمن القانوني( ،عدم
ذكر إسم المجلة والعدد).
-ذ.عبد السالم البوريني ،ضمانات الوثيقة العدلية في توثيق التصرفات العقارية ،مجلة ملفات
عقارية ،العدد ،2السنة .2012
-عبد الكريم الطالب ،توثيق اإليجار المفضي إلى تملك العقار ،ندوة توثيق التصرفات العقارية،
منشورات كلية العلوم القانونية واالجتماعية ومركز الدراسات القانونية والمدنية والعقاري ،كلية
الحقوق مراكش ،يومي 12-11فبراير ،العدد ،23الطبعة الثانية.2005 ،
][83
84
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
-عبد المجيد الكتاني ،نظام التوثيق بالمغرب في ضوء مستجدات 32-09والقانون 39-08
والقوانين ذات الصلة ،مجلة القبس المغربية ،العدد الخامس.
-محمد الخضراوي ،إشكاليات توثيق التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية قراءة في قانون -00
،44ندوة المنازعات العقارية ،منشورات كلية الحقوق بمراكش ومركز الدراسات القانونية
والمهنية والعقارية ،يومي 12-11فبراير ،الطبعة الثانية.2005 ،
-محمد بن أحمد بونبات ،بيع العقار بين حرية إختيار المحرر إلى تقييد هذا اإلختيار ،ندوة توثيق
التصرفات العقارية ،منشورات كلية العلوم القانونية واالجتماعية ومركز الدراسات القانونية
والمدنية والعقارية ،كلية الحقوق ،مراكش يومي 12-11فبراير ،العدد ،23الطبعة الثانية،
.2005
][84
85
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
عدد 5054بتاريخ 7نوفمبر 2002صحيفة .3183والذي تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم -12
107الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.05المؤرخ في 23ربيع الثاني
3(1437فبراير.)2016
-قانون رقم 18-00المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.02.298المؤرخ في 25رجب 3( 1423أكتوبر )2002والمنشور بالجريدة
الرسمية عدد 5054بتاريخ 7نونبر 2002كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم .106-12
-قانون رقم 51-00المتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار الصادر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم 1.03.202والمؤرخ في 16رمضان 11( 1424نونبر )2003والمنشور بالجريدة
الرسمية عدد 5172بتاريخ .25دجنبر. 2003
-ظهير شريف رقم 1-58-250بسن قانون الجنسية المغربية الصادر بالجريدة الرسمية ع
3295بتاريخ 4ربيع األول 19( 1378شتنبر ،)1958ص .2190
-قانون رقم 53-05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات اإللكترونية ونظم أحكام العقد
اإللكتروني ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.07.129في 19ذو القعدة 1428ه 30 /نونبر
،2007منشور في ج.ر ،عدد 5584الصادر بتاريخ 25ذو القعدة 1428ه 6 /دجنبر
2007م.
-قانون التوقيع اإللكتروني المصري رقم 15لعام .2004
-القانون الصادر بتاريخ 1980/07/12المعدل للمادة 1348من القانون المدني الفرنسي.
www.marocdroit.com
www.chakitabib.info
www.free.ebooks.info/léconomey/htm
www.alkanounia.com
www.justice.gov.ma
][85
86
احملرر الرمسي ودوره يف حتقيق الأمن العقاري
الفهرس:
العينية21 ................................................................ . ثانيا :توثيق المعامالت العقارية وفق مدونة الحقوق
المطلب الثاني :الضمانات التي يوفرها المحرر الرسمي لتحقيق األمن العقاري.
24 .................................................................................................
التكنولوجي42 .......................................... . الفقرة الثانية :غياب مواكبة قوانين التوثيق للتطور
اإللكترونية43 ..................................................................................................... . أوال :مفهوم المحررات
المطلب الثاني :اإلرهاصات العملية المؤثرة على المحرر الرسمي48 ............... .
بالتوثيق48 ..................................................... . أوال :تزوير المحررات الرسمية من طرف الجهة المكلفة
خاتمة57........................................................................................................ :
الفهرس86..................................................................................................... :
][87