Professional Documents
Culture Documents
سقوط القاهرة
سقوط القاهرة
1
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
2
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
«الفهرست»
املسخوطة52 ...............................................................................
الخلود72 .....................................................................................
كيدهن104 ..................................................................................
3
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
2
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
سقوط القاهرة
5
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ِس ،أَ ْ
ش ِعل ُ سيجارة؛ فتنساب أعمدة الدخان من فمي أَ ْجل ُ
بغزارة كدخان قطار الفحم ،وتمر لحظات وأتذك ُرها..
***
4
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
1
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-ليتك َتأ ِ
ت معنا يا جمال؟.
ُ
رفعت رأسي، ألقيت السيجارة أرضاً ،ثم
ُ ُ
أطرقت رأسي،
صِ ْح ُ
ت:
-سآلف الجليد!.
-والفراق؟.
ُ
تأملت "خوفو" قلت: ُ
استدرت، َك ْف َك َف ُ
ت دمعاتي،
2
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-مر عليها آالف السنين ولم تتأثر بأي تغير للمناخ أو أي
نظرت إلى -أَ َت ْع َتقِ ُد أن الجليد سيفتت
تناوب للحضارات -ثم َ
أحجارها قريباً؟.
َت َن َّهدْ ُ
ت بعمق ،صمتنا لحظات ،قلت:
ِا ْب َت َ
س ْم ُ
ت ،قلت:
7
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-لم ولن أنس بالطبع؛ كان هذا منذ خمس سنوات ،لما نزلنا
إلى ”ميدان التحرير“ لندعم الجيش السترداد سيناء من
اإلرهابيين؛ كنا صغاراً وقتذاك ،لم تجمعنا الجيرة فقط بل
الحب أيضاً.
َن َظ ُ
رت لها ،قلت:
ض ِح َك ْت ،قالت:
َ
ت بعمق ،قُلت:
َت َنهدْ ُ
10
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
11
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-هيا نركض؟.
12
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-قدَّر ولطف!.
ت أَ ْن ِ
ت ضجرة: ص َر ْخ ِ
َ
ت أَ َنا:
َت ْم َت ْم ُ
13
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
أشعلت ت يدي بجيبي ،أَ ْخ َر ُ
جت السجائر، ض ْع ُ
لم أجبهاَ ،و َ
واحدة ،ورحت أتجول ببصري في أرجاء الميدان ،متالشيا ً
النظر إلى عينيها ،نافخا ً دخانا ً أحمراً مضرجا ً بدماء قلبي
الدامي ،قالت:
ُ
سأشتاق لك؟. -
ص َر ْخ ُ
ت: ا ِْس َتد َْر ُ
ت؛ حدجتهاَ ،
12
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-كاذبة!.
***
وهاأنذا اآلن أنتظرها؛ أ ْن َتظِ ُر سماع حرف من صوتها ،أَ ْن َتظِ ُر
ضحكاتها بالرواق ،أَ ْن َتظِ ُر طرقاتها على بابي ،أنتظر الوفاء
لعهودها!.
15
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
باألمس؛ ِا ْق َت َر ْب ُ
ت من باب شقتهم بآخر الرواق المقابل
لشقتنا؛ َت َف َّح ْ
ص ُ
ت القفل الخارجي وجدته قد تآكل من الصدأ،
كما تآكل قلبي من الفراق..
***
-البد لي أن أستفيق!.
ُ
أصمت لحظة ،أبتسم ،أقول:
-لقد ألَ ْف ُ
ت الجليد يا أماه!.
14
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
مقابلة مع الموت
11
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
12
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
17
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
اِس َت ْي َق ْظ ُ
ت صارخاً:
سم ِْع ُ
ت أمي تقول: َ
20
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
وقابلت الموت من جديد؛ األولى كان أبي ،والثانية أمي،
والثالثة ...حتما ً أ َنا ...رحماك ربي..
***
سأ ُ ْن ُ
ش ُر سأ ُ َق ِ
ابل ُ الموت بنفسي ،وسأرتمي بين أحضانهَ ، َ
ال ُذعر والرعب في قلوب الصهاينة ،ومرحبا ً بالموت لكن
يموتون معي ويحترقون بناري..
***
21
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-هيا لتستعد؟.
ِ -ا ْن ِز ْلوا إلى النفق سريعا ً و ِا ْن ِز ْلوا معكم األسلحة والزخيرة؟.
وراح َي ْكشِ ُ
ف عن غطاء لنفق أسفل الدار.
أصي ُح بغضب:
22
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ِ -ا ْن ِزلْ ...البد مِنْ المحافظة على سالمتك فلن ُن ْفشِ ل حلمك
أبدا؟.
23
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
يسألني القائد؛ بماذا أ ُ ِجي ُبه؟ أَأَدْ فِنُ نفسي بالنفق والنساء
واألطفال َت ُع ُج بهم الطرقات تحت ضجيج القصف؟ أم أَ ْن َ
س
قتل العشرات اآلن وأَ ْخ ُر ُ
ج إليهم؟!.
ج ِألُدافِ ُع عن حلمي
سأ َ ْخ ُر ُ سأ ُ ّ
رجيِ الحلم القديم ،و َ َ -
الحاضر!.
وأَ ْن َطل ُِق أنا خارجا ً مِنْ البيت بسرعة صوب صراخ النساء
واألطفال آلخذهم إلى ملجأ آمن مِنْ الغارات .وريثما أَ ْب َت ِع ُد
عن الدار؛ إال ويتم قصفه بصاروخ مِنْ طائرة صهيونية!.
22
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-الحمد هلل!.
-أين طفلي!؟.
أَ ْن ِزل ُ إليها ،أتأمل قسمات مِنْ حولهاَ ،ت ِزيدُني الدموع
والرجفات اصراراً ،أسألها:
ً
رتجفة:ماخ ْط ُبكِ يا أمي؟ .تقول ُم
َ -
-ال َت َخا ِ
ف سأحضره إن شاء هللا؟.
25
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-ا ِْط َمئِن ...ليس هنالك عقاب أقسى مِنْ الموت يستطيعون
فعله بنا!.
-أينَ أَ ْن ِ
ت يا أمي؟.
أَ ْن ِزل ُ على ركبتي أمامه ،معلقا ً بندقيتي فوق كتفي وأَ ْح َتضِ ُنه
ت على ظهره ،أقول: بشدة ،وأ ُ َر ِّب ُ
-أمك بخير.
24
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-ما هو ُح ْل ُم َك يا صغير؟.
يقول حانقاً:
21
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
عبد الشيطان
22
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
فاخترت ُ -خ ِّي ْر ُ
ت بين جنتين؛ جنة الدنيا وجنة األخرة،
ُ
عشت أكثر من عشرين سنة في األولى بمحض إرادتي،
ُ
اتخذت ض ِّم الخطيئة، عشت عمراً من اللذة في ِ
خ َ ُ الوحل،
الشيطان ولياً ،بل معلماً ،بل كان إله ،وكنت عبداً له؛ أرتل ُ
له الصلوات بين نهود الغواني ،كنت أرك ُع له فقط بين أفخاذ
البغايا ،كنت أتطه ُر له بالخمر .كان الكذب منهاجي ،كانت
س َف ْك ُ
ت دماء أبرياء كثر ،كنت أشع ُر بنشوة النذالة صديقتيَ ،
أحرمهم من الحياة بسادية ،كنت أستمت ُع بآالمهم
وأنا ِ
وبغرغراتهم ...شعور ليس له مثيل؛ حينما تشاه ُد إنسانا ً
يودع الحياة رغما ً عنه وأظافره منغرسة بوجهك تتسول
منك مهلة أخيرة ،ونظراته العاجزة تتوسل منك الرحمة،
ورغم ذلك ؛ لم ترتجف لي فريصة.
27
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
30
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ف سأدخن؟!.
-أريد قداحة وأريد فك قيودي وإال ك َّي َ
31
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-كان أبي إمام مسجد ،تخيل يا شيخ ،وأنا كما ترى ،وكما
يقال "يخلق من ظهر العالم فاسد" كنت أنا الفاسد في
نظرهم ،كان أبي يترجاني ألذهب إلى المسجد ،وكنت أأبى
بشدة ،وأذهب أللعب مع أقرنائي ،كنا نسرق الحوانيت
ونهرب ،كنا ندخن السجائر التي نسرقها ،وكنا نعرقل المارة
بفتات زجاج نضعه بالطرقات ،وكنا نبذر المسامير في
طريق السيارات؛ حتى أقرنائي لم يسلموا من حماقاتي؛ فقد
فقأت عين أحدهم بشاظية زجاج الختالفنا في اللعب،
ُ
وقطعت كف آخر بساطور لمحاولته التحرش بي
ُ
أثبت و ُمضاجعتي آنذاك؛ كانوا يظنوني ضعيفا ً ُمخنثاً ،ولكني
لهم أني رجل وعلَ ْم ُ
ت عليهم جميعاً.
32
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
َبد ْ
َت سيماء الدهشة والتعجب على قسمات الشيخ ،وتململ
ليصيخ السمع للمجرم أكثر ،نفخ المجرم دخان سيجارته
ُمبتسماً ،ثم قال:
33
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-أُ ْ
ش ِه ُد هللا أني سامحتك يا صديقي على فقأ عيني ،ومرادي
أن نعيد المياه لمجاريها ،ها ما رأيك؟..
-موافق.
-وأ ُ ْ
ش ِه ُد هللا أيضا ً بأني سامحتك على قطعك لكفي ،ومرادي
أن نعيد المياه إلى مجاريها ،ها ما رأيك؟.
-موافق.
32
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ف؟.
-أين ومتى وك َّي َ
35
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
34
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
بدأت باغتصابها فوجدتها بكر ،فسألتهم ،فقاال لي: وبالفعل
َع َد ْل ُ
ت عن فكرة زيارة األهل بعد أن قشطنا أموال العاهرة،
وأجلتها واختفينا جميعا ً حتى تهدأ األمور ،وبعد مرور عدة
شهور ،وبعدما ضاقت بي الحال ثانية؛ قصدت الحي ،وصلت
بيتنا ،طرقت الباب ،فتحت لي عجوز جعدة؛ كانت أمي،
ُ
دخلت وسط ذهولها وصمتها ،وجلست على الكنبة بالصالة،
ُ
أشعلت سيجارة دونما انفراج لشفتاي عن كلمة ،قالت أمي:
-أأَ ْن َ
ت ابني؟..
31
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-ابنك عاد!..
ُ
قصدت الباب ،أعطيتهم ظهري، ُ
وهممت بالخروج، ُ
وقفت
ُ
سمعت أمي تقول بصوت متهدج:
ُ
واستدرت ياشيخ ألنظر ألختي ،فإذا بها تلك الفتاة التي
ُ
شعرت بأن روحي اغتصبتها أنا والمشوهان! ُذ ِه ْل ُ
ت؛
انفصلت عن جسدي ،ثم عادت لجسدي ُمبتلة بمياه شديدة
ُ
فشعرت بصدمتها، البرودة وملبدة بالشوك ،أما أختي
ص َر َخ ْت بأعلى صوتها ُمرددة:
وبخيبتها ،وبألمها وقهرها ،و َ
32
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-أَ ْن َ
ت شيطان البد أن تموت! الحياة حرام فيك!.
ُ
فأخرجت مطواة وطعنته عدة طعنات حتى وبدأ بخنقي،
ُ
تمتمت: مات،
ُ
عجزت ُ
اقتربت منها؛ سقطت أختي ترتجف وتهذي،
ُ
تساءلت، للحظات؛ توقف عقلي؛ ماذا ينبغي أن أفعل؟
وفكرت في أن أُريحها وأُريح نفسي من العذاب والعار،
لحظات وعادت لي قواي وإرادتي؛ ذبحتها ،ثم ودعت جثثهم
ُ
هربت بنظرة خاوية من أي إحساس ،نظرة بليدة ،ثم
ثانية ..
***
37
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-أما القضية التي ُحكم بإعدامي فيها؛ فهي ذبح األعور وذو
الكف المبتورة وسط الشارع وأمام الناس بعد أن عثرت
عليهما بصعوبة جزاء مكيدتهم.
-أَ ْن َ
ت شيطان بالفعل؛ صدق أباك!..
20
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
21
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
الغراب المسحور
22
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
لم أكن أصدق في السحر والشعوذة يوما ً ما ،لكن بعد ما
تساءلت كثيراً ،هل هذه المرأة ساحرة بالفعل؟
ُ حدث معي،
أم أن هناك لغز ُمطلسم البد من حله؟ البد أن هناك لغز؛ هذا
شيء غير طبيعي بالمرة؛ ال يوجد تفسير علمي لمثل هذه
الحادثة أبداً!..
***
23
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
22
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
وظل يكرر فعلته حتى فُتح الباب ،وخرجت امرأة بدا أنها في
األربعين من ُعمرها ،ترتدي مالبس نومها القصيرة،
وشعرها منكوش ،أشاحت له بيدها ،وصاحت:
25
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
-من تقصد؟.
24
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ضحك ُ
ت وقلت له:
ْ
وألقت تعويذاتها على غراب مسكين، -ولم أرهقت نفسها،
وهي باستطاعتها أن تضبط منبه الهاتف ،أو تشتري
ُمنبه؟!.
21
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-ماذا تقصد؟.
***
ُ
ماطلبت مساعدته؛ لم أنم طوال الليل ليتني لم أُخبره ،ليتني
من الرعب والقلق؛ إذ كان دائم الغمغمة مع نفسه ،وفي
وهيد الليل أجده ُيخاطب كائنات ال تظهر ،ويضحكونه تارة،
22
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
27
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
أخيراً؛ نطق بها زميلي بعد طول تأمل وانتظارُ ،مقرراً كنه
ُ
دلفت صوبه ،وقفنا بجوار بعضنا البعض، ذلك الغراب.
وكنت أرتجف مما حدث.
50
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
51
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
كل هذا ليس غريباً ،إنما الغريب ما بات يحدث معي منذ
ثالثة أيام فقط؛ كل يوم الساعة السابعة مسا ًء ،أجدني ذاهب
إلى سوق الخضروات والفاكهة ،وأشترى أوزانا ً ُمع َّينة،
وأعرج على البقال ،وأشتري كميات ُمع ّينة من المواد
كالمنوم إلى العمارة إياها،
ّ الغذائية أيضاً ،ثم أجدني متوجه
وأستقل المصعد الكهربائي إلى الشقة إياها بالطابق الثامن،
وأضغط الجرس ،فتخرج لي المرأة إياها ،وتأخذ مني
األشياء ،وتبتسم في وجهي ،وتعطيني ثمنها ،ثم أجد نفسي
ُمستديراً قاصداً غرفتي إياها في صمت وبله غريبين!
وأسمعها تتمتم من خلفي ضاحكة:
-أتعبتك معي؟!.
52
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
53
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
المسخوطة
52
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
طرقت الباب الخشبي القصير ،ال ُمتباعدة ألواحه ُ
كنت قد
ُ
وشعرت لوهلة التي نخرها السوس ،عن بعضها البعض،
أنه سيخر أمامي كومة من الخشب ،رغم أني كنت طفالً
بالسابعة من عمري آنذاك ،وليست بكفي عافية إلردائه
أرضاً ،ولكنه كان يهتز جراء طرقاتي ،ويتخلخل..
55
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
ووجدت على ُ
ودخلت فلم أجدها، بخطى وجلة ،دفعت الباب
يميني مشكاة بها قنديل ،وأمامي فتحتين ال يتعديان في
ارتفاعهما المتر ونصف ،وال ي ُطل منهما سوى ألسنة
54
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
51
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-جدتي ؟.
ُ
فسمعت صوتها يخرج من ذات العمق، ُ
ناديت كي أتعجلها،
ويأتني من الفتحتين معاً ،تقول لي:
52
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
فتعثرت جفلت إلى الخلف مرتجفاًُ ،مطلقا ً صرخة مكتومة،
ُ
ُ
فسقطت ْ
صدرت عنه قضقضة عظام يتكسر، بجوال ثقيل،
ُ
وماعدت أبصر أرضاً ،وتوقف نبض قلبي ،وغامت عيناي،
ُ
وسمعت سوى خطوط متداخلة من النور والظالم ،لحظات
بصعوبة ،صرير الباب ُيفتح ،ثم محادثة بين أشخاص تشبه
الوشوشة ،وتخللها صوت كفحيح األفاعي ،وتحركت خياالت
وأطياف من النور والظالم بعيناي.
ُ
كنت كجثة هامدة ،ال أسمع وال أرى سوى بصيص من
ُ
وقفت عدت إلى الحياة شاهقاً ،وسرعان ما
ُ الخياالت ،وفجأة
أتلفت حولي مذعوراً...
ُ
-ما بك يا ولدي؟!.
57
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ْ
ضحكت ل َّما سألتها ،فخرجت ضحكتها خشنة كضحكة
الرجال ،الزمتها رائحة فمها النتنة ،ثم قالت:
ُ
تأخرت عليك بالداخل!. -لقد نمت ياولدي ،عندما
ص ْح َفة ،قائلة:
ثم اقتربت من ال َّ
ُ
تساءلت بها في ْ
عرفت ما بداخله؟ ثم تناولتها ...ولكن كيف
نفسي حائراً ،ثم وجدتها تدلف صوب إحدى الفتحتين،
فصِ ُ
حت فيها ببالهة طفل أخرق:
40
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
41
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
ونمت من الخوف ،وبالصباح ،كان فراشي ُمبلل بكميات بول
كثيرة ،وال أتذكر بوضوح كمية األحالم ال ُمرعبة ،التي
راودتني ليلتها!.
ُ
حكيت لهم ماحدث كنت متأكداً أن أمي لن تصدقني ،وكل من
ُ
ُ
وأصبحت معي ،لم يصدقوني أبداً ،واآلن تحققت نبوءة أمي
مؤلف قصص ،وهاأنذا أحكي لكم وأعرف أيضا ً أنكم لن
تصدقوني!..
ُ
وعرفت بالمدرسة ُ
وكبرت، ْ
ومرت األيام،
أن ”اللبؤة“ تعني ”أنثى األسد“ وال يوجد بشراً ُيمسخون
إلى مخلوقات أخرى في هذا الزمان..
42
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ْ
وأصبحت على سرها ،وانطوت سيرتها ،مع السنين واأليام،
الدار مهجور ًة..
وال ُمثير للريبة ،هو ماحدث منذ ذلك الحين أيضاً ،وهو
توقف ”اللبؤة“ عن خطف األطفال ،وقتل الرجال!.
ُ
وحمدت هللا أنها كنت مسافراً بعيداً عن القرية ،وقت وفاتها،
ُ
ُ
كبرت ،ولكن ال أدري ماتت ،فقد ُ
كنت أخشاها ،حتى بعدما
ما الذي َح َملني على أن أمر على دارها باألمس ،وأتأمله
طويالً ،وعبثا ً رحت أطرقه مرة تلو المرة ،وفي دبر المرة
ُ
سمعت صوتها ،الذي ُ
ألهث؛ لقد ُ
ركضت صوب دارنا الثالثة،
أتاني من قبل مكتوماً ،كأنه ُمنبعثا ً من ُجحر ُمتغلغل في
ً
قائلة: أعماق األرض ،كجحور األرانب،
-تعال؟.
43
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
42
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ليلتها سألتني ذلك السؤال ،وما كان مني إال أن أجيبكِ على
مضض ،قلت:
سألتكِ بتعجب:
45
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
ابتسمت ،وقلت لكِ : وقتذاك؛
كم كانت عذبة كلماتكِ لي ،فهذا بالضبط ما كنت أشعر به
دائما ً معكِ !.
فقيدتي الغالية ،أعتق ُد أنني اآلن على فراش الموت؛ وال أحد
معي سوى رحمة من هللا ،وروحكِ الطاهرة التي أحادثها
اآلن..
44
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
41
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
فحملت عنكِ أحمالك ،فسعد ِ
ت وجدتك تزفرين تعبا ً وضيقاً،
حينها بوجودي في حياتكِ ألحمل عنكِ همومكِ ..
ابتسم ِ
ت وضربتني على كتفي ،قلتِ:
42
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
وقلت: فابتسمت لكِ
مر من هذا
-بل قلبي هو َمنْ كان يراقبك وقد قال ليْ :
الطريق وستقابل حبيبتك؟ وما كان مني إال االنصات له،
ُ
وأتيت من هذا الطريق فوجدتكِ حبيبتي ،فشكرته؛ فزادت
دقاته!.
47
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
نسيت وقتذاك األحمال ُ
وكنت قد لبعضنا من فينة ألخرى،
ُ
نسيت أننا بالطريق والناس من حولنا الثقيلة بيدي اليسرى؛
ُ
أفقت على صوت أحدهم ،يقول: تمر ،حتى
إنه جار لنا ،عينه منكِ ،ولكنكِ لي أنا فحسب .حاول أن
يقترب منا ،وحاول أن يمسك يدكِ ،مغمغماً:
ُ
وصرخت فيه: ُ
فألقيت ما بيدي؛
ت أَ ْن ِ
ت به ،قلتِ: فصرخ ِ
-أنا أحبك أَ ْن َ
ت ولن أحب غيرك؟!.
10
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
وارتميت بحضني تبكين؛ وفجأة؛ جرينا تجاه بعضنا البعض،
وأغمض عيني ،وأشعر بدفء
ُ وأنا أر ِّبت على ظهركِ ،
جسد ُك ،أشعر بدقات قلبكِ ،أشعر بجمر الشوق يلهبني،
ت أَ ْنتِ:
غمغم ِ
لكِ ُ
قلت:
ت خدشتي خدشاً!.
-أعدكِ بأن عمري كله فدا ًء لكِ ،إن أن ِ
11
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
وبقيت وتم تأجيل ال ُعرس لعام نظراً لتلك المصيبة الطارئة،
ُ
وفقدت المرأة أنا وأبي الطاعن في السن وحدنا بالشقة،
الحنون األولى من حياتي ،واسودّت الدنيا في وجهي..
ُ
توظفت بإحدى الشركات بمرتب ممتاز ،قارب العام على
االنتهاء؛ لمح لي أخوتكِ بضرورة إقامة ال ُعرس في أقرب
وقت وإال زوجاكِ لرجل غيري! .حددنا ميعاد ال ُعرس،
وحدث ماالً ُيحمد عقباه؛ توفى أبي؛ انتقل إلى الرفيق
ُ
وفقدت الرجل الحنون األول من حياتي ،وتم تأجيل األعلى،
12
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
وجدت الشقة قد ُ
رحت ألطمئن عليكِ ، ُ
استيقظت ذات صباح؛
ُ
شعرت وقتذاك؛ بأن روحي هُجرت! ووضع عليها قفل كبير،
هجرت جسدي ،وذلك القفل الكبير أُغلق به باب قلبي
ْ
ُ
شعرت لوهلة بأن القدر ال يريد لي أن أحظى عليكِ !.
بحبيبتي لنسعد بل يريد لي التعاسة األبدية فحسب! تذكرت
حينئذ أن أغلبية قصص الحب؛ ُكتِبت نهايتها بدموع الفراق،
فلِ َم أنا الذي يحظى بنهاية سعيدة!؟..
ُ
وتمنيت رجوعكِ إلى قلبي ُ
شردت بكِ وناديتكِ ذات يوم؛
فسمعت قلبي يبشرني بأنكِ عائدة؛ وأنا دائما ً
ُ المهجور؛
أصدق قلبي ،فلم أتعوده كاذبا ً أبداً.
ُ
ركضت ،فتحت؛ وجدتكِ يا أحالمي، بعد أيام؛ طرق بابي؛
وجدتكِ منهارة ،عبوسة ،طالكِ الشحوب! تساءلت :ماذا
13
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-نتزوج اآلن؟.
ُ
فنفذت طلبكِ كان طلبكِ ولم تنفرج شفتاكِ عن غيره؛
وحلمي؛ كتبنا كتابنا ،ودخلنا غرفتنا ،وسكن ِ
ت بحضني،
ُ
وتأكدت وقتذاك بنفسي أنكِ مازلت عذراء ،لم يمسك سوء
ت وأين عائلتك؟. ُ
وكنت أتساءل :أين كن ِ طوال فترة غيابكِ
ت لي بينما كن ِ
ت بحضني؛ حيث حتى جاء اليوم الذي اعترف ِ
دار بيننا الحوار الذي لن أنساه أبداً ما حييت ،وتذكر ِ
ت ما
ت بنحيب السنين ،وتهدجت كلماتكِ الخارجة:
حدث وشهق ِ
12
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
15
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
قلت لكِ ذلك كي أهدئ من روعكِ ،حينما كن ِ
ت غاضبة ،بعد
ت أنكِ عاقر ،وبعد موجات غضب حادة تملكت
أن علم ِ
روحكِ ،قلتِ:
14
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
أم كما كنت لك زوجة؛ كنت أحلم أن أرى روحانا تندمج في
روح واحدة وتكبر أمامنا وتمأل نفوسنا سعادة ،وكنت أريد،
وكنت تريد ...وهللا فعل ما يريد ،وسأرضى بقسمة هللا
وأحمده على قضائه!.
ت أنكِ أنثى
وقتذاك؛ كنت أشعر بألمي وبألمكِ ،لقد اكتشف ِ
غير قادرة على االنجاب ،وهذا يعني لكِ أنكِ ؛ أنثى مع إيقاف
التنفيذ! وهنا َك ُمن عذابكِ ،وشعوركِ بالنقص ،ولكني
عوضتكِ عن كل هذا وأتم هللا سعادتنا ،وعشنا سنوات حتى
توفتكِ المنية فجأة منذ خمسة سنوات ،وكانت آخر كلماتكِ
حينما قلت:
11
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
12
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
حبيسة المريخ
17
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
20
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
أ ْ
ش َعل َ الفحم بالمجمرة ،ونثر البخور فوقه وتركها أرضا ً غير
بعيدة عنه ،رفع وجهه فبدا شابا ً بالسابعة والعشرين من
21
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
َج َذ َ
ب ال َن َ
مرقة أمامه؛ وضع فوقها الكتاب ،فوجد غالفه من
جلد سميك بني اللون ،مرسومة عليه بوابة حجرية
مزخرفة ،ومن حولها حراس بحرابهم ،وحروف
هيروغليفية ورموز! .فتحه ،فوجد صفحاته من جلد أصفر
رقيق ،وعلى وجه أول صفحة بالكتاب؛ وجد نقش لمنمنمة
صغيرة ،بدا أنها رسم للمجموعة الشمسية "درب التبانة"
وفي وسطها ُرسِ َم مساراً حلزونيا ً منطلقا ً من كوكب األرض
إلى الكوكب المجاور له الرابع بالمجموعة؛ كوكب المريخ
دونما أن يقطع -ذلك المسار -بأي نجم أو كويكب آخر..
22
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
َقلَ َ
ب الصفحة ثالثة ،فكانت الصفحة التالية سوداء ،وقبل أن
يمعن البصر فيهاَ ،
ش َع َر بأن الغرفة تهتز بشدة ،فنظر إلى
ماحوله؛ فوج َد كل شيء يتراقص عداه! قرر أن يتماسك
ويتحمل من أجل تحقيق حلمه في ال َّثراء..
23
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ت َبد ْ
َّت تلك النقطة السوداء التي رآها فوق سطح المريخ
بالمنمنمة أمامه كنقطة سوداء صغيرة ومن حولها جبال
جليدية بيضاء ،ولكن سرعان ما ِا ْت َ
س َع ْت النقطة حتى
22
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-أين أَ َنا؟.
َو َج َد الكتاب ملقى أرضاً؛ تناوله ودفنه بجيب معطفهَ ،ن َزل َ
من فوق مصطبة صخرية كان مسجى فوقها؛ دلف مشدوها ً
ألستكشاف المكان من حوله ،فبدا أنه كهف عظيم منحوت
في الصخر األحمر ذو البريق المعدني..
25
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-أين مصدره؟.
ْ
انعكست صورته على صفحة مائها ،وجد اقترب من بركة،
فقاعات هواء كثيرة آتية من األعماق البعيدة ،ا ِْغ َت َر َ
ف منها
بيديه وشرب على مضض ،تمتم:
َو َق َ
ف بين األعمدة الصخرية العظيمة التي تنتشر بالكهف
على مسافات متباعدة وتشبه إلى حد كبير األعمدة بمعبد
الكرنك؛ متأمالً الدقة التي ُنح َ
ِت بها الكهف الجميل.
-مؤكد أني أحلم ...ال ليس حلم ...إِ َذاً ما ُك ْن ُه ذلك المكان؟
ف أتيت؟ الكتاب ...أجل،
ربما كان المريخ بالفعل! ولكن ك َّي َ
السر في الكتاب! .ولكن المريخ ال ماء وال هواء على
سطحه! هل قلت سطحه؟ أنا لست فوق سطحه بل تحت
سطحه!.
24
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
وخلَ َ
ص إلى أنه بكهف عجيب منحوت أسفل سطح المريخ، َ
واألدهى أن به مياء وهواء ،وربما توجد به مخلوقات
مفترسة ،وشعر بالقلق ،وتساءل:
ُ
وضعت كفي بالظالم دون أن أدرك فوق رسمة الكف -لربما
فحملتني قوة الكتاب إلى هذا الكهف بكوكب المريخ!.
21
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
هلكت ال مناص !. -إِ َذاً فقد
لقد كان مخلوقا ً يشبه أنثى البشر؛ َعجوز تمشي على أربع،
رأسها أصلع ،وعيناها واسعتين حمراوتين ،وجهها أبيض
شاحب جعد ،هزيلة الجسم؛ ترتدي تنورة قصيرة من جلد
بال تواري بها عورتها ،وثدياها عاريين متدليين!.
22
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
َو َق َ
ف سالم يتأملها مأخوذاً ،ولما رأته؛ َجلَ َ
س ْت متربعة؛
َد َع َك ْت عينها ،وراحت بدورها تتأمله أيضاً ،وفجأة انخرطت
في ندب ونحيب ،وغمغمة بلغة غريبة ،وظلت تشير بيديها
هنا وهناك وكأنها طفلة َو َجد ْ
َت أبيها بعد سنين من التيه.
ُ
شاركت في بعثات علماء -أعشق الحضارة المصرية وقد
كبار للتنقيب عن الكنوز واآلثار كثيراً في مصر.
ُ
شاركت في بعثات مشعوذين كبار -أَ َنا أشبهكِ كثيراً ...لقد
للتنقيب عن اآلثار وبيعها خارج مصر ،ولم أوفق في مرة
أبداً.
70
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ف أتي ِ
ت إلى هنا؟. -ك َّي َ
اتبعن؟.
ِ -
صعد ْ
َت هي بضع درجات حتى وصلت مدخل الغرفة وتبعها
سالم ،دَخال الغرفة فبدت غرفة كبيرة منحوتة بالصخر
مضيئة بضوء أبيض منبعث من مشكاة بالجدار ،وتنتشر
71
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
72
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
73
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
لم يجبها ،صمت يفكر :ماذا لو كان كتابي أيضا ً قد قُ ّدت منه
صفحة العودة؟ .الكتاب بجيبه ب ّيد أنه عاجز ،عن إخراجه
خوفا ً من المفاجأة..
-هل سنعود؟.
72
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-أَ ْن َ
ت تمزح؟.
قال لها:
75
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
74
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
71
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
الخلود
72
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-حبيبي ؟.
77
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
100
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ِا ْب َت َ
س َم ْت حور العين قائلة:
-ال شكر بجنة الخلد يازوجي الحبيب ،لقد خلقنا هللا لكم أنتم
عباد هللا المؤمنين جزا ًءا لكم ،ورهن إشارتكم!.
-الخلود !.
101
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
فسألت نفسي :أأتزوج اآلن ؟. األربعين سنة من عمري،
قالت لي أمي ذات صباح وأنا ذاهب إلى العمل:
-أكمِل؟.
102
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
وجدت أمي وبعض النسوة من الجيران كلهن ُ
دخلت الشقة،
ُ
وعرفت منهن أن أم األيتام مريضة في الحزن من نهاية،
بمرض خبيث ،والبد لها من عملية جراحية وإال ماتت.
لم أنم تلك الليلة ،من التفكير في حال أم األيتام تلك ،وحال
سها سوء ال قدَّر هللا!.
أطفالها إن م ّ
ُ
اعتذرت لصديقتي عن عدم ذهابنا إليهم -ألم تنم بعد؟ لقد
ُ
حكيت لها عن مرض جارتنا؟!. و
103
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
102
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-يا أمي أنا راض لست ساخطا ً وأحم ُد هللا على عاقبة
أمري ،ولن أفكر بالزواج أبداً في هذه الدنيا ،فحسبي جزاء
ربي باآلخرة.
105
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
كيدهن
104
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
أمي كأي امرأة تتحرق إلنجاب طفالً لتصبح أم ،وشعرت بأن
هذا الشرط مجحف ويسلبها حقوقها! .ال أدري لماذا ارتبطت
به مع وجود شرط كهذا؛ ربما لينتشلها من الفقر ،أوربما
ألنه زوج ال أكثر!.
َح َملَ ْت بي ولم تعلمه بالخبر حتى َند ََح ْت بطنها ،فأمرها بأن
تتخلَص من حملها ،وهذا ما رفضته أمي ،وبدأ النقار
َ
101
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
102
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
107
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
َودَّع ُتها وقد ازداد انقباض قلبي ،وقد اعتلجني الشك ،فهي
ْ
أظهرت ،رغم وقفتها مع منى ،فما كانت ضرتها مهما
ُ
مساندتها لها سوى مالليم ،بيد أن منى لها حقوق عندهم
تفوق ذلك بكثير ،مرت الليلة ،وجاء الصباح ولم تعد منى
بعد ،زاد قلقي ،وقض مضجعي الجمر خوفا ً عليها ،حتى
طرق بابي؛ إذ بالشرطة تخبرني عن وفاة أمك وصديقتها
بحادثة سيرُ ،ذه ُ
ِلت ولم أقتنع ،وساورتني ظنوني أن الفاعل
هي السيدة جليلة! ولكن الدليل لدي ألورطها وآخذ بالثأر،
وكانت المعجزة نجاتك أَ ْن َ
ت حينما افتدك أمك!.
ليلتئذ؛ ُ
قلت للشرطة أنها هي َمنْ قتلت ابنتي وصديقتها.
وعند استجوابها قالت أنها التعلم شيئاً .ولم يثبت عليها
شيء ،وأخيراً علم أبوك بما حدث ،ولتثبت حسن نيتها ألبيك
وللناس؛ طلبت مني أن تكفلك وترعاك بين أبنائها ،ولكني
رفضت ،وتكفل أبوك بنفقتك ،وتعليمك ،حتى كبرت ،وصرت
شاباً ،وانتقلت لتعيش بينهم".
110
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
وجدت ُ
انتقلت إلى بيت أبي، رحمك هللا يا أمي ،وعندما
سوء المعاملة ،ولم أُقم عندهم طويالً ،ألني ُط ُ
ردت من
البيت ،بنا ًء على طلبها ،وأسكنني أبي بتلك الشقة باإليجار،
وكنت دائم التردد على جدتي ،وجعلني أعمل بأحدى شركاته
عمالً بسيطا ً نظير مبلغ زهيد..
ُ
لبيت سبتني وزجرتني والحقيقة؛ أنها هي التي نادتني ول َّما
ُ
ومانظرت لجسدها قط ،وحدث ماحدث..
أ َت َع َج ُ
ب؛ امرأة تدلف العقد الخامس من عمرها ،ومن
المفترض أنها بمكانة األم بالبيت ،تتهمني بتلك التهمة
علي! لماذا؟
ّ الباطلة ،والتي سرعان ماصدقها أبي ،وسخط
هذا ما يبكيني ،أما ما يضحكني فهو ظني في أنها تريد أن
111
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
ماعدت أستبعدها من قتل أمي!. يالها من خرفة خرقة ،وهللا
***
ُ
وأردت أن أتزوج وأستقر، ُ
اجتزت العشرين سنة، باألمس؛
ُ
ذهبت إلى مكتب أبي ،جلست ،قلت له:
-أريد أن أتزوج؟.
كان جالسا ً خلف مكتبه الفخم ،مرتديا ً بدلته األنيقة ،ال تبدو
عليه عالمات الكبر أو تجاعيده ،وجها ً رياناً ،وحاجبان
مقطبان ،كان يدخن سيجاره الضخم بشراهة .نفخ دخانه
باتجاهي مبتسما ً ثم قال:
112
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-اعتمد على نفسك ،وز ِّوج نفسك ،لن أزوجك من مالي يا
نجس ،انتهى.
-ليس لعملك فائدة معي ،اُغ ُرب عني ال أريد أن أرى وجهك
-ثم ساخراً مني -يريد أن أزوجه؛ وهللا عجائب!.
ُ
وهممت بالخروج ،ولكن حاكت في ُ
نهضت ُ
كفكفت دموعي،
ُ
فاستدرت وقلت له: صدري جملة ُكبتت سنين،
-أَ ْن َ
ت أب ظالم!.
113
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
صرخت -أخرج يا عاق ،ال أريدك في عملي أو في بيتي ؟.
به:
اتق -أَ ْن َ
ت العاق لست أنا ،ظلمتني وظلمت أمي من قبلِ ،
هللا؟
تتقول
-اذكروا محاسن موتاكم؟ هي في عالم الحق ،ال َّ
عليها بما ليس فيها ،أَ ْن َ
ت َمنْ توددت إليها طمعا ً فيها،
نهشتها لحما ً ورميتها عظماً!.
-حسبي هللا...
-اِنكشِ ح؟.
112
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-سأنكشِ ح.
***
115
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
تضحك وتقول:
-زيارة ؟.
تضحك ثم تسألني:
-أصحيح؟.
-بلى!.
114
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-مصيبة يا رائد!.
أرد بقلق:
-ماذا حدث؟.
أُصدم ،أقول:
112
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
117
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
120
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
أطرق رأسه قليالً ،ثم رفعها فجأة وبدا أنه تذكر شيئا ً ما !.
121
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
إحمرت
َّ صب كأس خمر وجرعه سريعاً؛ صمت لحظات وقد
عيناه ،وفجأة؛ شعر بأن آذانه تلتقط نداءات امرأة بصوت
ت من مكان سحيق ...صاح ممتعضاً:
آ ِ
122
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
123
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
122
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-القداحة ...القداحة!.
***
125
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
مشتاق إليكِ ؟. -هلم فأنا
ْ
هبت واقفة ،قالت قالها بصوت حنون ،فنظرت إليه،
غاضبة:
صاحت به:
124
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
سئمت منك ومن وهنك ،وحتى إن نمنا في سرير -أنا التي
واحد ،ما الذي باستطاعتك أن تفعله؟ ستق ِّبلني قبلتين ،وقبل
الثالثة ستكون قد بللت نفسك ،وتنقلب على جنبك وتعطني
ظهرك ،وتتركني ملتاعة شبقة...أليس كذلك؟.
121
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-سأقتلكِ ..
***
122
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ْ
انكتمت ،بعد أن ً
مدوية سرعان ما ً
صرخة س ِم َع ْت
فجأة؛ ُ
هوى الزوج على رأسها بملة انتزعها سريعا ً من السرير،
فوقعت صريعة ،فأثنى عليها بعدة ضربات قوية حتى
ْ
وتناثرت على تهشمت رأسها تماماً ،فسالت الدماء،
الجدران ،وتلطخت األرضية ،وتطايرت األشالء ،وتدحرجت
عين من عينيها ،فلحقها ودهسها بقدمه ضاحكا ً فانفجرت،
فتدحرجت األخرى ،لحقها وبعد مراوغة دهسها أيضاً ،ثم
تنفس بأريحية ،وكأنه حمالً كان جاثما ً فوق صدره ،فأزاحه
وارتاح!.
127
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ْ
دوت صرخة الطفلة ل َّما رأت تمتم بها ،وقبل أن يدخل الباب،
ْ
صاحت: أمها جثة مضرجة بدمائها تجر جراً،
-أمي؟!.
-أُحبها ...أُحبها؟!.
130
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ْ
تفلتت وارتمت فوق جثة أمها تبكي وتتمتم بصوت وجدها
محشرج:
ت يا أُم...
-أمي ...أمي ...ال تمو ِ
ْ
وقعت بجانب أمها جثة هامدة ،إثر تناول أبيها الملة فجأة
وضربها على رأسها بقوة هشمته سريعاً:
ارتدى ثيابه:
131
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ثم ه َّم بلف جثة زوجته بمالءة السرير ،وبعدما لفها ،أخر َج
مالءة أخرى من الصوان ولف جثة الصغيرة..
***
132
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
133
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ْ
توقفت األمطار!. -لقد
-الحمد هلل.
ف أنه مسكين؟!.
أتعر ُ
ِ -
-لماذا؟.
-ياله من معتوه!.
-كيف ُبع ْ
ِثت ثانية وقد قتلتها منذ أسبوع؟!.
132
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
المسيح الدجال
135
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
جلست فوق جدار بيت بالسقف بعد أن وسط ظالم ناعم؛
ُ
نظرت أمامي ،وجدتني على جانب تسلقته من الداخل،
طريق طويل يقطعه رأسيا ً -غير بعيد -طريق آخر ،وكان
ظالمه خافت ،وتتناثر على أسفلته بعض نقاط مضيئة بنور
أصفر واهن ،وتلوح البيوت على جانبيه كسحابات دخان
سوداء كبيرة منبعجة ال تبين منها أي معالم..
ُ
فوجدت نفسي فوق هضبة عالية ،تقع على ضفاف ُ
وقفت
نفس الطريق ،ويحيط بحافاتها نور واهن قادم من األسفل،
فكرت قليالً ،قلت:
ُ
-سأتقدم!.
ً
همهمة ُ
سمعت ُ
بدأت السير فوق الهضبة إلى األمام ،فجأة؛
ُ
لمحت شبحان استدرت؛ كان ظالما ً خافت،
ُ من خلفي،
يصعدان إلى الهضبة الهثين ،وكأنهما يهربان من خطر ما؛
ُ
ركضت صوبهما، دققت البصر ،وجدتهما شابا ً وفتاة،
ُ
ُ
حملت الشاب وقذفته من أعلى الهضبة، ودونما أي تفكير،
وكذلك الفتاة أسقطتها خلفه ،والغريب أنهما لم يصرخا ،ولم
134
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
وفكرت في النزول من فوق الهضبة، ُ
ندمت على قتلي لهما،
ُ
اجتزت التقاطع إياه، ُ
وجدت نفسي بالطريق وقد فجأة؛
وأتقد ُم نحو حشد من أشباح بشر باهتو األلوان ال تبين لهم
رؤوس كاملة ،يهتفون بكلمات ال أسمعها ،وقد استحال الجو
نهاراً ،وكان بجانبي شخص يرافقني ال أعرفه وال أرى
مالمحه ،بدا لي كشخص من دخان أزرق لم تتشكل مالمحه
ُ
اقتربت أكثر، بعد ،ولكن كان لدي أحساس بأننا أصدقاء،
ُ
أبحث بعيني عن شىء ما. وقفت مذهوالً
ُ
ْ
عرفت أنه الدجال مع أنه ليس بأعور؟. -كيف
131
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
قلت له بثقة:
ُ
نظرت تقدمنا في السير مع الحشد ،وسبق الدجال الحشد،
إلي بوجه ملؤه المكر ،كان طويالً ،ربما
إليه ،وجدته ينظر َّ
تعدى الثالثة أمتار ،ساقيه كانتا في حجم عودين من
القصب ،مرتديا ً سروالً أسوداً ضيقاً ،وصدره عريض ،سألت
صديقي:
132
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
137
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
أجبت على نفسي أطمئنها: عندها
ُ
فتحت نصف عيناي، استيقظت فوق الفراش ُمجهداً،
ُ وفجأة؛
ُ
صغت ُ
تأملت الشاشة، وجدت نفسي نائما ً أمام التلفاز أرضاً،
ُ
وجدت المذيعة بنشرة األخبار تقول” :سيصل غداً
ُ السمع؛
الرئيس األمريكي في أول زيارة له إلى السعودية“...
ُ
وشرعت في إكمال نومي.. ُ
أغمضت عيني، ُ
أطفأت التلفاز،
120
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
121
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
جسر من وهم
122
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
أخرجت هاتفي من لم أذهب إلى المدرسة ذاك الصباح؛ بل
ُ
واتصلت بها ،ول َّما فتحت الخط ،قلت: جيبي،
ُ
قاطعت وضحكت أيضاً ،ثم
ُ قاطعتني بها ،ثم ضحكت،
ضحكتها قائالً:
-على فكرة؛ أنا عارفة ...بس نفسي أسألك :هو إنت ليه
بتقولهالي كل شوية؟!.
123
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ْ
ضحكت ،ثم سألتني ُمتهكمة:
قاطعتها حانقاً:
122
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-إن ِ
ت إيه؟!
-إيه!.
ُ
صحت بها:
-بحبك؟.
125
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-إنت فين؟.
-فوق الكوبري.
-كوبري إيه؟.
انفعلت ُمجدداً:
ُ
124
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-طب لما أن ِ
ت عارفة بتوجعي قلبي ليه؟!.
ُ
ونهضت من فوق ُ
فكبحت دمعاتي، ثم ران الصمت علينا،
درجة سلم الممشى فوق الكبري؛ لم يكن هناك مارة فوق
حارتي المشاة الحديديتين أعلى الكوبري.
ُ
رحت أتأمل ُ
تحركت صوب الدرابزين والهاتف على أذني،
النيل باألسفل ،ثم الجسور القابعة فوقه والغارقة في ضباب
الصباح ،وازدحام السيارت من فوقها؛ ذلك االزدحام الذي ال
تنخفض ذروته في صباح أو مساء ،ومباني الزمالك
العتيقة ،وقبالتها األبراج الزجاجية الشاهقة التي تلمع من
121
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
سألت نفسي ،ولم ماذا لو لم أتزوج رنا؟ ماذا لو افترقنا؟!
أجد بداخلي جرأة على التفكير في أيما إجابة!.
-أنا جييت؟.
ُ
تنهدت ُ
شعرت بها تطوقني من الخلف وتسكن، كانت رنا،
شح ُ
ِنت من جسدها بطاقة كهربائية لذيذة ،تكفي بارتياح ،و ُ
إلنارة القاهرة عاما ً دون أن تنضب..
ْ
تراجعت برأسها قائلة:
ضحكت قائالً:
ُ
122
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
استدرت محاوالً
ُ انفكت عني؛ وانتابتها ضحكات هيستيرية،
ُ
وجدت جسدها يهتز داخل إيقاف نفسي عن الضحك،
تنورتها ال ُكحلية ،وقميصها األبيض ،وقد اِح َم َّر ْت خدودها
ْ
والتمعت عيناها الكحيلتين ،وعلى وشك إسقاط الوردية،
ُ
وضعت الهاتف في جيبي، دمعاتها جراء ضحكها الشديد،
ُ
قلت:
-وحشتيني؟.
ُ
عدت لتأمل النيل ،وقفت بجانبي تتأملني ،وضعت ُ
امتعضت،
كفها األبيض الناعم فوق كفي القابضة على الدرابزين،
قالت بجدية:
ْ
نزعت يدها وراحت استدرت ُمتأهبا ً لسماع َم ِ
رزئة ،بعد أن ُ
تفركهما ببعضهما البعض في حيرة وقلقُ ،
قلت:
127
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
أوبخها ُ
فهممت أن ِ خرجت رغما ً عني ،فعادت لضحكاتها،
ْ
لوال أن أخرصني بوق القطار المار من أسفلنا وأزيزه
المرتفع ،الذي لو صحنا بجواره بأعلى صوتنا لبدا أننا
صامتين..
***
ْ
تزوجت ؛ ْ
تزوجت رنا ،وبعدما بعد ذاك اليوم بعدة سنوات؛
ُ
أحببت ْ
تزوجت ؛ ْ
تزوجت ،وبعدما ُ
أحببت نرمين ولكنها
ُ
أحببت سالي، ْ
تزوجت؛ تزوجت أيضاً ،وبعدما
ْ مريم ،ولكنها
ولكنها تزوجت هي األُخرى!..
ُ
تزوجت أنا منذ عام ،وأنا اآلن أحب زوجتي ريهام وأخيراً؛
كثيراً..
150
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
151
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
نظارة الحاسد
152
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
وحدث ذات يوم أن صنع له أوالده نظارة بصر ُتص ِّغر كل
األشياء عن حجمها الحقيقي ثالث مرات ليرتديها ،وقالوا
له« :هذه النظارة ستوقف الحسد» .وأقسموا عليه أال
153
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
«أجل هي كذلك!»
152
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-بيت َ
وخ ُرب!..
155
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
مزاح عفريت
154
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
151
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
152
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
حانوت اللذة
157
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
عرجت على حانوت كنت إذا ما لمحتها من بعيد واقفة،
البقالة حيث تنتصب خلف ”البنك“ تبيع لهذه ،وتحاسب
ذاك..
ُ
خطفت أيما شيء من فوق وإن كانت ُمنشغلة مع زبائن؛
األرفف ال يتعدى سعره الخمسة جنيهات ،وتظاهرت
ُ
ونشأت أتنقل ببصري ما بينها وبين الزبائن، باالنتظار،
وحقيقة األمر؛ ال ترى عيناي سواها..
140
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
ولجت العقد حينئذ؛ أتذكر خجالً من انحطاط خياالتي أني
وأقبض على
ُ الخمسين من عمري منذ سنوات؛ أنقدها الثمن
عصاي ،وأدلف خارجا ً صوب الطريق ،رامقا ً ُنهديها نظرة
وداع..
141
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
فرصة ضائعة
142
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
لمحت تلك السيدة الثالثينية التي بدا أنها قلتها في نفسي ل َّما
من ذوات المال واألعمال؛ وذاك مادل عليه طراز سيارتها
الفارهة ،واألشياء الثمينة التي كانت تبتاعها من البقال في
طريقها ،وثيابها الغالية الناصعة ،لوال ذاك القطع الصغير
في بنطالها من دبر ،والذي كان ُيظهر لحم فخذها وأطراف
لباسها الداخلي..
ُ
اقتربت منها ،لم تتحرك بسيارتها وانتظرتني بنظرات ُملؤها
ُ
دنوت برأسي منها: قلت لها هامساً ،بعدما
التعجبُ ،
143
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
142
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ذات سُفلى
145
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
صمت ،ولكن عيناي أبت الصمت ،وسحت الدموع بال
مكيال ،واشتعلت ناراً في أركان قلبي فانقبض ،وازداد
رجيفاً..
-مش بتاكل؟.
-باكل ياستي!.
144
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-مش بتشرب؟.
-بشرب!.
ُ
قررت أن أعيد على مسامعها ما أعرف أنها تعرف ،ولكني
تعرفه ،وتود أن تسمعه بحرقة ،فقد راود ُمخيلتي آنذاك
مشهد كانت هي بطلته ،مشهد من ال ُمستقبل البعيد؛ رأيتها
تبكي ،وتندم أنها تركتني رغم علمها بقدر محبتي لها،
وتتذكر كل كلمات الحب التي ألقيتها على آذانها الصماء،
وقلبها ال ُغلف ،وتزدري أيما سبب تحججت به قديما ً ل ُتحِل
لنفسها الفراق،
141
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ْ
تذكرت كلماتي؛ ازداد نحيبها ،وتيبس جسدها، وكلما
ْ
وسقطت في وهدة الوحدة أكثر فأكثر!. وشحب وجهها،
142
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
عيون أنثى
147
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
110
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ْ
تلعثمت حروفها ،ولم إلي كي أتوقف ،ثم ْ
أشارت بيدها ّ
كنت واقفا ً وبيدي حزمة
تنطق .وشرد عقلها يرتب كلمات؛ ُ
ْ
تأخرت ،عندئذ أوراق ،بانتظارها أن َتخ ُرج كلماتها ،ولكنها
ُ
وجدت سوى تلك الجملة، ُ
اضطررت أن أقول أي شيء ،وما
فقلتها بتلقائية:
ُ
سمعت أزيز مكابح التروس ص َم ُ
ت أتأملها؛ أقسم أني ثم َ
بعقلها ،والتي توقفت فجأة ،بسبب ُمقاطعتها من قِ َبلي.
ُ
والزلت أتذكر أثر وقع الكلمات على وجهها الذي نقأ فجأة،
ْ
وتناوبت شتى األلوان على زخرفته ،وعيناها السوداوان
الواسعتان الكحيلتان ،اللتان تعلقتا بي لحظات ،كطفل هددته
111
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
خجل
ِ أمه بالرحيل عنه ،وتركه وحيداً ،ثم سقطتا أرضا ً في
وصمت أنيقين!.
ُ
سمعت جرس جدوى تساؤلي حينذاك ،إذ ُ
تساءلت ،ولكن ما ّ
ُ
ودلفت ُ
فأفقت من تأمل صمت حيائها الجميل، مكتب المدير،
صوب المكتب ،ثانيا ً رقبتي ،أراقبها بعيناي ،وهي تدلف
صوب القسم الذي يجمعنا ،تقدم ساقا ً وتؤخر أخرى!.
إلي ،فأرفع
حتى وأنا ُمنهمك في األوراق ،أشعر بأنها تنظر ّ
رأسي فجأة ،فأجدها تختطف رأسها ،وتجبره على اإلطراق،
مبتسمة ابتسامتها العذبة إياها ...أليس ذلك بحب!
112
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
فكرت: أقبض على مِقبض باب مكتب المدير،
ُ ُ
وقفت قبل أن ت
تزوج التي تحبك؟ هكذا يقال دائماً ،وما أدراني؟ لربما
أحبها ،أو أنني مع األيام سأحبها ،وخاصة أني لم أحب فتاة
حتى اآلن!.
ُ
وقصدت القسم ،ول ّما دخلته ،وجدتها تنظر تراجعت سريعاً،
ُ
لي باستغراب ممزوج بابتسامة شجعتني على أن أقول لها
وللجميع آنذاك:
ْ
فضحكت، شغروا أفواههم والتزموا الغمز واللمز ،أما هي
ولكنها ضحكة جديدة؛ لم أرها ُمنطبعة على وجهها من قبل،
ثم قالت بسخرية:
113
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
112
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ضحكات من الماضي
115
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
الوالدة...
الموت....
114
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
111
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ت على ُ
عدت أهتم لشروق الشمس مذ أن أشرق ِ -ما
حياتي!.
ُ
ولدت حينما -أنا لم أولد حين وضعتني أمي ،ولكني
وضعتني بحضنك الدافيء.
ْ
وغربت الشمس.. طوقها ،وقبل رأسها،
***
112
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
117
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
120
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-أعﺪكِ !.
***
121
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
***
122
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
123
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ﺼﺮخﺖ به :
لﻢ يﻜﻦ أمامه خﻴار إال أمﻞ مﻨعﺪم وهﻮ اللﺤاق بهﻢ قﺒﻞ أن
يمسسها أذى؛ ركض كﻤال صوب الﺠﺒﻞ ،وكانﺖ الﺼفﻮف
عﻦ يﻤﻴﻨه وعﻦ شﻤاله مﻦ الﻤﺘفﺮجﻴﻦ مﻦ أهﻞ القﺮية
كثيرة..
122
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
125
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
لﻢ يﺼﺪق كﻤال مايحدث لﺤﺒﻴﺒﺘه أمام عﻴﻨﻴه ،وال يفهﻢ سﺒﺐ
كﻞ هﺬا ،وجﺮى علﻴها فﻮجﺪها غارقة في بﺤﺮ دمائها ..
ُذهﻞ عقله ،ورفض مايحدث؛ ﻇﻞ يﺒﻜي ويﺒﻜي ،مﺴﻚ بﻴﺪها
يقبلها بحرارة ،وهﻮ غارق في بﺤﺮ دمﻮعه ،وقال لها
بصوت متهدج من شدة نحيبه :
124
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
121
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
***
122
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
لقد أُبرم إتفاق بين معظم أهﻞ القﺮية على طي السر وكﺘﻤان
ماحﺪث مﺮاعاة لﻤﺮضه..
َت َف َقد كمال ذكﺮياته بالقﺮية حزيناً ،ثﻢ عاد الى القاهﺮة حانقا ً
غاضبا ً مكسوراً..
***
-مرحباً؟.
127
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
-أين هي أرجو...
***
170
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
تزوجت حقاً،
ْ -سأرضى بنصيبي وقسمتي ،وإن كانت قد
فأتمنى لها السعادة من كل قلبي ،أما أنا فمن اآلن سأبحث
عن سعادتي أيضا ً ،رغم أني متأكد أنها قد أخذتها معها إلى
األبد!.
ت عﻨي واخﺘﺮ ِ
ت-ثم سالت دمعاته- ت كاذبة لقﺪ تخلي ِ
-أن ِ
غيري ،في وقت أنا في أمس الحاجة لكِ فيه ،فاآلن ما
ُ
عدت أحتاج لغروب الشمس بعد أن غرب ِ
ت عن حياتي ،
171
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
ُ
سأبحث عن شمس جديدة تشعرني بالدفء وال تأفل مثلكِ
أبداً..
ثم نظر إلى الدمية؛ رأى وجه عزيزة ينأى عن النظر إليه،
قال:
***
172
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
173
رمضان سلمي برقي سقوط القاهرة _ مجموعة قصصية
صدر للكاتب:
172