You are on page 1of 15

8-7

‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫تلخيص الدرس السابع‬

‫قال اإلمام البخاري ‪-‬رحمه هللا تعاىل‪:-‬‬


‫َّ ٌ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫ٌ‬
‫باب من اإليمان أن يحب ألخيه ما يحب لنفسه‪ :‬حدثنا ُمسدد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا ُم َسدد‪،‬‬
‫َ َ ه ُ َ ْ ُ َ ْ َّ ِّ ه‬ ‫َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ‬
‫ي َصَّل‬ ‫الن‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫اَّلل‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫قال‪ :‬حدثنا يحي‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أ‬
‫َ ْ َّ ِ ي ِّ َ ه‬ ‫ه ُ َ َ ْ َ َ ه َ َ َ ْ ُ َ ْ ْ ُ َ ِّ َ َ َ َّ َ َ ٍ َ َ َ ُ ي َ ْ َ َ‬
‫س‪ ،‬عن الن ِ يي صَّل‬ ‫ي المعل ِم‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا قتادة‪ ،‬عن أن‬ ‫اَّلل علي ِه وسلم‪ ،‬وعن حس‬
‫َ ُ ُّ ٍ َ ْ‬ ‫ه ُ َ َ ْ َ َ ه َ َ َ َ ُ ْ ٍ ُ َ َ ُ ُ ْ َ ََّ ُ َّ َ‬
‫يه ما ي ِحب ِلنف ِس ِه"‪.‬‬ ‫اَّلل علي ِه وسلم‪ ،‬قال‪َ" :‬ل يؤ ِمن أحدكم حي ي ِحب ِأل ِخ ِ‬

‫ش ٍء مما يتعلق بإسناده‪:‬‬


‫الوجه األول‪ :‬يف الكالم عَّل ي‬

‫وعَّل بن‬ ‫خرج اإلمام أحمد‪،‬‬ ‫سعيد القطان‪ ،‬هو الذي ّ‬


‫ٍ‬ ‫الفائدة األوىل‪ :‬يحي بن‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫المديي‪ ،‬ويحي بن معي‪ ،‬وهو من تالميذ شعبة‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫يحي القطان أحد المراكز الكبى يف الصنعة الحديثية‪ ،‬وكان معروفا بأنه حازم ولم‬
‫يكن يتسامح يف قضية الجرح والتعديل‪ ،‬ومع حزمه وقوته إال أنه كان رجال رقيقا يف‬
‫نفسه‪ ،‬لذلك قال عنه تلميذه اإلمام أحمد‪" :‬كان يحي بن سعيد رجال رقيقا وربما‬
‫َّ‬
‫بىك إذا حدث"‪.‬‬

‫توف‬ ‫الفائدة الثانية‪ :‬أنس بن مالك ‪ -‬ي‬


‫رض هللا تعاىل عنه‪ -‬من آخر الصحابة موتا ي‬
‫الني ﷺ لمدة عش سنوات‪ ،‬وكان من المقربي‬ ‫عام ثالثة وتسعي للهجرة‪ ،‬وخدم ي‬
‫ُ‬
‫الني ﷺ كذلك‪،‬‬
‫الني ﷺ وكان دائما يالزمه‪ ،‬وكانت أم أنس قريبة من ي‬‫من مجلس ي‬
‫الني ﷺ يزورها يف بيتها‪.‬‬
‫وكان ي‬

‫‪-2-‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫ني ﷺ أكرمه‬ ‫للني ﷺ‪ ،‬ومن محبته لل ي‬


‫رض هللا تعاىل عنه‪ -‬كان شديد ًالحب ي‬‫أنس ‪ -‬ي‬
‫الني ﷺ وهو ما أخرجه اإلمام‬‫بشء عظيم جدا بعد وفاة ي‬ ‫هللا ‪-‬سبحانه وتعاىل‪ -‬ي‬
‫الني ﷺ يف المنام"‪.‬‬ ‫َّ ٌ‬
‫أحمد يف مسنده عن أنس أنه قال‪" :‬قل يوم أنام فيه إال وأرى ي‬
‫الني ﷺ قال‪" :‬لما‬
‫أنس هو صاحب الجملة المشهورة يف وصف المدينة بعد وفاة ي‬
‫شء‪ ،‬ولما كان اليوم الذي‬
‫الني ﷺ المدينة أضاء منها كل ي‬
‫كان اليوم الذي دخل فيه ي‬
‫الني‬ ‫َ‬
‫شء‪ ،‬وما نفضنا عن أيدينا الباب من دفن ي‬ ‫الني ﷺ أظلم منها كل ي‬ ‫توف فيه ي‬ ‫ي‬
‫ﷺ إال وقد أنكرنا قلوبنا"‪.‬‬

‫الفائدة الثالثة‪ :‬قتادة من أهم الرواة عن أنس بن مالك‪ ،‬وهذا اإلسناد "شعبة عن‬
‫ََ‬
‫قتادة عن أنس" من أفضل األسانيد ومن أقواها‪.‬‬
‫ََ‬
‫توف عام مئة وسبعة عش للهجرة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫‪-‬‬ ‫تعاىل‬ ‫هللا‬ ‫رحمه‬ ‫‪-‬‬ ‫السدوش‬
‫ي‬ ‫عامة‬ ‫د‬‫ِ‬ ‫بن‬ ‫ادة‬ ‫ت‬ ‫ق‬
‫ََ‬
‫المديي أن قتادة هو أحد الستة الذين تدور عليهم أسانيد‬
‫ي‬ ‫عَّل بن‬
‫برصي‪ ،‬قال اإلمام ي‬
‫الحديث‪.‬‬
‫ََ‬
‫السدوش البرصي‪ ،‬والزهري‪.‬‬
‫ي‬ ‫عامة‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫بن‬ ‫ادة‬ ‫ت‬ ‫ومن أهم أصحاب أنس هو ق‬

‫ُ‬ ‫ً‬
‫الجرم البرصي‪ ،‬كان‬
‫ي‬ ‫زيد‬ ‫ومن تالميذه أيضا‪ :‬ثابت الب ي‬
‫نان‪ ،‬وأبو ِقالبة عبد هللا بن ٍ‬
‫من العباد ومن الفقهاء وكان رجال صالحا‪ ،‬وهو برصي ولكنه هرب من البرصة يف‬
‫أواخر وقته فر ًارا من القضاء‪ ،‬والتلميذ الخامس ألنس بن مالك هو عبد العزيز بن‬
‫مدن‪.‬‬
‫صهيب‪ ،‬كلهم برصيون إال الزهري ي‬

‫َ ْ ُ َ َ ْ ََ َ َ َ ْ‬ ‫ً ‪ْ َ َ َ َّ َ َ َ ٌ َّ َ ُ َ َ َّ َ : :‬‬
‫ال‪ :‬حدثنا يح َي‪ ،‬عن ش ْع َبة‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن‬ ‫تنبيه يسب جدا قال " حدثنا مسدد‪ ،‬ق‬
‫ه ُ َ َ ْ َ َ ه َ َ َ ْ ُ َ ْ ْ ُ َ ِّ‬ ‫َ َ ه ُ َ ْ ُ َ ْ َّ ِّ َ ه‬ ‫ََ‬
‫ي المعل ِم"‪ ،‬يحي‬ ‫ض اَّلل عنه‪ ،‬عن الن ِ يي صَّل اَّلل علي ِه وسلم‪ ،‬وعن حس ٍ‬ ‫سرِ ي‬
‫أن ٍ‬
‫نكتف بهذا القدر فيما يتعلق بالوجه األول‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫هو الذي روى عن الحسي المعلم‪ ،‬إذن‬

‫‪-3-‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫المعان واأللفاظ واضح ال يحتاج إىل بيان‪،‬‬


‫ي‬ ‫الثان‪ :‬المتعلق ببيان‬
‫ُي‬ ‫الوجه‬
‫بنف اإليمان هنا؟‬
‫وه ما المراد ي‬
‫ولكن ربما تثار مسألة ي‬

‫نف أصل اإليمان‪ ،‬بمعي‬ ‫نف اإليمان هنا ليس المراد به ي‬


‫المتفق عليه بي العلماء أن ي‬
‫أنه إذا لم يحب اإلنسان ألخيه ما يحب لنفسه فإنه ال يكون ً‬
‫كافرا‪.‬‬
‫َ‬
‫ه واجبة أم مستحبة؟ إذا قلنا واجبة فيقال‬ ‫ولكن هناك اختالف يف َالخصلة هل ي‬
‫واجبة منه‪َ ،‬‬
‫حي لو قلنا لكمال اإليمان‪ ،‬لكن تكون‬ ‫ٍ‬ ‫صلة‬
‫نف اإليمان النتفاء خ ٍ‬‫هنا‪ :‬ي‬
‫واجبة‪ ،‬هذا القول األول‪.‬‬
‫لنف الكمال المستحب‪.‬‬ ‫الثان‪ :‬أن الصفة هنا مستحبة‪ ،‬فيكون ي‬
‫نف اإليمان ي‬ ‫ي‬ ‫والقول‬

‫نف كمال اإليمان الواجب أم كمال اإليمان المستحب؟‬ ‫المسألة‪ :‬هل ي‬


‫نف اإليمان هنا ي‬
‫نف كمال اإليمان‬
‫اإلمام ابن رجب ‪-‬رحمه هللا تعاىل‪ -‬يف فتح الباري يرجح أنه من ي‬
‫ً‬
‫الواجب‪ ،‬قال‪" :‬فإن اإليمان كثبا ما ي‬
‫ينف النتفاء بعض أركانه وواجباته كقوله ﷺ ال‬
‫يزن وهو مؤمن‪ ،"...‬وابن تيمية له كالم بمثل هذا المعي‪ ،‬وهذه‬ ‫ان حي ي‬ ‫يزن الز ي‬
‫ي‬
‫َ‬
‫قاعدة لديهم يف أن ما قيل فيه من الحديث "ال يؤمن أحدكم حي يفعل كذا" فكل‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫فه خصلة واجبة‪ ،‬ومنهم من يقول إنها من الباب‬ ‫ي‬ ‫اإليمان‬ ‫ألجلها‬ ‫ف‬ ‫صفة ي‬
‫ن‬ ‫ٍ‬
‫بنف‬
‫نف اإليمان ال يكون ًإال ي‬
‫َالمستحب‪ ،‬لكن توجيه الحديث بهذه القاعدة أن ي‬
‫العلم القوي يف هذه المسألة‪ ،‬وهو أيضا البن‬
‫ي‬ ‫خصلة واجبة فيه‪ ،‬فهو من التقرير‬
‫تيمية رحمه هللا تعاىل‪.‬‬

‫الي يمكن أن نستخرجها‪ ،‬وما‬ ‫َ‬ ‫الوجه الثالث‪ :‬استنباطات الفوائد‬


‫والمعان ي‬
‫ي‬
‫ذكره أهل العلم ف هذا الحديث من الفوائد َ‬
‫الببوية والمنهجية وما إىل‬ ‫ي‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪-4-‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫َ‬
‫الفائدة األوىل‪ :‬النصوص الشعية ي‬
‫الي تدل عَّل مركزية المحبة وعَّل قضية التآلف‬
‫بعدد‬
‫ٍ‬ ‫بوجوه من النصوص الشعية‪ ،‬وليس‬ ‫ٍ‬ ‫وأنها من المقاصد الكبى يستدل عليه‬
‫َ ُ‬
‫الي أثبت بها‬
‫بحزم من النصوص‪ ،‬فهذه واحدة من األساليب ي‬ ‫ٍ‬ ‫من النصوص وإنما‬
‫نف اإليمان عمن لم يحققها‪.‬‬
‫وه ي‬ ‫أهمية هذه المبلة ي‬

‫الفائدة الثانية‪ :‬اإلمام ابن رجب ‪-‬رحمه هللا‪ -‬يف فتح الباري قال‪" :‬وإنما يحب الرجل‬
‫ألخيه ما يحب لنفسه إذا سلم من الحسد والغل والغش والحقد"‪ ،‬فهذه الخصلة‬
‫تحتاج إىل إزالة موانع‪ ،‬ر‬
‫أكب من احتياجها إىل إضافة مكونات لدى اإلنسان‪.‬‬

‫الني‬ ‫تمي ٌالخب لألخ‪ ،‬لكن مما وقع يف وقت ي‬ ‫الفائدة الثالثة‪ :‬الحديث يتحدث عن ي‬
‫بوجه‬
‫ٍ‬ ‫ﷺ هو تقديم الغب عَّل النفس وهذه صفة أعَّل‪ ،‬وممن تمب بذلك األنصار‬
‫ُ‬
‫عام ألن هللا سبحانه وتعاىل أثبت لهم هذه الصفة يف أصح ما يمكن أن ينقل عن‬
‫َّ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ ه َ َ‬
‫يمان‬ ‫{وال ِذين ت َب َّو ُءوا الدار و ِاإل‬ ‫تلك المرحلة حي وصفهم هللا سبحانه وتعاىل بقوله‪:‬‬
‫ْ َ َ ً ِّ َّ ُ ُ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ْ ْ ُ ُّ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ُ َ‬
‫ور ِهم حاجة مما أوتوا ويؤ ِثرون‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫ف‬
‫ِم َن ق َب ِلُ ِهم ي ِحب َون َ م َن هاج َر ِإلي ِهم ٌوَل ي ِجد ِ ي‬
‫ون‬
‫العمَّل‬ ‫التطبيق‬ ‫من‬ ‫شواهده‬ ‫للحديث‬ ‫فكان‬ ‫‪،‬‬‫اصة} ‪1‬‬‫َعَّل أنفسه ْم َول ْو كان به ْم خ َص َ‬
‫ي‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ً‬
‫الني ﷺ أيضا من الصحابة‪ ،‬ومن أجمل العبارات يف هذا‬ ‫الني ﷺ‪ ،‬وبعد ي‬ ‫يف وقت ي‬
‫"إن ألمر باآلية من القرآن‬ ‫رض هللا تعاىل عنه‪ -‬قال‪ :‬ي‬ ‫المعي‪ ،‬كالم ابن عباس ‪ -‬ي‬
‫فأفهمها فأود أن الناس كلهم فهموا منها ما أفهم"‪ ،‬وهذا من دقيق النماذج عَّل هذا‬
‫َ ُ ُّ َ ْ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ َ ُ ُ ْ َ ََّ ُ َّ َ‬
‫ب ِلنف ِس ِه"‪.‬‬ ‫يه ما ي ِح‬ ‫الحديث الذي هو‪َ" :‬ل يؤ ِمن أحدكم حي ي ِحب ِأل ِخ ِ‬
‫الفائدة الرابعة‪ :‬هذا الحديث يعيد حساباتنا مع قضية مركزية النفس والدعوات يف‬
‫ُ‬
‫نافسي أحد يف هذا‬
‫ي‬ ‫كثب من السياقات المعارصة من ناحية الفرادة المطلقة‪ ،‬وأن ال ي‬
‫المجال‪ ،‬وهذا الطرح حي يتمحور اإلنسان عَّل نفسه وال يرض أن يكون معه يف‬
‫الني ﷺ‬ ‫َ‬
‫الي نف ي‬‫نفس المبلة أحد‪ ،‬فهذا يؤدي إىل فقدان هذه الخصلة اإليمانية ي‬

‫‪[ 1‬الحش‪.]9 :‬‬

‫‪-5-‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫ّ‬
‫اإليمان عمن لم يحققها‪ ،‬فاإلنسان يتمي أن يكون األفضل‪ ،‬ولكن يتمي أن يكون‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫معه أناس أيضا يف الصف األول‪.‬‬

‫الفائدة الخامسة‪ :‬قال اإلمام ابن رجب ‪-‬رحمه هللا‪" :-‬أنه ال إشكال إذا وهب اإلنسان‬
‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫شيئا اختص به أن يحدث بهذا الذي اختص به عَّل وجه الشكر"‪ ،‬استدل عَّل ذلك‬
‫شافع وال فخر"‪ ،‬فال يكون‬
‫ٍ‬ ‫الني ﷺ‪" :‬أنا سيد ولد آدم وال فخر وأنا أول‬
‫بقول ي‬
‫تحديثه عَّل سبيل الفخر وإنما عَّل سبيل الشكر هلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫َ‬
‫الي حث هللا ‪-‬سبحانه وتعاىل‪-‬‬
‫والتحديث بنعمة هللا سبحانه وتعاىل من األمور ي‬
‫رض هللا تعاىل عنه‪:-‬‬
‫ابن مسعود ‪ -‬ي‬ ‫عليها‪ ،‬وأيضا استدل ابن رجب عَّل ذلك بقول‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫مي تبلغه اإلبل ألتيته"‪ ،‬فاألصل عند اإلنسان هو‬
‫"لو أعلم أحدا أعلم بكتاب هللا ي‬
‫هذا المعي الذي يف الفائدة الخامسة‪ ،‬ولكن قد يكون هناك استثناءات‪،‬‬
‫واالستثناءات تحتاج إىل فقه‪.‬‬

‫ً‬
‫الكرمان "أن من اإليمان أيضا أن يبغض‬
‫ي‬ ‫الفائدة السادسة‪ :‬ما نقله ابن حجر عن‬
‫ٌ‬
‫مستلزم لبغض نقيضه َ‬ ‫ُ‬
‫فبك‬ ‫الشء‬
‫ي‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ألخيه ما يبغض لنفسه‪ ،‬ولم يذكره ألن‬
‫ً‬
‫اكتفاء"‪.‬‬ ‫التنصيص عليه‬

‫قال اإلمام البخاري ‪-‬رحمه هللا تعاىل‪:-‬‬


‫باب حب الرسول ﷺ من اإليمان‪:‬‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ ْ َْْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ ُ َ ْ ٌ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ِّ َ‬ ‫َح َّد َث َنا َأ ُبو ْال َي َ‬
‫ال‪ :‬حدثنا أبو الزن ِاد‪ ،‬عن األع َر ِج‪ ،‬عن أ ِ ين‬ ‫ان‪ ،‬قال‪ :‬أخبنا شعيب‪ ،‬ق‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َ ْ َ َ َ َ ه ُ ِ َ ْ ُ َ َّ َ ُ َ ه َ ه ه ُ َ َ ْ َ َ ه َ َ َ َ َ ه‬
‫ش ِبي ِد ِه‬‫اَّلل صَّل اَّلل علي ِ َه وسلم قال‪" :‬فوال ِذي نف ِ ي‬ ‫ض اَّلل عنه َ‪ -‬أن ر َسول ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َهري ْرة ‪-‬ر َ ِ ي‬
‫َل ُيؤم ُن أ َحدك ْم َح ََّي أ كون أ َح َّ‬
‫ب ِإل ْي ِه ِم ْن َو ِال ِد ِه َو َول ِد ِه"‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪-6-‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫وقال‪:‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫يز ب ِن ُصه ْي ٍب‪ ،‬عن‬
‫ْ‬
‫ز‬ ‫ال‪َ :‬ح َّد َث َنا ْاب ُن ُع َل َّي َة‪َ ،‬ع ْن َع ْبد ْال َ‬
‫ع‬ ‫يم‪َ ،‬ق َ‬ ‫وب ْب ُن إ ْب َراه َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ ُ ُ‬
‫حدثنا يعق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ َ َ َ ُ َ َ َ َّ َ ِ َ ِ ُ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ ْ َّ ِّ َ ه ِ ه ُ َ َ ْ َ َ َه‬ ‫ََ‬
‫س‪ ،‬عن الن ِ يي صَّل اَّلل علي ِه وسلم ح و حدثنا آدم‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ،‬عن قتادة‪،‬‬ ‫أ ٍ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اَّلل عل ْيه َو َسل َم‪َ" :‬ل يؤمن أحدك ْم ح َي أ كون أح َّ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ي َصَّل ُ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ال‪ :‬ق َ‬ ‫َ‬
‫َع ْن أنس ق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ال الن ُّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ِ ي َّ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫اس أجم ِعي"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الن‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫ل‬‫و‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫إ َل ْ‬
‫ي‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬

‫الكالم عَّل هذين الحديثي من وجوه‪.‬‬

‫الوجه األول‪ :‬فيما يتعلق باإلسناد‪.‬‬


‫الفائدة األوىل‪ :‬إذا روى أبو اليمان عن شعيب فإنه يكون بصيغة "أخبنا" وليس‬
‫بصيغة "حدثنا" لقضية اإلجازة‪.‬‬

‫أن هريرة‪ :‬أبو صالح السمان‪ ،‬وسعيد بن المسيب‪،‬‬ ‫الفائدة الثانية‪ :‬من تالميذ ي‬
‫واألعرج‪ ،‬وهمام بن منبه‪ ،‬والتلميذ الخامس محمد بن سبين‪ ،‬اإلمام المعروف‬
‫التابع الكبب الجليل‪ ،‬صاحب العبارة المشهورة‪" :‬إن هذا العلم دين‪ ،‬فأنظروا ّ‬
‫عمن‬ ‫ي‬
‫تأخذون دينكم"‪.‬‬

‫الزناد‪.‬‬
‫الفائدة الثالثة‪ :‬من تالميذ األعرج‪ :‬الزهري‪ ،‬وأبو ِ‬
‫ً‬
‫أن هريرة"‪ ،‬سلسلة مشهورة من السالسل الصحيحة جدا‬
‫"أبو الزناد ًعن األعرج عن ي‬
‫والقوية جدا‪ ،‬والمتكررة ً‬
‫كثبا‪.‬‬

‫َ ُْ ُ‬ ‫ُ‬
‫الثان‪ :‬يقال فيه ما قيل يف الحديث السابق يف ي‬
‫نف اإليمان َل يؤ ِمن‬ ‫ي‬ ‫الوجه‬
‫َ َ ُ ُ‬
‫ْ‬
‫أحدكم"‪.‬‬

‫‪-7-‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫الوجه الثالث‪ :‬الفوائد المنهجية والسلوكية َ‬


‫والببوية َ‬
‫الي نستخلصها من‬
‫ي‬
‫األحاديث‪.‬‬

‫الفائدة األوىل‪ :‬لم يكن ي‬


‫الني ﷺ يركز عَّل الشعائر التعبدية العملية فقط‪ ،‬وإنما كان‬
‫يلفت االنتباه دائما إىل أهمية مراجعة اإلنسان ألعماله الداخلية‪ ،‬ومحركاته وبواعثه‪،‬‬
‫مي ما ترك هذه الموازنة بي الباطن والظاهر يكون قد أخل‬ ‫والخطاب الدعوي َ‬
‫ً‬
‫إخالَل ً‬
‫كببا‪.‬‬
‫ُ‬
‫إن الشأن كل الشأن هو ما يف القلب‪ ،‬ولذلك صح عنه ﷺ أنه قال‪" :‬التقوى ها هنا‬
‫القدش عن هللا سبحانه‬‫ي‬ ‫الني ﷺ ذكر يف الحديث‬ ‫ي‬ ‫وأشار إىل صدره"‪ ،‬وكذلك‬
‫َ‬
‫مع فيه غبي تركته‬ ‫وتعاىل‪" :‬أنا أغي الشكاء عن الشك‪ ،‬من عمل عمال أشك ي‬
‫وشكه" وهذا أمر متعلق بالقلب‪.‬‬
‫فيجب أن نتوازن‪ ،‬وال ننظر ً‬
‫دائما إىل العمل الظاهر فقط‪ ،‬وإنما ننظر إىل االثني‪.‬‬

‫الفائدة الثانية‪ :‬أن الحب وإن كان أصله يف القلب‪ ،‬إال أن آثاره يجب أن تظهر عَّل‬
‫الجوارح‪ ،‬وهذا يكون عند سائر البش مع اختالف متعلقاتهم يف الحب‪ ،‬فادعاء أن‬
‫الني ﷺ أحب إىل اإلنسان من كل المحبوبات األخرى‪ ،‬ثم ال يكون يف العمل الظاهر‬‫ي‬
‫أدلة عَّل هذا الحب‪ ،‬فهذه دعوى الكذابي والبطالي‪.‬‬

‫ٱَّلل‬
‫ُ ْ ْ ُُ هُ ََْ ْ َ ُْ ُُ َ‬
‫وب ُك ْم ۗ َو ه ُ‬ ‫ون يح ِببكم ٱَّلل ويغ ِفر لكم ذن‬ ‫ٱَّلل َف َّٱتب ُ‬
‫ع‬
‫ُ ُ ْ ُ ُّ َ‬
‫ون ه َ‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫نت‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫إ‬ ‫ل‬
‫ُ‬
‫{ق ْ‬ ‫قال تعاىل‪:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم} ‪ ،2‬والدليل الذي يمكن أن يثبت هذه المحبة هو االتباع‪ ،‬واالتباع هو‬ ‫َغ ُف ٌ‬
‫ور َّرح ٌ‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الني ﷺ حقا يف وقته هم‬ ‫رحلة القلب والروح والبدن كذلك‪ ،‬ولذلك الذين أحبوا ي‬
‫الني ﷺ‪ ،‬فهذه عالمة المحبة‬ ‫الذين تركوا ديارهم وأهليهم وأموالهم وهاجروا إىل ي‬
‫القرآن‪.‬‬
‫ي‬ ‫القرآنية بالقانون‬

‫‪[ 2‬آل عمران‪.]31 :‬‬

‫‪-8-‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫ُ‬
‫باب‬
‫ٍ‬ ‫فمن‬ ‫الدعوة‪،‬‬ ‫تصديق‬ ‫هو‬ ‫وهذا‬ ‫؛‬ ‫ﷺ‬ ‫الني‬
‫ي‬ ‫باتباع‬ ‫ستجلب‬ ‫ت‬ ‫إذا كانت محبة هللا‬
‫الني ﷺ نفسه أن يتبعه‪.‬‬
‫أوىل أن يكون تصديق دعوة حب ي‬

‫َ‬
‫الفائدة الثالثة‪ :‬من المعايب الجميلة يف قضية المحبة ي‬
‫الي ذكرها اإلمام ابن رجب ‪-‬‬
‫رحمه هللا‪ -‬يف فتح الباري‪ ،‬يقول ‪-‬بالمعي‪ -‬أنه إذا تعارضت طاعة الرسول ﷺ يف‬
‫أوامره مع طاعة المحبوب اآلخر فبحسب تقديمه يف الطاعة يكون صدق دعوى‬
‫لمحبوب آخر‬ ‫أمر‬ ‫مع‬ ‫ﷺ‬ ‫الني‬ ‫إليه‬ ‫دعا‬ ‫ٌ‬
‫واجب‬ ‫المحبة‪ ،‬فيقول إنه إذا تعارض‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬
‫ٌ‬
‫نقص يف المحبة‪ ،‬وال يقول بزوال المحبة‬ ‫وقدمت أمر المحبوب اآلخر فهنا عندك‬
‫ولكنه نقص يف المحبة الواجبة‪.‬‬

‫نقصا يف المحبة‬ ‫وإذا تعارض المندوب وهو المستحب مع المحبوب‪ ،‬يقول‪ :‬ال يكون ً‬
‫ُ َّ َ ْ َ ْ َ ْ َ َٰ َ ه َ ْ َ َ َ‬
‫ٱصطف ْينا‬ ‫الواجبة ولكنه نقص عن مبلة الكمال‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ثم أورثنا ٱل ِكت ب ٱل ِذين‬
‫ْ‬ ‫ٌۢ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ه‬
‫ٱَّلل ۚ‬
‫ب ِت ِب ِإذ ِن ِ‬ ‫ِم ْن ِع َب ِادنا ۖ ف ِمن ُه ْم ظ ِال ٌم لنف ِس ِهۦ َو ِمن ُهم ُّمقت ِص ٌد َو ِمن ُه ْم َس ِاب ٌق ِبٱلخ ْ َ َٰ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ ُ َْ ْ‬
‫ذ َٰ ِلك ه َو ٱلفض ُل ٱلك ِب ُب} ‪.3‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الني ﷺ ولم يؤكد عليها تأكيد‬ ‫ي‬ ‫عليها‬ ‫حث‬ ‫الي‬
‫يؤثر المندوبات ي‬ ‫فيقول ابن رجب‪ :‬من ِ‬
‫يؤثر المندوبات النبوية‬ ‫دواع محبوباته يكون من المقربي‪ ،‬ومن لم ِ‬ ‫ي‬ ‫الوجوب عَّل‬
‫ً‬
‫يؤثر محبة األمر‬ ‫عَّل محبوباته يكون من المقتصدين‪ ،‬ويمكن أن نقول أيضا من لم ِ‬
‫الواجب عَّل محبوباته يكون من الظالمي ألنفسهم وممن وقع يف اإلثم‪ ،‬وهنا‬
‫وكثب من الشك والكفر الذي وقع‬ ‫ٌ‬ ‫حي يفقد اإلسالم‪،‬‬ ‫بحسبه فقد يتمادى ف ذلك َ‬
‫ه َ َ ً ُ ُّ َ‬ ‫ي‬
‫ون ُه ْم َك ُحبِّ‬ ‫َ ْ َ َّ ُ ْ ُ‬ ‫َ َ َّ‬
‫اَّلل أندادا ي ِحب‬‫ون ِ‬ ‫اس من يت ِخذ ِمن د ِ‬ ‫منبعه المحبة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬و ِمن الن ِ‬
‫‪4‬‬ ‫ه‬
‫ش ٍء متعلق بمحبوبه‬ ‫اَّلل} ‪ ،‬فقد يكون دافع الكفر لإلنسان أو الشك هو تعظيم ي‬ ‫ِ‬
‫حي يتجاوز به الشيعة يف أصلها‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪[ 3‬فاطر‪.]32 :‬‬


‫‪[ 4‬البقرة‪.]165 :‬‬

‫‪-9-‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫والتمي يف حالة الوجود والفقد‪ ،‬يقول‪:‬‬


‫ي‬ ‫الفائدة الرابعة‪ :‬ذكر ابن حجر قضية الشعور‬
‫يأن مثله يف نرصة سنته والذب عن‬ ‫"وليس ذلك محصورا ف الوجود والفقد‪ ،‬بل َ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫شيعته وقمع مخالفيها"‪ ،‬وهذا من لوازم أن يكون الرسول ﷺ أحب إليك من والدك‬
‫إىل من والدي وولدي والناس‬ ‫وولدك والناس أجمعي‪ ،‬فال تقل‪" :‬هو أحب ّ‬
‫ي‬
‫َ ُ‬
‫الني ﷺ بنرصة أمته وسنته‬‫الي يراد فيها نرصة ي‬ ‫أجمعي"‪ ،‬ثم إذا أتت المواطن ي‬
‫ودينه تكون من المتخلفي المتخاذلي! هذه القضية تحتاج إىل مراجعة النفس‪.‬‬

‫محمد وعَّل آله وصحبه أجمعي‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫وصل اللهم عَّل نبينا‬ ‫هذا وهللا تعاىل أعلم‪،‬‬
‫ٍ‬

‫‪- 10 -‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫تلخيص الدرس الثامن‬

‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫محمد وعَّل آله وصحبه أجمعي‬
‫ٍ‬ ‫وصل اللهم عَّل نبينا‬ ‫الحمد هلل رب العالمي‬

‫قال اإلمام البخاري ‪-‬رحمه هللا تعاىل‪:-‬‬


‫ف‪َ ،‬ق َ‬ ‫َّ‬
‫الث َق ِ ُّ‬ ‫َ َّ َ َ ُ َ َّ ُ ْ ُ ْ ُ َ َّ َ َ َ َّ َ َ َ ْ ُ ْ َ َّ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ي‬ ‫د َبن المثي‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا عب ْد الو ِ‬
‫اب‬ ‫ه‬ ‫باب حالوة اإليمان‪ :‬حدثنا محم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ُّ ُ‬
‫ي ﷺ‪ ،‬قال‪َ:‬‬ ‫َّ‬
‫اَّلل َعن ُه‪َ ،‬ع ْن الن ِّ‬ ‫ض هُ‬ ‫وب‪َ ،‬ع ْن أن ِق ََل َب َة‪َ ،‬ع ْن أنس ْبن َم ِال ٍك َر ِ َ‬ ‫حدثنا أي‬
‫ُ َ ِي‬ ‫َ َ َ ِْ ِ َ ْ ُ ي‬ ‫ِي‬
‫َ‬
‫ب ِإل ْي ِه ِم َّما‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫يمان‪ :‬أن يكون اَّلل َو َر ُسوله أح َّ‬ ‫َ‬ ‫" َث ََل ٌث َمن كن فيه َوجد حَل َوة اإل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ ُ ْ َ َ َ َْ ُ َْ‬ ‫َ ُ َ َ َ ْ ُ َّ ْ َ ْ َ َ ُ ُّ ُ َّ ه َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫َّلل‪ ،‬وأن يكره أن يعود ِ يف الكف ِر كما يكره أن‬ ‫ِسواهما‪ ،‬وأن ي ِحب المرء َل ي ِحبه ِإَل ِ ِ‬
‫َّ‬
‫ف ِ يف الن ِار"‪.‬‬ ‫ُْ َ َ‬
‫يقذ‬

‫الوجه األول‪ :‬فيما يتعلق بالصنعة الحديثية أو الكالم عن اإلسناد وصنعة اإلمام‬
‫البخاري‪.‬‬

‫بوب له اإلمام البخاري ‪-‬رحمه هللا‪ -‬يف كتاب اإلكراه بقوله‪" :‬باب‬ ‫ومن تنوي ع الفائدة َّ‬
‫ً‬
‫الني ﷺ‪" :‬وأن‬
‫ي‬ ‫قول‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫أخذ‬ ‫من اختار الرصب والقتل والهوان عَّل الكفر"‪ ،‬وهذا‬
‫يكره أن يعود يف الكفر كما يكره أن ُيقذف يف النار"‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫‪ -‬محمد بن المثي هو شيخ لكل أصحاب الكتب الستة‪ ،‬فمحمد بن المثي شيخ‬
‫النسان‪،‬‬ ‫لإلمام البخاري‪ ،‬ولإلمام مسلم‪ ،‬واإلمام أن داود‪ ،‬واإلمام َ‬
‫البمذي‪ ،‬واإلمام‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫واإلمام ابن ماجه‪ ،‬وهو من تالميذ يحي القطان ويحي القطان شيخ اإلمام أحمد‪،‬‬
‫المديي‪ ،‬ويحي بن معي‪.‬‬
‫ي‬ ‫وعَّل بن‬
‫ي‬

‫‪- 11 -‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫السختيان‪ ،‬من فضالء الناس ومن سادة المسلمي‪ ،‬قال عنه‬


‫ي‬ ‫أن تميمة‬‫‪ -‬أيوب بن ي‬
‫اإلمام البخاري يف (التاري خ الكبب)‪" :‬كان أيوب سيد المسلمي"‪ ،‬وأيوب من تالميذ‬
‫رض هللا تعاىل‬
‫أن هريرة ي‬
‫التابع الجليل الكبب الذي هو من تالميذ ي‬
‫ي‬ ‫محمد بن سبين‬
‫عنه‪.‬‬

‫َ‬
‫"ق َ َ‬ ‫ً‬
‫رص بالحديث"؛ فعندما يشك يف‬ ‫السختيان معروفا بما يصفونه أنه‬
‫ي‬ ‫كان أيوب‬
‫ً‬
‫الصحان‪ ،‬يجعله موقوفا‬
‫ي‬ ‫الني ﷺ أو موقوف من كالم‬ ‫الحديث هل هو مرفوع إىل ي‬
‫الصحان‪.‬‬
‫ي‬ ‫من كالم‬
‫الثقف‪.‬‬ ‫الوهاب‬ ‫وعبد‬ ‫ه‪،‬‬ ‫ومن أثبت تالميذ أيوب‪ :‬حماد بن زيد‪ ،‬وإسماعيل بن ُع َل َ‬
‫ي‬
‫ي‬

‫البنان‪ ،‬وعبد العزيز بن صهيب‪ ،‬وأبو قالبة‪،‬‬


‫ي‬ ‫‪ -‬من تالميذ أنس بن مالك‪ :‬ثابت‬
‫والزهري‪ ،‬وقتادة‪.‬‬

‫الثان‪ :‬ما يتعلق بشح الغريب أو بيان المعي العام‪ ،‬والحديث واضح كما هو‪.‬‬
‫ي‬ ‫الوجه‬

‫الببوية والمنهجية‪:‬‬ ‫الوجه الثالث‪ :‬الفوائد َ‬


‫ً‬
‫هذا الحديث له شأن كبب وعظيم جدا‪ ،‬قال عنه اإلمام النووي ‪-‬رحمه هللا تعاىل‪:-‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وأصل من أصول الدين"‪ ،‬ولكن المهم هنا التنبيه لقضية مراتب‬ ‫"هذا حديث عظيم‬
‫فينبع‬ ‫أصل من أصول الدين أو ثلث العلم وما إىل ذلك‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫العلم‪ ،‬وما يقال فيه‬
‫ي‬
‫كببا ‪.‬‬ ‫ً‬
‫اهتماما ً‬ ‫االهتمام به‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬


‫الني ﷺ أنه كان يذكر سبعة‪ ،‬وثالثة‪ ،‬وأرب ٌع‪،‬‬
‫ي‬ ‫أسلوب‬ ‫عن‬ ‫مرة‬ ‫الفائدة الثانية‪ :‬تكلمت‬
‫وأن هذا يسهل الحفظ ويسهل الفهم واالستيعاب‪ ،‬وذكرت مسألة ضبط الصحابة‪،‬‬
‫رض هللا عنها‪:-‬‬ ‫َ‬
‫الي يذكرها العلماء يف ضبط الصحابة قول عائشة ‪ -‬ي‬
‫ومن األشياء ي‬

‫‪- 12 -‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫"لم يكن رسول هللا ﷺ يشد الكالم كشدكم‪ ،‬وإنما كان يقول كالما لو عده العاد‬
‫ُ‬ ‫ألحصاه" الني ﷺ كان يتعمد أن َ‬
‫يأن باألساليب الواضحة السهلة المقسمة لتفهم‪،‬‬‫ي‬ ‫ي‬
‫ومن ضمنها أسلوب التقسيم هذا‪ ،‬فهذه منهجية مهمة يف قضية ضبط الصحابة‪،‬‬
‫ومنهجية مهمة يف قضية األسلوب الدعوي‪.‬‬

‫الفائدة الثالثة‪ :‬يف بيان أثر حالوة اإليمان‪ ،‬والحديث يبي أن حالوة اإليمان تتحقق‬
‫ينف تحققها بغبها‪.‬‬‫بثالثة أمور ولم ِ‬

‫المقامات الكبى للعالقة باهلل سبحانه‪:‬‬


‫التفصيَّل باهلل‬
‫ي‬ ‫الثان‪ :‬ثم مقام العلم‬
‫ي‬ ‫األول‪ :‬مقام المعرفة االستداللية والفطرية‪،‬‬
‫وبرسوله وبشيعته‪ ،‬الثالث‪ :‬ثم مقام العمل والسلوك‪ ،‬وهذا كله َيبتب عليه‬
‫ً‬
‫الحالوة والمحبة وما إىل ذلك‪ ،‬فهذه مقامات مهمة جدا‪.‬‬

‫ما الذي َيبتب عَّل حالوة اإليمان؟ واحدة من أهم الثمرات هو الثبات عَّل الدين‪،‬‬
‫ويشهد لذلك حديث هرقل قال‪" :‬هل يرتد أحد منهم عن دينه سخطة له؟ قال‪:‬‬
‫َ‬
‫ال‪ ،‬قال‪ :‬كذلك اإليمان إذا خالطت بشاشته القلوب"‪ ،‬الصورة ي‬
‫الي تجعل اإلنسان‬
‫لي يشعر بها اإلنسان بسبب اإليمان‪.‬‬‫َ‬
‫ه‪ :‬الشعور واألثر والحالوة ا ي‬
‫يثبت عَّل الحق ي‬

‫و يف كالم ابن رجب ‪-‬رحمه هللا تعاىل‪ -‬قال‪" :‬فإذا وجد القلب حالوة اإليمان أحس‬
‫ِّ ْ ُ‬ ‫ِّ‬
‫السجن‬ ‫بمرارة الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬ولهذا قال يوسف عليه السالم‪{َ :‬رب‬
‫وني إ َل ْي ِه} ‪ ،"5‬ثم قال‪" :‬سئل ذو النون َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َّ َ ْ ُ َ‬
‫رن؟ قال‪ :‬إذا‬ ‫ي‬ ‫أحب‬ ‫مي‬ ‫أحب ِإ يىل ِمما يدع ِ ي ِ‬
‫ُّ‬
‫كان ما يكرهه أمر عندك من الصب"‪ .‬إذن كانت هذه ثمرة حالوة اإليمان ي‬
‫وه الثبات‬
‫كالما البن رجب يف قضية‬‫عَّل الدين‪ ،‬واالستغناء بحالوته عن المرارة‪ ،‬وسأذكر ً‬

‫‪[ 5‬يوسف‪.]33 :‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫الحالوة‪ ،‬يقول‪" :‬ألنه لو كمل إيمانه لوجد حالوة اإليمان فاستغي بها عن استحالء‬
‫معاض"‪.‬‬
‫ي‬ ‫ال‬

‫وه أهمية حالوة اإليمان‪ ،‬وأثرها يف‬


‫ه القضية المركزية يف حديث اليوم ي‬‫إذن هذه ي‬
‫الثبات عَّل الدين‪ ،‬وشح قضية أن حالوة اإليمان تؤدي إىل الثبات‪ ،‬وهذه قضية‬
‫مركزية يف غاية األهمية‪.‬‬

‫الني ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫الي ذكرها ي‬
‫تأن األشياء الثالثة ي‬
‫ما الذي يؤدي إىل حالوة اإليمان؟ فهنا ي‬

‫ُ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ه ُ َ َ ُ ُ ُ َ َ َّ َ‬ ‫ً‬
‫ب ِإل ْي ِه ِم َّما ِس َواه َما"‪.‬‬ ‫أوَل‪" :‬أن يكون اَّلل ورسوله أح‬
‫وسبيل تحقيق هذه المحبة هو‪:‬‬
‫السبيل األول‪ :‬العلم‪ ،‬والمقصود به هنا هو العلم باهلل وبرسوله‪ ،‬كلما ازداد اإلنسان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫محبة له‪ ،‬وكلما ازداد ً‬ ‫ً‬
‫علما برسول هللا ازداد محبة له‪،‬‬ ‫علما باهلل ازداد‬
‫ه مالحظة اإلحسان والنعمة‪ ،‬وأن هذا أعظم إحسان بتبليغ‬ ‫الثان‪ :‬ي‬
‫ي‬ ‫السبيل‬
‫الرسالة‪ ،‬وكان السبب يف إيصال هذا الخب لك فكل خب تجده من لذة العبودية هلل‬
‫عظيم يف هذا الخب‪ ،‬هو السبب‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫سهم‬ ‫فللني ﷺ‬ ‫واالستسالم له واالنقياد له‪،‬‬
‫ي‬
‫وبالتاىل‬
‫ي‬ ‫الموصل‪ ،‬وأما الخب كله فهو من هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬فاهلل هو الذي أرسله‬
‫ٌ‬
‫موجب لمحبة هللا من‬ ‫الني ﷺ من جهة الرسالة فهو‬ ‫إحسان بسبب ي‬ ‫ٍ‬ ‫ما كان من‬
‫باب أوىل‪.‬‬

‫موجب واحد من موجبات المحبة إذا تحقق فإنه يؤدي إىل حالوة‬ ‫ٌ‬ ‫الثان‪ :‬هناك‬
‫َ َ ْ ُ َّ ْ َ ْ َ َ ُ ُّ ُ َّ‬ ‫ي‬
‫ه‬
‫َّلل"‪ .‬السؤال اآلن هذه النقطة أليست‬ ‫اإليمان وهو "وأن ي ِحب المرء َل ي ِحبه ِإَل ِ ِ‬
‫َ َ ْ ُ َّ ْ َ ْ َ َ ُ ُّ ُ َّ ه‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫َّلل"‬
‫متعلقة باألوىل؟ نعم متعلقة بها تعلقا وثيقا جدا‪" ،‬وأن ي ِحب المرء َل ي ِحبه ِإَل ِ ِ‬

‫‪- 14 -‬‬
‫تلخيص الدروس ‪8 - 7‬‬ ‫غيث الساري من هدايات البخاري‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ه ُ َ َ ُ ُ ُ َ َ َّ َ‬


‫ه نتيجة "أن يكون اَّلل ورسوله أحب ِإلي ِه ِمما ِسواهما"‪ ،‬أنك أحببت من يشبك‬ ‫ي‬
‫معك يف هذه المحبة‪.‬‬
‫ً‬
‫و أيضا إذا كان هللا ورسوله أحب إليك مما سواهما‪ ،‬فمن يعادي هللا ورسوله أبغض‬
‫إليك مما سواهما من المبغضي‪.‬‬

‫َّ‬ ‫ْ ُ ْ َ َ َ َْ ُ َْ ُْ َ َ‬ ‫‪َ َُ َْ َ َْ َ ََْ :‬‬


‫وه‬
‫النقطة األخبة "وأن يكره أن يعود ِ يف الكف ِر كما يكره أن يقذف ِ يف الن ِار " ي‬
‫َ‬
‫المفبض‬ ‫مرتبطة باألوىل‪ ،‬فموجب محبة هللا ورسوله هو العلم‪ ،‬فإن هذا العلم من‬
‫أنه يؤدي إىل العلم بسوء انحطاط ما يضاد هذا العلم الذي هو الكفر‪.‬‬
‫هذا وهللا تعاىل أعَّل وأعلم‪.‬‬

‫محمد وعَّل آله وصحبه أجمعي‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫وصل اللهم عَّل نبينا‬
‫ٍ‬

‫‪- 15 -‬‬

You might also like