You are on page 1of 19

‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.

net‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫نظريات التعلم‬

‫حنافي جواد‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫النَّظرية‪:‬‬
‫هي عبارةٌ عن جمموعة من البناءات واالفرتاضات املرتابطة اليت توضح العالقات القائمة بني ٍ‬
‫عدد من‬ ‫َ‬
‫املتغريات وهتدف إىل تفسري ظاهرة والتنبؤ هبا‪( .‬تعريف كريلنجر‪.)Kerlinger -‬‬

‫نظريات التعلم‪:‬‬
‫نظريات التعلم والتعلي م هي جمموعة من النظريات اليت مت وضعها يف بدايات القرن العشرين امليالدي‬
‫وبقي العمل على تطويرها حىت وقتنا الراهن وأول املدارس الفلسفية اليت اهتمت بنظريات التعلم والتعليم‬
‫‪1‬‬
‫كانت املدرسة السلوكية رغم أن بوادر نظريات مشاهبة بُدأ العمل هبا يف املرحلة ما قبل السلوكية‪.‬‬

‫هي النظريات اليت تفسر لنا الطريقة اليت يتعلم هبا اإلنسان – الطفل – الشاب – الكهل ‪...‬‬
‫‪ -‬الطريقة اليت يستدخل هبا املعارف ويستدجمها ضمن بنيته الذهنية والوجدانية‪ ،‬أي نعم إن للوجدان‬
‫مدخال يف التعليم والتعلم‪.‬‬
‫‪ -‬الطريقة اليت يعاجل هبا ما استدخله الطفل مثال من معلومات ومهارات‪...‬‬
‫‪ -‬الطريقة واألسلوب الذي يُفسر به تعلم الناس‪.‬‬
‫‪ -‬هل نتعلم من خالل املثري واالستجابة؟ أو نتعلم باملنطق الكلي (من الكل إىل جمموعة األجزاء) ؟ أو‬
‫نتعلم م خالل بناء املعرفة والتكيف معها (التوازن) وفقا للمرحلة العمرية واخلصائص النمائية؟ أو نتعلم‬
‫من خالل االندماج االجتماعي والعالقات اليت تربط باملعلم باملتعلم ؟؟‬
‫‪ -‬يعين هناك تفسريات متعددة للطريقة اليت يتلقى ويستوعب ويفهم ويتعلم هبا اإلنسان (الطفل)‪ ،‬وهي‬
‫طرائق ونظريات متكاملة إمجاال‪ ،‬وقد تتناقض يف بعض التفاصيل‪ ،‬ولكنها مقاربات تفسريية‪.‬‬

‫وقد ‪ ،‬ال يفيد يف هذا اجملال جمرد االطالع العرضي الشكلي‪ ،‬بل البد من حماولة االستفادة العميقة‬
‫والدقيقة مبجمل املعطيات العلمية اليت توافرت إىل اآلن‪.‬‬
‫‪ -‬املعلم يف حاجة إىل فهم طرق ونظريات التعلم اليت تقارب املنهج واألسلوب الذي يتعلم به اإلنسان‬
‫(الطفل ‪ /‬الشاب)‪ ،‬يلم هبا نظريا وميارسها عمليا يف الفصل الدراسي‪.‬‬
‫‪ -‬إذا تعلم األمر مبنهج تعليم األطفال الصغار فهي البيداغوجيا أما إن تعلق األمر بالكبار فهي‬
‫األندراغوجيا‪.‬‬

‫‪https://ar.wikipedia.org 1‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -‬طريقة وأسلوب تلقي الطفل ختتلف عن طريقة وأسلوب تلقي الكبري والكهل أو الشيخ ‪ ...‬امليكانيزم‬
‫خمتلف بالنظر للسن والتجربة وعوامل أخرى‪.‬‬

‫نظريات التعلم إذن‪ ،‬هي جمموعة متنوعة من الدراسات واألحباث السيكولوجية‪ ،‬على اخلصوص‪ ،‬واليت‬
‫استطاعت أن تفهم وتفسر العديد من اآلليات املختلفة اليت تتدخل‪ ،‬هبذا القدر أو ذاك‪ ،‬يف حدوث‬
‫التعلم‪.‬‬

‫نظريات التعلم‬
‫سنتطرق‪ ،‬بنوع من الرتكيز إىل أهم نظريات التعلم‪ ،‬وخصوصا منها املدرسة السلوكية‪ ،‬واملدرسة‬
‫اجلشطالتية‪ ،‬واملدرسة البنائية‪ ،‬واملدرسة السوسيو بنائية ‪...‬‬

‫‪ -1‬نظرية التعلم السلوكية‪:‬‬


‫تأثرت املدرسة السلوكية‪ ،‬وخصوصا مع واطسون‪ ،‬بأفكار تورندياك الذي يرى بأن التعلم هو عملية‬
‫إنشاء روابط أو عالقات يف ا جلهاز العصيب بني األعصاب الداخلية اليت يثريها املنبه املثري‪ ،‬واألعصاب‬
‫احلركية اليت تنبه العضالت فتعطي بذلك استجابات احلركة‪.‬‬
‫واعتقد بأن قوانني آلية التعلم ميكن أن ترد إىل قانونني أساسني‪:‬‬
‫‪ -‬قانون املران (أو التدريب)‪ ،‬أي أن الروابط تقوى باالستعمال وتضعف باإلغفال املتواصل؛‬
‫‪ -‬مث قانون األثر‪ ،‬الذي يعين بأن هذه الروابط تقوى وتكتسب ميزة على غريها وتؤدي إىل صدور‬
‫رضى عن املوقف إذا كانت نتائجه إجيابية‪.‬‬

‫كما أنه من بني ملهمي املدرسة السلوكية (بافلوف)‪ ،‬الذي الحظ أنه كلما اقرتن املثري الشرطي بالدافع‬
‫السيكولوجي إال وتكونت االستجابة الشرطية االنفعالية‪ ،‬ورأى بأن املثريات الشرطية املنفرة تشكل عوائق‬
‫حامسة للتعلم وانبناء االستجابات النمطية‪.‬‬

‫وأهم املفاهيم اليت ميكننا أن جندها يف النظرية اإلجرائية يف التعلم‪ ،‬وخصوصا مع (سكينر) هي‪:‬‬
‫‪ -‬مفهوم السلوك‪ :‬وهو حسب (سكينر)‪ ،‬جمموعة استجابات ناجتة عن مثريات احمليط اخلارجي طبيعيا‬
‫كان أو اجتماعيا؛ مفهوم املثري واالستجابة ‪ :‬حبيث إن هناك عالقة شبه ميكانيكية بني املثريات‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫واالستجابات اليت تصدر عن الكائن اإلنساين؛ مفهوم اإلجراء‪ :‬السلوك اإلجرائي أو الفاعل يسمى‬
‫كذلك بالنظر إىل آثاره امللموسة يف احمليط البيئي‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم اإلشرتاط اإلجرائي‪ :‬اإلشراط اإلجرائي ينبين على أساس إفراز االستجابة ملثري آخر؛‬
‫‪ -‬مفهوم التعزيز والعقاب‪ :‬أي استعمال التعزيز اإلجيايب لبناء السلوكات املرغوب فيها‪.‬‬
‫واستعمال العقاب لدرء السلوكات غري املرغوب فيها؛‬
‫‪ -‬مفهوم التعلم‪ :‬وهو حسب هذه املدرسة‪ .‬عملية تغري شبه دائمة يف سلوك الفرد ينشأ نتيجة املمارسة‬
‫ويظهر يف تغري األداء لدى الكائن احلي‪.‬‬

‫والتعلم حسب (سكينر) هو‪:‬‬


‫( انبناء االستجابات السلوكية كأمناط تغري طارئة على سلوك الفرد واليت ميكن أن تدوم بفعل اإلشراط‬
‫اإلجرائي)‪.‬‬

‫وميكننا أن حنصر مبادئ التعلم حسب النظرية اإلجرائية (السلوكية) يف‪:‬‬


‫‪ -‬التعلم هو نتاج للعالقة بني جتارب املتعلم والتغري يف استجاباته؛‬
‫‪ -‬التعلم يقرتن بالنتائج ومفهوم التعزيز؛‬
‫‪ -‬التعلم يقرتن بالسلوك اإلجرائي املراد بناؤه؛‬
‫‪ -‬التعلم يبىن بتعزيز األداءات القريبة من السلوك النمطي؛‬
‫‪ -‬التعلم املقرتن بالعقاب تعلم سليب‪.‬‬

‫ومن أهم جتليات نظرية التعلم السلوكية يف احلقل الرتبوي ما يلي‪:‬‬


‫‪ -‬بناء املواقف التعليمية ـ‬
‫‪ -‬التعلمية هو أوال حتديد مقاطع االستجابات اإلجرائية وضبط صيغ الدعم املباشر حيث جند بعد‬
‫املضمون املعريف الذي خيضع حملددات‪:‬‬
‫‪ -‬حمدد اإلثارة‪،‬‬
‫‪ -‬وحمدد العرض النسقي للمادة‪،‬‬
‫‪ -‬وحمدد التناسب والتكيف‪،‬‬
‫‪ -‬وحمدد التعزيز الفوري؛‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -‬مث بعد انبناء السلوكات اإلجرائية كهدف للتعلم‪ ،‬حيث تكون هذه السلوكات قابلة للمالحظة‬
‫والضبط والقياس‪.‬‬

‫إن هذه املبادئ واملفاهيم حول التعلم‪ ،‬كما صاغتها املدرسة السلوكية‪ ،‬سنجد صداها التطبيقي يف‬
‫بيداغوجيا األهداف‪:‬‬
‫(تعترب بيداغوجيا األهداف بيداغوجيا متجاوزة يف املغرب حيث استعيض عنها بالتدريس بالكفايات‬
‫والوضعيات ‪ ،‬ويشار إىل أن الكفايات امتداد لألهداف ‪ ...‬لذلك نتحدث عن األهداف الكفائية اليت‬
‫ختدم الكفاية املرجو حتقيقها يف وحدة أو جمرزوءة)‪.‬‬

‫مدلول التعلم يف نظريات االشراط (السلوكية)‪:‬‬


‫فال ميكن احلديث‪ ،‬لديها‪ ،‬عن التعلم إال عن السلوكات امللموسة والقابلة للمالحظة وال جمال للحديث‬
‫عن املشاعر واألحاسيس ألهنا غري قابلة للقياس‪.‬‬
‫و ال مكان ملا يسمى بالسريورات أو العمليات الذهنية‪.‬‬

‫‪ -‬بالنسبة لـ (تورندايك) يتمثل يف حدوث عالقة رابطة بني مثري واستجابة مرغوب فيها (سلوك‬
‫منتظر)‪.‬‬

‫و تعتمد قوة التعلم على قوة االرتباط القائم بني املثري واالستجابة‪:‬‬
‫تثبت االستجابة أو تضعف تبعا لطبيعة اجلزاء اإلجيايب أو السليب الناجم عنها أو عن أدائها (التعزيز‬
‫اإلجيايب أو السليب)‬
‫‪ -‬التعزيز اإلجيايب كأحسنت – أصبت – كانت إجابتك موفقة – رائع – ممتاز – حسن جدا ‪...‬‬
‫‪ -‬العزيز السليب‪ ،‬كقولنا كنت جمانبا للصواب مل تتوفق أخطأت‪ ،‬أعد احملاولة مرة ثانية ألهنا غري سليمة‬
‫‪...‬‬

‫‪ -‬بالنسبة لـ (واطسون) ( ‪ ) 1958-1878‬كل السلوكات قابلة للتعلم بواسطة عملية اإلشراط سواء‬
‫تعلق األمر بالسلوكات اللغوية أو االنفعالية أو احلركية‪.‬‬
‫و من مت البد من ترمجته املنتوجات املنتظرة من التعلم إىل سلوكات وفقط إىل سلوكات‪.‬‬
‫مثري ‪ --------------‬تعزيز ‪ -------------‬استجابة‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫حمددات املدرسة السلوكية‪:‬‬


‫حمدد التعزيز الفوري‬ ‫حمدد التناسب والتكيف‬ ‫حمدد اإلثارة‬
‫البد للمضمون معريف الذي يقدم إن املادة املقدمة للتلميذ جيب كلما مت تعزيز االستجابات اإلجرائية‬
‫للتلميذ أن تتوفر فيه شروط قادرة على أن تتناسب ومستوى منوه من اإلجيابية عند املتعلم كلما وقع التعلم‬
‫بسرعة أكرب‪.‬‬ ‫مجيع النواحي‪.‬‬ ‫اثارة االهتمام وامليوالت واحلوافز‪.‬‬
‫من خالل جتارب ثورندايك يبدو أن‬ ‫حمدد العرض النسقي للمادة‪ ،‬ومعناه‬
‫تلقي التحسينات واملكافآت بصفة‬ ‫تفكيك وتقسيم املادة وفق وقائع‬
‫عامة يدعم السلوك ويثبته‪ ،‬يف حني‬ ‫ومعطيات‪ ،‬مع ضبط العالقات بني‬
‫أن العقاب فينتقص من االستجابة‬ ‫مكوناهتا‪ ،‬مث تقدميها وفق تسلسل متدرج‬
‫وبالتايل من تدعيم وتثبيث السلوك‪.‬‬ ‫ومتكامل‪.‬‬

‫‪ -2‬نظرية التعلم اجلشطالتية (نظرية التعلم الكلي)‪.‬‬


‫مع احلرب العاملية الثانية‪ ،‬كانت نظرية اجلشتالت ‪ Gestalt‬قد تبلورت بصورة كاملة على يد كل من‬
‫فرتامير ‪ Wertheimer‬وكوفكا ‪ Kofka‬وكوهلر ‪ Kohler‬الـمنتمني مجيعهم إىل ما يسمى‬
‫مبدرسة برلني‪.‬‬

‫ميكن حتديد أهم مفاهيم اجلشطالتية يف‪:‬‬


‫مفهوم اجلشطلت‪:‬‬
‫‪ -‬دالليا يعين الشكل أو الصيغة أو اهليئة أو اجملال الكلي‪،‬‬
‫‪ -‬واجلشطلت حسب فريتمر هو كل مرتابط األجزاء باتساق وانتظام‪ ،‬حيث تكون األجزاء املكونة له يف‬
‫ترابط دنيا هي فيما بينها من جهة‪ ،‬ومع الكل ذاته من جهة أخرى؛ فكل عنصر أو جزء يف اجلشطلت‬
‫له مكانته ودوره ووظيفته اليت تتطلبها طبيعة الكل‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم البنية‪ :‬تتشكل البنية من العناصر املرتبطة بقوانني داخلية حتكمها ديناميا ووظيفيا‪ ،‬حبيث إن كل‬
‫تغيري يف عنصر يؤدي إىل تغيري البنية ككل وعلى أشكال اشتغاهلا ومتظهراهتا‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم االستبصار‪ :‬االستبصار هو حلظة اإلدراك املتدبر التحليلي الذي يصل باملتعلم إىل اكتساب‬
‫الفهم‪ ،‬أي فهم خمتلف أبعاد اجلشطلت‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -‬مفهوم التنظيم‪ :‬التعلم هو عملية الكشف عن الصيغ التنظيمية اليت حتكم بنية اجلشطلت‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم إعادة التنظيم‪ :‬بناء التعلم يقتضي الفعل يف موضوع التعلم‪ ،‬وذلك بإعادة هيكلته وتنظيمه‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم االنتقال ‪ :‬ال ميكن التحقق من التعلم إال عند ما يتم تعميمه على موافق مشاهبة يف البنية‬
‫األصلية‪ ،‬وخمتلفة يف أشكال التمظهر‪ ،‬حيث إن االستبصار احلقيقي هو الذي ينتقل إىل اجملاالت املرتبطة‬
‫واملالئمة‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم الدافعية األصيلة‪ :‬تعز يز التعلم يبغي أن يكون دافعا داخليا نابعا من الذات نفسها‪.‬‬
‫‪ -‬الفهم واملعىن ‪ :‬حتقيق التعلم يقتضي الفهم العميق للعناصر واخلصائص املشكلة ملوضوع التعلم‪،‬‬
‫وبالتايل الكشف عن املعىن الذي تنتظم فيه هذه احملددات‪ ،‬حيث الفهم هو كشف استبصاري ملعىن‬
‫اجلشطالت‪.‬‬

‫والتعلم يف املنظور اجلشطليت‪:‬‬


‫يرتبط بإدراك الكائن لذاته وملوقف التعلم‪ ،‬حيث إن إدراك حقيقة اجملال وعناصره املكونة له‪ ،‬واالنتقال‬
‫من الغموض وانعدام املعىن إىل فهم مبادئ التنظيم واحلصول على الوضوح واملعىن‪ ،‬ويعترب النمط‬
‫النموذجي للتعلم‪.‬‬

‫ولعل املثال األبرز على مدى استفادة البيداغوجيا من النظرية اجلشتالية يتجسد فيما يدعى بالطريقة‬
‫الكلية يف تدريس اللغة ‪ méthode globale‬وهي الطريقة اليت ابتدعها البيداغوجي البلجيكي أوفيد‬
‫ديكرويل ‪.O.Decroly‬‬

‫فباالعتماد على قوانني اإلدراك كما وردت يف النظرية اجلشتالتية متكن هذا الباحث من تصميم طريقة يف‬
‫التدريس جعل منها بديال تعليميا للطريقة التجزيئية اليت اعتادت املدرسة أن تقدم بواسطتها دروس‬
‫القراءة والكتابة‪ ،‬ونعت التجزيئية يعين هنا أن تدريس اللغة ينطلق من البسيط إىل املركب‪ ،‬من اجلزئي إىل‬
‫العام‪.‬‬
‫وبعبارة أكثر وضوحا ينتقل من احلرف مث الكلمة‪ ،‬مث اجلملة‪ ،‬فالنص‪ .‬والواقع أن هذه الطريقة التجزيئية‬
‫تنطوي على كثري من العيوب وفق ما يالحظه ديكرويل‪ ،‬فهي متكن املتعلم فعال من معرفة احلرف أو‬
‫الكلمة‪ ،‬ولكنه ال يعرف كيف تركب يف السياق‪ ،‬بل وأحيانا ال يدرك العالقات متعددة األوجه اليت‬
‫ميكن أن توظف هبا كلمة أو مجلة ما‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫وميكننا تلخيص أهم مبادئ التعلم يف النظرية اجلشطالتية يف‪:‬‬


‫اعتبار االستبصار شرط التعلم احلقيقي‪ ،‬حيث إن بناء املعرفة واكتساب املهارة ليس إال النتيجة املباشرة‬
‫إلدراك املوقف واستبصاره؛ الفهم وحتقيق االستبصار يفرتض إعادة البنينة‪ ،‬وذلك بالفعل يف موضوع‬
‫التعلم من خالل تفكيكه وحتليله وإعادة بنائه؛ والتعلم وفق اجلشطلتيني يقرتن بالنتائج‪ ،‬إذ حسب‬
‫كوهلر النتائج ما هي سوى صيغ الضبط والتعديل والتقومي الالزمة للتعلم؛ االنتقال شرط التعلم احلقيقي‪،‬‬
‫ذلك أن احلفظ والتطبيق اآليل للمعارف تعلم سليب؛ االستبصار حافز داخلي قوي‪ ،‬والتعزيز اخلارجي‬
‫عامل سليب‪ :‬االستبصار تفاعل إجيايب مع موضوع التعلم‪.‬‬

‫* الطريقة الكلية ‪ Globale‬اليت يقرتحها ديكرويل فهي متكن ملتعلم من االنطالق من العام إىل‬
‫اجلزئي‪ ،‬من السياق إىل العناصر أو األجزاء‪.‬‬

‫فاحلرف يقدم يف سياق الكلمة‪ ،‬والكلمة يف سياق اجلملة حيث يتخذ معناها ألوانا متعددة‪.‬‬
‫واجلملة يف سياق النص ألن هذا األخري هو الذي يعطيها مكانا أو وظيفة خاصة وبذلك يتمكن املتعلم‬
‫من اللغة متكنا ميكنه من إدراك بنيتها وظائفها املتنوعة‪.‬‬

‫‪ -3‬نظرية التعلم البنائية‪:‬‬


‫تعترب نظرية التعلم البنائية (أو التكوينية) من أهم النظريات اليت أحدثت ثورة عميقة يف األدبيات الرتبوية‬
‫احلديثة خصوصا مع جان بياجي‪ ،‬الذي حاول انطالقا من دراساته املتميزة يف علم النفس الطفل‬
‫النمائي أن ميدنا بعدة مبادئ ومفاهيم معرفية علمية وحديثة طورت املمارسة الرتبوية‪.‬‬

‫‪ -‬أن النظرية التكوينية تضع النمو كمحدد للتعلم وشرط حلدوثه‪ ،‬طبعا إذا توفرت الشروط البشرية‬
‫واملادية املناسبة‪.‬‬

‫كما أنه طبق النتائج املعرفية لعلم النفس النمائي على مشروعه االبستيمي (االبستمولوجيا التكوينية)‪،‬‬
‫وملقاربة هذه النظرية البنائية يف التعلم سننحاول أوال التعرف على أهم املفاهيم املركزية املؤطرة له‪ ،‬مث أهم‬
‫مبادئها ثانيا‪ ،‬وبعد ذلك سنتعرف على األبعاد التطبيقية هلذه النظرية يف حقل الرتبية‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫*املفاهيم املركزية لنظرية التعلم البنائية‪:‬‬


‫‪ -‬مفهوم التكيف‪ :‬التعلم هو تكيف عضوية الفرد مع معطيات وخصائص احمليط املادي واالجتماعي‬
‫عن طريق استدماجها يف مقوالت وحتويالت وظيفية‪.‬‬
‫‪ -‬والتكيف هو غاية عملية املوازنة بني اجلهاز العضوي وخمتلف حاالت االضطراب والالإنتظام‬
‫املوضوعية أو املتوقعة واملوجود يف الواقع‪ ،‬وذلك من خالل آلييت االستيعاب والتالؤم‪.‬‬
‫‪ -‬التالؤم‪ :‬هو تغيري يف استجابات الذات بعد استيعاب معطيات املوقف أو املوضوع باجتاه حتقيق‬
‫التوازن‪ ،‬وحيث إن االستيعاب هو إدماج للموضوع يف بنيات الذات‪ ،‬واملالءمة هي تالؤم الذات مع‬
‫معطيات املوضوع اخلارجي‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم املوازنة والضبط الذايت‪ :‬الضبط الذايت هو نشاط الذات باجتاه جتاوزا االضطراب والتوازن هو‬
‫غاية اتساقه‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم السريورات االجرائية‪ :‬إن كل درجات التطور والتجريد يف املعرفة وكل أشكال التكيف‪ ،‬تنمو يف‬
‫تالزم جديل‪ ،‬وتتأسس كلها على قاعدة العمليات اإلجرائية أي األنشطة العملية امللموسة‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم التمثل و‪ -‬الوظيفة الرمزية‪ :‬التمثل‪،‬عند بياجي‪ ،‬ما هو سوى اخلريطة املعرفية اليت يبنيها الفكر‬
‫عن عامل الناس واألشياء‪ .‬وذلك بواسطة الوظيفة الرتميزية‪ ،‬كاللغة والتقليد املميز واللعب الرمزي ‪...‬‬
‫والرمز يتحدد برابط التشابه بني الدال واملدلول؛ والتمثل هو إعادة بناء املوضوع يف الفكر بعد أن يكون‬
‫غائبا‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم خطاطات الفعل‪ :‬اخلطاطة هي منوذج سلوكي منظم ميكن استعماله استعماال قصديا‪ ،‬وتتناسق‬
‫اخلطاطة مع خطاطات أخرى لتشكل أجزاء للفعل‪ ،‬مث أنساقا جزيئة لسلوك معقد يسمى خطاطة كلية‪.‬‬
‫‪ -‬وإن خطاطات الفعل تشكل‪ ،‬كتعلم أويل‪ ،‬ذكاء عمليا هاما‪ ،‬وهو منطلق الفعل العملي الذي حيكم‬
‫الطور احلسي ‪ -‬احلركي من النمو الذهين‪.‬‬

‫* مبادئ التعلم يف النظرية البنائية‪:‬‬


‫من أهم مبادئ التعلم يف هذه النظرية نذكر‪:‬‬
‫‪ -‬التعلم ال ينفصل عن التطور النمائي للعالقة بني الذات واملوضوع (لكل مرحلة خصائص وموارد‬
‫وأدوات وأساليب‪)...‬‬
‫‪ -‬التعلم يقرتن باشتغال الذات على املوضوع‪ ،‬وليس باقتناء معارف عنه‪.‬‬
‫‪ -‬االستدالل شرط لبناء املفهوم‪ ،‬حيث املفهوم يربط العناصر واألشياء بعضها ببعض واخلطاطة جتمع‬
‫بني ما هو مشرتك وبني األفعال اليت جتري يف حلظات خمتلفة‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫* وعليه فإن املفهوم ال يبىن إال على أساس استنتاجات استداللية تستمد مادهتا من خطاطات الفعل؛‬
‫واخلطأ شرط التعلم ‪ ،‬إذ أن اخلطأ هو فرصة وموقف من خالل جتاوزه يتم بناء املعرفة اليت نعتربها‬
‫صحيحة؛‬
‫‪ -‬الفهم شرط ضروري للتعلم؛ والتعلم يقرتن بالتجربة وليس بالتلقني؛ التعلم هو جتاوز ونفي لإلضطراب‪.‬‬

‫* النظرية البنائية يف حقل الرتبية‪:‬‬


‫حسب بياجي‪:‬‬
‫‪ -‬التعلم هو شكل من أشكال التكيف من حيث هو توازن بني استيعاب الوقائع ضمن نشاط الذات‬
‫وتالؤم خطاطات االستيعاب مع الوقائع واملعطيات التجريبية باستمرار‪.‬‬
‫‪ -‬فالتعلم هو سريورة استيعاب الوقائع ذهنيا والتالؤم معها يف نفس الوقت‪.‬‬
‫‪ -‬كما أنه وحسب النظرية البنائية مادام الذكاء العملي اإلجرائي يسبق عند الطفل الذكاء الصوري‬
‫النظري ‪ ،‬فإنه ال ميكن بيداغوجيا بناء املفاهيم والعالقات والتصورات واملعلومات ومنطق القضايا إال بعد‬
‫تقعيد هذه البناءات على أسس الذكاء اإلجرائي‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬وحسب بياجي‪ ،‬جيب تبين الضوابط التالية يف عملنا الرتبوي والتعليمي‪:‬‬
‫* جعل املتعلم يكون املفاهيم ويضبط العالقات بني الظواهر بدل استقباهلا عن طريق التلقني ؛‬
‫* جعل املتعلم يكتسب السريورات اإلجرائية للمواضيع قبل بنائها رمزيا؛‬
‫* جعل امل تعلم يضبط باحملسوس األجسام والعالقات الرياضية‪ ،‬مث االنتقال به إىل جتريدها عن طريق‬
‫االستدالل االستنباطي؛‬
‫‪ -‬جيب تنمية السريورات االستداللية الفرضية االستنباطية الرياضية بشكل يوازي تطور املراحل النمائية‬
‫لسنوات التمدرس؛‬
‫‪ -‬إكساب املتعلم مناهج وطرائق التعامل مع املشكالت واجتاه املعرفة االستكشافية عوض االستظهار؛‬
‫‪ -‬تدريب املتعلم على التعامل مع اخلطأ كخطوة يف اجتاه املعرفة الصحيحة؛ اكتساب املتعلم االقتناع‬
‫بأمهية التكوين الذايت‪(.‬سلسلة التكوين الرتبوي ع‪.)1995/2‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫مير منها النمو العقلي للفرد (منو الذكاء بعبارة أخرى)‪:‬‬


‫‪ -‬يف املرحلة املمتدة من الوالدة إىل السنة الثانية‪:‬‬
‫نستطيع احلديث عن إمكانية " دعم " التعلم احلسي واحلركي للرضيع‪ ،‬وذلك بوضعه يف سياقات أو‬
‫وضعيات " تعلمية "‪ ،‬تتضمن وسائل وأدوات يتوخى منها أن تعزز خمتلف األنشطة التنسيقية بني احلواس‬
‫واحلركات‪ ،‬أو بني احلركا ت نفسها‪ ،‬ملا يف ذلك من تـأثري إجيايب على مستوى تكوين الشيمات احلركية‬
‫لديه ‪ ، Schèmes d’action‬وهي‪ ،‬حسب تعريف بياجي‪ ،‬نوع من احلركات املنسقة اليت ختتزن‬
‫على مستوى الذاكرة احلسية احلركية‪ ،‬وتكون قابلة ألن يكررها الرضيع ملواجهة وضعيات متنوعة ومتشاهبة‬
‫يف بعض العناصر‪.‬‬

‫كل األنشطة التعليمية اخلاصة هبذه املرحلة جيب أن تستهدف تعزيز ما يدعوه بياجي‪ ،‬بالذكاء احلسي ‪-‬‬
‫احلركي أو الذكاء العملي املعيش ‪.Vécu‬‬

‫‪ -‬أما املرحلة املمتدة من السنة الثانية إىل السنة السابعة أو الثامنة‪:‬‬


‫وهي اليت تصادف مرحلة الذكاء ما قبل العمليايت ‪ Préopératoire‬أو ما قبل املفاهيمي‬
‫‪ ،Préconceptuelle‬فإهنا تستدعي كافة التعلمات املبتعدة عن التجريد (وليس التخييل)‪،‬‬
‫واملقتصرة على وفرة األنشطة احلركية القابلة للتحويل إىل متثيالت لفظية وصور ذهنية (بداية اللغة والتفكري‬
‫لدى الطفل)‪.‬‬

‫ال ننسى هنا‪ ،‬كما ينبه إىل ذلك بياجي‪ ،‬أن الطفل ال يقوى؛ يف هذه املرحلة؛ على تكوين ما يدعى‬
‫باملفاهيم ‪( Concepts‬وهي عبارة عن فئات ‪ Classes‬جمردة تتكون من عناصر متشاهبة على‬
‫األقل يف خاصية واحدة‪ ،‬وميكن أن يتعلق األمر بأكثر من خاصية …)‪.‬‬

‫ولذلك فنحن‪ ،‬املربني‪ ،‬مدعوون إىل وضعه يف إطار تعلمي من األنشطة احلسية واحلركية الـمصحوبة‬
‫بالتعبري اللغوي الـمتنوع‪ ،‬وبالزيادة يف حجم التبادل أو التداول التواصلي بني األطفال‪ ،‬وفق أهداف تربوية‬
‫مقصودة وحمددة‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -‬من السنة الثامنة إىل حوايل السنة الثانية عشرة من العمر‪:‬‬


‫يدخل ذكاء الطفل مرحلة مفاهيمية وعملياتية‪ ،‬ولكن‪ ،‬مع االرتباط الدائم باملوضوعات امللموسة أو‬
‫احملسوسة ‪.Concrets‬‬

‫آنذاك يصبح الطفل قادرا على تكوين وفهم أو بناء العديد من املفاهيم الرياضية (العدد مثال) واملنطقية‬
‫(عالقات‪ ،‬فئات) والفيزيائية (احلجم‪ ،‬الوزن‪ ،‬الكتلة…) واهلندسية (الطول‪ ،‬العرض ‪ ،)...‬وهذه القدرة‬
‫الذهنية حتتاج‪ ،‬مدرسيا‪ ،‬إىل برامج وتقنيات وأساليب خاصة لتفسح اجملال للمتعلم‪ ،‬للتعامل املباشر مع‬
‫األشياء واملوضوعات‪ ،‬وتنظيم تأثرياته وحركاته املختلفة على هذه األشياء‪ ،‬وفق اسرتاتيجيات خمططة‬
‫وهادفة‪ ،‬حبيث تسهل بناء املفاهيم العلمية املنشودة‪ ،‬وجتعل أمر ممارسة األنشطة أو العمليات الذهنية‬
‫الناشئة‪ ،‬أمرا ميسورا ومطابقا لطبيعة البناءات املعرفية املطروحة للتعلم‪.‬‬

‫‪ -‬املرحلة الرابعة هي املرحلة اليت يكتمل فيها النمو العقلي للفرد‪ ،‬وتنطلق من السنة الثانية عشر إىل‬
‫مرحلة الرشد‪ ،‬ويقصد باالكتمال هنا‪ ،‬بلوغ ذكاء الفرد إىل تنظيم جمموع العمليات الرياضية واملنطقية يف‬
‫سياق بنية كلية أو شاملة‪ ،‬حيث تتفاعل وتتناسق ويعتمد بعضها على بعض‪ ،‬وهذه البنية هي ما يطلق‬
‫عليها بياجي اسم (‪ ) I.N.C.R‬اليت تعين اهلوية ‪ Identité‬والنفي ‪ Négation‬واالرتباطية‬
‫‪ Corrélative‬والتبادلية ‪.Réciprocité‬‬

‫حنن إذا‪ ،‬أمام فرد مراهق انفتحت أمامه آفاق ذهنية وعقلية هائلة‪ ،‬له استعداد‪ ،‬يتجاوز جمرد التعامل مع‬
‫امللموس‪ ،‬بل يتعداه إىل معاجلة املوضوعات اجملردة‪ ،‬ميكنه اآلن‪ ،‬مثال‪ ،‬أن يضع مقدمات نظرية‪.‬‬

‫ويستخلص منها نتائج ضرورية ومنطقية‪ ،‬كما ميكن أن يفرتض عبارات معينة ويشيد عليها بناءات‬
‫فكرية أو معرفية ما ‪...‬‬

‫باختصار يصبح الشخص متمكنا من ممارسة التفكري على التفكري ذاته‪ ،‬أي التفكري الفرضي ‪-‬‬
‫االستنتاجي‪.‬‬
‫هذه القدرات الفكرية حتتاج‪ ،‬تعليميا‪ ،‬إىل جمال أرحب لكي يتم حتيينها‪ .‬ومن ذلك استخدام أساليب‬
‫تعليمية مفتوحة‪ ،‬ووضعيات تعليمية دالة ومثرية للتساؤل والبحث‪ ،‬إضافة إىل وسائل تعليمية متنوعة‬
‫ومتصلة باملوضوعات التعليمية املختلفة‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -4‬التصور املعريف للتعلم‪:‬‬


‫تعترب املدرسة املعرفية يف علم النفس من بني أحدث املدارس املعرفية اليت حاولت أن تتجاوز‬
‫باخلصوص بعض مواطن الضغط يف املدرسة البنائية والسلوكية على السواء‪.‬‬

‫فإذا كانت السلوكية يف نظرياهتا حول التعلم ترى بأن التعلم هو حتويل سجل االستجابات أو تغيري‬
‫احتماالت إصدار استجابات هذا السجل تبعا لشروط معينة‪ ،‬حيث حتويل السلوك‪ ،‬املتمثل يف حتسني‬
‫األداء واستقراره‪ ،‬ال يرجع إىل النضج النمائي‪ ،‬بل إىل فعل احمليط اخلارجي وآثاره‪ ،‬والنمو ما هو إال‬
‫نتيجة آلية‪.‬‬

‫‪ -‬وإذا كانت كذلك النظرية البنائية (التكوينية) مع بياجي ترى بأن النمو املعريف هو عملية لبناء املعرفة‬
‫يقوم فيها الطفل بدور نشيط من خالل تفاعله مع احمليط‪ ،‬لكن ما حيكم هذا النمو هي امليكانيزمات‬
‫الداخلية للفرد‪ ،‬واليت ال تتأثر إال يف حدود نسبية جدا بالعوامل اخلارجية‪ ،‬ويتحقق النمو عرب مراحل‬
‫تدرجيية متسلسلة وضرورية (النضج) يف شكل بنيات معرفية أكثر فأكثر جتريدا‪ ،‬والتعلم يكون دائما تابعا‬
‫للنمو‪،‬‬

‫فإن املدرسة املعرفية حاولت جتاوز كل‪:‬‬


‫من التكوينية ‪/‬البنائية والسلوكية يف إشكالية أسبقية الذات (النضج) أو املوضوع يف عملية التعلم وبناء‬
‫املعارف‪.‬‬

‫ومن أهم املبادئ املؤطرة لنظرية هذه املدرسة يف التعلم والنمو جند‪:‬‬
‫تعويض السلوك باملعرفة كموضوع لعلم النفس‪ ،‬إذ مث جتاوز املفهوم الكالسيكي لعلم النفس كعلم‬
‫للسلوك‪ ،‬يركز على دراسة السلوك كأنشطة حسية حركية خارجية واليت ميكن مالحظتها موضوعيا‬
‫وقياسها يف إطار نظرية املثريو االستجابة وإقصاء احلاالت الذهنية الداخلية‪ ،‬حيث أخذت الدراسات‬
‫السيكولوجية احلديثة على عاتقها دراسة احلاالت الذهبية للفرد‪ ،‬فأصبحت املعرفة هي الظاهرة‬
‫السيكولوجية بامتياز‪ ،‬ألهنا خاصة بالذهن إما كنشاط (إنتاج املعرفة واستعماهلا) وإما كحالة ( بنية املعرفة‬
‫) فأصبح موضوع على النفس هو املعرفة عوض السلوك‪ ،‬وحيث إن املعرفة هي متثل ذهين ذات طبيعة‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫رمزية‪ ،‬أي حدث داخلي ال ميكن معاينته مباشرة ‪ ،‬بل ميكن االستدالل عليه واستنباطه من خالل‬
‫السلوك اخلارجي اللفظي أو احلس‪ -‬حركي‪.‬‬

‫كما أنه من األفكار األساسية هلذه املدرسة‪ ،‬كون التفاعل بني الفرد واحمليط ‪ -‬خصوصا أثناء التعلم‪-‬‬
‫هو تفاعل متبادل‪ ،‬إذ أن السيكولوجيا املعرفية هي سيكولوجيا تفاعلية باألساس‪ ،‬ألهنا جتمع بني بنية‬
‫للذات وبنية للواقع يف عملية معاجلة املعلومات‪ ،‬حيول مبوجبها اإلنسان‪/‬الفرد املعطيات اخلارجية إىل رموز‬
‫ومتثالت ذهنية‪ ،‬حيث إن الذهن أو املعرفة تتغري باحمليط وحمليط يتغري باملعرفة‪ ،‬حيت ليس هناك معارف‬
‫بدون سياق واقعي تنتج وتستعمل فيه‪ ،‬وليس هناك حميط بدون معارف تنظمه وتعطيه معىن (تدخل‬
‫الذات)‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن التعلم والنمو‪ ،‬حسب اإلصطالح الكالسيكي لعلم النفس‪ ،‬أصبح مع املدرسة املعرفية‬
‫يسمى باكتساب املعارف‪ ،‬ويتلخص مفهومها للتعلم يف‪:‬‬

‫‪ -‬التعلم هو تغري للمعارف عوض تغري السلوك‪ ،‬أي سريورة داخلية حتدث يف ذهن الفرد؛‬
‫‪ -‬التعلم هو نشاط ذهين يفرتض عمليات اإلدراك والفهم واإلستنباط ؛‬
‫‪ -‬التعلم ال يكمن فقط يف إضافة معارف جديدة (الكم) بل كذلك يف تشكيلها وتنظيمها وتشكيلها‬
‫يف بنيات (الكيف) من قبيل‪ :‬الفئة‪ ،‬اخلطاطة‪ ،‬النموذج الذهين‪ ،‬النظرية ‪...‬‬
‫‪ -‬التعلم يكون تابعا للمعارف السابقة‪ ،‬ألهنا حتدد ما ميكن أن يتعلمه الفرد ال حقا؛ التعلم هو نتيجة‬
‫التفاعل املتبادل بني الفرد واحمليط‪ ،‬حيث املعرفة تتكون وتبىن بفضل نشاط الذات ونتيجة هلذا النشاط‪.‬‬
‫(أحرشاو والزاهر‪.)2000‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -5‬النظرية السوسيوبنائي ‪Socioconstructif‬‬

‫تبىن املعارف اجتماعيا (‪ )Socialement construite‬من طرف اإلنسان ولفائدته‪.‬‬


‫فاملرء يبين (‪ )Structure‬وبكيفية نشيطة معارفه من خالل سياق قائم على التفاوض‬
‫(‪ )Négociation‬وإعطاء املعىن (‪ ،)Signification‬كما يرى أصحاب هذه النظرية بأن املتعلم‬
‫ال يطور كفاياته إال مبقارنة إجنازاته بإجنازات غريه‪ ،‬أي يف إطار التفاعل مع اجلماعة أو األقران ( ‪Les‬‬
‫‪.)Paires‬‬

‫تعترب سوسيو بنائية فيكوتسكي من أهم األسس النظرية اليت قامت عليها املقاربة بالكفايات ‪ -‬اليت‬
‫اعتمدها املغرب يف بناء املناهج والربامج التعليمية احلالية‪.‬‬

‫وتصنف النظرية السوسيوبنائية ضمن نظريات التعلم املعرفية اليت تعطي األولوية للعمليات اليت جتري‬
‫داخ ل اإلنسان كالتفكري واختاذ القرار وحل املشاكل إىل جانب كل من النظرية اجلشتلتية والنظرية البنائية‬
‫‪...‬‬
‫‪ -‬التعلم يف هذه النظرية ال حتققه الذات مبفردها وال يوجد داخلها‪ ،‬بل إن املعارف واملهارات والقدرات‬
‫واخلربات موجودة يف احمليط اخلارجي‪ .‬وعلى الطفل أن يتفاعل مع احمليط يف إطار األنشطة الفصلية‪.‬‬
‫‪ -‬الفرد املنعزل ال ميكنه احلصول على املعرفة مادامت البنيات املعرفية يف األصل عمليات اجتماعية‬
‫واليت تتحول إىل عمليات سيكولوجية ذاتية وشخصية من خالل الفعل واملشاركة يف نشاط اجلماعة‪.‬‬

‫كما أهنا تعترب فرعا من البنائية (بياجي)‪ ،‬تتفق معها يف تأكيدها على أن املتعلم هو صانع املعرفة وباين‬
‫التعلم ‪ ،‬وختتلف معها يف كوهنا تويل أمهية أكرب لدور تفاعل املتعلم مع أقرانه ومعلمه يف تسريع عملية‬
‫النمو املعريف‪.‬‬

‫يعين أن للتفاعالت االجتماعية واألقران واالحتكاك والسياق االجتماعي أمهية بالغة يف املوضوع ‪...‬‬
‫وهي حبديثها عن دور اجملتمع والراشد يف عملية التعلم تكون قد شكلت جتاوزا وتطويرا للنظرية البنائية‬
‫البياجوية‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫ميكن اعتبار التيار السوسيوبنائي تيارا متمما أو شبه معارض ألعمال بياجي حول التعلم والنمو‪ ،‬فقد‬
‫اختذ هذا التيار من خالل بعض النظريات صيغة تتميم واستكمال للنظرية التكوينية مثل ما حدث مع‬
‫بعض تالمذته وخاصة مع مونيي ‪ Mogny‬ودويز‪.‬‬

‫كما اكتسى مع بعض التصورات األخرى طابعا شبه معارض لبياجي عن طريق حتويل إشكالية العالقة‬
‫بني النمو ‪ Développement‬والتعلم من سياقه املنطقي البياجاوي إىل سياق اجتماعي أرحب‬
‫وأكثر قربا من االنتظارات املدرسية الرتبوية‪.‬‬

‫واألمر يتعلق هنا‪ ،‬باألعمال اليت اكتشفت مؤخرا للباحث البيالروسي فيجوتسكي‪.‬‬

‫فاملعارف يف املنظور السوسيوبنائي موطنة ومبثوثة يف سياق اجتماعي وهو الضامن للتعلم والفهم والربط‬
‫واملقارنة (‪ )...‬والكفايات ال تتحدد إال تبعا للوضعيات (والوضعيات ذات سياق اجتماعي بالضرورة)‪.‬‬

‫وبناء على ذلك يصبح مفهوم الوضعية مفهوما مركزيا يف التعلم‪:‬‬


‫ففي الوضعية يبين املتعلم معارف موطنة‪ ،‬وفيها يغريها أو يدحضها‪ ،‬وفيها ينمي كفايات موطنة‪.‬‬

‫يتعلق األمر هنا حبصيلة فحص حامسة بالنسبة لنمو التعلمات املدرسية‪.‬‬
‫فالوضعيات اليت يستطيع التالميذ داخلها بناء معارفهم حوهلا‪ ،‬وتنمية كفاياهتم‪ ،‬هلا دور حاسم يف‬
‫املنظور البنائي‪.‬‬

‫نعين بذلك‪:‬‬
‫مل يعد األمر‪ ،‬إذن‪ ،‬يتعلق بتعليم مضامني معزولة مبتورة عن أي سياق (مثل مساحة منحرف‪ ،‬مجع‬
‫الكسور‪ ،‬طرق احلساب الذهين‪ ،‬قاعدة حنوية‪ ،‬تصريف صنف من األفعال‪ ...‬إخل)‪ ،‬وإمنا أصبح األمر‬
‫متعلقا بتحديد وضعيات يستطيع التالميذ داخلها بناء معارفهم أو تعديلها أو دحضها‪ ،‬وتنمية كفاياهتم‬
‫حول املضامني املدرسية‪.‬‬

‫كما مل يعد املضمون املدرسي غاية يف ذاته‪ ،‬بل أصبح وسيلة خلدمة معاجلة وضعيات حتتل نفس‬
‫مرتبة املوارد األخرى‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫املقاربة السوسيوبنائية‪ ،‬تنطلق من ثالثة أبعاد أساسية‪:‬‬


‫أ ‪ -‬البعد البنائي لسريورة متلك املعارف وبنائها من قبل الذات العارفة‪.‬‬
‫ب‪ -‬البعد التفاعلي هلذه السريورة نفسها‪ ،‬حيث الذات تتفاعل مع موضوع معارفها‪ ،‬واملراد تعلمها‪.‬‬
‫ج‪ -‬البعد االجتماعي (السوسيولوجي) للمعارف والتعلمات حيث تتم يف السياق املدرسي (وضعيات)‪،‬‬
‫وتتعلق مبعارف مرموزة من قبل مجاعة اجتماعية معينة‪.‬‬

‫وعليه فإن املقاربة السوسيوبنائية هي مقاربة بنائية تفاعلية اجتماعية‬


‫(فليب جونري)‬

‫املعارف من منظور سوسيوبنائي موطنة يف سياق اجتماعي وفزيائي؛ والكفايات ال تتحدد إال تبعا‬
‫لوضعية معينة‪ ،‬ومن مث فهي كذلك توجد ضمن سياق إجتماعي فزيائي‪ ،‬وعليه يصبح مفهوم الوضعية‬
‫مركزيا يف التعلم؛ ومهمة املدرس هي أساسا خلق وضعيات لتمكني املتعلم من بناء املعارف وتنمية‬
‫الكفايات‪.‬‬

‫ونستنتج مما سبق ان الكفايات ال ميكن أن تبىن من منظور سوسيوبنائي إال داخل وضعيات معينة‪،‬‬
‫وهذه الوضعية هي اليت تسوغ صالحية الكفاية‪ ،‬وتكون معيارا هلا؛ وإذا كانت الوضعيات هي مصدر‬
‫الكفايات ومعيارها‪ ،‬فهي أيضا مصدر املعارف ومعيارها‪.‬‬

‫إن التعلم عند "فيكوتسكي" يتحقق من خالل حلظتني حامستني‪:‬‬

‫* اللحظة األوىل‪:‬‬
‫‪ -‬ومتثل زمن تدخل الراشد إلطالق شرارة التعلم الذي يعجز التلميذ عن تدشينه مبفرده‪ ،‬فإذا اختار‬
‫الراشد الوقت املناسب وكان فعله مناسبا‪ ،‬فإن الطفل يتمكن من االشتغال منفردا بتوظيف مكتسباته‪.‬‬

‫* اللحظة الثانية‪:‬‬
‫‪ -‬وتسمى حلظة النمو املتمثلة يف تدخل السريورات الفردية الداخلية يف عملية استبطان املقوالت‬
‫االجتماعية‪ ،‬الثقافية واملهارات واملعارف لتستوعبها داخليا‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة ‪www.alukah.net‬‬

‫مييز "فيكوتسكي" بني مستويني من الذاكرة عند األطفال‪:‬‬

‫* الذاكرة الطبيعية‪:‬‬
‫‪ -‬وهي املشرتك بني مجيع األطفال واألفراد قبل اخنراطهم يف النشاط االجتماعي والثقايف سواء داخل‬
‫املد رسة أو خارجها‪ ،‬ال تعتمد الوسائط الثقافية ما دامت مل تستضمر بعد مقوالت اخلارج‪ ،‬ومل تستدخل‬
‫أية قيم أو معارف‪.‬‬

‫* الذاكرة ذات الوسائط العليا‪:‬‬


‫‪ -‬أكثر تطورا من األوىل باعتبارها تنخرط ضمن الوظائف العقلية املتقدمة واملعتمدة على املقوالت‬
‫الثقافية املخزنة‪.‬‬

‫وتظهر عند األطفال الذين تتاح هلم فرص التفاعل مع الراشدين املتمرسني‪ ،‬وخالل األنشطة يكتشفون‬
‫الوسائل اليت تساعدهم على التذكر‪ ،‬فتتحقق الطفرة يف النمو‪ ،‬وينتقل الطفل من الذاكرة الطبيعية إىل‬
‫الذاكرة ذات الوسائط واملدعمة بالعناصر الثقافية املكتسبة‪.‬‬

‫ومن مثة فإن ال قدرة على التذكر تظل حمدودة يف غياب التفاعل مع ذوي اخلربة والكفاءة املتقدمة‬
‫والقدرة العالية‪ .‬وهنا يربز الدور املركزي للراشد‪.‬‬

‫أكد (فيجوتسكي) على أن التطور املعريف لألطفال يعتمد على الوسط االجتماعي وليس مستقال عنه‬
‫وهذا الرأي يناقض رأي بياجيه (البنائية) الذي يؤكد على أن الطفل يصبح بالتدريج أقل تركيزا على‬
‫الذات وأكثر اجتماعية‪.‬‬

You might also like