‫الوصل والفصل يف البالغة‬

‫عرف الوصل على أنّه وصل مجلتني‪ ،‬أي عطف مجلة على أخرى حبرف الواو‪ ،‬حبيث يكون بينهما جهة جامعة‪ ،‬وال‬ ‫يُ ّ‬
‫*وإِ َّن الأ ُف َّج َار لَِفي َج ِحي ٍم)‪ ،‬وقوله تعاىل‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يوجد مانع للوصل‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬قول هللا تعاىل‪( :‬إ َّن أاْلَبأ َر َار لَفي نَعي ٍم َ‬
‫كثريا)‪.‬‬
‫(فليضحكوا قليال وليبكوا ً‬
‫مواضع الوصل‪:‬‬

‫يقع الوصل يف ثالثة مواضع ميكن تفصيلها على النحو التايل‪:‬‬

‫معًن فقط‪ ،‬فقوله تعاىل‪" :‬إِ َّن أاْلَبأ َر َار لَِفي نَعِيم‬ ‫األول‪ :‬يف حالة ّاّتدت اجلملتان اخلربية أو اإلنشائية لفظًا ً‬
‫ومعًن‪ ،‬أو ً‬
‫يعد مثاالً على اجلملتني اخلربي تني‪ ،‬فلوجود مناسبة اتمة بينهما وعدم وجود سبب يقتضي‬ ‫َوإِ َّن الأ ُف َّج َار لَِفي َج ِحي ٍم"‪ُّ ،‬‬
‫الفصل مت وصلهما حبرف الواو‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬يف حالة أن ترك حرف العطف قد يوهم السامع خبالف املقصود‪ ،‬وذلك إذا اختلفت اجلملتان‪ ،‬مبعًن التقت‬
‫تعرضت للسؤال التايل‪( :‬هل شفي حممد من مرضه؟)‪ ،‬وكانت‬
‫مجلة خربية أبخرى إنشائية‪ ،‬ومثال على هذه احلالة؛ إذا ّ‬
‫إجابتك ابلنفي‪" :‬ال شفاه هللا"‪ ،‬فهنا يع ّد ترك حرف العطف (الواو) سبباً إليهام السامع أن جوابك دعاء عليه‪ ،‬وهو‬
‫خالف ما تقصده وهو الدعاء له‪ ،‬ولدفع االيهام‪ ،‬مت وصلها حبرف الواو‪ ،‬أي (ال‪ ،‬وشفاه هللا)‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬يف حالة كان القصد إشراكهما يف احلكم اإلعرايب‪ ،‬مثال ذلك قولك (حممد يكتب ويقرأ)‪ ،‬فاحلكم اإلعرايب‬
‫جلملة (يكتب) جاء يف حمل رفع خرب املبتدأ‪ ،‬وكذلك مجلة (ويقرأ)‪ ،‬معطوفة على مجلة (يكتب)‪ ،‬وتشاركها إعرابياً بكوهنا‬
‫يف حمل رفع خرب ٍ‬
‫اثن للمبتدأ‪.‬‬

‫تدريبات‪ّ :‬‬
‫وضح سبب مواضع الوصل‪:‬‬

‫ط مع الده ِر إذا ما خطا واج ِر مع الده ِر كما جيري‬

‫أخ ُ‬
‫‪ُ -1‬‬
‫ض َح ُكوا قَلِ ًيال َولأيَ أب ُكوا َكثِ ًريا"‪.‬‬
‫‪-2‬قال تعاىل‪" :‬فَ أليَ أ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ال يوس ُ ِ‬
‫س َوالأ َق َم َر َرأَيأتُ ُه أم ِيل َساجد َ‬
‫ين""‬ ‫َّم َ‬
‫َح َد َع َش َر َك أوَكبًا َوالش أ‬‫تأَ‬ ‫ف ْلَبِيه ََي أَبَت إِِّّن َرأَيأ ُ‬ ‫‪-3‬إِ أذ قَ َ ُ ُ‬
‫‪ -4‬هل قدم زيد؟ يقول‪ :‬ال‪ ،‬ورمحك هللا‬
 ‫مواضع الفصل‬

‫األمثِلَة‪:‬‬

‫‪﴿ -1‬فَإِ َّن َم َع الأعُ أس ِر يُ أسًرا إِ َّن َم َع الأعُ أس ِر يُ أسًرا﴾‬

‫ت لَ َعلَّ ُكم بِلِ َقاء َربِّ ُك أم تُوقِنُو َن﴾‬

‫صل اآلَي ِ‬
‫ِ‬
‫‪﴿ -2‬يُ َدبُِّر اْل أَم َر يُ َف ّ ُ َ‬

‫اب يُ َذِّحبُو َن أَبأنَاءَ ُك أم﴾‬

‫ومونَ ُكم ُسوء الأ َع َذ ِ‬
‫‪﴿ -3‬يَ ُس ُ أ َ‬
‫ِ‬ ‫ضوا ِمن أَب ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ك أ أَزَكى ََلُأم﴾‬ ‫صا ِره أم َوَأَي َفظُوا فُ ُر َ‬
‫وج ُه أم ذَل َ‬ ‫ني يَغُ ُّ أ أ َ‬
‫‪﴿ -4‬قُل لّلأ ُم أؤمن َ‬

‫ُك ُّل ام ِر ِئ َرأهن ِمبَا لَ َديَه‬ ‫صغََريأ ِه‬

‫‪ -5‬إَِّّنا املَأرءُ ِأبَ أ‬

‫الس ُف ُن‬
‫َيح مبَا ال تَشتَهي ّ‬‫جت ِري ّ‬
‫الر ُ‬ ‫كل ما يَتَ َم ًّن املَأرءُ يُ أد ِرُكهُ‬
‫‪َ -6‬ما ُّ‬

‫جيب الفصل يف مخسة مواضع‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون بني اجلملتني كمال اتصال( اّتاد اتم)‪،‬‬

‫أ‪ -‬أن تكون الثّانية أتكيدا لألوىل‪.‬‬

‫﴿فَإِ َّن َم َع الأعُ أس ِر يُ أسًرا إِ َّن َم َع الأعُ أس ِر يُ أسًرا﴾‬

‫املعًن واحد والجيوز عطف الشئ على نفسه‪.‬‬

‫ب‪ -‬أن تكون الثانية بدال من اْلوىل‪:‬‬

‫ت لَ َعلَّ ُكم بِلِ َقاء َربِّ ُك أم تُوقِنُو َن﴾‬

‫صل اآلَي ِ‬
‫ِ‬
‫﴿يُ َدبُِّر اْل أَم َر يُ َف ّ ُ َ‬
‫صل اآلَي ِ‬
‫ت فُصلت عن يُ َدبُِّر اْل أَم َر ْلهنا وقعت بدال عن اْلوىل‪ ،‬والبدل واملبدل منه شيء واحد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يُ َف ّ ُ َ‬
‫ومونَ ُكم ُسوء الأ َع َذ ِ‬
‫اب ْلهنا عطف بيان‪ ،‬واملعطوغ واملعطوف عليه شيء واحد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ج‪-‬يُ َذ ّحبُو َن أَبأنَاءَ ُك أم فصلت عن يَ ُس ُ أ َ‬
 ‫‪ -2‬أن يكون بني اجلملتني كمال انقطاع‪:‬‬

‫أن ختتلف اجلملتان خربا و إنشاءً‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫وج ُه أم‬ ‫ذَلِ َ‬

‫ك أ أَزَكى ََلُأم فصلت عن َوَأَي َفظُوا فُ ُر َ‬

‫ْلن اجلملتني اختلفتا خربا وإنشاءً‪ ،‬والفصل هنا ال يودي خالف املقصود‪.‬‬

‫ال توجد مناسبة بينهما يف املعًن‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫صغََريأ ِه … ُك ُّل ام ِر ِئ َرأهن ِمبَا لَ َديَه‬

‫إَِّّنا املَأرءُ ِأبَ أ‬

‫فصل الشطر الثاّن عن اْلول لعدم وجود مناسبة بينهما‪ .‬فالشاعر يقرر يف الشطر اْلول أ ّن مقياس احلكم على‬
‫اإلنسان قلبه ولسانه‪ ،‬ويف آخر البيت يقرر ان كل امرئ جيازى مبا عمله‪ ،‬وليس بينهما رابطة معنوية‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يكون بني اجلملتني شبه كمال اتصال لوجود رابطة معنوية بينهما‪ ،‬كأن تكون اجلملة الثانية جواب لسؤال نشأ‬
‫عن اجلملة اْلوىل‬

‫كل ما يَتَ َم ًّن املَأرءُ يُ أد ِرُكهُ‬

‫َما ُّ‬

‫الس ُف ُن‬
‫َيح مبَا ال تَشتَهي ّ‬‫جت ِري ّ‬
‫الر ُ‬

‫فصل بني الشطرين لوجود رابطة قوية بينهما؛ ذلك أن اجلملة الثانية جواب لسؤال نشأ عن اجلملة اْلوىل‪ ،‬فكأن‬
‫السؤال ملاذا ال يدرك املرء كل ما يتمناه؟ فأجاب غن الرَيح جتري مبا التشتهي السفن‪ .‬والسؤال واجلواب شيء‬
‫واحد‪.‬‬