Professional Documents
Culture Documents
علم الاجتماع - لمحة عامة عن علم الاجتماع
علم الاجتماع - لمحة عامة عن علم الاجتماع
يهدف هذا الفصل إلى االجابة على مجموعة من التساؤالت أهمها :ما هو علم االجتماع؟ وكيف نشأ ؟ وما
اهدافه ؟ وما اهميته ؟ وما اهتماماته ؟ وكيف يختلف المنظور االجتماعي للعلم عن غيره من العلوم ؟ وما
التحديات والمشكالت التي تواجه هذا العلم ؟
علم االجتماع بالالتينية هو ، sociologyوتتكون هذه الكلمة من شقين socioأي المجتمع و logyأي
علم ،واتفق الكثير من علماء االجتماع وعلى رأسهم اوجست كونت إلى تعريف علم االجتماع بأنه " العلم
الذي يهتم بدراسة المجتمع " .وأوضح كونت مهمة علم اإلجتماع بأنه العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر
االجتماعية دراسة وضعية ،ويحاول الكشف عن العالقة بين هذه الظواهر ،إال أنه لم يوضح ما المقصود
بالظاهرة االجتماعية .وقام دور كايم فيما بعد بتوضيح خصائص الظاهرة االجتماعية بأنها :ظواهر إنسانية
تنشأ بنشأة المجتمع ،وأنها عبارة عن قوالب للتفكير والعمل اإلنساني ،وبأن لها وجودا منفصال عن األفراد
الممارسين لها ،وأنها ليست من صنع الفرد ،بل من صنع المجتمع ككل () Durkheim, 1983
عرف دور كايم علم األجتماع بأنه العلم الذي يهتم بدراسة البناء األجتماعي وما به من مؤسسات من حيث
مقوماتها ووظائفها ( ) Durkheim,1983ويقصد بالبناء االجتماعي هنا الجماعات االجتماعية المستمرة
والمكونة للبيئة االجتماعية المحيطة بنا كاألسرة والمدرسة والجيرة ،والتي وجدت قبل األنسان وستسمر بعد
رحيله ( . ) Curry, 1990 .p.4
ثم شرح براون Browneفيما بعد موضوع علم االجتماع بأنه الدراسة المنظمة للجماعات اإلنسانية
والحياة اإلجتماعية والمجتمعات الحديثة فهو يهتم بدراسة المؤسسات االجتماعية التي يتكون منها المجتمع
مثل مؤسسة األسرة المسئولة عن تنظيم عملية الزواج ،من حيث سن الزواج ،والجماعات التي يمكن للفرد
أن يتزوج منها ،ومقدار المهر ،وأسلوب التربية الذي يجب على الوالدين اتباعه .والمؤسسة التعليمية هي
المؤسسة المسؤولة عن تجديد األساليب التي يمكن من خاللها نقل المعلومات والمعارف لألبناء ،وهي
المسؤولة عن تنمية المهارات والقدرات التي يحتاجها األفراد لسد احتياجات المجتمع .والمؤسسة
االقتصادية تتولى مسؤولية تنظيم عملية اإلنتاج واالستهالك والتوزيع بين أفراد المجتمع .أما المؤسسة
الدينية فتتولى مسؤولية تنظيم العالقة بين األفراد والقوى الغيبية ،وتسعى إلى غرس القيم األخالقية في
المجتمع وتنظيم العالقة بين األفراد ( ) Browne, 1995.p.2أما المؤسسة السياسية فمهمتها تنظيم العالقة
بين مراكز السلطة والنفوذ وبين أفراد المجتمع ،وتسعى هذه المؤسسة إلى حفظ األمن واالستقرار في
المجتمع .ومن هنا كانت مهمة عالم االجتماع دراسة وظيفة كل مؤسسة من هذه المؤسسات على حدة ،
والكشف عن طبيعة العالقة بين هذه المؤسسات ،هل هي عالقة تعاون أم صراع ؟ وكيف تؤثر كل مؤسسة
على المؤسسات األخرى ؟
عرف بعض العلماء علم االجتماع بأنه العلم الذي يهتم بدراسة " التفاعل االجتماعي " و" العالقات
االجتماعية " .ويقصد بالتفاعل االجتماعي السلوك الصادر عن الفرد نتيج احتكاكه وتعامله مع األخرين ،
فسلوك الفرد في حياتنا اليومية ما هو إال رد فعل لتصرف الناس من حولنا وللتوقعات المسبقة بيننا كأفراد (
. )Goodman. 1996.p.3ونحن كأفراد نستنتج هذه التوقعات من البيئة االجتماعية المحيطة ،فعلى سبيل
المثال يتعلم الطفل أداب التحية ،واحترام االخرين ،واحترام الوقت ،واحترام العمل من والديه ،فإذا لم
يكتسب هذه القيم منذ الصغر فلن يعرف كيف يتعامل مع االخرين في الكبر .واإلنسان ليس مجرد كائن
حي ،بل هو جزء من مجتمع كبير ينتمي إليه ،ويكتسب منه معني إنسانيته ،فهو يتعلم كيف يتكلم
ويتصرف كإنسان مع المجتمع المحيط به .وكلنا يذكر قصة طرزان الذي وجد العلماء عام 1974وهو في
السادسه من عمره في إحدى الغابات في إفريقية الوسطى ،والذي تولت جماعة من القردة في تربيته بينهم
فكان يأكل الفواكه والخضروات مثلهم ويمشي كما تمشي الحيوانات على أطرافه األربعة ،ويصدر أصواتا
مثلهم عند اإلحساس بالخوف او الخطر ،وحتى بعد أن وجده العلماء وحاولوا تعديل سلوكه وتصرفاته
بالتدريب المتواصل لمدة عامين ،كان سلوكه أقرب إلى الحيوان منه إلى اإلنسان Eitzen. 1995.p. (.
. ) 148
ويؤكد بعض العلماء أن علم االجتماع هو العلم الذي يهتم بدراسة انماط السلوك الناتج عن عوامل اجتماعية
ال من عوامل نفسية أو بيولوجية .فاإلنسان يختلف عن بقية الكائنات الحية األخرى بأنه حيوان ناطق فلديه
لغة ،وهو حيوان مفكر فلديه تراث ثقافي يساعده في التعامل مع االخرين .واألنسان يكتسب الثقافة وما بها
من قيم ومعايير وعادات وتقاليد من مجتمعه ،ومن خالل عملية التنشئة االجتماعية ،بحيث تصبح هذه القيم
والمعايير بعد فترة من الزمن جزءا ال يتجزأ من شخصيته .وهذا يعني أن عالم االجتماع يهتم بدراسة
األنماط االجتماعية التي تتكون من تفاعل األفراد مع بعضهم البعض ،فهو يركز على دراسة شبكة
العالقات التي تحول تجمع مجموعة من االفراد من مجرد تجمع طارئ إلى جماعة أجتماعية بما تشمله هذه
الكلمة من عالقات وأهداف وقواعد .ولكي يدرس عالم االجتماع البد وان يدرس مجموعة القيم المشتركة
التي تجمع أفراد مجتمع واحد وتجعلهم يسلوكا سلوكا مشتركا في حياتهم اليومية ( .)Eitzen . 1995.p.24
حقا إن اإلنسان قد يبدو حرًا في قراراته ،فهو الذي يختار مدرسته أو عمله أو شريكة حياته ،لكنه في
الحقيقة ليس حرًا حرية تامة في اختياراته ،فهو لم يختر األسرة التي ولد بها وال اسمه ،ولم يختر الطبقة
التي ينتمي إليها ولم يختر الثقافة التي يمارسها ،والمنطقة الجغرافية التي نشأ فيها ،والتعليم الذي تلقاه في
فتر الصغر .فهناك امور كثيرة وجدت قبل أن يوجد هو كفرد بل كثيرا ما يجد اإلنسان نفسه مجبرًا على
القيام باعمال كثيرة قد ال يرغب فيها إرضاء للمجتمع الذي من حوله .ألم تجد نفسك يوما ما مجبرًا على
القيام بتصرف معين رغم عدم قناعتك به إرضاء للناس من حولك ؟ او قد تحرم من اداء عمل ترغب فيه
لعدم تقبل األخرين لهذا العمل .فتصرفاتنا كأفراد كثيرًا ما تتأثر بالمجتمع المحيط بنا .فنحن كجزء من
الجماعة التي ننتمي إليها نحاول دائما ان نتكيف مع قيم هذه الجماعة ومعاييرها ألدراكنا بان خروجنا عن
هذه الجماعة يعرضنا النتقاداتها ونبذها أو عقابها لنا .فهناك نوع من الضبط االجتماعي الذي يمارسه
المجتمع على األفراد لحفظ التضامن واالستقرار االجتماعي .كذلك قد تتأثر قراراتنا الشخصية بقرارات
عامة تتخذ من قبل الحكومة او منظمات أخرى لها سلطاتها في المجتمع .على سبيل المثال إذا ما رفعت
الحكومة أسعار البنزين ،فسيتأثر استهالك الفرد لسيارته ،وقد يقلل من خروجه وتحركاته .كذلك فأن رفع
شركات الطيران ألسعار التذاكر قد تؤثر على سفر األفراد للخارج ،وقد يظطروا ألى استخدام السيارة او
القطار كوسيلة للتنقل بدل الطيارة .فكثيرًاما يتأثر السلوك االجتماعي للفرد بالظروف المحيطة به .
وقد أوضح بعض العلماء أن علم االجتماع هو العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر االجتماعية السائدة في
المجتمع ،والظاهرة هي النمط المتكرر من السلوك .فعالم االجتماع ال يهتم بدراسة السلوك الفردي الذي
يحدث بمحض الصدفة ،ولكنه يهتم بالسلوك المتكرر من االفراد .فعلى سبيل المثال يهتم عالم االجتماع
بدراسة ظاهرة غالء المهور في دول الخليج او ظاهرة العنوسة بين الجامعيات ،أو ظاهرة االدمان بين
الشباب ،او ظاهرة العنف االسري أو الطالق ..الخ .
وتجدر اإلشارة هنا إلى ان علماء األجتماع لم يهتموا بدراسة المجتمعات في حالة استقرارها فقط ،بل
وجهوا اهتمامهم لدراسة التغير االجتماعي ودوافعه فاألنسان يتميز عن بقية الكائنات الحية األخرى بالعقل ،
وأفعال االنسان ال تتم بشكل تلقائي سلبي ،ولكن تتم بناء على قناعات ةاختيارات مطروحه امامه وهذا ما
يجعل االنسان ال يقف موقف المتفرج من الثقافة ،فهو ال يتلقاها بشكل سلبي ،بل يأخذ منها ما يناسبه ،
ويضيف اليها من خبراته وتجاربه مما يؤدي إلى ظهور االختراعات ،وهذا ما يجعل الثقافة ليست شيئًا ثابتًا
،بل هي في تغير وتتطور مستمر .
لما كان المجتمع يتكون من عدة جماعات ،ولكن جماعة مصالحها واهدافها الخاصة بها ،فبعض علماء
االجتماع يرونأن مهمة علم االجتماع هو ذاتيه عالقات الجماعات االجتماعية الوقتية والمستمرة ،ودراسة
عوامل نشأتها واستمرارها ،فالعالقى بين الجماعات ليست عالقة تعاون وتماسك دائما ،بل كثير ما تكون
العالقة قائمة على تضارب المصالح واختالف االهداف ز وهذه العالقة هي التي تؤدي إلى تغير المجتمع
وانتقاله من حالة ألى أخرى .لذا فأن علم االجتماع ال يهتم بدراسة الجماعات في حالة ثباتها واستقرارها
فقط ،بل يحاول الكشف عن العوامل التي تدفع إلى الصراع والتغيير في المجتمع .
وهكذا نجد انه رغم اتفاق علماء االجتماع على دراسة المجتمع إال أنهم أختلفوا فيما بينهم على محور
التركيز :فالبعض يرى أن عالم االجتماع يجب أن يركز على دراسة البناء االجتماعي وما به من نظم ،
وأخرون يؤكدون ان علم االجتماع يجب أن يركز على دراسة التفاعل االجتماعي والعالقات االجتماعية ،
في حين يرى االخرون ان العلم يجب ان يهتم بسلوك االفراد الناتج عن عوامل اجتماعية ال دوافع غريزية .
غير أن بعض العلماء اعتبروا ان علم االجتماع هو العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر االجتماعية ،في الوقت
الذي أشار البعض إلى أن علم االجتماع يجب ان يهتم بدراسة الجماعات االجتماعية الوقتية والمستمرة التي
ينتمي إليها الفرد .والحقيقة أن اختالف توجهات العلماء تثري العلم وال تضره ،فكل عالم من العلماء يوجه
اهتمامه إلى دراسة جانب من جوانب المجتمع التي يراها مهمة من وجهة نظره إلثراء العلم وتوسيع
اهتماماته ،ولكنه مع ذلك ال ينسي الجوانب األخرى .
المجتمع : Society
اتفق علماء االجتماع على ان علم االجتماع هو علم دراسة المجتمع لكن ما المجتمع ؟ وهل للمجتمع وجود
حقيقي كا يزعم البعض ؟ أم أنه من نسيج تخيلنا ؟ وإذا كان له وجود فأين ؟ وما أهميته ؟ .يؤكد إميل دور
كايم ( ) 1858 -1917الفرنسي الجنسية ،وهو من العلماء البارزين المؤسسين لعلم االجتماع أن المجتمع
حقيقة ثابته ،وان له وجود مستقل عن األفراد المكونين له .والمجتمع هو جماعة من الناس يعيشون على
قطعة محددة من األرض لفترة من الزمن ،بحيث يكونون معًا يعيشون على قطعة محددة من األرض لفترة
من الزمن ،بحيث يكونون معا ثقافة مشتركة تميزهم عن غيرهم من المجتمعات ،وليس هناك وجود
لمجتمع بال أفراد .فالمجتمع يتكون نتيجة لتعامل األفراد مع بعضهم البعض بحيث يصبح لألفراد سلوك
جماعي يختلف عن سلوكهم فيما لو كانوا افرادًا منفصلين أو منعزلين عن بعضهم البعض .وهذه العالقة
التي تكونت نتيجة الحتكاك األفراد مع بعضهم البعض هي التي تكون المجتمع .وقد ميز إميل دور كايم بين
نوعين من المجتمعات :
المجتمعات الصغيرة التقليدية وتتميز بالبساطة مثل مجتمعات الجمع وااللتقاط ،والرعى والزراعة ،وأهم
صفاتها هي :أنها مجتمعات بسيطة غير معقدة ،ومترابطه ،والعامل الرئيسي الذي يجمع بين أفرادها هو
وجود قيم أخالقية ،ومعتقدات واحدة ،وتشابه أفرادها في المهنة ،فالتجانس والتشابه هو سبب أساسي من
أسباب تماسكها .وأطلق على نوع الترابط الذي يميز هذه المجتمعات " التضامن األلى " .
تتميز هذه المجتمعات بالتعقيد ،وعدم التجانس .ويحدث التكامل في هذه المجتمعات نتيجة الختالف وظائف
أفرادها ،فالتخصص وتقسيم العمل هو اهم ما يميز المجتمعات الكبيرة .فكل جزء من أجزاء المجتمع يعتمد
على األجزاء االخرى ،وتماسكها هذا ناتج عن اختالفهم وتكاملهم ال عن تشابههم .وأطلق على نوع
الترابط الذي يجمع هذه المجتمعات " التضامن العضوي ".
ومن الموضوعات التي اهتم بها علماء االجتماع في دراستهم للمجتمع هي الكشف عن نوع العالقة بين
افراد المجتمع ،هل هي عالقة تماسك ام صراع ؟ كما حاولوا تفسير العاومل التي تؤدي إلى تماسك
المجتمعات وترابطها سواء العوامل المخططه أو غير المخططه ،المتعمده أو التلقائية ومعرفة العوامل
الوظيفية أو غير الوظيفية السائدة في المجتمع ،على افتراض انه ليس من الضروري ان تكون جميع
التغيرات التي تحدث في المجتمع مؤدية إلى التجانس ،بل قد يكون هناك عوامل تؤدي إلى تخلخل المجتمع،
ولو لفترة من الزمن ،ثم يعيد المجتمع بناء نفسه وتوازنه مرة اخرى ،وانقسموا في ذلك إلى مجموعتين :
المجموعة االولى :ترى أن المجتمع في حالة انسجام وترابط لتحقيق المصلحة المشتركة للجميع في اإلنتاج
والتوزيع والحماية .
المجموعة الثانية :ترى ان المجتمع في حالة تنافس وصراع ،ويستندون في رأيهم هذا على ان األشياء
التي يرغب بها الناس كالثروة ،والقوة ،ومصادر الطاقة ،والمكانة ،محدودة في المجتمع لذا فإن الصراع
والتنافس هو اساس العالقة بين األفراد .
يكتسب االنسان طبيعته اإلنسانية من المجتمع الذي يعيش فيه .كيف نتصرف كأفراد؟ ماذا نلبس وماذا
نأكل ؟ وكيف نتعامل مع االخرين ؟ كل هذه التساؤالت تعتمد على المجتمع الصغير المحيط بنا .فعندما يولد
اإلنسان يكون مجرد مخلوق ضعيف عاجز عن إعالة نفسه ،فإذا لم يقدم له الطعام والشراب والحب
واألمان ،لمات هذا الطفل الرضيع .في حين ان الكثير من صغار الحيوانات تستطيع الوقوف على قدميها
واالعتماد على نفسها في الحصول على الغذاء بعد لحظات من والدتها .أما المولود اإلنساني فأنه يعتمد
على االخرين لعدة سنوات حي يستطيع االعتماد على نفسه في كسب قوته .وهذه الطبيعة الفيزيقية لإلنسان
هي التي تجعله يحتاج إلى االفراد من حوله ،وإلى جماعة ينتمي إليها حتى يكتب له البقاء واالستمرار .
ومع مرور الوقت يزداد ارتباط الفرد بالجماعات المختلفة الشباع احتياجاته المتزايدة والمتنوعة .فهو يحتاج
إلى االسرة لتمده بالحب والحنان والغذاءوالكساء والدفء ،وهو يحتاج إلى المدرسة لتمده بأنواع المعارف
المختلفة ،وهو يحتاج إلى األصدقاء لقضاء وقت الفراغ ،ويحتاج إلى المصانع لصناعة المالبس واالحذية
وادوات المنازل والسيارات وغيرها ،بحيث يجد الفرد نفسه في سلسلة من العالقات المتبادل فهو يتعلم
ويعمل ويقدم حدمات لألخرين ،وهم في المقابل يقدمون له خدمات أخرى .واحتياج الفرد لألخرين ليس
احتياجا ماديا فقط ،بل هو احتياج عاطفي ووجداني كذلك .فالفرد فالفرد يحتاج ألن يحب ،وألن يكون
محبوبا من االخرين ويحتاج للرعاية واالهتمام ،كما يحتاج لتقديم االهتمام لالخرين ،حيث أنه من الصعب
على اإلنسان شعوره بعدم أهميته ،وأنه ليس هناك أحدًا في حاجة إليه .بجزء من الطبيعة البشرية أنيشعر
الفرد بأنه إنسان منتج وانه مرغوب فيه ،وانه ليس وحيدًا في هذا العالم ،بل هناك أفراد أخرين يشاطرونه
أفراحه وأحزانه ،ويشعرونه بحاجتهم له .
استطاع اإلنسان االستمرار وتجاوز الصعاب البيئية المحيطة به لوجوده في مجتمع ولتعاونه مع األخرين .
فاألنسان يحب ذاته ويقدس حريته ولكنه أدرك بفطرته أنه لكي يكتب له البقاء واالستمرار البد له من العيش
بسالم مع األخرين .فلكي يجابه األنسان االخطار المحيطة به والصعاب التي تواجهه أدرك انه البد وان
يعيش مع االخرين ،فتعلم بعض المهارات التي تساعده على استغالل البيئة الطبيعية المحيطة به ،بدءا من
إشعال النار إلى اختراع الكتابة لتدوين خبراته ونقل معلوماته ،ثم اكتشف مع مرور الوقت أنه لكي يجيد
عمله البد له من التخصص في اعمال معينة اومجاالت خاصة تميزه عن االخرين .فكان التخصص وتقسيم
العمل هو أساس العالقة التي تربط بين االفراد ،ومن هنا كان المجتمع اإلنساني نتاج طبيعي لعملية التكييف
مع البيئة .
يمكننا اعتبار الفرد والمجتمع وجهان لعملة واحدة ،فليس هناك مجتمع بدون أفراد ،وال أفراد بدون مجتمع.
نحن لن نستطيع التعرف على أنفسنا كأفراد ،وأن نعرف الفرق بيننا وبين األخرين إال عندما نعيش في
مجتمع .كما أننا نتعلم كيف نعمل ،وكيف نكسب قوتنا من المجتمع المحيط بنا فنحن نولد في مجتمع ،وهذا
المجتمع موجود قبل ان نولد ،وسيستمر وجوده بعد موتنا .ووجود المجتمع ال يعني أنه يستمر على وتيرة
واحدة ،بل إنه يتغير بأختالف الظروف االقتصادية والسياسية التي نمر بها .وعندما يعيش الفرد في مجتمع
ما فإنه ينخرط تلقائيا في بعض العالقات الوثيقة بين األخرين .وهذه العالقات قد تكون مبنية على الحب او
الكراهية ،على التعاون أو المنافسة .وقد تكون العالقة مبنية على عالقة الوجه بالوجه ،كما هي في
الجماعات الصغيرة كاالسرة والمدرسة والنادي .وقد تكون هذه العالقة غير مباشرة مثل عالقة أفراد
المجتمع الكبير ببعضهم البعض ،أو عالقة أهل المنطقة السكنية الواحدة في المدن الصناعية.
تهتم جميع العلوم اإلنسانية بدراسة اإلنسان من جانب محدد .فعالم النفس يهتم بدراسة شخصية اإلنسان
والعوامل المكونة لهذه الشخصية كاالتجهات والميول والقدرات الذهنية وغيرها .وعالم االقتصاد يهتم
بدراسة النظام االقتصادي والموارد المتاحة في المجتمع وطرق استخدامها وتوزيعها .وعالم البيولوجيا يهتم
بدراسة جسم اإلنسان من الناحية العضوية والوظائف التي تقوم بها مختلف األعضاء .وعالم األنثروبولوجيا
يهتم بدراسة العوامل البيولوجية والثقافية المؤثرة في سلوك اإلنسان وتطور هذا السلوك عبر التاريخ حتي
وقتنا هذا .وعالم التاريخ يهتم بدراسة الوثائق والمستندات للكشف عن العوامل المؤثرة في المواقف
واألحداث الماضية ،ومحاولة للكشف عن العوامل المؤثرة في الموقف واألحداث الماضية ،ومحاولة
للكشف عن األنماط العامة التي تحكم هذه األحداث ومعرفة أسبابها ونتائجها .وعالم السياسة يهتم بدراسة
مصادر وطرق توزيع القوة في أي مجتمع .أما عالم األجتماع يهتم بدراسة المجتمع ككل ،وهو يدرس
الظاهرة االجتماعية دراسة شاملة ويربطها بجميع النظم األخرى في المجتمع .فهو ال يدرس اإلنسان كفرد
مستقل ولكن يدرس األنسان كفاعل ، actorوكجزء من النسيج االجتماعي .وعالم االجتماع يؤمن أن
سلوك الفرد ال يصدر من فراغ ،ولكن ينبثق من العوامل االجتماعية واالقتصادية والسياسية والدينية
المحيطة به .لذا فإن علم األجتماع يستفيد من جميع العلوم اإلنسانية االخرى في دراسته للمجتمع ،فهو
يدرس الظاهرة أو المشكلة ويربطها بالنظم األجتماعية االخرى في المجتمع .فعلى سبيل المثال إذا ما درس
الباحث االجتماعي ظاهرة الطالق فهو ال يدرسها بمعزل عن النظم االجتماعية األخرى في المجتمع ،بل
يحاول أن يدرسها تاريخا أوال لمعرفةتطورها عبر التاريخ ،ثم يربط الظاهرة بالنظام السياسي القائم
والقرارات التي تتخذها الدولة لحماية االسرة ،وما هو مصدر التشريع في المجتمع هل هو الدين أم القوانين
المدنية ؟ وألي مدى تتدخل الدولة في الحد من الطالق بتسهيل عملية الطالق أم بوضع العراقيل التي تحد
من الطالق ؟ ثم تدرس عالقة الطالق بالنظام االقتصادي السائد ،وهل تزداد معدالت الطالق باختالف
النظام االقتصادي؟ كما يجاول الباحث أن يدرس الطالق وعالقته بالنظام الديني لمعرفة رأى الدين في
الطالق وهل هو مباح أم محرم دينيا .فعلى سبيل المثال يبيح الدين األسالمي الطالق ،في حين تحرم بعض
المذاهب المسيحية الطالق إال وفق شروط صعبه .كذلك يحاول الباحث أن يدرس العالقة بين التعليم
والطالق ،بمعني هل تزداد نسبة الطالق مع ارتفاع مستوى التعليم ؟ أم العكس؟ وهكذا نجد ان الباحث
االجتماعي عندما يدرس أي ظاهرة او مشكلة ال يدرسها كحالة فردية ولكن يربطها بالنظم االجتماعية
االخرى في المجتمع ( الهواري .) 1988
وقد يتفق عالم االجتماع والصحفي من حيث االهتمام بدراسة المجتمع ومحاولة وصف الواقع ،وإلقاء
الضوء على الظواهر والمشكالت االجتماعية فيه .لكن الفارق األساسي بينهما يكمن في ان هدف الصحفي
هو جذب انتباه القراء لقراءة المقال ،والتعمد إلى استخدام العناوين الجذابة والمثيرة ،والكلمات الرنانة
مضيفا إليها الكثير من المبالغات لشد اهتمام القارئ ،حتي وإن كانت هذه اإلضافات تشوه الحقيقة وال
تخدمها ،في حين ان هدف عالم االجتماع هو وصف الظاهرة بشكل علمي ،ودراستها دراسة وصفية
تحليلية اجتماعية لمعرفة أسبابها ،ومقارنتها بمثيلتها في عدة مجتمعات لمعرفة أوجه الشبه واالختالف بينهما
.كذلك يحاول عالم األجتماع أن يرى األنماط المتكررة من السلوك اإلنساني ويحاول الكشف عن القوانين
التي تحكمها ،وهو ال يتعمد الغثارة في عرضه لمادته العلمية ،بل يحاول وصف الظاهرة كما هي .وصفًا
موضوعيًا محايدًا ،وال يكتفي بالمالحظة المجردة للظاهرة ،بل يستخدم المنهج العلمي في البحث عن
الحقيقة.
المنظور االجتماعي هو الطريقة التي ينظر بها عالم االجتماع إلي المجتمع وألي العالم المحيط بنا ،فهو
يركز على دراسة العوامل االجتماعية المؤثرة في الظاهرة ،أو بمعنى أخر يدرس سلوك االفراد النابع من
عوامل اجتماعية .فعالم االجتماع عندما يدرس اإلنسان ال يدرسه ككيان مستقل ،ولكن يدرسه كجزء من
عملية التفاعل االجتماعي .ولنوضح كيفية اختالف المنظور السوسيولوجي عن غيره من العلوم أقدم المثال
التالي :إذا ما حدثت مشادة بين إنسان عاطل عن العمل يستجدي الناس ماًال وبين أحد المارة ،وقام العاطل
على أثرها بضرب الرجل ضربًا مبرحًا .إذا ما حاول عالم النفس دراسة هذا الموقف فإن اول شئ سيقوم
به هو فحص هذا الرجل العاطل لمعرفة ما إذا كان مريضًا نفسيًا أم ال ،وهل يتعاطى أي نوع من العقاقير،
ثم يحاول التعامل معه كمريض ويحاول ان يبحث عن األسباب النفسية التي دفعته لهذا السلوك المنحرف.
أما إذا كان الباحث عالم اقتصاد ،فإنه سيحاول معرفة دخل الرجل العاطل ،ومن أين يحصل عليه ،وهل
يحصل على أي مساعدات من الضمان اإلجتماعي؟ وهل هناك فرص عمل متاحة في هذا المجتمع؟ ونسبة
البطالة في المجتمع .أما إذا حاول عالم األجتماع دراسة هذه الحادثة فأنه سيحاول دراسة جميع الجوانب
االجتماعية الدافعة للجريمة :من الناحية االقتصادية واألسرية والتعليمية والدينية .فيحاول معرفة الجوانب
االجتماعية لهذا الرجل مثل أسرته ،عدد أبناءه أن وجدوا ،والكشف عن طبيعة عمله وعما إذا كان هذا
الحادث تم بطريق الصدفة ام هو من عصابة تمتهن هذا العمل ؟ كما يحاول الباحث معرفة مستوى الرجل
التعليمي ،والمسكن والحي الذي يعيش فيه ،والثقافة التي ينتمي إليها ،ونسبة البطالة في هذا المجتمع ليصل
منها إلي األسباب األجتماعية التي دفعته للجريمة .فعالم االجتماع ال يهتم بسلوك الفرد الغريزي او النفسي ،
ولكنه يهتم بأنماط السلوك المتكررة والتي تظهر كرد فعل للظروف االجتماعية المحيطة به ( Curry.
. ) 1999
وعند محاولة علماء االجتماع دراسة المجتمع ،ومحاولة تفسير ما يحدث بين االفراد من ظواهر اجتماعية ،
انقسموا في دراستهم للظاهرة إلى مستويين رئيسيين:
المايكرو سوسيولوجي – Micro Sociologyويقصد بها الدراسة المركزة المتخصصة للظاهرة مثل
دراسة العالقات الشخصية بين االفراد كعالقات الحب او الكراهية ،او دراسة العالقة بين العامل وصاحب
العمل في المصنع ،فهذا النوع من الدراسة يحاول دراسة الظاهرة عن قرب.
والماكرو سوسيولوجي Macro Sociologyويقصد بها الدراسة الشاملة للظاهرة ،مثل دراسة ظاهرة
النمو السكاني في المجتمع أو دراسة ظاهرة الهجرة وأسبابها .وهناك أختالف واضح بين الباحثين في
النظرة إلى الموضوع .فإذا ما درس احد الباحثين النظام التعليمي باستخدام المايكرو سوسيولوجي فإنه يركز
على جانب معين من النظام ليدرسة كعالقة الطالب بالمدرس ويحاول الكشف عن طبيعة العالقة بينهما
وأنماط السلوك السائدة والعوامل المؤثرة في هذه العالقة .وال يركز على الجوانب النفسية للعالقة ولكن
على الجوانب االجتماعية المؤثرة في هذه العالقة .اما إذا ما حاول باحث أخر دراسة النظام التعليمي
باستخدام الماكروسوسيولوجي فإنه يدرس النظام التعليمي كجزء من البناء اإلجتماعي الكبير ،ويدرس
العالقة بين هذا النظام وغيره من النظم األجتماعية األخرى ،فهو على سبيل المثال يدرس أثر النظام
التعليمي في تكوين النظام الطبقي في المجتمع ،وكيف يؤثر المجتمع على هذه المؤسسة وهيكلها التنظيمي ،
فالنظرة هنا للمشكلة أو الظاهرة تكون اكثر شمولية واتساعًا ،في حين ان نظرة المايكروسوسيلوجي تكون
أكثر تخصصية وتركيزًا على الظاهرة ( .) Mckee.1969
إن التفكير االجتماعي لإلنسان قديم قدم اإلنسان نفسه ،وقد ظهرت البدايت األولى للتفكير االجتماعي في
كتب الفالسفة والمفكرين منذ لعصر الروماني واليوناني ،عندما حاول الفالسفة في ذلك الوقت التفكير في
الحياة االجتماعية وعوامل سعادة وشقاء اإلنسان ،وعوامل استمرارية المجتمعات وكيفية تكوين المجتمع
الفاضل مثل كتابات أرسطو وافالطون وغيرهم من الفالسفة القدماء .ولكن البداية الحقيقة لعلم االجتماع
كانت في النصف األول من القرن 19إذا ظهرت اللبنة األولى لهذا العلم مع ظهور الفوضى الفكرية
واالضطرابات والمشكالت االجتماعية التي عمت المجتمع االوروبي نتيجة للثورة الصناعية والثورة
الفرنسية وانتشار الكثير من الشعارات الديمقراطية التحررية ،ذلك أنه نتيجة للثورة الصناعية ،هاجر
الكثير من الناس من الريف إلى المدن ،وانتقل الكثير من الفالحين من العمل الزراعي إلى العمل في
المصانع .وكان لهذا االنتقال المفاجئ للفرد من الحياة الريفية الهادئة ،إلى حياة لمدن الصناعية المعقده
والصاخبه ،المليئة بالصراعات واالضطرابات أثارها السلبية على الفرد ،إذا وجد اإلنسان نفسه مجبر على
تغيير طريقة حياته ،واسلوب تعامله مع االخرين.
وهذه االضطرابات والصراعات الداخلية أدت إلى حدوث الكثير من المشكالت االجتماعية في ذلك الوقت
كارتفاع نسبة الجريمة ،وانحراف االحداث ،والتفكك األسرى ،وزيادة نسبة الطالق ،وهذه المشكالت
االجتماعية دفعت العلماء والمفكرين في ذلك الوقت إلى التفكير في المجتمع ،والتساؤل هل سيستمر
المجتمع على هذا الحال ؟ أم سينهار؟ وها أحس العلماء بحاجتهم إلى وجود علم مستقل يهتم بدراسة المجتمع
،وبنائه ،وعوامل تماسكه وتفككه .ومن هنا ظهرت الحاجة إلى وجود علم االجتماع كعلم واقعي موضوعي
يبحث فيما هو قائم بالفعل وليس ما يجب أن يكون .
كما أن هناك تساؤالت أخرى حاول العلماء األوائل اإلجابة عليها أهمها :ما هي عوامل استقرار المجتمع
وتطوره؟ وما هي عوامل تفكك المجتمع؟ ثم ما هي العوامل التي تؤدي إلى تغير المجتمع؟ وكيف يستطيع
المجتمع السيطرة على افراده؟ وما اهمية الجماعات االجتماعية الصغيرة والكبيرة للمجتمع؟ وما هي العالقة
بين الطبقات االجتماعية ؟ وما الذي يجعل االفراد يتقبلون الطبقة االجتماعية التي ينتمون اليها حتى وان
كانت منخفضة ؟ وما الذي يجعل االفراد ينصاعون لقيم المجتمع وتوقعاته رغم عدم قناعاتهم دائما بهذه القيم
؟ وما أهمية التدرج االجتماعي للمجتمع؟ وما العوامل المحددة لهذا التدرج؟ وغيرها من االسألة التي شغلت
اهتمام المفكرين األوائل لعلم االجتماع اإلجابة على الكثير من هذه التساؤالت وتبلورت محاوالتهم هذه في
جانبيين رئيسيين:
الجانب النظري للعلم :وهو الذي يسعى لدراسة المجتمع ،وبنائه ،والنظم االجتماعية المكونة له ،ودراسة
التفاعل االجتماعي ،والظواهر االجتماعية الناجمة عن هذا التفاعل ،ومحاولة الكشف عن القوانين التي
تحكم التفاعل االجتماعي .
الجانب التطبيقي :والمتمثل بالدراسة المنهجية للمجتمع وظواهره ومشكالته ومحاولة ربط الظاهرة بالظواهر
االجتماعية األخرى .ويتناول علم االجتماع التطبيقي العديد من القضايا كالصحة والتعليم والتجارة والسياسة
وغيرها من األمور ( . )Henslin.1998وتعتبر دراسة إميل دور كايم لالنتحار ،من أفضل الدراسات
التطبيقية في علم االجتماع .ومنذ ذلك الوقت وحتى الوقت الحاضر ظهر العديد من الدراسات المنهجية التي
درست العديد من الظواهر االجتماعية المحيطة بنا .
واهتم ابن خلدون كذلك بالعوامل التي تعمل على تماسك المجتمع ،واكد على ان العصبية من اهم عوامل
تماسك المجتمعات التقليدية .فالبداوة هي اساس المجتمعات االنسانية ،واهم ما يميز البداوة سيطرة العصبية
على افرادها .والعصبية او التعصب وينظر له نظرة سلبية في وقتنا الحالي ألنها تعني التحيز وعدم
الموضوعية ،لكن ابن خلدون نظر إلى العصبية من منظور إيجابي فاعتبرها عامل هاما من عوامل تماسك
المجتمعات واستمراراها وتطورها ،فعندما يميل أهل البادية إلى االستقرار والدعة تضعف العصبية بينهم
وتذهب قوتهم فتبدأ إمبراطوريتهم باالنهيار.
ومن الموضوعات التي اهتم بها ابن خلدون العالقة بين النظام السياسي والعصبية فقال إن الحكم عادة ما
يكون في العصبة القوية ،وإذا ما فرضت سيطرتها على القبائل األخرى استأثرت بالحكم وأذعنت لها
القبائل األخرى .ويرى ان الحكم عادة ما يكون وراثيَا في اإلمبراطورية الواحدة .وحدد عمر كل
إمبراطورية بأربعة أجيال ،الجيل األول هو الجيل المؤسس وهو الذي يضع دعائم الدولة .والجيل الثاني هو
جيل األبناء الذن يحاولون السير على نهج أبنائهم ليحافظوا على ما حققه األباء من نجاح .أما الجيل الثالث
فهو جيل األحفاد ،وهذا الجيل يكون مقلدًا أكثر منه مبدعًا ،ويميل هذا الجيل لالستقرار والدعة .والجيل
الرابع هو جيل أبناء االحفاد وهؤالء تضعف عندهم الدوافع ويجهلون االعمال التي حققها أجدادهم فال
يبذلون الجهد للحفاظ على االمجاد فهم يعتقدون أن ملكهم حق وراثي اكتسبوه منذ أول النشأة وانه جاء لهم
دون معاناة وال تكلف ،ويتوهمون ان نسبهم فقط يعطيهم الحق لالحتفاظ بالحكم أبد الدهر فينغمسون في
اهوائهم وملذاتهم فتنهار دولتهم وتذهب قوتهم ( مقدمة ابن خلدون – .) 1984
وهكذا يمكننا القول أن ابن خلدون اول مفكر حدد موضوعات علم االجتماع واهميته ورسم منهجه ،غير ان
أرائه وكتاباته لم يكتب لها الذيوع واالنتشار في عصره ،لذلك لم ينل ابن خلدون ما يستحقه من التقدير
واالنتشار في عصره إلى ان قام بعض المستشرقين في القرن التاسع عشر بترجمة مقدمته وتحليل أرائه
فارتفع ابن خلدون منذ ذلك الوقت إلى مصاف المؤسسين االوائل لعلم االجتماع .
ذكرت سابقا أن علم االجتماع كعلم لم يظهر أال في النصف األول من القرن التاسع عشر نتيجة لعاملين
رئيسين :قيام الثورة الصناعية في بريطانيا وقيام الثورة الفرنسية التحريرية في فرنسا .إذا سادت هذه
المجتمعات الكثير من االضطرابات والفوضى الفكرية واالجتماعية ،حيث وجد اإلنسان نفسه فجاة في
ظروف تحتم عليه تغيير طريقة حياته ،وتغيير عالقاته االجتماعية من عالقات شخصية حميمة تقوم على
عالقة الوجه بالوجه ،إلى عالقات تقوم على المصلحة الفردية ،والعالقات غير الرسمية ،والتخصص
وتقسيم العمل .فلم يعد إنسان اليوم هو نفسه إنسان االمس ،وال مجتمع اليوم هو نفسه مجتمع األمس .وهذا
التغيير المفاجئ أصاب األنسان بصدمة ثقافية حادة هزت كيانه وزعزعت القم والمعايير األخالقية التي كان
يؤمن بها ،فأحس بحالة من الضياع القيمي ،فلم يعد يعرف ماذا يريد ،وال إلى أين يسير .فهو من جهة
يرغب في تنشئة أبنائه بنفس الطريقة التي نشأ عليها في مجتمع الريف ،ومن جهة أخرى يرغب في
اندماجهم في المجتمع الجديد الذي هاجروا إليه واكتسابهم القيم والمؤهالت التي تساعدهم على التكيف مع
هذا المجتمع الذي اصبح جزءًا منه ،وغريب عليه في الوقت نفسه ،فنجده يعيش في حالة صراع بين ما هو
كائن وبين ما يجب أن يكون .ففو يحلم بحياة المدينة وما بها من ديمقراطية ورفاهية في العيش ،ولكنه يتوق
لحياة الرف وما بها من راحة وأمان .وهذه التناقضات في مشاعره وقيمه وفي حياته جعلته يعاني الكثير من
المشكالت واالضطرابات النفسية واالجتماعية لعدم وضوح الهدف أمامه .وهذا ما أدى إلى ظهور الكثير
من المشكالت في المجتمع.
كما كان النتشار الكثير من شعارات الديمقراطية التحريرية في فرنسا اثارها في زعزعة النسق القيمي في
المجتمعات االوروبية .وادت هذه النزاعات والفوضى الداخلية التي ظهرت في المجتمعات اإلقطاعية إلى
حدوث الكثر من المشكالت اإلجتماعية في ذلك الوقت كارتفاع نسبة الجريمة وانحراف االحداث ،وارتفاع
نسبة الطالق ،وزيادة التفكك األسري ،مما دفع المفكرين والعلماء في ذلك الوقت إلى التفكير في المجتمع
والتساؤل هل سيستمر المجتمع على ذلك الحال أم سينهار؟ وما العوامل التي تساعد على تماسكه؟ وكيف
يمكن إعادة التوازن للمجتمع؟
وهنا احس العلماء والمفكرين وعلى رأسهم أوجست كومت بضرورة وجود علم مستقل يهتم بدراسة المجتمع
وظواهره ،ويدرس مشكالته والعوامل التي تساعد على استمراريته واطلق عليه اسم علم االجتماع أي العلم
المسئول عن دراسة المجتمع .واعتبره علمًا وضعيًا مثل سائ العلوم الطبيعية بل وضعه على قمة العلوم
الوضعية كلها واعتبره علم العلوم .وكان الهدف من وراء هذا العلم هو إعادة بناء المجتمع الفرنسي .قسم
كونت موضوعات علم االجتماع إلى شعبتين:
الشعبة االولى واطلق عليها أسم الديناميكا االجتماعية La Dynamique Social
وتهتم بدراسة قوانين الحركة االجتماعية وعوامل تقدم المجتمعات وتطورها .
الشعبة الثانية وأطلق عليها اسم االستاتيك االجتماعية La Staique Social
وتهتم بدراسة المجتمعات في الة استقرارها ،وفي فترات ثباتها ،ومحاولة الكشف عن العوامل التي تساعد
على تضامن المجتمعات واستقرارها.
كذلك حدد اوجست كونت أسس الدراسة الوضعية ومنهج البحث في علم االجتماع ،واكد على ضرورة
دراسة الظواهر االجتماعية دراسة وضعية دون التأثر بأي اهواء شخصية مسبقه .ويرى ان الدراسة
الوضعية للظاهرة تعتمد على استخدام أربع وسائل رئيسية هي المالحظة والتجربة والمنهج المقارن والمنهج
التاريخي ( الخشاب .) 1990
ولد أميل دور كايم فيي مدينة لورين في باريس ألسرة يهودية ،حيث كان يعمل والده واجداده كرجال دين.
إال أن دور كايم لم يرغب في السير في خطوات أجداده واختار الدراسة الدنيوية .ولكثرة إسهاماته وكتبه
العلمية عين استاذًا في جامعة باريس.
كان دور كايم يقدس التدريس ويعتبره ويعتبره أشرف مهنة يمكنه العمل بها وقد تتلمذ العديد من علماء
االجتماع في باريس على يده .كذلك استطاع دور كايم مع مجموعة من أصدقائه إصدار أول مجلة اجتماعية
في باريس .وكان رجًال وطنيًا نشر الكثير من المقاالت عن وضع فرنسا السياسي أثناء الحرب العالمية
األولى .وفي عام 1916فقد دور كايم ابنه الوحيد في الحرب وحزن عليه حزنًا شديدًا مما أدى إلى إصابته
بجلطة أودت بحياته عام 1917من عمر يناهز التاسعة والخمسين ( .) Wallace,R.1995
ويرى دور كايم أن علم االجتماع يجب ان يهتم بدراسة الحقائق االجتماعية Social Factsوالبناء
االجتماعي . Social Structureواشار إلى أن للبناء االجتماعي وجود مستقل عن األفراد المكونين له ،
فاللغة على سبيل المثال حقيقة اجتماعية ، Social Factsولها وجود مستقل عن األفراد المكونين لها .وقد
حدد دور كايم أهم خصائص الحقيقة االجتماعية بأنها خارجة عن األفراد ،extermalityوإجبارية
،Constraintوعامة Generalityبين جميع األفراد ( .) Thompsson.1982
كما أكد على ان للمجتمع وجود مستقل عن األفراد ،وهذا الوجود أدى إلى تكوين وعي إجتماعي Social
Consciousnessمشترك يميزه عن غيره من األفراد ،وأطلق على هذا الوعى اسم العقل الجمعي
Group Mindوهذا العقل الجمعي يتكون من وجود األفراد معًا لفترة طويلة من الزمن وله وجود مستقل
عنهم ،وهو الذي يجعلهم يفكرون بشكل متشابه ويتصرفون وفق سلوك واحد في المواقف المتشابهة .والعقل
الجمعي بالنسبة لدور كايم ما هو إال مجموع عقول األفراد وهي في حالة تفاعل مستمر .فعقول االفراد
ليست منغلقه على ذاتها ولكنها تتفاعل مع بعضها البعض حسب المواقف والظروف التي يمرون بها .ويرى
أيضًا أنه يمكننا إدراك الوعى االجتماعي من خالل الرموز االجتماعية السائدة في المجتمع كالدين والقرابة.
وقد تأثر ابن أخيه وتلميذه مارسيل موس Marcel Maussبكتابات دوركايم عن الرموز االجتماعية
واستخدمها في دراساته االجتماعية .ثم تأثر به فيما بعد ليفي ستروس Levi Straussالفرنسي الجنسية،
وأصبحت أرائه الدعامة التي ارتكزت عليها المدرسة البنائية فيما بعد.
ويرى دور كايم أن الدراسات االجتماعية تتكون من عدة مستويات تشمل المؤسسات االجتماعية والبيئية
والسكان والمواصالت وغيرها ،ووضع المعرفة االجتماعية في أعلى مستوى من هذا التقسيم .لكن دوركايم
يؤكد أن علم االجتماع يجب أن ال يتوقف عند حد الوصف ،بل يجب أن يتعمق لمعرفة العالقة بين هذه
الظواهر والكشف عن العوامل االجتماعية المحركة لسلوك االفراد .ولهذا يرى ان علم االجتماع يجب أن
يبحث طرق التفكير والسلوك الغير شخصي لألفراد والتي تؤدى إلى تكوين الظواهر االجتماعية (
. ) Thompson,K.1982كما أكد على ان نظرة علم االجتماع للظواهر االجتماعية نظرة شاملة عامة فهو
من أنصار الماكرو سوسيولوجي .وفي كتابة أسس علم االجتماع حاول دوركايم أن يوضح وظائف الحقائق
االجتماعية وكيف انها تحاول إشباع احتياجات المجتمع .فحاول أن يفسر الظواهر االجتماعية بظواهر
اجتماعية أخرى .كذلك اعتبر العقاب كرد فعل اجتماعي للجريمة .فالمجتمع يفرض العقاب كوسيلة
للمحافظة على التوازن والترابط بين أفراد المجتمع الواحد.
كما تطرق دوركايم في كتابه " قواعد المنهج السوسيويولوجي" The Rules of Sociological
Methodإلى القواعد الرئيسية اتي ينبغي على الباحث االجتماعي االعتماد عليها في دراسته للظاهرة
االجتماعية .وعرف علم االجتماع بأنه العلم الذي يهتم بدراسة المؤسسات االجتماعية من حيث تكوينها
ووظائفها .وكان يقصد بمصطلح المؤسسات جميع القيم واألشكال التي تكونت بشكل جمعي.
ولد ماركس عام 1818في ألمانيا في أسرة يهودية ،وليحافظ والده على وظيفته كمحام تحول إلى
البروتستانتيه ليتفادى االضظهاد الذي كان يوجهه االلمان لليهود في ذلك الوقت .وقد حصل ماركس على
درجة الدكتوراه من جامعة جينا ، Jenaوعمل كصحفي لفترة من الوقت ثم اتجه إلى النشاط السياسي .
ويرى ماركس أن هذف علم االجتماع يجب أن يكون العمل من أجل تحقيق أو خلق مجتمع أفضل .وتأثر
ماركس كثيرًا بأراء أستاذه هيجل المثالية إذا حاول هيجل أن يفسر التاريخ تفسيرًا مثاليا إنسانيا .لكن تلميذه
ماركس وإن كان قد تأثر بأرائه إال أنه قلب نظريته رأسًا على عقب .فقد حاول تفسير التاريخ تفسيرًا ماديًا،
حيث يرى ان العامل المادى هو العامل األساسي المحرك لألحداث .ومن ثم وضع عدة كتب عن الشيوعية
وعن حتمية الثورة وحتمية التغيير االجتماعي للمجتمعات .وعندما قامت ثورة ألمانيا عام 1848وفشلت
أضطر ماركس للهرب إلى لندن وعاش في المنفي إلى أن توفي عام .1883وخالل فترة إقامته في لندن
ساءت أحواله المادية جدًا حتي ان صديقه فردريك إنجلز كان يساعده ماديًا ويشد من ازره .ولكن رغم ذلك
استمر ماركس في كتاباته ،ووجدت كتاباته صدى واسع في معظم أنحاء اوروبا وروسيا وألمانيا.
ويرى ماركس ان هدفه األول هو تحرير العمال من حالة الفقر واالضطهاد التي يعانون منها نتيجة للثورة
الصناعية ،وكان يرى ان الثورة هي الحل .وكان فكره وأرائه هذه مصدر غضب واستنكار الكثير من
الدول خاصة الواليات المتحدة األمريكية .وقد استغل حكام الحزب الشيوعي أفكاره لتكوين االتحاد
السوفيتي .وبأسم الشيوعية اعدم الحاكم الديكتاتوري جوزيف ستالين Joseph Stalinماليين الفالحين
والعمال ،على الرغم من ان مبادئ ماركس لم تكن تدعو إلى القتل الجماعي (. ) Curry.1999.P.8
ويعتبر ماركس هو المؤسس االول لنظرية الصراع ،حتي أن الكثير من الناس يعتبر ماركس والصراع
وجهان لعملة واحدة .وقد احدثت نظية ماركس تغيرات كبيرة في العديد من المجتمعات .فالعديد من الثورات
قامت نتيجة لتأثرها بأراء ماركس .لذا تعتبر نظرية ماركس في الصراع مثال حي لدور النظرية في التأثير
على العالم ،فليس هناك نظرية أثرت في العالم مثل نظية ماركس في الصراع.
ولد ماكس فيبر في أسرة أرستقراطية ألمانية ،فوالده كان أحد الرجال البارزين في حزب التحرير القومي
في ألمانيا ،ووالدته كانت من أسرة غنية ومتدينة ومثقفة .وكان هو من الطلبة البارزين أثناء حياته الجامعية
وكان نشطًا سياسيًا ،وكان متعدد االهتمامات فقد كتب العديد من المقاالت في السياسة االقتصادية ،والنمو
السياسي ،وعلم النفس االجتماعي ،والعمل الصناعي ،وعلم االجتماع الديني ،والتاريخ االقتصادي،وتقلد
العديد من المناصب السياسية واألكاديمية.
كرس فيبر جزءًا كبيرًا من عمله األكاديمي في مناقشة أراء ماركس .وقد اتفق العالمان في بعض النقاط،
واختلفا في بعضها األخر ،فمن نقاط االلتقاء بينهما اهتمامها بدراسة الرأسمالية الصناعية ،ولكن في الوقت
الذي أدان ماركس الرأسمالية ،والنتائج السيئة التي ستترتب عليها كظهور حالة االغتراب بين العمال ،
يرى ماكس فيبر أن الرأسمالية تمثل العقالنية Rationalizationفي التفكير لدى المجتمعات الصناعية،
فالفرد في المجتمعات الصناعية يحاول اتخاذ أفضل القرارات العقالنية وفقا لظروفه المتاحة ،فيرى فيبر أن
التفكير العقالني حل محل التفكير التقليدي الذي كان سائدًا في المجتمعات التقليدية ،وأوضح فيبر أن الفرد
في المجتمعات التقليدية كان يعتمد على عالقاته القرابية في حالة مواجهته ألي مشكلة ،فإذا ما مرض
الفالح ،كان أهله أو أصدقاؤه يقومون بالعمل بالنيابة عنه ،أما في المجتمعات الصناعية ،فالعامل إذا مرض
فأن زمالؤه في العمل هم الذين يقومون بالعمل عنه .وهذايعني ان البيروقراطية في المجتمعات الصناعية
حلت محل القرابة في المجتمعات التقليدية .ولماكس فيبر العديد من الكتابات في البيروقراطية وفي المذهب
البروتستانتي وعالقته بالرأسمالية ،وفي العديد من الموضوعات االجتماعية ( ) Wallace. 1995وقد
كان ماكس فيبر مثل دور كايم وكارل ماركس مستغرقًا في عالم عصره ،ورسم معهم خطوط عريضة
للمنظور الحديث لعلم االجتماع عبروا من خاللها عن العالم المتغير .إذن كانت الظروف غير المستقرة،
والمشكالت االجتماعية التي عمت مجتمعاتهم هي التي أدت إلى بذل المجهودات العقلية الخالقة ،والتي
أقامت األساس النظري لعلم االجتماع المعاصر.
-1وصف الواقع االجتماعي:يعى العلم إلى وصف وتفسير الحياة األجتماعية لالفراد ،والعوامل المؤثرة في
سلوكهم .فكثيرًا ما يعتقد األفراد أن مجرد وجودهم في مجتمع يعنى بالضرورة فهمهم لكل ما يدور في هذا
المجتمع من أحداث ،وإدراكهم لما يحدث به من ظواهر اجتماعية كارتفاع نسبة الجريمة في المدن ،وانتشار
المخدرات بين الشباب ،وارتفاع معدالت الطالق في المدن الصناعية وغيرها من ظواهر قد ال يلحظها
الناس العاديينأو رجل الشارع ،ثم يفاجأ الناس من حين ألخر بتعرية علماء االجتماع للكثير من هذه
الحقائق ،فينكرونها في بادئ األمر ،ثم يدركون صحة هذه المعلومات ويقدرون أهمية علم االجتماع.
-2تفسير الظواهر والمشكالت االجتماعية :يهدف علم األجتماع إلى تفسير الظواهر التي تحدث في
المجتمع ،ذلك أن عالم النفس دائمًا ما يرجع المشكالت االجتماعية إلى عوامل شخصية كاضطرابات
الشخصية وذكريات الطفولة االولى وغيرها من عوامل ترجع إلى الفرد وتركيبته الشخصية ،في حين أن
عالم االجتماع يرى أن الشخصية ما هي إال نتاج اجتماعي ،وأن أي يفعل يقدم عليه الفرد ما هو إال رد فعل
للبيئة الطبيعية واالجتماعية التي يعيش فيها ،فيحاول الباحث االجتماعي الكشف عن دور العوامل
االجتماعية في توجيه سلوك اإلنسان في الموقف الواحد.
-3الوصول إلى القوانين العامة :يحاول علم االجتماع الوصول إلى القوانين التي تحكم سلوك اإلنسان.
فعلى سبيل المثال يحاول علم االجتماع أن يفسر سلوك األفراد في المجتمعات المختلفة ،وكيف تختلف ردود
أفعالهم من مجتمع إلى أخر باختالف الثقافة السائدة.
-4تنمية الخيال االجتماعي لدى الفرد :يهدف علم االجتماع إلى تنمية الخيال االجتماعي لدى الفرد فيتعلم
الكشف عن العالقة غير المرئية بين أفكارنا وسلوكنا ،والكشف عن العالقة بين معتقداتنا واأليديولوجية
العامة السائدة في المجتمع وبين سلوكنا في الحياة اليومية.
-5دراسة الظاهرة االجتماعية دراسة شاملة متكاملة :إذا ما درس عالم االجتماع المدرسة فهو ال يدرسها
من وجهة نظر اإلداريين فقط بل من وجهة نظر المدرسين والمدرسات والطلبة .كذلك عندما يهدف إلى تقييم
الخدمات الصحية في منطقة ما ،فهو ال يقيمها من وجهة نظر المديرين فقط ،بل من وجهة نظر األطباء
والممرضات والمرضى كذلك .كما أنه عندما يدرس المصنع فهو ال يدرسه من وجهة نظر أصحاب المصنع
فقط ،بل من وجهة نظر المديرين والعمال واألفراد المستفيدين منه (. ) Joseph.1986.P.5
-6تصحيح مفاهيمنا لبعض القضايا المحيطة بنا :والتي نعتقد أنها حقائق ،ولكنها في الحقيقة ليسƒƒت كƒƒذلك ،
بل تعكس وجهƒة نظƒر فئƒة معينƒة فقƒط في المجتمƒع ،أو قƒƒد تكƒون مبنيƒة على معلومƒات خاطئƒة أو ناقصƒƒة
أعطيت إلينا فكونا ألحكامنا ومفاهيمنا بناء على هذه المعلومƒƒات .وهنƒƒاك مجموعƒة من الحقƒائق العامƒƒة الƒƒتي
تخص الفرد ،والتي يضعها علماء االجتماع أمام القارئ أهمها
إن الفرد عادة ما يستمع إلى ما يود هو أن يسمعه ،فهو ال يسمع كل ما يقال لƒƒه معلومƒƒات بƒƒل ينتقي .1
منها ما يود أن يسمعه.
عادة ما يتذكر اإلنسان ما يود أن يتذكره ويتناسى بقية المعلومات التي ال تتفق مع ما يريد؟ .2
كثيرا من المعلومات التي نؤمن بها كبديهيات هي معلومات تتفق ومبادئنا وقيمنا ونستخدمها كوسƒƒيلة .3
لمعارضة أي أراء جديدة ال تتفق مع مبادئنا وقيمنا ونستخدمها كوسيلة لمعارضƒƒة أي آراء جديƒƒدة ال
تتفƒƒق مƒƒع مبادئنƒƒا .من أمثلƒƒة هƒƒذه البƒƒديهيات ،أن يƒƒؤمن البعض بƒƒأن المƒƒرأة أقƒƒل ذكƒƒاء من الرجƒƒل
ويدافعوا عن رأيهم هذا بأنه من البديهيات .ثم تؤكد الدراسات العلمية أنه ليس هناك فروق تƒƒذكر في
الذكاء بين المرأة والرجل.
كثيرا مƒƒا يقلƒƒل الفƒرد من قيمƒƒة التغƒƒير االجتمƒƒاعي ،ويعتقƒد أن المجتمƒƒع في حالƒƒة ثبƒƒات واسƒƒتقرار . .4
فاإلنسان في حياته اليومية ال يلحظ التغيرات الداخلية في المجتمع ويقلل من أهميهƒƒا في حين أن علم
االجتماع يكشف لنا عن هذه التغيرات التي تحدث في المجتمع.
كثيرا ما يبالغ األفراد في قدر الحرية التي يتمتƒƒع بهƒƒا الفƒƒرد في حياتƒƒه وقدراتƒƒه على اتخƒƒاذ قراراتƒƒه .5
بشكل مستقل حتى أنهم ال يشعرون بدور المجتمƒƒع وتƒƒأثيره على الفƒƒرد في اتخƒƒاذ القƒƒرارات .فهم ال يلمسƒƒون
دور الوالدين أو جماعة األصدقاء أو المدرسين في التأثير على قرارات الفرد وفي نظراتƒƒه إلى نفسƒƒه ،والى
الناس من حوله .فنحن في حياتنا اليومية ال نتصرف كأفراد مستقلين ،بƒƒل نتصƒƒرف وفƒƒق األدوار المرسƒƒومة
لنا من المجتمع و مخالفتنا لهذه األدوار يعرضنا لنقد المجتمع وجزاءاته المختلفة.
المبالغة في تصوير الطبيعة البشرية ودورها في السلوك اإلنساني .فكثƒƒيرا مƒƒا يلجƒƒأ اإلنسƒƒان العƒƒادي .6
إلى وصف أي تصرف من تصرفات األفراد أنه جƒƒزء من الطبيعƒƒة البشƒƒرية ويقƒƒال أن هƒƒذا السƒƒلوك
غريزي في الفرد .فعلى سبيل المثال يعتقد الكثير من الناس أن العدوانية و العنف سلوك طبيعي لدى
اإلنسان أو أن البكاء بصوت مرتع عنƒƒد الحƒƒزن سƒƒلوك طƒƒبيعي لإلنسƒƒان والحقيقƒƒة أن هنƒƒاك غرائƒƒز
طبيعيƒة لƒدى االنسƒان كغريƒزة الجƒوع والعطش والجنس والحب والكراهيƒة لكن أسƒلوب التعبƒير أو
طريقة إشباع هذه الغرائز تختلف من مجتمع الى آخر ،فالكراهيƒƒة غريƒƒزة طبيعيƒƒة في اإلنسƒƒان لكن
طريقة التعبير عن هذه الكراهية بالعنف أو العدوانية تختلف من مجتمع إلى آخƒƒر ،فسƒƒلوك االنسƒƒان
مكتسب يتعلمه من المجتمع المحيط به.
ومن هنا كانت الوظيفة الرئيسية لعلم االجتماع هي تحديد العوامل االجتماعية التي تؤثر على سƒƒلوكنا
كأفراد .وأنƒه ال يمكن للفƒرد التحƒرر من هƒذه الضƒغوط االجتماعيƒة إال بالكشƒف عن هƒذه الضƒغوط
وكيف تعمل في تشكيل شخصياتنا وسلوكنا .وعندما نكشف هذه القوى الخارجيƒƒة الƒƒتي توجƒƒه سƒƒلوكنا
يمكننƒا قبƒول أو رفض هƒذه القƒوى .فعلى سƒبيل المثƒال :إذا نشƒأنا في مجتمƒع عنصƒري ،فسنصƒبح
عنصرين ولن نتحرر من هذه العنصرية حتى نعرف ما معƒƒنى العنصƒƒرية واسƒƒبابها ،حينئƒƒذ فقƒƒط قƒƒد
يمكننا ان نتخلى عن هذه العنصرية .
إذ عادة ما يكون األفراد كالعرائس توجههم العوامل االجتماعية وكثيرا ما ينصاع الفرد بشكل أعمى
وراء الظروف االجتماعية المحيطة به .والوظيفة الرئيسية لعلم االجتماع هƒƒو الكشƒƒف عن العوامƒƒل
االجتماعية الموجهة لسلوكنا دمية اجتماعية في يد المجتمع يحركها كيفما يشاء ووقت ما يشاء .
كثيرا ما يتساءل طلبة المدارس والجامعات لماذا ندرس علم االجتماع ؟ وما فائدته للفرد والمجتمع ؟
أال يعتبر علم االجتماع نوع من أنواع تضييع الƒوقت بالنسƒƒبة للفƒرد! .في الحقيقƒة أن علم االجتمƒƒاع
من العلوم اإلنسانية الهامة ووصفها أحد العلماء بأنه علم العلƒوم وجعلƒه يحتƒل قمƒة العلƒوم اإلنسƒانية
وترجع أهمية علم االجتماع إلى عاملين رئيسيين:
أوال :األهمية العملية:
يمكن لخريجي علم االجتماع أن يعملوا في عدة مجاالت رئيسية منها :
مجال التدريس :خريج علم االجتماع يمكن أن يعمل في مجال التدريس ونسبة كبيرة من الخريجين .1
يعملون كمدرسين لمادة علم االجتماع.
مجال البحث العلمي :يعمل نسبة من الخريجين الجامعيين كباحثين اجتمƒƒاعيين في المراكƒƒز العلميƒƒة .2
والجامعية ،ويقومون بإجراء العديد من األبحاث االجتماعية في مختلف المجاالت .وإن كان البعض
ال يعتمد على البحث العلمي كمصدر أساسƒي للƒدخل ،بƒل يقƒوم باألبحƒاث كعمƒل ثƒانوي إلى جƒانب
عمله األساسي.
يمكن لخريجي علم االجتماع والخدمة االجتماعية في الدول العربية العمل بالمستشفيات والمؤسسات .3
الصحية والعيادات النفسية كأخصائيين اجتماعيين ،ففي الوقت الذي نجد فيه البƒƒاحث النفسƒƒي يبحث
في العوامل االجتماعية المحيطة بالمريض والتي أثرت سلبا على شخصيته.
لما كان علم االجتماع من العلوم االنسانية الƒتي تهتم بالعلقƒات اإلنسƒانية وأنƒواع الجماعƒات لƒذا فƒان .4
خريج علم االجتماع عادة ما ينجح في األعمال التي تتطلب منه العمل مع اآلخرين كالعمل في مجال
اإلعالم والعالقات العامة واإلدارة وغيرها وعموما فƒإن دارس علم االجتمƒاع يسƒتطيع ان يعمƒل في
أي مجال به تعامل مع الناس وينجح فيه حتى لو كان بعيدا عن تخصصه وذلƒƒك ألن خلفيتƒƒه العلميƒƒة
تؤهله للتعامل مع اآلخرين بسهولة.
التعرف على الذات :علم االجتماع علم هام لكل إنسان يرغب في أن يفهم نفسه بشكل أفضل ،ذلƒƒك -1
أن دراسƒƒة علم االجتمƒƒاع تسƒƒاعد الفƒƒرد على أن يƒƒدرك احتياجاتƒƒه كإنسƒƒان ،وفهم طبيعƒƒة العالقƒƒات
االجتماعيƒƒة القائمƒƒة بينƒƒه وبين اآلخƒƒرين ،والتوقعƒƒات المتبادلƒƒة بينهم ،والƒƒدوافع الƒƒتي تƒƒدفع اإلنسƒƒان
الختيار سلوك معين دون آخر ،والقيود التي يفرضها المجتمع على أفراده.
تصحيح المفاهيم :علم االجتماع يساعد في تصƒƒحيح مفاهيمنƒƒا للعƒƒالم المحيƒƒط بنƒƒا .فكثƒƒيرا مƒƒا يميƒƒل -2
الفƒƒرد الى االعتقƒƒاد بمفƒƒاهيم معينƒƒة نتيجƒƒة تجربƒƒة شخصƒƒية ويعممهƒƒا على الجميƒƒع .لكن الدراسƒƒة
االجتماعية المنتظمة تصحح مفاهيمنا عن العالم المحيط بنƒƒا ،ومن هƒƒذه المفƒƒاهيم الخاطئƒƒة والشƒƒائعة
بيننا االعتقاد بƒƒأن السƒƒود في الواليƒƒات المتحƒƒدة االمريكيƒƒة يتعƒƒاطون أكƒƒبر كميƒƒة من المخƒƒدرات بين
الشباب ،لكن الدراسات االجتماعية أوضحت أنهم أقل الفئات تعاطيا للمخƒƒدرات كƒƒذلك يعتقƒƒد البعض
أن الضƒƒمان االجتمƒƒاعي يشƒƒجع النƒƒاس على الكسƒƒل واالتكاليƒƒة وعƒƒدم االعتمƒƒاد على النفس ولكن
الدراسات االجتماعية أوضحت أن أبناء أسر الضمان االجتماعي يميلون الى العمƒƒل حƒƒتى ال يكونƒƒوا
مثل آبائهم.
فهم الثقافات األخƒƒرى :يسƒƒاعد علم االجتمƒƒاع على فهم الثقافƒƒات الفرعيƒƒة الƒƒتي تعيش معنƒƒا ،وكيفيƒƒة -3
التعامل معها مما يساعد على تماسك المجتمع وسأضرب مثاال يوضƒƒح أهميƒƒة علم االجتمƒƒاع في فهم
الثقافات الفرعيƒƒة في المجتمƒƒع وكيفيƒƒة التعامƒƒل معهƒƒا " :تطƒƒوعت مجموعƒƒة من الشƒƒباب الƒƒبيض في
امريكا في مساعدة الفقراء السود فذهبوا الى أحد أحياء السود وشاهدوا المنازل المتصƒƒدعة القƒƒذرة ،
وقرروا ان يتعاونوا جميعا على نظافة الشوارع وتنظيف المنƒƒازل ودهنهƒƒا وإزالƒƒة القƒƒاذورات منهƒƒا.
وبينما هم يمارسƒƒون عملهم بحمƒƒاس هƒƒاجمتهم مجموعƒƒة من الشƒƒباب السƒƒود وقƒƒاموا باالسƒƒتهزاء بهم
وإيذائهم والسخرية منهم ،ألنهم اعتبروا ذلك نوعا من تƒƒدخل الƒƒبيض في حيƒƒاتهم واالسƒƒتعالء عليهم
ولو أنهم استشاروا بعض الخبراء من االجتمƒƒاعيين القƒƒترحوا عليهم طريقƒƒة أفضƒƒل لمسƒƒاعدة سƒƒكان
المنطقة ،وبشكل يجعل السود يتقبلوها أكثر.
فهم مجتمعاتنا بشكل أفضل :يساعدنا علم االجتماع على رؤية أنفسنا وفهم مجتمعاتنا كما يراها اآلخرون
من الخارج ال كما نراها نحن من الداخل فقط .فنشأة الفرد في مجتمع معين واكتسابه لثقافة هذا المجتمع
تجعله يتقبل هذا المجتمع تقبال تاما ،فال يندهش لعاداته أو تقاليده ،حتى وان كالن ال يعرف مصدر هذه
العادات او التقاليد .إذ عادة ال يرى الشخص العادي مجتمعه كما هو في الواقع ،بل يميل الفرد إلى تبجيل كل
ما مألوف لديه واالستسالم له بال نزاع .كذلك يميل الفرد إلى تقييم الظواهر المحيطة به من وتقع تجربته
الذاتية فتكون رؤيته لألحداث والظواهر التي تحدث من حوله غير موضوعية .وهذا ما يجعل ابناء المجتمع
الواحد ال يستطيعون تفسير تصرفاتهم أو بعض ممارستهم الثقافية ،ويعتبرونها تصرفات غريزية ال تحتمل
السؤال أو النقاش فعلى سبيل المثال إذا ما سألت المرأة المسلمة لماذا ترتدي الحجاب أجابت ألن ديني
أمرني بذلك ،وهي ال تدرك جميع العوامل االجتماعية و الثقافية التي تدفعها إلى لبس الحجاب كإحساسها
بأن الحجاب يكسبها احترام الناس وتقديرهم أو أنه رمز لمكانة أسرتها ,وأنه أصبح جزءًا من الهوية
.اإلسالمية للمرأة
تدعيم التواصل بين المجتمعات :يساعد علم االجتماع على تدعيم التواصل والتفاهم بين المجتمعات .إذ 5 .
عادة ما ينظر الفرد لثقافة اآلخرين بأنها ثقافة غريبة وغير منطقية وغير عملية ,بل قد يعارض أي سلوك
آخر في المجتمعات األخرى ألنها تخالف ثقافته ,ويرى أن سلوك مجتمعه هو الصواب وسلوك اآلخرين هو
الخطأ .و من الممارسات الثقافية التي تمارس في بعض البالد والتي تحظى بكثير من الدهشة واالستغراب
لدى اآلخرين تقديس البقر في الهند ,ويعتقد البعض أن امتناع الهنود عن اكل لحم البقر رغم موت اآلالف
كل عام من الجوع تصرف غير منطقي .والحقيقة التي أدركها علماء االجتماع أن البقر يشكل عصب الحياة
.في الهند ,وأن امتناع العنود عن أكلها ما هو إال محاولة من اإلنسان للمحافظة على الثروة القومية
التأكيد على النسبية الثقافية :من إسهامات علم االجتماع أنه يوقظ فينا اإلحساس بالنسبية االجتماعية6 . ,
فندرك أن القيم والعادات والتقاليد والعرف تختلف باختالف المكان والزمان ,وهذا ما يجعلنا نتقبل اختالف
اآلخرين عنا .فعلماء االجتماع يدركون جيدا أنه ليس هناك حقيقة واحدة أو مجتمع إنساني واحد ,بل هناك
عدة الحقائق وعدة مجتمعات .لذا يسعى االجتماعيون إلى دراسة السلوك االجتماعي لألفراد وتصنيفه إلى
أنماط متكررة من السلوك .وهذه األنماط قد ال تكون مرئية أو واضحة لألفراد العاديين في المجتمع ,وقد ال
يلحظها المسؤولون في المجتمع ,بل قد ينكرون وجودها ألنهم ال يودون االعتراف بوجود اختالفات,أو
عيوب أو مشكالت في هذا المجتمع ,بل يحرصون على تصوير المجتمع على انه في حالة تجانس وانسجام.
ولكن وظيفة االجتماعيين دراسة المجتمع بموضوعية والكشف عن أنماط السلوك المختلفة السائدة فيه,
وأسبابها ,ثم يكون على األخصائيين االحتماعيين والمسؤولين مهمة تصحيح هذه األخطاء أو معالجة هذه
.المشكالت
الكشف عن أسباب المشكالت االجتماعية :يبحث علم االجتماع في أسباب الكثير من المشكالت 7 .
االجتماعية كالفقر والجريمة والعنصرية ويحاول معرفة العوامل االجتماعية التي ساعدت على وجودها
.ومحاولة وضع الحلول لها
يساعد في وضع خطط التنمية :يمكن لعلماء االجتماع من خالل دراساتهم ورؤيتهم السوسيولوجية 8 .
للمجتمع المساهمة في وضع خطط التنمية بشكل وافعي موضوعي ,وإحداث التغيرات بشكل مخطط ,ذلك
أن علماء االجتماع يمكنهم معرفة إمكانات المجتمع ومشكالته ,مما يساعدهم على وضع إطار تصوري
.لكيفية إحداث التغير في المجتمع
لكل علم من العلوم اإلنسانية مجموعة من االهتمامات النظرية واالستفسارات التي يحاول اإلجابة عليها,
:وأهم اهتمامات علم االجتماع هي
الكشف عن الحقائق - :يحاول علم االجتماع الكشف عن الحقائق في المجتمع مثل الكشف عن مدى 1 .
وجود العدالة في النظام التعليمي أو االقتصادي أو السياسي في أي بلد ,أو الكشف عن معدالت الطالق أو
الجريمة أو االنحراف في المجتمع .فالسؤال األول الذي يسأله الباحث االجتماعي هو ماذا يحدث في
المجتمع؟ ,ماذا حدث للمهاجرين؟ ماذا يعمل الناس في اوقات فراغهم؟
الكشف عن أسباب استمرارية المجتمع :يسعى علماء االجتماع إلى الكشف عن كيفية سير الحياة في 2 .
المجتمع ,فهو دائما يسألون كيف حدثت هذه الظاهرة؟ كيف يتم تقسيم العمل في المجتمع؟ كيف يتم اتخاذ
القرار في المجتمع؟
الكشف عن السبية :من األسئلة الهامة التي يحرص الباحث االجتماعي على سؤالها لماذا تحدث 3 .
المشكالت االجتماعية؟ لماذا ترتفع نسبه العنوسة في المجتمع؟ لماذا تزداد موجة التطرف الديني واإلرهاب؟
لماذا تنخفض األجور في الدول النامية؟
المقارنة بين المجتمعات :يحاول علماء االجتماع دراسة ظاهرة ما في مجتمعين أو أكثر ,ومحاولة 4 .
.معرفة أوجه الشبه واالختالف بينهما
السؤال عن األمور التاريخية :يسعى علم االجتماع إلى دراسة ظاهرة تاريخية معينة ,ومحاولة الكشف 5 .
.عن أسبابها ومراحل اطورها في عدة فترات تاريخية
يواجه علم االجتماع الكثير من الناس باالرتياح لدراسة علم االجتماع العتقادهم بأن علم االجتماع يخلق
المشكالت للمجتمع ,والحقيقة هي أن علم االجتماع ال يخلق المشكالت ولكن يكشف الستار عن الكثير من
الحقائق االجتماعية والمشكالت االجتماعية السائدة في المجتمع .و معرفة الحقيقة شعور غير مريح للكثيرين
.خاصة ممن قد تتعرض مصالحهم للخطر نتيجة لهذه المكاشفة وهذه الحقائق
ويتساؤل علماء االجتماع تساؤالت كثيرة مثل كيف يعمل المجتمع؟ ومن المستفيد من استمرار المجتمع بهذا
الشكل وهذا التنظيم؟ وهل يمتلك الحاكم الحقيقي السلطة في إدارة زمام األمور؟ أم أن هناك قوى أخرى
تؤثر في اتخاذ القرار؟ وهل هناك عدالة في هذا المجتمع؟ وهل الكفاءة والموهبة هي أساس تقيم الفرد في
المجتمع ووضعه في المكان المناسب له؟ وعلى سبيل المثال هل إذا كان الرئيس كلينتون امرأة هل كان
باإلمكان أن يفوز في االنتخابات؟ أو إذا كان توني بلير رئيس وزراء بريطانيا أسود اللون هل كان يفوز
برئاسة الوزراء؟ ولماذا تعطى القروض لألغنياء أكثر مما تعطى للفقراء؟ وهل يعاقب القاتل في أي جريمة
بنفس الدرجة والعقاب بغض النظر عن جنسيته أو ثروته أو أسرته؟ هذه األسئلة وغيرها من األسئلة آلتي
تناقش قضايا المجتمع كثيرا ما تثير حمية الكثير من األفراد ألنها من وجهة نظرهم قضايا خاصة أو مقدسة
.ال ينبغي الخوض بها
ثانيا :ال يشعر البعض باالرتياح للدراسات االجتماعية ألن المعرفة االجتماعية تحرر الفرد من الكثير من
القيود التي تفرضها عليه معتقداته الثقافية أو االجتماعية ,ولكنها في نفس الوقت قد تزيد من توتره وعصبيته
.أو إحساسه بالوحدة واالغتراب في مجتمعه فيرفضها
ثالثا :قد يشعر البعض بعدم االرتياح لوجود علم االجتماع إلحساسهم بأنه من الصعب التنبؤ في علم .
االجتماع بشكل دقيق كما هو الحال في العلوم الطبيعية .ففي العلوم الطبيعية نجد أن أكسيجن وهيدروجين
ينتج ماء وفي الرياضيات ,2=1+1لكن في العلوم االجتماعية من الصعب التنبؤ %100بما سيحدث
مستقبال .وذلك يرجع إلى أن اإلنسان ال يتصرف دائما بشكل منطقي عقالني ومنتظم .فقد يكون رد فعل
الفرد للموقف مخالفًا تمامًا لما هو متوقع منه .فعل سبيل المثال قد يفوز أحد األحزاب في أمريكا أو بريطانيا
بشكل غير متوقع نهائيا .أو قد يفوز أحد المرشحين باالنتخابات بشكل غير متوقع فقط ألن األفراد يرغبون
في التغيير .وهكذا فإننا نجد أن فهم الواقع االجتماعي ال يعتمد فقط على الخبرة الفردية .بل يتطلب وجود
فهم و حس اجتماعي لدى الباحث ,أي تكون لديه القدرة على التحليل والكشف عن ماوراء األمور المادية
.المحسوسة ,وأن يرى الحياة االجتماعية من الداخل ,ويعرف العالقات المتداخلة بين أجزائها
رابعًا :قد يشعر البعض بعدم قيمة علم االجتماع ألنه قد يقلل من قيمة الكثير من المعتقدات التي يؤمن بها .
الفرد سواء كانت هذه المعتقدات أيديولوجية أو اجتماعية أو سياسية أة اقتصادية ,وإخضاع الباحث هذه
.الظواهر للدراسة يجعلها تفقد طابع القدسية التي كان ينظر بها الفرد لهذه الظاهرة
:الموضوعية 1 .
الموضوعية اتجاه فلسفي يرى أن المعرفة إنما ترجع إلى حقيقة غير الذات المدركة .ويقال في اللغة العربية
بحث األمر بموضوعية :أي اعتمد في حكمة على الوقائع ال على األحكام الشخصية .ذلك أن عالم االجتماع
كأي إنسان أو عضو في المجتمع معرض ألن يتأثر بالثقافة السائدة من حوله ,فينظر لألمور بمنظور الثقافة
التي نشأ عليها ,فتتلون أحكامه ومعتقداته ومفاهيمه بالوسط االجتماعي المحيط به .وهذا قد يحول دونه
ودون الموضوعية المطلوبة منه في قضية من القضايا .فالموضوعية تحتم على الباحث االجتماعي أن
يدرس الظاهرة كما هي الكما يجب أن تكوزن .لذا كان على الباحث أن يتجرد من احكامه الذاتية ويدرس
.الظاهرة دون تحيز أو أحكام مسبقة
:الحيادية 2 .
كذلك من االنتقادات التي توجه لعلم االجتماع هي البعد عن الحيادية في البحث .والحيادية في اللغة العربية
تعني عدم االنحياز لطرف دون آخر والمعنى اللغوي لكلمة حاد عن الشئ تعني مال عنه ,والحيادية في علم
االجتماع تعني عدم الميل لجانب دون آخر .وهذه إحدى المشكالت التي يواجهها علماء االجتماع .ذلك أنه
على الباحث االجتماعي عدم االنحياز لثقافته المحلية في تقييمه للظواهر االجتماعية في المجتمعات
األخرى .بل عليه أن يتحلى بالحيادية ويدرس الظاهرة بعقالنية بعيدا عن العواطف واألهواء وبغض النظر
عما إذا كانت هذه الظواهر توافق معتقداته أم تعارضها (.)Eitzen.1995
وقد يعتقد البعض أنه من الصعب عل الباحث تحقيق الحيادية التامة في أحكامه ألنه من الصعب
على اإلنسان التخلي عن قيمه األخالقية Moral Valuesفي نظرته لألمور ،كما أنه ليس من السهل
على اإلنسان التخلي عن اتجاهاته السياسية فاتجاه الباحث السياسي غالبا ما يؤثر على النظرية التي
سيتبناها ،إذ تؤثر نظرية الفرد واتجاهاته على األسئلة التي سيطرحها للبحث.
لما كان الباحثون يختلفون في مهاراتهم ومعارفهم الذاتية لذا يجب على الباحث قبل القيام o
بالبحث تحديد أهداف موضوعية للدراسة.
يجب عل الباحث استخدام المنهج العلمي في البحث. o
يجب على الباحث التزام الموضوعية في عرض النتائج ،وأن يستبعد تقييمه الشخصي قدر o
اإلمكان.
يجب على الباحث ذكر الجهة الممولة للبحث ( إذا كان مموال من قبل احد ) أو أي جهة مسؤولة o
عن البحث.
يجب على الباحث أو فريق البحث أن يكونوا واعيين بدورهم كباحثين ،وكيف يمكن أن تؤثر o
أفكارهم أو اتجاهاتهم أو تجاربهم الشخصية على مسار البحث ونتائجه.
أخيرا يمكننا القول ان البحث االجتماعي كأي عمل علمي آخر تحكمه الجودة ،فجودة العمل o
والتزامه األمانة العلمية هي التي تحدد العمل الجيد من العمل غير الجيد.
وعموما فإن علم االجتماع يضع نفسه دائما في خدمة المجتمع المحلي والمجتمع العالمي في
نفس الوقت ،بعكس الكثير من العلوم األخرى التي تغلق نفسها على العدد القليل من
المتخصصين فيها ،وال تبذل فيها محاوالت حقيقية لجعل نتائج دراستها في متناول الجميع.
وردا على هؤالء الذين يتهمون علماء االجتماع بأن أسلوبهم غير مالئم حيث أنهم في كثير من
األحيان يستخدمون اللغة العادية وليس المصطلحات العلمية البحتة في عرض نتائجهم ،نؤكد
أن علماء االجتماع يحاولون دائما الوصول بمعارفهم للجميع ،وال يحاولون وضعها في قصور
عاجية ،فهم يؤمنون بأن المعرفة حق للجميع ،وليست قصرا على فئة دون أخرى .كما نؤكد
أن الصور األدبية ألعمال هؤالء ليست أقل قيمة بصفة عامة عما نجده في كثير من فروع
المعرفة اإلنسانية.
ملخص الفصل األول:
oاتفق علماء االجتماع على أن علم االجتماع هوا العلم الذي يدرس المجتمع ،ولكنهم اختلفوا في
التركيز على أي جانب من جوانب المجتمع :البناء االجتماعي أم التفاعل االجتماعي أم
الظواهر االجتماعية أم العوامل االجتماعية الموجهة لسلوك الفرد أم الجماعات االجتماعية.
oيختلف علم االجتماع عن العلوم اإلنسانية األخرى في نظرته الشمولية للظاهرة فهو يدرس
الظاهرة وعالقتها بجميع النظم االجتماعية.
oمن أهم العلماء الذين ساهموا في نشأة علم االجتماع وتحديد موضوعاته ابن خلدون وأوجست
كونت وإميل دوركايم وكارل ماركس وفيبر.
oأكد ابن خلدون على أهمية وجود علم لدراسة المجتمع أطلق عليه اسم " علم العمران البشري "
الذي يهتم بدراسة سلوك اإلنسان االجتماعي ،كما اهتم ابن خلدون بعوامل تطور المجتمعات
من البداوة إلى الحضرية ،واهتم بعوامل تماسك المجتمع.
oأوجست كونت أول من أطلق اسم علم االجتماع على العلم الذي يدرس المجتمع .وقسم علم
االجتماع إلى قسمين رئيسين :الديناميك سوسيال ،واإلستاتيك سوسيال ،كما حدد منهج البحث
في علم االجتماع.
oاهتم إميل دوركايم بدراسة الحقائق االجتماعية والبناء االجتماعي وأكد على أن للمجتمع وجودا
منفصال عن األفراد ،كما أكد على وجود العقل الجمعي .كذلك وضع دوركايم قواعد البحث
في علم االجتماع.
oيسعى علم االجتماع في تحقيق عدة أهداف أهمها :وصف الواقع اإلجتماعي ،وتفسير الظواهر
والمشكالت االجتماعية ،ومحاولة الوصول إلى القواعد التي تحكم السلوك االجتماعي ،كما
يسعى إلى تنمية الخيال االجتماعي للفرد ،وأخيرا يحاول تصحيح مفاهيمنا عن بعض القضايا
المحيطة بنا.
oلعلم االجتماع أهمية عملية تتمثل في المجاالت لخريجي االجتماع العمل بها.
oوأهمية علمية تتمثل في فهم اإلنسان لنفسه ،ولمجتمعه ،وللثقافات الفرعية ،وفي تدعيم
التواصل بين الشعوب ،وإيقاظ إحساس الفرد بالنسبية االجتماعية ،وأخيرا يساعد العلم في فهم
مشكالت المجتمع والمشاركة في خطط التنمية االجتماعية.
oيحاول عالم االجتماع أثناء دراسته ألي ظاهرة اجتماعية اإلجابة على األسئلة الثالث :ماذا ،
وكيف ،ولماذا ؟ ثم يحاول دراسة الظاهرة تاريخيا ويقارنها في عدة مجتمعات الستخالص
القوانين.
يواجه علم االجتماع بعض المشكالت كالموضوعية والحيادية في البحث ،إال أنه تغلب عليها o
بوضع الضوابط التي تحافظ على مكانة العلم .
أسئلة على الفصل األول