You are on page 1of 24

‫نظرة في علم االجتماع المعاصر‬

‫لمحة عامة عن علم االجتماع‬

‫يهدف هذا الفصل إلى االجابة على مجموعة من التساؤالت أهمها ‪ :‬ما هو علم االجتماع؟ وكيف نشأ ؟ وما‬
‫اهدافه ؟ وما اهميته ؟ وما اهتماماته ؟ وكيف يختلف المنظور االجتماعي للعلم عن غيره من العلوم ؟ وما‬
‫التحديات والمشكالت التي تواجه هذا العلم ؟‬

‫ما هو علم االجتماع؟‬

‫علم االجتماع بالالتينية هو ‪ ، sociology‬وتتكون هذه الكلمة من شقين ‪ socio‬أي المجتمع و‪ logy‬أي‬
‫علم ‪ ،‬واتفق الكثير من علماء االجتماع وعلى رأسهم اوجست كونت إلى تعريف علم االجتماع بأنه " العلم‬
‫الذي يهتم بدراسة المجتمع " ‪ .‬وأوضح كونت مهمة علم اإلجتماع بأنه العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر‬
‫االجتماعية دراسة وضعية ‪ ،‬ويحاول الكشف عن العالقة بين هذه الظواهر ‪ ،‬إال أنه لم يوضح ما المقصود‬
‫بالظاهرة االجتماعية ‪ .‬وقام دور كايم فيما بعد بتوضيح خصائص الظاهرة االجتماعية بأنها ‪ :‬ظواهر إنسانية‬
‫تنشأ بنشأة المجتمع ‪ ،‬وأنها عبارة عن قوالب للتفكير والعمل اإلنساني‪ ،‬وبأن لها وجودا منفصال عن األفراد‬
‫الممارسين لها ‪ ،‬وأنها ليست من صنع الفرد ‪ ،‬بل من صنع المجتمع ككل (‪) Durkheim, 1983‬‬

‫عرف دور كايم علم األجتماع بأنه العلم الذي يهتم بدراسة البناء األجتماعي وما به من مؤسسات من حيث‬
‫مقوماتها ووظائفها ( ‪ ) Durkheim,1983‬ويقصد بالبناء االجتماعي هنا الجماعات االجتماعية المستمرة‬
‫والمكونة للبيئة االجتماعية المحيطة بنا كاألسرة والمدرسة والجيرة ‪ ،‬والتي وجدت قبل األنسان وستسمر بعد‬
‫رحيله ( ‪. ) Curry, 1990 .p.4‬‬

‫ثم شرح براون ‪ Browne‬فيما بعد موضوع علم االجتماع بأنه الدراسة المنظمة للجماعات اإلنسانية‬
‫والحياة اإلجتماعية والمجتمعات الحديثة فهو يهتم بدراسة المؤسسات االجتماعية التي يتكون منها المجتمع‬
‫مثل مؤسسة األسرة المسئولة عن تنظيم عملية الزواج ‪ ،‬من حيث سن الزواج ‪،‬والجماعات التي يمكن للفرد‬
‫أن يتزوج منها‪ ،‬ومقدار المهر ‪ ،‬وأسلوب التربية الذي يجب على الوالدين اتباعه ‪ .‬والمؤسسة التعليمية هي‬
‫المؤسسة المسؤولة عن تجديد األساليب التي يمكن من خاللها نقل المعلومات والمعارف لألبناء ‪ ،‬وهي‬
‫المسؤولة عن تنمية المهارات والقدرات التي يحتاجها األفراد لسد احتياجات المجتمع ‪ .‬والمؤسسة‬
‫االقتصادية تتولى مسؤولية تنظيم عملية اإلنتاج واالستهالك والتوزيع بين أفراد المجتمع ‪ .‬أما المؤسسة‬
‫الدينية فتتولى مسؤولية تنظيم العالقة بين األفراد والقوى الغيبية ‪ ،‬وتسعى إلى غرس القيم األخالقية في‬
‫المجتمع وتنظيم العالقة بين األفراد (‪ ) Browne, 1995.p.2‬أما المؤسسة السياسية فمهمتها تنظيم العالقة‬
‫بين مراكز السلطة والنفوذ وبين أفراد المجتمع ‪ ،‬وتسعى هذه المؤسسة إلى حفظ األمن واالستقرار في‬
‫المجتمع ‪ .‬ومن هنا كانت مهمة عالم االجتماع دراسة وظيفة كل مؤسسة من هذه المؤسسات على حدة ‪،‬‬
‫والكشف عن طبيعة العالقة بين هذه المؤسسات ‪ ،‬هل هي عالقة تعاون أم صراع ؟ وكيف تؤثر كل مؤسسة‬
‫على المؤسسات األخرى ؟‬
‫عرف بعض العلماء علم االجتماع بأنه العلم الذي يهتم بدراسة " التفاعل االجتماعي " و" العالقات‬
‫االجتماعية " ‪ .‬ويقصد بالتفاعل االجتماعي السلوك الصادر عن الفرد نتيج احتكاكه وتعامله مع األخرين ‪،‬‬
‫فسلوك الفرد في حياتنا اليومية ما هو إال رد فعل لتصرف الناس من حولنا وللتوقعات المسبقة بيننا كأفراد (‬
‫‪ . )Goodman. 1996.p.3‬ونحن كأفراد نستنتج هذه التوقعات من البيئة االجتماعية المحيطة ‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫المثال يتعلم الطفل أداب التحية ‪ ،‬واحترام االخرين ‪ ،‬واحترام الوقت ‪ ،‬واحترام العمل من والديه ‪ ،‬فإذا لم‬
‫يكتسب هذه القيم منذ الصغر فلن يعرف كيف يتعامل مع االخرين في الكبر‪ .‬واإلنسان ليس مجرد كائن‬
‫حي ‪ ،‬بل هو جزء من مجتمع كبير ينتمي إليه ‪ ،‬ويكتسب منه معني إنسانيته ‪ ،‬فهو يتعلم كيف يتكلم‬
‫ويتصرف كإنسان مع المجتمع المحيط به ‪ .‬وكلنا يذكر قصة طرزان الذي وجد العلماء عام ‪ 1974‬وهو في‬
‫السادسه من عمره في إحدى الغابات في إفريقية الوسطى ‪ ،‬والذي تولت جماعة من القردة في تربيته بينهم‬
‫فكان يأكل الفواكه والخضروات مثلهم ويمشي كما تمشي الحيوانات على أطرافه األربعة ‪ ،‬ويصدر أصواتا‬
‫مثلهم عند اإلحساس بالخوف او الخطر ‪ ،‬وحتى بعد أن وجده العلماء وحاولوا تعديل سلوكه وتصرفاته‬
‫بالتدريب المتواصل لمدة عامين ‪ ،‬كان سلوكه أقرب إلى الحيوان منه إلى اإلنسان ‪Eitzen. 1995.p. (.‬‬
‫‪. ) 148‬‬

‫ويؤكد بعض العلماء أن علم االجتماع هو العلم الذي يهتم بدراسة انماط السلوك الناتج عن عوامل اجتماعية‬
‫ال من عوامل نفسية أو بيولوجية ‪ .‬فاإلنسان يختلف عن بقية الكائنات الحية األخرى بأنه حيوان ناطق فلديه‬
‫لغة ‪ ،‬وهو حيوان مفكر فلديه تراث ثقافي يساعده في التعامل مع االخرين ‪ .‬واألنسان يكتسب الثقافة وما بها‬
‫من قيم ومعايير وعادات وتقاليد من مجتمعه ‪ ،‬ومن خالل عملية التنشئة االجتماعية ‪ ،‬بحيث تصبح هذه القيم‬
‫والمعايير بعد فترة من الزمن جزءا ال يتجزأ من شخصيته ‪ .‬وهذا يعني أن عالم االجتماع يهتم بدراسة‬
‫األنماط االجتماعية التي تتكون من تفاعل األفراد مع بعضهم البعض ‪ ،‬فهو يركز على دراسة شبكة‬
‫العالقات التي تحول تجمع مجموعة من االفراد من مجرد تجمع طارئ إلى جماعة أجتماعية بما تشمله هذه‬
‫الكلمة من عالقات وأهداف وقواعد ‪ .‬ولكي يدرس عالم االجتماع البد وان يدرس مجموعة القيم المشتركة‬
‫التي تجمع أفراد مجتمع واحد وتجعلهم يسلوكا سلوكا مشتركا في حياتهم اليومية ( ‪.)Eitzen . 1995.p.24‬‬
‫حقا إن اإلنسان قد يبدو حرًا في قراراته ‪ ،‬فهو الذي يختار مدرسته أو عمله أو شريكة حياته ‪ ،‬لكنه في‬
‫الحقيقة ليس حرًا حرية تامة في اختياراته ‪ ،‬فهو لم يختر األسرة التي ولد بها وال اسمه ‪ ،‬ولم يختر الطبقة‬
‫التي ينتمي إليها ولم يختر الثقافة التي يمارسها‪ ،‬والمنطقة الجغرافية التي نشأ فيها ‪ ،‬والتعليم الذي تلقاه في‬
‫فتر الصغر ‪ .‬فهناك امور كثيرة وجدت قبل أن يوجد هو كفرد بل كثيرا ما يجد اإلنسان نفسه مجبرًا على‬
‫القيام باعمال كثيرة قد ال يرغب فيها إرضاء للمجتمع الذي من حوله ‪ .‬ألم تجد نفسك يوما ما مجبرًا على‬
‫القيام بتصرف معين رغم عدم قناعتك به إرضاء للناس من حولك ؟ او قد تحرم من اداء عمل ترغب فيه‬
‫لعدم تقبل األخرين لهذا العمل ‪ .‬فتصرفاتنا كأفراد كثيرًا ما تتأثر بالمجتمع المحيط بنا ‪ .‬فنحن كجزء من‬
‫الجماعة التي ننتمي إليها نحاول دائما ان نتكيف مع قيم هذه الجماعة ومعاييرها ألدراكنا بان خروجنا عن‬
‫هذه الجماعة يعرضنا النتقاداتها ونبذها أو عقابها لنا ‪ .‬فهناك نوع من الضبط االجتماعي الذي يمارسه‬
‫المجتمع على األفراد لحفظ التضامن واالستقرار االجتماعي ‪ .‬كذلك قد تتأثر قراراتنا الشخصية بقرارات‬
‫عامة تتخذ من قبل الحكومة او منظمات أخرى لها سلطاتها في المجتمع ‪ .‬على سبيل المثال إذا ما رفعت‬
‫الحكومة أسعار البنزين ‪ ،‬فسيتأثر استهالك الفرد لسيارته ‪ ،‬وقد يقلل من خروجه وتحركاته ‪ .‬كذلك فأن رفع‬
‫شركات الطيران ألسعار التذاكر قد تؤثر على سفر األفراد للخارج ‪ ،‬وقد يظطروا ألى استخدام السيارة او‬
‫القطار كوسيلة للتنقل بدل الطيارة ‪.‬فكثيرًاما يتأثر السلوك االجتماعي للفرد بالظروف المحيطة به ‪.‬‬

‫وقد أوضح بعض العلماء أن علم االجتماع هو العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر االجتماعية السائدة في‬
‫المجتمع ‪ ،‬والظاهرة هي النمط المتكرر من السلوك ‪ .‬فعالم االجتماع ال يهتم بدراسة السلوك الفردي الذي‬
‫يحدث بمحض الصدفة ‪ ،‬ولكنه يهتم بالسلوك المتكرر من االفراد ‪ .‬فعلى سبيل المثال يهتم عالم االجتماع‬
‫بدراسة ظاهرة غالء المهور في دول الخليج او ظاهرة العنوسة بين الجامعيات ‪ ،‬أو ظاهرة االدمان بين‬
‫الشباب ‪ ،‬او ظاهرة العنف االسري أو الطالق ‪..‬الخ ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى ان علماء األجتماع لم يهتموا بدراسة المجتمعات في حالة استقرارها فقط ‪ ،‬بل‬
‫وجهوا اهتمامهم لدراسة التغير االجتماعي ودوافعه فاألنسان يتميز عن بقية الكائنات الحية األخرى بالعقل ‪،‬‬
‫وأفعال االنسان ال تتم بشكل تلقائي سلبي‪ ،‬ولكن تتم بناء على قناعات ةاختيارات مطروحه امامه وهذا ما‬
‫يجعل االنسان ال يقف موقف المتفرج من الثقافة ‪ ،‬فهو ال يتلقاها بشكل سلبي ‪ ،‬بل يأخذ منها ما يناسبه ‪،‬‬
‫ويضيف اليها من خبراته وتجاربه مما يؤدي إلى ظهور االختراعات ‪ ،‬وهذا ما يجعل الثقافة ليست شيئًا ثابتًا‬
‫‪ ،‬بل هي في تغير وتتطور مستمر ‪.‬‬

‫لما كان المجتمع يتكون من عدة جماعات ‪ ،‬ولكن جماعة مصالحها واهدافها الخاصة بها ‪ ،‬فبعض علماء‬
‫االجتماع يرونأن مهمة علم االجتماع هو ذاتيه عالقات الجماعات االجتماعية الوقتية والمستمرة ‪ ،‬ودراسة‬
‫عوامل نشأتها واستمرارها ‪ ،‬فالعالقى بين الجماعات ليست عالقة تعاون وتماسك دائما‪ ،‬بل كثير ما تكون‬
‫العالقة قائمة على تضارب المصالح واختالف االهداف ز وهذه العالقة هي التي تؤدي إلى تغير المجتمع‬
‫وانتقاله من حالة ألى أخرى ‪ .‬لذا فأن علم االجتماع ال يهتم بدراسة الجماعات في حالة ثباتها واستقرارها‬
‫فقط ‪ ،‬بل يحاول الكشف عن العوامل التي تدفع إلى الصراع والتغيير في المجتمع ‪.‬‬

‫وهكذا نجد انه رغم اتفاق علماء االجتماع على دراسة المجتمع إال أنهم أختلفوا فيما بينهم على محور‬
‫التركيز ‪ :‬فالبعض يرى أن عالم االجتماع يجب أن يركز على دراسة البناء االجتماعي وما به من نظم ‪،‬‬
‫وأخرون يؤكدون ان علم االجتماع يجب أن يركز على دراسة التفاعل االجتماعي والعالقات االجتماعية ‪،‬‬
‫في حين يرى االخرون ان العلم يجب ان يهتم بسلوك االفراد الناتج عن عوامل اجتماعية ال دوافع غريزية ‪.‬‬
‫غير أن بعض العلماء اعتبروا ان علم االجتماع هو العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر االجتماعية ‪ ،‬في الوقت‬
‫الذي أشار البعض إلى أن علم االجتماع يجب ان يهتم بدراسة الجماعات االجتماعية الوقتية والمستمرة التي‬
‫ينتمي إليها الفرد ‪ .‬والحقيقة أن اختالف توجهات العلماء تثري العلم وال تضره ‪ ،‬فكل عالم من العلماء يوجه‬
‫اهتمامه إلى دراسة جانب من جوانب المجتمع التي يراها مهمة من وجهة نظره إلثراء العلم وتوسيع‬
‫اهتماماته ‪ ،‬ولكنه مع ذلك ال ينسي الجوانب األخرى ‪.‬‬

‫المجتمع ‪: Society‬‬

‫اتفق علماء االجتماع على ان علم االجتماع هو علم دراسة المجتمع لكن ما المجتمع ؟ وهل للمجتمع وجود‬
‫حقيقي كا يزعم البعض ؟ أم أنه من نسيج تخيلنا ؟ وإذا كان له وجود فأين ؟ وما أهميته ؟ ‪ .‬يؤكد إميل دور‬
‫كايم ( ‪ ) 1858 -1917‬الفرنسي الجنسية ‪ ،‬وهو من العلماء البارزين المؤسسين لعلم االجتماع أن المجتمع‬
‫حقيقة ثابته ‪ ،‬وان له وجود مستقل عن األفراد المكونين له ‪ .‬والمجتمع هو جماعة من الناس يعيشون على‬
‫قطعة محددة من األرض لفترة من الزمن ‪ ،‬بحيث يكونون معًا يعيشون على قطعة محددة من األرض لفترة‬
‫من الزمن ‪ ،‬بحيث يكونون معا ثقافة مشتركة تميزهم عن غيرهم من المجتمعات ‪ ،‬وليس هناك وجود‬
‫لمجتمع بال أفراد ‪ .‬فالمجتمع يتكون نتيجة لتعامل األفراد مع بعضهم البعض بحيث يصبح لألفراد سلوك‬
‫جماعي يختلف عن سلوكهم فيما لو كانوا افرادًا منفصلين أو منعزلين عن بعضهم البعض ‪ .‬وهذه العالقة‬
‫التي تكونت نتيجة الحتكاك األفراد مع بعضهم البعض هي التي تكون المجتمع ‪.‬وقد ميز إميل دور كايم بين‬
‫نوعين من المجتمعات ‪:‬‬

‫‪ -1‬المجتمعات الصغيرة ‪:‬‬

‫المجتمعات الصغيرة التقليدية وتتميز بالبساطة مثل مجتمعات الجمع وااللتقاط ‪ ،‬والرعى والزراعة ‪ ،‬وأهم‬
‫صفاتها هي ‪ :‬أنها مجتمعات بسيطة غير معقدة ‪ ،‬ومترابطه ‪ ،‬والعامل الرئيسي الذي يجمع بين أفرادها هو‬
‫وجود قيم أخالقية ‪ ،‬ومعتقدات واحدة ‪ ،‬وتشابه أفرادها في المهنة ‪ ،‬فالتجانس والتشابه هو سبب أساسي من‬
‫أسباب تماسكها ‪ .‬وأطلق على نوع الترابط الذي يميز هذه المجتمعات " التضامن األلى " ‪.‬‬

‫‪ -2‬المجتمعات الكبيرة ‪:‬‬

‫تتميز هذه المجتمعات بالتعقيد ‪ ،‬وعدم التجانس ‪ .‬ويحدث التكامل في هذه المجتمعات نتيجة الختالف وظائف‬
‫أفرادها ‪ ،‬فالتخصص وتقسيم العمل هو اهم ما يميز المجتمعات الكبيرة ‪ .‬فكل جزء من أجزاء المجتمع يعتمد‬
‫على األجزاء االخرى ‪ ،‬وتماسكها هذا ناتج عن اختالفهم وتكاملهم ال عن تشابههم ‪ .‬وأطلق على نوع‬
‫الترابط الذي يجمع هذه المجتمعات " التضامن العضوي "‪.‬‬

‫ومن الموضوعات التي اهتم بها علماء االجتماع في دراستهم للمجتمع هي الكشف عن نوع العالقة بين‬
‫افراد المجتمع ‪ ،‬هل هي عالقة تماسك ام صراع ؟ كما حاولوا تفسير العاومل التي تؤدي إلى تماسك‬
‫المجتمعات وترابطها سواء العوامل المخططه أو غير المخططه ‪ ،‬المتعمده أو التلقائية ومعرفة العوامل‬
‫الوظيفية أو غير الوظيفية السائدة في المجتمع ‪ ،‬على افتراض انه ليس من الضروري ان تكون جميع‬
‫التغيرات التي تحدث في المجتمع مؤدية إلى التجانس ‪ ،‬بل قد يكون هناك عوامل تؤدي إلى تخلخل المجتمع‪،‬‬
‫ولو لفترة من الزمن ‪ ،‬ثم يعيد المجتمع بناء نفسه وتوازنه مرة اخرى ‪ ،‬وانقسموا في ذلك إلى مجموعتين ‪:‬‬

‫المجموعة االولى ‪ :‬ترى أن المجتمع في حالة انسجام وترابط لتحقيق المصلحة المشتركة للجميع في اإلنتاج‬
‫والتوزيع والحماية ‪.‬‬

‫المجموعة الثانية ‪ :‬ترى ان المجتمع في حالة تنافس وصراع ‪ ،‬ويستندون في رأيهم هذا على ان األشياء‬
‫التي يرغب بها الناس كالثروة ‪ ،‬والقوة ‪ ،‬ومصادر الطاقة ‪ ،‬والمكانة ‪ ،‬محدودة في المجتمع لذا فإن الصراع‬
‫والتنافس هو اساس العالقة بين األفراد ‪.‬‬

‫ما هي أهمية المجتمع ؟‬


‫قد يرى البعض أن السؤال عن اهمية المجتمع سؤال بديهي ال يحتاج إلى إجابة فنحن جزء من المجتمع ‪.‬‬
‫ولما كان من اهداف علم االجتماع التحقق من صحة البديهيات وتوضيحها ‪ ،‬لذا فأن من الضروري توضيح‬
‫اهمية المجتمع بالنسبة للفرد ‪ .‬فالمجتمع موجود قبل األنسان ‪ ،‬وسيستمر بعد رحيله ‪ ،‬والمجتمع موجود‬
‫داخل كل فرد فينا ‪ ،‬ونحن جزء من المجتمع ‪ ،‬لذا فإنه يمكننا تحديد أهمية المجتمع في عدة نقاط هامة ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المجتمع مهم ألن األنسان اجتماعي بطبيعته ‪:‬‬

‫يكتسب االنسان طبيعته اإلنسانية من المجتمع الذي يعيش فيه ‪ .‬كيف نتصرف كأفراد؟ ماذا نلبس وماذا‬
‫نأكل ؟ وكيف نتعامل مع االخرين ؟ كل هذه التساؤالت تعتمد على المجتمع الصغير المحيط بنا‪ .‬فعندما يولد‬
‫اإلنسان يكون مجرد مخلوق ضعيف عاجز عن إعالة نفسه ‪،‬فإذا لم يقدم له الطعام والشراب والحب‬
‫واألمان ‪ ،‬لمات هذا الطفل الرضيع ‪ .‬في حين ان الكثير من صغار الحيوانات تستطيع الوقوف على قدميها‬
‫واالعتماد على نفسها في الحصول على الغذاء بعد لحظات من والدتها ‪ .‬أما المولود اإلنساني فأنه يعتمد‬
‫على االخرين لعدة سنوات حي يستطيع االعتماد على نفسه في كسب قوته‪ .‬وهذه الطبيعة الفيزيقية لإلنسان‬
‫هي التي تجعله يحتاج إلى االفراد من حوله ‪ ،‬وإلى جماعة ينتمي إليها حتى يكتب له البقاء واالستمرار ‪.‬‬
‫ومع مرور الوقت يزداد ارتباط الفرد بالجماعات المختلفة الشباع احتياجاته المتزايدة والمتنوعة‪ .‬فهو يحتاج‬
‫إلى االسرة لتمده بالحب والحنان والغذاءوالكساء والدفء‪ ،‬وهو يحتاج إلى المدرسة لتمده بأنواع المعارف‬
‫المختلفة ‪ ،‬وهو يحتاج إلى األصدقاء لقضاء وقت الفراغ ‪ ،‬ويحتاج إلى المصانع لصناعة المالبس واالحذية‬
‫وادوات المنازل والسيارات وغيرها ‪ ،‬بحيث يجد الفرد نفسه في سلسلة من العالقات المتبادل فهو يتعلم‬
‫ويعمل ويقدم حدمات لألخرين ‪ ،‬وهم في المقابل يقدمون له خدمات أخرى ‪ .‬واحتياج الفرد لألخرين ليس‬
‫احتياجا ماديا فقط ‪ ،‬بل هو احتياج عاطفي ووجداني كذلك ‪ .‬فالفرد فالفرد يحتاج ألن يحب ‪ ،‬وألن يكون‬
‫محبوبا من االخرين ويحتاج للرعاية واالهتمام ‪ ،‬كما يحتاج لتقديم االهتمام لالخرين ‪ ،‬حيث أنه من الصعب‬
‫على اإلنسان شعوره بعدم أهميته ‪ ،‬وأنه ليس هناك أحدًا في حاجة إليه ‪ .‬بجزء من الطبيعة البشرية أنيشعر‬
‫الفرد بأنه إنسان منتج وانه مرغوب فيه ‪ ،‬وانه ليس وحيدًا في هذا العالم ‪ ،‬بل هناك أفراد أخرين يشاطرونه‬
‫أفراحه وأحزانه ‪ ،‬ويشعرونه بحاجتهم له ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المجتمع ضروري لبقاء اإلنسان ‪:‬‬

‫استطاع اإلنسان االستمرار وتجاوز الصعاب البيئية المحيطة به لوجوده في مجتمع ولتعاونه مع األخرين ‪.‬‬
‫فاألنسان يحب ذاته ويقدس حريته ولكنه أدرك بفطرته أنه لكي يكتب له البقاء واالستمرار البد له من العيش‬
‫بسالم مع األخرين ‪ .‬فلكي يجابه األنسان االخطار المحيطة به والصعاب التي تواجهه أدرك انه البد وان‬
‫يعيش مع االخرين ‪ ،‬فتعلم بعض المهارات التي تساعده على استغالل البيئة الطبيعية المحيطة به ‪ ،‬بدءا من‬
‫إشعال النار إلى اختراع الكتابة لتدوين خبراته ونقل معلوماته ‪ ،‬ثم اكتشف مع مرور الوقت أنه لكي يجيد‬
‫عمله البد له من التخصص في اعمال معينة اومجاالت خاصة تميزه عن االخرين ‪ .‬فكان التخصص وتقسيم‬
‫العمل هو أساس العالقة التي تربط بين االفراد ‪ ،‬ومن هنا كان المجتمع اإلنساني نتاج طبيعي لعملية التكييف‬
‫مع البيئة ‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬المجتمع يحدد هوية الفرد االجتماعية ‪:‬‬


‫الهوية نتاج اجتماعي يحدد مكانة الفرد والدور المتوقع منه أدائه في المجتمع ‪ .‬ومكانة الفرد هذه تحدد‬
‫نظرته لنفسه سواء كانت هذه النظرة إيجابية أم سلبية‪ ،‬وتختلف مكانة األفراد في البناء اإلجتماعي فالبعض‬
‫يحتل قمة هذا البناء‪ ،‬والبعض يحتل مكانة متوسطه‪ ،‬في حين يحتل اخرون مكانة دنيا في البناء االجتماعي ‪.‬‬
‫ومكانتنا في هذا البناء هي التي تحدد هويتنا االجتماعية وتحدد السلوك المتوقع منا أداؤه في هذا البناء‪ .‬وهذه‬
‫األدوار األجتماعية المتوقع منا أداؤها تختلف من مجتمع إلى أخر باختالف البناء االجتماعي واختالف‬
‫الثقافة السائدة ‪ .‬فعلى سبيل المثال ال الحصر ‪ ،‬نجد أن األب في المجتمعات العربية والغربية على حد سواء‬
‫تقع عليه مسؤولية إعالة الزوجة واألبناء‪ ،‬في حين أننا نالحظ في بعض المجتمعات مثل التروبرياند ال يكون‬
‫لألب البيولوجي سلطة فعلية على األبناء وال يساهم في تربيتهم‪ ،‬بل يتعين على الخال ان يقوم بجميع‬
‫المسؤوليات االجتماعية كالتربية والنصح والإلرشاد ألبن أخته ‪ ،‬بينما يقوم األب بتربية ورعاية أبناء‬
‫شقيقته‪.‬‬

‫العالقة بين الفرد والمجتمع‪:‬‬

‫يمكننا اعتبار الفرد والمجتمع وجهان لعملة واحدة ‪ ،‬فليس هناك مجتمع بدون أفراد ‪ ،‬وال أفراد بدون مجتمع‪.‬‬
‫نحن لن نستطيع التعرف على أنفسنا كأفراد ‪ ،‬وأن نعرف الفرق بيننا وبين األخرين إال عندما نعيش في‬
‫مجتمع ‪ .‬كما أننا نتعلم كيف نعمل ‪ ،‬وكيف نكسب قوتنا من المجتمع المحيط بنا فنحن نولد في مجتمع‪ ،‬وهذا‬
‫المجتمع موجود قبل ان نولد ‪ ،‬وسيستمر وجوده بعد موتنا‪ .‬ووجود المجتمع ال يعني أنه يستمر على وتيرة‬
‫واحدة‪ ،‬بل إنه يتغير بأختالف الظروف االقتصادية والسياسية التي نمر بها‪ .‬وعندما يعيش الفرد في مجتمع‬
‫ما فإنه ينخرط تلقائيا في بعض العالقات الوثيقة بين األخرين ‪ .‬وهذه العالقات قد تكون مبنية على الحب او‬
‫الكراهية ‪ ،‬على التعاون أو المنافسة ‪ .‬وقد تكون العالقة مبنية على عالقة الوجه بالوجه ‪ ،‬كما هي في‬
‫الجماعات الصغيرة كاالسرة والمدرسة والنادي‪ .‬وقد تكون هذه العالقة غير مباشرة مثل عالقة أفراد‬
‫المجتمع الكبير ببعضهم البعض ‪ ،‬أو عالقة أهل المنطقة السكنية الواحدة في المدن الصناعية‪.‬‬

‫عالقة علم اإلجتماع بالعلوم اإلنسانية األخرى ‪:‬‬

‫تهتم جميع العلوم اإلنسانية بدراسة اإلنسان من جانب محدد ‪ .‬فعالم النفس يهتم بدراسة شخصية اإلنسان‬
‫والعوامل المكونة لهذه الشخصية كاالتجهات والميول والقدرات الذهنية وغيرها‪ .‬وعالم االقتصاد يهتم‬
‫بدراسة النظام االقتصادي والموارد المتاحة في المجتمع وطرق استخدامها وتوزيعها‪ .‬وعالم البيولوجيا يهتم‬
‫بدراسة جسم اإلنسان من الناحية العضوية والوظائف التي تقوم بها مختلف األعضاء‪ .‬وعالم األنثروبولوجيا‬
‫يهتم بدراسة العوامل البيولوجية والثقافية المؤثرة في سلوك اإلنسان وتطور هذا السلوك عبر التاريخ حتي‬
‫وقتنا هذا ‪ .‬وعالم التاريخ يهتم بدراسة الوثائق والمستندات للكشف عن العوامل المؤثرة في المواقف‬
‫واألحداث الماضية ‪ ،‬ومحاولة للكشف عن العوامل المؤثرة في الموقف واألحداث الماضية ‪ ،‬ومحاولة‬
‫للكشف عن األنماط العامة التي تحكم هذه األحداث ومعرفة أسبابها ونتائجها‪ .‬وعالم السياسة يهتم بدراسة‬
‫مصادر وطرق توزيع القوة في أي مجتمع‪ .‬أما عالم األجتماع يهتم بدراسة المجتمع ككل ‪ ،‬وهو يدرس‬
‫الظاهرة االجتماعية دراسة شاملة ويربطها بجميع النظم األخرى في المجتمع ‪.‬فهو ال يدرس اإلنسان كفرد‬
‫مستقل ولكن يدرس األنسان كفاعل ‪ ، actor‬وكجزء من النسيج االجتماعي ‪ .‬وعالم االجتماع يؤمن أن‬
‫سلوك الفرد ال يصدر من فراغ ‪ ،‬ولكن ينبثق من العوامل االجتماعية واالقتصادية والسياسية والدينية‬
‫المحيطة به ‪ .‬لذا فإن علم األجتماع يستفيد من جميع العلوم اإلنسانية االخرى في دراسته للمجتمع‪ ،‬فهو‬
‫يدرس الظاهرة أو المشكلة ويربطها بالنظم األجتماعية االخرى في المجتمع‪ .‬فعلى سبيل المثال إذا ما درس‬
‫الباحث االجتماعي ظاهرة الطالق فهو ال يدرسها بمعزل عن النظم االجتماعية األخرى في المجتمع ‪ ،‬بل‬
‫يحاول أن يدرسها تاريخا أوال لمعرفةتطورها عبر التاريخ ‪ ،‬ثم يربط الظاهرة بالنظام السياسي القائم‬
‫والقرارات التي تتخذها الدولة لحماية االسرة ‪ ،‬وما هو مصدر التشريع في المجتمع هل هو الدين أم القوانين‬
‫المدنية ؟ وألي مدى تتدخل الدولة في الحد من الطالق بتسهيل عملية الطالق أم بوضع العراقيل التي تحد‬
‫من الطالق ؟ ثم تدرس عالقة الطالق بالنظام االقتصادي السائد ‪ ،‬وهل تزداد معدالت الطالق باختالف‬
‫النظام االقتصادي؟ كما يجاول الباحث أن يدرس الطالق وعالقته بالنظام الديني لمعرفة رأى الدين في‬
‫الطالق وهل هو مباح أم محرم دينيا‪ .‬فعلى سبيل المثال يبيح الدين األسالمي الطالق‪ ،‬في حين تحرم بعض‬
‫المذاهب المسيحية الطالق إال وفق شروط صعبه ‪.‬كذلك يحاول الباحث أن يدرس العالقة بين التعليم‬
‫والطالق ‪ ،‬بمعني هل تزداد نسبة الطالق مع ارتفاع مستوى التعليم ؟ أم العكس؟ وهكذا نجد ان الباحث‬
‫االجتماعي عندما يدرس أي ظاهرة او مشكلة ال يدرسها كحالة فردية ولكن يربطها بالنظم االجتماعية‬
‫االخرى في المجتمع ( الهواري ‪.) 1988‬‬

‫وقد يتفق عالم االجتماع والصحفي من حيث االهتمام بدراسة المجتمع ومحاولة وصف الواقع ‪ ،‬وإلقاء‬
‫الضوء على الظواهر والمشكالت االجتماعية فيه‪ .‬لكن الفارق األساسي بينهما يكمن في ان هدف الصحفي‬
‫هو جذب انتباه القراء لقراءة المقال ‪ ،‬والتعمد إلى استخدام العناوين الجذابة والمثيرة ‪ ،‬والكلمات الرنانة‬
‫مضيفا إليها الكثير من المبالغات لشد اهتمام القارئ ‪ ،‬حتي وإن كانت هذه اإلضافات تشوه الحقيقة وال‬
‫تخدمها ‪ ،‬في حين ان هدف عالم االجتماع هو وصف الظاهرة بشكل علمي ‪ ،‬ودراستها دراسة وصفية‬
‫تحليلية اجتماعية لمعرفة أسبابها‪ ،‬ومقارنتها بمثيلتها في عدة مجتمعات لمعرفة أوجه الشبه واالختالف بينهما‬
‫‪ .‬كذلك يحاول عالم األجتماع أن يرى األنماط المتكررة من السلوك اإلنساني ويحاول الكشف عن القوانين‬
‫التي تحكمها ‪ ،‬وهو ال يتعمد الغثارة في عرضه لمادته العلمية‪ ،‬بل يحاول وصف الظاهرة كما هي ‪ .‬وصفًا‬
‫موضوعيًا محايدًا ‪ ،‬وال يكتفي بالمالحظة المجردة للظاهرة‪ ،‬بل يستخدم المنهج العلمي في البحث عن‬
‫الحقيقة‪.‬‬

‫المنظور االجتماعي ‪:The Sociological Perspective‬‬

‫المنظور االجتماعي هو الطريقة التي ينظر بها عالم االجتماع إلي المجتمع وألي العالم المحيط بنا ‪ ،‬فهو‬
‫يركز على دراسة العوامل االجتماعية المؤثرة في الظاهرة ‪ ،‬أو بمعنى أخر يدرس سلوك االفراد النابع من‬
‫عوامل اجتماعية‪ .‬فعالم االجتماع عندما يدرس اإلنسان ال يدرسه ككيان مستقل‪ ،‬ولكن يدرسه كجزء من‬
‫عملية التفاعل االجتماعي‪ .‬ولنوضح كيفية اختالف المنظور السوسيولوجي عن غيره من العلوم أقدم المثال‬
‫التالي ‪ :‬إذا ما حدثت مشادة بين إنسان عاطل عن العمل يستجدي الناس ماًال وبين أحد المارة ‪ ،‬وقام العاطل‬
‫على أثرها بضرب الرجل ضربًا مبرحًا ‪ .‬إذا ما حاول عالم النفس دراسة هذا الموقف فإن اول شئ سيقوم‬
‫به هو فحص هذا الرجل العاطل لمعرفة ما إذا كان مريضًا نفسيًا أم ال ‪ ،‬وهل يتعاطى أي نوع من العقاقير‪،‬‬
‫ثم يحاول التعامل معه كمريض ويحاول ان يبحث عن األسباب النفسية التي دفعته لهذا السلوك المنحرف‪.‬‬
‫أما إذا كان الباحث عالم اقتصاد‪ ،‬فإنه سيحاول معرفة دخل الرجل العاطل‪ ،‬ومن أين يحصل عليه ‪ ،‬وهل‬
‫يحصل على أي مساعدات من الضمان اإلجتماعي؟ وهل هناك فرص عمل متاحة في هذا المجتمع؟ ونسبة‬
‫البطالة في المجتمع‪ .‬أما إذا حاول عالم األجتماع دراسة هذه الحادثة فأنه سيحاول دراسة جميع الجوانب‬
‫االجتماعية الدافعة للجريمة ‪ :‬من الناحية االقتصادية واألسرية والتعليمية والدينية ‪ .‬فيحاول معرفة الجوانب‬
‫االجتماعية لهذا الرجل مثل أسرته ‪ ،‬عدد أبناءه أن وجدوا‪ ،‬والكشف عن طبيعة عمله وعما إذا كان هذا‬
‫الحادث تم بطريق الصدفة ام هو من عصابة تمتهن هذا العمل ؟ كما يحاول الباحث معرفة مستوى الرجل‬
‫التعليمي ‪ ،‬والمسكن والحي الذي يعيش فيه‪ ،‬والثقافة التي ينتمي إليها ‪ ،‬ونسبة البطالة في هذا المجتمع ليصل‬
‫منها إلي األسباب األجتماعية التي دفعته للجريمة ‪ .‬فعالم االجتماع ال يهتم بسلوك الفرد الغريزي او النفسي ‪،‬‬
‫ولكنه يهتم بأنماط السلوك المتكررة والتي تظهر كرد فعل للظروف االجتماعية المحيطة به ( ‪Curry.‬‬
‫‪. ) 1999‬‬

‫وعند محاولة علماء االجتماع دراسة المجتمع ‪ ،‬ومحاولة تفسير ما يحدث بين االفراد من ظواهر اجتماعية ‪،‬‬
‫انقسموا في دراستهم للظاهرة إلى مستويين رئيسيين‪:‬‬

‫المايكرو سوسيولوجي –‪ Micro Sociology‬ويقصد بها الدراسة المركزة المتخصصة للظاهرة مثل‬
‫دراسة العالقات الشخصية بين االفراد كعالقات الحب او الكراهية ‪ ،‬او دراسة العالقة بين العامل وصاحب‬
‫العمل في المصنع ‪ ،‬فهذا النوع من الدراسة يحاول دراسة الظاهرة عن قرب‪.‬‬

‫والماكرو سوسيولوجي ‪ Macro Sociology‬ويقصد بها الدراسة الشاملة للظاهرة ‪ ،‬مثل دراسة ظاهرة‬
‫النمو السكاني في المجتمع أو دراسة ظاهرة الهجرة وأسبابها ‪ .‬وهناك أختالف واضح بين الباحثين في‬
‫النظرة إلى الموضوع‪ .‬فإذا ما درس احد الباحثين النظام التعليمي باستخدام المايكرو سوسيولوجي فإنه يركز‬
‫على جانب معين من النظام ليدرسة كعالقة الطالب بالمدرس ويحاول الكشف عن طبيعة العالقة بينهما‬
‫وأنماط السلوك السائدة والعوامل المؤثرة في هذه العالقة ‪ .‬وال يركز على الجوانب النفسية للعالقة ولكن‬
‫على الجوانب االجتماعية المؤثرة في هذه العالقة ‪ .‬اما إذا ما حاول باحث أخر دراسة النظام التعليمي‬
‫باستخدام الماكروسوسيولوجي فإنه يدرس النظام التعليمي كجزء من البناء اإلجتماعي الكبير ‪ ،‬ويدرس‬
‫العالقة بين هذا النظام وغيره من النظم األجتماعية األخرى ‪ ،‬فهو على سبيل المثال يدرس أثر النظام‬
‫التعليمي في تكوين النظام الطبقي في المجتمع‪ ،‬وكيف يؤثر المجتمع على هذه المؤسسة وهيكلها التنظيمي ‪،‬‬
‫فالنظرة هنا للمشكلة أو الظاهرة تكون اكثر شمولية واتساعًا‪ ،‬في حين ان نظرة المايكروسوسيلوجي تكون‬
‫أكثر تخصصية وتركيزًا على الظاهرة ( ‪.) Mckee.1969‬‬

‫نشأة علم االجتماع ‪:‬‬

‫إن التفكير االجتماعي لإلنسان قديم قدم اإلنسان نفسه ‪ ،‬وقد ظهرت البدايت األولى للتفكير االجتماعي في‬
‫كتب الفالسفة والمفكرين منذ لعصر الروماني واليوناني ‪ ،‬عندما حاول الفالسفة في ذلك الوقت التفكير في‬
‫الحياة االجتماعية وعوامل سعادة وشقاء اإلنسان ‪ ،‬وعوامل استمرارية المجتمعات وكيفية تكوين المجتمع‬
‫الفاضل مثل كتابات أرسطو وافالطون وغيرهم من الفالسفة القدماء‪ .‬ولكن البداية الحقيقة لعلم االجتماع‬
‫كانت في النصف األول من القرن ‪ 19‬إذا ظهرت اللبنة األولى لهذا العلم مع ظهور الفوضى الفكرية‬
‫واالضطرابات والمشكالت االجتماعية التي عمت المجتمع االوروبي نتيجة للثورة الصناعية والثورة‬
‫الفرنسية وانتشار الكثير من الشعارات الديمقراطية التحررية ‪ ،‬ذلك أنه نتيجة للثورة الصناعية ‪ ،‬هاجر‬
‫الكثير من الناس من الريف إلى المدن ‪ ،‬وانتقل الكثير من الفالحين من العمل الزراعي إلى العمل في‬
‫المصانع‪ .‬وكان لهذا االنتقال المفاجئ للفرد من الحياة الريفية الهادئة‪ ،‬إلى حياة لمدن الصناعية المعقده‬
‫والصاخبه‪ ،‬المليئة بالصراعات واالضطرابات أثارها السلبية على الفرد ‪ ،‬إذا وجد اإلنسان نفسه مجبر على‬
‫تغيير طريقة حياته‪ ،‬واسلوب تعامله مع االخرين‪.‬‬

‫وهذه االضطرابات والصراعات الداخلية أدت إلى حدوث الكثير من المشكالت االجتماعية في ذلك الوقت‬
‫كارتفاع نسبة الجريمة ‪ ،‬وانحراف االحداث‪ ،‬والتفكك األسرى ‪ ،‬وزيادة نسبة الطالق‪ ،‬وهذه المشكالت‬
‫االجتماعية دفعت العلماء والمفكرين في ذلك الوقت إلى التفكير في المجتمع ‪ ،‬والتساؤل هل سيستمر‬
‫المجتمع على هذا الحال ؟ أم سينهار؟ وها أحس العلماء بحاجتهم إلى وجود علم مستقل يهتم بدراسة المجتمع‬
‫‪ ،‬وبنائه‪ ،‬وعوامل تماسكه وتفككه ‪ .‬ومن هنا ظهرت الحاجة إلى وجود علم االجتماع كعلم واقعي موضوعي‬
‫يبحث فيما هو قائم بالفعل وليس ما يجب أن يكون ‪.‬‬

‫كما أن هناك تساؤالت أخرى حاول العلماء األوائل اإلجابة عليها أهمها‪ :‬ما هي عوامل استقرار المجتمع‬
‫وتطوره؟ وما هي عوامل تفكك المجتمع؟ ثم ما هي العوامل التي تؤدي إلى تغير المجتمع؟ وكيف يستطيع‬
‫المجتمع السيطرة على افراده؟ وما اهمية الجماعات االجتماعية الصغيرة والكبيرة للمجتمع؟ وما هي العالقة‬
‫بين الطبقات االجتماعية ؟ وما الذي يجعل االفراد يتقبلون الطبقة االجتماعية التي ينتمون اليها حتى وان‬
‫كانت منخفضة ؟ وما الذي يجعل االفراد ينصاعون لقيم المجتمع وتوقعاته رغم عدم قناعاتهم دائما بهذه القيم‬
‫؟ وما أهمية التدرج االجتماعي للمجتمع؟ وما العوامل المحددة لهذا التدرج؟ وغيرها من االسألة التي شغلت‬
‫اهتمام المفكرين األوائل لعلم االجتماع اإلجابة على الكثير من هذه التساؤالت وتبلورت محاوالتهم هذه في‬
‫جانبيين رئيسيين‪:‬‬

‫الجانب النظري للعلم‪ :‬وهو الذي يسعى لدراسة المجتمع ‪ ،‬وبنائه‪ ،‬والنظم االجتماعية المكونة له‪ ،‬ودراسة‬
‫التفاعل االجتماعي‪ ،‬والظواهر االجتماعية الناجمة عن هذا التفاعل ‪ ،‬ومحاولة الكشف عن القوانين التي‬
‫تحكم التفاعل االجتماعي ‪.‬‬

‫الجانب التطبيقي‪ :‬والمتمثل بالدراسة المنهجية للمجتمع وظواهره ومشكالته ومحاولة ربط الظاهرة بالظواهر‬
‫االجتماعية األخرى ‪ .‬ويتناول علم االجتماع التطبيقي العديد من القضايا كالصحة والتعليم والتجارة والسياسة‬
‫وغيرها من األمور (‪ . )Henslin.1998‬وتعتبر دراسة إميل دور كايم لالنتحار ‪ ،‬من أفضل الدراسات‬
‫التطبيقية في علم االجتماع‪ .‬ومنذ ذلك الوقت وحتى الوقت الحاضر ظهر العديد من الدراسات المنهجية التي‬
‫درست العديد من الظواهر االجتماعية المحيطة بنا ‪.‬‬

‫أهم العلماء المؤسسين لعلم االجتماع ‪:‬‬

‫ابن خلدون ‪:1406 -1332‬‬


‫حقا أن علم االجتماع كعلملم يظهر إال في أوائل القرن التاسع عشر لكن هناك الكثير من العلماء الذين كان‬
‫لديهم الحس االجتماعي والذين ناقشوا الكثير من القضايا اإلنسانية بشكل إجتماعي ‪ ،‬وعلى رأس هؤالء‬
‫المفكر والعالمة العربي عبد الرحمن ابن خلدون الذي يعتبر المؤسس األول لعلم االجتماع‪ .‬إذا ظهرت‬
‫كتابات ابن خلدون في القرن الرابع عشر‪ ،‬وكان رجل بالط وسياسة ‪ ،‬سافر إلى الكثير من البالد ‪ ،‬واحتك‬
‫بالعديد من الشخصيات وقرأ الكثير من كتب المؤرخين لمعرفة تاريخ اإلمبراطوريات وعوامل اضمحاللها ‪.‬‬
‫وأكد ابن خلدون على ضرورة وضع علم أطلق عليه أسم " علم العمران البشري " وأكد في هذا الكتاب على‬
‫أن األنسان اجتماعي بطبعه‪ .‬فاألنسان قاصر عن تحصيل احتياجاته بمفرده وإلشباع هذه االحتياجات كان‬
‫البد له من العيش مع االخرين ‪ .‬فهو يحتاج إلى المجتمع للحصول على قوته وغذائه‪ ،‬ويحتاج إلى االخرين‬
‫للحماية والدفاع عن نفسه من أخطار الطبيعة ‪ ،‬وعلى الرغم من ان ابن خلدون لم يستخدم مصطلح علم‬
‫االجتماع بشكل مباشر لكنه تحدث عن المجتمع ومكوناته وطرق دراسته وعوامل تطوره‪ .‬ومن أهم كتبه‬
‫كتاب مقدمة ابن خلدون الذي ناقش فيه العديد من القضايا أهمها تاكيده على أن العالم وما تحدث به من‬
‫ظواهر ال يسير حسب األهواء والمصادفات وإنما يسير وفق قوانين مطرده ثابته ال تقل في ثباتها عن‬
‫القوانين الطبيعية ‪ .‬وتحدث ابن خلدون عن تطور المجتمعات وأكد أن البدو أقدم من الحضر يهتمون بالترف‬
‫والكماليات ‪ ،‬والبدو أقرب إلى الخير من الحضر‪.‬‬

‫واهتم ابن خلدون كذلك بالعوامل التي تعمل على تماسك المجتمع‪ ،‬واكد على ان العصبية من اهم عوامل‬
‫تماسك المجتمعات التقليدية ‪ .‬فالبداوة هي اساس المجتمعات االنسانية ‪ ،‬واهم ما يميز البداوة سيطرة العصبية‬
‫على افرادها‪ .‬والعصبية او التعصب وينظر له نظرة سلبية في وقتنا الحالي ألنها تعني التحيز وعدم‬
‫الموضوعية‪ ،‬لكن ابن خلدون نظر إلى العصبية من منظور إيجابي فاعتبرها عامل هاما من عوامل تماسك‬
‫المجتمعات واستمراراها وتطورها ‪ ،‬فعندما يميل أهل البادية إلى االستقرار والدعة تضعف العصبية بينهم‬
‫وتذهب قوتهم فتبدأ إمبراطوريتهم باالنهيار‪.‬‬

‫ومن الموضوعات التي اهتم بها ابن خلدون العالقة بين النظام السياسي والعصبية فقال إن الحكم عادة ما‬
‫يكون في العصبة القوية ‪ ،‬وإذا ما فرضت سيطرتها على القبائل األخرى استأثرت بالحكم وأذعنت لها‬
‫القبائل األخرى‪ .‬ويرى ان الحكم عادة ما يكون وراثيَا في اإلمبراطورية الواحدة ‪ .‬وحدد عمر كل‬
‫إمبراطورية بأربعة أجيال‪ ،‬الجيل األول هو الجيل المؤسس وهو الذي يضع دعائم الدولة ‪ .‬والجيل الثاني هو‬
‫جيل األبناء الذن يحاولون السير على نهج أبنائهم ليحافظوا على ما حققه األباء من نجاح‪ .‬أما الجيل الثالث‬
‫فهو جيل األحفاد ‪ ،‬وهذا الجيل يكون مقلدًا أكثر منه مبدعًا ‪ ،‬ويميل هذا الجيل لالستقرار والدعة ‪ .‬والجيل‬
‫الرابع هو جيل أبناء االحفاد وهؤالء تضعف عندهم الدوافع ويجهلون االعمال التي حققها أجدادهم فال‬
‫يبذلون الجهد للحفاظ على االمجاد فهم يعتقدون أن ملكهم حق وراثي اكتسبوه منذ أول النشأة وانه جاء لهم‬
‫دون معاناة وال تكلف ‪ ،‬ويتوهمون ان نسبهم فقط يعطيهم الحق لالحتفاظ بالحكم أبد الدهر فينغمسون في‬
‫اهوائهم وملذاتهم فتنهار دولتهم وتذهب قوتهم ( مقدمة ابن خلدون – ‪.) 1984‬‬

‫وهكذا يمكننا القول أن ابن خلدون اول مفكر حدد موضوعات علم االجتماع واهميته ورسم منهجه‪ ،‬غير ان‬
‫أرائه وكتاباته لم يكتب لها الذيوع واالنتشار في عصره ‪ ،‬لذلك لم ينل ابن خلدون ما يستحقه من التقدير‬
‫واالنتشار في عصره إلى ان قام بعض المستشرقين في القرن التاسع عشر بترجمة مقدمته وتحليل أرائه‬
‫فارتفع ابن خلدون منذ ذلك الوقت إلى مصاف المؤسسين االوائل لعلم االجتماع ‪.‬‬

‫أوجست كومت ‪:Augustecomte1857-1798‬‬

‫ذكرت سابقا أن علم االجتماع كعلم لم يظهر أال في النصف األول من القرن التاسع عشر نتيجة لعاملين‬
‫رئيسين ‪ :‬قيام الثورة الصناعية في بريطانيا وقيام الثورة الفرنسية التحريرية في فرنسا ‪ .‬إذا سادت هذه‬
‫المجتمعات الكثير من االضطرابات والفوضى الفكرية واالجتماعية‪ ،‬حيث وجد اإلنسان نفسه فجاة في‬
‫ظروف تحتم عليه تغيير طريقة حياته ‪ ،‬وتغيير عالقاته االجتماعية من عالقات شخصية حميمة تقوم على‬
‫عالقة الوجه بالوجه ‪ ،‬إلى عالقات تقوم على المصلحة الفردية ‪ ،‬والعالقات غير الرسمية‪ ،‬والتخصص‬
‫وتقسيم العمل ‪ .‬فلم يعد إنسان اليوم هو نفسه إنسان االمس ‪ ،‬وال مجتمع اليوم هو نفسه مجتمع األمس‪ .‬وهذا‬
‫التغيير المفاجئ أصاب األنسان بصدمة ثقافية حادة هزت كيانه وزعزعت القم والمعايير األخالقية التي كان‬
‫يؤمن بها‪ ،‬فأحس بحالة من الضياع القيمي‪ ،‬فلم يعد يعرف ماذا يريد ‪ ،‬وال إلى أين يسير‪ .‬فهو من جهة‬
‫يرغب في تنشئة أبنائه بنفس الطريقة التي نشأ عليها في مجتمع الريف‪ ،‬ومن جهة أخرى يرغب في‬
‫اندماجهم في المجتمع الجديد الذي هاجروا إليه واكتسابهم القيم والمؤهالت التي تساعدهم على التكيف مع‬
‫هذا المجتمع الذي اصبح جزءًا منه‪ ،‬وغريب عليه في الوقت نفسه‪ ،‬فنجده يعيش في حالة صراع بين ما هو‬
‫كائن وبين ما يجب أن يكون ‪ .‬ففو يحلم بحياة المدينة وما بها من ديمقراطية ورفاهية في العيش‪ ،‬ولكنه يتوق‬
‫لحياة الرف وما بها من راحة وأمان‪ .‬وهذه التناقضات في مشاعره وقيمه وفي حياته جعلته يعاني الكثير من‬
‫المشكالت واالضطرابات النفسية واالجتماعية لعدم وضوح الهدف أمامه‪ .‬وهذا ما أدى إلى ظهور الكثير‬
‫من المشكالت في المجتمع‪.‬‬

‫كما كان النتشار الكثير من شعارات الديمقراطية التحريرية في فرنسا اثارها في زعزعة النسق القيمي في‬
‫المجتمعات االوروبية ‪ .‬وادت هذه النزاعات والفوضى الداخلية التي ظهرت في المجتمعات اإلقطاعية إلى‬
‫حدوث الكثر من المشكالت اإلجتماعية في ذلك الوقت كارتفاع نسبة الجريمة وانحراف االحداث‪ ،‬وارتفاع‬
‫نسبة الطالق‪ ،‬وزيادة التفكك األسري‪ ،‬مما دفع المفكرين والعلماء في ذلك الوقت إلى التفكير في المجتمع‬
‫والتساؤل هل سيستمر المجتمع على ذلك الحال أم سينهار؟ وما العوامل التي تساعد على تماسكه؟ وكيف‬
‫يمكن إعادة التوازن للمجتمع؟‬

‫وهنا احس العلماء والمفكرين وعلى رأسهم أوجست كومت بضرورة وجود علم مستقل يهتم بدراسة المجتمع‬
‫وظواهره ‪ ،‬ويدرس مشكالته والعوامل التي تساعد على استمراريته واطلق عليه اسم علم االجتماع أي العلم‬
‫المسئول عن دراسة المجتمع‪ .‬واعتبره علمًا وضعيًا مثل سائ العلوم الطبيعية بل وضعه على قمة العلوم‬
‫الوضعية كلها واعتبره علم العلوم‪ .‬وكان الهدف من وراء هذا العلم هو إعادة بناء المجتمع الفرنسي‪ .‬قسم‬
‫كونت موضوعات علم االجتماع إلى شعبتين‪:‬‬

‫الشعبة االولى واطلق عليها أسم الديناميكا االجتماعية ‪La Dynamique Social‬‬

‫وتهتم بدراسة قوانين الحركة االجتماعية وعوامل تقدم المجتمعات وتطورها ‪.‬‬
‫الشعبة الثانية وأطلق عليها اسم االستاتيك االجتماعية ‪La Staique Social‬‬

‫وتهتم بدراسة المجتمعات في الة استقرارها‪ ،‬وفي فترات ثباتها‪ ،‬ومحاولة الكشف عن العوامل التي تساعد‬
‫على تضامن المجتمعات واستقرارها‪.‬‬

‫كذلك حدد اوجست كونت أسس الدراسة الوضعية ومنهج البحث في علم االجتماع ‪ ،‬واكد على ضرورة‬
‫دراسة الظواهر االجتماعية دراسة وضعية دون التأثر بأي اهواء شخصية مسبقه‪ .‬ويرى ان الدراسة‬
‫الوضعية للظاهرة تعتمد على استخدام أربع وسائل رئيسية هي المالحظة والتجربة والمنهج المقارن والمنهج‬
‫التاريخي ( الخشاب ‪.) 1990‬‬

‫أميل دور كايم ( ‪:)1917-1858‬‬

‫ولد أميل دور كايم فيي مدينة لورين في باريس ألسرة يهودية‪ ،‬حيث كان يعمل والده واجداده كرجال دين‪.‬‬
‫إال أن دور كايم لم يرغب في السير في خطوات أجداده واختار الدراسة الدنيوية ‪ .‬ولكثرة إسهاماته وكتبه‬
‫العلمية عين استاذًا في جامعة باريس‪.‬‬

‫كان دور كايم يقدس التدريس ويعتبره ويعتبره أشرف مهنة يمكنه العمل بها وقد تتلمذ العديد من علماء‬
‫االجتماع في باريس على يده‪ .‬كذلك استطاع دور كايم مع مجموعة من أصدقائه إصدار أول مجلة اجتماعية‬
‫في باريس ‪ .‬وكان رجًال وطنيًا نشر الكثير من المقاالت عن وضع فرنسا السياسي أثناء الحرب العالمية‬
‫األولى ‪ .‬وفي عام ‪ 1916‬فقد دور كايم ابنه الوحيد في الحرب وحزن عليه حزنًا شديدًا مما أدى إلى إصابته‬
‫بجلطة أودت بحياته عام ‪ 1917‬من عمر يناهز التاسعة والخمسين ( ‪.) Wallace,R.1995‬‬

‫ويرى دور كايم أن علم االجتماع يجب ان يهتم بدراسة الحقائق االجتماعية ‪ Social Facts‬والبناء‬
‫االجتماعي ‪ . Social Structure‬واشار إلى أن للبناء االجتماعي وجود مستقل عن األفراد المكونين له ‪،‬‬
‫فاللغة على سبيل المثال حقيقة اجتماعية ‪ ، Social Facts‬ولها وجود مستقل عن األفراد المكونين لها ‪ .‬وقد‬
‫حدد دور كايم أهم خصائص الحقيقة االجتماعية بأنها خارجة عن األفراد ‪ ،extermality‬وإجبارية‬
‫‪ ،Constraint‬وعامة ‪ Generality‬بين جميع األفراد ( ‪.) Thompsson.1982‬‬

‫كما أكد على ان للمجتمع وجود مستقل عن األفراد ‪ ،‬وهذا الوجود أدى إلى تكوين وعي إجتماعي ‪Social‬‬
‫‪ Consciousness‬مشترك يميزه عن غيره من األفراد ‪ ،‬وأطلق على هذا الوعى اسم العقل الجمعي‬
‫‪ Group Mind‬وهذا العقل الجمعي يتكون من وجود األفراد معًا لفترة طويلة من الزمن وله وجود مستقل‬
‫عنهم‪ ،‬وهو الذي يجعلهم يفكرون بشكل متشابه ويتصرفون وفق سلوك واحد في المواقف المتشابهة‪ .‬والعقل‬
‫الجمعي بالنسبة لدور كايم ما هو إال مجموع عقول األفراد وهي في حالة تفاعل مستمر ‪ .‬فعقول االفراد‬
‫ليست منغلقه على ذاتها ولكنها تتفاعل مع بعضها البعض حسب المواقف والظروف التي يمرون بها‪ .‬ويرى‬
‫أيضًا أنه يمكننا إدراك الوعى االجتماعي من خالل الرموز االجتماعية السائدة في المجتمع كالدين والقرابة‪.‬‬
‫وقد تأثر ابن أخيه وتلميذه مارسيل موس ‪ Marcel Mauss‬بكتابات دوركايم عن الرموز االجتماعية‬
‫واستخدمها في دراساته االجتماعية‪ .‬ثم تأثر به فيما بعد ليفي ستروس ‪ Levi Strauss‬الفرنسي الجنسية‪،‬‬
‫وأصبحت أرائه الدعامة التي ارتكزت عليها المدرسة البنائية فيما بعد‪.‬‬

‫ويرى دور كايم أن الدراسات االجتماعية تتكون من عدة مستويات تشمل المؤسسات االجتماعية والبيئية‬
‫والسكان والمواصالت وغيرها‪ ،‬ووضع المعرفة االجتماعية في أعلى مستوى من هذا التقسيم ‪ .‬لكن دوركايم‬
‫يؤكد أن علم االجتماع يجب أن ال يتوقف عند حد الوصف‪ ،‬بل يجب أن يتعمق لمعرفة العالقة بين هذه‬
‫الظواهر والكشف عن العوامل االجتماعية المحركة لسلوك االفراد‪ .‬ولهذا يرى ان علم االجتماع يجب أن‬
‫يبحث طرق التفكير والسلوك الغير شخصي لألفراد والتي تؤدى إلى تكوين الظواهر االجتماعية (‬
‫‪ . ) Thompson,K.1982‬كما أكد على ان نظرة علم االجتماع للظواهر االجتماعية نظرة شاملة عامة فهو‬
‫من أنصار الماكرو سوسيولوجي‪ .‬وفي كتابة أسس علم االجتماع حاول دوركايم أن يوضح وظائف الحقائق‬
‫االجتماعية وكيف انها تحاول إشباع احتياجات المجتمع‪ .‬فحاول أن يفسر الظواهر االجتماعية بظواهر‬
‫اجتماعية أخرى ‪ .‬كذلك اعتبر العقاب كرد فعل اجتماعي للجريمة‪ .‬فالمجتمع يفرض العقاب كوسيلة‬
‫للمحافظة على التوازن والترابط بين أفراد المجتمع الواحد‪.‬‬

‫كما تطرق دوركايم في كتابه " قواعد المنهج السوسيويولوجي" ‪The Rules of Sociological‬‬
‫‪ Method‬إلى القواعد الرئيسية اتي ينبغي على الباحث االجتماعي االعتماد عليها في دراسته للظاهرة‬
‫االجتماعية ‪ .‬وعرف علم االجتماع بأنه العلم الذي يهتم بدراسة المؤسسات االجتماعية من حيث تكوينها‬
‫ووظائفها‪ .‬وكان يقصد بمصطلح المؤسسات جميع القيم واألشكال التي تكونت بشكل جمعي‪.‬‬

‫كارل ماركس ) ‪:Karl Marx (1818-1883‬‬

‫ولد ماركس عام ‪ 1818‬في ألمانيا في أسرة يهودية ‪ ،‬وليحافظ والده على وظيفته كمحام تحول إلى‬
‫البروتستانتيه ليتفادى االضظهاد الذي كان يوجهه االلمان لليهود في ذلك الوقت ‪ .‬وقد حصل ماركس على‬
‫درجة الدكتوراه من جامعة جينا ‪ ، Jena‬وعمل كصحفي لفترة من الوقت ثم اتجه إلى النشاط السياسي ‪.‬‬
‫ويرى ماركس أن هذف علم االجتماع يجب أن يكون العمل من أجل تحقيق أو خلق مجتمع أفضل ‪ .‬وتأثر‬
‫ماركس كثيرًا بأراء أستاذه هيجل المثالية إذا حاول هيجل أن يفسر التاريخ تفسيرًا مثاليا إنسانيا‪ .‬لكن تلميذه‬
‫ماركس وإن كان قد تأثر بأرائه إال أنه قلب نظريته رأسًا على عقب ‪ .‬فقد حاول تفسير التاريخ تفسيرًا ماديًا‪،‬‬
‫حيث يرى ان العامل المادى هو العامل األساسي المحرك لألحداث‪ .‬ومن ثم وضع عدة كتب عن الشيوعية‬
‫وعن حتمية الثورة وحتمية التغيير االجتماعي للمجتمعات ‪ .‬وعندما قامت ثورة ألمانيا عام ‪ 1848‬وفشلت‬
‫أضطر ماركس للهرب إلى لندن وعاش في المنفي إلى أن توفي عام ‪ .1883‬وخالل فترة إقامته في لندن‬
‫ساءت أحواله المادية جدًا حتي ان صديقه فردريك إنجلز كان يساعده ماديًا ويشد من ازره‪ .‬ولكن رغم ذلك‬
‫استمر ماركس في كتاباته‪ ،‬ووجدت كتاباته صدى واسع في معظم أنحاء اوروبا وروسيا وألمانيا‪.‬‬

‫ويرى ماركس ان هدفه األول هو تحرير العمال من حالة الفقر واالضطهاد التي يعانون منها نتيجة للثورة‬
‫الصناعية‪ ،‬وكان يرى ان الثورة هي الحل ‪ .‬وكان فكره وأرائه هذه مصدر غضب واستنكار الكثير من‬
‫الدول خاصة الواليات المتحدة األمريكية ‪ .‬وقد استغل حكام الحزب الشيوعي أفكاره لتكوين االتحاد‬
‫السوفيتي ‪ .‬وبأسم الشيوعية اعدم الحاكم الديكتاتوري جوزيف ستالين ‪ Joseph Stalin‬ماليين الفالحين‬
‫والعمال‪ ،‬على الرغم من ان مبادئ ماركس لم تكن تدعو إلى القتل الجماعي (‪. ) Curry.1999.P.8‬‬

‫ويعتبر ماركس هو المؤسس االول لنظرية الصراع‪ ،‬حتي أن الكثير من الناس يعتبر ماركس والصراع‬
‫وجهان لعملة واحدة‪ .‬وقد احدثت نظية ماركس تغيرات كبيرة في العديد من المجتمعات‪ .‬فالعديد من الثورات‬
‫قامت نتيجة لتأثرها بأراء ماركس‪ .‬لذا تعتبر نظرية ماركس في الصراع مثال حي لدور النظرية في التأثير‬
‫على العالم‪ ،‬فليس هناك نظرية أثرت في العالم مثل نظية ماركس في الصراع‪.‬‬

‫ماكس فيبر ‪:( Max Weber ( 1864-1920‬‬

‫ولد ماكس فيبر في أسرة أرستقراطية ألمانية‪ ،‬فوالده كان أحد الرجال البارزين في حزب التحرير القومي‬
‫في ألمانيا‪ ،‬ووالدته كانت من أسرة غنية ومتدينة ومثقفة‪ .‬وكان هو من الطلبة البارزين أثناء حياته الجامعية‬
‫وكان نشطًا سياسيًا‪ ،‬وكان متعدد االهتمامات فقد كتب العديد من المقاالت في السياسة االقتصادية ‪ ،‬والنمو‬
‫السياسي ‪ ،‬وعلم النفس االجتماعي‪ ،‬والعمل الصناعي ‪ ،‬وعلم االجتماع الديني‪ ،‬والتاريخ االقتصادي‪،‬وتقلد‬
‫العديد من المناصب السياسية واألكاديمية‪.‬‬

‫كرس فيبر جزءًا كبيرًا من عمله األكاديمي في مناقشة أراء ماركس‪ .‬وقد اتفق العالمان في بعض النقاط‪،‬‬
‫واختلفا في بعضها األخر ‪ ،‬فمن نقاط االلتقاء بينهما اهتمامها بدراسة الرأسمالية الصناعية ‪ ،‬ولكن في الوقت‬
‫الذي أدان ماركس الرأسمالية ‪ ،‬والنتائج السيئة التي ستترتب عليها كظهور حالة االغتراب بين العمال ‪،‬‬
‫يرى ماكس فيبر أن الرأسمالية تمثل العقالنية ‪ Rationalization‬في التفكير لدى المجتمعات الصناعية‪،‬‬
‫فالفرد في المجتمعات الصناعية يحاول اتخاذ أفضل القرارات العقالنية وفقا لظروفه المتاحة‪ ،‬فيرى فيبر أن‬
‫التفكير العقالني حل محل التفكير التقليدي الذي كان سائدًا في المجتمعات التقليدية‪ ،‬وأوضح فيبر أن الفرد‬
‫في المجتمعات التقليدية كان يعتمد على عالقاته القرابية في حالة مواجهته ألي مشكلة‪ ،‬فإذا ما مرض‬
‫الفالح‪ ،‬كان أهله أو أصدقاؤه يقومون بالعمل بالنيابة عنه‪ ،‬أما في المجتمعات الصناعية‪ ،‬فالعامل إذا مرض‬
‫فأن زمالؤه في العمل هم الذين يقومون بالعمل عنه‪ .‬وهذايعني ان البيروقراطية في المجتمعات الصناعية‬
‫حلت محل القرابة في المجتمعات التقليدية‪ .‬ولماكس فيبر العديد من الكتابات في البيروقراطية وفي المذهب‬
‫البروتستانتي وعالقته بالرأسمالية ‪ ،‬وفي العديد من الموضوعات االجتماعية (‪ ) Wallace. 1995‬وقد‬
‫كان ماكس فيبر مثل دور كايم وكارل ماركس مستغرقًا في عالم عصره‪ ،‬ورسم معهم خطوط عريضة‬
‫للمنظور الحديث لعلم االجتماع عبروا من خاللها عن العالم المتغير ‪ .‬إذن كانت الظروف غير المستقرة‪،‬‬
‫والمشكالت االجتماعية التي عمت مجتمعاتهم هي التي أدت إلى بذل المجهودات العقلية الخالقة‪ ،‬والتي‬
‫أقامت األساس النظري لعلم االجتماع المعاصر‪.‬‬

‫أهداف علم االجتماع‪:‬‬

‫يسعى علم االجتماع إلى تحقيق العديد من األهداف أهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬وصف الواقع االجتماعي‪:‬يعى العلم إلى وصف وتفسير الحياة األجتماعية لالفراد‪ ،‬والعوامل المؤثرة في‬
‫سلوكهم‪ .‬فكثيرًا ما يعتقد األفراد أن مجرد وجودهم في مجتمع يعنى بالضرورة فهمهم لكل ما يدور في هذا‬
‫المجتمع من أحداث‪ ،‬وإدراكهم لما يحدث به من ظواهر اجتماعية كارتفاع نسبة الجريمة في المدن‪ ،‬وانتشار‬
‫المخدرات بين الشباب‪ ،‬وارتفاع معدالت الطالق في المدن الصناعية وغيرها من ظواهر قد ال يلحظها‬
‫الناس العاديينأو رجل الشارع‪ ،‬ثم يفاجأ الناس من حين ألخر بتعرية علماء االجتماع للكثير من هذه‬
‫الحقائق ‪ ،‬فينكرونها في بادئ األمر ‪ ،‬ثم يدركون صحة هذه المعلومات ويقدرون أهمية علم االجتماع‪.‬‬

‫‪ -2‬تفسير الظواهر والمشكالت االجتماعية‪ :‬يهدف علم األجتماع إلى تفسير الظواهر التي تحدث في‬
‫المجتمع‪ ،‬ذلك أن عالم النفس دائمًا ما يرجع المشكالت االجتماعية إلى عوامل شخصية كاضطرابات‬
‫الشخصية وذكريات الطفولة االولى وغيرها من عوامل ترجع إلى الفرد وتركيبته الشخصية ‪ ،‬في حين أن‬
‫عالم االجتماع يرى أن الشخصية ما هي إال نتاج اجتماعي‪ ،‬وأن أي يفعل يقدم عليه الفرد ما هو إال رد فعل‬
‫للبيئة الطبيعية واالجتماعية التي يعيش فيها‪ ،‬فيحاول الباحث االجتماعي الكشف عن دور العوامل‬
‫االجتماعية في توجيه سلوك اإلنسان في الموقف الواحد‪.‬‬

‫‪ -3‬الوصول إلى القوانين العامة ‪ :‬يحاول علم االجتماع الوصول إلى القوانين التي تحكم سلوك اإلنسان‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال يحاول علم االجتماع أن يفسر سلوك األفراد في المجتمعات المختلفة ‪ ،‬وكيف تختلف ردود‬
‫أفعالهم من مجتمع إلى أخر باختالف الثقافة السائدة‪.‬‬

‫‪ -4‬تنمية الخيال االجتماعي لدى الفرد‪ :‬يهدف علم االجتماع إلى تنمية الخيال االجتماعي لدى الفرد فيتعلم‬
‫الكشف عن العالقة غير المرئية بين أفكارنا وسلوكنا‪ ،‬والكشف عن العالقة بين معتقداتنا واأليديولوجية‬
‫العامة السائدة في المجتمع وبين سلوكنا في الحياة اليومية‪.‬‬

‫‪ -5‬دراسة الظاهرة االجتماعية دراسة شاملة متكاملة‪ :‬إذا ما درس عالم االجتماع المدرسة فهو ال يدرسها‬
‫من وجهة نظر اإلداريين فقط بل من وجهة نظر المدرسين والمدرسات والطلبة‪ .‬كذلك عندما يهدف إلى تقييم‬
‫الخدمات الصحية في منطقة ما‪ ،‬فهو ال يقيمها من وجهة نظر المديرين فقط ‪ ،‬بل من وجهة نظر األطباء‬
‫والممرضات والمرضى كذلك‪ .‬كما أنه عندما يدرس المصنع فهو ال يدرسه من وجهة نظر أصحاب المصنع‬
‫فقط‪ ،‬بل من وجهة نظر المديرين والعمال واألفراد المستفيدين منه (‪. ) Joseph.1986.P.5‬‬

‫‪ -6‬تصحيح مفاهيمنا لبعض القضايا المحيطة بنا‪ :‬والتي نعتقد أنها حقائق ‪ ،‬ولكنها في الحقيقة ليس‪ƒƒ‬ت ك‪ƒƒ‬ذلك ‪،‬‬
‫بل تعكس وجه‪ƒ‬ة نظ‪ƒ‬ر فئ‪ƒ‬ة معين‪ƒ‬ة فق‪ƒ‬ط في المجتم‪ƒ‬ع ‪ ،‬أو ق‪ƒƒ‬د تك‪ƒ‬ون مبني‪ƒ‬ة على معلوم‪ƒ‬ات خاطئ‪ƒ‬ة أو ناقص‪ƒƒ‬ة‬
‫أعطيت إلينا فكونا ألحكامنا ومفاهيمنا بناء على هذه المعلوم‪ƒƒ‬ات‪ .‬وهن‪ƒƒ‬اك مجموع‪ƒ‬ة من الحق‪ƒ‬ائق العام‪ƒƒ‬ة ال‪ƒƒ‬تي‬
‫تخص الفرد ‪ ،‬والتي يضعها علماء االجتماع أمام القارئ أهمها‬

‫إن الفرد عادة ما يستمع إلى ما يود هو أن يسمعه ‪ ،‬فهو ال يسمع كل ما يقال ل‪ƒƒ‬ه معلوم‪ƒƒ‬ات ب‪ƒƒ‬ل ينتقي‬ ‫‪.1‬‬
‫منها ما يود أن يسمعه‪.‬‬

‫عادة ما يتذكر اإلنسان ما يود أن يتذكره ويتناسى بقية المعلومات التي ال تتفق مع ما يريد؟‬ ‫‪.2‬‬

‫كثيرا من المعلومات التي نؤمن بها كبديهيات هي معلومات تتفق ومبادئنا وقيمنا ونستخدمها كوس‪ƒƒ‬يلة‬ ‫‪.3‬‬
‫لمعارضة أي أراء جديدة ال تتفق مع مبادئنا وقيمنا ونستخدمها كوسيلة لمعارض‪ƒƒ‬ة أي آراء جدي‪ƒƒ‬دة ال‬
‫تتف‪ƒƒ‬ق م‪ƒƒ‬ع مبادئن‪ƒƒ‬ا ‪ .‬من أمثل‪ƒƒ‬ة ه‪ƒƒ‬ذه الب‪ƒƒ‬ديهيات ‪ ،‬أن ي‪ƒƒ‬ؤمن البعض ب‪ƒƒ‬أن الم‪ƒƒ‬رأة أق‪ƒƒ‬ل ذك‪ƒƒ‬اء من الرج‪ƒƒ‬ل‬
‫ويدافعوا عن رأيهم هذا بأنه من البديهيات‪ .‬ثم تؤكد الدراسات العلمية أنه ليس هناك فروق ت‪ƒƒ‬ذكر في‬
‫الذكاء بين المرأة والرجل‪.‬‬

‫كثيرا م‪ƒƒ‬ا يقل‪ƒƒ‬ل الف‪ƒ‬رد من قيم‪ƒƒ‬ة التغ‪ƒƒ‬ير االجتم‪ƒƒ‬اعي‪ ،‬ويعتق‪ƒ‬د أن المجتم‪ƒƒ‬ع في حال‪ƒƒ‬ة ثب‪ƒƒ‬ات واس‪ƒƒ‬تقرار ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫فاإلنسان في حياته اليومية ال يلحظ التغيرات الداخلية في المجتمع ويقلل من أهميه‪ƒƒ‬ا في حين أن علم‬
‫االجتماع يكشف لنا عن هذه التغيرات التي تحدث في المجتمع‪.‬‬

‫كثيرا ما يبالغ األفراد في قدر الحرية التي يتمت‪ƒƒ‬ع به‪ƒƒ‬ا الف‪ƒƒ‬رد في حيات‪ƒƒ‬ه وقدرات‪ƒƒ‬ه على اتخ‪ƒƒ‬اذ قرارات‪ƒƒ‬ه‬ ‫‪.5‬‬
‫بشكل مستقل حتى أنهم ال يشعرون بدور المجتم‪ƒƒ‬ع وت‪ƒƒ‬أثيره على الف‪ƒƒ‬رد في اتخ‪ƒƒ‬اذ الق‪ƒƒ‬رارات‪ .‬فهم ال يلمس‪ƒƒ‬ون‬
‫دور الوالدين أو جماعة األصدقاء أو المدرسين في التأثير على قرارات الفرد وفي نظرات‪ƒƒ‬ه إلى نفس‪ƒƒ‬ه ‪ ،‬والى‬
‫الناس من حوله‪ .‬فنحن في حياتنا اليومية ال نتصرف كأفراد مستقلين‪ ،‬ب‪ƒƒ‬ل نتص‪ƒƒ‬رف وف‪ƒƒ‬ق األدوار المرس‪ƒƒ‬ومة‬
‫لنا من المجتمع و مخالفتنا لهذه األدوار يعرضنا لنقد المجتمع وجزاءاته المختلفة‪.‬‬

‫المبالغة في تصوير الطبيعة البشرية ودورها في السلوك اإلنساني‪ .‬فكث‪ƒƒ‬يرا م‪ƒƒ‬ا يلج‪ƒƒ‬أ اإلنس‪ƒƒ‬ان الع‪ƒƒ‬ادي‬ ‫‪.6‬‬
‫إلى وصف أي تصرف من تصرفات األفراد أنه ج‪ƒƒ‬زء من الطبيع‪ƒƒ‬ة البش‪ƒƒ‬رية ويق‪ƒƒ‬ال أن ه‪ƒƒ‬ذا الس‪ƒƒ‬لوك‬
‫غريزي في الفرد‪ .‬فعلى سبيل المثال يعتقد الكثير من الناس أن العدوانية و العنف سلوك طبيعي لدى‬
‫اإلنسان أو أن البكاء بصوت مرتع عن‪ƒƒ‬د الح‪ƒƒ‬زن س‪ƒƒ‬لوك ط‪ƒƒ‬بيعي لإلنس‪ƒƒ‬ان والحقيق‪ƒƒ‬ة أن هن‪ƒƒ‬اك غرائ‪ƒƒ‬ز‬
‫طبيعي‪ƒ‬ة ل‪ƒ‬دى االنس‪ƒ‬ان كغري‪ƒ‬زة الج‪ƒ‬وع والعطش والجنس والحب والكراهي‪ƒ‬ة لكن أس‪ƒ‬لوب التعب‪ƒ‬ير أو‬
‫طريقة إشباع هذه الغرائز تختلف من مجتمع الى آخر ‪ ،‬فالكراهي‪ƒƒ‬ة غري‪ƒƒ‬زة طبيعي‪ƒƒ‬ة في اإلنس‪ƒƒ‬ان لكن‬
‫طريقة التعبير عن هذه الكراهية بالعنف أو العدوانية تختلف من مجتمع إلى آخ‪ƒƒ‬ر ‪ ،‬فس‪ƒƒ‬لوك االنس‪ƒƒ‬ان‬
‫مكتسب يتعلمه من المجتمع المحيط به‪.‬‬

‫ومن هنا كانت الوظيفة الرئيسية لعلم االجتماع هي تحديد العوامل االجتماعية التي تؤثر على س‪ƒƒ‬لوكنا‬
‫كأفراد ‪ .‬وأن‪ƒ‬ه ال يمكن للف‪ƒ‬رد التح‪ƒ‬رر من ه‪ƒ‬ذه الض‪ƒ‬غوط االجتماعي‪ƒ‬ة إال بالكش‪ƒ‬ف عن ه‪ƒ‬ذه الض‪ƒ‬غوط‬
‫وكيف تعمل في تشكيل شخصياتنا وسلوكنا‪ .‬وعندما نكشف هذه القوى الخارجي‪ƒƒ‬ة ال‪ƒƒ‬تي توج‪ƒƒ‬ه س‪ƒƒ‬لوكنا‬
‫يمكنن‪ƒ‬ا قب‪ƒ‬ول أو رفض ه‪ƒ‬ذه الق‪ƒ‬وى‪ .‬فعلى س‪ƒ‬بيل المث‪ƒ‬ال ‪ :‬إذا نش‪ƒ‬أنا في مجتم‪ƒ‬ع عنص‪ƒ‬ري ‪ ،‬فسنص‪ƒ‬بح‬
‫عنصرين ولن نتحرر من هذه العنصرية حتى نعرف ما مع‪ƒƒ‬نى العنص‪ƒƒ‬رية واس‪ƒƒ‬بابها ‪ ،‬حينئ‪ƒƒ‬ذ فق‪ƒƒ‬ط ق‪ƒƒ‬د‬
‫يمكننا ان نتخلى عن هذه العنصرية ‪.‬‬

‫إذ عادة ما يكون األفراد كالعرائس توجههم العوامل االجتماعية وكثيرا ما ينصاع الفرد بشكل أعمى‬
‫وراء الظروف االجتماعية المحيطة به ‪ .‬والوظيفة الرئيسية لعلم االجتماع ه‪ƒƒ‬و الكش‪ƒƒ‬ف عن العوام‪ƒƒ‬ل‬
‫االجتماعية الموجهة لسلوكنا دمية اجتماعية في يد المجتمع يحركها كيفما يشاء ووقت ما يشاء ‪.‬‬

‫ما هي أهمية علم االجتماع ؟‬

‫كثيرا ما يتساءل طلبة المدارس والجامعات لماذا ندرس علم االجتماع ؟ وما فائدته للفرد والمجتمع ؟‬
‫أال يعتبر علم االجتماع نوع من أنواع تضييع ال‪ƒ‬وقت بالنس‪ƒƒ‬بة للف‪ƒ‬رد! ‪ .‬في الحقيق‪ƒ‬ة أن علم االجتم‪ƒƒ‬اع‬
‫من العلوم اإلنسانية الهامة ووصفها أحد العلماء بأنه علم العل‪ƒ‬وم وجعل‪ƒ‬ه يحت‪ƒ‬ل قم‪ƒ‬ة العل‪ƒ‬وم اإلنس‪ƒ‬انية‬
‫وترجع أهمية علم االجتماع إلى عاملين رئيسيين‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬األهمية العملية‪:‬‬

‫يمكن لخريجي علم االجتماع أن يعملوا في عدة مجاالت رئيسية منها ‪:‬‬

‫مجال التدريس ‪ :‬خريج علم االجتماع يمكن أن يعمل في مجال التدريس ونسبة كبيرة من الخريجين‬ ‫‪.1‬‬
‫يعملون كمدرسين لمادة علم االجتماع‪.‬‬

‫مجال البحث العلمي ‪ :‬يعمل نسبة من الخريجين الجامعيين كباحثين اجتم‪ƒƒ‬اعيين في المراك‪ƒƒ‬ز العلمي‪ƒƒ‬ة‬ ‫‪.2‬‬
‫والجامعية ‪ ،‬ويقومون بإجراء العديد من األبحاث االجتماعية في مختلف المجاالت‪ .‬وإن كان البعض‬
‫ال يعتمد على البحث العلمي كمصدر أساس‪ƒ‬ي لل‪ƒ‬دخل ‪ ،‬ب‪ƒ‬ل يق‪ƒ‬وم باألبح‪ƒ‬اث كعم‪ƒ‬ل ث‪ƒ‬انوي إلى ج‪ƒ‬انب‬
‫عمله األساسي‪.‬‬

‫يمكن لخريجي علم االجتماع والخدمة االجتماعية في الدول العربية العمل بالمستشفيات والمؤسسات‬ ‫‪.3‬‬
‫الصحية والعيادات النفسية كأخصائيين اجتماعيين ‪ ،‬ففي الوقت الذي نجد فيه الب‪ƒƒ‬احث النفس‪ƒƒ‬ي يبحث‬
‫في العوامل االجتماعية المحيطة بالمريض والتي أثرت سلبا على شخصيته‪.‬‬

‫لما كان علم االجتماع من العلوم االنسانية ال‪ƒ‬تي تهتم بالعلق‪ƒ‬ات اإلنس‪ƒ‬انية وأن‪ƒ‬واع الجماع‪ƒ‬ات ل‪ƒ‬ذا ف‪ƒ‬ان‬ ‫‪.4‬‬
‫خريج علم االجتماع عادة ما ينجح في األعمال التي تتطلب منه العمل مع اآلخرين كالعمل في مجال‬
‫اإلعالم والعالقات العامة واإلدارة وغيرها وعموما ف‪ƒ‬إن دارس علم االجتم‪ƒ‬اع يس‪ƒ‬تطيع ان يعم‪ƒ‬ل في‬
‫أي مجال به تعامل مع الناس وينجح فيه حتى لو كان بعيدا عن تخصصه وذل‪ƒƒ‬ك ألن خلفيت‪ƒƒ‬ه العلمي‪ƒƒ‬ة‬
‫تؤهله للتعامل مع اآلخرين بسهولة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األهمية العلمية ‪:‬‬

‫تتبلور األهمية العلمية لعلم االجتماع في عدة نقاط اهمها ‪:‬‬

‫التعرف على الذات ‪ :‬علم االجتماع علم هام لكل إنسان يرغب في أن يفهم نفسه بشكل أفضل ‪ ،‬ذل‪ƒƒ‬ك‬ ‫‪-1‬‬
‫أن دراس‪ƒƒ‬ة علم االجتم‪ƒƒ‬اع تس‪ƒƒ‬اعد الف‪ƒƒ‬رد على أن ي‪ƒƒ‬درك احتياجات‪ƒƒ‬ه كإنس‪ƒƒ‬ان ‪ ،‬وفهم طبيع‪ƒƒ‬ة العالق‪ƒƒ‬ات‬
‫االجتماعي‪ƒƒ‬ة القائم‪ƒƒ‬ة بين‪ƒƒ‬ه وبين اآلخ‪ƒƒ‬رين‪ ،‬والتوقع‪ƒƒ‬ات المتبادل‪ƒƒ‬ة بينهم ‪ ،‬وال‪ƒƒ‬دوافع ال‪ƒƒ‬تي ت‪ƒƒ‬دفع اإلنس‪ƒƒ‬ان‬
‫الختيار سلوك معين دون آخر ‪ ،‬والقيود التي يفرضها المجتمع على أفراده‪.‬‬

‫تصحيح المفاهيم ‪ :‬علم االجتماع يساعد في تص‪ƒƒ‬حيح مفاهيمن‪ƒƒ‬ا للع‪ƒƒ‬الم المحي‪ƒƒ‬ط بن‪ƒƒ‬ا ‪ .‬فكث‪ƒƒ‬يرا م‪ƒƒ‬ا يمي‪ƒƒ‬ل‬ ‫‪-2‬‬
‫الف‪ƒƒ‬رد الى االعتق‪ƒƒ‬اد بمف‪ƒƒ‬اهيم معين‪ƒƒ‬ة نتيج‪ƒƒ‬ة تجرب‪ƒƒ‬ة شخص‪ƒƒ‬ية ويعممه‪ƒƒ‬ا على الجمي‪ƒƒ‬ع‪ .‬لكن الدراس‪ƒƒ‬ة‬
‫االجتماعية المنتظمة تصحح مفاهيمنا عن العالم المحيط بن‪ƒƒ‬ا ‪ ،‬ومن ه‪ƒƒ‬ذه المف‪ƒƒ‬اهيم الخاطئ‪ƒƒ‬ة والش‪ƒƒ‬ائعة‬
‫بيننا االعتقاد ب‪ƒƒ‬أن الس‪ƒƒ‬ود في الوالي‪ƒƒ‬ات المتح‪ƒƒ‬دة االمريكي‪ƒƒ‬ة يتع‪ƒƒ‬اطون أك‪ƒƒ‬بر كمي‪ƒƒ‬ة من المخ‪ƒƒ‬درات بين‬
‫الشباب‪ ،‬لكن الدراسات االجتماعية أوضحت أنهم أقل الفئات تعاطيا للمخ‪ƒƒ‬درات ك‪ƒƒ‬ذلك يعتق‪ƒƒ‬د البعض‬
‫أن الض‪ƒƒ‬مان االجتم‪ƒƒ‬اعي يش‪ƒƒ‬جع الن‪ƒƒ‬اس على الكس‪ƒƒ‬ل واالتكالي‪ƒƒ‬ة وع‪ƒƒ‬دم االعتم‪ƒƒ‬اد على النفس ولكن‬
‫الدراسات االجتماعية أوضحت أن أبناء أسر الضمان االجتماعي يميلون الى العم‪ƒƒ‬ل ح‪ƒƒ‬تى ال يكون‪ƒƒ‬وا‬
‫مثل آبائهم‪.‬‬
‫فهم الثقافات األخ‪ƒƒ‬رى ‪ :‬يس‪ƒƒ‬اعد علم االجتم‪ƒƒ‬اع على فهم الثقاف‪ƒƒ‬ات الفرعي‪ƒƒ‬ة ال‪ƒƒ‬تي تعيش معن‪ƒƒ‬ا‪ ،‬وكيفي‪ƒƒ‬ة‬ ‫‪-3‬‬
‫التعامل معها مما يساعد على تماسك المجتمع وسأضرب مثاال يوض‪ƒƒ‬ح أهمي‪ƒƒ‬ة علم االجتم‪ƒƒ‬اع في فهم‬
‫الثقافات الفرعي‪ƒƒ‬ة في المجتم‪ƒƒ‬ع وكيفي‪ƒƒ‬ة التعام‪ƒƒ‬ل معه‪ƒƒ‬ا‪ " :‬تط‪ƒƒ‬وعت مجموع‪ƒƒ‬ة من الش‪ƒƒ‬باب ال‪ƒƒ‬بيض في‬
‫امريكا في مساعدة الفقراء السود فذهبوا الى أحد أحياء السود وشاهدوا المنازل المتص‪ƒƒ‬دعة الق‪ƒƒ‬ذرة ‪،‬‬
‫وقرروا ان يتعاونوا جميعا على نظافة الشوارع وتنظيف المن‪ƒƒ‬ازل ودهنه‪ƒƒ‬ا وإزال‪ƒƒ‬ة الق‪ƒƒ‬اذورات منه‪ƒƒ‬ا‪.‬‬
‫وبينما هم يمارس‪ƒƒ‬ون عملهم بحم‪ƒƒ‬اس ه‪ƒƒ‬اجمتهم مجموع‪ƒƒ‬ة من الش‪ƒƒ‬باب الس‪ƒƒ‬ود وق‪ƒƒ‬اموا باالس‪ƒƒ‬تهزاء بهم‬
‫وإيذائهم والسخرية منهم ‪ ،‬ألنهم اعتبروا ذلك نوعا من ت‪ƒƒ‬دخل ال‪ƒƒ‬بيض في حي‪ƒƒ‬اتهم واالس‪ƒƒ‬تعالء عليهم‬
‫ولو أنهم استشاروا بعض الخبراء من االجتم‪ƒƒ‬اعيين الق‪ƒƒ‬ترحوا عليهم طريق‪ƒƒ‬ة أفض‪ƒƒ‬ل لمس‪ƒƒ‬اعدة س‪ƒƒ‬كان‬
‫المنطقة ‪ ،‬وبشكل يجعل السود يتقبلوها أكثر‪.‬‬

‫فهم مجتمعاتنا بشكل أفضل ‪ :‬يساعدنا علم االجتماع على رؤية أنفسنا وفهم مجتمعاتنا كما يراها اآلخرون‬
‫من الخارج ال كما نراها نحن من الداخل فقط‪ .‬فنشأة الفرد في مجتمع معين واكتسابه لثقافة هذا المجتمع‬
‫تجعله يتقبل هذا المجتمع تقبال تاما‪ ،‬فال يندهش لعاداته أو تقاليده ‪ ،‬حتى وان كالن ال يعرف مصدر هذه‬
‫العادات او التقاليد‪ .‬إذ عادة ال يرى الشخص العادي مجتمعه كما هو في الواقع‪ ،‬بل يميل الفرد إلى تبجيل كل‬
‫ما مألوف لديه واالستسالم له بال نزاع‪ .‬كذلك يميل الفرد إلى تقييم الظواهر المحيطة به من وتقع تجربته‬
‫الذاتية فتكون رؤيته لألحداث والظواهر التي تحدث من حوله غير موضوعية‪ .‬وهذا ما يجعل ابناء المجتمع‬
‫الواحد ال يستطيعون تفسير تصرفاتهم أو بعض ممارستهم الثقافية‪ ،‬ويعتبرونها تصرفات غريزية ال تحتمل‬
‫السؤال أو النقاش فعلى سبيل المثال إذا ما سألت المرأة المسلمة لماذا ترتدي الحجاب أجابت ألن ديني‬
‫أمرني بذلك ‪ ،‬وهي ال تدرك جميع العوامل االجتماعية و الثقافية التي تدفعها إلى لبس الحجاب كإحساسها‬
‫بأن الحجاب يكسبها احترام الناس وتقديرهم أو أنه رمز لمكانة أسرتها‪ ,‬وأنه أصبح جزءًا من الهوية‬
‫‪.‬اإلسالمية للمرأة‬

‫تدعيم التواصل بين المجتمعات‪ :‬يساعد علم االجتماع على تدعيم التواصل والتفاهم بين المجتمعات‪ .‬إذ ‪5 .‬‬
‫عادة ما ينظر الفرد لثقافة اآلخرين بأنها ثقافة غريبة وغير منطقية وغير عملية‪ ,‬بل قد يعارض أي سلوك‬
‫آخر في المجتمعات األخرى ألنها تخالف ثقافته‪ ,‬ويرى أن سلوك مجتمعه هو الصواب وسلوك اآلخرين هو‬
‫الخطأ‪ .‬و من الممارسات الثقافية التي تمارس في بعض البالد والتي تحظى بكثير من الدهشة واالستغراب‬
‫لدى اآلخرين تقديس البقر في الهند‪ ,‬ويعتقد البعض أن امتناع الهنود عن اكل لحم البقر رغم موت اآلالف‬
‫كل عام من الجوع تصرف غير منطقي‪ .‬والحقيقة التي أدركها علماء االجتماع أن البقر يشكل عصب الحياة‬
‫‪.‬في الهند‪ ,‬وأن امتناع العنود عن أكلها ما هو إال محاولة من اإلنسان للمحافظة على الثروة القومية‬
‫التأكيد على النسبية الثقافية‪ :‬من إسهامات علم االجتماع أنه يوقظ فينا اإلحساس بالنسبية االجتماعية‪6 . ,‬‬
‫فندرك أن القيم والعادات والتقاليد والعرف تختلف باختالف المكان والزمان‪ ,‬وهذا ما يجعلنا نتقبل اختالف‬
‫اآلخرين عنا‪ .‬فعلماء االجتماع يدركون جيدا أنه ليس هناك حقيقة واحدة أو مجتمع إنساني واحد‪ ,‬بل هناك‬
‫عدة الحقائق وعدة مجتمعات‪ .‬لذا يسعى االجتماعيون إلى دراسة السلوك االجتماعي لألفراد وتصنيفه إلى‬
‫أنماط متكررة من السلوك‪ .‬وهذه األنماط قد ال تكون مرئية أو واضحة لألفراد العاديين في المجتمع‪ ,‬وقد ال‬
‫يلحظها المسؤولون في المجتمع‪ ,‬بل قد ينكرون وجودها ألنهم ال يودون االعتراف بوجود اختالفات‪,‬أو‬
‫عيوب أو مشكالت في هذا المجتمع‪ ,‬بل يحرصون على تصوير المجتمع على انه في حالة تجانس وانسجام‪.‬‬
‫ولكن وظيفة االجتماعيين دراسة المجتمع بموضوعية والكشف عن أنماط السلوك المختلفة السائدة فيه‪,‬‬
‫وأسبابها‪ ,‬ثم يكون على األخصائيين االحتماعيين والمسؤولين مهمة تصحيح هذه األخطاء أو معالجة هذه‬
‫‪.‬المشكالت‬

‫الكشف عن أسباب المشكالت االجتماعية‪ :‬يبحث علم االجتماع في أسباب الكثير من المشكالت ‪7 .‬‬
‫االجتماعية كالفقر والجريمة والعنصرية ويحاول معرفة العوامل االجتماعية التي ساعدت على وجودها‬
‫‪.‬ومحاولة وضع الحلول لها‬

‫يساعد في وضع خطط التنمية‪ :‬يمكن لعلماء االجتماع من خالل دراساتهم ورؤيتهم السوسيولوجية ‪8 .‬‬
‫للمجتمع المساهمة في وضع خطط التنمية بشكل وافعي موضوعي‪ ,‬وإحداث التغيرات بشكل مخطط‪ ,‬ذلك‬
‫أن علماء االجتماع يمكنهم معرفة إمكانات المجتمع ومشكالته‪ ,‬مما يساعدهم على وضع إطار تصوري‬
‫‪.‬لكيفية إحداث التغير في المجتمع‬

‫‪:‬اهتمامات علم االجتماع ‪.‬‬

‫لكل علم من العلوم اإلنسانية مجموعة من االهتمامات النظرية واالستفسارات التي يحاول اإلجابة عليها‪,‬‬
‫‪ :‬وأهم اهتمامات علم االجتماع هي‬

‫الكشف عن الحقائق‪ - :‬يحاول علم االجتماع الكشف عن الحقائق في المجتمع مثل الكشف عن مدى ‪1 .‬‬
‫وجود العدالة في النظام التعليمي أو االقتصادي أو السياسي في أي بلد‪ ,‬أو الكشف عن معدالت الطالق أو‬
‫الجريمة أو االنحراف في المجتمع‪ .‬فالسؤال األول الذي يسأله الباحث االجتماعي هو ماذا يحدث في‬
‫المجتمع؟ ‪ ,‬ماذا حدث للمهاجرين؟ ماذا يعمل الناس في اوقات فراغهم؟‬
‫الكشف عن أسباب استمرارية المجتمع‪ :‬يسعى علماء االجتماع إلى الكشف عن كيفية سير الحياة في ‪2 .‬‬
‫المجتمع‪ ,‬فهو دائما يسألون كيف حدثت هذه الظاهرة؟ كيف يتم تقسيم العمل في المجتمع؟ كيف يتم اتخاذ‬
‫القرار في المجتمع؟‬

‫الكشف عن السبية‪ :‬من األسئلة الهامة التي يحرص الباحث االجتماعي على سؤالها لماذا تحدث ‪3 .‬‬
‫المشكالت االجتماعية؟ لماذا ترتفع نسبه العنوسة في المجتمع؟ لماذا تزداد موجة التطرف الديني واإلرهاب؟‬
‫لماذا تنخفض األجور في الدول النامية؟‬

‫المقارنة بين المجتمعات‪ :‬يحاول علماء االجتماع دراسة ظاهرة ما في مجتمعين أو أكثر‪ ,‬ومحاولة ‪4 .‬‬
‫‪.‬معرفة أوجه الشبه واالختالف بينهما‬

‫السؤال عن األمور التاريخية‪ :‬يسعى علم االجتماع إلى دراسة ظاهرة تاريخية معينة‪ ,‬ومحاولة الكشف ‪5 .‬‬
‫‪.‬عن أسبابها ومراحل اطورها في عدة فترات تاريخية‬

‫‪:‬تحديات علم االجتماع ‪.‬‬

‫يواجه علم االجتماع الكثير من الناس باالرتياح لدراسة علم االجتماع العتقادهم بأن علم االجتماع يخلق‬
‫المشكالت للمجتمع‪ ,‬والحقيقة هي أن علم االجتماع ال يخلق المشكالت ولكن يكشف الستار عن الكثير من‬
‫الحقائق االجتماعية والمشكالت االجتماعية السائدة في المجتمع‪ .‬و معرفة الحقيقة شعور غير مريح للكثيرين‬
‫‪.‬خاصة ممن قد تتعرض مصالحهم للخطر نتيجة لهذه المكاشفة وهذه الحقائق‬

‫ويتساؤل علماء االجتماع تساؤالت كثيرة مثل كيف يعمل المجتمع؟ ومن المستفيد من استمرار المجتمع بهذا‬
‫الشكل وهذا التنظيم؟ وهل يمتلك الحاكم الحقيقي السلطة في إدارة زمام األمور؟ أم أن هناك قوى أخرى‬
‫تؤثر في اتخاذ القرار؟ وهل هناك عدالة في هذا المجتمع؟ وهل الكفاءة والموهبة هي أساس تقيم الفرد في‬
‫المجتمع ووضعه في المكان المناسب له؟ وعلى سبيل المثال هل إذا كان الرئيس كلينتون امرأة هل كان‬
‫باإلمكان أن يفوز في االنتخابات؟ أو إذا كان توني بلير رئيس وزراء بريطانيا أسود اللون هل كان يفوز‬
‫برئاسة الوزراء؟ ولماذا تعطى القروض لألغنياء أكثر مما تعطى للفقراء؟ وهل يعاقب القاتل في أي جريمة‬
‫بنفس الدرجة والعقاب بغض النظر عن جنسيته أو ثروته أو أسرته؟ هذه األسئلة وغيرها من األسئلة آلتي‬
‫تناقش قضايا المجتمع كثيرا ما تثير حمية الكثير من األفراد ألنها من وجهة نظرهم قضايا خاصة أو مقدسة‬
‫‪.‬ال ينبغي الخوض بها‬
‫ثانيا‪ :‬ال يشعر البعض باالرتياح للدراسات االجتماعية ألن المعرفة االجتماعية تحرر الفرد من الكثير من‬
‫القيود التي تفرضها عليه معتقداته الثقافية أو االجتماعية‪ ,‬ولكنها في نفس الوقت قد تزيد من توتره وعصبيته‬
‫‪.‬أو إحساسه بالوحدة واالغتراب في مجتمعه فيرفضها‬

‫ثالثا‪ :‬قد يشعر البعض بعدم االرتياح لوجود علم االجتماع إلحساسهم بأنه من الصعب التنبؤ في علم ‪.‬‬
‫االجتماع بشكل دقيق كما هو الحال في العلوم الطبيعية‪ .‬ففي العلوم الطبيعية نجد أن أكسيجن وهيدروجين‬
‫ينتج ماء وفي الرياضيات ‪ ,2=1+1‬لكن في العلوم االجتماعية من الصعب التنبؤ ‪ %100‬بما سيحدث‬
‫مستقبال‪ .‬وذلك يرجع إلى أن اإلنسان ال يتصرف دائما بشكل منطقي عقالني ومنتظم‪ .‬فقد يكون رد فعل‬
‫الفرد للموقف مخالفًا تمامًا لما هو متوقع منه‪ .‬فعل سبيل المثال قد يفوز أحد األحزاب في أمريكا أو بريطانيا‬
‫بشكل غير متوقع نهائيا‪ .‬أو قد يفوز أحد المرشحين باالنتخابات بشكل غير متوقع فقط ألن األفراد يرغبون‬
‫في التغيير‪ .‬وهكذا فإننا نجد أن فهم الواقع االجتماعي ال يعتمد فقط على الخبرة الفردية‪ .‬بل يتطلب وجود‬
‫فهم و حس اجتماعي لدى الباحث‪ ,‬أي تكون لديه القدرة على التحليل والكشف عن ماوراء األمور المادية‬
‫‪.‬المحسوسة‪ ,‬وأن يرى الحياة االجتماعية من الداخل‪ ,‬ويعرف العالقات المتداخلة بين أجزائها‬

‫رابعًا ‪ :‬قد يشعر البعض بعدم قيمة علم االجتماع ألنه قد يقلل من قيمة الكثير من المعتقدات التي يؤمن بها ‪.‬‬
‫الفرد سواء كانت هذه المعتقدات أيديولوجية أو اجتماعية أو سياسية أة اقتصادية‪ ,‬وإخضاع الباحث هذه‬
‫‪.‬الظواهر للدراسة يجعلها تفقد طابع القدسية التي كان ينظر بها الفرد لهذه الظاهرة‬

‫‪:‬أهم المشكالت آلتي يواجهها علماء االجتماع ‪.‬‬

‫‪:‬هناك مشكلتان رئيسيتان تواجهان علماء االجتماع‬

‫‪:‬الموضوعية ‪1 .‬‬

‫الموضوعية اتجاه فلسفي يرى أن المعرفة إنما ترجع إلى حقيقة غير الذات المدركة‪ .‬ويقال في اللغة العربية‬
‫بحث األمر بموضوعية‪ :‬أي اعتمد في حكمة على الوقائع ال على األحكام الشخصية‪ .‬ذلك أن عالم االجتماع‬
‫كأي إنسان أو عضو في المجتمع معرض ألن يتأثر بالثقافة السائدة من حوله‪ ,‬فينظر لألمور بمنظور الثقافة‬
‫التي نشأ عليها‪ ,‬فتتلون أحكامه ومعتقداته ومفاهيمه بالوسط االجتماعي المحيط به‪ .‬وهذا قد يحول دونه‬
‫ودون الموضوعية المطلوبة منه في قضية من القضايا‪ .‬فالموضوعية تحتم على الباحث االجتماعي أن‬
‫يدرس الظاهرة كما هي الكما يجب أن تكوزن‪ .‬لذا كان على الباحث أن يتجرد من احكامه الذاتية ويدرس‬
‫‪.‬الظاهرة دون تحيز أو أحكام مسبقة‬

‫‪:‬الحيادية ‪2 .‬‬

‫كذلك من االنتقادات التي توجه لعلم االجتماع هي البعد عن الحيادية في البحث‪ .‬والحيادية في اللغة العربية‬
‫تعني عدم االنحياز لطرف دون آخر والمعنى اللغوي لكلمة حاد عن الشئ تعني مال عنه‪ ,‬والحيادية في علم‬
‫االجتماع تعني عدم الميل لجانب دون آخر‪ .‬وهذه إحدى المشكالت التي يواجهها علماء االجتماع‪ .‬ذلك أنه‬
‫على الباحث االجتماعي عدم االنحياز لثقافته المحلية في تقييمه للظواهر االجتماعية في المجتمعات‬
‫األخرى ‪ .‬بل عليه أن يتحلى بالحيادية ويدرس الظاهرة بعقالنية بعيدا عن العواطف واألهواء وبغض النظر‬
‫عما إذا كانت هذه الظواهر توافق معتقداته أم تعارضها (‪.)Eitzen.1995‬‬

‫وقد يعتقد البعض أنه من الصعب عل الباحث تحقيق الحيادية التامة في أحكامه ألنه من الصعب‬
‫على اإلنسان التخلي عن قيمه األخالقية ‪ Moral Values‬في نظرته لألمور ‪ ،‬كما أنه ليس من السهل‬
‫على اإلنسان التخلي عن اتجاهاته السياسية فاتجاه الباحث السياسي غالبا ما يؤثر على النظرية التي‬
‫سيتبناها ‪ ،‬إذ تؤثر نظرية الفرد واتجاهاته على األسئلة التي سيطرحها للبحث‪.‬‬

‫‪ ‬ضوابط علم االجتماع‪:‬‬


‫حقا أن علم االجتماع كعلم إنساني يعاني من بعض المشكالت أو التحديات التي ذكرناها ‪ ،‬ولكن لكي‬
‫يتغلب هذا العلم على بعض الصعوبات التي يعاني منها ‪ ،‬وكي يحافظ على مصداقيته كعلم فقد وضع‬
‫بعض الضوابط لدراساته وأهم هذه الضوابط أن أي عمل اجتماعي أو بحث ال يقبل للنشر في أي مجلة‬
‫أو كتاب علمي إال بعد عرضه على لجنة تحكيم مكونة من ثالثة باحثين أو أكثر متخصصين في هذا‬
‫المجال لتقييم هذا العمل من حيث المنهج والنظرية ومصداقية المعلومات التي تنشر‪ .‬فهذه المجالت هي‬
‫بمثابة الحارس الذي يراقب ما ينشر وهناك شروط معينة يجب أن يراعيها الباحث حتى يقبل عمله‬
‫للنشر أهمها‪:‬‬

‫لما كان الباحثون يختلفون في مهاراتهم ومعارفهم الذاتية لذا يجب على الباحث قبل القيام‬ ‫‪o‬‬
‫بالبحث تحديد أهداف موضوعية للدراسة‪.‬‬
‫يجب عل الباحث استخدام المنهج العلمي في البحث‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫يجب على الباحث التزام الموضوعية في عرض النتائج‪ ،‬وأن يستبعد تقييمه الشخصي قدر‬ ‫‪o‬‬
‫اإلمكان‪.‬‬
‫يجب على الباحث ذكر الجهة الممولة للبحث ( إذا كان مموال من قبل احد ) أو أي جهة مسؤولة‬ ‫‪o‬‬
‫عن البحث‪.‬‬
‫يجب على الباحث أو فريق البحث أن يكونوا واعيين بدورهم كباحثين ‪،‬وكيف يمكن أن تؤثر‬ ‫‪o‬‬
‫أفكارهم أو اتجاهاتهم أو تجاربهم الشخصية على مسار البحث ونتائجه‪.‬‬
‫أخيرا يمكننا القول ان البحث االجتماعي كأي عمل علمي آخر تحكمه الجودة‪ ،‬فجودة العمل‬ ‫‪o‬‬
‫والتزامه األمانة العلمية هي التي تحدد العمل الجيد من العمل غير الجيد‪.‬‬
‫وعموما فإن علم االجتماع يضع نفسه دائما في خدمة المجتمع المحلي والمجتمع العالمي في‬
‫نفس الوقت‪ ،‬بعكس الكثير من العلوم األخرى التي تغلق نفسها على العدد القليل من‬
‫المتخصصين فيها ‪ ،‬وال تبذل فيها محاوالت حقيقية لجعل نتائج دراستها في متناول الجميع‪.‬‬
‫وردا على هؤالء الذين يتهمون علماء االجتماع بأن أسلوبهم غير مالئم حيث أنهم في كثير من‬
‫األحيان يستخدمون اللغة العادية وليس المصطلحات العلمية البحتة في عرض نتائجهم ‪ ،‬نؤكد‬
‫أن علماء االجتماع يحاولون دائما الوصول بمعارفهم للجميع ‪ ،‬وال يحاولون وضعها في قصور‬
‫عاجية ‪ ،‬فهم يؤمنون بأن المعرفة حق للجميع ‪ ،‬وليست قصرا على فئة دون أخرى ‪ .‬كما نؤكد‬
‫أن الصور األدبية ألعمال هؤالء ليست أقل قيمة بصفة عامة عما نجده في كثير من فروع‬
‫المعرفة اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ ‬ملخص الفصل األول‪:‬‬
‫‪ o‬اتفق علماء االجتماع على أن علم االجتماع هوا العلم الذي يدرس المجتمع ‪ ،‬ولكنهم اختلفوا في‬
‫التركيز على أي جانب من جوانب المجتمع ‪ :‬البناء االجتماعي أم التفاعل االجتماعي أم‬
‫الظواهر االجتماعية أم العوامل االجتماعية الموجهة لسلوك الفرد أم الجماعات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ o‬يختلف علم االجتماع عن العلوم اإلنسانية األخرى في نظرته الشمولية للظاهرة فهو يدرس‬
‫الظاهرة وعالقتها بجميع النظم االجتماعية‪.‬‬
‫‪ o‬من أهم العلماء الذين ساهموا في نشأة علم االجتماع وتحديد موضوعاته ابن خلدون وأوجست‬
‫كونت وإميل دوركايم وكارل ماركس وفيبر‪.‬‬
‫‪ o‬أكد ابن خلدون على أهمية وجود علم لدراسة المجتمع أطلق عليه اسم " علم العمران البشري "‬
‫الذي يهتم بدراسة سلوك اإلنسان االجتماعي ‪ ،‬كما اهتم ابن خلدون بعوامل تطور المجتمعات‬
‫من البداوة إلى الحضرية ‪ ،‬واهتم بعوامل تماسك المجتمع‪.‬‬
‫‪ o‬أوجست كونت أول من أطلق اسم علم االجتماع على العلم الذي يدرس المجتمع‪ .‬وقسم علم‬
‫االجتماع إلى قسمين رئيسين ‪ :‬الديناميك سوسيال ‪ ،‬واإلستاتيك سوسيال ‪ ،‬كما حدد منهج البحث‬
‫في علم االجتماع‪.‬‬
‫‪ o‬اهتم إميل دوركايم بدراسة الحقائق االجتماعية والبناء االجتماعي وأكد على أن للمجتمع وجودا‬
‫منفصال عن األفراد ‪ ،‬كما أكد على وجود العقل الجمعي ‪ .‬كذلك وضع دوركايم قواعد البحث‬
‫في علم االجتماع‪.‬‬
‫‪ o‬يسعى علم االجتماع في تحقيق عدة أهداف أهمها ‪ :‬وصف الواقع اإلجتماعي ‪ ،‬وتفسير الظواهر‬
‫والمشكالت االجتماعية ‪ ،‬ومحاولة الوصول إلى القواعد التي تحكم السلوك االجتماعي ‪ ،‬كما‬
‫يسعى إلى تنمية الخيال االجتماعي للفرد ‪ ،‬وأخيرا يحاول تصحيح مفاهيمنا عن بعض القضايا‬
‫المحيطة بنا‪.‬‬
‫‪ o‬لعلم االجتماع أهمية عملية تتمثل في المجاالت لخريجي االجتماع العمل بها‪.‬‬
‫‪ o‬وأهمية علمية تتمثل في فهم اإلنسان لنفسه ‪ ،‬ولمجتمعه ‪ ،‬وللثقافات الفرعية ‪ ،‬وفي تدعيم‬
‫التواصل بين الشعوب ‪ ،‬وإيقاظ إحساس الفرد بالنسبية االجتماعية ‪ ،‬وأخيرا يساعد العلم في فهم‬
‫مشكالت المجتمع والمشاركة في خطط التنمية االجتماعية‪.‬‬
‫‪ o‬يحاول عالم االجتماع أثناء دراسته ألي ظاهرة اجتماعية اإلجابة على األسئلة الثالث ‪ :‬ماذا ‪،‬‬
‫وكيف ‪ ،‬ولماذا ؟ ثم يحاول دراسة الظاهرة تاريخيا ويقارنها في عدة مجتمعات الستخالص‬
‫القوانين‪.‬‬
‫يواجه علم االجتماع بعض المشكالت كالموضوعية والحيادية في البحث ‪ ،‬إال أنه تغلب عليها‬ ‫‪o‬‬
‫بوضع الضوابط التي تحافظ على مكانة العلم ‪.‬‬
‫أسئلة على الفصل األول‬

‫ما هو علم االجتماع ؟ وما هو المنظور االجتماعي ؟‬ ‫‪o‬‬


‫ما هي أهمية علم االجتماع ؟ وما هي أهدافه ؟‬ ‫‪o‬‬
‫ما أهم الموضوعات التي يهتم بها عالم االجتماع ؟‬ ‫‪o‬‬
‫كيف نظر ابن خلدون لعملية تطور المجتمعات ‪ ،‬وعوامل انهيارها ؟‬ ‫‪o‬‬
‫ما هي أوجه االختالف بين الباحث الطبيعي والباحث االجتماعي ؟‬ ‫‪o‬‬
‫ما هو المستقبل الذي ينتظر النظم الرأسمالية من وجهة نظر ماركس ؟‬ ‫‪o‬‬
‫ما هي أوجه االختالف بين ماركس وفيبر في نظرتهما للرأسمالية ؟‬ ‫‪o‬‬
‫كيف رأى دوركايم تأثير الثورة الصناعية على المجتمع ؟‬ ‫‪o‬‬
‫كيف رأى أوجست كونت تأثير الثورة الصناعية على المجتمع ؟‬ ‫‪o‬‬
‫كيف يمكن لعلم االجتماع أن يحدم المجتمع ؟‬ ‫‪o‬‬
‫ما الفرق بين علم االجتماع وعلم النفس ؟‬ ‫‪o‬‬
‫ما هي األهمية العلمية والعملية لعلم االجتماع ؟‬ ‫‪o‬‬
‫" يواجه علم االجتماع كعلم العديد من التحديات " ما هي هذه التحديات ؟ وكيف استطاع‬ ‫‪o‬‬
‫التغلب عليها ؟‬
‫ما هي أهم المشكالت التي تواجه علم االجتماع ؟‬ ‫‪o‬‬
‫ما هي الضوابط التي يضعها العلم للمحافظة على مصداقيته كعلم ؟‬ ‫‪o‬‬

You might also like