Professional Documents
Culture Documents
Chapitre 2
Chapitre 2
مقدمة :
تطرقنا في الفصل األول من بحثنا إلى كل من المذهب التجاري والمدرسة التقليدية (الكالسيك والنيوكالسيك)،
ورأينا أن لكل آراء في التجارة الدولية تختلف عن آراء الفريق الثاني .فعلى عكس التقلي<<ديين ال<<ذين ك<<انوا ي<<رون أن
تحرير التجارة من كل قيد ،وترك المجال مفتوحا أمام التنقل الحر للسلع والمنتوجات والخدمات بين الحدود من أجل
تحقيق أكبر رفاه بالنسبة للمجتمع الدولي .يرى التجاريون أن تدخل الدولة من أجل تحقيق الميزان التجاري المواف<<ق
هو أنجع السبل لتحقيق ثراء الدولة .
هذه المقابلة النظرية لألفكار والنظريات ،والتي هي مجال االقتصاد السياسي أو علم االقتصاد ،ليست بعيدة
عما يحدث في الواقع العملي في مجال السياسة االقتصادية ،والتي هي مجموعة القوانين والنظم التي تتخذها الدول<<ة
من أجل التحكم في اقتصادها .فقد انعكست هذه النظريات في الواقع العملي إلى سياسات اقتص<<ادية ته<<دف كله<<ا إلى
تحقيق المصلحة العليا للدولة .
إن حقيقة وجود دول قومية مستقلة عن بعضها سياس<<يا واقتص<<اديا ،وبأه<<داف مختلف<<ة ومتناقض<<ة في كث<<ير من
األحي<<ان ،جع<<ل ك<<ل بل<<د يس<<عى إلى تحقي<<ق مص<<الحه ح<<تى ول<<و على حس<<اب مص<<الح ال<<دول األخ<<رى .ل<<ذا اختلفت
السياسات المتبعة من طرف ك<ل دول<ة حس<ب م<ا تقتض<<يه مص<<الحها الوطني<ة ،وت<راوحت بين التحري<ر والتقيي<د أو
الحماية .وقد غذى هذا االختالف مناقشات ومناظرات فكرية ح<<ادة تعكس طبيع<<ة وحركي<<ة التج<<ارة الخارجي<<ة حيث
دافع كل طرف عن أفكاره متحججا بجملة من الحجج التي يتخذها ذريعة لتبرير مبادئه :
-فما هي حجج اتباع سياسة معينة؟
-وما هو محتوى كل سياسة؟
-و ما هي األساليب المتبعة من أجل تحقيق هذه السياسات؟
-و ما هي آثارها االقتصادية المتوقعة؟ وما هي عالقة السياسة التجارية بمستوى التقدم االقتصادي للدولة ؟.
إن هذا الفصل كفيل باإلجابة عن كل هذه األسئلة و لهذا ،قمنا بتقسيمه إلى ثالثة مباحث:
مبحث : 1السياسة التجارية الحمائبة.
مبحث : 2أساليب السياسة التجارية وآثارها االقتصادية.
مبحث : 3تحرير النجارة و السياسة التجارية الحديثة.
29
المبحث األول :السياسـة التجارية الحمائية
مدخل:
يعد النشاط التجاري جزء هام من النشاط االقتصادي ،لذا فهو يتعرض وفي مختلف البلدان ،المتقدم<<ة منه<<ا
والمتخلفة ،إلى تشريعات و ل<وائح رس<مية من ج<انب أجه<زة الدول<ة ال<تي تعم<ل على تقيي<ده بدرج<ة أو ب<أخرى ،أو
تحري<<ره من العقب<<ات المختلف<<ة ال<<تي تواجه<<ه على المس<<توى ال<<دولي أو على المس<<توى اإلقليمي .ومجم<<وع ه<<ذه
التشريعات واللوائح الرسمية وكل ما يلح<ق به<ا من أس<اليب و إج<راءات ،تس<مى بالسياس<ة التجاري<ة ،فم<ا هي ه<ذه
السياسة التجارية ،وما هي مبررات اللجوء إليها.
1
Maurice Bye, Relation Economique Internationale ,Dalloz, Paris, 1971, ,p341
30
أ -الوسائل المشجعة والمحفزة التي تسعى إلى جعل مبادرة المتع<<املين الخ<<واص في مي<<دان التص<<دير أو االس<<تيراد
إيجابية أو سلبية ،وهي تتمثل في الضرائب ( التعريفة الجمركية ) واإلعانات .
ب -الوسائل المقيدة التي تؤدي إلى اإللزام ،الحد أو المنع.1
ونسمي رقابة غير مباشرة استعمال الوسائل المشجعة ،ورقابة مباشرة استعمال الوسائل المقيدة .فالسياس<<ة
التجارية تقتضي أن تحدد الدولة موقفها من شركائها التجاريين ،وأن تحدد األه<داف ال<تي تس<عى إلى تحقيقه<ا ،وأن
تختار أنجع الوسائل للوصول إلى هذه األهداف .فالسياسة التجارية هي وسيلة "خارجية" من بين وسائل أخرى مثل
السياسة المالية الخارجية ،وسياسة الصرف األجنبي .ولهذه الوسائل آثارها على االقتصاد ،وهي ليست منعزل<<ة عن
السياسات الداخلية (السياس<<ة النقدي<<ة ،السياس<<ة الض<<ريبية ،سياس<<ة االس<<تثمار) الطامح<<ة إلى تحقي<<ق نفس األه<<داف،
وبالتالي فهي جزء من سياسة اقتصادية شاملة تسعى الدولة إلى تحقيقها .
1
Maurice Bye, relation économique internationale ,Dalloz, Paris, 1971,p341
2
للتفصيل انظر الفصل األول.
3
جالبرايت (ج.ك) ،تاريخ الفكر االقتصادي ،سبق ذكره ،ص .107
31
إذا كان لدولة صناعات ناشئة فإن لهذه الدولة الحق في استعمال أسلوب الحماية المربية PROTECTION
EDUCATRICEحتى تصبح هذه الصناعات في درجة المنافسة الدولية .ه<<ذه السياس<<ة الحمائي<<ة تتمث<<ل في رس<<وم
على الواردات تعمل على معادلة األسعار الداخلية باألسعار األجنبية. 1
إن حماية الدولة لصناعاتها الناشئة من الصناعات المماثلة للدول األك<<ثر تق<<دما س<<ببه أن تف<<وق الص<<ناعات
األجنبية على الصناعات المحلية راجع لدخول هذه الدولة الصناعة متأخرة عن الدول األخرى .فالدول<<ة ال<<تي دخلت
مجال التصنيع أوال استفادت من أسبقيتها بحيث تحقق الصناعة بها مزايا في التم<<وين ،اإلنت<<اج والتس<<ويق ،ال تتمت<<ع
بها الصناعة في الدول األخرى .وهذه المزايا يترتب عليها تحقيق تخفيض تكاليف اإلنت<<اج ،حيث ال يمكن للص<<ناعة
الناشئة أن تواجه الصناعات المتقدمة.
فحسب ليست دور الحماية في هذه الحالة هي فرض رسوم جمركية بحيث ترتفع األسعار التي تعرض به<<ا
السلعة األجنبية في األسواق المحلية ،ح<تى تص<<بح مس<اوية أو أعلى من مثيالته<ا المحلي<ة ،في<تردد المس<تهلكون بين
السلعة المحلية والسلعة األجنبية .وتردد المستهلكين أم<<ر ض<<روري لنج<<اح سياس<<ة الرس<<وم الجمركي<<ة الحامي<<ة ،فال
يجب أن تكون الرسوم الجمركية مرتفعة بدرجة تجعل ثمنها مرتفعا مقارنة بالسلعة المحلية بشكل يمن<<ع المس<<تهلكين
من شراء الس<<لع األجنبي<<ة ،ألن<<ه حينئ<<ذ تعتم<<د الص<<ناعة المحلي<<ة على ه<ذه الحماي<<ة ،وال تحم<<ل المنتج على تحس<<ين
جودتها وتخفيض تكاليفها ،وبالمثل ال يجب أن تكون الرسوم الجمركية منخفضة أو ضعيفة بدرجة يبقى معها السعر
الذي تعرض به في الداخل بعد إضافة الرسوم الجمركية أقل من سعر السلع المحلية ،وهنا ال يكون أثر لهذه الرسوم
الجمركية على تقدم الصناعة المحلية وانتشارها .وإنم<<ا تقتص<<ر فائ<<دتها على تموي<<ل الخزين<<ة العام<<ة .ومن الب<<ديهي
يجب مراعاة الفرق بين جودة كل من السلعتين عند تحديد الرسوم الجمركية الحامية على السلعة األجنبي<<ة ،ألن<<ه من
الممكن أن يقبل المستهلكون على السلعة األجنبية األحسن ج<<ودة ح<<تى ول<<و عرض<<ت في ال<<داخل بس<<عر مرتف<<ع عن
السلعة المحلية ،بمعنى أن مقدار الرسوم الجمركية الحامية يجب أن يحدد بما يرفع سعر السلعة األجنبي<<ة المس<<توردة
إلى سعر السلعة المماثلة لها.
ويرى ليست أن الحماية يجب أن تكون مؤقتة ومتناقصة ،فهي تكون بالقدر الالزم فقط ،وتبقى لفترة محددة
تسمح بنمو الصناعة الناش<<ئة ،وتتن<<اقص ت<<دريجيا إلى أن تلغى عن<<د وص<<ول الص<<ناعة المحلي<<ة إلى مرحل<<ة النض<<ج
واالكتمال.
3ـ آراء كيندلبرجر : Kindelberger
يميز كيندلبرجر Kindelbergerبين ثالثة أنواع من الحجج في الحماية وهي:
أ ـ حجة الصناعات الناشئة .2
ب ـ حجة البلد الجديد .
ج ـ حجة الدفاع واالفتخار .
-بالنسبة للحجة األولى فهي نفس آراء فريدريك ليست حتى يسمح للصناعة الوطنية بالتعلم وإنتاج س<<لع ق<<ادرة على
المنافسة.
1
Benissad (M.E),economie international,OPU, Alger,p212.
2
Kindelberger (C.P),Economie International, Economica, Paris,1981, p172.
32
-إن حجة البلد الجديد ،1تخص البلد الذي خرج من أزمة أو تحصل على استقالله ح<<ديثا ،ل<<ذا يجب ف<<رض الرس<<وم
الجمركية على السلع األجنبية من أجل تمويل الخزينة العامة .فالرسوم في هذه الدول تشكل مصدر تمويل ال يستهان
به.
2
-أما حجة الدفاع واالفتخ<<ار ،فتع<<ني أن الرس<<وم الجمركي<<ة تس<<اعد الدول<<ة على تجمي<<ع مزي<<د من الم<<واد الحيوي<<ة
لمواجهة الحروب االقتصادية بأش<<كالها المختلف<<ة ،وت<<رك الفرص<<ة للمنتجين المحل<<يين إنت<<اج الس<<لع ول<<و ك<<ان ثمنه<<ا
مرتفعا ،المهم هو التمكن من إنتاجها محليا ،وهذا لمواجهة الحاالت الطارئة .ففي هذه الحالة ال يكون لعنصر التكلفة
االعتبار األول.
4ـ رأي المدرسة الجديدة لكمبرج متناقضة CRIPPSو :GODLEYالحماية محفز للتجارة
اهتم فوج السياسة االقتصادية للمدرسة الجديدة لكمبرج بالصعوبات االقتصادية إلنجل<<ترا مبك<<را ،فك<<انت مح<<ل
دراسة معمقة ،هذه الصعوبات دفعت الحكومة إلي أن تختار بين سياسات إنعاش مؤدي<<ة إلي االختالل الخ<<ارجي ،أو
سياسات تقويم مسببة ارتفاع البطالة ،وطرحت مشكل التوازن المزدوج ( التوازن الداخلي والتوازن الخارجي) .
في سنة ،1976نشر GODLEYو CRIPPSمقاال طرحا من خالله وجهة نظر جديدة ،وأعادا بموجبها النظر
في اآلراء السائدة ،وفي المزايا التي تحققها الليبرالية وحرية المبادالت ،وحاوال إظه<<ار أن التقيي<<د المنظم لل<<واردات
وحده ق<<ادر على التقليص من البطال<<ة دون أن يتزاي<<د العج<<ز الخ<<ارجي .وأن ه<ذه السياس<<ة المنظم<<ة على المس<<توى
العالمي من شأنها أن تسمح برفع المبادالت الدولية.3
ينطلق تحليل GODLEYو CRIPPSمن مالحظ<<ة هام<<ة وهي إخف<<اق الليبرالي<<ة على مس<<توى السياس<<ات
االقتصادية الداخلية والخارجية .فعلى المستوى الداخلي كثير من البلدان لم تستطع في ظ<<ل الليبرالي<<ة تحقي<<ق المثلث
السحري " استقرار األسعار ،التوازن الداخلي ،التوازن الخارجي" ،4فكل سياسة للتشغيل الكامل تؤدي إلى ظه<<ور
ضغوط تضخمية وعجز الميزان التجاري.
ترى المدرسة الجديدة لكمبرج أن التوازن المثالي يستلزم تحقق التوازن الداخلي والتوازن الخارجي في آن
واحد .وبما أن اكتساح أس<<واق خارجي<<ة جدي<<دة غ<<ير ممكن في الم<<دى القص<<ير ،فرف<<ع اإلنت<<اج ،وزي<<ادة االس<<تثمار،
والمداخيل ،لن يتم الحصول عليه إال بإعادة غزو السوق الداخلي ،وهذا ال يكون إال بالحد من الواردات كش<<رط أول
لتوسيع المنافذ أمام الشركات المحلية .وأن سياسة حمائية مقيدة للواردات ،وحدها قادرة على الرفع المتزامن للنواتج
الوطنية والمبادالت التجارية الدولية في نفس الوقت.
إن التحليل المقترح من طرف GODLEYو CRIPPSللسياسة الداخلية باالنطواء على الداخل ورفض المنافسة
الخارجية أفكار يقتسمها الكثير ،ولكن التجديد واالبتكار في هذا التحليل هو كون تعميم هذا التقييد (الحماي<<ة) ه<<و في
نفس الوقت محفز للمبادالت .
33
يقسم األستاذ جونسن الحجج المبررة للحماية صنفين ،حجج اقتصادية ،وحجج غير اقتصادية.
1ـ الحجج غير االقتصادية :
أ -حجة الدفاع و األمن :وهي من الحجج األكثر رواجا وت<<أثيرا لف<<رض قي<<ود على التج<<ارة الخارجي<<ة ،فح<<تى آدم
سميث أبو الليبرالية في الفكر االقتصادي ،أعترف بشرعية هذا الهدف للخروج عن مبدأ حرية التجارة ،عن<<دما كتب
يقول "الدفاع أكثر أهمية من الثروة" .1فكل البلدان معرض<<ة لخط<<ر الح<<رب ،وق<<د تش<<عر الدول<<ة أن أمنه<<ا مع<<رض
للخط<<ر ،ل<<ذا فهي تعم<<ل على إع<<داد نفس<<ها إع<<دادا جي<<دا بحماي<<ة بعض الص<<ناعات ال<<تي تراه<<ا إس<<تراتيجية لبقائه<<ا
وديمومتها .كما قد تتعارض التجارة مع دول<<ة أو ع<دة دول م<<ع أمنه<<ا أو مبادئه<<ا مث<<ل موق<<ف بعض ال<<دول العربي<<ة
واإلس<<المية من إس<رائيل بحكم الع<داء ال<ديني والسياس<ي ،أو بس<بب خالف إي<ديولوجي كحص<<ار الوالي<ات المتح<دة
األميركية لكوبا ،أو أن دولة ما تمثل خطرا أو تهديدا على أمن وسالمة منطقة أو دولة مجاورة ،فتفرض القيود على
التجارة معها ،وهي الحجة التي دفعت بمجلس األمن من فرض الحصار على كل من ليبيا والعراق .
كما قد تتخذ بعض الدول إجراءات منع تصدير بعض المنتوجات عالية التكنولوجيا بحجة المحافظة على األمن
و السالم في العالم ،فتمنع تجارة بعض المركبات اإللكترونية ،أو بعض األجزاء من المعدات كونها ق<<د تس<<تعمل في
إنت<<اج أس<<لحة خط<<يرة كاألس<<لحة النووي<<ة .إال أن<<ه كث<<يرا م<<ا تس<<تعمل ه<<ذه الحج<<ة ح<<تى تبقى بعض ال<<دول محتك<<رة
للصناعات ذات التكنولوجية المتقدمة .
ب -حجة المحافظة على الطابع الوطني و تجنب التبعية :يؤدي تحرير التج<<ارة الخارجي<<ة واالنفت<<اح المف<<رط على
الخارج إلى ارتباط السوق الوطنية باألسواق األجنبي<<ة .وإذا لم يكن للدول<<ة ق<<درات إنتاجي<<ة ،وم<<يزات نس<<بية تحس<<ن
استغاللها تفقد الدولة استقالليتها في تنظيم اقتصادها وتحقي<<ق أه<<دافها الوطني<<ة .وح<<تى تتجنب ه<<ذه التبعي<<ة للخ<<ارج
وتحافظ على سيادتها االقتصادية وطابعها الوطني تطبق سياسة الحماية التجارية .فسرعان ما يتح<<ول عج<<ز م<<يزان
المدفوعات إلى مديونية ويصبح االقتصاد الخارجي الدائن في مركز قوة لف<<رض ش<<روطه على االقتص<<اد الوط<<ني،
ويخضع بالتالي لشروط المؤسسات الدولية مثل البنك العالمي وصندوق النق<د ال<<دولي .ب<<ل ق<<د تمت<<د خط<<ورة األم<<ر
أيضا إلى الدول التي تعتمد على الصادرات في بناء اقتصادها ،فالتبعي<<ة قائم<<ة للص<<ادرات و ال<<واردات مع<<ا ،فدول<<ة
مثل اليابان ،تتمتع بحرية تجارية في مواجهة الوالي<<ات المتح<<دة األميركي<<ة وتحق<<ق فائض<<ا كب<<يرا ،يمكنه<<ا أيض<<ا أن
تتعرض لمخاطر التبعية ،فأمريكا بالنسبة لليابان تمثل محتكر شراء .أي أن السوق األميركية تستوعب أكثر من 30
%من صادرات اليابان .وإذا أرادت الواليات المتحدة األميركية ،أن توقف النمو الياباني أو تحدث اضطرابات في
الهيكل الصناعي الياباني ،وتع<رض ه<ذا االقتص<اد لخط<ر البطال<ة ،م<ا عليه<ا إال أن تض<ع القي<ود أم<ام الص<ادرات
اليابانية. 2
فمن أجل أن تحافظ الدولة على طابعها الوطني وتتجنب التبعية المطلقة على الدولة أن تتبع سياسة حمائية من
أجل المحافظة على حد أدنى من النشاطات االقتصادية والصناعية يؤمن لها حاجاتها اإلستراتيجية على األقل .
ج -حجة حماية القطاع الزراعي :يمثل القطاع الزراعي في كثير من البلدان قطاعا هاما ويمثل المزارع<<ون طبق<<ة
اجتماعية مهم<<ة .وت<<رك القط<<اع ال<<زراعي للمنافس<<ة األجنبي<<ة ق<<د يقض<<ي على الزراع<<ة الوطني<<ة مم<<ا يض<<ر بطبق<<ة
المزارعين ،فحماية القطاع الزراعي تمثل حماية لهذه الطبقة االجتماعية للحف<اظ على االس<<تقرار االجتم<<اعي داخ<<ل
الدولة.
1
مصطفى رشدي شيحة ،المعامالت االقتصادية الدولية،دراسة في االقتصاد الدولي من منظور اقتصاديات
السوق والتحرر االقتصادي ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،1994،ص . 68
2مصطفى رشدي شيحة ،المرجع السابق ،ص .70
34
د -الحجة الدينية واألخالقية :فقد تكون تجارة بعض السلع والخ<<دمات منافي<<ة ألخالقي<<ات المجتم<<ع وعقيدت<<ه ،فتمن<<ع
مثل هذه التجارة ،كتجارة الخمور والمخدرات في البلدان اإلسالمية.
2ـ الحجج االقتصادية :
أ ـ حجة حماية الصناعات الناشئة :طبقت هذه السياس<<ة في الوالي<<ات المتح<<دة األميركي<<ة ،ففي س<<نة ،1790دش<<ن
ألكسندر ه<املتن ALEXANDRE HAMILTONوزي<ر ج<ورج واش<نطن للخزين<ة سياس<ة حمائي<ة في الوالي<ات
المتحدة ،وكان الهدف المعلن هو تطوير المعام<ل والمص<<انع في البالد ،ه<ذه الفك<رة أع<اد طرحه<ا فري<دريك ليس<ت
F .LISTعند عودته إلى ألمانيا من الواليات المتحدة ،وصار أكبر منظري الحمائية .
هاملتن و ليست يوصيان بحماية انتقائية في صالح الصناعات الناشئة (في حالة جنيني<<ة) ،خاص<<ة في حال<<ة
البلدان الجديدة .
ب -حجة الصناعة في االحتضار : SENESCENCE:وهي عكس الحالة السابقة ،فالحماي<ة تك<ون ض<رورية في
هذه الحالة ،من أجل المحافظة على الصناعات القديمة حتى تستطيع إعادة تكييف ظروفها مع المعطي<ات الجدي<دة أو
استدراك تأخرها التكنولوجي ،وتعود تنافسية مرة أخرى ،ه<<ذا الن<<وع من الحماي<<ة يك<<ون أيض<<ا م<<ؤقت ومح<<دود في
الزمن.
ج ـ حجة جذب رؤوس األموال األجنبية :إذا كانت الدول<ة في حاج<ة إلى رؤوس األم<وال األجنبي<ة لتخفي<ف عج<ز
ميزان مدفوعاتها ،أو لتمويل تنميتها .لها أن تتبع سياسة حمائية لسوقها الداخلي ،ح<<تى ت<<دفع الش<<ركات األجنبي<<ة إلى
االس<<تثمار في ال<<داخل لتتجنب عبء الرس<<وم الجمركي<<ة .فالحماي<<ة الجمركي<<ة ت<<ؤدي إلى رف<<ع أس<<عار منتج<<ات ه<<ذه
الصناعة في الداخل ،وبالتالي رفع معدل الربح المتوقع لالستثمار في هذه الصناعة ،ويترتب على ذلك إغ<<راء رأس
المال األجنبي واستجابته لالستثمار في هذا الفرع من اإلنتاج الوطني لكي يستفيد من معدل الربح المرتفع .1وتس<تفيد
الدولة من دخول رؤوس أموال أجنبية إلنعاش اقتصادها وتخفيف اختالل ميزان المدفوعات .
د -حجة السياسة التجارية اإلستراتيجية :يقوم مفهوم السياس<<ة التجاري<<ة اإلس<<تراتيجية للدول<<ة ،على تب<<ني إج<<راءات
تهدف إلى تحويل ريع االحتكار في سوق معين من المؤسسات األجنبية إلى المؤسسات الوطنية ،وهذا بتدخل الدول<<ة
عن طري<ق تق<ديم إعان<ات للمؤسس<ات والش<ركات الوطني<ة ،تس<مح له<ا باالس<تحواذ على حص<<ة مهم<ة من الس<وق.
وإليضاح هذه األطروحة ،يقدم االقتصادي األم<<ريكي KRUGMANمث<<ال المنافس<<ة بين ش<<ركتا الط<<يران بوين<<غ و
اربيس BOEING-AIRBUSفي س<<وق الط<<ائرات متوس<<طة الحجم ذات 150مقع<<د ،وعلى اعتب<<ار أن الس<<وق ال
يتحمل إال صانعا واحدا فإن الربح في هذه السوق يقتسم حسب الجدول اآلتي: 2
1
عادل احمد حشيش و آخرون ،المرجع السابق ،ص .207
2
Daniel Labarone, Economie Générale, Edition Du SEUIL, PARIS,1998, P20.
35
شركة أربيس
ال تدخل السوق تدخل السوق
اربيس 0 تدخل السوق اربيس 5-
100 بوينغ 5- بوينغ
شركة بوينغ
ال ت<<<<<<<<دخل
0 اربيس اربيس 100
السوق
0 بوينغ 0 بوينغ
إذا قررت الشركتان دخول السوق وصناعة هذا النوع من الطائرات فكل منهما يتحمل خس<<ارة ب ،5ف<<إذا
دفعت إحدى الشركتين األخرى إلى االنسحاب من السوق ،فإنها تحقق ربح ب ،100من أجل ذل<<ك على الش<<ركة أن
تبدي رغبتها في دخول السوق مهما كلفها األمر ،وبهذا تثبط من عزيمة الشركة المنافس<<ة وت<<دفعها إلى الخ<<روج من
المنافسة والسوق ،وحتى تقدم الشركة على هذه الخطوة ،تتدخل الدولة بتقديم إعانات لها.
في مثال ،KRUGMANالحكومات األوروبية قدمت إعانة لشركة AIRBUSب( 10هذه اإلعانة تقدم مهما
كان موقف شركة ،)BOEINGفإن الصانع األوروبي سيحقق ربحا في كل الحاالت ويكتسب السوق ،وهذه اإلعان<<ة
تكون لها آثار مهمة ،حيث أن إعانة ب 10توافق عائد ب 100حسب الجدول اآلتي:1
جدول رقم( : )2توزيع الربح بعد اإلعانة
شركة أربيس
ال تدخل السوق تدخل السوق
اربيس 0 تدخل السوق اربيس 5+
100 بوينغ 5- بوينغ
شركة بوينغ
ال ت<<<<<<<<دخل
0 اربيس اربيس 110
السوق
0 بوينغ 0 بوينغ
هـ ـ حجة معالجة البطالة :إن إتباع سياسة حمائية ،تعني االنطواء على الذات في محاولة لالكتفاء الذاتي ،وتوف<<ير
ك<<ل االحتياج<<ات الوطني<<ة محلي<<ا .مم<<ا يع<<ني زي<<ادة في الطلب على المنتوج<<ات الوطني<<ة ،وعلى منتوج<<ات أخ<<رى
لتعويض نقص االستيراد ،مما يدفع بالص<<ناعات الوطني<<ة إلى اإلنت<<اج أك<<ثر واس<<تعمال طاقاته<<ا القص<<وى ،وبالت<<الي
زيادة في التشغيل ،وامتصاص أعداد هائلة من البطالين .
و ـ حجة تنويع اإلنتاج :يرى بعض أنصار الحماي<<ة أن ع<<دم تخص<<ص االقتص<<اد الوط<<ني في إنت<<اج بعض الس<<لع،
وتنويع نواحي اإلنتاج يمثل ضمانا ضد مخاطر الهزات االقتصادية العنيفة ال<<تي ق<<د تزع<<زع مرك<<ز الدول<<ة الم<<الي،
فاقتصار الدولة على إنتاج بعض السلع فقط ،التي تتمتع في إنتاجها بميزة ق<<د يعرض<<ها إلى نكس<<ات كب<<يرة في حال<<ة
1
Daniel Labarone, Op.Cit , P20.
36
كساد أسواق هذه السلع ،وبينما اعتمادها على االستيراد في باقي السلع والخدمات ،يجعله<<ا خاض<<عة لحال<<ة األس<<واق
العالمية وتقلباتها .
1
Maurice Bye, Relation Economique Internationale, Op.Cit, P342.
2
محمود يونس،أساسيات التجارة الدولية،الدار الجامعية الجديدة للطباعة والنشر،1991،ص.58
3
Jaime De Melo ,Jean-Mariegrether, Commerce International Théorie Et Application, De
Boeck, Belgique,1997,P
37
وتفرض الرسوم الجمركية عادة على الواردات من دون الصادرات ،فالرسوم على الصادرات نادرة الحدوث،
إال في بعض ال<دول المتخلف<ة للحص<<ول على إي<رادات مالي<ة للخزين<ة أو به<دف توف<<ير الس<لع التمويني<ة والمنتج<ات
األساسية والموارد األولية الالزمة للصناعات المحلية ،أو لمكافحة التضخم ،وتراكم األرصدة األجنبية
-2أنواع الرسوم الجمركية :
تجرى التفرقة بين أنواع كثيرة من الرسوم الجمركية طبقا ألسس مختلفة .فطبقا ألس<<اس احتس<اب الرس<وم
الجمركية ،نفرق بين ثالثة أنواع :
1ـ الرسوم القيمية :ad valoremوهي الرسوم التي تفرض وتقتطع كنسبة مئوية من قيمة السلع الخاضعة للرسم2.ـ
الرسوم النوعية :spécifiqueوهي التي تفرض وتصدر بمبلغ معين كمبلغ على كل نوع من أنواع السلع على أساس
الوحدة من السلعة 1بالعدد أو الوزن.
3ـ الرسوم المركبة :وهي خليط من الرسوم النوعية والقيمية،حيث تتضمن رسما نوعيا يضاف إليه رسم قيمي.
أما من حيث الهدف من فرض الرسم ،فيمكن التمييز بين الرسوم المالية والرسوم الحمائية .
ـ الرس<<وم المالي<<ة :وهي الرس<<وم ال<<تي تؤس<<س به<<دف إيج<<اد م<<ورد م<<الي للخزين<<ة العام<<ة ،ويس<<ود اله<<دف الم<<الي
االقتصاديات النامية أين تمثل الرسوم الجمركية مصدرا رئيسيا إليرادات ميزانية الدولة ،ل<<ذا ع<<ادة م<<ا تخت<<ار ل<<ذلك
السلع ال<<تي يتمت<<ع الطلب عليه<<ا بمرون<<ة س<<عرية منخفض<<ة ،فانخف<<اض المرون<<ة الس<<عرية يع<<ني أن ف<<رض الرس<<وم
الجمركية يترتب عليه ارتفاع الثمن بنسبة أكبر من نسبة انخفاض الكمية ،مما يترتب عليه ازدياد اإليراد الكلي .
ـ الرسوم الحمائية :هي الرسوم المؤسسة بهدف حماية األسواق الوطنية من المنافسة األجنبية ،أو تلك الرس<<وم ال<<تي
تفرض على السلع التي تتمتع في بالدها بإعانات تصدير .
وفي كثير من األحيان يلعب الرسم الجمركي دورا مزدوجا ،فهو يمثل مورد مالي لخزينة الدولة إلى جانب
حمايته لألسواق المحلية ،ويصعب تصنيفه ضمن أحد النوعين السابقين ،لذا يقترح هابرلر HABERLERأن يكون
الرسم ماليا إذا كانت الصناعة المحلية المماثلة تخضع لضريبة تضاهي الرسم المف<<روض ،أو ك<<انت الس<<لعة ال تنتج
أصال في الداخل ،أما في األحوال األخرى فيعد الرسم حمائيا .
- 3اآلثار االقتصادية للرسوم الجمركية
إن للرسوم الجمركية آثار عديدة على الظواهر االقتصادية ومن أجل تعميق هذا التحليل ،تفترض أن الس<<لع
موضوع المبادلة هي سلع تامة ،استهالكية أو استثمارية ،وأن الدولة موضوع الدراسة بلد ص<<غير يخض<<ع لألس<<عار
الدولية ،وال يمكنه التأثير فيها ،وأن له إمكانيات إنتاج هذه السلع محليا بنفقات متزايدة .وبناءا على هذه االفتراضات
يمكن أن ندرس اآلثار المترتبة على فرض الرسوم الجمركية.
أ -أثر الرسم الجمركي على االستهالك :من البديهي أن فرض الرسوم الجمركية يكون في غير ص<<الح المس<<تهلكين
للسلع األجنبية ،ألنهم س<<يدفعون أس<<عارا أعلى أو أنهم يحص<<لون على كمي<<ات أق<<ل ،أو أنهم يخض<<عون لكال األث<<رين
فيحصلون على كميات أقل بأسعار مرتفعة وكما يبدو في الشكل :
1
Michel Rainelli,Omc,Op.Cit,P35.
38
السعر الداخلي بعد فرص الرسم
الرسم الجمركي
السعر العالمي
الطلب الوطني
فإن العرض يمثل بالمنحنى ( ،)Sوالمنحنى ( )Dيعبر عن الطلب الوطني .وفي حالة عدم اس<<تيراد ه<<ذه الس<<لعة من
الخارج ،يتوازن السوق عند النقطة .Eالتي يتقاطع فيها منحنى العرض ومنح<<نى الطلب ،ويتم اس<<تهالك الكمي<<ةOQ
وهي مجموع ما ينتج في الداخل مقابل السعر OPالسعر السائد في الس<<وق .لكن بإمك<<ان المس<<تهلكون الوط<<نيون أن
يحصلوا على نفس السلع بالسعر العالمي ، OP1فإذا سادت حرية التجارة ،وتحت تأثير المنافسة يض<<طر المنتج<<ون
الوطنيون إلى بيع سلعهم بالسعر العالمي ،OP1وفي حدود هذا السعر يحصل المستهلكون على كمية S0من اإلنت<<اج
الوطني ،ويستوردون كمية M0من السلع األجنبية ،ويكون مجموع استهالكهمM0+ S0 = D0
عند قيام الحكومة بفرض رسم جمركي بمقدار P0P1فإن السعر الداخلي يرتفع بمقدار الرسم ويصبح ،OP1
وس<<يدفع المس<<تهلكون أس<<عارا أعلى بالنس<<بة لك<<ل من الس<<لع المحلي<<ة والس<<لع األجنبي<<ة ،فعن<<د ف<<رض الرس<<م يح<<اول
المستهلكون اجتناب دفع السعر اإلضافي على السلع األجنبية ،P0P1وهذا بش<<راء الس<<لع الوطني<<ة ،ولكن يس<<تحيل أن
يرتفع العرض الوطني من دون أن ترتفع التكلفة الحدية ،وعرض المنتجون المحليين يرتفع إلى النقطة ( sفي هذا
المستوى تتساوى التكلفة الحدية و السعر) .ويدفع المستهلك السعر" OP1أغلى" بالنسبة للسلع المحلية التي يستهلكها
بكمية ، S1ويستورد كميات أقل من السلع األجنبية بمقدار ، M1واالستهالك الكلي .S1+M1 =1D
إن فرض رسم جمركي يؤدي إلى ارتفاع األسعار مما يدفع بالمستهلكين إلى تقليص مشترياتهم بمقدارM0M1
،ويقصى عدد منهم من السوق أو أنهم يتحولون إلى إحالل هذه الس<<لعة بس<<لع بديل<<ة والخس<<ارة الص<<افية للمس<<تهلكين
والناتجة عن فرض الرسم تمث<ل بالمس<احة المض<<للة في الش<كل ( .) ABP1P0فقب<ل ف<<رض الرس<م الجم<ركي ك<ان
اإلشباع الكلي الذي يحصل علي<<ه المس<<تهلكون عب<<ارة عن المس<<احة الواقع<<ة أس<<فل منح<<نى الطلب على يس<<ار الخ<<ط
العمودي ( )AM0وبتكلفة يعبر عنها مساحة المس<تطيل(،)OP0AM0أي ثمن الس<لعة مض<روبا في الكمي<ة المس<تهلكة
منها .و معنى ذلك أن فائض المستهلك يقدر بمساحة المثلث ( .)ACP0أما بعد فرض الرسم الجمركي ،ف<<إن اإلش<<باع
الكلي الذي يحصل عليه المستهلكون يقدر بالمساحة الواقعة أسفل منحنى الطلب على يسار الخط العمودي (.)BM1
وبتكلفة يعبر عنها مساحة المستطيل( ،)OM1BP1ومن ثم فقد أصبح ف<<ائض المس<<تهلك عب<<ارة عن مس<<احة المثلث (
، )BCPوهنا يتضح أن الفائض بعد الرسم الجمركي أقل منه قبل فرض هذا الرسم بمساحة شبه المنحرف (P0P1B
.)A
كما أن تقليص االستيراد يؤدي إلى تخفيض مقدار المدفوعات الخارجية ،لذا تقول J. ROBINSONأنه يفضل
اللجوء إلى الحماية الجمركية وتقليص الدخل الحقيقي للمستهلكين بالفرق بين الس<<عر الوط<<ني والس<<عر الع<<المي،ه<<ذا
دفاعا عن اإلنتاج والتشغيل الوطنيين والحافظة على احتياطات الصرف .فالحماي<<ة تجع<<ل الجم<<اهير تتحم<<ل الزي<<ادة
39
في السعر .بينما التبادل الحر يجعل االقتصاد الوطني ه<<و ال<<ذي يتحم<<ل مجم<<وع األس<<عار له<<ذه المنتوج<<ات بالعمل<<ة
الصعبة. 1
ب -األثر على اإلنتاج :إن فرض رسم جمركي،يعطي مكاسب للمنتجين الوطنيين الخاض<<عين لمنافس<<ة ال<<واردات.
فعند فرض رسوم على السلع األجنبية ،فإن سعرها يرتفع في الداخل ،مما يؤدي بالمس<<تهلكين المحل<<يين إلى التح<<ول
إلى استهالك سلع منتجة محليا ،وبالتالي يحصل المنتج<<ون المحلي<ون أرباح<<ا ناتج<<ة عن المبيع<<ات اإلض<<افية ،وعن
األسعار المرتفعة التي يسمح بها الرسم الجمركي .فحس<ب الش<كل أس<فله نالح<ظ أن ف<رض الرس<وم الجمركي<ة على
الواردات ،قد شجع المنتجين المحليين على زيادة الكمية المعروضة من نفس السلع أومن بدائل الواردات من S0إلى
،S1وفي نفس الوقت فإن ارتفاع السعر المحلي للمنتجات من P0إلى P1قد أدى إلى تخفيض الكمية المطلوبة منها
من M0إلى M1وهو ما يبرر انخفاض حجم الواردات من D1إلى . D2
الشكل رقم( : )6أثر الرسم الجمركي على اإلنتاج
ويتفاعل المنتجون المحليون مع ارتفاع السعر بالرفع من إنتاجهم طالما كانت العملي<<ة مربح<<ة ،وج<<راء ه<<ذه الزي<<ادة
في اإلنتاج يحقق المنتجون المحليون أرباحا هي الفرق بين اإلي<<رادات اإلجمالي<<ة والتك<<اليف اإلجمالي<<ة ،وتأخ<<ذ ه<<ذه
األرباح شكل شبه منحرف الموجود بين مستقيما السعر ومنحنى العرض .
إن اإليرادات اإلجمالية تساوي حاصل ضرب السعر بالكمية المباعة أي OP0 *S0قبل فرض الرسم ،أما بعد
تأسيس الرسم ،OP1 * OS1ويتضح أن الرسم رفع رقم األعمال اإلجمالي للمنتجين المحليين ،لكن ليست ك<<ل ه<<ذه
اإليرادات عبارة عن أرباح ،فجزء من اإليرادات والواقعة تحت منحنى العرض تمثل التكاليف المتغيرة الناتج<ة عن
الزيادة في اإلنتاج .
ج -األثر على توزيع الدخل :يوضح الشكل السابق المبلغ ال<<ذي يحص<<ل علي<<ه المنتج<<ون من المس<<تهلكين ( المع<<بر
عنه بمساحة شبه المنحرف ،)wففرض الرسوم الجمركية على الواردات ،يؤدي إلى ارتفاع أسعار الس<<لع المماثل<<ة
المنتجة محليا ،وهذا من شأنه أن يزيد ويرفع من دخل عناصر اإلنت<<اج المس<<تعملة في ه<<ذه الص<<ناعة المتمتع<<ة به<<ذا
النوع من الحماية ،كما أنه يرفع من دخل المنتجين المحليين ،ففرض هذه الرسوم قد حول ج<<زء من ال<<دخل الوط<<ني
من المستهلكين لصالح المنتجين ،وهذا ما يعني إعادة توزيع لج<<زء من ال<<دخل الوط<<ني .كم<<ا أن الرس<<وم الجمركي<<ة
1
Benissad(M.E),Economie International,Op.Cit,p215.
40
تعيد توزيع الدخل الوطني بين عوامل اإلنتاج ،بينما التبادل الحر يرفع من سعر العامل المتوفر نسبيا بالنسبة للعامل
النادر ،فإن الحماية الجمركية لها تأثيرات معاكسة إذ ترفع من سعر العنصر النادر نسبيا.1
د -األثر على اإليرادات المالية للدولة :يعتبر فرض الرسوم الجمركية على السلع األجنبي<<ة وس<<يلة س<<هلة للحص<<ول
على إي<<رادات إض<<افية لخزين<<ة الدول<<ة ويس<<تخدم في ه<<ذه الحال<<ة لنفس األغ<<راض المالي<<ة ال<<تي تس<<تخدم من أجله<<ا
الضرائب .فعلى مر األزمان كانت التجارة الخارجية تمثل مصدرا لمداخيل الدول<<ة ،وفي البل<<دان المتخلف<<ة ،الرس<<وم
الجمركية تمثل المصدر األكثر أهمية لميزانية الدولة ،وفي بعض األحيان توضع الرس<<وم الجمركي<<ة به<<دف وحي<<د،
وهو توفير مصدر للدخل للدولة .
وقد يتعارض هدف تحقيق الموارد المالية مع هدف حماية الصناعة الناشئة ،فإذا كان هدف الدولة هو الحماية،
فإن الرسوم الجمركية تفشل في تحقيق غرض الحصول على إيرادات مالية للخزينة العمومية ،ألن حماية الص<<ناعة
المحلية تتطلب تخفيض الكميات المس<<توردة بش<<كل كب<<ير ،وبالت<<الي اإلي<<رادات ،وعلى ذل<<ك ،ف<<إن ك<<ان الغ<<رض من
الرسم هو الحصول على موارد مالية ،فيتعين على الدولة فرض ضريبة داخلية على الس<<لع المحلي<<ة المماثل<<ة للس<<لع
المستوردة .ويمكن لإليرادات التي تحصل عليها الدولة جراء تحصيلها للرسوم الجمركية ،أن تظهر في شكل نفق<ات
عمومية إضافية ،أو على شكل مشاريع ذات أبعاد اجتماعية تزيد من رفاهية المجتمع ككل.
وفي الشكل السابق يعبر عن إيرادات الدولة بمساحة المستطيل ( ،) ABCDوهي عبارة عن مقدار الواردات
من السلع مضروبا في مبلغ الرسم عن كل وحدة.
? 1
Benissad (M.E),Cours D'economie Internationale, op.cit, p
2
Antoine Bouet ,Le Protectionnismes, analyse économique ,Vuibert ,Paris,1998,p18.
3
Michel Rainelli,OMC,Op.Cit,P38 .
4
جي .هوجينندرون،ب.براون،االقتصاد الدولي الحديث،مرجع سابق،ص.514
5
محمد الناشد ،التجارة الداخلية والخارجية ماهيتتها وتخطيطها،منشورات جامعة حلب،1977،ص255
41
كانت الدولة تواجه مشكلة عدم توافر النقد األجنبي فإنها تستطيع عن طريق أجهزتها المعنية تق<<دير كمي<<ة ال<<واردات
التي يسمح باستيرادها بما يتماشى وحصيلة العمالت األجنبية .لذا لجأت أغلب الدول إلى هذا اإلجراء بعدما الحظت
أن الرسوم الجمركية ال توفر الحماية الكافية القتصادياتها.1
إذا كان فرض الرسوم الجمركية يبقي نوعا من العالقة بين األسواق ويترك جهاز الثمن يلعب دورا في توجيه
المتعاملين في السوق (مستهلكين ومنتجين) ،فإن نظام الحصص والرقاب<<ة الكمي<<ة يلغي تمام<<ا ه<<ذا ال<<دور .ففي حين
يبدو األثر الحمائي والتقيي<دي للتج<ارة الدولي<ة للرس<وم الجمركي<ة من خالل تأثيره<ا على أس<عار الس<لع المس<توردة
فتص<<بح أك<<ثر ارتفاع<<ا ،وهي به<<ذا تقلص من الطلب ال<<داخلي ،إال أنه<<ا ال تض<<ع ح<<دودا مباش<<رة ومطلق<<ة للتج<<ارة
الخارجية ،فبالرغم من ارتفاع أسعار السلع المس<<توردة إال أنه<<ا تبقى مطلوب<<ة داخلي<<ا .وتبقى طائف<<ة من المس<<تهلكين
المحليين تطلب وتستهلك السلع األجنبية لعدة أسباب ،كالبحث عن الجودة العالية لهذه السلع ،أو لكونها تلبي رغب<<ات
ال تستطيع السلع المحلية تلبيتها ،أو ألسباب غير اقتصادية كحب ه<<ذه الفئ<<ة ص<<احبة الق<<درة الدخلي<<ة على االس<<تيراد
ورغبتها في التميز والتفرد باستهالكها كل ما هو مستورد للداللة على المكانة االجتماعية.
ولوضع حواجز حازمة وفعالة أمام تدفق السلع األجنبية وغزوها للسوق الوطني ،تلجأ ال<<دول إلى اس<<تخدام
أسلوب كمي مباشر لتقييد المبادالت الدولية ،يتمثل في نظام الحصص .
-2أصل الحصص واألسباب :
ظهر نظام الحصص وللمرة األولى بفرنسا ،حيث كانت تبحث عن أس<عار مرتفع<ة للقمح لحماي<ة فالحيه<ا،
وتوفير دخول مناسبة لهم .2ثم انتشر العمل بهذا النظام إلى ب<<اقي بل<دان أوروب<<ا والع<<الم .ففي س<<نوات الثالثين<<ات من
القرن الماضي ،ونتيجة للسياسة الحمائية األميركي<<ة ،تح<<ولت ص<<ادرات القمح األس<<ترالية إلى أوروب<<ا ،حيث ك<<انت
أسعاره منخفضة جدا بش<<كل يه<<دد دخ<<ول منتجي القمح المحل<<يين في فرنس<<ا ،ولم يكن أم<<ام فرنس<<ا من وس<<يلة لرف<<ع
أسعار القمح ،ومن ثم حماية دخول المزارعين ،سوى فرض قيود كمية في شكل تحديد حصة إلس<<تيراد القمح ح<<تى
ترتفع األسعار في الداخل .
في البداية خص هذا النظام السلع التي تتميز بع<رض غ<ير م<رن ،حيث أن ف<رض الرس<وم الجمركي<ة على
استيرادها ال يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة أو الحد من انسيابها إلى الداخل ،ويتحق<ق ذل<ك غالب<ا بالنس<بة
للمنتجات الزراعية ،التي تتميز منحنيات عرضها بضآلة مرونتها،كما أن غالبية الدول تطبق سياسات زراعية تدعم
بموجبها األسعار و الدخول .
ومن األسباب الرئيسية التي تفسر اللجوء إلى نظام الحصص هو عدم معرفة ظروف طلب وعرض السلع ،لذا
يتعذر تحديد المستوى الذي يجب أن ترتفع إليه الرسوم الجمركية إلحداث االنخفاض المطل<<وب في حجم ال<<واردات،
كما أن تحديد مستوى كثير من الرسوم الجمركي<<ة يخض<<ع التفاق<<ات تجاري<<ة يتطلب تع<<ديلها ال<<دخول في مفاوض<<ات
طويلة وعسيرة مع أطرافها .السبب اآلخر الذي يفس<ر لج<وء الدول<ة إلى اتب<اع نظ<ام الحص<ص ،ه<و ع<دم معرفته<ا
وجهلها برد فعل المصدرين األجانب ،حيث باستطاعتهم الرد على السياسة التعريفية بتخفيض أسعار منتجاتهم ،مم<<ا
يؤدي إلى اإلضرار بالنشاط االقتصادي الوطني .3
-3أنواع الحصص:
1
بورويس عبد العالي ،دور النظام الجمركي في تحرير التجارة الخارجية،رسالة ماجستير،معهد العلوم
االقتصادية،الجزائر،1997،ص.98
2
Benissad(m.e),cours d'économie international,op.cit,p190
3
Benissad(M.E),cours d'économie international,op.cit,p119
42
إن فرض نظام الحصص يمكن أن يكون تمييزي ،فيخص الواردات من بلد معين ،أو مجموعة بلدان ،أو غير
تمييزي .1فإذا كان توزيع الحصص على أساس تمييزي ،فيتم تحدي<<د حص<<ة لك<<ل دول<<ة ،بن<<اءا على ع<<دة عوام<<ل يتم
على أساس<<ها التمي<<يز أو التفض<<يل ،أو بن<<اءا على م<<ا ج<<رى علي<<ه التعام<<ل س<<ابقا خالل الس<<نوات الماض<<ية وطبيع<<ة
العالقات االقتصادية التجارية التي تربط هذه الدول .أما إذا ك<<ان نظ<<ام الحص<<ص غ<<ير تمي<<يزي فيف<<رض على س<<لع
معينة مهما كان مصدرها ،ويترك الحرية للمستوردين في اختيار أو تفضيل سلع دولة دون األخرى ،و هذا عادة م<<ا
يكون على أساس اقتصادي ،وقدرة السلعة على االستجابة لمتطلبات الجودة والسعر.
وقد تعددت صور تطبيق هذا النظام ،و من أهمها.2
أ -الحصص اإلجمالية :تحدد الدولة وفق هذا النظام الكمية الكلي<<ة ال<<تي سيس<<مح باس<<تيرادها من س<<لعة معين<<ة خالل
ف<<ترة زمني<<ة معين<<ة ،دون توزي<<ع ه<<ذه الكمي<<ة على ال<<دول المختلف<<ة المص<<درة للس<<لعة أو تقس<<يمها بين المس<<توردين
الوطنيين .ويتم توزيع هذه الحصة اإلجمالية على مدار السنة ،وإال ت<<رتب على ذل<<ك ترك<<يز كاف<<ة طلب<<ات االس<<تيراد
على الشهور األولى من السنة .ويتم اس<تهالك ك<ل الكمي<ة في ه<ذه الف<ترة ،مم<ا ق<<د يع<رض االقتص<اد الوط<ني إلى
إختالالت في التموين .
ومن عيوب نظام الحصة اإلجمالية أنها تؤدي إلى إنفراد إحدى ال<<دول المص<<درة بالحص<<ة جميعه<<ا حيث تتمكن
هذه الدولة من التصدير قبل غيرها بسبب قربها من الناحية الجغرافية إلى الدول<<ة المس<<توردة .أو بس<<بب كفاءته<<ا في
إنتاج السلعة .وأيضا تسابق المستوردين الوطنيين لإستنفاذ الحصة جميعها في بداية كل عام ،وي<<ترتب على ه<<ذا
تراكم السلعة في وقت معين من السنة ،مع إحتمال نقصها في وقت الحق.
-إستئثار كبار التجار والمستوردين بمعظم الحصة ،وذلك لتوفرهم على اإلمكانيات الخاصة بالقيام بعملي<<ة االس<<تراد
كلها أو معظمها دفعة واحدة ،وقد يؤدي ذلك إلى جعل المستورد محتكرا يستطيع أن يفرض األثمان التي تعود علي<<ه
بأكبر األرباح الممكنة .
ب) الحصة الموزعة :في ظل هذا النظام تقوم الدولة المستوردة بتحديد الحجم الكلي أو القيم<<ة اإلجمالي<<ة المس<<موح
إسترادها من الخارج ،وتقوم بتوزيع هذه الحصة بين مختلف الدول أو المناطق المصدرة للسلعة ،حيث تحص<<ل ك<<ل
دولة أو منطقة على نسبة مئوية من الكمية الكلية .ويراعى في هذا التوزيع طبيعة كل من عالقات الدولة مع الخارج
واتفاقاتها الدولية المحددة لحجم التبادل التجاري .أما عن توزيع الحصص بين المستوردين الوطنين ،فانه ال يستطيع
أي منهم االستيراد بدون الحصول على رخصة مسبقة ،ويحدد نص<<يب ك<<ل مس<<تورد على أس<<اس نص<<يبه في الف<<ترة
السابقة ،وال تخلو هذه الطريقة من االنتقاد كونها تشل المنافسة وتح<<رم المش<<روعات والمس<<توردين الج<<دد وتض<<من
أرباحا احتكارية كبيرة لمن استفاد منها .لذا يمكن أن يأخذ توزيع حصص اإلستراد عدة أشكال:3
-يمكن أن تباع الرخص بالمزاد العلني لألكثر عرضا.
-يمكن أن توزع لطالبيها ،على أساس الطالب األول.
إن توزيع تراخيص االستيراد على أساس البيع بالمزاد العلني يبعد كل الشبهات عن الجهاز اإلداري الموزع
لهذه الرخص ،والذي في كثير من األحيان يتهم بالرشوة والمحسوبية .ويضمن للدولة مداخيل إضافية ناتجة عن هذه
1
Antoine Bouet, le protectionnisme, op.cit, p16.
2
محمود يونس ،مصدر سبق ذكره ص.268
3
Antoine Bouet ,le protectionnisme,op.cit,p17.
43
الرخص .ويقترح األستاذ ميد MEADأن يوسع نظام المزاد حتى يشمل كافة الواردات ،األمر الذي يجله في الواقع
مزاد عن النقد األجنبي المتاح االستيراد.1
ويعاب على هدا النظام كونه :
-يؤدي توزيع الحصة على عدد محدود من الدول المصدرة إلى ارتباط االقتصاد الوطني ،وتفويت فرص<<ة التنوي<<ع
في مصادر الحصول على السلع والخدمات .
-إن اعتماد االقتصاد على عدد محدود من المصدرين ،قد يؤدي إلى القضاء على المنافسة كما أنه قد يمنع من دخول
مصدرين أكثر كفاءة إلى السوق الوطني.
-االحتجاج الذي قد يصدر من بعض الدول نتيج<ة توزي<ع الحص<ص ،فق<د ت<رى بعض ال<دول أنه<ا ع<وملت بص<فة
تمييزية،أو أن الحصة الممنوحة غير عادلة في حقها ،وقد تتخذ إجراءات ردعية على أساس المعاملة بالمث<<ل ،وه<<ذا
يؤثر على االقتصاد الوطني ،وعلى االقتصاد العالمي بالتراجع .
-صعوبة توزيع الحصص على المصدرين في الدول المصدرة ،ولذا فإن الدولة المستوردة عادة ما تتفق مع الغرف
التجارية أو الصناعية أو اتحادات المصدرين في الدول المصدرة على توزيع الحص<<ص بين ال<<ذين يقوم<<ون بعملي<<ة
التصدير مع االحتفاظ بنسبة للمصدرين الجدد.2
-4اآلثار االقتصادية لنظام الحصص :
يترتب على تطبيق نظام حصص اإلستراد آثار اقتصادية ،فمنها ما ينعكس على األسعار ،ومنه<ا م<ا يتص<<ل بتوزي<ع
األرباح اإلضافية الناتجة عن الحصص.ففي حالة تحديد حصص اإلستراد عند نفس المستوى الذي يؤدي إليه الرسم
الجمركي،فيكون لنظ<<ام الحص<<ص نفس اآلث<<ار الناتج<<ة عن الرس<<م الجم<<ركي المك<<افئ ،على االس<<تهالك ،اإلنت<<اج،
وتوزيع المداخيل .ويكون الفرق بخصوص اإليرادات الجبائية ،التي ال تتزايد بمجرد فرض نظام الحصص ،ل<<ذا ق<<د
تلجأ الدولة إلى تأسيس نظام لبيع رخص اإلستراد للحصول على اإليرادات المالية. 3
لدراسة انعكاس نظام الحصص على النشاط االقتصادي علينا أن نجيب على السؤالين :كيف ترتفع األسعار الداخلي<ة
؟ومن المستفيد من هذا االرتفاع؟
أ -األثر على األسعار :
لدراسة أثر نظام الحصص على األسعار ،يمكن أن نفرق بين حالتين :حالة التبادل بين دول<<تين ،وحال<<ة التب<<ادل في
األسواق العالمية :
حالة التبادل بين دولتين :
نفترض ما يلي :
وجود دولتين ،ينحصر التبادل بينهما في ظروف عادية للغ<<رض والطلب بس<<عر ص<<رف ث<<ابت ،م<<ع إهم<<ال نفق<<ات
النقل .
االسعار
البلد المستورد
1عادل أحمد حشيش و آخرون ،أساسيات االقتصاد الدولي،المرجع السابق،ص.241
2
محمود يونس ،المرجع السابق ،ص269
3
Benissad (m.e), cours d'économie international,op.cit,p189.
44
البلد المصدر
ب أ
ل
ق ن
الكمية
في ظل سوق مفتوح ،وتبادل حر للسلع بين الدولتين،يس<<ود الس<<عر (أد)،وعن<<د ه<<ذا المس<<توى من الس<<عر نالح<<ظ أن
الدولة المصدرة "ص" ،تنتج هذه السلعة بالكمية (دج) ،فتستهلك منها الكمية (دو) محليا ،وتصدر الكمي<ة (وج) إلى
الدولة المستوردة "س" ،التي بدورها تنتج محليا الكمية (ده) وتستهلك الكمية (دز) ،وهذا يعني أنها تستورد الكمي<<ة
(ه ز) من الدولة "ص" وهي كمية مساوية للكمية (وج) .ف<<إذا رغبت الدول<<ة "س"في أن تش<<جع الص<<ناعة الوطني<<ة
من هذه السلعة ،أو رغبت في أن تحافظ على توازن حساباها الدولية فقد تحدد كمية إسترادها فتنقصها إلى الكمية (م
ن) ال<<تي تس<<اوي (هـ ز\ ،)2وعن<<دها يرتف<<ع الثمن في ال<<داخل إلى (أ ك) وي<<زداد الع<<رض المحلي إلى(ن ك)،كم<<ا
ينخفض الطلب إلى(م ك) ويغطى الفرق (م ن) بين العرض والطلب المحلي عن طريق اإلستراد.1
إن فرض الدولة المستوردة" س" نظام الحصص على إستراد السلع من ال<<دول المص<<درة "ص" ي<<ؤدي إلى ارتف<<اع
األسعار الداخلية في الدول<<ة المس<<توردة ،كم<<ا أن الكمي<<ات المنتج<<ة محلي<<ا ت<<زداد فتص<<بح تس<<اوي ( دن) ،وينخفض
االستهالك الكلي من (دز ) إلى ( دم ) .
كم<<ا يحق<<ق المس<<توردون المحلي<<ون أرباح<<ا إض<<افية ناتج<<ة عن ارتف<<اع األس<<عار الداخلي<<ة ،وانخفاض<<ها في الدول<<ة
المصدرة ،فيشترون السلعة بالسعر (أل) و يبيعونها في الداخل بسعر ( أك ) ،ويكون مقدار ربحهم اإلضافي الن<<اتج
عن التفاوت في األسعار بين الدولتين مساويا :م ن * ل ك .
*التبادل في السوق الدولية :
سنفترض بداية أن الدولة المستوردة ،دولة صغيرة وال يمكنها التأثير في العرض أو الطلب الدوليين ،وهذا ما يجعل
منحنى العرض العالمي أفقيا بالنسبة لهذه الدولة ،كما في الشكل التالي.
1
محمد الناشد ،المرجع السابق ،ص .260
45
و
ز
هـد
)ع(
ع
)ط(
أ
ب
ج
يعبر المستقيم (ع ع) عن العرض العالمي بالنسبة للدولة ،ويدل على أن الدولة يمكنها أن تستورد الكمية ال<<تي تش<<اء
بثمن ثابت مقداره (أ ع) ،وعند هذا الثمن ،تستورد الكمية (أ ج) .فإذا ق<<ررت الدول<ة تخفيض الكمي<ة المس<توردة إلى
النصف فحددتها بالكمية (أب) ،فإن الثمن العالمي يظل ثابتا ،أما الثمن في السوق الوطني<<ة فإن<<ه يرتف<<ع ليس<<اوي (ب
و) ،حيث تعت<بر النقط<ة "و" على منح<نى الطلب عن الثمن ال<ذي يواف<<ق المش<تري على دفع<ه عن<دما تك<ون الكمي<ة
المعروضة (ب أ) .وبذلك يحقق المستورد الوطني ربحا إضافيا مقداره وهـ* أ ب .1ويظهر هذا الربح في المس<<احة
المظللة في الشكل .
ب = األثر على توزيع األرباح :
يؤدي فرض نظام الحصص على سلعة من السلع المستوردة إلى إيج<<اد تف<<اوت بين الس<<عر في الخ<<ارج والس<<عر في
الداخل ،مما ينتج عنه أرباحا إضافية.لكن ما هي األطراف المستفيدة من هذه األرباح.
يميز األستاذ ميد ، James meadفي هذا الشأن خمس إمكانيات: 2
-في حالة وجود ت<<راخيص اإلس<<تراد ،ي<<ذهب بعض ال<<ربح إلى من بي<<ده أم<<ر توزي<<ع ال<<تراخيص ،وذل<<ك على ش<<كل
هدية(رشوة)يقدمها التاجر المستورد حتى يبت في أمر توزيع الحصة في صالحه.
_ في حالة عدم وجود نظام التراخيص ،وكانت اإلدارة فوق الشبهات فإن الربح اإلضافي يك<<ون من نص<<يب الت<<اجر
المستورد.
_ حالة قيام الدولة بتحديد سعر السلعة المستوردة بغية الحد من استغالل المس<<تهلك .غ<ير أن ه<<ذا اإلج<<راء ال يمكن<<ه
منع االستغالل إذ يضطر المشتري الثاني على دفع الربح اإلضافي إلى المشتري األول ال<ذي تمكن ،لس<بب م<ا ك<أن
تربطه عالقة مع المستورد ،من الحصول على السلعة .
-قد تفرض الدولة رسما على إستيراد السلعة بحيث تستولي على الربح اإلضافي بدال من تركه لألفراد .
-قد يعمل المصدر األجنبي على استغالل هذه الحالة فيرفع من ثمن البيع ويستولي بنفسه على الربح اإلضافي .
46
- 1تعريف اإلعانات:
يقصد باإلعانات كأحد أدوات السياسة التجارية تلك المساعدات والمنح المالية المباشرة وغير المباشرة التي
تقدمها الدولة لصناعة أو منتجات معينة ،وكذا كل اإلجراءات التي يكون الغرض منها تشجيع المص<<درين المحل<<يين
على مزاولة نشاطهم في األسواق العالمية ،وتدعيم مركزهم التنافسي،سواءا من الناحية الكمية (حجم الصادرات) أو
الكيفية(نوع المنتجات) أو الخدمات المقدمة .
واإلعانة لإلنتاج ( التصدير) هي مساعدة مالية من الدولة لصناعة معينة ،بنسبة مئوية من القيمة المنتجة أو
المصدرة (إعانة قيمية) ،أو بمبلغ معين عن كل وحدة منتجة أو مصدرة ( إعانة نوعية) .1وتعرف المنظم<<ة العالمي<<ة
2
للتجارة اإلعانة بأنها كل تدخل للسلطات العمومية من شأنه أن يمنح ميزة للمستفيد من هذا التدخل
- 2أنواع اإلعانات :
يمكن أن نصنف اإلعانات إلى صنفين :
ا -اإلعانات المباشرة :وهي اإلعانات والمساعدات المقدمة مباشرة إلى المشروع بغرض تحسين دورة االس<<تغالل،
وتقدم في شكل مبالغ مالية محسوبة على أساس قيمي أو نوعي .و تحس<<ب ه<<ذه النس<<بة عن<<د التص<<دير على أس<<اس
سعر ، FOBكما يمكن للسلطات العمومية أن تح<<دد س<<عر ه<<دف ،واإلعان<<ة الوحدوي<<ة تس<<اوي الف<<رق بين الس<<عر
الهدف والسعر العالمي.3
ب -اإلعانات غير المباشرة :وتتمث<<ل ه<<ذه اإلعان<<ات في منح المش<<روع بعض االمتي<<ازات بغ<<رض تحس<<ين حالت<<ه
المالية ،ومن األمثلة على ذلك:
* اإلعفاءات الضريبية :ومنها االستثناء من بعض الضرائب أو الخفض من معدالتها أو رد ما دفع منها ،أو إعفاء
جزء من األرباح من الضرائب إذا ما استخدم في أغراض معينة هدفها زيادة إنتاجية المشروع .
* التسهيالت اإلئتمانية :سواء ما تعلق منه<<ا ب<<القروض قص<<يرة األج<<ل أو الق<<روض طويل<<ة األج<<ل ،وذل<<ك بخفض
أسعار الفائدة ،وزيادة حجم السلفيات ،والتسامح في آجال الدفع .4
* تقديم بعض الخدمات التي تسهل للمص<<درين من الوص<<ول إلى األس<<واق العالمي<<ة ،كالدعاي<<ة ،تس<<هيل اإلتص<<االت
بالمستوردين المحليين ،وإقامة المعارض .
- 3اإلعانات كأداة للسياسة التجارية :
اإلعانة التصدير هي إجراءات حمائية تسمح للشركات والمنتجين المحليين بالبيع في الخارج بس<<عر أق<<ل من الس<<عر
الوطني ،كما يمكن للدولة أن تدعم استعمال س<لع وطني<ة ب<دال من اس<تعمال الس<لع المس<توردة ،ل<ذا تعم<د العدي<د من
الدول إلى تقديم إعانات مباشرة ،وغير مباشرة للمؤسسات المحلية.
اإلعانات المباشرة أو إعانات االستغالل هي األكثر ظه<ورا ،وهي ال<تي له<ا أث<ر مباش<ر على تك<اليف اإلنت<اج ،لكن
اإلعانات األخرى عادة ما تكون له<ا آث<ار غ<ير مباش<رة على األس<عار والتنافس<ية ويمكن ذك<ر المس<اعدات المقدم<ة
لالس<<تثمار ،تخفيض الض<<رائب ،تخفيض األعب<<اء االجتماعي<<ة ،اإلعف<<اءات من الرس<<وم الجمركي<<ة عن<<د التص<<دير،
الحصول على أسعار فائدة مخفضة .5وبما أن إعانات االنتاج ليست ب<<إجراءات عن<<د الح<<دود ،فهي تعت<<بر إج<<راءات
داخلية ،ولكل دول<<ة كام<<ل الحري<<ة في التص<<رف في ش<<ؤونها الداخلي<<ة ،وتنظيم اقتص<<ادها ،له<<ذا فق<<د أغفلت منظم<<ة
1
Antoine Bouet, le protectionnisme,op.cit,p15
2
Antoine Bouet, le protectionnisme,op.cit,p16
3
Antoine Bouet, le protectionnisme,op.cit,p15
4
عادل احمد حشيش واخرون ،المرجع السابق ،ص223
5
Henner(h.f),commerce international,op.cit,p217
47
GATTالتط<رق إلى ه<ذا الن<وع من السياس<ة التجاري<ة .إال أن<ه وفي س<نوات الس<بعينات ،ش<هدت ه<ذه اإلج<راءات
الداخلية الموجهة لمساعدة اإلنتاج المحلي زيادة كبيرة ،فحسب دراسة P. MESSERLINفإن هذه النسبة تطورت
من %2إلى %3من الناتج الداخلي الخام PIBما بين سنوات 73و 77في بلدان .1 OCDE
وفي جولة طوكيو تم التطرق إلى أسلوب اإلعانات ك<<أداة للسياس<<ة التجاري<<ة،حيث تم التط<<رق إلى إعان<<ات
التصدير ،وإعانات اإلنتاج ،وكذا كل اإلجراءات الموجهة مباشرة إلى مس<<اندة ومس<<اعدة اإلنت<<اج المحلي وال<<تي له<<ا
تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة على تيار التبادل الدولي من أجل الحد منها كونها عج<<زت ،وفي كث<<ير من األحي<<ان
عن تقويم الصناعة الوطنية المدعمة .
أ -أثر اإلعانات على المستهلكين و المنتجين :في كثير من ال<<دول تق<<وم الحكوم<<ة بتق<<ديم ال<<دعم لتش<<جيع الص<<ناعات
التصديرية بها ،ويعد هذا الدعم بمثابة رسوم جمركية س<<البة على الص<<ادرات .بالنس<<بة القتص<<اد ص<<غير ال يس<<تطيع
التأثير على أسعار صادراته أو واردات<ه ف<إن ه<ذا ال<دعم ي<ؤدي إلى ارتف<اع الس<عر ال<ذي يحص<ل علي<ه المص<درين
المحليين .2
الشكل رقم( : )10اثر االعانات على المستهلكين
يظهر وضع التوازن في سوق إنتاج السلعة عند الكمي<<ة التوازني<<ة ن .وعن<<د الس<<عر الت<<وازني أ .وه<<و س<<عر أق<<ل من
السعر العالمي س.مما يعني أن لهذه الدولة ميزة نسبية في إنتاج السلعة وتستطيع تصديرها .وعند هذا المس<<توى من
السعر العالمي تكون الكمية المعروضة أكبر من الكمية المطلوبة محليا ،ويقاس فائض العرض بالمس<<افة ق ب ،ه<<ذا
الفائض يتم تصديره إلى الخارج ،ف<<إذا أرادت الدول<ة تش<جيع الص<<ادرات ودف<<ع المص<<درين إلى تص<<دير المزي<د من
السلع و توجيه إنتاجهم للسوق العالمي بدال من السوق المحلي ،فإنها تس<<تطيع تنفي<<ذ ذل<<ك من خالل تق<<ديم دعم نق<<دي
مباشر للمنتجين ،بمقدار أ هـ ،وعند هذا السعر الجديد ،فإن المنتجين المحليين يعرضون كمي<<ات أك<<بر ( من ب إلى
ج) ،في حين يتراجع الطلب المحلي (من ق إلى د ) ،و يزداد بالتالي فائض الع<<رض ( ج د ) حيث ( ج د ) > (ب
ق ) ،هذه الزيادة يتم توجيهها للتصدير للخارج .
تتسبب اإلعانات الموجه<<ة ل<<دعم الص<<ناعات التص<<ديرية في رف<<ع الس<<عر المحلي ،مم<<ا ي<<ؤدي إلى انخف<اض الطلب
المحلي على السلعة ،ويتم استهالك كميات أقل منها محليا ،مما يؤدي إلى نقص رفاهي<<ة المس<<تهلك ويتم تحوي<<ل ه<<ذا
الفائض من المستهلك إلى المنتج الذي يتحصل على أرباح إضافية نتيجة ارتفاع الكميات المصدرة من السلعة .
1
Antoine Bouet,le protectionnisme,op.cit,p16
2
محمد سيد عابد ،المرجع السابق ،ص 239
48
- 1تعريف :
اإلغراق هو سياسة تنتهجها الدول أو الشركات اإلحتكارية ،قصد اكتساب حصة أكبر في األسواق ،أو الدخول
إلى أسواق جديدة .وهو أحد الوسائل التي تتبعها الدولة أو المشروعات االحتكاري<ة للتمي<يز بين األس<<عار في ال<داخل
وتلك السائدة في الخارج ،حيث تكون األخيرة منخفضة عن السعر الداخلي للسلعة مضافا إليه نفقات النقل و غيره<<ا
من النفقات المرتبطة بانتقال السلعة من السوق الوطنية إلى األسواق األجنبية.1
تختلف تعاريف اإلغراق من كاتب اقتصادي آلخر ،أو بالنظر إلى الزاوية التي يحلل منها ،والتعريف الشائع
لإلغراق هو محاولة بيع السلعة في األسواق الدولية بأقل من تكلفتها ،أو على األقل بيع السلعة دوليا بس<<عر يق<<ل عن
السعر المحلي .2و ينطوي هذا التعريف على صعوبة تحديد تكلفة السلعة ،فه<ل يقص<<د به<ا تكلف<ة اإلنت<اج الحدي<ة ،أم
المتوسطة ،أم هل هذه التكلفة تخص كل اإلنتاج ،أم الفائض المصدر للخارج فقط ؟ كما أن الظروف المحيطة بعملية
البيع لها دور أيضا فهل يرجع اختالف األسعار الداخلية والخارجية لظروف معينة أو أنها مقصودة ،فقد تلج<<أ بعض
الدول إلى التخلص من بعض السلع بأسعار أقل من السعر الداخلي أو الدولي ،نظرا للمرحلة التي تمر بها ،كأن تمر
بمرحلة كساد أو تدفعها حاجتها الماسة للعمالت األجنبية ،بأن ترضى بسعر أقل .
ولعل أشمل التعريفات وأدقها ،بأنه بيع السلعة في األسواق األجنبية بثمن يقل عن الثمن الذي تب<<اع ب<<ه نفس
السلعة وبنفس الشروط في الس<<وق الداخلي<<ة .أهمي<<ة ه<<ذا التعري<<ف يظه<<ر عن<<د وض<<ع التش<<ريعات الخاص<<ة بف<<رض
ضرائب اإلغراق ،فيجب على المشرع أن يتأك<<د من أن<<ه يق<<ارن نفس الس<<لعة ( الس<<لع تنقس<<م إلى أص<<ناف مختلف<<ة).
كذلك البد أن يكون مقارنة األثمان في وقت واح<<د ،فمن الج<<ائز أن تتغ<<ير األثم<<ان في الف<<ترة المنقض<<ية بين الس<<لعة
ووصولها ،كذلك يجب أن نتأك<<د من أن س<<عر ال<<بيع في الس<<وق المحلي والع<<المي يتض<<من نفس الش<<روط فكث<<يرا م<<ا
يتساوى السعر إال أن الشروط تختلف كأن يكون البيع بالنقد في ألحد السوقين ،وباألجل في السوق اآلخر. 3
ويمكن أن نميز بين ثالثة أشكال من اإلغراق: 4
*اإلغراق االقتصادي :ويظهر عندما تقوم الدول بدعم المصدرين المحليين عن طريق إعانات اإلنتاج ،التي تس<<مح
بتخفيض مصطنع لتكاليف اإلنتاج .
*اإلغراق االجتماعي :يقصد ب<<اإلغراق االجتم<<اعي اعتم<<اد بعض البل<<دان في ص<<ناعتها على ي<<د عامل<<ة رخيص<<ة،
وك<<ذلك ض<<عف أو انع<<دام الحماي<<ة االجتماعي<<ة ،ففي مث<<ل ه<<ذه الح<<االت تتغلب الص<<ناعات المعتم<<دة على األج<<ور
المنخفضة ،والتكاليف االجتماعية الزهيدة .
*اإلغراق النق<<دي :ويواف<<ق المحافظ<<ة على مع<<دل ص<<رف منخفض مقاب<<ل العمالت األخ<<رى ،وه<<ذا بتق<<ييم العمل<<ة
الوطنية بأقل من قيمتها الحقيقية ،دعما للصادرات المحلية .
-2أنواع اإلغراق :
ينقسم اإلغراق إلى أنواع هي :
أ ـ اإلغراق المستمر :يشترط لقيام ه<<ذا الن<<وع من اإلغ<<راق ،أن يتمت<<ع المنتج باحتك<<ار ق<<وي ،نتيج<<ة حص<<وله من
السلطات العمومية على امتياز إلنتاج السلعة ،أو أن<<ه يحتك<<ر تكنولوجي<<ة جدي<<دة ،وك<<ذا تمت<<ع المش<<روع تزاي<<د العل<<ة
1
زينب عوض اللـه،االقتصاد الدولي،الدار الجامعية للطباعة والنشر،بيروت،1998،ص302
2
محمد سيد عابد ،المرجع السابق ،ص247
3
محمد عبد العزيز عجمية،النقود البنوك والعالقات االقتصادية الدولية،دار النهضة العربية،بيروت،ص
387
4
Daniel Labaronne, Economie générale, le Seuil, Paris,1998,p11.
49
وتناقص التكلفة أي أن زيادة اإلنت<<اج ت<<ؤدي إلى تخفيض التك<<اليف.ويتحق<<ق ه<<ذا الن<<وع من اإلغ<<راق من خالل قي<<ام
المنتج المحتكر بتمييز سعر سلعته في األسواق الدولية حسب درجة مرونة الطلب عليها بحيث يق<<وم ببيعه<<ا بأس<<عار
منخفضة ويفرض أسعار مرتفعة محليا .
ب-اإلغراق المؤقت :يع<<ني المنتجين بي<<ع س<<لعهم بأس<<عار أق<<ل من التكلف<<ة ،و ذل<<ك بف<<رض الس<<يطرة على الس<<وق،
واستبعاد المنافسين المحليين أو األجانب من المنافسة ،وبعد التأكد من اكتساب السوق يتجه إلى رفع أس<<عار منتجات<<ه
لتعويض ما تحمله من خسائر.1
ج -اإلغراق الدوري :وهو اإلغراق ال<ذي يح<دث عن<دما يتم بي<ع الس<لعة دولي<ا بس<عر منخفض عن الس<عر المحلي،
بغرض التخلص من سلع فائضة من موسم معين وه<<و ع<<ادة يح<<دث م<<ع الس<<لع الزراعي<<ة في المواس<<م ال<<تي تس<<جل
فائض إنتاج معتبر حتى تتفادى انخفاض األسعار المحلية وبالتالي المحافظة على دخل مناسب للمزارعين .
-3اإلغراق كأداة للسياسة التجارية :
كثيرا ما تلجأ الدول و المؤسسات الراغبة في اكتساب أسواق جديدة إلى اإلغراق كأداة من أدوات السياسة التجارية،
في محاولة منها لفرض سلعها في البلدان المستوردة بأسعار أق<<ل مم<<ا أنتجت ب<<ه ،وفي الحقيق<<ة هن<<اك دواف<<ع عدي<<دة
تجعل المؤسسات تتبع مثل هذه السياسة ،منها محاولة االستفادة من اإلنتاج الكب<ير ،فق<د تج<د المؤسس<ة في اإلغ<راق
الوسيلة المناسبة لحل مشكل ضيق السوق المحلية .فإذا أص<<بحت المؤسس<<ة تنتج بأق<<ل من طاقته<<ا القص<<وى ،يص<<بح
اللج<<وء إلى األس<<واق األجنبي<<ة أك<<ثر من ض<<روري فتزي<<د من اإلنت<<اج وتس<<تعمل طاقته<<ا القص<<وى .فزي<<ادة اإلنت<<اج
لمواجهة السيطرة على األسواق الجديدة بأسعار منخفضة سوف تنقص التكاليف ،وتحول االنخفاض في األسعار من
حقيقة مؤقتة إلى حقيقة دائمة .ويعتبر اإلغراق المؤقت أك<ثر أش<كال اإلغ<راق خط<ورة ويوص<ف بأن<ه في كث<ير من
األحيان باإلغراق الشرس ،ألنه يبدأ متخفيا في صورة إنخفاض في األسعار ثم ما يلبث أن يظهر في صورة إرتف<<اع
حاد في األس<<عار بع<<د أن يتأك<<د المنتج<<ون من تمكنهم من الس<<وق وس<<يطرتهم عليه<<ا ،ل<<ذا فه<<و يعت<<بر من السياس<<ات
العدوانية ،الهادفة إلى إضعاف المؤسسات المنافسة ،وإخراجها من األسواق ،أو من<<ع دخوله<<ا لألس<<واق الجدي<<دة ل<<ذا
يتجه المزيد من الدول إلى مكافحة مثل هذه األشكال من المنافسة غير الشريفة ،وتفرض رس<<وم جمركي<<ة تعويض<<ية
أو رسوم مكافحة اإلغراق .وتفرض إجراءات عقابية على ال<<دول أو المؤسس<<ات ال<<تي تم<<ارس اإلغ<راق ،بإخض<<اع
سلع هذه الدول والمؤسسات إلى رسوم جمركية تعويضية أو رسوم مكافحة اإلغراق .
-4اآلثار االقتصادية لإلغراق :
ونستطيع أن نميز بين اآلثار الناتجة عن هذه السياسة في كل من الدولة المطبق لإلغراق و الدولة المغ<<رق في<<ه.فأم<<ا
في البلد المطبق لإلغراق ،فإنه يستفيد من زيادة حجم الصادرات ،وبالتالي زيادة مستوى الدخل الوطني ،كما يستفيد
المنتجون المحليون من إتساع السوق ،ويمكنهم اإلغ<<راق من اس<<تغالل الطاق<<ات المتاح<<ة بالكام<<ل ،وال تبقى طاق<<ات
معطلة أما المستهلكون المحليون فإنهم لن يتضرروا طالما بقية األسعار ثابتة ،بالرغم من أنهم لن يستفيدوا من زيادة
اإلنتاج وانخفاض التكاليف .
أما عن األثر في الدولة المغ<رق فيه<ا ،ف<إذا ك<ان اإلغ<راق مؤقت<ا فإن<ه يض<ر بمص<الح المنتجين المحل<يين و يحملهم
خسائر كبيرة ،قد تؤدي إلى القضاء على الص<<ناعة المحلي<<ة ،كم<<ا ان<<ه يض<<ر بالمس<<تهلكين ،ألن<<ه س<<رعان م<<ا ترتف<<ع
األسعار بعد سيطرة المنتجون األج<<انب على الس<<وق المحلي<<ة ،أم<<ا إذ ك<<ان اإلغ<<راق مس<<تمرا فإن<<ه يمكن الدول<<ة من
1
kindelberger ,economie international,op.cit,p204.
50
الحصول على المنتجات بأسعار منخفضة تفيد المستهلك الوطني ،بل و ق<<د تفي<<د المنتجين الوطن<<يين أيض<<ا إذا ك<<انت
المنتجات المغرقة تساعد على قيام صناعة تحتاج إلى مثل هذه الواردات .
-5المعايير الصحية ،التقنية ،البيئية و اإلجراءات اإلدارية :
من واجب الدولة بص<فتها القائم<ة على المص<الح العام<ة ،أن تحاف<ظ على ص<حة وس<المة مواطنيه<ا ،ونظ<را لنقص
المعلومات المتوفرة لدى المس<<تهلكين عن المنتج<<ات العدي<<دة والمختلف<ة ،ف<<إن الدول<<ة تش<<ترط ت<<وفر ع<دة مع<<ايير في
المنتوجات المستوردة لحماية المستهلكين المحليين .
فه<<ذه المع<<ايير وض<<عت أص<<ال لحماي<<ة المس<<تهلك والمحافظ<<ة على ص<<حته .ولن<<ا أن ن<<ذكر هن<<ا م<<ا وق<<ع بع<<د حادث<<ة
تشرنوبيل ،وتلوث كل المواد باإلشعاعات ،وانتقال اإلشعاع إلى بعض الدول المجاورة ،فبعض الدول التي ال تطب<<ق
مثل هذه المعايير ظنت بأنها عقدت صفقات ،وهي في الواقع استوردت مواد سامة .
لكن يمكن أن تتخذ بعض الدول هذه المعايير كأداة من اجل التدخل في التج<ارة الخارجي<ة ،وتك<ون ك<ذلك إذا طبقت
هذه المعايير على السلع المستوردة فقط .فيمكن إلج<<راءات مراقب<<ة موافق<<ة المنتوج<<ات لمع<<ايير الص<<حة و األمن أن
تحد من تدفق الواردات ،إذ يمكن لعمليات المراقبة المطبقة على بعض المواد القابلة للتل<<ف ،أن ت<<دوم من ال<<وقت م<<ا
يكفي لجعل هذه المواد فاسدة وغير قابلة لالستهالك .
أما بالنسبة للمعايير التقنية ،فهذه الرقابة تتعلق أساسا بالكيف أو خصائص السلعة أو مواصفاتها ،فلكل دولة أن تضع
المواصفات الخاصة بها ،والتي تتفق مع ظروف الصناعة المماثلة الداخلية ،لتحقيق المنافسة المتكافئة أو التي تش<<بع
االحتياج<<ات على أعلى مس<<توى ،1ويمكن أن تك<<ون مطلوب<<ة على مس<<توى األداء أو أن تك<<ون مع<<ايير خصوص<<ية
SPECIFIQUEويمكن أن يعطى مثال العوازل الحراري<<ة والكهربائي<<ة ،فيمكن الحص<<ول على نفس مس<<توى األداء
في العزل باستعمال تقنيات متعددة ،فإذا كانت المعايير الموضوعة مبنية على مستوى األداء تظه<<ر أق<<ل حمائي<<ة من
المعايير الخاصة ،ألن في األخيرة ،كل المنتوجات التي تستعمل نفس تقنية العزل المطلوبة محليا تس<<تعبد وتمن<<ع من
الدخول إلى السوق الوطني ،حتى و إن كان مستوى األداء نفسه ،فما على المص<<در األجن<<بي س<<وى أن ينس<<حب من
السوق أو يغير التقنية المستعملة التي تتطلب تكاليف إضافية في المال والوقت. 2
كما يمكن للسلطات العمومية أن تجعل من بعض اإلجراءات اإلدارية ،حواجز في وجه المبادالت التجارية الدولي<<ة،
فبطؤ اإلجراءات اإلدارية ،والتضييق على المندوبين التجاريين ،أو التعسف في اإلجراءات الجمركية ،ك<<ل ه<<ذا من
شأنه التأثير على المصدر األجنبي وتجعله ينفر .
1
مصطقى رشدي شيحة ،المرجع السابق ،ص89
2
Henner (h.f),op.cit,p….
51
المبحث الثالث :تحرير التجارة و السياسة التجارية الحديثة :
مدخل:
أدى لجوء كثير من الدول إلى الحد من حرية التجارة الدولي<<ة ،وف<<رض القي<<ود عليه<<ا ،إلى توزي<<ع الم<<وارد
اإلنتاجية على مختلف فروع اإلنتاج على نحو ال يتفق مع اعتب<<ارات الكف<<اءة اإلنتاجي<<ة في ال<<داخل والخ<<ارج ،وأدت
التدخالت المستمرة للدول والحكومات في المجال التج<اري ال<دولي إلى تف<ويت ف<<رص الرف<اه ال<تي يوفره<ا الس<وق
الحر للدولة والعالم ككل .
إن سياسة حرية التجارة تعني عدم تدخل الدولة في العالقات التجارية الدولية ،وترك الحرية لعوامل اإلنت<<اج
للتوزع حسب معايير السوق والكفاءة االقتصادية والمردودية المالية.وسياسات حرية التجارة ،هي عودة مرة أخرى
إلى تطبيق المبادئ المثالية النظرية االقتصادية ،والتي ترى أن أهم وظيفة للسوق هي تحقي<<ق المنافس<<ة ،والمنافس<<ة
تتضمن بذاتها الكفاءة االقتصادية والعدالة االجتماعية .والكفاءة االقتصادية ب<دورها تحق<ق الح<د األدنى من اإلنت<اج،
والتوزيع األمثل للموارد و الجودة المرتفعة للسلعة ،واإلنتاجية المرتفعة بالنسبة للمشروعات والصناعة ،أما العدال<<ة
االجتماعية فهي تحقق بتوافر الثمن العادل المنخفض والتنافس واتساع نط<<اق االختي<<ار ،وت<<وافر الب<<دائل للمس<<تهلك.
وتحقيق التجارة العادلة بين المشروعات ،والبقاء لألصلح واألكفأ .
52
مما يشجع التقدم الفني وتحسين وسائل اإلنتاج بإدخال التجديدات الفني<<ة و التكنولوجي<<ة .وب<<ذلك يض<<من الع<<الم أج<<ود
المنتجات بأرخس األثمان .ويتاح إنتقال التكنولوجية دون عوائق ،وتسعى كل دولة إلى تطبيق التغيرات التكنولوجية
الجديدة ،فيرتقي الهيكل الصناعي بها،كما تستطيع كل دولة أن تستفيد من التقدم الفني المحقق في الدول األخرى .
4ـ الحرية تحد من قيام اإلحتكارات :
فالحرية والمنافسة تؤدي إلى الحد من قيام االحتكارات ،والممارسات الهادفة للسيطرة على األسواق المحلية ،وبه<<ذا
نتجنب مساوئ االحتكار من تحديد الكميات ،وفرض المحتكرللسعر ،وكذا فرض نوعية المنتوج وعدم توافر فرص
اإلختيار أمام المستهلك .إن عزل السوق الوطني على السوق العالمي ،تساعد على قيام مشروعات وصناعات غ<<ير
كفأة ،ال تستطيع خفض التكاليف إلى حدها األقصى ،وبس<<بب ش<<عورها باألم<<ان من المنافس<<ة،فإنه<<ا ال تكل<<ف نفس<<ها
عناء إدخال التجديدات و االستثمارات لتحسين النوعي<<ة والكمي<<ة المنتج<<ة ،وهك<<ذا تعم<<ل اإلحتك<<ارات المحلي<<ة على
إضعاف اإلقتصاد الوطني .
1
Michel Rainelli,O.M.C,edition Casbah,1997,p16
2
فخر الدين الفقي ،الجوانب االساسية لعالقة صندوق النقد الدولي بالدول العربية ،بنك الكويت الصناعي،
الكويت،1996،ص11
53
وقد حرص الصندوق على التأكد من قدرة الدول األعضاء على المحافظة ،في األجل القص<<ير على أس<<عار ص<<رفها
ثابتة وأنه لن تجرى أي عملي<<ات لتغي<<ير س<<عر الص<<رف من قب<<ل أي دول<<ة إال بس<<بب حاج<<ة ض<<رورية فعال كإزال<<ة
اختالل دائم في ميزان المدفوعات ،وأنه لن تتم أي عمليات معاملة بالمثل من قبل الدول األخرى ،إذا ما قامت إحدى
الدول بإجراء تخفيض ما في قيمة عملتها الوطنية ،حيث أن مصير مثل هذه السياس<<ات أن يلغى بعض<<ها البعض من
حيث األثر التصحيحي النهائي المطلوب لميزان المدفوعات .1كذلك اختص الصندوق بتقديم قروض قص<<يرة األج<<ل
لحكومات الدول األعضاء ،وذلك لتغطية عجز مؤقت في ميزان المدفوعات أو دعم إستقرار أس<<عار الص<<رف فه<<و
يلعب دورا مهما في معالجة ميزان مدفوعات الدول األعضاء ،والحفاظ على إستقرار أسعار صرفها ،بالشكل ال<<ذي
يدعم المركز المالي والنقدي الدولي بما له من تأثير على التجارة الدولية ،فضال عن تقديم التسهيالت المختلف<<ة ال<<تي
تساعد الدولة على لنهوض من األزمة التي قد تقع فيها بسبب ظروف خارجة عن إرادتها.
وتحت ضغط التطورات الدولية في مجال الصرف األجنبي التي صاحبت إرتفاع أسعار البترول عالميا في
السبعينات ،واضطراب إقتصاديات عديد من البلدان انتهت إتفاقي<ة بريت<ون وودز ،وم<ع ذل<ك اس<تمر ص<<ندوق النق<د
الدولي الذي تغيرت مهامه مع ذلك تبعا لتغير الظروف .ومن أهم ما نذكر هنا أن اتفاقية جاميك<<ا ع<<ام 1976ق<<امت
بتعديل الئحة الصندوق حتى تسمح بنظام تعويم أسعار الصرف وتؤكد على عدم مالئمة نظام الذهب كأساس لتسوية
المدفوعات الدولية .2إثر اإلنهيار الكبير الذي عرفته التنمي<ة الدولي<ة ،وظه<ور أزم<ة الكس<اد التض<<خمي ،وأص<<بحت
العديد من الدول تعاني من عجز مزمن في ميزان مدفوعاتها ،تزايد دور صندوق النقد ال<<دولي بش<<كل ملح<<وظ بداي<<ة
من عقد الثمانينات ،خاصة في الدول النامية،التي عانت باإلضافة إلى عجز موازين مدفوعاتها ،من زي<<ادة وارتف<<اع
م<<ديونيتها الخارجي<<ة ال<<تي أص<<بحت تعي<<ق تنميته<<ا .وبداي<<ة من منتص<<ف التس<<عينيات لم يع<<د البرن<<امج اإلص<<الحي
للصندوق مقتصرا على مقترحات خاصة بأسعار الصرف وكيفية تعويمها بل تعدى ذل<<ك إلى كيفي<<ة تنظيم الق<<روض
ودف<<ع أقس<<اط ال<<ديون وفوائ<<دها المس<<تحقة أو إع<<ادة ج<<دولتها ،وامت<<د فيم<<ا بع<<د ليش<<مل مقترح<<ات خاص<<ة بالسياس<<ة
اإلقتصادية للدولة الطالبة لمساعدته ،كاقتراحه الحد من التضخم في ه<<ذه ال<<دول عن طري<<ق تنظيم اإلص<<دار النق<<دي
وتنظيم اإلئتمان المصرفي والحد من العجز في الميزانية العامة للدولة ،وترك الحرية للقطاع الخ<<اص ،والتقلي<<ل من
تدخالت الدولة في النظام اإلقتصادي .لذلك يقوم الصندوق بإعداد البرامج المختلفة وضبط سياسات التكييف الالزمة
والمتماشية وظروف البلد العضو بعد تشخيص ظروفه اإلقتصادية بالتعاون مع خبراء البلد العضو .
2ـ أثر سياسة الصندوق عل تحرير التجارة الخارجية :
يعتمد صندوق النقد الدولي في تدخالته لمساعدة الدول على إع<ادة الت<<وازن لم<<يزان م<<دفوعاتها وإرج<<اع االس<<تقرار
ألسعار صرفها،على ثالث سياسات تتمثل في :
-سياسة التكييف .
-سياسة الرقابة على أسعار الصرف .
-سياسة التسهيالت المقدمة من طرف الصندوق .
وحتى يتسنى للدولة استخدام موارد الصندوق ،فإنه ينبغي التأكد من حسن إستخدام هذه الموارد بالشكل الذي يقض<<ي
على أسباب الخلل .وحتى يتأكد من إمكانية إستعادة هذه األموال ،يعد الصندوق برامج مختلفة تحتوي على :
-تشخيص أسباب وطبيعة الخلل الموجود في ميزان المدفوعات؛
1
عبد الرحمان يسري ،االقتصات الدولية ،الدار الجامعية ،االسكندرية،2000،ص302
2
عبد الرحمان يسري ،المرجع السابق ،ص.302
54
-تحديد أهداف اإلدارة االقتصادية التي تسعى إلى عالج هذا الخلل من خالل برنامج زمني محدد؛
-تحديد السياسات المالية والنقدية المختلفة التي تصحب تنفيذ البرنامج.1
وفي سنة 1980واستجابة للظروف والتحوالت االقتصادية بالبالد النامية استحدث الصندوق برامج التعديل
الهيكلي والتي تشمل مزيج من السياسات التي يمكن تلخيص أهدافها النهائية في:2
-االنفتاح على السوق العالمية بتحرير التجارة الخارجية ؛
-تخفيض وإعادة هيكلة النفقات ؛
-تحرير األسعار ورفع القيود الداخلية على التجارة وتشجيع االستثمار الخاص.
ويستعمل من أجل تحقيق وبلوغ هذه األهداف وسائل السياسة االقتصادية التالية:
-تخفيض قيمة العملة ؛
-رفع الدعم عن األسعار ؛
-ضبط الميزانية بتطوير نظام الجباية؛
-الحد من المستوى الحقيقي لألجور؛
-رفع القيود اإلدارية والكمية على الواردات وإدخال التعريفات الجمركية.
تهدف السياسة الخارجية المتضمنة في برامج التصحيح الهيكلي ،إلى تخفيض درجة الحماية وتنمي<ة قط<اع
الصادرات .في حين تفرض ضرورة تحرير الواردات نفسها بنفسها لتموين القطاعات االقتصادية بالسلع الوس<<يطية
والتجهيزات الضرورية غير المتوفرة في السوق المحلية .وهكذا يتضح دور الص<<ندوق في تش<<جيع تحري<<ر التج<<ارة
الدولية وهذا باقتراحه على الدول األعض<<اء تحري<<ر تجارته<<ا الخارجي<<ة ،واغتن<<ام مزاياه<<ا النس<<بية وتحس<<ين فعالي<<ة
جهازها اإلنتاجي وتشجيع التصدير ،وتحرير الصرف األجنبي وإعطاء العملة الوطنية قيمته<<ا الحقيقي<<ة ،وك<<ذا حث<<ه
على عقلنة نظام التعريفة الجمركية وتخفيض التقييدات الكمية وتبسيط إجراءات الدفع الخارجي.
-3البنك العالمي ودوره في تحرير التجارة:
أنشئ البنك العالمي لإلنشاء والتعمير ،وفقا التفاقية بريتون وودز في عام ،1944وهو مكمل لصندوق النقد
الدولي .ففي حين أن هذا األخير يهدف إلى تنمية التجارة الدولية وتحريرها وإتاحة التمويل المتوسط األجل لمعالج<<ة
ميزان المدفوعات ،فقد كانت أغراض البنك تتلخص في:
-مساعدة في بناء اقتصاد الدول األوروبية التي دمرتها الحرب العالمية الثانية.
-تش<<جيع عملي<<ات االس<<تثمار الخ<<ارجي ال<<تي يق<<وم به<<ا األف<<راد والهيئ<<ات الخاص<<ة عن طري<<ق ض<<مان الق<<روض
واالستثمارات
-يقوم البنك بتقديم المال الالزم لهذه العمليات من رأس ماله.
-العمل على نمو التجارة الدولية نموا متوازن طويل المدى والمحافظة على موازين المدفوعات الدولية.
-تنظيم القروض المقدمة من البنك او المضمونة منه.3
1
دبيش احمد،دوافع واجراءات تحرير الصرف والتجارة الخارجية في الجزائر،رسالة ماجستير في العلوم
االقتصادية،1997،ص84
2دبيش أحمد ،المرجع السابق،ص109
3
صبحي تادرس قريصة ،مدحت محمد العقاد ،النقود والبنوك والعالقات االقتصادية الدولية ،دار النهضة،
بيروت ،1982،ص330
55
وهكذا تمثل الهدف األساسي من إنشاء البنك الدولي في إقراض الدول األعضاء لمساعدتها في إعادة اقتصادها الذي
دمرته الحرب العالمية الثانية ،فقد كانت دول أوروبا الغربية تعاني من الدمار ،ومن العجز في م<<وازين م<<دفوعاتها.
لكن بعد انتهاء مرحلة إعادة البناء والتعمير األوروبية ،ونظرا لمس<<توى التق<<دم االقتص<<ادي ال<<ذي وص<<لت إلي<<ه ه<<ذه
الدول ،اصبح بإمكان أسواقها استرجاع توازنها آليا وتحقيق معدالت نم<و ج<د مرض<ية ،ب<دأت ق<روض البن<ك تتج<ه
بش<كل متزاي<د إلى ال<دول النامي<ة ،من أج<ل مس<اعدتها على إص<<الح هيكله<ا االقتص<ادي وتج<اوز أزماته<ا وتحقي<ق
التنمية .1وقد قامت سياسة البنك في إصالح اإلختالالت االقتصادية لل<<دول الطالب<<ة لمس<<اعدته ،على تق<<ديم الق<<روض
الالزم<<ة لتموي<<ل المش<<اريع اإلس<<تثمارية به<<ذه البل<<دان ،ثم تط<<ورت لتص<<بح وس<<يلة لتحقي<<ق إص<<الحات في السياس<<ة
االقتص<ادية تس<تهدف تعبئ<ة الم<وارد الداخلي<ة وتحس<ين اس<تخدامها .بع<د فش<ل المش<اريع االس<تثمارية نتيج<ة البيئ<ة
االقتصادية والظروف المحيطة والسياسة االقتصادية غير السليمة المتبعة.
شهد نشاط البنك العالمي في الدول النامية عدة تطورات فمن تركيزه على مشروعات البنى التحتية الضرورية
لعملية التنمية تحول إلى التركيز على قطاعات اإلنتاج لتصبح سياسة البنك في هذه الدول عبارة عن سياسة لتخفي<<ف
حدة الفقر والرفع من معدالت النمو وهذا من خالل تركيزه على المش<<روعات ال <تي من خالله<<ا يمكن إع<<ادة توزي<<ع
المداخيل .
إن دور البنك العالمي في تحرير التجارة الدولي<<ة ح<<تى وان لم يب<<دو واض<<حا ،فان<<ه ال يمكن إنك<<اره .فمن خالل
عمل البنك على محاربة االختالالت التي تعانيها اقتصاديات الدول ،ومن خالل مده ال<<دول النامي<<ة ب<<الموارد المالي<<ة
لمساعدتها على تجاوز أزمتها وتحقيق تنميتها يكون البن<<ك مس<<اهم وبطريق<<ة غ<<ير مباش<<رة في الت<<أثير على التج<<ارة
الدولية .
1
دبيش احمد،المرجع السابق،ص107
56
وعملت على حماية صناعاتها المحلية ألجل حماية العمل الوطني من البطالة ،وح<<تى تتمكن منتجاته<<ا من اكتس<<اب
القدرة التنافسية في األسواق المحلية أوال ،ثم العالمية ثانيا.
يجمع االقتصاديون على الدور الجوهري الذي يمكن للتجارة الخارجية أن تلعبه في تنمية البالد المتخلفة ،كما
أنهم ال يختلفون في أن نمو الصادرات يشكل عامال أساسيا في تحديد مستوى النمو االقتصادي ،ويرج<<ع ه<<ذا إلى أن
حصيلة الصادرات تمثل المصدر الرئيسي للصرف األجنبي الالزم لتحقيق االس<<تثمارات وقي<<ام الص<<ناعات المحلي<<ة
الالزمة لعملية التنمية االقتصادية .وبذلك تصبح التجارة كما قال دنيس روبرتسون هي "آلة النمو".1
ومما ال شك فيه أن للبالد النامية مصلحة أكيدة في نظام تجاري عالمي مفتوح يمكنها من تحقيق معدالت عالية للنمو
في ص<<ادراتها ،ف<<إن الص<<ادرات تمث<<ل المص<<در الرئيس<<ي الكتس<<اب العمالت األجنبي<<ة الالزم<<ة لتموي<<ل وارداته<<ا
األساسية ،وخدمة ديونها الخارجية .كذلك فإن النظام التج<<اري الع<<المي المفت<<وح ،ه<<و اإلط<<ار الس<<ليم لتقس<<يم العم<<ل
الدولي طبقا لمبدأ الميزات النسبية ،وهو القناة الرئيسية النتقال التكنولوجيا ورؤوس األموال من البالد الص<<ناعية أو
بالد الفائض إلى البالد العجز .2لكن الدول النامية ال تستطيع االلتزام بمبدأ حرية التجارة على إطالقه نظرا لظروفها
الخاصة التي ال تمكنها من جني مكاس<ب التحري<ر إال بص<فة جزئي<ة ،باإلض<افة إلى مش<كالتها االقتص<ادية القائم<ة،
والتي تتمثل أساسا في اختالل الهياكل اإلنتاجية ،اختالل هياكل التجارة الخارجي<<ة ،ت<<دهور ش<<روط التب<<ادل ال<<دولي،
والعجز المستمر في موازين المدفوعات ،وعبء المديونية الخارجية الذي يثقل كاهلها.كل ه<<ذا جع<<ل من السياس<<ات
المتبعة تتراوح بين التحرير والتقيي<<د ،بم<<ا يحق<ق له<<ذه ال<<دول مع<<دالت نم<<و مقبول<<ة ،وتحقي<<ق االس<<تقرار ،وتحس<<ين
ظروف المعيشة للسكان.
من السياسات التي اتبعتها هذه الدول ،سياسة إحالل الواردات وسياسة التوجه نحو التصدير لتحقيق النمو.
أ -سياس<<ة إحالل ال<<واردات :ب<<الرغم من اختالف غالبي<<ة ال<<دول النامي<<ة في اتجاهاته<<ا السياس<<ية واإليديولوجي<<ة،
واختالف مستويات تنميتها،إال أنها أجمعت على سياسة اقتصادية موحدة في مجال التجارة الدولي<<ة ،تحق<<ق أه<<دافها،
وتنبع من مفهومها الخاص للتنمية ومقوماته<<ا وهي سياس<<ة إحالل ال<<واردات ،3الهادف<<ة إلى إلغ<<اء العج<<ز في م<<يزان
المدفوعات وتخفيض المديونية حيث تؤدي هذه السياسة إلى توفير النقد األجن<<بي وه<<ذا بع<<دم اس<<تعمالها في اس<<تيراد
السلع واستعمال هذه العمالت الصعبة في أغراض االستثمار .وزيادة التراكم الرأسمالي ،وتحقيق معدل نمو مقبول.
وسياسة التصنيع عن طريق إحالل الواردات ،سياسة تستهدف السوق الداخلي،حيث تهدف إلى ضمان تنمية
متوازنة ،أين يصبح اإلنتاج الوط<<ني يل<<بي ت<<دريجيا الطلب ال<<داخلي ويع<<وض ال<<واردات وتتن<<اقص التبعي<<ة للخ<<ارج
ويتعزز توازن ميزان المدفوعات .4وهذا بإقامة نسيج صناعي يمكنه<ا من تلبي<ة الحاج<ات الوطني<ة دون اللج<وء إلى
األسواق العالمية .ويتم اإلحالل عن طريق خلق السوق المحلي للصناعة التي تح<<ل مح<<ل ال<<واردات وخل<<ق الحماي<<ة
الكافية لهذه الصناعة وذلك عن طريق منع استيراد السلع التي نريد إحاللها باإلنتاج المحلي مستخدمين في ذل<<ك إم<<ا
التعريفة الجمركية أو قيود االستيراد األخرى .5ألن زيادة الواردات تؤدي إلى زيادة االستهالك الخ<<ارجي ،وبالت<<الي
1
جي هوجيندرون،ب.براون،االقتصاد الدولي الحديث ،مرجع سابق،ص777
2
سعيد النجار ،االقتصاد العالمي و البالد العربية في عقد التسعينات،دار الشروق،بيروت ،1991،ص
169
3
مصطفى رشدي شيخة ،المرجع السابق ،ص 97
4
J.Brasseul,introdution al'economie de developpement,armond colin, paris,1989,p144
5
جمال الدين لعويسات ،العالقات االقتصادية الدولية والتنمية،دار هومة،الجزائر،2000،ص44
57
تضعف االدخار الوطني ،كما تؤدي إلى العجز في ميزان المدفوعات ،والعجز ي<<ؤدي إلى االس<<تدانة وبالت<<الي عج<<ز
االقتصاد الوطني على تحقيق التنمية االقتصادية .
وقد ظهرت سياسة التصنيع عن طريق إحالل الواردات في بلدان أمريكا الالتيني<<ة في س<<نوات الثالثيني<<ات.
فنتيجة لتقلص وارداتها نظ<را لتقلص ص<<ادرات ك<ل من أوروب<ا وأمريك<ا الش<مالية نظ<را لالزم<ة االقتص<<ادية ال<تي
شهدتها ،مما أعطى فرص للمستثمرين المحليين الذين استطاعوا أن يحلو المواد المنتجة داخليا محل تلك التي ك<<انت
تستورد من قبل .ولم تلبث أن استفادت هذه الديناميكية الجديدة من دعم الدولة والمتمثل في فرضها حواجز جمركي<<ة
مرتفعة على السلع المستوردة ،وتقديم كل اإلعانات الممكنة لالستثمارات المحلية .1وقد ت<راوحت سياس<ات التص<نيع
هذه ـ من الناحية الواقعية ـ بين إعطاء األولوية للصناعات الثقيلة واإلنتاجي<<ة (النم<<وذج الس<<وفيتي والص<<يني ) وبين
إعطاء األولوية للصناعات الخفيفة واالستهالكية ( نموذج الهند ).
إن الدول النامية بوصفها دول تتوفر على يد عاملة وفيرة ورخيصة ،وقليلة المهارة ،فض<<لت في مرحل<<ة أولى
االنطالق في سياسة التصنيع عن طريق إحالل الواردات الصناعات الخفيفة إلحالل السلع االستهالكية ،نظرا لتميز
هذه الصناعات بأنها كثيفة العمل وال تحتاج إلى اس<<تثمارات ض<<خمة ،وال إلى كثاف<<ة في راس الم<<ال ،وال إلى فن<<ون
إنتاجية وتكنولوجية عالية .كصناعة النسيج والصناعة الغذائية.
أما في المرحلة الثانية من هذه السياسة الصناعية ،فقد خصصت إلنتاج السلع الوسيطية ومستلزمات اإلنت<<اج
والتجهيز ،وقد مثلت هذه المرحلة تحديا كبيرا للدول النامية كونها تحتاج إلى كثافة في رأس المال ،وإلى التكنولوجيا
العالية ،كما أنها تحتاج إلى هياكل صناعية كبيرة ،ومسيرين من المستوى العالي .وح<<تى تض<<من الدول<<ة نج<<اح ه<<ذه
السياسة عليها إتباع سياسة حمائية وتمييزية لمواجهة السلع األجنبية المنافسة للسلع المنتجة محليا،وتطبيق مجموع<<ة
من اإلجراءات والقي<<ود التجاري<<ة ( رس<<وم جمركي<<ة ،حص<<ص كمي<<ة ،إج<<راءات كيفي<<ة ) للح<<د من انس<<ياب الس<<لع
األجنبية للسوق الوطني .
لهذا تقترن سياسة إحالل الواردات بالسياسات التجارية الحمائية( التعريفة الجمركية ،نظ<<ام الحص<<ص ،اإلج<<راءات
اإلدارية ) و التشجيعية ( الدعم و اإلعانات ) حتى تكون لهذه السياسة فاعليتها و تأثيرها .
ب -سياسة التوجه نحو الصادرات :توجهت العديد من الدول ،وخاصة من جنوب شرق آس<<يا إلى إتب<<اع ه<<ذا الن<<وع
من السياسات القائمة على وضع إستراتيجية لتنمية الصادرات لتكون دافعا للنمو االقتصادي .ويتعلق األمر باستبدال
صادرات المواد األولية بصادرات من منتجات غير تقليدية مثل المنتجات المصنعة أو مواد أولية محولة .2ويتم ذلك
بإقامة صناعات تصديرية تتمتع فيها هذه الدول بميزة نسبية دولية تمكنها من دخول األس<<واق العالمي<<ة له<<ذه الس<<لع،
واحتالل مكانة في التقسيم الدولي للعمل ،فتزداد الصادرات عن الواردات ،فيحصل الفائض في ميزان الم<<دفوعات،
هذا الفائض يستخدم داخليا من أجل تحقيق التنمية االقتصادية.
وقد انطلقت الدول المطبقة لهذه السياسة من مزاياها الداخلية ،فاعتمدت بعضها على اليد العاملة الرخيصة من
اجل التصدير للدول المصنعة ،بينما ركزت دول أخرى على اس<<تغالل موارده<<ا الطبيعي<<ة .كم<<ا ش<<اركت الش<<ركات
متعددة الجنسية في نجاح هذه ال<<دول حيث ح<<ولت ع<<ددا من نش<<اطاتها اإلنتاجي<<ة إلى ه<<ذه ال<<دول لالس<<تفادة من ه<<ذه
المزايا .3وقد حاولت الدول التي اعتنقت هذه السياس<<ة ،أن تس<<تفيد وتطب<<ق بعض مظ<<اهر اقتص<<اد الس<<وق ،وخاص<<ة
تحرير االقتصاد ،وتحرير التج<<ارة ،باعتب<<ار أن ه<<ذه الحري<<ة تنمي الص<<ادرات من خالل المنافس<<ة الدولي<<ة ،ولكنه<<ا
1
Jaque Adda, la mondialisation de l'economie,t2,casbah édition, Alger,1996, p18.
2
J.Brasseul,op.cit,p146.
3
J.Brasseul,op.cit,p147.
58
اختلفت فيما بينها فيما يتعلق بمدى هذه الحرية ،ونوعية اإلجراءات المستخدمة ،حسب طبيعة النظام السياس<<ي ال<<ذي
ينتمي إليه .1وقد طبقت سياسات اقتصادية كلية مشجعة للصادرات تركزت أساسا في اتخاذ إجراءات تهدف إلى :
ـ إقامة اقتصاد مفتوح وتحرير التجارة الخارجية بإلغاء كافة القيود .
ـ إقامة سعر صرف حقيقي معبرا عن الحقائق االقتصادية ( العرض ،الطلب ) .
ـ القضاء على عجز الميزانية وتحقيق االستقرار .
وسياسات اقتصادية جزئية تمثلت في إلغاء التفرقة بين السوق الداخلي والسوق الخارجي ،فالموارد تتج<<ه إلى تنمي<<ة
القطاعات األكثر فعالية وكفاءة في المنافسة الدولية .وربط األسعار المحلية باألسعار الدولي ،واالهتمام برأس المال
اإلنساني ( التعليم ،التمهين ،الصحة) ،وتسهيل دخول االستثمارات األجنبية الجالب<<ة رأس الم<<ال وللتكنولوجي<<ا .له<<ذا
تقترن هذه السياسة بالسياسات التجارية االنفتاحية على األسواق العالمية ،والتي تسهل حركة السلع والخدمات ورفع
الحواجز المعرقلة لها.
- 2السياسات التجارية للدولة المتقدمة :
تسعى أغلب الدول المتقدمة إلى إتباع سياسات انفتاحية ،فهي جميعها تسعى إلى تحرير التجارة ،وتضغط على
الدول األخرى من أجل المزيد من التحرير .وك<انت دائم<ا ت<تزعم المنظم<ات الدولي<ة الداعي<ة إلى خل<ق س<وق دولي
مفتوح حر ومتكامل ،وإلغاء أغلب القي<<ود المفروض<<ة على المب<<ادالت الدولي<<ة ،وتوف<<ير الظ<<روف المالئم<<ة واآلمن<<ة
لالستثمارات األجنبية ،ومعاملتها دون تمييز ،وإلغاء الحواجز أمام تحركات رؤوس األموال الدولية.
وبمبادرة من الدول المتقدمة ظهرت منظمات دولية تعمل في هذا االتجاه ،فكان صندوق النقد الدولي والبنك
العالمي ،وكان لهما نصيب كبير في نشر مبادئ الحرية االقتصادية كما سبق ذكره في المطلب السابق .وق<<د تجمعت
هذه الدول المتقدمة في اتفاقية الجات ،والتي اعتبرها البعض تجمع األغنياء من أجل فرض سياس<<اتهم ،وك<<انت ه<<ذه
االتفاقية منتدى لدراسة السياسات التجارية للدول األعضاء من أجل االبتعاد عن اإلجراءات الثنائية وتحرير التجارة
في إطار تفاوضي متعدد األطراف .
وعمليا يختلف سلوك الدول المتقدمة في اتباع السياسات التجارية باختالف مص<<الحها التجاري<<ة والوطني<<ة،
فالواليات المتحدة مثال تبدو أك<<ثر دول الع<<الم انفتاح<<ا على التج<<ارة الدولي<<ة وأقله<<ا قي<<ودا .فق<<د ك<<انت دائم<<ا تس<<تخدم
التعريفة الجمركية كأداة رئيسية للحماية ،من دون استخدام للوس<ائل الكمي<ة ك<ون التعريف<ة الجمركي<ة أك<ثر ش<فافية.
ونظرا للظروف التي مر بها اقتصاد الواليات المتحدة ،ومعاناة ميزانها التجاري من العجز ،كم<<ا س<<جلت عج<<زا في
ميزانياتها ولمواجهة مشكلة البطالة والتشغيل ،تحول اقتصاد الواليات المتحدة إلى اقتص<<اد خ<<دمات ،حيث أن قط<<اع
الص<<ناعة يمتص% 20من الق<<وى العامل<<ة فق<<ط .في حين أن قط<<اع الخ<<دمات ،باس<<تطاعته اس<<تيعاب أك<<بر ق<<در من
العمالة ،كما أن الواليات المتحدة يمكنها أن تتمتع بمزايا نسبية كبيرة على المس<<توى ال<<دولي من خالل ه<<ذا القط<<اع.
كما واجهت تحرك راس المال والمشروعات متعددة الجنسيات إلى البالد منخفضة األجور ،ب<<برامج متع<<ددة لزي<<ادة
سعر الفائدة ،وتهيئة الظروف الداخلية لتلقي االستثمارات عن طريق تقوية أسواق الم<<ال ،فبع<<د أن ك<<انت أك<<بر دائن
في العالم ،تحولت الواليات المتحدة إلى أكبر مدين ومتلقي لرؤوس األموال من اليابان و أوروبا و الش<<رق األقص<<ى
والشرق األوسط.2
1
مصطفى رشدي شيخة ،المرجع السابق ،ص 105
2
مصطفى رشدي شيخة ،المرجع السابق ،ص 117
59
إن انفتاح الواليات المتحدة األميركية باعتمادها على رسوم جمركية منخفضة ،وعلى أقل القيود المتاحة ،جعل منه<<ا
أكبر سوق مفتوح ،وتوفرت به منتجات وسلع مختلف البلدان بأقل األسعار وأعلى جودة،ف<<ارتفعت األج<<ور الحقيقي<<ة
داخل الواليات المتحدة وتميزت بنوع من الثبات ،وكف العمال عن المطالبة بأي زيادة في األجور ،فتحقق ن<<وع من
االستقرار االقتصادي .
أما الكتلة األوروبية ،فبعد تحولها إلى إتحاد أوروبي ،فقد خلقت وضعا جديدا ،يتمثل في إزالة كافة الحواجز
الجمركية والقيود بين الدول األعضاء .مم<<ا أدى إلى اس<<تفادة المش<<روعات األوروبي<<ة من اتس<<اع الس<<وق ،ف<<ازدادت
تنافسيتها في السوق الدولي ،كما طبقت تعريفة جمركية موحدة في مواجهة الدول األخ<<رى .وهك<<ذا جمعت السياس<<ة
التجارية لالتحاد األوروبي بين التحرير المطلق فيما بين الدول األعضاء ،والقيود في مواجهة دول خارج االتحاد.
أما اليابان فقد عملت دائما على تشجيع الصادرات لكنها كانت أقل انفتاحا فيما يتعلق بالواردات واستطاعت من
خالل قيود التجارة والعوامل الثقافية أن تجعل السلوك الياباني يميل إلى تفضيل المنتجات المحلية عن المستوردة .1
إن الس<<لوك العملي لل<<دول المتقدم<<ة في الس<<وق الع<<المي ،وإن ك<<انت تتف<<ق جميع<<ا في اتجاهاته<<ا الرئيس<<ية
واالستراتيجية نحو تحرير التجارة إال أنها في كث<<ير من األحي<<ان تخ<<الف المب<<ادئ ال<<تي تن<<ادي به<<ا من أج<<ل تحقي<<ق
مصالحها ،ومن هنا فإن التحرير يتم بمق<<دار محس<<وب وف<<ق المص<<لحة ،والحماي<<ة تس<<تمر ويتم التحاي<<ل على إبقائه<<ا
بشتى الطرق ،ومن جهة أخرى ،فإن الدول المتقدمة تب<<ذل جه<<ودا معت<<برة من أج<<ل فتح أس<<واق ال<<دول النامي<<ة أم<<ام
منتجاتها ،بينما تحكم إغالق أسواقها إال بمقدار محسوب أمام صادرات ال<<دول النامي<<ة ،ففي تقري<<ر البن<<ك ال<<دولي أن
ثلث الصادرات الصناعية للبلدان النامية تخضع لقيود غ<ير تعريفي<<ة وذل<<ك بالقي<<اس إلى %18من ص<<ادرات البالد
الصناعية بعضها إلى بعض .وقد تنوعت أساليب الحماية في البالد الصناعية وقد تتخذ ص<<ورة نظ<<ام الحص<<ص في
اتفاق مع البالد المصدرة مث<<ل اتفاقي<<ة األلي<<اف المتع<<ددة أو يتخ<<ذ ص<<ورة تقس<<يم األس<<واق بين البل<<د المص<<در والبل<<د
المستورد ،ومن أكثر الصور شيوعا ما يسمى بالتقييد االختياري للصادرات وفيها يلتزم البلد المصدر بطريق<<ة غ<<ير
رسمية بأال تزيد الوحدات المصدرة من سلعة معينة عن عدد محدد س<<نويا ،ه<<ذه هي الص<<ورة ال<<تي تحكم ص<<ادرات
السيارات والسلع اإللكترونية إلى الواليات المتحدة األميركية وبالد االتحاد األوروبي ،وقد وجدت البالد المس<<توردة
في هذه الصورة مزايا ال نظير لها في الصور األخرى.2
1
مصطفى رشدي شيخة ،المرجع السابق ،ص .117
2
سعيد النجار ،املرجع السابق ،ص.182
60
خاتمة الفصل
يعبر مفهوم السياسة التجارية عن مجموع<<ة اإلج<<راءات والل<<وائح والتش<<ريعات ال<<تي تطبقه<<ا الدول<<ة في نط<<اق
تعاملها الخارجي من اجل تحقيق أهدافها االقتصادية في التنمية .فكل الدول ـ مهما كان توجهها االقتصادي ودرجة
تنميتهاـ تتدخل في إدارة وتوجيه تجارتها الخارجية .وهذا بحجج متع<ددة ،اقتص<ادية منه<ا حماي<ة الص<ناعة الناش<ئة،
جذب رؤوس األموال األجنبية ،معالجة البطالة وحجة السياسة التجارية االستراتيجية ،وغير اقتصادية كحجة الدفاع
واألمن ،المحافظة على الطابع الوطني ،والحجج األخالقي<<ة والديني<<ة .وتس<<تعمل ل<<ذلك األس<<اليب الس<<عرية كالرس<<وم
الجمركية ،والكمية كالحصص ،واإلدارية كتراخيص االستيراد والمعايير التقنية،الصحية والبيئي<<ة .غ<<ير أن درج<<ة
هذا التدخل تختلف من دولة ألخرى تبعا لدرجة تنمية هذا البلد وموقعه في التقسيم الدولي للعمل.
ويمكن قي<<اس درج<<ة وم<<دى ه<<ذا الت<<دخل من خالل السياس<<ات واألس<<اليب المتبع<<ة في إدارة قط<<اع التج<<ارة
الخارجي<ة ،فتك<ون السياس<ة التجاري<ة اك<ثر انفتاح<ا وش<فافية كلم<ا اعتم<دت على الرس<وم الجمركي<ة .بينم<ا تتص<<ف
بالحمائية كلما اعتمدت األساليب الكمية كالحصص والتراخيص في تنظيم هذا القطاع الحساس.
يختلف اثر السياسة التجارية على االقتصاديات الوطنية باختالف الوسائل واألساليب المطبق<<ة في تنظيم وإدارة
قطاع التجارة الخارجية .فك<<ل أس<<لوب من أس<<اليب الت<<دخل كالرس<<وم الجمركي<<ة ،الحص<<ص ،اإلعان<<ات ،ت<<راخيص
االس<<تيراد ل<<ه أث<<ره على االس<<تهالك ،أالنت<<ا ،توزي<<ع ال<<دخل ،األس<<عار ،وم<<ا يج<<ره ذل<<ك على القطاع<<ات المنتج<<ة
والمستهلكة داخل االقتصاد الوطني.
لق<<د ارتبطت ال<<دعوة إلى تحري<<ر التج<<ارة على المس<<توى ال<<دولي بالمن<<افع ال<<تي تنجم عن التخص<<ص وتقس<<يم
العمل ،ومنافع المنافسة والتقدم التقني المرتبط بها .كما ارتبطت بالمنظمات الدولية كصندوق النقد ال<<دولي و البن<<ك
العالمي و منظمة الجان .ومع تزايد دور هذه المنظمات في االقتصاد الدولي وخاصة صندوق النقد الدولي والج<<ات
ثم المنظمة العالمية للنجارة أدى إلى التأثير على السياسات التجارية للدول النامية منها ،خاصة تلك المطبقة لمختلف
برامج التعديل الهيكلي والطامحة لالنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.
ينطلق تحرير التجارة من نطاق ضيق في ش<<كل اتفاق<<ات ثنائي<<ة ثم تتوس<<ع لتش<<مل دوال أخ<<رى ،ثم تتوس<<ع إلى
مناطق للتبادل الحر ثم اتحادات جمركية لتصل إلى أعلى مراحلها االتح<<اد االقتص<<ادي .ونظ<<را للتغ<<يرات الحاص<<لة
في نهاية القرن ،فقد نميز االقتصاد الدولي الحديث والسياسات التجارية بجنوح الدول إلى تحرير التجارة فيم<<ا بينه<<ا
في إطار التكتالت اإلقليمية و الجهوية .
61