You are on page 1of 10

‫‪‬‬ ‫محمد العزيز ّ‬ ‫ّ‬

‫الشيخ ّ‬ ‫ّ‬
‫الش ّ‬ ‫ّ‬
‫جعيط‬ ‫خصية و‬ ‫مجلة األحوال‬
‫إلى روح األستاذة منية جباري‪ّ ،‬‬
‫تغمدها هللا برحمته الواسعة‬

‫شخصيّة والتّعريف به‪ .‬و ّ‬


‫ألن‬ ‫شيخ مح ّمد العزيز جعيّط في مجلّة األحوال ال ّ‬ ‫ص إلى نقل رأي ال ّ‬‫يهدف هذا النّ ّ‬
‫شيخ جاء في ترجمته لنفسه وأله ّم عمل قام به في حياته‪ ،‬سنأتي في نقطة أولى بترجمة الحياة‪ ،‬وفي‬ ‫رأي ال ّ‬
‫شرعيّة‪ ،‬وك ّل هذا سيوصلنا إلى نقطة ثالثة هي للموقف‬‫نقطة ثانية بالتّرجمة أله ّم عمل وهو مجلّة األحكام ال ّ‬
‫من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫شخصيّة‪:‬‬
‫محمد العزيز ّ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ ّ‬
‫جعيط‬ ‫ترجمة لحياة‬

‫صا مخطوطا إلى أن ت ّم طبعه هذه األيّام كجزء من كتاب عنوانه "محاضر‬ ‫شيخ جعيّط لحياته ن ّ‬‫ظلّت ترجمة ال ّ‬
‫شيخ ولد في أواخر رجب ‪ 1303‬هـ (أوائل ماي ‪،)1886‬‬ ‫أن ال ّ‬ ‫مجلّة األحكام ال ّ‬
‫شرعيّة"‪ .1‬في التّرجمة نجد ّ‬
‫خاص في دار والده‪ ،‬ث ّم واصل تعلّمه في الجامع األعظم (أي في جامع ّ‬
‫الزيتونة‪ ،‬وذلك‬ ‫ّ‬ ‫ودرس في كتّاب‬
‫الطبقة الثّانية (‪ 1328‬هـ) ث ّم من ّ‬
‫الطبقة األولى (‪ 1329‬هـ)‪ ،‬كما‬ ‫مدرسا من ّ‬‫بداية من ‪ 1318‬هـ)‪ ،‬وس ّمي فيه ّ‬
‫صادقيّة (‪ 1332‬هـ)‪ .‬كلّف بالفتوى (‪ 1337‬هـ) ‪ ،‬وس ّمي أستاذا بالجامع األعظم‬
‫‪2‬‬
‫عيّن للتّدريس في المدرسة ال ّ‬

‫الز ّروقي‪ ،‬أستاذ تعليم عالي‪ ،‬جامعة قرطاج‪ ،‬كلّيّة العلوم القانونيّة والسّياسيّة واالجتماعيّة بتونس‪.‬‬ ‫‪ ‬عبد المجيد ّ‬
‫مالحظة‪ :‬هذا النّصّ بصدد النّشر‪.‬‬
‫الزيتونة ودار المازري‪ ،‬تونس‪ 1441 ،‬هـ‪ 2020 /‬م‪،‬‬ ‫شرعيّة‪ ،‬جامعة ّ‬ ‫‪ 1‬نور الدّين الجالصي وعبد الهادي البليّش (تحقيق)‪ ،‬محاضر مجلّة األحكام ال ّ‬
‫شخصيّة‪ ،‬والجزء ‪ 3‬و‪ 4‬لقسم أحكام األحوال العقّاريّة)‪.‬‬ ‫(‪ 4‬أجزاء‪ :‬الجزء ‪ 1‬و‪ 2‬لقسم أحكام األحوال ال ّ‬
‫ّ‬
‫ي للتونسيّين أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شيخ مح ّمد العزيز جعيّط أثناء مباشرته للفتيا مسألة التجنس‪ .‬يقول‪ :‬حين رخص االحتالل الفرنس ّ‬ ‫تعرض إليها ال ّ‬ ‫‪ 2‬من المسائل التي ّ‬
‫يتجنّسوا بالجنسيّة الفرنسيّة‪ ،‬زيّن "لكثير من ضعفاء اإليمان والوطنيّة الذين في قلوبهم مرض أن يعتنقوا الجنسيّة الفرنسيّة بما أغروهم من المنافع‬
‫ي تشجيعا له على القدوم إلى تونس)‬ ‫الموظف الفرنس ّ‬‫ّ‬ ‫ي (كانت سلطة االحتالل تعطي ثلثا إضافيّا عن األجر إلى العامل أو‬ ‫المادّيّة كالثّلث االستعمار ّ‬
‫والتّرقّي في الوظيف‪.‬‬
‫لردّة [‪( ]...‬وطلبت سلطة‬ ‫"وقام بالتّنديد بذلك األحزاب السّياسيّة التّونسيّة‪ ،‬ولقّنهم بعض أهل العلم بأنّ التّجنّس بجنسيّة دولة أجنبيّة غير مسلمة موجب ل ّ‬
‫صحف والعموم ينتقدونهم) اعتقادا‬ ‫االحتالل من الباي أن يتد ّخل لمنع أهل الفتوى من اإلفتاء في المسألة‪ ،‬أي لعزلهم عن اإلفتاء فيها‪ ،‬وهو ما جعل ال ّ‬
‫شيخ أمين الحسيني‪ ،‬وثانيهما من‬ ‫منهم أنّ [‪( ]...‬اإلمساك) عن اإلفتاء (كان) بطريق االختيار‪ .‬وجلب التّونسيّون فتويين إحداهما من مفتي فلسطين ال ّ‬
‫بالردّة صحيح‪ ،‬وأنّ‬ ‫اطلعت عليهما‪ .‬وبالتّأ ّمل منهما وجدت أنّ اإلفتاء ّ‬ ‫الزنكلوني تتض ّمنان ردّة المتجنّس لمستندات ذكروها‪ .‬وقد ّ‬ ‫شيخ ّ‬‫ي ال ّ‬‫العالم المصر ّ‬
‫شهاب‬ ‫عز الدّين بن عبد السّالم وال ّ‬ ‫شيخ ّ‬ ‫المستندات غير صحيحة‪ ،‬فأنّ الذي ينبغي االستناد إليه هو ما أطبق عليه المتأ ّخرون المجتهدون في الفتوى كال ّ‬
‫الزنّار (ما يشدّ على وسط‬ ‫القرافي وابن عرفة واللّقاني من أنّ ضابط ما يكفّر به من األفعال صدور فعل من شأنه أن ال يصدر ّإال من كافر كلبس ّ‬
‫صنم‪.‬‬‫النّصارى والمجوس) ولبس ما هو خاصّ بالكفّار‪ ،‬مع التّردّد على الكنائس‪ ،‬وإلقاء المصحف في القاذورات‪ ،‬والسّجود لل ّ‬
‫لصف‬‫ّ‬ ‫صف من تجنّس بجنسيّتهم ولو كان مقابال‬ ‫ّ‬ ‫"والتّجنّس عندي ينظر إليه من هذه المشكاة‪ .‬فاعتناق جنسيّة الكافر والتزام أحكامها من القتال في‬
‫شخصيّة وتعويضها‬ ‫شرعيّة في األحوال ال ّ‬ ‫شرعيّة والدّخول في دائرة المحاكم الفرنسيّة‪ ،‬ونبذ األحكام ال ّ‬ ‫المسلمين‪ ،‬والتزام الخروج عن نظر المحاكم ال ّ‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫صة بهم والثلث االستعمار ّ‬ ‫ّ‬
‫ي للمحاكم الفرنسيّة‪ ،‬وتمت ّع المتجنّس بما هو خاصّ بالفرنسيّين أصالة كالترقي إلى بعض الوظائف الخا ّ‬
‫ّ‬ ‫بالقانون المدن ّ‬
‫الخاصّ بالفرنسيّين‪ ،‬مجموع ذلك شأنه أن ال يصدر من مسلم [‪]...‬‬
‫"ول ّما مات بعض المتجنّسين بالجنسيّة الفرنسيّة وتصدّى المسلمون إلى الحيلولة دون دفنهم في المقابر اإلسالميّة‪ ،‬ولم يبالوا بالنّكال والسّجن والعذاب‪،‬‬
‫اضطرت الحكومة الفرنسيّة إلى تخصيص مقبرة للمتجنّسين‪ ،‬وأنف المتجنّسون من ذلك‪ ،‬وصاروا منبوذين‪ ،‬وكاد باب التّجنّس أن يوصد‪ ،‬فف ّكرت‬ ‫ّ‬
‫الطمع عليه بما تغدقه على المتجنّس من منافع مادّيّة‪ ،‬فاخترعت أو أشير عليها بأنّ‬ ‫الحكومة الفرنسيّة في حيلة تبقي بها على التّجنيس‪ ،‬وتغري عبيد ّ‬
‫ويتزوج بالمسلمة‪ ،‬ويعامل‬ ‫ّ‬ ‫شهادتين تقبل توبته‪ ،‬ويعتبر أنّه رجع إلى حظيرة اإلسالم‪ ،‬يدفن في مقابر المسلمين‪،‬‬ ‫المتجنّس إذا ادّعى التّوبة ونطق بال ّ‬
‫صي منها برجوعه إلى اإلسالم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ف‬‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫يمكنه‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫أل‬ ‫التزمها‬ ‫التي‬ ‫الجديدة‬ ‫معاملة المسلم‪ ،‬ويبقى على الجنسيّة‬
‫ي على أن يجتمع شيوخ ك ّل منهما على حدة ويتفاوضون‪ ،‬ويصدر ك ّل مجلس فتوى في ذلك‪ .‬ول ّما‬ ‫ي والحنف ّ‬ ‫"ووجّهت سؤاال في ذلك للمجلسين المالك ّ‬
‫شيخ مح ّمد ابن الخوجة – رحمه هللا – وامتنع من اإلمضاء على‬ ‫ي عن الحضور وهو ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحنف‬ ‫المجلس‬ ‫أعضاء‬ ‫علم أعضاء المجلسين ذلك‪ ،‬تخلّف بعض‬
‫ي‪ ،‬ورأى غالبهم قبول توبة المتجنّس ألنّ باب التّوبة مفتوح [‪ ]...‬فإذا قيل لهم‪« :‬هذا الذي يدّعي‬ ‫ّ‬ ‫المالك‬ ‫المجلس‬ ‫فتوى قبول التّوبة‪ .‬واجتمع أعضاء‬
‫ي واإلقالع‪ ،‬وهذا المدّعي لم يقلع إذ بقي معتنقا هذه الجنسيّة الملعونة»‪ ،‬قالوا‪« :‬بقاؤه فيها‬ ‫التّوبة كاذب في دعواه ألنّ حقيقة التوبة هي النّدم الحقيق ّ‬
‫ّ‬
‫بالظاهر وهللا متولّي السّرائر»‪ .‬فإذا قيل‪« :‬يلزمه السّعي في إزالة هذا التّجنّس ليتحقّق االضطرار عند العجز»‪ ،‬قالوا‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬وأمرنا أن نحكم‬ ‫اضطرار ّ‬
‫«هذا القيد لم يذكره العلماء»‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لخطة (‪ 1353‬هـ)‪ .‬كلّف أيضا بمشيخة الجامع وفروعه (‪ 1939‬م)‪ ،‬وكلّف بمشيخة اإلسالم‬ ‫ل ّما أحدثت هذه ا ّ‬
‫ي (‪ 1364‬هـ)‪ ،‬وس ّمي وزيرا للعدل‪ 3‬ث ّم استقال ورجع إلى‬‫(‪ 1363‬هـ)‪ ،‬وانتخب شيخ إسالم للمذهب المالك ّ‬
‫مباشرة شؤون المشيخة اإلسالميّة (‪ 1369‬هـ ‪ 1950 -‬م)‪.‬‬
‫شخصيّة‪،‬‬ ‫حين أعلن رئيس حكومة االستقالل (الحبيب بورقيبة) في ‪ 10‬أوت ‪ 1956‬عن مجلّة األحوال ال ّ‬
‫شيخ إحالته على‬ ‫ي‪ ،‬طلب ال ّ‬ ‫شيخ جعيّط مخالف للتّشريع اإلسالم ّ‬ ‫ذاكرا بعض ما تض ّمنته م ّما هو في رأي ال ّ‬
‫أصر‬
‫ّ‬ ‫شيخ‬ ‫لكن ال ّ‬
‫محرم ‪ 1376‬هـ (‪ 11‬أوت ‪ .)1956‬رفض المطلب‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪3‬‬ ‫التّقاعد بمقتضى مكتوب ّ‬
‫شرعيّة‪ .‬بعث له وزير‬ ‫على اإلحالة على التّقاعد وترك مباشرة العمل وأمسك عن الذّهاب إلى المحكمة ال ّ‬
‫بأن عدم المباشرة يعدّ مخالفة‬ ‫"لوح لي [‪ّ ]...‬‬ ‫العدل آنذاك (أحمد المستيري) برسول‪ ،‬ويقول ال ّ‬
‫شيخ إ ّن هذا ّ‬
‫ي‪،‬‬ ‫الطلب لالستقالة واإلحالة على التّقاعد وربّما يحمل ذلك على محمل سياس ّ‬ ‫قانونيّة ما دامت الحكومة لم تلبّ ّ‬
‫مخالف للقانون موجبٌ للعزل‪ ،‬وما فعلت ذلك ّإال الستعدادي للعزل‬ ‫ٌ‬ ‫أن ما أقدمت عليه‬ ‫فأجبته بأنّي ال أجهل ّ‬
‫ي فمن وادي التّهويل الذي ال أقيم له‬ ‫الذي أقبله برحابة صدر‪ ،‬أ ّما تلوين اإلمساك عن المباشرة باللون السّياس ّ‬
‫وزنا بعد ما كاتبت رئيس الحكومة في الغرض‪ ،‬وأجليت الحقيقة له في مظهرها الفضفاض‪ ،‬وإذا أبت‬
‫صنيع ولو كان الحكم‬ ‫موطد النّفس على ما سيسفر عنه هذا ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحكومة ّإال صبغه بال ّ‬
‫صبغة السّياسيّة فإنّي‬
‫باإلعدام"‪.4‬‬
‫محرم ‪ 1376‬هـ‬ ‫ّ‬ ‫شيخ مح ّمد العزيز جعيّط ع ّما كاتب به رئيس الحكومة‪ ،‬فيقول‪ :‬بعثت له "في ‪7‬‬ ‫ويتحدّث ال ّ‬
‫شاذلي النّيفر (وهو أحد‬ ‫شيخ ال ّ‬‫وفي ‪ 14‬أوت ‪ 1956‬م بمكتوب أعلمه فيه أنّه اتّصل بي صبيحة اليوم ال ّ‬
‫ي المكلّف بإعداد الدّستور) وأخبرني بأنّه تداول‬ ‫ي التّأسيس ّ‬
‫لزيتونة‪ ،‬وعضو بالمجلس القوم ّ‬ ‫المدرسين بجامع ا ّ‬
‫ّ‬
‫شخصيّة‪ ،‬وأذنتموه باالتّصال بي الستجالء الغرض من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البحث مع الجناب فيما يتعلق بمجلة أحكام األحوال ال ّ‬
‫الراحة‪ ،‬وهل ذلك العتقادات نفسيّة ودواع شخصيّة أو دواع أخرى ترمي إلى ّ‬
‫بث‬ ‫طلبي اإلحالة على ّ‬
‫الرئيس بورقيبة‬ ‫شيخ النّيفر بأن يبلّغ ّ‬‫شيخ جعيّط إنّه أجاب ال ّ‬ ‫االضطرابات والدّعوة إلى المشاقّة؟" ‪ .‬ويقول ال ّ‬
‫‪5‬‬

‫يصر على رأيه "في ّ‬


‫أن تعدّد‬ ‫ّ‬ ‫بأنّه ليس داعية شقاق وال هو بالثّائر وبأنّه يعترف له بقيمته الوطنيّة‪ ،‬لكنّه‬
‫مضرا يلزم مماشاة ما ورد في القرآن الحكيم‪ ،‬واستنباط الوسائل المفضية إلى استئصاله‬ ‫ّ‬ ‫الزوجات وإن كان‬ ‫ّ‬
‫أو تقليله‪ ،‬كأن يجعل لك ّل زوجة عند العقد عليها اشتراط أن يكون أمر الدّاخلة عليها بيدها أو غير ذلك من‬

‫ي إلمضائها‪ ،‬لم أمض معهم‪ ،‬وكتبت بهامش هذه الفتوى‪« :‬إنّ الممضي‬ ‫"ول ّما ح ّررت الفتوى بقبول توبته وأمضيت من قبل أعضاء المجلس‪ ،‬وقدّمت إل ّ‬
‫أسفله يرى أنّ هذه التّوبة ال يص ّح قبولها ّإال إذا تأيّدت بما يحقّق صدقها وذلك بتصريح من تجنّس أنّه ندم على التّلبّس بهذه الجنسيّة‪ ،‬وتخلّى عنها‪،‬‬
‫المنجرة منها»‪ ،‬وأمضيت ما كتبت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالطرق الممكنة‪ ،‬وتخلّى عن المنافع‬ ‫ونبذها‪ ،‬وسعى في التّف ّ‬
‫صي منها‬
‫ّ‬
‫"وبسبب ما كتبت‪ ،‬أنكرت الحكومة استفقاءها أعضاء المجلسين في قبول التوبة وأشاعت ذلك [‪]...‬‬
‫"ول ّما كان غالب التّونسيّين مالكيّا‪ ،‬فمن المصلحة إنكار استصدار الفتوى‪ ،‬وإقبار المسألة‪.‬‬
‫صحفيّين‪ ،‬ولم يميّزوا بين اإلفتاء بقبول توبة المتجنّس واإلفتاء بإباحة التّجنّس فنسبوا إلى المفتين بقبول توبة‬‫"والتبس األمر على العا ّمة وكثير من ال ّ‬
‫ّ‬
‫استمر هذا االلتباس إلى هذا الزمان"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المتجنّس أنّهم أفتوا بإباحة التّجنّس مع أنّه لم يفت أحد من أهل الفتوى والعلم – فيما أعلم – بإباحة التجنس‪ ،‬وربّما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نور الدّين الجالصي وعبد الهادي البليّش (تحقيق)‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 52‬وما بعدها‪.‬‬
‫شيخ جعيّط وإنّه‪ ،‬وفي ‪ ،1947‬لَ ّما بلغه خبر دخوله في حكومة مصطفى الكعّاك‬ ‫‪ 3‬يقول أحمد المستيري في مذ ّكراته إنّ ع ّمه المنصف كان تلميذا لل ّ‬
‫"زاره في بيته والمه على ذلك لوما شديدا‪« :‬كيف تقبل يا سيّدي أن تجازف بسمعتك ورصيدك مع هذه الحكومة المرفوضة من الوطنيّين؟»" فأجابه‪:‬‬
‫شرعيّة‪ ،‬وليس لي غرض آخر‪ .‬أحمد المستيري‪ ،‬شهادة للتّاريخ‪ .‬ذكريات وتأ ّمالت‬ ‫اسمع يا ولدي‪ ،‬هنالك أمر أرغب في إنجازه‪ ،‬وهو المجلّة ال ّ‬
‫وتعاليق حول فترة من التّاريخ المعاصر لتونس والمغرب الكبير (‪ )1990 – 1940‬وثورة ‪ ،2011 – 2010‬دار الجنوب‪ ،‬تونس‪ ،2011 ،‬ص ‪،105‬‬
‫الهامش‪.‬‬
‫‪ 4‬نور الدّين الجالصي وعبد الهادي البليّش (تحقيق)‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 73‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 5‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.74‬‬

‫‪2‬‬
‫لنص القرآن [‪ ]...‬وإ ّنما ّ‬
‫تعرضت لتعدّد‬ ‫ّ‬ ‫أن التّصريح بإطالق المنع من التّعدّد مخالف‬
‫القيود‪ ،‬وفي نظري ّ‬
‫خاص بداره"‪.6‬‬
‫ّ‬ ‫صة ألنّه الذي استفحل فيه الخالف بيني وبين ّ‬
‫الرئيس في اجتماع‬ ‫ّ‬
‫الزوجات خا ّ‬
‫الطلب من الحكومة‪ ،‬وبعد إصرار‬‫شيخ‪ ،‬وبعد رفض ّ‬ ‫بعد تقديم طلب االستقالة واإلحالة على الت ّقاعد من ال ّ‬
‫ومرة من رسول رئيس‬ ‫مرة من رسول وزير العدل أحمد المستيري‪ّ ،‬‬ ‫مرتين ( ّ‬
‫شيخ على طلبه رغم تهديده ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شيخ يسأله ما الذي يتوقّف عليه رجوعه إلى المباشرة‪،‬‬
‫الحكومة الحبيب بورقيبة)‪ ،‬أرسل وزير العدل إلى ال ّ‬
‫الرجوع عن رفض المطلب ومكاتبتي بذلك‪ .‬فكاتبني وزير‬ ‫فأجاب‪" :‬رجوعي إلى المباشرة يتوقّف على ّ‬
‫بأن مطلب إحالتي على المعاش مقبول مبدئيّا والوزارة بصدد‬ ‫الدّاخليّة النّائب عن وزير العدل في التّاريخ ّ‬
‫التّأ ّمل منه‪ ،‬وعندما يقع البتّ في شأنه يقع إعالمي بالنّتيجة"‪.7‬‬
‫محرم ‪ )1376‬وفي اليوم نفسه كاتب‬ ‫ّ‬ ‫شيخ إلى المباشرة في ‪ 20‬أوت ‪13( 1956‬‬ ‫على هذا األساس رجع ال ّ‬
‫وزير العدل فيما يراه من فصول في مجلّة األحوال ال ّ‬
‫شخصيّة مخالفة للتّشريع اإلسالم ّ‬
‫ي‪ .8‬لكن‪ ،‬وقبل اإلتيان‬

‫‪ 6‬المكان نفسه‪.‬‬
‫‪ 7‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 73‬وما بعدها‪.‬‬
‫شيخ بعد ذلك؟‬ ‫‪ 8‬ماذا حدث مع ال ّ‬
‫يقول‪" :‬وبعد هذا المكتوب بقيت مترقّبا لإلحالة على التّقاعد‪ ،‬فأحلت عليه ابتداء من أكتوبر عام ‪.1956‬‬
‫ومكثت خمسة أشهر في التّقاعد‪ .‬ث ّم في شعبان ‪ 1376‬هـ وفي ‪ 1‬مارس ‪ 1957‬م أعدت إلى الوظيف وس ّميت مفتيا للدّيار التّونسيّة‪ .‬وفي أثناء اشتغالي‬
‫ي يتذ ّمرون من انتهاك حرمة‬ ‫بهذا الوظيف كاتبت الوزير األكبر رئيس الحكومة التّونسيّة (الحبيب بورقيبة) أعلمه أنّ ثلّة كبيرة من المسلمين كتبوا إل ّ‬
‫صلوات وذكر هللا تعالى [‪]...‬‬ ‫المساجد بجعلها محا ّل سكنى وتعطيلها ع ّما جعلت له من إقامة ال ّ‬
‫ي‬
‫"وكان جرى بيني وبين رئيس الجمهوريّة (أعلنت الجمهوريّة في ‪ 25‬جويلية ‪ ،1957‬وانتقل الحبيب بورقيبة من وضعيّة رئيس حكومة في نظام ملك ّ‬
‫شيخ مح ّمد‬ ‫إلى وضعيّة رئيس جمهوريّة) مباحثات في التّرخيص للعساكر وللعملة الفطر في رمضان – وكان ذلك بحضور شيخ الجامع ومشاركته (ال ّ‬
‫والظروف ال تساعد على قلّة اإلنتاج بل تجبرنا على اإلكثار منه ألنّنا في حالة حرب لمقاومة‬ ‫ّ‬ ‫الطاهر ابن عاشور) – ألنّ اإلنتاج يق ّل في رمضان‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫التّخلف‪ .‬أ ّما العساكر فال يمكن اإليفاء بما يطلب منهم وهم في حالة صوم‪ .‬وانتشر البحث في أسباب قلة اإلنتاج وأسباب تالفيه وصحّة التوسّع في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مؤرخا في ‪ 9‬ذي الحجّة ‪ 1378‬هـ‬ ‫الرئيس أن أقيّد ما جرى في هذه المجالس من المباحث وأرسلها إليه‪ .‬فأرسلت إليه مكتوبا ّ‬ ‫التّرخيص‪ .‬وطلب منّي ّ‬
‫وفي ‪ 15‬جوان ‪ 1959‬م نصه بعد الدّيباجة‪:‬‬
‫صناعيّة والبحث عن‬ ‫"وبعد‪ ،‬فتبعا لما دار في مجلسكم الموقّر في شأن اإلنتاج في رمضان وقلّته في كافّة الميادين اإلداريّة والعسكريّة والثّقافيّة وال ّ‬
‫األسباب والعالج المفيد‪ ،‬سجّلت لجنابكم هذه الملحوظات في صورة سؤال وجواب‪:‬‬
‫"س ‪ :1‬ما سبب قلّة اإلنتاج في شهر رمضان المبارك؟‬
‫صوم وما يقارنه‬ ‫ّ‬ ‫لل‬ ‫نتيجة‬ ‫أو‬ ‫سخيفة‪،‬‬ ‫عادات‬ ‫من‬ ‫هر‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫وم‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫يصحب‬ ‫لما‬ ‫نتيجة‬ ‫أو‬ ‫وحده‪،‬‬ ‫صوم‬‫"ج ‪ :1‬يمكن أن يكون قلّة اإلنتاج متسبّبا‪ :‬عن ال ّ‬
‫من العادات الممقوتة‪.‬‬
‫"س ‪ :2‬ما هو األرجح في تعيين سبب قلّة اإلنتاج؟‬
‫الرشد والحكمة وهو جعل الليل‬ ‫ي الذي يقتضيه ّ‬ ‫"ج ‪ :2‬في نظري أنّ وزر قلّة العمل محمول معظمه على العادات الحمقاء‪ ،‬واإلخالل بالنّظام ّ‬
‫الطبيع ّ‬
‫صائم منهوك الجسم خائر القوى‬ ‫صائمين يفنون الليل أو معظمه بالسّهر‪ ،‬فيصبح ال ّ‬ ‫للراحة والسّكون‪ ،‬والنّهار لالنتشار والكسب‪ .‬واألغلبيّة السّاحقة من ال ّ‬ ‫ّ‬
‫صوم عن إنتاجهم في غيره‪.‬‬ ‫فاقدا للنّشاط فيق ّل إنتاجه‪ .‬والدّليل على صحّة هذا النّظر أنّ أهل البادية السّالمين من داء السّهر ال يق ّل إنتاجهم في ال ّ‬
‫"س ‪ :3‬ما عالج داء السّهر الوبيل؟‬
‫ّ‬
‫"ج ‪ :3‬العالج الوحيد الستئصال هذه العادة إيصاد أبواب المقاهي في المواقيت التي توصد فيها أيّام أشهر الفطر‪ ،‬وإلغاء الترخيص في فتح دور المالهي‬
‫صحّة‪ ،‬ويصون األخالق والفضيلة‪ ،‬ويحمي الثّروات من‬ ‫يحث عليه الدّين‪ ،‬ويحفظ ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫على اختالف أشكالها وأنواعها في ليالي رمضان‪ ،‬األمر الذي‬
‫التّبدّد والتّالشي بما ال يفيد‪.‬‬
‫صوم في وقت تقضي المصالح الوطنيّة‬ ‫القوة وضعف البدن بال ّ‬ ‫صوم قلة العمل المتسبّبة عن فتور ّ‬ ‫ّ‬ ‫"س ‪ :4‬هل يصلح للتّرخيص في الفطر وترك ال ّ‬
‫الملحّة وجوب إكثار اإلنتاج؟‬
‫بوة وقت تشريع‬ ‫ي كان موجودا في زمن النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجزئ‬ ‫ّعف‬ ‫ض‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫وم‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫عن‬ ‫ينشأ‬ ‫ما‬ ‫ألنّ‬ ‫الفطر‬ ‫في‬ ‫رخيص‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫لل‬ ‫وم‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫بسبب‬ ‫"ج ‪ :4‬ال تصلح قلّة اإلنتاج‬
‫ي على عدم‬ ‫ّ‬ ‫قطع‬ ‫دليل‬ ‫فذلك‬ ‫شريع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫زمن‬ ‫وجودها‬ ‫مع‬ ‫رخيص‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫أسباب‬ ‫من‬ ‫ارع‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫ّها‬ ‫د‬ ‫يع‬ ‫لم‬ ‫وحيث‬ ‫الفطر‪.‬‬ ‫في‬ ‫رخيص‬ ‫األحكام وبيان أسباب الت ّ‬
‫صلوحيّتها للتّرخيص [‪]...‬‬
‫صوم عن القيام بواجباتهم العسكريّة على الوجه األت ّم حتّى ال يقع منهم إخالل بالواجب أو‬ ‫"س ‪ :5‬هل يباح الفطر في رمضان للجنود الذين يعوقهم ال ّ‬
‫التّقصير فيه؟‬
‫صوم والتقصير في مواقع النّزال‪ ،‬فأرى أنّه يباح لها الفطر قياسا على‬ ‫ّ‬ ‫تسرب الضّعف لها بال ّ‬ ‫"ج ‪ :5‬إذا كانت الجنود في حالة مباشرة حرب وخشيت ّ‬
‫الرخص‪ ،‬وهو مذهب كثير من‬ ‫ي على القول بجواز القياس على ّ‬ ‫إباحة الفطر في السّفر بجامع المشقّة‪ ،‬وهي في الحرب أعظم منها في السّفر‪ ،‬وهذا مبن ّ‬
‫األئ ّمة وأهل األصول‪ .‬أ ّما إذا لم يكن الجنود في حالة حرب‪ ،‬فهم كغيرهم ال يباح لهم اإلفطار ّإال لعذر السّفر أو المرض‪ .‬ومن السّفر المبيح للفطر‬

‫‪3‬‬
‫أن جزءا من هذه المجلّة‬ ‫شيخ‪ ،‬أي مجلّة األحكام ال ّ‬
‫شرعيّة‪ .‬والسّبب ّ‬ ‫بهذا األمر‪ ،‬ينبغي أن نتناول أه ّم أعمال ال ّ‬
‫يتعلّق بالمادّة التي اختلف فيها مع ّ‬
‫الرئيس بورقيبة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫محمد العزيز ّ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ ّ‬ ‫ّ‬
‫رعية‬ ‫جعيط‪ :‬مجلة األحكام‬ ‫أهم أعمال‬

‫شرعيّة وذلك عن‬ ‫شيخ مح ّمد العزيز جعيّط وزارة العدل‪ ،‬بدأ بإعداد مجلّة ّ‬
‫تنظم عمل المحاكم ال ّ‬ ‫حين تولّى ال ّ‬
‫شيخ ولجنته إلى إصدار‬ ‫طريق لجنة جمعت ح ّكاما شرعيّين وعدليّين ووكالء رسميّين وعدول‪ .‬أفضى عمل ال ّ‬
‫شرعيّة‪.9‬‬ ‫مجلّة المرافعات ال ّ‬
‫ي وبعضها اآلخر وفق‬ ‫شرعيّة بعضها يقضي وفق المذهب المالك ّ‬ ‫وألن المحاكم ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ي‪،‬‬
‫بعد اإلصالح اإلجرائ ّ‬
‫شرعيّة‬ ‫شيخ أن يوحّد القانون المعمول به من طرفها وذلك بإعداد مجلّة لألحكام ال ّ‬ ‫ي‪ ،‬أراد ال ّ‬
‫المذهب الحنف ّ‬
‫صادق البليّش‪ ،‬إلى ك ّل مسألة من‬ ‫شيخ مح ّمد ال ّ‬ ‫تنطبق على ك ّل المتقاضين ‪ .‬من أجل ذلك عمد‪ ،‬بمعيّة ال ّ‬
‫‪10‬‬

‫شخصيّة وأحكام األحوال العقّاريّة) فأثبت‬ ‫شرعيّة (أحكام األحوال ال ّ‬ ‫المسائل الدّاخلة في اختصاص المحاكم ال ّ‬
‫تفرد مذهب‬ ‫ي‪ .‬فإذا ّ‬ ‫ي‪ ،‬وصيغةٌ أخرى وفق المذهب المالك ّ‬ ‫صا قانونيّا‪ :‬صيغةٌ منه وفق المذهب الحنف ّ‬ ‫فيها ن ّ‬
‫شرعيّة"‪ ،‬وقد ت ّم‬ ‫ي على وفقه‪ .‬ك ّل هذا أنتج "الئحة مجلّة األحكام ال ّ‬ ‫بالحكم في مسألة‪ ،‬أثبت النّ ّ‬
‫ص القانون ّ‬
‫ي‪.11‬‬‫ي والمالك ّ‬‫طبعها مع اإلشارة في غالف عنوانها إلى أنّها مستمدّة من أصول المذهبين الحنف ّ‬
‫شيخ لجنة متر ّكبة من تونسيّين ‪ ،‬بعضهم له تكوين قانون ّ‬ ‫بعد ما تقدّم ش ّكل ال ّ‬
‫‪12‬‬
‫ي وبعضهم اآلخر له‬‫ي شرع ّ‬
‫ي‪ .13‬وفي ّأول اجتماع تسلّم ك ّل عضو نسخة من الالئحة المذكورة أعاله‪ ،‬وكان المطلوب‬
‫ي وضع ّ‬ ‫تكوين قانون ّ‬

‫ي باثنين وسبعين كيلومترا ولم ينووا االستقرار فيه خمسة عشر‬ ‫ي من مح ّل إقامتهم إلى مكان آخر يبعد عن مكان إقامتهم األصل ّ‬ ‫بالنّسبة للجند تنقّلهم الوقت ّ‬
‫يوما فأكثر"‪ .‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 77‬وما بعدها‪.‬‬
‫شوال ‪ 1389‬هـ الموافق لـ ‪ 5‬جانفي ‪ .1970‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.95‬‬ ‫شيخ مح ّمد العزيز جعيّط في ‪ّ 26‬‬ ‫توفّي ال ّ‬
‫شرعيّة وأعضاء اللجنة التي أعدّتها ومحاضر جلساتها وذلك عند‪ :‬نور الدّين الجالصي وعبد‬ ‫ّ‬
‫‪ 9‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ .66‬انظر محتوى مجلة المرافعات ال ّ‬
‫شيخ‬ ‫ي ال ّ‬
‫شرعيّة تحت وزير العدليّة وشيخ اإلسالم المالك ّ‬ ‫ّ‬
‫مسودة مجلة المرافعات ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الهادي البليّش (تحقيق)‪ ،‬محاضر جلسات لجنة النّظر في الئحة‬
‫عالمة مح ّمد العزيز جعيّط‪ ،‬مج ّمع األطرش لنشر وتوزيع الكتاب المختصّ ‪ ،‬تونس‪ .2018 ،‬مالحظة‪ :‬يقول المحقّقان في مقدّمة التّحقيق إنّ مجلّة‬ ‫ال ّ‬
‫المؤرخ في ‪5‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األحكام الشرعيّة أثرت في محتوى مجلة المرافعات المدنيّة والتجاريّة التي ستصدر الحقا بمقتضى القانون عدد ‪ 130‬لسنة ‪1959‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أكتوبر ‪.1959‬‬
‫شرعيّة في بعض الجلسات بـ‪ :‬مجلّة توحيد األحكام‪ .‬م س‪ ،‬ص ‪.3‬‬ ‫‪ 10‬أسميت مجلّة األحكام ال ّ‬
‫شرعيّة)‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.15‬‬ ‫‪ 11‬نور الدّين الجالصي وعبد الهادي البليّش (تحقيق)‪ ،‬م س (محاضر مجلّة األحكام ال ّ‬
‫الالئحة مقسّمة على ثالثة ملفّات إلكترونيّة‪:‬‬ ‫انظر نسخة من ّ‬
‫ّ‬
‫األول‪ ،>abdelmagidzarrouki.com/2013-05-06-14-45-36/viewdownload/329-/66766< :‬تاريخ آخر اطالع‪21 :‬‬ ‫ّ‬ ‫الملف‬
‫ّ‬
‫مارس ‪.2021‬‬
‫اطالع‪21 :‬‬ ‫الملف الثّاني‪ ،>abdelmagidzarrouki.com/2013-05-06-14-45-36/viewdownload/347-/66801-1< :‬تاريخ آخر ّ‬ ‫ّ‬
‫مارس ‪.2021‬‬
‫اطالع‪21 :‬‬ ‫الملف الثّالث‪ ،>abdelmagidzarrouki.com/2013-05-06-14-45-36/viewdownload/347-/66802-2< :‬تاريخ آخر ّ‬ ‫ّ‬
‫مارس ‪2021‬‬
‫سيّد المنصف المستيري عن االعتبارات التي روعيت في انتخاب أفراد اللّجنة هل هي اعتبارات شخصيّة ال دخل فيها لالعتبارات‬ ‫‪" 12‬سأل ال ّ‬
‫شيخ ال ّ‬
‫الحزبيّة أو كيف الحال؟‬
‫"فأجاب جناب المولى الوزير بأنّ انتخاب اللّجنة إنّما روعي فيه المصلحة العا ّمة ليس غير‪ ،‬بقطع النّظر عن االعتبارات الحزبيّة أو النّزعات السّياسيّة‪،‬‬
‫ي بما يتّفق ومصلحة المتقاضين‪ .‬وإذا روعي شيء في‬ ‫شرع ّ‬ ‫ي بحت ال عالقة له ّإال بتنظيم القضاء ال ّ‬ ‫ضرورة أنّ نظر هذه اللجنة إنّما هو نظر إصالح ّ‬
‫شرعيّة والعلميّة والقضائيّة والحقوقيّة ومعرفة‬ ‫صصهم فيما له عالقة بما انتخبوا ألجله من النّواحي ال ّ‬ ‫تفوق رجال اللّجنة وتخ ّ‬ ‫هذا االنتخاب‪ ،‬فإنّما هو ّ‬
‫شرعيّة المنعقدة في مساء يوم‬ ‫مسودة األحكام ال ّ‬‫أحوال النّاس وأخالقهم وعاداتهم إلخ"‪ .‬انظر محضر الجلسة األولى من جلسات لجنة النّظر في الئحة ّ‬
‫المعظم ‪ 1368‬الموافق لـ ‪ 23‬جويلية ‪ ،1949‬وذلك عند‪ :‬نور الدّين الجالصي وعبد الهادي البليّش (تحقيق)‪ ،‬م س (محاضر مجلّة‬ ‫ّ‬ ‫السّبت ‪ 27‬رمضان‬
‫شرعيّة)‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.114‬‬ ‫األحكام ال ّ‬
‫شيخ مح ّمد‬ ‫ي (بسبب المرض نابه ال ّ‬ ‫شيخ صالح المالقي المكلّف بمشيخة اإلسالم المالك ّ‬ ‫ي‪ ،‬ال ّ‬
‫شيخ مح ّمد عبّاس شيخ اإلسالم الحنف ّ‬ ‫‪ 13‬أعضاء اللجنة هم‪ :‬ال ّ‬
‫شيخ مح ّمد النّاجي ابن مراد القاضي‬ ‫شيخ أحمد المهدي النّيفر المفتي المالك ّ‬
‫ي‪ ،‬ال ّ‬ ‫ي‪ ،‬ال ّ‬
‫ي ابن الخوجة المفتي الحنف ّ‬ ‫شيخ عل ّ‬ ‫ي)‪ ،‬ال ّ‬‫البشير النّيفر المفتي المالك ّ‬
‫شيخ أحمد ابن ميالد العضو بالمجلس المختلط‪،‬‬ ‫شيخ مح ّمد ابن عاشور العضو بالمجلس المختلط‪ ،‬ال ّ‬ ‫ي‪ ،‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫الك‬ ‫الم‬ ‫القاضي‬ ‫سيالة‬ ‫الطيّب‬‫شيخ ّ‬ ‫ي‪ ،‬ال ّ‬ ‫الحنف ّ‬

‫‪4‬‬
‫ي واحد‪ .15‬هذا‬ ‫أن ينتهوا‪ ،‬انطالقا منها ‪ ،‬وعلى مدى الجلسات التي سيعقدونها‪ ،‬إلى مجلّة ذات محتوى قانون ّ‬
‫‪14‬‬

‫ي‪ ،16‬ال يختلف في جوهره ع ّما يدعو إليه اليوم علم صياغة النّصوص التّشريعيّة‪.17‬‬ ‫ما حصل بعد عمل منهج ّ‬
‫شيخ جعيّط)‬‫شرعيّة‪ ،‬لكن "حال دون ذلك (والكالم لل ّ‬ ‫وكان من المنتظر أن يصدر أمر بالعمل بمجلّة األحكام ال ّ‬
‫أن المجلّة المذكورة حوت‬ ‫الزائفة"‪ .18‬وما تنبغي مالحظته هو ّ‬ ‫عالت ّ‬ ‫مماطلة الدّوائر الفرنسيّة بأنواع من الت ّ ّ‬
‫شفعة والقسمة‬ ‫شخصيّة و‪ 586‬مادّة ّ‬
‫تنظم األحوال العقّاريّة (االستحقاق وال ّ‬ ‫‪ 765‬مادّة ّ‬
‫تنظم األحوال ال ّ‬
‫صدقة والوقف والوصيّة)‪.‬‬ ‫والمغارسة والهبة وال ّ‬

‫المدرس‬
‫ّ‬ ‫الرحمان ابن يوسف‬ ‫شيخ عبد ّ‬ ‫المدرس بالجامع األعظم‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫شيخ مح ّمد المستيري‬ ‫المدرس بالجامع األعظم‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫شيخ مح ّمد الهادي ابن القاضي‬ ‫ال ّ‬
‫الرئيس‬ ‫شيخ مح ّمد المالقي ّ‬ ‫شيخ مح ّمد القلعي رئيس محكمة التّعقيب‪ ،‬ال ّ‬ ‫المدرس بالجامع األعظم‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫شيخ مح ّمد الفاضل ابن عاشور‬ ‫بالجامع األعظم‪ ،‬ال ّ‬
‫شاذلي‬ ‫الطاهر السّعيدي‪ ،‬ال ّ‬ ‫شيخ ّ‬ ‫شيخ مح ّمد شقرون‪ ،‬ال ّ‬ ‫شيخ المنصف المستيري‪ ،‬ال ّ‬ ‫شاذلي القسطلّي‪ ،‬ال ّ‬ ‫سيّد ال ّ‬ ‫األول بالوزارة ورئيس المحكمة الجنائيّة‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ .‬انظر محضر الجلسة األولى‬ ‫ّ‬
‫ي‪ ،‬مح ّمد بن الشاذلي ع ّمار الوكيل الشرع ّ‬‫ّ‬ ‫الرسم ّ‬ ‫ي الوكيل ّ‬ ‫ّ‬
‫الخالدي المحامي‪ ،‬عبد القادر التعبوري المحامي‪ ،‬حسن الكعل ّ‬ ‫ّ‬
‫المعظم ‪ 1368‬الموافق لـ ‪ 23‬جويلية ‪،1949‬‬ ‫ّ‬ ‫شرعيّة المنعقدة في مساء يوم السّبت ‪ 27‬رمضان‬ ‫مسودة األحكام ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫من جلسات لجنة النّظر في الئحة‬
‫شرعيّة)‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ 105‬وما بعدها‪ .‬انظر أيضا ترجمة‬ ‫وذلك عند‪ :‬نور الدّين الجالصي وعبد الهادي البليّش (تحقيق)‪ ،‬م س (محاضر مجلّة األحكام ال ّ‬
‫الرابع‪ ،‬ص ‪ 255‬وما بعدها‪.‬‬ ‫بعض أعضاء اللجنة وذلك في الجزء ّ‬
‫شاذلي الخالدي‪ ،‬في مسألة المصادر المادّيّة‬ ‫ّ‬ ‫ي من أعضاء اللجنة‪ ،‬وتحديدا رأي األستاذ ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي وضع ّ‬ ‫وم ّما تنبغي اإلشارة إليه رأي من له تكوين قانون ّ‬
‫لألحكام‪ .‬يقول إنّه يحمد هللا تعالى على "ما يحمله لدينه وقوميّته وشريعة بالده من عظيم االعتبار والحبّ [‪ ]...‬وأنّه م ّما يغتبط به [‪( ]...‬أنّه درس)‬
‫يعتز بها أربابها وقدّر له بموجب المهنة وسابقيّة التّعلّم أن يكون من المتّصلين بها فيسبر غورها ويبحث عن مداركها ويقايس‬ ‫ّ‬ ‫القوانين الوضعيّة التي‬
‫وقوة مداركها ورجحان صالحيّتها ويفتخر بذلك أيّما افتخار‪ .‬غير أنّه إذا كانت‬ ‫بينها وبين أحكام شريعتنا المقدّسة‪ ،‬فيبتهج بالغ االبتهاج بمتانة أحكامها ّ‬
‫وتطورات الحالة االجتماعيّة وامتزاج العناصر المتباينة في الدّين والخلق والتّقاليد والعادات‪ ،‬فمن‬ ‫ّ‬ ‫هنالك أحكام ال تتّفق مع فكرة العصر الحاضر‬
‫يعرض أحكامنا إلى نقد‬ ‫شرعيّة وال ّ‬ ‫يمس من األصول ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الراهنة [‪ ]...‬بما ال‬ ‫ي ومقتضيات الحالة ّ‬ ‫ّ‬ ‫رع‬ ‫المناسب أن نبحث ع ّما يوفّق بين الحكم ال ّ‬
‫ش‬
‫النّاقدين"‪ .‬م س‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ 147‬وما بعدها‪.‬‬
‫ي‬
‫ي والمالك ّ‬ ‫ّ‬
‫شاذلي القسطلي عن وجه التّقيّد في اختيار نصوص المجلة من خصوص أحكام المذهبين الحنف ّ‬ ‫ّ‬ ‫سيّد ال ّ‬ ‫األول للّجنة "تساءل ال ّ‬ ‫‪ 14‬في االجتماع ّ‬
‫شأن‪ ،‬وقد تحدث صور وقضايا من الممكن أن تكون المصلحة قاضية بأن‬ ‫مع أنّ المذاهب المشهورة أربعة‪ .‬وما دامت المصلحة رائد الجميع في هذا ال ّ‬
‫ي مثال‪ ،‬فلماذا ال نتوسّع في المراجع المذهبيّة كما سبقت إلى ذلك بعض البالد اإلسالميّة كمصر مثال المستمدّة‬ ‫شافع ّ‬ ‫ال تطبّق عليها ّإال نصوص المذهب ال ّ‬
‫مجلّتها من أحكام عدّة مذاهب؟‬
‫حق قدرها‪ ،‬ويدرك ما يرمي إليه من الجزئيّات التي قد تقضي المصلحة بسحب‬ ‫"فأجاب جناب الوزير بأنّه يكبر لحضرة السّائل مالحظته‪ ،‬ويقدّر لها ّ‬
‫ي‪ ،‬وعلى‬ ‫ي والمالك ّ‬‫ي مقام ببالدنا من أبعد عهد على خصوص المذهبين الحنف ّ‬ ‫شرع ّ‬ ‫أحكام المذاهب األخرى عليها [‪ ]...‬غير أنّه ال يخفى أنّ القضاء ال ّ‬
‫ي المنشئ للّجنة يقول إنّ مه ّمتها) هي النّظر‬ ‫ّ‬ ‫العل‬ ‫األمر‬ ‫أنّ‬ ‫ّط‬ ‫ي‬‫جع‬ ‫العزيز‬ ‫د‬ ‫م‬‫ّ‬ ‫مح‬ ‫الوزير‬ ‫أصول هذين المذهبين انتظمت عوائدنا ومعامالتنا [‪( ]...‬وأضاف‬
‫شرع العزيز من النّصوص المستمدّة من كتب الفقه‬ ‫شرعيّة الختيار ما تقتضي المصلحة إجراء العمل به بمحاكم ال ّ‬ ‫مسودة مجلّة األحكام ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫في الئحة‬
‫ي‪.‬‬‫ي والمالك ّ‬ ‫ي للمذهبين الحنف ّ‬ ‫اإلسالم ّ‬
‫ي المشار إليه في‬ ‫صالح العا ّم يدعو إلى العمل بمقتضاها مالحظا أنّه يمكن تنقيح النّصّ التّشريع ّ‬ ‫شاذلي القسطلّي بنظريّته التي يرى أنّ ال ّ‬ ‫سيّد ال ّ‬
‫"فتمسّك ال ّ‬
‫سبيل المصلحة العا ّمة‪.‬‬
‫ي ثابت وإلمام‬ ‫شرعيّة‪ ،‬يلزم أن يكون مرتكزا على أساس علم ّ‬ ‫"فالحظ جناب المولى الوزير أنّ التّشريع العا ّم‪ ،‬وأحرى ما كان منه مرتبطا باألصول ال ّ‬
‫الزكيّين إنّما هي معلومات‬ ‫واسع بالمدارك المذهبيّة وتع ّمق في أصولها وفروعها وإحاطة بنصوصها ومظانّها‪ .‬ومعلوماتنا بما عدا أصول مذهبينا ّ‬
‫الالئق المفيد أن ال نهت ّم اآلن ّإال بإصالح‬ ‫سطحيّة ال تكفي في ناحية التّشريع وال نأمن بها من الوقوع في خطأ منكر أو غلط شنيع‪ .‬لذلك كان من ّ‬
‫الموجود‪.‬‬
‫شأن"‪ .‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 112‬وما بعدها‬ ‫شاذلي القسطلّي رأيه الخاصّ في هذا ال ّ‬ ‫سيّد ال ّ‬‫صحيحة‪ ،‬وسجّل لل ّ‬ ‫"فوافق الحاضرون على هذه النّظريّة ال ّ‬
‫المعظم ‪1368‬‬ ‫ّ‬ ‫شرعيّة المنعقدة في مساء يوم السّبت ‪ 27‬رمضان‬ ‫مسودة األحكام ال ّ‬ ‫‪ 15‬انظر محضر الجلسة األولى من جلسات لجنة النّظر في الئحة ّ‬
‫الموافق لـ ‪ 23‬جويلية ‪ ،1949‬وذلك في‪ :‬م س‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.111‬‬
‫ي)‪ :‬إنّ "الغرض من وضع المجلّة جمع‬ ‫ي الفرنس ّ‬ ‫شيخ مح ّمد العزيز جعيّط‪ ،‬وهو يقول (ضمن جوابه على اعتراضات المستشار القضائ ّ‬ ‫انظر أيضا ال ّ‬
‫ّ‬
‫تفرق في الكتب الفقهيّة‪ ،‬وضبط ما يلزم اتباعه من األقوال واآلراء المختلفة المتعلقة بموضوع واحد‪ .‬وقد يكون االختالف في الموضوع‬ ‫ّ‬ ‫شتات ما ّ‬
‫ي في المملكة التّونسيّة‬ ‫شرع ّ‬ ‫ي‪ ،‬وقد يكون االختالف وتعدّد األقوال في المذهب الواحد منها‪ .‬ومعلوم أنّ القضاء ال ّ‬ ‫ي والمالك ّ‬ ‫الواحد بين المذهبين الحنف ّ‬
‫ي والخيرة في ذلك للمطلوب‪ .‬فنشأ عن ذلك أنّ القضايا المتّحدة النّوع كثيرا ما تختلف األحكام‬ ‫ي والمالك ّ‬ ‫مقيّد بوجوب جريانه على أحد المذهبين الحنف ّ‬
‫ي في حكمهما أو لتعدّد األقوال في المذهب الواحد واختالف اختيار الح ّكام لما يقع به القضاء من األقوال‪.‬‬ ‫ي والمالك ّ‬ ‫فيها إ ّما الختالف المذهبين الحنف ّ‬
‫االطالع عليه على وجه ميسور"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫صة المتقاضين والمحامين من‬ ‫فكان من المصلحة الجليّة ضبط ما يحكم به وتوحيده‪ ،‬وتمكين الح ّكام والعموم وخا ّ‬
‫م س‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪.242‬‬
‫‪ 16‬انظر محاضر الجلسات (‪ 102‬جلسة)‪ ،‬وذلك في‪ :‬م س‪ ،‬ج ‪ 1‬و‪ 2‬و‪ 3‬و‪.4‬‬
‫األول‪ .‬المنهجيّة الفقهيّة والتّشريعيّة والقضائيّة‪ ،‬مج ّمع األطرش لنشر وتوزيع الكتاب‬ ‫الز ّروقي‪ ،‬المنهجيّة القانونيّة‪ .‬الجزء ّ‬ ‫‪ 17‬انظر مثال‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫المختصّ ‪ ،‬تونس ‪ ،2020‬الفقرة ‪ 357‬وما بعدها‪.‬‬
‫شرعيّة)‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.66‬‬ ‫‪ 18‬نور الدّين الجالصي وعبد الهادي البليّش (تحقيق)‪ ،‬م س (محاضر مجلّة األحكام ال ّ‬
‫ي‪ .‬انظر‪ :‬م س‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪ 211‬وما‬ ‫شرعيّة إلى اللغة الفرنسيّة (توجد نسخة من هذه التّرجمة في األرشيف الوطن ّ‬ ‫مالحظة‪ :‬ترجمت مجلّة األحكام ال ّ‬
‫ي للحكومة التّونسيّة)‪ ،‬فقد تعلّقت بقسم األحوال‬ ‫ي الفرنس ّ‬ ‫شيخ من اعتراضات السّلطة الفرنسيّة (المستشار القضائ ّ‬ ‫بعدها)‪ .‬أ ّما ما ذكر أعاله على لسان ال ّ‬
‫شيخ‪ .‬انظر جوابه في‪ :‬م س‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪ 241‬وما بعدها‪.‬‬ ‫شخصيّة‪ ،‬وقد أجاب عليها ال ّ‬ ‫ال ّ‬

‫‪5‬‬
‫شخصيّة (والتي ستصدر‬ ‫شخصيّة استقيت بعض فصول مجلّة األحوال ال ّ‬ ‫ّ‬
‫المنظمة لألحوال ال ّ‬ ‫ومن تلك الموادّ‬
‫الرئيس الحبيب بورقيبة فقط بعد أربعة أشهر من االستقالل‪ 20 :‬مارس ‪ 1956‬هو تاريخ إعالن‬ ‫بسعي من ّ‬
‫لكن بعضا آخر من فصول هذه المجلّة أتى مخالفا‬ ‫االستقالل و‪ 13‬أوت ‪ 1956‬هو تاريخ صدور المجلّة )‪ّ .‬‬
‫‪19‬‬

‫شيخ جعيّط‪ ،‬وهنا نصل إلى موقف هذا ال ّ‬


‫شيخ منها‪.‬‬ ‫لمجلّة ال ّ‬
‫ّ‬
‫الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫محمد العزيز ّ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ ّ‬
‫خصية‬ ‫جعيط في مجلة األحوال‬ ‫رأي‬

‫شخصيّة‪" :‬بعد إعالن‬ ‫شيخ في ضمن ترجمته لحياته وفي ضمن ما يه ّم عالقة مجلّته بمجلّة األحوال ال ّ‬ ‫كتب ال ّ‬
‫االستقالل الكامل للمملكة التّونسيّة في ‪ 20‬مارس ‪ 1956‬م وفي ‪ 20‬رجب ‪ 1375‬هـ وتقلّد الوزارة ال ّ‬
‫شعبيّة‬
‫وعطلتها السّلط الفرنسيّة‬‫ّ‬ ‫شرعيّة التي كانت جاهزة‬ ‫مقاليد الحكم‪ ،‬عمدت وزارة العدل إلى مجلّة األحكام ال ّ‬
‫أن مجلّة األحكام‬ ‫فأخذت تنقص أطرافها وتضيّق دائرتها حتّى هزل جسمها وصغر حجمها (ورد أعاله ّ‬
‫شخصيّة فحوت –‬ ‫شخصيّة ‪ 765‬مادّة‪ ،‬أ ّما مجلّة األحوال ال ّ‬ ‫الخاص باألحوال ال ّ‬
‫ّ‬ ‫شرعيّة تض ّمنت في جزئها‬‫ال ّ‬
‫المؤرخ‬
‫ّ‬ ‫ي‬‫ي التّونس ّ‬‫الرسم ّ‬ ‫الرائد ّ‬
‫إبّان صدورها في ‪ 13‬أوت ‪ 170 – 1956‬فصال‪ .‬انظر هذه الفصول في ّ‬
‫في ‪ 17‬أوت ‪ ،1956‬ص ‪]...[ )1554 – 1544‬‬
‫"ولم تكتف باالقتصار على ك ّميّة ضئيلة من مواضيعها بل غيّرت بعض فصولها بالتّقييد واإلطالق وأدمجت‬
‫فيها فصوال جديدة يخالف كثير منها ما س ّجل في المجلّة‪ .‬وجمعت ما رضيته منها وما غيّرته وما زادته‬
‫ي بالتّشطيب على الفصول المعارضة للتّشريع‬
‫ي للنّظر فيها والموافقة عليها‪ ،‬فعدَّلت ما ورد عل ّ‬
‫وأرسلتها إل ّ‬
‫ي‪ ،‬وتحوير بعض فصول أخرى بإقحام فقرات فيها‪ ،‬وإلغاء بعض جمل منها يؤمن معها مجابهة‬ ‫اإلسالم ّ‬
‫سنّة‪.‬‬
‫النّصوص القاطعة الواردة في الكتاب وال ّ‬
‫"وتكررت االجتماعات بيني وبين وزير العدل س ّوي فيها ما كان مح ّل خالف بيننا‪ .‬وبقيت مسألة ّ‬
‫الطالق إذا‬ ‫ّ‬
‫لم يقع إذن الحاكم به‪ ،‬وأنازع في فساد نكاح الثّانية مع بقاء األولى في العصمة‪:‬‬
‫الطالق‪ .‬ولكن نظرا للمفاسد التي تترتّب على ّ‬
‫الطالق‪ ،‬أرى اتّخاذ إجراءات تفضي‬ ‫"وأرى أنّه يلزم اعتبار ّ‬
‫إلى تقليله أو قطع دابره‪ ،‬كإلزام ّ‬
‫الزوج بغرامة ثقيلة إذا أوقعه بدون إذن الحاكم لجعل هذه الغرامة من باب‬
‫تقرر عقوبة بدنيّة لمن يوقعه اختيارا دون إذن الحاكم‪.‬‬
‫المتعة‪ ،‬وكأن ّ‬
‫تزوج ثانية مع بقاء األولى في عصمته‪ ،‬أرى أنّه ال يص ّح الحكم بفساد نكاح الثّانية‪ .‬ويمكن‬
‫"وبالنّسبة إلى ّ‬
‫الزوج أن يجعل أمر الدّاخلة على األولى بيد األولى أو تتّخذ عقوبة لمن‬
‫لتقليله أو إزالته أن يشترط على ّ‬
‫يتزوج ثانية دون إذن الحاكم‪.‬‬
‫ّ‬
‫"وبينما كان األمر في مرحلة المفاهمة إذ برئيس الحكومة يعلن في ‪ 10‬أوت عام ‪ 1956‬عن المجلّة ويذكر‬
‫ي‪ .‬وبعد ذلك بيومين صدرت المجلّة على حالتها التي‬ ‫بعضا م ّما تض ّمنته وال يتماشى بحال مع القانون ال ّ‬
‫شرع ّ‬
‫ي ال على النّحو الذي أصلحت به موادّها‪ّ ،‬‬
‫وقومت معوجّها وفسادها‪.‬‬ ‫كانت عليها يوم قدّمت إل ّ‬
‫ي ال يح ّل اتّباعه ولو صدر به أمر‬ ‫بأن ما يخالف صريح الحكم ال ّ‬
‫شرع ّ‬ ‫"وكنت صارحت الحكومة [‪ّ ]...‬‬
‫‪20‬‬
‫ي‪ ،‬إذ ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق" ‪.‬‬
‫سلطان ّ‬

‫ي التّأسيس ّ‬
‫يقول رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد‪ ،‬في خطابه يوم ‪ 13‬أوت ‪ ،2020‬إنّ النّائب في المجلس القوم ّ‬
‫‪19‬‬
‫الرئيس‬
‫ي مصطفى الفياللي قال له‪ :‬سألت ّ‬
‫تمر‪ .‬موقع رئاسة الجمهوريّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحبيب بورقيبة لماذا لم تعرض مجلة األحوال الشخصيّة على المجلس؟ فأجاب ألنها كانت ستثير نقاشا وكان يمكن أن ال ّ‬
‫>‪ ،<www.carthage.tn/?q=ar‬تاريخ آخر ّ‬
‫اطالع‪ 22 :‬أوت ‪.2020‬‬
‫شرعيّة)‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 71‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 20‬نور الدّين الجالصي وعبد الهادي البليّش (تحقيق)‪ ،‬م س (محاضر مجلّة األحكام ال ّ‬

‫‪6‬‬
‫شخصيّة‪ .21‬بعد صدورها‪،‬‬ ‫شيخ مح ّمد العزيز جعيّط‪ ،‬قبل صدور مج ّلة األحوال ال ّ‬ ‫هذا ما حصل‪ ،‬حسب ال ّ‬
‫شيخ إنّه كاتب وزير العدل "بما ن ّ‬
‫صه بعد الدّيباجة‪:‬‬ ‫وتحديدا في ‪ 20‬أوت ‪ ،1956‬يقول ال ّ‬
‫صرحتم به أثناء اجتماعات بكم من إمكان قبول المالحظات على مجلّة األحوال‬‫ّ‬ ‫"وبعد‪ ،‬فبناء على ما‬
‫شخصيّة بعد بروزها‪ ،‬رأيت أن أوجّه إلى جنابكم ما يلزم في نظري تداركه‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫الزواج المؤبّدة التّطليق ثالثا‪ .‬وهو غفلة عن قول هللا تعالى‪« :‬فَ ِإ ْن َ‬
‫طلَّقَ َها‬ ‫(أن) من موانع ّ‬ ‫"جاء في الفصل ‪ّ 14‬‬
‫صواب أن يجعل التّطليق ثالثا من الموانع‬ ‫غي َْرهُ» [البقرة‪ .]230 :‬فال ّ‬‫فَ ََل تَ ِح ُّل لَهُ ِم ْن بَ ْع ُد َحتَّى تَ ْن ِك َح َز ْو ًجا َ‬
‫المؤقّتة‪.22‬‬
‫"ويذكر في الموانع المؤقّتة أيضا اختالف الدّين بالنّسبة للمرأة المسلمة حتّى ال يتسبّب عدم الت ّ ّ‬
‫عرض إليه‪،‬‬
‫ي وغيره م ّمن ال يدين باإلسالم‪.‬‬‫تزوج المسلمة بالكتاب ّ‬
‫مع ما جاء به الفصل ‪ ،9‬في ّ‬
‫الزوجات ويلزم تقييده بما إذا خيف عدم العدل ليجاري قول هللا تعالى‪:‬‬ ‫"وجاء في الفصل ‪ 18‬منع تعدّد ّ‬
‫ع فَ ِإ ْن ِخ ْفت ُ ْم أَ ََّّل تَ ْع ِدلُوا فَ َو ِ‬
‫اح َدةً» [النّساء‪.23]3 :‬‬ ‫اء َمثْنَى َوث ُ ََل َ‬
‫ث َو ُربَا َ‬ ‫س ِ‬‫اب لَ ُك ْم ِمنَ النِ َ‬
‫ط َ‬‫«فَا ْن ِك ُحوا َما َ‬

‫شيخ جعيّط من كالم حول دين‬ ‫شخصيّة – أن نضيف ما قاله ال ّ‬ ‫ويحسن – ألنّنا أمام أمر ارتبط وال يزال إلى اليوم مرتبطا بالمواقف من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫شيخ‪" :‬في عام ‪ 1374‬هـ‪ 1954 /‬م‪ ،‬وهو عام إحراز المملكة‬ ‫الدّولة في الدّستور (جاء هذا الكالم مباشرة قبل الكالم الوارد أعاله عن المجلّة)‪ .‬يقول ال ّ‬
‫للطلبة [‪ ]...‬واقترح‬ ‫ي مؤتمر ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتون‬ ‫ّ‬
‫الز‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الح‬ ‫في‬ ‫وانعقد‬ ‫ّة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الئك‬ ‫ي‪ ،‬ترامت األخبار بالعزم على أن تكون الحكومة في نظمها‬ ‫التّونسيّة على االستقالل الدّاخل ّ‬
‫ّ‬
‫ضبّاط والموظفين في التهنئة بعيد اإلضحى‪ ،‬وأنشأت خطبة في التهنئة بالعيد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيه بعضهم ذلك‪ ،‬فقمت بإنكار ذلك أمام األمير والوزراء والكبراء من ال ّ‬
‫تعرضت في آخرها إلى ذلك فقلت‪:‬‬ ‫ّ‬
‫الرشيدة تحقيق ما هي‬ ‫يخول لأل ّمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫ّعادة‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫مظاهر‬ ‫من‬ ‫اجحة‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫األحالم‬ ‫ذوو‬ ‫ّه‬ ‫د‬ ‫يع‬ ‫ّيادة‬‫س‬ ‫ال‬ ‫رمز‬ ‫هو‬ ‫الذي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّاخل‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫االستقالل‬ ‫بإعالن‬ ‫االبتهاج‬ ‫"إنّ‬
‫وتعتز بانتسابها إليه‪ ،‬وتعتقد أنّ سعادتها رهينة‬ ‫ّ‬ ‫بحاجة إلى بنائه‪ ،‬وتمكينها من حفظ ما هي حريصة على بقائه‪ .‬وبما أنّنا أ ّمة إسالميّة تفخر بدينها‪،‬‬
‫الالئكيّة فيما عسى أن يحدث من نظم لهذا البلد [‪]...‬‬ ‫التّمسّك بتعاليمه ومبادئه‪ ،‬فإنّنا نعلن عن إنكارنا ومقاومتنا إلقحام ّ‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫قو‬ ‫باعث‬ ‫ظام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫الئك‬ ‫ها‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫بأ‬ ‫سجيل‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫بل‬ ‫باإلسالم‪،‬‬ ‫تدين‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫إسالم‬ ‫حكومته‬ ‫أنّ‬ ‫على‬ ‫الرهيب أنّ إهمال التّنصيص في دستوره‬ ‫"ونسجّل أمام هذا الجمع ّ‬
‫مقوم ذاتنا وحافظ حياتنا!‬ ‫ّ‬
‫فرق واالنقسام [‪ ]...‬ومثير لفتنة [‪ ]...‬شديدة االضطرام [‪ ]...‬وهل من شكر نعمة االستقالل تنكرنا لديننا الذي هو ّ‬ ‫على الت ّ ّ‬
‫فليحذر المسؤولون مغبّة االندفاع في تيّار التّقليد‪ .‬ولنذكر جميعا أنّه يهون على المسلم أن تصاب نفسه ويسلم له دينه [‪]...‬‬
‫اضطرت الحكومة وأساطين‬ ‫ّ‬ ‫الالئكيّة في غالب بلدان المملكة حتّى‬ ‫فتحرك شعور الجمهور‪ ،‬وتجاوبت أصداء إنكار ّ‬ ‫ّ‬ ‫"وكان لهذه الخطبة الوقع البالغ‪،‬‬
‫يقر بأنّ دين الدّولة اإلسالم‪ ،‬وأنّ ما صدر من بعض التّالميذ في‬ ‫ّ ّ‬ ‫ي‬ ‫ّستور‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫الحر‬
‫ّ‬ ‫الحزب‬ ‫أنّ‬ ‫باإلعالن‬ ‫العاصفة‬ ‫إسكات‬ ‫ي إلى‬‫الحر الدّستور ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحزب‬
‫صة بربّها‪.‬‬ ‫مؤتمرهم إنّما هو فكرة خا ّ‬
‫ي الذي كان إذّاك بصدد اإلعداد أنّ الدّولة التّونسيّة [‪ ]...‬دينها اإلسالم ولغتها العربيّة"‪ .‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 69‬وما بعدها‪.‬‬ ‫"وأعلن في الدّستور التّونس ّ‬
‫شخصيّة قد ت ّم‬ ‫‪ 21‬يقول أحمد المستيري في مذ ّكراته إنّه تسلّم مها ّمه كوزير للعدل في ‪ 17‬أفريل ‪( 1956‬م س‪ ،‬ص ‪ .)99‬هذا يعني أنّ مجلّة األحوال ال ّ‬
‫إعدادها وإصدارها في أق ّل من أربعة أشهر (صدرت في ‪ 13‬أوت ‪ .) 1956‬انظر أيضا أحمد المستيري وهو يقول‪" :‬خامرتنا فكرة [‪ ]...‬إدخال‬
‫للزواج‪ ،‬وجوب‬ ‫الطالق على القاضي‪ ،‬تحديد سنّ أدنى ّ‬ ‫الزوجات‪ ،‬وجوب عرض ّ‬ ‫شخصيّة (منع تعدّد ّ‬ ‫إصالحات ها ّمة على التّشريع في مادّة األحوال ال ّ‬
‫ي الموحّد‪ ،‬فقبلها بحماسه‬ ‫ي في القضاء المدن ّ‬ ‫شرع ّ‬ ‫الزواج‪ ،‬إلخ) [‪ ]...‬وعرضت الفكرة على بورقيبة مع مشروع إدماج القضاء ال ّ‬ ‫موافقة المرأة على ّ‬
‫الزوجات‪ ،‬وكنت شخصيّا (مع مستشاري) ميّاال‪ ،‬في هذه النّقطة‪ ،‬إلى ح ّل وسط‪ ،‬وهو إبقاء إمكانيّة‬ ‫المعهود‪ ،‬وأل ّح بالخصوص على مسألة منع تعدّد ّ‬
‫شخصيّة‪.‬‬ ‫كونت لجنة إلعداد مشروع مجلّة األحوال ال ّ‬ ‫أصر على موقفه في المنع الباتّ ‪ .‬وبعد ذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫التّعدّد مع فرض شروط صعبة التّحقيق‪ّ .‬إال أنّ بورقيبة‬
‫ّ‬
‫شيخ مح ّمد القروي ومحمود العنابي‪ ،‬وهم قضاة سامون ألحقتهم بديواني‪ ،‬فشرعوا في تحرير النصوص‬ ‫ّ‬ ‫كان من بين أعضائها السّادة مح ّمد بن سالمة وال ّ‬
‫ّ‬
‫صيت الشيخ الطاهر ابن عاشور والشيخ مح ّمد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مستمر مع والده المصلح الكبير الذائع ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شيخ الفاضل ابن عاشور‪ ،‬وهو على اتصال‬ ‫بالتّعاون مع ال ّ‬
‫العزيز جعيّط‪ ،‬وقد اتّصل بهما بورقيبة مباشرة واستشارهما"(م س‪ ،‬ص ‪ 105‬وما بعدها)‪.‬‬
‫زوج المطلّقة ثالثا زواجا‬ ‫شخصيّة فيما ذهبوا إليه ما يعرف بظاهرة المحلّل أو "التّيّاس"‪ ،‬وهي أن ت ّ‬ ‫‪ 22‬يبدو أنّ سبب ذهاب أصحاب مجلّة األحوال ال ّ‬
‫لتتزوج من جديد بمن كان طلّقها ثالثا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الزوج) ث ّم تتطلّق‬ ‫ي بلوغ ّ‬ ‫صوريّا (ال يشترط المذهب الحنف ّ‬
‫الظاهرة المذكورة (انظر محضر الجلسة السّادسة في‪ :‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 201‬وما بعدها)‪ ،‬انتهى‬ ‫شيخ جعيّط‪ ،‬ومن أجل محاربة ّ‬ ‫لكن‪ ،‬وفي لجنة ال ّ‬
‫"يحرم‬ ‫ّ‬ ‫شرعيّة كما يلي‪:‬‬ ‫شرعيّة‪ ،‬وبهذا جاءت المادّة ‪ 45‬من مجلّة األحكام ال ّ‬ ‫ي من الئحة مجلّة األحكام ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫المالك‬ ‫صّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫اختيار‬ ‫في‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫تم‬ ‫األعضاء إلى ح ّل ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتزوج مطلقته ثالثا قبل أن تنكح زوجا بالغا مسلما نكاحا صحيحا الزما حصل فيه وطء مباح اتفق فيه الزوجان على اإلصابة وعلمت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرجل أن‬ ‫على ّ‬
‫الخلوة"‪ .‬انظر‪ :‬م س‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪.379‬‬
‫‪ 23‬فيما يخصّ الفصل ‪ 18‬ومنع التّعدّد جاء في مذ ّكرات وزير العدل أحمد المستيري (م س‪ ،‬ص ‪" :)107‬كان موقفنا يستند إلى آيات قرآنيّة صريحة‪:‬‬
‫ع فَ ِإنْ خِ ْفت ُ ْم أَ ََّّل تَ ْع ِدلُوا فَ َواحِ َدةً أَ ْو َما َملَكَتْ أَ ْي َمانُ ُك ْم ذَ ِلكَ أَ ْدنَى أَ ََّّل‬ ‫ث َو ُربَا َ‬ ‫اب لَ ُك ْم مِ نَ النِسَاءِ َمثْنَى َوث ُ ََل َ‬‫طوا فِي ا ْليَتَا َمى فَا ْن ِكحُوا َما َط َ‬ ‫س ُ‬ ‫« َوإِنْ خِ ْفت ُ ْم أَ ََّّل ت ُ ْق ِ‬
‫ي عبارة‬ ‫صت ُ ْم» [النّساء‪ ،]129 :‬ومع ذلك امتنعنا‪ ،‬في تحرير النّصّ ‪ ،‬عن أ ّ‬ ‫ستَطِ يعُوا أَنْ تَ ْع ِدلُوا بَ ْينَ النِسَاءِ َولَ ْو ح ََر ْ‬ ‫تَعُولُوا» [النّساء‪ ،]3 :‬ث ّم « َولَنْ تَ ْ‬
‫الزواج‬ ‫ي (سينقّح‪ ،‬في ‪ ،1964‬الفصل ‪ ،21‬وسيدخل ضمن صور البطالن ّ‬ ‫الزواج بثانية دينيّا‪ ،‬أو اعتباره باطال بالنّسبة للقانون المدن ّ‬ ‫تشير إلى تحريم ّ‬
‫الزواج واعتباره جنحة يعاقب مرتكبها جزائيّا"‪.‬‬ ‫الذي يخالف الفصل ‪ ،)18‬إنّما اقتصرنا على منع هذا ّ‬

‫‪7‬‬
‫تتزوج زوجا آخر ّ‬
‫لئال‬ ‫ّ‬ ‫يتزوج مطلّقته ثالثا‪ .‬ويلزم تقييد ذلك بما إذا لم‬ ‫الرجل أن ّ‬ ‫"وجاء في الفصل ‪ 19‬منع ّ‬
‫علَي ِْه َما‬ ‫طلَّقَ َها فَ ََل ُجنَا َ‬
‫ح َ‬ ‫غي َْرهُ فَ ِإ ْن َ‬
‫طلَّقَ َها فَ ََل تَ ِح ُّل لَهُ ِم ْن بَ ْع ُد َحتَّى تَ ْن ِك َح َز ْو ًجا َ‬
‫ينافي قول هللا تعالى‪« :‬فَ ِإ ْن َ‬
‫ّللا» [البقرة‪.]230 :‬‬ ‫ظنَّا أَ ْن يُ ِقي َما ُحدُو َد َّ ِ‬
‫أَ ْن يَتَ َرا َجعَا إِ ْن َ‬

‫الزوجين غير بالغ‪ ،‬وهو ما عبّر عنه بالفقرة األولى‬ ‫(أن) من النّكاح الفاسد كون أحد ّ‬ ‫"وجاء في الفصل ‪ّ 21‬‬
‫سن المحيض ثالثة‬ ‫أن عدّة من لم تبلغ ّ‬ ‫من الفصل الخامس‪ ،‬وهذا مخالف لما يقتضيه قول هللا تعالى في بيان ّ‬
‫الَلئِي لَ ْم‬ ‫ارتَ ْبت ُ ْم فَ ِع َّدت ُ ُهنَّ ثَ ََلثَةُ أَ ْ‬
‫ش ُه ٍر َو َّ‬ ‫سنَ ِمنَ ا ْل َم ِح ِ‬
‫يض ِم ْن نِ َ‬
‫سائِ ُك ْم إِ ِن ْ‬ ‫أشهر‪ ،‬حيث قال‪َ « :‬و َّ‬
‫الَلئِي يَئِ ْ‬
‫سن المحيض‪ .‬وال يلزم من صحّة العقد التّمكين من البناء قبل البلوغ‪.‬‬ ‫[الطالق‪ ،]4 :‬أي لم يبلغن ّ‬ ‫ّ‬ ‫يَ ِحضْنَ »‬
‫عوض التّنصيص على الفساد بالتّنصيص على المنع من البناء قبل البلوغ خشية الضّرر‪.24‬‬ ‫فيلزم أن ي ّ‬
‫زوج بزوج‬ ‫أن نكاح المطلّقة ثالثا من النّكاح الفاسد‪ .‬ويلزم تقييد ذلك بكونه قبل الت ّ ّ‬ ‫"وجاء في الفصل المذكور ّ‬
‫علَي ِْه َما‬ ‫طلَّقَ َها فَ ََل ُجنَا َ‬
‫ح َ‬ ‫غي َْرهُ فَ ِإ ْن َ‬
‫طلَّقَ َها فَ ََل تَ ِح ُّل لَهُ ِم ْن بَ ْع ُد َحتَّى تَ ْن ِك َح َز ْو ًجا َ‬
‫لئال يعارض آية‪« :‬فَ ِإ ْن َ‬ ‫آخر ّ‬
‫ّللا» [البقرة‪.]230 :‬‬ ‫ظنَّا أَ ْن يُ ِقي َما ُحدُو َد َّ ِ‬
‫أَ ْن يَتَ َرا َجعَا إِ ْن َ‬

‫وفي مكان الحق (م س‪ ،‬ص ‪ )110‬يضيف أحمد المستيري بأنّ ما أتوا به "هو تشريع لم يبدّل الحالل حراما والحرام حالال‪ ،‬بل اقتصر على تقييد‬
‫الحالل وتضيقه"‪.‬‬
‫الزيتونة) وهو يقول‪" :‬والحكم الذي ورد في هذا الفصل (يقصد الفصل ‪ )18‬ليس من تقييد المباح‪،‬‬ ‫لكن انظر األستاذ برهان بن الحبيب النّفّاتي (جامعة ّ‬
‫ي مصدرا من مصادر قانون‬ ‫ي األمر"‪« .‬الفقه المالك ّ‬ ‫وإنّما هو من جنس منعه‪ .‬واألصل أنّ التّقييد أو المنع ال يكون ّإال لمصلحة راجحة يقدّرها ول ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫المدن‬ ‫قنين‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫على‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫المالك‬ ‫الفقه‬ ‫إشعاع‬ ‫ّة‪،‬‬ ‫ي‬‫ّين‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ؤون‬ ‫الزواج وشروطه وموانعه» مقالة منشورة في‪ :‬وزارة ال ّ‬
‫ش‬ ‫شخصيّة‪ .‬قراءة في أركان ّ‬ ‫األحوال ال ّ‬
‫في تونس‪ ،‬د ن‪ ،‬تونس‪ ،2020 ،‬ص ‪.294‬‬
‫ورغم ما جاء للت ّ ّو‪ ،‬فإنّ األستاذ النّفّاتي يرى (م س‪ ،‬ص ‪ 290‬وما بعدها)‪:‬‬
‫شرط وجوابه في اآلية ‪ 3‬من سورة النّساء الواردة أعاله على لسان أحمد المستيري‪ ،‬أنّه‪ ،‬ول ّما كانت خفيّة (أي‬ ‫ّأوال‪ ،‬وفيما يخصّ المناسبة بين ال ّ‬
‫المناسبة)‪ ،‬اختلفت اآلراء‪ ،‬وهو على القول بأنّ "هللا تعالى خاطب أولياء اليتامى فقال وإن خفتم من أنفسكم المشاحّة في صدقاتهنّ وأن ال تعدلوا فتبلغوا‬
‫بهنّ صداق أمثالهنّ ‪ ،‬فال تنكحوهنّ ‪ ،‬وأنكحوا غيرهنّ من الغرائب اللواتي أح ّل هللا لكم خطبتهنّ من واحدة إلى أربع‪ .‬وإن خفتم أن تجوروا إذا نكحتم من‬
‫الغرائب أكثر من واحدة‪ ،‬فانكحوا منهنّ واحدة أو ما ملكتم من اإلماء"‪.‬‬
‫والمضار (بالمرأة‬
‫ّ‬ ‫للمفاسد‬ ‫مجلبة‬ ‫ذلك‬ ‫على‬ ‫يادة‬ ‫ّ‬
‫والز‬ ‫واج‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الز‬ ‫من‬ ‫ارع‬ ‫ش‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫مقاصد‬ ‫ثانيا‪ :‬أنّ األصل هو عدم التّعدّد‪ .‬فاالقتران بواحدة هو الذي يحقّق‬
‫صة إذا وجدت المصلحة في هذا االنصراف‪ .‬وهكذا فإنّ اإلباحة المطلقة‬ ‫واألبناء واألسرة والمجتمع)‪ .‬لكنّ هذا األصل ينصرف عنه في حاالت خا ّ‬
‫الزوجتين‬ ‫الزوجة‪ ،‬إخبار ّ‬ ‫مبرر من نحو عقم ّ‬ ‫مضرة والمنع المطلق أيضا‪ .‬وما ينبغي هو التّوسّط وإباحة التّعدّد بشروط مثل‪ :‬القدرة على اإلنفاق‪ ،‬وجود ّ‬ ‫ّ‬
‫السّابقة والالحقة (إلخ)‪ .‬والقاضي ال يأذن بالتّعدّد ّإال بعد التّحقّق من توفّر شروطه‪.‬‬
‫وإال لكان ث ّم تناقض في القرآن (اآلية األولى تكلّف من يعدّد بالعدل‪ ،‬وهذا يعني‬ ‫ثالثا‪ :‬أنّ العدل في اآلية ‪ 3‬من سورة النّساء غير العدل في اآلية ‪ّ ،128‬‬
‫وإال لكنّا أمام تكليف بمستحيل‪ ،‬واآلية الثّانية تنفي تحقيق العدل)‪ ،‬وك ّل متكلّم محمول ما أمكن ذلك على عدم التّناقض فما بالك إذا كان‬ ‫أنّ العدل ممكن‪ّ ،‬‬
‫شهوة والمحبّة‬ ‫المتكلّم هو هللا سبحانه وتعالى‪ .‬فأ ّما في اآلية األولى فالعدل محله ما هو ممكن للمعدّد من نحو النفقة‪ .‬وأ ّما في اآلية الثانية‪ ،‬فمح ّل العدل ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ونحو ذلك م ّما ال يدخل تحت قدرة المعدّد‪.‬‬
‫صغيرة‪:‬‬ ‫‪ 24‬اختلف في زواج ال ّ‬
‫ح» [النّساء‪ ،]6 :‬وألنّ‬ ‫َ‬
‫صغير) حتّى تبلغ لقوله تعالى « َحت َّى إذا بَلَغُوا النِكَا َ‬ ‫صغيرة (والكالم أيضا يه ّم ال ّ‬ ‫تزوج ال ّ‬ ‫فقال ابن شبرمة وأبو بكر األص ّم ال ّ‬
‫الطبع هو‬‫الزواج ألنّ القصد منه من زاوية ّ‬ ‫صغيرة ال حاجة لها إلى ّ‬ ‫صغيرة تكون لحاجة المولّى عليها‪ ،‬فإذا لم تكن حاجة فال والية‪ ،‬وال ّ‬ ‫الوالية على ال ّ‬
‫صغيرة بأحكامه بعد البلوغ‪ ،‬وال والية عليها بعد‬ ‫الزواج يعقد للعمر‪ ،‬وتلزم ال ّ‬ ‫صغر ينافيهما‪ .‬ث ّم إنّ عقد ّ‬ ‫شرع النّسل‪ ،‬وال ّ‬ ‫شهوة ومن زاوية ال ّ‬ ‫قضاء ال ّ‬
‫البلوغ‪.‬‬
‫صغيرة‪ ،‬وسبب العدّة‬ ‫[الطالق‪ .]4 :‬هنا ذكرت عدّة ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫لَلئِي لَ ْم يَحِ ضْنَ »‬
‫صغيرة‪ ،‬ولهم عدّة حجج منها قوله تعالى « َواَ َّ‬ ‫لكنّ الجمهور يرى جواز زواج ال ّ‬
‫صغيرة‪ .‬وينبغي أن‬ ‫ح» [النّساء‪ ]6 :‬فهو االحتالم‪ .‬وهكذا فإنّ الجمهور على جواز تزويج ال ّ‬ ‫الزواج‪ .‬أ ّما المراد بقوله تعالى « َحت َّى إذَا بَلَغُوا النِكَا َ‬ ‫هو ّ‬
‫يفوت عليها االرتباط بكفء‪ .‬ث ّم إنّه ينبغي أن ال يحصل البناء ّإال بعد البلوغ‪.‬‬ ‫يكون ذلك من كفء ألنّ المسارعة بزواجها ينبغي أن يكون سببه أن ال ّ‬
‫الزواج أو حلّه حين تصل إلى البلوغ‪ .‬انظر على سبيل المثال‪ :‬السّرخسي‪ ،‬المبسوط‪ ،‬دار المعرفة‪،‬‬ ‫صغيرة الخيار في إمضاء ّ‬ ‫وث ّم من الفقهاء من أثبت لل ّ‬
‫ي وأدلّته‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط ‪ 1405 ،2‬هـ‪/‬‬ ‫الزحيلي‪ ،‬الفقه اإلسالم ّ‬ ‫بيروت‪ 1414 ،‬هـ ‪ 1993 -‬م‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪ 212‬وما بعدها‪ .‬انظر أيضا‪ :‬وهبة ّ‬
‫سنّة‪ ،‬دار النّفائس‪ ،‬األردن‪ 1418 ،‬هـ‪ 1997 /‬م‪ ،‬ص ‪121‬‬ ‫الزواج في ضوء الكتاب وال ّ‬ ‫‪ 1985‬م‪ ،‬ج ‪ ،7‬ص ‪179‬؛ عمر سليمان األشقر‪ ،‬أحكام ّ‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫الزواج الفاسد النّسب‪ .‬ومن صور هذا‬ ‫بعد الفصل ‪ ،21‬كانت تنبغي اإلشارة إلى النّصّ الذي يتبعه‪ ،‬أي الفصل ‪ .22‬فهذا النّصّ رتّب على ما أسماه ّ‬
‫تزوج بأخته‪،‬‬ ‫الرجل بإحدى محارمه؟ فمن ّ‬ ‫تزوج ّ‬ ‫محرمة بالقرابة‪" .‬فكيف نثبت النّسب في نكاح باطل ناشئ عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزواج من امرأة‬ ‫الزواج التي يقصدها ّ‬ ‫ّ‬
‫وأنجبت منه صغيرا‪ ،‬فهل تكون أ ّمه باعتبار الوالديّة أو ع ّمته باعتبار كونها أختا لمن تخلّق من مائه؟ ومن نكح ابنته فأنجب منها طفال‪ ،‬فما هي نسبته‬
‫لتكونه من مائه أو حفيده باعتباره ابن بنت؟ وال شكّ في أنّ هذا يعود على أحكام الحضانة والنّفقة والوالية واإلرث التي بناها‬ ‫إليه؟ فهل يكون ابنا له ّ‬
‫شخصيّة‪.‬‬ ‫ي مصدرا من مصادر قانون األحوال ال ّ‬ ‫شارع الحكيم على الجبلّة الثّابتة الواضحة بالنّقض واإلبطال"‪ .‬برهان بن الحبيب النّفّاتي‪« ،‬الفقه المالك ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الزواج وشروطه وموانعه» مقالة سابقة الذّكر‪ ،‬ص ‪.301‬‬ ‫قراءة في أركان ّ‬

‫‪8‬‬
‫الطالق ال يقع ّإال لدى المحكمة‪ .‬وهو مخالف لما وردت به اآليات القرآنيّة في‬ ‫أن ّ‬‫"وجاء في الفصل ‪ّ 30‬‬
‫الزوج مع األحاديث المستفيضة الدّالّة على ذلك‪ .‬فيلزم تغيير هذا الفصل بإلزام المطلّق‬ ‫ّ‬
‫الطالق في إسناده إلى ّ‬
‫حق التّمتيع‬
‫للزوجة من ّ‬ ‫الطالق عنده‪ ،‬ويرتّب عليه ما ّ‬ ‫الطالق منه ليسجّل الحاكم ّ‬
‫أن يخبر الحاكم بوقوع ّ‬
‫(الغرامة)‪ .‬ويمكن أن يرتّب على عدم إخبار الحاكم عقوبات تنال المطلّق‪.‬‬
‫أن عدّة المطلّقة غير الحامل ثالثة أشهر‪ .‬ويلزم أن يغيّر هذا التّعبير ويقال‪ :‬عدّة‬ ‫"وجاء في الفصل ‪ّ 35‬‬
‫المطلّقة غير الحامل وغير ذات الحيض ثالثة أشهر‪ ،‬أ ّما عدّة ذات الحيض فثالث حيض لكنّها ال تصدّق في‬
‫صنَ ِبأ َ ْنفُس ِِهنَّ‬ ‫ألن هللا تعالى يقول‪َ « :‬وا ْل ُم َ‬
‫طلَّقَاتُ يَتَ َربَّ ْ‬ ‫ادّعاء انقضائها قبل ثالثة أشهر‪ .‬ولزوم هذا التّغيير ّ‬
‫ثَ ََلثَةَ قُ ُروءٍ » [البقرة‪.]228 :‬‬
‫"وجاء في الفصل ‪ 88‬ذكر القتل من موانع اإلرث‪ ،‬واقتصر عليه‪ .‬ويلزم أن يذكر من موانعه أيضا اختالف‬
‫لئال يرث المسلم الكافر والكافر المسلم مع انعقاد اإلجماع على أن ال توارث بين أهل ملّتين"‪.25‬‬
‫الدّين ّ‬

‫أمر بجعل‬ ‫ي‪ 26‬نجده يقول‪" :‬ل ّما صدر ٌ‬ ‫شيخ متعارضة مع التّشريع اإلسالم ّ‬ ‫خارج ما سبق من فصول يراها ال ّ‬
‫صلب في الميراث وغيره واالنتساب إلى المتبنّي (انظر الفصلين ‪ 14‬و‪ 15‬من القانون‬ ‫المتبنّى بمنزلة ولد ال ّ‬
‫المؤرخ في ‪ 4‬مارس ‪ 1958‬وفي ‪ 12‬شعبان ‪ ،1377‬والمتعلّق بالوالية العموميّة‬ ‫ّ‬ ‫عدد ‪ 27‬لسنة ‪،1958‬‬
‫والكفالة والتّبنّي)‪ ،‬كتبت‪ :‬هذا أمر أبطله اإلسالم والقرآن الكريم في سورة األحزاب حيث قال‪َ « :‬و َما َجعَ َل‬
‫س ُ‬
‫ط‬ ‫س ِبي َل (‪ )4‬ا ْدعُو ُه ْم ِِلبَائِ ِه ْم ه َُو أَ ْق َ‬
‫ق َوه َُو يَ ْهدِي ال َّ‬ ‫أَ ْد ِعيَا َء ُك ْم أَ ْبنَا َء ُك ْم ذَ ِل ُك ْم قَ ْولُ ُك ْم ِبأ َ ْف َوا ِه ُك ْم َو َّ‬
‫ّللاُ يَقُو ُل ا ْل َح َّ‬
‫ِين َو َم َوا ِلي ُك ْم» [األحزاب‪ .]5 ،4 :‬وقال تعالى‪« :‬فَلَ َّما قَضَى‬ ‫ّللا فَ ِإ ْن لَ ْم تَ ْعلَ ُموا آبَا َء ُه ْم فَ ِإ ْخ َوانُ ُك ْم فِي الد ِ‬ ‫ِع ْن َد َّ ِ‬
‫اج أَ ْد ِعيَائِ ِه ْم» [األحزاب‪ .]37 :‬ولم‬ ‫ج فِي أَ ْز َو ِ‬ ‫علَى ا ْل ُمؤْ ِمنِينَ َح َر ٌ‬ ‫ط ًرا َز َّوجْ نَا َك َها ِلك َْي ََّل يَكُونَ َ‬ ‫َز ْي ٌد ِم ْن َها َو َ‬
‫أرسل هذا المكتوب إلى الحكومة ألنّها لم تستشرني في هذا األمر‪ ،‬وإنّما خطبت بذلك بجامع «الحلق» يوم‬
‫صفة غير سائغ شرعا‪.‬‬ ‫أن التّبنّي بهذه ال ّ‬ ‫الجمعة وبيّنت ّ‬
‫"ول ّما أريد إصدار أمر في إرث البنت لجميع متروك أحد األبوين سواء انفردت أو تعدّدت ولو مع وجود‬
‫المؤرخ‬
‫ّ‬ ‫باألخوة أو العمومة (سيتحقّق هذا الذي أريد‪ ،‬وذلك بواسطة القانون عدد ‪ 77‬لسنة ‪،1959‬‬
‫ّ‬ ‫العاصب‬
‫مكرر)‪ ،‬أرسل‬
‫شخصيّة هو الفصل ‪ّ 143‬‬ ‫في ‪ 19‬جوان ‪ ،1959‬والذي أضاف فصال إلى مجلّة األحوال ال ّ‬
‫ي وزير العدل الئحة األمر وبيان مستنداته‪ ،‬وذكر في بيان المستندات ّ‬
‫أن البنات أقرب للهالك من أخيه أو‬ ‫إل ّ‬
‫ي‪ ،‬على القول ّ‬
‫بأن البنات يحجبن اإلخوة‬ ‫شيعة‪ ،‬وهو مذهب إسالم ّ‬ ‫ع ّمه أو أبناء ع ّمه‪ ،‬وقد ذهبت إليه ال ّ‬
‫ّ‬
‫وحدهن‪ ،‬وهذا المذهب معمول‬ ‫الردّ بحيث تكون التّركة ّ‬
‫لهن‬ ‫ّ‬
‫منابهن فرضا والباقي بوجه ّ‬ ‫والعمومة ويأخذن‬
‫به في إيران‪.‬‬
‫ألن ما قامت األدلّة على بطالنه ال يص ّح تقليده‪،‬‬
‫"فكتبت إلى وزير العدل‪ :‬هذا ال يصلح أن يكون مستندا ّ‬
‫واألدلّة هنا متظافرة على بطالنه وهي‪:‬‬
‫أن ما فضل من المال‪ ،‬بعد أخذ ذوي الفروض فروضهم‪ ،‬يكون ألقرب رجل من‬ ‫"أوال‪ :‬اإلجماع على ّ‬
‫ّ‬
‫العصبة‪ .‬وقد حكى هذا اإلجماع النّووي‪.‬‬

‫شرعيّة)‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 75‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 25‬نور الدّين الجالصي وعبد الهادي البليّش (تحقيق)‪ ،‬م س (محاضر مجلّة األحكام ال ّ‬
‫صور (وحول النّصّ القائل بأنّ المرأة تساهم في نفقات العائلة إن كان لها مال)‬ ‫‪ 26‬حول النّصّ القائل بأنّ ّ‬
‫الطالق ال يقع ّإال أمام المحكمة وفي ك ّل ال ّ‬
‫ّ‬
‫حرره الشيخ الفاضل ابن عاشور‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يقول أحمد المستيري في مذكراته (م س‪ ،‬ص ‪ ،107‬الهامش) إنهم اعتمدوا النصّ الذي ّ‬

‫‪9‬‬
‫"ثانيا‪ :‬الحديث المتّفق عليه‪ ،‬وهو قوله صلّى هللا عليه وسلّم‪« :‬ألحقوا الفرائض بأهلها‪ .‬فما بقي‪ ،‬فهو ألولى‬
‫رجل ذكر»‪.‬‬
‫الربيع إلى رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم بابنتيها من سعد‪،‬‬ ‫"ثالثا‪ :‬حديث جابر‪« :‬جاءت امرأة سعد بن ّ‬
‫الربيع‪ ،‬قتل أبوهما في أحد شهيدا‪ّ ،‬‬
‫وإن ع ّمهما أخذ مالهما‪ ،‬فلم يدع‬ ‫فقالت‪ :‬يا رسول هللا هاتان ابنتا سعد بن ّ‬
‫لهما ماال‪ ،‬وال تنكحان ّإال بمال‪ .‬فقال‪ :‬يقضي هللا في ذلك‪ .‬فنزلت آية الميراث‪ .‬فأرسل رسول هللا صلّى هللا‬
‫عليه وسلّم إلى ع ّمهما فقال‪ :‬البنتي سعد الثّلثان‪ ،‬وأل ّمهما الثّمن‪ ،‬وما بقي فهو لك»‪.‬‬
‫"رابعا‪ :‬حديث هزيل بن شرحبيل‪ ،‬قال‪ :‬سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت‪ ،‬فقال‪ :‬لالبنة النّصف‬
‫ولألخت النّصف‪ ،‬وأت ابن مسعود فسيتابعني‪ .‬فسئل ابن مسعود‪ ،‬فأخبر بقول أبي موسى‪ ،‬فقال‪ :‬لقد ضللت‬
‫ي صلّى هللا عليه وسلّم‪ :‬للبنت النّصف والبنة االبن‬
‫إذن وما أنا من المهتدين‪ ،‬أقضي فيهما بما قضى النّب ّ‬
‫السّدس وما بقي فلألخت‪.‬‬
‫تنص على أنّه إذا فقد ذوو الفروض‬
‫ّ‬ ‫مكرر بفقرة أخرى‬‫تعوض الفقرة األخيرة من الفصل ‪ّ 143‬‬ ‫"فالواجب أن ّ‬
‫فإن التّركة ترجع إلى ذوي األرحام الخال والخالة والع ّمة ونحوهن" ‪.‬‬
‫ّ ‪27‬‬ ‫والعصبة‪ّ ،‬‬
‫شخصيّة وفيما ألحق بها (قانون التّبنّي) أو‬ ‫شيخ مح ّمد العزيز جعيّط في مجلّة األحوال ال ّ‬ ‫‪ ...‬هذا هو رأي ال ّ‬
‫مكرر)‪ .‬ولقد أتينا به‪ ،‬ألنّنا رأينا أنّه‪ ،‬وكمادّة ّأوليّة‪ ،‬م ّما قد يحتاجه المهت ّمون‪،‬‬
‫ت ّمت إضافته إليها (الفصل ‪ّ 143‬‬
‫ي‪ ،‬بالمجلّة المذكورة‪.‬‬ ‫ي أو تشريع ّ‬
‫ي أو قضائ ّ‬‫من وجه فقه ّ‬
‫أن مادّة ّأوليّة أخرى ينبغي أن تؤخذ بعين االعتبار من هؤالء المهت ّمين‪ ،‬وهي فصول‬ ‫وما تنبغي إضافته هو ّ‬
‫شرعيّة‪ ،‬باإلضافة إلى محاضر جلسات اللجنة التي أعدّتها‪ .‬فتلك الفصول وهذه المحاضر‬ ‫مجلّة األحكام ال ّ‬
‫شخصيّة ال فقط تلك التي‬ ‫من شأنها أن تمثّل عناصر تساهم في عمليّة فهم بعض أجزاء مجلّة األحوال ال ّ‬
‫شيخ جعيّط‪ ،28‬بل وحتّى تلك التي عارضتها‪ .‬ويمكن أن نضرب‬ ‫استقيت – وأحيانا بصفة حرفيّة – من مجلّة ال ّ‬
‫شخصيّة الذي عدّ التّطليق ثالثا مانعا مؤبّدا مخالفا بذلك ما جاء‬ ‫نص مجلّة األحوال ال ّ‬
‫على هذا األمر مثال ّ‬
‫ي تشريع في‬‫شيخ جعيّط ومحاضرها مادّة ّأوليّة أل ّ‬ ‫شيخ‪ .‬إضافة إلى ما سبق يمكن أن تمثّل مجلّة ال ّ‬ ‫في مجلّة ال ّ‬
‫ي منطلقا له‪.‬‬ ‫ي اإلسالم ّ‬
‫شخصيّة في تونس أو في غيرها يريد أن يكون اإلرث القانون ّ‬ ‫األحوال ال ّ‬
‫شخصيّة على مستوى التّأويل يقال أيضا عن مجلّة الحقوق العينيّة‪ ،‬وتحديدا عن‬ ‫وما قيل عن مجلّة األحوال ال ّ‬
‫إن القول نفسه يص ّح على‬ ‫أجزائها التي جاء في أعمالها التّحضيريّة أنّها أخذت من القانون اإلسالم ّ‬
‫ي‪ .29‬ث ّم ّ‬
‫مستوى التّشريع في مادّة ّ‬
‫حق الملكيّة وما ترتبط بها من موادّ‪.‬‬

‫‪ 27‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 81‬وما بعدها‪.‬‬


‫وأول فصل من ك ّل‬‫الرجل‪ ،‬وفصوله‪ ،‬وفصول ّأول أصوله‪ّ ،‬‬ ‫المحرمات بالقرابة‪ :‬أصول ّ‬
‫ّ‬ ‫شخصيّة القائل "‬‫‪ 28‬مثال ذلك الفصل ‪ 15‬من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫أصل وإن عال"‪ ،‬والذي هو نسخة حرفيّة من المادّة ‪( 37‬الفقرة األولى) من مجلّة األحكام ال ّ‬
‫شرعيّة‪ .‬انظر هذه المادّة في‪ :‬م س‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪.377‬‬
‫األول مـجلّة االلتزامات‬
‫‪ 29‬جاء فـي الـمذ ّكرة اإليضاحيّة لالئحة مجلّة الحقوق العينيّة ما يلي‪" :‬تشتـمل الالئحة على كتابين [‪ ]...‬ومن مصادر الكتاب ّ‬
‫شفعة على الخصوص) والقانون الـمقارن (تقسيـم األموال والحقوق وترتيب الحقوق‬ ‫ي (التّقادم والقسمة وال ّ‬ ‫صة ال ّ‬
‫شيوع) والفقه اإلسالم ّ‬ ‫والعقود (خا ّ‬
‫محرم ‪ 1384‬هـ‪ /‬جوان ‪ ،1964‬ص ‪.)32‬‬ ‫ّ‬ ‫العينيّة)"‪ .‬الئحة مـجلّة الحقوق العينيّة‪ ،‬القضاء والتّشريع‪ ،1964 ،‬ص ‪( 476‬عدد ‪،6‬‬

‫‪10‬‬

You might also like