Professional Documents
Culture Documents
الاقتصاد والتنمية
الاقتصاد والتنمية
المقدمة
الجزء األول :مسيــرة االقتصاد األردني وبرامج التصحيح االقتصادي واالجتماعي والتنمية
المستدامة وتحدياتها
الجزء األول
1
.2خصائص االقتصاد األردني
شهد االقتصاد األردني –منذ استقالل المملكة -دورات اقتصادية متنوعة ،وتطورات
ملحوظة خالل العقود الخمسة الماضية نتيجة لتأثر هذا االقتصاد الصغير وحساسيته تجاه
التطورات اإلقليمية والدولية .وقد اختلف دور الدولة في االقتصاد تبعًا لمتطلبات كل مرحلة،
فكانت فترة الخمسينات والستينات تدخل الدولة ،حيث تحملت الدولة عبء بناء المؤسسات
وتجهيز البنية التحتية ،فزاد اإلنفاق الحكومي بشكل كبير ،وذلك العتبارات وأسباب متعددة
بعضها ناجم عن تطورات طبيعية لالقتصاد الوطني والنشاط االستثماري التنموي ،خاصة وأن
األردن شهد خالل تلك المرحلة إنشاء وتطوير البنى التحتية للدولة األردنية ،من طرق ،ومياه،
2
وصرف صحي ،ومحطات كهرباء ،واتصاالت وغيرها ،والبعض اآلخر كان له عالقة
بالهجرات القسرية التي شهدها األردن خالل تلك الفترة .كما ساهم حجم المساعدات التي تلقاها
األردن سواء من خالل الدعم العربي أو المساعدات الخارجية ،وتحويالت المغتربين في
التطورات التي شهدها االقتصاد .إال أن ذلك ترك تشوهات ملحوظة ،نتيجة النحسار دور القطاع
الخاص ،وضعف المدخرات الوطنية في تلك الفترة ،وامتدت هذه التشوهات إلى فترة السبعينات،
بيد أن الطفرة النفطية األولى واستفادة األردن منها ،آّخ ر استحقاقات التصحيح الالزمة وأجلها
إلى وقت الحق ،حيث كان من المتوقع أن يشهد االقتصاد تشوهات هيكلية في حقبة السبعينات،
وأن تظهر مشكالته الكلية ،إال أن الفوائض النفطية أجلت كل ذلك إلى حقبة تالية .أما في عقد
الثمانينات ،فقد بدأ االقتصاد مع بداية هذه الفترة يتأثر بالركود العالمي واإلقليمي ،فظهرت
االختالالت واضحة في بنية االقتصاد األردني والتي كان من أبرزها نضوب االحتياطات
والعجز الكبير في الموازنة العامة للدولة وارتفاع معدالت التضخم والبطالة وهبوط سعر صرف
الدينار وارتفاع المديونية الخارجية .وأصبح االقتصاد في نهاية الثمانينات مثقًال بأعباء الفترة
السابقة ،كان ال بد من إجراء التصحيح الهيكلي ،األمر الذي استدعى اللجوء إلى برامج التصحيح
االقتصادي .
ويتكون هذا الفصل من جزئين رئيسيين يشتمل الجزء األول منه على تعرف المفاهيم
االقتصادية الرئيسية واستعراض مسيرة االقتصاد األردني وقطاعاته المختلفة وبرامج التصحيح
االقتصادي المختلفة والسياسات االقتصادية وأثر األوضاع اإلقليمية الدولية على االقتصادي
الوطني وعرض حول االنفتاح االقتصادي وموجز حول التنمية المستدامة والتحديات االقتصادية
في حين يشمل الجزء الثاني على عرض للنظام المالي والمصرفي األردني والسياسة النقدية .
.1المفاهيم االقتصادية األساسية
نتناول هنا تعريفًا موجزًا ألبرز المفاهيم والمصطلحات االقتصادية حتى يتسنى اإللمام
بالمفاهيم األساسية في سبيل وضوح األفكار التي سوف يتم تناوال في هذه المادة ك
االقتصاد :هو العلم الذي يدرس االستخدام األمثل للموارد االقتصادية المحدودة لتلبية
االحتياجات والرغبات غير المحدودة .وهناك تعريف آخر هو علم االختيار بين البدائل
المتنافسة .
الناتج المحلي اإلجمالي ( :)Gross Domestic Product GDPوهو تراكم القيمة
النقدية اإلضافية للسلع والخدمات المنتجة محليًا خالل فترة زمنية عادة ما تكون سنة .
3
الناتج القومي اإلجمالي ( :)Gross National Product GNPهو تراكم القيمة النقدية
اإلضافية للسلع والخدمات المنتجة من قبل عناصر اإلنتاج الوطنية سواء أنتج محليًا أو
خارجيًا خالل فترة زمنية عادة ما تكون سنة .
التضخم :االرتفاع المستمر في المستوى العام لألسعار وفي األردن يقاس من خالل
المستوى العام لألسعار .
القوى العاملة ( :)Employed Labor Forceهي مجموع السكان في سن العمل
والذين تزيد أعمارهم عن 15عامًا .
القوى المتعطلة ( :)Unemployedهي مجموع السكان في سن العمل الذين ال تتوافر
لهم فرص العمل على الرغم من رغبتهم فيه ،وبحثهم عنه.
سعر الصرف ( :)Exchange Rateهو المبلغ الالزم من العملة الوطنية للحصول على
وحدة نقدية واحدة من أي عملة أجنبية أو العكس.
معدل دخل الفرد ( :)Percapita Incomeوهو نصيب الفرد من الناتج المحلي
اإلجمالي في سنة ما ،ويحسب بقسمة الناتج المحلي اإلجمالي على عدد السكان في تلك
السنة.
العجز التجاري :هو الفرق بين قيمة الواردات وقيمة الصادرات ،وقد يكون إيجابيًا إذ
زادت قيمة الصادرات عن قيمة الواردات ،ويحسب على أساس سنوي .
عجز الدولة :هو الفرق بين قيمة إيرادات الخزينة ونفقاتها ،ويكون إيجابيُا إذا زادت
اإليرادات عن النفقات ،ويحسب على أساس سنوي.
المديونية :قيمة الديون المستحقة على الحكومة سواء أكانت دينًا داخليًا أم خارجيًا،
وتشمل كذلك المبالغ التي تنفقها لصالح مؤسساتها.
النفقات الخارجية :المبالغ التي تنفقها الحكومة سنويًا لتغطية التزاماتها المتكررة
كالرواتب ،والرواتب التقاعدية ،ومصاريف الصيانة ،ونفقات المياه والكهرباء ،والطاقة،
وشراء مستلزمات الحكومة المختلفة (كاألدوية ،والمالبس ،واألغذية ،)...ودفع
اإليجارات ،وغير ذلك من البنود المتكررة.
النفقات الرأسمالية :المبالغ التي تخصصها وتدفعها الحكومة في المشاريع الرأسمالية
كمشاريع البنية التحتية (كالطرق ،والمياه ،والسدود ،ومحطات كهربائية وغيرها)،
ومشاريع الخدمات األساسية (كالمستشفيات ،والمدارس ،والجامعات وغيرها) ،والمعدات
الرأسمالية الالزمة لهذه المشاريع (كمولدات الكهرباء ،واألثاث ،واألجهزة الطبية
وغيرها) .
4
.2خصائص االقتصاد األردني
تأتي خصائص االقتصاد األردني من طبيعة الوضع العام الذي يعيشه األردن ،وعالقاته
االقتصادية في محيطه الجغرافي ،وتتمثل أهم خصائص االقتصاد الوطني سواًء أكانت إيجابية أم
سلبية فيما يلي :
.1ندرة الموارد الطبيعية ومحدوديتها وخاصة مصادر الطاقة والمياه.
.2صغر حجم السوق نسبيًا .
.3شدة التأثر بالظروف االقتصادية والسياسية ،اإلقليمية والدولية.
.4االقتصاد األردني اقتصاد حر وموجه ،مما جعل النظام االقتصادي نظامًا مختلطًا.
.5اقتصاد خدماتي حيث يساهم قطاع الخدمات بحدود ثلثي الناتج المحلي اإلجمالي.
.6يحقق االقتصاد األردني معدالت نمو متباينة.
.7يعاني من اختالالت هيكلية في الجانب المالي (عجز الموازنة ،وارتفاع المديونية)،
والجانب التجاري (العجز التجاري) .
يعتبر االقتصاد األردني نمطًا مثاليًا القتصاد صغير مفتوح ،سمتان أساسيتان ،هما :شح
الموارد ،وصغر حجم السوق ،وقد ترتب على السمة األولى أن ارتكزت أهداف العملية اإلنتاجية
على استغالل الموارد الشحيحة ،وتعظيم العائد منها .أما من ناحية صغر حجم السوق فيرتبط
بعدد السكان ،والقدرة االستهالكية .وقد فرض صعر حجم االقتصاد األردني ومحدودية موارده
باإلضافة إلى العوامل الجيوسياسية (الجغرافية السياسية) ضرورة االرتباط باالقتصاديات
الخارجية بشكل عام ،وباقتصاديات الدول العربية المجاورة بشكل خاص ،كما يتميز االقتصاد
األردني بأنه اقتصاد خدمات ،وذلك لضعف القاعدة اإلنتاجية السلعية .
والمتتبع لمسيرة االقتصاد األردني ،يالحظ أن هذا االقتصاد شهد عددًا من المراحل التنموية
التي تأثرت بشكل كبير باألوضاع االقتصادية السائدة على المستويين اإلقليمي والدولي ،سواء
أكان ذلك في شكل مغانم أم مغارم ،إذ تقلبت المنطقة منذ استقالل األردن بين عدة أوضاع
انعكست بجالء على مسيرة االقتصاد األردني ،فعلى سبيل المثال َغ ِر َم األردن الكثير منذ بداية
الصراع العربي اإلسرائيلي ،يحث تعرض ألزمات متتالية ابتداًء من نكبة عام 1948وحرب
عام 1967اللتين كان لهما نتائج سلبية على االقتصاد األردني ،وذلك لما أنتجته هذه األزمات
5
من خسارة جغرافية وديموغرافية ،وهجرات قسرية متتالية أدت إلى توجيه الكثير من الموارد
نحو اإلنفاق العسكري واألمني ،األمر الذي انعكس سلبًا على المسيرة التنموية.
وغنم األردن بوضوح إبان الطفرة النفطية في السبعينات ،ثم تأثر بالكساد العالمي واإلقليمي
خالل حقبة الثمانينات ،وما كاد األردن يحقق بعض التعافي بعد اعتماد برامج التصحيح
االقتصادي في التسعينات حتى حدثت أزمة الخليج الثانية التي نتج عنها احتالل القوات األمريكية
وقوات التحالف للعراق ،وقد تأثر األردن سلبًا بذلك ،خاصة ما تال ذلك من أحداث ،أهمها ارتفاع
أسعار النفط إلى مستويات قياسية المست حاجز ( 140دوالر للبرميل الواحد) .
وقد استطاع االقتصاد األردني استيعاب آثار هذه األزمات إلى حد ما ،وحقق نتائج جيدة خالل
الفترة ( ،)2007-2000إال أن األزمة المالية العالمية التي انفجرت في نهاية عام 2008ألقت
بظاللها على االقتصاد األردني ،وأصبح عام 2009عام التحديات االقتصادية المشتملة على
ارتفاع غير مسبوق في عجز الموازنة ،وزيادة المديونية ،وخاصة الداخلية منها.
وقد استطاع االقتصاد األردني أن يحقق نموًا يفوق النمو الطبيعي ألي دولة غير بترولية من
الدول النامية ،حيث ارتفع الناتج المحلي اإلجمالي بأسعار السوق من ( 200مليون دينار) عام
1964إلى ( 11225مليون دينار) عام .2007وقد شهد االقتصاد األردني خالل الفترة
الماضية استثمارات كبيرة وتراكمًا رأسماليًا كبيرًا .وعلى صعيد آخر ،فال زال الهيكل القطاعي
لالقتصاد األردني ُيشير بوضوح إلى سيطرة قطاعات اإلنتاج الخدمي على توليد الجزء األعظم
من الناتج المحلي اإلجمالي .وهنا سوف يتم التعرف على أبرز القطاعات الرئيسية المكونة
لالقتصاد الوطني هو:
القطاع الزراعي
ُيالحظ أن القطاع الزراعي شكل أضعف حلقة من حلقات النمو االقتصادي األردني خالل
العقود األربعة الماضية ،فقد كان نصيب الزراعة من الناتج المحلي اإلجمالي في عام 1964ما
نسبته %15.7من الناتج المحلي اإلجمالي ،في حين بلغت مساهمته في عام 2007ما نسبته
حوالي %3.3من الناتج المحلي اإلجمالي .ويساهم هذا القطاع في تشغيل ما نسبته %3.1من
األيدي العاملة .
6
تراجع مكانة القطاع الزراعي في االقتصاد الوطني ،ويعود إلى السياسات التي اتبعت في
التعامل مع هذا القطاع الذي لم يستفد كثيرًا من السياسات التنموية خالل الفترات السابقة ،كما أن
هذا القطاع يعاني من مشكالت في جانب العرض تتعلق بمحدودية األراضي الصالحة للزراعة،
وتراجع المساحات الزراعية على مدار السنوات الماضية والهجرة من الريف إلى المدن
واالعتماد بشكل كبير على مياه األمطار ذات الطبيعة الموسمية المتقلبة ،والحيازات والملكيات
وتقسيماتها ،وعدم وجود شركة تسويق زراعية وطنية على مستوى عاٍل .
قطاع الخدمات
يعتبر قطاع الخدمات من أهم القطاعات في االقتصاد األردني ،فقد ساهم بحوالي %70من
الناتج المحلي اإلجمالي خالل الفترة ،2003-1993وبحوالي %66خالل الفترة -2004
.2006ويعتبر هذا القطاع من أهم القطاعات المشغلة للعمالة ،ويساهم في استيعاب ما نسبته
%61تقريبًا من إجمالي المشتغلين في األردن ،وقد شهد هذا القطاع تطورًا ملحوظًا في السنوات
األخيرة ،حيث أصبحت بعض أنشطة هذا القطاع تتمتع بتنافسية عالية على مستوى المنطقة،
وعلى المستوى العالمي ،مثل قطاع البنوك ،واالتصاالت وتكنولوجيا المعلومات ،والخدمات
الطبية والتعليم ،والنقل الجوي ،والتأمين وغيرها من القطاعات الخدمية الواعدة ،ويجب اإلشارة
هنا إلى قطاع تجارة التجزئة الذي يعتبر جزءًا رئيسيًا من قطاع الخدمات .
القطاع الصناعي
ساهم القطاع الصناعي بشقيه التحويلي واالستخراجي بما نسبته %22من الناتج المحلي
اإلجمالي لعام . 2007حيث ساهمت الصناعات التحويلية بنسبة %20.0من الناتج المحلي
اإلجمالي لعام .2007وتشمل الصناعات التحويلية
:الصناعات الجلدية ،والمحيكات ،والصناعات العالجية ،واللوازم الطبية ،والصناعات الكيماوية
ومستحضرات التجميل ،والصناعات البالستيكية والمطاطية ،والصناعات الهندسية ،والكهربائية،
وتكنولوجيا المعلومات ،والصناعات الخشبية واألثاث ،والصناعات اإلنشائية ،والصناعات
التموينية والغذائية ،وصناعة التعبئة والتغليف والورق والكرتون واللوازم المكتبية.
أما الصناعات االستخراجية ،فقد ساهمت بنسبة %1.8من الناتج المحلي اإلجمالي لعام ،2007
وهي تشمل الصناعات التعدينية ،كالفوسفات ،والبوتاس ،واإلسمنت وغيرها .
7
وقد بلغ عدد المنشآت الصناعية لعام 2006حوالي 23ألف منشأة ،ويعمل فيها أكثر من 175
ألف عامل ،وهذا العدد يشكل حوالي %48من نسبة القوى العاملة في األردن .وتشكل نسبة
المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة حوالي %98.7من عدد المنشآت الصناعية الكلي.
لقد وجد األردن نفسه في نهاية الثمانينيات مثقًال باألعباء االقتصادية ،وبدأت اآلثار السلبية
لالقتراض تظهر على االقتصاد ،ولم يتمكن األردن في هذه المرحلة من الوفاء بالتزاماته تجاه
الديون وخدمتها ،وانخفض حجم احتياطات المملكة من العمالت األجنبية ،مما أدى إلى تخفيض
قيمة الدينار األردني في منتصف عام .1989وقد كان من نتيجة هذه اآلثار السلبية أن أعاد
األردن النظر في سياساته االقتصادية ،وحدد عوامل الضعف فيها ،وتم اتخاذ مجموعة من
اإلجراءات والقرارات السياسية واالقتصادية في محاولة للتغلب على التشوهات في البنية
االقتصادية ،وإ عادة التوازن الهيكلي في االقتصاد األردني .وقد شرع األردن في تطبيق برنامج
تصحيح اقتصادي في عام ،1989لكن لم يكتمل العمل به ،فقد توقف في العالم التالي نتيجة أزمة
الخليج ،وما نتج عنها من هجرة عكسية ،وعودة آالف المغتربين األردنيين ،مما شكل ضغطًا
إضافيًا على خدمات البنية التحتية والخدمات العامة ،مع تناقص تحويالت العاملين وتراجع
المساعدات العربية بشكل كبير.
أما في مرحلة التسعينات ،فقد شهد االقتصاد نموًا كبيرًا في بداية التسعينات ،وذلك بسبب حركة
االستثمار التي شهدها االقتصاد بعد عودة المغتربين .ولكن ما إن استقرت األوضاع حتى عادت
معدالت النمو إلى التراجع ،فقد انخفض نصيب الفرد من النتاج المحلي اإلجمالي بشكل حاّد ،
بحيث أدى إلى انخفاض مستوى معيشة الفرد األردني ،وتواصل انخفاض معدل الدخل الحقيقي
للفرد حتى نهاية التسعينات ،خاصة في ظل عدم مواكبة الزيادة في األسعار بزيادة في األجور
والرواتب ،األمر الذي انعكس بشكل مباشر على مستوى معيشة الفرد األردني ،وكذلك بدأت
أرقام البطالة ترتفع ،وتراجعت قيمة تحويالت العاملين األردنيين في الخارج ،باإلضافة إلى
تراجع حصيلة المساعدات العربية .أضف إلى ذلك ارتفاع األسعار خالل هذه الفترة.
واجه األردن ،كغيره من الدول النامية التي سبقته بانتهاج برنامج للتصحيح مع صندوق النقد
الدولي ،أزمة اقتصادية ال تختلف جذورها عن جذور األزمات التي واجهتها تلك الدول .فقد
8
بلغت األزمة ذروتها في نهاية عام ،1988النخفاض سعر صرف الدينار ،وعجز األردن عن
الوفاء بالتزاماته تجاه خدمة الديون الخارجية.
وقد كان من المتوقع أن تساهم السياسات في معالجة المشكالت االقتصادية التي يعاني منها
االقتصاد الوطني .ولكن تسارع األحداث االقتصادية ،وضعف بنية التمويل الداخلية لتغطية
العجز في ميزان المدفوعات ،زاد من صعوبة قدرة األردن على خدمة مديونيته الخارجية ،مما
أدى بالحكومات المتعاقبة إلى التوجه نحو مؤسسات التمويل الدولية وبشكل خاص صندوق النقد
الدولي ليساعد األردن في تخفيف عبء سداد الديون في تلك المرحلة من خالل إعادة الجدولة.
وقد كان من أهم أهداف التصحيح االقتصادي :
تصحيح الخلل في الموازنة العامة لتخفيض العجز وبنسب كبيرة سنويًا .وذلك بفرض
ضرائب جديدة ،وتخفيض الدعم عن عدد من السلع.
وضع سقف لالقتراض الداخلي والخارجي غير التنموي.
ولكن الظروف غير المواتية في المنطقة ،والمتعلقة بأزمة الخليج الثانية أدت إلى توقف العمل
(– 1992 بهذا البرنامج .واستكمل األردن مسيرة التصحيح لفترة ثانية امتدت من عام
.)1998وكان تخفيض العجز في كل من الموازنة العامة وميزان المدفوعات من أهم أهداف
برنامج التصحيح ،بإتباع سياسات وإ جراءات بطريقة منتظمة تقلل من الطلب وتزيد العرض،
وتهيئ البيئة االقتصادية المناسبة لمنع تكرار مثل هذا االختالل ،لتحقيق معدالت نمو مطردة
والسير في خطط التنمية االقتصادية الشاملة.
وتعتبر المديونية الخارجية من أهم األمور التي ساهمت في طلب األردن المساعدة من صندوق
النقد الدولي لتصحيح وضعه االقتصادي .قد بدأت هذه المديونية بالنمو السريع في نهاية
السبعينات وبداية الثمانينات ،وقد أثر تدهور األوضاع االقتصادية الدولية واإلقليمية ،تأثيرًا كبيرًا
على االقتصاد األردني .
سار برنامج التصحيح االقتصادي بشكل جيد وأصبحت التباشير تلوح باألفق عن إمكانية
تجاوز األزمة االقتصادية ،فتمكن البنك المركزي من إعادة بناء احتياطاته من العمالت األجنبية،
واستقر سعر صرف الدينار األردني ،وشهد عام 1990تحسنًا في نمو معظم القطاعات
االقتصادية ،وتحسنت إيرادات الموازنة ،وتم ترشيد النفقات ،وكان من المتوقع أن تغطي
9
اإليرادات النفقات في موازنة عام .1990ولكن جاءت أزمة الخليج (غزو العراق للكويت)
الثانية لتقشي على آمال وطموحات أخذت جهدًا كبيرًا في اإلعداد لها ،ولتضع االقتصاد األردني
على مفترق طرق .وتراجعت الصادرات األردنية ،وتالشت المساعدات الممنوحة من كل من
العراق ودول الخليج ،وأصبحت أزمة الخليج تلقي بظاللها على االقتصاد األردني تحديدًا ،وعلى
المنطقة عمومًا ،حتى فقد األردن تحقيق جزء من أهداف البرنامج التصحيحي .نتيجة األسباب
التالية:
تراجع وانخفاض حواالت العاملين ،وذلك بسبب عودة نحو 300ألف مواطن أردني
كانوا يعملون في دول الخليج ،شكلت تحويالتهم نحو %20من الناتج اإلجمالي ،أو ما
يكفي لتمويل ثلث المستوردات األردنية.
زيادة معدالت البطالة التي قفزت من %8.9عام 1988إلى %17.3عام .1991
زيادة الضغط على المرافق والخدمات العامة ،األمر الذي تطلب زيادة اإلنفاق الحكومي
الذي انعكس على زيادة العجز في الموازنة ،وتوقف العمل ببرنامج التصحيح
االقتصادي.
خسارة األردن ألكبر أسواقه التصديرية ،والمتمثلة في أسواق العراق والسعودية
والكويت ،حيث انخفضت صادرات األردن بشكل كبير إلى هذه األسواق بسبب المقاطعة
والحصار ،األمر الذي انعكس على القطاعات اإلنتاجية وتراجع أدائها.
انخفاض المساعدات المالية العربية في فترة األزمة ،وتوقف المساعدات الرأسمالية من
الصندوقين السعودي والكويتي ،مما زاد من الفجوة التمويلية الخارجية.
خسارة مصادر الطاقة التقليدية (منحة النفط العراقي).
انخفاض في إنتاجية القطاعات من السياحة والنقل والصناعة.
وقد قدرت خسارة األردن المالية لألردن نتيجة أزمة الخليج عام 1990بمقدار ()1108
مليون دينار وعام 1991بمقدار ( )2264مليون دينار.
أدت األزمة التي مرت بالمنطقة إلى تراجع ملحوظ في األداء االقتصادي لمجمل
القطاعات االقتصادية في عام ،1990وبدايات عام .1991وللتكيف مع األوضاع
المستجدة ،ولمعالجة االختالالت الهيكلية القائمة ،تم االتفاق مع صندوق النقد الدولي على
فترة ثانية متوسطة المدة للتصحيح بحيث تغطي األعوام ( .)1998 – 1992واستمر
العمل بالبرنامج لسنوات أخرى الحقة .2004 – 1991
10
ولتحقيق األهداف التي جاء بها برنامج التصحيح الثاني ،كان ال بد من إتباع سياسات
وإ جراءات التكيف الهيكلي ،التي تؤدي إلى تسارع معدالت النمو ،وتخفيض العجوزات الهيكلية
المالية واالقتصادية .وفيما يلي عرض ألهم هذه السياسات :واإلجراءات الرئيسية:
تركز هذه السياسات على إجراء اإلصالحات الهيكلية التي تعزز تحقيق النمو ،مثل:
تحرير أسعار الفائدة ،واتخاذ التدابير لزيادة المدخرات المحلية ،وخاصة مدخرات القطاع
الخاص ،وإ يجاد الحوافز الضرورية كاالستقرار المالي ،واستقرار سعر الصرف ،ووضع الخطط
لتحفيز استثمارات القطاع الخاص من خالل البيئة واالستثمارية والتشريعية المناسبة ،وتوجيه
الصادرات لألسواق غير التقليدية ،واالعتماد على نظام السوق لتحديد األسعار ،وتخفيض
معدالت التعريفة الجمركية ،وترشيد االستثمارات الحكومية ،وإ عادة هيكلة المؤسسات العامة.
تركز الهدف في هذا المجال على تخفيض العجز في الموازنة العامة ،من خالل زيادة
اإليرادات واحتواء النفقات ،مما يؤدي إلى تخفيض العجز المالي الحكومي إلى مستوى يحول
دون اللجوء إلى التمويل الخارجي أو االقتراض ،وذلك عن طريق توسيع القاعدة الضريبية
وتغيير معدالت الضريبة ،وفرض نظام ضريبة المبيعات ،ورفع تسعيرة الخدمات األساسية (مياه
وكهرباء) ،وتقليص معدل نمو العاملين في القطاع العام ،وزيادة اإلنفاق الرأسمالي كجزء من
الجهود إلعادة تأهيل وتوفير الخدمات والمرافق العامة كالمدارس والمستشفيات ،وتحسين البنية
التحتية ،والتركيز على المشاريع كثيفة العمالة للتخفيف من البطالة.
*
ثالثًا :السياسة النقدية
تركزت السياسة النقدية على اإلجراءات التي يتخذها البنك المركزي من خالل استخدام
األدوات النقدية المتعارف عليها دوليًا بهدف تحقيق االستقرار النقدي المتمثل بالمحافظة على
سعر صرف الدينار ،وبناء احتياطيات من العمالت األجنبية ،بما ينسجم مع النمو االقتصادي
والتطورات االقتصادية العالمية.
سيتم استعراض النظام المالي والمصرفي األردني والسياسة النقدية في الجزء الثاني. *
11
كان الهدف األساسي القطاع الخارجي تحقيق تخفيض مستمر في الحساب الجاري
لميزان المدفوعات ،وتقليل الحاجة إلى المساعدات والقروض الخارجية ،وتشجيع القطاع
السياحي ،واستقطاب المزيد من حواالت العاملين ،ودعم المشاريع اإلنتاجية التصديرية والمكثفة
الستخدام العمالة ،وتوفير الترويج الالزم للصادرات ،وتمويلها وفتح أسواق جديدة لها.
خامسًا :التخاصية
تعرف التخاصية بأنها البرنامج الذي يتم بموجبه نقل ملكية أو/إدارة المشاريع والمؤسسات أو
الشركات الحكومية كليًا أو جزئيًا إلى القطاع الخاص ،سواًء أكان أردنيًا أم أجنبيًا ،وقد تبنى
األردن برنامجه الوطني للتخاصية في أواخر عام 1996في سياق توجهاته االقتصادية الكلية
التي تقوم على االنفتاح ،واالرتقاء بمستوى األداء لمختلف القطاعات ،ودعم وتعزيز دور القطاع
الخاص كشريك في التنمية ،بحيث تتفرغ الحكومة للمهام األساسية المتمثلة في تنظيم والتشريع
والرقابة ،وإ دارة المؤسسات الحكومية ،وتقديم الخدمات األساسية.
يعرف قانون التخاصية األردني رقم ( )25لسنة 2000التخاصية بأنها اعتماد نهج اقتصادي
يتمثل في تعزيز دور القطاع الخاص في النشاط االقتصادي ليشمل مشاريع القطاع العام التي
تقتضي طبيعتها إدارتها على أسس تجارية.
ويهدف برنامج التخاصية إلى جذب االستثمار الخارجي المباشر وغير المباشر ،وتوطينه في
األردن ،وزيادة كفاءة رأس المال العام ،وتطوير أسواق رأس المال المحلية من خالل زيادة
قاعدة األسهم والملكية والمشاركة ،ودعم المالية العامة بزيادة الدولة ،واستعمال هذه اإليرادات
في تنفيذ برامج الحكومة االجتماعية بشكل أفضل ،وزيادة استخدام أساليب التقنية الحديثة في
العملية اإلنتاجية واإلدارة.
ولتحقيق هذه األهداف ،اتجه األردن في سياسة منتظمة للعمل على زيادة المقدرة التنافسية
لالقتصاد األردني بإجراءات عدة ،منها :تقليل عدد مؤسسات القطاع العام ،والتي بلغت 40
مؤسسة في منتصف الثمانينات* ،عن طريق تحويل ملكية هذه المؤسسات ،أو تحويل إدارتها إلى
القطاع الخاص الذي يتمتع بقدرة أكبر على إدارتها بطريقة أكثر فاعلية وكفاءة .وبيع حصص
الحكومة في 64شركة ،من أهمها شركة االسمنت ،واالتصاالت ،ومؤسسة النقل العام ،وشركة
من المفارقات أن العشر سنوات الماضية شهدت إنشاء العديد من الهيئات المستقلة والمؤسسات القطاعية حيث *
12
البوتاس العربية وشركة الفوسفات والطيران المدني ،وغيرها في قطاعات السياحة والطيران،
وبحلول عام 2009لم يتبق سوى عدد محدود من المشاريع قيد الخصخصة ،ومن أهمها مشاريع
في قطاع البريد واالتصاالت والكهرباء وسكة حديد العقبة.
وقد بلغ إجمالي عوائد التخاصية حوالي مليار ونصف دينار ،تم استخدامها في تسديد ديون
المؤسسات التي تمت خصخصتها ،وفي تمويل المشاريع التنموية ،ومبادلة جزء من الديون
المستحقة على األردن ،وقد استطاع برنامج الخصخصة جذب استثمارات تزيد على مليار دينار
للمشاريع التي تم خصخصتها ،خاصة في قطاع االتصاالت والمياه والنقل.
لم تكن السياسات المختلفة لتؤدي دورها دون وجود تشريعات جديدة ،أو تحديث التشريعات
القائمة .وقد تم إنجاز برنامج إصالح التشريعات االقتصادية من خالل تعديل بعض التشريعات
القائمة ،وإ صدار بعض التشريعات الجديدة ،مثل :قانون األوراق المالية ،وقانون ضريبة
المبيعات ،وقانون التخاصية ،وقانون الدين العام ،وقانون حماية اإلنتاج الوطني ،وقانون
المنافسة ،وقوانين حماية الملكية الفردي والقوانين الخاصة بالهيئات الرقابية.
كهيئة تنظيم قطاع االتصاالت ،وهيئة تنظيم قطاع النقل وغيرها .كما تم تعديل العديد من
القوانين وتحديثها ،كقوانين الشركات ،والجمارك ،وتشجيع االستثمارات ،وضريبة الدخل ،وما
زال هناك جزء من التشريعات التي يجري العمل عليها لتطوير البنية االستثمارية في األردن.
سعى األردن إلى اتخاذ العديد من اإلجراءات الرامية إلى رفع كفاءة إدارة المديونية الخارجية،
بهدف االستفادة من االقتراض الخارجي ،وتخفيض عبء المديونية.
وقد تمكن األردن من إعادة هيكلة مديونيته الخارجية من خالل التزام الحكومة بعدم التعاقد على
قروض قصيرة األجل ،وتحديد سقوف سنوية إلجمالي التعاقدات الجديدة غير الميسرة للحكومة
أو بكفالتها ،وإ لغاء معظم القروض التجارية التي لم تتم عملية السحب منها.
13
ثامنًا :سياسة حماية الفقراء
أولت الحكومة قضية الفقر أهمية كبرى ،ألنها تمثل عقبة تعترض مسيرة النمو ،وتؤثر
سلبًا على مستوى معيشة المواطن ،فاتخذت الحكومة عددًا من اإلجراءات والتدابير تهدف إلى
تقديم الدعم للفقراء الذين تأثروا كثيرًا بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية ،وما صاحبه من ارتفاع
أسعار السلع األساسية ،وما ترتب على عملية التخاصية ،وسياسة رفع الدعم الحكومي من
جوانب سلبية ،وأبرز هذه اإلجراءات :دعم صناديق العون االجتماعي ،كصندوق التنمية
والتشغيل ،وصندوق المعونة االجتماعية ،لتقديم القروض للمشاريع الصغيرة الموجهة للفقراء
إليجاد فرص عمل لهم ،وتدريب المتعطلين عن العمل وتأهيلهم ،وتحسين البنية التحتية في
المناطق الفقيرة ،واستعمل مصطلح "شبكة األمان االجتماعي" ليشمل مجموع هذه التدابير التي
تستهدف الطبقات الفقيرة ،وذات الدخل المتدني ،كما أطلق جاللة الملك عبد اهلل الثاني في عام
2009مبادرة سكن كريم لعيش كريم التي تهدف إلى بناء مساكن لألسر الفقيرة .وبالرغم من
ذلك كله فال زالت نسبة الفقر مرتفعة حيث تشير إحصائيات عام ( )2008على أن %13من
األردنيين يعيشون تحت خط الفقر.
تضع األحداث والتطورات السياسية واالقتصادية المحلية منها وإلقليمية والعالمية التي
تشهدها منطقتنا والتي تنعكس آثارها على مختلف الدول ،األردن أمام مجموعة من التحديات التي
يجب التعامل معها بحكمة وموضوعية ،فما زالت منطقتنا ترزح تحت تأثير وطأة األحداث في
كل من العراق وفلسطين .ولقد دفع األردن ويدفع ثمنًا غاليًا بسبب موقعه "الجيوسياسي"،
وتتصف الكثير من مشاكله بأنها عابرة للحدود ،األمر الذي انعكس على أداء االقتصاد األردني،
وبرامج التنمية االقتصادية.
أثرت حالة عدم االستقرار في المنطقة بشكل كبير على أداء بعض القطاعات الحيوية مثل
السياحة ،التي تمثل المصدر الثاني للعمالت األجنبية في األردن .ويعتبر هذا القطاع من أكثر
القطاعات تأثرًا بعوامل األمن واالستقرار .وتشير البيانات إلى أن هذا القطاع قد بدأ باستعادة
دوره ومساهمته في الناتج المحلي اإلجمالي.
أما فيما يتعلق باآلثار التي أسفرت عنها التطورات األخيرة في المنطقة خاصة احتالل العراق،
فقد أدت إلى فقدان األردن أحد أهم مصادر دعم الموازنة واالقتصاد والمتمثل بالمنحة النفطية
العراقية ،واألسعار التفضيلية التي كان يستورد بها األردن النفط من العراق.
14
لقد أجبر هذا مثل هذا الوضع أجبر األردن على شراء النفط باألسعار العالمية من السوق
الدولية ،مم اأثر سلبًا على االقتصاد الوطني بسبب زيادة الضغط على موارد األردن واحتياطياته
من العمالت األجنبية ،وزيادة العجز في الميزان التجاري نتيجة لزيادة فاتورة المستوردات،
ورفع كلف اإلنتاج ،وانعكاس ذلك على تنافسية الصادرات األردنية ،وزيادة كلفة المعيشة على
المواطن األردني ،األمر الذي أدى نظرًا الرتباط أسعار المحروقات بالكثير من بنود إنفاق
المواطن األردني ،وزيادة نسبة الفقراء في األردن ،وبالتالي خسارة ما تم تحقيقه خالل الفترة
،2003 – 1997التي انخفضت فيها نسبة الفقر من %21.3إلى %14.2ثم إلى %13في
عام ،2007باإلضافة إلى زيادة احتمالية اللجوء إلى االقتراض بشقيه الخارجي والداخلي لتغطية
نفقات دعم المحروقات*.
وقد تمكن االقتصاد األردني خالل عام 2007من تجاوز اآلثار السلبية للتطورات اإلقليمية
التي أثرت على المنطقة وارتفاع أسعار المحروقات .فعلى الرغم من تباطؤ معدل نمو الناتج
المحلي اإلجمالي الحقيقي خالل العام بالمقارنة مع العام ،2005حيث سجل الناتج المحلي
اإلجمالي نموًا حقيقيًا نسبته %6مقابل %7.1في عام .2005ويالحظ أن متوسط نصيب الفرد
من الناتج المحلي اإلجمالي شهد ارتفاعًا خالل السنوات ( ،)2007 – 2000إذ ارتفع تدريجيًا
من 1235دينار للفرد سنويًا في عام 2000ليصل إلى 1961دينارًا للفرد عام ،2007أي
بزيادة مقدارها ،%58.8كما استمرت وتيرة نمو الصادرات األردنية إيجابيًا ،وتجاوزت
الصادرات األردنية إلى السوق األمريكية المليار دوالر ،علمًا بأن الصادرات األردنية لم تتجاوز
13مليون دوالر في عام ،1999واحتلت الواليات المتحدة بذلك المرتبة األولى ،في حين تراجع
العراق إلى الدولة الثانية في استيعاب الصادرات األردنية.
لقد خطا األردن خطوات واسعة في مجال تحرير االقتصاد واالنفتاح االقتصادي على
معظم القطاعات االقتصادية ،واالندماج مع االقتصاد العالمي ،وذلك بهدف التغلب على صغر
حجم السوق األردنية ،حيث انضم األردن إلى منظمة التجارية العالمية ووقع عدد من االتفاقيات
15
أهمها :واتفاقية الشراكة األوروبية واتفاقية التجارية الحرة مع الواليات المتحدة األمريكية،
واتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى ،واتفاقية التجارة الحرة مع سنغافورة ،إضافة إلى إقامة
المناطق الصناعية المؤهلة وتوسيع قاعدتها من خالل تأسيس المزيد منها .مما يوفر سوقًا كبيرًا
للصادرات األردنية والتي يمكن أن تصل إلى مليار مستهلك من خالل هذه االتفاقيات .
وكنتيجة مباشرة لإلصالحات االقتصادية الشاملة في األردن ،ونتيجة لسلسلة اتفاقيات التجارة
الحرة التي تم توقعيها واصلت الصادرات األردنية ارتفاعها األمر الذي انعكس على أداء القطاع
الخاص المحلي الذي استفاد من اتفاقيات التجارة الحرة ونجح في تسويق منتجاته في كثير من
األسواق الخارجية وخاصة إلى الواليات المتحدة األمريكية التي تعتبر أكبر شريك تجاري
لألردن .حيث بلغت نسبة الصادرات إلى السوق األمريكية أكثر من %31من إجمالي
الصادرات الوطنية .كما ارتفعت الصادرات الوطنية كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي من
%23.2عام 2003لتصل إلى 28.3في عام .2007
التنمية المستدامة:
بدأت عملية التخطيط في األردن منذ منتصف القرن الماضي ،حيث تم التركيز في تلك الفترة
على التخطيط على مستوى المشاريع ،تلتها فترة السبعينيات حيث لّم التخطيط على المستوى
القطاعي .ومع نهاية عقد التسعينات وبداية األلفية الجديدة انتقلت عملية التخطيط التنموي إلى
مفهوم التخطيط التأشيري وذلك انسجامًا مع توجهات جاللة الملك عبداهلل الثاني المعظم الداعية
إلى تحقيق التنمية المستدامة من خالل االندماج مع االقتصاد العالمي ،وتفعيل دور القطاع
الخاص كشريك حقيقي ورائد في عملية التنمية.
16
وقد تم صياغة أول تعريف للتنمية المستدامة في هذا التقرير كما يلي" :التنمية التي تفي وتلبي
احتياجات الحاضر دون المجازفة والمساس بقدرة األجيال المقبلة على الوفاء وتلبية احتياجاتها"،
(اللجنة العالمية للتنمية والبيئة) .ويعرف البنك الدولي التنمية المستدامة بأنها تنمية تلبي احتياجات
المجتمعات في الوقت الحالي دون المساس بقدرة أجيال المستقبل على تحقيق أهدافها ،وبما يسمح
بتوفير فرص أفضل من المتاحة للجيل الحالي إلحراز تقدم اقتصادي واجتماعي وبشري ،ألن
المقصد منها هو إتاحة مستقبل أفضل.
الدمج :دمج االعتبارات البيئية واالجتماعية واالقتصادية في عملية صنع القرار بشكل
فعال.
مشاركة المجتمع :ال يمكن تحقيق االستدامة ،أو إنجاز أي تقدم نحوها ،من دون مشاركة
ودعم المجتمع بكافة شرائحه.
سلوك وقائي :حيثما تكون هناك تهديدات بوقوع أضرار بيئية جسيمة ،أو أضرار ال
يمكن مداواتها ،ال يستخدم االفتقار إلى التيقن العملي الكامل كسبب لتأجيل اتخاذ تدابير
فعالة من حيث التكلفة لمنع التدهور البيئي.
العدالة ضمن األجيال :اإلنصاف والمساواة في الفرص للجيل الحالي ولألجيال المقبلة
أيضًا.
تحسن متواصل :إن الوضع البيئي المتدهور يلزم باتخاذ إجراءات فورية لتصبح
المجتمعات أكثر استدامة وتسعى للتحسن المستمر والمتواصل.
سالمة بيئية :العمل من أجل حماية التنوع البيولوجي والحفاظ على العمليات البيئية
األساسية واألنظمة التي تدعم الحياة.
المجتمع المستدام هو المجتمع الذي يزدهر ألنه يبني توازنًا فعاًال بين الرخاء االجتماعي
والفرص االقتصادية وجودة البيئة .وتمثل النقاط الثالث التالية الميزات األساسية للمجتمع
المستدام:
سليم بيئيًا :بحيث تركز عملية صنع القرار على تقليل مخاطر النمو السكاني والتنمية
على الموارد الطبيعية والبيئة.
17
منتج اقتصاديًا :بحيث يقوم أعضاء المجتمع باستثمار رؤوس أموالهم محليًا من أجل
مساندة الموارد البشرية والطبيعية المحلية ،وإ نتاج عوائد مالية كافية من تلك
االستثمارات.
منصف وعادل اجتماعيًا :بحيث يعزز توزيع الغذاء والفوائد بين مختلف قطاعات
المجتمع نتيجة الوصول العادل إلى المصادر والمشاركة في عملية صنع القرار.
وانطالقًا من ذلك ،فقد ركزت مختلف المبادرات الوطنية كاألجندة الوطنية ،ووثيقة كلنا
األردن ،على أهمية التنمية المستدامة ،ودورها في تحقيق النمو االقتصادي المحلي ،وتحسين
نوعية الحياة للمواطنين.
كما تضمنت هذه المبادرات التأكيد على ضرورة الدفع باتجاه تعزيز األساليب والممارسات
الديمقراطية ،وتوفير برامج تعليمية حديثة تواكب وتلبي متطلبات مؤسسات األعمال وسوق
العمل ،وإ شراك القطاع الخاص في تخطيط وتنفيذ المبادرات االقتصادية واالجتماعية الهادفة إلى
إحداث التغيير.
بالرغم من االنجازات الطيبة التي حققها االقتصاد األردني منذ قيام الدولية األردنية إّال أن
مسيرته كانت محفوفة بتحديات مختلفة أهمها:
-1العجز المزمن في الموازنة العامة حيث بلغ هذا العجز ( )1.5مليار دينار في عام
2009ويشكل حوالي %8من الناتج المحلي اإلجمالي.
-2تذبذب نسبة النمو السنوي تبعًا للمعطيات الدولية واإلقليمية (بلغت نسبة النمو (
)%6.6في عام 2007و ( )%5.6في عام 2008ويتوقع أن ال تزيد عن %3
في عام .2009
-3االعتماد على القروض والمساعدات الخارجية (بلغت قيمة المساعدات في عام
2008حوالي 550مليون دينار).
-4العجز المزمن في الميزان التجاري .
-5ندرة الموارد الطبيعية وخاصة الطاقة والمياه.
18
-6ارتفاع نسبة الفقر والبطالة حيث يعيش %13من األردنيين تحت خط الفقر
(إحصائيات عام ،)2007وتبلغ نسبة البطالة %13إحصائيات عام .2008
-7ارتفاع أسعار الطاقة التي يضطر األردن إلى استيرادها من الخارج.
-8ضعف تنافسية العديد من القطاعات بسبب ارتفاع أسعار الطاقة واالعتماد على
المدخالت المستوردة.
-9ضعف اإلنتاجية الكلية وتدني إنتاجية العمالة األردنية.
بالرغم من المحددات والتحديات التي يواجهها االقتصاد األردني إّال أن هنالك مجموعة من
الخصائص اإليجابية التي يمكن االستفادة منها لتحسين الوضع االقتصادي وزيادة تنافسية
االقتصاد األردني .ويمكن تلخيصها بما يلي:
-1نظام حكم دستوري مستقر ومنفتح ،حيث يقود جاللة الملك عبداهلل الثاني مسيرة التحديث
والتطوير ،ويسعى شخصيًا الستقطاب استثمارات إلى األردن.
-2األردن بلد آمن ومستقر وال يعاني من اضطرابات داخلية أو أمنية ،أو عرقية ،أو
طائفية.
-3بيئة تشريعية جيدة ،وخاصة فيما يتعلق بتنظيم األعمال والبيئة االستثمارية.
-4األردن بلد مؤسسات ،ولديه مستوى جيد من المؤسسية.
-5توفر الموارد البشرية وجودتها.
-6استقرار صرف العملة الوطنية (الدينار) ،وتوفر احتياطات أجنبية مالئمة.
-7وجود عدد من االتفاقيات الدولية والثنائية المحفزة لالستثمار.
-8بنية تحتية جيدة ،وتوفر مدن صناعية ،ومناطق تنموية خاصة.
الجزء الثاني
النظام المالي والمصرفي األردني والسياسة النقدية
19
-البنوك التجارية
-مؤسسات اإلقراض المتخصصة
-مؤسسات مالية أخرى
البنك المركزي
يعتبر البنك المركزي األردني بنك البنوك ،وبنك الحكومة ،وهو رأس الهرم المصرفي في
تنفيذ السياسات النقدية واالئتمانية ،بما ينسجم مع السياسات االقتصادية األخرى في المملكة،
ويتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة.
وقد بدأ البنك المركزي األردني أعماله في شهر تشرين األول من عام 1964ليحل محل
مجلس النقد األردني الذي أسس عام 1950والذي انحسرت مهامه في االحتفاظ بموجودات
إستراتيجية مقابل إصدار النقد األردني ،ولم يكن للمجلس دور فعال في السياسة النقدية
واإلئتمانية.
وتنص المادة ( )4من قانون البنك المركزي رقم 23لعام 1971على "أن أهداف البنك
المركزي هي الحفاظ على االستقرار النقدي في المملكة وضمان قابلية تحويل الدينار األردني،
ومن ثم تشجيع النمو االقتصادي المطرد في المملكة ،وفق السياسة االقتصادية العامة للحكومة".
ولتحقيق هذه األهداف فقد تطورت وظائف ومهام البنك المركزي منذ إنشائه حتى الوقت
الحاضر وأصبحت تشمل ما يلي:
-1إصدار أوراق النقد والمسكوكات في المملكة وتنظيمه
بعد إعالن دولة مستقلة عام ،1946بدأ التفكير في إصدار نقد وطني ،فصدر القانون المؤقت
للنقد األردني رقم ( )35لسنة ،1949وبموجب هذا القانون تشكل مجلس النقد األردني الذي
أصبح السلطة الوحيدة المخولة بإصدار أوراق النقد والمسكوكات في المملكة .وأصبحت وحدة
النقد هي الدينار األردني الذي طرح للتداول في .1/7/1950وتوقف تداول الجنيه الفلسطيني
في المملكة اعتبارًا من .30/9/1950
وتنص المادة 27من قانون البنك المركزي على أن البنك المركزي هو جهة اإلصدار الوحيدة
للنقد األردني من أوراق ومسكوكات ،ويقوم بتزويد السوق بما يحتاج من أوراق النقد األردني
ومسكوكاته .كما أن البنك يحتفظ عادة بمخزون من أوراق النقد والمسكوكات لهذا الغرض،
20
ويسترد أوراق النقد ،ويتلف األوراق النقدية غير الصالحة لالستعمال .ومن المتعارف عليه بأن
إصدار النقد األردني مغطى بالذهب والعمالت األجنبية القابلة للتحويل على أن ال تقل قيمتها في
أي وقت من األوقات عن قيمة أوراق النقد المتداولة .وقد بلغت قيمة النقد المصدر عندما باشر
البنك المركزي أعماله عام 1964ما مقداره 24.4مليون دينار ارتفعت إلى 2350.2مليون
دينار في نهاية عام .2007
يقوم البنك المركزي بإدارة احتياطيات المملكة من الذهب والعمالت األجنبية ،وتوظيفها
في مجاالت االستثمار المالئمة وفقًا لتطورات أسواق الصرف العالمية ،بما يوفر عنصري
الضمان والربحية لهذه االحتياطيات .كذلك يسمح قانون البنك المركزي للبنوك التجارية
باالحتفاظ بأرصدة عمالت أجنبية .وقد بلغت موجودات المملكة من الذهب والعمالت األجنبية
عام 1964ما مقداره 25.8مليون دينار ارتفعت إلى 6788.5مليون دينار في نهاية عام
.2007
حسب نصوص المواد ( )42 ، 37من القانون تحتفظ البنوك المرخصة باحتياطي نقدي
إلزامي لدى البنك المركزي بحيث ال تقل هذه النسبة عن %5وال تزيد عن %35من الودائع
المختلفة .كما تحتفظ البنوك لدى البنك المركزي بودائع يتم استخدامها لتسديد بعض مدفوعاتها
المالية فيما بينها من خالل غرفة المقاصة االلكترونية .ومما يجدر اإلشارة إليه أن البنك
المركزي يعتبر المقرض األخير للبنوك في الظروف الطارئة التي تهدد االستقرار النقدي
وسالمة الجهاز المصرفي .كذلك يقوم البنك المركزي بتقديم خدمات األخطار المصرفية حول
مالءة العمالء وخدمات الحفظ األمين .كذلك يعمل البنك المركزي أيضًا كبنك لمؤسسات
اإلقراض المتخصصة لحفظ حساباتها لديه وتقديم القروض وخصم األوراق التجارية وتقديم
المشورة لها.
استنادًا إلى نصوص المواد ( )45 ، 44من القانون يقوم البنك المركزي بدراسة وتحليل
األوضاع المالية للبنوك للتأكد من سالمة مراكزها المالية ،والتزاماتها بتعليمات البنك المركزي
21
كنسب االحتياطي النقدي وحركة التسهيالت االئتمانية ،ومعدل كفاية رأس المال ومكافحة غسيل
األموال الحاكمية المؤسسية وفقًا للمعايير الدولية.
جاء تأسيس البنك المركزي ليتولى مسؤولية السياسة النقدية ،واالضطالع بجميع المهام
والمسؤوليات التي تتحملها البنوك المركزية في الدول المتقدمة اقتصاديًا .فقد شهد األردن منذ
تأسيس المملكة تطورًا كبيرًا في شتى المجاالت االقتصادية واالجتماعية ،وقد كان لتطور القطاع
المالي والمصرفي األثر األكبر في إحداث هذه التغيرات،التي شملت حشد المدخرات الوطنية
والخارجية ،وتوجيهها نحو تمويل مشاريع التنمية االقتصادية .كما تولى البنك المركزي مسؤولية
تقديم القروض والسلف للبنوك التجارية ،والمؤسسات المالية ،لتعزيز قدرتها على تمويل
المشاريع التنموية في المملكة .هذا باإلضافة إلى زيادة القدرات المالية للحكومة من خالل
اإلقراض المباشر لها ،وإ دارة احتياطيات المملكة من العمالت األجنبية.
وبناًء على ما سبق ،ولتحقيق األهداف والمهام السابقة الذكر فإّن البنك المركزي يمتلك األدوات
واألسلحة النقدية التي تمكنه من الحفاظ على االستقرار النقدي وتحقيق النمو االقتصادي المطرد
في المملكة.
البنوك التجارية
22
وهي مؤسسة مالية وسيطة بين المالك الذي يملك الفوائض المالية ،والمشتري الذي يعاني من
عجز مالي في أعماله ،أي أنها الوسيط المالي الرئيسي الذي يتعامل في قبول الودائع ومنح
القروض.
يمكن االستنتاج من هذه الوظائف أن دور البنوك التجارية األساسي يتركز في خلق النقود
والودائع من خالل عملها كحلقة وصل بين المقرضين والمقترضين بهدف تحقيق أقصى ربح
ممكن.
وخالل فترة قصيرة نسبيًا ،نما الجهاز المصرفي األردني تدريجيًا من مرحلة بدائية إلى مرحلة
متطورة وأصبح يضاهي أضعاف ما حققته دول أخرى خالل هذه المرحلة الزمنية على
الصعيدين الكمي والنوعي كما هو مبين تاليًا:
لقد عملت البنوك التجارية الموجودة في األردن في ظل مجلس النقد الفلسطيني أوًال ،ثم
مجلس النقد األردني بعد ذلك .فحتى عام ،1949لم يكن في األردن سوى بنك بريطاني هو البنك
العثماني عام ،1925والبنك العربي الذي فتح أول فرع له في عمان عام .1930وقد تبع ذلك
إنشاء البنك األهلي عام 1956وبنك األردن وبنك القاهرة عام .1960أما في الوقت الحاضر
فقد بلغ عدد البنوك المرخصة في األردن 23بنكًا ،منها بنكان إسالميان ،وثمانية بنوك غير
أردنية .وبلغ عدد الفروع المرخصة 558فرعًا ،و 79مكتب تمثل منتشرة في مدن والمملكة
وقراها .ومما "يجدر اإلشارة إليه أن عدد السكان إلى إجمالي عدد الفروع العاملة في المملكة قد
بلغ في نهاية عام 2007حوالي 10آالف نسمة لكل فرع ،كما أن عدد فروع البنوك األردنية
العاملة في الخارج وصل إلى 129فرعًا ،منها 57فرعًا في األراضي الفلسطينية.
23
وتشير المعلومات المتوفرة حول نشاطات البنوك إلى أنها استمرت في تحقيق المزيد من
التقدم ،ففي جانب موجودات ومطلوبات البنوك التجارية فقد ارتفعت من 63.3مليون دينار عام
،1964لتصل إلى 26815.6مليون دينار عام ،2007ما ارتفع إجمالي الودائع لدى البنوك
من 48.7مليون دينار عام 1964إلى 15988.0مليون دينار عام 2007بمعدل سنوي
.%7.8وبلغ الرصيد اإلجمالي للتسهيالت االئتمانية 11295.6مليون دينار عام 2007مقابل
29.3مليون دينار عام 1964بمعدل سنوي .%8.9كما ارتفعت حقوق الملكية لدى البنوك من
حوالي 5ماليين دينار عام 1964إلى 3625.7مليون دينار عام .2007
يتضح مما سبق أن تطور القطاع المصرفي في األردن لم يقتصر على النمو الكمي من حيث
زيادة عدد المؤسسات ،ونمو حجم الودائع واالئتمان فحسب ،وإ نما تعداه إلى النمو النوعي ممثًال
بإنشاء مؤسسات جديدة ،كبنوك ،وشركات مالية ،وسوق عمان المالي .هذا إضافة إلى طرح
أدوات مالية جديدة مثل سندات التنمية ،وأذونات وسندات الخزينة ،وإ سناد القروض وشهادات
اإليداع .هذا فضًال عن ظهور الخدمات المصرفية غير الربوية عن طريق البنوك اإلسالمية
وإ صدار قانون سندات المقارضة لتمويل المشاريع التنموية على أسس الشريعة اإلسالمية.
ولقد قام البنك المركزي بجهود مكثفة تهدف إلى إعادة تنظيم هذا الجهاز وترتيب أوضاعه،
لضمان استمرار وجود جهاز مصرفي سليم ومعافى .وقد ارتكزت عملية إعادة تنظيم الجهاز
المصرفي على إعادة النظر في التشريعات المصرفية والمالية ،لتواكب التطورات الحديثة في
العمل المصرفي الدولي ،وتشجيع سياسات الدمج بين المؤسسات المصرفية ،وتصفية بعض
المؤسسات المصرفية المتعثرة .كما تم رفع الحد األدنى لرأس مال البنوك التجارية إلى 40
مليون دينار عام ،2007ومن ثم إلى 100مليون دينار عام ،2010وتم رفع الحد األدنى لمعدل
كفاية رأس المال إلى .%12كما قام البنك المركزي ببناء اإلطار الشامل للحاكمية المؤسسية
للجهاز المصرفي ،وإ قرار قانون مكافحة غسيل األموال ،وتطوير نظام اإلنذار المبكر.
من المتعارف عليه أن البنوك التجارية ال تتمكن من منح قرض طويلة األجل بسبب
قصر آجال مطلوباتها ،لذا حرصت الحكومة على اعتماد مؤسسات تمويلية متخصصة في مجال
الزراعة ،والصناعة ،واإلسكان ،لتتمكن من منح قروض طويلة األجل للمشاريع التنموية لتلك
24
القطاعات .وقد بلغ عدد مؤسسات اإلقراض المتخصصة العاملة أربع مؤسسات هي :مؤسسة
اإلقراض الزراعي ( )1959وعدد فروعها ( )22فرعًا ،والمؤسسة العامة لإلسكان والتطوير
الحضري ( )1965وعدد فروعها ( )3فروع ،وبنك تنمية المدن والقرى ( )1966وعدد فروعه
( )7فروع ،وبنك اإلنماء الصناعي ( )1965وعدد فروعه ( )5فروع .وتعتمد هذه المؤسسات
في عملية التمويل الطويلة األجل على رأسمالها ،واالقتراض المحلي والخارجي ،إّال أنه تم في
بداية العام 2008خصخصة هذا البنك وسيتم تحويله من قبل شركة دبي كابيتال وبنك دبي
اإلسالمي إلى بنك إسالمي.
باإلضافة إلى ما سبق من إنشاء مؤسسات مالية هنالك العديد من المؤسسات المالية غير
المصرفية ،والتي أنشئت في التسعينات ،بغية تعزيز المدخرات الوطنية ،والنمو االقتصادي
المستدام في المملكة .فقد تم تأسيس الشركة األردنية لضمان القروض عام ( )1994كشركة
مساهمة عامة محدودة ،بهدف توفير الضمانات الالزمة لتغطية مخاطر القروض الممنوحة من
قبل البنوك للمشروعات االقتصادية الصغيرة ومتوسطة الحجم .كما تم تأسيس الشركة األردنية
إلعادة تمويل الرهن العقاري عام ( ،)1996بدعم من البنك المركزي ،والبنك الدولي لإلنماء
والتعمير ،بهدف تدعيم سياسة هيكلة قطاع اإلسكان وتشجيع وتطوير سوق رأي المال في المملكة
عن طريق طرح إسناد اإلقراض الخاصة بالتمويل اإلسكاني .كما تم أيضًا تأسيس مؤسسة
ضمان الودائع عام ( )2000لحماية صغار المودعين لدى البنوك من خالل ضمان ودائعهم،
لتشجيع اإلدخار المحلي وتعزيز الثقة بالنظام المصرفي األردني وعدم تحمل الحكومة مسؤولية
تعويض المودعين في حالة التعثر .هذا باإلضافة إلى شركات التأمين ،ومؤسسة الضمان
االجتماعي ،ومؤسسة تنمية أموال األيتام ،وصندوق التنمية والتشغيل.
25
قائمة المراجع
د .أديب حداد ،توجيهات السياسة النقدية في أعقاب مرحلة السالم.1996 ، -
د .خالد الوزني ،اإلصالح االقتصادي والتنمية البشرية في األردن.2000 ، -
26