You are on page 1of 17

‫الفصــل األول ‪ .....................................................

‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫سوف نتناول في هذا الفصل ماهية الرقابة اﻹدارية من خالل تقسيمه إلى مبحثين يتمثل المبحث‬
‫األول في مفهوم الرقابة اﻹدارية وأساسها القانوني ٳضافة إلى مبرراتها وخصائصها‪ ،‬أما‬
‫المبحث الثاني فقد تعرضنا فيه إلى نطاق الرقابة اﻹدارية ومختلف الطرق التي تقوم بتحريكها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الرقابة اﻹدارية‬


‫يقصد بالرقابة اﻹدارية أن اﻹدارة تراقب تصرفاتها بنفسها لذا فإنها تسمى بالرقابة الذاتية‪.1‬‬
‫ولفهم الرقابة اﻹدارية أكثر نتطرق إلى مايلي‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الرقابة اﻹدارية وأساسها القانوني‬


‫لتعريف الرقابة اﻹدارية تعريفا دقيقا وجب علينا اﻹلمام بجانبيها اللغوي و اﻹصطالحي‬
‫إلى جانب إبراز األساسي القانوني الذي تقوم عليه‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الرقابة اﻹدارية‪ :‬تعددت تعاريف الرقابة اﻹدارية وتنوعت ﺁراء الفقهاء‬
‫فيها‪ ،‬حيث عرفها كل منهم من زاوية تخصصه‪.‬‬
‫هنا نجد ٳلزاما علينا أن نتعرض لبيان الماهية اللغوية واإلصطالحية لكلمة الرقابة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الرقابة‪ :‬لغة‪ :2‬لكلمة رقابة في اللغة عدة معاني ومنها مايلي‪:‬‬
‫‪ -1‬رقابة مصدرها راقب وضعه تحت الرقابة الصحية‪ ،‬وكذلك مهنة من يراقب المطبوعات‬
‫قبل إصدارها‪ ،‬ورقابة البريد أي عمل من يراقب المراسالت‪.‬‬
‫‪ -2‬أما في اﻹقتصاد فكلمة رقابة العرض تعني الرقابة على سعر العملة الوطنية بالنسبة للعملة‬
‫األجنبية‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬القضاء اإلداري (مبدأ المشروعية وتنظيم مجلس الدولة‪ -‬دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،2007 ،‬ص‪.61‬‬

‫‪ 2‬سهيل إدريس‪،‬المنهل‪ ،‬دار اآلداب‪ ،‬بيروت‪.2005،‬‬


‫‪28‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫‪ -3‬ومراقب هوٳسم فاعل من راقب‪.‬‬
‫رقيب‪ :‬من يالحظ أمرا أو يحرصه‪ ،‬وهو كذلك أحد ألفاظ الجاللة‪.‬‬
‫‪ -4‬رقبانا وراقبه‪ :‬حرسه‪ ،‬ٳنتظره‪ ،‬حاذره ورصده‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة ٳصطالحا‪ :‬يميل معظم الباحثين ٳلى استعمال تعبير الرقابة ليفيد معنى المراجعة‬
‫والمراقبة وليس للرقابة إستعمال محدد فهي تفيد أحيانا بمعنى الفحص أو بمعنى المالحظة‬
‫والمتابعة‪ ،‬وغاية الرقابة دائما مقارنة ماهو كائن وبين النتائج أو األداء المتوقع‪.1‬‬
‫كما تعرف الرقابة بأنها "التأكد من مدى ٳنسجام ما يحدث في العمل مع الخطة الموضوعة‬
‫والتعليمات الصادرة في ضوئها‪ ،‬ومن ثم التعرف على نقاط الضعف واألخطاء لتصحيحها ومنع‬
‫تكرار حدوثها"‪.2‬‬
‫وتعرف الرقابة أنها "العملية التي تسعى اﻹدارة من خاللها إلى التحقق من أن ما حدث هو‬
‫‪3‬‬
‫الذي كان يفترض أن يحدث وٳذا لم يحدث ذلك فال بد من ٳجراء التعديالت الالزمة"‬
‫كما عرفها بعض علماء اﻹدارة على أنها‪ ":‬وظيفة من وظائف اﻹدارة تعني بقياس‬
‫وتصحيح أداء المسؤولين لغرض التأكد من أن األهداف والخطة الموضوعة قد تم تحقيقها فهي‬
‫وظيفة تمكن الرئيس من التأكد من أن ما تم مطابق لما خطط له‪.4‬‬
‫وعليه فيمكننا تعريف الرقابة استنادا إلى التعريفات السابقة على أنها‪ :‬نشاط يختص‬
‫بمواكبة عمليات تنفيذ الخطط والسياسات ويركز على توقع حدوث األخطاء ومحاولة تجنبها‬
‫مسبقا عن طريق قياس النتائج المحققة أوال بأول‪ ،‬ومقارنتها من ثمة بالمعايير الموضوعة مقدما‬
‫لتحديد االختالفات والتمييز فيما بينها‪ ،‬إضافة إلى معرفة أسبابها بطريقة تأخذ في اإلعتبار‬

‫‪ 1‬عبد الرحمان الصباح‪ ،‬مبادئ الرقابة اإلدارية‪،‬عمان‪،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪،1997 ،‬ص‪.17‬‬

‫‪ 2‬حسين عبد العال محمد‪،‬الرقابة اإلدارية بين علم اإلدارة والقانون اإلداري(دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،2004 ،‬ص‬

‫‪.71‬‬

‫‪ 3‬عبد الرحمان الصباح‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.18‬‬

‫‪ 4‬زاهر عبد الرحيم عاطف‪ ،‬الرقابة على األعمال اإلدارية‪ ،‬عمان‪،‬دار الراية‪ ،‬الطبعة األولى‪،2009،‬ص‪.35‬‬
‫‪29‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫طبيعة وحجم الهيئة التي تتم مراقبتها‪ ،‬والعمل على تصحيح مسار التنفيذ عن طريق معالجة‬
‫اإلنحرافات وتنمية اإليجابيات بأسلوب يدفع العاملين على تحسين األداء وتطويره‪ ،‬تحقيق‬
‫التعاون فيما بينهم من أجل تحقيق األهداف المرجوة‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األساس القانوني للرقابة اﻹدارية‪ :‬إذا كان من المسلم أن ﻠﻺدارة الحق في سحب‬
‫وٳلغاء وتعديل قراراتها اﻹدارية غير المشروعة أو غير المالئمة فإنه من الضروري تحديد‬
‫األساس القانوني لهذا الحق لماله من نتائج هامة تؤثر في تنظيم حدود هذا الحق ﻠﻺدارة وتحديد‬
‫مجاله ونطاقه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اﻵراء الفقهية حول األساس القانوني‪ :‬وقد تعددت اﻵراء في هذا الشأن فاستند البعض‬
‫إلى عدم تمتع القرارات اﻹدارية بالحجية القانونية مما يتبع ﻠﻺدارة الرجوع فيها‪ ،‬في حين علل‬
‫ﺁخرون بأن القرار غير المشروع يكون مهددا باﻹلغاء عن طريق القضاء ٳذا طعن فيه صاحب‬
‫المصلحة‪ ،‬ولما كان هذا الطريق ممنوعا على اﻹدارة ذاتها فإنه يكون من حقها الرجوع عن‬
‫هذا القرار لموازنة حق ذوي المصلحة في الطعن فيه أمام القضاء‪ ،‬بينما ذهب رأي إلى تأسيس‬
‫حق اﻹدارة في الرجوع عن قراراتها إلى السلطات الرئاسية لتقويم وتصحيح وتوجيه وأمر‪،‬‬
‫وأخيرا يتجه رأي إلى تأسيس الرقابة على فكرة المصلحة العامة وحدها أو باﻹضافة إلى مبدأ‬
‫المشروعية‪.2‬‬

‫ثانيا‪:‬مبدأ المشروعية كأساس قانوني‪ :‬ويعني مبدأ المشروعية تتطابق كل تصرفات الهيئات‬
‫المحلية مع أحكام القانون‪ ،‬بحيث تلتزم باﻹمتثال ألوامر واجتناب نواهيه‪ ،‬وفي هذا ضمانة‬
‫أساسية تحمي األفراد من إستبداد اﻹدارة‪.3‬‬

‫‪ ،2003‬ص‪.284‬‬ ‫‪ 1‬سامي جمال الدين‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مصر‪،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪،‬‬


‫‪ 2‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.285‬‬

‫‪ 3‬رفعت عبد سيد‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري (الكتاب األول‪ :‬األساسيات العامة‪-‬التنظيم اإلداري)‪ ،‬دار النهضة العربية‪،2003،‬‬

‫ص‪.244‬‬
‫‪30‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫وإ ن الرأي الراجح هو أن مبدأ المشروعية وحده هو األساس القانوني لممارسة اﻹدارة حق‬
‫الرجوع في قراراتها‪ .‬فبمقتضى هذا المبدأ يجب على اﻹدارة عند إصدارها لقراراتها أن تتقيد‬
‫قبل كل شيء بالقانون تبعا لذلك فإن عليها من باب أولى إذا هي خالفته وحادت عنه أن تحترمه‬
‫وذلك بأن ترجع في هذه القرارات المخالفة للقانون‪.‬‬
‫وعليه يكون للجهة اﻹدارية العليا بما لها من سلطة رئاسية‪ ،‬بل ويجب عليها من تلقاء‬
‫نفسها أو بناء على طلب أصحاب المصلحة‪ ،‬ٳبطال القرار المخالف للقانون الذي أصدرته‬
‫السلطة المرؤوسة الخاضعة ﻹشرافها كما أن لمتخذ اﻹجراء‪ ،‬بل ويجب عليه من تلقاء نفسه أو‬
‫بعد طلب أصحاب الشأن أن يرجع عن اإلجراء فور معرفته أنه غير شرعي وبالتالي يعد‬
‫باطال‪.‬‬
‫وبصفة عامة فإن اﻹدارة تلتزم أيضا بالحرص على أن تظل قراراتها متفقة مع القانون‪،‬‬
‫فإذا مالحقها بعد صدورها عيب قانوني كان عليها الرجوع عن هذا القرار نزوال على مبدأ‬
‫المشروعية وخضوع الدولة للقانون‪.1‬‬
‫إن هذا القدر من حرية التصرف الممنوح ﻠﻺدارة ‪ ،‬والذي يجعلها في حل من وجود وسائل‬
‫مفروضة عليها هو ما يسمى " بالسلطة التقديرية ﻠﻺدارة" ‪ ،‬وهو واحد من اﻹمتيازات التي‬
‫تتمتع بها اﻹدارة بهدف تحقيق أهدافها ‪ ،‬ولكنه امتياز تمارسه اﻹدارة في نطاق مبدأ المشروعية‬
‫من حيث الهدف دون الوسيلة ألن الهدف يظل دائما واحدا ال خيار لإلدارة فيه فهو محدد سلفا‬
‫في النظام القانوني للدولة ومرتبط في الواقع بالغرض من وجود الدولة‪.2‬‬
‫إذ أن األص\\ل في الرقاب\\ة اﻹداري\\ة أن تنص\\ب على الق\\رارات اﻹداري\\ة غ\\ير المش\\روعة‪ ،‬أم\\ا‬
‫الق\\رارات المش\\روعة فإنه\\ا ليس\\ت محال له\\ذه الرقاب\\ة ح\\تى ول\\و ك\\انت غ\\ير مالئم\\ة‪ ،‬ولكن ﻠﻺدارة‬
‫في ه\\ذه الحال\\ة األخ\\يرة أن تص\\در ق\\رارات ٳداري\\ة جدي\\دة لتتواف\\ق تص\\رفاتها م\\ع م\\ا يس\\تجد من‬
‫ظروف تطبيقا لقاع\\دة وج\وب مالئم\\ة اﻹدارة لقراراته\\ا م\\ع الظ\\روف الجدي\\دة‪ ،‬ول\\ذلك األص\\ل أن‬
‫نطاق ومجال الرقابة اﻹدارية يقتصر على القرارات غير المشروعة فحسب‬

‫‪ 1‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.287‬‬

‫‪ 2‬فهد عبد الكريم أبو العثم‪ ،‬القضاء اإلداري (بين النظرية والتطبيق)‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،2011 ،‬ص‪.93‬‬
‫‪31‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫وهو ما يوجب علين\ا دراس\ة ه\ذا النط\اق وبحث م\دى ٳمكاني\ة م\د ه\ذه الرقاب\ة إلى الق\رارات‬
‫غير المالئمة بالرغم من مشروعيتها‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مبررات الرقابة اﻹدارية وخصائصها‬


‫الرقابة تقوم على أساس تبعية الوحدات الالمركزية اﻹقليمية للدولة األم أو لوزارتها أو‬
‫هيئاتها والخضوع لرقابتها وأن ما تتمتع به تلك الوحدات من إستقالل ال يكاد يخرجها عن‬
‫كيان الدولة وخضوعها لرقابتها هو أوال وأخيرا صيانة لمبدأ المشروعية واحترام القانون‬
‫وحماية المصلحة العامة‪.2‬‬
‫كما لرقابة خصائص تمتاز بها كرقابة اﻹدارية‪ ،‬الرقابة استثنائية‪.....،‬الخ وهذا ما‬
‫سنتطرق عليه في الفرعين التاليين‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبررات الرقابة اﻹدارية‪ :‬نجد مبررات الرقابة اﻹدارية تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬احترام المشروعية‪ :‬تستهدف الرقابة اﻹدارية ضمان إحترام مبدأ المشروعية الذي تلتزم‬
‫به السلطات المركزية بالنسبة لجميع أعمالها شأنها في ذلك شأن السلطات العامة‪.‬‬
‫وهو األمر الذي يوجب على السلطات الالمركزية إحترام القانون وذلك بمعناه الواسع الذي ال‬
‫يقتصر على القانون العادي وٳنما يتسع ليشمل مختلف القواعد القانونية أيا كان مصدرها‬
‫وشكلها‪.‬‬
‫ومن أهم هذه القواعد القانونية التي تلتزم بها الهيئات الالمركزية هي قاعدة التخصص‬
‫التي تفرضها طبيعة الشخصية المعنوية‪.‬‬

‫‪ 1‬صالح فؤاد‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري الجزائري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬مكتبة المدرسة‪ ،1983 ،‬ص‪.101‬‬

‫‪ 2‬حسين عبد العال محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.169‬‬


‫‪32‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫وتسري قاعدة التخصص على الهيئات المشمولة بالرقابة اإلدارية بوصفها أشخاص‬
‫معنوية عامة سواء كانت هيئات المركزية مرفقية (مؤسسات عامة) أو هيئات المركزية إقليمية‬
‫(البلدية والوالية)‪.‬‬
‫ويمكن لجهة الرقابة اإلدارية أن تفرض إحترام قاعدة التخصص على الهيئات الالمركزية‬
‫بما تملكه من رقابة إدارية على مشروعية أعمال هذه الهيئات الالمركزية مما يجعل الرقابة‬
‫اإلدارية بمثابة جزاء على عدم إحترام قاعدة التخصص من جانب الهيئات الالمركزية‪.‬‬
‫والخضوع لقاعدة التخصص اليعني سوى إلتزام دائرة الغرض أو األغراض المحددة‬
‫قانونا مع اإلمتناع عن تجاوز هذه الدائرة أي نطاق هذه األغراض‪.1‬‬
‫وعلى ذلك فال يجوز لهيئة ال مركزية إقليمية إحتراما لتخصصها في المسائل المحلية‬
‫وإ لتزاما به أن تتجاوز نطاق هذه المسائل إلى نطاق المسائل الوطنية التي تدخل في إختصاص‬
‫الدولة أو المسائل التي تدخل في إختصاص هيئة إدارية إقليمية أخرى‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬حماية المصلحة العامة‪ :‬وهي محور الرقابة‪ ،‬وذلك بمراقبة النشاطات وسير العمل وفق‬
‫خططه وبرامجه في شكل تكاملي يحدد األهداف المرجوة‪ ،‬والكشف عن اإلنحرافات والمخالفات‬
‫وتحديد المسؤولية اإلدارية‪.3‬‬
‫كما تهدف الرقابة اإلدارية إلى حماية المصلحة العامة التي تتمثل بمعناها الواسع في‬
‫مصلحة الدولة ومصلحة األشخاص الالمركزية ومصلحة المواطنين على أساس أن المصلحة‬
‫العامة تشمل وتتألف من مجموعة المصالح الوطنية والمصالح اإلقليمية والمرفقية والمصالح‬
‫الفردية‪( 4‬المواطنين)‪.‬‬

‫‪ 1‬صالح فؤاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬


‫‪ 2‬صالح فؤاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103‬‬

‫‪ 3‬زاهر عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35‬‬

‫‪ 4‬صالح فؤاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103‬‬


‫‪33‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫وأن السلطات المحلية يفترض في حقها أنها تستهدف المصلحة العامة و أن في حوزتها‬
‫الخبرة الكافة التي تمكنها من إتخاذ القرار الصحيح‪ ،‬وهذه القرينة يسندها ويفسرها أن أعضاء‬
‫الهيئات المحلية يتم إختيارهم عن طريق اإلنتخاب مما يفترض فيه حرص هؤالء على الدفاع‬
‫عن المصالح المحلية التي تهم أفراد اإلقليم‪.1‬‬
‫‪ -1‬حماية مصلحة الدولة‪ :‬والواقع أنه توجد للدولة مصلحة مباشرة في ممارسة سلطة الرقابة‬
‫على الهيئات الالمركزية وذلك حماية للمصلحة العامة من الناحية السياسية واإلدارية والمالية‪.‬‬
‫نعرف أن قيام النظام الالمركزي اإلقليمي يؤدي إلى وجود أشخاص ال مركزية متعددة إلى‬
‫جانب شخصية الدولة وهو أمر قد يهدد وحدة الدولة ومن ثمة يستلزم األمر من الناحية السياسية‬
‫وجود هذه السلطة الرقابية لضمان حماية وحدة الدولة‪.‬‬
‫وكذلك مصلحة الدولة تستلزم من الناحية اإلدارية وجود رقابة إدارية تستهدف ضمان حسن‬
‫إدارة وتسيير الهيئات اإلدارية الالمركزية كما تستهدف ضمان وحدة اإلتجاه اإلداري منعا من‬
‫تغليبها المصالح المحلية على المصالح الوطنية العليا للدولة‪.‬‬
‫وأيضا مصلحة الدولة تستلزم من الناحية المالية وجود مثل هذه الرقابة على الهيئات‬
‫الالمركزية التي تزودها الدولة بمعوناتها المالية وضبط الهبات والوصايا للهيئات الالمركزية‪.2‬‬
‫‪ - 2‬حماية مصلحة الهيئات الالمركزية‪ :‬تهدف الرقابة اإلدارية إلى حماية مصلحة األشخاص‬
‫الالمركزية في مواجهة ممثليه وذلك في حالة إهمالهم أو عجزهم عن حماية مصالح أو أموال‬
‫الشخص الالمركزي أو في حالة إنحرافهم عن أداء مهامهم نحوه وفقا لما يقرره القانون‪.‬‬
‫‪ -3‬حماي\\ة مص\\لحة المواط\\نين‪ :‬تعب\\ير الرقاب\\ة اإلداري\\ة على الهيئ\\ات الالمركزي\\ة ض\\مانا‬
‫لحماي \ \\ة مص \ \\لحة المواط \ \\نين من س \ \\وء إدارة ه \ \\ذه الهيئ \ \\ات أو إهم \ \\الهم أو ع \ \\دم إل \ \\تزام الحي \ \\اد‬
‫واإلنصاف أو اإلتجاه نحو التعسف و اإلستبداد‪.‬‬

‫‪ 1‬رفعت عبد سيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.244‬‬

‫‪ 2‬صالح فؤاد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.103‬‬


‫‪34‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص الرقابة اإلدارية‪ :‬بما أن الرقابة اإلدارية تصدر عن جهة إدارية ومن‬
‫ثمة تحدث بقرارات إدارية‪ ،‬وهذه الرقابة تتم بطريقة تلقائية من جهة الوصائية أو بناءا على‬
‫طلب ذوي الشأن‪ .1‬تتميز بخصائص أساس مرجعها إلى إستقالل الهيئات الالمركزية المشمولة‬
‫بالرقابة مع خضوع هذا اإلستقالل لبعض القيود‪.‬‬

‫أوال‪ :‬رقابة إدارية‪ :‬هذه الصفة اإلدارية تقوم على أن هذا النوع من الرقابة يصدر عن جهة‬
‫إدارية ومن ثمة تحدث بقرارات إدارية‪ ،‬وهذه الرقابة تتم بطريقة تلقائية من جانب جهة‬
‫الوصائية أو بناء على طلب من ذوي الشأن ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬رقابة إستثنائية‪ :‬تتميز الرقابة اإلدارية بالصفة اإلستثنائية وذلك على أساس أنها ال‬
‫تفرض وذلك على عكس الرقابة الرئاسية بوصفها رقابة مفترضة تتم بقوة القانون‪ ،2‬ويترتب‬
‫على ذلك‪:‬‬
‫‪ /1‬وجود نصوص قانونية‪ :‬فإنها ال تمارس إال أ وجد نص يقررها صراحة وفي الحدود‬
‫وبالوسائل التي يقررها القانون‪ ،‬وذلك على أساس إستقالل الهيئات المشمولة بالرقابة مما يمتنع‬
‫معه تقييد هذا اإلستقالل إال بنص صريح من المشرع فهو وحده الذي يملك النص على بعض‬
‫القيود على اإلستقالل المذكور‪.‬‬
‫فمثال إذا لم ينص القانون على إخضاع عمل معين صادر من جانب هيئة المركزية لرقابة‬
‫اإللغاء فإن جهة الرقابة ال تملك في هذه الحالة إجراء هذا اإللغاء و إن كان لها أن تلجأ إلى‬
‫القضاء لطلب الحكم بإلغاء العمل الالمركزي المعيب‪.‬‬
‫وإ ذا نص القانون على تخويل جهة الرقابة اإلدارية سلطة إتخاذ إجراء وصائي معين فإنه‬
‫ال يجوز للسلطة الوصائية أن تستعمل إجراء رقابي آخر بدال من اإلجراء المسموح به قانونا‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد فؤاد مهنا‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري‪ ،‬مصر‪ ،‬دار المعارف‪ ،1978 ،‬ص‪.181‬‬

‫‪ 2‬أحمد صقر عاشور‪،‬اإلدارة العامة‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1979 ،‬ص ‪.204‬‬
‫‪35‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫‪ /2‬التحديد الدقيق لتفسير النصوص القانونية‪ :‬يتعين تفسير النصوص المتعلقة بهذه الرقابة‬
‫تفسيرا ضيقا وذلك على أساس أن النصوص المذكورة تعتبر إستثناءا واردا على أصل عام وهو‬
‫إستقالل الهيئات الالمركزية الذي يستلزم عدم التوسع في تغيير هذه النصوص إحتراما‬
‫إلستقالل هذه الهيئات الالمركزية‪.‬‬
‫‪ /3‬مبدأ حرية الشخص الالمركزي‪ :‬ال يجوز للشخص الالمركزي أن يتنازل لجهة الرقابة ولو‬
‫جزئيا عن حريته المقررة قانونا وذلك على أساس أن هذا النزول عن إختصاصه يخالف القانون‬
‫الذي يأخذ بالالمركزية اإلدارية من أجل تحقيق مصلحة الدولة وليس فقط من أجل تحقيق‬
‫مصلحة الهيئات الالمركزية‪ ،‬هذا فضال عن أنه ال يجوز ممارسة الرقابة اإلدارية إال إستنادا إلى‬
‫نصوص صريحة صادرة من المشرع الذي يختص وحده بتغير حرية الهيئات الالمركزية‪. 1‬‬

‫ثالثا‪ :‬رقابة خارجية‪ :‬تتصف بهذه الصفة‪ ،‬وذلك على أساس إستقالل الهيئات الالمركزية‬
‫المشمولة بالرقابة اإلدارية عن جهة الرقابة عليها وهذا عكس الرقابة الرئاسية بوصفها رقابة‬
‫داخلية‪.2‬‬
‫وتتم بين طرفين تابعين لشخصية معنوية واحدة‪.‬‬
‫أما الرقابة اإلدارية فتتم بين شخصين مستقلين وهما شخص جهة الرقابة والشخص‬
‫اإلداري الالمركزي الخاضع لها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نطاق الرقابة اإلدارية وطرق تحريكها‬
‫األصل أن الرقابة اإلدارية تنصب على التصرفات اإلدارية غير المشروعة‪ ،‬فتستطيع‬
‫اإلدارة إلغاء هذه التصرفات أو سحبها أو اإلكتفاء بتعديلها‪ ،‬أما التصرفات اإلدارية الصحيحة‬
‫فالقاعدة العامة أنه ال يجوز سحبها أو إلغائها حتى ولو كانت مخالفة لمقتضيات مالئمة إصدارها‬
‫إال إستثناءا إلعتبارات معينة‪.‬‬

‫‪ 1‬أحمدي رشيد‪ ،‬نظرية اإلدارة العامة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪،1977 ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ 2‬أحمدي رشيد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.75‬‬
‫‪36‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫المطلب األول‪ :‬نطاق الرقابة اإلدارية‬
‫ويتمثل في دراسة وتحديد المجال الذي تمارس فيه جهة الوصاية رقابتها اإلدارية على‬
‫األجهزة التي تخضع لرقابتها‪.1‬‬
‫حيث تمارس رقابتها على مشروعية األعمال اإلدارية‪ ،‬أو على مالئمة القرارات اإلدارية‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫وهذا ما سنتطرق إليه من خالل الفرعين التالين‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرقابة اإلدارية على مشروعية األعمال اإلدارية‪ :‬ويجوز لإلدارة الرجوع في‬
‫األعمال اإلدارية غير المشروعة إستنادا إلى مقتضيات مبدأ المشروعية‪ ،‬ويختلف مدى هذا‬
‫الحق المعترف به لإلدارة باختالف درجة عدم مشروعية العمل‪ ،‬فقد تكون مخالفة المشروعية‬
‫شاملة مما يدفع اإلدارة إما سحب العمل أي إبطاله بأثر رجعي منذ لحظة صدوره ‪ ،‬إما إلى‬
‫إلغاء العمل أي إبطاله بالنسبة للمستقبل فحسب‪ ،‬وقد تكون المخالفة للمشروعية جزئية ومن ثمة‬
‫تكتفي اإلدارة بتعديل عملها بما يزيل الجوانب غير المشروعة في العمل مع اإلبقاء عليه‬
‫صحيحا‪ ،‬ولما كانت أعمال اإلدارة إما أن تكون أعماال مادية أو أعماال قانونية فإن الواقع يشير‬
‫إلى إستحالة سحب األعمال المادية‪ ،‬إذ أن األثر الرجعي المترتب على السحب إنما يقوم على‬
‫مجرد خيال قانوني‪ ،‬فإذا إصطدم هذا الخيال بالواقع فإنه البد من تغليب هذا الواقع‪ ،‬وبناء عليه‪،‬‬
‫فإن األثر الرجعي للسحب ال يمكن أن يؤدي إلى إعتبار أحد األفعال المادية التي وقعت في‬
‫الماضي وكأنها لم تحدث‪ ،‬ألن هذا المجاز القانوني ال يمكن أن يهدم في الواقع ماتم فعال من‬
‫أعمال مادية‪ .‬وعليه فال يتصور بالنسبة لألعمال المادية أن تسحب بأثر رجعي‪ ،‬وإ نما يمكن‬
‫إلغاء هذه األعمال وهو ما يعني في حقيقة األمر وقفها بالنسبة للمستقبل أي التوقف عن إتمامها‬
‫مع جواز إزالة ماقد يكون قد تم من أعمال قابلة لإلزالة‪ .‬وتبعا لما تقدم فإن المجال الطبيعي‬

‫‪ 1‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.289‬‬


‫‪37‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫لسحب األعمال اإلدارية أو إلغاؤها إنما يتعلق بالقرارات اإلدارية غير المشروعة دون غيرها‬
‫من أعمال اإلدارة‪.1‬‬

‫أوال‪ :‬سحب القرارات غير مشروعة‪ :‬نعني بسحب القرارات اإلدارية غير المشروعة وهو‬
‫إنهاء و إعدام األثار القانونية بأثر رجعي‪ ،‬كأنه لم توجد إطالقا‪ ،‬أي القضاء على األثار القانونية‬
‫للقرارات اإلدارية بالنسبة للماضي والحاضر والمستقبل " عملية قلع لجذور اآلثار القانونية‬
‫للقرارات اإلدارية نهائيا"‪ ،‬وتتم عملية سحب القرارات اإلدارية من طرف السلطات اإلدارية و‬
‫الوالئية والرئاسية المختصة‪ ،‬بحيث يكون لها حق أصيل ومقرر‪.‬‬
‫فهكذا تملك السلطات اإلدارية المختصة سحب القرارات اإلدارية لتصحيح األخطاء‬
‫المادية وإلعدام القرارات اإلدارية غير المشروعة بسبب عيوب عدم الشرعية (عيب إنعدام‬
‫السبب‪ ،‬عيب عدم اإلختصاص‪ ،‬عيب مخالفة قواعد الشكل و اإلجراءات‪ ،‬عيب مخالفة‬
‫القانون‪ ،‬وعيب اإلنحراف في إستعمال السلطة)‬
‫يجب أن تنصب عملية سحب القرارات اإلدارية غير المشروعة فقط‪ ،‬ألن القرارات‬
‫اإلدارية المشروعة تخلق حقوق ذاتية "فردية" مكتسبة ال يجوز المس بها و اإلعتداء عليها‬
‫بواسطة عملية سحب القرارات اإلدارية‪.‬‬
‫و أساس سحب القرارات اإلدارية غير المشروعة هو فكرة أن القاعدة الباطلة ال يمكن أن‬
‫تولد حقا مكتسبا‪ ،‬وفكرة حتمية إلغاء و إبطال األعمال غير المشروعة‪.2‬‬
‫وقد يكون السحب كليا شامال للقرار اإلداري برمته‪ ،‬وذلك إذا كانت عدم المشروعية تشمل‬
‫القرار كله‪ ،‬وقد يكون السحب جزئيا إذا كانت عدم المشروعية تقتصر على جزء من القرار‬
‫ومن ثم تصدر جهة اإلدارة قرار بالسحب الجزئي للقرار غير المشروع‪ ،‬إذا كان قابل للتجزئة‪،‬‬
‫أما إذا كان غير قابال للتجزئة فتصدر قرارا بالسحب الكلي للقرار غير المشروع‪.‬‬

‫‪ 1‬محمود محمد حافظ‪ ،‬القرار اإلداري‪،‬القاهرة‪،‬دار النهضة العربية‪،1975،‬ص‪.43‬‬

‫‪ 2‬عمار عوابدي‪ ،‬نظرية القرارات اإلدارية بين علم اإلدارة العامة والقانون اإلداري‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار الهومة‪ ،‬الطبعة الخامسة‪،‬‬

‫‪،2009‬ص ‪.170‬‬
‫‪38‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫ويترتب على سحب القرار اإلداري إعدامه بأثر رجعي أي اعتباره كأن لم يكن‪ ،‬فالقرار‬
‫الساحب يلغي القرار المسحوب من تاريخ صدوره أي أن القرار الساحب يكون له أثر رجعي‪،‬‬
‫وبذلك يعتبر استثناءا من مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية‪.1‬‬
‫يبدوا أنه يجب مالحظة أن بطالن القرارات اإلدارية قد يتمثل في إنعدام القرار أو بطالنه‬
‫بطالنا مطلقا أو بطالنا نسبيا‪.‬‬
‫لذا فمن الصواب االعتراف لإلدارة بحق سحب قراراتها المنعدمة أو على األقل إعالن‬
‫إنعدامها ومن ثمة فهي تعد عملية مادية ترمي إلى تطهير ما ترتب على القرار الباطل من‬
‫أوضاع خاصة وأنها تهدف إلى إزالة عمل فقد صفته اإلدارية وتعبيرا عن إرادة اإلدارة ومن‬
‫ثمة إنتفت عنه طبيعة العمل القانوني‪.2‬‬
‫و لكي تكون عملية سحب القرارات اإلدارية صحيحة ومشروعة يجب أن تتم هذه العملية‬
‫بواسطة السلطات اإلدارية المختصة في اإلدارة العامة للدولة والسلطات اإلدارية هي المختصة‬
‫بعملية السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬بطالن (إلغاء) القرارات اإلدارية غير المشروعة‪ :‬إذا نشأ القرار اإلداري صحيحا فليس‬
‫هناك من مبرر إلبطاله عن طريق اإلدارة بسحبه‪ ،‬إال أنه قد يشوب هذا القرار عيب الحق‬
‫يجعله غير مشروع وفي هذه الحالة ينبغي على اإلدارة إبطاله ولكن دون حاجة إلى تقرير أثر‬
‫البطالن منذ إنشائه ولذلك تكتفي اإلدارة بإبطال هذا القرار بالنسبة للمستقبل فقط‪.‬‬
‫وذلك عن طريق بطالن هذا القرار وليس سحبه ولما كان الحق في إبطال القرار اإلداري‬
‫يترتب نتيجة إصابة القرار بعد صدوره صحيحا بعيب عدم المشروعية‪.‬‬
‫فإنه مهما طالت المدة التي تمر على القرار منذ صدوره ونفاذه يكون لإلدارة أن تقوم بهذا‬
‫اإلبطال حينما يصاب القرار بالعيب القانوني وهو ما يعني أن إحتساب مدة الطعن القضائي‬

‫‪ 1‬شريف يوسف حلمي خاطر‪،‬القرار اإلداري (دراسة مقارنة)‪ ،‬القاهرة‪،‬دار النهضة العربية‪ ،2006 ،‬ص ‪.109‬‬

‫‪ 2‬سليمان الطماوي‪،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،1966 ،‬ص ‪.275‬‬

‫‪ 3‬عمار عوابدي‪ ،‬نظرية القرارات اإلدارية بين علم اإلدارة العامة والقانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪39‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫والتي يجوز لإلدارة إبطال القرار اإلداري خاللها يبدأ منذ تعييب القرار المشروع بأحد أوجه‬
‫البطالن وليس من تاريخ نفاذه‪.‬‬
‫على أنه يجوز لإلدارة أيضا أن تلجأ إلى إبطال القرارات اإلدارية التي تكون غير‬
‫مشروعة منذ صدورها بدال من سحب هذا القرارات حتى يمكن أن تقتصر آثار هذا اإللغاء على‬
‫المستقبل دون الماضي وهذا مايلزم على اإلدارة أن تقوم بهذا اإلبطال خالل ميعاد الطعن‬
‫القضائي‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬تعديل القرارات اإلدارية‪ :‬إذا كان القرار اإلداري قد شابه عيب عدم المشروعية في بعض‬
‫أجزائه دون البعض اآلخر فإن لإلدارة أن تبطل القرار في هذا الجزء الذي شابه العيب القانوني‬
‫ويبقى القرار صالحا منتجا آثاره فيما بقي منه مادام هذا الجزء الباقي يشتمل فعال على قرار‬
‫إداري صحيح‪.2‬‬
‫وأخيرا تشير إلى أنه لما كان تعديل القرارات اإلدارية ليس في حقيقته إال سحبا أو إلغاء‬
‫جزئيا فإنه يسري عليه ما سبق ذكره عن الميعاد بالنسبة للسحب والبطالن‪ ،‬وكذلك هو األمر‬
‫بالنسبة للتعديل عن طريق التحويل الذي هو في حقيقته ليس إال سحبا إداريا ضمنيا للقرار‬
‫المعيب الذي يقوم على أنقاضه القرار الجديد المتحول إليه وعليه يسري على التحويل ما يسري‬
‫على سحب القرارات اإلدارية من حيث الميعاد‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة على مالئمة القرارات اإلدارية الصحيحة‪ :‬قد ينشأ القرار اإلداري‬
‫مشروعا وصحيحا من الناحية القانونية عالوة على مالئمته للظروف المحيطة بإصداره‬
‫وفي هذه الحالة ليس لإلدارة أن ترجع في هذا القرار مالم يطرأ عيب قانوني على القرار‬
‫فيكون لإلدارة إبطال القرار أو تعديله جزئيا إلزالة هذا العيب القانوني الذي طرأ على القرار‬
‫وذلك إستنادا سلطتها في الرقابة الذاتية (الرقابة التلقائية) على أعماله وفقا لمبدأ المشروعية‪.‬‬

‫‪ 1‬سليمان الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.276‬‬

‫سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.295‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫أما إذا طرأ على القرار اإلداري المشروع والصحيح قانونا عيب يتعلق بمالئمته وذلك‬
‫نتيجة تغير الظروف التي كانت محيطة به وقت إصداره فإن لإلدارة أيضا الحق إما في إلغاء‬
‫القرار أو تعديله ليتالئم مع الظروف الجديدة على أن يقتصر أثر اإللغاء أو التعديل على‬
‫المستقبل فحسب دون أن يكون له أي أثر رجعي‪.‬‬
‫على أن سلطة اإلدارة في إبطال أو تعديل القرارات اإلدارية لتتالئم مع الظروف الجديدة‬
‫ال تستند إلى حقها في الرقابة الذاتية على أعمالها وفقا لمبدأ المشروعية وإ نما ترجع في حقيقة‬
‫األمر إلى مبدأ ضرورة موافقة أو مالئمة أعمال اإلدارة مع الظروف المتغيرة‪.‬‬
‫ولما كان مقتضى سحب القرار الصحيح لعدم مالئمته‪ ،‬إبطال هذا القرار بأثر رجعي منذ‬
‫صدوره فإن القرار الساحب يكون غير مشروع لمخالفته لقاعدة عدم جواز الرجعية في‬
‫القرارات اإلدارية خاصة و أنه قد يترتب على هذا السحب مساسا بالمراكز القانونية أو الحقوق‬
‫المكتسبة التي تكون قد تولدت نتيجة القرار المسحوب وتبعا لذلك يكون لكل ذي مصلحة أن‬
‫يتظلم من قرار السحب غير المشروع‪ ،1‬إما لإلدارة نفسها وإ ما أمام القضاء‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق تحريك الرقابة اإلدارية‬


‫بما أن الرقابة اإلدارية هي تلك النشاط الذي تقوم به اإلدارة لمتابعة تنفيذ السياسات‬
‫الموضوعة وتقييمها‪ ،‬والعمل على إصالح ما قد يعتريها من ضعف حتى يتمكن تحقيق األهداف‬
‫المنشودة‪.2‬‬

‫‪ 1‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.298‬‬

‫‪ 2‬عبد العزيز صالح بن حبتور‪ ،‬مبادئ اإلدارة العامة‪ ،‬دار الميسرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2009 ،‬ص‬

‫‪.214‬‬
‫‪41‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫وقد تتحرك الرقابة اإلدارية إما بصورة تلقائية من جانب اإلدارة ذاتها أو بناءا على تظلم‬
‫يقدم اإلدارة من األفراد ذوي المصلحة الذين أضر بهم العمل اإلداري‪.1‬‬
‫وهذا ما سنوضحه في الفرعين التاليين‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرقابة التلقائية‪ :‬وهذا النوع من الرقابة تعمد اإلدارة إلى مراجعة تصرفاتها التي‬
‫صدرت عنها من تلقاء نفسها فتعيد النظر في بعض التصرفات اإلدارية أو تعدلها أو تقوم‬
‫بإلغائها‪ ،‬وهذا النوع من الرقابة قد يتوالها الرئيس اإلداري بناء على سلطته الرئاسية وقد‬
‫يتوالها نفس العضو الذي صدر عنه التصرف اإلداري أو غير ذلك لكنها في النهاية األمر‬
‫صادره من جهة اإلدارة بناء على رغبتها في تصحيح مسار العمل اإلداري وهي أوضح صور‬
‫الرقابة الذاتية‪.2‬‬
‫ويمكن كذلك للرئيس اإلداري استنادا لسلطته الرئاسية المقررة له بموجب القانون في‬
‫مواجهة مرؤوسيه أن يلغي قرار الموظف التابع له أو يعدله أو أن يستبدل به قرارا آخر‪.3‬‬
‫فقد يمارس الرئيس اإلداري الرقابة على أعمال مرؤوسيه‪ ،‬سواء قام به بنفسه أو قام بها‬
‫عن طريق معاونيه بحسبان أن مسؤوليه الرئيس اإلداري عن حسن سير العمل في حدود‬
‫اإلختصاص التي يقع على عاتقه‪ ،‬فحيث تكون المسؤولية أن تكون السلطة‪.‬‬
‫وتأخذ رقابة الرئيس اإلداري على إقدام الموظف على التصرف اإلداري‪ ،‬كما قد تقع‬
‫الحقة على القيام بالعمل اإلداري‪.4‬‬
‫وقد يعمد هذا الرئيس استعمال سلطته تلك بناءا على مذكرات تقدم إليه من أجهزة ملحقة‬
‫بدائرته كموظفي ديوان الرقابة والتفتيش أو ديوان المحاسبة مثال‪ ،‬فإذا كان القرار الصادر عن‬
‫الموظف سليما فال يجوز التعرض له‪ ،‬أما إذا ورد نص قانوني بأن القرار الصادر عن رجل‬

‫‪ 1‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.283‬‬

‫‪ 2‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪ 3‬فهد عبد الكريم أبو العثم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.130‬‬

‫‪ 4‬سالم بن راشد العلوي‪ ،‬القضاء اإلداري(دراسة مقارنة)‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،2009 ،‬ص‪.65‬‬
‫‪42‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫اإلدارة يعتبر قرارا قطعيا‪ ،‬أمتنع عليه أن يتعرض له إذ أنه بإصداره القرار يكون قد استنفذ‬
‫صالحيته أما إذا نص القانون على قابليته لإلستئناف لجهة إدارية أو قضائية فال يجوز لمصدره‬
‫أن يلغي أو يعدل لنفاذ واليته‪.‬‬
‫وإ ن السلطة التي تملك سحب القرار اإلداري النهائي هي السلطة التي أصدرته أو السلطة‬
‫الرئاسية لها‪.1‬‬
‫وأخيرا نستنتج أن هذه الرقابة تكون نتيجة تقارير يقدمها موظفون مختصون بالتفتيش على‬
‫أعمال رجال اإلدارة ويسمون غالبا بالمفتشين وهم إما أن يكونو ملحقين بذات الجهة اإلدارية أو‬
‫تجمعهم جميعا جهة إدارية مركزية واحدة‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة بناءا على تظلم‪ :‬وهذا النوع من الرقابة كما هو واضح من اسمه يتمثل‬
‫في إعادة النظر من قبل اإلدارة في بعض تصرفاتها بناء على تظلم يرفع إليها من صاحب‬
‫المصلحة‪ ،‬وهذا النوع من الرقابة وإ ن كان أيسر إجراءات وأقل كلفة إال أنه ال يحمل الضمان‬
‫الكافي لحقوق األفراد وحرياتهم ألن اإلدارة فيه تكون هي الخصم والحكم في ذات الوقت‪.3‬‬
‫ويكون التظلم هنا من قبل المتظلم حيث يقدم تظلمه قصد إعادة النظر في القرار المتظلم‬
‫منه بسحبه‪ ،‬أو إلغائه‪ ،‬أو تعديله من قبل مصدره أو من رئيسه‪.‬‬
‫كما يتوجب أن يتضمن التظلم على األسباب التي يرتكز إليها‪ ،‬وتمارس اإلدارة صالحيتها‬
‫المحددة قانونا اتجاه القرار المتظلم منه إلغاءا أو سحب أو تعديال‪.4‬‬
‫ويكون التظلم إلى الهيئة اإلدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية‪.....،‬إلخ‪،‬‬
‫وال يشترط في التظلم شكال معينا وال أن يقدم في ميعاد محدد إال إذا نص القانون على خالف‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪ 1‬فهد عبد الكريم أبو العثم مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬

‫‪ 2‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.284‬‬

‫‪ 3‬فهد عبد الكريم أبو العثم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪ 4‬سالم بن راشد العلوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬


‫‪43‬‬
‫الفصــل األول ‪ .....................................................‬ماهيــة الرقابــة‬
‫اإلداريـــة‬
‫ويسلك التظلم عدة أنواع‪ ،‬وهذا ما سنبينه‬
‫أوال‪ :‬أنواع التظلم‬
‫‪ /1‬التظلم اإلداري قد يكون والئيا‪ :‬وهو التظلم الذي يقدم لمن صدر منه التصرف اإلداري‬
‫محل الشكوى‬
‫‪ /2‬التظلم اإلداري قد يكون رئاسيا‪ :‬إذا تقدم به صاحب الشأن إلى الرئيس اإلداري لمن صدر‬
‫منه التصرف مبينا األخطاء التي وقع فيها ذلك المرؤوس ليقوم الرئيس اإلداري بسحبه أو إلغائه‬
‫أو تصحيحه‪.‬‬
‫‪ /3‬التظلم اإلداري إلى لجنة إدارية‪ :‬كاللجان التي يحددها القانون في حاالت معينة‪ ،‬وهذه‬
‫اللجان تفصل في التظلمات دون الرجوع إلى الرئيس اإلداري‪ ،‬وغالبا ما تكون هذه اللجان‬
‫خطوة في طريق التطور نحو الرقابة القضائية‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬إجراءات التظلم‪:‬‬


‫وتقوم الجهة اإلدارية التي قدم لها التظلم بفحصه للتأكد من مدى صحة ومشروعية‬
‫التصرف محل التظلم ‪ ،‬فإذا تبين لها جدية التظلم وصوابه فإنها تقوم على تصحيح تصرفها أو‬
‫الرجوع عنه لتفادي ما شابه من عيوب‪.2‬‬

‫‪ 1‬فهد عبد الكريم أبو العثم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬

‫‪ 2‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.285‬‬


‫‪44‬‬

You might also like