You are on page 1of 219

‫أصول وفنون إدارة جلسات التحقيق اإلدارى الداخىل ىف اجلهة اإلدارية‬

‫(بني النقص الترشيعى واالجتهاد الفقهى والقضائى )‬

‫الدكتور ‪ /‬عطية عبداملقصود عطية‬

‫دكتوراه فى القانون العام‬

‫كلية احلقوق ‪ -‬جامعة الزقازيق‬


‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫الملخص ‪:‬‬
‫يروم هذا البحث فى بيان اإلطار القانونى الناظم إلدارة جلسات التحقيق اإلدارى بمعرفة‬
‫الجهة اإلدارية ‪ .‬وقد قمنا بتقسيم هذا البحث إلى ثالثة مباحث تناولنا فى المبحث األول‬
‫لمهارات وسلطات المحقق اإلدارى إلدارة الجلسة التحقيقية ‪ ،‬وتناولنا فى المبحث الثانى‬
‫الضمانات اإلجرائية والموضوعية للموظف أثناء جلسات التحقيق ‪ ،‬وتناولنا فى المبحث‬
‫الثالث فن إدارة جلسات التحقيق اإلدارى والتحرى عن المخالفات التأديبية ‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية ‪:‬‬

‫إدارة الجلسة التحقيقية – مهارات المحقق ‪ -‬سلطات المحقق – الضمانات اإلجرائية‬


‫والموضوعية – التحرى عن المخالفات ‪.‬‬

‫‪537‬‬
2021 ‫ ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو‬- ‫مجلة روح ألقوأيين‬
Summary

This research aims to explain the legal framework governing the


management of administrative investigation sessions by the
administrative authority. We have divided this research into three
sections. In the first section, we dealt with the skills and
authorities of the administrative investigator to manage the
investigative session. In the second section, we dealt with the
procedural and objective guarantees of the employee during the
investigation sessions. In the third section, we dealt with the art
of managing administrative investigation sessions and
investigating disciplinary violations.

Key words :

Managing the investigative session –investigator skills -


investigator authorities- Procedural and substantive guarantees -
Investigate violations .

538
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫المقدمة ‪:‬‬
‫تحتل الوظيفة العامة فى الدولة مكانة كبيرة ‪ ،‬فالوظيفة العامة هى وعاء السلطة العامة‬
‫‪ ،‬وأن قدر الدولة يساوى قدر الموظف العام ألنه رأسها المفكر وساعدها المدبر وعاملها‬
‫المنفذ ‪ ،‬وألهمية الوظيفة العامة والموظف العام فإن عالقته بالدولة البد أن يتم تنظيمها‬
‫على أسس وقواعد قانونية تكفل حسن األداء وتحقيق الصالح العام ‪.‬‬
‫والموظف فى مواجهة اإلدارة له وضع قانونى وتنظيمى ‪ ،‬وال يستقيم األمر أن يترك كل‬
‫موظف لرقابته الداخلية وفقط ‪ ،‬إذا صلح ضميره ‪ ،‬صلح عمله ‪ ،‬وإذا فسد ‪ ،‬فسد عمله‪.‬‬
‫والمخالفة التأديبية هى كل فعل ايجابى أو سلبى ينطوى على اإلخالل بواجبات الوظيفة‬
‫المنوطة بالموظف العام وذلك بمخالفته أحكام القوانين أو اللوائح أو التعليمات اإلدارية‪،‬‬
‫وكذلك اإلخالل بمقتضياتها بأن يطأ الموظف مواطن الزلل ويحوم حول الشبهات ‪ ،‬بما‬
‫تضيع معه الثقة التى البد من توافرها فى الوظيفة العامة والموظف العام معاً ‪.‬‬
‫ورغم أن تأديب المرؤوس يكاد يكون من أهم حقوق واختصاصات الرئيس اإلدارى فى‬
‫كل تنظيم إدارى سليم ألن مسئولية الرئيس اإلدارى تتطلب تسليحه بسلطة تأديب موظفيه‬
‫ومعاقبتهم عند إخاللهم بإلتزاماتهم الوظيفية حتى يتسنى له إصدار اوامره والسهر على‬
‫تنفيذها ‪،‬إال أن تعسف الرؤساء وجنوحهم عن الغاية والهدف من إعطائهم هذه السلطة‬
‫جعل من الضرورى وجود نظام متوازن يشمل القواعد واإلجراءات واألحكام التى تبين‬
‫لموظفى الدولة الواجبات والمحظورات وتحدد الجزاءات التى توقع عليهم بمعرفة السلطة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫التأديبية المختصة وفق إجراءات معينة‬

‫(‪ (1‬د‪ .‬حمدى أمين عبدالهادى ‪ ،‬إدارة شئون موظفى الدولة أصولها وأساليبها ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1982‬ص‬
‫‪.225‬‬

‫‪539‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫والسلطة المختصة بالتأديب رغم أنها تتمتع بسلطة تقديرية واسعة فى سلطة فرض‬
‫العقاب على الموظف المنسوب إليه الخطأ التأديبى إال أن ذلك ال يفهم منه أنها سلطة‬
‫تحكمية همجية ‪ ،‬بل على العكس من ذلك فهى محكومة ومضبوطة بقواعد وإجراءات‬

‫وضمانات إجرائية وضمانات موضوعية ‪ ،‬حماية لحقوق الموظف المحال للتحقيق منعاً‬
‫من تعسف اإلدارة فى استعمال سلطتها التأديبية الرئاسية ‪.‬‬
‫ويذكر األستاذان ‪ Robert Ducos Ader ، Jean-Marie Auby‬أن القانون‬
‫التأديبى يعطى من جهة كل الفاعلية للسلطة الرئاسية ‪ ،‬ومن جهة أخرى فإنها تستبعد‬
‫كل تحكم أو استبداد من جانبها عن طريق تحقيق الضمان للموظفين بشموله على‬
‫)‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫بعض الضمانات األساسية‬
‫وليس من شك أن الوازع الدينى وتقديس الواجب ‪ ،‬هو وحده الذى يصل بالعاملين إلى‬
‫المرتبة التى نتمناها ! وهو الذى يجعل حاكماً كعمر ‪ :‬ال سلطان ألحد من البشر عليه‬
‫‪ :‬يعس بالليل ‪ ،‬ويخدم بنفسه المرضى والعاجزين ومن تغيب ذووهم فى الحرب ‪ ،‬ويحيا‬
‫حياة عامة المسلمين ليكابد ما يكابدونه ‪ ،‬وشعاره فى ذلك " كيف يعنينى أمر الرعية إذا‬
‫لم يصبنى ما أصابها ؟ !! ‪ ،‬فالدين وتقديس الواجب هو الذى يجعل عمال اإلدارة يؤدون‬
‫واجبهم وهم سعداء ‪ ،‬ال لمجرد الحصول على ما تغله الوظيفة العامة من مزايا مادية‬
‫وأدبية !! إن جميع أجهزة الرقابة وأساليبها تعجز عن مالحقة العامل فى حياته العامة‬
‫والخاصة ‪ .‬وأساليب الحياة المعاصرة – نظ اًر لظروف التطور التى يمر بها المجتمع –‬
‫تحيط العاملين بكافة صنوف المغريات التى يعجز الكثيرون عن مقاومة آثارها ‪ .‬ولكن‬

‫‪(1) Jean-Marie Auby et Robert Ducos Ader: droit administrative , Dalloz,‬‬


‫‪1977, p. 182.‬‬

‫‪540‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫التربية الدينية واألخالقية السليمة هى الدرع الحصين الذى يقى الموظف ويحصنه ضد‬
‫كل إغراء (‪.)1‬‬
‫وفى مرحلة التحقيق يتم التثبت من وقوع المخالفة التأديبية ونسبتها إلى الموظف العام‬
‫وجمع األدلة الكافية إلدانته ‪ ،‬بهدف الوصول إلى الحقيقة وإماطة اللثام عنها ‪.‬‬
‫ومن خالل التحقيق تتمكن اإلدارة من الوقوف على الحقيقة كما هى ‪ ،‬لتأتى ق ارراتها‬
‫عادلة دقيقة الستنادها إلى معلومات صحيحة صادقة ال إلى مجرد تكهنات ‪ ،‬قد تصيب‬
‫وقد تخطىء ‪ ،‬ومن ثم فان ذلك يخلع على عمل االدارة طابع اإلنصاف والعدالة ال‬
‫الظلم واإلجحاف ‪ ،‬وفى ذلك ضمانة مهمة للموظفين تقيهم من المساءلة التأديبية القائمة‬
‫على التجنى أو التسرع ‪.‬‬
‫إن التحقيق هو وسيلة استبانة الحقيقة وثبوت وجه الحق فيما ينسب إلى الموظف من اتهام‬
‫ومآخذ ‪ ،‬ويجب أن يكون تحقيقاً مستكمالً كافة األركان وشرائطه وضماناته ‪ ،‬ويكون لإلدارة‬
‫مكنة الفصل على وجه شرعى وقانونى فى اإلتهام المنسوب للموظف سواء بالبراءة أو اإلدانة‬
‫‪ ،‬وألجل ذلك فإن أى قرار أو حكم بالجزاء يصدر بالمخالفة لضمانات التحقيق – مستنداً لغير‬
‫تحقيق أو استناداً لتحقيق ناقص وغير مستكمل األركان – يضحى غير مشروع ألن التحقيق‬
‫ال يكون مستكمالً أركانه من حيث محله وغايته إال إذا تناول الواقعة محل االتهام بالتحقيق‬
‫بدقائق تفاصيلها وحقيقة كنهها ‪ ،‬بحيث البد وأن تحدد عناصر الواقعة بوضوح ويقين من حيث‬
‫األف عال والزمان والمكان واألشخاص وأدلة الثبوت وتحقيق أوجه دفاع المتهم ‪ ،‬فإذا قصر‬
‫التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة ‪ ،‬والتى‬
‫تدور وجوداً وعدماً حول توفر أدلة وقوعها ونسبتها للموظف المحال ‪ ،‬فإن قرار الجزاء الذى‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوى ‪ ،‬القضاء اإلدارى ( الكتاب الثالث – قضاء التأديب ) ‪،‬القسم األول ‪،‬‬
‫دراسة مقارنة ‪ ،‬دار الفكر العربى ‪ ، 1987 ،‬ص ‪.43‬‬

‫‪541‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫يستند لهذا التحقيق يكون معيباً فاسداً ال يصلح البناء عليه ‪ ،‬الفتقاده لضمانة تحقيق أوجه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫دفاع المتهم ودفوعه وسماع شهود إثبات ونفى الواقعة "‬
‫ويروم هذا البحث فى بيان اإلطار القانونى الناظم إلدارة جلسات التحقيق اإلدارى بمعرفة الجهة‬
‫اإلدارية ‪ ،‬والمالحظ أن المشرع لم يضع تنظيماً متكامالً إلدارة جلسات التحقيق اإلدارى ‪ ،‬ال‬
‫سيما حينما تتواله الجهة اإلدارية ‪.‬‬

‫خطة البحث‪-:‬‬
‫انتظمت خطة هذا البحث فى مقدمة ‪ ،‬وثالثة مباحث ‪ ،‬وخاتمة ‪ ،‬على النحو التالى ‪:‬‬
‫المقدمة‪-:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مهارات وسلطات المحقق اإلدارى إلدارة الجلسة التحقيقية ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مهارات وصفات المحقق اإلدارى الالزمة إلدارة الجلسة التحقيقية ‪.‬‬
‫المطلب الثانى ‪ :‬سلطات المحقق اإلدارى أثناء مباشرة التحقيق ‪.‬‬
‫المبحث الثانى ‪ :‬الضمانات اإلجرائية والموضوعية للموظف أثناء جلسات التحقيق ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الضمانات اإلجرائية للموظف فى التحقيق ‪.‬‬
‫المطلب الثانى ‪ :‬الضمانات الموضوعية للموظف أثناء التحقيق ‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬فن إدارة جلسات التحقيق اإلدارى والتحرى عن المخالفات التأديبية‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬فن إدارة جلسات التحقيق ‪.‬‬
‫المطلب الثانى ‪ :‬وسائل البحث والتحرى عن المخالفات اإلدارية فى التحقيق اإلدارى ‪.‬‬
‫الخاتمة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2021/5/22‬الطعن رقم ‪ 96845‬لسنة ‪ 64‬قضائية عليا‬
‫‪ ،‬الدائرة الرابعة غير منشور ‪.‬‬

‫‪542‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫املبحث األول‬

‫مهارات وسلطات احملقق اإلدارى إلدارة اجللسة التحقيقية‬


‫المحقق اإلدارى هو عصب التحقيق اإلدارى ‪ ،‬لذا كان من أهم عوامل نجاح التحقيق‬
‫اإلدارى والوصول للحقيقة توافر عدة صفات فى المحقق اإلدارى ‪ ،‬حيث أن هناك أثناء‬
‫التحقيق اإلدارى صراعاً ذهنياً وحوا اًر بين المحقق والموظف المتهم ‪ ،‬فالمحقق ينشد‬
‫الوصول للحقيقة وإقرار الحق والعدالة والموظف المتهم يبذل جهده إلبعاد االتهام عنه ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وفى النهاية البد من انتصار الحق وتكون الغلبة لوجه الحقيقة‬
‫والتحقيق اإلدارى مثله مثل التحقيق الجنائى فن ‪ ،‬وإن كل فن يحتاج إلى موهبة ‪،‬‬
‫والموهبة والفن معاً يحتاجان إلى إتقان ‪ ،‬واإلتقان تأتى به الممارسة ‪ .‬على أن هذا كله‬
‫ليس بكاف للوصول إلى الغاية المرجوة من التحقيق ‪ ،‬إذ ينبغى االعتداد بالمحقق فهو‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫مدار التحقيق ومحوره‬
‫كما أن المشرع أعطى للمحقق فى التحقيق سلطات ال تعتبر من الناحية القانونية امتيا اًز‬
‫أو تكريماً بقدر ماهى ضمانة فى حد ذاتها للمتهم‪.‬‬
‫ومن ثم نقسم هذا المبحث إلى المطلبين التاليين ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مهارات وصفات المحقق اإلدارى الالزمة إلدارة الجلسة التحقيقية ‪.‬‬
‫المطلب الثانى ‪ :‬سلطات المحقق اإلدارى أثناء مباشرة التحقيق ‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬نبيل عبدالمنعم جاد ‪ ،‬أسس التحقيق الجنائى العملى ‪ ،‬مطبعة كلية الشرطة ‪ ، 1992 ،‬ص‬
‫‪. 29‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬حسن صادق المرصفاوى ‪ ،‬المرصفاوى فى المحقق الجنائى ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 1990‬منشأة‬
‫المعارف ‪ ،‬ص ‪. 5‬‬

‫‪543‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫املطلب األول‬

‫مهارات وصفات احملقق اإلدارى الالزمة إلدارة اجللسة التحقيقية‬

‫ينبغى أن يتوافر فى المحقق اإلدارى العديد من الصفات ألجل ضمان سالمة إجراءات‬
‫التحقيق ‪ ،‬ولذلك فإن التزام اإلدارة باختيار أفضل العناصر لشغل وظيفة المحقق هو‬
‫التزام تفرضه طبيعة تلك المهمة واتصالها بشريحة كبيرة من الموظفين ‪ ،‬فلم يعد من‬
‫المقبول أن يباشر التحقيق مع الموظف المتهم محقق غير كفء ال يجيد أبجديات‬
‫التحقيق وأصوله ‪ ،‬فيجب أن يمارس التحقيق التأديبى محقق كفء قد قطع شوطاً كبي اًر‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫فى الممارسة العملية ‪ ،‬وتوافرت لديه الخبرة الكافية فى مباشرة التحقيق التأديبى‬
‫ومن ثم يجب أن يتوافر فى محقق الجهة اإلدارية مجموعة من الصفات والمها ارت ‪،‬‬
‫التى هى فى الحقيقة رأس ماله فى عمله الشاق والدقيق والعظيم فى األهمية ونتناولها‬
‫كالتالى ‪:‬‬
‫ً‬
‫أوال ‪ -:‬احلياد ‪.‬‬

‫نظ اًر لقيام الذنب اإلدارى على األدلة والشواهد المستقاة من التحقيق ‪ ،‬فإنه يعد هو‬
‫األساس فى قرار العقاب ولذلك يكون من المتعين أن يتواله متخصص على خبرة وتأهيل‬
‫كاف تتوافر لديه عناصر الحيدة واألمانة ‪ ،‬واستهداف الحق بعيداً عن أى مظهر من‬
‫مظاهر التحيز أو التحامل ‪ ،‬فال يجوز للمحقق أن يعمد إلى التأثير فى إرادة المتهم‬
‫بدفعه إلى قول ما ال يريد أو بإثبات ما لم يقله أو بالتدخل على أى صورة فى إجاباته‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعد الشيتوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬األسكندرية ‪ ،‬دار الفكر الجامعى‬
‫‪ ، 2013 ،‬ص ‪. 76‬‬

‫‪544‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪ ،‬بل يتعين عليه أن يترك له الحرية التامة فى إبداء أقواله ودفاعه بحيث يكون قد قصد‬
‫فعالً بإرادته الكاملة أن يدلى بما ورد على لسانه فى التحقيق ‪ ،‬وليس للمحقق أن يلجأ‬
‫إلى الضغط على المتهم أو يعرضه إلرهاب من أى نوع ولو فى صورة إكراه معنوى‬
‫كالتهديد بالوقف عن العمل أو النقل إلى مكان ناء ‪ ،‬كما ال يجوز له أن يغريه على أى‬
‫وجه من الوجوه كالوعد بالتغاضى عن الواقعة أو حفظه أو بتخفيف العقاب إن هو‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫اعترف بارتكاب ما هو منسوب إليه‬
‫فال ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها فى المحقق اإلدارى عن القدر المتطلب‬
‫فى القاضى ‪ ،‬بمعنى أنه يجب على المحقق أن يتحرى الحق أينما كان سواء أدى إلى‬
‫إقامة دليل قبل الموظف المتهم ‪ ،‬أو إلى نفى اتهام يقع على عاتقه ‪.‬‬
‫ويجب السماح للمحقق بالتنحى عن التحقيق ألسباب شخصية إذا استشعر الحرج فى‬
‫االستمرار فى التحقيق ‪ ،‬كما ال يجوز أن يمارس التحقيق من شارك فى إجراءات‬
‫اكتشاف المخالفة أو ضبطها أو اتهام أشخاص بذواتهم بارتكابها فبذلك يتم التحقيق فى‬
‫ظل ظروف مثالية وفقاً لألصول العامة فى النظم التأديبية ‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا ‪ -:‬اإلميان برسالته فى استظهار احلقيقة ‪.‬‬

‫يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يكون مؤمناً برسالته فى استظهار الحقيقة واتخاذ‬
‫كل الوسائل الكاشفة عنها ‪ ،‬وأن يعتقد يقيناً أن الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة‬
‫هما هدفه وغايته المنشودة ‪ ،‬وعليه أن يتحلى بالحيدة تحرياً للحق أينما كان سواء أدى‬
‫إلى إقامة الدليل قبل المتهم أو إلى نفى االتهام المنسوب إليه ‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أنور أحمد رسالن ‪ ،‬التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ‪ ، 2003 ،‬ص ‪. 130‬‬

‫‪545‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وايمان المحقق فى استظهار الحقيقة شرط النجاح فى أداء رسالته ‪ ،‬فيجب على المحقق‬
‫اإلدارى أن يجعل نفسه قاضياً فال ينحاز لجانب معين جرياً وراء بعض الظواهر التى‬
‫قد تخدعه ‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا ‪ -:‬جتريد نفسه من كل تأثري يقع عليه مبناسبة الوقائع الىت يقوم بتحقيقها ‪.‬‬

‫يجب أن يجرد محقق الجهة اإلدارية نفسه من كل تأثير يقع عليه بمناسبة الوقائع التى‬
‫يقوم بتحقيقها ‪ ،‬وأن يباشر التحقيق على أساس أنه خالى الذهن من أى علم سابق بها‬
‫‪ ،‬وال يجوز أن يستمع إلى رواية عنها فى غير جلسات التحقيق ‪ ،‬أو أن يجعل لما تنشره‬

‫أو تذيعه وسائل اإلعالم عنها أى أثر فى تصور مجرياته ‪ ،‬أو االتجاه بالتحقيق اتجاهاً‬
‫معيناً خدمة لهذا التصور ‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا ‪ -:‬تكامل السمات الشخصية للمحقق ‪.‬‬

‫يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يتصف بجمال الخلق ‪ ،‬واحترام الذات وقوة الشخصية‬
‫‪ ،‬وحسن المظهر وسمو الشعور واإلدراك حتى يكتسب ثقة أطراف التحقيق ويرسخ‬
‫اعتقادهم فى سالمة إجراءاته وعليه أال يفرق بينهم فى المعاملة مهما تفاوتت أوضاعهم‬
‫الوظيفية أو مراكزهم االجتماعية ‪ ،‬أو مظاهرهم الشخصية تفادياً لمظنة الميل أو المحاباة‪.‬‬
‫ً‬
‫خامسا ‪ -:‬ضبط النفس ‪.‬‬

‫على محقق الجهة اإلدارية لدى مباشرته التحقيق أن يلتزم بضبط النفس ‪ ،‬وأن يكون‬
‫واسع الصدر اليستسلم للغضب أو الغيظ أو لسيطرة الميول والغرائز ‪ ،‬وأن يتحلى‬
‫بالصبر والمثابرة فى الكشف عما يدق أو يغمض من أمور التحقيق ‪ ،‬وأن يتأنى فى‬
‫الحكم على قيمة الدليل مقلباً الرأى على مختلف وجوهه حتى يتيقن من مطابقته لمقتضى‬
‫الحال بعيداً عن أى تأثير يكون قد تبادر إليه عن وقائع التحقيق ‪.‬‬

‫‪546‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ً‬
‫سادسا ‪ -:‬قوى املالحظة قوى الذاكرة سريع اخلاطر ‪.‬‬

‫يجب أن يكون محقق الجهة اإلدارية دقيق المالحظة ‪ ،‬سريع الخاطر ‪ ،‬قوى الذاكرة‬
‫حتى يتمكن من الربط بين الوقائع المختلفة واستظهار كيفية حدوثها ‪ ،‬وأال يتردد فى‬
‫مباشرة اإلجراء الذى يراه سليماً حتى ال تضيع الفائدة من اتخاذه فى الوقت المناسب ‪.‬‬
‫وقوة المالحظة هى المعرفة الدقيقة لحقيقة أمر أدركته إحدى الحواس مع ما يحيط به‬
‫من الظروف ‪ ،‬أو هى المعرفة السريعة واألكيدة لتفاصيل األشياء التى تقع تحت إحدى‬
‫الحواس ‪ .‬فقوة المالحظة تعد فى مقدمة المؤهالت الواجب توافرها فيه ‪ .‬فيجب على‬
‫المحقق اإلدارى إن لم تكن الطبيعة قد حبته بجعلها ملكة فطرية عنده ‪ ،‬أن يكتسبها عن‬
‫طريق المران ‪ ،‬ألنها من الصفات التى ال يمكن الحصول عليها بالتلقين أو بالدرس ‪،‬‬
‫بل التعود والممارسة هما األساس الوحيد الكتساب ملكتها (‪.)1‬‬
‫وأساس ذلك التمرين ‪ ،‬الذى يمرسه لشدة االلتفات لتفاصيل األشياء ال مجرد الرؤية‬
‫السطحية لها ‪ .‬فعلى المحقق اإلدارى الذى تعوزه صفة قوة المالحظة أن يبادر إلى‬
‫إنماء هذه الملكة ‪ ،‬فال ينظر إلى األمور نظرات سطحية ال يذكر بعدها شيئاً عنها ‪.‬‬
‫وأن يعود نفسه عند رؤية األشياء أن يميزها عن غيرها ويستطيع التعرف عليها (‪.)2‬‬
‫وقوة الذاكرة هى القدرة على حفظ المعلومات والمشاهدات واستدعائها وقت الحاجة ‪ ،‬أو‬
‫حضورها فى الذهن عند استعراض ما يماثله أو ماله عالقة بها ‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد فتوح محمد عثمان ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بدون‬
‫تاريخ نشر ‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫(‪ )2‬اللواء‪ /‬محمود عبدالرحيم وآخرون ‪ ،‬التحقيق الجنائى العملى والفنى والتطبيقى ‪ ،‬كلية الشرطة ‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪ ، 1963 ،‬دار الطباعة القومية ‪ ،‬ص ‪. 17‬‬

‫‪547‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وسرعة الخاطر هى حضور الذهن وتيقظه لفهم ما يدور حول اإلنسان من الظروف‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫للتصرف بالقول بما يناسبها فى حينه والخروج من المآزق والمواقف المحرجة‬
‫وهذه الصفة الزمة للمحقق فى أمرين هما ‪-:‬‬

‫األمر األول ‪ :‬سرعة إدراك معانى األشياء وأوصافها ‪ ،‬ألن األحوال ال تسمح له غالباً‬
‫إال بلمحة سريعة لو تباطأ فى الفهم فى أثنائها ضاعت عليه جهود كثيرة يكون قد تكبدها‬
‫‪.‬‬
‫األمر الثانى ‪ :‬أن حياة المحقق تتخللها سلسلة من المفاجآت والمصادفات والمآزق التى‬
‫يكون غير مستعد لها ‪ .‬فإن لم يكن سريع الخاطر وخرج منها بمهارة ضاعت آماله فى‬
‫كشف ما يريد من الحقائق ‪.‬‬
‫ً‬
‫سابعا‪ -:‬التصرف بسرعة ولكن حبذر ‪.‬‬

‫األصل وفقاً لمقتضيات حسن اإلدارة التى توجب سرعة الردع والزجر لمن يرتكب‬
‫مخالفات تأديبية من العاملين أن يتم بسرعة التحقيق وتوقيع الجزاء المناسب بناء عليه‬
‫على المسئول تحقيقاً لالنضباط اإلدارى وحسن األداء للعاملين بحيث ال يستغرق حسم‬
‫المسئولية التأديبية وقتاً بين وقوع األفعال المؤثمة وتوقيع الجزاء ‪.‬‬
‫ومن المهم للمحقق العمل بجد فى بدء التحقيق وتنفيذه ألن هذا يسمح بما يلى‪:‬‬
‫‪ -1‬جمع األدلة بينما ال تزال حاضرة فى ذاكرة األشخاص المعنيين ‪.‬‬
‫‪ -2‬تصحيح الوضع اإلشكالى بسرعة ‪.‬‬
‫‪ -3‬تجنب خلق ضغوط غير ضرورية على الموظفين ‪ ،‬خاصة إذا أظهر التحقيق‬
‫أنه ال يمكن إلقاء اللوم على أى سوء سلوك‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد فتوح محمد عثمان ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪548‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫بالرغم مما سبق ذكره ‪ ،‬إال أنه يجب على المحقق أن يأخذ الوقت الكافى لجمع كل‬
‫المعلومات الضرورية أو للحصول على مزيد من التحقيق قبل اتخاذ قرار بشأن فرض‬
‫إجراء تأديبى أم ال‪.‬‬
‫ً‬
‫ثامنا‪ -:‬ال تقود املقابالت ‪.‬‬

‫للحفاظ على نزاهة التحقيق ‪ ،‬انتبه إلى لغتك اللفظية ولغة جسدك أثناء المقابالت ‪.‬على‬
‫شيئا ما صحيح ‪ .‬بدالً من طرح السؤال "هل‬
‫سبيل المثال ‪ ،‬ال تستخدم لغة تفترض أن ً‬
‫رأيت لكمة مصطفى لزيد ؟" ‪ ،‬اسأل "ماذا رأيت؟"‬
‫وبالمثل ‪ ،‬حافظ على لغة جسدك موضوعية ‪ .‬فى حين أنه من الطبيعى أن تبتسم أو‬
‫شيئا تريد‬
‫تومئ برأسك لتظهر أنك تستمع ‪ ،‬فقد يشير هذا إلى الشاهد أنه يقول ً‬
‫سماعه ‪.‬ونتيجة لذلك ‪ ،‬قد يغيرون قصتهم لتناسب ما يعتقدون أنه روايتك المعتمدة‪.‬‬

‫املطلب الثانى‬

‫سلطات احملقق اإلدارى أثناء مباشرة التحقيق‬


‫المشرع أعطى للمحقق فى التحقيق سلطات ال تعتبر من الناحية القانونية امتيا اًز أو‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫تكريماً بقدر ماهى ضمانة فى حد ذاتها للمتهم ‪ ،‬فغاية اإلجراء هو الضمان‬
‫وهذه السلطات تتلخص فى اآلتى ‪:‬‬
‫ً‬
‫أوال ‪ :‬الوقف اإلحتياطى عن العمل ملصلحة التحقيق مبوافقة السلطة املختصة ‪.‬‬

‫الوقف عن العمل هو منع الموظف من ممارسة العمل وتنحيته عن الوظيفة مؤقتاً ‪،‬‬
‫ويوجد نوعان من الوقف ‪ -1:‬الوقف االحتياطى عن العمل لمصلحة التحقيق ‪-2 .‬‬
‫الوقف بقوة القانون نتيجة لتنفيذ حكم جنائى أو للحبس االحتياطى ‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬ماهر عبدالهادى ‪ ،‬الشرعية اإلجرائية فى التأديب ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 1986 ،‬ص ‪. 277‬‬

‫‪549‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫كما أن هناك الوقف للمصلحة العامة بناء على طلب الرقابة اإلدارية ‪ ،‬والوقف الموقع‬
‫كجزاء إدارى ‪.‬‬
‫ونتعرض للنوع األول الذى هو مناط بحثنا بشىء من التفصيل ونتعرض لألنواع األخرى‬
‫بشىء من اإليجاز إلبراز الفروقات بينهم وذلك على النحو التالى ‪-:‬‬
‫‪ -1‬الوقف االحتياطى عن العمل لمصلحة التحقيق ‪.‬‬
‫الوقف عن العمل لمصلحة التحقيق يسمى الوقف االحتياطى ‪ ،‬ألنه إجراء يقصد به‬
‫مصلحة التحقيق ‪ ،‬فهو ليس عقوبة تأديبية ‪ ،‬أو جزاء ‪ ،‬بل إجراء احتياطى مقرر‬
‫لمصلحة التحقيق ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫بأنه إجراء إحتياطى مؤقت ‪ ،‬تلجأ إليه اإلدارة بقصد إبعاد‬ ‫ويعرفه جانب من الفقه‬
‫الموظف عن المرفق ‪ ،‬عندما يتعرض التخاذ إجراءات تأديبية أو جنائية ‪ ،‬فيمتنع عليه‬
‫ممارسة أعمال وظيفته مدة الوقف ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫على أنه إجراء قانونى يقصد به تنحية العامل بصفة‬ ‫ويعرفه جانب آخر من الفقه‬

‫مؤقتة عن أعمال وظيفته ‪ ،‬إما لصالح تحقيق يجرى سواء كان التحقيق إدارياً أو جنائياً‬
‫‪ ،‬وإما تصوناً للوظيفة وحرصاً على كرامتها وصيانة لها من العبث واإلخالل بها ‪.‬‬
‫وتعرفه محكمة القضاء اإلدارى بأنه ‪" :‬إسقاط والية الوظيفة إسقاطاً مؤقتاً عن الموظف‬
‫فال يتولى خالله سلطة وال يباشر لوظيفته عمالً ‪ ،‬ذلك أن الموظف قد تسند إليه تهم‬

‫وتوجه إليه مآخذ ‪ ،‬فيقتضى األمر إقصاءه عن وظيفته ليجرى التحقيق فيها توصالً‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬عبدالفتاح عبدالحليم عبدالبر ‪ ،‬الضمانات التأديبية فى الوظيفة العامة ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق جامعة القاهرة ‪ ،1978 ،‬ص ‪. 143‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عمرو فؤاد بركات ‪ ،‬السلطة التأديبية (دراسة مقارنة ) ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق جامعة‬
‫عين شمس ‪ ، 1979 ،‬ص ‪. 279‬‬

‫‪550‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫للحقيقة وانبالجها فى جو خال من مؤثراته ‪ ،‬أو بعيداً عن سلطاته ‪ ،‬أو ألن فى اتهامه‬
‫ما يدعو إلى االحتياط والتصون للعمل العام الموكل إليه تجريده منه ‪ ،‬وكف أيديه عنه‬
‫‪ ،‬أو ألن فى االتهام ما يشينه فيمس تبعاً لذلك مركز الوظيفة التى يتوالها ‪ ،‬وتؤثر فى‬
‫حسن سير العمل ‪ ،‬فينحى عنها حتى يطهر من أدران ما شابه وعلق به ‪ ،‬من أجل‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ذلك شرع اإليقاف واستهديت غايته وحكمته " ‪.‬‬
‫وقرار الوقف االحتياطى عن العمل هو مصلحة التحقيق الذى يجرى مع الموظف‪ ،‬كأن‬
‫يكون صاحب سلطة ونفوذ من شأنها التأثير على سير التحقيق عن طريق إرهاب الذين‬
‫يستشهد بهم أو إخفاء الوثائق والمستندات أو التالعب فيها أو توجيه التحقيق وجهة‬
‫مضللة إذا استمر المحال للتحقيق في عمله ‪.‬‬
‫وكذا إذا أسندت للعامل تهم ويستدعى الحال إلى اإلحتياط والتصون للعمل العام الموكول‬
‫إليه بكف يده عنه وإقصائه عن وظيفته ليجرى التحقيق في جو خال من مؤثراته وبعيد‬
‫عن سلطانه ‪ ،‬فإذا لم تتوافر تلك المبررات كان الوقف االحتياطى بغير سند من القانون‪،‬‬
‫وإن تقدير مدى توافر تلك المقتضيات المبررة للوقف االحتياطى عن العمل متروك‬
‫للسلطة التقديرية لإلدارة‪ ،‬إال أن هذا التقدير يجب أن يستند إلى عناصر صحيحة تؤدى‬
‫إليه فإذا لم يكن األمر كذلك خرج القرار عن نطاق المشروعية‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم محكمة القضاء اإلدارى ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1951/4/13‬فى الدعوى رقم ‪ 203‬لسنة ‪ 3‬ق ‪ .‬عليا ؛‬
‫وأيضاً ‪ :‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 10‬من يونية سنة ‪ ، 1962‬القضية رقم ‪ 299‬لسنة ‪4‬‬
‫القضائية ‪ ،‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة اإلدارية‬
‫العليا السنة السابعة ‪ -‬العدد الثالث (من أول مايو سنة ‪ 1962‬الى آخر سبتمبر سنة ‪، )1962‬‬
‫ص‪.1036‬‬

‫‪551‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ومن ثم يشترط لمشروعية الوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق أن يصدر به قرار إدارى‬
‫من السلطة المختصة ‪ ،‬وأن يستهدف مصلحة التحقيق بالفعل كأن يكون للموظف‬
‫سلطان يخشى معه التأثير على التحقيق إن هو استمر على رأس العمل ‪ ،‬أو أن تقتضيه‬
‫ضرورة من ضرورات سير التحقيق أو ضرورة إدارية كالخشية على سير العمل بالمرفق‬
‫إن استمر المتهم قائماً بالعمل المسند إليه ‪ ،‬فإذا لم توجبه مصلحة التحقيق أو ضرورة‬

‫فإنه يعد وقفاً باطالً النحرافه عن الهدف والغاية المرسومة له ويعد ق ارراه ق ار اًر مشوباً‬
‫بإساءة استعمال السلطة (‪.)1‬‬
‫ونوجز أهم أحكام الوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق فى النقاط التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬السلطة المختصة بالوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق ‪.‬‬
‫نصت المادة (‪ )83‬من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم ‪ 47‬لسنة‬
‫‪ 1978‬المعدل بالقانون رقم ‪ 115‬لسنة ‪ 1983‬على أن " لكل من السلطة المختصة‬
‫ومدير النيابة اإلدارية بحسب األحوال أن يوقف العامل عن العمل احتياطيا إذا اقتضت‬
‫مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة ال تزيد على ثالثة أشهر‪ ،‬وال يجوز مد هذه المدة إال‬
‫بقرار من المحكمة التأديبية للمدة التى تحددها‪ ،‬ويترتب على وقف العامل عن عمله‬
‫ابتداء من تاريخ الوقف‪".‬‬
‫ً‬ ‫وقف صرف نصف أجره‬
‫كما نصت المادة (‪ )63‬من قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬على أنه ‪" :‬‬
‫لكل من السلطة المختصة ورئيس هيئة النيابة اإلدارية بحسب األحوال أن يوقف الموظف‬
‫احتياطيا إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة ال تزيد على ثالثة أشهر‪،‬‬
‫ً‬ ‫عن عمله‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أنور أحمد رسالن ‪ ،‬التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ، 2003 ،‬ص ‪80‬‬
‫‪.‬‬

‫‪552‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وال يجوز مد هذه المدة إال بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التى تحددها‪،‬‬
‫ابتداء من تاريخ الوقف ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره‬
‫كما نصت المادة (‪ )165‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫احتياطيا عن العمل ‪،‬‬
‫ً‬ ‫‪ 2016‬على أنه " إذا اقتضت مصلحة التحقيق وقف الموظف‬
‫ُيعرض األمر على السلطة المختصة بمذكرة تتضمن موضوع التحقيق ومبررات الوقف‬
‫ومدته بما ال يجاوز ثالثة أشهر ‪ ،‬فإذا قررت وقفه عن العمل يتعين إعالنه بقرار الوقف‬
‫وإرسال صورة منه إلى كل من رئيسه المباشر وإدارة الموارد البشرية " ‪.‬‬
‫ومن ثم تكون سلطة وقف الموظف احتياطياً عن العمل معقودة لكل من السلطة‬
‫المختصة ورئيس هيئة النيابة اإلدارية بحسب األحوال ‪.‬‬
‫ويقصد بالسلطة المختصة طبقاً للمادة (‪ )1/2‬من قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫‪ 2016‬الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة بحسب األحوال ‪.‬‬
‫وتنص المادة (‪ )5/62‬من قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪2016‬على أن تكون‬
‫الجهة المنتدب أو المعار إليها الموظف هى المختصة بالتحقيق معه وتأديبه طبًقا‬
‫ألحكام هذا القانون عن المخالفات التى يرتكبها خالل فترة الندب أو اإلعارة‪.‬‬
‫ومن ثم فإن ذات الجهة تكون هى المختصة أيضاً بوقفه احتياطياً عن العمل ‪.‬‬
‫ولما كان الوقف يستند أساساً إلى االختصاص بالتأديب فإن السلطة المفوضة فى‬
‫التأديب تملك سلطة الوقف عن العمل إحتياطياً دون حاجة للنص عليه صراحة فى قرار‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫التفويض باعتباره أم اًر مشتقاً من الموضوع الرئيسى الذى فوض فيه‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬يوسف إسماعيل محمد إسماعيل ‪ ،‬الحماية القانونية للموظف العام فى مرحلتى التحقيق‬
‫والمحاكمة ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس ‪ ، 2018 ،‬ص ‪.230‬‬

‫‪553‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وبهذا المعنى تقول المحكمة اإلدارية العليا حيث قضت بأن ‪ " :‬تفويض وكيل الو ازرة‬
‫المساعد فى التصرف فى التحقيق يستتبع بالضرورة منحه حق وقف الموظف الذى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫يجرى معه التحقيق "‬
‫وإذا كانت السلطة اإلدارية تملك حق وقف الموظف مؤقتاً عن أعمال وظيفته ‪ ،‬لمصلحة‬
‫ما يجرى معه من تحقيقات ‪ ،‬فإن لها أيضاً أن تعدل عن قرار وقف العامل ‪ ،‬وأن تعيده‬
‫إلى عمله قبل انتهاء التحقيق الذى تم الوقف بسببه ‪ ،‬وهو ما قد يحدث عندما تضع‬
‫اإلدارة فى االعتبار بعض الظروف التى طرأت حديثاً ‪ ،‬وتملك اإلدارة ذلك حتى بعد‬
‫تدخل المحكمة التأديبية ‪ ،‬وإصدار قرارها باستمرار الوقف ‪ ،‬ألن القيود التى فرضها‬
‫المشرع فى هذا الشأن ‪ ،‬لم يقصد بها إال تحقيق قدر من الضمانات للعامل فال يخل‬
‫بذلك إعادته إلى عمله ‪ ،‬فى أى وقت ‪ ،‬كما أنه ال يجوز القول بأن قرار الوقف وقد‬
‫صدر سليماً فال يجوز سحبه ‪ ،‬إذ ال يتعلق األمر بسحب قرار الوقف ‪ ،‬ولكن األمر‬
‫يتعلق بإلغائه ‪ ،‬فضالً عن عدم مساس قرار اإلعادة بأى حق مكتسب (‪.)2‬‬
‫وفى فرنسا طبقاً ألحكام قانون ‪ 4‬فبراير ‪ 1959‬بشأن الموظفين العموميين ‪ ،‬تكون‬
‫السلطة المختصة فى فرنسا بوقف الموظف العام عن العمل هى سلطة التأديب ‪ ،‬وهى‬
‫ذات األحكام المقررة بتعديالت ‪ 13‬يوليو ‪ ، 1983‬حيث تنص المادة ‪ 30‬من القانون‬
‫على ما يأتى ‪ " :‬فى حالة ارتكاب الموظف لخطأ جسيم سواء كان إخالله بالتزاماته‬
‫الوظيفية أو جريمة من جرائم القانون العام ‪ ،‬فإنه يجوز للسلطة التأديبية المختصة وقفه‬
‫عن العمل " ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1965/6/20‬الطعن رقم ‪ 1675‬لسنة ‪10‬ق ‪ .‬عليا ‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبدالفتاح حسن ‪ ،‬التأديب فى الوظيفة العامة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ، 1964 ،‬ص ‪. 158‬‬

‫‪554‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪" En cas de faute grave commise par un fonctionnaire, qu'il‬‬
‫‪s'agisse d'un manquement à ses obligations professionnelles ou‬‬
‫‪d'une infraction de droit commun, l'auteur de cette faute peut être‬‬
‫‪suspendu par l'autorité ayant pouvoir disciplinaire qui saisit, sans‬‬
‫‪délai, le conseil de discipline ".‬‬
‫وقد استقرت أحكام مجلس الدولة الفرنسى على أنه ال يجوز للسلطة المختصة تفويض‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫سلطة أخرى فى وقف الموظف احتياطياً عن العمل‬
‫ب‪ -‬مدة الوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق ‪.‬‬
‫أخذت قوانين الخدمة المدنية المتعاقبة فى مصر بقاعدة واحدة ‪ ،‬مؤداها تقييد سلطة‬
‫اإلدارة فى وقف الموظف عن العمل إحتياطياً بمدة معينة ال تتجاوز ثالثة أشهر كحد‬
‫أقصى ‪ ،‬على أن تلجأ للمحكمة التأديبية إذا رأت مد مدة الوقف أكثر من ثالثة أشهر‪.‬‬
‫وفى ذلك تنص المادة (‪ )63‬من قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬على أنه‬
‫‪ " :‬لكل من السلطة المختصة ورئيس هيئة النيابة اإلدارية بحسب األحوال أن يوقف‬
‫احتياطيا إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة ال تزيد على‬
‫ً‬ ‫الموظف عن عمله‬
‫ثالثة أشهر‪ ،‬وال يجوز مد هذه المدة إال بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التى‬
‫ابتداء من تاريخ‬
‫ً‬ ‫تحددها‪ ،‬ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره‬
‫الوقف " ‪.‬‬
‫كما نصت المادة (‪ )165‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫احتياطيا عن العمل ‪،‬‬
‫ً‬ ‫‪ 2016‬على أنه " إذا اقتضت مصلحة التحقيق وقف الموظف‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أنور أحمد رسالن ‪ ،‬التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ، 2003 ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪555‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ُيعرض األمر على السلطة المختصة بمذكرة تتضمن موضوع التحقيق ومبررات الوقف‬
‫ومدته بما ال يجاوز ثالثة أشهر ‪ ،‬فإذا قررت وقفه عن العمل يتعين إعالنه بقرار الوقف‬
‫وإرسال صورة منه إلى كل من رئيسه المباشر وإدارة الموارد البشرية " ‪.‬‬
‫ومفاد النصوص المتقدمة أن الوقف عن العمل إحتياطياً ليس من قبيل العقوبة التى‬
‫توقع على العامل لقاء مخالفة تأديبية ثبت وقوعها منه‪ ،‬وإنما هو مجرد إجراء احتياطى‬
‫كما يبين من تسمية القانون له‪ ،‬يجوز للسلطة المختصة أو النيابة االدارية أن تلجأ إلى‬
‫إتخاذه فى شأن العامل متى قامت به دواعيه‪ ،‬وأن سلطة المحكمة التأديبية عند عرض‬
‫أمر مد مدة وقف العامل عن العمل مقصورة على رفض مد هذه المدة أو مدها لمدة‬
‫أخرى‪ ،‬دون التصدى للفصل فى مخالفة تأديبية تكشف عنها أوراق طلب وقف العامل‬
‫عن العمل‪ ،‬وفى حالة تصدى المحكمة التأديبية للفصل فى هذه المخالفة فإنه تكون قد‬
‫خرجت عن حدود واليتها الوالئية القاصرة على الفصل فى أمر الوقف عن العمل‪، ،‬‬
‫األمر الذى يجعل قرارها منطوياً على غصب للسلطة ينحدر بالقرار إلى درجة‬
‫اإلنعدام(‪.)1‬‬
‫والجدير بالذكر أن قضاء المحكمة اإلدارية العليا جرى على أن المدة المحددة للوقف‬
‫عن العمل لمصلحة التحقيق والتى تصدر عن الجهة اإلدارية وإن كان القانون قد‬
‫عرض لها حداً أقصى وهو ثالثة شهور إال أن هذه المدة هى مدة تنظيمية ال يترتب‬
‫البطالن على تجاوزها وإن ما يصدر من ق اررات من الجهات اإلدارية عن مدد تربو‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2000/11/12‬الطعن رقم ‪ 3709‬لسنة ‪ 44‬قضائية ‪،‬‬
‫مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة السادسة‬
‫واألربعون ‪ ،‬الجزء األول (من أول ‪ 15‬أكتوبر سنة ‪ 2000‬إلى آخر فبراير سنة ‪ ، ) 2001‬ص‬
‫‪.81‬‬

‫‪556‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫عليها يصححها إقرار المحكمة التأديبية لهذا الوضع عند عرض األمر عليها بعد ذلك‬
‫‪ ،‬سواء كان هذا اإلقرار صريحاً أو ضمنياً بالموافقة على المد عن مدة الحقة (‪.)1‬‬
‫وفى فرنسا ‪ ،‬طبقاً ألحكام قانون ‪ 4‬فبراير سنة ‪ ، 1959‬تقرر المادة (‪ )4/32‬من هذا‬
‫القانون ضرورة قيام الوزير المختص بتسوية وضع الموظف الموقوف إحتياطياً بصفة‬
‫نهائية خالل مدة أربعة أشهر ‪ ،‬فإذا انقضت هذه المدة دون اتخاذ إجراءات قبل الموظف‬
‫الموقوف إحتياطياً فإن هذا الموظف يستحق كامل أجره ‪.‬‬

‫وقد جرى الفقه وقضاء مجلس الدولة الفرنسى على تفسير النص على أنه ال يضع حداً‬
‫أقصى لمدة وقف الموظف العام إحتياطياً عن العمل ‪ ،‬بل يلزم اإلدارة بتسوية األوضاع‬
‫المالية للموظف خالل أربعة أشهر من تاريخ سريان قرار الوقف عن العمل ‪.‬‬
‫وقد تغير الوضع تماماً فى ظل القانون رقم ‪ 83 / 634‬الصادر يتاريخ ‪ 13‬يوليو‬
‫‪ ، 1983‬حيث وضع حداً أقصى لمدة الوقف عن العمل ال تتجاوز أربعة أشهر ‪ ،‬مع‬
‫ضرورة تسوية الوضع المالى للموظف خالل هذه المدة ‪ ،‬إال إذا كان محالً إلجراءات‬
‫جنائية ‪.‬‬
‫‪" Le fonctionnaire suspend conserve son traitement, l'indemnité‬‬
‫‪de résidence,le supplément familial de traitement et les‬‬
‫‪prestations familiales obligatoires. Sa situation doit être‬‬
‫‪définitivement réglée dans le délai de quatre mois".‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1963/5/19‬الطعن رقم ‪1157‬لسنة ‪6‬ق ‪ ،‬مجلس‬
‫الدولة‪ -‬المكتب الفنى‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا‬
‫السنة الثامنة ‪ -‬العدد الثالث (من أول مايو سنة ‪ 1963‬إلى آخر سبتمبر سنة ‪ - )1963‬ص ‪1212‬‬
‫‪.‬‬

‫‪557‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫أنه يلزم وضع حد أقصى لمدد الوقف اإلحتياطى لمصلحة التحقيق سواء من السلطة‬

‫المختصة أو النيابة اإلدارية حسب األحوال أو من المحكمة التأديبية بحيث ال تزيد مثالً‬
‫عن أربعة أشهر ألن الوقف يترتب عليه ضرر كبير لكل من المرفق والموظف بل‬
‫ويتعدى األمر إلى أسرة الموظف ‪ :‬فيضر أوالً المرفق الذى يعمل فيه الموظف الذى‬
‫بالتأكيد سيتأثر من غياب الموظف عن العمل أثناء فترة الوقف ‪ ،‬مما يترتب عليه ضرر‬
‫على سير المرفق العام ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى تحمل المرفق نصف أجر العامل رغم عدم‬
‫قيام الموظف بعمل فعلى ؛ ويضر ثانياً الموظف الذى يحرم من نصف أجره ‪ ،‬الذى‬
‫فى الغالب يكون هو مورد رزقه الوحيد ‪ ،‬بل ويتعدى األمر إلى أسرة الموظف الذى قد‬
‫يكون هو عائلهم الوحيد ‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى أن الوقف لمصلحة التحقيق يقوم على الشبهة ‪ ،‬مما قد ينتهى التحقيق‬
‫فى النهاية إلى براءة الموظف ويتضح أن الوقف كان قائماً على غير أساس ‪ ،‬ومن ثم‬
‫يجب أن تكون الغلبة لقرينة البراءة التى هى حصن مشروعية المسئولية التأديبية ‪.‬‬
‫ج‪ -‬مبررات الوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق ‪.‬‬
‫جرت نصوص الخدمة المدنية المتعاقبة وآخرها القانون الحالى رقم ‪ 81‬لسنة ‪، 2016‬‬
‫احتياطيا إذا اقتضت مصلحة‬
‫ً‬ ‫على أنه للسلطة المختصة أن توقف الموظف عن عمله‬
‫التحقيق ذلك ‪.‬‬
‫فنصت المادة ‪ 63‬من قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬فى فقرتها األولى‬
‫على أنه ‪ " :‬لكل من السلطة المختصة ورئيس هيئة النيابة اإلدارية بحسب األحوال أن‬
‫يوقف الموظف عن عمله إحتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك ‪. " ...‬‬

‫‪558‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وباستعراض أحكام القانون رقم ‪ 48‬لسنة ‪ 1978‬بنظام العاملين بالقطاع العام يتبين أن‬
‫المادة ‪ 86‬من هذا القانون تنص على أنه "لرئيس مجلس اإلدارة بقرار مسبب حفظ‬
‫التحقيق وله أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك‬
‫لمدة ال تزيد عن ثالثة أشهر وال يجوز مد هذه المدة إال بقرار من المحكمة التأديبية‬
‫المختصة للمدة التى تحددها ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف‬
‫األجر ابتداء من تاريخ الوقف"‪.‬‬
‫ومن ثم فإن وقف الموظف إحتياطياً عن العمل مشروط بأن تقتضى مصلحة التحقيق‬
‫هذا الوقف ‪ ،‬كما فى حالة ما إذا كان الموظف الخاضع للتحقيق يتمتع بسلطة أو نفوذ‬
‫ويخشى تبعاً لذلك ‪ ،‬فى حالة استم ارره فى العمل أن يؤثر على سير التحقيق عن طرق‬
‫إرهاب الموظفين اآلخرين الذين قد ُيستشهد بهم أو ُيحقق معهم أو عن طريق إخفاء‬
‫الوثائق والمستندات الدالة على اإلتهام أو توجيه التحقيق وجهة مضللة فيتمكن بذلك من‬

‫اإلفالت من العقاب ‪ ،‬ففى مثل هذه الحالة تدعو مصلحة التحقيق إلى إقصائه مؤقتاً‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫عن الوظيفة حتى يتم التحقيق بعيداً عن أى مؤثرات‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪2007/3/8‬‬
‫بأن ‪ " :‬ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط وقف العامل عن‬
‫العمل احتياطياً ليس وجود تحقيق معه فقط بل أن تقتضى مصلحة هذا التحقيق هذا‬
‫الوقف وال يكون ذلك إال إذا أُسندت إليه مخالفات ويدعو األمر إلى االحتياط والتحوط‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمود أبو السعود ‪ ،‬القضاء اإلدارى " قضاء التأديب " ‪ ،‬اإليمان للطباعة ‪ ،‬بدون تاريخ نشر‬
‫‪ ،‬ص ‪. 226‬‬

‫‪559‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫جو ٍّ‬
‫خال‬ ‫للعمل العام الموكل إليه بكف يده عنه أو إقصائه بعيداً عنه ليتم التحقيق فى ٍّ‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫من مؤاثراته وبعيداً عن سلطاته "‬
‫وقد اختلف الفقه فى تفسير إصطالح " مصلحة التحقيق " حيث فسرها البعض تفسي اًر‬
‫ضيقاً بينما توسع البعض اآلخر فى ذلك فى حين تبنى رأى ثالث موقفاً وسطا ‪ ،‬ونتناول‬
‫هذه االتجاهات النحو اآلتى ‪-:‬‬
‫االتجاه األول‪ -:‬التفسير الضيق لمفهوم مصلحة التحقيق ‪.‬‬
‫وهذا االتجاه الفقهى يقوم على منطق الضمان ‪ ،‬والتفسير الضيق للنصوص واألحكام‬
‫التأديبية ‪ ،‬فيرى أن الوقف اإلحتياطى إنما تقرر لمصلحة التحقيق ‪ ،‬إذ يفترض بدء‬
‫التحقيق مع الموظف بخصوص مخالفات معينة ‪ ،‬وأن وجود الموظف فى عمله من‬
‫شأنه أن يؤثر على مجرى التحقيق ‪ ،‬ومن ثم ال يجوز لإلدارة أن توقف الموظف لغير‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫هذه الغاية‬
‫ذلك ألن وقف الموظف عن عمله ليس باإلجراء الذى يستهان به ‪ ،‬سواء فى حياة‬
‫العامل العادية أو الوظيفية ‪ ،‬مما يدعو إلى التضيق من آثاره ‪ ،‬فال يجوز القول به إال‬
‫تطبيقاً لنص صريح ‪ ،‬وقد جاء النص صريحاً قاص اًر الوقف على مصلحة التحقيق ‪،‬‬
‫بما ال يقبل من بعد فى شأن قياس أو استقراء ‪ ،‬أما إذا كان المقصود من الوقف‬
‫اإلحتياطى هو التصون لصالح الوظيفة ذاتها ‪ ،‬فلدى اإلدارة حالة الوقف اإلحتياطى‬
‫للصالح العام المنصوص عليها فى قانون الرقابة اإلدارية ‪ ،‬كما لديها التدابير األخرى‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 8‬من مارس سنة‪ 2007‬الطعن رقم ‪ 6032‬لسنة‪45‬‬
‫قضائية‪.‬عليا‪ ،‬موقع مجلس الدولة المصرى ‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث القضائية ‪،‬‬
‫‪.https://jsrcsc.org‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سليمان الطماوى ‪ ،‬قضاء التأديب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 333‬‬

‫‪560‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫التى تتيح لها تلك الغاية وتؤدى للنتائج التى يراد تفاديها بالوقف بنوعيه ومنها النقل إلى‬
‫عمل آخر أو جهة مكانية أخرى (‪.)1‬‬
‫االتجاه الثانى ‪ -:‬التفسير الموسع لمفهوم مصلحة التحقيق ‪.‬‬
‫أنه يجب النظر إلى الحكمة من نظام التأديب فى‬ ‫(‪)2‬‬
‫ويرى أصحاب هذا االتجاه الفقهى‬
‫مجموعه ‪ ،‬باعتبار أنه يستهدف تأمين سير العمل اإلدارى بنظام وكفاية وأن ذلك‬
‫يستوجب الخروج عن التفسير الضيق لمعنى مصلحة التحقيق واألخذ بالتفسير الواسع‬
‫بالنظر إلى مصلحة المرفق العام ال مجرد مصلحة التحقيق بالمعنى الضيق ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫إلى أنه إذا كان التطبيق الحرفى للنصوص يقصر‬ ‫وذهب أحد مؤيدى هذا الرأى‬
‫مبررات الوقف اإلحتياطى فى مصلحة التحقيق حسبما أشارت إليه النصوص فإن الفقه‬
‫التأديبى قد استقر أو كاد أن يستقر على اعتبار المصلحة العامة من مبررات الوقف‬
‫االحتياطى ‪.‬‬
‫وقد تساءل أحد أنصار هذا الرأى(‪ )4‬عن جواز وقف العامل إذا وجدت أسباب تجعل من‬
‫المصلحة وقفه دون أن يكون محل تحقيق قائم فعالً ؟‬
‫وبعد أن رد على هذا السؤال باإليجاب أضاف أن هذا االتجاه هو ما يتفق مع روح‬
‫النص وحكمته وإن لم يتفق مع لفظه ‪ ،‬ذلك أن الوقف فى حقيقة األمر إجراء ال غنى‬

‫(‪ )1‬المستشار الدكتور‪ /‬مغاورى محمد شاهين ‪ ،‬المساءلة التأديبية ‪ ،‬عالم الكتب ‪ ،‬طبعة ‪ ،1974‬ص‬
‫‪ 292‬وما بعدها ‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عمرو فؤاد أحمد بركات ‪ ،‬السلطة التأديبية ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس‬
‫‪ ، 1979 ،‬ص ‪ 280‬وما بعدها ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أ ‪ .‬محمد رشوان أحمد ‪ ،‬أ‪ .‬إبراهيم عباس منصور ‪ ،‬اإلجراءات التأديبية للعاملين المدنيين بالحكومة‬
‫والقطاع العام ‪ ،‬مطبعة الرسالة ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1969‬ص ‪ 62‬وما بعدها ‪.‬‬
‫(‪ )4‬د ‪ .‬عبدالفتاح حسن ‪ ،‬التأديب فى الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 158‬‬

‫‪561‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫عنه للسلطة اإلدارية بل هو القدر الذى تحتفظ به مقابل ما تقرر للعامل من ضمانات‬
‫متعددة فى مجال التأديب ‪ ،‬إذ بعد أن تقيدت سلطة اإلدارة فى توقيع الجزاء ‪ ،‬كان من‬
‫الطبيعى أن تخول اتخاذ هذا اإلجراء المؤقت حتى تستطيع أن تستغنى مؤقتاً عن خدمات‬
‫عامل مشبوه إلى أن تظهر حقيقة أمره ‪.‬‬
‫ولكنه استدرك قائالً " إال أن الوقف فى غير حالة التحقيق يجب أن يقوم على سبب‬
‫جدى يبرره ‪ ،‬كما أنه ال يجوز أن يكون للصالح العام بالمعنى الواسع لهذا التعبير ‪ ،‬بل‬
‫يجب أن يكون لصالح المرفق الذى ينتمى إليه العامل على وجه التحديد ‪ ،‬كما يجب‬
‫أن يتم بمناسبة مخالفة ارتكبها العامل أو مخالفة منسوبة إليه ‪ ،‬أى داخل إطار التأديب‬
‫‪ ،‬بحيث يكون الوقف منذ اًر بتحقيق قريب ‪ ،‬وإن لم يتخذ بمناسبة تحقيق موجود فعالً ‪،‬‬
‫هذا باإلضافة إلى أن اعمال النص بلفظه واشتراط وجود تحقيق قائم إلمكان الوقف ‪،‬‬
‫لن يقدم للعامل ضمانة إضافية مادام المشرع ال يشترط فى التحقيق المبرر للوقف‬
‫شروطاً خاصة إذ سوف يكون فى وسع اإلدارة أن تبدأ مع العامل – تحت أى صورة –‬
‫تحقيقاً تسند إليه قرار الوقف ‪.‬‬
‫وقد ذهب رأى فقهى (‪ )1‬من أنصار هذا االتجاه إلى أن االتجاه الغالب هو جواز الوقف‬
‫إذا اقتضاه الصالح العام ‪ ،‬وإن لم تستلزمه مصلحة التحقيق ثم استطرد قائالً أنه يجوز‬
‫الوقف إذا اقتضاه الصالح العام ‪ ،‬بمعنى صالح المرفق الذى ينتسب إليه العامل وال‬
‫يشترط لصحة هذا الوقف أن يكون منذ اًر بتحقيق قريب ‪ ،‬فقد يكون التحقيق قد انتهى‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد جودت الملط ‪ ،‬المسئولية التأديبية للموظف العام ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق جامعة‬
‫القاهرة ‪ ، 1967 ،‬ص ‪. 213‬‬

‫‪562‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫فعالً ‪ ،‬ومع ذلك يصح الوقف لخطورة التهم المنسوبة إلى العامل ‪ ،‬والتى ال يجوز معها‬
‫مباشرته ألعمال وظيفته احتياطيا وصوناً للوظيفة العامة ‪.‬‬
‫االتجاه الثالث‪ -:‬التفسير الوسط لمفهوم مصلحة التحقيق ‪.‬‬

‫إذا كان الرأى األول قد جعل من مصلحة التحقيق الذى يجرى مع الموظف مبر اًر وحيداً‬
‫للوقف اإلحتياطى عن العمل ‪ ،‬وكان الرأى الثانى يرى فى تحقيق المصلحة العامة ما‬
‫يكفى لتبريره حتى ولو لم يكن هناك تحقيق قائم أو وشيك ‪ ،‬فإنه يوجد ما بين اإلتجاهين‬
‫السابقين رأى وسط (‪ )1‬ذهب إلى انتقاد نص المادة ‪ 64‬من القانون رقم ‪ 46‬لسنة ‪1964‬‬
‫الخاص بالعاملين المدنيين لربطها بين الوقف اإلحتياطى وبين مصلحة التحقيق ألن‬
‫التحقيق باعتباره مناط الوقف مضيق من ناحية وموسع من ناحية أخرى ‪.‬‬
‫فأما أن التحقيق سبب مضيق ‪ ،‬ألن التقيد به وحده يحول دون وقف العامل فى حاالت‬
‫ال تقل فى ضرورتها عن مصلحة التحقيق وهى الحاالت التى تقتضى فيها مصلحة‬
‫الوظيفة ذاتها تنحية العامل عنها ‪ ،‬ال سيما إذا كانت المخالفات التى نسبت إليه تصيبه‬
‫فى صميم أمانته أو سمعته ‪ ،‬إذ فى هذه الحاالت تتأذى الوظيفة من استم ارره فيها‬
‫ملطخاً بما أحاط بها من شبهات مهنية ‪ ،‬بل وتتهدد من بقائه فيها ‪ ،‬ولو كانت مصلحة‬
‫التحقيق ذاته ال تتأثر من استمرار قيامه بعمله ‪ ،‬وال شك أن مصلحة الوظيفة ‪ ،‬وإن‬
‫كانت سبباً يختلف عن مصلحة التحقيق ‪ ،‬إال أنهما ينطويان معاً فى إطار المصلحة‬
‫العامة التى ينبغى رعايتها على نسق واحد ‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬السيد محمد إبراهيم ‪ ،‬شرح نظام العاملين المدنيين بالدولة ‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬طبعة ‪، 1966‬‬
‫ص ‪. 590‬‬

‫‪563‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وأما أن التحقيق سبب موسع ‪ ،‬فألنه يبرر فى ظاهره وقف العامل عن عمله أياً كانت‬
‫المخالفة التى يجرى معه التحقيق فيها ‪ ،‬وأياً كان حظها من الجسامة أو عدم األهمية‬

‫‪ ،‬بل أن التحقيق يمكن أن ينقلب إلى تكأة صورية تستند عليها اإلدارة إذ تستطيع دائماً‬
‫أن تباشره معه تحقيقاً تتذرع به كلما أرادت وقفه عن العمل ‪ ....‬وعالجاً للعامل المضيق‬
‫يجب أال يمتد الوقف فيتسع كما ذهب البعض لكل الحاالت التى ترتبط بها مصلحة‬
‫عامة ‪ ،‬ألن فكرة المصلحة العامة فكرة مرنة وواسعة ‪ ،‬وهى فوق ذلك فكرة واضحة تفتح‬
‫أبواب التقدير والتحكم ‪.‬‬
‫وإذا كان قد قصد بالوقف إبعاد العامل مؤقتاً عن وظيفته ‪ ،‬فإنه يتعين أن تقتضى‬
‫مصلحة الوظيفة ذاتها اتخاذ هذه اإلجراءات أو تقتضيه مصلحة التحقيق الذى يكون‬
‫فى غياب الحاالت جارياً أو على وشك أن يجرى معه ‪ ،‬وبهذا تنحصر دواعى الوقف‬
‫فى إحدى هاتين المصلحتين ‪.‬‬
‫وعالجاً للعامل الموسع يرى هذا الرأى من جانبه أن هاتين المصلحتين ال تنهضان‬
‫وبالتالى ال تبرر الوقف عن العمل إذا قام سبب جدى من شأنه المساس بالوظيفة أو‬
‫التحقيق ‪ ،‬بأن كان ما نسب إلى العامل من أمور ‪ ،‬قد بلغ حداً من الجسامة تنعكس‬
‫بآثارها السيئة على الوظيفة أو التحقيق فيها لو استمر العامل متولياً ألعمال وظيفته ‪،‬‬
‫إذ فى هذه الحالة تتحقق علة الوقف ودواعيه ‪ ،‬ويكون جائ اًز اتخاذ هذا اإلجراء " ‪.‬‬
‫ولكن السؤال ما هو موقف القضاء المصرى من مفهوم مصلحة التحقيق ؟‬
‫اتجه قضاء مجلس الدولة المصرى إلى الربط بين الوقف اإلحتياطى ومصلحة التحقيق‬
‫مؤيداً بذلك االتجاه األول والذى أعطى تفسي اًر ضيقاً لسبب الوقف اإلحتياطى ‪ ،‬والمقتصر‬
‫على مصلحة التحقيق القائم بالفعل دون أية مصلحة أخرى ‪ ،‬وقد ورد هذا المعنى فى‬
‫العديد من أحكام المحكمة اإلدارية العليا حيث قررت ‪ " :‬ومن حيث إن قضاء هذه‬

‫‪564‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫المحكمة قد جرى على أن مناط وقف العامل عن العمل احتياطياً ليس وجود تحقيق‬
‫معه فقط بل أن تنقضى مصلحة هذا التحقيق لهذا الوقف وال يكون ذلك إال إذا أُسندت‬
‫اليه مخالفات ويدعو األمر الى اإلحتياط والتحوط للعمل العام الموكل إليه بكف يده‬
‫عنه أو إقصائه بعيداً عنه ليتم التحقيق فى جو ٍّ‬
‫خال من مؤاثراته وبعيداً عن سلطاته‬
‫"(‪.)1‬‬
‫كما قضت أيضاً بأن ‪ .... " :‬ووفقاً للتنظيم الذى وضعه المشرع بالنسبة إلى الوقف عن‬
‫العمل فال يجوز أن يوقع على الموظف كعقوبة تأديبية إال بموجب حكم من المحكمة‬
‫التأديبية المختصة وال يجوز الوقف احتياطياً إال إذا كان ثمة تحقيق يجرى مع الموظف‬
‫قبل إحالته إلى المحاكمة التأديبية إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك وال يوجد في‬
‫نصوص القانون ما يسوغ لجهة اإلدارة اتخاذ هذا اإلجراء األخير لغرض آخر كمجرد‬
‫الشك فى أن الموظف فقد شرط اللياقة الطبية أو إلجباره على اإلذعان لقرار أصدرته‬
‫جهة اإلدارة كما لو أحالت موظفاً إلى الكشف الطبى وامتنع عن تمكين الجهة الطبية‬
‫المختصة من فحصه‪ ،‬وإنما يجب أن تلتزم جهة اإلدارة الوسيلة التى نص عليها القانون‬
‫والغرض الذى شرعت من أجله‪ ،‬وما دام المشرع قد أجاز الوقف االحتياطى في أحوال‬
‫معينة محددة على سبيل الحصر فال يجوز لجهة اإلدارة أن تلجأ إلى هذه الوسيلة في‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 8‬من مارس سنة ‪2007‬م ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 6032‬لسنة ‪45‬‬
‫قضائية‪ .‬عليا ‪ ،‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة‬
‫اإلدارية العليا السنة الثانية والخمسون ‪ -‬من أول أكتوبر سنة ‪ 2006‬إلى آخر سبتمبر سنة ‪، 2007‬‬
‫ص ‪. 514‬‬

‫‪565‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫غير ما شرعت له وإال كان ذلك خروجاً على حدود التنظيم الذي رسمه المشرع وإهدا اًر‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫للحكمة التى استهدفها من تخصيصه لكل حالة اإلجراء الذي يناسبها"‬

‫كما قضت أيضاً بأن ‪" :‬ومن حيث أن وقف الموظف عن العمل احتياطياً‪،‬ال يسوغ وفقاً‬
‫لحكم المادة ‪ 95‬من القانون رقم ‪ 210‬لسنة ‪ 1961‬فى شأن نظام موظفى الدولة‪ ،‬إال‬
‫إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحة التحقيق هذا اإليقاف ولما كان قرار‬
‫إيقاف المدعى عن عمله فى ‪ 3‬من أكتوبر سنة ‪ 1961‬قد صدر بعد انتهاء التحقيق‬
‫االدارى الذى باشرته النيابة االدارية فى القضية رقم ‪ 2 /250‬لسنة ‪1955‬وبعد انتهاء‬
‫التحقيق الذى أجرته النيابة العامة فى الجناية رقم ‪ 2573‬لسنة ‪ 1955‬قسم ثان بور‬
‫سعيد آنفة الذكر وصدر الحكم الجنائى النهائى فى ‪ 11‬من نوفمبر سنة ‪ 1957‬فى‬
‫االتهام الذى أوقف المدعى بسببه‪ ،‬فان قرار الوقف والحال كذلك يكون قد تم على غير‬
‫ما يقضى به القانون‪ ،‬حيث لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى تقتضى مصلحته هذا‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫اإليقاف "‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 21‬من يناير سنة ‪ ، 1967‬القضايا رقم ‪ 273‬لسنة ‪12‬‬
‫القضائية ورقم ‪ 510‬لسنة ‪ 9‬القضائية ورقم ‪ 800‬لسنة ‪ 11‬القضائية ‪ ،‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفني‬
‫‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الثانية عشرة ‪ -‬العدد األول‬
‫(من أول أكتوبر سنة ‪ 1966‬إلى منتصف فبراير سنة ‪ - )1967‬ص ‪. 562‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 17‬من يناير سنة ‪ ، 1970‬القضية رقم ‪ 925‬لسنة ‪13‬‬
‫القضائية ‪ ،‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة اإلدارية‬
‫العليا السنة الخامسة عشرة ‪ -‬العدد األول (من أول اكتوبر سنة ‪ 1969‬إلى منتصف فبراير سنة‬
‫‪ ، )1970‬ص ‪. 158‬‬

‫‪566‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫رأى الباحث فى مفهوم مصلحة التحقيق والترجيح بين اإلتجاهات الثالث‪:‬‬
‫ومن جانبنا نرى أنه – بال شك – وفقاً لصريح نص المادة ‪ 63‬من قانون الخدمة المدنية‬
‫رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬فى فقرتها األولى على أنه ‪ " :‬لكل من السلطة المختصة ورئيس‬
‫هيئة النيابة اإلدارية بحسب األحوال أن يوقف الموظف عن عمله إحتياطياً إذا اقتضت‬
‫مصلحة التحقيق معه ذلك ‪ " ...‬والنصوص المشابهة لها فى قانون التوظف األخرى ‪،‬‬
‫ومن ثم يجب أن يكون الوقف االحتياطى بصدد تحقيق يجرى مع الموظف ‪ ،‬وأنه ال‬
‫مسوغ لالجتهاد مع صريح النص ‪.‬‬
‫ومن ثم ينضم الباحث لالتجاه األول فى التفسير المضيق لمفهوم مصلحة التحقيق فى‬
‫ضوء نصوص القانون الحالية ‪.‬‬
‫غير أن هذا النص منتقد من ناحيتين ‪:‬‬
‫أوالً ‪ -:‬يجب أن يكون الوقف مرتكناً إلى سبب مشروع سواء مصلحة التحقيق أو مصلحة‬
‫المرفق الذى يعمل فيه ‪.‬‬
‫بمعنى أن المحقق يرى أثناء التحقيق أن وقف الموظف أمر ضرورى لسالمة التحقيق‬
‫ويدعو األمر الى اإلحتياط والتحوط للعمل العام الموكل إليه بكف يده عنه أو إقصائه‬
‫بعيداً عنه ليتم التحقيق فى جو ٍّ‬
‫خال من مؤاثراته وبعيداً عن سلطاته ‪.‬‬
‫أو أن المحقق ذاته يرى أنه مصلحة التحقيق ال تستدعى وقف الموظف ولكن مصلحة‬
‫المرفق ذاته تقتضى إبعاد الموظف ووقفه عن العمل ‪ ،‬حتى يتم التيقن من مسئوليته أو‬
‫عدم مسئوليته ‪.‬‬
‫غير أن الباحث ال يتفق مع الرأى القائل بجواز وقف العامل إذا وجدت أسباب تجعل‬
‫من المصلحة وقفه دون أن يكون محل تحقيق قائم فعالً ‪.‬‬

‫‪567‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وذلك ألن الوقف فى األساس هو أحد الجزاءات التأديبية ‪ ،‬وتطبيق هذا الرأى يعنى أننا‬
‫اء تأديبياً هو الوقف بغير تحقيق وهو ما ال يجوز ‪.‬‬
‫سنطبق جز ً‬
‫كما أن السلطة الرئاسية لديها من اآلليات األخرى التى تستطيع به أن تبعد الموظف‬
‫عن عمله الحالى كالنقل إلى عمل آخر أو مكان آخر ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ -:‬يجب أن الوقف قائماً على سبب جدى من شأنه المساس بسالمة التحقيق أو‬
‫مصلحة المرفق ‪ .‬ذلك ألن وقف الموظف عن عمله ليس باإلجراء الذى يستهان به ‪،‬‬
‫سواء فى حياة العامل العادية أو الوظيفية ‪.‬‬
‫وفى فرنسا ‪ ،‬اتفقت قوانين التوظف المتعاقبة ‪ 19 :‬أكتوبر ‪ 4 ، 1946‬فبراير ‪1959‬‬
‫‪ 13 ،‬يوليو ‪ 1983‬على اشتراط الخطأ الجسيم كسبب لوقف الموظف احتياطياً عن‬
‫العمل ‪.‬‬
‫وقد اعتبر مجلس الدولة الفرنسى من قبل الخطأ الجسيم ‪:‬‬
‫‪ -‬رفض الموظف استالم وظيفته الجديدة ‪.‬‬
‫‪ -‬أفعال التمرد والعصيان من قبل الموظف العام ‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام الموظف لطرق احتيالية ‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أنه قد اتجهت أحكام المحكمة اإلدارية العليا إلى إعمال هذه السلطة‬
‫(الوقف اإلحتياطى ) ليس وقفاً على التحقيق الذى تباشره السلطة اإلدارية فى شأن تلك‬
‫المخالفات إنما يمتد إلى ما يجرى فى المجال الجنائى من تحقيق حول ذات المخالفة‬
‫إذا ما خالطتها شبهة الجريمة الجنائية وذلك التحاد العلة من الوقف فى الحالتين وفى‬
‫هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأنه ‪ " :‬ومن حيث إنه عن الوجه الثالث‬
‫واألخير من أوجه الطعن والذى يقوم استناداً إلى أن المحكمة التأديبية قيدت نص المادة‬
‫‪ 86‬من القانون رقم ‪ 48‬لسنة ‪ 1978‬دون مبرر فإنه باستعراض أحكام القانون رقم ‪48‬‬

‫‪568‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫لسنة ‪ 1978‬بنظام العاملين بالقطاع العام يتبين أن المادة ‪ 86‬من هذا القانون تنص‬
‫على أنه " لرئيس مجلس اإلدارة بقرار مسبب حفظ التحقيق وله أن يوقف العامل عن‬
‫عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة ال تزيد عن ثالثة أشهر وال‬
‫يجوز مد هذه المدة إال بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التى تحددها ويترتب‬
‫على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف األجر ابتداء من تاريخ الوقف"‪.‬‬
‫المستفاد بجالء من هذا النص طبقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة اإلدارية العليا أن‬
‫الشارع خول رئيس مجلس إدارة الشركة سلطة وقف العامل احتياطياَ عن عمله لمدة ال‬
‫تتجاوز ثالثة أشهر وذلك إذا ما رأى أن صالح التحقيق حول ما نسب إليه من مخالفات‬
‫يتطلب اتخاذ هذا اإلجراء وغنى عن البيان أن إعمال هذه السلطة ليس وقفاً على التحقيق‬
‫الذى تباشره السلطة اإلدارية فى شأن تلك المخالفات إنما يمتد إلى ما يجرى فى المجال‬
‫الجنائى من تحقيق حول ذات المخالفة إذا ما خالطتها شبهة الجريمة الجنائية وذلك‬
‫التحاد العلة من الوقف فى الحالتين وهي كفالة سير التحقيق إلى غايته‪ ،‬في جو خال‬
‫من المؤثرات وحمايته من أن تعصف به األهواء أو يميل به إلى غير ما قصده من‬
‫كشف الحقيقة ‪.‬‬
‫ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وإذ كان الثابت من االطالع على أوراق التحقيق‬
‫اإلدارى رقم ‪ 1293‬لسنة ‪ 1984‬فى الطعن الماثل أنه قد نسب إلى المطعون ضده‬
‫وآخرين تهمة التالعب فى حصة السكر البالغ وزنها ‪ 2‬طن والخاصة بمعرض الشركة‬
‫الطاعنة الكائن فى المدينة الجامعية باإلسكندرية يوم ‪ 1984 /12 /2‬ومن ثم فإن‬
‫التهمة المنسوبة إلى المطعون ضده وزمالئه تكون قد خالطتها شبهة الجريمة العامة‬
‫وهى جريمة االستيالء على حصة السكر المدعوم واالتجار والتصرف بها فى السوق‬
‫السوداء األمر الذى من أجله أبلغت الشركة نيابة أمن الدولة لتجرى شئونها فيها ومتى‬

‫‪569‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫كان األمر ما تقدم فال مراء فى أن وقف المطعون ضده وزمالئه عن العمل فى ضوء‬
‫هذه االعتبارات وبمراعاة أن ثمة تحقيقاً ستجريه النيابة العامة فى شأن ما نسب إليه من‬

‫مخالفات انطوت على شبهة الجريمة العامة يكون قد قام على دواعيه مما يجعله سليماً‬
‫من الناحية القانونية"(‪.)1‬‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكم آخر لها بأن ‪ " :‬ومن حيث إن المصلحة‬
‫قد عرضت موضوع طلبها الخاص باستمرار وقف المدعى على مجلس التأديب الخاص‬
‫بمصلحة السكك الحديدية وتليفونات وتلغرافات الحكومة ‪ ،‬وأن مجلس التأديب المذكور‬
‫قرر عدم اختصاصه بنظر االتهام؛ ألن المدعى ليس موظفاً بمصلحة السكة الحديد‪،‬‬
‫وأمرت بإحالته إلى الجهة التأديبية المختصة لنظرها أمام المجلس المختص‪ ،‬نظ اًر لفصل‬
‫مصلحة التلغرافات والتليفونات عن مصلحة السكة الحديد‪ ،‬وقد تم عرض أمر استمرار‬
‫وقفه على مجلس تأديب مصلحة التليفونات فقرر"استمرار وقف كل من ‪...... ،.....‬‬
‫‪ -‬المدعي ‪ -‬وقفاً موقوتاً بانتهاء التحقيق المشار إليه‪ ،‬كما قرر المجلس استمرار وقف‬
‫صرف مرتب كل منهما"‪ .‬وجاء فى أسباب هذا القرار أن الثابت من األوراق أن المنسوب‬
‫إلى كل من هذين الموظفين هو االستيالء على مبالغ من قيمة المكالمات الزائدة‬
‫بتليفونات اإلسكندرية نتيجة تزويرهما فى فواتير المشتركين‪ ،‬وأن التحقيق عن هذه الوقائع‬

‫المنسوبة إليهما ال يزال مستم اًر بالنيابة المختصة‪ ،‬وأن األول منهما ال يزال محبوساً‬
‫حبساً احتياطياً على ذمة هذه القضية‪ ،‬وأن مجلس التأديب يرى لذلك "أن مصلحة‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 19‬من يونيه سنة ‪ ،1990‬الطعن رقم ‪ 3374‬لسنة ‪33‬‬
‫القضائية ‪ ،‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة اإلدارية‬
‫العليا السنة الخامسة والثالثون ‪ -‬العدد الثانى ‪( -‬من أول مارس سنة ‪ 1990‬إلى آخر سبتمبر‬
‫‪ ، )1990‬ص ‪.1978‬‬

‫‪570‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫التحقيق مع الموظفين المذكورين في هذه القضية تقضى باستمرار وقف كل منهما"‪.‬‬
‫وواضح من ذلك أن المقصود من هذا القرار ‪ -‬بحسب فحواه على هدى أسبابه ‪ -‬هو‬
‫استمرار وقف المدعى حتى يفصل فيما هو منسوب إليه من اختالس وتزوير‪ ،‬وهى تهم‬
‫لو صحت النطوت على مخالفات إدارية فضالً عن اقتراف جرائم‪ ،‬فالمقصود من القرار‪،‬‬
‫والحالة هذه‪ ،‬هو استمرار الوقف حتى ينحسم هذا الموقف المعلق‪ ،‬وهو ال ينحسم إال‬
‫بعد إتمام التحقيق الذى تتواله النيابة العامة‪ ،‬ثم الفصل فى التهم بعد ذلك بوساطة جهات‬
‫القضاء المختصة‪ ،‬وهذه هو التأويل الذي يتسق مع طبائع األشياء ومع الحكمة التشريعية‬
‫التي قامت عليها النصوص الخاصة بوقف الموظف ووقف مرتبه خالل هذا الموقف‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫المعلق "‬

‫ويرى الباحث‪-:‬‬
‫نرى من وجهة نظرنا أن الوقف اإلحتياطى لمصلحة التحقيق ينحصر على مصلحة‬
‫التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية أو النيابة اإلدارية وليس يعمم على التحقيق الذى‬
‫تجريه النيابة العامة لجرائم جنائية قارفها الموظف العام ‪ ،‬فالوقف لمصلحة التحقيق‬
‫يجب أن يكون بموجب نص قانونى والشك أن النصوص التى نظمت الوقف لمصلحة‬
‫التحقيق فى قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬وغيرها من النصوص التأديبية‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 14‬من يونيه سنة ‪ ، 1958‬القضية رقم ‪ 692‬لسنة ‪3‬‬
‫القضائية ‪ ،‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة اإلدارية‬
‫العليا ‪،‬السنة الثالثة ‪ -‬العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة ‪ - )1958‬ص ‪.1422‬‬

‫‪571‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫إنما قصدت فقط التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية أو التحقيق الذى تجريه النيابة‬
‫اإلدارية فقط ‪.‬‬
‫أما الوقف لمصلحة التحقيق الجنائى يجب أن يكون بموجب نصوص قانونية تنظم ذلك‬
‫‪ ،‬ال سيما أن النيابة العامة لديها من الوسائل األخرى التى تستطيع به إبعاد الموظف‬
‫عن العمل إذا كان األمر يستحق ذلك كالحبس اإلحتياطى على سبيل المثال ‪.‬‬
‫د‪ -‬آثار الوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق ‪.‬‬
‫ال يترتب على وقف الموظف عن عمله فصم رابطته الوظيفية أو إنهاء وظيفته ‪ ،‬إال‬
‫أنه بالرغم من ذلك يترتب على الوقف عدة آثار نتناولها على النحو التالى ‪:‬‬
‫األثر األول ‪ -:‬اإلسقاط المؤقت لوالية العامل الوظيفية ‪.‬‬
‫الوقف اإلحتياطى يترتب عليه إسقاط والية الوظيفة إسقاطاً مؤقتاً عن الموظف فال يتولى‬
‫خالله سلطة وال يباشر لوظيفته عمالً ‪ ،‬ذلك أن الموظف قد تسند إليه تهم وتوجه إليه‬
‫مآخذ ‪ ،‬فيقتضى األمر إقصاءه عن وظيفته ليجرى التحقيق فيها توصالً للحقيقة وانبالجها‬
‫فى جو خال من مؤثراته ‪ ،‬أو بعيداً عن سلطاته ‪.‬‬
‫فالوقف اإلحتياطى على هذا النحو هو حالة قانونية ‪ ،‬تتوقف فيها مباشرة أعمال الوظيفة‬
‫ألن العامل يفقد واليته على تلك األعمال ‪ ،‬بخالف االنقطاع للمرض أو لألجازة السنوية‬
‫مثالً ‪ ،‬إذ تستمر خالل تلك الفترة والية الموظف القانونية على وظيفته ‪ ،‬فليس من شأن‬
‫االنقطاع لهذا السبب أن يؤثر فى صفة العامل الوظيفية ‪ ،‬وفى صلته بعمله إذا لم‬
‫يصدر من الجهة التابع لها إجراء قانونى بتجريده من هذه الوالية ‪ ،‬كما لم يرتب القانون‬
‫على االنقطاع هذا األثر ‪ ،‬فالموظف يستطيع خاللها فى أى وقت ‪ ،‬أن يقوم باألعمال‬

‫‪572‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫التى تدخل فى اختصاصه ‪ ،‬بعكس الموظف الموقوف ‪ ،‬فإنه محروم من ذلك ما دام‬
‫موقوفاً (‪.)1‬‬
‫وإذا باشر الموظف رغم وقفه عمالً من أعمال وظيفته ‪ ،‬اعتبر هذا العمل منعدماً لصدوره‬
‫من شخص ال والية له أصالً فى القيام به ‪ ،‬حتى ولو استصدر بعد ذلك حكماً بإلغاء‬
‫قرار الوقف ‪ ،‬ألن األصل فى التصرفات اإلدارية أن تقدر صحتها فى تاريخ صدورها‬
‫دون نظر إلى االعتبارات الالحقة ‪ ،‬وذلك ما لم تصحح تصرفات العامل الموقوف‬
‫نظرية الموظف الفعلى ‪ ،‬إذا ما توافرت شروطها (‪.)2‬‬
‫ولكن فيما عدا إعفاء الموظف مؤقتاً من االضطالع بأعباء وظيفته ‪ ،‬فإن الموظف‬
‫الموقوف يظل ملتزماً بواجبات الوظيفة األخرى ‪ ،‬وال يجوز له اإلخالل بها وإال تعرض‬
‫للمسئولية التأديبية (‪.)3‬‬
‫ابتداء من تاريخ الوقف ‪.‬‬
‫ً‬ ‫األثر الثانى‪ -:‬وقف صرف نصف أجره‬
‫وفقاً لما نصت عليه المادة (‪ )63‬من قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬يترتب‬
‫ابتداء من تاريخ الوقف ‪.‬‬
‫ً‬ ‫على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره‬
‫فور على المحكمة التأديبية المختصة لتقرير صرف أو عدم صرف‬
‫ويجب عرض األمر ًا‬
‫المتبقى من أجره‪ ،‬فإذا لم يعرض األمر عليها خالل عشرة أيام من تاريخ الوقف وجب‬
‫صرف كامل أجره حتى تقرر المحكمة ما ُيتبع فى شأنه ‪.‬‬

‫(‪ )1‬المستشار الدكتور‪ /‬مغاورى محمد شاهين ‪ ،‬المساءلة التأديبية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 294‬وما‬
‫بعدها ‪.‬‬
‫(‪ )2‬د ‪ .‬عبدالفتاح حسن ‪ ،‬التأديب فى الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 164‬‬
‫(‪ )3‬د ‪ .‬محمود أبو السعود حبيب ‪ ،‬قضاء التأديب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 273‬‬

‫‪573‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫يوما من تاريخ رفع األمر إليها‪،‬‬
‫وعلى المحكمة التأديبية أن تُصدر قرارها خالل عشرين ً‬
‫فإذا لم تصدر المحكمة قرارها فى خالل هذه المدة يصرف األجر كامالً‪.‬‬
‫فإذا برئ الموظف أو حفظ التحقيق معه أو ُجوزى بجزاء اإلنذار أو الخصم من األجر‬
‫لمدة ال تجاوز خمسة أيام صرف إليه ما يكون قد أوقف صرفه من أجره‪ ،‬وإذا ُجوزى‬
‫بجزاء أشد تقرر السلطة التى وقعت الجزاء ما ُيتبع فى شأن األجر الموقوف صرفه‪،‬‬
‫فإن ُجوزى بجزاء الفصل انتهت خدمته من تاريخ وقفه وال يجوز أن يسترد منه فى هذه‬
‫الحالة ما سبق أن صرف له من أجر‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫قصر المدة الواجب فيها عرض األمر على المحكمة التأديبية‬ ‫وينتقد جانب من الفقه‬
‫وهى عشرة أيام حيث أشار إلى أن الوقف قد يصدر لصالح الوظيفة ‪ ،‬وقبل أن يستكمل‬
‫التحقيق مقوماته فإن احتمال صرف المرتب كله للموظف الموقوف كبير ‪ ،‬وذلك ألن‬
‫اإلدارة لن تستطيع عرض قرار الوقف عن العمل على المحكمة التأديبية بدون أسباب‬
‫تستمدها من تحقيق ‪ ،‬وقد يستغرق هذا التحقيق وقتاً أطول من األيام العشرة المقررة فى‬
‫المادة ‪ ،‬وهنا يصطدم منطق الضمان مع مقتضيات الفاعلية ‪ ،‬ألن الوقف المؤقت سوف‬
‫ينتهى إلى أجازة إجبارية بمرتب على خالف القاعدة األصولية التى تقضى بأن األجر‬
‫مقابل العمل ‪.‬‬
‫والواقع أن المشرع قد راعى فى تحديد المدة السابقة ‪ ،‬ظروف الموظف الموقوف ‪ .‬إذ‬
‫يعتبر الراتب الشهرى فى أغلب الحاالت هو المصدر الرئيسى إن لم يكن الوحيد للموظف‬
‫‪ ،‬وليس من المصلحة أن يظل موقفه معلقاً لفترة طويلة من الوقت السيما وأن وقف‬

‫(‪ )1‬د ‪ .‬سليمان محمد الطماوى ‪ ،‬قضاء التأديب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 341‬‬

‫‪574‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫صرف نصف المرتب سوف تنعكس آثاره ولو بطريق غير مباشر على أسرة الموظف‬
‫ومن يعولهم (‪.)1‬‬
‫والمالحظ أنه إذا جوزى الموظف الموقوف بالفصل فإن خدمته تنتهى من تاريخ وقفه ‪،‬‬
‫وطالما أن الموظف لم يعمل أثناء الوقف فمن الواجب استرداد ما صرف له خالل مدة‬
‫إيقافه تطبيقاً لقاعة األجر مقابل العمل ‪ ،‬إال أن المشرع العتبارات إنسانية خرج على‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫هذه القاعدة مقر اًر عدم جواز استرداد ما سبق أن صرف له من أجر‬
‫وفى فرنسا كان قانون ‪ 1959‬يقرر سلطة اإلدارة فى تقرير صرف المرتب الكامل‬
‫للموظف الموقوف عن العمل أو صرف جزء من مرتبه بشرط أال يتجاوز الخصم نصف‬
‫المرتب ‪ ،‬مع تقاضى الموظف لعالوته العائلية ‪.‬‬
‫أما القانون الحالى الصادر فى ‪ 13‬يوليو ‪ 1983‬فتنص المادة (‪ )30‬منه على أن "‬
‫يحتفظ الموظف الموقوف بمرتبه الكامل وبدل السكن والعالوة العائلية واإلعانات العائلية‬
‫اإللزامية " ‪.‬‬
‫‪"Le fonctionnaire suspendu conserve son traitement, l'indemnité‬‬
‫‪de‬‬ ‫‪résidence,‬‬ ‫‪le‬‬ ‫‪supplément‬‬ ‫‪familial‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪traitement‬‬ ‫‪et‬‬
‫‪lesprestations familiales obligatoires. Sa situation doit être‬‬
‫‪définitivement réglée dans le délai de quatre mois".‬‬

‫ويرى الباحث ‪:‬‬

‫(‪ )1‬د ‪ .‬محمود أبو السعود حبيب ‪ ،‬قضاء التأديب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 275‬‬
‫( ) د ‪ .‬رمضان محمد بطيخ ‪ ،‬المسئولية التأديبية لعمال الحكومة والقطاع العام وقطاع األعمال فقهاً‬
‫‪2‬‬

‫وقضاء ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1999‬ص ‪. 236‬‬


‫ً‬

‫‪575‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬

‫فى الواقع إن الباحث ينتقد نص المادة (‪ )63‬من قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫ابتداء من تاريخ الوقف ‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ 2016‬فى تقريرها وقف صرف نصف أجره‬
‫حيث أن الموظف مازال فى طور التحقيق ورغم أنه تحوم حوله الشبهات والمخالفات‬
‫إال أنها فى ذات الوقت لم تتأكد بعد والزال الموظف برىء اليد ‪ ،‬ومن ثم فإن وقف‬
‫نصف أجر الموظف يكون بمثابة جزاء للموظف رغم أنه ما زال محل شبهة ولم تتحدد‬
‫مسئوليته أو عدم مسئوليته ‪ ،‬وال ذنب له فى ذلك ‪ ،‬ومن ثم فإن حرمانه بل وحرمان‬
‫أسرته من صرف نصف أجره ‪ ،‬يعتبر بمثابه جزاء له قبل التحقيق ‪ ،‬وإذا ما أرادت جهة‬
‫اإلدارة وقف الموظف لمصلحة التحقيق للمحافظة على الدليل أو لغيره فيجب أن تتحمل‬
‫هى ذلك وليس الموظف ‪ ،‬وبعد التحقيق معه وإثبات مسئوليته يجازى بالجزاء المناسب‪.‬‬
‫األثر الثالث‪ -:‬عدم جواز ترقية الموظف الموقوف عن العمل ‪.‬‬
‫القانون المصرى ال يجيز ترقية الموظف الموقوف عن العمل أو المحال للمحاكمة‬
‫التأديبية أوالجنائية ‪ ،‬حيث تنص المادة المادة (‪ )65‬من قانون الخدمة المدنية رقم ‪81‬‬
‫المحال إلى المحاكمة التأديبية أو‬
‫لسنة ‪ 2016‬على أنه ‪ " :‬ال تجوز ترقية الموظف ُ‬
‫الجنائية أو الموقوف عن العمل مدة اإلحالة أو الوقف‪ ،‬وفى هذه الحالة تحجز وظيفة‬
‫للموظف ‪.‬‬

‫وإذا ُبرئ الموظف ُ‬


‫المحال أو قضى بحكم نهائى بمعاقبته باإلنذار أو الخصم من األجر‬
‫اعتبار من التاريخ الذى كانت ستتم فيه الترقية‬
‫ًا‬ ‫لمدة ال تزيد على عشرة أيام وجب ترقيته‬
‫ويمنح أجر الوظيفة المرقى إليها من هذا التاريخ ‪.‬‬
‫لو لم ُيحل إلى المحاكمة‪ُ ،‬‬
‫وفي جميع األحوال ال يجوز تأخير ترقية الموظف لمدة تزيد على سنتين‪.‬‬

‫‪576‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫فالترقية تحمل فى طياتها معنى التكريم ‪ ،‬والثقة فى الموظف المرقى وال يتفق مع هذا‬
‫المعنى إحالة الموظف إللى المحاكمة الجنائية أو التأديبية ‪ ،‬أو قفه عن العمل ‪ ،‬ألن‬
‫هذه األوضاع الثالثة تلقى بظالل من الريبة والشك على سمعة الموظف ومقدرته ‪،‬‬
‫اء احتياطياً ‪ ،‬يحجب الموظف عن الترقية ‪ ،‬مع مواجهة‬ ‫ولهذا فإن المشرع اتخذ إجر ً‬
‫احتمال براءته مما نسب إليه فالمنع من الترقية ليس بعقوبة تأديبية ‪ ،‬ولكنه إجراء وقائى‬
‫مؤقت يتقرر مصيره فى ضوء ما تسفر عنه محاكمة الموظف جنائياً أو تأديبياً (‪.)1‬‬
‫والمالحظ أنه فى فرنسا ال يحرم الموظف الموقوف عن العمل من الترقية ‪ ،‬حيث يجوز‬
‫ترقيته ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الوقف بقوة القانون نتيجة لتنفيذ حكم جنائى أو للحبس االحتياطى ‪.‬‬
‫نصت المادة (‪ )1/64‬من قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬على أنه ‪ " :‬كل‬
‫احتياطيا أو تنفي ًذا لحكم جنائى ُيوقف عن عمله بقوة القانون مدة حبسه‪،‬‬
‫ً‬ ‫موظف ُيحبس‬
‫احتياطيا أو تنفي ًذا لحكم جنائى غير نهائى‪،‬‬
‫ً‬ ‫ويحرم من نصف أجره إذا كان الحبس‬
‫ويحرم من كامل أجره إذا كان الحبس تنفي ًذا لحكم جنائى نهائى " ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ويرى جانب من الفقه أن هذا الوقف يتم بمجرد تحقق سببه الذى حدده القانون دون‬
‫حاجة إلى قرار إدارى (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬د ‪ .‬سليمان محمد الطماوى ‪ ،‬قضاء التأديب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 344‬‬
‫(‪ )2‬اللواء دكتور ‪ /‬محمد ماجد ياقوت ‪ ،‬شرح القانون التأديبى للوظيفة العامة ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫‪ ،‬طبعة ‪ ، 2009‬ص ‪. 1035‬‬

‫‪577‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫نرى أن األمر يستدعى إصدار اإلدارة لقرار إدارى بالوقف عن العمل غاية األمر أن‬
‫سلطة اإلدارة تكون مقيدة تماماً ‪ ،‬ويكون هذا القرار موضحاً فيه الحرمان من نصف‬
‫احتياطيا أو تنفي ًذا لحكم جنائى غير نهائى‪ ،‬أو الحرمان من كامل‬
‫ً‬ ‫أجره إذا كان الحبس‬
‫أجره إذا كان الحبس تنفي ًذا لحكم جنائى نهائى ‪ ،‬حتى يتسنى تنفيذ اآلثار المالية للوقف‬
‫من اإلدارات المختصة بذلك ‪.‬‬
‫والسؤال الذى يثور هل فى وسع اإلدارة أن تصدر ق ار اًر بوقف الموظف إحتياطياً إذا‬
‫كان موقوفاً عن عمله بقوة القانون ؟‬
‫أجابت عن ذلك المحكمة اإلدارية العليا بقولها " إن مؤدى كل من الوقف االحتياطى‬
‫والوقف بقوة القانون ‪ ،‬هو إسقاط الوالية عن العامل ‪ ،‬إال أن لكل من الوقفين سنده‬
‫القانونى وشروطه ودواعيه فالوقف االحتياطى يصدره الرئيس اإلدارى فى دائرة‬
‫إختصاصه إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك ‪ ،‬بينما يقع الوقف بقوة القانون ‪ ،‬إذا ما‬
‫حبس العامل إحتياطياً أو نفذ الحكم الجنائى ‪ ،‬ويظل العامل موقوفاً إلى أن يزول سبب‬
‫الوقف باإلفراج عن العامل ‪ ،‬وأنه وإن كان وقوع الوقف بقوة القانون قد يغنى عن صدور‬
‫قرار بتقرير الوقف اإلحتياطى ‪ ،‬طالما كان الوقف بقوة القانون قائماً ‪ ،‬فإنه قد يكون‬
‫لدى اإلدارة من اإلعتبارات ما يحملها على تقرير استمرار وقف العامل بعد اإلفراج عنه‬
‫فتصدر ق ار اًر بالوقف اإلحتياطى ‪ ،‬معلقة نفاذ أثره على إنهاء الوقف بقوة القانون ‪ ،‬ومن‬
‫ثم فإن قرار الوقف اإلحتياطى الذى صدر إبان قيام الوقف بقوة القانون ‪ ،‬يحمل على‬

‫‪578‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫أنه قرار شرطى معلق على إنهاء الحبس اإلحتياطى ‪ ،‬بحيث ينفذ أثره إذا ما زال الوقف‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫المترتب بقوة القانون "‬
‫‪ -3‬الوقف للمصلحة العامة بناء على طلب الرقابة اإلدارية ‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 6‬من القانون ‪ 54‬لسنة ‪ 1964‬بشأن إعادة تنظيم الرقابة اإلدارية المعدل‬
‫بالقانون ‪ 207‬لسنة ‪2017‬على أنه ‪ " :‬يكون لهيئة الرقابة اإلدارية فى سبيل مباشرة‬
‫اختصاصاتها حق طلب أو االطالع أو التحفظ على أية ملفات أو بيانات أو أوراق أو‬
‫الحصول على صورة منها‪ ،‬وذلك من الجهة الموجودة فيها هذه الملفات أو البيانات أو‬
‫األوراق بما فى ذلك الجهات التى تعتبر البيانات التى تتداولها سرية‪ ،‬وكذلك استدعاء‬
‫من ترى سماع أقوالهم‪.‬‬
‫كما يجوز لها أن تطلب وقف العامل عن أعمال وظيفته أو إبعاده مؤقتاً عنها إذا اقتضت‬
‫المصلحة العامة ذلك ويصدر قرار اإليقاف أو اإلبعاد المؤقت من رئيس مجلس الوزراء‬
‫"‪.‬‬
‫والوقف فى هذه الحالة ليس متروكاً لتقدير الجهة اإلدارية التى يتبعها العامل ‪ ،‬إذ يتم‬
‫الوقف هنا بقرار من رئيس مجلس الوزراء ‪ ،‬وذلك على خالف الوقف الذى يتم بناء‬
‫على طلب النيابة اإلدارية ‪ ،‬وهذا الوقف ال يتقيد بمدة معينة حيث لم يقيده المشرع بأجل‬
‫معين ‪ ،‬ومن ثم فهو يخضع لتقدير مصدر القرار ‪ ،‬حسبما يراه محققاً المصلحة العامة‬
‫التى تطلبته ‪ ،‬وال يخضع هذا الوقف فيما يتعلق بمدته لألحكام العامة فى الوقف‬
‫اإلحتياطى لصالح التحقيق ‪ ،‬من وجوب اللجوء لمده من المحكمة التأديبية ‪ ،‬لما قد‬
‫يكون هناك من االعتبارات المتصلة بالمصلحة العامة ‪ ،‬والتى تنأى عن األوراق ‪ ،‬بما‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1968/2/17‬الطعن رقم ‪151‬لسنة ‪13‬ق ‪ .‬عليا ‪.‬‬

‫‪579‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ال يمكن معه أن تكون محالً لالعتبار ‪ ،‬لدى الجهة التى تراقب الوقف وتقرر استم ارره‬
‫‪ ،‬وترتيباً على ذلك يتعين تقرير استحقاق العامل لمرتبه باعتبار أن وقف العامل فى‬
‫هذه الحالة هو أمر خارج عن إرادته وإن اقتضته مصلحة عامة ‪ ،‬ومن ثم فال يجوز‬
‫حرمان العامل من مرتبه كله أو بعضه حتى وقف صرف جزء منه ‪ ،‬لعدم وجود نص‬
‫فى هذا الخصوص (‪.)1‬‬
‫‪ -: 4‬الوقف كأحد الجزاءات التأديبية ‪.‬‬
‫والوقف هنا عقوبة تأديبية وهو يختلف عن الوقف الذى يجرى لمصلحة التحقيق أو‬
‫الوقف الذى يتم بقوة القانون لحبس الموظف إحتياطياً أو تنفيذاً لحكم جنائى ‪.‬‬
‫وقد نص قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬على جزاء الوقف عن العمل لمدة‬
‫ال تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف األجر الكامل ‪.‬‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫فى الحقيقة إننا نعترض على تقرير الوقف كعقوبة تأديبية ‪ ،‬فنحن هنا نعاقب المرفق‬
‫الذى قد يتعطل أو يتأثر نتيجة لعدم اإلستفادة من من هذا الموظف طوال مدة الوقف‪.‬‬
‫بل فى نظر بعض الموظفين الكسالى الذى ال يطمحون إلى الترقى فى الوظيفة ‪ ،‬يعد‬
‫الوقف مع صرف نصف األجر لهم بمثابة مكافأة لهم ‪ ،‬بعدم العمل مع صرف نصف‬
‫األجر ‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬نعيم عطية ‪ ،‬موانع الترقية ‪ ،‬بحث منشور بمجلة إدارة قضايا الحكومة ‪ ،‬س ‪ ، 15‬عدد ‪3‬‬
‫سبتمبر عام ‪ ، 1971‬ص ‪. 616‬‬

‫‪580‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫فلو فرض أن هناك منشأة خاصة وأخطأ أحد الموظفين هل سيقوم صاحب العمل فى‬
‫سبيل معاقبته بوقفه عن العمل وإجالسه فى بيته ويقوم بصرف نصف أجرة ‪ ،‬بالطبع‬
‫هذا ال يعقل ‪.‬‬
‫ونهيب بالمشرع المصرى أن يقوم بإلغاء هذا الجزاء من قانون الخدمة المدنية رقم ‪81‬‬
‫لسنة ‪ 2016‬وفى قوانين التوظف عامة ‪.‬‬
‫ولذلك نجد أن الجزاءات التى أوردها قانون العمل المصرى رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 2003‬لم‬
‫يكن من بينها جزاء الوقف مع صرف نصف األجر ‪.‬‬
‫حيث المادة (‪ )60‬من هذا القانون على أنه ‪ " :‬الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها‬
‫على العامل وفقاً للوائح تنظيم العمل والجزاءات التأديبية فى كل منشأة هى‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلنذار‪.‬‬
‫‪ -2‬الخصم من األجر‪.‬‬
‫‪ -3‬تأجيل موعد استحقاق العالوة السنوية لمدة ال تجاوز ثالثة أشهر‪.‬‬
‫‪ -4‬الحرمان من جزء من العالوة السنوية بما ال يجاوز نصفها‪.‬‬
‫‪ -5‬تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة ال تزيد على سنة‪.‬‬
‫‪ -6‬خفض األجر بمقدار عالوة على األكثر‪.‬‬
‫‪ -7‬الفصل من الخدمة وفقا ألحكام هذا القانون‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا ‪ -:‬استدعاء الشهود ومساع أقواهلم ‪.‬‬
‫الشهادة تعد من أهم األدلة إثباتاً أو نفياً سواء فى المجال الجنائى أو التأديبى ‪ ،‬ويجب‬
‫أن تكون الشهادة سليمة ومنزهة عن كل ما يقدح أو يشكك فى صحتها أو يمنع من‬
‫قبولها وأن تكون صادرة من شخص ليس له مصلحة من ورائها أو هوى أو يقصد‬

‫‪581‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫االنتقام أو التشفى أو التحامل على المتهم مما ينبغى معه توافر العدالة فى هذه الشهادة‬
‫ولذا فإنه ال تقبل شهادة الخصم على خصمه أو متهم على آخر كدليل على ثبوت‬
‫االتهام دون أدلة أخرى تؤكده‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الشهادة بأنها األقوال التى يدلى بها غير الخصوم بما أدركوه‬ ‫وعرف جانب من الفقه‬
‫بحواسهم أو استقوه من غيرهم بأسماعهم أو أبصارهم متعلقاً بالواقعة أو ظروف ارتكابها‬
‫وإسنادها إلى المتهم أو براءاته منها ‪ ،‬ويكفى فى الشهادة إن لم توصل إلى الحقيقة‬
‫كلها‪ ،‬أن تؤدى إلى استنتاجها استنتاجاً سائغاً مقبوالً ‪.‬‬
‫كما يعرفها البعض(‪ )2‬بأنها البيانات أو المعلومات التى يدلى بها األشخاص فى الدعوى‬
‫المنظورة عن واقعة ‪ ،‬علم بها أو أدركها بأى حاسة من حواسه سواء كان السمع أو‬
‫البصر أو الشم وإنها تنصب على الواقعة محل التحقيق فال تتناول معتقدات الشاهد أو‬
‫آرائه الشخصية أو تقديره لجسامة الواقعة أو مسئولية المتهم ‪.‬‬
‫وقد نصت المادة (‪ )157‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫‪ 2016‬على أنه " كل موظف ُيستدعى لسماع شهادته فى التحقيق ويمتنع عن الحضور‬
‫تأديبيا "‪.‬‬
‫ً‬ ‫أو اإلدالء بما لديه من معلومات دون عذر مقبول ُيساءل‬
‫وقد نصت المادة (‪ )3/154‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫‪ 2016‬على أنه " للمحقق فى سبيل أداء مهمته اتخاذ اإلجراءات الالزمة لضمان سالمة‬
‫التحقيق وله على األخص ما يأتى ‪:‬‬

‫(‪)1‬المستشار‪ /‬ممدوح طنطاوى ‪ ،‬األدلة التأديبية ‪ ،‬مطبعة االنتصار ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 2000 ،‬ص‬
‫‪. 161‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبدالفتاح بيومى حجازى ‪ ،‬أصول التحقيق اإلبتدائى أمام النيابة اإلدارية ‪ ،‬المركز القومى‬
‫لإلصدارات القانونية ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2011‬ص ‪. 105‬‬

‫‪582‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪ - 3‬طلب رأى أو شهادة أحد شاغلى الوظائف القيادية‪ ،‬على أن يكون طلب الرأى أو‬
‫كتابيا " ‪.‬‬
‫الشهادة والرد عليهما ً‬
‫ولم يضع المشرع فى قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬إجراءات محددة يلتزم‬
‫بها محقق الجهة اإلدارية فى سماع الشهود ‪ ،‬لذلك فإن اإلجراءات المتعلقة بسماع‬
‫الشهود التى يتم إتباعها فى مجال التحقيق التأديبى الذى تتواله الجهة اإلدارية هى ذات‬
‫اإلجراءات المنصوص عليها فى قانون اإلجراءات الجنائية ‪ .‬فالمحقق له استدعاء‬
‫الشهود وسماع أقوالهم ‪ ،‬وله أن يسمع شهادة من يرى لزوم سماعه من الشهود ‪ ،‬وله‬
‫سماع شهادة أى شاهد يحضر من تلقاء نفسه ‪ .‬ولذلك فالمحقق له سلطة تقديرية واسعة‬
‫فى سماع الشهود ‪ ،‬فهو فى مكنته انتقاء الشهود الذين يرجح أن تكون لشهادتهم أهميتها‬
‫واألصل أن يطلب المتهم سماع شهود معينين ‪ ،‬ولكن طلب المتهم ليس شرطاً لسماع‬
‫الشاهد ‪ ،‬ويجوز للمحقق أن يرفض سماع الشاهد سواء طلب المتهم سماعه أو حضر‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫من تلقاء نفسه ‪ ،‬إذا رأى عدم الفائدة من سماعه‬
‫والشهادة إما أن تكون مباشرة‪ ،‬أو غير مباشرة‪ ،‬أو مبنية على الخبر الشائع‪:‬‬
‫‪ -‬الشهادة المباشرة‪:‬‬
‫المراد إثباتها‪ ،‬بمعنى أن‬
‫وهى تلك التى تصدر عن شخص رأى أو سمع بنفسه الواقعة ُ‬
‫يشهد بما اتصل بحواسه مباشرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬اللواء دكتور ‪ /‬محمد ماجد ياقوت ‪ ،‬شرح القانون التأديبى للوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪ 937‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪583‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫‪ -‬الشهادة غير المباشرة‪:‬‬
‫المراد إثباتها‪ ،‬إنما َعلِ َم‬
‫وهى تلك التى تصدر عن شخص لم يسمع ولم َير بنفسه الواقعة ُ‬
‫بها عن طريق شخص آخر سمعها أو رآها بنفسه‪.‬‬
‫وهذه الشهادة جائزة ومقبولة قانوناً‪ ،‬كالشهادة المباشرة‪ ،‬وخاضعة لتقدير سلطة التحقيق‪.‬‬
‫‪ -‬الشهادة المبنية على الخبر الشائع‪:‬‬
‫ما يقرب هذه الشهادة من الشهادة غير المباشرة أنها تصدر عن شخص لم يسمع ولم‬
‫َير بنفسه الواقعة التى يشهد عليها؛ ولكن ما يميزها عنها أن الشاهد فيها يستمد معلوماته‬
‫حول الواقعة المراد إثباتها‪ ،‬من الخبر الشائع فى الجمهور‪ ،‬وليس من شخص محدد‬
‫سمعها أو رآها‪ .‬لذلك فهى تفتقر عادة الى الدقة‪ ،‬نظ اًر لتناقلها من شخص إلى آخر؛‬
‫وبالتالى ال يتحمل الشاهد أية مسؤولية شخصية عما يشهد به‪.‬‬
‫ويرى الدكتور عبدالفتاح بيومى حجازى(‪ )1‬أن " التسامع " وهو أن يدلى الشاهد بما يشاع‬
‫لدى الناس بصدد أمر معين ‪ ،‬ال يعتبر شهادة ‪ ،‬وإن جاز أن يعد من أعمال االستدالالت‬
‫التى قد تؤدى إلى الحصول على دليل فى الجريمة محل التحقيق ‪.‬‬
‫والشهادة السماعية وإن أُخذ بها على سبيل االستدالل ‪ ،‬إال أنها ال تكفى وحدها كمعول‬
‫فى اتخاذ القرار أو الحكم التأديبى ‪ ،‬بل البد وأن يساندها دليل آخر ‪ ،‬حيث ال يتساوى‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫شهود الرؤية مع من كانت شهادتهم سماعية‬
‫والشهادة فى األصل هى تقرير الشخص لما قد يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه‬
‫على وجه العموم بحواسه ‪ ،‬ووزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى تؤدى فيها شهادته‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبدالفتاح بيومى حجازى ‪ ،‬أصول التحقيق اإلبتدائى أمام النيابة اإلدارية ‪ ،‬دراسة متعمقة فى‬
‫التأديب ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بدون تاريخ نشر ‪ ،‬ص ‪. 106‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1995/8/1‬فى الطعن رقم ‪ 800‬لسنة ‪39‬ق ‪.‬‬

‫‪584‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫مرجعه جهة التحقيق‪ ،‬فلها أن تنزلها المنزلة التى تراها وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه‪،‬‬
‫وبمراعاة أنه اليشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها‬
‫وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق‪ ،‬بل يكفى أن يكون من شأنها أن تؤدى إلى تلك‬
‫الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه جهة التحقيق بما يتالءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى‬
‫رواه مع عناصر اإلثبات األخرى المطروحة أمامها‪ ،‬ومن ثم فإنه ال تثريب عليها إن‬
‫هى استندت فى مذكرة التصرف إلى األخذ بأقوال الشهود‪ ،‬دون أن تلتزم ‪ -‬بحسب‬
‫األصل ‪ -‬بأن تورد من أقوال الشهود إال ما تقيم عليه قرارها‪ ،‬ولها أن تعول على أقوال‬
‫الشاهد فى أية مرحلة من مراحل التحقيق متى اطمأنت إليها ولو عدل عنها‪ ،‬ومتى كان‬
‫من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه القرار‪ ،‬وأن فى اطمئنانها إلى هذه األقوال ما يفيد أنها‬
‫قد طرحت ما أبدى أمامها من دفاع قصد به التشكيك فى صحة هذه األقوال ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬للسلطة التأديبية سواء كانت‬
‫مجلس التأديب أو المحكمة التأديبية المختصة أن تستند إلى قول فى األوراق الخاصة‬
‫بالدعوى التأديبية دون قول آخر حسبما يطمئن إليه وجدانها ‪ -‬ال تثريب على السلطة‬
‫التأديبية إذا ما هى اطمأنت ألسباب مستخلصة من األوراق وأقوال الشهود إلى الشهادة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫األولى ألحد الشهود وطرحت ما ط أر على هذه الشهادة من تعديل طارئ "‬
‫واثبات الواقعة المنسوبة للموظف بشهادة الشهود وحدها يقتضى أال يكون بينه وبين من‬
‫سمعت شهادته ضغينة سابقة وأال يكون فى مسلك الشاهد تجاه الواقعة أو فى الظروف‬
‫التى سبقت اإلدالء بشهادته ما يحول دون االطمئنان إلى تلك الشهادة ‪ ،‬وأن ال ينطوى‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1988/11/5‬الطعن رقم ‪646‬لسنة ‪ 32‬القضائية ‪،‬‬
‫مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الرابعة‬
‫والثالثون الجزء األول ( من أول أكتوبر ‪ 1988‬إلى آخر فبراير ‪ - 1989‬ص ‪.61‬‬

‫‪585‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫إثبات الواقعة بشهادة الشهود على إخالل بحق الدفاع باإلعراض عن سماع شهود ممن‬
‫حضروا الواقعة غير شهود اإلثبات الذين بدأوا االتهام أصالً ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬اإلستناد فى ثبوت تلك الواقعة‬
‫إلى شهادة الشهود وحدها‪ ،‬يقتضى أال يكون بين الطاعنة ومن سمعت شهادته ضغينة‬
‫سابقة وأال يكون فى مسلك الشاهد تجاه الواقعة أو فى الظروف التى سبقت أدائه‬
‫بشهادته ما يحول دون االطمئنان لتلك الشهادة وأن ال ينطوى إثبات الواقعة بشهادة‬
‫الشهود على إخالل بحق الدفاع باإلعراض عن سماع شهود من حضروا الواقعة غير‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫شهود اإلثبات الذين بدأوا اإلتهام أصال ًً "‬
‫كما قضت أيضاً بأن ‪ " :‬الشهادة تعد من أهم األدلة إثباتاً ونفياً فى المجالين الجنائى‬
‫والتأديبى ‪ ،‬ومن ثم تبعاً لذلك يجب أن تكون سليمة ومنزهة من كل ما يقدح أو يشكك‬
‫فى صحتها أو يمنع من قبولها ‪ ،‬وأن تكون صادرة من شخص ليس له مصلحة من‬
‫ورائها أو هوى أو بقصد االنتقام أو التشفى أو التحامل على المتهم مما ينتفى معه توافر‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫العدالة فى الشهادة‬
‫وتبدو أهمية الشهادة كدليل فى أنها ترد على وقائع مادية تكون الجريمة أو تتصل بها‬

‫‪ ،‬والسبيل األكثر مناسبة إلثبات هذه الوقائع هى الشهادة ‪ ،‬ألن الكتابة ال تسعف دائماً‬
‫فى اإلثبات ‪.‬‬
‫وهكذا يتعاظم دور الشهادة فى اإلثبات كوسيلة إثبات فى التحقيق سواء فى التحقيق‬
‫الجنائى أو التأديبى ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1996/2/27‬الطعنين رقمى ‪ 2839 ، 2712‬لسنة ‪39‬‬
‫ق‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2008/11/22‬الطعن رقم ‪2370‬لسنة ‪52‬ق ‪.‬‬

‫‪586‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ويثار فى موضوع الشهادة عدد من األسئلة المهمة والتى تحتاج إلى إجابات مقنعة‬
‫نتناولها على النحو التالى ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما هى أهلية أداء الشهادة ؟‬
‫حتى تؤتى الشهادة ثمارها ‪ ،‬فإن هناك بعض الشروط التى يتعين توافرها فى الشاهد ‪،‬‬
‫وهذه الشروط تتعلق بسن الشاهد وحالته العقلية ‪ ،‬فيتعين فى الشاهد أن يكون ممي اًز ‪،‬‬
‫وقد حدد المشرع سن التمييز فى هذا النطاق بأربعة عشر عاماً ‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫‪ 283‬من قانون اإلجراءات الجنائية رقم ‪ 150‬لسنة ‪ 1950‬وتعديالته على أنه ‪ " :‬يجب‬
‫على الشهود الذين بلغت سنهم أربعة عشر سنة ‪ ،‬أن يحلفوا يميناً قبل أداء الشهادة على‬
‫أنهم يشهدون بالحق وال يقولون إال الحق ‪ .‬ويجوز سماع الشهود الذين لم يبلغوا أربعة‬
‫عشر سنة كاملة بدون حلف يمين على سبيل اإلستدالل " ‪.‬‬
‫ومن ثم يشترط فى الشاهد أن يكون ممي اًز ‪ ،‬والتمييز يتعين توافره حال مشاهدة الواقعة‬
‫‪ ،‬وحال أداء الشهادة ‪ ،‬وإذا انعدم التمييز ‪ ،‬كما فى أحوال السكر والجنون امتنع سماع‬
‫الشهادة ‪.‬‬
‫ونظ اًر ألهمية الشهادة فى مجال التأديب فإنه فى بعض الحاالت يكون شهود النفى‬
‫من صغار السن فما مدى جواز األخذ بشهادتهم فى هذا الصدد ؟‬
‫(‪)1‬‬
‫إلى أن عدم األخذ بشهادة الصغير إال عند بلوغه أربعة عشر‬ ‫ذهب جانب من الفقه‬
‫عاماً قد يضر المتهم ال سيما عندما يكون الصغير شاهد النفى الوحيد ‪ ،‬ففى بعض‬
‫الوقائع تكون لشهادة الصغار أهمية كبيرة كما فى المخالفات التأديبية التى تقع فى‬
‫المدارس والتى يكون شهودها فى الغالب هم الصغار ‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعد الشيتوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ، 2013 ،‬ص ‪.135‬‬

‫‪587‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وقد قضت محكمة النقض بأن التمييز هو مناط اإلدراك فى الشاهد ‪ ،‬فيجب أن يكون‬
‫ممي اًز ‪ ،‬وإال عدت شهادته معدومة األثر ‪ ،‬وال يعتد بهذه الشهادة ولو على سبيل‬
‫االس تدالل ‪ ،‬أو بوصفها مجرد تفسير أو احتياجات ‪ ،‬ألن قائلها فقد اإلدراك والذى هو‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أساس الشهادة‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫فى الواقع أننا ال نتفق مع ما انتهى إليه حكم النقض السالف ‪ ،‬حيث أن سن التمييز‬

‫فى القواعد العامة هو سبع سنوات ‪ ،‬وبينه وبين السن المحدد ألداء الشهادة شوطاً بعيداً‬
‫‪ ،‬وأن الحدث من سن سبع سنوات وحتى أربعة عشر عاماً يكون له عقل وذاكرة تسعفه‬
‫فى اإلدالء بمعلومات قد يكون لها أهميتها فى كشف الحقيقة ‪ ،‬ولو على سبيل االستدالل‬
‫‪ ،‬فليس من المقبول مثالً شهادة طالب بالصف األول اإلعدادى أو الثانى اإلعدادى‬
‫والذين لم يكملوا أربعة عشر عاماً ولو على سبيل اإلستدالل ‪.‬‬
‫ويؤيد وجهة نظرنا أن المادة ‪ 283‬إجراءت جنائية قد نصت فى فقرتها األخيرة على أنه‬
‫‪ " :‬ويجوز سماع الشهود الذين لم يبلغوا أربعة عشر سنة كاملة بدون حلف يمين على‬
‫سبيل االستدالل " ‪.‬‬
‫كما أن القضاء اإلدارى اعتبر أن شهادة الصغار جائزة متى كانت واحدة واتفقت مع‬
‫غيرها (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬نقض جنائى ‪ ، 1975/11/17‬مجموعة األحكام س ‪ ، 26‬رقم ‪ ، 145‬ص ‪. 701‬‬


‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1997/3/15‬الطعن رقم ‪ 2622‬لسنة ‪ 41‬ق ‪.‬عليا ‪.‬‬

‫‪588‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ب‪ -‬هل يتم تحليف الشهود اليمين القانونية فى التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية؟‬
‫قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬أو قانون العاملين بالقطاع العام أو قانون‬
‫تنظيم الجامعات ال يستوجب أياً منهم تحليف الشهود اليمين فى التحقيق اإلدارى قبل‬
‫إبداء أقوالهم ‪.‬‬
‫ويختلف الحال أمام النيابة اإلدارية باعتبارها هيئة قضائية وأمام المحاكم المختصة إذ‬
‫يجب تحليف الشهود اليمين القانونية قبل اإلستماع إلى شهاداتهم ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأنه ‪ " :‬ومن حيث إنه عن الوجه األول‬
‫من الطعن من عدم تحليف الشهود اليمين القانونية أمام مجلس التأديب فإنه وإن كانت‬
‫القاعدة العامة فى مجال تحديد ضمانات المتهم فى التحقيق تستوجب تحليف الشهود‬
‫اليمين القانونية إال أنه ليس فى قانون تنظيم الجامعات وهو القانون الواجب التطبيق‬
‫على الطاعنة ما يستوجب مطالبة الشهود فى التحقيق بأداء اليمين قبل إبداء أقوالهم فى‬
‫التحقيقات اإلدارية وبالتالى فإن عدم تحليف الشهود لليمين أمام مجلس التأديب ال يؤثر‬
‫فى سالمة ما إتخذه من إجراءات " (‪.)1‬‬
‫كما قضت أيضاً بأن ‪ " :‬ومن حيث إنه يبين من االطالع على األوراق أن الجهة‬
‫اإلدارية قد رأت فصل المدعية ‪ -‬الشغالة باليومية بمستشفى ‪ - ....‬لما نسب إليها من‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 3702‬لسنة ‪ 43‬القضائية ‪ ،‬جلسة ‪ 30‬من أغسطس‬
‫سنة ‪ ، 2001‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التى‬
‫قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة السادسة واألربعون ‪ -‬الجزء الثالث (من يونيه سنة ‪ 2001‬إلى‬
‫آخر سبتمبر ‪ - )2001‬ص ‪.2761‬‬
‫ويراجع أيضاً ‪ :‬الحكم الصادر من المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬فى الطعن رقم ‪ 32 /646‬ق ‪ ،‬بجلسة‬
‫‪.1988 /11 /5‬‬

‫‪589‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫أنها قد اعتدت على السيد الدكتور ‪ ، ....‬الطبيب المقيم بذلك المستشفى‪ ،‬بالسب وتمزيق‬
‫مالبسه‪ .‬وقد سبق ذلك إجراء تحقيق بمعرفة السيد مدير المستشفى سمع فيه أقوال‬
‫الطبيب المعتدى عليه وبعض من استشهد بهم كما سمع أقوال المدعية‪ .‬ويبين من هذا‬
‫التحقيق أن ما نسب إلى المدعية ثابت قبلها من أقوال ذلك الطبيب وأولئك الشهود‪.‬‬
‫على ذلك فإن إدانة المدعية فيما نسب إليها تكون قد استخلصت استخالصاً سائغاً من‬
‫األوراق‪ .‬وال يغير من ذلك أن المحقق لم يحلف‪ ،‬من سمعهم من الشهود‪ ،‬اليمين إذ أنه‬
‫‪ -‬وإن كان القانون رقم ‪ 210‬لسنة ‪ ،1951‬معدالً بالقانون رقم ‪ 73‬لسنة ‪ ،1957‬والذى‬
‫كان سارياً حينذاك‪ ،‬قد نص فى المادة ‪ 90‬مكر اًر على أن تكون الشهادة بعد حلف‬
‫اليمين ونص بمثل ذلك القانون رقم ‪ 117‬لسنة ‪ 1958‬فى المادة ‪ - 7‬إال أن هذا‬
‫مقصور على التحقيق الذى يجريه مجلس التأديب فى الحالة األولى والنيابة اإلدارية فى‬
‫الحالة الثانية ‪ -‬ولم يشترط القانون ذلك بالنسبة للتحقيق اإلدارى الذى يجريه رئيس‬
‫المصلحة أو من ينيبه لذلك من موظفيها‪ .‬وعلى ذلك فإن عدم قيام المحقق ‪ -‬وهو مدير‬
‫المستشفى ‪ -‬بتحليف الشهود ال يترتب عليه بطالن شهادتهم‪ .‬أما عن عدم سماعه إال‬
‫لشهادة ثالثة فقط من ستة عشر شاهداً فإنه يبين من االطالع على األوراق أن هؤالء‬
‫الشهود إنما استشهد بهم الطبيب المعتدى عليه إلثبات واقعة اعتداء المدعية عليه ومن‬
‫ثم فال جناح على المحقق إذا ما اكتفى بسماع ثالثة منهم فقط طالما أنه قد اطمأن إلى‬
‫شهادتهم وأن أقوال باقى الشهود ال تخرج عن أقوال من سمعوا مما ال يستدعى األمر‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫إثباتها "‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1966/12/24‬الطعن رقم ‪1206‬لسنة ‪ 11‬قضائية ‪،‬‬
‫مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الثانية‬
‫عشرة ‪ -‬العدد األول ( من أول أكتوبر سنة ‪ 1966‬إلى منتصف فبراير سنة ‪ ، )1967‬ص ‪.487‬‬

‫‪590‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫مما سبق يتضح أنه يتعين تحليف الشاهد قبل اإلدالء بالشهادة إذا كانت النيابة اإلدارية‬
‫هى جهة التحقيق ‪ ،‬وال يستوجب تحليف الشاهد إذا أجرى التحقيق بمعرفة الجهة اإلدارية‬
‫ومن ثم يترتب بطالن الشهادة بالنسبة لتحقيقات النيابة اإلدارية ‪ ،‬إذا تمت بغير تحليف‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الشاهد وال ينسحب ذات األثر إلى التحقيق الذى تجريه اإلدارة‬
‫أنه يجب تحليف الشاهد اليمين أياً كانت جهة التحقيق وحتى‬ ‫(‪)2‬‬
‫ويرى جانب من الفقه‬
‫فى حالة عدم وجود النص الذى يقرر وجوب تحليف الشاهد اليمين القانونية ‪ ،‬وأنه يجب‬
‫عدم االعتداد بالشهادة غير المسبوقة بحلف اليمين على اعتبار أن اليمين هو الذى‬
‫يحفز الشاهد لقول الحقيقة ‪ ،‬ولما للشهادة أيضاً من تأثير قوى فى تقرير الذنب اإلدارى‬
‫أو عدم تقريره خاصة وأنها قد تكون المعول الوحيد فى المخالفات اإلدارية غير‬
‫المستندية‪.‬‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫فى الواقع إننا نرى مفارقة غير مبررة بين وجوب تحليف الشاهد اليمين فى التحقيق الذى‬
‫تجريه النيابة اإلدارية وبين عدم تحليف الشاهد اليمين فى التحقيق الذى تجريه الجهة‬
‫اإلدارية ‪ ،‬مع أن غاية كالً منهما هو الوصول إلى الحقيقة ‪ ،‬مع أنه ال خالف على أن‬
‫الشهادة لها تأثير قوى فى نفس الشاهد ‪ ،‬فما زال الوازع الدينى له تأثير كبير فى نفس‬
‫البشر على وجه العموم ‪ ،‬فمن السهل على الشاهد أن ال يقول الحقيقة فى حالة عدم‬
‫حلف اليمين ‪ ،‬ومن الصعب جداً على الشاهد أن يحلف اليمين وال يقول الحقيقة ‪ .‬وال‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬أمانى عمر حلمى فهمى ‪ ،‬النيابة اإلدارية ودورها فى مباشرة اإلجراءات التأديبية ‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه ‪ ،‬حقوق عين شمس ‪ ، 2006 ،‬ص ‪ 254‬وما بعدها ‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سعد الشيتوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬األسكندرية ‪ ،‬دار الفكر الجامعى‬
‫‪ ، 2013 ،‬ص ‪. 136‬‬

‫‪591‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫أدرى لما اصطنع المشرع هذه المفارقة الغريبة ‪ ،‬هل يريد المشرع االنتقاص من سلطات‬
‫محقق الجهة اإلدارية عن قصد ؟! ‪.‬‬
‫وفى األخير نرجو من مشرعنا الحكيم أن ينص على وجوب تحليف الشاهد اليمين فى‬
‫التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية وإال كان باطالً ‪.‬‬
‫ج‪ -‬هل يجوز رد الشاهد ؟‬
‫أجابت عن ذلك المادة (‪ )82‬من قانون اإلثبات رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1986‬بقولها ‪ " :‬ال‬
‫يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صه اًر ألحد الخصوم إال أن يكون غير قادر على‬
‫التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو ألى سبب آخر " ‪.‬‬
‫ومن ثم فقد وضع المشرع أسباب عدم التمييز على سبيل المثال ال الحصر ‪ ،‬بقوله أوالً‬
‫‪ :‬ال ِهرم أى أن يكون الشاهد طاعناً فى السن بحيث ال يستطيع أن يميز ‪ ،‬وثانيهما ‪:‬‬
‫الحداثة في السن ‪ ،‬وقد وضع المشرع سنا معينة ال يقبل شهادة الشاهد إن لم يبلغها‬
‫وفقا لنص المادة ‪ 64‬من قانون اإلثبات " ال يكون أهال للشهادة من لم تبلغ ِس َنه خمسة‬
‫عشرة سنة ‪ .‬على أنه يجوز أن تسمع أقوال من لم يبلغ هذه السن بغير يمين علي سبيل‬
‫االستدالل " وهنا التقدير يرجع للمحكمة فقد يكون الصبى ممي اًز وفقا لقواعد األهلية المنوه‬
‫عنها إال أنه ال يكون أهالً للشهادة فهى مسألة تقديرية للمحكمة ‪ ،‬وثالثهما ‪ :‬المرض ‪،‬‬
‫وليس كل مرض يمنع من أداء الشهادة واألمر متروك لتقدير المحكمة ‪ ،‬فلو أن الشاهد‬
‫مجنون ال تُسمع شهادة أما لو كان مريضا بالسكر أو الضغط مثالً فهذا ال يمنعه من‬
‫الشهادة ‪ ،‬ورابعهما ‪ :‬أي سبب اخر تراه المحكمة مانعا من أداء الشهادة ‪ ،‬لكن هذا‬
‫األمر يجب أن يكون مرتبطا بالمعيار الذي وضعه المشرع وهو القدرة على التمييز ‪،‬‬
‫فيجب أن يكون من شأن هذا األمر اآلخر أن يفقد الشاهد قدرته على التمييز ‪ .‬واألصل‬

‫‪592‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫أن تلك األحكام فى الشهادة تعتبر قواعد عامة للرجوع اليها إن لم يرد نص فى أى قانون‬
‫آخر‪.‬‬
‫وقد قضت محكمة النقض بأن ‪ " :‬إن القانون لم يقيد القاضى بنوع معين من الشهود‪،‬‬
‫ولم يجز رد الشاهد مهما أحاط به من األسباب التى قد تدفعه إلى تقرير غير الحقيقة‪.‬‬
‫فإذا سمعت المحكمة شاهداً على متهم فى جناية‪ ،‬وكان هذا الشاهد متهماً فى الوقت‬
‫عينه بضرب المتهم فى الجناية‪ ،‬فال تثريب عليها فى ذلك‪ ،‬إذ أن تقدير قيمة الشهادة‬
‫متروك دائماً للمحكمة تراعي فيه الظروف التى أبديت فيها الشهادة "(‪.)1‬‬
‫د‪ -‬ما هو أثر تخلف الشاهد عن الحضور ؟‬
‫بالرغم من أهمية الشهادة ‪ ،‬إال أنها فى المجال التأديبى ليست على ذات أهميتها فى‬
‫نطاق القانون الجنائى ‪ ،‬فالسلطات اإلدارية كثي اًر ما تتجاهل استدعاء الشهود الذين‬
‫يطالب الموظف بسماع شهادتهم ‪ ،‬كما أن هؤالء الشهود قد يعزفون عن الحضور ال‬
‫سيما إذا كانوا ال ينتمون إلى الجهة اإلدارية التى يعمل بها الموظف المتهم ‪.‬‬
‫ويبدو أن مرد ذلك اإلحساس بعدم خطورة الجزاءات التأديبية ‪ ،‬وهو أمر غير صحيح‬
‫فى كل األحوال فبعض الجزاءات التأديبية قد يترتب عليها الفصل من الوظيفة العامة‬
‫وهى عقوبة شديدة الجسامة بالموظف وتلحق بأفراد أسرته ضر اًر شديداً قد يفوق أثر‬
‫الجزاء الجنائى(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬حكم محكمة النقض ‪ ،‬القضية رقم ‪ 854‬سنة ‪ 7‬القضائية ‪ ،‬جلسة أول مارس سنة ‪، 1937‬‬
‫مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض واإلبرام في المواد الجنائية ‪ ،‬الجزء الرابع (عن‬
‫المدة من ‪ 2‬نوفمبر سنة ‪ 1936‬لغاية ‪ 30‬أكتوبر سنة ‪ - )1939‬ص ‪.53‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سعد الشيتوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 132‬‬

‫‪593‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وتأسيساً على ذلك نجد أن التشريعات المختلفة تؤكد على أهمية الشهادة فالمشرع‬
‫المصرى أجاز للنيابة اإلدارية ضبط وإحضار الشاهد إذا تخلف عن الحضور هو ما‬
‫يعكس أهمية الشهادة باعتبارها من أهم األدلة التأديبية ‪.‬‬
‫كما نصت المادة (‪ )157‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫‪2016‬على أنه ‪ " :‬كل موظف ُيستدعى لسماع شهادته فى التحقيق ويمتنع عن الحضور‬
‫تأديبيا" ‪.‬‬
‫ً‬ ‫أو اإلدالء بما لديه من معلومات دون عذر مقبول ُيساءل‬
‫كما نجد أن المشرع الكويتى نص فى المادة ‪ 58‬من نظام الخدمة المدنية الكويتى على‬
‫أن ‪ " :‬كل موظف يستدعى لسماع شهادته فى تحقيق ويمتنع عن الحضور أو عن‬
‫اإلدالء بما لديه من معلومات دون عذر مقبول يساءل تأديبياً " ‪.‬‬
‫ه‪ -‬ما هى المبادىء التى تنظم سماع شهادة الشهود بواسطة محقق الجهة اإلدارية؟‬
‫‪ -1‬من المسلم به أنه ال تقبل شهادة الخصم على خصمه وال يجوز االستناد إلى هذه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الشهادة وحدها كدليل على ثبوت الواقعة‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪2017/9/23‬‬
‫على أنه ‪ " :‬ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه ال يجوز األخذ‬
‫بشهادة من يظهر من األوراق أن له مصلحة في إدانة المخالف سواء كانت مصلحة‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫مادية أو أدبية‪ ،‬أو بينه وبين المخالف خصومة"‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1994/6/25‬الطعن رقم ‪3842‬لسنة ‪38‬ق ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 23‬من سبتمبر سنة ‪ 2017‬الطعن رقم ‪ 34750‬لسنة ‪55‬‬
‫القضائية (عليا) (الدائرة الرابعة)‪ ،‬غير منشور ‪.‬‬

‫‪594‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪ -2‬يراعى أنه ال يجوز اإلستناد إلى شهادة الشهود فى واقعة ال تصلح فيها الشهادة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫كالفصل فى تفسير بنود أحد العقود أو مخالفة أحكام القانون أو أحكام المحاكم‬
‫‪ -3‬تسمع أقوال الشهود وفقاً ألهمية الوقائع موضوع الشهادة ‪ .‬وعلى محقق الجهة‬
‫اإلدارية مناقشة الشهود لتعرف نصيب ما يشهدون به من الحقيقة مع مواجهتهم بما‬
‫يكون قد تبين له من اإلطالع على األوراق متناقضاً لما يشهدون به ‪.‬‬
‫وعلى محقق الجهة اإلدارية أن يحول بقدر اإلمكان دون اتصال المشكو بالشهود فى‬
‫أثناء التحقيق ضماناً لحسن سير التحقيق وعدم التأثير عليهم ‪ .‬وعليه – متى انتهى من‬
‫سماع شاهد – أن يحرص على عدم اتصاله بغيره من الشهود الذين لم تسمع شهادتهم‬
‫‪ ،‬وله أن يبقيه بحجرة التحقيق لالستفسار منه عن بعض نقاط تأتى على لسان غيره‬
‫من الشهود أو لمواجهته بهم ‪.‬‬
‫‪ -4‬ال يجوز سماع شهادة شاهد فى حضور شاهد آخر لم يسمع بعد ‪.‬‬
‫‪ -5‬على محقق الجهة اإلدارية أن يراعى مواجهة المشكو والشهود بعضهم ببعض إذا‬
‫اختلفت أقوالهم أو تضاربت كلما أمكن ذلك ‪.‬‬
‫‪ -6‬تؤدى الشهادة دون اكراه الشاهد مادياً أو أدبياً ‪ .‬ويجب على محقق الجهة اإلدارية‬
‫أن يترك الشاهد يدلى بما لديه من معلومات دون أن يستوقفه أو يقاطعه إال إذا تبين له‬
‫خروجه عن موضوع التحقيق ‪.‬‬
‫وبعد انتهاء الشاهد من االدالء بمعلوماته يبدأ محقق الجهة اإلدارية فى مناقشته فى‬
‫تفاصيل شهادته على ضوء ما هو ثابت فى األوراق وما جاء فى أقوال غيره ممن سمعت‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سمير عبدهللا سعد ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ( مبادىء التأديب – الوثائق ) ‪ ،‬منشأة المعارف‬
‫باألسكندرية ‪ ، 2014 ،‬ص‪. 71‬‬

‫‪595‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫أقوالهم ‪ .‬ويجب اثبات أقوال كل شاهد فى حضوره وبنفس عباراته وألفاظه ‪ .‬وال يجوز‬
‫االكتفاء بالقول أنه سمعت أقوال الشاهد فوجدت مطابقة ألقوال من سبقه ‪ .‬ويجب أن‬
‫تدون الشهادة بغير تحشير أو شطب ‪ .‬فإن حصل ذلك ‪ ،‬وقع عليه الشاهد ومحقق‬
‫الجهة اإلدارية وكاتب التحقيق إن وجد ‪.‬‬
‫‪ -7‬يجب على محقق الجهة اإلدارية أال يحيط شاهداً علماً بما قاله شاهد آخر إال بعد‬
‫أن يدلى بأقواله ‪ ،‬وأال يق أر عليه أقواله األولى أو يحيطه علماً بها إال إذا اقتضت ظروف‬
‫التحقيق ذلك ‪ .‬كما ال يجوز لمحقق الجهة اإلدارية توجيه سؤال للشاهد بناء على‬
‫معلومات شخصية غير ثابتة بأقوال التحقيق ‪.‬‬
‫‪ -8‬ال يسوغ لمحقق الجهة اإلدارية أن يبدى للشهود تشككه فيما يدلون به من أقوال أو‬
‫أن يأتى بإشارات أو مالحظات تؤثر فى نفوسهم وتمنعهم من اإلدالء باألقوال التى كانوا‬
‫يزمعون اإلدالء بها ‪ .‬وعليه أن يكون حسن المعاملة واسع الصدر ‪ .‬وإذا حضر المشكو‬
‫أثناء التحقيق ‪ ،‬فال يسوغ له أن يقاطع الشاهد أثناء إدالئه بأقواله ‪ ،‬وإنما يجوز له –‬
‫بعد االنتهاء من الشهادة – أن يبدى ما يشاء من مالحظات عليها ‪ ،‬وأن يوجه إليه ما‬
‫يريد من أسئلة ‪ .‬على أن يكون توجيهها عن طريق محقق الجهة اإلدارية ‪ .‬ولمحقق‬
‫الجهة اإلدارية أن يرفض توجيه أى سؤال ليس له عالقة بموضوع التحقيق ‪ ،‬أو تنطوى‬
‫صيغته على مساس بالغير ‪ .‬وعليه أن يثبت بالمحضر فى هذه الحالة السؤال الذى‬
‫طلب المشكو توجيهه ‪ ،‬وقرار رفضه من قبل المحقق ‪.‬‬
‫‪ -9‬تسمع أقوال الشهود فى كل ما يتصل بالتحقيق دفعة واحدة بقدر اإلمكان حتى ال‬
‫يتكرر استدعاؤهم ‪.‬‬
‫‪ -10‬إذا اقتضى التحقيق عرض المخالف على الشاكى أو أحد الشهود للتعرف عليه‪.‬‬
‫فيجب مراعاة عدم تمكين الشاكى أو الشاهد من رؤية المخالف قبل عرضه عليه ‪،‬‬

‫‪596‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وتفادى صدور أى عبارة أو حركة أو إشارة قد تيسر التعرف عليه ‪ ،‬وأن يتم عرضه‬
‫بين أشخاص مشابهين له ما أمكن ‪.‬‬
‫‪ -11‬وبعد أن ينتهى المحقق من تدوين شهادة الشاهد كما رواها يشرع فى مناقشته‬
‫بحيث يوجه إليه األسئلة التى يعتقد بأنها توضح األمور الغامضة التى جاءت فى‬
‫شهادته أو تكمل النقص فى سلسلة ما رواه من الوقائع أو تزيل التناقض فى أقواله أو‬

‫بين أقواله وأقوال شاهد آخر مصدر علمهما بالشهادة واحد أو عدم مطابقة ما ذكره كالً‬
‫أو بعضاً للواقع ‪ ،‬ويتبع المحقق فى مناقشته ألقوال الشاهد القواعد التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬وضع األسئلة حسب تسلسل الوقائع ‪:‬‬


‫ال يمكن وضع نموذج موحد لألسئلة التى يجب أن توجه إلى الشاهد؛ وذلك ألن لكل‬
‫حادثة ظروفها ومالبساتها الخاصة بها والتى تجعلها تختلف عن غيرها وعليه فإن‬
‫األسئلة التى يوجهها المحقق للشاهد يجب أن تكون مرتبطة بالحادثة التى يريد المحقق‬
‫تفهمها أوالً وموضوعة حسب تسلسل وقائع الحادثة وارتباطها بعضها ببعض ثانياً‪ ،‬فال‬
‫ينتقل لسؤال الشاهد على واقعة من الوقائع إال بعد الفراغ من األول وهكذا ‪ ...‬إلخ‪ ،‬فاذا‬
‫سأل المحقق الشاهد عن وقت وقوع المخالفة فيجب أن يوجه إليه جميع األسئلة المتعلقة‬
‫بزمان وقوع المخالفة وال يدع هذه النقطة وينتقل إلى نقطة أخرى قبل أن يفرغ مما قبلها‪.‬‬
‫‪ -‬إتباع األصول المنطقية في توجيه األسئلة ‪:‬‬
‫على المحقق أن يتبع األصول المنطقية فى توجيه أسئلته للوصول الى الحقيقة من أقرب‬
‫الطرق المؤدية إليها‪ .‬بكلمات أخرى عليه أن يتعرف من الشاهد عن مقدمات الموضوع‬
‫أوال ثم النتيجة ثانياً‪ .‬فاذا أراد المحقق ان يسأل الشاهد فيما اذا كان قد رأى الموظف‬
‫المحال إلى التحقيق فى مكان ما فى العمل فيسأله أوال عما اذا كان له عادة التردد على‬

‫‪597‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ذلك المكان‪ ،‬واذا سبق له التردد الى ذلك المكان فهل وجد فيه فى ذلك اليوم وما سبب‬
‫وجوده هذه هى المقدمات‪ .‬فإذا أجابه باإليجاب عليها يسأله عندئذ هل رأى الموظف‬
‫المخالف أو لم يره فى المكان المذكور وهذه هى النتيجة أو الغرض المباشر الذى يريد‬
‫أن يتوصل إليه المحقق‪ ،‬أما اذا بدأ بسؤاله عن النتيجة أوالً وأجابه باإليجاب‪ ،‬وقد يكون‬
‫كاذباً‪ ،‬فيضطر لإلجابة على أسئلة المقدمات باإليجاب كذباً حتى ال يلزمه التناقض‬
‫وبذلك يعجز المحقق عن مراقبته والتعرف على صدقه من كذبه‪ .‬واذا الحظ المحقق‬
‫تناقضاً فى أقوال الشاهد أو عدم مطابقتها للواقع أو مخالفتها للمعقول وجب عليه أن‬
‫يبين له ذلك مبتعداً كلياً عن التهديد والوعيد والتعذيب أو أى شىء يؤدى إلى االضطراب‬
‫فى أفكاره ‪ .‬بل بالعكس يجب أن يدعوه بكل لطف إلى قول الحقيقة ناصحاً إياه من أن‬
‫الكذب فى الشهادة تترتب عليه نتائج أخالقية وأخرى قانونية تضر به‪.‬‬
‫‪ -‬بساطة األسئلة ووضوحها ‪:‬‬
‫يجب أن يكون السؤال الذى يوجه إلى الشاهد صريحاً محدداً واضح المطلوب خالياً من‬
‫كل غموض وإبهام ليسهل على الشاهد فهمه‪ ،‬وعند الضرورة على المحقق أن يشرحه‬
‫ويبينه للشاهد اذ أن كثي اًر من الشهود يسارعون باإلجابة على األسئلة التى توجه إليهم‬
‫قبل أن يفهموا حقيقة السؤال‪.‬‬
‫‪ -‬خلو األسئلة من التلقين ‪:‬‬
‫على المحقق أال يوجه إلى الشاهد سؤال من شأنه أن يوحى إليه بإجابة معينة‪ ،‬وذلك‬
‫كأن يتضمن السؤال واقعة غير صحيحة أو غير مسلم بها أساساً لألسئلة األخرى‪ .‬إن‬
‫الشهاد وخاصة البسطاء منهم يجيبون على هذه األسئلة باإليجاب متأثرين بإجاباتهم‬
‫بصيغة السؤال المطروح من قبل المحقق الذي يتضمن اإلجابة عليه‪ .‬ويلجأ بعض‬

‫‪598‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫المحققين الى هذه الطرق غير الصحيحة بسبب ميلهم لالتهام ويبررون عملهم هذا‬
‫بالرغبة في التعرف على صدق الشاهد من كذبه‪.‬‬
‫‪ -‬تدوين األسئلة فى المحضر مع أجوبتها ‪:‬‬
‫على المحقق أن يدون نصوص األسئلة بأكملها فى محضر التحقيق وكذلك الحال‬
‫بالنسبة لألجوبة متجنباً عبارة (سئل فأجاب) حيث إن إثبات السؤال فى المحضر يمكن‬
‫المطلع عليه من مقارنة السؤال بالجواب ومعرفة العالقة بينهما ومراقبة خلو السؤال من‬
‫التلقين‪ .‬إن بعض المحققين يلجأون الى هذه الطريقة أحياناً رغبة فى كسب الوقت‪ ،‬إال‬
‫أن هذه الطريقة لو أجيزت فإنها سوف تؤدى الى ارتكاب مخالفات كثيرة فى التحقيق‬
‫بتلقين الشهود‪.‬‬
‫ونوضح فيما يلى نموذج مبسط محضر لسماع الشهود – مع مراعاة أن األسئلة التفصيلية‬
‫تختلف من واقعة ألخرى – وذلك فيما يلى ‪:‬‬
‫س‪:‬‬
‫س ‪ :‬ما هى معلوماتك عن الواقعة التى حدثت ؟‬
‫أطلعناه " أفهمناه "‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬متى حدثت هذه الواقعة ؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬أين حدثت هذه الواقعة تحديداً؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬من المسئول عن ارتكاب هذه الواقعة – من الفاعل لهذه الواقعة ؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬

‫‪599‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫س ‪ :‬كيف تم إرتكاب هذه الواقعة ؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬من هم شهود الواقعة ؟ ؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬ما الغاية من ارتكاب هذه المخالفة؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬ما الدليل على صحة أقوالك؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬ماهى اآلثار المترتبة على ارتكاب هذه الواقعة ؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬ماهو قولك فيما ورد بأقوال؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬ما قولك فيما ورد بالمستند المقدم من ؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬ما هى طبيعة عالقتك بالمتهم ؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫س ‪ :‬هل لديك أقوال أخرى ؟‬
‫ج ‪....................... :‬‬
‫ثالثاً ‪ -:‬اإلطالع على السجالت واألوراق ‪.‬‬
‫قبل التعرض لسلطة المحقق اإلدارى فى الجهة اإلدارية باإلطالع على السجالت‬
‫واألوراق ‪ ،‬نتناول سلطة عضو النيابة اإلدارية فى اإلطالع على السجالت واألوراق ‪،‬‬

‫‪600‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ثم نعقبها بسلطة محقق الجهة اإلدارية فى اإلطالع على السجالت واألوراق ‪ ،‬حيث‬
‫نالحظ تفاوتاً ملحوظاً بين السلطتين ‪:‬‬
‫أوالً ‪ -:‬سلطة عضو النيابة اإلدارية فى اإلطالع على السجالت واألوراق‪.‬‬
‫ورد النص على هذا الحق فى المادة (‪ )7‬من القانون رقم ‪ 117‬لسنة ‪ 1958‬حيث تقول‬
‫‪ " :‬لعضو النيابة اإلدارية عند إجراء التحقيق اإلطالع على ما يراه الزماً من األوراق‬
‫بالو ازرات والمصالح " وقد وردت األحكام التفصيلية لهذا الحق فى كل من الالئحة‬
‫الداخلية للنيابة اإلدارية ‪ ،‬والتعليمات العامة ‪ .‬فنصت المادة السادسة من الالئحة الداخلية‬
‫على أنه ‪ " :‬إذا امتنعت الو ازرات والمصالح عن تقديم األوراق التى يرى عضو النيابة‬
‫اإلدارية أنها الزمة للتحقيق ‪ ،‬عرض األمر على الوزير أو الرئيس المختص للبت فيه"‪.‬‬
‫وإذا كان ظاهر النص يكل األمر للرئيس المختص ‪ ،‬فإن مقتضيات الصالح العام تحتم‬
‫على هذا الرئيس بأن يجيب النيابة اإلدارية التى طلبها تيسي اًر لعملها ‪ .‬ولهذا نصت‬
‫المادة (‪ )12‬من التعليمات على أنه ‪ " :‬لعضو النيابة اإلدارية اإلطالع على األوراق‬
‫ولو كانت سرية لدى جميع الجهات " ولعضو النيابة اإلدارية أن يضم األوراق الالزمة‬
‫للتحقيق أو أن يحصل على صورة منها " ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ -:‬سلطة محقق الجهة اإلدارية فى اإلطالع على السجالت واألوراق ‪.‬‬
‫وقد نصت المادة (‪ )154‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫‪ 2016‬على أنه " للمحقق فى سبيل أداء مهمته اتخاذ اإلجراءات الالزمة لضمان سالمة‬
‫التحقيق وله على األخص ما يأتى ‪:‬‬
‫‪ - 1‬االطالع على السجالت واألوراق وإثبات ذلك فى المحضر والتأشير على كل ورقة‬
‫يطلع عليها‪ ،‬وإثبات تاريخ االطالع‪ ،‬وللمحقق ختم األوراق والسجالت وأية وثائق أخرى‬
‫يستلزم التحقيق التحفظ عليها‪.‬‬

‫‪601‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫‪ - 2‬طلب صور أية أوراق ال يستلزم التحقيق التحفظ على أصولها أو تدعو المصلحة‬
‫العامة عدم إرفاقها ‪.‬‬

‫رابعاً ‪ -:‬التفتيش ‪.‬‬


‫يعتبر التفتيش إجراء من إجراءات التحقيق التأديبى يقوم به المحقق وفقاً لإلجراءات‬
‫المقررة قانونا ًً بهدف ضبط المخالفة موضوع التحقيق وكل ما يفيد فى كشف الحقيقة‬
‫من أجل إثبات ارتكاب المتهم للمخالفة التأديبية ونسبتها إليه‪ ،‬وينصب التفتيش على‬
‫شخص ومنزل المتهم وعلى أماكن العمل وغيرها مما يستعمله الموظف الذى يجرى‬
‫معه التحقيق‪.‬‬
‫ويحمى الدستور والقانون حق اإلنسان فى حريته الشخصية وحرمة المسكن ‪ ،‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 54‬من الدستور المصرى الحالى ‪ 2014‬على أن ‪" :‬الحرية الشخصية‬
‫حق طبيعى‪ ،‬وهى مصونة ال تُمس‪ ،‬وفيما عدا حالة التلبس‪ ،‬ال يجوز القبض على أحد‪،‬‬
‫أو تفتيشه‪ ،‬أو حبسه‪ ،‬أو تقييد حريته بأى قيد إال بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق‪.‬‬
‫ويم ٌكن من‬
‫ويجب أن ُيبلغ فو اًر كل من تقيد حريته بأسباب ذلك‪ ،‬ويحاط بحقوقه كتابة‪ُ ،‬‬
‫اإلتصال بذويه وبمحاميه فو اًر‪ ،‬وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خالل أربع وعشرين ساعة‬
‫من وقت تقييد حريته‪.‬‬
‫وال يبدأ التحقيق معه إال فى حضور محاميه‪ ،‬فإن لم يكن له محام‪ُ ،‬ندب له محام‪ ،‬مع‬
‫توفير المساعدة الالزمة لذوى اإلعاقة‪ ،‬وفقاً لإلجراءات المقررة فى القانون‪.‬‬
‫ولكل من تقيد حريته‪ ،‬ولغيره‪ ،‬حق التظلم أمام القضاء من ذلك اإلجراء‪ ،‬والفصل فيه‬
‫خالل أسبوع من ذلك اإلجراء‪ ،‬وإال وجب اإلفراج عنه فو اًر‪.‬‬

‫‪602‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وينظم القانون أحكام الحبس االحتياطى‪ ،‬ومدته‪ ،‬وأسبابه‪ ،‬وحاالت استحقاق التعويض‬
‫الذى تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس االحتياطى‪ ،‬أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات‬
‫بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه‪.‬‬
‫وفى جميع األحوال اليجوز محاكمة المتهم فى الجرائم التى يجوز الحبس فيها إال‬
‫بحضور محام موكل أو ٌمنتدب "‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 58‬من الدستور المصرى الحالى ‪ 2014‬على أنه " للمنازل حرمة‪،‬‬
‫وفيما عدا حاالت الخطر‪ ،‬أو االستغاثة ال يجوز دخولها‪ ،‬وال تفتيشها‪ ،‬وال مراقبتها أو‬
‫التنصت عليها إال بأمر قضائى مسبب‪ ،‬يحدد المكان‪ ،‬والتوقيت‪ ،‬والغرض منه‪ ،‬وذلك‬
‫كله فى األحوال المبينة فى القانون‪ ،‬وبالكيفية التى ينص عليها‪ ،‬ويجب تنبيه من فى‬
‫المنازل عند دخولها أو تفتيشها‪ ،‬وإطالعهم على األمر الصادر فى هذا الشأن "‪.‬‬
‫ونظ ار ًً ألن التفتيش قد يمس شخص الموظف المخالف أو ينتهك حرمة مسكنه ويطلع‬
‫بجرأة على أس ارره التى تتكشف بالتفتيش‪ ،‬من هنا وجب وجود ضوابط إلجرائه‪ ،‬وقبل‬
‫التعرض لهذه الضوابط يجب الوقوف على سلطة محقق الجهة اإلدارية فى التفتيش‬
‫وكذلك سلطة عضو النيابة اإلدارية بالنسبة للتفتيش‪ ،‬ونعرض ذلك على النحو التالى ‪:‬‬
‫أوالً ‪ -:‬سلطة عضو النيابة اإلدارية في التفتيش ‪.‬‬
‫سلطة النيابة اإلدارية فى التفتيش تشمل شخص ومسكن الموظف المخالف متى‬
‫توافرت مبررات التفتيش ‪.‬‬
‫ويقصد بالشخص كمحل قابل للتفتيش كل ما يتعلق بكيانه المادى ‪ ،‬وما يتصل به مما‬
‫ُ‬
‫يرتديه من مالبس ‪ ،‬أو ما يحمله من أمتعة وأشياء أو ما يستعمله كمكتبه الخاص أو‬
‫سيارته الخاصة ‪.‬‬

‫‪603‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ويقصد بالمسكن كل مكان خاص يقيم فيه الشخص بصفة دائمة أو مؤقتة وينصرف‬
‫ُ‬
‫إلى توابعه كالحديقة وحظيرة الدواجن ويمتد إلى األماكن الخاصة التى يقيم فيها الشخص‬
‫ولو لفترة محدودة من اليوم كعيادة الطبيب ‪ ،‬وال تسرى حرمة األماكن الخاصة على‬
‫المزارع والحقول غير المتصلة بالمساكن ‪.‬‬
‫شروط وضوابط إجراء التفتيش وتتلخص فيما يلى‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يصدر اإلذن بالتفتيش من صاحب االختصاص بذلك‪:‬‬
‫يجب أن يكون اإلذن بالتفتيش صادا اًر ممن يملكه قانونا ًً ‪ .‬فيجوز لرئيس هيئة النيابة‬
‫اإلدارية أو من يفوضه من النواب أو الوكالء العامون األول أو الوكالء العامون أن‬
‫يأذن بتفتيش شخص أو منزل المتهم المنسوب إليه ارتكاب مخالفة إدارية أو مالية ‪.‬‬
‫كما يجوز لمدير المكتب الفنى أو مدير النيابة بحسب األحوال أن يأذن كتابة للعضو‬
‫المحقق بتفتيش أماكن العمل وغيرها مما يستعمله العاملون الذين يجرى التحقيق معهم‬
‫وذلك وفقاً للمادة ‪ 9‬من القانون ‪ 117‬لسنة ‪. 1958‬‬
‫وال ُيبيح اإلذن بالتفتيش لعضو النيابة المنتدب إلجرائه أن ينفذه سوى مرة واحدة فقط إذ‬
‫أن أمر الندب ينتهى مفعوله بتنفيذ التفتيش المطلوب ‪ ،‬فإذا ط أر ما يسوغ إعادة التفتيش‬
‫وجب إصدار إذن جديد‪.‬‬
‫وال يجوز لغير من ُعين بالذات من أعضاء النيابة فى اإلذن بالتفتيش أن ينفذه ‪ ،‬وال‬
‫يجوز لعضو النيابة المنتدب إلجراء التفتيش أن َيعهد به إلى أحد سواه إال إذا كان‬
‫التفتيش تحت بصره ‪.‬‬

‫‪604‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪ -1‬أن يكون اإلذن بالتفتيش كتابياً ‪.‬‬
‫يجب أن يكون اإلذن بالتفتيش كتابيا ًً ومن ثم ال يجوز التفتيش بناء على إذن شفوى‬
‫وذلك ألن التحقيق اإلدارى بحسب األصل مكتوب‪ ،‬والتفتيش ما هو إال إج ارء من‬
‫إجراء ات التحقيق‪.‬‬
‫إال أنه استثناء وفى حالة الضرورة يجوز أن يتم هذا اإلذن بأى وسيلة وال يقصد من‬
‫ذلك أن يكون القرار ذاته شفوى وإنما وسيلة اإلبالغ به هى التى يمكن أن تكون‬
‫شفوية‪ ،‬إنما يتعين أن يكون لإلذن بالتفتيش أصل ثابت بالكتابة وعلى من تلقى اإلذن‬
‫أن يثبته فى محضره‪.‬‬
‫ومن ثم يجب أن يصدر اإلذن بالتفتيش كتابياً ممن يملكه ‪ ،‬موضحاً به إسم من أصدره‬
‫ووظيفته وتاريخ وساعة صدوره ‪ ،‬واسم العضو المنتدب إلجراء التفتيش ووظيفته ‪ ،‬واسم‬
‫أو أسماء المقصودين بالتفتيش وما إذا كان التفتيش سيتناول شخص المتهم أم مسكنه‬
‫‪ ،‬أم مكان العمل ‪ ،‬وأن يحدد له فترة معقولة لتنفيذه يمكن تجديدها عند انقضائها بغير‬
‫ويزيل األمر بتوقيع من أصدره ‪.‬‬
‫تنفيذه َ‬
‫ويجوز عند االقتضاء إبالغ إذن التفتيش إلى عضو النيابة القائم بالتحقيق بأى وسيلة‪.‬‬
‫‪ -2‬ضرورة وجود تحقيق‪:‬‬
‫اشترط المشرع صراحة أنه يتعين لتفتيش شخص العامل أو مسكنه أن يكون هناك‬
‫تحقيقاً جاريا ًً معه فى شأن مخالفة مالية أو إدارية منسوبة إليه‪ ،‬وم ثم فال يجوز‬
‫التفتيش إال للبحث عن األشياء المتعلقة بالمخالفة التأديبية التى يجرى التحقيق بشأنها‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب أن َيصدر اإلذن بالتفتيش مسبباً ‪.‬‬
‫يجب أن َيصدر اإلذن بالتفتيش مسبباً وأن يبين به من واقع أوراق التحقيق الواقعة‬
‫المسندة للمتهم واألدلة القائمة عليها ‪ ،‬وتكييفها القانونى وبوجه عام كل ما من شأنه‬

‫‪605‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫أن يكشف اقتناع اآلمر بالتفتيش واطمئنانه إلى قيام المخالفة وجدية االتهامات‬
‫الماثل فيها ‪.‬‬
‫‪ -4‬مراعاة ضوابط التفتيش ‪.‬‬
‫‪ -1‬يقتضى تفتيش العامل المتهم الحد من حريته الشخصية بالقدر الالزم لتنفيذه دون‬
‫أن يمتد إلى النيل من سالمة الجسم أو غيرها من الحقوق المالزمة لشخصيته ‪ ،‬فإذا‬
‫أخفى المتهم الشئ فى موضع العورة منه فال يجوز المساس بها ‪ ،‬ولكن يجوز فى هذه‬
‫الحالة االلتجاء إلى الطبيب إلخراجه بوصفه خبي اًر يقدم خبرته فى ضبط الدليل بوسيلة‬
‫اليستطيع الشخص العادى القيام بها ‪.‬‬
‫‪ -2‬يجب أن يتم التفتيش بحضور الموظف المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك ‪،‬‬
‫وإال فيجب أن يكون بحضور شاهدين من أقاربه البالغين أو من القاطنين معه أو من‬
‫الجيران ‪ ،‬ويراعى هذا الترتيب بقدر اإلمكان ‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا كان محل التفتيش أنثى وجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى يندبها لذلك عضو‬
‫النيابة المعين إلجراء التفتيش ‪ ،‬ويجوز إجراء التفتيش بمعرفة عضو النيابة إذا لم يصل‬
‫إلى المواضع الجسمانية للمرأة التى ال يجوز له مشاهدتها أو مالمستها ‪.‬‬
‫‪ -4‬ال يجوز التفتيش إال للبحث عن األشياء المتعلقة بالمخالفة التأديبية الجارى التحقيق‬
‫فى شأنها ‪ ،‬ومع ذلك إذا ظهر عرضاً أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو‬
‫تفيد فى كشف الحقيقة فللقائم بالتفتيش باعتباره من مأمورى الضبط القضائى أن يضبطها‬
‫ويحرر محض اًر بذلك يعرضه على مدير النيابة التخاذ الالزم حيال إبالغ النيابة العامة‬
‫‪ ،‬أو التحقيق فيها حسب األحوال ‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا وجد العضو القائم بالتفتيش فى منزل المتهم أثناء تفتيشه أوراقاً مختومة أو مغلقة‬
‫بأية طريقة فال يجوز فضها بل توضع فى حرز ‪ ،‬ولعضو النيابة المحقق وحده فضها‬

‫‪606‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫واالطالع على األوراق ‪ ،‬على أن يتم ذلك إذا أمكن بحضور صاحب الشأن ويدون‬
‫مالحظاته عليها ويرد ما ال يكون الزماً للتحقيق ‪ ،‬ويحرر محض اًر بكل ذلك ‪.‬‬
‫‪ -6‬يراعى ما أمكن إجراء التفتيش خالل ساعات النهار وأن يتم تفتيش أماكن العمل‬
‫خالل أوقات العمل الرسمية ‪.‬‬
‫‪ -7‬يتعين على عضو النيابة المعين إلجراء تفتيش مسكن المتهم أن يصطحب معه‬

‫عند التفتيش أحد ضباط الشرطة الذين يقع مسكن المتهم فى دائرة اختصاصهم تالفياً‬
‫لما قد يحدث من المتهم أو زويه من مضايقات ‪.‬‬
‫‪ -8‬يجب على عضو النيابة المعين إلجراء التفتيش أن يحرر محض اًر بحصول التفتيش‬
‫يبين به اإلجراءات التى تم اتخاذها لتنفيذ إذن التفتيش ‪ ،‬ونتيجته وما إذا كان التفتيش‬

‫قد تم فى حضور المتهم المأذون بتفتيشه أم فى غيبته ‪ ،‬فإذا لم يكن العامل متواجداً‬
‫وقت التفتيش ُيثبت بالمحضر أسماء من شهدوا التفتيش من أقاربه أو القاطنين معه أو‬
‫جيرانه ‪ ،‬وبوجه عام يتعين أن يعكس المحضر صورة كاملة لما دار أثناء عملية التفتيش‬
‫‪ ،‬ويرفق هذا المحضر بملف التحقيق ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ -:‬سلطة محقق الجهة اإلدارية في التفتيش‪.‬‬


‫يتفق النظام الفرنسى مع النظام المصرى فيما يتعلق بسلطات المحقق اإلدارى بالنسبة‬
‫للتفتيش‪ ،‬حيث إن القاعدة عدم جواز تفتيش شخص الموظف المخالف أو مسكنه إال‬
‫برضائه ‪ .‬وهو ما أقرته المحكمة اإلدارية العليا ‪.‬‬
‫ومن ثم إذا امتنع الموظف عن ذلك فال يجوز للمحقق اإلدارى إجراء هذا التفتيش لما‬
‫فيه من اعتداء على الحرية الشخصية وانتهاك لحرمة الخصوصية‪.‬‬

‫‪607‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫أما بالنسبة لتفتيش مكتب الموظف فإنه يجوز للمحقق إجرائه بناء على إذن صريح من‬
‫الرئيس اإلدارى للموظف المخالف‪ ،‬ويرجع السبب فى ذلك إلى أن مكتب الموظف ال‬
‫يعد مملوكا ًً له ملكية خاصة وإنما هو أداة من أدوات اإلدارة‪ ،‬شأنه فى ذلك شأن اآللة‬
‫بالنسبة للعامل فى المصنع‪ ،‬كما أن األصل هو أن يمتنع على الموظف االحتفاظ بأية‬
‫متعلقات شخصية داخل جهة اإلدارة مثل الخطابات الخاصة أو األوراق الخاصة ألن‬
‫وجودها بالمكتب ال يمنع من التفتيش ألن القاعدة هى أن المكتب وأوراقه ومحتوياته‬
‫ملك للدولة والموظف أمين عليها‪ ،‬لذلك يمكن للرئيس اإلدارى أن يقوم بالتفتيش بنفسه‪،‬‬
‫كما يستطيع أن بأذن بذلك للمحقق اإلدارى‪ ،‬وبالتالى ال يعد غلق مكتب الموظف سبب‬
‫مانع من تفتيشه إذ يستطيع الرئيس كسر القفل واإلطالع على محتويات الكتب دون‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫حاجة إلى استصدار إذن بذلك من النيابة العامة‬

‫(‪ (1‬د‪ .‬عادل عبدالعزيز السن ‪ ،‬ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ‪ ،‬التحقيق اإلدارى (‬
‫كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ‪ ،‬الشارقة – دولة اإلمارات العربية المتحدة ‪ 5 -3‬مايو‬
‫‪ ، 2011‬ص ‪. 71‬‬

‫‪608‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ويرى الباحث ‪:‬‬
‫أن المادة (‪ )58‬من الدستور المصرى الحالى الصادر عام ‪ 2014‬نصت على أن "‬
‫للمنازل حرمة ‪ ،‬وفيما عدا حاالت الخطر ‪ ،‬أو االستغاثة ال يجوز دخولها ‪ ،‬وال تفتيشها‬
‫‪ ،‬وال مراقبتها أو التنصت عليها إال بأمر قضائى مسبب ‪ ،‬يحدد المكان ‪ ،‬والتوقيت ‪،‬‬
‫والغرض منه ‪ ،‬وذلك كله فى األحوال المبينة فى القانون ‪ ،‬وبالكيفية التى ينص عليها‬
‫‪ ،‬ويجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها أو تفتيشها ‪ ،‬وإطالعهم على األمر الصادر‬
‫فى هذا الشأن " ‪.‬‬
‫وقد نظم كل من قانون اإلجراءات الجنائية وقانون النيابة اإلدارية الضوابط واألحكام‬
‫الخاصة بتفتيش المنازل فى المجال الذى يسرى فيه ‪ .‬فتضمنت المادة (‪ )9‬من قانون‬
‫النيابة االدارية رقم ‪ 117‬لسنة ‪ 1958‬النص على أن يجوز لمدير عام النيابة اإلدارية‬
‫أو من يفوضه من الوكيلين فى حالة التحقيق أن يأذن بتفتيش أشخاص ومنازل العاملين‬
‫المنسوب إليهم المخالفة المالية أو اإلدارية إذا كان هناك مبررات قوية تدعو إلى اتخاذ‬
‫هذا اإلجراء‪ ،‬ويجب أن يكون األذن كتابياً وأن يباشر التحقيق أحد األعضاء الفنيين ‪.‬‬
‫كما نصت المادة (‪ )14‬من الالئحة الداخلية للنيابة االدارية الصادرة بقرار من رئيس‬
‫الجمهورية رقم ‪ 1489‬لسنة ‪ 1958‬على أن يباشر تفتيش المنازل أحد أعضاء النيابة‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫وجدير بالذكر أن لفظ المنازل المنصوص عليها فى قانون النيابة االدارية قد جاء عاماً‬
‫ومطلقا فيؤخذ إطالقه وينصرف إلى المساكن الخاصة وإلى المساكن الحكومية على حد‬
‫سواء حتى لو كانت ملحقة بمكان العمل طالما أنها مخصصة فعال لإلقامة والسكن‬
‫وفيها يستطيع الشخص أن يأكل ويستريح وينام مطمئناً إلى أنه فى مأوى من إزعاج‬
‫اآلخرين ‪.‬‬

‫‪609‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ويبدو واضحاً أن المشرع فى الجرائم التأديبية قصر سلطة تفتيش منازل العاملين على‬
‫أعضاء النيابة اإلدارية وحدهم يجرونه بالشروط واألوضاع التى نص عليها القانون‪،‬‬
‫ومن ثم يمتنع على الرؤساء اإلداريين تفتيش منازل العاملين ومثل هذا التفتيش لو حدث‬
‫يكون باطالً‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬إنه عن الوجه األول من أوجه‬
‫الطعن والخاص ببطالن اإلجراءات تأسيساً على أن الدكتور‪ ..... /‬مدير القسم العالجى‬
‫بمديرية الشئون الصحية بقنا قام بتفتيش مسكن الطاعن دون الحصول على موافقة‬
‫صريحة منه أو أن يكون مأذوناً بذلك من السلطة المختصة قانوناً‪ ،‬ومن حيث أنه لما‬
‫كان الثابت من األوراق أن مدير القسم العالجى بمديرية الشئون الصحية بقنا‪ ،‬قد اقتحم‬
‫مسكن المخالف وقام بضبط ما به من تذاكر طبية‪ ،‬فإن ذلك يكون قد تم بالمخالفة‬
‫للقانون‪ ،‬ويكون التفتيش باطالً ويترتب عليه بطالن الدليل المستمد من التذاكر الطبية‬
‫التى تم ضبطها‪ .‬ولئن كان البطالن يقتصر من الدليل المستمد من التفتيش الباطل‪ ،‬أال‬
‫أن التحقيقات واألوراق قد خلت تماماً من ثمة دليل آخر يفيد قيام المخالفة الثانية فى‬
‫حق الطاعن سيما وأنه عند جرد عهدته لم يظهر ثمة عجز بها‪ ،‬وإذ ذهب الحكم‬
‫المطعون فيه غير هذا المذهب‪ ،‬يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫والحكم ببراءة الطاعن "‬
‫ويبدو واضحاً أن هناك نقصاً تشريعياً بخصوص التفتيش بمعرفة الجهة اإلدارية ‪ ،‬فنجد‬
‫أن قانون الخدمة المدنية لم يتضمن أى نص يتعلق بالتفتيش الذى تجريه الجهة اإلدارية‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1976/5/29‬الطعن رقم ‪1091‬لسنة ‪18‬ق ‪.‬‬

‫‪610‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪ ،‬كما أن الالئحة التنفيذية لهذا القانون جاءت أيضاً خلواً من أى نص يتعلق بالتفتيش‬
‫‪ ،‬وهذا هو الحال فى قوانين التوظف على وجه العموم ‪.‬‬
‫وندعو المشرع المصرى إلى معالجة هذا النقص التشريعى وتنظيم التفتيش الذى تجريه‬
‫الجهة اإلدارية ‪.‬‬

‫‪611‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫املبحث الثانى‬

‫الضمانات اإلجرائية واملوضوعية للموظف أثناء جلسات التحقيق‬

‫التحقيق االدارى فى ذاته ضمانة مهمة من ضمانات الموظف العام وأن اجراءات‬
‫التحقيق تمثل فى جانب منهما ضمانات وحقوقاً للموظف المخالف ال بد من كفالتها‬
‫وأخرى تمثل سلطات لجهة التحقيق لم يتركها المشرع سدى بل قيدها بضوابط وأحكام‬
‫تمثل فى مجملها ضمانات للموظف ‪.‬‬
‫وغالباً ما نجد أن هناك نقصاً تشريعياً وتغافالً من المشرع بالتعريف بالضمانات اإلجرائية‬
‫والموضوعية للموظف أثناء التحقيق ‪ ،‬اكتفاء منه بوضوح معناها ‪ ،‬وجالء مقصودها‬

‫فى األذهان ‪ ،‬وربما اكتفت التشريعات بعرض هذه الضمانات الواحدة تلو األخرى تبعاً‬
‫لتسلسل إجراءات التحقيق ‪.‬‬
‫والحقيقة أن صدور الجزاء التأديبى من الجهة اإلدارية أم اًر ليس بالهين فى كل األحوال‬
‫فوالية العقاب هى مقررة أصالً للقاضى ‪ ،‬وقد يكون فى إيكالها لغيره خرقاً لمبدأ فصل‬
‫السلطات ‪ ،‬وهو ما قد يشكل افتئاتاً على سلطة القضاء وتدخالً فى شئونه ‪ .‬إال أن‬
‫المجلس الدستورى الفرنسى ذهب إلى أن الجزاءات اإلدارية ال تتعارض مع مبدأ فصل‬
‫السلطات شريطة أن يقترن تطبيقها بالضمانات (‪.)1‬‬
‫والتأديب ليس الغاية منه العقاب فى حد ذاته ‪ ،‬بل ضمان حسن سير المرافق العامة‬
‫بانتظام واطراد على نحو يمكنها من الوفاء بالتزاماتها ‪ ،‬وإذا كانت الحاجة إلى تسيير‬
‫المرفق العام تقتضى تقوية السلطة التأديبية وزيادة سلطة الرئيس اإلدارى ‪ ،‬فإن ذلك ال‬

‫‪(1 ) C.C.29. juillet. 1992. J. O .30 juillet 1992. P. 10261.‬‬

‫‪612‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫يعنى أن يكون خصماً من الضمانات التى يتعين توفيرها للموظفين فى مواجهة ما قد‬
‫يتعرضون له من جزاء بال ضوابط ‪ ،‬تفقدهم الطمأنينة والعمل فى هدوء نفسى ‪ ،‬األمر‬
‫الذى ينعكس سلباً على أدائهم الوظيفى ‪.‬‬
‫ونتناول هذا المبحث فى المطلبين التاليين ‪:‬‬
‫• المطلب األول ‪ :‬الضمانات اإلجرائية للموظف فى التحقيق ‪.‬‬
‫• المطلب الثانى ‪ :‬الضمانات الموضوعية للموظف أثناء التحقيق ‪.‬‬

‫املطلب األول‬

‫الضمانات اإلجرائية للموظف فى التحقيق‬


‫التحقيق اإلدارى هو أساس قرار الجزاء وبدونه يبطل هذا القرار حيث يوصم بعدم‬
‫المشروعية ‪ ،‬ألجل ذلك فإنه من المتعين أن يتم هذا التحقيق ‪ ،‬وفق ضوابط شكلية‬
‫وإجرائية قصد بها أن تشكل ضمانات للمحال للتحقيق ‪ ،‬بحيث يؤدى تخلفها إلى بطالنه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ويمتد أثر هذا البطالن إلى قرار الجزاء الصادر استناداً إليه‬
‫والمبادىء التى تحكم تأديب الموظفين تتردد بين اعتبارين كالهما جدير بالرعاية ‪ :‬هما‬
‫منطق الضمان والرعاية بالنسبة للموظف ‪ ،‬ومقتضى فاعلية العمل اإلدارى ‪ ،‬وإذا كنا‬
‫نجد صدى لهذين االعتبارين فى جميع األحكام التى تقوم عليها نظرية التأديب ‪ ،‬فإن‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ‪ ،‬إجراءات تأديب الموظف العام ‪ ،‬المركز القومى لإلصدارات‬
‫القانونية ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2008‬ص ‪. 153‬‬

‫‪613‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫الغلبة لمنطق الضمان واضحة تماماً فى مجال اإلجراءات ولقد أكد هذا المعنى الفقه‬
‫المصرى والفرنسى فى كثير من المؤلفات التى صدرت فى موضوع التأديب (‪.)1‬‬
‫وتحتل الضمانات اإلجرائية فى نطاق التأديب ‪ ،‬ذات األهمية المقررة لها فى نطاق‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬فهى الضوء الذى ينير اإلجراءات التأديبية ويزيل‬ ‫القواعد التى تحكم النظم العقابية‬
‫عتمتها ‪ ،‬وسالحاً للموظف لمقاومة انحرافات السلطة التأديبية ‪ ،‬وسياجاً يحد من تطرف‬
‫سلطة اإلدارة فى اتخاذ الجزاء (‪.)3‬‬
‫ونتناول هذه الضمانات اإلجرائية على النحو التالى ‪-:‬‬
‫أوالً ‪ -:‬إخطار الموظف واستدعائه بالحضور ‪.‬‬
‫البد من إخطار الموظف رسميا ًً بضرورة مثوله أمام المحقق لالستماع إلى أقواله‪،‬‬
‫ويتم ذلك عن طريق التكليف بالحضور والذى يصدره إما محقق الجهة اإلدارية أو‬
‫رئيسه المباشر أو الرئيس اإلدارى األعلى‪ ،‬أو يصدر هذا التكليف من عضو النيابة‬
‫اإلدارية بالنسبة للتحقيقات التى تجريها النيابة اإلدارية‪.‬‬

‫وبالنسبة للجهة اإلدارية فهى غير ملزمة بإتباع طريق معين إلخطار الموظف رسمياً‬
‫بما يفيد ضرورة مثوله أمام المحقق‪ ،‬إال أن التكليف بالحضور يعد من الق اررات الفردية‬

‫‪(1 ) Planty (alain) , traite pratique de la function publique , 2ed, 1963. P.307.‬‬

‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد باهى أبو يونس ‪ ،‬الرقابة القضائية على شرعية الجزاءات اإلدارية ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫‪ ، 2001 ،‬ص ‪. 153‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬سعد نواف العنزى ‪ ،‬الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ‪ ،‬دار المطبوعات‬
‫الجامعية ‪ ،‬األسكندرية ‪ ، 2007 ،‬ص ‪. 85‬‬

‫‪614‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫التى يلزم إبالغها للشخص نفسه‪ ،‬يستوى فى ذلك أن يوقع هذا الشخص على أصل‬
‫أمر التكليف بالحضور أو أن يتم إبالغه بخطاب موصى عليه بعلم الوصول‪.‬‬
‫وترجع أهمية التكليف بالحضور إلى جهة التحقيق إذا كان التحقيق يجرى بمعرفة الجهة‬
‫اإلدارية إلى أنه ال يجوز توقيع جزاء على العامل إال بعد التحقيق معه كتابة وسماع‬
‫أقواله وتحقيق دفاعه ‪ ،‬ولذلك يتعين تكليف الموظف المخالف بالحضور لجهة التحقيق‬
‫لسماع أقواله‪ ،‬وذلك بأى وسيلة إذ يصح إرسال إشارة تليفونية أو فاكس أو حتى إبالغه‬
‫عن طريق زميل له‪ ،‬وهذا يعنى ضرورة اتصال علم المخالف بالتكليف بأى كيفية حتى‬
‫يعتبر تكليفا ًً صحيحا ًً (‪.)1‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪" :‬التحقيق الذى يتم مع الموظف‬
‫يجب أن يسبقه استدعاء صحيح كى يدلى بأقواله فى التحقيق ‪ ،‬يترتب عليه أن التحقيق‬
‫يكون مشوباً بعيب شكلى يبطله ويبطل قرار الجزاء المترتب عليه ‪ ....‬وأن االستدعاءات‬
‫التى يشير إليها الطاعن هى صور ضوئية ال تفيد علم المطعون ضده من خالل توقيعه‬
‫بالعلم عليها ‪ ،‬أو توافر الشهود على رفضه استالمها مما يهدر قيمتها ‪ ،‬كما أن الورقة‬
‫التى خط عليها امتناعه عن استالم إشارة االستدعاء هى ورقة مجهولة الهوية وغير‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫موقعة من أحد يمكن نسبتها إليه حتى يمكن اإلعتداد بها "‬

‫(‪ (1‬د‪ .‬عادل عبدالعزيز السن ‪ ،‬ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ‪ ،‬التحقيق اإلدارى (‬
‫كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 60‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1999/11/27‬الطعن رقم ‪3745‬لسنة ‪ 42‬ق ‪.‬‬

‫‪615‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫كما قضت أيضاً أنه ‪ ":‬ال يجوز مجازاة العامل إال بعد إجراء تحقيق معه يكون له‬
‫مقومات التحقيق القانونى وضماناته من وجوب استدعاء العامل وسؤاله ومواجهته بما‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫هو منسوب إليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه "‬
‫كما قضت أيضاً بأن ‪ " :‬خلو األوراق من استدعاء الممرضة ‪ ....‬وخلت التحقيقات من‬
‫أية أقوال لها ‪ ،‬وورود اسمها فى قرار االتهام دون سؤالها فى التحقيقات ومواجهتها ‪....‬‬
‫من شأنه إهدار أهم ضمانة من ضمانات التحقيق – عدم مواجهة المتهم – على نحو‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫يعيبه األمر الذى يترتب عليه بطالن قرار الجزاء"‬
‫وقد نصت المادة (‪ )152‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫‪ 2016‬على أنه يتعين قبل البدء فى التحقيق مع الموظف إعالنه كتابة على نحو‬
‫يتحقق به علمه بقرار اإلحالة للتحقيق من خالل أمر استدعاء يشتمل على البيانات‬
‫اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -1‬اسمه رباعياً ‪.‬‬
‫‪ -2‬الرقم القومى ‪.‬‬
‫‪ -3‬اسم الوظيفة التى يشغلها ‪.‬‬
‫‪ -4‬موضوع المخالفة المنسوبة إليه ‪.‬‬
‫‪ -5‬السلطة التى قررت إحالته إلى التحقيق وتاريخ القرار ‪.‬‬
‫‪ -6‬موعد بدء التحقيق ومكانه‪ ،‬على أال تتجاوز الفترة الزمنية لبدء التحقيق عشرة‬
‫أيام من تاريخ تسلم قرار اإلحالة إلى التحقيق ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1996/11/16‬الطعن رقم ‪3155‬لسنة ‪ 41‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2000/5/23‬الطعنين رقمى ‪2061 ،1956‬لسنة ‪45‬ق‪.‬‬

‫‪616‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫كما نصت المادة (‪ )153‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫‪ 2016‬على أنه " إذا امتنع الموظف المحال إلى التحقيق عن الحضور رغم إعالنه‬
‫كتابة يتم إعادة إعالنه خالل ثالثة أيام عمل بالموعد الجديد‪ ،‬فإذا تخلف عن الحضور‬
‫تسير جهة التحقيق فى استكمال التحقيق‪ ،‬وينطبق ذات الحكم فى حالة رفض الموظف‬
‫تسلم أمر االستدعاء ويتأشر على أمر االستدعاء بذلك ويودع ضمن أوراق التحقيق " ‪.‬‬
‫ومن ثم يجب أن يتم إستدعاء الموظف لحضور التحقيق بإخطاره رسمياً بموعد إجراء‬
‫التحقيق بوقت كاف حتى يتسنى له إعداد دفاعه وتهيئة نفسه للمثول أمام سلطات‬
‫التحقيق ‪ ،‬ومراعاة المسافة التى تبعد الموظف عن مقر التحقيق ‪ .‬وقد حدد مجلس الدولة‬
‫الفرنسى شرط المدة بما تطلبه من أال تكون بالغة الطول بحيث تفوت الحكمة من الجزاء‬
‫ويفقد جانبه الردعى أثره وال تكون مفرطة فى القصر فال يتمكن صاحب الشأن من إعداد‬
‫دفاعه (‪.)1‬‬
‫وقد نصت المادة (‪ )6‬من المرسوم الفرنسى رقم ‪ 677-89‬المؤرخ فى ‪ 18‬سبتمبر‬
‫‪1989‬المتعلق باإلجراءات التأديبية المطبقة على المسؤولين اإلقليميين على أنه ‪" :‬‬
‫يستدعى الموظف العام محل المحاكمة من قبل رئيس مجلس التأديب ‪ ،‬قبل خمسة‬
‫يوما على األقل من موعد االجتماع ‪ ،‬بكتاب مسجل بعلم الوصول‪.‬‬‫عشر ً‬
‫يجوز له تقديم مالحظات مكتوبة أو شفهية إلى المجلس التأديبى ‪ ،‬واستدعاء الشهود ‪،‬‬
‫ويساعده محام واحد أو أكثر من اختياره "‪.‬‬
‫‪" Le fonctionnaire poursuivi est convoqué par le président du‬‬
‫‪conseil de discipline, quinze jours au moins avant la date de la‬‬

‫‪(1 ) - C.E 20 jan. 1956, negre. Rec, p. 24 .‬‬

‫‪617‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫‪réunion, par lettre recommandée avec demande d'avis de‬‬
‫‪réception.‬‬
‫‪Il peut présenter devant le conseil de discipline des observations‬‬
‫‪écrites ou orales, citer des témoins et se faire assister par un ou‬‬
‫‪plusieurs conseils de son choix" .‬‬
‫ويجب أن يتضمن التكليف بالحضور سببه أو اإلشارة إلى أن هناك تحقيق سيجرى مع‬
‫المكلف بالحضور‪ ،‬ألن التكليف بالحضور إنما يقصد به علم المخالف بالتحقيق األمر‬
‫الذى يترتب على إغفال هذه الجزئية فى طلب الحضور بطالن التحقيق ‪.‬‬
‫ويثور بصدد إخطار الموظف واستدعائه بالحضور عدد من األسئلة المهمة والتى‬
‫تحتاج إلى إجابات مقنعة ؟‬
‫‪ -1‬ما هو أثر عدم تكليف الموظف بالحضور ؟‬
‫يترتب على عدم استدعاء جهة التحقيق للعامل المخالف بطالن التحقيق‪ ،‬وهو ما ذهبت‬
‫إليه المحكمة اإلدارية العليا بقولها "إنه يتعين أن يثبت أنه تم استدعاء الموظف‪ ،‬فإذا‬
‫صدر قرار الجزاء دون استدعاء للموظف وسماع أقواله وأوجه دفاعه كان فى هذا‬
‫إخالالً خطي اًر بحق الدفاع‪ ،‬وتكون التحقيقات التى أجريت فى غيبة الموظف دون علمه‬
‫وانتهت إلى مسئوليته ومجازاته كلها إجراءات باطلة ‪.‬‬

‫‪618‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ومن ثم فإن االستدعاء للتحقيق بهذه الصورة يعد شكالً جوهرياً يترتب على إغفاله بطالن‬
‫التحقيق ‪ ،‬مع ما يرتبه ذلك من بطالن لقرار الجزاء الذى استند إليه ‪ ،‬بشرط انتفاء قرينة‬
‫علم الموظف اليقينى بوجود تحقيق معه (‪.)1‬‬
‫استدعاء سليماً للتحقيق معه‬
‫ً‬ ‫والجدير بالذكر أنه على الرغم من أن عدم استدعاء المتهم‬
‫يبطل قرار الجزاء المستند لهذا التحقيق فى حالة التأديب الرئاسى ‪ ،‬فإن األمر يكون‬
‫مختلفاً إذا ما اضطلعت النيابة اإلدارية بمباشرة التحقيق وارتأت إحالة المتهم إلى‬
‫المحاكمة التأديبية ‪ ،‬حيث أن عدم صحة االستدعاء هنا ال يبطل قرار اإلحالة ‪ ،‬حيث‬
‫يكون بوسع المتهم حضور محاكمته التأديبية وإبداء ما يعن له من أوجه دفاع فيها ‪،‬‬
‫األمر الذى يغنيه عن التمسك ببطالن التحقيق اإلبتدائى الذى تم دون استدعائه لحضوره‬
‫أو باستدعاء غير صحيح من الناحية القانونية حيث أن الغاية من االستدعاء تكون قد‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫تحققت فى هذه الحالة‬
‫‪ -2‬هل يمكن لجهة التحقيق أن تجرى التحقيقات فى غيبة المتهم بعد إمتناعه عن‬
‫الحضور أم أنها ملزمة بانتظار تمثيله أمامها؟‬
‫يلزم التفرقة بين حالتين ‪:‬‬
‫الحالة األولى ‪ :‬امتناع الموظف عن حضور التحقيق دون عذر‪:‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1983/11/22‬الطعن رقم ‪1315‬لسنة ‪ 28‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1969/2/1‬الطعن رقم ‪644‬لسنة ‪ 14‬قضائية ‪ .‬عليا ؛‬
‫حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1986/10/28‬الطعن رقم ‪3399‬لسنة ‪ 30‬قضائية ‪ .‬عليا‬
‫‪.‬‬

‫‪619‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫إذا تم استدعاء الموظف المخالف للحضور أمام جهة التحقيق وذلك بناء على تكليف‬
‫بالحضور صحيح فإن غياب الموظف المخالف دون عذر ال يمنع جهة التحقيق من‬
‫االستمرار فيه حتى صدور قرار متضمناً الجزاء التأديبى وإن كان العمل قد درج على‬
‫مواجهة المخالف الممتنع عن الحضور بإخطاره مرة أخرى بخطاب موصى عليه بعلم‬
‫الوصول موضحاً فيه التهمة المنسوبة إليه وتنبيهه إلى أن تخلفه عن الحضور يهدر‬
‫حقه فى الدفاع ويعطى المحقق أحقية فى االستمرار فى التحقيق فى غيبته‪ ،‬إذ أن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫امتناع الموظف دون عذر ينشئ في حقه قرينة اقترافه الذنب اإلدارى‬
‫وإعماالً لذلك نصت المادة (‪ )153‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪81‬‬
‫لسنة ‪ 2016‬على أنه " إذا امتنع الموظف المحال إلى التحقيق عن الحضور رغم‬
‫إعالنه كتابة يتم إعادة إعالنه خالل ثالثة أيام عمل بالموعد الجديد‪ ،‬فإذا تخلف عن‬
‫الحضور تسير جهة التحقيق فى استكمال التحقيق‪ ،‬وينطبق ذات الحكم فى حالة رفض‬
‫الموظف تسلم أمر االستدعاء ويتأشر على أمر االستدعاء بذلك ويودع ضمن أوراق‬
‫التحقيق " ‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪:‬عدم حضور الموظف التحقيق بعذر‪:‬‬
‫إذا كان هناك عذر لدى الموظف أدى به إلى استحالة حضوره التحقيقات‪ ،‬وهنا وجب‬
‫على جهة التحقيق عدم التصرف فى التحقيق قبل زوال المانع ثم استدعاء الموظف‬
‫وسماع أقواله‪.‬‬

‫(‪ (1‬د‪ .‬عادل عبدالعزيز السن ‪ ،‬ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ‪ ،‬التحقيق اإلدارى‬
‫( كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 61‬‬
‫‪ -‬د ‪ .‬ماهر عبدالهادى ‪ ،‬الشرعية اإلجرائية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 254‬‬

‫‪620‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ومن ثم إذا وجد مانع قانونى لدى الموظف المخالف وجب إيقاف اإلجراءات التأديبية‬
‫قبله شريطة أن يستند هذا المانع إلى أحد أمرين‪:‬‬
‫)أ( استخدام الموظف لحقه القانونى‪:‬‬
‫كاإلجازة فهى حق مكفول قانوناً للموظف ومن ثم فإنه يتعين عدم تكليف الموظف‬
‫بالحضور أمام جهات التحقيق أثناء قيامه باإلجازة لما فى ذلك من إهدار لحقه المخول‬
‫قانوناً‪ ،‬لذلك وجب على المحقق أن يوقف التحقيق لحين انتهاء إجازة الموظف أيا كان‬
‫نوع اإلجازة‪.‬‬
‫)ب( تنفيذ التزام مشروع‪:‬‬
‫إذا كان الموظف المخالف مرتبط بتنفيذ التزام وظيفى مثل الموفد فى مهمة رسمية‬
‫خارج الوطن أو البعثات أو الموجود فى مناطق نائية فإنه من العسير على مثل هؤالء‬
‫المثول أمام جهات التحقيق وقت طلبهم وإنما يجب وقف اإلجراءات لحين زوال المانع‪.‬‬
‫وفى كل األحوال ال يمكن وقف التحقيق لتعذر الموظف المخالف بحجج شخصية له‬
‫كوجود ظروف شخصية أو ارتباطات عائلية تؤدى إلى عدم مثوله أمام جهات التحقيق‬
‫(‪.)1‬‬
‫ونالحظ أن المشرع فى قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬لم ينص على حالة‬
‫عدم حضور الموظف التحقيق بعذر‪ ،‬ونهيب بالمشرع أن ينص على ذلك صراحة لتوفير‬
‫هذه الضمانة المهمة للموظف ‪.‬‬

‫(‪ (1‬د ‪ .‬ماهر عبدالهادى ‪ ،‬الشرعية اإلجرائية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪.258 ، 257‬‬

‫‪621‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫‪ -3‬هل عدم المثول أمام سلطات التحقيق عند االستدعاء يشكل خروجاً على مقتضى‬
‫الواجب الوظيفى ويستوجب المساءلة ؟‬

‫النظام الفرنسى اعتبر عدم مثول الموظف للتحقيق دون عذر يعد خطأ تأديبيا ًً مستقالً‬
‫يستوجب محاسبة الموظف عليه‪ ،‬وهذا معناه أن الموظف يعاقب عن المخالفة محل‬
‫التحقيق‪ ،‬باإلضافة إلى عقابه عن عدم المثول للتحقيق‪ ،‬وذلك طالما أنه تم تكليفه‬
‫بالحضور ألن عدم مثول الموظف المخالف يعد تمرد على تنفيذ أمر صادر من سلطة‬
‫إدارية وفقا ًً للقانون وإخالال ًً بالتزام واجب الطاعة ‪ ،‬طاعة الرؤساء ‪ ،‬األمر الذى يعد‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫فى ذاته مخالفة تأديبية مستقلة عن المخالفة محل التحقيق‬
‫وقد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬متى كانت الئحة الجزاءات المعمول بها فى‬
‫الشركة قد جعلت من امتناع العامل عن الحضور للتحقيق أو رفض إبداء أقواله مخالفة‬
‫تأديبية فال وجه للقول بأن امتناعه غير مؤثم ألنه تنازل عن حقه فى الدفاع ‪ -‬أساس‬
‫ذلك ‪ :‬أنه يجب على العامل أن يوطن نفسه على توقير رؤسائه واإلقرار بحقهم فى‬
‫ممارسة اختصاصاتهم الرئاسية قبله ومنها توجيهه والتحقيق معه الستجالء الحقيقة وتبين‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫دفاعه فيما نسب إليه "‬

‫(‪ (1‬اللواء دكتور‪ /‬محمد ماجد ياقوت ‪ ،‬التحقيق فى المخالفات التأديبية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫د‪ .‬عادل عبدالعزيز السن ‪ ،‬ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ( كيفية‬
‫التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 61‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1988/11/22‬الطعن رقم ‪2255‬لسنة ‪ 33‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا ‪.‬‬

‫‪622‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫كما قضت أيضاً أنه ‪ " :‬عدم المثول أمام سلطات التحقيق عند االستدعاء يشكل خروجا‬
‫على مقتضى الواجب الوظيفى ‪ -‬يستوجب المساءلة ‪ -‬ال ينال من ذلك القول بأن‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫المثول أمام المحقق يترتب عليه تفويت فرصة الدفاع فحسب "‬
‫ولكن من المالحظ أن المحكمة اإلدارية العليا قد عدلت عن هذا الرأى مؤكدة أن‬
‫امتناع المتهم عن الحضور ال يشكل مخالفة إدارية ‪.‬‬
‫وفى هذا الشأن قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن " امتناع المتهم عن الحضور للتحقيق‬
‫أو سكوته عن إبداء دفاعه فى المخالفة المنسوبة إليه فى التحقيق ال يشكل بذاته مخالفة‬
‫إدارية أو ذنباً إدارياً مستوجباً للمسئولية التأديبية أو العقاب التأديبى ‪ ،‬ولكن المتهم فى‬
‫هذه الحالة يكون قد فوت على نفسه فرصة إبداء أوجه دفاعه فى المخالفة المنسوبة إليه‬
‫فى التحقيق وعليه تقع تبعة ذلك ‪.‬‬
‫وال محل إلجبار المتهم على اإلدالء بأقواله فى التحقيق وتهديده بالجزاء التأديبى الذى‬
‫سيوقع عليه فى حالة امتناعه أو سكوته فهو وشأنه فى تغير موقفه الدفاعى إزاء االتهام‬
‫المسند إليه ‪ ،‬والمقرر وفق األصول العامة أنه ال يسوغ إكراه متهم على اإلدالء بأقواله‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫فى التحقيق بأى وسيلة من وسائل االكراه المادى أو المعنوى‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ،1996/11/26‬الطعن رقم ‪ 2453‬لسنة ‪ 30‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1998/8/30‬الطعن رقم ‪ 3494‬لسنة ‪ 42‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا‪.‬‬

‫‪623‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫نصت مادة (‪ )153‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪2016‬‬
‫على أنه ‪ " :‬إذا امتنع الموظف المحال إلى التحقيق عن الحضور رغم إعالنه كتابة يتم‬
‫إعادة إعالنه خالل ثالثة أيام عمل بالموعد الجديد‪ ،‬فإذا تخلف عن الحضور تسير جهة‬
‫التحقيق فى استكمال التحقيق‪ ،‬وينطبق ذات الحكم فى حالة رفض الموظف تسلم أمر‬
‫االستدعاء ويتأشر على أمر االستدعاء بذلك ويودع ضمن أوراق التحقيق " ‪.‬‬
‫ومن فإن النص سالف الذكر لم تعتبر أن عدم مثول الموظف المخالف أمام سلطات‬
‫التحقيق عند االستدعاء يشكل خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفى ويستوجب المساءلة‬
‫‪ ،‬مكتفية بأن ذلك يعد تفويت الموظف فرصة الدفاع عن نفسه ‪ ،‬وسير جهة التحقيق‬
‫فى استكمال التحقيق ‪.‬‬
‫والحقيقة رغم أننا من أشد الحريصين على توفير الضمانات للموظف أثناء التحقيق إال‬
‫أن هذه الضمانات يجب أن تتوازى مع مصلحة التحقيق ومصلحة المرفق وفاعلية العمل‬
‫ٍّ‬
‫متساو ‪.‬‬ ‫اإلدارى بميزان‬
‫ولذلك نرى أن عدم مثول الموظف للتحقيق دون عذر يعد خطأ تأديبيا ًً مستقالً يستوجب‬
‫محاسبة الموظف عليه سواء نصت على ذلك الئحة الجزاءات الداخلية فى الجهة‬
‫اإلدارية أو لم تنص ‪.‬‬
‫فجهة التحقيق هدفها استجالء الحقيقة أينما تكون ‪ ،‬وليس الزج بالموظف المحال للتحقيق‬
‫بجزاء قد يكون شرعياً وقانونياً ولكنه ليس عادالً ‪ .‬وقد يكون فى حضور الموظف المحال‬
‫إلى التحقيق توسيع لدائرة التحريات والبحث عن مخالفات أخرى أرتكبت بمعرفة موظفين‬
‫آخرين ‪ ،‬أو عن طريق الموظف نفسه المحال إلى التحقيق ‪.‬‬

‫‪624‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ونهيب بالمشرع كما أورد بالمادة (‪ )157‬من الالئحة التنفيذية للقانون ‪ 81‬لسنة ‪2016‬‬
‫بأن كل موظف ُيستدعى لسماع شهادته فى التحقيق ويمتنع عن الحضور أو اإلدالء‬
‫تأديبيا‪ .‬أن يورد نفس الحكم على كل‬
‫ً‬ ‫بما لديه من معلومات دون عذر مقبول ُيساءل‬
‫موظف ُيستدعى للتحقيق معه ويمتنع عن الحضور ‪ ،‬ومساءلته تأديبياً عن ذلك ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ -:‬الحصول على اإلذن باتخاذ اإلجراءات التأديبية فى األحوال المحددة قانوناً‪.‬‬
‫السلطة التأدييية المختصة ليس حرة دائماً فى اتخاذ القرار بإحالة الموظف إلى التحقيق‬
‫‪ ،‬فهناك بعض القيود التى أوجب المشرع ضرورة مراعاتها قبل اتخاذ هذا القرار حتى‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫تصبح اإلجراءات التأديبية سليمة‬
‫فقد حرص المشرع فى بعض الحاالت على ضرورة أن تحصل الجهة اإلدارية التى تقوم‬
‫بالتحقيق على موافقة مسبقة من بعض الجهات على بدء التحقيق مع أشخاص رأى‬
‫المشرع ضرورة إحاطة أعمالهم بدرجة معينة من الحصانة ال تسمح بإجراء تحقيق معهم‬
‫فى كل األوقات وفى كل الظروف (‪.)2‬‬
‫وحيث أن المجالس النيابية تعد أهم مؤسسات النظام النيابى الديمقراطى بوصفها المعبرة‬
‫عن إرادة األمة والحافظ األمين لحقوق األفراد وحرياتهم ‪ ،‬وأصبح من النادر أن تجد‬
‫دولة بال برلمان ‪ ،‬يمثل شرائح المجتمع ويحمى مصالحه السياسية واإلقتصادية وبنائه‬
‫اإلجتماعى ‪ ،‬ويظل البرلمان فى النظام النيابى قاعدة الديمقراطية ‪ ،‬والحاضن الطبيعى‬
‫للمطالب واالختالفات ‪ ،‬وحلقة الوصل بين المؤسسات السياسية ‪ ،‬ويحتل فى الدولة‬
‫موقع صانع السياسات ‪ ،‬ومحل تداول السلطة ‪ ،‬وساحة السجال السياسى بين الحكومات‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمود أبو السعود حبيب ‪ ،‬القضاء اإلدارى "القضاء التأديب " ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 230‬‬
‫(‪ )2‬المستشار الدكتور ‪ /‬محمد ماهر أبو العينين ‪ ،‬قضاء التأديب فى الوظيفة العامة والدفوع التأديبية‬
‫‪ ،‬دار المجد للطباعة ‪ ،‬الطبعة الخامسة عشر ‪ ،‬طبعة ‪ ،2012/2011‬ص ‪. 412‬‬

‫‪625‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وممثلى المواطنين ‪ ،‬وبين األغلبية واألقلية ‪ ،‬والمنصة العامة للتعبير عن المطالب‬
‫الكبرى للمجتمع ‪ ،‬وهو أوالً وأخي اًر المشرع لتنظيم وضبط الحياة العامة والعالقات‬
‫اإلجتماعية ‪ ،‬والرقيب اليقظ على أداء الحكومات ‪ ،‬لالستيثاق من اتفاق هذا األداء مع‬
‫المصلحة العامة (‪.)1‬‬
‫وقد كان المشرع يقرر بموجب الفقرة الثانية من المادة (‪ )25‬من قانون مجلس الشعب‬
‫الصادر بالقانون رقم ‪ 38‬لسنة ‪ 1972‬م (الملغى ) على أنه " ال يجوز اتخاذ إجراءات‬
‫تأديبية ضد أحد أعضاء المجلس من العاملين فى الدولة أو القطاع العام بسبب أعمال‬

‫وظيفته أو عمله أو إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبى إال بعد موافقة المجلس طبقاً‬
‫لإلجراءات التى تقررها الئحته الداخلية ‪.‬‬
‫وانتهج المشرع نفس النهج فى التنظيم القانونى الجديد لقانون مجلس النواب الجدديد رقم‬
‫رقـم ‪ 46‬لسنة ‪ 2014‬حيث نصت المادة (‪ )32‬من هذا القانون على أنه ‪ " :‬ال يخضع‬
‫عضو مجلس النواب فى الحالة المنصوص عليها فى المادة رقم (‪ )31‬لنظام التقارير‬
‫السنوية فى جهة وظيفته أو عمله‪ .‬وتجب ترقيته باألقدمية عند حلول دوره فيها‪ ،‬أو إذا‬
‫رقى باالختيار من يليه فى األقدمية‪ .‬كما ال يجوز اتخاذ إجراءات تأديبية ضد أحد‬
‫أعضاء المجلس من العاملين فى الدولة أو فى القطاع العام أو قطاع األعمال العام‬
‫بسبب أعمال وظيفته أو عمله‪ ،‬أو إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبى‪ ،‬إال بعد موافقة‬
‫المجلس طبقاً لإلجراءات التى تقررها الئحته الداخلية" ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أ‪ .‬محمود خذرى ‪ ،‬الحصانة البرلمانية مفاهيم وممارسات ‪ ،‬مجلة الوسيط ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬العدد رقم‬
‫‪ ، 9‬عام ‪. 2012‬‬

‫‪626‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫على أنه‬ ‫(‪)1‬‬
‫كما نصت المادة (‪ )34‬من قانون مجلس الشيوخ رقم ‪ 141‬لسنة ‪2020‬‬
‫‪ " :‬ال يخضع عضو مجلس الشيوخ فى الحالة المنصوص عليها فى المادة (‪ )33‬من‬
‫هذا القانون لنظام التقارير السنوية فى جهة وظيفته أو عمله‪.‬‬
‫وتجب ترقيته باألقدمية عند حلول دوره فيها أو إذا رقى باالختيار من يليه فى األقدمية‪.‬‬
‫كما ال يجوز اتخاذ إجراءات تأديبية ضد أحد أعضاء المجلس من العاملين في الدولة‬
‫أو في القطاع العام أو قطاع األعمال العام أو الشركات التي تساهم فيها الدولة بنسبة‬
‫‪ %50‬من رأسمالها على األقل أو تساهم فيها شركاتها المشار إليها بنسبة ‪ %50‬من‬
‫رأسمالها على األقل بسبب أعمال وظيفته أو عمله‪ ،‬أو إنهاء خدمته بغير الطريق‬
‫التأديبى‪ ،‬إال بعد موافقة المجلس طبقاً لإلجراءات التى تقررها الئحته الداخلية‪.‬‬
‫ومن ثم ال يجوز طبقاً للنصوص القانونية السابقة إتخاذ أية إجراءات تأديبية سواء‬
‫التحقيق أو المحاكمة التأديبية ضد أياً من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ من العاملين‬
‫فى الدولة أو القطاع العام أو قطاع األعمال العام أو إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبى‬

‫إال بموجب إذن أو موافقة من المجلس ( النواب أو الشيوخ حسب األحوال ) وفقاً‬
‫لإلجراءات المقررة بالالئحة الداخلية لهذا المجلس ‪.‬‬
‫وهذه الحصانة تقتضى بطالن أى إجراءات تأديبية يتم إتخاذها بدون الحصول على تلك‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الموافقة ‪ ،‬إذ أنها حصانة تتعلق بالنظام العام‬

‫(‪ )1‬قانون مجلس الشيوخ رقم ‪ 141‬لسنة ‪ ،2020‬صدر بالجريدة الرسمية ‪ ،‬العدد ‪ 26‬مكرر (ك) فى‬
‫أول يولية سنة ‪. 2020‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سمير عبدهللا سعد ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ( مبادىء التأديب – الوثائق ) ‪ ،‬منشأة المعارف‬
‫باألسكندرية ‪ ، 2014 ،‬ص‪. 64‬‬

‫‪627‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ثالثاً ‪ -:‬اإلخطار بإجراء التحقيق فى األحوال المحددة قانوناً ‪.‬‬
‫‪ -1‬إخطار المجلس الشعبى المحلى قبل البدء فى التحقيق مع أحد أعضائها من‬
‫العاملين بالجهاز اإلدارى للدولة أو القطاع العام أو الخاص ‪.‬‬
‫أناط المشرع بالمجالس الشعبية المحلية اختصاصات تتبلور فى الرقابة على مختلف‬
‫المرافق المحلية ‪ ،‬بما يتضمنه ذلك من حق تقديم األسئلة وطلبات اإلحاطة وتوجيه‬
‫االستجوابات ‪ ،‬واستهدافاً لضمان ممارسة أعضاء المجالس الشعبية المحلية ألعمالهم ‪،‬‬
‫وحتى ال يخضع العامل الكراه مادى أو تأثير أدبى من جهة عمله ‪ ،‬فقد قرر المشرع‬
‫ضمانات تكفل لهم القدر الالزم من الحماية فى ممارستهم لواجباتهم التى أناطها بهم‬
‫القانون (‪.)1‬‬
‫وبالرجوع إلى أحكام القانون رقم ‪ 43‬لسنة ‪ 1979‬بإصدار قانون نظام الحكم المحلى‬
‫يبين أن المادة ‪ 91‬منه بعد تعديلها بالقانون رقم ‪ 50‬لسنة ‪ 1981‬يجرى نصها كاآلتى‪:‬‬
‫"‪ ...‬ويجب على السلطات المختصة إخطار المجلس الشعبى المحلى عما يتخذ من‬
‫إجراءات جنائية ضد أعضاء المجلس خالل ثمان وأربعين ساعة على األكثر من تاريخ‬
‫اتخاذ هذه اإلجراءات كما يتعين إخطاره قبل مباشرة أى إجراءات تأديبية ضدهم إذا كانوا‬
‫من العاملين بالجهاز اإلدارى للدولة أو القطاع العام أو الخاص وفى جميع الحاالت‬
‫يبلغ بنتيجة التحقيق ويتعين أخذ موافقة المجلس الشعبى قبل تنفيذ نقل أحد أعضاء‬
‫المجلس من وظيفته إال إذا كان النقل بناء على طلبه‪ ...........‬إلخ‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬د‪.‬يوسف إسماعيل محمد إسماعيل ‪ ،‬الحماية القانونية للموظف العام فى مرحلتى التحقيق‬
‫والمحاكمة ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس ‪ ، 2018 ،‬ص ‪. 66‬‬

‫‪628‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ويالحظ أن وجوب إخطار المجلس الشعبى المحلى قبل مباشرة اإلجراءات التأديبية ضد‬
‫األعضاء من العاملين المشار إليهم فى النص ليس معناه توقف البدء فى التحقيق على‬
‫إرادة المجلس ‪ .‬وبالتالى فإن سلطة التحقيق غير ملزمة بعد إخطار المجلس أن تنتظر‬
‫إلى حين الرد عليها بالقبول أو الرفض وإنما تستطيع السير فى اإلجراءات التأديبية دون‬
‫قيد (‪.)1‬‬
‫والتساؤل الذى يثور ما هو األثر المترتب على عدم إخطار المجلس الشعبى المحلى‬
‫قبل اتخاذ اإلجراءات التأديبية قبل عضو المجلس ومنها التحقيق ؟‬
‫لم ينص المشرع صراحة على األثر القانونى المترتب فى حالة عدم قيام السلطة‬
‫المختصة بإخطار المجلس الشعبى المحلى قبل مباشرة اإلجراءات التأديبية مع أحد‬
‫أعضائه ‪.‬‬
‫أن اإلخطار المنصوص عليه فى المادة ‪ 91‬من قانون اإلدارة‬ ‫(‪)2‬‬
‫ويرى جانب من الفقه‬
‫المحلية رقم ‪ 43‬لسنة ‪ 1979‬المعدل بالقانون رقم ‪ 50‬لسنة ‪ 1981‬هو مجرد إجراء‬
‫تنظيمى القصد منه إحاطة المجلس المحلى بما يتخذ من إجراءات تأديبية قبل العضو‬
‫‪ ،‬ومن ثم فإنه ال يترتب على إغفال اإلخطار أى جزاء ‪.‬‬
‫وقد استقرت المحكمة اإلدارية العليا فى بادىء األمر إلى عدم وجود ثمة بطالن يترتب‬
‫على عدم اإلخطار ثم عدلت عن هذا المبدأ وانتهت إلى أن هذا اإلخطار هو إجراء‬
‫جوهرى يترتب على تخلفه بطالن التحقيق أو أية إجراءات تأديبية أخرى ‪ ،‬وأمام هذا‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمود أبو السعود حبيب ‪ ،‬قضاء التأديب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 232‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬ثروة محمود عوض محجوب ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ودور النيابة اإلدارية فيه ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬‬
‫كلية الحقوق جامعة عين شمس ‪ ،1994 ،‬ص ‪. 172‬‬

‫‪629‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫التناقض تم عرض األمر على دائرة توحيد المبادىء والتى أعادت األمر إلى سيرته‬
‫األولى وأيدت االتجاه األول ونتعرض لهذه المراحل وفقاً للتفصيل اآلتى ‪-:‬‬
‫‪ -1‬قررت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪ 1985/11/16‬بأن ‪ " :‬أن‬
‫تطلب المشرع إخطار المجلس الشعبلى المحلى باإلجراءات التأديبية التى تتخذ فى‬
‫مواجهة أحد أعضائه وفقاً لنص المادة (‪ )91‬من قانون اإلدارة المحلية رقم ‪ 43‬لسنة‬
‫‪ 1979‬المعدل بالقانون رقم ‪ 50‬لسنة ‪ 1981‬قد استهدف المشرع به إحاطة المجلس‬
‫الشعبى علماً بما سوف يتخذ من إجراءات حيال العضو ولم يعلق المشرع السير فى‬
‫هذه اإلجراءات على إرادة المجلس الشعبى المحلى ‪ ،‬ولم يرتب المشرع أى جزاء فى‬
‫حالة عدم إخطار المجلس الشعبى بأن ثمة إجراءات تأديبية سيتم اتخاذها قبل العضو‬
‫‪ ،‬وعليه فإن إخطار المجلس الشعبى المحلى ال يرقى إلى مرتبة اإلجراء الجوهرى الذى‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫يترتب على إغفاله البطالن‬
‫‪ -2‬غير أن المحكمة قد تخلت عن قضائها السابق فى مرحلة الحقة وانتهت إلى أن‬
‫هذا اإلخطار هو إجراء جوهرى يترتب على تخلفه بطالن التحقيق أو أية إجراءات‬
‫تأديبية أخرى فذهبت فى أحكامها إلى أن ‪ .... " :‬ويتبين من ذلك أن إج ارء اإلخطار‬
‫من السلطة المختصة للمجلس الشعبى المحلى قبل إتخاذ أية إجراءات تأديبية ضد‬
‫عضو المجلس ال يعتبر محض إجراء تنظيمى بل هو فى واقعه وعلى ما تكشف عنه‬
‫طبيعة اختصاصات المجلس الشعبى المحلى ضمانة ألعضائه من العاملين بالدولة أو‬
‫القطاع العام حتى ال يخضع العامل الكراه مادى أو تأثير أدبى من جهة عمله ‪ .‬وعليه‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الصادر بجلسة ‪ ، 1985/11/16‬فى الطعن رقم ‪ 2847‬لسنة ‪30‬‬
‫قضائية عليا ‪.‬‬

‫‪630‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫فإن إغفال هذا اإلخطار يترتب عليه بطالن التحقيق وما ينبنى عليه من ق اررات وال حجة‬
‫للقول بأن ال بطالن إال بنص صريح يقرره ألن البطالن يتقرر فى كل حالة يفقد فيها‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫اإلجراء المتخذ ركناً من أركان قيامه‬
‫‪ -3‬وأمام هذا التناقض تم عرض األمر على دائرة توحيد المبادىء المنصوص عليها‬
‫بالمادة ‪ 54‬مكرر من قانون مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪1972‬المعدل بالقانون رقم‬
‫‪ 136‬لسنة ‪ 1984‬وقضت فى حكمها الصادر فى ‪ 6‬من يناير سنة ‪ 1994‬بأن ‪" :‬ومن‬
‫حيث إن مقطع النزاع فى الطعنين الماثلين هو بيان أثر عدم إخطار المجلس الشعبى‬
‫المحلى باإلجراءات التأديبية التى تتخذ ضد أعضائه على سالمة تلك اإلجراءات فإنه‬
‫بالرجوع إلى أحكام القانون رقم ‪ 43‬لسنة ‪ 1979‬بإصدار قانون نظام الحكم المحلى‬
‫يبين أن المادة ‪ 91‬منه بعد تعديلها بالقانون رقم ‪ 50‬لسنة ‪ 1981‬يجرى نصها كاآلتى‬
‫‪ ...‬ومن حيث إنه يبين من أحكام هذا النص أن المشرع ولئن كان قد تطلب أن يخطر‬
‫المجلس الشعبى المحلى باإلجراءات التأديبية التى قد يتقرر اتخاذها نحو أحد العاملين‬
‫المنوه عنهم فى النص قبل مباشرة تلك اإلجراءات مستهدفاً بذلك مجرد أن يحاط هذا‬
‫المجلس علماً بما سيتخذ من إجراءات حيال العضو إال أنه لم يعلق السير فى هذه‬
‫اإلجراءات على إرادة المجلس كما هو الشأن عند نقل أحد أعضاء المجلس من وظيفته‬
‫الذى اشترط بشأنه وجوب أخذ موافقة المجلس عليه حسبما يقرره النص صراحة‪ ،‬كما‬
‫أن النص لم يتضمن صراحة أى جزاء فى حالة عدم إخطار المجلس الشعبى المحلى‬
‫بأن ثمة إجراءات تأديبية سيتم اتخاذها قبل أحد األعضاء يضاف إلى ذلك أن قيام‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الصادر بجلسة ‪ ، 1989/12/2‬فى الطعن رقم ‪ 412‬لسنة ‪33‬‬
‫قضائية عليا ؛ وكذا حكمها الصادر بجلسة ‪ 1990/1/13‬فى الطعنين رقمى ‪ 2563 ، 2562‬لسنة‬
‫‪ 33‬ق ‪ .‬عليا ‪.‬‬

‫‪631‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫النيابة اإلدارية بواجب اإلخطار قد شرع لمصلحة هذه المجالس الشعبية وحدها تمكيناً‬
‫لها من متابعة تصرفات أعضائها بما يتفق وصالح العمل فى تلك المجالس وحتى يتسنى‬
‫لها اتخاذ إجراءات إسقاط العضوية من أى من هؤالء األعضاء طبقاً لحكم المادة ‪52‬‬
‫من قانون نظام الحكم المحلى متى كان موضوع التحقيق الذى تجريه النيابة اإلدارية‬
‫مما يفقده الثقة واالعتبار كعضو من أعضاء المجلس ومن البديهى أن هذا المجال يغاير‬
‫المجال الوظيفى محل التحقيق ويستقل عنه وبالتالى فإن هذا اإلخطار ال يرقى إلى‬
‫مرتبة اإلجراء الجوهرى الذى يترتب على إغفاله البطالن (‪.)1‬‬
‫ولكن األستاذ الدكتور‪ /‬محمود أبو السعود يؤيد االتجاه الثانى لقضاء لمحكمة اإلدارية‬
‫العليا والخاص بترتيب البطالن عند إغفال اإلخطار المنصوص عليه فى المادة ‪91‬‬
‫معلالً ذلك بأن المشرع حينما ينص على إجراء معين فالبد أن يكون قد قصد به تحقيق‬
‫غرض أو هدف معين ‪ ،‬فالمشرع منزه عن العبث ‪ .‬وال شك أن اإلخطار المطلوب يشكل‬
‫ضمانة من الضمانات التى استهدف المشرع تحقيقها للعاملين من أعضاء المجالس‬
‫الشعبية المحلية ‪ .‬فمن حق الموظف أو العامل المتهم أن يبلغ المجلس الشعبى الذى‬
‫ينتمى إليه بما يتخذ ضده من إجراءات تأديبية فقد يبادر إلى الوقوف بجانبه أثناء‬
‫التحقيق عن طريق توكيل محام للدفاع عنه ‪ ،‬كما أنه ليس من المستبعد أن تكون‬
‫المخالفة المنسوبة إلى الموظف من أعضاء المجلس تتعلق بنشاطه الوظيفى ونشاطه‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬فى الطعنين رقمى ‪ 2462 ،2349‬لسنة ‪ 33‬القضائية ‪ ،‬جلسة ‪6‬‬
‫من يناير سنة ‪ ،1994‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة ‪ -‬مجموعة المبادئ‬
‫القانونية التي قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة التاسعة والثالثون ‪ -‬الجزء األول (من أول أكتوبر‬
‫سنة ‪ 1993‬إلى أخر فبراير سنة ‪ - )1994‬ص ‪.1‬‬

‫‪632‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫المحلى فى نفس الوقت ‪ .‬وهنا تقتضى المصلحة مراعاة اإلخطار المنصوص عليه حتى‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫يتمكن المجلس من النظر فى سلوك العضو‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫من جانبنا نؤيد رأى األستاذ الدكتور محمود أبو السعود حيث أن المشرع عندما يستلزم‬
‫إجراء معين فإن هذا ال يكون عبثاً وال سدى وقد ارتأى المشرع ضرورة إحاطة المجلس‬
‫الشعبى علماً بما سوف يتخذ من إجراءات حيال العضو ضمانة ألعضائه من العاملين‬
‫بالدولة أو القطاع العام وحتى يتمكنوا من ممارسة دورهم الرقابى فى حرية تامة ‪ ،‬كما‬
‫أنه ليس من المستبعد أن تكون المخالفة المنسوبة إلى الموظف من أعضاء المجلس‬
‫تتعلق بنشاطه الوظيفى ونشاطه المحلى فى نفس الوقت ‪ .‬وهنا تقتضى المصلحة مراعاة‬
‫اإلخطار المنصوص عليه حتى يتمكن المجلس من النظر فى سلوك العضو‪ ،‬وعليه‬
‫فإن إغفال هذا اإلخطار يترتب عليه بطالن التحقيق وما ينبنى عليه من ق اررات وال حجة‬
‫للقول بأن ال بطالن إال بنص صريح يقرره ألن البطالن يتقرر فى كل حالة يفقد فيها‬
‫اإلجراء المتخذ ركناً من أركان قيامه ‪.‬‬
‫‪ -2‬إخطار االتحاد العام لنقابات العمال قبل البدء فى التحقيق مع عضو مجلس إدارة‬
‫المنظمة النقابية ‪.‬‬
‫تنص المادة (‪ )64‬من القانون رقم ‪ 35‬لسنة ‪ 1976‬بشأن النقابات العمالية على أنه‬
‫"يجب على سلطة التحقيق إخطار االتحاد العام لنقابات العمال بما هو منسوب إلى‬
‫عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية من اتهامات فى جرائم تتعلق بنشاطه النقابى‬
‫وبالموعد المحدد إلجراء التحقيق قبل البدء فى إجرائه ويجوز لالتحاد العام أن ينيب أحد‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمود أبو السعود حبيب ‪ ،‬قضاء التأديب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 235‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪633‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫أعضائه أو أحد أعضاء النقابة العامة المعينة أو أن يوكل أحد المحامين لحضور‬
‫التحقيق وذلك ما لم تقرر سلطة التحقيق سريته " ‪.‬‬
‫مع مالحظة أن النص المشار إليه يقتصر مجاله على ما ينسب للعضو النقابى من‬
‫اتهامات فى جرائم تتعلق بنشاطه النقابى ‪ ،‬فإذا ما اقترف العضو مخالفات تتعلق بعمله‬
‫فى المنشأة فال تثريب على جهة العمل إن هى أجرت تحقيقاً معه بشأنها ولم تقم بإخطار‬
‫االتحاد العام للعمال به قبل إجرائه ‪.‬‬
‫حيث أن اإلتحاد العام لنقابات العمال ال يتولى الدفاع عن العامل سوى فى تلك الجرائم‬
‫‪ ،‬ليكفل له الحماية القانونية باعتباره عضواً فيه ‪ ،‬باإلضافة إلى أن فى ذلك اإلخطار‬
‫وتولى االتحاد العام الدفاع عن عضوه يمثل ضمانة هامة للمحال للتحقيق فى جرائم قد‬
‫تحاول جهة عمله الصاقها به لنشاطه النقابى المناوىء لسياستها ‪ ،‬وتلك الضمانات من‬
‫شأن تقريرها منح عضو النقابة حرية العمل وحرية التعبير عن أفكاره لصالح جموع‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫العاملين الذين يمثلهم‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ومن حيث إن االنقطاع عن‬
‫العمل أو االنصراف قبل الميعاد بدون إذن أو رفض استالم العامل لكتاب موجه إليه‬
‫من الشركة وهو ما نسب للمطعون ضده من مخالفات‪ ،‬كلها أمور ال تتعلق بممارسته‬
‫لنشاطه النقابى وإنما هى من األمور المتعلقة بممارسته لمهام وظيفته فى الشركة ومن‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ‪ ،‬الموسوعة اإلدارية الشاملة فى إلغاء القرار اإلدارى وتأديب‬
‫الموظف العام ‪ ،‬الجزء الثالث ‪ ،‬دار محمود للنشر والتوزيع ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2008‬ص ‪. 106‬‬

‫‪634‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ثم يحق لسلطة التحقيق المختصة أن تجرى معه التحقيق عن هذه المخالفات دون حاجة‬
‫إلخطار االتحاد العام لنقابات العمال " (‪.)1‬‬
‫أن إغفال اإلخطار فى هذه الحالة يؤدى إلى بطالن التحقيق وما‬ ‫(‪)2‬‬
‫ويرى غالبية الفقه‬
‫يترتب عليه من آثار ‪ ،‬ذلك أنه إذا كانت المخالفة متعلقة بالعمل النقابى ولم تقم سلطة‬
‫التحقيق بإخطار اإلتحاد العام لنقابات العمال ترتب على ذلك اإلنتقاص من أحد‬
‫الضمانات الهامة المقررة للعضو النقابى ‪ ،‬فضالً عن أن المشرع قد قرر هذا اإلجراء‬
‫حتى يتسنى لالتحاد معاونة العضو النقابى فى الدفاع عن نفسه فى التحقيق الذى يجرى‬
‫معه ‪ ،‬وعليه فعدم اإلخطار من شأنه أن يمنع عنه هذه المساعدة بما يوجب تقرير‬
‫بطالن كل اإلجراءات المترتبة على التحقيق الذى لم يسبقه هذا اإلخطار وهذا الشرط‬
‫الشكلى مرتبط بنشاط العضو النقابى ‪.‬‬

‫وفى هذا االتجاه ذهبت المحكمة التأديبية لو ازرة الصناعة إلى أن المشرع قد وضع شرطاً‬
‫شكلياً للتحقيق مع عضو المنظمة النقابية مفاده إخطار االتحاد العام لنقابات العمال بما‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 1854‬لسنة ‪ 27‬القضائية ‪ ،‬جلسة ‪ 29‬من ديسمبر‬
‫سنة ‪ ، 1984‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفني ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة‬
‫اإلدارية العليا السنة الثالثون ‪ -‬العدد األول (من أول أكتوبر سنة ‪ 1984‬إلى آخر فبراير سنة ‪)1985‬‬
‫‪ -‬ص ‪.290‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمود أبو السعود حبيب ‪ ،‬قضاء التأديب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 237‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ثروة محمود عوض محجوب ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ودور النيابة اإلدارية فيه ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪. 178‬‬
‫‪ -‬د ‪ .‬محمد فتوح محمد عثمان ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 78‬‬
‫‪ -‬المستشار الدكتور ‪ /‬محمد ماهر أبو العينين ‪ ،‬قضاء التأديب فى الوظيفة العامة والدفوع التأديبية‬
‫‪ ،‬الكتاب األول ‪ ،‬دار المجد للطباعة ‪ ،‬الطبعة الخامسة عشر ‪ ،‬طبعة عام ‪ ، 2012/2011‬ص‬
‫‪. 417‬‬

‫‪635‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫هو منسوب إلى العضو من اتهامات تتعلق بنشاطه النقابى والموعد المحدد إلجراء‬
‫التحقيق وهذا الشرط الشكلى هو شرط جوهرى لصحة التحقيق مع عضو المنظمة النقابية‬
‫فإذا تخلف هذا الشرط بطل التحقيق ‪ ،‬إذا يظهر من األوراق أن البرقية التى أرسلها‬
‫الطاعن وكانت سبباً فى صدور القرار المطعون فيه أنه أرسلها باسم العاملين بإدارة‬
‫الخدمات المساحية وتتعلق بعدم صرف حوافز لهم وأوضح فى البرقية صفته النقابية ‪،‬‬
‫وقد أودع الطاعن بحافظة المستندات بياناً موقعاً من العاملين باإلدارة المذكورة مفاده‬
‫أنهم طلبوا من الطاعن بصفته النقابية التدخل لصرف الحوافز وعليه فالطاعن يكون‬
‫مباشر لنشاطه النقابى فى خصوص هذه الواقعة وكان يجب إبالغ االتحاد العام لنقابات‬
‫العمال بذلك قبل التحقيق مع الطاعن وإذا لم تفعل جهة اإلدارة ذلك فإن قرارها بمجازاته‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫يكون باطالً خليقاً باإللغاء‬
‫غير أن المحكمة اإلدارية العليا قضت فى حكمها الصادر فى ‪ 1999/7/18‬بأن ‪" :‬‬
‫ومن حيث إنه فيما يتعلق بالسبب األول من الطعن من بطالن إجراءات التحقيق لعدم‬
‫إخطار االتحاد العام لنقابات العمال طبقاً لحكم المادة ‪ 46‬من القانون رقم ‪76 /35‬‬
‫بشأن النقابات العمالية فإن المادة المشار إليها تنص على أنه ‪ .......‬ومفاد هذا النص‬
‫أن المشرع أراد أن يكفل لالتحاد العام لنقابات العمال الحق فى اإلحاطة بما ينسب إلى‬
‫عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية من اتهامات فى جرائم تتعلق بنشاطه وهو ما يهم‬

‫االتحاد العلم به ومعرفة كافة الظروف المحيطة باالتهام المنسوب للعضو النقابى متعلقاً‬
‫بممارسة نشاطه النقابى ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة التأديبية لو ازرة الصناعة ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1990/2/24‬الطعن رقم ‪ 85‬لسنة ‪ 22‬ق ‪.‬‬

‫‪636‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وعلى ذلك فإن مخالفة ذلك الحظر بعدم إخطار االتحاد ال يؤدى إلى بطالن التحقيق‬
‫الذى يجرى مع العضو النقابى ذلك أنه من المقرر قانوناً أنه ال بطالن إال بنص ولم‬
‫يرتب المشرع البطالن على مخالفة النص المشار إليه ومن ناحية أخرى فإن المقصد‬
‫من ذلك اإلخطار هو إحاطة االتحاد العام للعمال علماً باالتهام المتصل بالنشاط النقابى‬
‫والظروف المحيطة به وبالتالى فإن عدم االلتزام باإلخطار ال يعد إخالالً بإجراء جوهرى‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أو ضمانة من ضمانات التحقيق من المحكمة‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫أن المشرع عندما يستلزم إجراء معين فإن هذا ال يكون عبثاً وال سدى وقد ارتأى المشرع‬
‫ضرورة إخطار االتحاد العام لنقابات العمال بما هو منسوب إلى عضو مجلس إدارة‬
‫المنظمة النقابية من اتهامات فى جرائم تتعلق بنشاطه النقابى وبالموعد المحدد إلجراء‬
‫التحقيق قبل البدء فى إجرائه ‪ ،‬وهذا الشرط جوهرى لصحة التحقيق مع عضو المنظمة‬
‫النقابية ‪ ،‬فإذا تخلف هذا الشرط بطل التحقيق وعليه فإن إغفال هذا اإلخطار يترتب‬
‫عليه بطالن التحقيق وما ينبنى عليه من ق اررات وال حجة للقول بأن ال بطالن إال بنص‬
‫صريح يقرره ألن البطالن يتقرر فى كل حالة يفقد فيها اإلجراء المتخذ ركناً من أركان‬
‫قيامه ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 2900‬لسنة ‪ 44‬قضائية عليا ‪ ،‬جلسة ‪ 18‬من يوليو‬
‫سنة ‪ ، 1999‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التي‬
‫قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الرابعة واألربعون (من أول أكتوبر سنة ‪ 1998‬إلى آخر سبتمبر‬
‫سنة ‪ - )1999‬ص ‪.1005‬‬
‫ويراجع أيضاً ‪ :‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪4090‬لسنة ‪ 37‬ق ع ‪ ،‬بجلسة ‪/3 /8‬‬
‫‪.1994‬‬

‫‪637‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫والقول بغير ذلك يعد إنتقاص أحد الضمانات الهامة المقررة للعضو النقابى ‪ ،‬فضالً‬
‫عن أن المشرع قد قرر هذا اإلجراء حتى يتسنى لالتحاد معاونة العضو النقابى فى‬
‫الدفاع عن نفسه فى التحقيق الذى يجرى معه ‪ ،‬وعليه فعدم اإلخطار من شأنه أن يمنع‬
‫عنه هذه المساعدة بما يوجب تقرير بطالن كل اإلجراءات المترتبة على التحقيق‪.‬‬
‫والسؤال الذى يثور هل يلزم إخطار اإلتحاد العام لنقابات العمال فى حالة ارتكاب‬
‫العضو النقابى لمخالفة تتعلق بعمله النقابى ولكن لم يبدأ التحقيق فيها إال بعد أن‬
‫زالت عنه الصفة ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يلزم اإلخطار أيضاً ‪ ،‬معلالً ذلك أن التحقيق معه سيتناول‬ ‫فى رأى جانب من الفقه‬
‫المخالفة المنسوبة إليه بمناسبة عمله النقابى فال يجوز للجهة التى يعمل بها أن تنتظر‬
‫فرصة انحسار صفته النقابية للتحقيق معه عن مخالفات ارتكبها بهذه الصفة فالمنطق‬
‫يقتضى الربط بين طبيعة اإلتهام المنسوب إليه وصفته التى ارتكب بها هذه المخالفة ‪،‬‬
‫وتحديد طبيعة المخالفة المنسوبة إلى العضو النقابى وهل هى مخالفة مرتبطة بعمله‬
‫النقابى أم ال ‪ ،‬هو أمر تختص به المحكمة التأديبية ‪.‬‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫ومن جانبنا نؤيد ونؤكد تماماً هذا الرأى ‪ ،‬حيث أنه يجب الربط التام بين طبيعة المخالفة‬
‫ووقت المخالفة وبين التحقيق الذى سيجرى ‪ ،‬فإذا كانت المخالفة ارتكبت إبان ممارسة‬
‫الموظف عمله النقابى وتتعلق باتهامات فى جرائم تتعلق بنشاطه النقابى ‪ ،‬فال مناص‬

‫(‪ )1‬المستشار الدكتور ‪ /‬محمد ماهر أبو العينين ‪ ،‬قضاء التأديب فى الوظيفة العامة والدفوع التأديبية‬
‫‪ ،‬الكتاب األول ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 418‬‬

‫‪638‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫من إخطار االتحاد العام لنقابات العمال بما هو منسوب إلى عضو مجلس إدارة المنظمة‬
‫النقابية ‪ ،‬ولو زالت عنه هذه الصفة فيما بعد ‪.‬‬
‫فمن الممكن أن تنتظر الجهة التى يعمل بها فرصة انحسار صفته النقابية وتقوم بالتحقيق‬
‫معه عن مخالفات ارتكبها بهذه الصفة ‪ ،‬مما يعد انتقاصاً من حقوقه ‪.‬‬
‫رابعاً ‪ -:‬أن يكون المحقق أعلى درجة وظيفية من المتهم بين اإللزام وعدم اإللزام ‪.‬‬
‫يرى جانب من الفقه (‪ )1‬أنه يتعين عدم التقارب فى الدرجة أو المرتبة بين المحقق والمتهم‬
‫حتى ال يكون التنافس بينهما فى المجال الوظيفى دافعاً إلى طرح الحياد جانباً ‪ ،‬ولذلك‬
‫يجب أن يكون المحقق أقدم أو أعلى درجة من المتهم فال يصح أن يتولى التحقيق من‬
‫كان أدنى منه درجة ‪.‬‬
‫ونجد أن قوانين التوظف تختلف فيما بينها فى اشتراط هذا الشرط ‪ ،‬فنجد مثالً أن المادة‬
‫(‪ )105‬من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم ‪ 49‬لسنة ‪ 1972‬تنص على‬
‫أن ‪" :‬يكلف رئيس الجامعة أحد أعضاء هيئة التدريس في كلية الحقوق بالجامعة أو‬
‫بإحدى كليات الحقوق إذا لم توجد بالجامعة كلية للحقوق بمباشرة التحقيق فيما ينسب‬
‫إلى عضو هيئة التدريس ويجب أال تقل درجة من يكلف بالتحقيق عن درجة من يجرى‬
‫التحقيق معه ويقدم عن التحقيق تقري اًر إلى رئيس الجامعة ولوزير التعليم أن يطلب‬
‫إبالغه هذا التقرير "‪.‬‬
‫فى حين نجد أن قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬لم يتضمن أى نص قانونى‬
‫يوجب أن يكون المحقق أعلى درجة وظيفية من الموظف المحال للتحقيق ‪ ،‬كما لم‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أنور أحمد رسالن ‪ ،‬التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ، 2003 ،‬ص‬
‫‪.130‬‬

‫‪639‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫تتضمن الالئحة التنفيذية أى نص بخصوص هذا الموضوع ‪ ،‬بما يعنى أنه ليس هناك‬
‫إلزام أن يكون المحقق أعلى درجة وظيفية من الموظف المحال للتحقيق ‪.‬‬
‫خامساً ‪ -:‬كتابة محضر التحقيق ‪.‬‬
‫األصل أن يتم التحقيق اإلدارى مع الموظف كتابة وذلك إعماالً لنص المادة (‪ )59‬من‬
‫قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬والتى تنص على أنه " ال يجوز توقيع أى‬
‫جزاء على الموظف إال بعد التحقيق معه كتاب ًة‪ ،‬وسماع أقواله وتحقيق دفاعه‪ ،‬ويكون‬
‫القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً "‪.‬‬
‫وترجع أهمية كتابة التحقيق إلى اعتبارها حجة على الكافة وهذا يتطلب إفراغ التحقيق‬
‫فى محضر أو عدة محاضر‪ ،‬كما أن الكتابة تعد أفضل وسيلة لإلثبات واألكثر شيوعاً‪،‬‬
‫إذ أنه ال محل لالعتماد على ذاكرة المحقق التى البد وأن تخونه خصوصا ًً بعد فترة‬
‫من الزمن‪.‬‬
‫وال يعنى اشترط كتابة التحقيق إلزام الجهة المنوط بها إجراؤه بشكل معين حيث إن‬
‫النصوص الموجبة لذلك تهدف إلى توفير ضمانة لسالمة التحقيق وتيسير وسائل‬
‫استكماله للجهة القائمة به بغية الوصول إلى إظهار الحقيقة من جهة‪ ،‬ولتمكن المتهم‬
‫من جهة أخرى من الوقوف على عناصر هذا التحقيق وأدلة االتهام إلبداء دفاعه فيما‬
‫هو منسوب إليه‪ ،‬وكل ما ينبغى فى هذا الشأن أن يتم التحقيق فى حدود األصول‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫العامة ومراعاة الضمانات األساسية التى تقوم عليها حكمته‬
‫وتعد الكتابة شرط لصحة التحقيق ‪ ،‬ومن ثم فإن أثر تخلفه معناه بطالن التحقيق ‪.‬‬

‫(‪ (1‬د‪ .‬عادل عبدالعزيز السن ‪ ،‬ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ‪ ،‬التحقيق اإلدارى (‬
‫كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 93‬‬

‫‪640‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫واستثناء من قاعدة كتابة التحقيق نصت الفقرة الثانية من المادة (‪ )59‬من قانون‬
‫الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬على أنه " ومع ذلك‪ ،‬يجوز بالنسبة لجزاءى‬
‫اإلنذار والخصم من األجر لمدة ال تجاوز ثالثة أيام أن يكون التحقيق شفاهة‪ ،‬على أن‬
‫يثبت مضمونه فى القرار الصادر بتوقيع الجزاء "‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن ‪ " :‬المقصود بالتحقيق المشار إليه‬
‫بنص المادة ‪ 79‬من القانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1978‬وهو التحقيق الذى يواجه فيه العامل‬
‫بالمخالفة المنسوبة إليه والذى يتاح له فيه إبداء دفاعه بشأنها ‪ -‬االستجواب أو التحقيق‬
‫الشفوى ‪ -‬شرط صحته أن يثبت مضمون ذلك االستجواب أو التحقيق الشفهى القرار‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الصادر بتوقيع الجزاء "‬
‫كما قضت أيضاً أنه ‪ " :‬األصل أن يكون التحقيق كتابة ‪ -‬يستثنى من ذلك المخالفات‬
‫التى يجوز فيها توقيع جزاء اإلنذار والخصم من األجر لمدة ال تجاوز ثالثة أيام بناء‬
‫على تحقيق أو استجواب شفوى على أن يثبت مضمون هذا التحقيق فى القرار الصادر‬
‫بتوقيع الجزاء ‪ -‬علة هذا االستثناء ضمان حسن سير المرفق العام فى مواجهة بعض‬
‫المخالفات محدودة األهمية بما يحقق الردع المرجو دون إخالل بالقاعدة العامة النابعة‬
‫من حقوق اإلنسان والمتمثلة فى أنه ال يجوز توقيع أى جزاء دون أن يكون مستنداً إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫تحقيق أو استجواب "‬
‫وقد تعرض هذا اإلستثناء للنقد الالذع من جانب الفقه ‪:‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1997/5/10‬الطعن رقم ‪272‬لسنة ‪ 34‬قضائية ‪ .‬عليا‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ،1989/6/24‬الطعن رقم ‪170‬لسنة ‪ 35‬قضائية ‪ .‬عليا ‪.‬‬

‫‪641‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫فيرى الدكتور ماهر عبدالهادى أنه من غرائب التشريع التأديبى أن يكون هناك نص‬
‫بمثل هذا التناقض ‪ ،‬فمن المقطوع به أن التحقيق ما شرع إال لغاية واحدة هى الوقوف‬
‫على حقيقة ما إذا كان هناك ذنب إدارى منسوب ألحد العاملين من عدمه ‪ ،‬بمعنى‬
‫الوقوف على التكييف القانونى للمخالفة من ناحية وصحة اإلسناد من ناحية أخرى ‪،‬‬
‫ومفهوم ذلك أن تقدير الجزاء يأتى كأثر للتحقيق بحيث ال يصح تقدير الجزاء إال بعد‬
‫اإلنتهاء من التحقيق والوقوف على مقدار الذنب وكيله بالكيل المناسب ‪ .‬والقول بخالف‬
‫ذلك يؤدى إلى إهدار اإلجراء التأديبى نفسه ‪ .‬ألن تقدير الجزاء قبل التحقيق يعنى فى‬
‫الواقع الحكم على متهم قبل محاكمته وسماع دفاعه ‪ .‬ومفهوم اإلجازة الواردة بالنسبة‬
‫للتحقيق الشفوى تعنى أن لدى المحقق فكرة مسبقة عن حجم الجزاء ابتداء ‪ ،‬وأن الواقعة‬
‫التى سوف يحققها من البساطة بحيث ال تتجاوز عقوبتها ثالث أيام خصم ‪ ،‬ولذلك‬
‫ينبغى تحقيقها شفوياً ! وفى ذلك مصادرة على المطلوب واستباق لألحداث ‪ ،‬إذ أن‬
‫تقدير العقوبة جاء سابقاً لقيام التحقيق والوقوف على الحقيقة وهى نتيجة غير منطقية‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أصالً‪! ...‬‬
‫ويرى الدكتور مجدى مدحت النهرى بأن التحقيق ينبغى أن يكون كتابة أياً ما قدر‬
‫للوقائع محل التحقيق ودون استثناء ‪ ،‬ألن الكتابة تبدو لنا من المبادىء العامة لإلجراءات‬
‫فى التأديب (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬ماهر عبدالهادى ‪ ،‬الشرعية اإلجرائية فى التأديب ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 1986 ،‬ص ‪ 236‬وما‬
‫بعدها ‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬مجدى مدحت ابراهيم النهرى ‪ ،‬قواعد وإجراءات تأديب الموظف العام ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬‬
‫‪ ، 1997‬ص ‪. 98‬‬

‫‪642‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫أنه مما يثير العجب فى النص المجيز‬ ‫(‪)1‬‬
‫ويرى الدكتور عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة‬
‫للتحقيق الشفهى اشتراط أن يكون الجزاء – الذى سيسفر عنه هذا التحقيق – هو اإلنذار‬
‫أو الخصم من المرتب بما ال يجاوز ثالثة أيام وكأنه يقرر أن المحقق يعلم مسبقاً بنتيجة‬
‫التحقيق قبل إجراؤه ‪ ،‬حتى يحدد ما إذا كان سيجريه شفاهة أو كتابة ‪ ،‬وهذا أمر يتنافى‬
‫مع المنطق القانونى السليم والذى بموجبه يخضع تقدير الجزاء لمجريات التحقيق بما‬
‫تكشف عنه من حقائق ‪ .‬فتقدير الجزاء يأتى الحقاً إلتمام التحقيق ال سابقاً على إجرائه‬
‫‪ ،‬حيث ُيعد ذلك استباق لألحداث وقف اًز غير جائز على النتائج ‪.‬‬
‫ولذلك يرى هذا االتجاه الفقهى السابق أنه ال يوجد تناسب بين أهمية هذا اإلستثناء‬
‫المتمثلة فى تسهيل العمل اإلدارى بالمقارنة لما يؤدى إليه من مضار كأثر إلهدار‬
‫الشرعية اإلجرائية فى التأديب ‪ ،‬والتى يكون التحقيق المكتوب أساساً لها ‪.‬‬
‫ويرى الباحث ‪:‬‬
‫أن االستثناء الوارد على قاعدة كتابة التحقيق بالنسبة لجزاءى اإلنذار والخصم من األجر‬
‫لمدة ال تجاوز ثالثة أيام جدير بالنقد ‪:‬‬
‫‪ -‬فمن ناحية أولى فإن غاية التحقيق هو الوقوف على حقيقة التهمة الموجهة إلى‬
‫الموظف وتوقيع الجزاء المناسب تبعاً لذلك ‪ ،‬ومن ثم فإن تقدير الجزاء المناسب يأتى‬
‫كأثر للتحقيق وفى مرحلة الحقة ‪ ،‬والقول بغير ذلك يعنى أن لدى المحقق فكرة مسبقة‬
‫عن حجم الجزاء ابتداء دون تحقيق دفاع الموظف المتهم وهو ما ال يجوز ‪ ،‬وفى ذلك‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ‪ ،‬إجراءات تأديب الموظف العام ‪ ،‬المركز القومى لإلصدارات‬
‫القانونية ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2008‬ص ‪. 158‬‬

‫‪643‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫مصادرة على المطلوب واستباق لألحداث وترتيب غير منطقى لمراحل التحقيق وتوقيع‬
‫الجزاء ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن ناحية أخرى فإن اشتراط كتابة التحقيق ليس باألمر العسير والمعقد حتى نسعى‬
‫إلى وضع استثناءات عليه فى حاالت معينة ‪.‬‬
‫ولذلك نرى أن هذا االستثناء ضره أكبر من نفعه ‪ ،‬وندعو المشرع إلى تعديل هذه المادة‬
‫واإلبقاء على األصل العام لقاعدة كتابة التحقيق دون أى استثناء ‪.‬‬
‫ويثار بشأن قاعدة كتابة التحقيق واإلستثناء الوارد عليها عدد من األسئلة المهمة والتى‬
‫تحتاج إلى إجابات مقنعة ‪.‬‬
‫‪ -1‬ماهو جزاء إغفال سلطة التحقيق لشكلية كتابته خارج إطار اإلستثناء السابق ؟‬
‫يترتب على قيام السلطة المنوط بها إجراء التحقيق شفاهة ‪ ،‬خارج إطار االستثناء‬
‫الخاص بجزاءى اإلنذار والخصم من األجر لمدة ال تجاوز ثالثة أيام ‪ ،‬بطالن التحقيق‬
‫لمخالفته لشكل جوهرى واجب االتباع ‪ ،‬األمر الذى يرتب بدوره بطالن الجزاء الستناده‬
‫لتحقيق باطل (‪.)1‬‬
‫وجوهرية شكلية كتابة التحقيق تجد سندها فى القاعدة العامة المقررة فى القوانين اإلجرائية‬
‫والتى بموجبها ُيعد اإلجراء جوهرياً ‪ ،‬يؤدى إغفاله إلى البطالن ‪ ،‬إذا كان الغرض منه‬
‫المحافظة على مصلحة المتهم أو أحد الخصوم ‪.‬‬
‫وهذا البطالن متعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ‪ ،‬وللموظف الدفع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫به فى أية حالة تكون عليها الدعوى‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ‪ ،‬إجراءات تأديب الموظف العام ‪ ،‬المركز القومى لإلصدارات‬
‫القانونية ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2008‬ص ‪. 158‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1987/3/24‬الطعن رقم ‪2131‬لسنة ‪ 32‬ق ‪.‬‬

‫‪644‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ومن حيث إنه من المسلم أن‬
‫القرار اإلدارى يبطل لعيب فى الشكل إذا نص القانون على بطالن القرار عند إغفال‬
‫اإلجراء الشكلى أو كان اإلجراء جوهرياً فى ذاته بحيث يترتب على إغفاله بطالن القرار‬
‫بحسب مقصود الشارع من جعل هذا اإلجراء واجباً‪ .‬ولما كان إثبات مضمون التحقيق‬
‫الشفوى فى المحضر الذى يحوى الجزاء يعد إجراء جوهرياً ألن مقصود الشارع من تقريره‬
‫هو توفير الضمانات الالزمة لالطمئنان إلى صحة الوقائع المستوجبة للجزاء وتمكين‬
‫القضاء من تسليط رقابته على قيامها وعلى مدى سالمة تقدير اإلدارة لها ومن ثم فإنه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ينبنى على إغفال هذا اإلجراء بطالن القرار"‬
‫‪ -2‬هل المقصود من إثبات مضمون التحقيق الشفوى بالمحضر الذى يحوى الجزاء‬
‫ضرورة سرد ما دار فى الموضوع محل االستجواب بالمحضر تفصيلياً ؟‬
‫ليس المقصود من إثبات مضمون التحقيق الشفوى بالمحضر الذى يحوى الجزاء ضرورة‬
‫سرد ما دار فى الموضوع محل االستجواب بالمحضر تفصيلياً بسرد كل الوقائع المنسوبة‬
‫للموظف وبيان األصول التى استخلصت منها وذكر ما ورد على ألسنة الشهود بشأنها‬
‫وترديد دفاع الموظف وتقصى كل ما ورد فيه من وقائع وأدلة إثبات ونفى وترجيح االتهام‬
‫على أساس دفع أبداه الموظف إذ كل ذلك من شأنه أن يقلب التحقيق الشفوى إلى تحقيق‬
‫كتابى ‪ ،‬وهو مما يعطل الحكمة من إجازة التحقيق الشفوى وهو تسهيل العمل وإنما‬
‫المقصود من ذلك هو إثبات حصول التحقيق أو االستجواب وما أسفر عنه هذا التحقيق‬
‫أو االستجواب فى شأن ثبوت الذنب االدارى قبل الموظف باعتبار أن هذا الذنب االدارى‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1967/4/15‬الطعن رقم ‪226‬لسنة ‪ 9‬قضائية ‪ ،‬مجلس‬
‫الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الثانية عشر –‬
‫العدد الثانى ( من منتصف فبرايرسنة ‪ 1967‬إلى آخر سبتمبر ‪ ، ) 1967‬ص ‪.909‬‬

‫‪645‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫هو الذى يكون ركن السبب فى القرار التأديبى مما يمكن السلطة القضائية من بسط‬
‫رقابتها القانونية على صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانونى (‪.)1‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ال يشترط سوى أن يثبت مضمون‬
‫التحقيق الشفوى بالمحضر الذى يحوى الجزاء وال يشترط أن يحوى كل الوقائع المنسوبة‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫إلى العامل "‬
‫كما قضت أيضاً بأن ‪ " :‬جواز أن يكون االستجواب والتحقيق شفاهة على أن يثبت‬
‫مضمونه بالمحضر الذى يحوى الجزاء ‪ ...‬التدوين وإثبات مضمون التحقيق من‬
‫اإلجراءات الجوهرية والمقصود بذلك أن تضمن المحضر خالصة لالستجواب تكون‬
‫معبرة بوضوح عما استجوب فيه الموظف وما أجاب على وجه معبر عن منحنى دفاعه‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫"‬
‫‪ -3‬ما مدى إلزامية وجود كاتب تحقيق ؟‬
‫تنص المادة (‪ )39‬من التعليمات المنظمة للعمل الفنى للنيابة اإلدارية على أنه" يجب‬
‫تحرير محضر التحقيق بمعرفة كاتب من العاملين بالنيابة اإلدارية " وهو ما أكده نص‬
‫المادة (‪ )57‬من ذات التعليمات الصادرة بقرار رئيس هيئة النيابة اإلدارية رقم ‪136‬‬
‫لسنة ‪ 1994‬والتى تنص على أنه" يجب تحرير محاضر التحقيق بمعرفة كاتب من‬
‫العاملين بالنيابة اإلدارية الذى عليه أن يتحرى الدقة والوضوح والنظافة فى تدوين‬
‫المحضر‪ ،‬وأن يستمر فى التحقيق الذى بدأه إلى أن يقرر عضو النيابة إنهائه حتى‬
‫ولو استطال وقت التحقيق أى ما بعد انتهاء ميعاد العمل الرسمى ‪ ،‬فإذا لحق بكاتب‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1966/2/26‬الطعن رقم ‪449‬لسنة ‪ 8‬قضائية ‪ .‬عليا ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1973/12/9‬الطعن رقم ‪451‬لسنة ‪13‬ق ‪.‬‬
‫(‪ )3‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1967/4/15‬الطعن رقم ‪226‬لسنة ‪9‬ق ‪.‬‬

‫‪646‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫التحقيق أثناء مباشرته عمله عذر قهرى أو ألم به حادث فجائى يتعارض معه استم ارره‬
‫فى أدائه لعمله كلف عضو النيابة المحقق كاتب آخر باستكمال التحقيق ويراعى إثبات‬
‫اسم كاتب التحقيق البديل وواقعة االستبدال بمحضر التحقيق بعد حلف اليمن ‪.‬‬
‫ومن ثم يتعين وجود كاتب للتحقيق وذلك بالنسبة للتحقيقات التى تجريها النيابة اإلدارية‪،‬‬
‫أى أن وجود هذا الكاتب أمر وجوبى وليس جوازى األمر الذى يرتب على إغفاله زعزعة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الثقة فى التحقيقات‪ ،‬وقد يرقى به إلى حد البطالن‬
‫أما بخصوص التحقيق الذى يجريه محقق الجهة اإلدارية ‪ ،‬فلم يتضمن قانون الخدمة‬
‫المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬أو قانون العاملين بالقطاع العام أية إشارة إلى وجوب أن‬
‫يتولى كتابة التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية كاتب تحقيق ‪.‬‬
‫إذا فالقاعدة هى أن التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية ال يشترط تدوينه بمعرفة كاتب‬
‫التحقيق ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ومن حيث أنه فيما يتعلق بما‬
‫ينعاه الطاعن على التحقيق المذكور من أنه قد تم دون اصطحاب المحقق كاتب تحقيق‪،‬‬
‫فإنه وإن كان يبين من استقراء القواعد اإلجرائية المنظمة لتحقيقات النيابة العامة والنيابة‬
‫اإلدارية أن األصل كقاعدة عامة ضرورة وجود كاتب تحقيق هو ضمانة قانونية أساسية‬
‫واجبة بصفة عامة ومستمدة أصالً كفرع من اإلجراءات التى تحمى حق الدفاع المقرر‬
‫بمقتضى نص المادة (‪ )67‬من الدستور ألى موطن يجرى معه التحقيق سواء كان ذلك‬
‫فى مجال المسئولية التأديبية واإلدارية أو المسئولية الجنائية ومؤدى ذلك وجوب‬

‫(‪ (1‬د‪ .‬عادل عبدالعزيز السن ‪ ،‬ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ‪ ،‬التحقيق اإلدارى (‬
‫كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 94‬‬

‫‪647‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫استصحاب الضمانة فى مجال التحقيق التأديبى ‪ ،‬إال أن ذلك ال يمنع جواز تحرير‬
‫المحقق التحقيق اإلدارى بنفسه دون اصطحاب كاتب تحقيق بشرط أال يخالف ذلك نص‬
‫القانون ويكون أساسه مراعاة لمقتضيات حسن سير وانتظام المرافق العامة بمراعاة‬
‫االعتبارات الموضوعية الثابتة عند إجراء التحقيق وظروف اإلمكانيات فى جهات اإلدارة‪،‬‬
‫أو مراعاة العتبار سرية التحقيق لتعلقه بما يمس اإلدارة والنظام العام أو العتبار كرامة‬
‫الوظيفة التى يشغلها من يجرى معه التحقيق ‪ -‬وبما ال يخل على أى وجه من الوجوه‬
‫بحقوق الدفاع لمن يجرى معهم التحقيق ‪.‬‬
‫ومن حيث أن التحقيق مع الطاعن قد حرره المحقق دون اصطحاب كاتب تحقيق ‪-‬‬
‫وهو أستاذ فى كلية الحقوق ‪ -‬ألن ظروف إجراء هذا التحقيق تبرر ذلك سواء من ناحية‬
‫موضوعه ونوعية االتهام الموجه للطاعن وصفته كعضو بهيئة التدريس التى يوجب‬
‫إحاطة مثل هذا التحقيق بالسرية‪ ،‬أو من ناحية إحاطة كرامة وظيفة الطاعن كعضو‬
‫بهيئة التدريس بالجامعة بالحماية من تعريضها لتناقل مجريات التحقيق بواسطة كاتبه‪،‬‬
‫كما أنه لم يثبت أنه كان فى تحرير هذا التحقيق بواسطة المحقق أى إهدار لحق من‬

‫حقوق الدفاع المقررة للطاعن فلم يثبت على ما ورد بمدونات التحقيق أنه تضمن سلباً‬
‫أو إيجاباً أية مغايرة للحقيقة فيما ثبت به من أقوال الطاعن أو غيره ممن سئلوا فى هذا‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫التحقيق‪" .‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1988/11/5‬الطعن رقم ‪646‬لسنة ‪ 32‬القضائية ‪،‬‬
‫مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الرابعة‬
‫والثالثون الجزء األول ( من أول أكتوبر ‪ 1988‬إلى آخر فبراير ‪ - 1989‬ص ‪.61‬‬

‫‪648‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪ -4‬ما مدى إلزامية توقيع المحقق لمحضر التحقيق؟‬
‫إذا قام المحقق بتدوين التحقيق بنفسه فليس بشرط أن يوقع على كل حلقة من حلقات‬
‫إجرائه على نحو ما يجب إذا قام كاتب متخصص بكتابته ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ومن حيث أنه عن القول ببطالن‬
‫التحقيق لعدم التوقيع عليه ممن أجراه ‪ ،‬فإن القاعدة فى إجراء التحقيقات تحتم توقيع‬
‫كاتب التحقيق والمحقق الزماً مع كل حلقة من حلقات إجرائه ليكون له ثبوت صدق‬
‫التحقيق عمن أجراه وحرره وتمكين من يحقق معه من إبداء دفاعه فى هذا الشأن مما‬
‫يبطل التحقيق معه لو أغفل ثبوت هذه التوقيعات على نحو يشكك فى سالمة حدوث‬
‫اإلجراء أو صحة ما ثبت فى أوراق التحقيق أو يمنع من يحقق معه على أى وجه من‬
‫إبداء دفاعه فيما يتعلق بكل ما يتعلق بالتحقيق ومن ثم فإنه ليس ثمة شك فى أنه ما‬
‫دام الثابت أن التحقيق تحرر بخط يد المحقق وما دام أن استلزام التوقيع غايته إثبات‬
‫إجراء التحقيق بمعرفة المحقق المحرر اسمه فى صدره وضمان حق المحقق معه فى‬
‫الدفاع‪ ،‬وهذه الغاية تحقق عند تدوين التحقيق بواسطة المحقق ألن فى تدوين التحقيق‬
‫بخط يد المحقق ما يثبت إجراءه بواسطته وال يترتب على عدم إغفاله توقيعه عقب انتهاء‬
‫كل إجراء من إجراءات على أحد ممن المحاضر المكونة له البطالن لعدم وجود شك‬
‫فى إجراءات التحقيق بخصم أو ثبوت عدم صحة ما أثبته أو إخالل ذلك بحق الدفاع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫لمن يجرى التحقيق معهم"‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1988/11/5‬الطعن رقم ‪646‬لسنة ‪ 32‬القضائية ‪،‬‬
‫مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفني ‪ -‬مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الرابعة‬
‫والثالثون الجزء األول ( من أول أكتوبر ‪ 1988‬إلى آخر فبراير‪ - 1989‬ص ‪.61‬‬

‫‪649‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫املطلب الثانى‬

‫الضمانات املوضوعية للموظف أثناء التحقيق‬


‫أوالً ‪ -:‬حياد المحقق ‪.‬‬
‫الحيدة من أهم الضمانات التى قررها اإلسالم لحفظ كيان المجتمع البشرى وال يطمئن‬
‫الناس على حقوقهم إال باستقرار العدل فيما بينهم ‪ ،‬فإذا استقام العدل بين الناس استقامت‬
‫جميع أمورهم كلها ‪ ،‬وبذلك كان العدل نظاماً جوهرياً فى اإلسالم يحرص عليه القرآن‬
‫وتدعمه السنة ‪ ،‬حتى تصلح أمور الناس ويصلح منهم الحكم ‪ .‬فهدف القاضى أو‬
‫المحقق اإلدارى هو الوصول إلى الحقيقة لذا فإن التجرد والحياد الواجب توافرهما فى‬
‫المحقق اإلدارى ال يقل عنهما فى القاضى عندما يفضل فى النزاع المعروض عليه ‪.‬‬
‫أهلِها وإذا َح َك ْمتُم َب ْي َن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫أن‬
‫اس ْ‬ ‫ْ‬ ‫أن تُ َؤُّدوا األمانات إلى ْ‬ ‫ْم ُركم ْ‬‫َّللاَ َيأ ُ‬
‫إن َّ‬ ‫قال تعالى ‪َّ ﴿ :‬‬
‫ير ﴾‬ ‫َّللا كان س ِميعا ب ِ‬
‫ص ًا‬ ‫إن َّ َ َ َ ً َ‬ ‫ظكم ِب ِه َّ‬‫َّللاَ ِن ِعما َي ِع ُ‬
‫إن َّ‬ ‫الع ْد ِل َّ‬
‫تَ ْح ُك ُموا ِب َ‬
‫َّللا عَلي ِه وسَّلم َقال ‪ " :‬م ِن ابتُلِي ِباْلَقض ِ‬
‫اء َب ْي َن‬ ‫َّللاِ َّ‬ ‫ُم َسَل َم َة ‪ ،‬أ َّ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫صلى َّ ُ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ول َّ َ‬ ‫َن َرُس َ‬ ‫وع ْن أ ِ‬
‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ص ْوتَ ُه َعَلى‬‫ين َفْل َي ْعد ْل َب ْي َن ُه ْم في َل ْحظه ‪َ ،‬وإِ َش َارته ‪َ ،‬و َمْق َعده ‪َ ،‬ال َي ْرَف َع َّن َ‬ ‫اْل ُم ْسلم َ‬
‫ص َم ْي ِن َما َال َي ْرَف ُع َعَلى ْاآل َخ ِر" (‪.)1‬‬ ‫أ ِ‬
‫َحد اْل َخ ْ‬
‫َ‬
‫وقول عمر بن الخطاب فى رسالته الشهيرة ألبى موسى األشعرى " آسى بين الناس فى‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫مجلسك ووجهك " ومعناه سو بين الخصمين ‪ ،‬والتآسى من التسوية والحيدة‬

‫(‪ )1‬سنن البيهقى ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص ‪ ، 137‬الحديث رقم ‪ 20246 ، 20245 ، 20244‬؛ الطبرانى ‪،‬‬
‫المعجم الكبير ‪ ،‬ج ‪ ، 386 ، 3‬الحديث رقم ‪ ، 923‬ج ‪ 23‬ص ‪ ، 284‬الحديث رقم ‪ ، 622‬الزيلعى‬
‫‪ ،‬نصب الراية ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص ‪. 73‬‬
‫(‪ )2‬السرخسى ‪ ،‬المبسوط ‪ ،‬ج ‪ ، 6‬ص ‪. 61‬‬

‫‪650‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫والتحقيق بصفة عامة يعنى الفحص والبحث والتقصى الموضوعى المحايد والنزيه‬
‫الستجالء الحقيقة فيما يتعلق بصحة وقائع محددة ونسبتها إلى أشخاص محددين وذلك‬
‫لوجه الحق والصدق والعدالة وال يتأتى ذلك إال إذا تجرد المحقق من أية ميول شخصية‬
‫إزاء من يجرى التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول لجانبهم أو فى مواجهتهم ‪ ،‬إذ ال‬
‫ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها فى المحقق عن القدر المتطلب فى القاضى‬
‫‪ ،‬حيث أن الحكم فى المجال العقابى جنائياً كان أو تأديبياً إنما يستند إلى أمانة المحقق‬
‫واستقالله ونزاهته وحيدته كما يستند إلى أمانة القاضى ونزاهته وحيدته سواء بسواء ‪.‬‬
‫وتعد حيدة السلطة المكلفة بالتحقيق من أهم الضمانات التأديبية‪ ،‬ويقصد بحيدة المحقق‬
‫فى التأديب استقالله وعدم تبعيته للرؤساء فى الجهاز اإلدارى‪ ،‬ويقصد بذلك الفصل‬
‫بين سلطتى التحقيق والحكم‪ ،‬ومن ثم يتعين أال يكون المحقق متحامالً على الموظف‬
‫المتهم‪ ،‬كما ال يجوز أن يكون الرئيس اإلدارى الذى وجه االتهام إلى مرءوسه هو نفسه‬
‫الذى يتولى التحقيق‪ ،‬كما أنه ال يجوز أن يتعرض المتهم ألى ضغوط أثناء التحقيق‬
‫سواء عن طريق اإلكراه المادى أو اإلكراه المعنوى حيث تنعدم إرادته وال يعد تقديم‬
‫النصح للمتهم بأن يعترف بالذنب اإلدارى إذا كان مذنباً بمثابة تهديد له وإنما هى مجرد‬
‫توجيه نظر المتهم إلى أن من مصلحته ذكر الحقيقة‪ ،‬ولكن ذلك مشروط بأال تكون‬
‫صيغة المحقق لعبارة النصح تحمل معنى األمر‪ ،‬كما يتعين أال يتدخل المحقق بأية‬
‫صورة تؤثر على الطريقة التلقائية للمتهم فى اإلجابة عن األسئلة الموجهة إليه (‪. )1‬‬
‫ويعد التحقيق اإلدارى الذى تجريه جهة اإلدارة أكثر إحتياجاً لضمانة الحيدة ألسباب‬
‫ترجع إلى ضمانات المحققين واستقاللهم ‪ ،‬حيث ال يتمتع المحقق اإلدارى بنفس‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان سعيد ‪ ،‬الضمانات التأديبية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 85‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪651‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫الضمانات التى يتمتع بها أعضاء النيابة حيث يكون المحقق اإلدارى تابعاً للرئيس‬
‫اإلدارى الذى يتولى توقيع الجزاء ‪ ،‬كما أن هذا التحقيق يكون هو المعول عليه فى تقدير‬
‫الذنب اإلدارى والجزاء المناسب له ‪ ،‬ويكون التحقيق اإلدارى هو المستوى الوحيد لمساءلة‬
‫الموظف عندما يكون التأديب رئاسياً (‪.)1‬‬
‫أنه يتعذر تحقيق تلك الضمانة داخل نطاق األجهزة اإلدارية‬ ‫(‪)2‬‬
‫ويرى جانب من الفقه‬
‫عندما تنبرى السلطة الرئاسية فى ممارسة اختصاصاتها فى التأديب وتوقيع الجزاء ‪،‬‬
‫ألنها تجمع عمالً بين االتهام والتحقيق وتوقيع الجزاء األمر الذى يستحيل معه القول‬
‫بتجردها من مواجهة الموظف ‪ ،‬ومع ذلك فإن تقيدها بالمصلحة العامة وصالح العمل‬
‫يقتضى تحليها بالحياد فى مواجهة المتهم ومن ثم فإن تحاملها الظاهر عليه إنما يصم‬
‫تصرفاتها تجاهه باالنحراف عن المصلحة العامة ويعيبها بإساءة استعمال السلطة ‪،‬‬
‫األمر الذى يؤدى فى النهاية إلى بطالن تلك التصرفات ‪.‬‬
‫ومن ثم فإنه من بين الضمانات الجوهرية للمتهم حيدة المحقق الذى يتولى التحقيق مع‬
‫الموظف ومن مقتضى هذا األصل أن من يسبق له إبداء رأيه فى االتهام يمتنع عليه‬
‫اإلشتراك فى نظر التحقيق وذلك ضماناً لحيدة المحقق‪ ،‬ويجب أال يكون قد كتب أو‬
‫استمع أو تكلم فى موضوع المخالفة المنظورة حتى تصفو نفسه من كل ما يمكن أن‬
‫يستشف منه رأيه فى المتهم بما يكشف لهذا األخير مصيره فيزعزع ثقته فيه أو يقضى‬

‫(‪ )1‬المستشار الدكتور ‪ /‬محمد ماهر أبو العينين ‪ ،‬قضاء التأديب فى الوظيفة العامة والدفوع التأديبية‬
‫‪ ،‬الكتاب األول ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 447‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أنور أحمد رسالن ‪ ،‬التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ، 2003 ،‬ص ‪162‬‬
‫‪.‬‬

‫‪652‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫على اطمئنانه‪ ،‬ومن ثم فإن القرار الذى يصدر على خالف هذا األصل معيب بعيب‬
‫ينحدر به إلى البطالن ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬يشترط لسالمة التحقيق مع‬
‫العامل المحال للمحاكمة التأديبية أن تتوافر ضمانات التحقيق التى أوجبها المشرع ‪-‬‬
‫من أهم هذه الضمانات توافر الحيدة التامة فيمن يقوم بالتحقيق وتمكين العامل من اتخاذ‬
‫كل ما يلزم لتحقيق أوجه دفاعه ‪ -‬قيام مقدم الشكوى بالتحقيق مع المشكو فى حقه يهدر‬
‫التحقيق ويبطله ‪ -‬أساس ذلك ‪ -‬تخلف ضمانة الحيدة فى المحقق ‪ -‬أثر ذلك ‪ :‬بطالن‬
‫التحقيق والقرار الذى قام عليه ‪ -‬ال ينال مما تقدم استكمال التحقيق بعد ذلك بمعرفة‬
‫موظف آخر ‪ -‬أساس ذلك ‪ :‬أن التحقيق قد اعتمد فى إتمامه علـى تحقيق مقدم الشكوى‬
‫الذى كان حريصاً على إعداد دليل مسبق بأخذ إق اررات من العاملين يقرون فيه بصحة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الواقعة وأثبت ذلك فى صلب التحقيق الذى بدأه "‬

‫وتظهر حيدة جهة التحقيق من خالل األصول اآلتية ‪-:‬‬


‫‪ -1‬يجب أال يكون للمحقق رأى سابق فى االتهام محل التحقيق ‪.‬‬
‫يتعين لصالحية المحقق وضمان حيدته أال يكون قد سبق وأبدى رأى فى الواقعة محل‬
‫التحقيق ‪ ،‬ويجب أال يكون قد كتب أو استمع أو تكلم فى موضوع التحقيق ضماناً لصفاء‬
‫ذهنه ونفسه من كل ما يمكن أن يكون عقيدة سابقة لديه عن الواقعة ‪.‬‬
‫فالحيدة على وجه العموم هى تجرد المحقق أو القاضى أو سلطة التأديب عن آراء‬
‫مكتسبة سابقاً سواء لصالح المتهم أو ضده حتى يطمئن األخير إلى عدالة المحقق أو‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1986/12/16‬الطعن رقم ‪1341‬لسنة ‪ 31‬ق ‪.‬‬

‫‪653‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫القاضى وتحرره من التأثر بعقيدة سبق أن كونها عنه ‪ ،‬بمعنى اإلنصات بما يخاطب‬
‫به الضمير الحى وتمليه قواعد العدالة المثلى فى ممارسة سلطة التحقيق وإصدار الحكم‬
‫النهائى دون االحتياج إلى نص يقرر ذلك ‪ ،‬فمن يجلس مجلس القضاء أو مجلس‬
‫التحقيق يجب أال يكون قد سمع أو تكلم أو كتب (‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫إلى أن الحيدة تقوم بصفة أساسية على مبدأ عدم جواز‬ ‫وقد ذهب رأى فى الفقه‬
‫الجمع بين صفتى الخصم والحكم فى آن ‪ ،‬بمعنى أنه ال يجوز أن يشترك فى مباشرة‬
‫إجراءات التحقيق والحكم فى الدعوى التأديبية التى ترفع بناء على هذا التحقيق شخص‬
‫واحد يجمع بين صفتى الخصم والحكم فى آن واحد ‪.‬‬
‫وتطبيقاً لذلك فقد اعتبر مجلس الدولة الفرنسى أن مجرد حضور المحقق جلسة لجنة‬
‫التأديب يعيب تشكيل اللجان المكلفة بنظر المخالفات المرفوعة أمامها وذلك بالنظر إلى‬
‫طبيعة هذه اللجنة واعتبارها القضاء الوحيد المتخصص فى المخالفات التأديبية (‪.)3‬‬
‫وقد نصت المادة (‪ )247‬من قانون اإلجراءات الجنائية على أنه ‪ " :‬يمتنع على القاضى‬
‫أن يشترك فى نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصياً‪ ،‬أو إذا كان قد‬
‫قام فى الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائى‪ ،‬أو بوظيفة النيابة العامة‪ ،‬أو المدافع عن‬
‫أحد من الخصوم‪ ،‬أو أدى فيها شهادة‪ ،‬أو باشر عمالً من أعمال أهل الخبرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد عصفور ‪ ،‬التأديب والعقاب ‪ ،‬القضاء اإلدارى ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1979‬ص ‪ 46‬؛ د‪ .‬مليكة‬
‫الصروخ ‪ ،‬سلطة التأديب فى الوظيفة العامة بين اإلدارة والقضاء ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬مطبعة الجبالوى‬
‫‪ ،‬طبعة ‪ ، 1983‬ص ‪. 309‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬ثروت عبدالعال أحمد ‪ ،‬إجراءات المساءلة التأديبية وضمانتها ألعضاء هيئة الدريس بالجامعات‬
‫‪ ،‬أسيوط ‪ ،‬دار النشر والتوزيع ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1965‬ص ‪. 366‬‬
‫‪(3 ) - C.E 5 juillet 2000, Mm Rochard. A.J.D.A, 2001, P.522.‬‬

‫‪654‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ويمتنع عليه كذلك أن يشترك فى الحكم إذا كان قد قام فى الدعوى بعمل من أعمال‬
‫التحقيق أو اإلحالة‪ ،‬أو أن يشترك فى الحكم فى الطعن إذا كان الحكم المطعون فيه‬
‫صاد اًر منه "‪.‬‬
‫ووفقاً للمادة (‪ )146‬من قانون المرافعات يجب أال يكون القاضى قد أفتى أو ترافع أو‬
‫كتب أو نظر فيها بأى صفة أخرى ‪.‬‬
‫وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة‬
‫مستقر ‪ -‬مستلهماً أحكام هذا النص ‪ -‬على أن األصل أن من يقوم فى الدعوى الجنائية‬
‫أو التأديبية من أعمال التحقيق يمتنع عليه االشتراك فى نظر الدعوى أو الحكم فيها‪،‬‬
‫باعتبار أن ذلك أصل من أصول المحاكمات‪ ،‬وحكمة ذلك هى ضمان حيدة القاضى‬
‫الذى يجلس من المتهم مجلس الحكم بينه وبين سلطة االتهام‪ ،‬وحتى ال يفسر قضاءه‬
‫بعقيدة سبق أن كونها عن التهمة موضوع المحاكمة‪ ،‬وهو يباشر والية التحقيق أو يتولى‬
‫سلطة االتهام أو يشترك فى قرار اإلحالة أو فى نظر الدعوى فى مرحلة سابقة‪ ،‬فثمة‬
‫قاعدة فى الضمير تمليها العدالة المثلى وال تحتاج إلى نص يقررها‪ ،‬وهى أن من يجلس‬
‫مجلس القضاء يجب أال يكون قد كتب أو استمع أو تكلم فى الموضوع المعروض‪،‬‬
‫حتى تصفو نفسه من كل ما يمكن أن يستشف منه رأيه فى المتهم‪ ،‬بما يكشف لهذا‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫األخير مصيره مقدماً فيزعزع ثقته فيه أو يقضى على اطمئنانه إليه‪" .‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعنين رقمى ‪ 1501 ،2205‬لسنة ‪ 39 ،38‬القضائية ‪ ،‬جلسة‬
‫‪ 28‬من مايو سنة ‪ ، 1994‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة ‪ -‬مجموعة المبادئ‬
‫القانونية التي قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة التاسعة والثالثون ‪ -‬الجزء الثاني (من أول مارس‬
‫سنة ‪ 1994‬إلى ‪ 15‬سبتمبر سنة ‪ ، )1994‬ص ‪.1439‬‬

‫‪655‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫كما قضت أيضاً أنه ‪ " :‬من حيث إنه من المبادئ المستقرة واألصول العامة للمحاكمات‬
‫‪ -‬وإن لم يرد بها أى نص ‪ -‬انه من بين الضمانات الجوهرية للمتهم حيدة الهيئة التى‬
‫تتولى محاكمة العامل ومن مقتضى هذا األصل فى المحاكمات التأديببة أن من يسبق‬

‫له ابداء رأيه فى االتهام يمتنع عليه االشتراك فى نظر الدعوى والحكم فيها وذلك ضماناً‬
‫لحيدة القاضى أو عضو مجلس التأديب‪ ،‬وأن من يجلس بمجلس القضاء يجب أال يكون‬
‫قد كتب أو استمع أو تكلم فى موضوع المخالفة المنظورة حتى تصفو نفسه من كل ما‬
‫يمكن أن يستشف منه رأيه فى المتهم بما يكشف لهذا األخير مصيره فيزعزع ثقته فيه‬
‫أو يقضى على اطمئنانه‪ ،‬ومن ثم فإن القرار الذى يصدر على خالف هذا األصل‬
‫معيب بعيب جوهرى ينحدر به إلى البطالن‪.‬‬
‫ومن حيث إنه لما كان الثابت من األوراق أن السيد المستشار المساعد ‪ ............‬قد‬
‫اشترك فى عضوية مجلس التأديب االبتدائى رغم سبق ابداء رأيه فى االتهامات المحال‬

‫بسببها الطاعن للمحاكمة التأديبية وذلك عند بحثه للتظلم المقدم منه بصفته مفوضاً‬
‫للدولة لو ازرة الداخلية‪.‬‬
‫ومن ثم يكون غير صالح للجلوس فى مجلس التأديب االبتدائى‪ ،‬وبالتالى يكون القرار‬
‫الصادر من مجلس التأديب االبتدائى الذى كان عضواً به قد شابه البطالن الحكم بإلغائه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫"‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 3920‬لسنة ‪ 38‬قضائية عليا ‪،‬جلسة ‪ 5‬من أكتوبر‬
‫سنة ‪ ،1996‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التى‬
‫قررتها المحكمة اإلدارية العليا ‪،‬السنة الثانية واألربعون ‪ -‬الجزء األول (من أول أكتوبر سنة ‪1996‬‬
‫إلى آخر فبراير سنة ‪ ، )1997‬ص ‪. 5‬‬

‫‪656‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫كما قضت أيضاً أنه ‪ " :‬ومن حيث إنه من المبادئ المستقرة واألصول العامة للمحاكمات‬
‫وأن لم يرد عليها أى نص أنه من بين الضمانات الجوهرية للمتهم هو حيدة الهيئة التى‬
‫تتولى محاكمة العامل ومن مقتضى هذا األصل فى المحاكمات التأديبية أو الجنائية أن‬

‫من يبدى رأيه فى االتهام يمتنع عليه االشتراك فى نظر الدعوى والحكم فيها وذلك ضماناً‬
‫لحيدة القاضى أو عضو مجلس التأديب‪ ،‬ولما كان الثابت أن عضو مجلس التأديب‬
‫السيد‪ ...../‬رئيس القلم الجنائى لنيابات شمال القاهرة هو الذى سبق وقدم مذكرة باالتهام‬
‫والمخالفات المنسوبة للطاعن وأبدى أقواله فى التحقيقات بما مفاده أن عقيدته قد أطمأنت‬
‫مسبقاً إلى صحة االتهام المسند إلى الطاعن‪ ،‬ومن ثم فإنه يكون غير صالح للجلوس‬
‫فى مجلس التأديب الطاعن‪ ،‬وبالتالى يكون القرار الصادر من مجلس التأديب الذى كان‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫عضواً به قد شابه البطالن ويتعين الحكم بإلغائه‪".‬‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر ‪ 2003/5/10‬أنه ‪ " :‬المستقر‬
‫عليه فى قضاء هذه المحكمة أن التحقيق بصفة عامة يعنى الفحص والبحث والتقصى‬
‫الموضوعى المحايد والنزيه الستجالء الحقيقة فيما يتعلق بصحة وقائع محددة ونسبتها‬
‫إلى أشخاص محددين وذلك لوجه الحق والصدق والعدالة وال يتأتى ذلك إال إذا تجرد‬
‫المحقق من رأيه وميوله الشخصية إزاء من يجرى التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول‬
‫لجانبهم أو فى مواجهتهم‪ ،‬وال ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها فى المحقق‬
‫عن القدر المتطلب فى القاضى ومرد ذلك أن الحكم فى المجال العقابى جنائياً كان أو‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 3951‬لسنة ‪ 40‬القضائية ‪ ،‬جلسة ‪ 3‬من فبراير سنة‬
‫‪ ، 1996‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها‬
‫المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬السنة الواحدة واألربعون ‪ -‬الجزء األول (من أول أكتوبر سنة ‪ 1995‬إلى‬
‫آخر مارس سنة ‪ - )1996‬ص ‪. 479‬‬

‫‪657‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫تأديبيا إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقالله ونزاهته وحيدته‪ ،‬كما يستند إلى أمانة‬
‫ً‬
‫القاضى ونزاهته وحيدته سواء بسواء وعليه يجب تطبيق القواعد والضمانات الواجب‬
‫توافرها فى شأن صالحية القاضى على المحقق ‪ .‬وقد رددت هذا األصل المادتان‬
‫(‪ )248 ،247‬من قانون اإلجراءات الجنائية كما بينت المادة (‪ )146‬من قانون‬
‫المرافعات المدنية والتجارية األحوال التى يكون القاضى غير صالح فيها لنظر الدعوى‬
‫ممنوعا من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم ومن هذه األحوال َس ْب ُق الكتابة أو‬
‫ً‬
‫اإلفتاء فى الدعوى أو إبداء رأى فيها أو َس ْب ُق نظرها قاضياً أو محكماً أو ًا‬
‫خبير أو أداء‬
‫شهادة فيها "(‪. )1‬‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر ‪ 2007/1/2‬أنه ‪ " :‬ومن حيث‬
‫إنه من المبادئ المستقرة واألصول العامة للمحاكمات أنه من الضمانات الجوهرية للمتهم‬
‫هو حيدة الهيئة التى تتولى محاكمته ومن مقتضى هذا األصل والزمه فى المحاكمات‬
‫التأديبية أو الجنائية أن من يبدى رأيه فى االتهام أو يسهم فى تحضير الدعوى أو يشارك‬
‫فى أى إجراء من إجراءات التحقيق يمتنع عليه االشتراك فى نظر الدعوى والحكم فيها‬
‫ضمانا لحيدة القاضى أو عضو مجلس التأديب أو من يجلس مجلس القضاء كى‬
‫ً‬ ‫وذلك‬
‫تصفو نفس المتهم من كل ما يمكن أن يستشف منه رأيه فى المتهم بما يكشف لهذا‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 10‬من مايو سنة ‪ ،2003‬الطعن رقم ‪ 8022‬لسنة ‪47‬‬
‫قضائية ‪ ،‬موقع مجلس الدولة المصرى ‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث القضائية ‪.https://jsrcsc.org ،‬‬
‫ويراجع أيضاً ‪:‬‬
‫حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 3285‬لسنة ‪33‬ق‪ .‬عليا ‪ ،‬جلسة ‪.1989/5/13‬‬ ‫‪-‬‬
‫حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 4116‬لسنة ‪35‬ق‪ .‬عليا ‪ ،‬جلسة ‪.1994/8/27‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪658‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫األخير مصيره فتتزعزع ثقته فيه أو يقصر اطمئنانه إليه فال َيْلَقى الحكم أو القرار فى‬
‫نفسه القبول به أو الرضا عنه(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬عدم جواز قيام الشاكى بالتحقيق فى موضوع الشكوى ‪.‬‬
‫يلزم لسالمة إجراءات التحقيق تحقق الحيدة التامة فى الشخص القائم على إجراءات‬
‫التحقيق ‪ ،‬إذ أن قيام الشاكى بالتحقيق فى موضوع شكواه يهدر ضمانات التحقيق وحقوق‬
‫الدفاع ويزعزع ثقة المتهم واطمئنانه مما يؤدى إلى بطالن إجراءات التحقيق والقرار‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الصادر بناء عليه‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ومن حيث إن المسلم أنه يشترط‬
‫لسالمة التحقيق أن تتوافر له كل مقومات التحقيق الفنى من ضمانات وأهم هذه‬
‫الضمانات هى ضرورة توافر الحيدة التامة فيمن يقوم بإجراء التحقيق‪ ،‬فضالً عن وجوب‬
‫اتخاذ كل ما يلزم لكفالة تحقيق أوجه دفاع المسند إليه االتهام ‪ .‬ومن حيث إنه لما كان‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 20‬من يناير سنة ‪ ، 2007‬الطعنان رقما ‪6640، 5733‬‬
‫لسنة‪ 51‬قضائية‪.‬عليا ‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث القضائية ‪.https://jsrcsc.org ،‬‬
‫وقد جاء فى حيثيات هذا الحكم ‪ " :‬ومن حيث إن الثابت من األوراق وأخصها مذكرة الرأى المرفوعة‬
‫من …… أمين عام المحكمة إلى رئيس المحكمة المؤرخة ‪ 2004/8/23‬أنه قد أبدى رأيه فى الشكوى‬
‫المقدمة من …… التى هى موضوع االتهام المنسوب إلى الطاعنين وخلص فيها إلى أن الطاعن‬
‫األول بوصفه كاتب أول محكمة األزبكية قد جانبه الصواب وأن ما جاء بالشكوى فى محله‪ ،‬ثم اقتعد‬
‫المذكور مقعد القضاء فى مجلس التأديب الذى تولى محاكمة الطاعنين األمر الذى يفتقد معه صالحيته‬
‫لنظر الدعوى محل الطعنين الماثلين إلخالله بضمانه جوهرية وهى افتقاده للحيدة الواجب توافرها فى‬
‫عضو مجلس التأديب‪ ،‬وذلك لسبق إبداء رأيه فيها بما يغدو معه تشكيل مجلس التأديب قد ران عليه‬
‫البطالن الذى يستطيل ليلحق بالقرار الطعين" ‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سميرعبدهللا سعد ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ( مبادىء التأديب – الوثائق ) ‪ ،‬منشأة المعارف باألسكندرية‬
‫‪ ، 2014 ،‬ص‪. 77‬‬

‫‪659‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ذلك‪ ،‬وكانت الثابت أن الذى قام بإجراء التحقيق أصالً هو رئيس الفرع مقدم الشكوى‪،‬‬
‫وهو ما تنعدم فيه الحيدة الواجبة قانوناً لذلك فإن هذا التحقيق يعد باطالً‪ ،‬وال يغير من‬
‫ذلك استكمال التحقيق بعد ذلك بمعرفة رئيس قسم الشئون المالية‪ ،‬ذلك أن هذا التحقيق‬
‫قد اعتمد فى إتمامه على تحقيق رئيس الفرع الذى كان حريصاً على إعداد دليل مسبق‬
‫بأخذ إقرار من ستة من العاملين يقرون فيه بصحة الواقعة وأثبت ذلك فى صلب التحقيق‪،‬‬
‫األمر الذي يصبح معه هذا التحقيق كذلك قد أخل بالضمانات الواجبة قانوناً لتحقيق‬
‫دفاع الطاعن‪ ،‬وشابه القصور فى تناول التحقيق دون تأثر بالتحقيق السابق الذى أجراه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫رئيس الفرع"‬

‫‪ -3‬التجرد من الرأى والميول الشخصية ‪.‬‬


‫حيث إن التحقيق بصفة عامة يعنى الفحص والبحث والتفحص الموضوعى المحايد‬
‫والنزيه الستجالء الحقيقة فيما يتعلق بصحة وقائع محددة ونسبتها إلى أشخاص محددين‬
‫وذلك لوجه الحق والصدق والعدالة وال يتأتى ذلك إال إذا تجرد المحقق من رأيه وميوله‬
‫الشخصية إزاء من يجرى التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول لجانبهم أو فى مواجهتهم‬
‫وال ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها فى المحقق عن القدر المتطلب فى‬
‫القاضى وأساس ذلك أن الجزاء فى المجال العقابى جنائياً كان أو تأديبياً إنما يستند إلى‬
‫أمانة المحقق واستقالله ونزاهته وحيدته كما يستند إلى أمانة القاضى وحيدته سواء بسواء‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 1341‬لسنة ‪ 31‬القضائية ‪ ،‬جلسة ‪ 16‬من ديسمبر‬
‫سنة ‪ ، 1986‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفني ‪ -‬مجموعة أحكام المحكمة اإلدارية العليا السنة الثانية‬
‫والثالثون ‪ -‬الجزء األول (أول أكتوبر ‪ - 1986‬فبراير ‪ ، )1987‬ص ‪.436‬‬

‫‪660‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وعليه يجب تطبيق القواعد والضمانات التى يجب توافرها فى شأن صالحية القاضى‬
‫على المحقق‪.‬‬
‫وبناء عليه يجب أال يكون للمحقق مصلحة فى واقعة التحقيق ‪ ،‬وأال يكون خصماً للمتهم‬
‫فى تلك الواقعة أو غيرها ‪ ،‬مما قد يؤثر على حياده ونزاهته ‪ ،‬ويدفعه للجور أو التحامل‬
‫عليه والوصول بالتحقيق إلى نتيجة محددة سلفاً(‪.)1‬‬
‫وفى هذا الصدد المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ومن حيث إن الثابت من االطالع على‬
‫التحقيق الذى أجرى مع الطاعن بمعرفة إدارة التحقيقات باإلدارة العامة للشئون القانونية‬
‫والذى صدر بناء عليه قرار الجزاء محل النزاع أن الذى أجرى هذا التحقيق هو‬
‫السيد‪ ...../‬مفتش التحقيقات بالمحافظة وهو نفسه الذى أعد المذكرة بنتيجة التحقيق‬
‫ولما كان الثابت أن المحقق المذكور كان رئيس اللجنة المشكلة لفحص أعمال الطاعن‬
‫وتقديم تقرير بالمخالفات التي تتكشف لها وأن تلك اللجنة قد أعدت تقري اًر فى هذا الشأن‬
‫متضمناً نسبة المخالفات الواردة به للطاعن والسابق إيضاحها تفصيالً ولما كانت تلك‬
‫المخالفات هى ذاتها التى تم التحقيق مع الطاعن بشأنها وأعد المحقق المذكور مذكرة‬
‫بثبوتها بنتيجة التحقيق اإلدارى مع الطاعن وصدر قرار الجزاء بناء على ذلك‪ ،‬وعن‬
‫ذات تلك المخالفات فمن ثم يكون المحقق قد سبق وأبدى رأياً كرئيس للجنة المشار إليها‬
‫نحو تلك المخالفات وثبوتها فى حق الطاعن بما تنتفى معه الحيدة الالزمة فى المحقق‬
‫‪ ،‬وما كان يجوز له أن يتولى التحقيق مع الطاعن عن ذات المخالفات وإذ فعل فإن‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سمير عبدهللا سعد ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ( مبادىء التأديب – الوثائق ) ‪ ،‬منشأة المعارف‬
‫باألسكندرية ‪ ، 2014 ،‬ص‪. 79‬‬

‫‪661‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ذلك يؤثر على التحقيق ويفقده أحد مقوماته األساسية وهى حيدة المحقق بما يؤثر على‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫قرار الجزاء المستند إلى ذات التحقيق ويؤدى إلى بطالنه "‬
‫وهنا يثار تساؤلين على قدر كبير من األهمية ‪:‬‬
‫أوالً ‪ -:‬هل أسباب عدم صالحية القاضى تنطبق أيضاً على محقق الجهة اإلدارية ؟‬
‫استظهار وجه الحقيقة فى أمر إتهام موجه إلى إنسان ال يتسنى إال لمن تجرد من أية‬
‫ميول شخصية إزاء من يجرى التحقيق معهم ‪ ،‬هذا التجرد هو الذى يحقق الحيدة والنزاهة‬
‫والموضوعية التى تقود مسار التحقيق فى مجرى غايته الحق والحقيقة والصالح العام ‪.‬‬
‫والقواعد والضمانات األساسية الواجب توافرها فى شأن صالحية القاضى للفصل فى‬
‫الدعوى يجب توافرها فى شأن صالحية المحقق الذى يتولى إجراء التحقيق ‪ ،‬وإذا أغفل‬
‫المحقق االلتزام بالتجرد فإنه يكون قد فقد صفة جوهرية يترتب على فقدها عدم صالحيته‬
‫لمباشرة التحقيق ‪.‬‬

‫وإذا باشر المحقق التحقيق رغم عدم االلتزام بالتجرد فيكون باطالً بقوة القانون بطالناً‬
‫من النظام العام لعدم صالحية المحقق وال يحول دون تحقق هذا البطالن القول بأن أياً‬
‫من ضمانات التحقيق لم تهدر ‪ ،‬ذلك ألن األمر ال يتعلق بمدى توافر ضمانات التحقيق‬
‫فى حالة محددة بعينها فقط وإنما يتعلق بالنظام العام واألسس العامة لتحقيق العدالة‬
‫وبمدى توافر الصفة الواجب تحققها فى شخص المحقق‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 4116‬لسنة ‪ 35‬القضائية ‪ ،‬جلسة ‪ 27‬من أغسطس‬
‫سنة ‪ ، 1994‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التي‬
‫قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة التاسعة والثالثون ‪ -‬الجزء الثانى (من أول مارس سنة ‪1994‬‬
‫إلى ‪ 15‬سبتمبر سنة ‪ - )1994‬ص ‪. 1613‬‬

‫‪662‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬الحكم فى المجال العقابى جنائياً‬
‫كان أو تأديبياً إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقالله ونزاهته وحيدته كما يستند إلى‬
‫أمانة القاضى ونزاهته وحيدته سواء بسواء ‪ -‬أثر ذلك ‪ :‬تطبيق القواعد والضمانات‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الواجب توافرها فى شأن صالحية القاضى على المحقق "‬
‫والجدير بالذكر أن المادة (‪ )63‬من التعليمات العامة للنيابة اإلدارية الصادرة بقرار‬
‫رئيس هيئة النيابة اإلدارية رقم ‪ 160‬لسنة ‪ 2010‬المعدل بالقرار رقم ‪ 507‬لسنة ‪2010‬‬
‫نصت على أن ‪" :‬على عضو النيابة عقب االنتهاء من االطالع على األوراق أن يحدد‬
‫أقرب جلسة لبدء التحقيق ‪ ،‬وعليه أن يحدد جلسات التحقيق فى مواعيد متقاربة ‪.‬‬
‫ويكون عضو النيابة غير صالح لمباشرة التحقيق فى األحوال اآلتية ‪:‬‬
‫(‪ )1‬إذا كان قريباً أو صه اًر ألحد الشاكين أو المتهمين إلى الدرجة الرابعة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬إذا كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الشاكين أو المتهمين أو مع زوجته‪.‬‬
‫(‪ )3‬إذا كان بينه وبين أحد الشاكين أو المتهمين عداوة أو مودة يرجح معها عدم‬
‫استطاعته المضى فى التحقيق بغير ميل ‪.‬‬
‫وعلى مدير المكتب الفنى أو مدير النيابة بحسب األحوال إحالة التحقيق إلى عضو‬
‫آخر ‪.‬‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫أن أسباب عدم صالحية القاضى تنطبق أيضاً على التحقيقات التى تجريها النيابة‬
‫اإلدارية أو الجهة اإلدارية سواء بسواء ‪ ،‬ذلك أنه ال ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1994/8/27‬الطعن رقم ‪4116‬لسنة ‪35‬ق ‪.‬‬
‫وأيضاً ‪ :‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1989/5/13‬الطعن رقم ‪3285‬لسنة ‪32‬ق ‪.‬‬

‫‪663‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫توافرها فى المحقق عن القدر المتطلب فى القاضى وأساس ذلك أن الجزاء فى المجال‬
‫العقابى جنائياً كان أو تأديبياً إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقالله ونزاهته وحيدته كما‬
‫يستند إلى أمانة القاضى وحيدته ‪.‬‬
‫وإذا كانت التعليمات العامة للنيابة اإلدارية قد نظمت أحوال معينة يكون عضو النيابة‬
‫فيها غير صالح لمباشرة التحقيق ‪ ،‬فى حين نجد أن قوانين التوظف عامة ومنها قانون‬
‫الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬لم تنظم هذه المسألة بتاتاً ‪.‬‬
‫غير أننا نرى وبكل تأكيد أن أحوال عدم صالحية القاضى المنصوص عليها فى قانون‬
‫المرافعات تنطبق أيضاً على محقق الجهة اإلدارية ‪ ،‬ونرى أن هناك نقصاً تشريعياً فى‬
‫هذه المسألة ونهيب بالمشرع المصرى أن ينظم هذه المسألة صراحة ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ -:‬هل يجوز رد المحقق ؟‬
‫من أبرز وسائل كفالة الحيدة هى رد المحقق ‪ ،‬وجاءت نصوص قانون العاملين المدنيين‬
‫بالدولة وقانون الخدمة المدنية خلواً من أى نص يعالج هذه المسألة ‪ ،‬بل وقانون النيابة‬
‫اإلدارية أيضاً ‪ ،‬ونظ اًر لعدم وجود نصوص تنظم هذا اإلجراء فى قواعد التأديب ذهبت‬
‫أحكام القضاء إلى إعمال قواعد رد القضاة المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية‬
‫وقانون اإلجراءات الجنائية فى مجال التحقيق اإلدارى ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬وحيث أنه عما أثاره الطاعن‬
‫ببطالن التحقيقات التى أجرتها النيابة اإلدارية والتفتيش الفنى على االدارات القانونية‬
‫التسامها بعدم الحيدة والموضوعية والتزامها جانب المجاملة والتحيز للمدير العام ضد‬
‫الطاعن‪ ،‬فإنه وإن كان يجب أن يتوافر فى التحقيقات الضمانات األساسية ‪ ،‬ومنها توافر‬
‫الحيدة التامة فيمن يقوم بالتحقيق وتمكين العامل من اتخاذ كل ما يلزم لتحقيق دفاعه‪،‬‬
‫إال أن القانون لم يترك هذا الموضوع بغير تنظيم فقد نصت القوانين اإلجرائية كقانون‬

‫‪664‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫المرافعات المدنية والتجارية وقانون اإلجراءات الجنائية على األحوال التى يجب فيها‬
‫على القاضى ‪ ....‬وقياساً عليها على المحقق التنحى عن نظر الدعوى‪ ،‬كما أعطى‬
‫المشرع لصاحب الشأن حق رد القضاء ‪ -‬وإذا قبل باألخذ بذلك بالنسبة للمحقق فالبد‬
‫من أن تتوافر احدى الحاالت الواردة فى القانون ‪ -‬بشأن الرد‪ -‬حتى يستقيم دفع الطاعن‪،‬‬
‫وإذ لم يقدم الطاعن ما يثبت توافر حالة من حاالت رد المحقق ‪ -‬واكتفى بالقول بعدم‬
‫حيدة المحقق سواء فى النيابة االدارية أو فى التفتيش الفنى على اإلدارات القانونية بو ازرة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫العدل ‪ -‬فإن دفعه جاء على غير سند من القانون "‬

‫وأثير خالف الفقه فى مسألة مدى جواز رد عضو النيابة اإلدارية ؟‬


‫يرى جانب من الفقه عدم جواز رد عضو النيابة اإلدارية ‪ ،‬وذلك ألن النيابة اإلدارية‬
‫فى مجال الدعوى التأديبية تعتبر بمثابة الخصم فى الدعوى ‪ ،‬وليس للخصم أن يرد‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫خصمه‬
‫وفى هذا االتجاه ذهب رأى فى الفقه إلى عدم جواز رد عضو النيابة اإلدارية قياساً على‬
‫عدم جواز رد عضو النيابة العامة ‪ ،‬إضافة إلى أن النظام القضائى فى التأديب يقوم‬
‫على الفصل بين سلطتى االتهام التى تتوالها النيابة اإلدارية وسلطة اإلدانة التى تباشرها‬
‫المحكمة التأديبية (‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1994/3/1‬الطعنين رقمى ‪1911 ،1938‬لسنة ‪38‬ق‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوى ‪ ،‬قضاء التأديب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 518‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عبدالفتاح حسن ‪ ،‬التأديب فى الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 246‬‬

‫‪665‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫بينما يرى جانب آخر من الفقه أنه يجب رد عضو النيابة ألن القول بأن النيابة خصم‬
‫وال يجوز رد الخصم مردود عليه بأن المتهم ال يرد النيابة بأجمعها وإنما يرد عضو‬
‫النيابة الذى قام لديه شك فى استقالله ونزاهته بطلب استبداله بغيره وأن ذلك يبعث‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الطمأنينة فى نفس المتهم‬
‫وفى هذا االتجاه ذهب رأى فى الفقه إلى جواز رد عضو النيابة اإلدارية استناداً إلى‬
‫وجاهة حجته وقياساً على ما هو مقرر فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بالنسبة‬
‫لرد القضاة وأيضاً طالما أنه ال يوجد نص يمنع رد عضو النيابة اإلدارية كما هو مقرر‬
‫فى المادة ‪ 248‬من قانون اإلجراءات الجنائية والتى قضت بمنع رد عضو النيابة‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫العامة‬
‫كما ذهب رأى فى الفقه إلى أنه إذا كان من المقرر عدم جواز رد عضو النيابة اإلدارية‬
‫‪ ،‬إال أنه يتعين عليه التنحى عن أداء مهمته إذا قام به سبب من أسباب الرد لطمأنينة‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫المتهم‬
‫ويرى الباحث ‪-:‬‬
‫ونرى من جانبنا أنه يجوز رد عضو النيابة اإلدارية ‪ ،‬ألن عمل عضو النيابة اإلدارية‬
‫ليس كعمل عضو النيابة العامة ‪ ،‬حيث أن معظم المخالفات التى تحال إلى النيابة‬
‫اإلدارية ‪ ،‬يتم الفصل فيها بمعرفة عضو النيابة اإلدارية ‪ ،‬وال يحال إلى المحكمة التأديبية‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمود محمود مصطفى ‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ، 1988‬ص ‪. 66‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬يوسف إسماعيل محمد إسماعيل ‪ ،‬الحماية القانونية للموظف العام فى مرحلتى التحقيق‬
‫والمحاكمة ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس ‪ ، 2018 ،‬ص ‪. 117‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد جودت الملط ‪ ،‬المسئولية التأديبية للموظف العام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 198‬‬

‫‪666‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫إال القليل القليل منها ‪ ،‬أى أن عضو النيابة اإلدارية فى غالب األحوال يفصل فى‬
‫اإلتهام ويفصل فى الجزاء ‪ .‬أما عضو النيابة العامة يفصل فى اإلتهام فقط وال يفصل‬
‫فى الجزاء ‪.‬‬
‫ونرى أن قواعد الرد المنصوص عليها فى قانون المرافعات تسرى أيضاً على رد عضو‬
‫النيابة اإلدارية ‪ ،‬بل أرى أكثر من ذلك بأن قواعد الرد المنصوص عليها فى قانون‬
‫المرافعات تسرى أيضاً على محقق الجهة اإلدارية ‪.‬‬
‫وذلك التحاد العلة فى رد القاضى أو عضو النيابة اإلدارية أو محقق الجهة اإلدارية ‪،‬‬
‫ذلك أن الجزاء فى المجال العقابى جنائياً كان أو تأديبياً إنما يستند إلى أمانة المحقق‬
‫واستقالله ونزاهته وحيدته كما يستند إلى أمانة القاضى وحيدته ‪.‬‬
‫ونجد أن قوانين التوظف عامة ومنها قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬لم‬
‫تنظم هذه المسألة بتاتاً ‪ ،‬ونرى أن هناك نقصاً تشريعياً فى هذه المسألة ونأمل من‬
‫المشرع المصرى أن ينظم هذه المسألة صراحة ‪ ،‬ويعالج مسألة من سيقدم إليه طلب‬
‫الرد وغيرها من المسائل ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ -:‬مواجهة الموظف باالتهامات المنسوبة إليه ‪.‬‬


‫تعنى المواجهة بصفة عامة تمكين من تتعرض حقوقه ومصالحه لتصرف ما يؤثر فى‬
‫مركزه القانونى ‪ ،‬أن يحاط به علماً حتى يستطيع إعداد دفاعه أو على األقل تقديم وجهة‬
‫نظره (‪.)1‬‬

‫‪(1) ISAAC.G, La procedure administrative non conrentieuse, Thèse, 1966,‬‬


‫‪p.387.‬‬

‫‪667‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫فمن الضمانات الجوهرية التى حرص المشرع على مراعاتها فى التحقيق اإلدارى مبدأ‬
‫المواجهة‪ ،‬ذلك بإيقاف العامل على حقيقة التهمة المسندة إليه وإحاطته علماً بمختلف‬
‫األدلة التى تشير إلى ارتكابه المخالفة حتى يستطيع أن يدلى بأوجه دفاعه‪.‬‬
‫ويلزم حتى تؤدى مواجهة العامل بالتهمة غايتها كضمانة أساسية للعامل أن تتم على‬
‫وجه يستشعر منه العامل أن اإلدارة بسبيل مؤاخذته إذا ما ترجحت لديها إدانته حتى‬
‫يكون على بينة من خطورة موقفه فينشط للدفاع عن نفسه‪ ،‬وال يغنى عن هذه المواجهة‬
‫مجرد القول بأن المخالفة ثابتة ثبوتاً مادياً ال شبهة فيه‪ ،‬ذلك أن الحكم على ثبوت‬
‫المخالفة أو انتفائها مرده إلى ما يسفر عنه التحقيق الذى يعتبر توجيه التهمة وسؤال‬
‫المخالف عنها وتحقيق دفاعه فى شأنها أحد عناصره الجوهرية ‪ ،‬ومن ثم فإن مخالفة‬
‫هذا اإلجراء يؤدى إلى بطالن التحقيق‪ ،‬إذ الحكمة من تقرير تلك الضمانة هى إحاطة‬
‫العامل بما نسب إليه ليدلى بأوجه دفاعه ‪.‬‬
‫ويعتبر مبدأ المواجهة أصالً من أصول الدفاع ‪ ،‬فمن المبادىء األساسية فى توقيع‬
‫العقوبة وتحقيق عدالة المساءلة مواجهة المتهم وإعالنه بما هو منسوب إليه حتى يكون‬
‫على بينة من أمره ‪.‬‬
‫وتطبيقاً لذلك أكدت المادة ‪ 3-14‬من إتفاقية األمم المتحدة للحقوق المدنية والسياسية‬
‫أن من حق المتهم أن يخطر فى أقصر وقت ممكن وباللغة التى يفهمها وبطريقة مفصلة‬
‫بطبيعة وسبب اإلتهام الموجه إليه ‪.‬‬

‫‪668‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ولقد استقر الفقه والقضاء اإلداريين أن مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه أم اًر الزماً‬
‫حتى فى حالة غياب النص القانونى الذى يقررها(‪ .)1‬ألنها تعد من المبادىء العامة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫للقانون‬
‫والجدير بالذكر أنه على الرغم من أهمية مبدأ المواجهة كضمانة قانونية هامة للمتهم ‪،‬‬
‫غير أنها خضعت لتطور بطىء فى مجال التأديب بخالف المجال الجنائى ‪ ،‬ولم تتضح‬
‫مالمحها األساسية إال بصدور حكم مجلس الدولة الفرنسى فى قضية "‪Veuve‬‬
‫‪ " trompier‬والذى ذهب إلى أنه طبقاً للمبادىء العامة للقانون المطبقة بذاتها حتى‬
‫فى حالة عدم وجود نص ‪ ،‬أن الجزاء ال يمكن توقيعه قانوناً دون أن يحاط صاحب‬
‫الشأن علماً باالتهامات الموجهة إليه حتى يعد دفاعه ‪ ،‬وأنه يجب تبعاً لذلك أن يخطر‬
‫صاحب الشأن مقدماً بأساس االتهامات المنسوبة إليه ‪ ،‬بحيث يمكن أن يبدى فى هذا‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫الموضوع جميع الملحوظات التى يقدر ضرورتها‬
‫كما تأكد هذا االتجاه فى حكم "‪ " maillon‬والذى قرر أنه وفقاً للمبادىء العامة للقانون‬
‫أن العقوبة ال يمكن توقيعها دون إحاطة صاحب الشأن باالتهامات المنسوبة إليه حتى‬
‫يعد دفاعه ‪ ،‬وأنه لذلك األمر يجب إخطاره مقدماً باالتهامات الموجهة إليه (‪.)4‬‬

‫‪(1) Guy Braibant, Pierre Delvolvé, Bruno Genevois, Marceau Long, Prosper‬‬
‫‪Weil ; Les grands arrêts de la jurisprudence administrative, Dalloz , 2003,‬‬
‫‪p. 161.‬‬
‫‪(2) Lachaume (J.F), la function publique , Dalloz, 1998, p. 95.‬‬
‫‪(3 ) C.E 5Mai 1944, Veuve trompier, Rec. p. 133‬‬
‫‪(4 ) C. E 22 Mai 1964, Maillon. Rec. p. 352.‬‬

‫‪669‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وتترى أحكام مجلس الدولة المصرى بأن مواجهة الموظف بالمخالفة المسندة إليه تعتبر‬
‫من الضمانات األساسية التى يجب توافرها فى التحقيق ‪ ،‬والحكمة من تقرير هذه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الضمانة هى إحاطة العامل بما هو منسوب إليه ليدلى بأوجه دفاعه‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪2006/12/16‬‬
‫أنه ‪ " :‬من المقرر قانوناً أنه من المبادئ العامة لشرعية الجزاء فى المجال التأديبى أو‬
‫المجال الجنائى أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له سبل‬
‫الدفاع عن نفسه أصالة أو وكالة‪ ،‬ومقتضى ذلك والزمه أنه يحظر مجازاة أى عامل قبل‬
‫سماع أقواله وتحقيق دفاعه بعد مواجهته بما هو منسوب إليه ومتهم به من أفعال‪ ،‬األمر‬
‫الذى يستوجب إجراء تحقيق قانونى سليم سواء من حيث اإلجراءات أو المحل أو الغاية‬
‫لكى يمكن أن يصدر بركيزة منه قرار االتهام شامالً األركان السابقة‪ ،‬ويتفرع عن حق‬
‫الدفاع مبادئ عامة فى أصول التحقيقات والمحاكمات التأديبية يتعين مراعاتها وإجراء‬
‫مقتضاها ومن بينها حتمية مواجهة العامل بالمخالفات المنسوبة إليه‪ ،‬ومن ثَ َّم يلزم حتى‬
‫تتحقق تلك المواجهة غايتها كضمانة أساسية للعامل أن تتم على وجه يستشعر معه‬
‫العامل أن اإلدارة بسبيل مؤاخذته إذا كان لديها توجه التهامه حتى يكون على بينة من‬
‫خطورة موقفه فينشط للدفاع عن نفسه‪ ،‬وأن تلك القاعدة التى تستند إليها شرعية الجزاء‬
‫هى الواجبة االتباع سواء تم توقيع الجزاء إدارياً من السلطة التأديبية الرئاسية بواسطة‬
‫الرئيس اإلدارى‪ ،‬أو تم توقيعه بواسطة مجلس التأديب المختص أو توقيعه قضائياً بحكم‬

‫(‪ – )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1986/10/28‬الطعن رقم ‪ 399‬لسنة ‪ 30‬ق ‪.‬‬
‫– حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1988/10/29‬الطعن رقم ‪2180‬لسنة ‪ 33‬ق ‪.‬‬
‫– حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1978/2/11‬الطعن رقم ‪ 406‬لسنة ‪ 22‬ق ‪.‬‬
‫– حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1989/6/24‬الطعنين رقمى ‪170 ، 278‬لسنة ‪35‬ق‪.‬‬

‫‪670‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫من المحكمة التأديبية‪ ،‬وذلك بحسبان أن التحقيق هو وسيلة استبانة الحقيقة وتبيان وجه‬
‫الحق فيما ينسب إلى العامل من اتهام " (‪.)1‬‬
‫كما قضت أيضاً أنه ‪ " :‬عدم مواجهة المتهم باالتهام المنسوب إليه وتمكينه من إبداء‬
‫دفاعه من شأنه إهدار أهم ضمانة من ضمانات التحقيق على نحو يعيبه ‪ ،‬األمر الذى‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 16‬من ديسمبر سنة‪ ، 2006‬الطعن رقم ‪ ، 5109‬والطعن‬
‫رقم ‪ 5167‬لسنة ‪ 52‬قضائية عليا ‪ ،‬غير منشور ‪.‬‬
‫وقد جاء فى حيثيات هذا الحكم ‪ " :‬ومن ثَ َّم فإنه بغير أن يكون تحت يد الجهة التى تملك توقيع الجزاء‬
‫التأديبى تحقيق مستكمل األركان ال يكون فى مكنتها الفصل على وجه شرعى وقانونى فى االتهام‬
‫المنسوب للعامل سواء بالبراءة أو اإلدانة‪ ،‬ولذلك فإن أى قرار أو حكم يصدر دون تحقيق أو استجواب‬
‫حكما غير مشروع‪.‬‬
‫ار أو ً‬ ‫ٍّ‬
‫مبتسر وغير مستكمل األركان يكون قرًا‬ ‫سابق أو يصدر مستنداً على تحقيق‬
‫قانونا من حيث محله وغايته إال إذا تناول الواقعة محل‬
‫صحيحا ً‬
‫ً‬ ‫والتحقيق ال يكون مستجمع أركانه‬
‫االتهام بالتحقيق محدداً عناصرها بوضوح من حيث األفعال والزمان والمكان واألشخاص وأدلة الثبوت‪،‬‬
‫فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة‬
‫وجوداً وعدماً أو أدلة وقوعها إثباتاً ونفياً أو نسبتها إلى المتهم حقاً وصدقاً كان تحقيقاً معيباً‪ ،‬وبالتالى‬
‫يكون القرار الصادر ارتكا اًز إليه معيباً كذلك ‪.‬‬
‫ومن حيث إن الثابت من التحقيق الذى أجرى مع …… الطاعن فى الطعن الثانى أنه لم يتم فيه‬
‫مواجهته بما ُنسب إليه من خروجه على واجبات وظيفته بأن لم يؤد العمل المنوط به بدقة وخالف‬
‫القواعد المالية مما أدى إلى ضياع حق من الحقوق المالية للدولة بأن قبل أوراق تنفيذ الحكم رقم ‪399‬‬
‫لسنة ‪ 2004‬تحكيم وتقدير الرسوم على المحضر رقم ‪ 182‬باشمحضر بوالق بالرغم من وجود خطأ‬
‫فى تقدير الرسم حتى يتبين أن مركزه القانونى قد تحول من شاهد إلى متهم فينشط للدفاع عن نفسه‬
‫مما يشوب التحقيق بقصور شديد النطوائه على إخالل بحق الدفاع وهى ضمانة قانونية مهمة مما‬
‫يبطله ويستطيل هذا البطالن ليلحق بقرار الجزاء المبنى عليه‪ ،‬ومن ثَ َّم يكون قرار الجزاء قد انهار فى‬
‫أصله وأساسه األمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائه‪.‬‬

‫‪671‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ترتب عليه بطالن الجزاء المبنى عليه سواء صدر بهذا الجزاء قرار إدارى أو حكم تأديبى‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫"‬
‫كما قضت أيضاً بأن ‪ " :‬إن حق الدفاع يتفرع منه مبادئ عامة فى أصول التحقيقات‬
‫والمحاكمات التأديبية ومن بينهما حتمية مواجهة المتهم بما هو منسوب إليه وسماع‬
‫دفاعه وتحقيقه ويعتبر ذلك من األسس الجوهرية للتحقيق القانونى حيث يجب إحاطة‬
‫العامل بحقيقة المخالفة المنسوبة إليه وإحاطته أيضا بمختلف األدلة التى يقوم عليها‬
‫االتهام وذلك حتى يستطيع الدفاع عن نفسه فيما هو منسوب إليه‪ ،‬فإذا استوفى التحقيق‬
‫تلك األمور فقد استوفى شرائط صحته وإال اعتوره القصور بما ال يجوز أن يعتبر أساسا‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫لمسئولية العامل "‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪ 2017/4/15‬أنه ‪" :‬وحيث‬
‫إن المستقر عليه ضرورة تحقيق مبدأ المواجهة فى التحقيق الذى ُيجرى مع العامل‬
‫بمعنى أن تتم مواجهته بالتهمة المحددة فى عناصرها ومكان حدوثها‪ ،‬فإذا قام العامل‬
‫بالرد على االتهام وتقديم دفاعه‪ ،‬فعلى المحقق أن يحقق هذا الدفاع ويتثبت منه ويستبعد‬
‫ما يثبت له من خالل التحقيق عدم صحته حتى يتسنى للمحقق أن يعيد استجواب المتهم‬
‫على أساس ما يظهر له من صدق أو كذب دفاعه‪ ،‬ومن ثم يتحقق مبدأ المواجهة‪،‬‬
‫وبغير هذا التحقيق للدفاع ال يتسنى للعامل معرفة ما هو منسوب إليه على نحو دقيق‪،‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1989/6/10‬الطعن رقم ‪1464‬لسنة ‪ 32‬قضائية ‪ .‬عليا‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1996/6/1‬الطعن رقم ‪4479‬لسنة ‪ 39‬قضائية ‪ .‬عليا‬
‫‪.‬‬

‫‪672‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وينهار من ثم مبدأ المواجهة ويكون التحقيق معيبـاً ويبطل ما يبنى عليه سواء كان ق ار ار‬
‫بالجزاء أو باإلحالة للمحكمة التأديبية" (‪.)1‬‬
‫والجدير بالذكر أن مواجهة العامل بالمخالفة المسندة إليه تعتبر من الضمانات األساسية‬
‫التى يجب توافرها وذلك بإجراء تحقيق والحكمة فى تقدير هذه الضمانة هى إحاطة‬
‫العامل بما نسب إليه ليدلى بأوجه دفاعه ‪ ،‬ومن ثم توقيع جزاء على موظف دون سماع‬

‫أقواله فى التحقيق مقتضاه بطالن الجزاء وذلك ألن قرار الجزاء يكون قد صدر مفتقداً‬
‫ركناً شكلياً جوهرياً يؤدى إلى بطالنه‪ ،‬أما فى حالة تقديم الموظف للمحكمة التأديبية‬
‫فإنه ليس هناك ق ار اًر صاد ار بمجازاته قبل اإلحالة بل إن األمر مازال فى مرحلة ما قبل‬
‫صدور الحكم التأديبى عليه فيمكنه إبراز أوجه دفاعه فيما هو منسوب إليه ويحق له أن‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 15‬من إبريل سنة ‪ ، 2017‬الطعن رقم ‪ 67054‬لسنة ‪62‬‬
‫القضائية (عليا) ‪( ،‬الدائرة الرابعة) ‪ ،‬غير منشور ‪.‬‬
‫وقد جاء فى حيثيات ومنطوق هذا الحكم ‪ " :‬وتأسيسـا على ما تقدم‪ ،‬فقد ثبت لهذه المحكمة أن القصور‬
‫الجسيم أصاب تحقيق النيابة اإلداريةعلى نحو ما سلف تفصيله‪ ،‬منطويـاً على إهدار ضمانات جوهرية‬
‫بعدم تحقيق أوجه دفاع الطاعنين حتى تنجلى وقائع المخالفة بدقائق تفاصيلها وحقيقة كنهها‪ ،‬مما يصم‬
‫التحقيقات بالعوار ويقوض أساسها وما ترتب عليها من إحالة الطاعنين لمجلس التأديب وما ترتب‬
‫عليه من صدور قرار الجزاء الطعين‪ ،‬مما يستوجب القضاء ببطالن التحقيق وبطالن قرار اإلحالة‪ ،‬ثم‬
‫بطالن قرار الجزاء المطعون عليه كأثر مترتب على ذلك العوار‪ ،‬بيد أنه يتعين إعادة التحقيقات للنيابة‬
‫اإلدارية لتجرى شئونها تجاه وقائعها بمراعاة الضوابط والضمانات المبنية سالفا إلماطة اللثام عن حقيقة‬
‫الواقعة والمسئول عنها‪.‬‬
‫فلهذه األسباب‬
‫حكمت المحكمة بقبول الطعن شكال‪ ،‬وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الطعين فيما تضمنه‬
‫من مجازاة الطاعنين بعقوبة العزل مع االحتفاظ بالمعاش‪ ،‬وبإلغاء قرار إحالتهما لمجلس التأديب‬
‫الطعين مع ما يترتب على ذلك من آثار‪ ،‬وبإعادة الدعوى التأديبية للنيابة اإلدارية لتجري فيها شئونها‬
‫فى هذا الصدد‪ ،‬على النحو المفصل باألسباب‪.‬‬

‫‪673‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫يقدم أسانيد دفاعه أمام المحكمة وال يكون هناك إخالل بحقه فى الدفاع أو حقه فى الرد‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫على االتهامات الموجهة إليه‬
‫وتقوم المواجهة على عدة ضوابط ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون التهمة محددة ‪.‬‬
‫ينبغى أن تكون التهمة الموجهة إلى الموظف محددة المعالم بشكل واضح ال لبس فيه‬
‫وال غموض ‪ ،‬فالتهمة الغامضة من شأنها أن تجلب الشك وعدم اإلطمئنان ‪ .‬فمواجهة‬
‫المتهم فى نطاق التأديب هامة للغاية بل وتفوق أهميتها فى نطاق القانون الجنائى ؛‬
‫على اعتبار وضوح التهمة فى المجال الجنائى فى حين أنها فى مجال التأديب قد تثير‬
‫اللبس والغموض ‪ ،‬نظ اًر لعدم خضوع الجريمة التأديبية لقاعدة ال جريمة وال عقوبة إال‬
‫بنص وعدم تقنين تلك الجرائم وصعوبة تحديدها ‪ .‬وعليه ال يكفى فى هذا الصدد االكتفاء‬
‫بمواجهة العامل بتهمة عامة غير محددة تتمثل فى اإلهمال فى واجبات الوظيفة ‪.‬‬
‫فحق الدفاع يتفرع عنه مبادئ عامة فى أصول التحقيقات ومنها حتمية مواجهة العامل‬
‫بما هو منسوب إليه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ‪ ،‬ويعتبر ذلك من األسس الجوهرية‬
‫للتحقيق القانونى‪ ،‬حيث يجب إحاطة العامل بحقيقة المخالفة المنسوبة إليه وباألدلة التى‬
‫يقوم عليها االتهام وذلك حتى يستطيع الدفاع عن نفسه وال يكون التحقيق مستكمل‬
‫األركان صحيحا من حيث محله وغايته إال إذا تناول الواقعة محل االتهام بالتحقق الذى‬
‫يحدد عناصرها بوضوح ويقين من حيث األفعال والزمان والمكان واألشخاص وأدلة‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1997/4/26‬الطعن رقم ‪3993‬لسنة ‪ 4154‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا ‪.‬‬

‫‪674‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫الثبوت‪ ،‬فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من العناصر بما من شأن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫تجهيل الوقائع‪ ،‬فإنه يكون معيباً ويكون قرار الجزاء المستند إليه معيباً كذلك‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن ‪ " :‬وكل مخالفة تأديبية هى خروج‬
‫عن واجب وظيفى البد وأن يكون محدد األبعاد من حيث المكان والزمان واألشخاص‬
‫وسائر العناصر األخرى المحددة لذاتية المخالفة ذلك التحديد الذى البد وأن يواجه به‬
‫المتهم فى التحقيق بعد بلورته فى صورة دقيقة المعالم على النحو الذى يمكن المتهم من‬
‫الدفاع عن نفسه ‪ ،‬وإال كان االتهام فضفاضاً يتعذر على المتهم تحديده مما يعتبر‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫إخالالً بحق الدفاع "‬
‫كما قضت أيضاً بأن ‪ " :‬عدم مواجهة العامل بما ارتكب من مخالفات بشكل محدد‬
‫العناصر يتعذر القول بثبوت تلك المخالفات فى حقه ‪ -‬يتعين براءته مما هو منسوب‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫إليه "‬
‫‪ -2‬أن تتم المواجهة على نحو يستشعر معه الموظف أن اإلدارة بسبيل مؤاخذته ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2001/5/13‬الطعن رقم ‪6016‬لسنة ‪ 44‬قضائية ‪ .‬عليا‬
‫‪ ،‬وأيضاً الطعون أرقام ‪ 2635‬لسنة ‪ 44‬ق ‪ ،‬جلسة ‪ 2000/11/26‬؛ ‪ 2180‬لسنة ‪ 33‬ق ‪ ،‬جلسة‬
‫‪ 1988/10/29‬؛ ‪ 1043‬لسنة ‪9‬ق ‪ ،‬جلسة ‪. 1967/12/16‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1989/12/9‬الطعن رقم ‪813‬لسنة ‪ 34‬قضائية ‪ .‬عليا‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )3‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1995/12/2‬الطعن رقم ‪628‬لسنة ‪ 37‬قضائية ‪ .‬عليا‬
‫‪.‬‬

‫‪675‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ال يكفى مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه وإنما يجب أن تتم المواجهة على نحو‬
‫يستشعر الموظف أن اإلدارة بسبيل مؤاخذته إذا تأكدت من إدانته ‪ .‬ألن من شأن ذلك‬
‫أن يجعل الموظف ينشط فى الدفاع عن نفسه (‪.)1‬‬
‫فليس كل الموظفين لديهم الخبرة القانونية والدراية الكافية بإجراءات التأديب ‪ ،‬فبالتالى‬
‫يجب تنبيه الموظف المحال إلى التأديب بحقيقة موقفه من خالل تلك المواجهة فالبعض‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫يجهل حقيقة موقفه ويجهل خطورة االتهام المنسوب إليه‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه‪ " :‬بالنسبة لواقعة ‪ ....‬بحسبانها‬
‫محور أساس ما ينسب إليها من مخالفات وهذه الواقعة لم تواجه بها المطعون ضدها‬
‫كواقعة تمثل مخالفة منسوبة إليها تتعرض لجزاء تأديبى إذا ما ثبتت فى حقها ‪ ،‬وإنما‬
‫جاء السؤال بشأنها بصورة عرضية غير مباشرة ال تحمل أى مدلول لخطورة األمر مما‬
‫يمكن القطع معه بأن المطعون ضدها لم تكن تقدر ما لهذه المسألة من خطورة وإال‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫كانت أكثر حرصاً وأشد تأكيداً على محاولة دحضها "‬
‫كما قضت أيضاً بأنه ‪ " :‬ومن حيث إن الثابت من التحقيق الذى أجرى مع ‪......‬‬
‫الطاعن فى الطعن الثانى أنه لم يتم فيه مواجهته بما ُنسب إليه من خروجه على واجبات‬
‫وظيفته بأن لم يؤد العمل المنوط به بدقة وخالف القواعد المالية مما أدى إلى ضياع‬
‫حق من الحقوق المالية للدولة ‪ .....‬حتى يتبين أن مركزه القانونى قد تحول من شاهد‬

‫‪(1)Trib Admin. paris 16 Mai 1961, D.62.J.210,note. Mlle Mairs- Therese‬‬


‫‪Blanhel.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سعد الشيتوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬األسكندرية ‪ ،‬دار الفكر الجامعى‬
‫‪ ، 2013 ،‬ص ‪. 102‬‬
‫(‪ )3‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1992/1/25‬الطعن رقم ‪1134‬لسنة ‪ 32‬قضائية ‪ .‬عليا‪.‬‬

‫‪676‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫إلى متهم فينشط للدفاع عن نفسه ‪ ،‬مما يشوب التحقيق بقصور شديد النطوائه على‬
‫إخالل بحق الدفاع وهى ضمانة قانونية مهمة مما يبطله ويستطيل هذا البطالن ليلحق‬
‫بقرار الجزاء المبنى عليه‪ ،‬ومن ثم يكون قرار الجزاء قد انهار فى أصله وأساسه األمر‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الذى يتعين معه القضاء بإلغائه‪" .‬‬
‫‪ -3‬أن تشمل المواجهة جميع األخطاء المنسوبة إلى الموظف ‪.‬‬
‫يجب أن تشتمل المواجهة على جميع األخطاء المنسوبة إلى الموظف دون تحديدها‬
‫بأخطاء معينة ‪ ،‬وفى ذلك قرر مجلس الدولة الفرنسى بمواجهة المتهم بكافة التهم‬
‫المنسوبة إليه وإن إغفال ذكر أى من االتهامات واألخطاء يجعل القرار معيب وقابل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫للبطالن إال إذا كان ذنباً غير جوهرى أو غير مؤثر‬
‫ولكن التساؤل الذى يثور ما هى القواعد العامة التى يجب على محقق‬
‫الجهةاإلدارية مراعاتها أثناء مواجهة الموظف باالتهامات المنسوبة إليه ؟‬
‫أوالً ‪ -:‬يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يتبع األصول المنطقية للوصول إلى‬
‫الحقيقة من أقرب الطرق ‪ ،‬وأن يضع السؤال صريحاً محدداً خالياً من التعقيد واالبهام ‪،‬‬
‫وأن يجعل أسئلته فى صيغة االستفهام ‪ ،‬وأال تتضمن إيحاء بإجابة معينة ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ -:‬على محقق الجهة اإلدارية أن يراعى فى تحقيقه التسلسل والترابط وأن يقصر‬
‫أسئلته على ما يمس الموضوع الذى يتناوله التحقيق وأن يتفادى توجيه أسئلة غير‬
‫مجدية‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2006/12/16‬الطعن رقم ‪5109‬لسنة ‪52‬قضائية عليا‬
‫‪ ،‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الثانبة‬
‫والخمسون ( من أول أكتوبر ‪ 2006‬إلى آخر سبتمبر ‪ ، ) 2007‬ص ‪.189‬‬
‫‪(2 ) 13. Novembre 1953, d. 1953. Som, 13.‬‬

‫‪677‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ثالثاً ‪ -:‬ال يجوز لمحقق الجهة اإلدارية أن يعد المخالف بالتدخل فى تخفيف العقاب‬
‫عنه أو حفظ التحقيق بقصد الحصول على اعتراف معين ‪.‬‬
‫رابعاً ‪ -:‬على محقق الجهة اإلدارية تحقيق ما يدفع به المخالف من األعذار المشروعة‬
‫المخففة للمسئولية ‪.‬‬
‫خامساً ‪ -:‬على محقق الجهة اإلدارية أال يحدد جلسة واحدة لتحقيقات تفوق الطاقة أو‬
‫الوقت ‪ ،‬وأن يراعى فى استدعاء الشهود من الموظفين صالح المرفق الذى يتبعونه ‪.‬‬
‫سادساً ‪ -:‬يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يتم التحقيق الذى بدأه ‪ .‬فإذا ط أر ما‬
‫يدعو إلى إحالته إلى غيره ‪ ،‬تعين عليه أن يرفق بالملف مذكرة بتفصيل وقائع التحقيق‬
‫وما تم فيه ‪.‬‬
‫سابعاً ‪ -:‬تكون إلجراءات التحقيق ونتائجه صفة السرية ‪ .‬وعلى محقق الجهة اإلدارية‬
‫أأل يفضى بشىء منها ‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ -:‬تمكين الموظف من اإلطالع على كافة أو ارق التحقيق ‪.‬‬
‫إن إطالع الموظف على كافة أوراق التحقيق يعتبر رافداً أساسياً إلحاطته بالتهمة‬
‫المنسوبة إليه وبأدلتها توطئة لالستعداد للدفاع عن نفسه ‪ ،‬وكفالة حق الدفاع ال تتم إذا‬
‫تم حرمانه من اإلطالع على ملفه قبل توقيع العقوبة التأديبية ‪ ،‬فحق اإلطالع على‬
‫أوراق التحقيق يجعل الموظف على بينة من جميع األوراق والمستندات المقدمة ضده أو‬
‫لصالحه نظ اًر ألهميتها فى تحقيق دفاعه ‪.‬‬
‫ولقد استقر الفقه والقضاء المصرى على أن حق الموظف فى اإلطالع على األوراق‬
‫وملف الدعوى من األمور التى تقتضيها مبادىء العدالة لتوفير الضمانات التى تكفل‬

‫‪678‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫اطمئنان الموظف وسالمة التحقيق (‪ .)1‬وأن إطالع الموظف إطالعاً كامالً على كافة‬
‫أوراق الملف ‪ ،‬وليس فقط على قرار االتهام ‪ ،‬أو على التقرير الذى يحل محله ‪ ،‬هو‬
‫من األمور المسلم بها فى الفقه والقضاء ‪ ،‬فال يمكن أن يظل أحد مستندات الملف‬
‫األساسية س اًر وخافياً على صاحب الشأن ولو لم ينص على ذلك قانوناً (‪.)2‬‬
‫واإلطالع على أوراق التحقيق يكون قبل توقيع الجزاء ويعطى الموظف وقتاً كافياً لفحص‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫البيانات والمستندات‬
‫وفى ذلك نصت المادة (‪ )156‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة‬
‫‪ 2016‬على أنه " للموظف المحال إلى التحقيق االطالع على كافة أوراق التحقيق‬
‫وتقديم ما يشاء من مستندات تؤيد دفاعه "‪.‬‬
‫ولقد نصت بعض القوانين التى تنظم طوائف معينة من الموظفين من ذوى الكادرات‬
‫الخاصة على هذا الحق ‪ .‬فمثالً تنص المادة (‪ )58‬من القانون رقم ‪ 109‬لسنة ‪1971‬‬
‫الخاص بنظام هيئة الشرطة على أنه ( ‪ ...‬وللضابط المحال إلى مجلس التأديب أن‬
‫يطلع على التحقيقات التى أجريت ‪ ،‬وعلى جميع األوراق المتعلقة بها ‪ ،‬وأن يأخذ صورة‬
‫منها ‪ ،‬وله أن يطلب ضم التقارير السنوية السرية عن كفايته أو أية أوراق أخرى إلى‬

‫ملف الدعوى التأديبية ‪ ،‬وله كذلك أن يحضر حلسات المحاكمة وأن يقدم دفاعه شفهياً‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد جودت الملط ‪ ،‬المسئولية التأديبية للموظف العام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 268‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ‪ ،‬الموسوعة اإلدارية الشاملة فى إلغاء القرار اإلدارى وتأديب‬
‫الموظف العام ‪ ،‬الجزء الثالث ‪ ،‬دار محمود للنشر والتوزيع ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2008‬ص ‪. 141‬‬
‫‪(3 ) JEAN- MARIE AUBY, Droit de la function publique edition , Dalloze ,‬‬
‫‪1991, p.199-200.‬‬

‫‪679‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫أو كتابة وأن يوكل محامياً عنه ‪ ،‬ويجوز له أن يختار من بين ضباط الشرطة من يتولى‬
‫الدفاع عنه ‪. ) ...‬‬
‫كما ورد النص على هذا الحق بالمادة ‪ 108‬من قانون تنظيم الجامعات رقم ‪ 49‬لسنة‬
‫‪ 1972‬وذلك بقولها " لعضو هيئة التدريس المحال إلى مجلس التأديب ‪ ،‬اإلطالع على‬
‫التحقيقات التى أجريت ‪ ،‬وذلك فى األيام التى يحددها له رئيس الجامعة " ‪.‬‬
‫كما أن قانون إعادة تنظيم النيابة اإلدارية والمحاكمات التأديبية رقم ‪ 117‬لسنة ‪1985‬‬
‫والئحته الداخلية قد أعطى الموظف المتهم حق الحضور بنفسه جميع إجراءات التحقيق‬
‫إال إذا اقتضت مصلحة التحقيق أن يجرى فى غيبته كما يجوز له اإلطالع على أوراق‬
‫التحقيق بعد اإلنتهاء منه ‪ .‬ومبدأ حق الدفاع وباألحرى مبدأ حق االطالع المسبق على‬
‫الملف"‪ " La communication préalable du dossier‬يجد أساساً قانونياً له فى‬
‫النص القانونى الفرنسى الصادر في ‪ 22‬نيسان (عام ‪ )1( )1905‬والسيما المادة ‪،65‬‬
‫كما نصت على ذلك أيضاً يضاأيضأالمادة (‪ )19‬من القانون رقم ‪ 634-83‬المؤرخ فى‬
‫‪ 13‬يوليو ‪ 1983‬بشأن حقوق وواجبات موظفى الخدمة المدنية (معدلة بالقانون رقم ‪483‬‬

‫‪ 2016 -‬المؤرخ فى ‪ 20‬أبريل ‪2016‬مادة ‪ )36‬على أنه ‪ :‬يحق للموظف الذى تباشر‬
‫اإلجراءات التأديبية ضده االتصال الكامل بملفه الشخصى وجميع المستندات الداعمة ‪.‬‬

‫‪(1 ) L'art 65 de la loi de finances du 22-4-1905 (dont la redaction est restée‬‬


‫‪inchangée): «Tous les fonctionnaires civiles et militaires, tous les employés‬‬
‫‪et ouvriers, de toutes les admininstrations publiques ont droit à la‬‬
‫‪communication personnelle et confidentielle de toutes les notes, feuilles‬‬
‫‪signalétiques et tous autres documents composants leur dossier,soit avant‬‬
‫‪d'être l'objet d'une mesure disciplinaire ou d'un déplacement d'office, soit‬‬
‫‪avant d'être retardés dans leur avancement à l'ancienneté».‬‬

‫‪680‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪" Le fonctionnaire à l'encontre duquel une procédure disciplinaire‬‬
‫‪est engagée a droit à la communication de l'intégralité de son‬‬
‫‪dossier individuel et de tous les documents annexes".‬‬
‫ولقد بسط القضاء الفرنسى هذا المبدأ على جميع الحاالت التى يكون فيها الموظف‬
‫مهدداً بأى إجراء يترتب عليه المساس بمركزه الوظيفى سواء من الناحية المادية أو‬
‫األدبية أو الشخصية كفصله بسبب عدم الكفاءة المهنية(‪ )1‬أو حرمانه من المعاش الذى‬
‫تقرره المادة ‪ 83‬من قانون المعاشات المدنية والعسكرية القديم(‪ )2‬أو قبول إستقالة قدمت‬
‫تحت وطأة اإلكراه(‪. )3‬‬

‫رابعاً ‪ -:‬قرينة البراءة ‪.‬‬


‫قرينة البراءة تعنى افتراض براءة كل فرد ‪ ،‬مهما كان وزن األدلة أو قوة الشكوك التى‬
‫تحوم حوله أو تحيط به ‪ ،‬فهو برىء حتى تثبت إدانته ‪ ،‬هكذا يجب أن يعامل(‪. )4‬‬
‫فقرينة البراءة هى السياج الحصين الذى يدفع العدوان عن فطرة اإلنسان التى ولد عليها‬
‫مبرئاً من كل خطيئة ‪ ،‬نقياً من المعصية ‪ ،‬وتصد كل إجراء تحكمى أو تعسفى دون‬
‫التثبث حقاً من الخروج من أصل البراءة إلى حومة اإلدانة(‪. )5‬‬

‫‪(1 ) - C.E 9 décembre 1955 , SIEUR GARYSAS, Recueil du conseil d'etat‬‬


‫‪Annee 1955, p. 585.‬‬
‫‪(2 ) - C.E 15 juillet 1964, JA CQUER, Recueil sirey (s). R 433.‬‬
‫‪(3 ) - C.E 23 décembre 1955 , VIDAL, (R.D.P) , 1956, P. 661 .‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عبدالحميد الشواربى ‪ ،‬اإلثبات الجنائى ‪ ،‬منشأة المعارف ‪ ، 1988 ،‬ص ‪. 30‬‬
‫(‪ )5‬يراجع فى ذلك د‪ .‬مدحت رمضان ‪ ،‬تدعيم قرينة البراءة فى مرحلة جمع االستدالالت ‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية ‪. 2001 ،‬‬

‫‪681‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وتعد الشريعة اإلسالمية أول من أرست مبدأ افتراض البراءة منذ ما يزيد عن أربعة عشر‬
‫قرناً من الزمان (‪.)1‬‬
‫وأصل البراءة يمتد إلى كل فرد سواء أكان مشتبهاً فيه أو متهماً باعتباره قاعدة أساسية‬
‫فى النظام االتهامى أقرتها الشرائع جميعاً ال لتكفل بموجبها حماية المذنبين ؛ وإنما لتد أر‬
‫بمقتضاها العقوبة عن الفرد إذا كانت التهمة إليه قد أحاطتها الشبهات بما يحول دون‬
‫التيقن من مقارفة المتهم للواقعة اإلجرامية ‪ .‬وهذا األصل يعكس قاعدة مبدئية تعتبر فى‬
‫ذاتها مستعصية عن الجدل واضحة وضوح الحقيقة ذاتها تقتضيها الشرعية اإلجرائية‬
‫ويعتبر لنفاذها مفترضاً أولياً إلدارة العدالة ‪ ،‬ويتطلبها الدستور لصون الحرية الشخصية‬
‫فى مجاالتها الحيوية ‪ .‬وليوفر من خاللها لكل فرد األمن فى مواجهة التحكم والتسلط‬
‫والتحامل (‪.)2‬‬
‫وتوكيداً لهذا المبدأ قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن ‪ " :‬أنه يجب أن تثبت الجريمة‬
‫التأديبية على وجه الجزم واليقين فى حق المتهم ‪ ،‬وإال أعملت قرينة البراءة أخذاً بقاعدة‬
‫أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته " (‪.)3‬‬
‫كما قضت أيضاً ‪ " :‬أنه إذا تعارض دليل البراءة مع دليل اإلدانة وجب ترجيح دليل‬
‫البراءة ؛ ألن األصل فى اإلنسان البراءة " (‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عالء محمد الصاوى سالم ‪ ،‬حق المتهم فى محاكمة عادلة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪، 2001 ،‬‬
‫ص ‪. 492‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة الدستورية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1992/2/2‬القضية رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 12‬ق دستورية ‪.‬‬
‫(‪ )3‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1988/6/7‬فى الطعن رقم ‪ 2102‬لسنة ‪ 33‬ق ‪.‬‬
‫(‪ )4‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1997/7/26‬الطعن رقم ‪ 2167‬لسنة ‪ 43‬ق ‪.‬‬

‫‪682‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وقد نصت المادة ‪ 1/11‬من اإلعالن العالمى لحقوق اإلنسان على أن ‪ُّ " :‬‬
‫كل شخص‬
‫قانونا فى محاكمة علنية تكون قد‬
‫ً‬ ‫تكابه لها‬ ‫متَّهم بجريمة ُي َ‬
‫عتبر بر ًيئا إلى أن يثبت ار ُ‬
‫جميع الضمانات الالزمة للدفاع عن نفسه "‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُوِفرت له فيها‬
‫‪"Everyone charged with a penal offence has the right to be‬‬
‫‪presumed innocent until proved guilty according to law in a public‬‬
‫‪trial at which he has had all the guarantees necessary for his‬‬
‫‪defence ".‬‬
‫وقد حرصت الدساتير المقارنة على تأكيد هذا المبدأ ومن بينها الدستور المصرى ‪،‬‬
‫فنصت المادة ‪ 1/96‬من الدستور المصرى ‪ 2014‬عل أن ‪ " :‬المتهم برئ حتى تثبت‬
‫إدانته فى محاكمة قانونية عادلة‪ ،‬تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه "‪.‬‬
‫ولكن ما هى آثار قرينة البراءة ‪:‬‬
‫ثمة نتائج هامة تترتب على قرينة البراءة ال سيما فى مرحلتى التحقيق والمحاكمة على‬
‫اعتبار أن هذا المبدأ يعكس قاعدة مبدئية تقتضيها الشرعية اإلجرائية ‪ ،‬ونتناول أهم هذه‬
‫اآلثار ‪:‬‬
‫أوالً ‪ -:‬تفسير الشك لمصلحة الموظف المحال للتحقيق ‪.‬‬
‫قاعدة تأويل الشك لمصلحة المتهم هى إحدى الشكليات التى يقوم عليها النظام العقابى‬
‫‪ ،‬أياً كان أساسه جنائياً أو تأديبياً ذلك أنه إذا أحاط الشك بالجريمة فقد تزعزع أساس‬
‫االتهام على نحو يوجب الحكم بالبراءة أمام أية جهة قضاء سواء جنائية أم تأديبية (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد عصفور ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 60‬‬

‫‪683‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫فكل شك فى إثبات الجريمة يجب أن يفسر لمصلحة المتهم ‪ ،‬فهذا الشك يعنى إسقاط‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أدلة اإلدانة والعودة إلى األصل العام وهو البراءة‬
‫وبناء على تفسير الشك لصالح المتهم فإن تقرير اإلدانة البد وأن يبنى على القطع‬
‫واليقين وهو ما ال يكفى فى شأنه مجرد ادعاء لم يسانده ويؤازره ما يدعمه ويرجعه إلى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫مستوى الحقيقة المستقاة من الواقع الناطق بضمها المفصح عن تحققها‬
‫فاإلدانة فى المجال التأديبى كما هو الحال فى المجال الجنائى يجب أن تقوم على‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫القطع واليقين ال على الظن والتخمين‬
‫فغنى عن البيان القول بأن الجزاء التأديبى كالجزاء الجنائى ال يمكن األخذ فيه بالحدس‬
‫والتخمين ‪ ،‬وإنما يلزم أن يؤسس على الجزم واليقين ‪ .‬وهذا ما يستقر على أصل عقابى‬
‫رشيد يقضى بأن اإلجراء الجزائى ليس هدفه مجرد القصاص ‪ ،‬وإنما هو سبيل نفاذ إلى‬
‫الحقيقة التى على هديها يمكن للقائم به أن يقيم الموازين القسط بين حق الدولة فى‬
‫العقاب ‪ ،‬وحق المتهم فى أال يؤخذ غيلة أو غد ار ‪ .‬لذا فإن ضمير العدالة يأبى أن‬
‫ينهض الجزاء على ركائز الظن باقتراف المتهم للجرم (‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد فتحى سرور ‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات العامة ‪ ،‬دار الشروق ‪ ،‬طبعة ‪1999‬‬
‫‪ ،‬ص ‪. 581‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سعد نواف العنزى ‪ ،‬الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ‪ ،‬دار المطبوعات‬
‫الجامعية ‪ ،‬األسكندرية ‪ ، 2007 ،‬ص ‪. 182‬‬
‫حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1995/12/23‬الطعن رقم ‪ 2807‬لسنة ‪ 40‬ق ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪ )3‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1997/7/5‬الطعن رقم ‪ 2500‬لسنة ‪ 42‬ق ‪.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬سعد نواف العنزى ‪ ،‬الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ‪ ،‬مرجع سابق ‪2007 ،‬‬
‫‪ ،‬ص ‪. 183‬‬

‫‪684‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫(‪)1‬‬
‫إلى عدم تطبيقه فى نطاق‬ ‫وعلى الرغم من أهمية هذا المبدأ يذهب جانب من الفقه‬
‫الوظيفة العامة ‪ .‬على اعتبار أن الموظف قبل اإلدارة فى مركز نظامى تحكمه القوانين‬
‫واللوائح فيتعين معه أن تسود الثقة فى استقامته واالطمئنان إلى نزاهته ونقاء سيرته‬
‫الرتباط ذلك بحسن أداء الوظيفة التى هى جزء من الصالح العام ‪ .‬فإذا تسرب الشك‬
‫إلى شىء من ذلك بناء على سلوك اتخذه الموظف فإن هذا المسلك الذى ال يكفى‬
‫إلدانته جنائياً ينهض مبرر بذاته لمؤاخذته تأديبياً ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫بالقول " بأن اعتبار الموظف فى‬ ‫وقوبل هذا الرأى بالرفض من جانب بعض الفقه‬
‫مركز تنظيمى الئحى ال يبرر أخذه بالشبهات ‪ ،‬والشك أن هذا القول يتعارض مع أصل‬
‫من األصول التى تحكم العقاب وهو قرينة البراءة ‪ .‬ثم كيف يرجى الحصول على أداء‬
‫من الموظف وهو الذى يتم يتم مؤاخذته بناء على شبهات ال ترقى إلى مستوى األدلة ‪،‬‬
‫فاتباع مبدأ الشك يفسر لصالح المتهم ال يتجافى مع مبادىء الوظيفة العامة على‬
‫اإلطالق " ‪.‬‬
‫وال شك أن الرأى الذى ينادى بعدم تطبيق هذا المبدأ فى نطاق الوظيفة العامة يتجافى‬
‫مع ما استقرت عليه أحكام القضاء ‪ ،‬والتى تذهب إلى عدم إقامة اإلدانة على مجرد‬
‫الشبهة أو الشك – حتى فى حالة اعتراف المتهم – فقضى بأن ‪ " :‬أحكام اإلدانة وخاصة‬
‫فيما يتعلق بمثل هذه الواقعة يجب أن تبنى على القطع واليقين وأنه إذا تطرق الشك إلى‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬يسرى لبيب حبيب ‪ ،‬نظرية الخطأ التأديبى ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪،‬‬
‫‪ ، 1990‬ص ‪. 249‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سعد نواف العنزى ‪ ،‬الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ‪،‬مرجع سابق ‪2007 ،‬‬
‫‪ ،‬ص ‪. 185‬‬

‫‪685‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫الدليل وجب طرحه إذ األصل فى اإلنسان البراءة ‪ .‬ومن ثم فإن المخالفة غير ثابتة فى‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫حق الطاعن ويتعين تبرئته منه "‬
‫وتجدر مالحظة أن المحكمة اإلدارية العليا كانت فى السابق بمجال التأديب ال تفسر‬
‫الشك فى صالح الموظف المتهم ‪ ،‬حيث كانت تقضى بأن مجرد وجود شكوك وشبهات‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫فى نسبة األفعال إلى الموظف تكفى وحدها لإلدانة‬
‫وقد قوبل هذا المسلك من جانب المحكمة اإلدارية العليا بالنقد الشديد من بعض فقهاء‬
‫القانون اإلدارى ‪ ،‬وفى هذا الصدد يقول األستاذ الدكتور عبدالفتاح حسن(‪ ، )3‬أن الشبهات‬
‫مهما كانت قوية فأنها ال تكفى وحدها لتوقيع الجزاء ‪ ،‬ألنها تؤدى – ولو بقدر ضئيل‬
‫جداً – إلى إدانة برىء ال يجوز التضحية به ‪ ،‬هذا فضالً عن مسلك المحكمة ال يخلو‬
‫من خطورة تهدد العامل فى مركزه الوظيفى إذ أنه متى تحلل القاضى من الدليل القاطع‬
‫كشرط لصحة اإلدانة فأنه يدخل فى ميدان آخر ال حدود له فال يستطيع العامل الدفاع‬
‫عن نفسه ‪ ،‬إذ قد يكون فى وسع العامل أن ينفى دليالً قام ضده بينما يتعذر عليه رفع‬
‫الشبهة التى تلحق به ‪.‬‬
‫غير أن المحكمة اإلدارية العليا عادت مرة أخرى لتقيم اإلدانة على مجرد الشبهة ‪ ،‬وفى‬
‫هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪ 2009/3/14‬بأن ‪:‬‬
‫" الشبهة كافية إلدانة الموظف العام فى المجال التأديبى ألنها يمكن أن تمثل الركن‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1994/12/3‬الطعن رقم ‪ 2554‬لسنة ‪ 34‬ق ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1961/12/2‬مجموعة القواعد القانونية التى قررتها‬
‫المحكمة اإلدارية العليا فى عشر سنوات ‪ ،‬ص ‪ . 73‬نقالً عن ‪ :‬د‪ .‬سعد نواف العنزى ‪ ،‬الضمانات‬
‫اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 185‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عبدالفتاح حسن ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 277‬‬

‫‪686‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫الشرعى للجريمة التأديبية ‪ ،‬ذلك أنه قد يكفى وجود دالئل وشبهات قوية تلقى ظالالً من‬
‫الشك والريبة على توافر سوء السمعة او طيب الخصال بمراعاة البيئة التى يعمل بها‬
‫الموظف ‪ ،‬والحاجة إلى الدليل القاطع إلى ذلك وغنى عن البيان أن حسن السمعة‬
‫والسيرة الحميدة فى الموظف يجب أن تتوافر فيه دوماً داخل نطاق الوظيفة وخارجه‬
‫باعتبار أن سلوك الموظف فى غير نطاق الوظيفة ينعكس على سلوكه العام فى مجالها‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫"‬
‫ويرى الباحث ‪:‬‬
‫فى الحقيقة نحن نختلف تماماً مع قضاء المحكمة اإلدارية العليا لإلدانة لمجرد الشبهة‬
‫‪ ،‬فمجرد وجود دالئل أو شبهات تلقى ظالالً من الشك والريبة حول الموظف ال تكفى‬
‫وحدها إلدانته ‪ ،‬نحن نضحى بشخص قد يكون بريئاً ‪ ،‬ونمحى أصل البراءة التى فطرنا‬
‫هللا عليها ‪ ،‬هذا فضالً عن مسلك المحكمة ال يخلو من خطورة التهدد الموظف فقط ‪،‬‬
‫بل تهدد أسرته التى تعد الوظيفة هى عائلها الوحيد ‪ .‬نحن بذلك بكل بساطة نصنع‬
‫الجريمة بدالً من أن نمحيها ‪.‬‬
‫فقد ُرميت أطهر نساء األرض‪ ،‬زوج أطهر من وطأت قدمه األرض ‪ ،‬بأبشع جريمة‬
‫على األرض ‪ ،‬ولم يبرأها أحد من العالمين ‪ ،‬بل لم يبرأها زوجها الرسول الكريم ‪ ،‬وبرأها‬
‫َّ ِ‬
‫اءوا‬ ‫رب العالمين فى كتابه المكنون الكريم ‪ ،‬بقرآن يتلى إلى يوم الدين ‪ِ " :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َج ُ‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 16092‬لسنة ‪ 51‬ق ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2009/3/14‬الموسوعة‬
‫الماسية فى أحكام محكمة النقض ‪ ،‬أحكام المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬المحكمة الدستورية العليا ‪ ،‬ص‬
‫‪. 708‬‬

‫‪687‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ام ِرٍّئ ِم ْن ُهم َّما ا ْكتَ َس َب ِم َن‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫صَب ٌة م ْن ُك ْم الَ تَ ْح َسُبوهُ َش ًّار ل ُك ْم َب ْل ُه َو َخ ْيٌر ل ُك ْم ل ُكل ْ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫باإل ْفك ُع ْ‬
‫يم"(‪. )1‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫اب َعظ ٌ‬ ‫اإل ْث ِم َوالذي تََولى ك ْب َرهُ م ْن ُه ْم َل ُه َع َذ ٌ‬
‫وتأكيداً لذلك قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪ 2007/4/14‬بأنه‬
‫‪ " :‬ولما كان المستقر عليه أن المسئولية التأديبية شأنها فى ذلك شأن المسئولية الجنائية‬
‫تقوم على أساس وجوب الثبوت اليقينى لوقوع الفعل المؤثم من المتهم‪ ،‬وأن يقوم هذا‬
‫الثبوت على أساس توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها على ارتكاب المتهم‬
‫للفعل المنسوب إليه‪ ،‬وبالتالى فال يسوغ قانوناً أن تقوم اإلدانة تأسيساً على أدلة مشكوك‬
‫فى صحتها أو فى داللتها "(‪.)2‬‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪ 2017/9/23‬على أنه ‪:‬‬
‫" ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه حتى يتبين ثبوت االتهام فى‬
‫يقينا فى مواجهته بأن تكون الوقائع ظاهرة‬
‫حق المخالف يجب أن تثبت المخالفات ً‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫الداللة على ارتكابه المخالفة"‬
‫ثانياً ‪ -:‬عبء اإلثبات يقع على سلطة التحقيق ‪.‬‬
‫من أهم اآلثار المترتبة على قرينة البراءة هى دفعها بعبء اإلثبات عن كاهل الموظف‬
‫‪ ،‬وجعل هذا العبء ملقى على عاتق سلطة التحقيق ‪ ،‬فالمتهم ال يطالب بإثبات ما‬

‫(‪ )1‬سورة النور اآلية (‪. )11‬‬


‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 14‬من إبريل سنة‪ ، 2007‬الطعن رقم ‪ 9625‬لسنة‪48‬‬
‫قضائية ‪.‬عليا ‪ ،‬موقع مجلس الدولة المصرى ‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث القضائية ‪.‬‬
‫(‪ )3‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 23‬من سبتمبر سنة ‪ 2017‬الطعن رقم ‪ 34750‬لسنة ‪55‬‬
‫القضائية (عليا) (الدائرة الرابعة)‪ ،‬غير منشور ‪.‬‬

‫‪688‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫يدعيه من براءته من التهمة المنسوبة إليه ‪ ،‬بل على سلطة التحقيق والسلطة التأديبية‬
‫إثبات ما تدعيه ‪.‬‬
‫وتطبيقاً لما تقدم فإن قرينة البراءة يترتب على إعمالها أثران أحدهما سلبى وهو عدم‬
‫جواز تكليف الموظف المتهم بعبء إقامة الدليل على براءته واآلخر إيجابى وهو إلقاء‬
‫عبء اإلثبات على سلطة اإلتهام ‪ ،‬على أن هذا المبدأ ال يمنع الموظف من أن يقيم‬
‫الدليل على براءته ودحض االتهامات المنسوبة إليه لذلك يجب على سلطة االتهام تمكين‬
‫الموظف من تقدير كافة األدلة التى يمكن أن تعزز موقفه من االتهام (‪.)1‬‬
‫وفى هذا الصدد ذهبت المحكمة اإلدارية العليا أنه يترتب على قرينة البراءة أن تقيم‬
‫سلطة االتهام الدليل على صحة االتهام تطبيقاً للقاعدة األصولية القاضية بأن البينة‬
‫على من ادعى ‪ .‬فيكون على جهة االتهام أن تسفر عن األدلة التى انتهت فيها إلى‬
‫نسبة االتهام إلى المتهم (‪.)2‬‬
‫ومن ثم فإن الموظف غير ملزم بإثبات براءته على اعتبار أنها مفترضة أصالً فال يجوز‬
‫تكليفه بأن يكون مصد اًر للدليل ‪ ،‬وأساس ذلك أن المسئولية التأديبية فى مجال الوظيفة‬
‫العامة هى إخالل الموظف بواجبات وظيفته ‪ ،‬وهذه الواجبات تتحدد وفقاً للوائح والق اررات‬
‫التى تصدر فى هذا الشأن من الجهات المختصة ‪ ،‬ومن المسلم به من مبادىء العقاب‬
‫جنائياً أو تأديبياً أن األصل فى اإلنسان البراءة ‪ ،‬وأنه يتعين على سلطة االتهام بيان‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعد نواف العنزى ‪ ،‬الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪.188‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2000/9/2‬الطعن رقم ‪ 2254‬لسنة ‪ 42‬ق ‪.‬‬

‫‪689‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫الدليل على اإلدانة ‪ ،‬ومن ثم ال يلزم الموظف بإثبات براءته فى الدعوى التأديبية بل‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫يجب على النيابة اإلدارية بيان الدليل على إدانة العامل المتهم‬
‫كما أن المستقر عليه فى قضاء المحكمة اإلدارية العليا أنه ولئن كان عبء اإلثبات‬
‫استنادا إلى القاعدة األصولية التى تقضى بأن البينة على من‬
‫ً‬ ‫يقع على عاتق المدعى‬
‫ادعى إال أن األخذ بهذا األصل على إطالقه فى مجال المنازعات اإلدارية ال يستقيم‬
‫مع واقع الحال وطبيعة النظام اإلدارى بحسبان أن الجهة اإلدارية المدعى عليها تحتفظ‬
‫فى حوزتها باألوراق والمستندات الالزمة للفصل فى النزاع وعلى ذلك فإنه يتعين على‬
‫الجهات اإلدارية أن تقدم لمحاكم مجلس الدولة سائر األوراق والمستندات المتعلقة‬
‫ونفيا متى طلب إليها ذلك‪ ،‬فإذا‬
‫بموضوع النزاع والمفيدة فى إظهار وجه الحق فيه إثباتًا ً‬
‫نكلت تلك الجهة عن تقديم سائر األوراق والمستندات المنتجة فى الدعوى فإن ذلك يقيم‬
‫قرينة بصحة ادعاء الطاعن من عدم قيام القرار المطعون فيه على سببه المبرر له‬
‫األمر الذى يصم القرار بعيب مخالفة القانون ويتعين الحكم بإلغائه إال أن هذه القرينة‬
‫تسقط وتستبعد النتيجة المترتبة عليها إذا قدمت الجهة اإلدارية األوراق والمستندات‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫المتعلقة بموضوع الدعوى أثناء نظر الطعن‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1995/5/2‬الطعن رقم ‪ 3450‬لسنة ‪ 39‬ق ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 13‬من يناير سنة‪ ، 2007‬الطعن رقم ‪ 4026‬لسنة ‪45‬‬
‫قضائية ‪.‬عليا ‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث القضائية ‪.https://jsrcsc.org ،‬‬

‫‪690‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫خامساً ‪ -:‬كفالة حق الدفاع ‪.‬‬
‫إن ضمانة الدفاع من الضمانات التى ال يجوز اإلنتقاص منها أو إهدارها أو إنكار‬
‫مضمونها(‪ ،)1‬فمن المبادئ العامة لشريعة العقاب فى المجالين الجنائى والتأديبى أن‬
‫المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن‬
‫نفسه وقد ورد هذا المبدأ فى إعالن حقوق اإلنسان واالتفاقيات الدولية والدساتير العالمية‬
‫ومنها الدستور المصرى الحالى الصادر عام ‪. 2014‬‬
‫وإن حماية الموظفين من خطورة الجزاءات التأديبية كانت من أهم األسباب التجاه المشرع‬
‫والقضاء نحو تقرير العديد من الضمانات للموظفين فى مجال التأديب ‪ ،‬وتأتى ضمانة‬
‫الدفاع على رأس كافة الضمانات ‪ ،‬باعتبارها النواة التى تتشكل وتتفرع عنها الضمانات‬
‫األخرى والتى ال يمكن كفالتها دون كفالة حق الدفاع ‪ ،‬وال تستهدف ضمانة الدفاع‬
‫تحقيق مصلحة خاصة بالمتهم فقط ‪ ،‬بل يتعدى ذلك إلى تحقيق المصلحة للمجتمع‬
‫ككل بإظهار الحقائق وكفالة العدالة منها باعتباره من حقوق اإلنسان الطبيعية‬
‫‪ ،‬ذلك أن الدفاع‬ ‫(‪)2‬‬
‫والنابعة من روح القانون والعدالة كفلته الدساتير والشرائع المختلفة‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫ال يتعلق بالمتهم فحسب بل يتعلق بالمشروعية‬
‫ومن ثم يتعين كقاعدة عامة أن يستوفى التحقيق مع الموظف المقومات األساسية التى‬
‫يجب توافرها بصفة عامة فى التحقيقات وأخصها إبداء دفاعه وتحقيق كافة أوجه هذا‬

‫‪(1 ) Genevois (B) un statut constitutionnel pout les eetrangers. R.F.D.A‬‬


‫‪1993. P. 883.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سعد الشتيوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 91‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمود صالح العادلى ‪ ،‬النظرية العامة لحقوق الدفاع أمام القضاء الجنائى ‪ ،‬دار الفكر‬
‫الجامعى طبعة ‪ ، 2005‬ص ‪ 5‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪691‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫الدفاع على وجه يتضح منه رفض هذا الدفاع لعدم استناده إلى وقائع وأدلة جدية أو‬
‫قبول هذا الدفاع وبالتالى بحث مدى تأثيره على مسئولية الموظف التأديبية فيما هو‬
‫منسوب إليه سلباً أو إيجاباً ويكون التحقيق باطالً كلما خرج عن هذه األصول العامة‬
‫الواجبة اإلتباع فى إجرائه‪.‬‬
‫وقد نصت المادة (‪ )59‬من قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 2016‬على أنه " ال‬
‫يجوز توقيع أى جزاء على الموظف إال بعد التحقيق معه كتاب ًة‪ ،‬وسماع أقواله وتحقيق‬
‫دفاعه‪ ،‬ويكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً "‪.‬‬
‫وفى فرنسا نصت المادة ‪ 8‬من مرسوم ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1983‬على أنه " فيما عدا حالة‬
‫اإلستعجال أو الظروف اإلستثنائية ال يمكن اتخاذ الق اررات التى يجب أن تكون مسببة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫بصورة مشروعة ‪ ،‬إال أن يكون باستطاعة صاحب العالقة تقديم دفاعه "‬
‫ويعتبر حق الدفاع فى النظام التأديبى الفرنسى من الضمانات الجوهرية واألساسية ‪،‬‬
‫ويتعين على السلطة التأديبية تمكين المتهم فى الدفاع عن نفسه عند اتخاذ إجراءات‬
‫التأديب (‪ ،)2‬ويترتب على عدم تحقيقه أو إغفاله بطالن كافة اإلجراءات التأديبية‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫الالحقة‬

‫‪(1 ) E. Aubin . Droit de la function publique. Paris. Gualino. 2001. P. 82.et.‬‬


‫‪s.‬‬
‫‪(2 ) - C.E 29 juillet 2002, no 221335, M.Gilles C. Rajf. Org- Revue de‬‬
‫‪l'Actualité Juridique Française - L'auteur du site.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪Serge salon, Délinquance et repression disciplinaire dans la function‬‬
‫‪publique, 1969, p. 127 et s.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Robert Catherine, le fonctionnaire Française, 1973, p. 154 et s.‬‬

‫‪692‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫فمن األمور المستقرة أنه باالضافة إلى ضرورة تحقيق مبدأ المواجهة فى التحقيق الذى‬
‫يجرى مع الموظف ‪ ،‬ضرورة تحقيق دفاع الموظف ‪ ،‬بمعنى أنه بعد أن تتم مواجهته‬
‫بالتهمة المحددة فى عناصرها ومكان وزمان حدوثها وقيام الموظف بالرد على االتهام‬
‫وتقديم دفاعه ‪ ،‬فعلى المحقق أن يحقق هذا الدفاع ويتثبت منه ويستبعد ما يتكشف له‬
‫من خالل التحقيق عدم صحته حتى يتسنى للمحقق أن يعيد استجواب المتهم على‬
‫أساس ما يظهر له من صدق أو كذب دفاعه ويتحقق بالتالى مبدأ المواجهة‪.‬‬
‫فيتعين على السلطة التأديبية تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه عند إتخاذ إجراءات‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وبغير هذا التحقيق للدفاع ال يتسنى للموظف معرفة ما هو منسوب إليه‬ ‫التأديب‬
‫على نحو دقيق‪ ،‬وينهار بالتالى مبدأ المواجهة ويكون التحقيق معيباً ويبطل ما يبنى‬
‫عليه سواء كان ق ار اًر بالجزاء أو اإلحالة للمحكمة ‪ ،‬وال يجوز التذرع بأن فى مكنة العامل‬
‫أن يطلع على ما هو منسوب إليه وتقديم دفاعه عنه ويتدارك ما فاته من أوجه دفاع‬
‫أمام المحكمة‪ ،‬ذلك أن األمر يتعلق بتحديد حقيقة ماهو منسوب إليه‪ ،‬فإذا ما أجاب‬
‫الموظف على االتهامات المنسوبة إليه ولم تقم جهة التحقيق بتحقيق أوجه دفاعه ثم‬
‫أسندت االتهام إليه أصبح حقه فى الدفاع عن نفسه منتقصاً ألنه ال يستطيع أن يعلم‬
‫على نحو واضح حدود االتهام المنسوب إليه‪ ،‬وال تستطيع المحكمة من ناحية أخرى أن‬
‫تتولى الموازنة بين أدلة االتهام واألسباب التى ساقها العامل درءاً لهذا االتهام‪ ،‬ألن‬

‫‪(1 ) Conseil d'Etate, 29juillet 2002, no221335, M. Gilles C. Rajf.org- Revue‬‬


‫‪de l'Actualité Juridique Française .‬‬

‫‪693‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫الموظف فى األساس سبق أن أبدى دفاعه ولم يتسن له معرفة مدى صحة ما أبداه من‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫دفاع فى ظل إهمال هذا الدفاع و عدم تحقيقه‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪2003/11/29‬‬
‫أنه ‪ " :‬ومن حيث إن الثابت من تقرير الطعن أن الطاعن قد نعى على القرار المطعون‬
‫فيه ببطالنه إلهدار حق الدفاع بعدم التصدى للدفع المبدى فيه بسقوط المخالفات‬
‫التأديبية بمضى المدة ‪ ،‬وكذلك بعدم تبيان أدلة الثبوت للمخالفات المنسوبة إليه وهذا‬
‫صحيح ذلك أن الثابت من مطالعة قرار مجلس التأديب المطعون‬
‫ٌ‬ ‫الذى أشار إليه الطاعن‬
‫فيه أن الهيئة لم تفصح عن أسباب رفضها للدفع المشار إليه‪ ،‬بل إنها لم تتناول الدفع‬
‫بالتمحيص والرد عليه‪ ،‬فضالً عن أنها أوردت أسباب قرارها متسم ًة بالعمومية جاء بها‬
‫أن الموظف المذكور سلك مسلكاً معيباً وأخل بمقتضيات الواجب الوظيفى الذى يعد‬
‫خروجا منه على واجب الوظيفة ولم يرد بالقرار كيفية استخالص المجلس لهذه النتيجة‬
‫ً‬
‫وسائغا من األوراق والمستندات واألقوال التى وردت بالتحقيقات‪ ،‬األمر‬
‫ً‬ ‫سليما‬
‫استخالصا ً‬
‫ً‬
‫مجردا من األسباب‬
‫ً‬ ‫الذى يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر فى حقيقة األمر‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫التى يقوم عليها بالمخالفة للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه "‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2000/11/26‬الطعن رقم ‪2635‬لسنة ‪44‬ق ؛ الطعن‬
‫رقم ‪ 1101‬لسنة ‪ 41‬ق ‪ ،‬جلسة ‪ 1997/3/8‬؛ والطعن رقم ‪ 4753‬لسنة ‪35‬ق ‪ ،‬جلسة‬
‫‪. 1994/12/20‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 29‬من نوفمبر سنة ‪ ،2003‬الطعن رقم ‪ 2207‬لسنة ‪47‬‬
‫قضائية عليا ‪ ،‬موقع مجلس الدولة المصرى ‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث القضائية ‪،‬‬
‫‪.https://jsrcsc.org‬‬

‫‪694‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪ 2017/2/18‬أنه ‪" :‬ومن‬
‫حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى‬
‫محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه منها حق الدفاع أصالة أو‬
‫بالوكالة مكفول‪ ،‬وقد نص المشرع صراحة فى أنظمة العاملين المدنيين بالدولة على أنه‬
‫ال يجوز توقيع جزاء على العامل إال بعد سماع أقواله وتحقيق دفاعه‪ ،‬التحقيق بهذا‬
‫الوصف ال يعدو كونه بحسب طبيعته والغاية والهدف منه هو البحث الموضوعى المحايد‬
‫والنزيه عن الحقيقة بالنسبة لواقعة أو وقائع معينة حتى تنصرف السلطة الرئاسية أو‬
‫التأديبية بما هو معروض عليها للبت فيها إدارياً أو تأديبياً ومن ثم فإنه يتعين كقاعدة‬
‫عامة أن يستوفى التحقيق مع العامل المقومات األساسية التى يجب توفرها بصفة عامة‬
‫فى التحقيقات‪ ،‬خاصة توفير الضمانات التي تكفل للعامل اإلحاطة باالتهام الموجه إليه‬
‫وإبداء دفاعه وتقديم األدلة وسماع الشهود‪ ،‬ويكون التحقيق باطالً إذا ما خرج على‬
‫األصول العامة الواجبة االتباع فى إجرائه وخرج على طبيعته الموضوعية المحايدة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫والنزيهة‪ ،‬مادام فى أى من تلك العيوب التي تشوبه مساس بحق الدفاع "‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 21‬من يناير سنة ‪ ، 2017‬الطعن رقم ‪ 24794‬لسنة ‪57‬‬
‫القضائية (عليا) ‪( ،‬الدائرة الرابعة) ‪ ،‬غير منشور ‪.‬‬
‫وقد جاء فى حيثيات هذا الحكم ‪:‬‬
‫" ومن حيث إن الثابت من االطالع على التحقيق الذى أجرى مع الطاعن بواسطة هيئة النيابة اإلدارية‬
‫بدسوق فى القضية رقم (‪ )295‬لسنة ‪( 2008‬ص‪ 26‬وما بعدها) يبين أن الطاعن عند سؤاله عن‬
‫أقواله فيما جاء بأقوال (‪ -)…...‬المحامى ببنك التنمية واالئتمان الزراعي بكفر الشيخ‪ ،‬و(‪– )…...‬‬
‫مفتش الرقابة الداخلية بذات البنك‪ -‬وكذلك عند سؤاله عن االتهامات المنسوبة إليه عن صرف القروض‬
‫بضمانات غير كافية أو بالم خالفة لشروط المنح ـ فقد نفى الطاعن أى إخالل منه بواجبات وظيفته‬
‫كوكيل للتنمية ببنك قرية ‪ ...‬وذلك لعدم توقيعه على مستندات صرف القروض محل المخالفات‬

‫‪695‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬

‫المنسوبة إليه وهو الثابت من خالل الصور الضوئية لمذكرة إدارة المراجعة بالبنك والموجهة لرئيس‬
‫مجلس اإلدارة ومن ثم فليس له صلة من قريب أو بعيد بصرف هذه القروض‪ ،‬وأخي ار أنه يجب االنتظار‬
‫لحين انتهاء النيابة العامة من تحقيقاتها في القضية رقم (‪ )673‬لسنة ‪ 2005‬جنايات مركز دسوق‬
‫والمتعلقة بذات المخالفة نفسها المنسوبة إليه والمتصلة بمنح تلك القروض‪ ،‬ومتى كان ذلك كذلك فإن‬
‫الطاعن ق د نفى فى إفصاح جهير وقول ال يدع مجاال للشك أى إخالل منه بواجبات وظيفته بشأن‬
‫صرف القروض محل المخالفات المنسوبة إليه مؤكداً عدم مسئوليته عن صرف القروض محل‬
‫المخالفات المنسوبة إليه وذلك لعدم توقيعه على المستندات أو اللجان التى وافقت على صرفها وبالرغم‬
‫من كل ذلك لم يلق دفاع الطاعن تحقيقاً أو تمحيصا بغية االستيثاق عن مدى صحة هذا الدفاع من‬
‫عدمه توصالً إلى األخذ به أو طرحه‪ ،‬وتبعا لذلك يكون التحقيق الذى أجرى مع الطاعن لم يوضح‬
‫حقيقة المخالفات التى ارتكبها الطاعن من حيث الزمان والمكان وطبيعتها‪ ،‬كما لم يستكمل هذا التحقيق‬
‫مناقشة تحقيق دفاعه لقوله‪ " :‬بعدم توقيعه على مستندات صرف القروض محل المخالفات المنسوبة‬
‫إليه" ‪ ،‬ومن ثم كان يتعين على النيابة اإلدارية أن تحدد بشكل قطعى األخطاء التى شابت عمل‬
‫الطاعن وأدت إلى صرف القروض محل المخالفات المنسوبة إليه ومناقشته فيها مناقشة تفصيلية‬
‫وبشكل دقيق المعالم وتحقيق دفاعه بشكل يمكن االطمئنان إلى ارتكابه للمخالفات المنسوبة إليه وثبوتها‬
‫في حقه‪ ،‬أما وأن شيئا من ذلك لم يحدث إذ لم تتم مواجهة الطاعن بما ارتكبه من مخالفات بشكل‬
‫محدد العناصر على النحو المبين سالفاً بيانه فإنه يتعذر القول بثبوت تلك المخالفات في حقه‪ ،‬وهو‬
‫ما يصم هذا التحقيق بالبطالن ويكون الحكم الصادر بناء على هذا التحقيق باطالً بدوره الستناده إلى‬
‫وقائع ليس لها ثمة أصل ثابت من األوراق‪.‬‬
‫وال ينال من ذلك ما قد يثار من أن التحقيق الذى أجرته النيابة اإلدارية مع الطاعن قد اتخذ سبيالً‬
‫لثبوت ال مخالفات المنسوبة للطاعن من واقع أقوال شاهدى اإلثبات سالفى البيان وكذلك التقارير التي‬
‫أعدت في شأن المخالفات المنسوبة للطاعن‪ ،‬فذلك كله مردود عليه بأن المحقق قد واجه الطاعن فى‬
‫التحقيق بالمخالفات المنسوبة إليه جملة واحدة (ص‪ 26‬وما بعدها) ولم يقم بمواجهته بكل مخالفة من‬
‫هذه المخالفات على استقالل ومواجهته بأدلة ارتكابها لها وثبوتها فى حقه سواء من أقوال شهود اإلثبات‬
‫أو تقارير تلك اللجان واالستماع إلى دفاعه بشأنها وتفنيد دفاعه بخصوصها حتى يتسنى القول بتوفر‬
‫الضمانات الموضوعية لسالمة التحقيق اإلدارى والتى عناها وقصدها المشرع وحرصت على تأكيدها‬
‫أحكام هذه المحكمة‪ ،‬وتأكيدا لذلك وإزاء نفى الطاعن جميع المخالفات المنسوبة إليه على حد قوله فى‬
‫التحقيقات ال يوجد مخالفات إطالقاً وكذلك قوله فى ذات الصفحة " نفى ما ورد بالتقارير جملة وتفصيال"‬

‫‪696‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪ 2017/2/18‬أنه ‪ " :‬ومن‬
‫حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى‬
‫محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه منها حق الدفاع أصالة أو‬
‫بالوكالة مكفول وقد نص المشرع صراحة فى أنظمة العاملين المدنيين بالدولة على أنه‪:‬‬
‫ال يجوز توقيع جزاء على العامل إال بعد سماع أقواله وتحقيق دفاعه‪ ،‬التحقيق بهذا‬
‫الوصف ال يعدو كونه‪ ،‬بحسب طبيعته والغاية والهدف منه‪،‬هو البحث الموضوعي‬
‫المحايد والنزيه عن الحقيقة بالنسبة لواقعة أو وقائع معينة حتى تنصرف السلطة الرئاسية‬
‫أو التأديبية بما هو معروض عليها للبت فيه إدارياً أو تأديبياً ومن ثم فإنه يتعين كقاعدة‬
‫عامة أن يستوفى التحقيق مع العامل المقومات األساسية التى يجب توفرها بصفة عامة‬
‫فى التحقيقات‪ ،‬خاصة توفير الضمانات التى تكفل للعامل اإلحاطة باالتهام الموجه إليه‬
‫وإبداء دفاعه وتقديم األدلة وسماع الشهود‪ ،‬ويكون التحقيق باطالً إذا ما خرج على‬
‫األصول العامة الواجبة االتباع فى إجرائه وخرج على طبيعته الموضوعية المحايدة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫والنزيهة‪ ،‬ما دام فى أى من تلك العيوب التى تشوبه مساس بحق الدفاع "‬

‫وهو ما يستفاد منه بال شك عدم حرص المحقق على إجراء تحقيق إدارى مستكمل األركان على نحو‬
‫قانونى صحيح‪ ،‬ومن ثم ال يصلح إلنتاج ثمة دليل يفيد فى ثبوت المخالفات المنسوبة للطاعن على‬
‫نحو صحيح وهو ما يؤدى بالكلية إلى بطالن ذلك التحقيق ومن بعده تبعا بطالن الحكم المطعون فيه‬
‫الستناده عليه فى مجازاة الطاعن على نحو ما صدر به الحكم المطعون فيه " ‪.‬‬
‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 18‬من فبراير سنة ‪ ، 2017‬الطعن رقم ‪ 16724‬لسنة ‪52‬‬
‫القضائية (عليا) ‪( ،‬الدائرة الرابعة) ‪ ،‬غير منشور ‪.‬‬
‫وقد جاء فى حيثيات هذا الحكم ‪:‬‬
‫" ولما كان الثابت من األوراق أن و ازرة التربية والتعليم قد أجرت تحقيقاً مع المطعون ضده فى شأن‬
‫ما نسب إليه من مخالفة قوامها الخروج على مقتضيات واجبات وظيفته بإغفاله احتساب درجتين‬

‫‪697‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وتجدر مالحظة أن الدفاع ال يكون فعاالً دون أن تتاح الفرصة للموظف المتهم باإلدالء‬

‫بأقواله بكل حرية ‪ ،‬فله الحق فى اختيار أسلوب دفاعه على الوجه الذى يراه الزماً‬
‫‪ .‬كأن يكون هذا الدفاع‬ ‫(‪)1‬‬
‫لتحقيق هذه الغاية بما يراه مناسباً لدرء التهمة عن نفسه‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫شفوياً أو كتابياً‬
‫وقد حكم مجلس الدولة الفرنسى ببطالن الجزاء الموقع على الموظف إذا ما تم دون‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫تحقيق ممارسة حقوق الدفاع باعتبارها من الضمانات الجوهرية قبل توقيع الجزاء‬
‫وذهب إلى اعتبار احترام حقوق الدفاع من المبادىء العامة للقانون ويجب تطبيقه فى‬

‫إلحدى الطالبات إبان تصحيحه إلحدى أوراق إجاباتها بامتحانات الثانوية العامة إال أن هذا التحقيق‬
‫قد اعتوره النقص الجسيم والقصور الشديد عن تحقيق غايته ومحله فى تحديد الحقيقة بالنسبة للوقائع‬
‫المنسوبة إلى الطاعن حيث قد ذكر الشاكى فى التحقيق الذى أجرته و ازرة التربية والتعليم‪ -‬اإلدارة‬
‫العامة للشئون القانونية فى ‪( 2002/10/8‬ص‪ " -)1‬بأن ما حدث من خطأ ليس نتيجة إهمال من‬
‫الطاعن ولكنه نتيجة اتباع ألسلوب ملتو فى اإلجابة حيث إنه قام باإلجابة عن جزئية خاصة بالسؤال‬
‫الخامس خلف إجابة خاصة بالسؤال الرابع‪ ،‬إضافة إلى ضغط العمل واإلنجاز المطلوب أثناء‬
‫التصحيح”‪ ،‬ولم يرد بالتحقيق ما يفيد التحقق من صحة ما ادعاه المطعون ضده إذ لم يسأل المحقق‬
‫زمالء المطعون ضده أو رؤسائه من المصححين لكراسة اإلجابة محل المخالفة المنسوبة إليه والذين‬
‫كان يتعين االستماع إلى شهادتهم الستجالء وجه الحق والحقيقة فى شأن ما أبداه الطاعن من أقوال‬
‫لبيان عما إذا كانت تصلح لدرء المخالفة دليال على ثبوت المخالفة أو نفيها عنه‪.‬‬
‫ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن التحقيق الذي صدر على أساسه القرار المطعون فيه قد شابه النقص‬
‫الجسيم والقصور الشديد عن اإلحاطة بمختلف جوانب الواقعة محل المخالفة المنسوبة للمطعون ضده‪،‬‬
‫ومن ثم فإنه يكون قد وقع معيباً على نحو ترتب عليه بطالن الجزاء الذى ُبني على هذا التحقيق‬
‫الباطل‪ ،‬وتبعا لذلك يكون القرار المطعون فيه خليقاً باإللغاء" ‪.‬‬
‫‪(1 ) Robert (j.) , Les sanction administrative, 1990. P. 42.‬‬
‫‪(2 ) Peiser, Droit administrative. Paris. 1971. P. 18.‬‬
‫‪(3 ) C . E, 20 Juin 1913 Tery, Rec. p. 736, concl. Comeille .‬‬

‫‪698‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫حالة عدم وجود نص يقرره صراحة ‪ ،‬وذلك سواء تعلق األمر بقرار إدارى أو قضائى ‪،‬‬
‫متعلقاً بموظف عام أم ال ‪ :‬بمجرد ما يمس مرك اًز فردياً وتكون له صفة الجزاء ‪ ،‬ويجب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫على الجهة التى تتخذه احترام حقوق الدفاع‬
‫وقد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬اإلدانة التى تبنى على نتيجة تحقيق لم‬
‫تتوافر فيه للمتهم ضمانة تحقيق أوجه دفاعه ودفوعه تكون مبنية على أساس ال يصلح‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫للبناء عليه "‬
‫وقد قرر مجلس الدولة الفرنسى أن حقوق الدفاع تتضمن أساساً ثالثة مظاهر ‪ :‬فيجب‬
‫فى المقام األول إخطار صاحب النشاط باتخاذ إجراء تأديبى ضده ‪ ،‬ويجب إخطاره‬
‫باالتهامات المنسوبة إليه ‪ ،‬ويجب أن يتم هذا اإلخطار الذى يقصد به تمكينه من تقديم‬
‫دفاعه فى مدة معقولة قبل توقيع الجزاء ال مبك اًر جداً وال متأخ اًر جداً (‪.)3‬‬
‫ومن ثم فإن تحقيق تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه ‪ ،‬يتطلب مراعاة ما يلى ‪:‬‬
‫‪ -1‬إخطار المتهم بالتهمة الموجهة إليه وبأدلة اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -2‬منح المتهم أجالً معقوالً لتحضير دفاعه‪.‬‬

‫‪(1 ) C . E . 5 Mai 1944, Dame trompier- Gravier, Rec. p. 133., R.D.P.‬‬


‫‪1944, concl. Chenot, not Jèze, p. 256 et s.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1990/5/19‬الطعنين رقمى ‪ 2126 ،2124 ،‬لسنة ‪32‬‬
‫قضائية ‪ .‬عليا ‪.‬‬
‫‪(3 ) C . E, 20 Janv. 1956, Nègre, Rec. p. 24.‬‬
‫‪- C . E . 8 Nov. 1963,Ministre d l'agriculture C/Coopérative de‬‬
‫‪l'insémination artificielle de la vienne, Rec. p. 532.‬‬

‫‪699‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وفى هذا الصدد قضى مجلس الدولة الفرنسى بأنه اذا لم يمنح الموظف المالحق أمام‬
‫هيئة تأديبية سوى يوم واحد لتحضير دفاعه‪ .‬يكون حق الدفاع غير مؤمن ويكون بالتالى‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫عمل االدارة معيباً لهذه الجهة ومستوجباً االبطال‬
‫‪ -3‬يكون للمتهم الدفاع عن نفسه شفاهة أو كتابة ‪ ،‬ومن حقه تقديم مذكرة بدفاعه‬
‫يرفق بها ما يشاء من مستندات ‪.‬‬
‫‪ -4‬لمستلزمات الدفاع ‪ ،‬يكون للتهم حق الطعن فى تصرفات رؤسائه مع عدم‬
‫الخروج على واجب توقيرهم ‪.‬‬
‫‪ -5‬يجب إمهال المتهم بمرض عقلى لحين شفائه ‪ ،‬حتى يتمكن من الدفاع عن‬
‫نفسه ‪.‬‬
‫‪ -6‬يجب تمكين المتهم من االستعانة بالشهود لنفى ما هو منسوب إليه ‪ ،‬طالما‬
‫كانوا محددين ومعروفين ولهم صلة بالوقائع محل التحقيق ‪ ،‬بدون المماطلة أو‬
‫التسويف ‪.‬‬
‫‪ -7‬يجب مواجهة المتهم بالتعديل فى وصف التهمة المسندة إليه وأدلة اإلثبات متى‬
‫كان التعديل فى غير صالح المتهم ‪.‬‬
‫‪ -8‬حق المتهم فى اإلطالع على التحقيق الذى أجرى معه واألوراق المتعلقة به ‪.‬‬
‫ويثار بصدد ضمانة الدفاع عدد من األسئلة المهمة والتى تحتاج إلى إجابات مقنعة‪:‬‬
‫‪ -1‬هل يحق للموظف المخالف اإلستعانة بمحام ؟‬
‫من المبادىء المستقرة والراسخة فى وجدان العدالة والتى نصت عليها الدساتير المختلفة‬
‫وتضمنتها إعالنات الحقوق والمواثيق الدولية حق المتهم فى اإلستعانة بمدافع ‪.‬‬

‫‪(1 ) C.E. 7 Mai 1975 le jeune, Rec, 1975 p 282.‬‬

‫‪700‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ونتناول اإلجابة على هذا السؤال من خالل تبيان الوضع فى مصر ثم نعقبه بالوضع‬
‫فى فرنسا ‪:‬‬
‫أوالً ‪ -:‬الوضع فى مصر‬
‫المالحظ أن القوانين المتعاقبة المنظمة للوظيفة العامة فى مصر وآخرها قانون الخدمة‬
‫المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ ، 2016‬جاءت خلواً من النص على حق الموظف المحال‬
‫للتحقيق فى اصطحاب محاميه لحضور جلسات التحقيق ‪.‬‬
‫على الرغم من أن القانون رقم ‪ 117‬لسنة ‪ 1958‬والخاص بإعادة تنظيم النيابة اإلدارية‬
‫والمحاكمات التأديبية قرر هذا الحق ‪ ،‬فنصت المادة (‪ )29‬من هذا القانون على أن "‬
‫للموظف أن يحضر جلسات المحكمة بنفسه أو أن يوكل عنه محامياً مقيداً أمام محاكم‬
‫اإلستئناف ‪ ،‬وأن يبدى دفاعه كتابة أو شفهياً ‪ ،‬وللمحكمة أن تقرر حضور المتهم بنفسه‬
‫وفى جميع األحوال إذا لم يحضر المتهم بعد إخطاره بذلك يجوز محاكمته والحكم عليه‬
‫غيابياً "‪.‬‬
‫وكذلك نص قانون مجلس الدولة المصرى رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬فى المادة (‪ )37‬على‬
‫أن " للعامل المتقدم إلى المحكمة التأديبية أن يحضر جلسات المحاكمة أو أن يوكل‬
‫عنه محامياً " ‪.‬‬
‫كما ظهر النص صراحة على حق المتهم فى اإلستعانة بمحام فى التحقيق فى التعليمات‬
‫العامة للنيابة اإلدارية ‪ ،‬فنصت المادة ‪ 10‬من التعليمات العامة على أنه " للمتهم أن‬
‫يحضر بنفسه أو مع محاميه جميع إجراءات التحقيق إال إذا اقتضت مصلحة التحقيق‬
‫أن يجرى فى غيبته " ‪.‬‬
‫كما نصت المادة رقم ‪ 109‬من التعليمات العامة على دور المحامى عند حضوره مع‬
‫المتهم التحقيق بقولها " ال يجوز للمحامى أن يتكلم إال إذا أذن له عضو النيابة المحقق‬

‫‪701‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫‪ ،‬فإذا لم يأذن له وجب إثبات ذلك فى المحضر ‪ ،‬وال تسمع من محامى المتهم مرافعة‬
‫أثناء التحقيق ‪ ،‬وتقتصر مهمته على مراقبة حيدة التحقيق ‪ ،‬وإبداء ما يعن له من دفوع‬
‫أو طلبات أو مالحظات على أقوال الشهود كتابة أو شفاهة وال يسمح للمحامى بمقاطعة‬
‫الشاهد أثناء سؤاله ‪ ،‬وإنما يجوز له بعد اإلنتهاء من سماع أقوال الشاهد أن يبدى‬
‫مالحظاته عليها ‪ ،‬وأن يوجه له ما يشاء من أسئلة عن طريق عضو النيابة المحقق ‪.‬‬
‫ولعضو النيابة رفض توجيه أى سؤال ليس له عالقة بموضوع التحقيق ‪ ،‬أو ينطوى‬
‫على مساس بالغير فإذا أصر المحامى على توجيه للشاهد ‪ ،‬فيثبت السؤال بالمحضر‬
‫دون توجيهه " ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من عدم وجود نص فى القواعد القانونية المنظمة للتأديب يلزم جهة التحقيق‬
‫بتمكين المحال إليها من االستعانة بمحام‪ ،‬فإن سكوت تلك القوانين يعنى إعمال القواعد‬
‫العامة والتى تنظم المحاكمات عموماً‪ ،‬ومن ثم يمكن للموظف المخالف االستعانة‬
‫بمحام أثناء التحقيق معه‪ ،‬وذلك ألن الدساتير كفلت للمتهم حق الدفاع عن نفسه سواء‬
‫باألصالة أو بالوكالة ‪.‬‬
‫ولقد أوصت المؤتمرات التى اهتمت بحقوق اإلنسان بوجه عام ‪ ،‬وحقوق المتهم بوجه‬
‫خاص ‪ ،‬بضرورة كفالة حق الدفاع وتمكين المتهم من االستعانة بمدافع بحيث يمكن‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫المحامى من أداء رسالته على الوجه المرضى‬
‫وقد قررت المحكمة اإلدارية العليا بشأن حق المتهم فى اإلستعانة بمحام فى مرحلة‬
‫التحقيق أن ذلك ضمانة أساسية فى حكم جاء فيه " يخلص من استقراء النصوص‬

‫(‪ (1‬د‪ .‬عادل عبدالعزيز السن ‪ ،‬ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ‪ ،‬التحقيق اإلدارى‬
‫( كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 68‬‬

‫‪702‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫الواردة فى شأن تأديب الموظفين ‪ ...‬أنها تهدف فى جملتها إلى توفير ضمانة لسالمة‬
‫التحقيق ‪ ...‬وكل ما ينبغى هو أن يتم التحقيق فى حدود األصول العامة وبمراعاة‬
‫الضمانات األساسية التى تقوم عليها حكمته بأن تتوافر فيه ضمانة السالمة والحيدة‬
‫واالستقصاء لصالح الحقيقة وأن تكفل حماية حق الدفاع للموظف تحقيقاً للعدالة ‪ ...‬بأن‬
‫تسمح له بإبداء أقواله ودفاعه ومالحظاته إما كتابة بمذكرة أو شفهياً أو مرافعة سواء‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫بنفسه أو بواسطة محام عنه "‬
‫ومع أن ما قررته المحكمة اإلدارية العليا فى الحكم السابق يهدف إلى كفالة حق المتهم‬
‫فى الدفاع عن نفسه ‪ ،‬إال أن المحكمة اإلدارية العليا فى حكم آخر لم تعتبره بمثابة‬
‫ضمانة هامة للمتهم فقضت بأن " عدم السماح لمحامى العامل بحضور التحقيق اإلدارى‬
‫الذى أجرته الجامعة ال يؤدى إلى بطالن التحقيق فهذا الحق وإن كان القانون رقم ‪61‬‬
‫لسنة ‪ 1968‬بإصدار قانون المحاماة قد نص فى المادة ‪ 82‬منه على عدم تعطيله ‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫إال أنه لم يرتب على مخالفة مقتضاه بطالن التحقيق "‬

‫ويرى الباحث ‪:‬‬


‫على الرغم من أن القوانين المتعاقبة المنظمة للوظيفة العامة فى مصر وآخرها قانون‬
‫الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ ، 2016‬جاءت خلواً من النص على حق الموظف المحال‬
‫للتحقيق فى اصطحاب محاميه لحضور جلسات التحقيق فى التحقيق الذى تجريه الجهة‬
‫اإلدارية ‪ ،‬غير أن استعانة المتهم بمحام يمثل ضرورة لممارسة حق الدفاع على الوجه‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1960/2/27‬السنة الخامسة ‪ ،‬ص ‪. 494‬‬
‫وكذلك حكمها الصادر بجلسة ‪ ، 1962/6/2‬السنة السابعة ‪ ،‬ص ‪. 996‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1972/6/3‬الطعن رقم ‪17‬لسنة ‪ 9‬قضائية ‪ .‬عليا ‪.‬‬

‫‪703‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫األمثل‪ ،‬خاصة وأن المتهم قد ال يتمكن فى غالب األحيان من القيام بمهمة الدفاع عن‬
‫نفسه ألسباب قد يكون مرجعها تكوينه الشخصى أو تأهيله العلمى أو ما يعانيه من‬
‫خوف وتوتر من جراء مثوله أمام محقق يصوب سهام االتهام نحوه‪ ،‬األمر الذى يستوجب‬
‫السماح باإلستعانة بشخص مؤهل علمياً ومهنياً للدفاع عن المتهم أال وهو المحامى‪،‬‬
‫خاصة وأن المتهم قد يلحق بنفسه دليل إدانة رغم كونه برئ‪ ،‬إذا فدور المحامى هو‬
‫الكشف عن وجه الحقيقة حتى يعاقب المذنب ويب أر البرىء‪.‬‬
‫وفى جميع األحوال لن يكون حضور المحامى نيابة عن المتهم وفى غير حضوره ‪ ،‬بل‬
‫سيكون حضوره مع المتهم ‪ ،‬كما هو الحال فى تحقيقات النيابة اإلدارية ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ -:‬الوضع فى فرنسا ‪.‬‬


‫على الرغم من استقرار الفقه والقضاء والتشريع فى فرنسا منذ الثورة الفرنسية على حق‬
‫المتهم فى اصطحاب محاميه فى كافة مراحل الدعوى الجنائية سواء تعلق األمر‬
‫بإجراءات التحقيق أو المحاكمة إال أن الموظف لسنوات عدة حرم من هذا الحق فى‬
‫نطاق التأديب ‪ .‬فلفترة طويلة فى فرنسا كان صاحب الشأن ال يمكنه االستعانة بمحام ‪،‬‬
‫فكان يمكنه فقط أن يطلب من رئيس المصلحة الترخيص له بتقديم مالحظاته وكان‬
‫الرئيس يملك السلطة فى اإلذن والرفض(‪. )1‬‬
‫غير أن الوضع لم يستمر فى فرنسا على هذا الحال ‪ ،‬نظ اًر لعدم توافق هذا األمر مع‬
‫مقتضيات العدالة ‪ ،‬وهو ما أدى إلى صدور دكريتو ‪ 10‬أبريل ‪ 1954‬والذى أعطى‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعد الشيتوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬األسكندرية ‪ ،‬دار الفكر الجامعى‬
‫‪ ، 2013 ،‬ص ‪. 125‬‬

‫‪704‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫الحق للمحامين فى مباشرة وظيفتهم أمام القضاء والهيئات التأديبية دون الحاجة إلى‬
‫نص فى هذا الشأن ‪.‬‬
‫وإذا كان هذا الحق ال منازع فى تقريره فقد كان مجلس الدولة الفرنسى يضع على‬
‫ممارسته قيدين تستلزمهما الحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بالمرفق ‪ ،‬أولهما أال‬
‫تكون اإلستعانة بمحام متعارضة مع مصلحة الجهة اإلدارية ذاتها ‪ ،‬وثانيهما أال يكون‬
‫ذلك مستبعداً وفقاً للنظام األساسى للمرفق (‪.)1‬‬
‫وفى هذا الصدد قررت محكمة استئناف باريس اإلدارية أن الموظف المحال إلى التحقيق‬
‫يمكنه االستعانة بمحامى ‪ ،‬طالما أن حضور هذا المحامى ليس مستبعداً بمقتضى‬
‫النصوص المنظمة لإلجراءات التأديبية أو يتعارض مع سير المنظمة أو الجهة اإلدارية‬
‫(‪.)2‬‬
‫غير أن هذه االستثناءات كانت محل نقد من الفقه الفرنسى إذ أنه من الصب التسليم‬
‫بأن تدخل المحامى لدى هيئات التأديب يمكن أن يتعارض مع حسن أدائها لعملها ‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫كما يأخذ الفقه على حل مجلس الدولة أنه جاء عكس حرفية النص وروحه‬
‫وقد حسم هذا األمر بمقتضى القانون الحالى للوظيفة العامة رقم ‪ 634‬والصادر بتاريخ‬
‫‪ 13‬يوليو ‪ 1983‬والذى نص على حق الموظف باإلستعانة بمحام ‪ ،‬وذلك فى نص‬
‫المادة ‪ 19‬من هذا القانون ‪ .‬على أنه يالحظ أن القانون فى فرنسا ال يكفل للمتهم حق‬

‫‪(1 ) C.E 4 Mai 1962, Lacombe. Rec. p.300.‬‬


‫‪(2 ) C.A.A. Paris; 13 mai 2003, Mme. Sylvianel.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عبدالفتاح عبدالبر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 318‬‬
‫د‪ .‬سعد الشيتوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ، 2013 ،‬ص ‪. 125‬‬

‫‪705‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫اإلستعانة بمحام إال أمام مجالس التأديب التى يجب إستشارتها قبل توقيع الجزاءات من‬
‫اللوم واإلنذار ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما مدى حق الموظف فى الصمت وعدم الرد على أسئلة المحقق ؟ وهل يشكل‬
‫ذلك مخالفة تأديبية ؟ وهل يمكن اعتبار الصمت قرينة إدانة ؟‬
‫وللرد على ذلك نتناول موقف كالً من التشريع والفقه والقضاء ‪:‬‬

‫أوالً ‪ -:‬موقف التشريع‬


‫لم ينص قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪ ، 2016‬وال القانون الخاص بتنظيم النيابة‬
‫اإلدارية والمحاكمات التأديبية رقم ‪ 117‬لسنة ‪ ، 1985‬وال قانون مجلس الدولة رقم ‪47‬‬
‫لسنة ‪ 1972‬على حق الموظف المتهم بالصمت ‪ ،‬بل أن المادة ‪ 36‬من قانون مجلس‬
‫الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ ، 1972‬وكذلك المادة ‪ 27‬من القانون رقم ‪ 117‬لسنة ‪1958‬‬
‫الخاص بإعادة تنظيم النيابة اإلدارية والمحاكمات التأديبية ‪ ،‬أعطى المشرع فيهما‬
‫للمحكمة حق استجواب المتهم فال يتوقف من ثم هذا الحق على موافقة الموظف المتهم‬
‫بل هو حق للمحكمة ‪ ،‬ويرجع ذلك فى نطاق التأديب إلى أن االستجواب ليس له ذات‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الخطورة الموجودة فى النطاق الجنائى‬
‫وقد نصت المادة ‪ 3/55‬من الستور المصرى ‪ 2014‬على أن ‪ " :‬وللمتهم حق الصمت‪.‬‬
‫وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شىء مما تقدم‪ ،‬أو التهديد بشيء‬
‫منه‪ ،‬يهدر وال يعول عليه" ‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبدالفتاح حسن ‪ ،‬التأديب فى الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 169‬‬
‫د‪.‬يوسف إسماعيل محمد إسماعيل ‪ ،‬الحماية القانونية للموظف العام فى مرحلتى التحقيق والمحاكمة‬
‫‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 165‬‬

‫‪706‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫والجدير بالذكر أن المشرع الفرنسى أقر حق المتهم جنائياً فى الصمت ألول مرة بمقتضى‬
‫القانون الصادر فى ‪ 15‬يونيو ‪ 2000‬فأصبح للمتهم الحرية فى اإلجابة أو عدم اإلجابة‬
‫على األسئلة الموجهة إليه (‪.)1‬‬

‫ثانياً ‪ -:‬موقف الفقه ‪.‬‬


‫يرى جانب من الفقه أن إدالء المتهم بأقواله وان كان من مقدمات التحقيق ‪ ،‬إال أن ذلك‬
‫فى واقع األمر ضمانة للمتهم ‪ ،‬قصد بها عدم مجازاته دون سماع دفاعه ‪ ،‬أما وقد‬
‫رفض اإلدالء بتلك األقوال ‪ ،‬فال يسع جهة اإلدارة إال أن تجازيه فى حال ثبوت مسئوليته‬
‫‪ ،‬التى وقف من دفعها موفقاً سلبياً ‪ ،‬والجزاء فى هذه الحالة ال يكون معيباً لمجرد صدوره‬
‫فى ظل صمت المتهم الذى يكون بمكنته الطعن على قرار الجزاء ‪ ،‬إذا ما شابته مطاعن‬
‫أخرى ‪ ،‬ليس من بينها اإلخالل بحقه فى الدفاع ‪ ،‬حيث أنه هو الذى تخلى عن االستفادة‬
‫من هذا الحق طواعية ‪ ،‬وحيث ال يجوز لشخص أن تحول إرادته المنفردة دون توقيع‬
‫الجزاء عليه (‪.)2‬‬
‫ويرى جانب من الفقه أن حق الدفاع من الحقوق التى كفلها القانون الستظهار وجه‬
‫الحق فى المخالفة المنسوبة للموظف ‪ ،‬ذلك من خالل إتاحة الفرصة للموظف للرد‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬مجدى حبشى ‪ ،‬ضمانات المتهم فى ظل قانون اإلجراءات الجنائية الفرنسى الجديد ‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية ‪ ، 2001 ،‬ص ‪. 4‬‬

‫(‪ )2‬د‪ .‬عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ‪ ،‬الموسوعة اإلدارية الشاملة فى إلغاء القرار اإلدارى وتأديب‬
‫الموظف العام ‪ ،‬الجزء الثالث ‪ ،‬دار محمود للنشر والتوزيع ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2008‬ص ‪ 223‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪707‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫عليها ‪ ،‬لذلك فإن عدم استعمال الموظف لهذا الحق ال ينطوى على مخالفة إذ أن ترك‬
‫الحقوق غير معاقب عليه ‪ ،‬على عكس اإلخالل بالواجبات وبالتالى ال يجوز مجازاته(‪.)1‬‬
‫واالتجاه السائد والراجح فى الفقه يرى عدم اإلخالل بحق المتهم فى الصمت (‪ ، )2‬وعلى‬
‫هذا يجب أال يسفر صمت المتهم عن أى دليل إضافى يستعمل ضده ‪ ،‬فإذا كان سؤال‬
‫المتهم يعنى تمكينه من الدفاع عن نفسه أو اعترافه بما هو منسوب إليه ‪ ،‬فال يجب‬
‫تكليفه على غير إرادته باإلجابة على ما يوجه إليه من أسئلة ‪ ،‬فإذا رفض اإلجابة أو‬
‫التزم الصمت ‪ ،‬فيجب أال يتخذ صمت المتهم على أنه بمثابة اعتراف ضمنى أو أن‬
‫يتخذ منه قرينة تستعمل ضد المتهم وتساهم فى إدانته حيث أن بوسع سلطة التأديب أن‬
‫تحصل على األدلة بوسائلها المتعددة والتى تفوق قدرات األفراد بكثير ‪ ،‬وبناء عليه ال‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫يكون سكوت المتهم فى ذاته دليالً ضده يمكن إدانته بناء عليه‬
‫بل إن رأى فى الفقه ذهب إلى أبعد من ذلك معتب اًر أنه إذا كان امتناع المتهم عن اإلدالء‬
‫بأقواله أمام محقق معين مستنداً إلى أسباب معقولة ‪ ،‬فإن الجزاء الذى يصدر بناء على‬

‫هذا التحقيق يكون معيباً‬


‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬

‫(‪ )1‬أ‪ .‬محمود صالح ‪ ،‬شرح قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ‪ ،‬األسكندرية ‪ ،‬منشأة المعارف ‪،‬‬
‫طبعة ‪ ، 1997‬الطبعة الثانية ‪ ،‬ص ‪. 727‬‬
‫‪(2) STEPAN.La protection des droit de la defense des accuses et con-‬‬
‫‪damnes dans la procedure penale Tchecoslovaque. Rev. Inter, dr.penal,‬‬
‫‪1966,p.308.‬‬
‫(‪ ) 3‬د‪ .‬عبدالفتاح عبدالحليم عبدالبر ‪ ،‬الضمانات التأديبية فى الوظيفة العامة ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق جامعة القاهرة ‪ ،1978 ،‬ص ‪. 309‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عبدالفتاح حسن ‪ ،‬التأديب فى الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 95‬‬

‫‪708‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ثالثاً ‪ -:‬موقف القضاء ‪.‬‬
‫تباينت أحكام المحكمة اإلدارية العليا فى هذا الخصوص حيث أشارت بعض أحكامها‬
‫إلى أن امتناع العامل عن اإلدالء بأقواله فضالً عما ينطوى عليه من تفويت فرصة‬
‫الدفاع عن نفسه ‪ ،‬فينطوى أيضاً على مخالفة تأديبية فى جانبه ‪ ،‬لما ينطوى عليه ذلك‬
‫من عدم الثقة بالجهات الرئاسية ‪ ،‬وخروج على القانون على نحو ينال مما يجب على‬
‫العامل أن يوطن نفسه عليه من توقير لهذه الجهات وإقرار بجدارتها فى ممارسة‬
‫إختصاصاتها الرئاسية قبله فقضت المحكمة اإلدارية العليا بأن ‪ ":‬العامل بامتناعه عن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫اإلدالء بأقواله يكون قد فوت على نفسه فرصة الدفاع وال يلومن إال نفسه "‬
‫كما قضت فى أحد أحكامها بأن االمتناع عن اإلدالء باألقوال فى التحقيقات اإلدارية‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫يمثل ذنباً إدارياً مستقالً يتعين مجازاة الموظف عنه‬
‫غير أن المحكمة اإلدارية العليا عدلت عن هذا االتجاه واكتفت بأن سكوت المتهم عن‬

‫إبداء دفاعه فى المخالفة المنسوبة إليه فى التحقيق ال يشكل بذاته مخالفة إدارية أو ذنباً‬
‫إدارياً مستوجباً للمسئولية التأديبية أو العقاب التأديبى ‪ ،‬ولكن المتهم فى هذه الحالة‬
‫يكون قد فوت على نفسه فرصة إبداء أوجه دفاعه فى المخالفة المنسوبة إليه فى التحقيق‬
‫وعليه تقع تبعة ذلك ‪.‬‬
‫وال محل إلجبار المتهم على اإلدالء بأقواله فى التحقيق وتهديده بالجزاء التأديبى الذى‬
‫سيوقع عليه فى حالة امتناعه أو سكوته فهو وشأنه فى تغير موقفه الدفاعى إزاء االتهام‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1990/11/24‬الطعن رقم ‪725‬لسنة ‪ 34‬قضائية ‪ .‬عليا‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1981/4/4‬الطعن رقم ‪430‬لسنة ‪ 22‬قضائية ‪ .‬عليا ‪.‬‬

‫‪709‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫المسند إليه ‪ ،‬والمقرر وفق األصول العامة أنه ال يسوغ إكراه متهم على اإلدالء بأقواله‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫فى التحقيق بأى وسيلة من وسائل االكراه المادى أو المعنوى‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬رفض اإلدالء باألقوال أمام‬
‫الشئون القانونية بدون مبرر ال يمثل بذاته ذنبا إدارياً يستوجب المساءلة التأديبية " (‪.)2‬‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬سكوت المتهم عن إبداء دفاعه فى المخالفة‬
‫المنسوبة إليه فى التحقيق ال يشكل بذاته مخالفة إدارية ‪ -‬أساس ذلك ‪ :‬أنه ال وجه‬
‫إلجبار المحال على اإلدالء بأقواله فى التحقيق ‪ -‬يعتبر سكوت الموظف ضياع لفرصته‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫للدفاع عن نفسه تقع عليه تبعته "‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪ 2006/11/30‬أنه ‪" :‬‬
‫ومن حيث إن الثابت من قرار الجزاء المطعون فيه أنه بنى على رفض المطعون ضده‬
‫اإلدالء بأقواله فى الشكوى المقدمة ضده من مدير المدرسة عن الفترة المسائية دون أن‬
‫يتضمن قرار الجزاء اإلشارة إلى التحقيق اإلدارى الذى أجرى حول الواقعة أو عناصر‬
‫إثبات المخالفة كما لم تقم الجهة اإلدارية أثناء نظر الطعن بإيداع أوراق التحقيق أو‬
‫البيانات المؤيدة لصحة االتهام المنسوب للمطعون ضده‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1998/8/30‬الطعن رقم ‪3494‬لسنة ‪ 42‬قضائية ‪ .‬عليا‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1985/11/16‬الطعن رقم ‪2847‬لسنة ‪ 30‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا ‪.‬‬
‫(‪ )3‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1998/6/25‬الطعن رقم ‪1119‬لسنة ‪ 30‬قضائية ‪ .‬عليا‪.‬‬
‫وأيضاً حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1990/2/24‬الطعن رقم ‪725‬لسنة ‪ 34‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا‪.‬‬

‫‪710‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫األمر الذى يصم القرار المطعون بمخالفة القانون‪ ،‬إذ إن المادة (‪ )79‬من قانون العاملين‬
‫المدنيين بالدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1978‬ال تجيز توقيع الجزاء على العامل إال بعد التحقيق‬
‫معه‪ ،‬وذلك حتى يتسنى مواجهته بما هو منسوب له وتمكينه من إبداء دفاعه‪ ،‬واستجالء‬
‫الحقيقة فيما يتعلق بصحة الوقائع ونسبتها إلى فاعليها أو تبرئة ساحته منها‪ .‬وإذا‬
‫استشعر العامل عدم الحيدة لدى المحقق وطلب سماع أقواله أمام جهة أخرى فإنه وإن‬
‫كان ذلك ال يعطل استمرار التحقيق معه إذا لم يكن لهذا الدافع سند ثابت باألوراق‪ .‬إال‬
‫أن المحقق يلتزم فى هذه الحالة بالسير فى اإلجراءات ملتمساً أدلة الثبوت من أقوال‬
‫الشهود والبيانات التى تؤيد االتهام المنسوب للعامل فال يجوز له التوصية لدى السلطة‬
‫المختصة بتوقيع الجزاء قبل استكمال إجراءات التحقيق الذى لم تستوف أوضاعه‬
‫القانونية فى الحالة المعروضة واقتصر الجزاء على مخالفة المطعون ضده بسبب‬
‫امتناعه عن إبداء أقواله فى التحقيق اإلدارى‪ .‬إذ ال محل إلجباره على اإلدالء بأقواله‬
‫فيما ُنسب إليه مهدداً بالجزاء التأديبى الذى سيوقع عليه فى حالة امتناعه لما هو مقرر‬
‫فى األصول العامة للتحقيق أنه ال يسوغ إكراه المتهم على اإلدالء بأقواله بأية وسيلة من‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وسائل اإلكراه المادى أو المعنوى"‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 30‬من نوفمبر سنة ‪ ، 2006‬الطعن رقم ‪ 5116‬لسنة‪44‬‬
‫قضائية ‪.‬عليا ‪.‬‬
‫ويراجع أيضاً ‪ :‬حكم اإلدارية العليا ‪ ،‬الطعن رقم ‪ 3494‬لسنة ‪42‬ق ‪ .‬ع ‪ ،‬بجلسة ‪، 1998/8/30‬‬
‫مج س ‪ 43‬ج ‪ ،‬ص ‪.1662‬‬

‫‪711‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫‪ -3‬هل يسوغ للموظف المحقق معه االمتناع عن سماع أقواله ويطلب إحالته إلى‬
‫النيابة اإلدارية ‪.‬‬
‫إذا كان من حق الموظف أن تسمع أقواله‪ ،‬وأن يحقق دفاعه‪ ،‬إال أنه وقد أتيح له ذلك‬
‫كله‪ ،‬فال يسوغ له أن يمتنع عن االجابة‪ ،‬أو يتمسك بطلب إحالة التحقيق إلى النيابة‬
‫اإلدارية ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ذلك أن من حق جهة االدارة ‪-‬‬
‫وفى الطعن الراهن الهيئة الزراعية المصرية وقد استعرضنا نصوص قوانينها المتعاقبة‬
‫منذ إنشائها قديماً وكذلك أحكام الئحتها الداخلية ‪ -‬أن تجرى التحقيق بنفسها‪ ،‬وهى إذا‬
‫كان ذلك من حقها‪ ،‬فإنها ال تحمل على إحالته الى النيابة االدارية ما دام أن القانون ال‬
‫يلزمها بذلك‪ .‬واذا شعر الموظف أو العامل بعدم االستجابة الى ما أصر عليه‪ ،‬تعين‬
‫فى حقه أن يسارع الى إبداء أقواله‪ ،‬وتنفيذ ما يوجه اليه من اتهامات أو مخالفات‪ .‬ثم‬
‫أن له الحق فى نهاية األمر أن يتظلم من القرار االدارى الصادر بناء على مثل هذا‬
‫التحقيق الذى ال يرتاح اليه‪ ،‬أما أن يمتنع عن ابداء أقواله‪ ،‬ويقف سلبياً ازاء ما هو‬
‫منسوب اليه بل يصر على موقف التحدى من جهة االدارة دون أن يكون لذلك سبب‬
‫قانونى أو منطقى سوى أن قسم قضايا الهيئة هو الذى أوصى بوقفه عن العمل‪ ،‬فال‬
‫تثريب فى ذلك عليها‪ ،‬والموظف ال يلوم عندئذ إال نفسه‪ ،‬فكل امرئ وعمله ومن أساء‬
‫فعلى نفسه"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 27‬من نوفمبر سنة ‪ ،1965‬القضية رقم ‪ 1606‬لسنة ‪10‬‬
‫القضائية ‪ ،‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة اإلدارية‬
‫العليا السنة الحادية عشرة ‪( -‬من أول أكتوبر سنة ‪ 1965‬إلى آخر يونيه سنة ‪ - )1966‬ص ‪.68‬‬

‫‪712‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬اختصاص الجهة اإلدارية بالتحقيق مع‬
‫الموظف وتوقيع الجزاء اإلدارى عليه اختصاص ثابت وأصيل بحكم السلطة الرئاسية‬
‫التى لجهة اإلدارة على العاملين بها ‪ -‬تخويل القانون النيابة اإلدارية اختصاصاً فى‬
‫التحقيق مع العاملين ال يخل بحق الجهة اإلدارية الترخيص فى أمر إحالة التحقيق إلى‬
‫النيابة اإلدارية أو انفرادها هى بإجرائه بحسب تقديرها المطلق لظروف الحال ومالبساته‬
‫‪ -‬امتناع الجهة اإلدارية القائمة على التحقيق عن االستجابة إلى طلب الموظف فى‬
‫هذا الخصوص ال يعيب التحقيق الذى تباشره طالما استوفى أوضاعه الشكلية وتوافرت‬
‫له كل الضمانات التى يتطلبها القانون أو تمليها األصول العامة ‪ -‬امتناع الموظف‬
‫بغير مبرر صحيح عن إبداء أقواله أمامها فضالً عما ينطوى عليه من تفويت لفرصة‬
‫الدفاع عن نفسه وينطوى أيضاً على مخالفة تأديبية فى جانبه لما ينطوى على ذلك من‬
‫عدم الثقة بالجهات الرئاسية وخروج على القانون على نحو ينال مما يجب على الموظف‬
‫أن يوطن نفسه عليه من توقير الجهات وإقرار بجدارتها فى ممارسة اختصاصاتها‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الرئاسية "‬
‫وقد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ال يسوغ للعامل االمتناع عن سماع أقواله‬
‫ويطلب إحالة التحقيق إلى جهة أخرى ‪ -‬من حق الشركة أن تجرى التحقيق بنفسها دون‬
‫أن تحمل على إحالته إلى النيابة اإلدارية ‪ -‬امتناع المطعون ضده عن الحضور أمام‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫جهة التحقيق دون مبرر قانوناً فإنه ال يلومن إال نفسه "‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1981/4/4‬الطعن رقم ‪430‬لسنة ‪ 22‬قضائية ‪ .‬عليا ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1997/5/20‬الطعن رقم ‪ 986‬لسنة ‪ 40‬قضائية ‪ .‬عليا‪.‬‬
‫ويراجع أيضاً ‪ :‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1998/6/25‬الطعن رقم ‪1119‬لسنة ‪30‬‬
‫قضائية ‪ .‬عليا ‪.‬‬

‫‪713‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫سادساً ‪ -:‬سماع شهود النفى ‪.‬‬
‫تؤدى الشهادة دو اًر كبي اًر فى الكشف عن الحقيقة فى نطاق التأديب ‪ ،‬لذا فإن من‬
‫مستلزمات الدفاع ومظاهره األساسية أن يسمح للموظف باالستشهاد بشهود النفى ‪ ،‬فمن‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫شأن تلك الشهادة أن تعزز موقف المتهم فى الواقعة المنسوبة إليه‬
‫وعليه يتعين دائماً سؤال المتهم عما إذا كان لديه شهود نفى حيث يجب استدعاء هؤالء‬
‫الشهود وسماع أدلتهم ‪ ،‬فاالكتفاء بسماع شهود اإلثبات دون النفى يصم التحقيق‬
‫بالقصور ويبطل قرار الجزاء إلخالله بحق الدفاع ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬يجب قبل توقيع الجزاء على‬
‫العامل ‪ -‬إجراء تحقيق تسمع فيه أقوال العامل وتحقيق أوجه دفاعه التى يبديها فى‬
‫معرض االتهام المنسوب إليه ‪ -‬إذا طلب سماع شهود نفى للواقعة ‪ -‬تعين سماعهم‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫حتى تتضح الحقيقة ‪ -‬إذا لم يتضمن التحقيق هذه األسس ‪ -‬يصمه بالقصور "‬
‫وقد تواترت أحكام القضاء المصرى على حق الموظف باالستشهاد بالشهود لما تشكله‬
‫هذه الشهادة فى المجال التأديبى من قيمة كبيرة فى إعداد الموظف لدفاعه ‪ ،‬ونفى التهمة‬
‫المنسوبة إليه ‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعد الشيتوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ، 2013 ،‬ص‬
‫‪.129‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1994/12/20‬الطعن رقم ‪4753‬لسنة ‪ 35‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا ‪.‬‬

‫‪714‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وقد انتهى مجلس الدولة الفرنسى إلى بطالن اإلجراء التأديبى عند إغفال إستدعاء الشهود‬
‫الذين طلب سماع أقوالهم (‪.)1‬‬
‫والجدير بالذكر أنه على الرغم من أهمية الشهادة فإن اإلدارة ليس ملزمة باإلستجابة‬
‫لطلبات الموظف فى إستدعاء كافة الشهود الذين يطلبهم ‪ ،‬وإنما يكون للمحقق سلطة‬
‫تقديرية فى تحديد العدد المعقول من الشهود الذى يرى أن هناك فائدة من سماع‬
‫أقوالهم(‪.)2‬‬
‫كما أن بعض الشهود قد تتضاءل أهمية شهادتهم إلى درجة العدم ‪ ،‬وخاصة فى بعض‬
‫القضايا التأديبية المستندية ‪ ،‬فال يجوز اإلستناد فى هذا الشأن إلى شهادة الشهود فى‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫مجال ال محل للدليل فيه غير المستندات‬
‫على أنه إذا كانت أهمية الشهادة تبدو ضئيلة أو منعدمة فى الجرائم التأديبية المستندية‬
‫‪ ،‬إال أن الشهادة تبدو هامة فيما يتعلق بالمخالفات التأديبية التى تتعلق بواجب التحفظ‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ .‬فهناك الكثير من المخالفات التى تقع فى‬ ‫الذى يتعين على الموظف اإللتزام به‬
‫الحياة الخاصة للموظفين يكون لشهادة الشهود دور كبير فى إثبات التهم المنسوبة إلى‬

‫‪(1 ) C.E, 18 Mars 1988, Strebler, n70 221; C.E, 30 Sept. 1983, Barre, Rec.‬‬
‫‪p. 394.‬‬
‫‪(2 ) René hostiou, op,cit. p. 109.‬‬
‫(‪ )3‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1992/11/28‬الطعن رقم ‪3858‬لسنة ‪ 35‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا ‪.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عادل الطبطائى ‪ ،‬واجب التحفظ فى سلوكه العام ‪ ،‬مجلة الحقوق ‪ ،‬جامعة الكويت ‪ ،‬السنة‬
‫العاشرة ‪ ،‬العدد الرابع ‪ ،‬ديسمبر‪. 1986‬‬

‫‪715‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫الموظف أو نفيه لذا يتعين تمكين الموظف من االستشهاد بالشهود من أجل تحقيق‬
‫دفاعه (‪.)1‬‬
‫والسؤال الذى يثور هل يترتب على عدم اإلستجابة من المحقق لسماع شهود النفى‬
‫بناء على طلب الموظف المحقق معه بطالن التحقيق ؟‬
‫والجواب فى إيجاز أنه ال يترتب على ذلك بطالن التحقيق طالما لم يكن هناك ثمة‬
‫حاجة أو لزوم لسماع شهادتهم وطالما لم يخل ذلك بحق الدفاع ‪.‬‬
‫وقد فصلت ذلك المحكمة اإلدارية العليا بقولها ‪ " :‬ومن حيث إنه ال وجه لما أثاره‬
‫المدعى فى دفاعه وسايره فيه الحكم المطعون فيه من أن المحقق أغفل تحقيق دفاعه‬
‫ولم يسأل الشاهدين الذى أشهدهما على صحة أقواله‪ ،‬وبذلك يكون التحقيق قد شابه‬
‫عيب جوهرى يستتبع بطالن قرار الجزاء الذى استند إليه‪ ،‬ال وجه لذلك ألن الثابت من‬
‫االطالع على أوراق التحقيقات أن المدعى سئل فى التحقيق ووجه بالتهمة وباألدلة‬
‫عليها وأدلى فى شأنها بدفاعه كامالً‪ ،‬وإذا كان قد أشهد شاهدين طلب سماع أقوالهما‬
‫غير أنه يتضح من مراجعة أقواله أنه ذكر فى أكثر من موضع منها أن المشادة التى‬
‫حصلت بينه وبين المفتش العام وباقى المفتشين وقعت فى غرفة المفتش العام وكان قد‬
‫استدعى إليها بعيداً عن المصححين اآلخرين ‪ ،‬كما أضاف المدعى صراحة فى نهاية‬
‫الصفحة الثانية من أقواله أنه "فوجئ في نهاية اليوم باستدعائه إلى الرئيس العام‬
‫للتصحيح فى لجنة الخديوية بوساطة المفتش رئيس الحجرة ‪ -‬أعطانى الرئيس خلو‬
‫بناء على المذكرة التى تقدم بها األستاذ ‪ ...‬يقول فيها أنه ال يستطيع‬
‫طرف من العمل ً‬
‫العمل معى وكان ذلك على يد شهود هم األساتذة المدرسون ‪ ......-1‬بمدرسة السويس‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعد الشيتوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 132‬‬

‫‪716‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫الثانوية ‪ ......-2‬بمدرسة النصر الثانوية ببور سعيد" ومؤدى ذلك أن الواقعة التى‬
‫نسبت إلى المدعى لم تحدث فى حضور أحد من زمالئه المصححين بل بعيداً عنهم‪،‬‬
‫أما موضوع تسليمه خلو الطرف عن أعمال االمتحان فهى واقعة مسلم بها وال تؤثر فى‬
‫إثبات ونفى المخالفة التى نسبت إلى المدعى‪ ،‬ومن ثم فلم يكن هناك ثمة حاجة أو لزوم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫لسماع أقوال الشاهدين وال يكون ثمة عيب شاب التحقيق بإغفال سماع أقوالهما"‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا بأنه ‪ " :‬ومن حيث إنه ليس متطلباً لصحة التحقيق‬
‫التأديبى أن يستمع المحقق فى كل األحوال إلى أكثر من أقوال الشاكى والمشكو ‪ ،‬متى‬
‫استظهر المحقق من موضوع الرؤية وجالء الصورة وبروز وجه الحق عدم الحاجة إلى‬
‫سماع أى شهود وكان لهذا االستخالص ما يبرره "(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1969/2/22‬الطعن رقم ‪775‬لسنة ‪ 13‬قضائية ‪ ،‬مجلس‬
‫الدولة ‪ -‬المكتب الفنى ‪ -‬مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الرابعة عشر –‬
‫العدد الثانى ( من منتصف فبراير سنة ‪ 1969‬إلى آخر سبتمبر سنة ‪ ، ) 1969‬ص ‪.421‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪،‬الطعن رقم ‪ 582‬لسنة ‪ 32‬القضائية ‪ ،‬جلسة ‪ 26‬من ديسمبر سنة‬
‫‪ ، 1987‬مجلس الدولة ‪ -‬المكتب الفني ‪ -‬مجموعة أحكام المحكمة اإلدارية العليا السنة الثالثة‬
‫والثالثون ‪ -‬الجزء األول (أول أكتوبر ‪ - 1987‬أخر فبراير سنة ‪ - )1988‬ص ‪. 497‬‬

‫‪717‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫املبحث الثالث‬

‫فن إدارة جلسات التحقيق اإلدارى والتحرى عن املخالفات التأديبية‬


‫ونقسم هذا المبحث إلى المطلبين التاليين ‪:‬‬
‫• المطلب األول ‪ :‬فن إدارة جلسات التحقيق ‪.‬‬
‫• المطلب الثانى ‪ :‬وسائل البحث والتحرى عن المخالفات اإلدارية فى التحقيق‬
‫اإلدارى ‪.‬‬

‫املطلب األول‬

‫فن إدارة جلسات التحقيق‬

‫أوالً ‪ -:‬خطة التحقيق ‪.‬‬


‫لمباشرة عملية التحقيق البد من مراعاة ممارسة أعمال التحقيق وفق منهج علمى يتمثل‬
‫أولها فى التخطيط للتحقيق ‪.‬‬
‫ويشير مصطلح خطة التحقيق " ‪ "Investigative plane‬فى الفقه القانونى المقارن‬
‫إلى الخطة التى توضع من قبل فريق التحقيق وتحدد المهام ذات الصلة إلثبات التعدى‬
‫المزعوم " المخالفة " وتتضمن الخطة تحديد أهداف التحقيق واستراتيجيته كأداة مفيدة‬
‫إلدارة الجلسة التحقيقية ‪ ،‬كما تتضمن لخطة أيضاً مراحل وأنشطة وإجراءات التحقيق‬
‫بالتفصيل فضالً عن تضمين كل مهام الخطة بتواريخ للبدء واإلنتهاء من المراحل‬
‫واألنشطة واإلجراءات ‪.‬‬
‫وخطة التحقيق هى وثيقة حية ينبغى تنقيحها طوال حياة التحقيق‪ .‬وليس هناك نموذج‬
‫واحد للتخطيط للتحقيق ‪ ،‬بل هى عملية مستمرة أثناء التحقيق وينبغى أن تكون بمثابة‬

‫‪718‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫دليل للتحقيق ‪ .‬وبناء عليه ‪ ،‬ينبغى أن تكون خطة التحقيق منقحة ومعدلة لتعكس‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫التطورات فى فهم القضية‬
‫وينبغى مراعاة ذلك أثناء إعداد خطة التحقيق ‪:‬‬
‫‪ -1‬خذ بعض الوقت مقدماً لتنظيم أفكارك‪.‬‬
‫‪ -2‬اجمع أى معلومات لديك بالفعل حول المشكلة مثل شكوى موظف ‪ ،‬أو تقرير‬
‫مشرف ‪ ،‬أو تحذيرات مكتوبة ‪ ،‬أو أشياء تشكل جزًءا من المشكلة (مثل رسائل البريد‬
‫اإللكترونى أو رسائل التهديد)‪ .‬باستخدام هذه المعلومات كدليل لك ‪.‬‬
‫‪ -3‬فكر فيما ستحتاج إلى معرفته لتقرير ما حدث‪ .‬من ستقابل وماذا ستسأل؟ هل هناك‬
‫مستندات إضافية قد يمتلكها الموظفون أو المشرفون؟ هل هناك من شهد أحداثًا مهمة‬
‫‪ -‬أو يجب أن يكون؟‬
‫‪ -4‬يجب على المحقق التفكير بعناية فى الترتيب فى إجراء المقابالت سواء مع‬
‫الشاكى أو مع المتهم أو مع الشهود ‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أنه وفقاً لمعايير التحقيق للحكومة اإلسترالية فإن معيار إدارة التحقيقات‬
‫" ‪ "Investigative Management‬يجب أن يتضمن مرحلة للتخطيط للتحقيق الشامل‬
‫عند بدأ كل تحقيق وكلما أمكن يجب أن تكون الخطة مكتوبة ويجب اإلشارة إلى أن‬
‫استثناء وفى‬
‫ً‬ ‫تلك الخطة فى محضر التحقيق كما ينبغى تحديثها خالل التحقيق ‪ .‬و‬
‫الحاالت العاجلة يجوز للجهة الحكومية بدء التحقيق دون خطة مكتوبة ‪ ،‬ولكن يجب‬
‫مراعاة اعتبارات ومعايير التخطيط الجيد أثناء سير التحقيق وينبغى أن يراعى التحقيق‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سامى الطوخى ‪ ،‬اإلتجاهات العلمية فى التحقيقات اإلدارية (دراسة مقارنة ) ‪ ،‬أكاديمية السادات‬
‫للعلوم اإلدارية ‪ ، 2014 ،‬ص ص ‪. 40 - 39‬‬

‫‪719‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫بشكل مناسب استخدام السجالت المعدة لتدوين التحقيق وفق متطلبات تلك المعايير ‪.‬‬
‫وينبغى لعملية التخطيط (عند االقتضاء) أن تتضمن ‪ :‬أهداف مخطط التحقيق ‪،‬‬
‫المخالفات المحتملة أو السلوك وأن تحدد موضوعات التحقيق ونطاقه ‪ ،‬والنتائج وإدارة‬
‫المخاطر والنظر فى خيارات الق اررات المتعلقة بإدارة التحقيق والتصرف فيه ‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص خطة التحقيق اإلدارى بأنها تعنى اإلجابة على ما يأتى(‪: )1‬‬
‫‪ -1‬ماهى المخالفة المزعومة التى تشكل إخالالً بمقتضى الواجب الوظيفى ؟‬
‫‪ -‬وهذا يعنى تحديد طبيعة المخالفة وتكييفها القانونى ‪.‬‬
‫‪ -2‬ماهى العوامل المؤثرة التى ساعدت على وقوع المخالفة ؟‬
‫‪ -‬وهذا يعنى تحليل البيئة الداخلية والخارجية التى ساعدت على وقوع المخالفة‬
‫بغرض اتخاذ اإلجراءات التصحيحية المناسبة ‪ .‬ويشمل ذلك تحديد نقاط القوة‬
‫والضعف فى أنظمة اإلدارة الداخلية وكذا الفرص والتحديات فى البيئة الخارجية‬
‫للجهة اإلدارية ‪.‬‬
‫‪ -3‬تحديد كافة األطراف المعنية بالمخالفة ‪.‬‬
‫ويتوقف ذلك على طبيعة وحجم المخالفة وأهمية ومدى مساهمة أطراف خارجية فى‬
‫وقوعها أو التأثر بها ‪ .‬ويتم تحليل األطراف المعنية من خالل ‪:‬‬
‫‪ -‬تعيين وتحديد األطراف ذات المصلحة ‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد مصالح واهتمامات األطراف ذات المصلحة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سامى الطوخى ‪ ،‬اإلتجاهات العالمية فى التحقيقات اإلدارية (دراسة مقارنة ) ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫‪ ، 2014‬ص ‪. 41‬‬

‫‪720‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪ -‬تحديد المطالب واإلدعاءات المحتملة لتلك األطراف تجاه الجهة الحكومية أو‬
‫الموظفين المنسوب لهم المخالفة ‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد األطراف األكثر أهمية من منظور المحقق ‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد التحديات الناتجة عن ذلك ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ -:‬كيفية إعداد محضر التحقيق ‪.‬‬


‫نصت المادة (‪ )155‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 81‬لسنة ‪2016‬‬
‫على البيانات التى يجب أن يشتملها محضر التحقيق وهى ‪:‬‬
‫‪ -1‬يثبت التحقيق فى محضر مرقم بأرقام مسلسلة‪.‬‬
‫‪ -2‬يذكر به تاريخ وساعة ومقر فتح المحضر‪.‬‬
‫‪ -3‬اسم المحقق ‪.‬‬
‫‪ -4‬قرار اإلحالة‪ ،‬والسلطة التى أصدرته‪.‬‬
‫‪ -5‬اسم الموظف المحال إلى التحقيق وسنة ومحل إقامته واإلدارة التابع لها‬
‫ووظيفته ومستواها الوظيفى‪.‬‬
‫‪ -6‬ملخص الواقعة محل التحقيق‪.‬‬
‫‪ -7‬أقوال شهود اإلثبات والنفى‪.‬‬
‫‪ -8‬ما تم اإلطالع عليه من مستندات‪.‬‬
‫‪ -9‬إثبات ساعة وتاريخ غلق المحضر‪.‬‬
‫‪ -10‬تُذيل كل صفحة من صفحات المحضر بتوقيع المحقق ومن أدلى بأقواله بهذه‬
‫الصفحة‪.‬‬

‫‪721‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ومن ثم يجب عند إعداد محضر التحقيق مراعاة األمور التالية ‪:‬‬
‫أوالً ‪ -:‬يعنون محضر التحقيق ببيان إدارة التحقيقات التى تباشره والجهة الرئاسية لها ‪،‬‬
‫ويثبت تاريخ اليوم والساعة ومكان التحقيق واسم المحقق ودرجته ‪ ،‬واسم كاتب التحقيق‬
‫إن وجد ‪.‬‬
‫ويعد التاريخ عنصر جوهرى فى تحرير المحضر ألنه يحدد الوقت الذى تم فيه مباشرة‬
‫إجراءات التحقيق‪ ،‬وبالتالى يسمح بمراقبة المدة التى استغرقها التحقيق ألن طول مدة‬
‫التحقيق عن الحد المعقول تحمل معنى اإلكراه‪ ،‬األمر الذى يترتب عليه بطالن التحقيق‪.‬‬
‫ونظ اًر ألهمية التاريخ وجب أن يذكر بمحضر التحقيق اليوم والشهر والسنة‪ ،‬بل وساعة‬
‫افتتاح محضر التحقيق ليس هذا فحسب بل يجب تحديد الساعة التى ينتهى فيها‬
‫التحقيق‪ .‬وهكذا فإن تجاهل ذكر التاريخ على وجه الدقة فى نظر البعض قد يؤدى إلى‬
‫‪ ،‬غير أننا ال نتفق مع هذا الرأى ونرى أن عدم ذكر التاريخ رغم أنه‬ ‫(‪)1‬‬
‫بطالن التحقيق‬
‫بيان جوهرى إال أنه ال يؤدى إلى بطالن التحقيق ‪.‬‬
‫ويجب أن يشتمل محضر التحقيق على اسم وصفة واختصاص المحقق والقاعدة أنه‬
‫ال يجوز االستجواب فى مجال التحقيق إال عن طريق المحقق المختص قانوناً بذلك ‪،‬‬
‫من هنا وجب ذكر اسم وصفة محقق المحضر‪ ،‬ليس هذا فحسب وإنما وجب ذكر اسم‬
‫كاتب المحضر إن وجد‪ ،‬حيث أشرنا إلى أن وجود كاتب للتحقيق هو أمر جوازى‬
‫بالنسبة لتحقيقات الجهة اإلدارية‪ ،‬ووجوبى بالنسبة لتحقيقات النيابة اإلدارية‪.‬‬

‫(‪ (1‬د‪ .‬عادل عبدالعزيز السن ‪ ،‬ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ‪ ،‬التحقيق اإلدارى (‬
‫كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 65‬‬

‫‪722‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ثانياً ‪ -:‬يجب أن يثبت بمحضر التحقيق إسم المتهم أو الشاهد ثالثياً ‪ ،‬وسنه وتاريخ‬
‫ميالده باليوم والشهر والسنة ‪ ،‬وعنوان محل إقامته وذلك من واقع بطاقة الرقم القومى‬
‫أو جواز سفره أو أى مستند رسمى ‪ ،‬واإلدارة التابع لها ووظيفته ومستواها الوظيفى‪.‬‬
‫وبالنسبة لمن انتهت خدمتهم يتعين إثبات تاريخ انتهائها وآخر بيان لحالتهم الوظيفية ‪.‬‬
‫كما يتعين إثبات أسماء من سمعت أقوالهم بهوامش المحضر قرين بداية أقوال كل منهم‬
‫مع بيان من تم سؤاله على سبيل االستدالل ‪ ،‬ومن كان شاهد إثبات أو شاهد نفى أو‬
‫متهماً ‪ ،‬وعند إعادة سماع أقوال شاهد أو متهم ُيكتفى بذكر إسمه مع التنويه بسابقة‬
‫سؤاله وذلك بعد االستيثاق من أن بياناته السابقة لم يط أر عليها تغيير ‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ -:‬ترقم صفحات محضر التحقيق بأرقام متتابعة ويوقع كل من محقق الجهة‬
‫اإلدارية وكاتب التحقيق إن وجد ‪ ،‬بإمضائه أوالً بأول فى نهاية كل صفحة وعلى كل‬
‫مالحظة أو مواجهة ‪ ،‬وكذلك فى نهاية أقوال كل متهم أو شاهد بعد تالوتها عليه وإق ارره‬

‫بأنه مصر عليها وكذا فى نهاية كل محضر تحقيق ‪ ،‬ويجب أن يكون ترقيمها واضحاً‬
‫وأن يكون التوقيع مقروءاً وداالً على صاحبه ‪.‬‬
‫كما يجب أن يشتمل محضر التحقيق على إمضاء أو خاتم أو بصمة كل من سمعت‬
‫أقواله أو تمت مواجهته شاهداً كان أو متهماً عقب االنتهاء منها ‪ ،‬فإذا امتنع أو لم‬
‫ُيمكنه ذلك يتعين إثبات ذلك فى المحضر مع بيان ما قد ُيبديه من أسباب ‪.‬‬
‫وبصفة عامة يراعى أن يعكس محضر التحقيق صورة كاملة لما يجرى فيه ‪.‬‬
‫رابعاً ‪ -:‬يجب أن يثبت بمحضر التحقيق قرار اإلحالة‪ ،‬والسلطة التى أصدرته‪.‬‬
‫خامساً ‪ -:‬يجب أن يثبت ملخص الواقعة محل التحقيق‪.‬‬
‫سادساً ‪ -:‬يجب أن يثبت أقوال شهود اإلثبات والنفى‪.‬‬
‫سابعاً ‪ -:‬يجب أن يثبت ما تم االطالع عليه من مستندات‪.‬‬

‫‪723‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ثامناً ‪ -:‬يحرر محضر التحقيق بخط واضح بغير كشط أو شطب أو تصحيح ‪ ،‬فإن‬
‫وقع ذلك تعين التوقيع عليه من محقق الجهة اإلدارية وكاتب التحقيق إن وجد ‪ ،‬كما‬
‫يتعين أن يوقع عليه معهما الشاهد أو المتهم إذا تعلق بأقوال أى منهما ‪.‬‬
‫تاسعاً‪ -:‬يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يحدد بنفسه جلسات التحقيق ‪.‬‬
‫ويجب عليه أال يحدد جلسة واحدة لتحقيقات ليس فى طاقته إنجازها بأكملها ‪ ،‬وأن يقدر‬
‫ما فى استطاعته القيام به من أعمال التحقيق فى اليوم الواحد إلتمامها بغير تأجيل ‪،‬‬
‫وأن يحدد ما أمكن ذلك وقتاً معيناً للبدء فى تحقيق موضوع بذاته تالفياً لتزاحم المطلوبين‬
‫وتواجدهم لفترات طويلة دون مبرر ‪ ،‬وحرصاً على عدم تعطيل العمل بالجهات التابعين‬
‫لها ‪ ،‬وعليه أن يراعى عند استدعاء العاملين صالح المرفق الذى يتبعونه ‪.‬‬
‫عاش اًر ‪ -:‬على محقق الجهة اإلدارية أن يستمر فى التحقيق الذى بدأه حتى ينتهى منه‬
‫فإذا تعذر إنجازه دفعة واحدة فيجب تحديد جلسات قريبة متالحقة لسرعة إنجازه ‪.‬‬
‫الحادى عشر‪ -:‬مضمون المحضر‪ :‬يتعين أن يتضمن محضر التحقيق جميع‬
‫المعلومات والبيانات الالزمة لكى يكون وثيقة متكاملة لها وضعها القانونى المعترف‬
‫به‪ ،‬بحيث يثبت بعد التاريخ والديباجة المناقشة التفصيلية ومواجهة الموظف المخالف‬
‫باألدلة وذلك عن طريق تدوين األسئلة التى وجهها المحقق واإلجابات التى يدلى بها‬
‫المحقق معه‪.‬‬
‫الثانى عشر ‪ -:‬التوقيعات ‪،‬ال يكفى أن يذكر فى صدر المحضر أسماء األشخاص‬
‫الذين قاموا بتحرير المحضر‪ ،‬كما ال يكفى أن يذكر مضمون التحقيق‪ ،‬بل يتعين التوقيع‬
‫على كل ورقة من أوراق المحضر فى نهايتها وذلك بالنسبة للمحقق وهو نفس الشىء‬
‫بالنسبة للكاتب والموظف المخالف إذ يتعين توقيعهم فى نهاية كل صفحة بجوار توقيع‬
‫المحقق‪ ،‬ويوقع الجميع فى نهاية المحضر هذه هى القاعدة‪.‬‬

‫‪724‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫أما اإلستثناء الوحيد من توقيع المحقق أو الكاتب‪ ،‬هو أن يكون التحقيق يتم دون وجود‬
‫كاتب تحقيق‪ ،‬على أن يكون المحقق هو الذى قام بكتابة التحقيق بنفسه‪ ،‬وهو ما أقرته‬
‫المحكمة اإلدارية العليا بقولها ال وجه الشتراط توقيع المحقق والكاتب على محضر‬
‫التحقيق متى تبين أن التحقيق بخط يد المحقق ولظروف استدعت عدم حضور كاتب‬
‫وكان اسم المحقق ثابتا ًً فى صدر التحقيق ‪.‬‬
‫والسؤال الذى يثور هل يلزم إفراغ محضر التحقيق فى شكل معين ؟‬
‫ليس ثمة ما يوجب إفراغ التحقيق مع الموظف فى شكل معين وال بطالن على إغفال‬
‫إجرائه فى وضع خاص ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن ‪ " :‬وجوب توافر الضمانات الالزمة‬
‫لسالمة التحقيق والوصول إلى وجه الحق وتمكين العامل من الوقوف على عناصر‬
‫وأدلة االتهام الموجه إليه ‪ -‬تحقيق تلك الغاية ال يقتضى إفراغ التحقيق شكل معين أو‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫طريق مرسوم "‬
‫كما قضت أنه ‪ " :‬إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ليس ثمة ما يوجب إفراغ‬
‫التحقيق مع الموظف فى شكل معين وال بطالن على إغفال إجرائه فى وضع خاص(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1996/3/12‬الطعن رقم ‪3353‬لسنة ‪ 37‬قضائية ‪ .‬عليا‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1966/2/26‬الطعن رقم ‪449‬لسنة ‪ 8‬قضائية ‪ .‬عليا ‪.‬‬

‫‪725‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ولكن سؤاالً يتبادر إلى أذهاننا ماهو أثر فقد أوراق التحقيق ؟‬
‫يلزم أن تكون أوراق التحقيق موجودة وقت توقيع الجزاء بيد أن فقدها ال يؤثر فى القرار‬
‫الصادر وال يبطله ألن هذا الفقد ال يسقط أصالً الذنب إال أنه يجب أن يثبت على وجه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫القطع أن الجزاء وقع بناء على تحقيق أجرى بالفعل‬
‫(‪)2‬‬
‫إلى أن تقدير األمر يحتاج إلى مراجعة موضوعية ألوجه‬ ‫وقد ذهب جانب من الفقه‬
‫الثبوت البديلة بمعنى إذا كان ما ُفقد من المستندات ال نظير له ‪ .‬هنا لجهة التحقيق أن‬
‫تتبع فى هذا األمر شتى السبل بما فيها إعادة التحقيق نفسه ‪ ،‬إذ أنه ال يوجد ما يمنع‬
‫قانوناً من إعادة التحقيق ‪.‬‬
‫ومن ثم فقد أوراق التحقيق ال يعنى مطلقاً سقوط الذنب اإلدارى الذى بنى على تلك‬
‫األوراق متى قام الدليل أوالً على وجودها ثم على فقدها وأما محتوياتها فيستدل عليها‬
‫بأوراق صادرة من أشخاص لهم صلة عمل وثيقة بها ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬ضياع أوراق التحقيق ال يعنى‬
‫مطلقاً سقوط الذنب اإلدارى الذى تبين على تلك األوراق‪ ،‬إال إن ذلك رهن بأن يقوم‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫دليل على وجود هذه األوراق ثم فقدها "‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أنور أحمد رسالن ‪ ،‬التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ، 2003 ،‬ص‬
‫‪.132‬‬
‫(‪ (2‬د ‪ .‬ماهر عبدالهادى ‪ ،‬الشرعية اإلجرائية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 272‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )3‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1987/11/24‬الطعن رقم ‪3136‬لسنة ‪ 32‬قضائية ‪.‬‬
‫عليا ‪ ،‬وأيضاً حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1974/1/26‬الطعن رقم ‪533‬لسنة ‪ 16‬قضائية‬
‫‪ .‬عليا ‪.‬‬

‫‪726‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكماً ماتعاً لها بتاريخ ‪ 2016/11/19‬أنه ‪:‬‬
‫" ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الفهم القائم على أن عدم تقديم‬
‫أوراق التحقيق أو فقدها يجعل القرار المطعون فيه كأنه منتزع من غير أصول موجودة‪،‬‬
‫هو فهم ظاهر الخطأ‪ ،‬فما كان من ضياع أوراق التحقيق‪ ،‬بل ضياع سند الحق بمضيع‬
‫جنائيا أو إدارًيا ما دام من المقدور الوصول‬
‫ً‬ ‫مدنيا أو‬
‫للحقيقة نفسها فى شتى مجاالتها ً‬
‫إلى هذه الحقيقة بطرق اإلثبات األخرى‪.‬‬
‫ويخلص من هذا القضاء أن مناط عدم التمسك بأوراق التحقيق فى عدم تقديمها أو‬
‫فقدها‪ ،‬وعدم اعتبار القرار المطعون فيه فى هذه الحالة منتزًعا من غير أصول موجودة‪،‬‬
‫هو إمكان الوصول إلى الحقيقة بطرق اإلثبات األخرى‪ ،‬ووجود عناصر تكميلية فى‬
‫مجموعها مع باقى القرائن والشواهد ودالئل األحوال القائمة فى المنازعة على تكوين‬
‫االقتناع بالنتيجة التى يمكن أن ينتمى إليها الحكم فى شأن القرار المطعون فيه‪ ،‬فإذا لم‬
‫تتوفر هذه العناصر واألدلة فال تنهض قرينة الصحة المفترضة فى القرار اإلدارى وحدها‬
‫كافيا لتحصينه من الطعن فيه باإللغاء‪ ،‬ألن هذه القرينة ليست قطعية بل إنها تقبل‬
‫سندا ً‬
‫ً‬
‫الدليل العكسى‪ ،‬وإذا كان عبء إقامة هذا الدليل يقع على عاتق المتضرر من القرار‬
‫فإن مقتضى إلقاء هذا العبء عليه أال يحرم عدالة المحكمة من سبيل التمكن من إثبات‬
‫العكس بفعل اإلدارة السلبى أو بتقصيرها متى كان دليل هذا اإلثبات بيديها وحدها‬
‫وامتنعت بغير مسوغ أو مبرر مشروع عن تقديمه أو عجزت عن ذلك لفقده أو هالك‬
‫سنده بغير قوة قاهرة‪ ،‬السيما إذا كان دفاعه فى تعييب القرار مشتًقا من األوراق المتضمنة‬
‫ومنحصر فيها إذ ال يقبل أن يكون وضعه في حالة عدم تقديم الجهة اإلدارية‬
‫ًا‬ ‫لهذا الدليل‬
‫بسبب ما ألوراق التحقيق المحتوية على األسباب التى قام عليها القرار أسوأ منه فى‬
‫حالة ت قديم هذه األوراق‪ ،‬فيتعين عليه فى الحالة األولى إقامة الدليل على العيب الذى‬

‫‪727‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫يوجهه إلى القرار‪ ،‬وبذلك يحتمى القرار من اإللغاء‪ ،‬ويفلت من رقابة القضاء‪ ،‬وتكسب‬
‫اإلدارة بامتناعها عن تقديم األوراق بإضاعتها لها ميزة غير عادية نتيجة لموقفها السلبى‬
‫أو تقصيرها‪ ،‬بينما يتاح له فى الحالة الثانية إذا ما قدمت هذه األوراق أن يمحص‬
‫إجراءات التحقيق ويناقض النتيجة التى استخلصت منه بما قد يكشف عن عيب فى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫القرار يمكن أن يكون ًا‬
‫مبرر إللغائه "‬

‫ثالثاً ‪ -:‬كيفية إجراء التحقيق وطرح األسئلة‪.‬‬


‫الهدف من كل تحقيق هو جمع المعلومات ‪ ،‬والطريقة األساسية للقيام بذلك هى طرح‬
‫أسئلة على األشخاص ‪ .‬تتضمن معظم التحقيقات مقابلتين على األقل‪ :‬واحدة مع‬
‫الموظف المتهم بارتكاب مخالفات ‪ ،‬واألخرى للموظف الذى اشتكى أو كان الضحية‪.‬‬
‫أيضا فى مقابلة الشهود اآلخرين الذين ربما شاهدوا أو‬
‫فى بعض األحيان ‪ ،‬قد ترغب ً‬
‫مهما‪ .‬عند إجراء مقابلة مع أشخاص ‪ ،‬حاول استخالص أكبر قدر ممكن‬
‫شيئا ً‬
‫سمعوا ً‬
‫من المعلومات عن طريق طرح أسئلة مفتوحة‪.‬‬
‫ويجب على محقق الجهة أال يقتصر فى التحقيق على تحديد المسئوليات بل يتعين عليه‬
‫– كلما أمكن ذلك – تقصى العيوب واألسباب التى أدت إلى وقوع المخالفات واقتراح‬
‫الوسائل المجدية لتالفيها مستقبالً‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 19‬من نوفمبر سنة ‪ ، 2016‬الطعن رقم ‪ 18034‬لسنة‬
‫‪ 54‬القضائية (عليا) ‪( ،‬الدائرة الرابعة) ‪ ،‬غير منشور ‪.‬‬

‫‪728‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ونبين فيما يلى أصول وفنون طرح األسئلة على الموظف المخالف ‪:‬‬
‫‪ -1‬يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يراعى فى معاملته للمتهم ‪ ،‬إحترام كرامته ‪،‬‬
‫واالبتعاد عن أى عبارة أو إشارة تنطوى على إهانته أو اإلساءة إليه أو الحط من قدره‬
‫بتأثير من االتهامات المنسوبة إليه ‪ ،‬وعليه أن يضع فى اعتباره أن المتهم برئ حتى‬
‫ُيثبت التحقيق إدانته ‪.‬‬
‫‪ -2‬يجب على المحقق أن يقم بإعداد وتحضير قائمة باألسئلة المفتوحة (يمكن تحسين‬
‫هذه القائمة أثناء اجتماعات التحقيق ‪ ،‬من خالل األسئلة الفرعية التى تهدف إلى‬
‫الحصول على مزيد من التفاصيل مع ضمان طرح نفس األسئلة والتحقق من صحة‬
‫نفس الجوانب مع جميع األشخاص الذين التقى المحقق بهم‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب التفرقة بين سؤال المتهم واستجوابه ‪ ،‬فسؤال المتهم يكون عند حضوره أول‬
‫مرة فى التحقيق ‪ ،‬ويقتصر على إحاطته علماً بالمخالفة المسندة إليه ‪ ،‬وسؤاله عنها‬
‫شفوياً وإثبات أقواله بشأنها فى المحضر دون أن يتبع ذلك توجيه أسئلة إليه ‪ ،‬أما‬
‫االستجواب فهو مواجهة المتهم بأدلة الدعوى ومناقشته فيها ‪.‬‬
‫ويراعى أن التفرقة بين سؤال المتهم واستجوابه ال تعنى بالضرورة وجود فاصل زمنى‬

‫بينهما ‪ ،‬أو أن يتم كل منهما فى جلسة تحقيق مستقلة بل ال يعدو األمر أن يكون ترتيباً‬
‫فى األسبقية بحيث ال يجوز أن يتم استجواب المتهم تفصيالً فى شأن المخالفة المسندة‬
‫إليه إال بعد إحاطته علماً بها وسؤاله عنها شفوياً وإثبات أقواله فى شأنها ‪.‬‬
‫ويجب على محقق الجهة اإلدارية االنتهاء من سؤال المتهم واستجوابه فى جلسة واحدة‬
‫مالم تقتضى مصلحة التحقيق غير ذلك ‪.‬‬

‫‪729‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫‪ -4‬اليكفى مجرد إلقاء أسئلة على العامل حول وقائع معينة بل ينبغى مواجهته‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫باالتهامات المنسوبة إليه ليكون على بينة منها فيعد دفاعه على أساسها‬
‫‪ -5‬يجب على المحقق أن يتبع األصول المنطقية للوصول إلى الحقيقة من أقرب‬
‫الطرق ‪ ،‬وأن يضع السؤال صريحاً محدداً خالياً من التعقيد واإلبهام ‪.‬‬
‫‪ -6‬يجب على المحقق أن يجعل أسئلته فى صيغة االستفهام ‪ ،‬وأن يعنى بصياغتها‬
‫إيحاء بإجابة معينة ‪.‬‬
‫ً‬ ‫فى عبارة موجزة وبصورة ال تتضمن‬
‫‪ -7‬يجب على المحقق أن يراعى فى تحقيقه التسلسل والترابط وأن ُيقصر أسئلته على‬
‫ما يمس الموضوع الذى يتناوله التحقيق وأن يتفادى توجيه أسئلة غير مجدية ‪.‬‬
‫بناء على معلومات شخصية غير ثابتة بأوراق التحقيق‬
‫‪ -8‬ال يجوز للمحقق توجيه أسئلة ً‬
‫وأقوال من سمعوا فيه ‪.‬‬
‫‪ -9‬يجب أن تُثبت األسئلة التى توجه للمتهمين والشهود وكذلك اإلجابة عنها فى محضر‬
‫التحقيق كاملة دون اقتضاب أو حذف أو تنقيح ‪.‬‬
‫‪ -10‬يجب أن يتناول التحقيق كل ما يتكشف من مخالفات ولو لم تتصل بالواقعة‬
‫األصلية ‪.‬‬
‫‪ -11‬يجب على محقق الجهة اإلدارية استجالء كافة أركان المخالفات التأديبية التى‬
‫تنطوى عليها الوقائع واستظهار الواجب الوظيفى أو الحظر الذى خولف وسنده من‬
‫القوانين أو اللوائح أو التعليمات وأن يعنى باستجالء المسئوليات اإلشرافية للرؤساء‬
‫وطبيعتها ‪ ،‬وحدودها وأساسها القانونى مستعيناً فى ذلك ببطاقات وصف الوظائف‬
‫وغيرها من التعليمات المنظمة لشئون العمل بالجهة التى وقعت فيها المخالفة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1986/12/27‬الطعن رقم ‪780‬لسنة ‪ 28‬قضائية ‪ .‬عليا‪.‬‬

‫‪730‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪ -12‬يجب على محقق الجهة اإلدارية إذا تبين له من التحقيق أن الوقائع تنطوى على‬
‫جرائم جنائية أن يستظهر كافة أركانها واألدلة المتوافرة فى شأنها ثبوتاً أو نفياً ‪.‬‬
‫‪ -13‬إذا اقتضى التحقيق عرض المتهم على الشاكى أو أحد الشهود للتعرف عليه‬
‫فيجب على محقق الجهة اإلدارية مراعاة عدم تمكين الشاكى من رؤية المتهم قبل عرضه‬
‫عليه ‪ ،‬وتفادى صدور أى عبارة أو حركة أو إشارة قد تيسر التعرف عليه ‪ ،‬وإثبات‬
‫أسماء من استخدموا فى عملية العرض ونتيجة العرض فى محضر يوضح به سن كل‬
‫منهم ومحل إقامته ومالبسه ‪ ،‬ويفضل أن يكون هؤالء فى مثل سن المتهم وشكله بقدر‬
‫اإلمكان ‪ ،‬وأن يبدأ المحقق بعرض بضعة أشخاص اليكون المتهم من بينهم ثم يضعه‬
‫بعد ذلك بين أشخاص آخرين ويعرضه على الشاكى أو الشاهد ‪.‬‬
‫‪ -14‬ال يعتبر اعترافاً إقرار المتهم بصحة االتهامات المنسوبة إليه ما لم ُيقر صراحة‬
‫بارتكاب األفعال المكونة لها ‪.‬‬
‫‪ -15‬إذا اعترف المتهم فى التحقيق بالتهمة المسندة إليه فال َيكتفى محقق الجهة اإلدارية‬

‫بهذا االعتراف بل يجب أن يبحث عن األدلة التى تعززه ألن االعتراف ليس إال دليالً‬
‫يحتمل المناقشة كغيره من أدلة اإلثبات ‪.‬‬
‫‪ -16‬ال يجوز لمحقق الجهة اإلدارية أن َي ِعد المتهم بالتدخل لتخفيف العقاب عنه أو‬
‫حفظ التحقيق ‪ ،‬أو يحاول الوقيعة به بإيهامه بوقائع غير صحيحة كالزعم باعتراف متهم‬
‫آخر عليه ‪ ،‬أو شهادة آخرين ضده وصوالً إلى اعترافه بارتكاب الواقعة المسندة إليه ‪.‬‬
‫‪ -17‬إذا حضر المتهم أثناء التحقيق فال يسوغ له أن يقاطع الشاهد أثناء إدالئه بأقواله‬
‫وإنما يجوز له – بعد االنتهاء من الشهادة – أن ُيبدى ما يشاء من مالحظات عليها‬
‫وأن يوجه إليه ما يريد من أسئلة على أن يكون توجيهها عن طريق محقق الجهة اإلدارية‪.‬‬

‫‪731‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ولمحقق الجهة اإلدارية أن يرفض توجيه أى سؤال ليست له عالقة بموضوع التحقيق‬
‫أو تنطوى صيغته على مساس بالغير ‪ ،‬وعليه أن يثبت بالمحضر فى هذه الحالة السؤال‬
‫الذى طلب المتهم توجيهه وقرار رفضه ‪.‬‬
‫ونبين فيما يلى أصول وفنون طرح األسئلة على الشهود وسماع أقوالهم ‪:‬‬
‫قبل أن تبدأ المقابلة ‪ ،‬يجب على المحقق إبالغ الشخص الذى أجريت معه المقابلة‬
‫بسبب إجراء المقابلة معه باإلضافة إلى طبيعة الشكوى‪.‬‬
‫بشكل عام ‪ ،‬ليس من المناسب ‪ ،‬أو من المستحسن ‪ ،‬تزويد الشاهد بتفاصيل تتعلق‬
‫باالدعاء‪.‬‬
‫ويلزم مراعاة ذلك فى طرح األسئلة ‪-:‬‬
‫تدوين المالحظات األكثر شموالً خالل التحقيق ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تأكد من فهمك لإلجابات والمعلومات التى قدمها الشهود ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫طرح أسئلة للتوضيح فى حالة الشك من أجل تجنب أى سوء فهم للوقائع الفعلية‬ ‫‪-3‬‬
‫المبلغ عنها ‪.‬‬

‫أحيانا إلى جعل الشاهد يتكلم أكثر‬


‫ً‬ ‫ال تخف من لحظات الصمت التى تؤدى‬ ‫‪-4‬‬
‫مما يمنحه الفرصة الستكمال إجاباته ‪.‬‬

‫على محقق الجهة اإلدارية أن يراعى أال يطول انتظار الشاهد خارج غرفة‬ ‫‪-5‬‬
‫التحقيق تالفياً لنفاد صبره خاصة أنه سيكون مشغوالً بإعادة بناء شهادته مما ُيخشى‬
‫معه أن تنهار أو أن يؤدى ذلك إلى اختالط صور ذاكرته ‪ ،‬وتالفياً لمشاركته مع الشهود‬

‫‪732‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫اآلخرين بذات التحقيق فى تناول وجهات النظر حول المعلومات التى دعوا لإلدالء بها‬
‫بما من شأنه التأثير على مجرى العدالة ‪.‬‬

‫على محقق الجهة اإلدارية مراعاة أن يكون استدعاء الشاهد لغرفة التحقيق‬ ‫‪-6‬‬
‫بطريقة مهذبة وبعبارات غير جافة حتى يتجنب أى رد فعل قد يؤثر على معلوماته ‪.‬‬

‫يجب على محقق الجهة اإلدارية احترام الشاهد وحسن معاملته وتفادى توجيه‬ ‫‪-7‬‬
‫أى تلميح أو تصريح يفيد االستهانة بشأنه حتى ال يصل إلى مرحلة من إنكار الشهادة‬
‫تضار بها العدالة ‪.‬‬
‫يكون ترتيب سماع الشهود حسب أهمية الوقائع المطلوب شهادتهم فيها ‪ ،‬وعلى‬ ‫‪-8‬‬
‫محقق الجهة اإلدارية مناقشة الشهود لتعرف نصيب ما يشهدون به من الحقيقة ‪.‬‬
‫ال يجوز ابتدار الشاهد بأسئلة معينة فى تفصيالت التحقيق ‪ ،‬بل يجب أن‬ ‫‪-9‬‬
‫ُيترك الشاهد يبدى معلوماته أوالً من غير أن يستوقفه محقق الجهة اإلدارية ‪ ،‬إال إذا‬
‫تبين له بوضوح عدم اتصال ما يقوله بموضوع التحقيق ‪ ،‬ثم يبدأ فى مناقشته فيما أدلى‬
‫به من أقوال ‪ ،‬ليجلو ما يكون قد شابها من غموض أو تناقض أو تعارض بينها وبين‬
‫أقوال من تقدموه أو بينها وبين ما هو ثابت باألوراق ‪ ،‬أو فيما يرى أنها ال تتفق مع‬
‫الواقع أو المعقول أو غير ذلك مما يوجب المناقشة ‪.‬‬
‫يراعى ما أمكن استيضاح الشاهد زمان ومكان حدوث الواقعة والفاعل لها‬ ‫‪-10‬‬
‫وكيفية وقوعها والباعث على ارتكابها ‪ ،‬واألضرار التى ترتبت عليها ‪.‬‬
‫على محقق الجهة اإلدارية متى انتهى من سماع شاهد أن يحرص على عدم‬ ‫‪-11‬‬
‫اتصاله بغيره من الشهود الذين لم تسمع شهادتهم ‪ ،‬وله أن يبقيه بحجرة التحقيق‬
‫لالستفسار منه عن بعض نقاط تأتى على لسان غيره من الشهود أو لمواجهته بهم‪.‬‬

‫‪733‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫ال يجوز سماع أقوال شاهد فى حضور شاهد آخر لم تُسمع أقواله بعد ‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫ال يسوغ لمحقق الجهة اإلدارية أن ُيبدى للشهود تشككه فيما ُيدلون به من‬ ‫‪-13‬‬
‫أقوال ‪ ،‬أو أن يأتى بإشارات أو مالحظات تؤثر فى نفوسهم وتمنعهم من اإلدالء باألقوال‬
‫التى كانوا يزعمون اإلدالء بها ‪ ،‬وعلى أن يكون َحسن المعاملة واسع الصدر ‪.‬‬
‫يجب إثبات أقوال كل شاهد فى حضوره بنفس عباراته وألفاظه ‪ ،‬وال يجوز‬ ‫‪-14‬‬
‫االكتفاء بإثبات أنه ُسمعت أقوال الشاهد فوجدت مطابقة ألقوال من سبقه ‪.‬‬
‫‪ -15‬ال يجوز لمحقق الجهة اإلدارية عند سماع أقوال أحد الشهود أن يق أر عليه‬
‫أقواله السابقة أو ُيحيطه علماً بها ‪ ،‬وعليه إذا تناقضت شهادته أن يواجهه بهذا التناقض‬
‫مستجلياً الحقيقة ‪ ،‬وعليه أال يحيط شاهداً علماً بما قاله شاهد آخر إال بعد أن يدلى‬
‫بأقواله ‪.‬‬
‫يجب سماع أقوال الشهود دفعة واحدة ومواجهتهم بما يلزم أن يواجهوا به ‪ ،‬وإذا‬ ‫‪-16‬‬
‫حضر بعضهم وتخلف البعض اآلخر عن الحضور جاز سماع أقوال الحاضر منهم إذا‬
‫لم يكن فى ذلك إضرار بمصلحة التحقيق‪.‬‬
‫ال يجوز تكليف الشهود بالحضور للتحقيق أكثر من مرة بغير موجب ‪.‬‬ ‫‪-17‬‬
‫إذا تردد فى التحقيق إسم شخص لديه معلومات تفيد التحقيق أو تؤثر فى سيره‬ ‫‪-18‬‬
‫فعلى محقق الجهة اإلدارية استدعاؤه لسماع أقواله ‪ ،‬وعليه أيضاً أن يسمع شهادة أى‬
‫شخص يحضر أمامه للشهادة من تلقاء نفسه متى كانت الوقائع التى يشهد بها متصلة‬
‫بموضوع التحقيق ‪.‬‬
‫إذا كان الشاهد مريضاً أو لديه من األسباب ما يمنعه عن الحضور فيجوز‬ ‫‪-19‬‬
‫لمحقق الجهة اإلدارية أن ينتقل لسماع شهادته ‪.‬‬

‫‪734‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫املطلب الثانى‬

‫وسائل البحث والتحرى عن املخالفات اإلدارية فى التحقيق اإلدارى‬


‫التحقيق ال يكون مستكمل األركان صحيحاً من حيث محله وغايته ‪ ،‬إال اذا تناول الواقعة‬
‫محل االتهام واستمع إلى أقوال المتهم ‪ ،‬بحيث تتأكد عناصر الواقعة محل االتهام‬
‫بوضوح ويقين من حيث األفعال والزمان والمكان واألشخاص وأدلة الثبوت فإذا قصر‬
‫التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على الوجه الذى تحمل عليه‬
‫الواقعة وجوداً أو عدماً ‪ ،‬مما يؤدى إلى انهيار أدلة وقوعها أو نسبتها للمتهم ‪ ،‬كان‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫التحقيق معيباً ويكون قرار الجزاء المستند اليه باطالً خليقاً باإللغاء‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى ‪2021/5/22‬‬
‫أن ‪ " :‬القاعدة العامة فى شرعية الجزاء الواجبة االتباع سواء تم توقيع الجزاء إدارياً من‬
‫السلطة التأديبية الرئاسية بواسطة الرئيس اإلدارى أو تم توقيعه بواسطة مجلس تأديب‬
‫مختص أو تم توقيعه قضائياً بحكم من المحكمة التأديبية ‪ ،‬أن التحقيق هو وسيلة استبانة‬

‫الحقيقة وثبوت وجه الحق فيما ينسب إلى العامل من اتهام ومآخذ ‪ ،‬تحقيقاً مستكمالً‬
‫كافة األركان وشرائطه وضماناته ‪ ،‬ويكون لإلدارة مكنة الفصل على وجه شرعى وقانونى‬
‫فى االتهام المنسوب للعامل سواء بالبراءة أو اإلدانة ‪ ،‬وألجل ذلك فإن أى قرار أو حكم‬
‫بالجزاء يصدر بالمخالفة لضمانات التحقيق – مستنداً لغير تحقيق أو استناداً لتحقيق‬

‫ناقص وغير مستكمل األركان – يضحى غير مشروع ألن التحقيق ال يكون مستكمالً‬
‫أركانه من حيث محله وغايته إال إذا تناول الواقعة محل االتهام بالتحقيق بدقائق تفاصيلها‬
‫وحقيقة كنهها ‪ ،‬بحيث البد وأن تحدد عناصر الواقعة بوضوح ويقين من حيث األفعال‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2013/2/9‬الطعن رقم ‪19341‬لسنة ‪ 56‬قضائية ‪ .‬عليا‪.‬‬

‫‪735‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫والزمان والمكان واألشخاص وأدلة الثبوت وتحقيق أوجه دفاع المتهم ‪ ،‬فإذا قصر التحقيق‬
‫عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة ‪ ،‬والتى‬
‫تدور وجوداً وعدماً حول توفر أدلة وقوعها ونسبتها للعامل المحال ‪ ،‬فإن قرار الجزاء‬
‫الذى يستند لهذا التحقيق يكون معيباً فاسداً ال يصلح البناء عليه ‪ ،‬الفتقاده لضمانة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫تحقيق أوجه دفاع المتهم ودفوعه وسماع شهود إثبات ونفى الواقعة "‬
‫ونتناول وسائل اإلثبات فى التحقيق التأديبى ‪ ،‬وتقييم أدلة اإلثبات تباعاً فيما يلى ‪:‬‬

‫أوالً ‪ -‬وسائل اإلثبات فى التحقيق التأديبى‪:‬‬


‫سيعتمد كل تحقيق تقر ًيبا إلى حد ما على المستندات ‪ -‬ملفات الموظفين ورسائل البريد‬
‫اإللكترونى وتنظيم العمل وما إلى ذلك‪ .‬وسيتطلب من المحقق بعض التحقيقات لجمع‬
‫هذه األدلة وجمع أنواع أخرى من األدلة ‪.‬‬
‫ويقصد باإلثبات بصفة عامة الدليل والبرهان ‪،‬ويقصد به فى نطاق التحقيق التأديبى‬
‫إقامة الدليل على قيام المخالف بارتكاب المخالفة ‪،‬وذلك من خالل الوسائل المتعددة‬
‫التى يلجأ إليها المحقق ‪،‬وهى مايلى‪-:‬‬
‫‪ -1‬المعاينة ‪ -:‬ويقصد بها معاينة المكان الذى وقعت فيه المخالفة أو معاينة‬
‫المستندات محل المخالفة ‪.‬‬
‫‪ -2‬الخبرة ‪ -:‬ويقصد بها اللجوء للفنيين لإلطالع على المستندات أو غيرها إلبداء رأيهم‬
‫الفنى ‪ .‬مثال لذلك خبير الخطوط للتأكد من التزوير ‪ .‬والطبيب للتأكد من اإلصابة ‪،‬أو‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 2021/5/22‬الطعن رقم ‪ 96845‬لسنة ‪ 64‬قضائية عليا‬
‫‪ ،‬الدائرة الرابعة غير منشور ‪.‬‬

‫‪736‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫لتحديد ما إذا كان الطبيب الذى أجرى الكشف على المريض قد أرتكب خطأ ام ال ‪،‬وذلك‬
‫لتحديد المسئولية الطبية من عدمه ‪.‬‬
‫‪ -3‬الكتابة ‪ -:‬وهى المستندات وباقى األوراق التى تتعلق بالمخالفة التأديبية وهذه‬
‫المستندات تشمل ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬األوراق الرسمية وهى التى يحررها موظف عام بسبب وظيفته وهى تعتبر حجه بما‬
‫ورد بها واليجوز إهدار ما جاء بها إال بالطعن عليها بالتزوير ‪.‬‬
‫ب‪ -‬األوراق العرفية ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الوسائل والبرقيات – الدفاتر ‪.......‬الخ ‪.‬‬
‫‪ -4‬الشهادة ‪ -:‬و هى شهادة الشهود ‪ .‬ويراعى فيها مايلى ‪:‬‬
‫‪ -‬الشهود قد يكونوا شهود إثبات‪ ،‬و قد يكونوا شهود نفى ‪،‬فان وجد شهود لإلثبات تعين‬
‫تمكين المخالف أن يقدم شهود لنفى االتهام إن وجدوا ‪.‬‬
‫‪ -‬يتعين مواجهه المخالف بأقوال الشاهد ‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تدون فى المحضر شهادة الشهود فيطلب من كل شاهد أن يبين اسمه‬
‫ولقبه وسنه ومهنته وسكنه وعالقته بالمتهم‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تؤدى الشهادة دون إكراه الشاهد مادياً أو أدبياً‪.‬‬
‫‪ -‬يجب على المحقق أن يترك الشاهد يدلى بمعلوماته وال يقاطعه إال إذا تبين له عدم‬
‫اتصال ما يقوله بموضوع التحقيق‪.‬‬
‫‪ -‬بعد إدالء الشاهد بمعلوماته يقوم المحقق بمناقشته فيما أدلى به من أقوال ليتبين له‬
‫ما يكون قد شابها من غموض أو تناقض أو تعارض بينها وبين أقوال من تقدموه أو‬
‫بينها وبين ما هو ثابت باألوراق‪.‬‬
‫‪ -‬للمحقق مواجهة الشاهد بشاهد آخر أو بالمتهم في حالة تضارب أو اختالف األقوال‪.‬‬

‫‪737‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫‪ -‬تدون أقوال الشاهد في المحضر بغير كشط والتحشير وال يعتمد أى تصحيح أو‬
‫شطب إال إذا صدق عليه المحقق والكاتب إن وجد والشاهد‪.‬‬
‫‪ -‬على المحقق أال يحيط شاهداً علماً بما قاله شاهد آخر إال بعد أن يدلى بأقواله‪.‬‬
‫‪ -‬يجب على المحقق أال يق أر على الشاهد أقواله األولى أو يحيطه علماً بها إال إذا‬
‫اقتضت ظروف التحقيق ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬ال يجوز للمحقق سؤال الشاهد بناء على معلومات شخصية غير ثابتة في التحقيق‪.‬‬
‫‪ -‬على المحقق أن يحول بقدر اإلمكان دون اتصال المتهم بالشهود أثناء التحقيق وذلك‬
‫ضماناً لحسن سير التحقيق وعدم التأثير فيهم‪.‬‬
‫‪ -‬تسمع أقوال الشهود فى كل ما يتصل بالتحقيق دفعة واحدة بقدر اإلمكان حتى ال‬
‫يتكرر استدعاؤهم‪.‬‬
‫‪ -‬ال يسوغ للمحقق أن يبدي للشهود تشككه فيما يدلون به من أقوال أو أن يأتى بإشارات‬
‫أو مالحظات تؤثر في نفوسهم وتمنعهم من اإلدالء بأقوالهم التي كانوا يزمعون اإلدالء‬
‫بها‪.‬‬
‫‪ -‬عند االنتهاء من سماع الشهادة يتلو المحقق أقوال الشاهد ويجعله يوقع على أقواله‬
‫فإن رفض‪ ،‬ذكر ذلك فى المحضر مع بيان األسباب‪.‬‬
‫‪ -5‬القرائن ‪ -:‬والقرينة دليل من أدلة اإلثبات الجنائى والتأديبى قوامها افتراض تحقق‬
‫أمر معين من تحقق أمر آخر ‪ ،‬أى استنتاج غير مباشر لواقعة مجهولة من واقعة‬
‫معلومة استنتاجاً ضرورياً‪ ،‬والبد أن يكون هذا المستنتج هو الفرض الوحيد الذى يمكن‬
‫للواقعة المعلومة أن تفرزه دون غيره من االستنتاجات أو االحتماالت أو التأويالت وذلك‬
‫بحكم اللزوم العقلى‪ ،‬وترتيبا على ذلك فإن القرينة تكون ذات داللة قطعية ال ظنية‪،‬‬

‫‪738‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫فيصح أن تبنى عليها أحكام اإلدانة التى ال تبنى إال على الجزم واليقين دون الظن‬
‫والتخمين ‪.‬‬
‫‪ -6‬اإلعتراف ‪ -:‬اإلعتراف هو اإلقرار بارتكاب الذنب المسند فى قرار االتهام ‪ ،‬ومن‬
‫المسلمات القانونية أن االعتراف هو سيد األدلة باعتباره إق ار اًر صريحاً من الموظف العام‬
‫بارتكاب الذنب التأديبى بصورة واضحة ال تحتمل التأويل فى ارتكابه الذنب التأديبى‬
‫محل اإلقرار ‪.‬‬
‫واإلعتراف الذى ال يعول عليه هو ذلك الذى يثبت أن موقعه قد حرره فى حالة تفقده‬
‫إرادته واختياره أو تعطل قدرته على الفهم والتقدير واالختيار‪ ،‬كأن يصدر اإلعتراف‬
‫منه تحت ضغط إكراه يفقد اإلرادة وحرية االختيار ‪.‬‬
‫واالعتراف سواء فى المسائل التأديبية أو الجنائية من عناصر االستدالل‪ ،‬فتملك جهة‬
‫التحقيق األخذ باعتراف المتهم‪ ،‬سواء فى حق نفسه أو غيره من المتهمين فى أية مرحلة‬
‫من مراحل التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك‪ ،‬وكذا البحث فى صحة ما يدعيه فى اعترافه‪،‬‬
‫وتجزئته واألخذ بما تطمئن إليه متى تحققت أن هذا االعتراف سليم مما يشوبه‪ ،‬واطمأنت‬
‫إلى مطابقته للحقيقة والواقع ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬متى اعترف المتهم (المحال)‬
‫بصحة االتهام المنسوب إليه فى محضر ضبط الواقعة فإنه ال يجدى بعد ذلك أنه ينفى‬
‫االتهام فى التحقيق اإلدارى ‪ ...‬هذا االنكار ليس إال من قبيل دفع االتهام عن نفسه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫دون ما دليل ‪ ،‬ويشترط لصحة هذا االعتراف صدوره دون ضغط أو إك اره "‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1988/5/7‬الطعن رقم ‪3312‬لسنة ‪29‬ق ‪.‬‬

‫‪739‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫وقد درجت أحكام القضاء على أنه ال يجوز األخذ فى ثبوت المخالفة بأقوال متهم على‬
‫‪.‬‬
‫آخر‬
‫غير إن ما اشتهر من األخذ باعتراف متهم على آخر باعتبار أنه ال يصح فى حد‬
‫ذاته أن يكون دليالً عليه ليس بقاعدة قانونية واجبة اإلتباع على إطالقها ألن حجية‬
‫هذه األقوال مسألة تقديرية بحتة متروكة لرأى قاضى الموضوع وحده فله أن يأخذ بهذه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫األقوال ضد متهم آخر إذا اعتقد صدقه‪ ،‬وله أن يستبعده إذا لم يثق فى صحته "‬
‫وشروط صحة االعتراف هى ‪:‬‬
‫أ‪ -‬األهلية اإلجرائية للمعترف وتقوم على عنصرين‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون هذا الشخص متهماً بارتكاب الجريمة أو المخالفة التى يعترف بها‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتوافر لديه اإلدراك والتمييز وقت اإلدالء بهذا االعتراف ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلرادة الحرة ‪ :‬وتقتضي استبعاد كل وسائل التأثير المختلفة لحمل الموظف المتهم‬
‫على االعتراف مثل اإلكراه ‪ ،‬خداع المخالف ‪ ،‬الوعد‪.‬‬
‫ج‪ -‬الصراحة والوضوح ‪.‬‬
‫حجية االعتراف ‪ :‬تتمتع الجهة المختصة بالتأديب بسلطة تقديرية في تقدير قيمة‬
‫االعتراف ومن ثم األخذ به أو طرحه ‪ ،‬وهي ليست ملزمة فى حال اعتراف المتهم‬
‫بالتهمة المنسوبة إليه باستصدار قرار اإلدانة ‪ ،‬وإنما ينبغى عليها التحقق من توافر‬
‫شروط صحته‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم محكمة النقض ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1974/10/13‬مجموعة أحكام النقض ‪ ،‬س ‪ ، 25‬رقم ‪، 145‬‬
‫ص ‪.674‬‬

‫‪740‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫‪ -7‬جمع االستدالالت ‪ -:‬ويقصد بذلك جمع معلومات عن المخالفة والمخالف ولكنها‬
‫ال ترقى إلى درجة الدليل بل البد أن تؤيد بقرائن أخرى ‪.‬‬
‫‪ -8‬التفتيش ‪ :‬إن كان له مبرر و هنا يكون التفتيش لدوالب و درج المخالف في مقر‬
‫العمل ‪.‬‬
‫‪ -9‬االستجواب ‪ -:‬وهو استجواب المتهم فيما هو منسوب إليه ‪.‬‬
‫‪ -10‬اإلقرار ‪ -:‬وهو إقرار المخالف بارتكاب المخالفة ‪.‬‬
‫‪ -11‬حجية األمر المقضى به ‪ -:‬وهى أن األحكام النهائية الصادرة من القضاء تعتبر‬
‫عنوان الحقيقية ‪ ،‬وال يجوز مخالفة ما جاء بها ‪ .‬ومثال ذلك أنه إذا أدين المخالف جنائيا‬
‫فى جريمة تزوير ‪ ،‬فان واقعة التزوير تكون ثابتة فى حقه عند التحقيق معه لتحديد‬
‫مسؤليته التأديبية ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ -‬تقييم األدلة ‪:‬‬


‫من المبادئ األساسية العقابية سواء كانت جنائية أم تأديبية وجوب الثبوت اليقينى لوقوع‬
‫الفعل المؤثم وأن يقوم ذلك على توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة جهة التحقيق ويقينها فى‬
‫ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه وال يسوغ قانوناً أن تقوم األدلة على أدلة مشكوك فى‬
‫صحتها أو داللتها وإال كانت تلك األدلة مزعومة األساس متناقضة المضمون ‪ -‬أساس‬
‫ذلك ‪ :‬القاعدة التى قررها الدستور من األصل هو أن البراءة ما لم تثبت إدانة المتهم‬
‫فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه عن أفعال محددة ‪ -‬إذا‬
‫شاب الشك وقوع الفعل أو نسبته إلى متهم معين يفسر الشك لصالحه وحمل أمره على‬
‫األصل الطبيعى وهو البراءة ‪.‬‬

‫‪741‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫تحديا فى العديد من التحقيقات ‪ -‬خاص ًة إذا اختلف الشهود أو‬
‫ً‬ ‫فيتمثل الجزء األكثر‬
‫تناقضوا مع بعضهم البعض ‪ -‬فى اكتشاف ما حدث بالفعل‪.‬‬
‫هناك بعض األساليب التى أثبتت جدواها لتقرير أين تكمن الحقيقة وهى األساليب التى‬
‫جميعا فى حياتنا اليومية للوصول إلى جوهر األشياء‪.‬‬
‫ً‬ ‫نستخدمها‬
‫سترغب فى التفكير ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬من هو صاحب القصة األكثر منطقية ‪ ،‬ومن‬
‫دافعا لخداعك‪ .‬وفى بعض المواقف ‪ ،‬قد‬
‫إقناعا ‪ ،‬ومن لديه (إن وجد) ً‬
‫ً‬ ‫كان سلوكه أكثر‬
‫تضطر فقط إلى رفع يديك واالعتراف بأنه ليس لديك معلومات كافية لتقرير ما حدث‬
‫بالفعل‪.‬‬
‫وإذا تعارض دليل البراءة مع دليل اإلدانة ‪ -‬وجوب ترجيع دليل البراءة ألن األصل فى‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫اإلنسان البراءة‬
‫ذلك أن األحكام تأديبية أو جنائية يجب أن تقوم على القطع واليقين وليس على الشك‬
‫والتخمين واالحتمال وإذا تطرق االحتمال إلى الدليل سقط به االستدالل ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه ‪ " :‬أدلة اإلدانة – يجب أن تكون‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫قطعية ويقينية – الدليل إذا تطرق إليه الشك تعين طرحه "‬
‫كما قضت أنه ‪ " :‬األحكام التأديبية – يجب أن تبنى على القطع واليقين – العلى‬
‫الظن والتخمين – ويجب أن يقدم دليل صحيح من األوراق يثبت ارتكاب العامل المخالفة‬
‫المنسوبة إليه – ال يصح ألحد أن يصطنع دليال ًً لنفسه – وال يجوز إقامة الحكم بناء‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1997/7/26‬الطعن رقم ‪2167‬لسنة ‪ 43‬قضائية ‪ .‬عليا‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1997/5/10‬الطعنين رقمى ‪ 5706 ، 5678‬لسنة‬
‫‪42‬ق‪.‬‬

‫‪742‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫عليه ما لم يتأيد بأدلة وقرائن أحوال أخرى تثبت مسئولية العامل عن المخالفة المنسوبة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫إليه"‬
‫كما قضت بأن ‪ " :‬األصل فى اإلنسان البراءة – ال يجوز للمحكمة أن تستند إلى إدعاء‬
‫لم يتم تمحيص مدى صحته فى إسناد االتهام إلى المتهم – أساس ذلك ‪ :‬أن تقرير‬
‫اإلدانة يجب أن يبنى على القطع واليقين وهو ما ال يكفى فى شأنه مجرد ادعاء لم‬
‫يسانده أو يؤازره ما يدعيه ويرفعه إلى مستوى الحقيقة المستفاده من الواقع النطق بقيامها‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫المفصح عن تحققها"‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1997/1/4‬الطعن رقم ‪ 1284‬لسنة ‪ 41‬ق ‪.‬‬
‫ويراجع أيضاً الطعون أرقام ‪ 355 ، 348 ، 345 ، 69‬لسنة ‪ 42‬ق ‪ ،‬جلسة ‪ 1997/2/15‬؛ والطعن‬
‫رقم ‪ 2500‬لسنة ‪ 42‬ق ‪ ،‬جلسة ‪ 1997/7/5‬؛ والطعن رقم ‪ 41‬لسنة ‪ 38‬ق ‪ ،‬جلسة ‪.1997/5/10‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ ، 1997/7/5‬الطعن رقم ‪1747‬لسنة ‪ 40‬ق ‪.‬‬

‫‪743‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫اخلامتة ‪:‬‬
‫بعون هللا ‪ ،‬وتوفيقه وصلنا إلى ختام بحثنا ‪ ،‬والذى تناول موضوع أصول وفنون إدارة‬
‫جلسات التحقيق اإلدارى الداخلى فى الجهة اإلدارية ‪ ،‬وقد قمنا بتقسيم هذا البحث إلى‬
‫ثالثة مباحث تناولنا فى المبحث األول مهارات وسلطات المحقق اإلدارى إلدارة الجلسة‬
‫التحقيقية والذى قسمناه إللى مطلبين تناولنا مهارات وصفات المحقق اإلدارى الالزمة‬
‫إلدارة الجلسة التحقيقية فى مطلب أول ‪ ،‬ثم تناولنا سلطات المحقق اإلدارى أثناء مباشرة‬
‫التحقيق فى مطلب ثان ‪.‬‬

‫ثم انتقلنا إلى المبحث الثانى وتناولنا الضمانات اإلجرائية والموضوعية للموظف أثناء‬
‫جلسات التحقيق ‪ ،‬وتناولنا الضمانات اإلجرائية للموظف فى التحقيق فى مطلب أول ‪،‬‬
‫ثم تناولنا الضمانات الموضوعية للموظف أثناء التحقيق فى مطلب ثان ‪.‬‬

‫ثم انتقلنا إلى المبحث الثالث وتناولنا فن إدارة جلسات التحقيق اإلدارى والتحرى عن‬
‫المخالفات التأديبية ‪ ،‬وتناولنا لفن إدارة جلسات التحقيق فى مطلب أول ‪ ،‬ثم تناولنا‬
‫وسائل البحث والتحرى عن المخالفات اإلدارية فى التحقيق اإلدارى فى مطلب ثان ‪.‬‬

‫وقد رأينا من خالل هذا البحث أن الهدف من التحقيق هو استجالء الحقيقة فيما يتعلق‬
‫بصحة الوقائع ونسبتها إلى فاعلها وال يتحقق هذا الهدف إال بالفحص الموضوعى‬
‫والتقصى المحايد للحقائق وأركان التحقيق ال تستكمل إال بتناول الواقعة محل االتهام‬
‫وتحديد عناصرها بوضوح ويقين كما أن التقصير فى استيفاء عناصرها من شأنه تجهيل‬
‫الواقعة وعدم التيقن من نسبتها إلى المتهم مما يجعل التحقيق الذى يجرى مشوبا بأى‬
‫من تلك العيوب ال تصلح أساس لقرار الجزاء ‪.‬‬

‫‪744‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫وأوضحنا أن ضمانات التأديب تهدف إلى إظهار الحقيقة وحماية المصلحة العامة ‪،‬‬
‫وذلك فضالً عن مراعاة انسانية الموظف العام وتحقيق العدالة ‪ ،‬فأساسها العام هو‬
‫مراعاة قواعد العدالة واإلنصاف ‪ ،‬وتأتى ضمانة الدفاع على رأس كافة الضمانات‬
‫باعتبارها النواة التى تتشكل وتتفرع منها الضمانات األخرى والى ال يمكن كفالتها دون‬
‫كفالة حق الدفاع ‪.‬‬
‫ويالحظ أن المشرع والقضاء اإلدارى قد أسهما بدور بالغ األهمية فى محاولة عدم‬
‫استخدام التأديب كوسيلة لتهديد الموظف العام أو لمحاولة ارهابه من جانب رؤسائه أو‬
‫من جانب سلطات التأديب ‪ ،‬بقدر محاولتهما استعمال التأديب لحماية الوظيفة العامة‬
‫ذاتها ‪ ،‬ولذلك كفل المشرع والقضاء اإلدارى للموظف العام ضمانات تأديبية عديدة فى‬
‫جميع مراحل المساءلة التأديبية وذلك لمحاولة جعل التأديب يقتصر على وسيلته وهدفه‬
‫العقابى للموظف المخطىء حقيقة وكذلك لتحقيق استم اررية المرفق العام بانتظام‬
‫واضطراد ‪ ،‬عن طريق معاقبة المخطىء الفعلى الحقيقى ‪ ،‬وحماية الموظف العام فى‬
‫آن ‪.‬‬
‫وقد الحظنا أن الجزاء اإلدارى ال يستهدف االنتقام أو القصاص ‪ ،‬وإنما يستهدف بالدرجة‬
‫األولى تقويم ما اعوج من سلوك المخالف وجعله صالحاً على وجه الدوام لتقلد الوظيفة‬
‫التى يشغلها ‪ ،‬وبذلك تتحقق الموازنة بين مبدأ مكافأة الملتزم المجد ومبدأ معاقبة المخالف‬
‫المتكاسل ‪ ،‬وغايته النهائية تنحصر فى محاسبة الموظف عن أخطائه ‪ ،‬لذلك فهو يناله‬
‫فى أوضاعه الوظيفية دون سواها ‪.‬‬
‫فلئن كان بيد السلطة المختصة بتوقيع الجزاء مالءمة تقديره ومالءمة مناسبته لما وقر‬
‫فى يقينها من ثبوت المخالفة فى جانب الموظف المخالف‪ ،‬بيد أن هذا التقدير ليس‬

‫‪745‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫بمطلق وإنما يجد حده فى أال يأتى الجزاء مشوباً بالغلو تهويالً أو تهويناً‪ ،‬فالجزاء األوفى‬
‫هو الجزاء العادل الذى به يرتدع المخالف ويقر فى وجدانه بعدالة مجازاته‪.‬‬
‫وانتهينا إلى أنه يتعين االهتمام بإعداد كوادر من المحققين اإلداريين التى تمتلك‬
‫قدرات فنية عالية فى إجراء التحقيقات اإلدارية‪ ،‬وتدريبهم على كيفية مواجهة الموظف‬
‫المخالف بالتهم المنسوبة إليه فى إطار من المواءمة بين الضمانات التى تكفل الحيدة‬
‫لصالح الحقيقة‪ ،‬وحماية حق الدفاع للموظف العام ‪.‬‬
‫وتبرز أهمية استعانة السلطات المختصة بالتقنيات الحديثة فى الكشف عن جرائم الفساد‬
‫المالى واإلدارى سواء أثناء اإلعداد والتحضير والشروع فى ارتكابها‪ ،‬أو ضبطها حال‬
‫وقوعها‪ ،‬أو بعد ارتكابها‪ ،‬وذلك سواء من خالل المراقبات الهاتفية أو التسجيالت‬
‫الصوتية أو الصوتية والمرئية فى إطار من الشرعية القانونية‪.‬‬
‫تم بحمد هللا ‪ ،‬وتوفيقه ‪،‬وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‬

‫‪746‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫قائمة املراجع‬
‫أوالً ‪ -:‬المراجع باللغة العربية‬
‫القرآن الكريم‬
‫الدستور المصرى‬
‫(أ) المؤلفات العامة ‪:‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوى ‪ ،‬القضاء اإلدارى ( الكتاب الثالث – قضاء التأديب ) ‪،‬القسم‬
‫األول ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬دار الفكر العربى ‪.1987 ،‬‬
‫د‪ .‬محمود أبو السعود ‪ ،‬القضاء اإلدارى " قضاء التأديب " ‪ ،‬اإليمان للطباعة ‪ ،‬بدون‬
‫تاريخ نشر ‪ ،‬ص ‪. 226‬‬
‫د‪ .‬محمود صالح العادلى ‪ ،‬النظرية العامة لحقوق الدفاع أمام القضاء الجنائى ‪ ،‬دار‬
‫الفكر الجامعى طبعة ‪. 2005‬‬
‫د‪ .‬محمود محمود مصطفى ‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬‬
‫طبعة ‪.1988‬‬
‫د‪ .‬مجدى حبشى ‪ ،‬ضمانات المتهم فى ظل قانون اإلجراءات الجنائية الفرنسى الجديد‬
‫‪ ،‬دار النهضة العربية ‪. 2001 ،‬‬
‫(ب) المؤلفات المتخصصة ‪:‬‬
‫د‪ .‬أحمد فتحى سرور ‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات العامة ‪ ،‬دار الشروق ‪،‬‬
‫طبعة ‪. 1999‬‬
‫د‪ .‬السيد محمد إبراهيم ‪ ،‬شرح نظام العاملين المدنيين بالدولة ‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬طبعة‬
‫‪. 1966‬‬

‫‪747‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫د‪ .‬أنور أحمد رسالن ‪ ،‬التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ‪. 2003 ،‬‬
‫د‪ .‬ثروت عبدالعال أحمد ‪ ،‬إجراءات المساءلة التأديبية وضمانتها ألعضاء هيئة‬
‫الدريس بالجامعات ‪ ،‬أسيوط ‪ ،‬دار النشر والتوزيع ‪ ،‬طبعة ‪.1965‬‬
‫د‪ .‬حسن صادق المرصفاوى ‪ ،‬المرصفاوى فى المحقق الجنائى ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،‬‬
‫منشأة المعارف ‪.1990 ،‬‬
‫د‪ .‬حمدى أمين عبدالهادى ‪ :‬إدارة شئون موظفى الدولة أصولها وأساليبها ‪ ،‬طبعة‬
‫‪.1982‬‬
‫د ‪ .‬رمضان محمد بطيخ ‪ ،‬المسئولية التأديبية لعمال الحكومة والقطاع العام وقطاع‬
‫وقضاء ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬طبعة ‪. 1999‬‬
‫ً‬ ‫األعمال فقهاً‬
‫د‪ .‬سامى الطوخى ‪ ،‬اإلتجاهات العالمية فى التحقيقات اإلدارية (دراسة مقارنة ) ‪،‬‬
‫أكاديمية السادات للعلوم اإلدارية ‪. 2014 ،‬‬
‫د‪ .‬سعد الشيتوى ‪ ،‬التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ‪ ،‬األسكندرية ‪ ،‬دار الفكر‬
‫الجامعى ‪. 2013 ،‬‬
‫د‪ .‬سعد نواف العنزى ‪ ،‬الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ‪ ،‬دار‬
‫المطبوعات الجامعية ‪ ،‬األسكندرية ‪. 2007 ،‬‬
‫د‪ .‬سمير عبدهللا سعد ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ( مبادىء التأديب – الوثائق ) ‪ ،‬منشأة المعارف‬
‫باألسكندرية ‪. 2014 ،‬‬
‫د‪ .‬عبدالحميد الشواربى ‪ ،‬اإلثبات الجنائى ‪ ،‬منشأة المعارف ‪.1988 ،‬‬
‫د‪ .‬عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ‪ :‬إجراءات تأديب الموظف العام ‪ ،‬المركز القومى‬
‫لإلصدارات القانونية ‪ ،‬طبعة ‪ 2008‬؛ الموسوعة اإلدارية الشاملة فى إلغاء القرار‬

‫‪748‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫اإلدارى وتأديب الموظف العام ‪ ،‬الجزء الثالث ‪ ،‬دار محمود للنشر والتوزيع ‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ، 2008‬ص ‪. 106‬‬
‫د‪ .‬عبدالفتاح بيومى حجازى ‪ :‬أصول التحقيق اإلبتدائى أمام النيابة اإلدارية ‪ ،‬المركز‬
‫القومى لإلصدارات القانونية ‪ ،‬طبعة ‪ 2011‬؛ أصول التحقيق اإلبتدائى أمام النيابة‬
‫اإلدارية ‪ ،‬دراسة متعمقة فى التأديب ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بدون‬
‫تاريخ نشر ‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالفتاح حسن ‪ ،‬التأديب فى الوظيفة العامة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪. 1964 ،‬‬
‫د‪ .‬عالء محمد الصاوى سالم ‪ ،‬حق المتهم فى محاكمة عادلة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬‬
‫‪. 2001‬‬
‫د‪ .‬ماهر عبدالهادى ‪ ،‬الشرعية اإلجرائية فى التأديب ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.1986 ،‬‬
‫د‪ .‬مجدى مدحت ابراهيم النهرى ‪ ،‬قواعد وإجراءات تأديب الموظف العام ‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية ‪. 1997 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد باهى أبو يونس ‪ ،‬الرقابة القضائية على شرعية الجزاءات اإلدارية ‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة ‪.2001 ،‬‬
‫أ ‪ .‬محمد رشوان أحمد ‪ ،‬أ‪ .‬إبراهيم عباس منصور ‪ ،‬اإلجراءات التأديبية للعاملين‬
‫المدنيين بالحكومة والقطاع العام ‪ ،‬مطبعة الرسالة ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1969‬ص ‪ 62‬وما بعدها‬
‫‪.‬‬
‫د‪ .‬محمد عصفور ‪ ،‬التأديب والعقاب ‪ ،‬القضاء اإلدارى ‪ ،‬طبعة ‪. 1979‬‬
‫د‪ .‬محمد فتوح محمد عثمان ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬‬
‫بدون تاريخ نشر‪.‬‬

‫‪749‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫اللواء دكتور ‪ /‬محمد ماجد ياقوت ‪ ،‬شرح القانون التأديبى للوظيفة العامة ‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة ‪ ،‬طبعة ‪. 2009‬‬
‫المستشار الدكتور ‪ /‬محمد ماهر أبو العينين ‪ ،‬قضاء التأديب فى الوظيفة العامة والدفوع‬
‫التأديبية ‪ ،‬دار المجد للطباعة ‪ ،‬الطبعة الخامسة عشر ‪ ،‬طبعة ‪.2012/2011‬‬
‫أ‪ .‬محمود صالح ‪ ،‬شرح قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ‪ ،‬األسكندرية ‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1997‬الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫اللواء‪ /‬محمود عبدالرحيم وآخرون ‪ ،‬التحقيق الجنائى العملى والفنى والتطبيقى ‪ ،‬كلية‬
‫الشرطة ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ، 1963 ،‬دار الطباعة القومية‪.‬‬
‫د‪ .‬مدحت رمضان ‪ ،‬تدعيم قرينة البراءة فى مرحلة جمع االستدالالت ‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية ‪. 2001 ،‬‬
‫د‪ .‬مليكة الصروخ ‪ ،‬سلطة التأديب فى الوظيفة العامة بين اإلدارة والقضاء ‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة ‪ ،‬مطبعة الجبالوى ‪ ،‬طبعة ‪.1983‬‬
‫المستشار‪ /‬ممدوح طنطاوى ‪ ،‬األدلة التأديبية ‪ ،‬مطبعة االنتصار ‪ ،‬الطبعة األولى ‪،‬‬
‫‪. 2000‬‬
‫د‪ .‬نبيل عبدالمنعم جاد ‪ ،‬أسس التحقيق الجنائى العملى ‪ ،‬مطبعة كلية الشرطة ‪.1992 ،‬‬
‫(ج) رسائل الدكتوراه ‪:‬‬
‫د‪ .‬أمانى عمر حلمى فهمى ‪ ،‬النيابة اإلدارية ودورها فى مباشرة اإلجراءات التأديبية ‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه ‪ ،‬حقوق عين شمس ‪. 2006 ،‬‬
‫د‪ .‬ثروة محمود عوض محجوب ‪ ،‬التحقيق اإلدارى ودور النيابة اإلدارية فيه ‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس ‪.1994 ،‬‬

‫‪750‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫‪ – 8‬أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫د‪ .‬عبدالفتاح عبدالحليم عبدالبر ‪،‬الضمانات التأديبية فى الوظيفة العامة ‪ ،‬رسالة دكتوراه‬
‫‪ ،‬كلية الحقوق جامعة القاهرة ‪. 1978 ،‬‬
‫د‪ .‬عمرو فؤاد بركات ‪ ،‬السلطة التأديبية (دراسة مقارنة ) ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫جامعة عين شمس ‪. 1979 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد جودت الملط ‪ ،‬المسئولية التأديبية للموظف العام ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق جامعة القاهرة ‪. 1967 ،‬‬
‫المستشار الدكتور‪ /‬مغاورى محمد شاهين ‪ ،‬المساءلة التأديبية ‪ ،‬عالم الكتب ‪ ،‬طبعة‬
‫‪. 1974‬‬
‫د‪ .‬يسرى لبيب حبيب ‪ ،‬نظرية الخطأ التأديبى ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة‬
‫القاهرة ‪. 1990 ،‬‬
‫د‪ .‬يوسف إسماعيل محمد إسماعيل ‪ ،‬الحماية القانونية للموظف العام فى مرحلتى‬
‫التحقيق والمحاكمة ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس ‪. 2018 ،‬‬
‫(ه) األبحاث والمقاالت ‪:‬‬
‫د‪ .‬عادل الطبطائى ‪ ،‬واجب التحفظ فى سلوكه العام ‪ ،‬مجلة الحقوق ‪ ،‬جامعة الكويت‬
‫‪ ،‬السنة العاشرة ‪ ،‬العدد الرابع ‪ ،‬ديسمبر‪. 1986‬‬
‫د‪ .‬عادل عبدالعزيز السن ‪ ،‬ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ‪ ،‬التحقيق‬
‫اإلدارى ( كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ‪ ،‬الشارقة – دولة اإلمارات‬
‫العربية المتحدة ‪ 5 -3‬مايو ‪. 2011‬‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح حسن‪ :‬السلطة المختصة بتأديب العاملين المدنيين فى التشريع المقارن‬
‫والتشريع المصرى‪ ،‬بحث منشور بمجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬العدد (‪ ، )1‬السنة السابعة‪،‬‬
‫‪.1965‬‬

‫‪751‬‬
‫مجلة روح ألقوأيين ‪ -‬ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو ‪2021‬‬
‫د‪ .‬نعيم عطية ‪ ،‬موانع الترقية ‪ ،‬بحث منشور بمجلة إدارة قضايا الحكومة ‪ ،‬س ‪، 15‬‬
‫عدد ‪ 3‬سبتمبر عام ‪. 1971‬‬
‫أ‪ .‬محمود خذرى ‪ ،‬الحصانة البرلمانية مفاهيم وممارسات ‪ ،‬مجلة الوسيط ‪ ،‬الجزائر ‪،‬‬
‫العدد رقم ‪ ، 9‬عام ‪. 2012‬‬

‫‪752‬‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫حق‬‫لت‬
‫ – أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية‬8
‫إ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ المراجع باللغة الفرنسية‬-: ‫ثانيا‬
( I ) OUVRAGES GÉNÉRAUX
-Guy Braibant, Pierre Delvolvé, Bruno Genevois, Marceau Long,
Prosper Weil ; Les grands arrêts de la jurisprudence
administrative, Dalloz , 2003.
-Jean-Marie Auby et Robert Ducos Ader: droit administrative ,
Dalloz, 1977.
-Peiser, Droit administrative. Paris. 1971.
-Robert (j.) , Les sanction administrative, 1990.
(II) OUVRAGES SPÉCIAUX
-E. Aubin . Droit de la function publique. Paris. Gualino. 2001.
-JEAN- MARIE AUBY, Droit de la function publique edition ,
Dalloze , 1991.
-Lachaume (J.F), la function publique , Dalloz, 1998 .
-Robert Catherine, le fonctionnaire Française, 1973.
-Planty (alain) , traite pratique de la function publique , 2ed,
1963.
-Serge salon, Délinquance et repression disciplinaire dans la
function publique, 1969.

753
2021 ‫ ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو‬- ‫مجلة روح ألقوأيين‬
-STEPAN.La protection des droit de la defense des accuses et
con- damnes dans la procedure penale Tchecoslovaque. Rev.
Inter, dr.penal, 1966 .
(III) THÈSES
-ISAAC.G, La procedure administrative non conrentieuse, Thèse,
1966 .
(IV) ARTICLES
-Genevois (B) un statut constitutionnel pout les eetrangers.
R.F.D.A 1993.
(V) NOTES, OBSERVATIONS ET CONCLUSIONS
-C . E, 20 Juin 1913 Tery, Rec. p. 736, concl. Comeille .
-C . E . 5 Mai 1944, Dame trompier- Gravier, Rec. p. 133.,
R.D.P. 1944, concl. Chenot, not Jèze, p. 256 et s.

754

You might also like