Professional Documents
Culture Documents
LAS Volume 33 Issue 95 Pages 535-754
LAS Volume 33 Issue 95 Pages 535-754
537
2021 ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو- مجلة روح ألقوأيين
Summary
Key words :
538
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
المقدمة :
تحتل الوظيفة العامة فى الدولة مكانة كبيرة ،فالوظيفة العامة هى وعاء السلطة العامة
،وأن قدر الدولة يساوى قدر الموظف العام ألنه رأسها المفكر وساعدها المدبر وعاملها
المنفذ ،وألهمية الوظيفة العامة والموظف العام فإن عالقته بالدولة البد أن يتم تنظيمها
على أسس وقواعد قانونية تكفل حسن األداء وتحقيق الصالح العام .
والموظف فى مواجهة اإلدارة له وضع قانونى وتنظيمى ،وال يستقيم األمر أن يترك كل
موظف لرقابته الداخلية وفقط ،إذا صلح ضميره ،صلح عمله ،وإذا فسد ،فسد عمله.
والمخالفة التأديبية هى كل فعل ايجابى أو سلبى ينطوى على اإلخالل بواجبات الوظيفة
المنوطة بالموظف العام وذلك بمخالفته أحكام القوانين أو اللوائح أو التعليمات اإلدارية،
وكذلك اإلخالل بمقتضياتها بأن يطأ الموظف مواطن الزلل ويحوم حول الشبهات ،بما
تضيع معه الثقة التى البد من توافرها فى الوظيفة العامة والموظف العام معاً .
ورغم أن تأديب المرؤوس يكاد يكون من أهم حقوق واختصاصات الرئيس اإلدارى فى
كل تنظيم إدارى سليم ألن مسئولية الرئيس اإلدارى تتطلب تسليحه بسلطة تأديب موظفيه
ومعاقبتهم عند إخاللهم بإلتزاماتهم الوظيفية حتى يتسنى له إصدار اوامره والسهر على
تنفيذها ،إال أن تعسف الرؤساء وجنوحهم عن الغاية والهدف من إعطائهم هذه السلطة
جعل من الضرورى وجود نظام متوازن يشمل القواعد واإلجراءات واألحكام التى تبين
لموظفى الدولة الواجبات والمحظورات وتحدد الجزاءات التى توقع عليهم بمعرفة السلطة
()1
. التأديبية المختصة وفق إجراءات معينة
( (1د .حمدى أمين عبدالهادى ،إدارة شئون موظفى الدولة أصولها وأساليبها ،طبعة ، 1982ص
.225
539
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
والسلطة المختصة بالتأديب رغم أنها تتمتع بسلطة تقديرية واسعة فى سلطة فرض
العقاب على الموظف المنسوب إليه الخطأ التأديبى إال أن ذلك ال يفهم منه أنها سلطة
تحكمية همجية ،بل على العكس من ذلك فهى محكومة ومضبوطة بقواعد وإجراءات
وضمانات إجرائية وضمانات موضوعية ،حماية لحقوق الموظف المحال للتحقيق منعاً
من تعسف اإلدارة فى استعمال سلطتها التأديبية الرئاسية .
ويذكر األستاذان Robert Ducos Ader ، Jean-Marie Aubyأن القانون
التأديبى يعطى من جهة كل الفاعلية للسلطة الرئاسية ،ومن جهة أخرى فإنها تستبعد
كل تحكم أو استبداد من جانبها عن طريق تحقيق الضمان للموظفين بشموله على
))1
. بعض الضمانات األساسية
وليس من شك أن الوازع الدينى وتقديس الواجب ،هو وحده الذى يصل بالعاملين إلى
المرتبة التى نتمناها ! وهو الذى يجعل حاكماً كعمر :ال سلطان ألحد من البشر عليه
:يعس بالليل ،ويخدم بنفسه المرضى والعاجزين ومن تغيب ذووهم فى الحرب ،ويحيا
حياة عامة المسلمين ليكابد ما يكابدونه ،وشعاره فى ذلك " كيف يعنينى أمر الرعية إذا
لم يصبنى ما أصابها ؟ !! ،فالدين وتقديس الواجب هو الذى يجعل عمال اإلدارة يؤدون
واجبهم وهم سعداء ،ال لمجرد الحصول على ما تغله الوظيفة العامة من مزايا مادية
وأدبية !! إن جميع أجهزة الرقابة وأساليبها تعجز عن مالحقة العامل فى حياته العامة
والخاصة .وأساليب الحياة المعاصرة – نظ اًر لظروف التطور التى يمر بها المجتمع –
تحيط العاملين بكافة صنوف المغريات التى يعجز الكثيرون عن مقاومة آثارها .ولكن
540
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
التربية الدينية واألخالقية السليمة هى الدرع الحصين الذى يقى الموظف ويحصنه ضد
كل إغراء (.)1
وفى مرحلة التحقيق يتم التثبت من وقوع المخالفة التأديبية ونسبتها إلى الموظف العام
وجمع األدلة الكافية إلدانته ،بهدف الوصول إلى الحقيقة وإماطة اللثام عنها .
ومن خالل التحقيق تتمكن اإلدارة من الوقوف على الحقيقة كما هى ،لتأتى ق ارراتها
عادلة دقيقة الستنادها إلى معلومات صحيحة صادقة ال إلى مجرد تكهنات ،قد تصيب
وقد تخطىء ،ومن ثم فان ذلك يخلع على عمل االدارة طابع اإلنصاف والعدالة ال
الظلم واإلجحاف ،وفى ذلك ضمانة مهمة للموظفين تقيهم من المساءلة التأديبية القائمة
على التجنى أو التسرع .
إن التحقيق هو وسيلة استبانة الحقيقة وثبوت وجه الحق فيما ينسب إلى الموظف من اتهام
ومآخذ ،ويجب أن يكون تحقيقاً مستكمالً كافة األركان وشرائطه وضماناته ،ويكون لإلدارة
مكنة الفصل على وجه شرعى وقانونى فى اإلتهام المنسوب للموظف سواء بالبراءة أو اإلدانة
،وألجل ذلك فإن أى قرار أو حكم بالجزاء يصدر بالمخالفة لضمانات التحقيق – مستنداً لغير
تحقيق أو استناداً لتحقيق ناقص وغير مستكمل األركان – يضحى غير مشروع ألن التحقيق
ال يكون مستكمالً أركانه من حيث محله وغايته إال إذا تناول الواقعة محل االتهام بالتحقيق
بدقائق تفاصيلها وحقيقة كنهها ،بحيث البد وأن تحدد عناصر الواقعة بوضوح ويقين من حيث
األف عال والزمان والمكان واألشخاص وأدلة الثبوت وتحقيق أوجه دفاع المتهم ،فإذا قصر
التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة ،والتى
تدور وجوداً وعدماً حول توفر أدلة وقوعها ونسبتها للموظف المحال ،فإن قرار الجزاء الذى
( )1د .سليمان محمد الطماوى ،القضاء اإلدارى ( الكتاب الثالث – قضاء التأديب ) ،القسم األول ،
دراسة مقارنة ،دار الفكر العربى ، 1987 ،ص .43
541
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
يستند لهذا التحقيق يكون معيباً فاسداً ال يصلح البناء عليه ،الفتقاده لضمانة تحقيق أوجه
()1
. دفاع المتهم ودفوعه وسماع شهود إثبات ونفى الواقعة "
ويروم هذا البحث فى بيان اإلطار القانونى الناظم إلدارة جلسات التحقيق اإلدارى بمعرفة الجهة
اإلدارية ،والمالحظ أن المشرع لم يضع تنظيماً متكامالً إلدارة جلسات التحقيق اإلدارى ،ال
سيما حينما تتواله الجهة اإلدارية .
خطة البحث-:
انتظمت خطة هذا البحث فى مقدمة ،وثالثة مباحث ،وخاتمة ،على النحو التالى :
المقدمة-:
المبحث األول :مهارات وسلطات المحقق اإلدارى إلدارة الجلسة التحقيقية .
المطلب األول :مهارات وصفات المحقق اإلدارى الالزمة إلدارة الجلسة التحقيقية .
المطلب الثانى :سلطات المحقق اإلدارى أثناء مباشرة التحقيق .
المبحث الثانى :الضمانات اإلجرائية والموضوعية للموظف أثناء جلسات التحقيق .
المطلب األول :الضمانات اإلجرائية للموظف فى التحقيق .
المطلب الثانى :الضمانات الموضوعية للموظف أثناء التحقيق .
المبحث الثالث :فن إدارة جلسات التحقيق اإلدارى والتحرى عن المخالفات التأديبية.
المطلب األول :فن إدارة جلسات التحقيق .
المطلب الثانى :وسائل البحث والتحرى عن المخالفات اإلدارية فى التحقيق اإلدارى .
الخاتمة .
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 2021/5/22الطعن رقم 96845لسنة 64قضائية عليا
،الدائرة الرابعة غير منشور .
542
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
املبحث األول
( ) 1د .نبيل عبدالمنعم جاد ،أسس التحقيق الجنائى العملى ،مطبعة كلية الشرطة ، 1992 ،ص
. 29
( )2د .حسن صادق المرصفاوى ،المرصفاوى فى المحقق الجنائى ،الطبعة الثانية ، 1990منشأة
المعارف ،ص . 5
543
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
املطلب األول
ينبغى أن يتوافر فى المحقق اإلدارى العديد من الصفات ألجل ضمان سالمة إجراءات
التحقيق ،ولذلك فإن التزام اإلدارة باختيار أفضل العناصر لشغل وظيفة المحقق هو
التزام تفرضه طبيعة تلك المهمة واتصالها بشريحة كبيرة من الموظفين ،فلم يعد من
المقبول أن يباشر التحقيق مع الموظف المتهم محقق غير كفء ال يجيد أبجديات
التحقيق وأصوله ،فيجب أن يمارس التحقيق التأديبى محقق كفء قد قطع شوطاً كبي اًر
()1
. فى الممارسة العملية ،وتوافرت لديه الخبرة الكافية فى مباشرة التحقيق التأديبى
ومن ثم يجب أن يتوافر فى محقق الجهة اإلدارية مجموعة من الصفات والمها ارت ،
التى هى فى الحقيقة رأس ماله فى عمله الشاق والدقيق والعظيم فى األهمية ونتناولها
كالتالى :
ً
أوال -:احلياد .
نظ اًر لقيام الذنب اإلدارى على األدلة والشواهد المستقاة من التحقيق ،فإنه يعد هو
األساس فى قرار العقاب ولذلك يكون من المتعين أن يتواله متخصص على خبرة وتأهيل
كاف تتوافر لديه عناصر الحيدة واألمانة ،واستهداف الحق بعيداً عن أى مظهر من
مظاهر التحيز أو التحامل ،فال يجوز للمحقق أن يعمد إلى التأثير فى إرادة المتهم
بدفعه إلى قول ما ال يريد أو بإثبات ما لم يقله أو بالتدخل على أى صورة فى إجاباته
( )1د .سعد الشيتوى ،التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ،األسكندرية ،دار الفكر الجامعى
، 2013 ،ص . 76
544
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
،بل يتعين عليه أن يترك له الحرية التامة فى إبداء أقواله ودفاعه بحيث يكون قد قصد
فعالً بإرادته الكاملة أن يدلى بما ورد على لسانه فى التحقيق ،وليس للمحقق أن يلجأ
إلى الضغط على المتهم أو يعرضه إلرهاب من أى نوع ولو فى صورة إكراه معنوى
كالتهديد بالوقف عن العمل أو النقل إلى مكان ناء ،كما ال يجوز له أن يغريه على أى
وجه من الوجوه كالوعد بالتغاضى عن الواقعة أو حفظه أو بتخفيف العقاب إن هو
()1
. اعترف بارتكاب ما هو منسوب إليه
فال ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها فى المحقق اإلدارى عن القدر المتطلب
فى القاضى ،بمعنى أنه يجب على المحقق أن يتحرى الحق أينما كان سواء أدى إلى
إقامة دليل قبل الموظف المتهم ،أو إلى نفى اتهام يقع على عاتقه .
ويجب السماح للمحقق بالتنحى عن التحقيق ألسباب شخصية إذا استشعر الحرج فى
االستمرار فى التحقيق ،كما ال يجوز أن يمارس التحقيق من شارك فى إجراءات
اكتشاف المخالفة أو ضبطها أو اتهام أشخاص بذواتهم بارتكابها فبذلك يتم التحقيق فى
ظل ظروف مثالية وفقاً لألصول العامة فى النظم التأديبية .
ً
ثانيا -:اإلميان برسالته فى استظهار احلقيقة .
يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يكون مؤمناً برسالته فى استظهار الحقيقة واتخاذ
كل الوسائل الكاشفة عنها ،وأن يعتقد يقيناً أن الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة
هما هدفه وغايته المنشودة ،وعليه أن يتحلى بالحيدة تحرياً للحق أينما كان سواء أدى
إلى إقامة الدليل قبل المتهم أو إلى نفى االتهام المنسوب إليه .
( )1د .أنور أحمد رسالن ،التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ، 2003 ،ص . 130
545
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وايمان المحقق فى استظهار الحقيقة شرط النجاح فى أداء رسالته ،فيجب على المحقق
اإلدارى أن يجعل نفسه قاضياً فال ينحاز لجانب معين جرياً وراء بعض الظواهر التى
قد تخدعه .
ً
ثالثا -:جتريد نفسه من كل تأثري يقع عليه مبناسبة الوقائع الىت يقوم بتحقيقها .
يجب أن يجرد محقق الجهة اإلدارية نفسه من كل تأثير يقع عليه بمناسبة الوقائع التى
يقوم بتحقيقها ،وأن يباشر التحقيق على أساس أنه خالى الذهن من أى علم سابق بها
،وال يجوز أن يستمع إلى رواية عنها فى غير جلسات التحقيق ،أو أن يجعل لما تنشره
أو تذيعه وسائل اإلعالم عنها أى أثر فى تصور مجرياته ،أو االتجاه بالتحقيق اتجاهاً
معيناً خدمة لهذا التصور .
ً
رابعا -:تكامل السمات الشخصية للمحقق .
يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يتصف بجمال الخلق ،واحترام الذات وقوة الشخصية
،وحسن المظهر وسمو الشعور واإلدراك حتى يكتسب ثقة أطراف التحقيق ويرسخ
اعتقادهم فى سالمة إجراءاته وعليه أال يفرق بينهم فى المعاملة مهما تفاوتت أوضاعهم
الوظيفية أو مراكزهم االجتماعية ،أو مظاهرهم الشخصية تفادياً لمظنة الميل أو المحاباة.
ً
خامسا -:ضبط النفس .
على محقق الجهة اإلدارية لدى مباشرته التحقيق أن يلتزم بضبط النفس ،وأن يكون
واسع الصدر اليستسلم للغضب أو الغيظ أو لسيطرة الميول والغرائز ،وأن يتحلى
بالصبر والمثابرة فى الكشف عما يدق أو يغمض من أمور التحقيق ،وأن يتأنى فى
الحكم على قيمة الدليل مقلباً الرأى على مختلف وجوهه حتى يتيقن من مطابقته لمقتضى
الحال بعيداً عن أى تأثير يكون قد تبادر إليه عن وقائع التحقيق .
546
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ً
سادسا -:قوى املالحظة قوى الذاكرة سريع اخلاطر .
يجب أن يكون محقق الجهة اإلدارية دقيق المالحظة ،سريع الخاطر ،قوى الذاكرة
حتى يتمكن من الربط بين الوقائع المختلفة واستظهار كيفية حدوثها ،وأال يتردد فى
مباشرة اإلجراء الذى يراه سليماً حتى ال تضيع الفائدة من اتخاذه فى الوقت المناسب .
وقوة المالحظة هى المعرفة الدقيقة لحقيقة أمر أدركته إحدى الحواس مع ما يحيط به
من الظروف ،أو هى المعرفة السريعة واألكيدة لتفاصيل األشياء التى تقع تحت إحدى
الحواس .فقوة المالحظة تعد فى مقدمة المؤهالت الواجب توافرها فيه .فيجب على
المحقق اإلدارى إن لم تكن الطبيعة قد حبته بجعلها ملكة فطرية عنده ،أن يكتسبها عن
طريق المران ،ألنها من الصفات التى ال يمكن الحصول عليها بالتلقين أو بالدرس ،
بل التعود والممارسة هما األساس الوحيد الكتساب ملكتها (.)1
وأساس ذلك التمرين ،الذى يمرسه لشدة االلتفات لتفاصيل األشياء ال مجرد الرؤية
السطحية لها .فعلى المحقق اإلدارى الذى تعوزه صفة قوة المالحظة أن يبادر إلى
إنماء هذه الملكة ،فال ينظر إلى األمور نظرات سطحية ال يذكر بعدها شيئاً عنها .
وأن يعود نفسه عند رؤية األشياء أن يميزها عن غيرها ويستطيع التعرف عليها (.)2
وقوة الذاكرة هى القدرة على حفظ المعلومات والمشاهدات واستدعائها وقت الحاجة ،أو
حضورها فى الذهن عند استعراض ما يماثله أو ماله عالقة بها .
( )1د .محمد فتوح محمد عثمان ،التحقيق اإلدارى ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،بدون
تاريخ نشر ،ص .9
( )2اللواء /محمود عبدالرحيم وآخرون ،التحقيق الجنائى العملى والفنى والتطبيقى ،كلية الشرطة ،
الطبعة الثالثة ، 1963 ،دار الطباعة القومية ،ص . 17
547
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وسرعة الخاطر هى حضور الذهن وتيقظه لفهم ما يدور حول اإلنسان من الظروف
. ()1
للتصرف بالقول بما يناسبها فى حينه والخروج من المآزق والمواقف المحرجة
وهذه الصفة الزمة للمحقق فى أمرين هما -:
األمر األول :سرعة إدراك معانى األشياء وأوصافها ،ألن األحوال ال تسمح له غالباً
إال بلمحة سريعة لو تباطأ فى الفهم فى أثنائها ضاعت عليه جهود كثيرة يكون قد تكبدها
.
األمر الثانى :أن حياة المحقق تتخللها سلسلة من المفاجآت والمصادفات والمآزق التى
يكون غير مستعد لها .فإن لم يكن سريع الخاطر وخرج منها بمهارة ضاعت آماله فى
كشف ما يريد من الحقائق .
ً
سابعا -:التصرف بسرعة ولكن حبذر .
األصل وفقاً لمقتضيات حسن اإلدارة التى توجب سرعة الردع والزجر لمن يرتكب
مخالفات تأديبية من العاملين أن يتم بسرعة التحقيق وتوقيع الجزاء المناسب بناء عليه
على المسئول تحقيقاً لالنضباط اإلدارى وحسن األداء للعاملين بحيث ال يستغرق حسم
المسئولية التأديبية وقتاً بين وقوع األفعال المؤثمة وتوقيع الجزاء .
ومن المهم للمحقق العمل بجد فى بدء التحقيق وتنفيذه ألن هذا يسمح بما يلى:
-1جمع األدلة بينما ال تزال حاضرة فى ذاكرة األشخاص المعنيين .
-2تصحيح الوضع اإلشكالى بسرعة .
-3تجنب خلق ضغوط غير ضرورية على الموظفين ،خاصة إذا أظهر التحقيق
أنه ال يمكن إلقاء اللوم على أى سوء سلوك.
( )1د .محمد فتوح محمد عثمان ،التحقيق اإلدارى ،دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص .11
548
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
بالرغم مما سبق ذكره ،إال أنه يجب على المحقق أن يأخذ الوقت الكافى لجمع كل
المعلومات الضرورية أو للحصول على مزيد من التحقيق قبل اتخاذ قرار بشأن فرض
إجراء تأديبى أم ال.
ً
ثامنا -:ال تقود املقابالت .
للحفاظ على نزاهة التحقيق ،انتبه إلى لغتك اللفظية ولغة جسدك أثناء المقابالت .على
شيئا ما صحيح .بدالً من طرح السؤال "هل
سبيل المثال ،ال تستخدم لغة تفترض أن ً
رأيت لكمة مصطفى لزيد ؟" ،اسأل "ماذا رأيت؟"
وبالمثل ،حافظ على لغة جسدك موضوعية .فى حين أنه من الطبيعى أن تبتسم أو
شيئا تريد
تومئ برأسك لتظهر أنك تستمع ،فقد يشير هذا إلى الشاهد أنه يقول ً
سماعه .ونتيجة لذلك ،قد يغيرون قصتهم لتناسب ما يعتقدون أنه روايتك المعتمدة.
املطلب الثانى
الوقف عن العمل هو منع الموظف من ممارسة العمل وتنحيته عن الوظيفة مؤقتاً ،
ويوجد نوعان من الوقف -1:الوقف االحتياطى عن العمل لمصلحة التحقيق -2 .
الوقف بقوة القانون نتيجة لتنفيذ حكم جنائى أو للحبس االحتياطى .
( )1د .ماهر عبدالهادى ،الشرعية اإلجرائية فى التأديب ،الطبعة الثانية ، 1986 ،ص . 277
549
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
كما أن هناك الوقف للمصلحة العامة بناء على طلب الرقابة اإلدارية ،والوقف الموقع
كجزاء إدارى .
ونتعرض للنوع األول الذى هو مناط بحثنا بشىء من التفصيل ونتعرض لألنواع األخرى
بشىء من اإليجاز إلبراز الفروقات بينهم وذلك على النحو التالى -:
-1الوقف االحتياطى عن العمل لمصلحة التحقيق .
الوقف عن العمل لمصلحة التحقيق يسمى الوقف االحتياطى ،ألنه إجراء يقصد به
مصلحة التحقيق ،فهو ليس عقوبة تأديبية ،أو جزاء ،بل إجراء احتياطى مقرر
لمصلحة التحقيق .
()1
بأنه إجراء إحتياطى مؤقت ،تلجأ إليه اإلدارة بقصد إبعاد ويعرفه جانب من الفقه
الموظف عن المرفق ،عندما يتعرض التخاذ إجراءات تأديبية أو جنائية ،فيمتنع عليه
ممارسة أعمال وظيفته مدة الوقف .
()2
على أنه إجراء قانونى يقصد به تنحية العامل بصفة ويعرفه جانب آخر من الفقه
مؤقتة عن أعمال وظيفته ،إما لصالح تحقيق يجرى سواء كان التحقيق إدارياً أو جنائياً
،وإما تصوناً للوظيفة وحرصاً على كرامتها وصيانة لها من العبث واإلخالل بها .
وتعرفه محكمة القضاء اإلدارى بأنه " :إسقاط والية الوظيفة إسقاطاً مؤقتاً عن الموظف
فال يتولى خالله سلطة وال يباشر لوظيفته عمالً ،ذلك أن الموظف قد تسند إليه تهم
وتوجه إليه مآخذ ،فيقتضى األمر إقصاءه عن وظيفته ليجرى التحقيق فيها توصالً
( ) 1د .عبدالفتاح عبدالحليم عبدالبر ،الضمانات التأديبية فى الوظيفة العامة ،رسالة دكتوراه ،كلية
الحقوق جامعة القاهرة ،1978 ،ص . 143
( )2د .عمرو فؤاد بركات ،السلطة التأديبية (دراسة مقارنة ) ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق جامعة
عين شمس ، 1979 ،ص . 279
550
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
للحقيقة وانبالجها فى جو خال من مؤثراته ،أو بعيداً عن سلطاته ،أو ألن فى اتهامه
ما يدعو إلى االحتياط والتصون للعمل العام الموكل إليه تجريده منه ،وكف أيديه عنه
،أو ألن فى االتهام ما يشينه فيمس تبعاً لذلك مركز الوظيفة التى يتوالها ،وتؤثر فى
حسن سير العمل ،فينحى عنها حتى يطهر من أدران ما شابه وعلق به ،من أجل
()1
. ذلك شرع اإليقاف واستهديت غايته وحكمته " .
وقرار الوقف االحتياطى عن العمل هو مصلحة التحقيق الذى يجرى مع الموظف ،كأن
يكون صاحب سلطة ونفوذ من شأنها التأثير على سير التحقيق عن طريق إرهاب الذين
يستشهد بهم أو إخفاء الوثائق والمستندات أو التالعب فيها أو توجيه التحقيق وجهة
مضللة إذا استمر المحال للتحقيق في عمله .
وكذا إذا أسندت للعامل تهم ويستدعى الحال إلى اإلحتياط والتصون للعمل العام الموكول
إليه بكف يده عنه وإقصائه عن وظيفته ليجرى التحقيق في جو خال من مؤثراته وبعيد
عن سلطانه ،فإذا لم تتوافر تلك المبررات كان الوقف االحتياطى بغير سند من القانون،
وإن تقدير مدى توافر تلك المقتضيات المبررة للوقف االحتياطى عن العمل متروك
للسلطة التقديرية لإلدارة ،إال أن هذا التقدير يجب أن يستند إلى عناصر صحيحة تؤدى
إليه فإذا لم يكن األمر كذلك خرج القرار عن نطاق المشروعية.
( )1حكم محكمة القضاء اإلدارى ،جلسة ، 1951/4/13فى الدعوى رقم 203لسنة 3ق .عليا ؛
وأيضاً :حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 10من يونية سنة ، 1962القضية رقم 299لسنة 4
القضائية ،مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة اإلدارية
العليا السنة السابعة -العدد الثالث (من أول مايو سنة 1962الى آخر سبتمبر سنة ، )1962
ص.1036
551
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ومن ثم يشترط لمشروعية الوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق أن يصدر به قرار إدارى
من السلطة المختصة ،وأن يستهدف مصلحة التحقيق بالفعل كأن يكون للموظف
سلطان يخشى معه التأثير على التحقيق إن هو استمر على رأس العمل ،أو أن تقتضيه
ضرورة من ضرورات سير التحقيق أو ضرورة إدارية كالخشية على سير العمل بالمرفق
إن استمر المتهم قائماً بالعمل المسند إليه ،فإذا لم توجبه مصلحة التحقيق أو ضرورة
فإنه يعد وقفاً باطالً النحرافه عن الهدف والغاية المرسومة له ويعد ق ارراه ق ار اًر مشوباً
بإساءة استعمال السلطة (.)1
ونوجز أهم أحكام الوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق فى النقاط التالية :
أ -السلطة المختصة بالوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق .
نصت المادة ( )83من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47لسنة
1978المعدل بالقانون رقم 115لسنة 1983على أن " لكل من السلطة المختصة
ومدير النيابة اإلدارية بحسب األحوال أن يوقف العامل عن العمل احتياطيا إذا اقتضت
مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة ال تزيد على ثالثة أشهر ،وال يجوز مد هذه المدة إال
بقرار من المحكمة التأديبية للمدة التى تحددها ،ويترتب على وقف العامل عن عمله
ابتداء من تاريخ الوقف".
ً وقف صرف نصف أجره
كما نصت المادة ( )63من قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016على أنه " :
لكل من السلطة المختصة ورئيس هيئة النيابة اإلدارية بحسب األحوال أن يوقف الموظف
احتياطيا إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة ال تزيد على ثالثة أشهر،
ً عن عمله
( )1د .أنور أحمد رسالن ،التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ،مرجع سابق ، 2003 ،ص 80
.
552
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وال يجوز مد هذه المدة إال بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التى تحددها،
ابتداء من تاريخ الوقف .
ً ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره
كما نصت المادة ( )165من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
احتياطيا عن العمل ،
ً 2016على أنه " إذا اقتضت مصلحة التحقيق وقف الموظف
ُيعرض األمر على السلطة المختصة بمذكرة تتضمن موضوع التحقيق ومبررات الوقف
ومدته بما ال يجاوز ثالثة أشهر ،فإذا قررت وقفه عن العمل يتعين إعالنه بقرار الوقف
وإرسال صورة منه إلى كل من رئيسه المباشر وإدارة الموارد البشرية " .
ومن ثم تكون سلطة وقف الموظف احتياطياً عن العمل معقودة لكل من السلطة
المختصة ورئيس هيئة النيابة اإلدارية بحسب األحوال .
ويقصد بالسلطة المختصة طبقاً للمادة ( )1/2من قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
2016الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة بحسب األحوال .
وتنص المادة ( )5/62من قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016على أن تكون
الجهة المنتدب أو المعار إليها الموظف هى المختصة بالتحقيق معه وتأديبه طبًقا
ألحكام هذا القانون عن المخالفات التى يرتكبها خالل فترة الندب أو اإلعارة.
ومن ثم فإن ذات الجهة تكون هى المختصة أيضاً بوقفه احتياطياً عن العمل .
ولما كان الوقف يستند أساساً إلى االختصاص بالتأديب فإن السلطة المفوضة فى
التأديب تملك سلطة الوقف عن العمل إحتياطياً دون حاجة للنص عليه صراحة فى قرار
()1
. التفويض باعتباره أم اًر مشتقاً من الموضوع الرئيسى الذى فوض فيه
( ) 1د .يوسف إسماعيل محمد إسماعيل ،الحماية القانونية للموظف العام فى مرحلتى التحقيق
والمحاكمة ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق جامعة عين شمس ، 2018 ،ص .230
553
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وبهذا المعنى تقول المحكمة اإلدارية العليا حيث قضت بأن " :تفويض وكيل الو ازرة
المساعد فى التصرف فى التحقيق يستتبع بالضرورة منحه حق وقف الموظف الذى
. ()1
يجرى معه التحقيق "
وإذا كانت السلطة اإلدارية تملك حق وقف الموظف مؤقتاً عن أعمال وظيفته ،لمصلحة
ما يجرى معه من تحقيقات ،فإن لها أيضاً أن تعدل عن قرار وقف العامل ،وأن تعيده
إلى عمله قبل انتهاء التحقيق الذى تم الوقف بسببه ،وهو ما قد يحدث عندما تضع
اإلدارة فى االعتبار بعض الظروف التى طرأت حديثاً ،وتملك اإلدارة ذلك حتى بعد
تدخل المحكمة التأديبية ،وإصدار قرارها باستمرار الوقف ،ألن القيود التى فرضها
المشرع فى هذا الشأن ،لم يقصد بها إال تحقيق قدر من الضمانات للعامل فال يخل
بذلك إعادته إلى عمله ،فى أى وقت ،كما أنه ال يجوز القول بأن قرار الوقف وقد
صدر سليماً فال يجوز سحبه ،إذ ال يتعلق األمر بسحب قرار الوقف ،ولكن األمر
يتعلق بإلغائه ،فضالً عن عدم مساس قرار اإلعادة بأى حق مكتسب (.)2
وفى فرنسا طبقاً ألحكام قانون 4فبراير 1959بشأن الموظفين العموميين ،تكون
السلطة المختصة فى فرنسا بوقف الموظف العام عن العمل هى سلطة التأديب ،وهى
ذات األحكام المقررة بتعديالت 13يوليو ، 1983حيث تنص المادة 30من القانون
على ما يأتى " :فى حالة ارتكاب الموظف لخطأ جسيم سواء كان إخالله بالتزاماته
الوظيفية أو جريمة من جرائم القانون العام ،فإنه يجوز للسلطة التأديبية المختصة وقفه
عن العمل " .
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1965/6/20الطعن رقم 1675لسنة 10ق .عليا .
( )2د .عبدالفتاح حسن ،التأديب فى الوظيفة العامة ،دار النهضة العربية ، 1964 ،ص . 158
554
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
" En cas de faute grave commise par un fonctionnaire, qu'il
s'agisse d'un manquement à ses obligations professionnelles ou
d'une infraction de droit commun, l'auteur de cette faute peut être
suspendu par l'autorité ayant pouvoir disciplinaire qui saisit, sans
délai, le conseil de discipline ".
وقد استقرت أحكام مجلس الدولة الفرنسى على أنه ال يجوز للسلطة المختصة تفويض
. ()1
سلطة أخرى فى وقف الموظف احتياطياً عن العمل
ب -مدة الوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق .
أخذت قوانين الخدمة المدنية المتعاقبة فى مصر بقاعدة واحدة ،مؤداها تقييد سلطة
اإلدارة فى وقف الموظف عن العمل إحتياطياً بمدة معينة ال تتجاوز ثالثة أشهر كحد
أقصى ،على أن تلجأ للمحكمة التأديبية إذا رأت مد مدة الوقف أكثر من ثالثة أشهر.
وفى ذلك تنص المادة ( )63من قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016على أنه
" :لكل من السلطة المختصة ورئيس هيئة النيابة اإلدارية بحسب األحوال أن يوقف
احتياطيا إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة ال تزيد على
ً الموظف عن عمله
ثالثة أشهر ،وال يجوز مد هذه المدة إال بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التى
ابتداء من تاريخ
ً تحددها ،ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره
الوقف " .
كما نصت المادة ( )165من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
احتياطيا عن العمل ،
ً 2016على أنه " إذا اقتضت مصلحة التحقيق وقف الموظف
( )1د .أنور أحمد رسالن ،التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ،مرجع سابق ، 2003 ،ص .81
555
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ُيعرض األمر على السلطة المختصة بمذكرة تتضمن موضوع التحقيق ومبررات الوقف
ومدته بما ال يجاوز ثالثة أشهر ،فإذا قررت وقفه عن العمل يتعين إعالنه بقرار الوقف
وإرسال صورة منه إلى كل من رئيسه المباشر وإدارة الموارد البشرية " .
ومفاد النصوص المتقدمة أن الوقف عن العمل إحتياطياً ليس من قبيل العقوبة التى
توقع على العامل لقاء مخالفة تأديبية ثبت وقوعها منه ،وإنما هو مجرد إجراء احتياطى
كما يبين من تسمية القانون له ،يجوز للسلطة المختصة أو النيابة االدارية أن تلجأ إلى
إتخاذه فى شأن العامل متى قامت به دواعيه ،وأن سلطة المحكمة التأديبية عند عرض
أمر مد مدة وقف العامل عن العمل مقصورة على رفض مد هذه المدة أو مدها لمدة
أخرى ،دون التصدى للفصل فى مخالفة تأديبية تكشف عنها أوراق طلب وقف العامل
عن العمل ،وفى حالة تصدى المحكمة التأديبية للفصل فى هذه المخالفة فإنه تكون قد
خرجت عن حدود واليتها الوالئية القاصرة على الفصل فى أمر الوقف عن العمل، ،
األمر الذى يجعل قرارها منطوياً على غصب للسلطة ينحدر بالقرار إلى درجة
اإلنعدام(.)1
والجدير بالذكر أن قضاء المحكمة اإلدارية العليا جرى على أن المدة المحددة للوقف
عن العمل لمصلحة التحقيق والتى تصدر عن الجهة اإلدارية وإن كان القانون قد
عرض لها حداً أقصى وهو ثالثة شهور إال أن هذه المدة هى مدة تنظيمية ال يترتب
البطالن على تجاوزها وإن ما يصدر من ق اررات من الجهات اإلدارية عن مدد تربو
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 2000/11/12الطعن رقم 3709لسنة 44قضائية ،
مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة السادسة
واألربعون ،الجزء األول (من أول 15أكتوبر سنة 2000إلى آخر فبراير سنة ، ) 2001ص
.81
556
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
عليها يصححها إقرار المحكمة التأديبية لهذا الوضع عند عرض األمر عليها بعد ذلك
،سواء كان هذا اإلقرار صريحاً أو ضمنياً بالموافقة على المد عن مدة الحقة (.)1
وفى فرنسا ،طبقاً ألحكام قانون 4فبراير سنة ، 1959تقرر المادة ( )4/32من هذا
القانون ضرورة قيام الوزير المختص بتسوية وضع الموظف الموقوف إحتياطياً بصفة
نهائية خالل مدة أربعة أشهر ،فإذا انقضت هذه المدة دون اتخاذ إجراءات قبل الموظف
الموقوف إحتياطياً فإن هذا الموظف يستحق كامل أجره .
وقد جرى الفقه وقضاء مجلس الدولة الفرنسى على تفسير النص على أنه ال يضع حداً
أقصى لمدة وقف الموظف العام إحتياطياً عن العمل ،بل يلزم اإلدارة بتسوية األوضاع
المالية للموظف خالل أربعة أشهر من تاريخ سريان قرار الوقف عن العمل .
وقد تغير الوضع تماماً فى ظل القانون رقم 83 / 634الصادر يتاريخ 13يوليو
، 1983حيث وضع حداً أقصى لمدة الوقف عن العمل ال تتجاوز أربعة أشهر ،مع
ضرورة تسوية الوضع المالى للموظف خالل هذه المدة ،إال إذا كان محالً إلجراءات
جنائية .
" Le fonctionnaire suspend conserve son traitement, l'indemnité
de résidence,le supplément familial de traitement et les
prestations familiales obligatoires. Sa situation doit être
définitivement réglée dans le délai de quatre mois".
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1963/5/19الطعن رقم 1157لسنة 6ق ،مجلس
الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا
السنة الثامنة -العدد الثالث (من أول مايو سنة 1963إلى آخر سبتمبر سنة - )1963ص 1212
.
557
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ويرى الباحث -:
أنه يلزم وضع حد أقصى لمدد الوقف اإلحتياطى لمصلحة التحقيق سواء من السلطة
المختصة أو النيابة اإلدارية حسب األحوال أو من المحكمة التأديبية بحيث ال تزيد مثالً
عن أربعة أشهر ألن الوقف يترتب عليه ضرر كبير لكل من المرفق والموظف بل
ويتعدى األمر إلى أسرة الموظف :فيضر أوالً المرفق الذى يعمل فيه الموظف الذى
بالتأكيد سيتأثر من غياب الموظف عن العمل أثناء فترة الوقف ،مما يترتب عليه ضرر
على سير المرفق العام ،هذا باإلضافة إلى تحمل المرفق نصف أجر العامل رغم عدم
قيام الموظف بعمل فعلى ؛ ويضر ثانياً الموظف الذى يحرم من نصف أجره ،الذى
فى الغالب يكون هو مورد رزقه الوحيد ،بل ويتعدى األمر إلى أسرة الموظف الذى قد
يكون هو عائلهم الوحيد .
هذا باإلضافة إلى أن الوقف لمصلحة التحقيق يقوم على الشبهة ،مما قد ينتهى التحقيق
فى النهاية إلى براءة الموظف ويتضح أن الوقف كان قائماً على غير أساس ،ومن ثم
يجب أن تكون الغلبة لقرينة البراءة التى هى حصن مشروعية المسئولية التأديبية .
ج -مبررات الوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق .
جرت نصوص الخدمة المدنية المتعاقبة وآخرها القانون الحالى رقم 81لسنة ، 2016
احتياطيا إذا اقتضت مصلحة
ً على أنه للسلطة المختصة أن توقف الموظف عن عمله
التحقيق ذلك .
فنصت المادة 63من قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016فى فقرتها األولى
على أنه " :لكل من السلطة المختصة ورئيس هيئة النيابة اإلدارية بحسب األحوال أن
يوقف الموظف عن عمله إحتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك . " ...
558
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وباستعراض أحكام القانون رقم 48لسنة 1978بنظام العاملين بالقطاع العام يتبين أن
المادة 86من هذا القانون تنص على أنه "لرئيس مجلس اإلدارة بقرار مسبب حفظ
التحقيق وله أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك
لمدة ال تزيد عن ثالثة أشهر وال يجوز مد هذه المدة إال بقرار من المحكمة التأديبية
المختصة للمدة التى تحددها ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف
األجر ابتداء من تاريخ الوقف".
ومن ثم فإن وقف الموظف إحتياطياً عن العمل مشروط بأن تقتضى مصلحة التحقيق
هذا الوقف ،كما فى حالة ما إذا كان الموظف الخاضع للتحقيق يتمتع بسلطة أو نفوذ
ويخشى تبعاً لذلك ،فى حالة استم ارره فى العمل أن يؤثر على سير التحقيق عن طرق
إرهاب الموظفين اآلخرين الذين قد ُيستشهد بهم أو ُيحقق معهم أو عن طريق إخفاء
الوثائق والمستندات الدالة على اإلتهام أو توجيه التحقيق وجهة مضللة فيتمكن بذلك من
اإلفالت من العقاب ،ففى مثل هذه الحالة تدعو مصلحة التحقيق إلى إقصائه مؤقتاً
()1
. عن الوظيفة حتى يتم التحقيق بعيداً عن أى مؤثرات
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2007/3/8
بأن " :ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط وقف العامل عن
العمل احتياطياً ليس وجود تحقيق معه فقط بل أن تقتضى مصلحة هذا التحقيق هذا
الوقف وال يكون ذلك إال إذا أُسندت إليه مخالفات ويدعو األمر إلى االحتياط والتحوط
( )1د .محمود أبو السعود ،القضاء اإلدارى " قضاء التأديب " ،اإليمان للطباعة ،بدون تاريخ نشر
،ص . 226
559
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
جو ٍّ
خال للعمل العام الموكل إليه بكف يده عنه أو إقصائه بعيداً عنه ليتم التحقيق فى ٍّ
()1
. من مؤاثراته وبعيداً عن سلطاته "
وقد اختلف الفقه فى تفسير إصطالح " مصلحة التحقيق " حيث فسرها البعض تفسي اًر
ضيقاً بينما توسع البعض اآلخر فى ذلك فى حين تبنى رأى ثالث موقفاً وسطا ،ونتناول
هذه االتجاهات النحو اآلتى -:
االتجاه األول -:التفسير الضيق لمفهوم مصلحة التحقيق .
وهذا االتجاه الفقهى يقوم على منطق الضمان ،والتفسير الضيق للنصوص واألحكام
التأديبية ،فيرى أن الوقف اإلحتياطى إنما تقرر لمصلحة التحقيق ،إذ يفترض بدء
التحقيق مع الموظف بخصوص مخالفات معينة ،وأن وجود الموظف فى عمله من
شأنه أن يؤثر على مجرى التحقيق ،ومن ثم ال يجوز لإلدارة أن توقف الموظف لغير
()2
. هذه الغاية
ذلك ألن وقف الموظف عن عمله ليس باإلجراء الذى يستهان به ،سواء فى حياة
العامل العادية أو الوظيفية ،مما يدعو إلى التضيق من آثاره ،فال يجوز القول به إال
تطبيقاً لنص صريح ،وقد جاء النص صريحاً قاص اًر الوقف على مصلحة التحقيق ،
بما ال يقبل من بعد فى شأن قياس أو استقراء ،أما إذا كان المقصود من الوقف
اإلحتياطى هو التصون لصالح الوظيفة ذاتها ،فلدى اإلدارة حالة الوقف اإلحتياطى
للصالح العام المنصوص عليها فى قانون الرقابة اإلدارية ،كما لديها التدابير األخرى
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 8من مارس سنة 2007الطعن رقم 6032لسنة45
قضائية.عليا ،موقع مجلس الدولة المصرى ،مركز الدراسات والبحوث القضائية ،
.https://jsrcsc.org
( )2د .سليمان الطماوى ،قضاء التأديب ،مرجع سابق ،ص . 333
560
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
التى تتيح لها تلك الغاية وتؤدى للنتائج التى يراد تفاديها بالوقف بنوعيه ومنها النقل إلى
عمل آخر أو جهة مكانية أخرى (.)1
االتجاه الثانى -:التفسير الموسع لمفهوم مصلحة التحقيق .
أنه يجب النظر إلى الحكمة من نظام التأديب فى ()2
ويرى أصحاب هذا االتجاه الفقهى
مجموعه ،باعتبار أنه يستهدف تأمين سير العمل اإلدارى بنظام وكفاية وأن ذلك
يستوجب الخروج عن التفسير الضيق لمعنى مصلحة التحقيق واألخذ بالتفسير الواسع
بالنظر إلى مصلحة المرفق العام ال مجرد مصلحة التحقيق بالمعنى الضيق .
()3
إلى أنه إذا كان التطبيق الحرفى للنصوص يقصر وذهب أحد مؤيدى هذا الرأى
مبررات الوقف اإلحتياطى فى مصلحة التحقيق حسبما أشارت إليه النصوص فإن الفقه
التأديبى قد استقر أو كاد أن يستقر على اعتبار المصلحة العامة من مبررات الوقف
االحتياطى .
وقد تساءل أحد أنصار هذا الرأى( )4عن جواز وقف العامل إذا وجدت أسباب تجعل من
المصلحة وقفه دون أن يكون محل تحقيق قائم فعالً ؟
وبعد أن رد على هذا السؤال باإليجاب أضاف أن هذا االتجاه هو ما يتفق مع روح
النص وحكمته وإن لم يتفق مع لفظه ،ذلك أن الوقف فى حقيقة األمر إجراء ال غنى
( )1المستشار الدكتور /مغاورى محمد شاهين ،المساءلة التأديبية ،عالم الكتب ،طبعة ،1974ص
292وما بعدها .
( )2د .عمرو فؤاد أحمد بركات ،السلطة التأديبية ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق جامعة عين شمس
، 1979 ،ص 280وما بعدها .
( )3أ .محمد رشوان أحمد ،أ .إبراهيم عباس منصور ،اإلجراءات التأديبية للعاملين المدنيين بالحكومة
والقطاع العام ،مطبعة الرسالة ،طبعة ، 1969ص 62وما بعدها .
( )4د .عبدالفتاح حسن ،التأديب فى الوظيفة العامة ،مرجع سابق ،ص . 158
561
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
عنه للسلطة اإلدارية بل هو القدر الذى تحتفظ به مقابل ما تقرر للعامل من ضمانات
متعددة فى مجال التأديب ،إذ بعد أن تقيدت سلطة اإلدارة فى توقيع الجزاء ،كان من
الطبيعى أن تخول اتخاذ هذا اإلجراء المؤقت حتى تستطيع أن تستغنى مؤقتاً عن خدمات
عامل مشبوه إلى أن تظهر حقيقة أمره .
ولكنه استدرك قائالً " إال أن الوقف فى غير حالة التحقيق يجب أن يقوم على سبب
جدى يبرره ،كما أنه ال يجوز أن يكون للصالح العام بالمعنى الواسع لهذا التعبير ،بل
يجب أن يكون لصالح المرفق الذى ينتمى إليه العامل على وجه التحديد ،كما يجب
أن يتم بمناسبة مخالفة ارتكبها العامل أو مخالفة منسوبة إليه ،أى داخل إطار التأديب
،بحيث يكون الوقف منذ اًر بتحقيق قريب ،وإن لم يتخذ بمناسبة تحقيق موجود فعالً ،
هذا باإلضافة إلى أن اعمال النص بلفظه واشتراط وجود تحقيق قائم إلمكان الوقف ،
لن يقدم للعامل ضمانة إضافية مادام المشرع ال يشترط فى التحقيق المبرر للوقف
شروطاً خاصة إذ سوف يكون فى وسع اإلدارة أن تبدأ مع العامل – تحت أى صورة –
تحقيقاً تسند إليه قرار الوقف .
وقد ذهب رأى فقهى ( )1من أنصار هذا االتجاه إلى أن االتجاه الغالب هو جواز الوقف
إذا اقتضاه الصالح العام ،وإن لم تستلزمه مصلحة التحقيق ثم استطرد قائالً أنه يجوز
الوقف إذا اقتضاه الصالح العام ،بمعنى صالح المرفق الذى ينتسب إليه العامل وال
يشترط لصحة هذا الوقف أن يكون منذ اًر بتحقيق قريب ،فقد يكون التحقيق قد انتهى
( )1د .محمد جودت الملط ،المسئولية التأديبية للموظف العام ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق جامعة
القاهرة ، 1967 ،ص . 213
562
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
فعالً ،ومع ذلك يصح الوقف لخطورة التهم المنسوبة إلى العامل ،والتى ال يجوز معها
مباشرته ألعمال وظيفته احتياطيا وصوناً للوظيفة العامة .
االتجاه الثالث -:التفسير الوسط لمفهوم مصلحة التحقيق .
إذا كان الرأى األول قد جعل من مصلحة التحقيق الذى يجرى مع الموظف مبر اًر وحيداً
للوقف اإلحتياطى عن العمل ،وكان الرأى الثانى يرى فى تحقيق المصلحة العامة ما
يكفى لتبريره حتى ولو لم يكن هناك تحقيق قائم أو وشيك ،فإنه يوجد ما بين اإلتجاهين
السابقين رأى وسط ( )1ذهب إلى انتقاد نص المادة 64من القانون رقم 46لسنة 1964
الخاص بالعاملين المدنيين لربطها بين الوقف اإلحتياطى وبين مصلحة التحقيق ألن
التحقيق باعتباره مناط الوقف مضيق من ناحية وموسع من ناحية أخرى .
فأما أن التحقيق سبب مضيق ،ألن التقيد به وحده يحول دون وقف العامل فى حاالت
ال تقل فى ضرورتها عن مصلحة التحقيق وهى الحاالت التى تقتضى فيها مصلحة
الوظيفة ذاتها تنحية العامل عنها ،ال سيما إذا كانت المخالفات التى نسبت إليه تصيبه
فى صميم أمانته أو سمعته ،إذ فى هذه الحاالت تتأذى الوظيفة من استم ارره فيها
ملطخاً بما أحاط بها من شبهات مهنية ،بل وتتهدد من بقائه فيها ،ولو كانت مصلحة
التحقيق ذاته ال تتأثر من استمرار قيامه بعمله ،وال شك أن مصلحة الوظيفة ،وإن
كانت سبباً يختلف عن مصلحة التحقيق ،إال أنهما ينطويان معاً فى إطار المصلحة
العامة التى ينبغى رعايتها على نسق واحد .
( )1د .السيد محمد إبراهيم ،شرح نظام العاملين المدنيين بالدولة ،دار المعارف ،طبعة ، 1966
ص . 590
563
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وأما أن التحقيق سبب موسع ،فألنه يبرر فى ظاهره وقف العامل عن عمله أياً كانت
المخالفة التى يجرى معه التحقيق فيها ،وأياً كان حظها من الجسامة أو عدم األهمية
،بل أن التحقيق يمكن أن ينقلب إلى تكأة صورية تستند عليها اإلدارة إذ تستطيع دائماً
أن تباشره معه تحقيقاً تتذرع به كلما أرادت وقفه عن العمل ....وعالجاً للعامل المضيق
يجب أال يمتد الوقف فيتسع كما ذهب البعض لكل الحاالت التى ترتبط بها مصلحة
عامة ،ألن فكرة المصلحة العامة فكرة مرنة وواسعة ،وهى فوق ذلك فكرة واضحة تفتح
أبواب التقدير والتحكم .
وإذا كان قد قصد بالوقف إبعاد العامل مؤقتاً عن وظيفته ،فإنه يتعين أن تقتضى
مصلحة الوظيفة ذاتها اتخاذ هذه اإلجراءات أو تقتضيه مصلحة التحقيق الذى يكون
فى غياب الحاالت جارياً أو على وشك أن يجرى معه ،وبهذا تنحصر دواعى الوقف
فى إحدى هاتين المصلحتين .
وعالجاً للعامل الموسع يرى هذا الرأى من جانبه أن هاتين المصلحتين ال تنهضان
وبالتالى ال تبرر الوقف عن العمل إذا قام سبب جدى من شأنه المساس بالوظيفة أو
التحقيق ،بأن كان ما نسب إلى العامل من أمور ،قد بلغ حداً من الجسامة تنعكس
بآثارها السيئة على الوظيفة أو التحقيق فيها لو استمر العامل متولياً ألعمال وظيفته ،
إذ فى هذه الحالة تتحقق علة الوقف ودواعيه ،ويكون جائ اًز اتخاذ هذا اإلجراء " .
ولكن السؤال ما هو موقف القضاء المصرى من مفهوم مصلحة التحقيق ؟
اتجه قضاء مجلس الدولة المصرى إلى الربط بين الوقف اإلحتياطى ومصلحة التحقيق
مؤيداً بذلك االتجاه األول والذى أعطى تفسي اًر ضيقاً لسبب الوقف اإلحتياطى ،والمقتصر
على مصلحة التحقيق القائم بالفعل دون أية مصلحة أخرى ،وقد ورد هذا المعنى فى
العديد من أحكام المحكمة اإلدارية العليا حيث قررت " :ومن حيث إن قضاء هذه
564
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
المحكمة قد جرى على أن مناط وقف العامل عن العمل احتياطياً ليس وجود تحقيق
معه فقط بل أن تنقضى مصلحة هذا التحقيق لهذا الوقف وال يكون ذلك إال إذا أُسندت
اليه مخالفات ويدعو األمر الى اإلحتياط والتحوط للعمل العام الموكل إليه بكف يده
عنه أو إقصائه بعيداً عنه ليتم التحقيق فى جو ٍّ
خال من مؤاثراته وبعيداً عن سلطاته
"(.)1
كما قضت أيضاً بأن .... " :ووفقاً للتنظيم الذى وضعه المشرع بالنسبة إلى الوقف عن
العمل فال يجوز أن يوقع على الموظف كعقوبة تأديبية إال بموجب حكم من المحكمة
التأديبية المختصة وال يجوز الوقف احتياطياً إال إذا كان ثمة تحقيق يجرى مع الموظف
قبل إحالته إلى المحاكمة التأديبية إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك وال يوجد في
نصوص القانون ما يسوغ لجهة اإلدارة اتخاذ هذا اإلجراء األخير لغرض آخر كمجرد
الشك فى أن الموظف فقد شرط اللياقة الطبية أو إلجباره على اإلذعان لقرار أصدرته
جهة اإلدارة كما لو أحالت موظفاً إلى الكشف الطبى وامتنع عن تمكين الجهة الطبية
المختصة من فحصه ،وإنما يجب أن تلتزم جهة اإلدارة الوسيلة التى نص عليها القانون
والغرض الذى شرعت من أجله ،وما دام المشرع قد أجاز الوقف االحتياطى في أحوال
معينة محددة على سبيل الحصر فال يجوز لجهة اإلدارة أن تلجأ إلى هذه الوسيلة في
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 8من مارس سنة 2007م ،الطعن رقم 6032لسنة 45
قضائية .عليا ،مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة
اإلدارية العليا السنة الثانية والخمسون -من أول أكتوبر سنة 2006إلى آخر سبتمبر سنة ، 2007
ص . 514
565
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
غير ما شرعت له وإال كان ذلك خروجاً على حدود التنظيم الذي رسمه المشرع وإهدا اًر
()1
. للحكمة التى استهدفها من تخصيصه لكل حالة اإلجراء الذي يناسبها"
كما قضت أيضاً بأن " :ومن حيث أن وقف الموظف عن العمل احتياطياً،ال يسوغ وفقاً
لحكم المادة 95من القانون رقم 210لسنة 1961فى شأن نظام موظفى الدولة ،إال
إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحة التحقيق هذا اإليقاف ولما كان قرار
إيقاف المدعى عن عمله فى 3من أكتوبر سنة 1961قد صدر بعد انتهاء التحقيق
االدارى الذى باشرته النيابة االدارية فى القضية رقم 2 /250لسنة 1955وبعد انتهاء
التحقيق الذى أجرته النيابة العامة فى الجناية رقم 2573لسنة 1955قسم ثان بور
سعيد آنفة الذكر وصدر الحكم الجنائى النهائى فى 11من نوفمبر سنة 1957فى
االتهام الذى أوقف المدعى بسببه ،فان قرار الوقف والحال كذلك يكون قد تم على غير
ما يقضى به القانون ،حيث لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى تقتضى مصلحته هذا
()2
. اإليقاف "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 21من يناير سنة ، 1967القضايا رقم 273لسنة 12
القضائية ورقم 510لسنة 9القضائية ورقم 800لسنة 11القضائية ،مجلس الدولة -المكتب الفني
-مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الثانية عشرة -العدد األول
(من أول أكتوبر سنة 1966إلى منتصف فبراير سنة - )1967ص . 562
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 17من يناير سنة ، 1970القضية رقم 925لسنة 13
القضائية ،مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة اإلدارية
العليا السنة الخامسة عشرة -العدد األول (من أول اكتوبر سنة 1969إلى منتصف فبراير سنة
، )1970ص . 158
566
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
رأى الباحث فى مفهوم مصلحة التحقيق والترجيح بين اإلتجاهات الثالث:
ومن جانبنا نرى أنه – بال شك – وفقاً لصريح نص المادة 63من قانون الخدمة المدنية
رقم 81لسنة 2016فى فقرتها األولى على أنه " :لكل من السلطة المختصة ورئيس
هيئة النيابة اإلدارية بحسب األحوال أن يوقف الموظف عن عمله إحتياطياً إذا اقتضت
مصلحة التحقيق معه ذلك " ...والنصوص المشابهة لها فى قانون التوظف األخرى ،
ومن ثم يجب أن يكون الوقف االحتياطى بصدد تحقيق يجرى مع الموظف ،وأنه ال
مسوغ لالجتهاد مع صريح النص .
ومن ثم ينضم الباحث لالتجاه األول فى التفسير المضيق لمفهوم مصلحة التحقيق فى
ضوء نصوص القانون الحالية .
غير أن هذا النص منتقد من ناحيتين :
أوالً -:يجب أن يكون الوقف مرتكناً إلى سبب مشروع سواء مصلحة التحقيق أو مصلحة
المرفق الذى يعمل فيه .
بمعنى أن المحقق يرى أثناء التحقيق أن وقف الموظف أمر ضرورى لسالمة التحقيق
ويدعو األمر الى اإلحتياط والتحوط للعمل العام الموكل إليه بكف يده عنه أو إقصائه
بعيداً عنه ليتم التحقيق فى جو ٍّ
خال من مؤاثراته وبعيداً عن سلطاته .
أو أن المحقق ذاته يرى أنه مصلحة التحقيق ال تستدعى وقف الموظف ولكن مصلحة
المرفق ذاته تقتضى إبعاد الموظف ووقفه عن العمل ،حتى يتم التيقن من مسئوليته أو
عدم مسئوليته .
غير أن الباحث ال يتفق مع الرأى القائل بجواز وقف العامل إذا وجدت أسباب تجعل
من المصلحة وقفه دون أن يكون محل تحقيق قائم فعالً .
567
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وذلك ألن الوقف فى األساس هو أحد الجزاءات التأديبية ،وتطبيق هذا الرأى يعنى أننا
اء تأديبياً هو الوقف بغير تحقيق وهو ما ال يجوز .
سنطبق جز ً
كما أن السلطة الرئاسية لديها من اآلليات األخرى التى تستطيع به أن تبعد الموظف
عن عمله الحالى كالنقل إلى عمل آخر أو مكان آخر .
ثانياً -:يجب أن الوقف قائماً على سبب جدى من شأنه المساس بسالمة التحقيق أو
مصلحة المرفق .ذلك ألن وقف الموظف عن عمله ليس باإلجراء الذى يستهان به ،
سواء فى حياة العامل العادية أو الوظيفية .
وفى فرنسا ،اتفقت قوانين التوظف المتعاقبة 19 :أكتوبر 4 ، 1946فبراير 1959
13 ،يوليو 1983على اشتراط الخطأ الجسيم كسبب لوقف الموظف احتياطياً عن
العمل .
وقد اعتبر مجلس الدولة الفرنسى من قبل الخطأ الجسيم :
-رفض الموظف استالم وظيفته الجديدة .
-أفعال التمرد والعصيان من قبل الموظف العام .
-استخدام الموظف لطرق احتيالية .
والجدير بالذكر أنه قد اتجهت أحكام المحكمة اإلدارية العليا إلى إعمال هذه السلطة
(الوقف اإلحتياطى ) ليس وقفاً على التحقيق الذى تباشره السلطة اإلدارية فى شأن تلك
المخالفات إنما يمتد إلى ما يجرى فى المجال الجنائى من تحقيق حول ذات المخالفة
إذا ما خالطتها شبهة الجريمة الجنائية وذلك التحاد العلة من الوقف فى الحالتين وفى
هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأنه " :ومن حيث إنه عن الوجه الثالث
واألخير من أوجه الطعن والذى يقوم استناداً إلى أن المحكمة التأديبية قيدت نص المادة
86من القانون رقم 48لسنة 1978دون مبرر فإنه باستعراض أحكام القانون رقم 48
568
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
لسنة 1978بنظام العاملين بالقطاع العام يتبين أن المادة 86من هذا القانون تنص
على أنه " لرئيس مجلس اإلدارة بقرار مسبب حفظ التحقيق وله أن يوقف العامل عن
عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة ال تزيد عن ثالثة أشهر وال
يجوز مد هذه المدة إال بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التى تحددها ويترتب
على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف األجر ابتداء من تاريخ الوقف".
المستفاد بجالء من هذا النص طبقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة اإلدارية العليا أن
الشارع خول رئيس مجلس إدارة الشركة سلطة وقف العامل احتياطياَ عن عمله لمدة ال
تتجاوز ثالثة أشهر وذلك إذا ما رأى أن صالح التحقيق حول ما نسب إليه من مخالفات
يتطلب اتخاذ هذا اإلجراء وغنى عن البيان أن إعمال هذه السلطة ليس وقفاً على التحقيق
الذى تباشره السلطة اإلدارية فى شأن تلك المخالفات إنما يمتد إلى ما يجرى فى المجال
الجنائى من تحقيق حول ذات المخالفة إذا ما خالطتها شبهة الجريمة الجنائية وذلك
التحاد العلة من الوقف فى الحالتين وهي كفالة سير التحقيق إلى غايته ،في جو خال
من المؤثرات وحمايته من أن تعصف به األهواء أو يميل به إلى غير ما قصده من
كشف الحقيقة .
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وإذ كان الثابت من االطالع على أوراق التحقيق
اإلدارى رقم 1293لسنة 1984فى الطعن الماثل أنه قد نسب إلى المطعون ضده
وآخرين تهمة التالعب فى حصة السكر البالغ وزنها 2طن والخاصة بمعرض الشركة
الطاعنة الكائن فى المدينة الجامعية باإلسكندرية يوم 1984 /12 /2ومن ثم فإن
التهمة المنسوبة إلى المطعون ضده وزمالئه تكون قد خالطتها شبهة الجريمة العامة
وهى جريمة االستيالء على حصة السكر المدعوم واالتجار والتصرف بها فى السوق
السوداء األمر الذى من أجله أبلغت الشركة نيابة أمن الدولة لتجرى شئونها فيها ومتى
569
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
كان األمر ما تقدم فال مراء فى أن وقف المطعون ضده وزمالئه عن العمل فى ضوء
هذه االعتبارات وبمراعاة أن ثمة تحقيقاً ستجريه النيابة العامة فى شأن ما نسب إليه من
مخالفات انطوت على شبهة الجريمة العامة يكون قد قام على دواعيه مما يجعله سليماً
من الناحية القانونية"(.)1
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكم آخر لها بأن " :ومن حيث إن المصلحة
قد عرضت موضوع طلبها الخاص باستمرار وقف المدعى على مجلس التأديب الخاص
بمصلحة السكك الحديدية وتليفونات وتلغرافات الحكومة ،وأن مجلس التأديب المذكور
قرر عدم اختصاصه بنظر االتهام؛ ألن المدعى ليس موظفاً بمصلحة السكة الحديد،
وأمرت بإحالته إلى الجهة التأديبية المختصة لنظرها أمام المجلس المختص ،نظ اًر لفصل
مصلحة التلغرافات والتليفونات عن مصلحة السكة الحديد ،وقد تم عرض أمر استمرار
وقفه على مجلس تأديب مصلحة التليفونات فقرر"استمرار وقف كل من ...... ،.....
-المدعي -وقفاً موقوتاً بانتهاء التحقيق المشار إليه ،كما قرر المجلس استمرار وقف
صرف مرتب كل منهما" .وجاء فى أسباب هذا القرار أن الثابت من األوراق أن المنسوب
إلى كل من هذين الموظفين هو االستيالء على مبالغ من قيمة المكالمات الزائدة
بتليفونات اإلسكندرية نتيجة تزويرهما فى فواتير المشتركين ،وأن التحقيق عن هذه الوقائع
المنسوبة إليهما ال يزال مستم اًر بالنيابة المختصة ،وأن األول منهما ال يزال محبوساً
حبساً احتياطياً على ذمة هذه القضية ،وأن مجلس التأديب يرى لذلك "أن مصلحة
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 19من يونيه سنة ،1990الطعن رقم 3374لسنة 33
القضائية ،مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة اإلدارية
العليا السنة الخامسة والثالثون -العدد الثانى ( -من أول مارس سنة 1990إلى آخر سبتمبر
، )1990ص .1978
570
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
التحقيق مع الموظفين المذكورين في هذه القضية تقضى باستمرار وقف كل منهما".
وواضح من ذلك أن المقصود من هذا القرار -بحسب فحواه على هدى أسبابه -هو
استمرار وقف المدعى حتى يفصل فيما هو منسوب إليه من اختالس وتزوير ،وهى تهم
لو صحت النطوت على مخالفات إدارية فضالً عن اقتراف جرائم ،فالمقصود من القرار،
والحالة هذه ،هو استمرار الوقف حتى ينحسم هذا الموقف المعلق ،وهو ال ينحسم إال
بعد إتمام التحقيق الذى تتواله النيابة العامة ،ثم الفصل فى التهم بعد ذلك بوساطة جهات
القضاء المختصة ،وهذه هو التأويل الذي يتسق مع طبائع األشياء ومع الحكمة التشريعية
التي قامت عليها النصوص الخاصة بوقف الموظف ووقف مرتبه خالل هذا الموقف
()1
. المعلق "
ويرى الباحث-:
نرى من وجهة نظرنا أن الوقف اإلحتياطى لمصلحة التحقيق ينحصر على مصلحة
التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية أو النيابة اإلدارية وليس يعمم على التحقيق الذى
تجريه النيابة العامة لجرائم جنائية قارفها الموظف العام ،فالوقف لمصلحة التحقيق
يجب أن يكون بموجب نص قانونى والشك أن النصوص التى نظمت الوقف لمصلحة
التحقيق فى قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016وغيرها من النصوص التأديبية
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 14من يونيه سنة ، 1958القضية رقم 692لسنة 3
القضائية ،مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة اإلدارية
العليا ،السنة الثالثة -العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة - )1958ص .1422
571
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
إنما قصدت فقط التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية أو التحقيق الذى تجريه النيابة
اإلدارية فقط .
أما الوقف لمصلحة التحقيق الجنائى يجب أن يكون بموجب نصوص قانونية تنظم ذلك
،ال سيما أن النيابة العامة لديها من الوسائل األخرى التى تستطيع به إبعاد الموظف
عن العمل إذا كان األمر يستحق ذلك كالحبس اإلحتياطى على سبيل المثال .
د -آثار الوقف االحتياطى لمصلحة التحقيق .
ال يترتب على وقف الموظف عن عمله فصم رابطته الوظيفية أو إنهاء وظيفته ،إال
أنه بالرغم من ذلك يترتب على الوقف عدة آثار نتناولها على النحو التالى :
األثر األول -:اإلسقاط المؤقت لوالية العامل الوظيفية .
الوقف اإلحتياطى يترتب عليه إسقاط والية الوظيفة إسقاطاً مؤقتاً عن الموظف فال يتولى
خالله سلطة وال يباشر لوظيفته عمالً ،ذلك أن الموظف قد تسند إليه تهم وتوجه إليه
مآخذ ،فيقتضى األمر إقصاءه عن وظيفته ليجرى التحقيق فيها توصالً للحقيقة وانبالجها
فى جو خال من مؤثراته ،أو بعيداً عن سلطاته .
فالوقف اإلحتياطى على هذا النحو هو حالة قانونية ،تتوقف فيها مباشرة أعمال الوظيفة
ألن العامل يفقد واليته على تلك األعمال ،بخالف االنقطاع للمرض أو لألجازة السنوية
مثالً ،إذ تستمر خالل تلك الفترة والية الموظف القانونية على وظيفته ،فليس من شأن
االنقطاع لهذا السبب أن يؤثر فى صفة العامل الوظيفية ،وفى صلته بعمله إذا لم
يصدر من الجهة التابع لها إجراء قانونى بتجريده من هذه الوالية ،كما لم يرتب القانون
على االنقطاع هذا األثر ،فالموظف يستطيع خاللها فى أى وقت ،أن يقوم باألعمال
572
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
التى تدخل فى اختصاصه ،بعكس الموظف الموقوف ،فإنه محروم من ذلك ما دام
موقوفاً (.)1
وإذا باشر الموظف رغم وقفه عمالً من أعمال وظيفته ،اعتبر هذا العمل منعدماً لصدوره
من شخص ال والية له أصالً فى القيام به ،حتى ولو استصدر بعد ذلك حكماً بإلغاء
قرار الوقف ،ألن األصل فى التصرفات اإلدارية أن تقدر صحتها فى تاريخ صدورها
دون نظر إلى االعتبارات الالحقة ،وذلك ما لم تصحح تصرفات العامل الموقوف
نظرية الموظف الفعلى ،إذا ما توافرت شروطها (.)2
ولكن فيما عدا إعفاء الموظف مؤقتاً من االضطالع بأعباء وظيفته ،فإن الموظف
الموقوف يظل ملتزماً بواجبات الوظيفة األخرى ،وال يجوز له اإلخالل بها وإال تعرض
للمسئولية التأديبية (.)3
ابتداء من تاريخ الوقف .
ً األثر الثانى -:وقف صرف نصف أجره
وفقاً لما نصت عليه المادة ( )63من قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016يترتب
ابتداء من تاريخ الوقف .
ً على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره
فور على المحكمة التأديبية المختصة لتقرير صرف أو عدم صرف
ويجب عرض األمر ًا
المتبقى من أجره ،فإذا لم يعرض األمر عليها خالل عشرة أيام من تاريخ الوقف وجب
صرف كامل أجره حتى تقرر المحكمة ما ُيتبع فى شأنه .
( )1المستشار الدكتور /مغاورى محمد شاهين ،المساءلة التأديبية ،مرجع سابق ،ص 294وما
بعدها .
( )2د .عبدالفتاح حسن ،التأديب فى الوظيفة العامة ،مرجع سابق ،ص . 164
( )3د .محمود أبو السعود حبيب ،قضاء التأديب ،مرجع سابق ،ص . 273
573
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
يوما من تاريخ رفع األمر إليها،
وعلى المحكمة التأديبية أن تُصدر قرارها خالل عشرين ً
فإذا لم تصدر المحكمة قرارها فى خالل هذه المدة يصرف األجر كامالً.
فإذا برئ الموظف أو حفظ التحقيق معه أو ُجوزى بجزاء اإلنذار أو الخصم من األجر
لمدة ال تجاوز خمسة أيام صرف إليه ما يكون قد أوقف صرفه من أجره ،وإذا ُجوزى
بجزاء أشد تقرر السلطة التى وقعت الجزاء ما ُيتبع فى شأن األجر الموقوف صرفه،
فإن ُجوزى بجزاء الفصل انتهت خدمته من تاريخ وقفه وال يجوز أن يسترد منه فى هذه
الحالة ما سبق أن صرف له من أجر.
()1
قصر المدة الواجب فيها عرض األمر على المحكمة التأديبية وينتقد جانب من الفقه
وهى عشرة أيام حيث أشار إلى أن الوقف قد يصدر لصالح الوظيفة ،وقبل أن يستكمل
التحقيق مقوماته فإن احتمال صرف المرتب كله للموظف الموقوف كبير ،وذلك ألن
اإلدارة لن تستطيع عرض قرار الوقف عن العمل على المحكمة التأديبية بدون أسباب
تستمدها من تحقيق ،وقد يستغرق هذا التحقيق وقتاً أطول من األيام العشرة المقررة فى
المادة ،وهنا يصطدم منطق الضمان مع مقتضيات الفاعلية ،ألن الوقف المؤقت سوف
ينتهى إلى أجازة إجبارية بمرتب على خالف القاعدة األصولية التى تقضى بأن األجر
مقابل العمل .
والواقع أن المشرع قد راعى فى تحديد المدة السابقة ،ظروف الموظف الموقوف .إذ
يعتبر الراتب الشهرى فى أغلب الحاالت هو المصدر الرئيسى إن لم يكن الوحيد للموظف
،وليس من المصلحة أن يظل موقفه معلقاً لفترة طويلة من الوقت السيما وأن وقف
( )1د .سليمان محمد الطماوى ،قضاء التأديب ،مرجع سابق ،ص . 341
574
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
صرف نصف المرتب سوف تنعكس آثاره ولو بطريق غير مباشر على أسرة الموظف
ومن يعولهم (.)1
والمالحظ أنه إذا جوزى الموظف الموقوف بالفصل فإن خدمته تنتهى من تاريخ وقفه ،
وطالما أن الموظف لم يعمل أثناء الوقف فمن الواجب استرداد ما صرف له خالل مدة
إيقافه تطبيقاً لقاعة األجر مقابل العمل ،إال أن المشرع العتبارات إنسانية خرج على
()2
. هذه القاعدة مقر اًر عدم جواز استرداد ما سبق أن صرف له من أجر
وفى فرنسا كان قانون 1959يقرر سلطة اإلدارة فى تقرير صرف المرتب الكامل
للموظف الموقوف عن العمل أو صرف جزء من مرتبه بشرط أال يتجاوز الخصم نصف
المرتب ،مع تقاضى الموظف لعالوته العائلية .
أما القانون الحالى الصادر فى 13يوليو 1983فتنص المادة ( )30منه على أن "
يحتفظ الموظف الموقوف بمرتبه الكامل وبدل السكن والعالوة العائلية واإلعانات العائلية
اإللزامية " .
"Le fonctionnaire suspendu conserve son traitement, l'indemnité
de résidence, le supplément familial de traitement et
lesprestations familiales obligatoires. Sa situation doit être
définitivement réglée dans le délai de quatre mois".
( )1د .محمود أبو السعود حبيب ،قضاء التأديب ،مرجع سابق ،ص . 275
( ) د .رمضان محمد بطيخ ،المسئولية التأديبية لعمال الحكومة والقطاع العام وقطاع األعمال فقهاً
2
575
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
فى الواقع إن الباحث ينتقد نص المادة ( )63من قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
ابتداء من تاريخ الوقف .
ً 2016فى تقريرها وقف صرف نصف أجره
حيث أن الموظف مازال فى طور التحقيق ورغم أنه تحوم حوله الشبهات والمخالفات
إال أنها فى ذات الوقت لم تتأكد بعد والزال الموظف برىء اليد ،ومن ثم فإن وقف
نصف أجر الموظف يكون بمثابة جزاء للموظف رغم أنه ما زال محل شبهة ولم تتحدد
مسئوليته أو عدم مسئوليته ،وال ذنب له فى ذلك ،ومن ثم فإن حرمانه بل وحرمان
أسرته من صرف نصف أجره ،يعتبر بمثابه جزاء له قبل التحقيق ،وإذا ما أرادت جهة
اإلدارة وقف الموظف لمصلحة التحقيق للمحافظة على الدليل أو لغيره فيجب أن تتحمل
هى ذلك وليس الموظف ،وبعد التحقيق معه وإثبات مسئوليته يجازى بالجزاء المناسب.
األثر الثالث -:عدم جواز ترقية الموظف الموقوف عن العمل .
القانون المصرى ال يجيز ترقية الموظف الموقوف عن العمل أو المحال للمحاكمة
التأديبية أوالجنائية ،حيث تنص المادة المادة ( )65من قانون الخدمة المدنية رقم 81
المحال إلى المحاكمة التأديبية أو
لسنة 2016على أنه " :ال تجوز ترقية الموظف ُ
الجنائية أو الموقوف عن العمل مدة اإلحالة أو الوقف ،وفى هذه الحالة تحجز وظيفة
للموظف .
576
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
فالترقية تحمل فى طياتها معنى التكريم ،والثقة فى الموظف المرقى وال يتفق مع هذا
المعنى إحالة الموظف إللى المحاكمة الجنائية أو التأديبية ،أو قفه عن العمل ،ألن
هذه األوضاع الثالثة تلقى بظالل من الريبة والشك على سمعة الموظف ومقدرته ،
اء احتياطياً ،يحجب الموظف عن الترقية ،مع مواجهة ولهذا فإن المشرع اتخذ إجر ً
احتمال براءته مما نسب إليه فالمنع من الترقية ليس بعقوبة تأديبية ،ولكنه إجراء وقائى
مؤقت يتقرر مصيره فى ضوء ما تسفر عنه محاكمة الموظف جنائياً أو تأديبياً (.)1
والمالحظ أنه فى فرنسا ال يحرم الموظف الموقوف عن العمل من الترقية ،حيث يجوز
ترقيته .
- 2الوقف بقوة القانون نتيجة لتنفيذ حكم جنائى أو للحبس االحتياطى .
نصت المادة ( )1/64من قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016على أنه " :كل
احتياطيا أو تنفي ًذا لحكم جنائى ُيوقف عن عمله بقوة القانون مدة حبسه،
ً موظف ُيحبس
احتياطيا أو تنفي ًذا لحكم جنائى غير نهائى،
ً ويحرم من نصف أجره إذا كان الحبس
ويحرم من كامل أجره إذا كان الحبس تنفي ًذا لحكم جنائى نهائى " .
ُ
ويرى جانب من الفقه أن هذا الوقف يتم بمجرد تحقق سببه الذى حدده القانون دون
حاجة إلى قرار إدارى (.)2
( )1د .سليمان محمد الطماوى ،قضاء التأديب ،مرجع سابق ،ص . 344
( )2اللواء دكتور /محمد ماجد ياقوت ،شرح القانون التأديبى للوظيفة العامة ،دار الجامعة الجديدة
،طبعة ، 2009ص . 1035
577
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ويرى الباحث -:
نرى أن األمر يستدعى إصدار اإلدارة لقرار إدارى بالوقف عن العمل غاية األمر أن
سلطة اإلدارة تكون مقيدة تماماً ،ويكون هذا القرار موضحاً فيه الحرمان من نصف
احتياطيا أو تنفي ًذا لحكم جنائى غير نهائى ،أو الحرمان من كامل
ً أجره إذا كان الحبس
أجره إذا كان الحبس تنفي ًذا لحكم جنائى نهائى ،حتى يتسنى تنفيذ اآلثار المالية للوقف
من اإلدارات المختصة بذلك .
والسؤال الذى يثور هل فى وسع اإلدارة أن تصدر ق ار اًر بوقف الموظف إحتياطياً إذا
كان موقوفاً عن عمله بقوة القانون ؟
أجابت عن ذلك المحكمة اإلدارية العليا بقولها " إن مؤدى كل من الوقف االحتياطى
والوقف بقوة القانون ،هو إسقاط الوالية عن العامل ،إال أن لكل من الوقفين سنده
القانونى وشروطه ودواعيه فالوقف االحتياطى يصدره الرئيس اإلدارى فى دائرة
إختصاصه إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك ،بينما يقع الوقف بقوة القانون ،إذا ما
حبس العامل إحتياطياً أو نفذ الحكم الجنائى ،ويظل العامل موقوفاً إلى أن يزول سبب
الوقف باإلفراج عن العامل ،وأنه وإن كان وقوع الوقف بقوة القانون قد يغنى عن صدور
قرار بتقرير الوقف اإلحتياطى ،طالما كان الوقف بقوة القانون قائماً ،فإنه قد يكون
لدى اإلدارة من اإلعتبارات ما يحملها على تقرير استمرار وقف العامل بعد اإلفراج عنه
فتصدر ق ار اًر بالوقف اإلحتياطى ،معلقة نفاذ أثره على إنهاء الوقف بقوة القانون ،ومن
ثم فإن قرار الوقف اإلحتياطى الذى صدر إبان قيام الوقف بقوة القانون ،يحمل على
578
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
أنه قرار شرطى معلق على إنهاء الحبس اإلحتياطى ،بحيث ينفذ أثره إذا ما زال الوقف
. ()1
المترتب بقوة القانون "
-3الوقف للمصلحة العامة بناء على طلب الرقابة اإلدارية .
نصت المادة 6من القانون 54لسنة 1964بشأن إعادة تنظيم الرقابة اإلدارية المعدل
بالقانون 207لسنة 2017على أنه " :يكون لهيئة الرقابة اإلدارية فى سبيل مباشرة
اختصاصاتها حق طلب أو االطالع أو التحفظ على أية ملفات أو بيانات أو أوراق أو
الحصول على صورة منها ،وذلك من الجهة الموجودة فيها هذه الملفات أو البيانات أو
األوراق بما فى ذلك الجهات التى تعتبر البيانات التى تتداولها سرية ،وكذلك استدعاء
من ترى سماع أقوالهم.
كما يجوز لها أن تطلب وقف العامل عن أعمال وظيفته أو إبعاده مؤقتاً عنها إذا اقتضت
المصلحة العامة ذلك ويصدر قرار اإليقاف أو اإلبعاد المؤقت من رئيس مجلس الوزراء
".
والوقف فى هذه الحالة ليس متروكاً لتقدير الجهة اإلدارية التى يتبعها العامل ،إذ يتم
الوقف هنا بقرار من رئيس مجلس الوزراء ،وذلك على خالف الوقف الذى يتم بناء
على طلب النيابة اإلدارية ،وهذا الوقف ال يتقيد بمدة معينة حيث لم يقيده المشرع بأجل
معين ،ومن ثم فهو يخضع لتقدير مصدر القرار ،حسبما يراه محققاً المصلحة العامة
التى تطلبته ،وال يخضع هذا الوقف فيما يتعلق بمدته لألحكام العامة فى الوقف
اإلحتياطى لصالح التحقيق ،من وجوب اللجوء لمده من المحكمة التأديبية ،لما قد
يكون هناك من االعتبارات المتصلة بالمصلحة العامة ،والتى تنأى عن األوراق ،بما
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1968/2/17الطعن رقم 151لسنة 13ق .عليا .
579
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ال يمكن معه أن تكون محالً لالعتبار ،لدى الجهة التى تراقب الوقف وتقرر استم ارره
،وترتيباً على ذلك يتعين تقرير استحقاق العامل لمرتبه باعتبار أن وقف العامل فى
هذه الحالة هو أمر خارج عن إرادته وإن اقتضته مصلحة عامة ،ومن ثم فال يجوز
حرمان العامل من مرتبه كله أو بعضه حتى وقف صرف جزء منه ،لعدم وجود نص
فى هذا الخصوص (.)1
-: 4الوقف كأحد الجزاءات التأديبية .
والوقف هنا عقوبة تأديبية وهو يختلف عن الوقف الذى يجرى لمصلحة التحقيق أو
الوقف الذى يتم بقوة القانون لحبس الموظف إحتياطياً أو تنفيذاً لحكم جنائى .
وقد نص قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016على جزاء الوقف عن العمل لمدة
ال تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف األجر الكامل .
ويرى الباحث -:
فى الحقيقة إننا نعترض على تقرير الوقف كعقوبة تأديبية ،فنحن هنا نعاقب المرفق
الذى قد يتعطل أو يتأثر نتيجة لعدم اإلستفادة من من هذا الموظف طوال مدة الوقف.
بل فى نظر بعض الموظفين الكسالى الذى ال يطمحون إلى الترقى فى الوظيفة ،يعد
الوقف مع صرف نصف األجر لهم بمثابة مكافأة لهم ،بعدم العمل مع صرف نصف
األجر .
( ) 1د .نعيم عطية ،موانع الترقية ،بحث منشور بمجلة إدارة قضايا الحكومة ،س ، 15عدد 3
سبتمبر عام ، 1971ص . 616
580
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
فلو فرض أن هناك منشأة خاصة وأخطأ أحد الموظفين هل سيقوم صاحب العمل فى
سبيل معاقبته بوقفه عن العمل وإجالسه فى بيته ويقوم بصرف نصف أجرة ،بالطبع
هذا ال يعقل .
ونهيب بالمشرع المصرى أن يقوم بإلغاء هذا الجزاء من قانون الخدمة المدنية رقم 81
لسنة 2016وفى قوانين التوظف عامة .
ولذلك نجد أن الجزاءات التى أوردها قانون العمل المصرى رقم 12لسنة 2003لم
يكن من بينها جزاء الوقف مع صرف نصف األجر .
حيث المادة ( )60من هذا القانون على أنه " :الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها
على العامل وفقاً للوائح تنظيم العمل والجزاءات التأديبية فى كل منشأة هى:
-1اإلنذار.
-2الخصم من األجر.
-3تأجيل موعد استحقاق العالوة السنوية لمدة ال تجاوز ثالثة أشهر.
-4الحرمان من جزء من العالوة السنوية بما ال يجاوز نصفها.
-5تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة ال تزيد على سنة.
-6خفض األجر بمقدار عالوة على األكثر.
-7الفصل من الخدمة وفقا ألحكام هذا القانون.
ً
ثانيا -:استدعاء الشهود ومساع أقواهلم .
الشهادة تعد من أهم األدلة إثباتاً أو نفياً سواء فى المجال الجنائى أو التأديبى ،ويجب
أن تكون الشهادة سليمة ومنزهة عن كل ما يقدح أو يشكك فى صحتها أو يمنع من
قبولها وأن تكون صادرة من شخص ليس له مصلحة من ورائها أو هوى أو يقصد
581
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
االنتقام أو التشفى أو التحامل على المتهم مما ينبغى معه توافر العدالة فى هذه الشهادة
ولذا فإنه ال تقبل شهادة الخصم على خصمه أو متهم على آخر كدليل على ثبوت
االتهام دون أدلة أخرى تؤكده.
()1
الشهادة بأنها األقوال التى يدلى بها غير الخصوم بما أدركوه وعرف جانب من الفقه
بحواسهم أو استقوه من غيرهم بأسماعهم أو أبصارهم متعلقاً بالواقعة أو ظروف ارتكابها
وإسنادها إلى المتهم أو براءاته منها ،ويكفى فى الشهادة إن لم توصل إلى الحقيقة
كلها ،أن تؤدى إلى استنتاجها استنتاجاً سائغاً مقبوالً .
كما يعرفها البعض( )2بأنها البيانات أو المعلومات التى يدلى بها األشخاص فى الدعوى
المنظورة عن واقعة ،علم بها أو أدركها بأى حاسة من حواسه سواء كان السمع أو
البصر أو الشم وإنها تنصب على الواقعة محل التحقيق فال تتناول معتقدات الشاهد أو
آرائه الشخصية أو تقديره لجسامة الواقعة أو مسئولية المتهم .
وقد نصت المادة ( )157من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
2016على أنه " كل موظف ُيستدعى لسماع شهادته فى التحقيق ويمتنع عن الحضور
تأديبيا ".
ً أو اإلدالء بما لديه من معلومات دون عذر مقبول ُيساءل
وقد نصت المادة ( )3/154من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
2016على أنه " للمحقق فى سبيل أداء مهمته اتخاذ اإلجراءات الالزمة لضمان سالمة
التحقيق وله على األخص ما يأتى :
()1المستشار /ممدوح طنطاوى ،األدلة التأديبية ،مطبعة االنتصار ،الطبعة األولى ، 2000 ،ص
. 161
( )2د .عبدالفتاح بيومى حجازى ،أصول التحقيق اإلبتدائى أمام النيابة اإلدارية ،المركز القومى
لإلصدارات القانونية ،طبعة ، 2011ص . 105
582
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
- 3طلب رأى أو شهادة أحد شاغلى الوظائف القيادية ،على أن يكون طلب الرأى أو
كتابيا " .
الشهادة والرد عليهما ً
ولم يضع المشرع فى قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016إجراءات محددة يلتزم
بها محقق الجهة اإلدارية فى سماع الشهود ،لذلك فإن اإلجراءات المتعلقة بسماع
الشهود التى يتم إتباعها فى مجال التحقيق التأديبى الذى تتواله الجهة اإلدارية هى ذات
اإلجراءات المنصوص عليها فى قانون اإلجراءات الجنائية .فالمحقق له استدعاء
الشهود وسماع أقوالهم ،وله أن يسمع شهادة من يرى لزوم سماعه من الشهود ،وله
سماع شهادة أى شاهد يحضر من تلقاء نفسه .ولذلك فالمحقق له سلطة تقديرية واسعة
فى سماع الشهود ،فهو فى مكنته انتقاء الشهود الذين يرجح أن تكون لشهادتهم أهميتها
واألصل أن يطلب المتهم سماع شهود معينين ،ولكن طلب المتهم ليس شرطاً لسماع
الشاهد ،ويجوز للمحقق أن يرفض سماع الشاهد سواء طلب المتهم سماعه أو حضر
()1
. من تلقاء نفسه ،إذا رأى عدم الفائدة من سماعه
والشهادة إما أن تكون مباشرة ،أو غير مباشرة ،أو مبنية على الخبر الشائع:
-الشهادة المباشرة:
المراد إثباتها ،بمعنى أن
وهى تلك التى تصدر عن شخص رأى أو سمع بنفسه الواقعة ُ
يشهد بما اتصل بحواسه مباشرة.
( )1اللواء دكتور /محمد ماجد ياقوت ،شرح القانون التأديبى للوظيفة العامة ،مرجع سابق ،ص
937وما بعدها .
583
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
-الشهادة غير المباشرة:
المراد إثباتها ،إنما َعلِ َم
وهى تلك التى تصدر عن شخص لم يسمع ولم َير بنفسه الواقعة ُ
بها عن طريق شخص آخر سمعها أو رآها بنفسه.
وهذه الشهادة جائزة ومقبولة قانوناً ،كالشهادة المباشرة ،وخاضعة لتقدير سلطة التحقيق.
-الشهادة المبنية على الخبر الشائع:
ما يقرب هذه الشهادة من الشهادة غير المباشرة أنها تصدر عن شخص لم يسمع ولم
َير بنفسه الواقعة التى يشهد عليها؛ ولكن ما يميزها عنها أن الشاهد فيها يستمد معلوماته
حول الواقعة المراد إثباتها ،من الخبر الشائع فى الجمهور ،وليس من شخص محدد
سمعها أو رآها .لذلك فهى تفتقر عادة الى الدقة ،نظ اًر لتناقلها من شخص إلى آخر؛
وبالتالى ال يتحمل الشاهد أية مسؤولية شخصية عما يشهد به.
ويرى الدكتور عبدالفتاح بيومى حجازى( )1أن " التسامع " وهو أن يدلى الشاهد بما يشاع
لدى الناس بصدد أمر معين ،ال يعتبر شهادة ،وإن جاز أن يعد من أعمال االستدالالت
التى قد تؤدى إلى الحصول على دليل فى الجريمة محل التحقيق .
والشهادة السماعية وإن أُخذ بها على سبيل االستدالل ،إال أنها ال تكفى وحدها كمعول
فى اتخاذ القرار أو الحكم التأديبى ،بل البد وأن يساندها دليل آخر ،حيث ال يتساوى
()2
. شهود الرؤية مع من كانت شهادتهم سماعية
والشهادة فى األصل هى تقرير الشخص لما قد يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه
على وجه العموم بحواسه ،ووزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى تؤدى فيها شهادته
( )1د .عبدالفتاح بيومى حجازى ،أصول التحقيق اإلبتدائى أمام النيابة اإلدارية ،دراسة متعمقة فى
التأديب ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،بدون تاريخ نشر ،ص . 106
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1995/8/1فى الطعن رقم 800لسنة 39ق .
584
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
مرجعه جهة التحقيق ،فلها أن تنزلها المنزلة التى تراها وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه،
وبمراعاة أنه اليشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها
وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ،بل يكفى أن يكون من شأنها أن تؤدى إلى تلك
الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه جهة التحقيق بما يتالءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى
رواه مع عناصر اإلثبات األخرى المطروحة أمامها ،ومن ثم فإنه ال تثريب عليها إن
هى استندت فى مذكرة التصرف إلى األخذ بأقوال الشهود ،دون أن تلتزم -بحسب
األصل -بأن تورد من أقوال الشهود إال ما تقيم عليه قرارها ،ولها أن تعول على أقوال
الشاهد فى أية مرحلة من مراحل التحقيق متى اطمأنت إليها ولو عدل عنها ،ومتى كان
من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه القرار ،وأن فى اطمئنانها إلى هذه األقوال ما يفيد أنها
قد طرحت ما أبدى أمامها من دفاع قصد به التشكيك فى صحة هذه األقوال .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :للسلطة التأديبية سواء كانت
مجلس التأديب أو المحكمة التأديبية المختصة أن تستند إلى قول فى األوراق الخاصة
بالدعوى التأديبية دون قول آخر حسبما يطمئن إليه وجدانها -ال تثريب على السلطة
التأديبية إذا ما هى اطمأنت ألسباب مستخلصة من األوراق وأقوال الشهود إلى الشهادة
. ()1
األولى ألحد الشهود وطرحت ما ط أر على هذه الشهادة من تعديل طارئ "
واثبات الواقعة المنسوبة للموظف بشهادة الشهود وحدها يقتضى أال يكون بينه وبين من
سمعت شهادته ضغينة سابقة وأال يكون فى مسلك الشاهد تجاه الواقعة أو فى الظروف
التى سبقت اإلدالء بشهادته ما يحول دون االطمئنان إلى تلك الشهادة ،وأن ال ينطوى
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1988/11/5الطعن رقم 646لسنة 32القضائية ،
مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الرابعة
والثالثون الجزء األول ( من أول أكتوبر 1988إلى آخر فبراير - 1989ص .61
585
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
إثبات الواقعة بشهادة الشهود على إخالل بحق الدفاع باإلعراض عن سماع شهود ممن
حضروا الواقعة غير شهود اإلثبات الذين بدأوا االتهام أصالً .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :اإلستناد فى ثبوت تلك الواقعة
إلى شهادة الشهود وحدها ،يقتضى أال يكون بين الطاعنة ومن سمعت شهادته ضغينة
سابقة وأال يكون فى مسلك الشاهد تجاه الواقعة أو فى الظروف التى سبقت أدائه
بشهادته ما يحول دون االطمئنان لتلك الشهادة وأن ال ينطوى إثبات الواقعة بشهادة
الشهود على إخالل بحق الدفاع باإلعراض عن سماع شهود من حضروا الواقعة غير
()1
. شهود اإلثبات الذين بدأوا اإلتهام أصال ًً "
كما قضت أيضاً بأن " :الشهادة تعد من أهم األدلة إثباتاً ونفياً فى المجالين الجنائى
والتأديبى ،ومن ثم تبعاً لذلك يجب أن تكون سليمة ومنزهة من كل ما يقدح أو يشكك
فى صحتها أو يمنع من قبولها ،وأن تكون صادرة من شخص ليس له مصلحة من
ورائها أو هوى أو بقصد االنتقام أو التشفى أو التحامل على المتهم مما ينتفى معه توافر
()2
. العدالة فى الشهادة
وتبدو أهمية الشهادة كدليل فى أنها ترد على وقائع مادية تكون الجريمة أو تتصل بها
،والسبيل األكثر مناسبة إلثبات هذه الوقائع هى الشهادة ،ألن الكتابة ال تسعف دائماً
فى اإلثبات .
وهكذا يتعاظم دور الشهادة فى اإلثبات كوسيلة إثبات فى التحقيق سواء فى التحقيق
الجنائى أو التأديبى .
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1996/2/27الطعنين رقمى 2839 ، 2712لسنة 39
ق.
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 2008/11/22الطعن رقم 2370لسنة 52ق .
586
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ويثار فى موضوع الشهادة عدد من األسئلة المهمة والتى تحتاج إلى إجابات مقنعة
نتناولها على النحو التالى :
أ -ما هى أهلية أداء الشهادة ؟
حتى تؤتى الشهادة ثمارها ،فإن هناك بعض الشروط التى يتعين توافرها فى الشاهد ،
وهذه الشروط تتعلق بسن الشاهد وحالته العقلية ،فيتعين فى الشاهد أن يكون ممي اًز ،
وقد حدد المشرع سن التمييز فى هذا النطاق بأربعة عشر عاماً ،حيث نصت المادة
283من قانون اإلجراءات الجنائية رقم 150لسنة 1950وتعديالته على أنه " :يجب
على الشهود الذين بلغت سنهم أربعة عشر سنة ،أن يحلفوا يميناً قبل أداء الشهادة على
أنهم يشهدون بالحق وال يقولون إال الحق .ويجوز سماع الشهود الذين لم يبلغوا أربعة
عشر سنة كاملة بدون حلف يمين على سبيل اإلستدالل " .
ومن ثم يشترط فى الشاهد أن يكون ممي اًز ،والتمييز يتعين توافره حال مشاهدة الواقعة
،وحال أداء الشهادة ،وإذا انعدم التمييز ،كما فى أحوال السكر والجنون امتنع سماع
الشهادة .
ونظ اًر ألهمية الشهادة فى مجال التأديب فإنه فى بعض الحاالت يكون شهود النفى
من صغار السن فما مدى جواز األخذ بشهادتهم فى هذا الصدد ؟
()1
إلى أن عدم األخذ بشهادة الصغير إال عند بلوغه أربعة عشر ذهب جانب من الفقه
عاماً قد يضر المتهم ال سيما عندما يكون الصغير شاهد النفى الوحيد ،ففى بعض
الوقائع تكون لشهادة الصغار أهمية كبيرة كما فى المخالفات التأديبية التى تقع فى
المدارس والتى يكون شهودها فى الغالب هم الصغار .
( )1د .سعد الشيتوى ،التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ،مرجع سابق ، 2013 ،ص .135
587
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وقد قضت محكمة النقض بأن التمييز هو مناط اإلدراك فى الشاهد ،فيجب أن يكون
ممي اًز ،وإال عدت شهادته معدومة األثر ،وال يعتد بهذه الشهادة ولو على سبيل
االس تدالل ،أو بوصفها مجرد تفسير أو احتياجات ،ألن قائلها فقد اإلدراك والذى هو
()1
. أساس الشهادة
ويرى الباحث -:
فى الواقع أننا ال نتفق مع ما انتهى إليه حكم النقض السالف ،حيث أن سن التمييز
فى القواعد العامة هو سبع سنوات ،وبينه وبين السن المحدد ألداء الشهادة شوطاً بعيداً
،وأن الحدث من سن سبع سنوات وحتى أربعة عشر عاماً يكون له عقل وذاكرة تسعفه
فى اإلدالء بمعلومات قد يكون لها أهميتها فى كشف الحقيقة ،ولو على سبيل االستدالل
،فليس من المقبول مثالً شهادة طالب بالصف األول اإلعدادى أو الثانى اإلعدادى
والذين لم يكملوا أربعة عشر عاماً ولو على سبيل اإلستدالل .
ويؤيد وجهة نظرنا أن المادة 283إجراءت جنائية قد نصت فى فقرتها األخيرة على أنه
" :ويجوز سماع الشهود الذين لم يبلغوا أربعة عشر سنة كاملة بدون حلف يمين على
سبيل االستدالل " .
كما أن القضاء اإلدارى اعتبر أن شهادة الصغار جائزة متى كانت واحدة واتفقت مع
غيرها (.)2
588
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ب -هل يتم تحليف الشهود اليمين القانونية فى التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية؟
قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016أو قانون العاملين بالقطاع العام أو قانون
تنظيم الجامعات ال يستوجب أياً منهم تحليف الشهود اليمين فى التحقيق اإلدارى قبل
إبداء أقوالهم .
ويختلف الحال أمام النيابة اإلدارية باعتبارها هيئة قضائية وأمام المحاكم المختصة إذ
يجب تحليف الشهود اليمين القانونية قبل اإلستماع إلى شهاداتهم .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأنه " :ومن حيث إنه عن الوجه األول
من الطعن من عدم تحليف الشهود اليمين القانونية أمام مجلس التأديب فإنه وإن كانت
القاعدة العامة فى مجال تحديد ضمانات المتهم فى التحقيق تستوجب تحليف الشهود
اليمين القانونية إال أنه ليس فى قانون تنظيم الجامعات وهو القانون الواجب التطبيق
على الطاعنة ما يستوجب مطالبة الشهود فى التحقيق بأداء اليمين قبل إبداء أقوالهم فى
التحقيقات اإلدارية وبالتالى فإن عدم تحليف الشهود لليمين أمام مجلس التأديب ال يؤثر
فى سالمة ما إتخذه من إجراءات " (.)1
كما قضت أيضاً بأن " :ومن حيث إنه يبين من االطالع على األوراق أن الجهة
اإلدارية قد رأت فصل المدعية -الشغالة باليومية بمستشفى - ....لما نسب إليها من
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 3702لسنة 43القضائية ،جلسة 30من أغسطس
سنة ، 2001مجلس الدولة -المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة -مجموعة المبادئ القانونية التى
قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة السادسة واألربعون -الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001إلى
آخر سبتمبر - )2001ص .2761
ويراجع أيضاً :الحكم الصادر من المحكمة اإلدارية العليا ،فى الطعن رقم 32 /646ق ،بجلسة
.1988 /11 /5
589
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
أنها قد اعتدت على السيد الدكتور ، ....الطبيب المقيم بذلك المستشفى ،بالسب وتمزيق
مالبسه .وقد سبق ذلك إجراء تحقيق بمعرفة السيد مدير المستشفى سمع فيه أقوال
الطبيب المعتدى عليه وبعض من استشهد بهم كما سمع أقوال المدعية .ويبين من هذا
التحقيق أن ما نسب إلى المدعية ثابت قبلها من أقوال ذلك الطبيب وأولئك الشهود.
على ذلك فإن إدانة المدعية فيما نسب إليها تكون قد استخلصت استخالصاً سائغاً من
األوراق .وال يغير من ذلك أن المحقق لم يحلف ،من سمعهم من الشهود ،اليمين إذ أنه
-وإن كان القانون رقم 210لسنة ،1951معدالً بالقانون رقم 73لسنة ،1957والذى
كان سارياً حينذاك ،قد نص فى المادة 90مكر اًر على أن تكون الشهادة بعد حلف
اليمين ونص بمثل ذلك القانون رقم 117لسنة 1958فى المادة - 7إال أن هذا
مقصور على التحقيق الذى يجريه مجلس التأديب فى الحالة األولى والنيابة اإلدارية فى
الحالة الثانية -ولم يشترط القانون ذلك بالنسبة للتحقيق اإلدارى الذى يجريه رئيس
المصلحة أو من ينيبه لذلك من موظفيها .وعلى ذلك فإن عدم قيام المحقق -وهو مدير
المستشفى -بتحليف الشهود ال يترتب عليه بطالن شهادتهم .أما عن عدم سماعه إال
لشهادة ثالثة فقط من ستة عشر شاهداً فإنه يبين من االطالع على األوراق أن هؤالء
الشهود إنما استشهد بهم الطبيب المعتدى عليه إلثبات واقعة اعتداء المدعية عليه ومن
ثم فال جناح على المحقق إذا ما اكتفى بسماع ثالثة منهم فقط طالما أنه قد اطمأن إلى
شهادتهم وأن أقوال باقى الشهود ال تخرج عن أقوال من سمعوا مما ال يستدعى األمر
()1
. إثباتها "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1966/12/24الطعن رقم 1206لسنة 11قضائية ،
مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الثانية
عشرة -العدد األول ( من أول أكتوبر سنة 1966إلى منتصف فبراير سنة ، )1967ص .487
590
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
مما سبق يتضح أنه يتعين تحليف الشاهد قبل اإلدالء بالشهادة إذا كانت النيابة اإلدارية
هى جهة التحقيق ،وال يستوجب تحليف الشاهد إذا أجرى التحقيق بمعرفة الجهة اإلدارية
ومن ثم يترتب بطالن الشهادة بالنسبة لتحقيقات النيابة اإلدارية ،إذا تمت بغير تحليف
()1
. الشاهد وال ينسحب ذات األثر إلى التحقيق الذى تجريه اإلدارة
أنه يجب تحليف الشاهد اليمين أياً كانت جهة التحقيق وحتى ()2
ويرى جانب من الفقه
فى حالة عدم وجود النص الذى يقرر وجوب تحليف الشاهد اليمين القانونية ،وأنه يجب
عدم االعتداد بالشهادة غير المسبوقة بحلف اليمين على اعتبار أن اليمين هو الذى
يحفز الشاهد لقول الحقيقة ،ولما للشهادة أيضاً من تأثير قوى فى تقرير الذنب اإلدارى
أو عدم تقريره خاصة وأنها قد تكون المعول الوحيد فى المخالفات اإلدارية غير
المستندية.
ويرى الباحث -:
فى الواقع إننا نرى مفارقة غير مبررة بين وجوب تحليف الشاهد اليمين فى التحقيق الذى
تجريه النيابة اإلدارية وبين عدم تحليف الشاهد اليمين فى التحقيق الذى تجريه الجهة
اإلدارية ،مع أن غاية كالً منهما هو الوصول إلى الحقيقة ،مع أنه ال خالف على أن
الشهادة لها تأثير قوى فى نفس الشاهد ،فما زال الوازع الدينى له تأثير كبير فى نفس
البشر على وجه العموم ،فمن السهل على الشاهد أن ال يقول الحقيقة فى حالة عدم
حلف اليمين ،ومن الصعب جداً على الشاهد أن يحلف اليمين وال يقول الحقيقة .وال
( ) 1د .أمانى عمر حلمى فهمى ،النيابة اإلدارية ودورها فى مباشرة اإلجراءات التأديبية ،رسالة
دكتوراه ،حقوق عين شمس ، 2006 ،ص 254وما بعدها .
( )2د .سعد الشيتوى ،التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ،األسكندرية ،دار الفكر الجامعى
، 2013 ،ص . 136
591
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
أدرى لما اصطنع المشرع هذه المفارقة الغريبة ،هل يريد المشرع االنتقاص من سلطات
محقق الجهة اإلدارية عن قصد ؟! .
وفى األخير نرجو من مشرعنا الحكيم أن ينص على وجوب تحليف الشاهد اليمين فى
التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية وإال كان باطالً .
ج -هل يجوز رد الشاهد ؟
أجابت عن ذلك المادة ( )82من قانون اإلثبات رقم 25لسنة 1986بقولها " :ال
يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صه اًر ألحد الخصوم إال أن يكون غير قادر على
التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو ألى سبب آخر " .
ومن ثم فقد وضع المشرع أسباب عدم التمييز على سبيل المثال ال الحصر ،بقوله أوالً
:ال ِهرم أى أن يكون الشاهد طاعناً فى السن بحيث ال يستطيع أن يميز ،وثانيهما :
الحداثة في السن ،وقد وضع المشرع سنا معينة ال يقبل شهادة الشاهد إن لم يبلغها
وفقا لنص المادة 64من قانون اإلثبات " ال يكون أهال للشهادة من لم تبلغ ِس َنه خمسة
عشرة سنة .على أنه يجوز أن تسمع أقوال من لم يبلغ هذه السن بغير يمين علي سبيل
االستدالل " وهنا التقدير يرجع للمحكمة فقد يكون الصبى ممي اًز وفقا لقواعد األهلية المنوه
عنها إال أنه ال يكون أهالً للشهادة فهى مسألة تقديرية للمحكمة ،وثالثهما :المرض ،
وليس كل مرض يمنع من أداء الشهادة واألمر متروك لتقدير المحكمة ،فلو أن الشاهد
مجنون ال تُسمع شهادة أما لو كان مريضا بالسكر أو الضغط مثالً فهذا ال يمنعه من
الشهادة ،ورابعهما :أي سبب اخر تراه المحكمة مانعا من أداء الشهادة ،لكن هذا
األمر يجب أن يكون مرتبطا بالمعيار الذي وضعه المشرع وهو القدرة على التمييز ،
فيجب أن يكون من شأن هذا األمر اآلخر أن يفقد الشاهد قدرته على التمييز .واألصل
592
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
أن تلك األحكام فى الشهادة تعتبر قواعد عامة للرجوع اليها إن لم يرد نص فى أى قانون
آخر.
وقد قضت محكمة النقض بأن " :إن القانون لم يقيد القاضى بنوع معين من الشهود،
ولم يجز رد الشاهد مهما أحاط به من األسباب التى قد تدفعه إلى تقرير غير الحقيقة.
فإذا سمعت المحكمة شاهداً على متهم فى جناية ،وكان هذا الشاهد متهماً فى الوقت
عينه بضرب المتهم فى الجناية ،فال تثريب عليها فى ذلك ،إذ أن تقدير قيمة الشهادة
متروك دائماً للمحكمة تراعي فيه الظروف التى أبديت فيها الشهادة "(.)1
د -ما هو أثر تخلف الشاهد عن الحضور ؟
بالرغم من أهمية الشهادة ،إال أنها فى المجال التأديبى ليست على ذات أهميتها فى
نطاق القانون الجنائى ،فالسلطات اإلدارية كثي اًر ما تتجاهل استدعاء الشهود الذين
يطالب الموظف بسماع شهادتهم ،كما أن هؤالء الشهود قد يعزفون عن الحضور ال
سيما إذا كانوا ال ينتمون إلى الجهة اإلدارية التى يعمل بها الموظف المتهم .
ويبدو أن مرد ذلك اإلحساس بعدم خطورة الجزاءات التأديبية ،وهو أمر غير صحيح
فى كل األحوال فبعض الجزاءات التأديبية قد يترتب عليها الفصل من الوظيفة العامة
وهى عقوبة شديدة الجسامة بالموظف وتلحق بأفراد أسرته ضر اًر شديداً قد يفوق أثر
الجزاء الجنائى(.)2
( )1حكم محكمة النقض ،القضية رقم 854سنة 7القضائية ،جلسة أول مارس سنة ، 1937
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض واإلبرام في المواد الجنائية ،الجزء الرابع (عن
المدة من 2نوفمبر سنة 1936لغاية 30أكتوبر سنة - )1939ص .53
( )2د .سعد الشيتوى ،التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ،مرجع سابق ،ص . 132
593
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وتأسيساً على ذلك نجد أن التشريعات المختلفة تؤكد على أهمية الشهادة فالمشرع
المصرى أجاز للنيابة اإلدارية ضبط وإحضار الشاهد إذا تخلف عن الحضور هو ما
يعكس أهمية الشهادة باعتبارها من أهم األدلة التأديبية .
كما نصت المادة ( )157من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
2016على أنه " :كل موظف ُيستدعى لسماع شهادته فى التحقيق ويمتنع عن الحضور
تأديبيا" .
ً أو اإلدالء بما لديه من معلومات دون عذر مقبول ُيساءل
كما نجد أن المشرع الكويتى نص فى المادة 58من نظام الخدمة المدنية الكويتى على
أن " :كل موظف يستدعى لسماع شهادته فى تحقيق ويمتنع عن الحضور أو عن
اإلدالء بما لديه من معلومات دون عذر مقبول يساءل تأديبياً " .
ه -ما هى المبادىء التى تنظم سماع شهادة الشهود بواسطة محقق الجهة اإلدارية؟
-1من المسلم به أنه ال تقبل شهادة الخصم على خصمه وال يجوز االستناد إلى هذه
()1
. الشهادة وحدها كدليل على ثبوت الواقعة
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2017/9/23
على أنه " :ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه ال يجوز األخذ
بشهادة من يظهر من األوراق أن له مصلحة في إدانة المخالف سواء كانت مصلحة
()2
. مادية أو أدبية ،أو بينه وبين المخالف خصومة"
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1994/6/25الطعن رقم 3842لسنة 38ق .
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 23من سبتمبر سنة 2017الطعن رقم 34750لسنة 55
القضائية (عليا) (الدائرة الرابعة) ،غير منشور .
594
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
-2يراعى أنه ال يجوز اإلستناد إلى شهادة الشهود فى واقعة ال تصلح فيها الشهادة
. ()1
كالفصل فى تفسير بنود أحد العقود أو مخالفة أحكام القانون أو أحكام المحاكم
-3تسمع أقوال الشهود وفقاً ألهمية الوقائع موضوع الشهادة .وعلى محقق الجهة
اإلدارية مناقشة الشهود لتعرف نصيب ما يشهدون به من الحقيقة مع مواجهتهم بما
يكون قد تبين له من اإلطالع على األوراق متناقضاً لما يشهدون به .
وعلى محقق الجهة اإلدارية أن يحول بقدر اإلمكان دون اتصال المشكو بالشهود فى
أثناء التحقيق ضماناً لحسن سير التحقيق وعدم التأثير عليهم .وعليه – متى انتهى من
سماع شاهد – أن يحرص على عدم اتصاله بغيره من الشهود الذين لم تسمع شهادتهم
،وله أن يبقيه بحجرة التحقيق لالستفسار منه عن بعض نقاط تأتى على لسان غيره
من الشهود أو لمواجهته بهم .
-4ال يجوز سماع شهادة شاهد فى حضور شاهد آخر لم يسمع بعد .
-5على محقق الجهة اإلدارية أن يراعى مواجهة المشكو والشهود بعضهم ببعض إذا
اختلفت أقوالهم أو تضاربت كلما أمكن ذلك .
-6تؤدى الشهادة دون اكراه الشاهد مادياً أو أدبياً .ويجب على محقق الجهة اإلدارية
أن يترك الشاهد يدلى بما لديه من معلومات دون أن يستوقفه أو يقاطعه إال إذا تبين له
خروجه عن موضوع التحقيق .
وبعد انتهاء الشاهد من االدالء بمعلوماته يبدأ محقق الجهة اإلدارية فى مناقشته فى
تفاصيل شهادته على ضوء ما هو ثابت فى األوراق وما جاء فى أقوال غيره ممن سمعت
( )1د .سمير عبدهللا سعد ،التحقيق اإلدارى ( مبادىء التأديب – الوثائق ) ،منشأة المعارف
باألسكندرية ، 2014 ،ص. 71
595
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
أقوالهم .ويجب اثبات أقوال كل شاهد فى حضوره وبنفس عباراته وألفاظه .وال يجوز
االكتفاء بالقول أنه سمعت أقوال الشاهد فوجدت مطابقة ألقوال من سبقه .ويجب أن
تدون الشهادة بغير تحشير أو شطب .فإن حصل ذلك ،وقع عليه الشاهد ومحقق
الجهة اإلدارية وكاتب التحقيق إن وجد .
-7يجب على محقق الجهة اإلدارية أال يحيط شاهداً علماً بما قاله شاهد آخر إال بعد
أن يدلى بأقواله ،وأال يق أر عليه أقواله األولى أو يحيطه علماً بها إال إذا اقتضت ظروف
التحقيق ذلك .كما ال يجوز لمحقق الجهة اإلدارية توجيه سؤال للشاهد بناء على
معلومات شخصية غير ثابتة بأقوال التحقيق .
-8ال يسوغ لمحقق الجهة اإلدارية أن يبدى للشهود تشككه فيما يدلون به من أقوال أو
أن يأتى بإشارات أو مالحظات تؤثر فى نفوسهم وتمنعهم من اإلدالء باألقوال التى كانوا
يزمعون اإلدالء بها .وعليه أن يكون حسن المعاملة واسع الصدر .وإذا حضر المشكو
أثناء التحقيق ،فال يسوغ له أن يقاطع الشاهد أثناء إدالئه بأقواله ،وإنما يجوز له –
بعد االنتهاء من الشهادة – أن يبدى ما يشاء من مالحظات عليها ،وأن يوجه إليه ما
يريد من أسئلة .على أن يكون توجيهها عن طريق محقق الجهة اإلدارية .ولمحقق
الجهة اإلدارية أن يرفض توجيه أى سؤال ليس له عالقة بموضوع التحقيق ،أو تنطوى
صيغته على مساس بالغير .وعليه أن يثبت بالمحضر فى هذه الحالة السؤال الذى
طلب المشكو توجيهه ،وقرار رفضه من قبل المحقق .
-9تسمع أقوال الشهود فى كل ما يتصل بالتحقيق دفعة واحدة بقدر اإلمكان حتى ال
يتكرر استدعاؤهم .
-10إذا اقتضى التحقيق عرض المخالف على الشاكى أو أحد الشهود للتعرف عليه.
فيجب مراعاة عدم تمكين الشاكى أو الشاهد من رؤية المخالف قبل عرضه عليه ،
596
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وتفادى صدور أى عبارة أو حركة أو إشارة قد تيسر التعرف عليه ،وأن يتم عرضه
بين أشخاص مشابهين له ما أمكن .
-11وبعد أن ينتهى المحقق من تدوين شهادة الشاهد كما رواها يشرع فى مناقشته
بحيث يوجه إليه األسئلة التى يعتقد بأنها توضح األمور الغامضة التى جاءت فى
شهادته أو تكمل النقص فى سلسلة ما رواه من الوقائع أو تزيل التناقض فى أقواله أو
بين أقواله وأقوال شاهد آخر مصدر علمهما بالشهادة واحد أو عدم مطابقة ما ذكره كالً
أو بعضاً للواقع ،ويتبع المحقق فى مناقشته ألقوال الشاهد القواعد التالية :
597
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ذلك المكان ،واذا سبق له التردد الى ذلك المكان فهل وجد فيه فى ذلك اليوم وما سبب
وجوده هذه هى المقدمات .فإذا أجابه باإليجاب عليها يسأله عندئذ هل رأى الموظف
المخالف أو لم يره فى المكان المذكور وهذه هى النتيجة أو الغرض المباشر الذى يريد
أن يتوصل إليه المحقق ،أما اذا بدأ بسؤاله عن النتيجة أوالً وأجابه باإليجاب ،وقد يكون
كاذباً ،فيضطر لإلجابة على أسئلة المقدمات باإليجاب كذباً حتى ال يلزمه التناقض
وبذلك يعجز المحقق عن مراقبته والتعرف على صدقه من كذبه .واذا الحظ المحقق
تناقضاً فى أقوال الشاهد أو عدم مطابقتها للواقع أو مخالفتها للمعقول وجب عليه أن
يبين له ذلك مبتعداً كلياً عن التهديد والوعيد والتعذيب أو أى شىء يؤدى إلى االضطراب
فى أفكاره .بل بالعكس يجب أن يدعوه بكل لطف إلى قول الحقيقة ناصحاً إياه من أن
الكذب فى الشهادة تترتب عليه نتائج أخالقية وأخرى قانونية تضر به.
-بساطة األسئلة ووضوحها :
يجب أن يكون السؤال الذى يوجه إلى الشاهد صريحاً محدداً واضح المطلوب خالياً من
كل غموض وإبهام ليسهل على الشاهد فهمه ،وعند الضرورة على المحقق أن يشرحه
ويبينه للشاهد اذ أن كثي اًر من الشهود يسارعون باإلجابة على األسئلة التى توجه إليهم
قبل أن يفهموا حقيقة السؤال.
-خلو األسئلة من التلقين :
على المحقق أال يوجه إلى الشاهد سؤال من شأنه أن يوحى إليه بإجابة معينة ،وذلك
كأن يتضمن السؤال واقعة غير صحيحة أو غير مسلم بها أساساً لألسئلة األخرى .إن
الشهاد وخاصة البسطاء منهم يجيبون على هذه األسئلة باإليجاب متأثرين بإجاباتهم
بصيغة السؤال المطروح من قبل المحقق الذي يتضمن اإلجابة عليه .ويلجأ بعض
598
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
المحققين الى هذه الطرق غير الصحيحة بسبب ميلهم لالتهام ويبررون عملهم هذا
بالرغبة في التعرف على صدق الشاهد من كذبه.
-تدوين األسئلة فى المحضر مع أجوبتها :
على المحقق أن يدون نصوص األسئلة بأكملها فى محضر التحقيق وكذلك الحال
بالنسبة لألجوبة متجنباً عبارة (سئل فأجاب) حيث إن إثبات السؤال فى المحضر يمكن
المطلع عليه من مقارنة السؤال بالجواب ومعرفة العالقة بينهما ومراقبة خلو السؤال من
التلقين .إن بعض المحققين يلجأون الى هذه الطريقة أحياناً رغبة فى كسب الوقت ،إال
أن هذه الطريقة لو أجيزت فإنها سوف تؤدى الى ارتكاب مخالفات كثيرة فى التحقيق
بتلقين الشهود.
ونوضح فيما يلى نموذج مبسط محضر لسماع الشهود – مع مراعاة أن األسئلة التفصيلية
تختلف من واقعة ألخرى – وذلك فيما يلى :
س:
س :ما هى معلوماتك عن الواقعة التى حدثت ؟
أطلعناه " أفهمناه "
ج ....................... :
س :متى حدثت هذه الواقعة ؟
ج ....................... :
س :أين حدثت هذه الواقعة تحديداً؟
ج ....................... :
س :من المسئول عن ارتكاب هذه الواقعة – من الفاعل لهذه الواقعة ؟
ج ....................... :
599
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
س :كيف تم إرتكاب هذه الواقعة ؟
ج ....................... :
س :من هم شهود الواقعة ؟ ؟
ج ....................... :
س :ما الغاية من ارتكاب هذه المخالفة؟
ج ....................... :
س :ما الدليل على صحة أقوالك؟
ج ....................... :
س :ماهى اآلثار المترتبة على ارتكاب هذه الواقعة ؟
ج ....................... :
س :ماهو قولك فيما ورد بأقوال؟
ج ....................... :
س :ما قولك فيما ورد بالمستند المقدم من ؟
ج ....................... :
س :ما هى طبيعة عالقتك بالمتهم ؟
ج ....................... :
س :هل لديك أقوال أخرى ؟
ج ....................... :
ثالثاً -:اإلطالع على السجالت واألوراق .
قبل التعرض لسلطة المحقق اإلدارى فى الجهة اإلدارية باإلطالع على السجالت
واألوراق ،نتناول سلطة عضو النيابة اإلدارية فى اإلطالع على السجالت واألوراق ،
600
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ثم نعقبها بسلطة محقق الجهة اإلدارية فى اإلطالع على السجالت واألوراق ،حيث
نالحظ تفاوتاً ملحوظاً بين السلطتين :
أوالً -:سلطة عضو النيابة اإلدارية فى اإلطالع على السجالت واألوراق.
ورد النص على هذا الحق فى المادة ( )7من القانون رقم 117لسنة 1958حيث تقول
" :لعضو النيابة اإلدارية عند إجراء التحقيق اإلطالع على ما يراه الزماً من األوراق
بالو ازرات والمصالح " وقد وردت األحكام التفصيلية لهذا الحق فى كل من الالئحة
الداخلية للنيابة اإلدارية ،والتعليمات العامة .فنصت المادة السادسة من الالئحة الداخلية
على أنه " :إذا امتنعت الو ازرات والمصالح عن تقديم األوراق التى يرى عضو النيابة
اإلدارية أنها الزمة للتحقيق ،عرض األمر على الوزير أو الرئيس المختص للبت فيه".
وإذا كان ظاهر النص يكل األمر للرئيس المختص ،فإن مقتضيات الصالح العام تحتم
على هذا الرئيس بأن يجيب النيابة اإلدارية التى طلبها تيسي اًر لعملها .ولهذا نصت
المادة ( )12من التعليمات على أنه " :لعضو النيابة اإلدارية اإلطالع على األوراق
ولو كانت سرية لدى جميع الجهات " ولعضو النيابة اإلدارية أن يضم األوراق الالزمة
للتحقيق أو أن يحصل على صورة منها " .
ثانياً -:سلطة محقق الجهة اإلدارية فى اإلطالع على السجالت واألوراق .
وقد نصت المادة ( )154من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
2016على أنه " للمحقق فى سبيل أداء مهمته اتخاذ اإلجراءات الالزمة لضمان سالمة
التحقيق وله على األخص ما يأتى :
- 1االطالع على السجالت واألوراق وإثبات ذلك فى المحضر والتأشير على كل ورقة
يطلع عليها ،وإثبات تاريخ االطالع ،وللمحقق ختم األوراق والسجالت وأية وثائق أخرى
يستلزم التحقيق التحفظ عليها.
601
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
- 2طلب صور أية أوراق ال يستلزم التحقيق التحفظ على أصولها أو تدعو المصلحة
العامة عدم إرفاقها .
602
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وينظم القانون أحكام الحبس االحتياطى ،ومدته ،وأسبابه ،وحاالت استحقاق التعويض
الذى تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس االحتياطى ،أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات
بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه.
وفى جميع األحوال اليجوز محاكمة المتهم فى الجرائم التى يجوز الحبس فيها إال
بحضور محام موكل أو ٌمنتدب ".
كما نصت المادة 58من الدستور المصرى الحالى 2014على أنه " للمنازل حرمة،
وفيما عدا حاالت الخطر ،أو االستغاثة ال يجوز دخولها ،وال تفتيشها ،وال مراقبتها أو
التنصت عليها إال بأمر قضائى مسبب ،يحدد المكان ،والتوقيت ،والغرض منه ،وذلك
كله فى األحوال المبينة فى القانون ،وبالكيفية التى ينص عليها ،ويجب تنبيه من فى
المنازل عند دخولها أو تفتيشها ،وإطالعهم على األمر الصادر فى هذا الشأن ".
ونظ ار ًً ألن التفتيش قد يمس شخص الموظف المخالف أو ينتهك حرمة مسكنه ويطلع
بجرأة على أس ارره التى تتكشف بالتفتيش ،من هنا وجب وجود ضوابط إلجرائه ،وقبل
التعرض لهذه الضوابط يجب الوقوف على سلطة محقق الجهة اإلدارية فى التفتيش
وكذلك سلطة عضو النيابة اإلدارية بالنسبة للتفتيش ،ونعرض ذلك على النحو التالى :
أوالً -:سلطة عضو النيابة اإلدارية في التفتيش .
سلطة النيابة اإلدارية فى التفتيش تشمل شخص ومسكن الموظف المخالف متى
توافرت مبررات التفتيش .
ويقصد بالشخص كمحل قابل للتفتيش كل ما يتعلق بكيانه المادى ،وما يتصل به مما
ُ
يرتديه من مالبس ،أو ما يحمله من أمتعة وأشياء أو ما يستعمله كمكتبه الخاص أو
سيارته الخاصة .
603
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ويقصد بالمسكن كل مكان خاص يقيم فيه الشخص بصفة دائمة أو مؤقتة وينصرف
ُ
إلى توابعه كالحديقة وحظيرة الدواجن ويمتد إلى األماكن الخاصة التى يقيم فيها الشخص
ولو لفترة محدودة من اليوم كعيادة الطبيب ،وال تسرى حرمة األماكن الخاصة على
المزارع والحقول غير المتصلة بالمساكن .
شروط وضوابط إجراء التفتيش وتتلخص فيما يلى:
-1أن يصدر اإلذن بالتفتيش من صاحب االختصاص بذلك:
يجب أن يكون اإلذن بالتفتيش صادا اًر ممن يملكه قانونا ًً .فيجوز لرئيس هيئة النيابة
اإلدارية أو من يفوضه من النواب أو الوكالء العامون األول أو الوكالء العامون أن
يأذن بتفتيش شخص أو منزل المتهم المنسوب إليه ارتكاب مخالفة إدارية أو مالية .
كما يجوز لمدير المكتب الفنى أو مدير النيابة بحسب األحوال أن يأذن كتابة للعضو
المحقق بتفتيش أماكن العمل وغيرها مما يستعمله العاملون الذين يجرى التحقيق معهم
وذلك وفقاً للمادة 9من القانون 117لسنة . 1958
وال ُيبيح اإلذن بالتفتيش لعضو النيابة المنتدب إلجرائه أن ينفذه سوى مرة واحدة فقط إذ
أن أمر الندب ينتهى مفعوله بتنفيذ التفتيش المطلوب ،فإذا ط أر ما يسوغ إعادة التفتيش
وجب إصدار إذن جديد.
وال يجوز لغير من ُعين بالذات من أعضاء النيابة فى اإلذن بالتفتيش أن ينفذه ،وال
يجوز لعضو النيابة المنتدب إلجراء التفتيش أن َيعهد به إلى أحد سواه إال إذا كان
التفتيش تحت بصره .
604
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
-1أن يكون اإلذن بالتفتيش كتابياً .
يجب أن يكون اإلذن بالتفتيش كتابيا ًً ومن ثم ال يجوز التفتيش بناء على إذن شفوى
وذلك ألن التحقيق اإلدارى بحسب األصل مكتوب ،والتفتيش ما هو إال إج ارء من
إجراء ات التحقيق.
إال أنه استثناء وفى حالة الضرورة يجوز أن يتم هذا اإلذن بأى وسيلة وال يقصد من
ذلك أن يكون القرار ذاته شفوى وإنما وسيلة اإلبالغ به هى التى يمكن أن تكون
شفوية ،إنما يتعين أن يكون لإلذن بالتفتيش أصل ثابت بالكتابة وعلى من تلقى اإلذن
أن يثبته فى محضره.
ومن ثم يجب أن يصدر اإلذن بالتفتيش كتابياً ممن يملكه ،موضحاً به إسم من أصدره
ووظيفته وتاريخ وساعة صدوره ،واسم العضو المنتدب إلجراء التفتيش ووظيفته ،واسم
أو أسماء المقصودين بالتفتيش وما إذا كان التفتيش سيتناول شخص المتهم أم مسكنه
،أم مكان العمل ،وأن يحدد له فترة معقولة لتنفيذه يمكن تجديدها عند انقضائها بغير
ويزيل األمر بتوقيع من أصدره .
تنفيذه َ
ويجوز عند االقتضاء إبالغ إذن التفتيش إلى عضو النيابة القائم بالتحقيق بأى وسيلة.
-2ضرورة وجود تحقيق:
اشترط المشرع صراحة أنه يتعين لتفتيش شخص العامل أو مسكنه أن يكون هناك
تحقيقاً جاريا ًً معه فى شأن مخالفة مالية أو إدارية منسوبة إليه ،وم ثم فال يجوز
التفتيش إال للبحث عن األشياء المتعلقة بالمخالفة التأديبية التى يجرى التحقيق بشأنها.
-3يجب أن َيصدر اإلذن بالتفتيش مسبباً .
يجب أن َيصدر اإلذن بالتفتيش مسبباً وأن يبين به من واقع أوراق التحقيق الواقعة
المسندة للمتهم واألدلة القائمة عليها ،وتكييفها القانونى وبوجه عام كل ما من شأنه
605
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
أن يكشف اقتناع اآلمر بالتفتيش واطمئنانه إلى قيام المخالفة وجدية االتهامات
الماثل فيها .
-4مراعاة ضوابط التفتيش .
-1يقتضى تفتيش العامل المتهم الحد من حريته الشخصية بالقدر الالزم لتنفيذه دون
أن يمتد إلى النيل من سالمة الجسم أو غيرها من الحقوق المالزمة لشخصيته ،فإذا
أخفى المتهم الشئ فى موضع العورة منه فال يجوز المساس بها ،ولكن يجوز فى هذه
الحالة االلتجاء إلى الطبيب إلخراجه بوصفه خبي اًر يقدم خبرته فى ضبط الدليل بوسيلة
اليستطيع الشخص العادى القيام بها .
-2يجب أن يتم التفتيش بحضور الموظف المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك ،
وإال فيجب أن يكون بحضور شاهدين من أقاربه البالغين أو من القاطنين معه أو من
الجيران ،ويراعى هذا الترتيب بقدر اإلمكان .
-3إذا كان محل التفتيش أنثى وجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى يندبها لذلك عضو
النيابة المعين إلجراء التفتيش ،ويجوز إجراء التفتيش بمعرفة عضو النيابة إذا لم يصل
إلى المواضع الجسمانية للمرأة التى ال يجوز له مشاهدتها أو مالمستها .
-4ال يجوز التفتيش إال للبحث عن األشياء المتعلقة بالمخالفة التأديبية الجارى التحقيق
فى شأنها ،ومع ذلك إذا ظهر عرضاً أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو
تفيد فى كشف الحقيقة فللقائم بالتفتيش باعتباره من مأمورى الضبط القضائى أن يضبطها
ويحرر محض اًر بذلك يعرضه على مدير النيابة التخاذ الالزم حيال إبالغ النيابة العامة
،أو التحقيق فيها حسب األحوال .
-5إذا وجد العضو القائم بالتفتيش فى منزل المتهم أثناء تفتيشه أوراقاً مختومة أو مغلقة
بأية طريقة فال يجوز فضها بل توضع فى حرز ،ولعضو النيابة المحقق وحده فضها
606
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
واالطالع على األوراق ،على أن يتم ذلك إذا أمكن بحضور صاحب الشأن ويدون
مالحظاته عليها ويرد ما ال يكون الزماً للتحقيق ،ويحرر محض اًر بكل ذلك .
-6يراعى ما أمكن إجراء التفتيش خالل ساعات النهار وأن يتم تفتيش أماكن العمل
خالل أوقات العمل الرسمية .
-7يتعين على عضو النيابة المعين إلجراء تفتيش مسكن المتهم أن يصطحب معه
عند التفتيش أحد ضباط الشرطة الذين يقع مسكن المتهم فى دائرة اختصاصهم تالفياً
لما قد يحدث من المتهم أو زويه من مضايقات .
-8يجب على عضو النيابة المعين إلجراء التفتيش أن يحرر محض اًر بحصول التفتيش
يبين به اإلجراءات التى تم اتخاذها لتنفيذ إذن التفتيش ،ونتيجته وما إذا كان التفتيش
قد تم فى حضور المتهم المأذون بتفتيشه أم فى غيبته ،فإذا لم يكن العامل متواجداً
وقت التفتيش ُيثبت بالمحضر أسماء من شهدوا التفتيش من أقاربه أو القاطنين معه أو
جيرانه ،وبوجه عام يتعين أن يعكس المحضر صورة كاملة لما دار أثناء عملية التفتيش
،ويرفق هذا المحضر بملف التحقيق .
607
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
أما بالنسبة لتفتيش مكتب الموظف فإنه يجوز للمحقق إجرائه بناء على إذن صريح من
الرئيس اإلدارى للموظف المخالف ،ويرجع السبب فى ذلك إلى أن مكتب الموظف ال
يعد مملوكا ًً له ملكية خاصة وإنما هو أداة من أدوات اإلدارة ،شأنه فى ذلك شأن اآللة
بالنسبة للعامل فى المصنع ،كما أن األصل هو أن يمتنع على الموظف االحتفاظ بأية
متعلقات شخصية داخل جهة اإلدارة مثل الخطابات الخاصة أو األوراق الخاصة ألن
وجودها بالمكتب ال يمنع من التفتيش ألن القاعدة هى أن المكتب وأوراقه ومحتوياته
ملك للدولة والموظف أمين عليها ،لذلك يمكن للرئيس اإلدارى أن يقوم بالتفتيش بنفسه،
كما يستطيع أن بأذن بذلك للمحقق اإلدارى ،وبالتالى ال يعد غلق مكتب الموظف سبب
مانع من تفتيشه إذ يستطيع الرئيس كسر القفل واإلطالع على محتويات الكتب دون
()1
. حاجة إلى استصدار إذن بذلك من النيابة العامة
( (1د .عادل عبدالعزيز السن ،ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ،التحقيق اإلدارى (
كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ،الشارقة – دولة اإلمارات العربية المتحدة 5 -3مايو
، 2011ص . 71
608
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ويرى الباحث :
أن المادة ( )58من الدستور المصرى الحالى الصادر عام 2014نصت على أن "
للمنازل حرمة ،وفيما عدا حاالت الخطر ،أو االستغاثة ال يجوز دخولها ،وال تفتيشها
،وال مراقبتها أو التنصت عليها إال بأمر قضائى مسبب ،يحدد المكان ،والتوقيت ،
والغرض منه ،وذلك كله فى األحوال المبينة فى القانون ،وبالكيفية التى ينص عليها
،ويجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها أو تفتيشها ،وإطالعهم على األمر الصادر
فى هذا الشأن " .
وقد نظم كل من قانون اإلجراءات الجنائية وقانون النيابة اإلدارية الضوابط واألحكام
الخاصة بتفتيش المنازل فى المجال الذى يسرى فيه .فتضمنت المادة ( )9من قانون
النيابة االدارية رقم 117لسنة 1958النص على أن يجوز لمدير عام النيابة اإلدارية
أو من يفوضه من الوكيلين فى حالة التحقيق أن يأذن بتفتيش أشخاص ومنازل العاملين
المنسوب إليهم المخالفة المالية أو اإلدارية إذا كان هناك مبررات قوية تدعو إلى اتخاذ
هذا اإلجراء ،ويجب أن يكون األذن كتابياً وأن يباشر التحقيق أحد األعضاء الفنيين .
كما نصت المادة ( )14من الالئحة الداخلية للنيابة االدارية الصادرة بقرار من رئيس
الجمهورية رقم 1489لسنة 1958على أن يباشر تفتيش المنازل أحد أعضاء النيابة
اإلدارية.
وجدير بالذكر أن لفظ المنازل المنصوص عليها فى قانون النيابة االدارية قد جاء عاماً
ومطلقا فيؤخذ إطالقه وينصرف إلى المساكن الخاصة وإلى المساكن الحكومية على حد
سواء حتى لو كانت ملحقة بمكان العمل طالما أنها مخصصة فعال لإلقامة والسكن
وفيها يستطيع الشخص أن يأكل ويستريح وينام مطمئناً إلى أنه فى مأوى من إزعاج
اآلخرين .
609
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ويبدو واضحاً أن المشرع فى الجرائم التأديبية قصر سلطة تفتيش منازل العاملين على
أعضاء النيابة اإلدارية وحدهم يجرونه بالشروط واألوضاع التى نص عليها القانون،
ومن ثم يمتنع على الرؤساء اإلداريين تفتيش منازل العاملين ومثل هذا التفتيش لو حدث
يكون باطالً.
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :إنه عن الوجه األول من أوجه
الطعن والخاص ببطالن اإلجراءات تأسيساً على أن الدكتور ..... /مدير القسم العالجى
بمديرية الشئون الصحية بقنا قام بتفتيش مسكن الطاعن دون الحصول على موافقة
صريحة منه أو أن يكون مأذوناً بذلك من السلطة المختصة قانوناً ،ومن حيث أنه لما
كان الثابت من األوراق أن مدير القسم العالجى بمديرية الشئون الصحية بقنا ،قد اقتحم
مسكن المخالف وقام بضبط ما به من تذاكر طبية ،فإن ذلك يكون قد تم بالمخالفة
للقانون ،ويكون التفتيش باطالً ويترتب عليه بطالن الدليل المستمد من التذاكر الطبية
التى تم ضبطها .ولئن كان البطالن يقتصر من الدليل المستمد من التفتيش الباطل ،أال
أن التحقيقات واألوراق قد خلت تماماً من ثمة دليل آخر يفيد قيام المخالفة الثانية فى
حق الطاعن سيما وأنه عند جرد عهدته لم يظهر ثمة عجز بها ،وإذ ذهب الحكم
المطعون فيه غير هذا المذهب ،يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه،
()1
. والحكم ببراءة الطاعن "
ويبدو واضحاً أن هناك نقصاً تشريعياً بخصوص التفتيش بمعرفة الجهة اإلدارية ،فنجد
أن قانون الخدمة المدنية لم يتضمن أى نص يتعلق بالتفتيش الذى تجريه الجهة اإلدارية
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1976/5/29الطعن رقم 1091لسنة 18ق .
610
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
،كما أن الالئحة التنفيذية لهذا القانون جاءت أيضاً خلواً من أى نص يتعلق بالتفتيش
،وهذا هو الحال فى قوانين التوظف على وجه العموم .
وندعو المشرع المصرى إلى معالجة هذا النقص التشريعى وتنظيم التفتيش الذى تجريه
الجهة اإلدارية .
611
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
املبحث الثانى
التحقيق االدارى فى ذاته ضمانة مهمة من ضمانات الموظف العام وأن اجراءات
التحقيق تمثل فى جانب منهما ضمانات وحقوقاً للموظف المخالف ال بد من كفالتها
وأخرى تمثل سلطات لجهة التحقيق لم يتركها المشرع سدى بل قيدها بضوابط وأحكام
تمثل فى مجملها ضمانات للموظف .
وغالباً ما نجد أن هناك نقصاً تشريعياً وتغافالً من المشرع بالتعريف بالضمانات اإلجرائية
والموضوعية للموظف أثناء التحقيق ،اكتفاء منه بوضوح معناها ،وجالء مقصودها
فى األذهان ،وربما اكتفت التشريعات بعرض هذه الضمانات الواحدة تلو األخرى تبعاً
لتسلسل إجراءات التحقيق .
والحقيقة أن صدور الجزاء التأديبى من الجهة اإلدارية أم اًر ليس بالهين فى كل األحوال
فوالية العقاب هى مقررة أصالً للقاضى ،وقد يكون فى إيكالها لغيره خرقاً لمبدأ فصل
السلطات ،وهو ما قد يشكل افتئاتاً على سلطة القضاء وتدخالً فى شئونه .إال أن
المجلس الدستورى الفرنسى ذهب إلى أن الجزاءات اإلدارية ال تتعارض مع مبدأ فصل
السلطات شريطة أن يقترن تطبيقها بالضمانات (.)1
والتأديب ليس الغاية منه العقاب فى حد ذاته ،بل ضمان حسن سير المرافق العامة
بانتظام واطراد على نحو يمكنها من الوفاء بالتزاماتها ،وإذا كانت الحاجة إلى تسيير
المرفق العام تقتضى تقوية السلطة التأديبية وزيادة سلطة الرئيس اإلدارى ،فإن ذلك ال
612
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
يعنى أن يكون خصماً من الضمانات التى يتعين توفيرها للموظفين فى مواجهة ما قد
يتعرضون له من جزاء بال ضوابط ،تفقدهم الطمأنينة والعمل فى هدوء نفسى ،األمر
الذى ينعكس سلباً على أدائهم الوظيفى .
ونتناول هذا المبحث فى المطلبين التاليين :
• المطلب األول :الضمانات اإلجرائية للموظف فى التحقيق .
• المطلب الثانى :الضمانات الموضوعية للموظف أثناء التحقيق .
املطلب األول
( )1د .عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ،إجراءات تأديب الموظف العام ،المركز القومى لإلصدارات
القانونية ،طبعة ، 2008ص . 153
613
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
الغلبة لمنطق الضمان واضحة تماماً فى مجال اإلجراءات ولقد أكد هذا المعنى الفقه
المصرى والفرنسى فى كثير من المؤلفات التى صدرت فى موضوع التأديب (.)1
وتحتل الضمانات اإلجرائية فى نطاق التأديب ،ذات األهمية المقررة لها فى نطاق
()2
،فهى الضوء الذى ينير اإلجراءات التأديبية ويزيل القواعد التى تحكم النظم العقابية
عتمتها ،وسالحاً للموظف لمقاومة انحرافات السلطة التأديبية ،وسياجاً يحد من تطرف
سلطة اإلدارة فى اتخاذ الجزاء (.)3
ونتناول هذه الضمانات اإلجرائية على النحو التالى -:
أوالً -:إخطار الموظف واستدعائه بالحضور .
البد من إخطار الموظف رسميا ًً بضرورة مثوله أمام المحقق لالستماع إلى أقواله،
ويتم ذلك عن طريق التكليف بالحضور والذى يصدره إما محقق الجهة اإلدارية أو
رئيسه المباشر أو الرئيس اإلدارى األعلى ،أو يصدر هذا التكليف من عضو النيابة
اإلدارية بالنسبة للتحقيقات التى تجريها النيابة اإلدارية.
وبالنسبة للجهة اإلدارية فهى غير ملزمة بإتباع طريق معين إلخطار الموظف رسمياً
بما يفيد ضرورة مثوله أمام المحقق ،إال أن التكليف بالحضور يعد من الق اررات الفردية
(1 ) Planty (alain) , traite pratique de la function publique , 2ed, 1963. P.307.
( )2د .محمد باهى أبو يونس ،الرقابة القضائية على شرعية الجزاءات اإلدارية ،دار الجامعة الجديدة
، 2001 ،ص . 153
( )3د .سعد نواف العنزى ،الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ،دار المطبوعات
الجامعية ،األسكندرية ، 2007 ،ص . 85
614
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
التى يلزم إبالغها للشخص نفسه ،يستوى فى ذلك أن يوقع هذا الشخص على أصل
أمر التكليف بالحضور أو أن يتم إبالغه بخطاب موصى عليه بعلم الوصول.
وترجع أهمية التكليف بالحضور إلى جهة التحقيق إذا كان التحقيق يجرى بمعرفة الجهة
اإلدارية إلى أنه ال يجوز توقيع جزاء على العامل إال بعد التحقيق معه كتابة وسماع
أقواله وتحقيق دفاعه ،ولذلك يتعين تكليف الموظف المخالف بالحضور لجهة التحقيق
لسماع أقواله ،وذلك بأى وسيلة إذ يصح إرسال إشارة تليفونية أو فاكس أو حتى إبالغه
عن طريق زميل له ،وهذا يعنى ضرورة اتصال علم المخالف بالتكليف بأى كيفية حتى
يعتبر تكليفا ًً صحيحا ًً (.)1
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :التحقيق الذى يتم مع الموظف
يجب أن يسبقه استدعاء صحيح كى يدلى بأقواله فى التحقيق ،يترتب عليه أن التحقيق
يكون مشوباً بعيب شكلى يبطله ويبطل قرار الجزاء المترتب عليه ....وأن االستدعاءات
التى يشير إليها الطاعن هى صور ضوئية ال تفيد علم المطعون ضده من خالل توقيعه
بالعلم عليها ،أو توافر الشهود على رفضه استالمها مما يهدر قيمتها ،كما أن الورقة
التى خط عليها امتناعه عن استالم إشارة االستدعاء هى ورقة مجهولة الهوية وغير
()2
. موقعة من أحد يمكن نسبتها إليه حتى يمكن اإلعتداد بها "
( (1د .عادل عبدالعزيز السن ،ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ،التحقيق اإلدارى (
كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ،مرجع سابق ،ص . 60
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1999/11/27الطعن رقم 3745لسنة 42ق .
615
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
كما قضت أيضاً أنه ":ال يجوز مجازاة العامل إال بعد إجراء تحقيق معه يكون له
مقومات التحقيق القانونى وضماناته من وجوب استدعاء العامل وسؤاله ومواجهته بما
()1
. هو منسوب إليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه "
كما قضت أيضاً بأن " :خلو األوراق من استدعاء الممرضة ....وخلت التحقيقات من
أية أقوال لها ،وورود اسمها فى قرار االتهام دون سؤالها فى التحقيقات ومواجهتها ....
من شأنه إهدار أهم ضمانة من ضمانات التحقيق – عدم مواجهة المتهم – على نحو
()2
. يعيبه األمر الذى يترتب عليه بطالن قرار الجزاء"
وقد نصت المادة ( )152من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
2016على أنه يتعين قبل البدء فى التحقيق مع الموظف إعالنه كتابة على نحو
يتحقق به علمه بقرار اإلحالة للتحقيق من خالل أمر استدعاء يشتمل على البيانات
اآلتية :
-1اسمه رباعياً .
-2الرقم القومى .
-3اسم الوظيفة التى يشغلها .
-4موضوع المخالفة المنسوبة إليه .
-5السلطة التى قررت إحالته إلى التحقيق وتاريخ القرار .
-6موعد بدء التحقيق ومكانه ،على أال تتجاوز الفترة الزمنية لبدء التحقيق عشرة
أيام من تاريخ تسلم قرار اإلحالة إلى التحقيق .
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1996/11/16الطعن رقم 3155لسنة 41قضائية .
عليا .
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 2000/5/23الطعنين رقمى 2061 ،1956لسنة 45ق.
616
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
كما نصت المادة ( )153من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
2016على أنه " إذا امتنع الموظف المحال إلى التحقيق عن الحضور رغم إعالنه
كتابة يتم إعادة إعالنه خالل ثالثة أيام عمل بالموعد الجديد ،فإذا تخلف عن الحضور
تسير جهة التحقيق فى استكمال التحقيق ،وينطبق ذات الحكم فى حالة رفض الموظف
تسلم أمر االستدعاء ويتأشر على أمر االستدعاء بذلك ويودع ضمن أوراق التحقيق " .
ومن ثم يجب أن يتم إستدعاء الموظف لحضور التحقيق بإخطاره رسمياً بموعد إجراء
التحقيق بوقت كاف حتى يتسنى له إعداد دفاعه وتهيئة نفسه للمثول أمام سلطات
التحقيق ،ومراعاة المسافة التى تبعد الموظف عن مقر التحقيق .وقد حدد مجلس الدولة
الفرنسى شرط المدة بما تطلبه من أال تكون بالغة الطول بحيث تفوت الحكمة من الجزاء
ويفقد جانبه الردعى أثره وال تكون مفرطة فى القصر فال يتمكن صاحب الشأن من إعداد
دفاعه (.)1
وقد نصت المادة ( )6من المرسوم الفرنسى رقم 677-89المؤرخ فى 18سبتمبر
1989المتعلق باإلجراءات التأديبية المطبقة على المسؤولين اإلقليميين على أنه " :
يستدعى الموظف العام محل المحاكمة من قبل رئيس مجلس التأديب ،قبل خمسة
يوما على األقل من موعد االجتماع ،بكتاب مسجل بعلم الوصول.عشر ً
يجوز له تقديم مالحظات مكتوبة أو شفهية إلى المجلس التأديبى ،واستدعاء الشهود ،
ويساعده محام واحد أو أكثر من اختياره ".
" Le fonctionnaire poursuivi est convoqué par le président du
conseil de discipline, quinze jours au moins avant la date de la
617
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
réunion, par lettre recommandée avec demande d'avis de
réception.
Il peut présenter devant le conseil de discipline des observations
écrites ou orales, citer des témoins et se faire assister par un ou
plusieurs conseils de son choix" .
ويجب أن يتضمن التكليف بالحضور سببه أو اإلشارة إلى أن هناك تحقيق سيجرى مع
المكلف بالحضور ،ألن التكليف بالحضور إنما يقصد به علم المخالف بالتحقيق األمر
الذى يترتب على إغفال هذه الجزئية فى طلب الحضور بطالن التحقيق .
ويثور بصدد إخطار الموظف واستدعائه بالحضور عدد من األسئلة المهمة والتى
تحتاج إلى إجابات مقنعة ؟
-1ما هو أثر عدم تكليف الموظف بالحضور ؟
يترتب على عدم استدعاء جهة التحقيق للعامل المخالف بطالن التحقيق ،وهو ما ذهبت
إليه المحكمة اإلدارية العليا بقولها "إنه يتعين أن يثبت أنه تم استدعاء الموظف ،فإذا
صدر قرار الجزاء دون استدعاء للموظف وسماع أقواله وأوجه دفاعه كان فى هذا
إخالالً خطي اًر بحق الدفاع ،وتكون التحقيقات التى أجريت فى غيبة الموظف دون علمه
وانتهت إلى مسئوليته ومجازاته كلها إجراءات باطلة .
618
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ومن ثم فإن االستدعاء للتحقيق بهذه الصورة يعد شكالً جوهرياً يترتب على إغفاله بطالن
التحقيق ،مع ما يرتبه ذلك من بطالن لقرار الجزاء الذى استند إليه ،بشرط انتفاء قرينة
علم الموظف اليقينى بوجود تحقيق معه (.)1
استدعاء سليماً للتحقيق معه
ً والجدير بالذكر أنه على الرغم من أن عدم استدعاء المتهم
يبطل قرار الجزاء المستند لهذا التحقيق فى حالة التأديب الرئاسى ،فإن األمر يكون
مختلفاً إذا ما اضطلعت النيابة اإلدارية بمباشرة التحقيق وارتأت إحالة المتهم إلى
المحاكمة التأديبية ،حيث أن عدم صحة االستدعاء هنا ال يبطل قرار اإلحالة ،حيث
يكون بوسع المتهم حضور محاكمته التأديبية وإبداء ما يعن له من أوجه دفاع فيها ،
األمر الذى يغنيه عن التمسك ببطالن التحقيق اإلبتدائى الذى تم دون استدعائه لحضوره
أو باستدعاء غير صحيح من الناحية القانونية حيث أن الغاية من االستدعاء تكون قد
()2
. تحققت فى هذه الحالة
-2هل يمكن لجهة التحقيق أن تجرى التحقيقات فى غيبة المتهم بعد إمتناعه عن
الحضور أم أنها ملزمة بانتظار تمثيله أمامها؟
يلزم التفرقة بين حالتين :
الحالة األولى :امتناع الموظف عن حضور التحقيق دون عذر:
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1983/11/22الطعن رقم 1315لسنة 28قضائية .
عليا .
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1969/2/1الطعن رقم 644لسنة 14قضائية .عليا ؛
حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1986/10/28الطعن رقم 3399لسنة 30قضائية .عليا
.
619
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
إذا تم استدعاء الموظف المخالف للحضور أمام جهة التحقيق وذلك بناء على تكليف
بالحضور صحيح فإن غياب الموظف المخالف دون عذر ال يمنع جهة التحقيق من
االستمرار فيه حتى صدور قرار متضمناً الجزاء التأديبى وإن كان العمل قد درج على
مواجهة المخالف الممتنع عن الحضور بإخطاره مرة أخرى بخطاب موصى عليه بعلم
الوصول موضحاً فيه التهمة المنسوبة إليه وتنبيهه إلى أن تخلفه عن الحضور يهدر
حقه فى الدفاع ويعطى المحقق أحقية فى االستمرار فى التحقيق فى غيبته ،إذ أن
. ()1
امتناع الموظف دون عذر ينشئ في حقه قرينة اقترافه الذنب اإلدارى
وإعماالً لذلك نصت المادة ( )153من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81
لسنة 2016على أنه " إذا امتنع الموظف المحال إلى التحقيق عن الحضور رغم
إعالنه كتابة يتم إعادة إعالنه خالل ثالثة أيام عمل بالموعد الجديد ،فإذا تخلف عن
الحضور تسير جهة التحقيق فى استكمال التحقيق ،وينطبق ذات الحكم فى حالة رفض
الموظف تسلم أمر االستدعاء ويتأشر على أمر االستدعاء بذلك ويودع ضمن أوراق
التحقيق " .
الحالة الثانية :عدم حضور الموظف التحقيق بعذر:
إذا كان هناك عذر لدى الموظف أدى به إلى استحالة حضوره التحقيقات ،وهنا وجب
على جهة التحقيق عدم التصرف فى التحقيق قبل زوال المانع ثم استدعاء الموظف
وسماع أقواله.
( (1د .عادل عبدالعزيز السن ،ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ،التحقيق اإلدارى
( كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ،مرجع سابق ،ص . 61
-د .ماهر عبدالهادى ،الشرعية اإلجرائية ،مرجع سابق ،ص . 254
620
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ومن ثم إذا وجد مانع قانونى لدى الموظف المخالف وجب إيقاف اإلجراءات التأديبية
قبله شريطة أن يستند هذا المانع إلى أحد أمرين:
)أ( استخدام الموظف لحقه القانونى:
كاإلجازة فهى حق مكفول قانوناً للموظف ومن ثم فإنه يتعين عدم تكليف الموظف
بالحضور أمام جهات التحقيق أثناء قيامه باإلجازة لما فى ذلك من إهدار لحقه المخول
قانوناً ،لذلك وجب على المحقق أن يوقف التحقيق لحين انتهاء إجازة الموظف أيا كان
نوع اإلجازة.
)ب( تنفيذ التزام مشروع:
إذا كان الموظف المخالف مرتبط بتنفيذ التزام وظيفى مثل الموفد فى مهمة رسمية
خارج الوطن أو البعثات أو الموجود فى مناطق نائية فإنه من العسير على مثل هؤالء
المثول أمام جهات التحقيق وقت طلبهم وإنما يجب وقف اإلجراءات لحين زوال المانع.
وفى كل األحوال ال يمكن وقف التحقيق لتعذر الموظف المخالف بحجج شخصية له
كوجود ظروف شخصية أو ارتباطات عائلية تؤدى إلى عدم مثوله أمام جهات التحقيق
(.)1
ونالحظ أن المشرع فى قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016لم ينص على حالة
عدم حضور الموظف التحقيق بعذر ،ونهيب بالمشرع أن ينص على ذلك صراحة لتوفير
هذه الضمانة المهمة للموظف .
( (1د .ماهر عبدالهادى ،الشرعية اإلجرائية ،مرجع سابق ،ص ص .258 ، 257
621
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
-3هل عدم المثول أمام سلطات التحقيق عند االستدعاء يشكل خروجاً على مقتضى
الواجب الوظيفى ويستوجب المساءلة ؟
النظام الفرنسى اعتبر عدم مثول الموظف للتحقيق دون عذر يعد خطأ تأديبيا ًً مستقالً
يستوجب محاسبة الموظف عليه ،وهذا معناه أن الموظف يعاقب عن المخالفة محل
التحقيق ،باإلضافة إلى عقابه عن عدم المثول للتحقيق ،وذلك طالما أنه تم تكليفه
بالحضور ألن عدم مثول الموظف المخالف يعد تمرد على تنفيذ أمر صادر من سلطة
إدارية وفقا ًً للقانون وإخالال ًً بالتزام واجب الطاعة ،طاعة الرؤساء ،األمر الذى يعد
()1
. فى ذاته مخالفة تأديبية مستقلة عن المخالفة محل التحقيق
وقد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :متى كانت الئحة الجزاءات المعمول بها فى
الشركة قد جعلت من امتناع العامل عن الحضور للتحقيق أو رفض إبداء أقواله مخالفة
تأديبية فال وجه للقول بأن امتناعه غير مؤثم ألنه تنازل عن حقه فى الدفاع -أساس
ذلك :أنه يجب على العامل أن يوطن نفسه على توقير رؤسائه واإلقرار بحقهم فى
ممارسة اختصاصاتهم الرئاسية قبله ومنها توجيهه والتحقيق معه الستجالء الحقيقة وتبين
()2
. دفاعه فيما نسب إليه "
( (1اللواء دكتور /محمد ماجد ياقوت ،التحقيق فى المخالفات التأديبية ،مرجع سابق ،ص .221
د .عادل عبدالعزيز السن ،ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ،التحقيق اإلدارى ( كيفية
التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ،مرجع سابق ،ص . 61
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1988/11/22الطعن رقم 2255لسنة 33قضائية .
عليا .
622
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
كما قضت أيضاً أنه " :عدم المثول أمام سلطات التحقيق عند االستدعاء يشكل خروجا
على مقتضى الواجب الوظيفى -يستوجب المساءلة -ال ينال من ذلك القول بأن
()1
. المثول أمام المحقق يترتب عليه تفويت فرصة الدفاع فحسب "
ولكن من المالحظ أن المحكمة اإلدارية العليا قد عدلت عن هذا الرأى مؤكدة أن
امتناع المتهم عن الحضور ال يشكل مخالفة إدارية .
وفى هذا الشأن قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن " امتناع المتهم عن الحضور للتحقيق
أو سكوته عن إبداء دفاعه فى المخالفة المنسوبة إليه فى التحقيق ال يشكل بذاته مخالفة
إدارية أو ذنباً إدارياً مستوجباً للمسئولية التأديبية أو العقاب التأديبى ،ولكن المتهم فى
هذه الحالة يكون قد فوت على نفسه فرصة إبداء أوجه دفاعه فى المخالفة المنسوبة إليه
فى التحقيق وعليه تقع تبعة ذلك .
وال محل إلجبار المتهم على اإلدالء بأقواله فى التحقيق وتهديده بالجزاء التأديبى الذى
سيوقع عليه فى حالة امتناعه أو سكوته فهو وشأنه فى تغير موقفه الدفاعى إزاء االتهام
المسند إليه ،والمقرر وفق األصول العامة أنه ال يسوغ إكراه متهم على اإلدالء بأقواله
. ()2
فى التحقيق بأى وسيلة من وسائل االكراه المادى أو المعنوى
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ،1996/11/26الطعن رقم 2453لسنة 30قضائية .
عليا .
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1998/8/30الطعن رقم 3494لسنة 42قضائية .
عليا.
623
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ويرى الباحث -:
نصت مادة ( )153من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016
على أنه " :إذا امتنع الموظف المحال إلى التحقيق عن الحضور رغم إعالنه كتابة يتم
إعادة إعالنه خالل ثالثة أيام عمل بالموعد الجديد ،فإذا تخلف عن الحضور تسير جهة
التحقيق فى استكمال التحقيق ،وينطبق ذات الحكم فى حالة رفض الموظف تسلم أمر
االستدعاء ويتأشر على أمر االستدعاء بذلك ويودع ضمن أوراق التحقيق " .
ومن فإن النص سالف الذكر لم تعتبر أن عدم مثول الموظف المخالف أمام سلطات
التحقيق عند االستدعاء يشكل خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفى ويستوجب المساءلة
،مكتفية بأن ذلك يعد تفويت الموظف فرصة الدفاع عن نفسه ،وسير جهة التحقيق
فى استكمال التحقيق .
والحقيقة رغم أننا من أشد الحريصين على توفير الضمانات للموظف أثناء التحقيق إال
أن هذه الضمانات يجب أن تتوازى مع مصلحة التحقيق ومصلحة المرفق وفاعلية العمل
ٍّ
متساو . اإلدارى بميزان
ولذلك نرى أن عدم مثول الموظف للتحقيق دون عذر يعد خطأ تأديبيا ًً مستقالً يستوجب
محاسبة الموظف عليه سواء نصت على ذلك الئحة الجزاءات الداخلية فى الجهة
اإلدارية أو لم تنص .
فجهة التحقيق هدفها استجالء الحقيقة أينما تكون ،وليس الزج بالموظف المحال للتحقيق
بجزاء قد يكون شرعياً وقانونياً ولكنه ليس عادالً .وقد يكون فى حضور الموظف المحال
إلى التحقيق توسيع لدائرة التحريات والبحث عن مخالفات أخرى أرتكبت بمعرفة موظفين
آخرين ،أو عن طريق الموظف نفسه المحال إلى التحقيق .
624
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ونهيب بالمشرع كما أورد بالمادة ( )157من الالئحة التنفيذية للقانون 81لسنة 2016
بأن كل موظف ُيستدعى لسماع شهادته فى التحقيق ويمتنع عن الحضور أو اإلدالء
تأديبيا .أن يورد نفس الحكم على كل
ً بما لديه من معلومات دون عذر مقبول ُيساءل
موظف ُيستدعى للتحقيق معه ويمتنع عن الحضور ،ومساءلته تأديبياً عن ذلك .
ثانياً -:الحصول على اإلذن باتخاذ اإلجراءات التأديبية فى األحوال المحددة قانوناً.
السلطة التأدييية المختصة ليس حرة دائماً فى اتخاذ القرار بإحالة الموظف إلى التحقيق
،فهناك بعض القيود التى أوجب المشرع ضرورة مراعاتها قبل اتخاذ هذا القرار حتى
()1
. تصبح اإلجراءات التأديبية سليمة
فقد حرص المشرع فى بعض الحاالت على ضرورة أن تحصل الجهة اإلدارية التى تقوم
بالتحقيق على موافقة مسبقة من بعض الجهات على بدء التحقيق مع أشخاص رأى
المشرع ضرورة إحاطة أعمالهم بدرجة معينة من الحصانة ال تسمح بإجراء تحقيق معهم
فى كل األوقات وفى كل الظروف (.)2
وحيث أن المجالس النيابية تعد أهم مؤسسات النظام النيابى الديمقراطى بوصفها المعبرة
عن إرادة األمة والحافظ األمين لحقوق األفراد وحرياتهم ،وأصبح من النادر أن تجد
دولة بال برلمان ،يمثل شرائح المجتمع ويحمى مصالحه السياسية واإلقتصادية وبنائه
اإلجتماعى ،ويظل البرلمان فى النظام النيابى قاعدة الديمقراطية ،والحاضن الطبيعى
للمطالب واالختالفات ،وحلقة الوصل بين المؤسسات السياسية ،ويحتل فى الدولة
موقع صانع السياسات ،ومحل تداول السلطة ،وساحة السجال السياسى بين الحكومات
( )1د .محمود أبو السعود حبيب ،القضاء اإلدارى "القضاء التأديب " ،مرجع سابق ،ص . 230
( )2المستشار الدكتور /محمد ماهر أبو العينين ،قضاء التأديب فى الوظيفة العامة والدفوع التأديبية
،دار المجد للطباعة ،الطبعة الخامسة عشر ،طبعة ،2012/2011ص . 412
625
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وممثلى المواطنين ،وبين األغلبية واألقلية ،والمنصة العامة للتعبير عن المطالب
الكبرى للمجتمع ،وهو أوالً وأخي اًر المشرع لتنظيم وضبط الحياة العامة والعالقات
اإلجتماعية ،والرقيب اليقظ على أداء الحكومات ،لالستيثاق من اتفاق هذا األداء مع
المصلحة العامة (.)1
وقد كان المشرع يقرر بموجب الفقرة الثانية من المادة ( )25من قانون مجلس الشعب
الصادر بالقانون رقم 38لسنة 1972م (الملغى ) على أنه " ال يجوز اتخاذ إجراءات
تأديبية ضد أحد أعضاء المجلس من العاملين فى الدولة أو القطاع العام بسبب أعمال
وظيفته أو عمله أو إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبى إال بعد موافقة المجلس طبقاً
لإلجراءات التى تقررها الئحته الداخلية .
وانتهج المشرع نفس النهج فى التنظيم القانونى الجديد لقانون مجلس النواب الجدديد رقم
رقـم 46لسنة 2014حيث نصت المادة ( )32من هذا القانون على أنه " :ال يخضع
عضو مجلس النواب فى الحالة المنصوص عليها فى المادة رقم ( )31لنظام التقارير
السنوية فى جهة وظيفته أو عمله .وتجب ترقيته باألقدمية عند حلول دوره فيها ،أو إذا
رقى باالختيار من يليه فى األقدمية .كما ال يجوز اتخاذ إجراءات تأديبية ضد أحد
أعضاء المجلس من العاملين فى الدولة أو فى القطاع العام أو قطاع األعمال العام
بسبب أعمال وظيفته أو عمله ،أو إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبى ،إال بعد موافقة
المجلس طبقاً لإلجراءات التى تقررها الئحته الداخلية" .
( )1أ .محمود خذرى ،الحصانة البرلمانية مفاهيم وممارسات ،مجلة الوسيط ،الجزائر ،العدد رقم
، 9عام . 2012
626
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
على أنه ()1
كما نصت المادة ( )34من قانون مجلس الشيوخ رقم 141لسنة 2020
" :ال يخضع عضو مجلس الشيوخ فى الحالة المنصوص عليها فى المادة ( )33من
هذا القانون لنظام التقارير السنوية فى جهة وظيفته أو عمله.
وتجب ترقيته باألقدمية عند حلول دوره فيها أو إذا رقى باالختيار من يليه فى األقدمية.
كما ال يجوز اتخاذ إجراءات تأديبية ضد أحد أعضاء المجلس من العاملين في الدولة
أو في القطاع العام أو قطاع األعمال العام أو الشركات التي تساهم فيها الدولة بنسبة
%50من رأسمالها على األقل أو تساهم فيها شركاتها المشار إليها بنسبة %50من
رأسمالها على األقل بسبب أعمال وظيفته أو عمله ،أو إنهاء خدمته بغير الطريق
التأديبى ،إال بعد موافقة المجلس طبقاً لإلجراءات التى تقررها الئحته الداخلية.
ومن ثم ال يجوز طبقاً للنصوص القانونية السابقة إتخاذ أية إجراءات تأديبية سواء
التحقيق أو المحاكمة التأديبية ضد أياً من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ من العاملين
فى الدولة أو القطاع العام أو قطاع األعمال العام أو إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبى
إال بموجب إذن أو موافقة من المجلس ( النواب أو الشيوخ حسب األحوال ) وفقاً
لإلجراءات المقررة بالالئحة الداخلية لهذا المجلس .
وهذه الحصانة تقتضى بطالن أى إجراءات تأديبية يتم إتخاذها بدون الحصول على تلك
()2
. الموافقة ،إذ أنها حصانة تتعلق بالنظام العام
( )1قانون مجلس الشيوخ رقم 141لسنة ،2020صدر بالجريدة الرسمية ،العدد 26مكرر (ك) فى
أول يولية سنة . 2020
( )2د .سمير عبدهللا سعد ،التحقيق اإلدارى ( مبادىء التأديب – الوثائق ) ،منشأة المعارف
باألسكندرية ، 2014 ،ص. 64
627
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ثالثاً -:اإلخطار بإجراء التحقيق فى األحوال المحددة قانوناً .
-1إخطار المجلس الشعبى المحلى قبل البدء فى التحقيق مع أحد أعضائها من
العاملين بالجهاز اإلدارى للدولة أو القطاع العام أو الخاص .
أناط المشرع بالمجالس الشعبية المحلية اختصاصات تتبلور فى الرقابة على مختلف
المرافق المحلية ،بما يتضمنه ذلك من حق تقديم األسئلة وطلبات اإلحاطة وتوجيه
االستجوابات ،واستهدافاً لضمان ممارسة أعضاء المجالس الشعبية المحلية ألعمالهم ،
وحتى ال يخضع العامل الكراه مادى أو تأثير أدبى من جهة عمله ،فقد قرر المشرع
ضمانات تكفل لهم القدر الالزم من الحماية فى ممارستهم لواجباتهم التى أناطها بهم
القانون (.)1
وبالرجوع إلى أحكام القانون رقم 43لسنة 1979بإصدار قانون نظام الحكم المحلى
يبين أن المادة 91منه بعد تعديلها بالقانون رقم 50لسنة 1981يجرى نصها كاآلتى:
" ...ويجب على السلطات المختصة إخطار المجلس الشعبى المحلى عما يتخذ من
إجراءات جنائية ضد أعضاء المجلس خالل ثمان وأربعين ساعة على األكثر من تاريخ
اتخاذ هذه اإلجراءات كما يتعين إخطاره قبل مباشرة أى إجراءات تأديبية ضدهم إذا كانوا
من العاملين بالجهاز اإلدارى للدولة أو القطاع العام أو الخاص وفى جميع الحاالت
يبلغ بنتيجة التحقيق ويتعين أخذ موافقة المجلس الشعبى قبل تنفيذ نقل أحد أعضاء
المجلس من وظيفته إال إذا كان النقل بناء على طلبه ...........إلخ.
( ) 1د.يوسف إسماعيل محمد إسماعيل ،الحماية القانونية للموظف العام فى مرحلتى التحقيق
والمحاكمة ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق جامعة عين شمس ، 2018 ،ص . 66
628
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ويالحظ أن وجوب إخطار المجلس الشعبى المحلى قبل مباشرة اإلجراءات التأديبية ضد
األعضاء من العاملين المشار إليهم فى النص ليس معناه توقف البدء فى التحقيق على
إرادة المجلس .وبالتالى فإن سلطة التحقيق غير ملزمة بعد إخطار المجلس أن تنتظر
إلى حين الرد عليها بالقبول أو الرفض وإنما تستطيع السير فى اإلجراءات التأديبية دون
قيد (.)1
والتساؤل الذى يثور ما هو األثر المترتب على عدم إخطار المجلس الشعبى المحلى
قبل اتخاذ اإلجراءات التأديبية قبل عضو المجلس ومنها التحقيق ؟
لم ينص المشرع صراحة على األثر القانونى المترتب فى حالة عدم قيام السلطة
المختصة بإخطار المجلس الشعبى المحلى قبل مباشرة اإلجراءات التأديبية مع أحد
أعضائه .
أن اإلخطار المنصوص عليه فى المادة 91من قانون اإلدارة ()2
ويرى جانب من الفقه
المحلية رقم 43لسنة 1979المعدل بالقانون رقم 50لسنة 1981هو مجرد إجراء
تنظيمى القصد منه إحاطة المجلس المحلى بما يتخذ من إجراءات تأديبية قبل العضو
،ومن ثم فإنه ال يترتب على إغفال اإلخطار أى جزاء .
وقد استقرت المحكمة اإلدارية العليا فى بادىء األمر إلى عدم وجود ثمة بطالن يترتب
على عدم اإلخطار ثم عدلت عن هذا المبدأ وانتهت إلى أن هذا اإلخطار هو إجراء
جوهرى يترتب على تخلفه بطالن التحقيق أو أية إجراءات تأديبية أخرى ،وأمام هذا
( )1د .محمود أبو السعود حبيب ،قضاء التأديب ،مرجع سابق ،ص . 232
( )2د .ثروة محمود عوض محجوب ،التحقيق اإلدارى ودور النيابة اإلدارية فيه ،رسالة دكتوراه ،
كلية الحقوق جامعة عين شمس ،1994 ،ص . 172
629
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
التناقض تم عرض األمر على دائرة توحيد المبادىء والتى أعادت األمر إلى سيرته
األولى وأيدت االتجاه األول ونتعرض لهذه المراحل وفقاً للتفصيل اآلتى -:
-1قررت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 1985/11/16بأن " :أن
تطلب المشرع إخطار المجلس الشعبلى المحلى باإلجراءات التأديبية التى تتخذ فى
مواجهة أحد أعضائه وفقاً لنص المادة ( )91من قانون اإلدارة المحلية رقم 43لسنة
1979المعدل بالقانون رقم 50لسنة 1981قد استهدف المشرع به إحاطة المجلس
الشعبى علماً بما سوف يتخذ من إجراءات حيال العضو ولم يعلق المشرع السير فى
هذه اإلجراءات على إرادة المجلس الشعبى المحلى ،ولم يرتب المشرع أى جزاء فى
حالة عدم إخطار المجلس الشعبى بأن ثمة إجراءات تأديبية سيتم اتخاذها قبل العضو
،وعليه فإن إخطار المجلس الشعبى المحلى ال يرقى إلى مرتبة اإلجراء الجوهرى الذى
()1
. يترتب على إغفاله البطالن
-2غير أن المحكمة قد تخلت عن قضائها السابق فى مرحلة الحقة وانتهت إلى أن
هذا اإلخطار هو إجراء جوهرى يترتب على تخلفه بطالن التحقيق أو أية إجراءات
تأديبية أخرى فذهبت فى أحكامها إلى أن .... " :ويتبين من ذلك أن إج ارء اإلخطار
من السلطة المختصة للمجلس الشعبى المحلى قبل إتخاذ أية إجراءات تأديبية ضد
عضو المجلس ال يعتبر محض إجراء تنظيمى بل هو فى واقعه وعلى ما تكشف عنه
طبيعة اختصاصات المجلس الشعبى المحلى ضمانة ألعضائه من العاملين بالدولة أو
القطاع العام حتى ال يخضع العامل الكراه مادى أو تأثير أدبى من جهة عمله .وعليه
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الصادر بجلسة ، 1985/11/16فى الطعن رقم 2847لسنة 30
قضائية عليا .
630
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
فإن إغفال هذا اإلخطار يترتب عليه بطالن التحقيق وما ينبنى عليه من ق اررات وال حجة
للقول بأن ال بطالن إال بنص صريح يقرره ألن البطالن يتقرر فى كل حالة يفقد فيها
()1
. اإلجراء المتخذ ركناً من أركان قيامه
-3وأمام هذا التناقض تم عرض األمر على دائرة توحيد المبادىء المنصوص عليها
بالمادة 54مكرر من قانون مجلس الدولة رقم 47لسنة 1972المعدل بالقانون رقم
136لسنة 1984وقضت فى حكمها الصادر فى 6من يناير سنة 1994بأن " :ومن
حيث إن مقطع النزاع فى الطعنين الماثلين هو بيان أثر عدم إخطار المجلس الشعبى
المحلى باإلجراءات التأديبية التى تتخذ ضد أعضائه على سالمة تلك اإلجراءات فإنه
بالرجوع إلى أحكام القانون رقم 43لسنة 1979بإصدار قانون نظام الحكم المحلى
يبين أن المادة 91منه بعد تعديلها بالقانون رقم 50لسنة 1981يجرى نصها كاآلتى
...ومن حيث إنه يبين من أحكام هذا النص أن المشرع ولئن كان قد تطلب أن يخطر
المجلس الشعبى المحلى باإلجراءات التأديبية التى قد يتقرر اتخاذها نحو أحد العاملين
المنوه عنهم فى النص قبل مباشرة تلك اإلجراءات مستهدفاً بذلك مجرد أن يحاط هذا
المجلس علماً بما سيتخذ من إجراءات حيال العضو إال أنه لم يعلق السير فى هذه
اإلجراءات على إرادة المجلس كما هو الشأن عند نقل أحد أعضاء المجلس من وظيفته
الذى اشترط بشأنه وجوب أخذ موافقة المجلس عليه حسبما يقرره النص صراحة ،كما
أن النص لم يتضمن صراحة أى جزاء فى حالة عدم إخطار المجلس الشعبى المحلى
بأن ثمة إجراءات تأديبية سيتم اتخاذها قبل أحد األعضاء يضاف إلى ذلك أن قيام
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الصادر بجلسة ، 1989/12/2فى الطعن رقم 412لسنة 33
قضائية عليا ؛ وكذا حكمها الصادر بجلسة 1990/1/13فى الطعنين رقمى 2563 ، 2562لسنة
33ق .عليا .
631
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
النيابة اإلدارية بواجب اإلخطار قد شرع لمصلحة هذه المجالس الشعبية وحدها تمكيناً
لها من متابعة تصرفات أعضائها بما يتفق وصالح العمل فى تلك المجالس وحتى يتسنى
لها اتخاذ إجراءات إسقاط العضوية من أى من هؤالء األعضاء طبقاً لحكم المادة 52
من قانون نظام الحكم المحلى متى كان موضوع التحقيق الذى تجريه النيابة اإلدارية
مما يفقده الثقة واالعتبار كعضو من أعضاء المجلس ومن البديهى أن هذا المجال يغاير
المجال الوظيفى محل التحقيق ويستقل عنه وبالتالى فإن هذا اإلخطار ال يرقى إلى
مرتبة اإلجراء الجوهرى الذى يترتب على إغفاله البطالن (.)1
ولكن األستاذ الدكتور /محمود أبو السعود يؤيد االتجاه الثانى لقضاء لمحكمة اإلدارية
العليا والخاص بترتيب البطالن عند إغفال اإلخطار المنصوص عليه فى المادة 91
معلالً ذلك بأن المشرع حينما ينص على إجراء معين فالبد أن يكون قد قصد به تحقيق
غرض أو هدف معين ،فالمشرع منزه عن العبث .وال شك أن اإلخطار المطلوب يشكل
ضمانة من الضمانات التى استهدف المشرع تحقيقها للعاملين من أعضاء المجالس
الشعبية المحلية .فمن حق الموظف أو العامل المتهم أن يبلغ المجلس الشعبى الذى
ينتمى إليه بما يتخذ ضده من إجراءات تأديبية فقد يبادر إلى الوقوف بجانبه أثناء
التحقيق عن طريق توكيل محام للدفاع عنه ،كما أنه ليس من المستبعد أن تكون
المخالفة المنسوبة إلى الموظف من أعضاء المجلس تتعلق بنشاطه الوظيفى ونشاطه
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،فى الطعنين رقمى 2462 ،2349لسنة 33القضائية ،جلسة 6
من يناير سنة ،1994مجلس الدولة -المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة -مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة التاسعة والثالثون -الجزء األول (من أول أكتوبر
سنة 1993إلى أخر فبراير سنة - )1994ص .1
632
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
المحلى فى نفس الوقت .وهنا تقتضى المصلحة مراعاة اإلخطار المنصوص عليه حتى
()1
. يتمكن المجلس من النظر فى سلوك العضو
ويرى الباحث -:
من جانبنا نؤيد رأى األستاذ الدكتور محمود أبو السعود حيث أن المشرع عندما يستلزم
إجراء معين فإن هذا ال يكون عبثاً وال سدى وقد ارتأى المشرع ضرورة إحاطة المجلس
الشعبى علماً بما سوف يتخذ من إجراءات حيال العضو ضمانة ألعضائه من العاملين
بالدولة أو القطاع العام وحتى يتمكنوا من ممارسة دورهم الرقابى فى حرية تامة ،كما
أنه ليس من المستبعد أن تكون المخالفة المنسوبة إلى الموظف من أعضاء المجلس
تتعلق بنشاطه الوظيفى ونشاطه المحلى فى نفس الوقت .وهنا تقتضى المصلحة مراعاة
اإلخطار المنصوص عليه حتى يتمكن المجلس من النظر فى سلوك العضو ،وعليه
فإن إغفال هذا اإلخطار يترتب عليه بطالن التحقيق وما ينبنى عليه من ق اررات وال حجة
للقول بأن ال بطالن إال بنص صريح يقرره ألن البطالن يتقرر فى كل حالة يفقد فيها
اإلجراء المتخذ ركناً من أركان قيامه .
-2إخطار االتحاد العام لنقابات العمال قبل البدء فى التحقيق مع عضو مجلس إدارة
المنظمة النقابية .
تنص المادة ( )64من القانون رقم 35لسنة 1976بشأن النقابات العمالية على أنه
"يجب على سلطة التحقيق إخطار االتحاد العام لنقابات العمال بما هو منسوب إلى
عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية من اتهامات فى جرائم تتعلق بنشاطه النقابى
وبالموعد المحدد إلجراء التحقيق قبل البدء فى إجرائه ويجوز لالتحاد العام أن ينيب أحد
( )1د .محمود أبو السعود حبيب ،قضاء التأديب ،مرجع سابق ،ص 235وما بعدها .
633
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
أعضائه أو أحد أعضاء النقابة العامة المعينة أو أن يوكل أحد المحامين لحضور
التحقيق وذلك ما لم تقرر سلطة التحقيق سريته " .
مع مالحظة أن النص المشار إليه يقتصر مجاله على ما ينسب للعضو النقابى من
اتهامات فى جرائم تتعلق بنشاطه النقابى ،فإذا ما اقترف العضو مخالفات تتعلق بعمله
فى المنشأة فال تثريب على جهة العمل إن هى أجرت تحقيقاً معه بشأنها ولم تقم بإخطار
االتحاد العام للعمال به قبل إجرائه .
حيث أن اإلتحاد العام لنقابات العمال ال يتولى الدفاع عن العامل سوى فى تلك الجرائم
،ليكفل له الحماية القانونية باعتباره عضواً فيه ،باإلضافة إلى أن فى ذلك اإلخطار
وتولى االتحاد العام الدفاع عن عضوه يمثل ضمانة هامة للمحال للتحقيق فى جرائم قد
تحاول جهة عمله الصاقها به لنشاطه النقابى المناوىء لسياستها ،وتلك الضمانات من
شأن تقريرها منح عضو النقابة حرية العمل وحرية التعبير عن أفكاره لصالح جموع
()1
. العاملين الذين يمثلهم
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ومن حيث إن االنقطاع عن
العمل أو االنصراف قبل الميعاد بدون إذن أو رفض استالم العامل لكتاب موجه إليه
من الشركة وهو ما نسب للمطعون ضده من مخالفات ،كلها أمور ال تتعلق بممارسته
لنشاطه النقابى وإنما هى من األمور المتعلقة بممارسته لمهام وظيفته فى الشركة ومن
( )1د .عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ،الموسوعة اإلدارية الشاملة فى إلغاء القرار اإلدارى وتأديب
الموظف العام ،الجزء الثالث ،دار محمود للنشر والتوزيع ،طبعة ، 2008ص . 106
634
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ثم يحق لسلطة التحقيق المختصة أن تجرى معه التحقيق عن هذه المخالفات دون حاجة
إلخطار االتحاد العام لنقابات العمال " (.)1
أن إغفال اإلخطار فى هذه الحالة يؤدى إلى بطالن التحقيق وما ()2
ويرى غالبية الفقه
يترتب عليه من آثار ،ذلك أنه إذا كانت المخالفة متعلقة بالعمل النقابى ولم تقم سلطة
التحقيق بإخطار اإلتحاد العام لنقابات العمال ترتب على ذلك اإلنتقاص من أحد
الضمانات الهامة المقررة للعضو النقابى ،فضالً عن أن المشرع قد قرر هذا اإلجراء
حتى يتسنى لالتحاد معاونة العضو النقابى فى الدفاع عن نفسه فى التحقيق الذى يجرى
معه ،وعليه فعدم اإلخطار من شأنه أن يمنع عنه هذه المساعدة بما يوجب تقرير
بطالن كل اإلجراءات المترتبة على التحقيق الذى لم يسبقه هذا اإلخطار وهذا الشرط
الشكلى مرتبط بنشاط العضو النقابى .
وفى هذا االتجاه ذهبت المحكمة التأديبية لو ازرة الصناعة إلى أن المشرع قد وضع شرطاً
شكلياً للتحقيق مع عضو المنظمة النقابية مفاده إخطار االتحاد العام لنقابات العمال بما
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 1854لسنة 27القضائية ،جلسة 29من ديسمبر
سنة ، 1984مجلس الدولة -المكتب الفني -مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة
اإلدارية العليا السنة الثالثون -العدد األول (من أول أكتوبر سنة 1984إلى آخر فبراير سنة )1985
-ص .290
( )2د .محمود أبو السعود حبيب ،قضاء التأديب ،مرجع سابق ،ص 237وما بعدها .
-د .ثروة محمود عوض محجوب ،التحقيق اإلدارى ودور النيابة اإلدارية فيه ،مرجع سابق ،ص
. 178
-د .محمد فتوح محمد عثمان ،التحقيق اإلدارى ،مرجع سابق ،ص . 78
-المستشار الدكتور /محمد ماهر أبو العينين ،قضاء التأديب فى الوظيفة العامة والدفوع التأديبية
،الكتاب األول ،دار المجد للطباعة ،الطبعة الخامسة عشر ،طبعة عام ، 2012/2011ص
. 417
635
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
هو منسوب إلى العضو من اتهامات تتعلق بنشاطه النقابى والموعد المحدد إلجراء
التحقيق وهذا الشرط الشكلى هو شرط جوهرى لصحة التحقيق مع عضو المنظمة النقابية
فإذا تخلف هذا الشرط بطل التحقيق ،إذا يظهر من األوراق أن البرقية التى أرسلها
الطاعن وكانت سبباً فى صدور القرار المطعون فيه أنه أرسلها باسم العاملين بإدارة
الخدمات المساحية وتتعلق بعدم صرف حوافز لهم وأوضح فى البرقية صفته النقابية ،
وقد أودع الطاعن بحافظة المستندات بياناً موقعاً من العاملين باإلدارة المذكورة مفاده
أنهم طلبوا من الطاعن بصفته النقابية التدخل لصرف الحوافز وعليه فالطاعن يكون
مباشر لنشاطه النقابى فى خصوص هذه الواقعة وكان يجب إبالغ االتحاد العام لنقابات
العمال بذلك قبل التحقيق مع الطاعن وإذا لم تفعل جهة اإلدارة ذلك فإن قرارها بمجازاته
. ()1
يكون باطالً خليقاً باإللغاء
غير أن المحكمة اإلدارية العليا قضت فى حكمها الصادر فى 1999/7/18بأن " :
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالسبب األول من الطعن من بطالن إجراءات التحقيق لعدم
إخطار االتحاد العام لنقابات العمال طبقاً لحكم المادة 46من القانون رقم 76 /35
بشأن النقابات العمالية فإن المادة المشار إليها تنص على أنه .......ومفاد هذا النص
أن المشرع أراد أن يكفل لالتحاد العام لنقابات العمال الحق فى اإلحاطة بما ينسب إلى
عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية من اتهامات فى جرائم تتعلق بنشاطه وهو ما يهم
االتحاد العلم به ومعرفة كافة الظروف المحيطة باالتهام المنسوب للعضو النقابى متعلقاً
بممارسة نشاطه النقابى .
( )1حكم المحكمة التأديبية لو ازرة الصناعة ،جلسة ، 1990/2/24الطعن رقم 85لسنة 22ق .
636
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وعلى ذلك فإن مخالفة ذلك الحظر بعدم إخطار االتحاد ال يؤدى إلى بطالن التحقيق
الذى يجرى مع العضو النقابى ذلك أنه من المقرر قانوناً أنه ال بطالن إال بنص ولم
يرتب المشرع البطالن على مخالفة النص المشار إليه ومن ناحية أخرى فإن المقصد
من ذلك اإلخطار هو إحاطة االتحاد العام للعمال علماً باالتهام المتصل بالنشاط النقابى
والظروف المحيطة به وبالتالى فإن عدم االلتزام باإلخطار ال يعد إخالالً بإجراء جوهرى
()1
. أو ضمانة من ضمانات التحقيق من المحكمة
ويرى الباحث -:
أن المشرع عندما يستلزم إجراء معين فإن هذا ال يكون عبثاً وال سدى وقد ارتأى المشرع
ضرورة إخطار االتحاد العام لنقابات العمال بما هو منسوب إلى عضو مجلس إدارة
المنظمة النقابية من اتهامات فى جرائم تتعلق بنشاطه النقابى وبالموعد المحدد إلجراء
التحقيق قبل البدء فى إجرائه ،وهذا الشرط جوهرى لصحة التحقيق مع عضو المنظمة
النقابية ،فإذا تخلف هذا الشرط بطل التحقيق وعليه فإن إغفال هذا اإلخطار يترتب
عليه بطالن التحقيق وما ينبنى عليه من ق اررات وال حجة للقول بأن ال بطالن إال بنص
صريح يقرره ألن البطالن يتقرر فى كل حالة يفقد فيها اإلجراء المتخذ ركناً من أركان
قيامه .
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 2900لسنة 44قضائية عليا ،جلسة 18من يوليو
سنة ، 1999مجلس الدولة -المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة -مجموعة المبادئ القانونية التي
قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الرابعة واألربعون (من أول أكتوبر سنة 1998إلى آخر سبتمبر
سنة - )1999ص .1005
ويراجع أيضاً :حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 4090لسنة 37ق ع ،بجلسة /3 /8
.1994
637
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
والقول بغير ذلك يعد إنتقاص أحد الضمانات الهامة المقررة للعضو النقابى ،فضالً
عن أن المشرع قد قرر هذا اإلجراء حتى يتسنى لالتحاد معاونة العضو النقابى فى
الدفاع عن نفسه فى التحقيق الذى يجرى معه ،وعليه فعدم اإلخطار من شأنه أن يمنع
عنه هذه المساعدة بما يوجب تقرير بطالن كل اإلجراءات المترتبة على التحقيق.
والسؤال الذى يثور هل يلزم إخطار اإلتحاد العام لنقابات العمال فى حالة ارتكاب
العضو النقابى لمخالفة تتعلق بعمله النقابى ولكن لم يبدأ التحقيق فيها إال بعد أن
زالت عنه الصفة .
()1
يلزم اإلخطار أيضاً ،معلالً ذلك أن التحقيق معه سيتناول فى رأى جانب من الفقه
المخالفة المنسوبة إليه بمناسبة عمله النقابى فال يجوز للجهة التى يعمل بها أن تنتظر
فرصة انحسار صفته النقابية للتحقيق معه عن مخالفات ارتكبها بهذه الصفة فالمنطق
يقتضى الربط بين طبيعة اإلتهام المنسوب إليه وصفته التى ارتكب بها هذه المخالفة ،
وتحديد طبيعة المخالفة المنسوبة إلى العضو النقابى وهل هى مخالفة مرتبطة بعمله
النقابى أم ال ،هو أمر تختص به المحكمة التأديبية .
ويرى الباحث -:
ومن جانبنا نؤيد ونؤكد تماماً هذا الرأى ،حيث أنه يجب الربط التام بين طبيعة المخالفة
ووقت المخالفة وبين التحقيق الذى سيجرى ،فإذا كانت المخالفة ارتكبت إبان ممارسة
الموظف عمله النقابى وتتعلق باتهامات فى جرائم تتعلق بنشاطه النقابى ،فال مناص
( )1المستشار الدكتور /محمد ماهر أبو العينين ،قضاء التأديب فى الوظيفة العامة والدفوع التأديبية
،الكتاب األول ،مرجع سابق ،ص . 418
638
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
من إخطار االتحاد العام لنقابات العمال بما هو منسوب إلى عضو مجلس إدارة المنظمة
النقابية ،ولو زالت عنه هذه الصفة فيما بعد .
فمن الممكن أن تنتظر الجهة التى يعمل بها فرصة انحسار صفته النقابية وتقوم بالتحقيق
معه عن مخالفات ارتكبها بهذه الصفة ،مما يعد انتقاصاً من حقوقه .
رابعاً -:أن يكون المحقق أعلى درجة وظيفية من المتهم بين اإللزام وعدم اإللزام .
يرى جانب من الفقه ( )1أنه يتعين عدم التقارب فى الدرجة أو المرتبة بين المحقق والمتهم
حتى ال يكون التنافس بينهما فى المجال الوظيفى دافعاً إلى طرح الحياد جانباً ،ولذلك
يجب أن يكون المحقق أقدم أو أعلى درجة من المتهم فال يصح أن يتولى التحقيق من
كان أدنى منه درجة .
ونجد أن قوانين التوظف تختلف فيما بينها فى اشتراط هذا الشرط ،فنجد مثالً أن المادة
( )105من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49لسنة 1972تنص على
أن " :يكلف رئيس الجامعة أحد أعضاء هيئة التدريس في كلية الحقوق بالجامعة أو
بإحدى كليات الحقوق إذا لم توجد بالجامعة كلية للحقوق بمباشرة التحقيق فيما ينسب
إلى عضو هيئة التدريس ويجب أال تقل درجة من يكلف بالتحقيق عن درجة من يجرى
التحقيق معه ويقدم عن التحقيق تقري اًر إلى رئيس الجامعة ولوزير التعليم أن يطلب
إبالغه هذا التقرير ".
فى حين نجد أن قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016لم يتضمن أى نص قانونى
يوجب أن يكون المحقق أعلى درجة وظيفية من الموظف المحال للتحقيق ،كما لم
( )1د .أنور أحمد رسالن ،التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ،مرجع سابق ، 2003 ،ص
.130
639
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
تتضمن الالئحة التنفيذية أى نص بخصوص هذا الموضوع ،بما يعنى أنه ليس هناك
إلزام أن يكون المحقق أعلى درجة وظيفية من الموظف المحال للتحقيق .
خامساً -:كتابة محضر التحقيق .
األصل أن يتم التحقيق اإلدارى مع الموظف كتابة وذلك إعماالً لنص المادة ( )59من
قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016والتى تنص على أنه " ال يجوز توقيع أى
جزاء على الموظف إال بعد التحقيق معه كتاب ًة ،وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ،ويكون
القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً ".
وترجع أهمية كتابة التحقيق إلى اعتبارها حجة على الكافة وهذا يتطلب إفراغ التحقيق
فى محضر أو عدة محاضر ،كما أن الكتابة تعد أفضل وسيلة لإلثبات واألكثر شيوعاً،
إذ أنه ال محل لالعتماد على ذاكرة المحقق التى البد وأن تخونه خصوصا ًً بعد فترة
من الزمن.
وال يعنى اشترط كتابة التحقيق إلزام الجهة المنوط بها إجراؤه بشكل معين حيث إن
النصوص الموجبة لذلك تهدف إلى توفير ضمانة لسالمة التحقيق وتيسير وسائل
استكماله للجهة القائمة به بغية الوصول إلى إظهار الحقيقة من جهة ،ولتمكن المتهم
من جهة أخرى من الوقوف على عناصر هذا التحقيق وأدلة االتهام إلبداء دفاعه فيما
هو منسوب إليه ،وكل ما ينبغى فى هذا الشأن أن يتم التحقيق فى حدود األصول
()1
. العامة ومراعاة الضمانات األساسية التى تقوم عليها حكمته
وتعد الكتابة شرط لصحة التحقيق ،ومن ثم فإن أثر تخلفه معناه بطالن التحقيق .
( (1د .عادل عبدالعزيز السن ،ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ،التحقيق اإلدارى (
كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ،مرجع سابق ،ص . 93
640
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
واستثناء من قاعدة كتابة التحقيق نصت الفقرة الثانية من المادة ( )59من قانون
الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016على أنه " ومع ذلك ،يجوز بالنسبة لجزاءى
اإلنذار والخصم من األجر لمدة ال تجاوز ثالثة أيام أن يكون التحقيق شفاهة ،على أن
يثبت مضمونه فى القرار الصادر بتوقيع الجزاء ".
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن " :المقصود بالتحقيق المشار إليه
بنص المادة 79من القانون رقم 47لسنة 1978وهو التحقيق الذى يواجه فيه العامل
بالمخالفة المنسوبة إليه والذى يتاح له فيه إبداء دفاعه بشأنها -االستجواب أو التحقيق
الشفوى -شرط صحته أن يثبت مضمون ذلك االستجواب أو التحقيق الشفهى القرار
()1
. الصادر بتوقيع الجزاء "
كما قضت أيضاً أنه " :األصل أن يكون التحقيق كتابة -يستثنى من ذلك المخالفات
التى يجوز فيها توقيع جزاء اإلنذار والخصم من األجر لمدة ال تجاوز ثالثة أيام بناء
على تحقيق أو استجواب شفوى على أن يثبت مضمون هذا التحقيق فى القرار الصادر
بتوقيع الجزاء -علة هذا االستثناء ضمان حسن سير المرفق العام فى مواجهة بعض
المخالفات محدودة األهمية بما يحقق الردع المرجو دون إخالل بالقاعدة العامة النابعة
من حقوق اإلنسان والمتمثلة فى أنه ال يجوز توقيع أى جزاء دون أن يكون مستنداً إلى
()2
. تحقيق أو استجواب "
وقد تعرض هذا اإلستثناء للنقد الالذع من جانب الفقه :
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1997/5/10الطعن رقم 272لسنة 34قضائية .عليا
.
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ،1989/6/24الطعن رقم 170لسنة 35قضائية .عليا .
641
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
فيرى الدكتور ماهر عبدالهادى أنه من غرائب التشريع التأديبى أن يكون هناك نص
بمثل هذا التناقض ،فمن المقطوع به أن التحقيق ما شرع إال لغاية واحدة هى الوقوف
على حقيقة ما إذا كان هناك ذنب إدارى منسوب ألحد العاملين من عدمه ،بمعنى
الوقوف على التكييف القانونى للمخالفة من ناحية وصحة اإلسناد من ناحية أخرى ،
ومفهوم ذلك أن تقدير الجزاء يأتى كأثر للتحقيق بحيث ال يصح تقدير الجزاء إال بعد
اإلنتهاء من التحقيق والوقوف على مقدار الذنب وكيله بالكيل المناسب .والقول بخالف
ذلك يؤدى إلى إهدار اإلجراء التأديبى نفسه .ألن تقدير الجزاء قبل التحقيق يعنى فى
الواقع الحكم على متهم قبل محاكمته وسماع دفاعه .ومفهوم اإلجازة الواردة بالنسبة
للتحقيق الشفوى تعنى أن لدى المحقق فكرة مسبقة عن حجم الجزاء ابتداء ،وأن الواقعة
التى سوف يحققها من البساطة بحيث ال تتجاوز عقوبتها ثالث أيام خصم ،ولذلك
ينبغى تحقيقها شفوياً ! وفى ذلك مصادرة على المطلوب واستباق لألحداث ،إذ أن
تقدير العقوبة جاء سابقاً لقيام التحقيق والوقوف على الحقيقة وهى نتيجة غير منطقية
()1
. أصالً! ...
ويرى الدكتور مجدى مدحت النهرى بأن التحقيق ينبغى أن يكون كتابة أياً ما قدر
للوقائع محل التحقيق ودون استثناء ،ألن الكتابة تبدو لنا من المبادىء العامة لإلجراءات
فى التأديب (.)2
( )1د .ماهر عبدالهادى ،الشرعية اإلجرائية فى التأديب ،الطبعة الثانية ، 1986 ،ص 236وما
بعدها .
( )2د .مجدى مدحت ابراهيم النهرى ،قواعد وإجراءات تأديب الموظف العام ،دار النهضة العربية ،
، 1997ص . 98
642
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
أنه مما يثير العجب فى النص المجيز ()1
ويرى الدكتور عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة
للتحقيق الشفهى اشتراط أن يكون الجزاء – الذى سيسفر عنه هذا التحقيق – هو اإلنذار
أو الخصم من المرتب بما ال يجاوز ثالثة أيام وكأنه يقرر أن المحقق يعلم مسبقاً بنتيجة
التحقيق قبل إجراؤه ،حتى يحدد ما إذا كان سيجريه شفاهة أو كتابة ،وهذا أمر يتنافى
مع المنطق القانونى السليم والذى بموجبه يخضع تقدير الجزاء لمجريات التحقيق بما
تكشف عنه من حقائق .فتقدير الجزاء يأتى الحقاً إلتمام التحقيق ال سابقاً على إجرائه
،حيث ُيعد ذلك استباق لألحداث وقف اًز غير جائز على النتائج .
ولذلك يرى هذا االتجاه الفقهى السابق أنه ال يوجد تناسب بين أهمية هذا اإلستثناء
المتمثلة فى تسهيل العمل اإلدارى بالمقارنة لما يؤدى إليه من مضار كأثر إلهدار
الشرعية اإلجرائية فى التأديب ،والتى يكون التحقيق المكتوب أساساً لها .
ويرى الباحث :
أن االستثناء الوارد على قاعدة كتابة التحقيق بالنسبة لجزاءى اإلنذار والخصم من األجر
لمدة ال تجاوز ثالثة أيام جدير بالنقد :
-فمن ناحية أولى فإن غاية التحقيق هو الوقوف على حقيقة التهمة الموجهة إلى
الموظف وتوقيع الجزاء المناسب تبعاً لذلك ،ومن ثم فإن تقدير الجزاء المناسب يأتى
كأثر للتحقيق وفى مرحلة الحقة ،والقول بغير ذلك يعنى أن لدى المحقق فكرة مسبقة
عن حجم الجزاء ابتداء دون تحقيق دفاع الموظف المتهم وهو ما ال يجوز ،وفى ذلك
( )1د .عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ،إجراءات تأديب الموظف العام ،المركز القومى لإلصدارات
القانونية ،طبعة ، 2008ص . 158
643
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
مصادرة على المطلوب واستباق لألحداث وترتيب غير منطقى لمراحل التحقيق وتوقيع
الجزاء .
-ومن ناحية أخرى فإن اشتراط كتابة التحقيق ليس باألمر العسير والمعقد حتى نسعى
إلى وضع استثناءات عليه فى حاالت معينة .
ولذلك نرى أن هذا االستثناء ضره أكبر من نفعه ،وندعو المشرع إلى تعديل هذه المادة
واإلبقاء على األصل العام لقاعدة كتابة التحقيق دون أى استثناء .
ويثار بشأن قاعدة كتابة التحقيق واإلستثناء الوارد عليها عدد من األسئلة المهمة والتى
تحتاج إلى إجابات مقنعة .
-1ماهو جزاء إغفال سلطة التحقيق لشكلية كتابته خارج إطار اإلستثناء السابق ؟
يترتب على قيام السلطة المنوط بها إجراء التحقيق شفاهة ،خارج إطار االستثناء
الخاص بجزاءى اإلنذار والخصم من األجر لمدة ال تجاوز ثالثة أيام ،بطالن التحقيق
لمخالفته لشكل جوهرى واجب االتباع ،األمر الذى يرتب بدوره بطالن الجزاء الستناده
لتحقيق باطل (.)1
وجوهرية شكلية كتابة التحقيق تجد سندها فى القاعدة العامة المقررة فى القوانين اإلجرائية
والتى بموجبها ُيعد اإلجراء جوهرياً ،يؤدى إغفاله إلى البطالن ،إذا كان الغرض منه
المحافظة على مصلحة المتهم أو أحد الخصوم .
وهذا البطالن متعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ،وللموظف الدفع
. ()2
به فى أية حالة تكون عليها الدعوى
( )1د .عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ،إجراءات تأديب الموظف العام ،المركز القومى لإلصدارات
القانونية ،طبعة ، 2008ص . 158
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1987/3/24الطعن رقم 2131لسنة 32ق .
644
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ومن حيث إنه من المسلم أن
القرار اإلدارى يبطل لعيب فى الشكل إذا نص القانون على بطالن القرار عند إغفال
اإلجراء الشكلى أو كان اإلجراء جوهرياً فى ذاته بحيث يترتب على إغفاله بطالن القرار
بحسب مقصود الشارع من جعل هذا اإلجراء واجباً .ولما كان إثبات مضمون التحقيق
الشفوى فى المحضر الذى يحوى الجزاء يعد إجراء جوهرياً ألن مقصود الشارع من تقريره
هو توفير الضمانات الالزمة لالطمئنان إلى صحة الوقائع المستوجبة للجزاء وتمكين
القضاء من تسليط رقابته على قيامها وعلى مدى سالمة تقدير اإلدارة لها ومن ثم فإنه
()1
. ينبنى على إغفال هذا اإلجراء بطالن القرار"
-2هل المقصود من إثبات مضمون التحقيق الشفوى بالمحضر الذى يحوى الجزاء
ضرورة سرد ما دار فى الموضوع محل االستجواب بالمحضر تفصيلياً ؟
ليس المقصود من إثبات مضمون التحقيق الشفوى بالمحضر الذى يحوى الجزاء ضرورة
سرد ما دار فى الموضوع محل االستجواب بالمحضر تفصيلياً بسرد كل الوقائع المنسوبة
للموظف وبيان األصول التى استخلصت منها وذكر ما ورد على ألسنة الشهود بشأنها
وترديد دفاع الموظف وتقصى كل ما ورد فيه من وقائع وأدلة إثبات ونفى وترجيح االتهام
على أساس دفع أبداه الموظف إذ كل ذلك من شأنه أن يقلب التحقيق الشفوى إلى تحقيق
كتابى ،وهو مما يعطل الحكمة من إجازة التحقيق الشفوى وهو تسهيل العمل وإنما
المقصود من ذلك هو إثبات حصول التحقيق أو االستجواب وما أسفر عنه هذا التحقيق
أو االستجواب فى شأن ثبوت الذنب االدارى قبل الموظف باعتبار أن هذا الذنب االدارى
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1967/4/15الطعن رقم 226لسنة 9قضائية ،مجلس
الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الثانية عشر –
العدد الثانى ( من منتصف فبرايرسنة 1967إلى آخر سبتمبر ، ) 1967ص .909
645
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
هو الذى يكون ركن السبب فى القرار التأديبى مما يمكن السلطة القضائية من بسط
رقابتها القانونية على صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانونى (.)1
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ال يشترط سوى أن يثبت مضمون
التحقيق الشفوى بالمحضر الذى يحوى الجزاء وال يشترط أن يحوى كل الوقائع المنسوبة
()2
. إلى العامل "
كما قضت أيضاً بأن " :جواز أن يكون االستجواب والتحقيق شفاهة على أن يثبت
مضمونه بالمحضر الذى يحوى الجزاء ...التدوين وإثبات مضمون التحقيق من
اإلجراءات الجوهرية والمقصود بذلك أن تضمن المحضر خالصة لالستجواب تكون
معبرة بوضوح عما استجوب فيه الموظف وما أجاب على وجه معبر عن منحنى دفاعه
()3
. "
-3ما مدى إلزامية وجود كاتب تحقيق ؟
تنص المادة ( )39من التعليمات المنظمة للعمل الفنى للنيابة اإلدارية على أنه" يجب
تحرير محضر التحقيق بمعرفة كاتب من العاملين بالنيابة اإلدارية " وهو ما أكده نص
المادة ( )57من ذات التعليمات الصادرة بقرار رئيس هيئة النيابة اإلدارية رقم 136
لسنة 1994والتى تنص على أنه" يجب تحرير محاضر التحقيق بمعرفة كاتب من
العاملين بالنيابة اإلدارية الذى عليه أن يتحرى الدقة والوضوح والنظافة فى تدوين
المحضر ،وأن يستمر فى التحقيق الذى بدأه إلى أن يقرر عضو النيابة إنهائه حتى
ولو استطال وقت التحقيق أى ما بعد انتهاء ميعاد العمل الرسمى ،فإذا لحق بكاتب
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1966/2/26الطعن رقم 449لسنة 8قضائية .عليا .
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1973/12/9الطعن رقم 451لسنة 13ق .
( )3حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1967/4/15الطعن رقم 226لسنة 9ق .
646
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
التحقيق أثناء مباشرته عمله عذر قهرى أو ألم به حادث فجائى يتعارض معه استم ارره
فى أدائه لعمله كلف عضو النيابة المحقق كاتب آخر باستكمال التحقيق ويراعى إثبات
اسم كاتب التحقيق البديل وواقعة االستبدال بمحضر التحقيق بعد حلف اليمن .
ومن ثم يتعين وجود كاتب للتحقيق وذلك بالنسبة للتحقيقات التى تجريها النيابة اإلدارية،
أى أن وجود هذا الكاتب أمر وجوبى وليس جوازى األمر الذى يرتب على إغفاله زعزعة
()1
. الثقة فى التحقيقات ،وقد يرقى به إلى حد البطالن
أما بخصوص التحقيق الذى يجريه محقق الجهة اإلدارية ،فلم يتضمن قانون الخدمة
المدنية رقم 81لسنة 2016أو قانون العاملين بالقطاع العام أية إشارة إلى وجوب أن
يتولى كتابة التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية كاتب تحقيق .
إذا فالقاعدة هى أن التحقيق الذى تجريه الجهة اإلدارية ال يشترط تدوينه بمعرفة كاتب
التحقيق .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ومن حيث أنه فيما يتعلق بما
ينعاه الطاعن على التحقيق المذكور من أنه قد تم دون اصطحاب المحقق كاتب تحقيق،
فإنه وإن كان يبين من استقراء القواعد اإلجرائية المنظمة لتحقيقات النيابة العامة والنيابة
اإلدارية أن األصل كقاعدة عامة ضرورة وجود كاتب تحقيق هو ضمانة قانونية أساسية
واجبة بصفة عامة ومستمدة أصالً كفرع من اإلجراءات التى تحمى حق الدفاع المقرر
بمقتضى نص المادة ( )67من الدستور ألى موطن يجرى معه التحقيق سواء كان ذلك
فى مجال المسئولية التأديبية واإلدارية أو المسئولية الجنائية ومؤدى ذلك وجوب
( (1د .عادل عبدالعزيز السن ،ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ،التحقيق اإلدارى (
كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ،مرجع سابق ،ص . 94
647
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
استصحاب الضمانة فى مجال التحقيق التأديبى ،إال أن ذلك ال يمنع جواز تحرير
المحقق التحقيق اإلدارى بنفسه دون اصطحاب كاتب تحقيق بشرط أال يخالف ذلك نص
القانون ويكون أساسه مراعاة لمقتضيات حسن سير وانتظام المرافق العامة بمراعاة
االعتبارات الموضوعية الثابتة عند إجراء التحقيق وظروف اإلمكانيات فى جهات اإلدارة،
أو مراعاة العتبار سرية التحقيق لتعلقه بما يمس اإلدارة والنظام العام أو العتبار كرامة
الوظيفة التى يشغلها من يجرى معه التحقيق -وبما ال يخل على أى وجه من الوجوه
بحقوق الدفاع لمن يجرى معهم التحقيق .
ومن حيث أن التحقيق مع الطاعن قد حرره المحقق دون اصطحاب كاتب تحقيق -
وهو أستاذ فى كلية الحقوق -ألن ظروف إجراء هذا التحقيق تبرر ذلك سواء من ناحية
موضوعه ونوعية االتهام الموجه للطاعن وصفته كعضو بهيئة التدريس التى يوجب
إحاطة مثل هذا التحقيق بالسرية ،أو من ناحية إحاطة كرامة وظيفة الطاعن كعضو
بهيئة التدريس بالجامعة بالحماية من تعريضها لتناقل مجريات التحقيق بواسطة كاتبه،
كما أنه لم يثبت أنه كان فى تحرير هذا التحقيق بواسطة المحقق أى إهدار لحق من
حقوق الدفاع المقررة للطاعن فلم يثبت على ما ورد بمدونات التحقيق أنه تضمن سلباً
أو إيجاباً أية مغايرة للحقيقة فيما ثبت به من أقوال الطاعن أو غيره ممن سئلوا فى هذا
()1
. التحقيق" .
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1988/11/5الطعن رقم 646لسنة 32القضائية ،
مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الرابعة
والثالثون الجزء األول ( من أول أكتوبر 1988إلى آخر فبراير - 1989ص .61
648
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
-4ما مدى إلزامية توقيع المحقق لمحضر التحقيق؟
إذا قام المحقق بتدوين التحقيق بنفسه فليس بشرط أن يوقع على كل حلقة من حلقات
إجرائه على نحو ما يجب إذا قام كاتب متخصص بكتابته .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ومن حيث أنه عن القول ببطالن
التحقيق لعدم التوقيع عليه ممن أجراه ،فإن القاعدة فى إجراء التحقيقات تحتم توقيع
كاتب التحقيق والمحقق الزماً مع كل حلقة من حلقات إجرائه ليكون له ثبوت صدق
التحقيق عمن أجراه وحرره وتمكين من يحقق معه من إبداء دفاعه فى هذا الشأن مما
يبطل التحقيق معه لو أغفل ثبوت هذه التوقيعات على نحو يشكك فى سالمة حدوث
اإلجراء أو صحة ما ثبت فى أوراق التحقيق أو يمنع من يحقق معه على أى وجه من
إبداء دفاعه فيما يتعلق بكل ما يتعلق بالتحقيق ومن ثم فإنه ليس ثمة شك فى أنه ما
دام الثابت أن التحقيق تحرر بخط يد المحقق وما دام أن استلزام التوقيع غايته إثبات
إجراء التحقيق بمعرفة المحقق المحرر اسمه فى صدره وضمان حق المحقق معه فى
الدفاع ،وهذه الغاية تحقق عند تدوين التحقيق بواسطة المحقق ألن فى تدوين التحقيق
بخط يد المحقق ما يثبت إجراءه بواسطته وال يترتب على عدم إغفاله توقيعه عقب انتهاء
كل إجراء من إجراءات على أحد ممن المحاضر المكونة له البطالن لعدم وجود شك
فى إجراءات التحقيق بخصم أو ثبوت عدم صحة ما أثبته أو إخالل ذلك بحق الدفاع
. ()1
لمن يجرى التحقيق معهم"
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1988/11/5الطعن رقم 646لسنة 32القضائية ،
مجلس الدولة -المكتب الفني -مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الرابعة
والثالثون الجزء األول ( من أول أكتوبر 1988إلى آخر فبراير - 1989ص .61
649
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
املطلب الثانى
( )1سنن البيهقى ،ج 10ص ، 137الحديث رقم 20246 ، 20245 ، 20244؛ الطبرانى ،
المعجم الكبير ،ج ، 386 ، 3الحديث رقم ، 923ج 23ص ، 284الحديث رقم ، 622الزيلعى
،نصب الراية ،ج 4ص . 73
( )2السرخسى ،المبسوط ،ج ، 6ص . 61
650
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
والتحقيق بصفة عامة يعنى الفحص والبحث والتقصى الموضوعى المحايد والنزيه
الستجالء الحقيقة فيما يتعلق بصحة وقائع محددة ونسبتها إلى أشخاص محددين وذلك
لوجه الحق والصدق والعدالة وال يتأتى ذلك إال إذا تجرد المحقق من أية ميول شخصية
إزاء من يجرى التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول لجانبهم أو فى مواجهتهم ،إذ ال
ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها فى المحقق عن القدر المتطلب فى القاضى
،حيث أن الحكم فى المجال العقابى جنائياً كان أو تأديبياً إنما يستند إلى أمانة المحقق
واستقالله ونزاهته وحيدته كما يستند إلى أمانة القاضى ونزاهته وحيدته سواء بسواء .
وتعد حيدة السلطة المكلفة بالتحقيق من أهم الضمانات التأديبية ،ويقصد بحيدة المحقق
فى التأديب استقالله وعدم تبعيته للرؤساء فى الجهاز اإلدارى ،ويقصد بذلك الفصل
بين سلطتى التحقيق والحكم ،ومن ثم يتعين أال يكون المحقق متحامالً على الموظف
المتهم ،كما ال يجوز أن يكون الرئيس اإلدارى الذى وجه االتهام إلى مرءوسه هو نفسه
الذى يتولى التحقيق ،كما أنه ال يجوز أن يتعرض المتهم ألى ضغوط أثناء التحقيق
سواء عن طريق اإلكراه المادى أو اإلكراه المعنوى حيث تنعدم إرادته وال يعد تقديم
النصح للمتهم بأن يعترف بالذنب اإلدارى إذا كان مذنباً بمثابة تهديد له وإنما هى مجرد
توجيه نظر المتهم إلى أن من مصلحته ذكر الحقيقة ،ولكن ذلك مشروط بأال تكون
صيغة المحقق لعبارة النصح تحمل معنى األمر ،كما يتعين أال يتدخل المحقق بأية
صورة تؤثر على الطريقة التلقائية للمتهم فى اإلجابة عن األسئلة الموجهة إليه (. )1
ويعد التحقيق اإلدارى الذى تجريه جهة اإلدارة أكثر إحتياجاً لضمانة الحيدة ألسباب
ترجع إلى ضمانات المحققين واستقاللهم ،حيث ال يتمتع المحقق اإلدارى بنفس
( )1د .سليمان سعيد ،الضمانات التأديبية ،مرجع سابق ،ص 85وما بعدها .
651
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
الضمانات التى يتمتع بها أعضاء النيابة حيث يكون المحقق اإلدارى تابعاً للرئيس
اإلدارى الذى يتولى توقيع الجزاء ،كما أن هذا التحقيق يكون هو المعول عليه فى تقدير
الذنب اإلدارى والجزاء المناسب له ،ويكون التحقيق اإلدارى هو المستوى الوحيد لمساءلة
الموظف عندما يكون التأديب رئاسياً (.)1
أنه يتعذر تحقيق تلك الضمانة داخل نطاق األجهزة اإلدارية ()2
ويرى جانب من الفقه
عندما تنبرى السلطة الرئاسية فى ممارسة اختصاصاتها فى التأديب وتوقيع الجزاء ،
ألنها تجمع عمالً بين االتهام والتحقيق وتوقيع الجزاء األمر الذى يستحيل معه القول
بتجردها من مواجهة الموظف ،ومع ذلك فإن تقيدها بالمصلحة العامة وصالح العمل
يقتضى تحليها بالحياد فى مواجهة المتهم ومن ثم فإن تحاملها الظاهر عليه إنما يصم
تصرفاتها تجاهه باالنحراف عن المصلحة العامة ويعيبها بإساءة استعمال السلطة ،
األمر الذى يؤدى فى النهاية إلى بطالن تلك التصرفات .
ومن ثم فإنه من بين الضمانات الجوهرية للمتهم حيدة المحقق الذى يتولى التحقيق مع
الموظف ومن مقتضى هذا األصل أن من يسبق له إبداء رأيه فى االتهام يمتنع عليه
اإلشتراك فى نظر التحقيق وذلك ضماناً لحيدة المحقق ،ويجب أال يكون قد كتب أو
استمع أو تكلم فى موضوع المخالفة المنظورة حتى تصفو نفسه من كل ما يمكن أن
يستشف منه رأيه فى المتهم بما يكشف لهذا األخير مصيره فيزعزع ثقته فيه أو يقضى
( )1المستشار الدكتور /محمد ماهر أبو العينين ،قضاء التأديب فى الوظيفة العامة والدفوع التأديبية
،الكتاب األول ،مرجع سابق ،ص . 447
( )2د .أنور أحمد رسالن ،التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ،مرجع سابق ، 2003 ،ص 162
.
652
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
على اطمئنانه ،ومن ثم فإن القرار الذى يصدر على خالف هذا األصل معيب بعيب
ينحدر به إلى البطالن .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :يشترط لسالمة التحقيق مع
العامل المحال للمحاكمة التأديبية أن تتوافر ضمانات التحقيق التى أوجبها المشرع -
من أهم هذه الضمانات توافر الحيدة التامة فيمن يقوم بالتحقيق وتمكين العامل من اتخاذ
كل ما يلزم لتحقيق أوجه دفاعه -قيام مقدم الشكوى بالتحقيق مع المشكو فى حقه يهدر
التحقيق ويبطله -أساس ذلك -تخلف ضمانة الحيدة فى المحقق -أثر ذلك :بطالن
التحقيق والقرار الذى قام عليه -ال ينال مما تقدم استكمال التحقيق بعد ذلك بمعرفة
موظف آخر -أساس ذلك :أن التحقيق قد اعتمد فى إتمامه علـى تحقيق مقدم الشكوى
الذى كان حريصاً على إعداد دليل مسبق بأخذ إق اررات من العاملين يقرون فيه بصحة
()1
. الواقعة وأثبت ذلك فى صلب التحقيق الذى بدأه "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1986/12/16الطعن رقم 1341لسنة 31ق .
653
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
القاضى وتحرره من التأثر بعقيدة سبق أن كونها عنه ،بمعنى اإلنصات بما يخاطب
به الضمير الحى وتمليه قواعد العدالة المثلى فى ممارسة سلطة التحقيق وإصدار الحكم
النهائى دون االحتياج إلى نص يقرر ذلك ،فمن يجلس مجلس القضاء أو مجلس
التحقيق يجب أال يكون قد سمع أو تكلم أو كتب (.)1
()2
إلى أن الحيدة تقوم بصفة أساسية على مبدأ عدم جواز وقد ذهب رأى فى الفقه
الجمع بين صفتى الخصم والحكم فى آن ،بمعنى أنه ال يجوز أن يشترك فى مباشرة
إجراءات التحقيق والحكم فى الدعوى التأديبية التى ترفع بناء على هذا التحقيق شخص
واحد يجمع بين صفتى الخصم والحكم فى آن واحد .
وتطبيقاً لذلك فقد اعتبر مجلس الدولة الفرنسى أن مجرد حضور المحقق جلسة لجنة
التأديب يعيب تشكيل اللجان المكلفة بنظر المخالفات المرفوعة أمامها وذلك بالنظر إلى
طبيعة هذه اللجنة واعتبارها القضاء الوحيد المتخصص فى المخالفات التأديبية (.)3
وقد نصت المادة ( )247من قانون اإلجراءات الجنائية على أنه " :يمتنع على القاضى
أن يشترك فى نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصياً ،أو إذا كان قد
قام فى الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائى ،أو بوظيفة النيابة العامة ،أو المدافع عن
أحد من الخصوم ،أو أدى فيها شهادة ،أو باشر عمالً من أعمال أهل الخبرة.
( )1د .محمد عصفور ،التأديب والعقاب ،القضاء اإلدارى ،طبعة ، 1979ص 46؛ د .مليكة
الصروخ ،سلطة التأديب فى الوظيفة العامة بين اإلدارة والقضاء ،دراسة مقارنة ،مطبعة الجبالوى
،طبعة ، 1983ص . 309
( )2د .ثروت عبدالعال أحمد ،إجراءات المساءلة التأديبية وضمانتها ألعضاء هيئة الدريس بالجامعات
،أسيوط ،دار النشر والتوزيع ،طبعة ، 1965ص . 366
(3 ) - C.E 5 juillet 2000, Mm Rochard. A.J.D.A, 2001, P.522.
654
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ويمتنع عليه كذلك أن يشترك فى الحكم إذا كان قد قام فى الدعوى بعمل من أعمال
التحقيق أو اإلحالة ،أو أن يشترك فى الحكم فى الطعن إذا كان الحكم المطعون فيه
صاد اًر منه ".
ووفقاً للمادة ( )146من قانون المرافعات يجب أال يكون القاضى قد أفتى أو ترافع أو
كتب أو نظر فيها بأى صفة أخرى .
وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة
مستقر -مستلهماً أحكام هذا النص -على أن األصل أن من يقوم فى الدعوى الجنائية
أو التأديبية من أعمال التحقيق يمتنع عليه االشتراك فى نظر الدعوى أو الحكم فيها،
باعتبار أن ذلك أصل من أصول المحاكمات ،وحكمة ذلك هى ضمان حيدة القاضى
الذى يجلس من المتهم مجلس الحكم بينه وبين سلطة االتهام ،وحتى ال يفسر قضاءه
بعقيدة سبق أن كونها عن التهمة موضوع المحاكمة ،وهو يباشر والية التحقيق أو يتولى
سلطة االتهام أو يشترك فى قرار اإلحالة أو فى نظر الدعوى فى مرحلة سابقة ،فثمة
قاعدة فى الضمير تمليها العدالة المثلى وال تحتاج إلى نص يقررها ،وهى أن من يجلس
مجلس القضاء يجب أال يكون قد كتب أو استمع أو تكلم فى الموضوع المعروض،
حتى تصفو نفسه من كل ما يمكن أن يستشف منه رأيه فى المتهم ،بما يكشف لهذا
()1
. األخير مصيره مقدماً فيزعزع ثقته فيه أو يقضى على اطمئنانه إليه" .
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعنين رقمى 1501 ،2205لسنة 39 ،38القضائية ،جلسة
28من مايو سنة ، 1994مجلس الدولة -المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة -مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة التاسعة والثالثون -الجزء الثاني (من أول مارس
سنة 1994إلى 15سبتمبر سنة ، )1994ص .1439
655
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
كما قضت أيضاً أنه " :من حيث إنه من المبادئ المستقرة واألصول العامة للمحاكمات
-وإن لم يرد بها أى نص -انه من بين الضمانات الجوهرية للمتهم حيدة الهيئة التى
تتولى محاكمة العامل ومن مقتضى هذا األصل فى المحاكمات التأديببة أن من يسبق
له ابداء رأيه فى االتهام يمتنع عليه االشتراك فى نظر الدعوى والحكم فيها وذلك ضماناً
لحيدة القاضى أو عضو مجلس التأديب ،وأن من يجلس بمجلس القضاء يجب أال يكون
قد كتب أو استمع أو تكلم فى موضوع المخالفة المنظورة حتى تصفو نفسه من كل ما
يمكن أن يستشف منه رأيه فى المتهم بما يكشف لهذا األخير مصيره فيزعزع ثقته فيه
أو يقضى على اطمئنانه ،ومن ثم فإن القرار الذى يصدر على خالف هذا األصل
معيب بعيب جوهرى ينحدر به إلى البطالن.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من األوراق أن السيد المستشار المساعد ............قد
اشترك فى عضوية مجلس التأديب االبتدائى رغم سبق ابداء رأيه فى االتهامات المحال
بسببها الطاعن للمحاكمة التأديبية وذلك عند بحثه للتظلم المقدم منه بصفته مفوضاً
للدولة لو ازرة الداخلية.
ومن ثم يكون غير صالح للجلوس فى مجلس التأديب االبتدائى ،وبالتالى يكون القرار
الصادر من مجلس التأديب االبتدائى الذى كان عضواً به قد شابه البطالن الحكم بإلغائه
()1
. "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 3920لسنة 38قضائية عليا ،جلسة 5من أكتوبر
سنة ،1996مجلس الدولة -المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة -مجموعة المبادئ القانونية التى
قررتها المحكمة اإلدارية العليا ،السنة الثانية واألربعون -الجزء األول (من أول أكتوبر سنة 1996
إلى آخر فبراير سنة ، )1997ص . 5
656
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
كما قضت أيضاً أنه " :ومن حيث إنه من المبادئ المستقرة واألصول العامة للمحاكمات
وأن لم يرد عليها أى نص أنه من بين الضمانات الجوهرية للمتهم هو حيدة الهيئة التى
تتولى محاكمة العامل ومن مقتضى هذا األصل فى المحاكمات التأديبية أو الجنائية أن
من يبدى رأيه فى االتهام يمتنع عليه االشتراك فى نظر الدعوى والحكم فيها وذلك ضماناً
لحيدة القاضى أو عضو مجلس التأديب ،ولما كان الثابت أن عضو مجلس التأديب
السيد ...../رئيس القلم الجنائى لنيابات شمال القاهرة هو الذى سبق وقدم مذكرة باالتهام
والمخالفات المنسوبة للطاعن وأبدى أقواله فى التحقيقات بما مفاده أن عقيدته قد أطمأنت
مسبقاً إلى صحة االتهام المسند إلى الطاعن ،ومن ثم فإنه يكون غير صالح للجلوس
فى مجلس التأديب الطاعن ،وبالتالى يكون القرار الصادر من مجلس التأديب الذى كان
()1
. عضواً به قد شابه البطالن ويتعين الحكم بإلغائه".
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر 2003/5/10أنه " :المستقر
عليه فى قضاء هذه المحكمة أن التحقيق بصفة عامة يعنى الفحص والبحث والتقصى
الموضوعى المحايد والنزيه الستجالء الحقيقة فيما يتعلق بصحة وقائع محددة ونسبتها
إلى أشخاص محددين وذلك لوجه الحق والصدق والعدالة وال يتأتى ذلك إال إذا تجرد
المحقق من رأيه وميوله الشخصية إزاء من يجرى التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول
لجانبهم أو فى مواجهتهم ،وال ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها فى المحقق
عن القدر المتطلب فى القاضى ومرد ذلك أن الحكم فى المجال العقابى جنائياً كان أو
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 3951لسنة 40القضائية ،جلسة 3من فبراير سنة
، 1996مجلس الدولة -المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة -مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها
المحكمة اإلدارية العليا ،السنة الواحدة واألربعون -الجزء األول (من أول أكتوبر سنة 1995إلى
آخر مارس سنة - )1996ص . 479
657
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
تأديبيا إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقالله ونزاهته وحيدته ،كما يستند إلى أمانة
ً
القاضى ونزاهته وحيدته سواء بسواء وعليه يجب تطبيق القواعد والضمانات الواجب
توافرها فى شأن صالحية القاضى على المحقق .وقد رددت هذا األصل المادتان
( )248 ،247من قانون اإلجراءات الجنائية كما بينت المادة ( )146من قانون
المرافعات المدنية والتجارية األحوال التى يكون القاضى غير صالح فيها لنظر الدعوى
ممنوعا من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم ومن هذه األحوال َس ْب ُق الكتابة أو
ً
اإلفتاء فى الدعوى أو إبداء رأى فيها أو َس ْب ُق نظرها قاضياً أو محكماً أو ًا
خبير أو أداء
شهادة فيها "(. )1
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر 2007/1/2أنه " :ومن حيث
إنه من المبادئ المستقرة واألصول العامة للمحاكمات أنه من الضمانات الجوهرية للمتهم
هو حيدة الهيئة التى تتولى محاكمته ومن مقتضى هذا األصل والزمه فى المحاكمات
التأديبية أو الجنائية أن من يبدى رأيه فى االتهام أو يسهم فى تحضير الدعوى أو يشارك
فى أى إجراء من إجراءات التحقيق يمتنع عليه االشتراك فى نظر الدعوى والحكم فيها
ضمانا لحيدة القاضى أو عضو مجلس التأديب أو من يجلس مجلس القضاء كى
ً وذلك
تصفو نفس المتهم من كل ما يمكن أن يستشف منه رأيه فى المتهم بما يكشف لهذا
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 10من مايو سنة ،2003الطعن رقم 8022لسنة 47
قضائية ،موقع مجلس الدولة المصرى ،مركز الدراسات والبحوث القضائية .https://jsrcsc.org ،
ويراجع أيضاً :
حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 3285لسنة 33ق .عليا ،جلسة .1989/5/13 -
حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 4116لسنة 35ق .عليا ،جلسة .1994/8/27 -
658
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
األخير مصيره فتتزعزع ثقته فيه أو يقصر اطمئنانه إليه فال َيْلَقى الحكم أو القرار فى
نفسه القبول به أو الرضا عنه(.)1
-2عدم جواز قيام الشاكى بالتحقيق فى موضوع الشكوى .
يلزم لسالمة إجراءات التحقيق تحقق الحيدة التامة فى الشخص القائم على إجراءات
التحقيق ،إذ أن قيام الشاكى بالتحقيق فى موضوع شكواه يهدر ضمانات التحقيق وحقوق
الدفاع ويزعزع ثقة المتهم واطمئنانه مما يؤدى إلى بطالن إجراءات التحقيق والقرار
()2
. الصادر بناء عليه
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ومن حيث إن المسلم أنه يشترط
لسالمة التحقيق أن تتوافر له كل مقومات التحقيق الفنى من ضمانات وأهم هذه
الضمانات هى ضرورة توافر الحيدة التامة فيمن يقوم بإجراء التحقيق ،فضالً عن وجوب
اتخاذ كل ما يلزم لكفالة تحقيق أوجه دفاع المسند إليه االتهام .ومن حيث إنه لما كان
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 20من يناير سنة ، 2007الطعنان رقما 6640، 5733
لسنة 51قضائية.عليا ،مركز الدراسات والبحوث القضائية .https://jsrcsc.org ،
وقد جاء فى حيثيات هذا الحكم " :ومن حيث إن الثابت من األوراق وأخصها مذكرة الرأى المرفوعة
من …… أمين عام المحكمة إلى رئيس المحكمة المؤرخة 2004/8/23أنه قد أبدى رأيه فى الشكوى
المقدمة من …… التى هى موضوع االتهام المنسوب إلى الطاعنين وخلص فيها إلى أن الطاعن
األول بوصفه كاتب أول محكمة األزبكية قد جانبه الصواب وأن ما جاء بالشكوى فى محله ،ثم اقتعد
المذكور مقعد القضاء فى مجلس التأديب الذى تولى محاكمة الطاعنين األمر الذى يفتقد معه صالحيته
لنظر الدعوى محل الطعنين الماثلين إلخالله بضمانه جوهرية وهى افتقاده للحيدة الواجب توافرها فى
عضو مجلس التأديب ،وذلك لسبق إبداء رأيه فيها بما يغدو معه تشكيل مجلس التأديب قد ران عليه
البطالن الذى يستطيل ليلحق بالقرار الطعين" .
( )2د .سميرعبدهللا سعد ،التحقيق اإلدارى ( مبادىء التأديب – الوثائق ) ،منشأة المعارف باألسكندرية
، 2014 ،ص. 77
659
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ذلك ،وكانت الثابت أن الذى قام بإجراء التحقيق أصالً هو رئيس الفرع مقدم الشكوى،
وهو ما تنعدم فيه الحيدة الواجبة قانوناً لذلك فإن هذا التحقيق يعد باطالً ،وال يغير من
ذلك استكمال التحقيق بعد ذلك بمعرفة رئيس قسم الشئون المالية ،ذلك أن هذا التحقيق
قد اعتمد فى إتمامه على تحقيق رئيس الفرع الذى كان حريصاً على إعداد دليل مسبق
بأخذ إقرار من ستة من العاملين يقرون فيه بصحة الواقعة وأثبت ذلك فى صلب التحقيق،
األمر الذي يصبح معه هذا التحقيق كذلك قد أخل بالضمانات الواجبة قانوناً لتحقيق
دفاع الطاعن ،وشابه القصور فى تناول التحقيق دون تأثر بالتحقيق السابق الذى أجراه
()1
. رئيس الفرع"
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 1341لسنة 31القضائية ،جلسة 16من ديسمبر
سنة ، 1986مجلس الدولة -المكتب الفني -مجموعة أحكام المحكمة اإلدارية العليا السنة الثانية
والثالثون -الجزء األول (أول أكتوبر - 1986فبراير ، )1987ص .436
660
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وعليه يجب تطبيق القواعد والضمانات التى يجب توافرها فى شأن صالحية القاضى
على المحقق.
وبناء عليه يجب أال يكون للمحقق مصلحة فى واقعة التحقيق ،وأال يكون خصماً للمتهم
فى تلك الواقعة أو غيرها ،مما قد يؤثر على حياده ونزاهته ،ويدفعه للجور أو التحامل
عليه والوصول بالتحقيق إلى نتيجة محددة سلفاً(.)1
وفى هذا الصدد المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ومن حيث إن الثابت من االطالع على
التحقيق الذى أجرى مع الطاعن بمعرفة إدارة التحقيقات باإلدارة العامة للشئون القانونية
والذى صدر بناء عليه قرار الجزاء محل النزاع أن الذى أجرى هذا التحقيق هو
السيد ...../مفتش التحقيقات بالمحافظة وهو نفسه الذى أعد المذكرة بنتيجة التحقيق
ولما كان الثابت أن المحقق المذكور كان رئيس اللجنة المشكلة لفحص أعمال الطاعن
وتقديم تقرير بالمخالفات التي تتكشف لها وأن تلك اللجنة قد أعدت تقري اًر فى هذا الشأن
متضمناً نسبة المخالفات الواردة به للطاعن والسابق إيضاحها تفصيالً ولما كانت تلك
المخالفات هى ذاتها التى تم التحقيق مع الطاعن بشأنها وأعد المحقق المذكور مذكرة
بثبوتها بنتيجة التحقيق اإلدارى مع الطاعن وصدر قرار الجزاء بناء على ذلك ،وعن
ذات تلك المخالفات فمن ثم يكون المحقق قد سبق وأبدى رأياً كرئيس للجنة المشار إليها
نحو تلك المخالفات وثبوتها فى حق الطاعن بما تنتفى معه الحيدة الالزمة فى المحقق
،وما كان يجوز له أن يتولى التحقيق مع الطاعن عن ذات المخالفات وإذ فعل فإن
( )1د .سمير عبدهللا سعد ،التحقيق اإلدارى ( مبادىء التأديب – الوثائق ) ،منشأة المعارف
باألسكندرية ، 2014 ،ص. 79
661
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ذلك يؤثر على التحقيق ويفقده أحد مقوماته األساسية وهى حيدة المحقق بما يؤثر على
()1
. قرار الجزاء المستند إلى ذات التحقيق ويؤدى إلى بطالنه "
وهنا يثار تساؤلين على قدر كبير من األهمية :
أوالً -:هل أسباب عدم صالحية القاضى تنطبق أيضاً على محقق الجهة اإلدارية ؟
استظهار وجه الحقيقة فى أمر إتهام موجه إلى إنسان ال يتسنى إال لمن تجرد من أية
ميول شخصية إزاء من يجرى التحقيق معهم ،هذا التجرد هو الذى يحقق الحيدة والنزاهة
والموضوعية التى تقود مسار التحقيق فى مجرى غايته الحق والحقيقة والصالح العام .
والقواعد والضمانات األساسية الواجب توافرها فى شأن صالحية القاضى للفصل فى
الدعوى يجب توافرها فى شأن صالحية المحقق الذى يتولى إجراء التحقيق ،وإذا أغفل
المحقق االلتزام بالتجرد فإنه يكون قد فقد صفة جوهرية يترتب على فقدها عدم صالحيته
لمباشرة التحقيق .
وإذا باشر المحقق التحقيق رغم عدم االلتزام بالتجرد فيكون باطالً بقوة القانون بطالناً
من النظام العام لعدم صالحية المحقق وال يحول دون تحقق هذا البطالن القول بأن أياً
من ضمانات التحقيق لم تهدر ،ذلك ألن األمر ال يتعلق بمدى توافر ضمانات التحقيق
فى حالة محددة بعينها فقط وإنما يتعلق بالنظام العام واألسس العامة لتحقيق العدالة
وبمدى توافر الصفة الواجب تحققها فى شخص المحقق.
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 4116لسنة 35القضائية ،جلسة 27من أغسطس
سنة ، 1994مجلس الدولة -المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة -مجموعة المبادئ القانونية التي
قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة التاسعة والثالثون -الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1994
إلى 15سبتمبر سنة - )1994ص . 1613
662
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :الحكم فى المجال العقابى جنائياً
كان أو تأديبياً إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقالله ونزاهته وحيدته كما يستند إلى
أمانة القاضى ونزاهته وحيدته سواء بسواء -أثر ذلك :تطبيق القواعد والضمانات
()1
. الواجب توافرها فى شأن صالحية القاضى على المحقق "
والجدير بالذكر أن المادة ( )63من التعليمات العامة للنيابة اإلدارية الصادرة بقرار
رئيس هيئة النيابة اإلدارية رقم 160لسنة 2010المعدل بالقرار رقم 507لسنة 2010
نصت على أن " :على عضو النيابة عقب االنتهاء من االطالع على األوراق أن يحدد
أقرب جلسة لبدء التحقيق ،وعليه أن يحدد جلسات التحقيق فى مواعيد متقاربة .
ويكون عضو النيابة غير صالح لمباشرة التحقيق فى األحوال اآلتية :
( )1إذا كان قريباً أو صه اًر ألحد الشاكين أو المتهمين إلى الدرجة الرابعة .
( )2إذا كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الشاكين أو المتهمين أو مع زوجته.
( )3إذا كان بينه وبين أحد الشاكين أو المتهمين عداوة أو مودة يرجح معها عدم
استطاعته المضى فى التحقيق بغير ميل .
وعلى مدير المكتب الفنى أو مدير النيابة بحسب األحوال إحالة التحقيق إلى عضو
آخر .
ويرى الباحث -:
أن أسباب عدم صالحية القاضى تنطبق أيضاً على التحقيقات التى تجريها النيابة
اإلدارية أو الجهة اإلدارية سواء بسواء ،ذلك أنه ال ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1994/8/27الطعن رقم 4116لسنة 35ق .
وأيضاً :حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1989/5/13الطعن رقم 3285لسنة 32ق .
663
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
توافرها فى المحقق عن القدر المتطلب فى القاضى وأساس ذلك أن الجزاء فى المجال
العقابى جنائياً كان أو تأديبياً إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقالله ونزاهته وحيدته كما
يستند إلى أمانة القاضى وحيدته .
وإذا كانت التعليمات العامة للنيابة اإلدارية قد نظمت أحوال معينة يكون عضو النيابة
فيها غير صالح لمباشرة التحقيق ،فى حين نجد أن قوانين التوظف عامة ومنها قانون
الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016لم تنظم هذه المسألة بتاتاً .
غير أننا نرى وبكل تأكيد أن أحوال عدم صالحية القاضى المنصوص عليها فى قانون
المرافعات تنطبق أيضاً على محقق الجهة اإلدارية ،ونرى أن هناك نقصاً تشريعياً فى
هذه المسألة ونهيب بالمشرع المصرى أن ينظم هذه المسألة صراحة .
ثانياً -:هل يجوز رد المحقق ؟
من أبرز وسائل كفالة الحيدة هى رد المحقق ،وجاءت نصوص قانون العاملين المدنيين
بالدولة وقانون الخدمة المدنية خلواً من أى نص يعالج هذه المسألة ،بل وقانون النيابة
اإلدارية أيضاً ،ونظ اًر لعدم وجود نصوص تنظم هذا اإلجراء فى قواعد التأديب ذهبت
أحكام القضاء إلى إعمال قواعد رد القضاة المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية
وقانون اإلجراءات الجنائية فى مجال التحقيق اإلدارى .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :وحيث أنه عما أثاره الطاعن
ببطالن التحقيقات التى أجرتها النيابة اإلدارية والتفتيش الفنى على االدارات القانونية
التسامها بعدم الحيدة والموضوعية والتزامها جانب المجاملة والتحيز للمدير العام ضد
الطاعن ،فإنه وإن كان يجب أن يتوافر فى التحقيقات الضمانات األساسية ،ومنها توافر
الحيدة التامة فيمن يقوم بالتحقيق وتمكين العامل من اتخاذ كل ما يلزم لتحقيق دفاعه،
إال أن القانون لم يترك هذا الموضوع بغير تنظيم فقد نصت القوانين اإلجرائية كقانون
664
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
المرافعات المدنية والتجارية وقانون اإلجراءات الجنائية على األحوال التى يجب فيها
على القاضى ....وقياساً عليها على المحقق التنحى عن نظر الدعوى ،كما أعطى
المشرع لصاحب الشأن حق رد القضاء -وإذا قبل باألخذ بذلك بالنسبة للمحقق فالبد
من أن تتوافر احدى الحاالت الواردة فى القانون -بشأن الرد -حتى يستقيم دفع الطاعن،
وإذ لم يقدم الطاعن ما يثبت توافر حالة من حاالت رد المحقق -واكتفى بالقول بعدم
حيدة المحقق سواء فى النيابة االدارية أو فى التفتيش الفنى على اإلدارات القانونية بو ازرة
. ()1
العدل -فإن دفعه جاء على غير سند من القانون "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1994/3/1الطعنين رقمى 1911 ،1938لسنة 38ق
.
( )2د .سليمان محمد الطماوى ،قضاء التأديب ،مرجع سابق ،ص . 518
( )3د .عبدالفتاح حسن ،التأديب فى الوظيفة العامة ،مرجع سابق ،ص . 246
665
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
بينما يرى جانب آخر من الفقه أنه يجب رد عضو النيابة ألن القول بأن النيابة خصم
وال يجوز رد الخصم مردود عليه بأن المتهم ال يرد النيابة بأجمعها وإنما يرد عضو
النيابة الذى قام لديه شك فى استقالله ونزاهته بطلب استبداله بغيره وأن ذلك يبعث
()1
. الطمأنينة فى نفس المتهم
وفى هذا االتجاه ذهب رأى فى الفقه إلى جواز رد عضو النيابة اإلدارية استناداً إلى
وجاهة حجته وقياساً على ما هو مقرر فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بالنسبة
لرد القضاة وأيضاً طالما أنه ال يوجد نص يمنع رد عضو النيابة اإلدارية كما هو مقرر
فى المادة 248من قانون اإلجراءات الجنائية والتى قضت بمنع رد عضو النيابة
()2
. العامة
كما ذهب رأى فى الفقه إلى أنه إذا كان من المقرر عدم جواز رد عضو النيابة اإلدارية
،إال أنه يتعين عليه التنحى عن أداء مهمته إذا قام به سبب من أسباب الرد لطمأنينة
()3
. المتهم
ويرى الباحث -:
ونرى من جانبنا أنه يجوز رد عضو النيابة اإلدارية ،ألن عمل عضو النيابة اإلدارية
ليس كعمل عضو النيابة العامة ،حيث أن معظم المخالفات التى تحال إلى النيابة
اإلدارية ،يتم الفصل فيها بمعرفة عضو النيابة اإلدارية ،وال يحال إلى المحكمة التأديبية
( )1د .محمود محمود مصطفى ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية ،طبعة
، 1988ص . 66
( )2د .يوسف إسماعيل محمد إسماعيل ،الحماية القانونية للموظف العام فى مرحلتى التحقيق
والمحاكمة ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق جامعة عين شمس ، 2018 ،ص . 117
( )3د .محمد جودت الملط ،المسئولية التأديبية للموظف العام ،مرجع سابق ،ص . 198
666
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
إال القليل القليل منها ،أى أن عضو النيابة اإلدارية فى غالب األحوال يفصل فى
اإلتهام ويفصل فى الجزاء .أما عضو النيابة العامة يفصل فى اإلتهام فقط وال يفصل
فى الجزاء .
ونرى أن قواعد الرد المنصوص عليها فى قانون المرافعات تسرى أيضاً على رد عضو
النيابة اإلدارية ،بل أرى أكثر من ذلك بأن قواعد الرد المنصوص عليها فى قانون
المرافعات تسرى أيضاً على محقق الجهة اإلدارية .
وذلك التحاد العلة فى رد القاضى أو عضو النيابة اإلدارية أو محقق الجهة اإلدارية ،
ذلك أن الجزاء فى المجال العقابى جنائياً كان أو تأديبياً إنما يستند إلى أمانة المحقق
واستقالله ونزاهته وحيدته كما يستند إلى أمانة القاضى وحيدته .
ونجد أن قوانين التوظف عامة ومنها قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016لم
تنظم هذه المسألة بتاتاً ،ونرى أن هناك نقصاً تشريعياً فى هذه المسألة ونأمل من
المشرع المصرى أن ينظم هذه المسألة صراحة ،ويعالج مسألة من سيقدم إليه طلب
الرد وغيرها من المسائل .
667
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
فمن الضمانات الجوهرية التى حرص المشرع على مراعاتها فى التحقيق اإلدارى مبدأ
المواجهة ،ذلك بإيقاف العامل على حقيقة التهمة المسندة إليه وإحاطته علماً بمختلف
األدلة التى تشير إلى ارتكابه المخالفة حتى يستطيع أن يدلى بأوجه دفاعه.
ويلزم حتى تؤدى مواجهة العامل بالتهمة غايتها كضمانة أساسية للعامل أن تتم على
وجه يستشعر منه العامل أن اإلدارة بسبيل مؤاخذته إذا ما ترجحت لديها إدانته حتى
يكون على بينة من خطورة موقفه فينشط للدفاع عن نفسه ،وال يغنى عن هذه المواجهة
مجرد القول بأن المخالفة ثابتة ثبوتاً مادياً ال شبهة فيه ،ذلك أن الحكم على ثبوت
المخالفة أو انتفائها مرده إلى ما يسفر عنه التحقيق الذى يعتبر توجيه التهمة وسؤال
المخالف عنها وتحقيق دفاعه فى شأنها أحد عناصره الجوهرية ،ومن ثم فإن مخالفة
هذا اإلجراء يؤدى إلى بطالن التحقيق ،إذ الحكمة من تقرير تلك الضمانة هى إحاطة
العامل بما نسب إليه ليدلى بأوجه دفاعه .
ويعتبر مبدأ المواجهة أصالً من أصول الدفاع ،فمن المبادىء األساسية فى توقيع
العقوبة وتحقيق عدالة المساءلة مواجهة المتهم وإعالنه بما هو منسوب إليه حتى يكون
على بينة من أمره .
وتطبيقاً لذلك أكدت المادة 3-14من إتفاقية األمم المتحدة للحقوق المدنية والسياسية
أن من حق المتهم أن يخطر فى أقصر وقت ممكن وباللغة التى يفهمها وبطريقة مفصلة
بطبيعة وسبب اإلتهام الموجه إليه .
668
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ولقد استقر الفقه والقضاء اإلداريين أن مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه أم اًر الزماً
حتى فى حالة غياب النص القانونى الذى يقررها( .)1ألنها تعد من المبادىء العامة
. ()2
للقانون
والجدير بالذكر أنه على الرغم من أهمية مبدأ المواجهة كضمانة قانونية هامة للمتهم ،
غير أنها خضعت لتطور بطىء فى مجال التأديب بخالف المجال الجنائى ،ولم تتضح
مالمحها األساسية إال بصدور حكم مجلس الدولة الفرنسى فى قضية "Veuve
" trompierوالذى ذهب إلى أنه طبقاً للمبادىء العامة للقانون المطبقة بذاتها حتى
فى حالة عدم وجود نص ،أن الجزاء ال يمكن توقيعه قانوناً دون أن يحاط صاحب
الشأن علماً باالتهامات الموجهة إليه حتى يعد دفاعه ،وأنه يجب تبعاً لذلك أن يخطر
صاحب الشأن مقدماً بأساس االتهامات المنسوبة إليه ،بحيث يمكن أن يبدى فى هذا
()3
. الموضوع جميع الملحوظات التى يقدر ضرورتها
كما تأكد هذا االتجاه فى حكم " " maillonوالذى قرر أنه وفقاً للمبادىء العامة للقانون
أن العقوبة ال يمكن توقيعها دون إحاطة صاحب الشأن باالتهامات المنسوبة إليه حتى
يعد دفاعه ،وأنه لذلك األمر يجب إخطاره مقدماً باالتهامات الموجهة إليه (.)4
(1) Guy Braibant, Pierre Delvolvé, Bruno Genevois, Marceau Long, Prosper
Weil ; Les grands arrêts de la jurisprudence administrative, Dalloz , 2003,
p. 161.
(2) Lachaume (J.F), la function publique , Dalloz, 1998, p. 95.
(3 ) C.E 5Mai 1944, Veuve trompier, Rec. p. 133
(4 ) C. E 22 Mai 1964, Maillon. Rec. p. 352.
669
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وتترى أحكام مجلس الدولة المصرى بأن مواجهة الموظف بالمخالفة المسندة إليه تعتبر
من الضمانات األساسية التى يجب توافرها فى التحقيق ،والحكمة من تقرير هذه
()1
. الضمانة هى إحاطة العامل بما هو منسوب إليه ليدلى بأوجه دفاعه
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2006/12/16
أنه " :من المقرر قانوناً أنه من المبادئ العامة لشرعية الجزاء فى المجال التأديبى أو
المجال الجنائى أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له سبل
الدفاع عن نفسه أصالة أو وكالة ،ومقتضى ذلك والزمه أنه يحظر مجازاة أى عامل قبل
سماع أقواله وتحقيق دفاعه بعد مواجهته بما هو منسوب إليه ومتهم به من أفعال ،األمر
الذى يستوجب إجراء تحقيق قانونى سليم سواء من حيث اإلجراءات أو المحل أو الغاية
لكى يمكن أن يصدر بركيزة منه قرار االتهام شامالً األركان السابقة ،ويتفرع عن حق
الدفاع مبادئ عامة فى أصول التحقيقات والمحاكمات التأديبية يتعين مراعاتها وإجراء
مقتضاها ومن بينها حتمية مواجهة العامل بالمخالفات المنسوبة إليه ،ومن ثَ َّم يلزم حتى
تتحقق تلك المواجهة غايتها كضمانة أساسية للعامل أن تتم على وجه يستشعر معه
العامل أن اإلدارة بسبيل مؤاخذته إذا كان لديها توجه التهامه حتى يكون على بينة من
خطورة موقفه فينشط للدفاع عن نفسه ،وأن تلك القاعدة التى تستند إليها شرعية الجزاء
هى الواجبة االتباع سواء تم توقيع الجزاء إدارياً من السلطة التأديبية الرئاسية بواسطة
الرئيس اإلدارى ،أو تم توقيعه بواسطة مجلس التأديب المختص أو توقيعه قضائياً بحكم
( – )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1986/10/28الطعن رقم 399لسنة 30ق .
– حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1988/10/29الطعن رقم 2180لسنة 33ق .
– حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1978/2/11الطعن رقم 406لسنة 22ق .
– حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1989/6/24الطعنين رقمى 170 ، 278لسنة 35ق.
670
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
من المحكمة التأديبية ،وذلك بحسبان أن التحقيق هو وسيلة استبانة الحقيقة وتبيان وجه
الحق فيما ينسب إلى العامل من اتهام " (.)1
كما قضت أيضاً أنه " :عدم مواجهة المتهم باالتهام المنسوب إليه وتمكينه من إبداء
دفاعه من شأنه إهدار أهم ضمانة من ضمانات التحقيق على نحو يعيبه ،األمر الذى
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 16من ديسمبر سنة ، 2006الطعن رقم ، 5109والطعن
رقم 5167لسنة 52قضائية عليا ،غير منشور .
وقد جاء فى حيثيات هذا الحكم " :ومن ثَ َّم فإنه بغير أن يكون تحت يد الجهة التى تملك توقيع الجزاء
التأديبى تحقيق مستكمل األركان ال يكون فى مكنتها الفصل على وجه شرعى وقانونى فى االتهام
المنسوب للعامل سواء بالبراءة أو اإلدانة ،ولذلك فإن أى قرار أو حكم يصدر دون تحقيق أو استجواب
حكما غير مشروع.
ار أو ً ٍّ
مبتسر وغير مستكمل األركان يكون قرًا سابق أو يصدر مستنداً على تحقيق
قانونا من حيث محله وغايته إال إذا تناول الواقعة محل
صحيحا ً
ً والتحقيق ال يكون مستجمع أركانه
االتهام بالتحقيق محدداً عناصرها بوضوح من حيث األفعال والزمان والمكان واألشخاص وأدلة الثبوت،
فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة
وجوداً وعدماً أو أدلة وقوعها إثباتاً ونفياً أو نسبتها إلى المتهم حقاً وصدقاً كان تحقيقاً معيباً ،وبالتالى
يكون القرار الصادر ارتكا اًز إليه معيباً كذلك .
ومن حيث إن الثابت من التحقيق الذى أجرى مع …… الطاعن فى الطعن الثانى أنه لم يتم فيه
مواجهته بما ُنسب إليه من خروجه على واجبات وظيفته بأن لم يؤد العمل المنوط به بدقة وخالف
القواعد المالية مما أدى إلى ضياع حق من الحقوق المالية للدولة بأن قبل أوراق تنفيذ الحكم رقم 399
لسنة 2004تحكيم وتقدير الرسوم على المحضر رقم 182باشمحضر بوالق بالرغم من وجود خطأ
فى تقدير الرسم حتى يتبين أن مركزه القانونى قد تحول من شاهد إلى متهم فينشط للدفاع عن نفسه
مما يشوب التحقيق بقصور شديد النطوائه على إخالل بحق الدفاع وهى ضمانة قانونية مهمة مما
يبطله ويستطيل هذا البطالن ليلحق بقرار الجزاء المبنى عليه ،ومن ثَ َّم يكون قرار الجزاء قد انهار فى
أصله وأساسه األمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائه.
671
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ترتب عليه بطالن الجزاء المبنى عليه سواء صدر بهذا الجزاء قرار إدارى أو حكم تأديبى
()1
. "
كما قضت أيضاً بأن " :إن حق الدفاع يتفرع منه مبادئ عامة فى أصول التحقيقات
والمحاكمات التأديبية ومن بينهما حتمية مواجهة المتهم بما هو منسوب إليه وسماع
دفاعه وتحقيقه ويعتبر ذلك من األسس الجوهرية للتحقيق القانونى حيث يجب إحاطة
العامل بحقيقة المخالفة المنسوبة إليه وإحاطته أيضا بمختلف األدلة التى يقوم عليها
االتهام وذلك حتى يستطيع الدفاع عن نفسه فيما هو منسوب إليه ،فإذا استوفى التحقيق
تلك األمور فقد استوفى شرائط صحته وإال اعتوره القصور بما ال يجوز أن يعتبر أساسا
()2
. لمسئولية العامل "
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2017/4/15أنه " :وحيث
إن المستقر عليه ضرورة تحقيق مبدأ المواجهة فى التحقيق الذى ُيجرى مع العامل
بمعنى أن تتم مواجهته بالتهمة المحددة فى عناصرها ومكان حدوثها ،فإذا قام العامل
بالرد على االتهام وتقديم دفاعه ،فعلى المحقق أن يحقق هذا الدفاع ويتثبت منه ويستبعد
ما يثبت له من خالل التحقيق عدم صحته حتى يتسنى للمحقق أن يعيد استجواب المتهم
على أساس ما يظهر له من صدق أو كذب دفاعه ،ومن ثم يتحقق مبدأ المواجهة،
وبغير هذا التحقيق للدفاع ال يتسنى للعامل معرفة ما هو منسوب إليه على نحو دقيق،
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1989/6/10الطعن رقم 1464لسنة 32قضائية .عليا
.
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1996/6/1الطعن رقم 4479لسنة 39قضائية .عليا
.
672
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وينهار من ثم مبدأ المواجهة ويكون التحقيق معيبـاً ويبطل ما يبنى عليه سواء كان ق ار ار
بالجزاء أو باإلحالة للمحكمة التأديبية" (.)1
والجدير بالذكر أن مواجهة العامل بالمخالفة المسندة إليه تعتبر من الضمانات األساسية
التى يجب توافرها وذلك بإجراء تحقيق والحكمة فى تقدير هذه الضمانة هى إحاطة
العامل بما نسب إليه ليدلى بأوجه دفاعه ،ومن ثم توقيع جزاء على موظف دون سماع
أقواله فى التحقيق مقتضاه بطالن الجزاء وذلك ألن قرار الجزاء يكون قد صدر مفتقداً
ركناً شكلياً جوهرياً يؤدى إلى بطالنه ،أما فى حالة تقديم الموظف للمحكمة التأديبية
فإنه ليس هناك ق ار اًر صاد ار بمجازاته قبل اإلحالة بل إن األمر مازال فى مرحلة ما قبل
صدور الحكم التأديبى عليه فيمكنه إبراز أوجه دفاعه فيما هو منسوب إليه ويحق له أن
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 15من إبريل سنة ، 2017الطعن رقم 67054لسنة 62
القضائية (عليا) ( ،الدائرة الرابعة) ،غير منشور .
وقد جاء فى حيثيات ومنطوق هذا الحكم " :وتأسيسـا على ما تقدم ،فقد ثبت لهذه المحكمة أن القصور
الجسيم أصاب تحقيق النيابة اإلداريةعلى نحو ما سلف تفصيله ،منطويـاً على إهدار ضمانات جوهرية
بعدم تحقيق أوجه دفاع الطاعنين حتى تنجلى وقائع المخالفة بدقائق تفاصيلها وحقيقة كنهها ،مما يصم
التحقيقات بالعوار ويقوض أساسها وما ترتب عليها من إحالة الطاعنين لمجلس التأديب وما ترتب
عليه من صدور قرار الجزاء الطعين ،مما يستوجب القضاء ببطالن التحقيق وبطالن قرار اإلحالة ،ثم
بطالن قرار الجزاء المطعون عليه كأثر مترتب على ذلك العوار ،بيد أنه يتعين إعادة التحقيقات للنيابة
اإلدارية لتجرى شئونها تجاه وقائعها بمراعاة الضوابط والضمانات المبنية سالفا إلماطة اللثام عن حقيقة
الواقعة والمسئول عنها.
فلهذه األسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكال ،وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الطعين فيما تضمنه
من مجازاة الطاعنين بعقوبة العزل مع االحتفاظ بالمعاش ،وبإلغاء قرار إحالتهما لمجلس التأديب
الطعين مع ما يترتب على ذلك من آثار ،وبإعادة الدعوى التأديبية للنيابة اإلدارية لتجري فيها شئونها
فى هذا الصدد ،على النحو المفصل باألسباب.
673
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
يقدم أسانيد دفاعه أمام المحكمة وال يكون هناك إخالل بحقه فى الدفاع أو حقه فى الرد
()1
. على االتهامات الموجهة إليه
وتقوم المواجهة على عدة ضوابط :
-1أن تكون التهمة محددة .
ينبغى أن تكون التهمة الموجهة إلى الموظف محددة المعالم بشكل واضح ال لبس فيه
وال غموض ،فالتهمة الغامضة من شأنها أن تجلب الشك وعدم اإلطمئنان .فمواجهة
المتهم فى نطاق التأديب هامة للغاية بل وتفوق أهميتها فى نطاق القانون الجنائى ؛
على اعتبار وضوح التهمة فى المجال الجنائى فى حين أنها فى مجال التأديب قد تثير
اللبس والغموض ،نظ اًر لعدم خضوع الجريمة التأديبية لقاعدة ال جريمة وال عقوبة إال
بنص وعدم تقنين تلك الجرائم وصعوبة تحديدها .وعليه ال يكفى فى هذا الصدد االكتفاء
بمواجهة العامل بتهمة عامة غير محددة تتمثل فى اإلهمال فى واجبات الوظيفة .
فحق الدفاع يتفرع عنه مبادئ عامة فى أصول التحقيقات ومنها حتمية مواجهة العامل
بما هو منسوب إليه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ،ويعتبر ذلك من األسس الجوهرية
للتحقيق القانونى ،حيث يجب إحاطة العامل بحقيقة المخالفة المنسوبة إليه وباألدلة التى
يقوم عليها االتهام وذلك حتى يستطيع الدفاع عن نفسه وال يكون التحقيق مستكمل
األركان صحيحا من حيث محله وغايته إال إذا تناول الواقعة محل االتهام بالتحقق الذى
يحدد عناصرها بوضوح ويقين من حيث األفعال والزمان والمكان واألشخاص وأدلة
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1997/4/26الطعن رقم 3993لسنة 4154قضائية .
عليا .
674
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
الثبوت ،فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من العناصر بما من شأن
. ()1
تجهيل الوقائع ،فإنه يكون معيباً ويكون قرار الجزاء المستند إليه معيباً كذلك
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن " :وكل مخالفة تأديبية هى خروج
عن واجب وظيفى البد وأن يكون محدد األبعاد من حيث المكان والزمان واألشخاص
وسائر العناصر األخرى المحددة لذاتية المخالفة ذلك التحديد الذى البد وأن يواجه به
المتهم فى التحقيق بعد بلورته فى صورة دقيقة المعالم على النحو الذى يمكن المتهم من
الدفاع عن نفسه ،وإال كان االتهام فضفاضاً يتعذر على المتهم تحديده مما يعتبر
()2
. إخالالً بحق الدفاع "
كما قضت أيضاً بأن " :عدم مواجهة العامل بما ارتكب من مخالفات بشكل محدد
العناصر يتعذر القول بثبوت تلك المخالفات فى حقه -يتعين براءته مما هو منسوب
()3
. إليه "
-2أن تتم المواجهة على نحو يستشعر معه الموظف أن اإلدارة بسبيل مؤاخذته .
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 2001/5/13الطعن رقم 6016لسنة 44قضائية .عليا
،وأيضاً الطعون أرقام 2635لسنة 44ق ،جلسة 2000/11/26؛ 2180لسنة 33ق ،جلسة
1988/10/29؛ 1043لسنة 9ق ،جلسة . 1967/12/16
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1989/12/9الطعن رقم 813لسنة 34قضائية .عليا
.
( )3حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1995/12/2الطعن رقم 628لسنة 37قضائية .عليا
.
675
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ال يكفى مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه وإنما يجب أن تتم المواجهة على نحو
يستشعر الموظف أن اإلدارة بسبيل مؤاخذته إذا تأكدت من إدانته .ألن من شأن ذلك
أن يجعل الموظف ينشط فى الدفاع عن نفسه (.)1
فليس كل الموظفين لديهم الخبرة القانونية والدراية الكافية بإجراءات التأديب ،فبالتالى
يجب تنبيه الموظف المحال إلى التأديب بحقيقة موقفه من خالل تلك المواجهة فالبعض
()2
. يجهل حقيقة موقفه ويجهل خطورة االتهام المنسوب إليه
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :بالنسبة لواقعة ....بحسبانها
محور أساس ما ينسب إليها من مخالفات وهذه الواقعة لم تواجه بها المطعون ضدها
كواقعة تمثل مخالفة منسوبة إليها تتعرض لجزاء تأديبى إذا ما ثبتت فى حقها ،وإنما
جاء السؤال بشأنها بصورة عرضية غير مباشرة ال تحمل أى مدلول لخطورة األمر مما
يمكن القطع معه بأن المطعون ضدها لم تكن تقدر ما لهذه المسألة من خطورة وإال
()3
. كانت أكثر حرصاً وأشد تأكيداً على محاولة دحضها "
كما قضت أيضاً بأنه " :ومن حيث إن الثابت من التحقيق الذى أجرى مع ......
الطاعن فى الطعن الثانى أنه لم يتم فيه مواجهته بما ُنسب إليه من خروجه على واجبات
وظيفته بأن لم يؤد العمل المنوط به بدقة وخالف القواعد المالية مما أدى إلى ضياع
حق من الحقوق المالية للدولة .....حتى يتبين أن مركزه القانونى قد تحول من شاهد
676
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
إلى متهم فينشط للدفاع عن نفسه ،مما يشوب التحقيق بقصور شديد النطوائه على
إخالل بحق الدفاع وهى ضمانة قانونية مهمة مما يبطله ويستطيل هذا البطالن ليلحق
بقرار الجزاء المبنى عليه ،ومن ثم يكون قرار الجزاء قد انهار فى أصله وأساسه األمر
()1
. الذى يتعين معه القضاء بإلغائه" .
-3أن تشمل المواجهة جميع األخطاء المنسوبة إلى الموظف .
يجب أن تشتمل المواجهة على جميع األخطاء المنسوبة إلى الموظف دون تحديدها
بأخطاء معينة ،وفى ذلك قرر مجلس الدولة الفرنسى بمواجهة المتهم بكافة التهم
المنسوبة إليه وإن إغفال ذكر أى من االتهامات واألخطاء يجعل القرار معيب وقابل
. ()2
للبطالن إال إذا كان ذنباً غير جوهرى أو غير مؤثر
ولكن التساؤل الذى يثور ما هى القواعد العامة التى يجب على محقق
الجهةاإلدارية مراعاتها أثناء مواجهة الموظف باالتهامات المنسوبة إليه ؟
أوالً -:يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يتبع األصول المنطقية للوصول إلى
الحقيقة من أقرب الطرق ،وأن يضع السؤال صريحاً محدداً خالياً من التعقيد واالبهام ،
وأن يجعل أسئلته فى صيغة االستفهام ،وأال تتضمن إيحاء بإجابة معينة .
ثانياً -:على محقق الجهة اإلدارية أن يراعى فى تحقيقه التسلسل والترابط وأن يقصر
أسئلته على ما يمس الموضوع الذى يتناوله التحقيق وأن يتفادى توجيه أسئلة غير
مجدية.
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 2006/12/16الطعن رقم 5109لسنة 52قضائية عليا
،مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الثانبة
والخمسون ( من أول أكتوبر 2006إلى آخر سبتمبر ، ) 2007ص .189
(2 ) 13. Novembre 1953, d. 1953. Som, 13.
677
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ثالثاً -:ال يجوز لمحقق الجهة اإلدارية أن يعد المخالف بالتدخل فى تخفيف العقاب
عنه أو حفظ التحقيق بقصد الحصول على اعتراف معين .
رابعاً -:على محقق الجهة اإلدارية تحقيق ما يدفع به المخالف من األعذار المشروعة
المخففة للمسئولية .
خامساً -:على محقق الجهة اإلدارية أال يحدد جلسة واحدة لتحقيقات تفوق الطاقة أو
الوقت ،وأن يراعى فى استدعاء الشهود من الموظفين صالح المرفق الذى يتبعونه .
سادساً -:يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يتم التحقيق الذى بدأه .فإذا ط أر ما
يدعو إلى إحالته إلى غيره ،تعين عليه أن يرفق بالملف مذكرة بتفصيل وقائع التحقيق
وما تم فيه .
سابعاً -:تكون إلجراءات التحقيق ونتائجه صفة السرية .وعلى محقق الجهة اإلدارية
أأل يفضى بشىء منها .
ثالثاً -:تمكين الموظف من اإلطالع على كافة أو ارق التحقيق .
إن إطالع الموظف على كافة أوراق التحقيق يعتبر رافداً أساسياً إلحاطته بالتهمة
المنسوبة إليه وبأدلتها توطئة لالستعداد للدفاع عن نفسه ،وكفالة حق الدفاع ال تتم إذا
تم حرمانه من اإلطالع على ملفه قبل توقيع العقوبة التأديبية ،فحق اإلطالع على
أوراق التحقيق يجعل الموظف على بينة من جميع األوراق والمستندات المقدمة ضده أو
لصالحه نظ اًر ألهميتها فى تحقيق دفاعه .
ولقد استقر الفقه والقضاء المصرى على أن حق الموظف فى اإلطالع على األوراق
وملف الدعوى من األمور التى تقتضيها مبادىء العدالة لتوفير الضمانات التى تكفل
678
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
اطمئنان الموظف وسالمة التحقيق ( .)1وأن إطالع الموظف إطالعاً كامالً على كافة
أوراق الملف ،وليس فقط على قرار االتهام ،أو على التقرير الذى يحل محله ،هو
من األمور المسلم بها فى الفقه والقضاء ،فال يمكن أن يظل أحد مستندات الملف
األساسية س اًر وخافياً على صاحب الشأن ولو لم ينص على ذلك قانوناً (.)2
واإلطالع على أوراق التحقيق يكون قبل توقيع الجزاء ويعطى الموظف وقتاً كافياً لفحص
()3
. البيانات والمستندات
وفى ذلك نصت المادة ( )156من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة
2016على أنه " للموظف المحال إلى التحقيق االطالع على كافة أوراق التحقيق
وتقديم ما يشاء من مستندات تؤيد دفاعه ".
ولقد نصت بعض القوانين التى تنظم طوائف معينة من الموظفين من ذوى الكادرات
الخاصة على هذا الحق .فمثالً تنص المادة ( )58من القانون رقم 109لسنة 1971
الخاص بنظام هيئة الشرطة على أنه ( ...وللضابط المحال إلى مجلس التأديب أن
يطلع على التحقيقات التى أجريت ،وعلى جميع األوراق المتعلقة بها ،وأن يأخذ صورة
منها ،وله أن يطلب ضم التقارير السنوية السرية عن كفايته أو أية أوراق أخرى إلى
ملف الدعوى التأديبية ،وله كذلك أن يحضر حلسات المحاكمة وأن يقدم دفاعه شفهياً
( )1د .محمد جودت الملط ،المسئولية التأديبية للموظف العام ،مرجع سابق ،ص . 268
( )2د .عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ،الموسوعة اإلدارية الشاملة فى إلغاء القرار اإلدارى وتأديب
الموظف العام ،الجزء الثالث ،دار محمود للنشر والتوزيع ،طبعة ، 2008ص . 141
(3 ) JEAN- MARIE AUBY, Droit de la function publique edition , Dalloze ,
1991, p.199-200.
679
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
أو كتابة وأن يوكل محامياً عنه ،ويجوز له أن يختار من بين ضباط الشرطة من يتولى
الدفاع عنه . ) ...
كما ورد النص على هذا الحق بالمادة 108من قانون تنظيم الجامعات رقم 49لسنة
1972وذلك بقولها " لعضو هيئة التدريس المحال إلى مجلس التأديب ،اإلطالع على
التحقيقات التى أجريت ،وذلك فى األيام التى يحددها له رئيس الجامعة " .
كما أن قانون إعادة تنظيم النيابة اإلدارية والمحاكمات التأديبية رقم 117لسنة 1985
والئحته الداخلية قد أعطى الموظف المتهم حق الحضور بنفسه جميع إجراءات التحقيق
إال إذا اقتضت مصلحة التحقيق أن يجرى فى غيبته كما يجوز له اإلطالع على أوراق
التحقيق بعد اإلنتهاء منه .ومبدأ حق الدفاع وباألحرى مبدأ حق االطالع المسبق على
الملف" " La communication préalable du dossierيجد أساساً قانونياً له فى
النص القانونى الفرنسى الصادر في 22نيسان (عام )1( )1905والسيما المادة ،65
كما نصت على ذلك أيضاً يضاأيضأالمادة ( )19من القانون رقم 634-83المؤرخ فى
13يوليو 1983بشأن حقوق وواجبات موظفى الخدمة المدنية (معدلة بالقانون رقم 483
2016 -المؤرخ فى 20أبريل 2016مادة )36على أنه :يحق للموظف الذى تباشر
اإلجراءات التأديبية ضده االتصال الكامل بملفه الشخصى وجميع المستندات الداعمة .
680
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
" Le fonctionnaire à l'encontre duquel une procédure disciplinaire
est engagée a droit à la communication de l'intégralité de son
dossier individuel et de tous les documents annexes".
ولقد بسط القضاء الفرنسى هذا المبدأ على جميع الحاالت التى يكون فيها الموظف
مهدداً بأى إجراء يترتب عليه المساس بمركزه الوظيفى سواء من الناحية المادية أو
األدبية أو الشخصية كفصله بسبب عدم الكفاءة المهنية( )1أو حرمانه من المعاش الذى
تقرره المادة 83من قانون المعاشات المدنية والعسكرية القديم( )2أو قبول إستقالة قدمت
تحت وطأة اإلكراه(. )3
681
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وتعد الشريعة اإلسالمية أول من أرست مبدأ افتراض البراءة منذ ما يزيد عن أربعة عشر
قرناً من الزمان (.)1
وأصل البراءة يمتد إلى كل فرد سواء أكان مشتبهاً فيه أو متهماً باعتباره قاعدة أساسية
فى النظام االتهامى أقرتها الشرائع جميعاً ال لتكفل بموجبها حماية المذنبين ؛ وإنما لتد أر
بمقتضاها العقوبة عن الفرد إذا كانت التهمة إليه قد أحاطتها الشبهات بما يحول دون
التيقن من مقارفة المتهم للواقعة اإلجرامية .وهذا األصل يعكس قاعدة مبدئية تعتبر فى
ذاتها مستعصية عن الجدل واضحة وضوح الحقيقة ذاتها تقتضيها الشرعية اإلجرائية
ويعتبر لنفاذها مفترضاً أولياً إلدارة العدالة ،ويتطلبها الدستور لصون الحرية الشخصية
فى مجاالتها الحيوية .وليوفر من خاللها لكل فرد األمن فى مواجهة التحكم والتسلط
والتحامل (.)2
وتوكيداً لهذا المبدأ قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن " :أنه يجب أن تثبت الجريمة
التأديبية على وجه الجزم واليقين فى حق المتهم ،وإال أعملت قرينة البراءة أخذاً بقاعدة
أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته " (.)3
كما قضت أيضاً " :أنه إذا تعارض دليل البراءة مع دليل اإلدانة وجب ترجيح دليل
البراءة ؛ ألن األصل فى اإلنسان البراءة " (.)4
( )1د .عالء محمد الصاوى سالم ،حق المتهم فى محاكمة عادلة ،دار النهضة العربية ، 2001 ،
ص . 492
( )2حكم المحكمة الدستورية العليا ،جلسة ، 1992/2/2القضية رقم 13لسنة 12ق دستورية .
( )3حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1988/6/7فى الطعن رقم 2102لسنة 33ق .
( )4حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1997/7/26الطعن رقم 2167لسنة 43ق .
682
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وقد نصت المادة 1/11من اإلعالن العالمى لحقوق اإلنسان على أن ُّ " :
كل شخص
قانونا فى محاكمة علنية تكون قد
ً تكابه لها متَّهم بجريمة ُي َ
عتبر بر ًيئا إلى أن يثبت ار ُ
جميع الضمانات الالزمة للدفاع عن نفسه ".
ُ ُوِفرت له فيها
"Everyone charged with a penal offence has the right to be
presumed innocent until proved guilty according to law in a public
trial at which he has had all the guarantees necessary for his
defence ".
وقد حرصت الدساتير المقارنة على تأكيد هذا المبدأ ومن بينها الدستور المصرى ،
فنصت المادة 1/96من الدستور المصرى 2014عل أن " :المتهم برئ حتى تثبت
إدانته فى محاكمة قانونية عادلة ،تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ".
ولكن ما هى آثار قرينة البراءة :
ثمة نتائج هامة تترتب على قرينة البراءة ال سيما فى مرحلتى التحقيق والمحاكمة على
اعتبار أن هذا المبدأ يعكس قاعدة مبدئية تقتضيها الشرعية اإلجرائية ،ونتناول أهم هذه
اآلثار :
أوالً -:تفسير الشك لمصلحة الموظف المحال للتحقيق .
قاعدة تأويل الشك لمصلحة المتهم هى إحدى الشكليات التى يقوم عليها النظام العقابى
،أياً كان أساسه جنائياً أو تأديبياً ذلك أنه إذا أحاط الشك بالجريمة فقد تزعزع أساس
االتهام على نحو يوجب الحكم بالبراءة أمام أية جهة قضاء سواء جنائية أم تأديبية (.)1
683
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
فكل شك فى إثبات الجريمة يجب أن يفسر لمصلحة المتهم ،فهذا الشك يعنى إسقاط
()1
. أدلة اإلدانة والعودة إلى األصل العام وهو البراءة
وبناء على تفسير الشك لصالح المتهم فإن تقرير اإلدانة البد وأن يبنى على القطع
واليقين وهو ما ال يكفى فى شأنه مجرد ادعاء لم يسانده ويؤازره ما يدعمه ويرجعه إلى
. ()2
مستوى الحقيقة المستقاة من الواقع الناطق بضمها المفصح عن تحققها
فاإلدانة فى المجال التأديبى كما هو الحال فى المجال الجنائى يجب أن تقوم على
()3
. القطع واليقين ال على الظن والتخمين
فغنى عن البيان القول بأن الجزاء التأديبى كالجزاء الجنائى ال يمكن األخذ فيه بالحدس
والتخمين ،وإنما يلزم أن يؤسس على الجزم واليقين .وهذا ما يستقر على أصل عقابى
رشيد يقضى بأن اإلجراء الجزائى ليس هدفه مجرد القصاص ،وإنما هو سبيل نفاذ إلى
الحقيقة التى على هديها يمكن للقائم به أن يقيم الموازين القسط بين حق الدولة فى
العقاب ،وحق المتهم فى أال يؤخذ غيلة أو غد ار .لذا فإن ضمير العدالة يأبى أن
ينهض الجزاء على ركائز الظن باقتراف المتهم للجرم (.)4
( )1د .أحمد فتحى سرور ،الحماية الدستورية للحقوق والحريات العامة ،دار الشروق ،طبعة 1999
،ص . 581
( )2د .سعد نواف العنزى ،الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ،دار المطبوعات
الجامعية ،األسكندرية ، 2007 ،ص . 182
حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1995/12/23الطعن رقم 2807لسنة 40ق . -
( )3حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1997/7/5الطعن رقم 2500لسنة 42ق .
( )4د .سعد نواف العنزى ،الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ،مرجع سابق 2007 ،
،ص . 183
684
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
()1
إلى عدم تطبيقه فى نطاق وعلى الرغم من أهمية هذا المبدأ يذهب جانب من الفقه
الوظيفة العامة .على اعتبار أن الموظف قبل اإلدارة فى مركز نظامى تحكمه القوانين
واللوائح فيتعين معه أن تسود الثقة فى استقامته واالطمئنان إلى نزاهته ونقاء سيرته
الرتباط ذلك بحسن أداء الوظيفة التى هى جزء من الصالح العام .فإذا تسرب الشك
إلى شىء من ذلك بناء على سلوك اتخذه الموظف فإن هذا المسلك الذى ال يكفى
إلدانته جنائياً ينهض مبرر بذاته لمؤاخذته تأديبياً .
()2
بالقول " بأن اعتبار الموظف فى وقوبل هذا الرأى بالرفض من جانب بعض الفقه
مركز تنظيمى الئحى ال يبرر أخذه بالشبهات ،والشك أن هذا القول يتعارض مع أصل
من األصول التى تحكم العقاب وهو قرينة البراءة .ثم كيف يرجى الحصول على أداء
من الموظف وهو الذى يتم يتم مؤاخذته بناء على شبهات ال ترقى إلى مستوى األدلة ،
فاتباع مبدأ الشك يفسر لصالح المتهم ال يتجافى مع مبادىء الوظيفة العامة على
اإلطالق " .
وال شك أن الرأى الذى ينادى بعدم تطبيق هذا المبدأ فى نطاق الوظيفة العامة يتجافى
مع ما استقرت عليه أحكام القضاء ،والتى تذهب إلى عدم إقامة اإلدانة على مجرد
الشبهة أو الشك – حتى فى حالة اعتراف المتهم – فقضى بأن " :أحكام اإلدانة وخاصة
فيما يتعلق بمثل هذه الواقعة يجب أن تبنى على القطع واليقين وأنه إذا تطرق الشك إلى
( )1د .يسرى لبيب حبيب ،نظرية الخطأ التأديبى ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة القاهرة ،
، 1990ص . 249
( )2د .سعد نواف العنزى ،الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ،مرجع سابق 2007 ،
،ص . 185
685
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
الدليل وجب طرحه إذ األصل فى اإلنسان البراءة .ومن ثم فإن المخالفة غير ثابتة فى
()1
. حق الطاعن ويتعين تبرئته منه "
وتجدر مالحظة أن المحكمة اإلدارية العليا كانت فى السابق بمجال التأديب ال تفسر
الشك فى صالح الموظف المتهم ،حيث كانت تقضى بأن مجرد وجود شكوك وشبهات
()2
. فى نسبة األفعال إلى الموظف تكفى وحدها لإلدانة
وقد قوبل هذا المسلك من جانب المحكمة اإلدارية العليا بالنقد الشديد من بعض فقهاء
القانون اإلدارى ،وفى هذا الصدد يقول األستاذ الدكتور عبدالفتاح حسن( ، )3أن الشبهات
مهما كانت قوية فأنها ال تكفى وحدها لتوقيع الجزاء ،ألنها تؤدى – ولو بقدر ضئيل
جداً – إلى إدانة برىء ال يجوز التضحية به ،هذا فضالً عن مسلك المحكمة ال يخلو
من خطورة تهدد العامل فى مركزه الوظيفى إذ أنه متى تحلل القاضى من الدليل القاطع
كشرط لصحة اإلدانة فأنه يدخل فى ميدان آخر ال حدود له فال يستطيع العامل الدفاع
عن نفسه ،إذ قد يكون فى وسع العامل أن ينفى دليالً قام ضده بينما يتعذر عليه رفع
الشبهة التى تلحق به .
غير أن المحكمة اإلدارية العليا عادت مرة أخرى لتقيم اإلدانة على مجرد الشبهة ،وفى
هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2009/3/14بأن :
" الشبهة كافية إلدانة الموظف العام فى المجال التأديبى ألنها يمكن أن تمثل الركن
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1994/12/3الطعن رقم 2554لسنة 34ق .
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1961/12/2مجموعة القواعد القانونية التى قررتها
المحكمة اإلدارية العليا فى عشر سنوات ،ص . 73نقالً عن :د .سعد نواف العنزى ،الضمانات
اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ،مرجع سابق ،ص . 185
( )3د .عبدالفتاح حسن ،مرجع سابق ،ص . 277
686
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
الشرعى للجريمة التأديبية ،ذلك أنه قد يكفى وجود دالئل وشبهات قوية تلقى ظالالً من
الشك والريبة على توافر سوء السمعة او طيب الخصال بمراعاة البيئة التى يعمل بها
الموظف ،والحاجة إلى الدليل القاطع إلى ذلك وغنى عن البيان أن حسن السمعة
والسيرة الحميدة فى الموظف يجب أن تتوافر فيه دوماً داخل نطاق الوظيفة وخارجه
باعتبار أن سلوك الموظف فى غير نطاق الوظيفة ينعكس على سلوكه العام فى مجالها
()1
. "
ويرى الباحث :
فى الحقيقة نحن نختلف تماماً مع قضاء المحكمة اإلدارية العليا لإلدانة لمجرد الشبهة
،فمجرد وجود دالئل أو شبهات تلقى ظالالً من الشك والريبة حول الموظف ال تكفى
وحدها إلدانته ،نحن نضحى بشخص قد يكون بريئاً ،ونمحى أصل البراءة التى فطرنا
هللا عليها ،هذا فضالً عن مسلك المحكمة ال يخلو من خطورة التهدد الموظف فقط ،
بل تهدد أسرته التى تعد الوظيفة هى عائلها الوحيد .نحن بذلك بكل بساطة نصنع
الجريمة بدالً من أن نمحيها .
فقد ُرميت أطهر نساء األرض ،زوج أطهر من وطأت قدمه األرض ،بأبشع جريمة
على األرض ،ولم يبرأها أحد من العالمين ،بل لم يبرأها زوجها الرسول الكريم ،وبرأها
َّ ِ
اءوا رب العالمين فى كتابه المكنون الكريم ،بقرآن يتلى إلى يوم الدين ِ " :إ َّن الذ َ
ين َج ُ
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 16092لسنة 51ق ،جلسة ، 2009/3/14الموسوعة
الماسية فى أحكام محكمة النقض ،أحكام المحكمة اإلدارية العليا ،المحكمة الدستورية العليا ،ص
. 708
687
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ام ِرٍّئ ِم ْن ُهم َّما ا ْكتَ َس َب ِم َن َّ ِ ِ َّ ِ
صَب ٌة م ْن ُك ْم الَ تَ ْح َسُبوهُ َش ًّار ل ُك ْم َب ْل ُه َو َخ ْيٌر ل ُك ْم ل ُكل ْ
ِ ِ ِ
باإل ْفك ُع ْ
يم"(. )1 ِ َّ ِ ِ ِ َّ ِ
اب َعظ ٌ اإل ْث ِم َوالذي تََولى ك ْب َرهُ م ْن ُه ْم َل ُه َع َذ ٌ
وتأكيداً لذلك قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2007/4/14بأنه
" :ولما كان المستقر عليه أن المسئولية التأديبية شأنها فى ذلك شأن المسئولية الجنائية
تقوم على أساس وجوب الثبوت اليقينى لوقوع الفعل المؤثم من المتهم ،وأن يقوم هذا
الثبوت على أساس توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها على ارتكاب المتهم
للفعل المنسوب إليه ،وبالتالى فال يسوغ قانوناً أن تقوم اإلدانة تأسيساً على أدلة مشكوك
فى صحتها أو فى داللتها "(.)2
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2017/9/23على أنه :
" ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه حتى يتبين ثبوت االتهام فى
يقينا فى مواجهته بأن تكون الوقائع ظاهرة
حق المخالف يجب أن تثبت المخالفات ً
()3
. الداللة على ارتكابه المخالفة"
ثانياً -:عبء اإلثبات يقع على سلطة التحقيق .
من أهم اآلثار المترتبة على قرينة البراءة هى دفعها بعبء اإلثبات عن كاهل الموظف
،وجعل هذا العبء ملقى على عاتق سلطة التحقيق ،فالمتهم ال يطالب بإثبات ما
688
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
يدعيه من براءته من التهمة المنسوبة إليه ،بل على سلطة التحقيق والسلطة التأديبية
إثبات ما تدعيه .
وتطبيقاً لما تقدم فإن قرينة البراءة يترتب على إعمالها أثران أحدهما سلبى وهو عدم
جواز تكليف الموظف المتهم بعبء إقامة الدليل على براءته واآلخر إيجابى وهو إلقاء
عبء اإلثبات على سلطة اإلتهام ،على أن هذا المبدأ ال يمنع الموظف من أن يقيم
الدليل على براءته ودحض االتهامات المنسوبة إليه لذلك يجب على سلطة االتهام تمكين
الموظف من تقدير كافة األدلة التى يمكن أن تعزز موقفه من االتهام (.)1
وفى هذا الصدد ذهبت المحكمة اإلدارية العليا أنه يترتب على قرينة البراءة أن تقيم
سلطة االتهام الدليل على صحة االتهام تطبيقاً للقاعدة األصولية القاضية بأن البينة
على من ادعى .فيكون على جهة االتهام أن تسفر عن األدلة التى انتهت فيها إلى
نسبة االتهام إلى المتهم (.)2
ومن ثم فإن الموظف غير ملزم بإثبات براءته على اعتبار أنها مفترضة أصالً فال يجوز
تكليفه بأن يكون مصد اًر للدليل ،وأساس ذلك أن المسئولية التأديبية فى مجال الوظيفة
العامة هى إخالل الموظف بواجبات وظيفته ،وهذه الواجبات تتحدد وفقاً للوائح والق اررات
التى تصدر فى هذا الشأن من الجهات المختصة ،ومن المسلم به من مبادىء العقاب
جنائياً أو تأديبياً أن األصل فى اإلنسان البراءة ،وأنه يتعين على سلطة االتهام بيان
( )1د .سعد نواف العنزى ،الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ،مرجع سابق ،ص
.188
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 2000/9/2الطعن رقم 2254لسنة 42ق .
689
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
الدليل على اإلدانة ،ومن ثم ال يلزم الموظف بإثبات براءته فى الدعوى التأديبية بل
()1
. يجب على النيابة اإلدارية بيان الدليل على إدانة العامل المتهم
كما أن المستقر عليه فى قضاء المحكمة اإلدارية العليا أنه ولئن كان عبء اإلثبات
استنادا إلى القاعدة األصولية التى تقضى بأن البينة على من
ً يقع على عاتق المدعى
ادعى إال أن األخذ بهذا األصل على إطالقه فى مجال المنازعات اإلدارية ال يستقيم
مع واقع الحال وطبيعة النظام اإلدارى بحسبان أن الجهة اإلدارية المدعى عليها تحتفظ
فى حوزتها باألوراق والمستندات الالزمة للفصل فى النزاع وعلى ذلك فإنه يتعين على
الجهات اإلدارية أن تقدم لمحاكم مجلس الدولة سائر األوراق والمستندات المتعلقة
ونفيا متى طلب إليها ذلك ،فإذا
بموضوع النزاع والمفيدة فى إظهار وجه الحق فيه إثباتًا ً
نكلت تلك الجهة عن تقديم سائر األوراق والمستندات المنتجة فى الدعوى فإن ذلك يقيم
قرينة بصحة ادعاء الطاعن من عدم قيام القرار المطعون فيه على سببه المبرر له
األمر الذى يصم القرار بعيب مخالفة القانون ويتعين الحكم بإلغائه إال أن هذه القرينة
تسقط وتستبعد النتيجة المترتبة عليها إذا قدمت الجهة اإلدارية األوراق والمستندات
. ()2
المتعلقة بموضوع الدعوى أثناء نظر الطعن
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1995/5/2الطعن رقم 3450لسنة 39ق .
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 13من يناير سنة ، 2007الطعن رقم 4026لسنة 45
قضائية .عليا ،مركز الدراسات والبحوث القضائية .https://jsrcsc.org ،
690
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
خامساً -:كفالة حق الدفاع .
إن ضمانة الدفاع من الضمانات التى ال يجوز اإلنتقاص منها أو إهدارها أو إنكار
مضمونها( ،)1فمن المبادئ العامة لشريعة العقاب فى المجالين الجنائى والتأديبى أن
المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن
نفسه وقد ورد هذا المبدأ فى إعالن حقوق اإلنسان واالتفاقيات الدولية والدساتير العالمية
ومنها الدستور المصرى الحالى الصادر عام . 2014
وإن حماية الموظفين من خطورة الجزاءات التأديبية كانت من أهم األسباب التجاه المشرع
والقضاء نحو تقرير العديد من الضمانات للموظفين فى مجال التأديب ،وتأتى ضمانة
الدفاع على رأس كافة الضمانات ،باعتبارها النواة التى تتشكل وتتفرع عنها الضمانات
األخرى والتى ال يمكن كفالتها دون كفالة حق الدفاع ،وال تستهدف ضمانة الدفاع
تحقيق مصلحة خاصة بالمتهم فقط ،بل يتعدى ذلك إلى تحقيق المصلحة للمجتمع
ككل بإظهار الحقائق وكفالة العدالة منها باعتباره من حقوق اإلنسان الطبيعية
،ذلك أن الدفاع ()2
والنابعة من روح القانون والعدالة كفلته الدساتير والشرائع المختلفة
()3
. ال يتعلق بالمتهم فحسب بل يتعلق بالمشروعية
ومن ثم يتعين كقاعدة عامة أن يستوفى التحقيق مع الموظف المقومات األساسية التى
يجب توافرها بصفة عامة فى التحقيقات وأخصها إبداء دفاعه وتحقيق كافة أوجه هذا
691
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
الدفاع على وجه يتضح منه رفض هذا الدفاع لعدم استناده إلى وقائع وأدلة جدية أو
قبول هذا الدفاع وبالتالى بحث مدى تأثيره على مسئولية الموظف التأديبية فيما هو
منسوب إليه سلباً أو إيجاباً ويكون التحقيق باطالً كلما خرج عن هذه األصول العامة
الواجبة اإلتباع فى إجرائه.
وقد نصت المادة ( )59من قانون الخدمة المدنية رقم 81لسنة 2016على أنه " ال
يجوز توقيع أى جزاء على الموظف إال بعد التحقيق معه كتاب ًة ،وسماع أقواله وتحقيق
دفاعه ،ويكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً ".
وفى فرنسا نصت المادة 8من مرسوم 28نوفمبر 1983على أنه " فيما عدا حالة
اإلستعجال أو الظروف اإلستثنائية ال يمكن اتخاذ الق اررات التى يجب أن تكون مسببة
. ()1
بصورة مشروعة ،إال أن يكون باستطاعة صاحب العالقة تقديم دفاعه "
ويعتبر حق الدفاع فى النظام التأديبى الفرنسى من الضمانات الجوهرية واألساسية ،
ويتعين على السلطة التأديبية تمكين المتهم فى الدفاع عن نفسه عند اتخاذ إجراءات
التأديب ( ،)2ويترتب على عدم تحقيقه أو إغفاله بطالن كافة اإلجراءات التأديبية
()3
. الالحقة
692
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
فمن األمور المستقرة أنه باالضافة إلى ضرورة تحقيق مبدأ المواجهة فى التحقيق الذى
يجرى مع الموظف ،ضرورة تحقيق دفاع الموظف ،بمعنى أنه بعد أن تتم مواجهته
بالتهمة المحددة فى عناصرها ومكان وزمان حدوثها وقيام الموظف بالرد على االتهام
وتقديم دفاعه ،فعلى المحقق أن يحقق هذا الدفاع ويتثبت منه ويستبعد ما يتكشف له
من خالل التحقيق عدم صحته حتى يتسنى للمحقق أن يعيد استجواب المتهم على
أساس ما يظهر له من صدق أو كذب دفاعه ويتحقق بالتالى مبدأ المواجهة.
فيتعين على السلطة التأديبية تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه عند إتخاذ إجراءات
()1
،وبغير هذا التحقيق للدفاع ال يتسنى للموظف معرفة ما هو منسوب إليه التأديب
على نحو دقيق ،وينهار بالتالى مبدأ المواجهة ويكون التحقيق معيباً ويبطل ما يبنى
عليه سواء كان ق ار اًر بالجزاء أو اإلحالة للمحكمة ،وال يجوز التذرع بأن فى مكنة العامل
أن يطلع على ما هو منسوب إليه وتقديم دفاعه عنه ويتدارك ما فاته من أوجه دفاع
أمام المحكمة ،ذلك أن األمر يتعلق بتحديد حقيقة ماهو منسوب إليه ،فإذا ما أجاب
الموظف على االتهامات المنسوبة إليه ولم تقم جهة التحقيق بتحقيق أوجه دفاعه ثم
أسندت االتهام إليه أصبح حقه فى الدفاع عن نفسه منتقصاً ألنه ال يستطيع أن يعلم
على نحو واضح حدود االتهام المنسوب إليه ،وال تستطيع المحكمة من ناحية أخرى أن
تتولى الموازنة بين أدلة االتهام واألسباب التى ساقها العامل درءاً لهذا االتهام ،ألن
693
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
الموظف فى األساس سبق أن أبدى دفاعه ولم يتسن له معرفة مدى صحة ما أبداه من
()1
. دفاع فى ظل إهمال هذا الدفاع و عدم تحقيقه
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2003/11/29
أنه " :ومن حيث إن الثابت من تقرير الطعن أن الطاعن قد نعى على القرار المطعون
فيه ببطالنه إلهدار حق الدفاع بعدم التصدى للدفع المبدى فيه بسقوط المخالفات
التأديبية بمضى المدة ،وكذلك بعدم تبيان أدلة الثبوت للمخالفات المنسوبة إليه وهذا
صحيح ذلك أن الثابت من مطالعة قرار مجلس التأديب المطعون
ٌ الذى أشار إليه الطاعن
فيه أن الهيئة لم تفصح عن أسباب رفضها للدفع المشار إليه ،بل إنها لم تتناول الدفع
بالتمحيص والرد عليه ،فضالً عن أنها أوردت أسباب قرارها متسم ًة بالعمومية جاء بها
أن الموظف المذكور سلك مسلكاً معيباً وأخل بمقتضيات الواجب الوظيفى الذى يعد
خروجا منه على واجب الوظيفة ولم يرد بالقرار كيفية استخالص المجلس لهذه النتيجة
ً
وسائغا من األوراق والمستندات واألقوال التى وردت بالتحقيقات ،األمر
ً سليما
استخالصا ً
ً
مجردا من األسباب
ً الذى يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر فى حقيقة األمر
. ()2
التى يقوم عليها بالمخالفة للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 2000/11/26الطعن رقم 2635لسنة 44ق ؛ الطعن
رقم 1101لسنة 41ق ،جلسة 1997/3/8؛ والطعن رقم 4753لسنة 35ق ،جلسة
. 1994/12/20
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 29من نوفمبر سنة ،2003الطعن رقم 2207لسنة 47
قضائية عليا ،موقع مجلس الدولة المصرى ،مركز الدراسات والبحوث القضائية ،
.https://jsrcsc.org
694
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2017/2/18أنه " :ومن
حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى
محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه منها حق الدفاع أصالة أو
بالوكالة مكفول ،وقد نص المشرع صراحة فى أنظمة العاملين المدنيين بالدولة على أنه
ال يجوز توقيع جزاء على العامل إال بعد سماع أقواله وتحقيق دفاعه ،التحقيق بهذا
الوصف ال يعدو كونه بحسب طبيعته والغاية والهدف منه هو البحث الموضوعى المحايد
والنزيه عن الحقيقة بالنسبة لواقعة أو وقائع معينة حتى تنصرف السلطة الرئاسية أو
التأديبية بما هو معروض عليها للبت فيها إدارياً أو تأديبياً ومن ثم فإنه يتعين كقاعدة
عامة أن يستوفى التحقيق مع العامل المقومات األساسية التى يجب توفرها بصفة عامة
فى التحقيقات ،خاصة توفير الضمانات التي تكفل للعامل اإلحاطة باالتهام الموجه إليه
وإبداء دفاعه وتقديم األدلة وسماع الشهود ،ويكون التحقيق باطالً إذا ما خرج على
األصول العامة الواجبة االتباع فى إجرائه وخرج على طبيعته الموضوعية المحايدة
()1
. والنزيهة ،مادام فى أى من تلك العيوب التي تشوبه مساس بحق الدفاع "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 21من يناير سنة ، 2017الطعن رقم 24794لسنة 57
القضائية (عليا) ( ،الدائرة الرابعة) ،غير منشور .
وقد جاء فى حيثيات هذا الحكم :
" ومن حيث إن الثابت من االطالع على التحقيق الذى أجرى مع الطاعن بواسطة هيئة النيابة اإلدارية
بدسوق فى القضية رقم ( )295لسنة ( 2008ص 26وما بعدها) يبين أن الطاعن عند سؤاله عن
أقواله فيما جاء بأقوال ( -)…...المحامى ببنك التنمية واالئتمان الزراعي بكفر الشيخ ،و(– )…...
مفتش الرقابة الداخلية بذات البنك -وكذلك عند سؤاله عن االتهامات المنسوبة إليه عن صرف القروض
بضمانات غير كافية أو بالم خالفة لشروط المنح ـ فقد نفى الطاعن أى إخالل منه بواجبات وظيفته
كوكيل للتنمية ببنك قرية ...وذلك لعدم توقيعه على مستندات صرف القروض محل المخالفات
695
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
المنسوبة إليه وهو الثابت من خالل الصور الضوئية لمذكرة إدارة المراجعة بالبنك والموجهة لرئيس
مجلس اإلدارة ومن ثم فليس له صلة من قريب أو بعيد بصرف هذه القروض ،وأخي ار أنه يجب االنتظار
لحين انتهاء النيابة العامة من تحقيقاتها في القضية رقم ( )673لسنة 2005جنايات مركز دسوق
والمتعلقة بذات المخالفة نفسها المنسوبة إليه والمتصلة بمنح تلك القروض ،ومتى كان ذلك كذلك فإن
الطاعن ق د نفى فى إفصاح جهير وقول ال يدع مجاال للشك أى إخالل منه بواجبات وظيفته بشأن
صرف القروض محل المخالفات المنسوبة إليه مؤكداً عدم مسئوليته عن صرف القروض محل
المخالفات المنسوبة إليه وذلك لعدم توقيعه على المستندات أو اللجان التى وافقت على صرفها وبالرغم
من كل ذلك لم يلق دفاع الطاعن تحقيقاً أو تمحيصا بغية االستيثاق عن مدى صحة هذا الدفاع من
عدمه توصالً إلى األخذ به أو طرحه ،وتبعا لذلك يكون التحقيق الذى أجرى مع الطاعن لم يوضح
حقيقة المخالفات التى ارتكبها الطاعن من حيث الزمان والمكان وطبيعتها ،كما لم يستكمل هذا التحقيق
مناقشة تحقيق دفاعه لقوله " :بعدم توقيعه على مستندات صرف القروض محل المخالفات المنسوبة
إليه" ،ومن ثم كان يتعين على النيابة اإلدارية أن تحدد بشكل قطعى األخطاء التى شابت عمل
الطاعن وأدت إلى صرف القروض محل المخالفات المنسوبة إليه ومناقشته فيها مناقشة تفصيلية
وبشكل دقيق المعالم وتحقيق دفاعه بشكل يمكن االطمئنان إلى ارتكابه للمخالفات المنسوبة إليه وثبوتها
في حقه ،أما وأن شيئا من ذلك لم يحدث إذ لم تتم مواجهة الطاعن بما ارتكبه من مخالفات بشكل
محدد العناصر على النحو المبين سالفاً بيانه فإنه يتعذر القول بثبوت تلك المخالفات في حقه ،وهو
ما يصم هذا التحقيق بالبطالن ويكون الحكم الصادر بناء على هذا التحقيق باطالً بدوره الستناده إلى
وقائع ليس لها ثمة أصل ثابت من األوراق.
وال ينال من ذلك ما قد يثار من أن التحقيق الذى أجرته النيابة اإلدارية مع الطاعن قد اتخذ سبيالً
لثبوت ال مخالفات المنسوبة للطاعن من واقع أقوال شاهدى اإلثبات سالفى البيان وكذلك التقارير التي
أعدت في شأن المخالفات المنسوبة للطاعن ،فذلك كله مردود عليه بأن المحقق قد واجه الطاعن فى
التحقيق بالمخالفات المنسوبة إليه جملة واحدة (ص 26وما بعدها) ولم يقم بمواجهته بكل مخالفة من
هذه المخالفات على استقالل ومواجهته بأدلة ارتكابها لها وثبوتها فى حقه سواء من أقوال شهود اإلثبات
أو تقارير تلك اللجان واالستماع إلى دفاعه بشأنها وتفنيد دفاعه بخصوصها حتى يتسنى القول بتوفر
الضمانات الموضوعية لسالمة التحقيق اإلدارى والتى عناها وقصدها المشرع وحرصت على تأكيدها
أحكام هذه المحكمة ،وتأكيدا لذلك وإزاء نفى الطاعن جميع المخالفات المنسوبة إليه على حد قوله فى
التحقيقات ال يوجد مخالفات إطالقاً وكذلك قوله فى ذات الصفحة " نفى ما ورد بالتقارير جملة وتفصيال"
696
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2017/2/18أنه " :ومن
حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى
محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه منها حق الدفاع أصالة أو
بالوكالة مكفول وقد نص المشرع صراحة فى أنظمة العاملين المدنيين بالدولة على أنه:
ال يجوز توقيع جزاء على العامل إال بعد سماع أقواله وتحقيق دفاعه ،التحقيق بهذا
الوصف ال يعدو كونه ،بحسب طبيعته والغاية والهدف منه،هو البحث الموضوعي
المحايد والنزيه عن الحقيقة بالنسبة لواقعة أو وقائع معينة حتى تنصرف السلطة الرئاسية
أو التأديبية بما هو معروض عليها للبت فيه إدارياً أو تأديبياً ومن ثم فإنه يتعين كقاعدة
عامة أن يستوفى التحقيق مع العامل المقومات األساسية التى يجب توفرها بصفة عامة
فى التحقيقات ،خاصة توفير الضمانات التى تكفل للعامل اإلحاطة باالتهام الموجه إليه
وإبداء دفاعه وتقديم األدلة وسماع الشهود ،ويكون التحقيق باطالً إذا ما خرج على
األصول العامة الواجبة االتباع فى إجرائه وخرج على طبيعته الموضوعية المحايدة
()1
. والنزيهة ،ما دام فى أى من تلك العيوب التى تشوبه مساس بحق الدفاع "
وهو ما يستفاد منه بال شك عدم حرص المحقق على إجراء تحقيق إدارى مستكمل األركان على نحو
قانونى صحيح ،ومن ثم ال يصلح إلنتاج ثمة دليل يفيد فى ثبوت المخالفات المنسوبة للطاعن على
نحو صحيح وهو ما يؤدى بالكلية إلى بطالن ذلك التحقيق ومن بعده تبعا بطالن الحكم المطعون فيه
الستناده عليه فى مجازاة الطاعن على نحو ما صدر به الحكم المطعون فيه " .
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 18من فبراير سنة ، 2017الطعن رقم 16724لسنة 52
القضائية (عليا) ( ،الدائرة الرابعة) ،غير منشور .
وقد جاء فى حيثيات هذا الحكم :
" ولما كان الثابت من األوراق أن و ازرة التربية والتعليم قد أجرت تحقيقاً مع المطعون ضده فى شأن
ما نسب إليه من مخالفة قوامها الخروج على مقتضيات واجبات وظيفته بإغفاله احتساب درجتين
697
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وتجدر مالحظة أن الدفاع ال يكون فعاالً دون أن تتاح الفرصة للموظف المتهم باإلدالء
بأقواله بكل حرية ،فله الحق فى اختيار أسلوب دفاعه على الوجه الذى يراه الزماً
.كأن يكون هذا الدفاع ()1
لتحقيق هذه الغاية بما يراه مناسباً لدرء التهمة عن نفسه
()2
. شفوياً أو كتابياً
وقد حكم مجلس الدولة الفرنسى ببطالن الجزاء الموقع على الموظف إذا ما تم دون
. ()3
تحقيق ممارسة حقوق الدفاع باعتبارها من الضمانات الجوهرية قبل توقيع الجزاء
وذهب إلى اعتبار احترام حقوق الدفاع من المبادىء العامة للقانون ويجب تطبيقه فى
إلحدى الطالبات إبان تصحيحه إلحدى أوراق إجاباتها بامتحانات الثانوية العامة إال أن هذا التحقيق
قد اعتوره النقص الجسيم والقصور الشديد عن تحقيق غايته ومحله فى تحديد الحقيقة بالنسبة للوقائع
المنسوبة إلى الطاعن حيث قد ذكر الشاكى فى التحقيق الذى أجرته و ازرة التربية والتعليم -اإلدارة
العامة للشئون القانونية فى ( 2002/10/8ص " -)1بأن ما حدث من خطأ ليس نتيجة إهمال من
الطاعن ولكنه نتيجة اتباع ألسلوب ملتو فى اإلجابة حيث إنه قام باإلجابة عن جزئية خاصة بالسؤال
الخامس خلف إجابة خاصة بالسؤال الرابع ،إضافة إلى ضغط العمل واإلنجاز المطلوب أثناء
التصحيح” ،ولم يرد بالتحقيق ما يفيد التحقق من صحة ما ادعاه المطعون ضده إذ لم يسأل المحقق
زمالء المطعون ضده أو رؤسائه من المصححين لكراسة اإلجابة محل المخالفة المنسوبة إليه والذين
كان يتعين االستماع إلى شهادتهم الستجالء وجه الحق والحقيقة فى شأن ما أبداه الطاعن من أقوال
لبيان عما إذا كانت تصلح لدرء المخالفة دليال على ثبوت المخالفة أو نفيها عنه.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن التحقيق الذي صدر على أساسه القرار المطعون فيه قد شابه النقص
الجسيم والقصور الشديد عن اإلحاطة بمختلف جوانب الواقعة محل المخالفة المنسوبة للمطعون ضده،
ومن ثم فإنه يكون قد وقع معيباً على نحو ترتب عليه بطالن الجزاء الذى ُبني على هذا التحقيق
الباطل ،وتبعا لذلك يكون القرار المطعون فيه خليقاً باإللغاء" .
(1 ) Robert (j.) , Les sanction administrative, 1990. P. 42.
(2 ) Peiser, Droit administrative. Paris. 1971. P. 18.
(3 ) C . E, 20 Juin 1913 Tery, Rec. p. 736, concl. Comeille .
698
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
حالة عدم وجود نص يقرره صراحة ،وذلك سواء تعلق األمر بقرار إدارى أو قضائى ،
متعلقاً بموظف عام أم ال :بمجرد ما يمس مرك اًز فردياً وتكون له صفة الجزاء ،ويجب
. ()1
على الجهة التى تتخذه احترام حقوق الدفاع
وقد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :اإلدانة التى تبنى على نتيجة تحقيق لم
تتوافر فيه للمتهم ضمانة تحقيق أوجه دفاعه ودفوعه تكون مبنية على أساس ال يصلح
()2
. للبناء عليه "
وقد قرر مجلس الدولة الفرنسى أن حقوق الدفاع تتضمن أساساً ثالثة مظاهر :فيجب
فى المقام األول إخطار صاحب النشاط باتخاذ إجراء تأديبى ضده ،ويجب إخطاره
باالتهامات المنسوبة إليه ،ويجب أن يتم هذا اإلخطار الذى يقصد به تمكينه من تقديم
دفاعه فى مدة معقولة قبل توقيع الجزاء ال مبك اًر جداً وال متأخ اًر جداً (.)3
ومن ثم فإن تحقيق تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه ،يتطلب مراعاة ما يلى :
-1إخطار المتهم بالتهمة الموجهة إليه وبأدلة اإلدارة.
-2منح المتهم أجالً معقوالً لتحضير دفاعه.
699
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وفى هذا الصدد قضى مجلس الدولة الفرنسى بأنه اذا لم يمنح الموظف المالحق أمام
هيئة تأديبية سوى يوم واحد لتحضير دفاعه .يكون حق الدفاع غير مؤمن ويكون بالتالى
()1
. عمل االدارة معيباً لهذه الجهة ومستوجباً االبطال
-3يكون للمتهم الدفاع عن نفسه شفاهة أو كتابة ،ومن حقه تقديم مذكرة بدفاعه
يرفق بها ما يشاء من مستندات .
-4لمستلزمات الدفاع ،يكون للتهم حق الطعن فى تصرفات رؤسائه مع عدم
الخروج على واجب توقيرهم .
-5يجب إمهال المتهم بمرض عقلى لحين شفائه ،حتى يتمكن من الدفاع عن
نفسه .
-6يجب تمكين المتهم من االستعانة بالشهود لنفى ما هو منسوب إليه ،طالما
كانوا محددين ومعروفين ولهم صلة بالوقائع محل التحقيق ،بدون المماطلة أو
التسويف .
-7يجب مواجهة المتهم بالتعديل فى وصف التهمة المسندة إليه وأدلة اإلثبات متى
كان التعديل فى غير صالح المتهم .
-8حق المتهم فى اإلطالع على التحقيق الذى أجرى معه واألوراق المتعلقة به .
ويثار بصدد ضمانة الدفاع عدد من األسئلة المهمة والتى تحتاج إلى إجابات مقنعة:
-1هل يحق للموظف المخالف اإلستعانة بمحام ؟
من المبادىء المستقرة والراسخة فى وجدان العدالة والتى نصت عليها الدساتير المختلفة
وتضمنتها إعالنات الحقوق والمواثيق الدولية حق المتهم فى اإلستعانة بمدافع .
700
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ونتناول اإلجابة على هذا السؤال من خالل تبيان الوضع فى مصر ثم نعقبه بالوضع
فى فرنسا :
أوالً -:الوضع فى مصر
المالحظ أن القوانين المتعاقبة المنظمة للوظيفة العامة فى مصر وآخرها قانون الخدمة
المدنية رقم 81لسنة ، 2016جاءت خلواً من النص على حق الموظف المحال
للتحقيق فى اصطحاب محاميه لحضور جلسات التحقيق .
على الرغم من أن القانون رقم 117لسنة 1958والخاص بإعادة تنظيم النيابة اإلدارية
والمحاكمات التأديبية قرر هذا الحق ،فنصت المادة ( )29من هذا القانون على أن "
للموظف أن يحضر جلسات المحكمة بنفسه أو أن يوكل عنه محامياً مقيداً أمام محاكم
اإلستئناف ،وأن يبدى دفاعه كتابة أو شفهياً ،وللمحكمة أن تقرر حضور المتهم بنفسه
وفى جميع األحوال إذا لم يحضر المتهم بعد إخطاره بذلك يجوز محاكمته والحكم عليه
غيابياً ".
وكذلك نص قانون مجلس الدولة المصرى رقم 47لسنة 1972فى المادة ( )37على
أن " للعامل المتقدم إلى المحكمة التأديبية أن يحضر جلسات المحاكمة أو أن يوكل
عنه محامياً " .
كما ظهر النص صراحة على حق المتهم فى اإلستعانة بمحام فى التحقيق فى التعليمات
العامة للنيابة اإلدارية ،فنصت المادة 10من التعليمات العامة على أنه " للمتهم أن
يحضر بنفسه أو مع محاميه جميع إجراءات التحقيق إال إذا اقتضت مصلحة التحقيق
أن يجرى فى غيبته " .
كما نصت المادة رقم 109من التعليمات العامة على دور المحامى عند حضوره مع
المتهم التحقيق بقولها " ال يجوز للمحامى أن يتكلم إال إذا أذن له عضو النيابة المحقق
701
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
،فإذا لم يأذن له وجب إثبات ذلك فى المحضر ،وال تسمع من محامى المتهم مرافعة
أثناء التحقيق ،وتقتصر مهمته على مراقبة حيدة التحقيق ،وإبداء ما يعن له من دفوع
أو طلبات أو مالحظات على أقوال الشهود كتابة أو شفاهة وال يسمح للمحامى بمقاطعة
الشاهد أثناء سؤاله ،وإنما يجوز له بعد اإلنتهاء من سماع أقوال الشاهد أن يبدى
مالحظاته عليها ،وأن يوجه له ما يشاء من أسئلة عن طريق عضو النيابة المحقق .
ولعضو النيابة رفض توجيه أى سؤال ليس له عالقة بموضوع التحقيق ،أو ينطوى
على مساس بالغير فإذا أصر المحامى على توجيه للشاهد ،فيثبت السؤال بالمحضر
دون توجيهه " .
وعلى الرغم من عدم وجود نص فى القواعد القانونية المنظمة للتأديب يلزم جهة التحقيق
بتمكين المحال إليها من االستعانة بمحام ،فإن سكوت تلك القوانين يعنى إعمال القواعد
العامة والتى تنظم المحاكمات عموماً ،ومن ثم يمكن للموظف المخالف االستعانة
بمحام أثناء التحقيق معه ،وذلك ألن الدساتير كفلت للمتهم حق الدفاع عن نفسه سواء
باألصالة أو بالوكالة .
ولقد أوصت المؤتمرات التى اهتمت بحقوق اإلنسان بوجه عام ،وحقوق المتهم بوجه
خاص ،بضرورة كفالة حق الدفاع وتمكين المتهم من االستعانة بمدافع بحيث يمكن
()1
. المحامى من أداء رسالته على الوجه المرضى
وقد قررت المحكمة اإلدارية العليا بشأن حق المتهم فى اإلستعانة بمحام فى مرحلة
التحقيق أن ذلك ضمانة أساسية فى حكم جاء فيه " يخلص من استقراء النصوص
( (1د .عادل عبدالعزيز السن ،ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ،التحقيق اإلدارى
( كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ،مرجع سابق ،ص . 68
702
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
الواردة فى شأن تأديب الموظفين ...أنها تهدف فى جملتها إلى توفير ضمانة لسالمة
التحقيق ...وكل ما ينبغى هو أن يتم التحقيق فى حدود األصول العامة وبمراعاة
الضمانات األساسية التى تقوم عليها حكمته بأن تتوافر فيه ضمانة السالمة والحيدة
واالستقصاء لصالح الحقيقة وأن تكفل حماية حق الدفاع للموظف تحقيقاً للعدالة ...بأن
تسمح له بإبداء أقواله ودفاعه ومالحظاته إما كتابة بمذكرة أو شفهياً أو مرافعة سواء
()1
. بنفسه أو بواسطة محام عنه "
ومع أن ما قررته المحكمة اإلدارية العليا فى الحكم السابق يهدف إلى كفالة حق المتهم
فى الدفاع عن نفسه ،إال أن المحكمة اإلدارية العليا فى حكم آخر لم تعتبره بمثابة
ضمانة هامة للمتهم فقضت بأن " عدم السماح لمحامى العامل بحضور التحقيق اإلدارى
الذى أجرته الجامعة ال يؤدى إلى بطالن التحقيق فهذا الحق وإن كان القانون رقم 61
لسنة 1968بإصدار قانون المحاماة قد نص فى المادة 82منه على عدم تعطيله ،
()2
. إال أنه لم يرتب على مخالفة مقتضاه بطالن التحقيق "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1960/2/27السنة الخامسة ،ص . 494
وكذلك حكمها الصادر بجلسة ، 1962/6/2السنة السابعة ،ص . 996
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1972/6/3الطعن رقم 17لسنة 9قضائية .عليا .
703
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
األمثل ،خاصة وأن المتهم قد ال يتمكن فى غالب األحيان من القيام بمهمة الدفاع عن
نفسه ألسباب قد يكون مرجعها تكوينه الشخصى أو تأهيله العلمى أو ما يعانيه من
خوف وتوتر من جراء مثوله أمام محقق يصوب سهام االتهام نحوه ،األمر الذى يستوجب
السماح باإلستعانة بشخص مؤهل علمياً ومهنياً للدفاع عن المتهم أال وهو المحامى،
خاصة وأن المتهم قد يلحق بنفسه دليل إدانة رغم كونه برئ ،إذا فدور المحامى هو
الكشف عن وجه الحقيقة حتى يعاقب المذنب ويب أر البرىء.
وفى جميع األحوال لن يكون حضور المحامى نيابة عن المتهم وفى غير حضوره ،بل
سيكون حضوره مع المتهم ،كما هو الحال فى تحقيقات النيابة اإلدارية .
( )1د .سعد الشيتوى ،التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ،األسكندرية ،دار الفكر الجامعى
، 2013 ،ص . 125
704
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
الحق للمحامين فى مباشرة وظيفتهم أمام القضاء والهيئات التأديبية دون الحاجة إلى
نص فى هذا الشأن .
وإذا كان هذا الحق ال منازع فى تقريره فقد كان مجلس الدولة الفرنسى يضع على
ممارسته قيدين تستلزمهما الحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بالمرفق ،أولهما أال
تكون اإلستعانة بمحام متعارضة مع مصلحة الجهة اإلدارية ذاتها ،وثانيهما أال يكون
ذلك مستبعداً وفقاً للنظام األساسى للمرفق (.)1
وفى هذا الصدد قررت محكمة استئناف باريس اإلدارية أن الموظف المحال إلى التحقيق
يمكنه االستعانة بمحامى ،طالما أن حضور هذا المحامى ليس مستبعداً بمقتضى
النصوص المنظمة لإلجراءات التأديبية أو يتعارض مع سير المنظمة أو الجهة اإلدارية
(.)2
غير أن هذه االستثناءات كانت محل نقد من الفقه الفرنسى إذ أنه من الصب التسليم
بأن تدخل المحامى لدى هيئات التأديب يمكن أن يتعارض مع حسن أدائها لعملها ،
()3
. كما يأخذ الفقه على حل مجلس الدولة أنه جاء عكس حرفية النص وروحه
وقد حسم هذا األمر بمقتضى القانون الحالى للوظيفة العامة رقم 634والصادر بتاريخ
13يوليو 1983والذى نص على حق الموظف باإلستعانة بمحام ،وذلك فى نص
المادة 19من هذا القانون .على أنه يالحظ أن القانون فى فرنسا ال يكفل للمتهم حق
705
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
اإلستعانة بمحام إال أمام مجالس التأديب التى يجب إستشارتها قبل توقيع الجزاءات من
اللوم واإلنذار .
-2ما مدى حق الموظف فى الصمت وعدم الرد على أسئلة المحقق ؟ وهل يشكل
ذلك مخالفة تأديبية ؟ وهل يمكن اعتبار الصمت قرينة إدانة ؟
وللرد على ذلك نتناول موقف كالً من التشريع والفقه والقضاء :
( )1د .عبدالفتاح حسن ،التأديب فى الوظيفة العامة ،مرجع سابق ،ص . 169
د.يوسف إسماعيل محمد إسماعيل ،الحماية القانونية للموظف العام فى مرحلتى التحقيق والمحاكمة
،مرجع سابق ،ص . 165
706
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
والجدير بالذكر أن المشرع الفرنسى أقر حق المتهم جنائياً فى الصمت ألول مرة بمقتضى
القانون الصادر فى 15يونيو 2000فأصبح للمتهم الحرية فى اإلجابة أو عدم اإلجابة
على األسئلة الموجهة إليه (.)1
( )1د .مجدى حبشى ،ضمانات المتهم فى ظل قانون اإلجراءات الجنائية الفرنسى الجديد ،دار
النهضة العربية ، 2001 ،ص . 4
( )2د .عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ،الموسوعة اإلدارية الشاملة فى إلغاء القرار اإلدارى وتأديب
الموظف العام ،الجزء الثالث ،دار محمود للنشر والتوزيع ،طبعة ، 2008ص 223وما بعدها .
707
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
عليها ،لذلك فإن عدم استعمال الموظف لهذا الحق ال ينطوى على مخالفة إذ أن ترك
الحقوق غير معاقب عليه ،على عكس اإلخالل بالواجبات وبالتالى ال يجوز مجازاته(.)1
واالتجاه السائد والراجح فى الفقه يرى عدم اإلخالل بحق المتهم فى الصمت ( ، )2وعلى
هذا يجب أال يسفر صمت المتهم عن أى دليل إضافى يستعمل ضده ،فإذا كان سؤال
المتهم يعنى تمكينه من الدفاع عن نفسه أو اعترافه بما هو منسوب إليه ،فال يجب
تكليفه على غير إرادته باإلجابة على ما يوجه إليه من أسئلة ،فإذا رفض اإلجابة أو
التزم الصمت ،فيجب أال يتخذ صمت المتهم على أنه بمثابة اعتراف ضمنى أو أن
يتخذ منه قرينة تستعمل ضد المتهم وتساهم فى إدانته حيث أن بوسع سلطة التأديب أن
تحصل على األدلة بوسائلها المتعددة والتى تفوق قدرات األفراد بكثير ،وبناء عليه ال
. ()3
يكون سكوت المتهم فى ذاته دليالً ضده يمكن إدانته بناء عليه
بل إن رأى فى الفقه ذهب إلى أبعد من ذلك معتب اًر أنه إذا كان امتناع المتهم عن اإلدالء
بأقواله أمام محقق معين مستنداً إلى أسباب معقولة ،فإن الجزاء الذى يصدر بناء على
( )1أ .محمود صالح ،شرح قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ،األسكندرية ،منشأة المعارف ،
طبعة ، 1997الطبعة الثانية ،ص . 727
(2) STEPAN.La protection des droit de la defense des accuses et con-
damnes dans la procedure penale Tchecoslovaque. Rev. Inter, dr.penal,
1966,p.308.
( ) 3د .عبدالفتاح عبدالحليم عبدالبر ،الضمانات التأديبية فى الوظيفة العامة ،رسالة دكتوراه ،كلية
الحقوق جامعة القاهرة ،1978 ،ص . 309
( )4د .عبدالفتاح حسن ،التأديب فى الوظيفة العامة ،مرجع سابق ،ص . 95
708
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ثالثاً -:موقف القضاء .
تباينت أحكام المحكمة اإلدارية العليا فى هذا الخصوص حيث أشارت بعض أحكامها
إلى أن امتناع العامل عن اإلدالء بأقواله فضالً عما ينطوى عليه من تفويت فرصة
الدفاع عن نفسه ،فينطوى أيضاً على مخالفة تأديبية فى جانبه ،لما ينطوى عليه ذلك
من عدم الثقة بالجهات الرئاسية ،وخروج على القانون على نحو ينال مما يجب على
العامل أن يوطن نفسه عليه من توقير لهذه الجهات وإقرار بجدارتها فى ممارسة
إختصاصاتها الرئاسية قبله فقضت المحكمة اإلدارية العليا بأن ":العامل بامتناعه عن
. ()1
اإلدالء بأقواله يكون قد فوت على نفسه فرصة الدفاع وال يلومن إال نفسه "
كما قضت فى أحد أحكامها بأن االمتناع عن اإلدالء باألقوال فى التحقيقات اإلدارية
()2
. يمثل ذنباً إدارياً مستقالً يتعين مجازاة الموظف عنه
غير أن المحكمة اإلدارية العليا عدلت عن هذا االتجاه واكتفت بأن سكوت المتهم عن
إبداء دفاعه فى المخالفة المنسوبة إليه فى التحقيق ال يشكل بذاته مخالفة إدارية أو ذنباً
إدارياً مستوجباً للمسئولية التأديبية أو العقاب التأديبى ،ولكن المتهم فى هذه الحالة
يكون قد فوت على نفسه فرصة إبداء أوجه دفاعه فى المخالفة المنسوبة إليه فى التحقيق
وعليه تقع تبعة ذلك .
وال محل إلجبار المتهم على اإلدالء بأقواله فى التحقيق وتهديده بالجزاء التأديبى الذى
سيوقع عليه فى حالة امتناعه أو سكوته فهو وشأنه فى تغير موقفه الدفاعى إزاء االتهام
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1990/11/24الطعن رقم 725لسنة 34قضائية .عليا
.
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1981/4/4الطعن رقم 430لسنة 22قضائية .عليا .
709
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
المسند إليه ،والمقرر وفق األصول العامة أنه ال يسوغ إكراه متهم على اإلدالء بأقواله
. ()1
فى التحقيق بأى وسيلة من وسائل االكراه المادى أو المعنوى
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :رفض اإلدالء باألقوال أمام
الشئون القانونية بدون مبرر ال يمثل بذاته ذنبا إدارياً يستوجب المساءلة التأديبية " (.)2
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :سكوت المتهم عن إبداء دفاعه فى المخالفة
المنسوبة إليه فى التحقيق ال يشكل بذاته مخالفة إدارية -أساس ذلك :أنه ال وجه
إلجبار المحال على اإلدالء بأقواله فى التحقيق -يعتبر سكوت الموظف ضياع لفرصته
()3
. للدفاع عن نفسه تقع عليه تبعته "
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكمها الصادر فى 2006/11/30أنه " :
ومن حيث إن الثابت من قرار الجزاء المطعون فيه أنه بنى على رفض المطعون ضده
اإلدالء بأقواله فى الشكوى المقدمة ضده من مدير المدرسة عن الفترة المسائية دون أن
يتضمن قرار الجزاء اإلشارة إلى التحقيق اإلدارى الذى أجرى حول الواقعة أو عناصر
إثبات المخالفة كما لم تقم الجهة اإلدارية أثناء نظر الطعن بإيداع أوراق التحقيق أو
البيانات المؤيدة لصحة االتهام المنسوب للمطعون ضده.
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1998/8/30الطعن رقم 3494لسنة 42قضائية .عليا.
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1985/11/16الطعن رقم 2847لسنة 30قضائية .
عليا .
( )3حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1998/6/25الطعن رقم 1119لسنة 30قضائية .عليا.
وأيضاً حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1990/2/24الطعن رقم 725لسنة 34قضائية .
عليا.
710
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
األمر الذى يصم القرار المطعون بمخالفة القانون ،إذ إن المادة ( )79من قانون العاملين
المدنيين بالدولة رقم 47لسنة 1978ال تجيز توقيع الجزاء على العامل إال بعد التحقيق
معه ،وذلك حتى يتسنى مواجهته بما هو منسوب له وتمكينه من إبداء دفاعه ،واستجالء
الحقيقة فيما يتعلق بصحة الوقائع ونسبتها إلى فاعليها أو تبرئة ساحته منها .وإذا
استشعر العامل عدم الحيدة لدى المحقق وطلب سماع أقواله أمام جهة أخرى فإنه وإن
كان ذلك ال يعطل استمرار التحقيق معه إذا لم يكن لهذا الدافع سند ثابت باألوراق .إال
أن المحقق يلتزم فى هذه الحالة بالسير فى اإلجراءات ملتمساً أدلة الثبوت من أقوال
الشهود والبيانات التى تؤيد االتهام المنسوب للعامل فال يجوز له التوصية لدى السلطة
المختصة بتوقيع الجزاء قبل استكمال إجراءات التحقيق الذى لم تستوف أوضاعه
القانونية فى الحالة المعروضة واقتصر الجزاء على مخالفة المطعون ضده بسبب
امتناعه عن إبداء أقواله فى التحقيق اإلدارى .إذ ال محل إلجباره على اإلدالء بأقواله
فيما ُنسب إليه مهدداً بالجزاء التأديبى الذى سيوقع عليه فى حالة امتناعه لما هو مقرر
فى األصول العامة للتحقيق أنه ال يسوغ إكراه المتهم على اإلدالء بأقواله بأية وسيلة من
()1
. وسائل اإلكراه المادى أو المعنوى"
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 30من نوفمبر سنة ، 2006الطعن رقم 5116لسنة44
قضائية .عليا .
ويراجع أيضاً :حكم اإلدارية العليا ،الطعن رقم 3494لسنة 42ق .ع ،بجلسة ، 1998/8/30
مج س 43ج ،ص .1662
711
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
-3هل يسوغ للموظف المحقق معه االمتناع عن سماع أقواله ويطلب إحالته إلى
النيابة اإلدارية .
إذا كان من حق الموظف أن تسمع أقواله ،وأن يحقق دفاعه ،إال أنه وقد أتيح له ذلك
كله ،فال يسوغ له أن يمتنع عن االجابة ،أو يتمسك بطلب إحالة التحقيق إلى النيابة
اإلدارية .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ذلك أن من حق جهة االدارة -
وفى الطعن الراهن الهيئة الزراعية المصرية وقد استعرضنا نصوص قوانينها المتعاقبة
منذ إنشائها قديماً وكذلك أحكام الئحتها الداخلية -أن تجرى التحقيق بنفسها ،وهى إذا
كان ذلك من حقها ،فإنها ال تحمل على إحالته الى النيابة االدارية ما دام أن القانون ال
يلزمها بذلك .واذا شعر الموظف أو العامل بعدم االستجابة الى ما أصر عليه ،تعين
فى حقه أن يسارع الى إبداء أقواله ،وتنفيذ ما يوجه اليه من اتهامات أو مخالفات .ثم
أن له الحق فى نهاية األمر أن يتظلم من القرار االدارى الصادر بناء على مثل هذا
التحقيق الذى ال يرتاح اليه ،أما أن يمتنع عن ابداء أقواله ،ويقف سلبياً ازاء ما هو
منسوب اليه بل يصر على موقف التحدى من جهة االدارة دون أن يكون لذلك سبب
قانونى أو منطقى سوى أن قسم قضايا الهيئة هو الذى أوصى بوقفه عن العمل ،فال
تثريب فى ذلك عليها ،والموظف ال يلوم عندئذ إال نفسه ،فكل امرئ وعمله ومن أساء
فعلى نفسه"(.)1
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 27من نوفمبر سنة ،1965القضية رقم 1606لسنة 10
القضائية ،مجلس الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة اإلدارية
العليا السنة الحادية عشرة ( -من أول أكتوبر سنة 1965إلى آخر يونيه سنة - )1966ص .68
712
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :اختصاص الجهة اإلدارية بالتحقيق مع
الموظف وتوقيع الجزاء اإلدارى عليه اختصاص ثابت وأصيل بحكم السلطة الرئاسية
التى لجهة اإلدارة على العاملين بها -تخويل القانون النيابة اإلدارية اختصاصاً فى
التحقيق مع العاملين ال يخل بحق الجهة اإلدارية الترخيص فى أمر إحالة التحقيق إلى
النيابة اإلدارية أو انفرادها هى بإجرائه بحسب تقديرها المطلق لظروف الحال ومالبساته
-امتناع الجهة اإلدارية القائمة على التحقيق عن االستجابة إلى طلب الموظف فى
هذا الخصوص ال يعيب التحقيق الذى تباشره طالما استوفى أوضاعه الشكلية وتوافرت
له كل الضمانات التى يتطلبها القانون أو تمليها األصول العامة -امتناع الموظف
بغير مبرر صحيح عن إبداء أقواله أمامها فضالً عما ينطوى عليه من تفويت لفرصة
الدفاع عن نفسه وينطوى أيضاً على مخالفة تأديبية فى جانبه لما ينطوى على ذلك من
عدم الثقة بالجهات الرئاسية وخروج على القانون على نحو ينال مما يجب على الموظف
أن يوطن نفسه عليه من توقير الجهات وإقرار بجدارتها فى ممارسة اختصاصاتها
()1
. الرئاسية "
وقد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ال يسوغ للعامل االمتناع عن سماع أقواله
ويطلب إحالة التحقيق إلى جهة أخرى -من حق الشركة أن تجرى التحقيق بنفسها دون
أن تحمل على إحالته إلى النيابة اإلدارية -امتناع المطعون ضده عن الحضور أمام
. ()2
جهة التحقيق دون مبرر قانوناً فإنه ال يلومن إال نفسه "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1981/4/4الطعن رقم 430لسنة 22قضائية .عليا .
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1997/5/20الطعن رقم 986لسنة 40قضائية .عليا.
ويراجع أيضاً :حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1998/6/25الطعن رقم 1119لسنة 30
قضائية .عليا .
713
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
سادساً -:سماع شهود النفى .
تؤدى الشهادة دو اًر كبي اًر فى الكشف عن الحقيقة فى نطاق التأديب ،لذا فإن من
مستلزمات الدفاع ومظاهره األساسية أن يسمح للموظف باالستشهاد بشهود النفى ،فمن
()1
. شأن تلك الشهادة أن تعزز موقف المتهم فى الواقعة المنسوبة إليه
وعليه يتعين دائماً سؤال المتهم عما إذا كان لديه شهود نفى حيث يجب استدعاء هؤالء
الشهود وسماع أدلتهم ،فاالكتفاء بسماع شهود اإلثبات دون النفى يصم التحقيق
بالقصور ويبطل قرار الجزاء إلخالله بحق الدفاع .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :يجب قبل توقيع الجزاء على
العامل -إجراء تحقيق تسمع فيه أقوال العامل وتحقيق أوجه دفاعه التى يبديها فى
معرض االتهام المنسوب إليه -إذا طلب سماع شهود نفى للواقعة -تعين سماعهم
()2
. حتى تتضح الحقيقة -إذا لم يتضمن التحقيق هذه األسس -يصمه بالقصور "
وقد تواترت أحكام القضاء المصرى على حق الموظف باالستشهاد بالشهود لما تشكله
هذه الشهادة فى المجال التأديبى من قيمة كبيرة فى إعداد الموظف لدفاعه ،ونفى التهمة
المنسوبة إليه .
( )1د .سعد الشيتوى ،التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ،مرجع سابق ، 2013 ،ص
.129
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1994/12/20الطعن رقم 4753لسنة 35قضائية .
عليا .
714
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وقد انتهى مجلس الدولة الفرنسى إلى بطالن اإلجراء التأديبى عند إغفال إستدعاء الشهود
الذين طلب سماع أقوالهم (.)1
والجدير بالذكر أنه على الرغم من أهمية الشهادة فإن اإلدارة ليس ملزمة باإلستجابة
لطلبات الموظف فى إستدعاء كافة الشهود الذين يطلبهم ،وإنما يكون للمحقق سلطة
تقديرية فى تحديد العدد المعقول من الشهود الذى يرى أن هناك فائدة من سماع
أقوالهم(.)2
كما أن بعض الشهود قد تتضاءل أهمية شهادتهم إلى درجة العدم ،وخاصة فى بعض
القضايا التأديبية المستندية ،فال يجوز اإلستناد فى هذا الشأن إلى شهادة الشهود فى
()3
. مجال ال محل للدليل فيه غير المستندات
على أنه إذا كانت أهمية الشهادة تبدو ضئيلة أو منعدمة فى الجرائم التأديبية المستندية
،إال أن الشهادة تبدو هامة فيما يتعلق بالمخالفات التأديبية التى تتعلق بواجب التحفظ
()4
.فهناك الكثير من المخالفات التى تقع فى الذى يتعين على الموظف اإللتزام به
الحياة الخاصة للموظفين يكون لشهادة الشهود دور كبير فى إثبات التهم المنسوبة إلى
(1 ) C.E, 18 Mars 1988, Strebler, n70 221; C.E, 30 Sept. 1983, Barre, Rec.
p. 394.
(2 ) René hostiou, op,cit. p. 109.
( )3حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1992/11/28الطعن رقم 3858لسنة 35قضائية .
عليا .
( )4د .عادل الطبطائى ،واجب التحفظ فى سلوكه العام ،مجلة الحقوق ،جامعة الكويت ،السنة
العاشرة ،العدد الرابع ،ديسمبر. 1986
715
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
الموظف أو نفيه لذا يتعين تمكين الموظف من االستشهاد بالشهود من أجل تحقيق
دفاعه (.)1
والسؤال الذى يثور هل يترتب على عدم اإلستجابة من المحقق لسماع شهود النفى
بناء على طلب الموظف المحقق معه بطالن التحقيق ؟
والجواب فى إيجاز أنه ال يترتب على ذلك بطالن التحقيق طالما لم يكن هناك ثمة
حاجة أو لزوم لسماع شهادتهم وطالما لم يخل ذلك بحق الدفاع .
وقد فصلت ذلك المحكمة اإلدارية العليا بقولها " :ومن حيث إنه ال وجه لما أثاره
المدعى فى دفاعه وسايره فيه الحكم المطعون فيه من أن المحقق أغفل تحقيق دفاعه
ولم يسأل الشاهدين الذى أشهدهما على صحة أقواله ،وبذلك يكون التحقيق قد شابه
عيب جوهرى يستتبع بطالن قرار الجزاء الذى استند إليه ،ال وجه لذلك ألن الثابت من
االطالع على أوراق التحقيقات أن المدعى سئل فى التحقيق ووجه بالتهمة وباألدلة
عليها وأدلى فى شأنها بدفاعه كامالً ،وإذا كان قد أشهد شاهدين طلب سماع أقوالهما
غير أنه يتضح من مراجعة أقواله أنه ذكر فى أكثر من موضع منها أن المشادة التى
حصلت بينه وبين المفتش العام وباقى المفتشين وقعت فى غرفة المفتش العام وكان قد
استدعى إليها بعيداً عن المصححين اآلخرين ،كما أضاف المدعى صراحة فى نهاية
الصفحة الثانية من أقواله أنه "فوجئ في نهاية اليوم باستدعائه إلى الرئيس العام
للتصحيح فى لجنة الخديوية بوساطة المفتش رئيس الحجرة -أعطانى الرئيس خلو
بناء على المذكرة التى تقدم بها األستاذ ...يقول فيها أنه ال يستطيع
طرف من العمل ً
العمل معى وكان ذلك على يد شهود هم األساتذة المدرسون ......-1بمدرسة السويس
( )1د .سعد الشيتوى ،التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ،مرجع سابق ،ص . 132
716
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
الثانوية ......-2بمدرسة النصر الثانوية ببور سعيد" ومؤدى ذلك أن الواقعة التى
نسبت إلى المدعى لم تحدث فى حضور أحد من زمالئه المصححين بل بعيداً عنهم،
أما موضوع تسليمه خلو الطرف عن أعمال االمتحان فهى واقعة مسلم بها وال تؤثر فى
إثبات ونفى المخالفة التى نسبت إلى المدعى ،ومن ثم فلم يكن هناك ثمة حاجة أو لزوم
. ()1
لسماع أقوال الشاهدين وال يكون ثمة عيب شاب التحقيق بإغفال سماع أقوالهما"
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا بأنه " :ومن حيث إنه ليس متطلباً لصحة التحقيق
التأديبى أن يستمع المحقق فى كل األحوال إلى أكثر من أقوال الشاكى والمشكو ،متى
استظهر المحقق من موضوع الرؤية وجالء الصورة وبروز وجه الحق عدم الحاجة إلى
سماع أى شهود وكان لهذا االستخالص ما يبرره "(.)2
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1969/2/22الطعن رقم 775لسنة 13قضائية ،مجلس
الدولة -المكتب الفنى -مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العليا السنة الرابعة عشر –
العدد الثانى ( من منتصف فبراير سنة 1969إلى آخر سبتمبر سنة ، ) 1969ص .421
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،الطعن رقم 582لسنة 32القضائية ،جلسة 26من ديسمبر سنة
، 1987مجلس الدولة -المكتب الفني -مجموعة أحكام المحكمة اإلدارية العليا السنة الثالثة
والثالثون -الجزء األول (أول أكتوبر - 1987أخر فبراير سنة - )1988ص . 497
717
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
املبحث الثالث
املطلب األول
718
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
دليل للتحقيق .وبناء عليه ،ينبغى أن تكون خطة التحقيق منقحة ومعدلة لتعكس
()1
. التطورات فى فهم القضية
وينبغى مراعاة ذلك أثناء إعداد خطة التحقيق :
-1خذ بعض الوقت مقدماً لتنظيم أفكارك.
-2اجمع أى معلومات لديك بالفعل حول المشكلة مثل شكوى موظف ،أو تقرير
مشرف ،أو تحذيرات مكتوبة ،أو أشياء تشكل جزًءا من المشكلة (مثل رسائل البريد
اإللكترونى أو رسائل التهديد) .باستخدام هذه المعلومات كدليل لك .
-3فكر فيما ستحتاج إلى معرفته لتقرير ما حدث .من ستقابل وماذا ستسأل؟ هل هناك
مستندات إضافية قد يمتلكها الموظفون أو المشرفون؟ هل هناك من شهد أحداثًا مهمة
-أو يجب أن يكون؟
-4يجب على المحقق التفكير بعناية فى الترتيب فى إجراء المقابالت سواء مع
الشاكى أو مع المتهم أو مع الشهود .
والجدير بالذكر أنه وفقاً لمعايير التحقيق للحكومة اإلسترالية فإن معيار إدارة التحقيقات
" "Investigative Managementيجب أن يتضمن مرحلة للتخطيط للتحقيق الشامل
عند بدأ كل تحقيق وكلما أمكن يجب أن تكون الخطة مكتوبة ويجب اإلشارة إلى أن
استثناء وفى
ً تلك الخطة فى محضر التحقيق كما ينبغى تحديثها خالل التحقيق .و
الحاالت العاجلة يجوز للجهة الحكومية بدء التحقيق دون خطة مكتوبة ،ولكن يجب
مراعاة اعتبارات ومعايير التخطيط الجيد أثناء سير التحقيق وينبغى أن يراعى التحقيق
( )1د .سامى الطوخى ،اإلتجاهات العلمية فى التحقيقات اإلدارية (دراسة مقارنة ) ،أكاديمية السادات
للعلوم اإلدارية ، 2014 ،ص ص . 40 - 39
719
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
بشكل مناسب استخدام السجالت المعدة لتدوين التحقيق وفق متطلبات تلك المعايير .
وينبغى لعملية التخطيط (عند االقتضاء) أن تتضمن :أهداف مخطط التحقيق ،
المخالفات المحتملة أو السلوك وأن تحدد موضوعات التحقيق ونطاقه ،والنتائج وإدارة
المخاطر والنظر فى خيارات الق اررات المتعلقة بإدارة التحقيق والتصرف فيه .
ويمكن تلخيص خطة التحقيق اإلدارى بأنها تعنى اإلجابة على ما يأتى(: )1
-1ماهى المخالفة المزعومة التى تشكل إخالالً بمقتضى الواجب الوظيفى ؟
-وهذا يعنى تحديد طبيعة المخالفة وتكييفها القانونى .
-2ماهى العوامل المؤثرة التى ساعدت على وقوع المخالفة ؟
-وهذا يعنى تحليل البيئة الداخلية والخارجية التى ساعدت على وقوع المخالفة
بغرض اتخاذ اإلجراءات التصحيحية المناسبة .ويشمل ذلك تحديد نقاط القوة
والضعف فى أنظمة اإلدارة الداخلية وكذا الفرص والتحديات فى البيئة الخارجية
للجهة اإلدارية .
-3تحديد كافة األطراف المعنية بالمخالفة .
ويتوقف ذلك على طبيعة وحجم المخالفة وأهمية ومدى مساهمة أطراف خارجية فى
وقوعها أو التأثر بها .ويتم تحليل األطراف المعنية من خالل :
-تعيين وتحديد األطراف ذات المصلحة .
-تحديد مصالح واهتمامات األطراف ذات المصلحة .
( )1د .سامى الطوخى ،اإلتجاهات العالمية فى التحقيقات اإلدارية (دراسة مقارنة ) ،مرجع سابق،
، 2014ص . 41
720
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
-تحديد المطالب واإلدعاءات المحتملة لتلك األطراف تجاه الجهة الحكومية أو
الموظفين المنسوب لهم المخالفة .
-تحديد األطراف األكثر أهمية من منظور المحقق .
-تحديد التحديات الناتجة عن ذلك .
721
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ومن ثم يجب عند إعداد محضر التحقيق مراعاة األمور التالية :
أوالً -:يعنون محضر التحقيق ببيان إدارة التحقيقات التى تباشره والجهة الرئاسية لها ،
ويثبت تاريخ اليوم والساعة ومكان التحقيق واسم المحقق ودرجته ،واسم كاتب التحقيق
إن وجد .
ويعد التاريخ عنصر جوهرى فى تحرير المحضر ألنه يحدد الوقت الذى تم فيه مباشرة
إجراءات التحقيق ،وبالتالى يسمح بمراقبة المدة التى استغرقها التحقيق ألن طول مدة
التحقيق عن الحد المعقول تحمل معنى اإلكراه ،األمر الذى يترتب عليه بطالن التحقيق.
ونظ اًر ألهمية التاريخ وجب أن يذكر بمحضر التحقيق اليوم والشهر والسنة ،بل وساعة
افتتاح محضر التحقيق ليس هذا فحسب بل يجب تحديد الساعة التى ينتهى فيها
التحقيق .وهكذا فإن تجاهل ذكر التاريخ على وجه الدقة فى نظر البعض قد يؤدى إلى
،غير أننا ال نتفق مع هذا الرأى ونرى أن عدم ذكر التاريخ رغم أنه ()1
بطالن التحقيق
بيان جوهرى إال أنه ال يؤدى إلى بطالن التحقيق .
ويجب أن يشتمل محضر التحقيق على اسم وصفة واختصاص المحقق والقاعدة أنه
ال يجوز االستجواب فى مجال التحقيق إال عن طريق المحقق المختص قانوناً بذلك ،
من هنا وجب ذكر اسم وصفة محقق المحضر ،ليس هذا فحسب وإنما وجب ذكر اسم
كاتب المحضر إن وجد ،حيث أشرنا إلى أن وجود كاتب للتحقيق هو أمر جوازى
بالنسبة لتحقيقات الجهة اإلدارية ،ووجوبى بالنسبة لتحقيقات النيابة اإلدارية.
( (1د .عادل عبدالعزيز السن ،ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ،التحقيق اإلدارى (
كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ،مرجع سابق ،ص . 65
722
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ثانياً -:يجب أن يثبت بمحضر التحقيق إسم المتهم أو الشاهد ثالثياً ،وسنه وتاريخ
ميالده باليوم والشهر والسنة ،وعنوان محل إقامته وذلك من واقع بطاقة الرقم القومى
أو جواز سفره أو أى مستند رسمى ،واإلدارة التابع لها ووظيفته ومستواها الوظيفى.
وبالنسبة لمن انتهت خدمتهم يتعين إثبات تاريخ انتهائها وآخر بيان لحالتهم الوظيفية .
كما يتعين إثبات أسماء من سمعت أقوالهم بهوامش المحضر قرين بداية أقوال كل منهم
مع بيان من تم سؤاله على سبيل االستدالل ،ومن كان شاهد إثبات أو شاهد نفى أو
متهماً ،وعند إعادة سماع أقوال شاهد أو متهم ُيكتفى بذكر إسمه مع التنويه بسابقة
سؤاله وذلك بعد االستيثاق من أن بياناته السابقة لم يط أر عليها تغيير .
ثالثاً -:ترقم صفحات محضر التحقيق بأرقام متتابعة ويوقع كل من محقق الجهة
اإلدارية وكاتب التحقيق إن وجد ،بإمضائه أوالً بأول فى نهاية كل صفحة وعلى كل
مالحظة أو مواجهة ،وكذلك فى نهاية أقوال كل متهم أو شاهد بعد تالوتها عليه وإق ارره
بأنه مصر عليها وكذا فى نهاية كل محضر تحقيق ،ويجب أن يكون ترقيمها واضحاً
وأن يكون التوقيع مقروءاً وداالً على صاحبه .
كما يجب أن يشتمل محضر التحقيق على إمضاء أو خاتم أو بصمة كل من سمعت
أقواله أو تمت مواجهته شاهداً كان أو متهماً عقب االنتهاء منها ،فإذا امتنع أو لم
ُيمكنه ذلك يتعين إثبات ذلك فى المحضر مع بيان ما قد ُيبديه من أسباب .
وبصفة عامة يراعى أن يعكس محضر التحقيق صورة كاملة لما يجرى فيه .
رابعاً -:يجب أن يثبت بمحضر التحقيق قرار اإلحالة ،والسلطة التى أصدرته.
خامساً -:يجب أن يثبت ملخص الواقعة محل التحقيق.
سادساً -:يجب أن يثبت أقوال شهود اإلثبات والنفى.
سابعاً -:يجب أن يثبت ما تم االطالع عليه من مستندات.
723
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ثامناً -:يحرر محضر التحقيق بخط واضح بغير كشط أو شطب أو تصحيح ،فإن
وقع ذلك تعين التوقيع عليه من محقق الجهة اإلدارية وكاتب التحقيق إن وجد ،كما
يتعين أن يوقع عليه معهما الشاهد أو المتهم إذا تعلق بأقوال أى منهما .
تاسعاً -:يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يحدد بنفسه جلسات التحقيق .
ويجب عليه أال يحدد جلسة واحدة لتحقيقات ليس فى طاقته إنجازها بأكملها ،وأن يقدر
ما فى استطاعته القيام به من أعمال التحقيق فى اليوم الواحد إلتمامها بغير تأجيل ،
وأن يحدد ما أمكن ذلك وقتاً معيناً للبدء فى تحقيق موضوع بذاته تالفياً لتزاحم المطلوبين
وتواجدهم لفترات طويلة دون مبرر ،وحرصاً على عدم تعطيل العمل بالجهات التابعين
لها ،وعليه أن يراعى عند استدعاء العاملين صالح المرفق الذى يتبعونه .
عاش اًر -:على محقق الجهة اإلدارية أن يستمر فى التحقيق الذى بدأه حتى ينتهى منه
فإذا تعذر إنجازه دفعة واحدة فيجب تحديد جلسات قريبة متالحقة لسرعة إنجازه .
الحادى عشر -:مضمون المحضر :يتعين أن يتضمن محضر التحقيق جميع
المعلومات والبيانات الالزمة لكى يكون وثيقة متكاملة لها وضعها القانونى المعترف
به ،بحيث يثبت بعد التاريخ والديباجة المناقشة التفصيلية ومواجهة الموظف المخالف
باألدلة وذلك عن طريق تدوين األسئلة التى وجهها المحقق واإلجابات التى يدلى بها
المحقق معه.
الثانى عشر -:التوقيعات ،ال يكفى أن يذكر فى صدر المحضر أسماء األشخاص
الذين قاموا بتحرير المحضر ،كما ال يكفى أن يذكر مضمون التحقيق ،بل يتعين التوقيع
على كل ورقة من أوراق المحضر فى نهايتها وذلك بالنسبة للمحقق وهو نفس الشىء
بالنسبة للكاتب والموظف المخالف إذ يتعين توقيعهم فى نهاية كل صفحة بجوار توقيع
المحقق ،ويوقع الجميع فى نهاية المحضر هذه هى القاعدة.
724
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
أما اإلستثناء الوحيد من توقيع المحقق أو الكاتب ،هو أن يكون التحقيق يتم دون وجود
كاتب تحقيق ،على أن يكون المحقق هو الذى قام بكتابة التحقيق بنفسه ،وهو ما أقرته
المحكمة اإلدارية العليا بقولها ال وجه الشتراط توقيع المحقق والكاتب على محضر
التحقيق متى تبين أن التحقيق بخط يد المحقق ولظروف استدعت عدم حضور كاتب
وكان اسم المحقق ثابتا ًً فى صدر التحقيق .
والسؤال الذى يثور هل يلزم إفراغ محضر التحقيق فى شكل معين ؟
ليس ثمة ما يوجب إفراغ التحقيق مع الموظف فى شكل معين وال بطالن على إغفال
إجرائه فى وضع خاص .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن " :وجوب توافر الضمانات الالزمة
لسالمة التحقيق والوصول إلى وجه الحق وتمكين العامل من الوقوف على عناصر
وأدلة االتهام الموجه إليه -تحقيق تلك الغاية ال يقتضى إفراغ التحقيق شكل معين أو
()1
. طريق مرسوم "
كما قضت أنه " :إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ليس ثمة ما يوجب إفراغ
التحقيق مع الموظف فى شكل معين وال بطالن على إغفال إجرائه فى وضع خاص(.)2
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1996/3/12الطعن رقم 3353لسنة 37قضائية .عليا.
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1966/2/26الطعن رقم 449لسنة 8قضائية .عليا .
725
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ولكن سؤاالً يتبادر إلى أذهاننا ماهو أثر فقد أوراق التحقيق ؟
يلزم أن تكون أوراق التحقيق موجودة وقت توقيع الجزاء بيد أن فقدها ال يؤثر فى القرار
الصادر وال يبطله ألن هذا الفقد ال يسقط أصالً الذنب إال أنه يجب أن يثبت على وجه
. ()1
القطع أن الجزاء وقع بناء على تحقيق أجرى بالفعل
()2
إلى أن تقدير األمر يحتاج إلى مراجعة موضوعية ألوجه وقد ذهب جانب من الفقه
الثبوت البديلة بمعنى إذا كان ما ُفقد من المستندات ال نظير له .هنا لجهة التحقيق أن
تتبع فى هذا األمر شتى السبل بما فيها إعادة التحقيق نفسه ،إذ أنه ال يوجد ما يمنع
قانوناً من إعادة التحقيق .
ومن ثم فقد أوراق التحقيق ال يعنى مطلقاً سقوط الذنب اإلدارى الذى بنى على تلك
األوراق متى قام الدليل أوالً على وجودها ثم على فقدها وأما محتوياتها فيستدل عليها
بأوراق صادرة من أشخاص لهم صلة عمل وثيقة بها .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :ضياع أوراق التحقيق ال يعنى
مطلقاً سقوط الذنب اإلدارى الذى تبين على تلك األوراق ،إال إن ذلك رهن بأن يقوم
()3
. دليل على وجود هذه األوراق ثم فقدها "
( )1د .أنور أحمد رسالن ،التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية ،مرجع سابق ، 2003 ،ص
.132
( (2د .ماهر عبدالهادى ،الشرعية اإلجرائية ،مرجع سابق ،ص 272وما بعدها.
( )3حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1987/11/24الطعن رقم 3136لسنة 32قضائية .
عليا ،وأيضاً حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1974/1/26الطعن رقم 533لسنة 16قضائية
.عليا .
726
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
كما قضت المحكمة اإلدارية العليا فى حكماً ماتعاً لها بتاريخ 2016/11/19أنه :
" ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الفهم القائم على أن عدم تقديم
أوراق التحقيق أو فقدها يجعل القرار المطعون فيه كأنه منتزع من غير أصول موجودة،
هو فهم ظاهر الخطأ ،فما كان من ضياع أوراق التحقيق ،بل ضياع سند الحق بمضيع
جنائيا أو إدارًيا ما دام من المقدور الوصول
ً مدنيا أو
للحقيقة نفسها فى شتى مجاالتها ً
إلى هذه الحقيقة بطرق اإلثبات األخرى.
ويخلص من هذا القضاء أن مناط عدم التمسك بأوراق التحقيق فى عدم تقديمها أو
فقدها ،وعدم اعتبار القرار المطعون فيه فى هذه الحالة منتزًعا من غير أصول موجودة،
هو إمكان الوصول إلى الحقيقة بطرق اإلثبات األخرى ،ووجود عناصر تكميلية فى
مجموعها مع باقى القرائن والشواهد ودالئل األحوال القائمة فى المنازعة على تكوين
االقتناع بالنتيجة التى يمكن أن ينتمى إليها الحكم فى شأن القرار المطعون فيه ،فإذا لم
تتوفر هذه العناصر واألدلة فال تنهض قرينة الصحة المفترضة فى القرار اإلدارى وحدها
كافيا لتحصينه من الطعن فيه باإللغاء ،ألن هذه القرينة ليست قطعية بل إنها تقبل
سندا ً
ً
الدليل العكسى ،وإذا كان عبء إقامة هذا الدليل يقع على عاتق المتضرر من القرار
فإن مقتضى إلقاء هذا العبء عليه أال يحرم عدالة المحكمة من سبيل التمكن من إثبات
العكس بفعل اإلدارة السلبى أو بتقصيرها متى كان دليل هذا اإلثبات بيديها وحدها
وامتنعت بغير مسوغ أو مبرر مشروع عن تقديمه أو عجزت عن ذلك لفقده أو هالك
سنده بغير قوة قاهرة ،السيما إذا كان دفاعه فى تعييب القرار مشتًقا من األوراق المتضمنة
ومنحصر فيها إذ ال يقبل أن يكون وضعه في حالة عدم تقديم الجهة اإلدارية
ًا لهذا الدليل
بسبب ما ألوراق التحقيق المحتوية على األسباب التى قام عليها القرار أسوأ منه فى
حالة ت قديم هذه األوراق ،فيتعين عليه فى الحالة األولى إقامة الدليل على العيب الذى
727
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
يوجهه إلى القرار ،وبذلك يحتمى القرار من اإللغاء ،ويفلت من رقابة القضاء ،وتكسب
اإلدارة بامتناعها عن تقديم األوراق بإضاعتها لها ميزة غير عادية نتيجة لموقفها السلبى
أو تقصيرها ،بينما يتاح له فى الحالة الثانية إذا ما قدمت هذه األوراق أن يمحص
إجراءات التحقيق ويناقض النتيجة التى استخلصت منه بما قد يكشف عن عيب فى
. ()1
القرار يمكن أن يكون ًا
مبرر إللغائه "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 19من نوفمبر سنة ، 2016الطعن رقم 18034لسنة
54القضائية (عليا) ( ،الدائرة الرابعة) ،غير منشور .
728
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
ونبين فيما يلى أصول وفنون طرح األسئلة على الموظف المخالف :
-1يجب على محقق الجهة اإلدارية أن يراعى فى معاملته للمتهم ،إحترام كرامته ،
واالبتعاد عن أى عبارة أو إشارة تنطوى على إهانته أو اإلساءة إليه أو الحط من قدره
بتأثير من االتهامات المنسوبة إليه ،وعليه أن يضع فى اعتباره أن المتهم برئ حتى
ُيثبت التحقيق إدانته .
-2يجب على المحقق أن يقم بإعداد وتحضير قائمة باألسئلة المفتوحة (يمكن تحسين
هذه القائمة أثناء اجتماعات التحقيق ،من خالل األسئلة الفرعية التى تهدف إلى
الحصول على مزيد من التفاصيل مع ضمان طرح نفس األسئلة والتحقق من صحة
نفس الجوانب مع جميع األشخاص الذين التقى المحقق بهم.
-3يجب التفرقة بين سؤال المتهم واستجوابه ،فسؤال المتهم يكون عند حضوره أول
مرة فى التحقيق ،ويقتصر على إحاطته علماً بالمخالفة المسندة إليه ،وسؤاله عنها
شفوياً وإثبات أقواله بشأنها فى المحضر دون أن يتبع ذلك توجيه أسئلة إليه ،أما
االستجواب فهو مواجهة المتهم بأدلة الدعوى ومناقشته فيها .
ويراعى أن التفرقة بين سؤال المتهم واستجوابه ال تعنى بالضرورة وجود فاصل زمنى
بينهما ،أو أن يتم كل منهما فى جلسة تحقيق مستقلة بل ال يعدو األمر أن يكون ترتيباً
فى األسبقية بحيث ال يجوز أن يتم استجواب المتهم تفصيالً فى شأن المخالفة المسندة
إليه إال بعد إحاطته علماً بها وسؤاله عنها شفوياً وإثبات أقواله فى شأنها .
ويجب على محقق الجهة اإلدارية االنتهاء من سؤال المتهم واستجوابه فى جلسة واحدة
مالم تقتضى مصلحة التحقيق غير ذلك .
729
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
-4اليكفى مجرد إلقاء أسئلة على العامل حول وقائع معينة بل ينبغى مواجهته
. ()1
باالتهامات المنسوبة إليه ليكون على بينة منها فيعد دفاعه على أساسها
-5يجب على المحقق أن يتبع األصول المنطقية للوصول إلى الحقيقة من أقرب
الطرق ،وأن يضع السؤال صريحاً محدداً خالياً من التعقيد واإلبهام .
-6يجب على المحقق أن يجعل أسئلته فى صيغة االستفهام ،وأن يعنى بصياغتها
إيحاء بإجابة معينة .
ً فى عبارة موجزة وبصورة ال تتضمن
-7يجب على المحقق أن يراعى فى تحقيقه التسلسل والترابط وأن ُيقصر أسئلته على
ما يمس الموضوع الذى يتناوله التحقيق وأن يتفادى توجيه أسئلة غير مجدية .
بناء على معلومات شخصية غير ثابتة بأوراق التحقيق
-8ال يجوز للمحقق توجيه أسئلة ً
وأقوال من سمعوا فيه .
-9يجب أن تُثبت األسئلة التى توجه للمتهمين والشهود وكذلك اإلجابة عنها فى محضر
التحقيق كاملة دون اقتضاب أو حذف أو تنقيح .
-10يجب أن يتناول التحقيق كل ما يتكشف من مخالفات ولو لم تتصل بالواقعة
األصلية .
-11يجب على محقق الجهة اإلدارية استجالء كافة أركان المخالفات التأديبية التى
تنطوى عليها الوقائع واستظهار الواجب الوظيفى أو الحظر الذى خولف وسنده من
القوانين أو اللوائح أو التعليمات وأن يعنى باستجالء المسئوليات اإلشرافية للرؤساء
وطبيعتها ،وحدودها وأساسها القانونى مستعيناً فى ذلك ببطاقات وصف الوظائف
وغيرها من التعليمات المنظمة لشئون العمل بالجهة التى وقعت فيها المخالفة .
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1986/12/27الطعن رقم 780لسنة 28قضائية .عليا.
730
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
-12يجب على محقق الجهة اإلدارية إذا تبين له من التحقيق أن الوقائع تنطوى على
جرائم جنائية أن يستظهر كافة أركانها واألدلة المتوافرة فى شأنها ثبوتاً أو نفياً .
-13إذا اقتضى التحقيق عرض المتهم على الشاكى أو أحد الشهود للتعرف عليه
فيجب على محقق الجهة اإلدارية مراعاة عدم تمكين الشاكى من رؤية المتهم قبل عرضه
عليه ،وتفادى صدور أى عبارة أو حركة أو إشارة قد تيسر التعرف عليه ،وإثبات
أسماء من استخدموا فى عملية العرض ونتيجة العرض فى محضر يوضح به سن كل
منهم ومحل إقامته ومالبسه ،ويفضل أن يكون هؤالء فى مثل سن المتهم وشكله بقدر
اإلمكان ،وأن يبدأ المحقق بعرض بضعة أشخاص اليكون المتهم من بينهم ثم يضعه
بعد ذلك بين أشخاص آخرين ويعرضه على الشاكى أو الشاهد .
-14ال يعتبر اعترافاً إقرار المتهم بصحة االتهامات المنسوبة إليه ما لم ُيقر صراحة
بارتكاب األفعال المكونة لها .
-15إذا اعترف المتهم فى التحقيق بالتهمة المسندة إليه فال َيكتفى محقق الجهة اإلدارية
بهذا االعتراف بل يجب أن يبحث عن األدلة التى تعززه ألن االعتراف ليس إال دليالً
يحتمل المناقشة كغيره من أدلة اإلثبات .
-16ال يجوز لمحقق الجهة اإلدارية أن َي ِعد المتهم بالتدخل لتخفيف العقاب عنه أو
حفظ التحقيق ،أو يحاول الوقيعة به بإيهامه بوقائع غير صحيحة كالزعم باعتراف متهم
آخر عليه ،أو شهادة آخرين ضده وصوالً إلى اعترافه بارتكاب الواقعة المسندة إليه .
-17إذا حضر المتهم أثناء التحقيق فال يسوغ له أن يقاطع الشاهد أثناء إدالئه بأقواله
وإنما يجوز له – بعد االنتهاء من الشهادة – أن ُيبدى ما يشاء من مالحظات عليها
وأن يوجه إليه ما يريد من أسئلة على أن يكون توجيهها عن طريق محقق الجهة اإلدارية.
731
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ولمحقق الجهة اإلدارية أن يرفض توجيه أى سؤال ليست له عالقة بموضوع التحقيق
أو تنطوى صيغته على مساس بالغير ،وعليه أن يثبت بالمحضر فى هذه الحالة السؤال
الذى طلب المتهم توجيهه وقرار رفضه .
ونبين فيما يلى أصول وفنون طرح األسئلة على الشهود وسماع أقوالهم :
قبل أن تبدأ المقابلة ،يجب على المحقق إبالغ الشخص الذى أجريت معه المقابلة
بسبب إجراء المقابلة معه باإلضافة إلى طبيعة الشكوى.
بشكل عام ،ليس من المناسب ،أو من المستحسن ،تزويد الشاهد بتفاصيل تتعلق
باالدعاء.
ويلزم مراعاة ذلك فى طرح األسئلة -:
تدوين المالحظات األكثر شموالً خالل التحقيق . -1
تأكد من فهمك لإلجابات والمعلومات التى قدمها الشهود . -2
طرح أسئلة للتوضيح فى حالة الشك من أجل تجنب أى سوء فهم للوقائع الفعلية -3
المبلغ عنها .
على محقق الجهة اإلدارية أن يراعى أال يطول انتظار الشاهد خارج غرفة -5
التحقيق تالفياً لنفاد صبره خاصة أنه سيكون مشغوالً بإعادة بناء شهادته مما ُيخشى
معه أن تنهار أو أن يؤدى ذلك إلى اختالط صور ذاكرته ،وتالفياً لمشاركته مع الشهود
732
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
اآلخرين بذات التحقيق فى تناول وجهات النظر حول المعلومات التى دعوا لإلدالء بها
بما من شأنه التأثير على مجرى العدالة .
على محقق الجهة اإلدارية مراعاة أن يكون استدعاء الشاهد لغرفة التحقيق -6
بطريقة مهذبة وبعبارات غير جافة حتى يتجنب أى رد فعل قد يؤثر على معلوماته .
يجب على محقق الجهة اإلدارية احترام الشاهد وحسن معاملته وتفادى توجيه -7
أى تلميح أو تصريح يفيد االستهانة بشأنه حتى ال يصل إلى مرحلة من إنكار الشهادة
تضار بها العدالة .
يكون ترتيب سماع الشهود حسب أهمية الوقائع المطلوب شهادتهم فيها ،وعلى -8
محقق الجهة اإلدارية مناقشة الشهود لتعرف نصيب ما يشهدون به من الحقيقة .
ال يجوز ابتدار الشاهد بأسئلة معينة فى تفصيالت التحقيق ،بل يجب أن -9
ُيترك الشاهد يبدى معلوماته أوالً من غير أن يستوقفه محقق الجهة اإلدارية ،إال إذا
تبين له بوضوح عدم اتصال ما يقوله بموضوع التحقيق ،ثم يبدأ فى مناقشته فيما أدلى
به من أقوال ،ليجلو ما يكون قد شابها من غموض أو تناقض أو تعارض بينها وبين
أقوال من تقدموه أو بينها وبين ما هو ثابت باألوراق ،أو فيما يرى أنها ال تتفق مع
الواقع أو المعقول أو غير ذلك مما يوجب المناقشة .
يراعى ما أمكن استيضاح الشاهد زمان ومكان حدوث الواقعة والفاعل لها -10
وكيفية وقوعها والباعث على ارتكابها ،واألضرار التى ترتبت عليها .
على محقق الجهة اإلدارية متى انتهى من سماع شاهد أن يحرص على عدم -11
اتصاله بغيره من الشهود الذين لم تسمع شهادتهم ،وله أن يبقيه بحجرة التحقيق
لالستفسار منه عن بعض نقاط تأتى على لسان غيره من الشهود أو لمواجهته بهم.
733
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
ال يجوز سماع أقوال شاهد فى حضور شاهد آخر لم تُسمع أقواله بعد . -12
ال يسوغ لمحقق الجهة اإلدارية أن ُيبدى للشهود تشككه فيما ُيدلون به من -13
أقوال ،أو أن يأتى بإشارات أو مالحظات تؤثر فى نفوسهم وتمنعهم من اإلدالء باألقوال
التى كانوا يزعمون اإلدالء بها ،وعلى أن يكون َحسن المعاملة واسع الصدر .
يجب إثبات أقوال كل شاهد فى حضوره بنفس عباراته وألفاظه ،وال يجوز -14
االكتفاء بإثبات أنه ُسمعت أقوال الشاهد فوجدت مطابقة ألقوال من سبقه .
-15ال يجوز لمحقق الجهة اإلدارية عند سماع أقوال أحد الشهود أن يق أر عليه
أقواله السابقة أو ُيحيطه علماً بها ،وعليه إذا تناقضت شهادته أن يواجهه بهذا التناقض
مستجلياً الحقيقة ،وعليه أال يحيط شاهداً علماً بما قاله شاهد آخر إال بعد أن يدلى
بأقواله .
يجب سماع أقوال الشهود دفعة واحدة ومواجهتهم بما يلزم أن يواجهوا به ،وإذا -16
حضر بعضهم وتخلف البعض اآلخر عن الحضور جاز سماع أقوال الحاضر منهم إذا
لم يكن فى ذلك إضرار بمصلحة التحقيق.
ال يجوز تكليف الشهود بالحضور للتحقيق أكثر من مرة بغير موجب . -17
إذا تردد فى التحقيق إسم شخص لديه معلومات تفيد التحقيق أو تؤثر فى سيره -18
فعلى محقق الجهة اإلدارية استدعاؤه لسماع أقواله ،وعليه أيضاً أن يسمع شهادة أى
شخص يحضر أمامه للشهادة من تلقاء نفسه متى كانت الوقائع التى يشهد بها متصلة
بموضوع التحقيق .
إذا كان الشاهد مريضاً أو لديه من األسباب ما يمنعه عن الحضور فيجوز -19
لمحقق الجهة اإلدارية أن ينتقل لسماع شهادته .
734
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
املطلب الثانى
الحقيقة وثبوت وجه الحق فيما ينسب إلى العامل من اتهام ومآخذ ،تحقيقاً مستكمالً
كافة األركان وشرائطه وضماناته ،ويكون لإلدارة مكنة الفصل على وجه شرعى وقانونى
فى االتهام المنسوب للعامل سواء بالبراءة أو اإلدانة ،وألجل ذلك فإن أى قرار أو حكم
بالجزاء يصدر بالمخالفة لضمانات التحقيق – مستنداً لغير تحقيق أو استناداً لتحقيق
ناقص وغير مستكمل األركان – يضحى غير مشروع ألن التحقيق ال يكون مستكمالً
أركانه من حيث محله وغايته إال إذا تناول الواقعة محل االتهام بالتحقيق بدقائق تفاصيلها
وحقيقة كنهها ،بحيث البد وأن تحدد عناصر الواقعة بوضوح ويقين من حيث األفعال
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 2013/2/9الطعن رقم 19341لسنة 56قضائية .عليا.
735
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
والزمان والمكان واألشخاص وأدلة الثبوت وتحقيق أوجه دفاع المتهم ،فإذا قصر التحقيق
عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة ،والتى
تدور وجوداً وعدماً حول توفر أدلة وقوعها ونسبتها للعامل المحال ،فإن قرار الجزاء
الذى يستند لهذا التحقيق يكون معيباً فاسداً ال يصلح البناء عليه ،الفتقاده لضمانة
()1
. تحقيق أوجه دفاع المتهم ودفوعه وسماع شهود إثبات ونفى الواقعة "
ونتناول وسائل اإلثبات فى التحقيق التأديبى ،وتقييم أدلة اإلثبات تباعاً فيما يلى :
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 2021/5/22الطعن رقم 96845لسنة 64قضائية عليا
،الدائرة الرابعة غير منشور .
736
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
لتحديد ما إذا كان الطبيب الذى أجرى الكشف على المريض قد أرتكب خطأ ام ال ،وذلك
لتحديد المسئولية الطبية من عدمه .
-3الكتابة -:وهى المستندات وباقى األوراق التى تتعلق بالمخالفة التأديبية وهذه
المستندات تشمل -:
أ -األوراق الرسمية وهى التى يحررها موظف عام بسبب وظيفته وهى تعتبر حجه بما
ورد بها واليجوز إهدار ما جاء بها إال بالطعن عليها بالتزوير .
ب -األوراق العرفية .
ج -الوسائل والبرقيات – الدفاتر .......الخ .
-4الشهادة -:و هى شهادة الشهود .ويراعى فيها مايلى :
-الشهود قد يكونوا شهود إثبات ،و قد يكونوا شهود نفى ،فان وجد شهود لإلثبات تعين
تمكين المخالف أن يقدم شهود لنفى االتهام إن وجدوا .
-يتعين مواجهه المخالف بأقوال الشاهد .
-يجب أن تدون فى المحضر شهادة الشهود فيطلب من كل شاهد أن يبين اسمه
ولقبه وسنه ومهنته وسكنه وعالقته بالمتهم.
-يجب أن تؤدى الشهادة دون إكراه الشاهد مادياً أو أدبياً.
-يجب على المحقق أن يترك الشاهد يدلى بمعلوماته وال يقاطعه إال إذا تبين له عدم
اتصال ما يقوله بموضوع التحقيق.
-بعد إدالء الشاهد بمعلوماته يقوم المحقق بمناقشته فيما أدلى به من أقوال ليتبين له
ما يكون قد شابها من غموض أو تناقض أو تعارض بينها وبين أقوال من تقدموه أو
بينها وبين ما هو ثابت باألوراق.
-للمحقق مواجهة الشاهد بشاهد آخر أو بالمتهم في حالة تضارب أو اختالف األقوال.
737
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
-تدون أقوال الشاهد في المحضر بغير كشط والتحشير وال يعتمد أى تصحيح أو
شطب إال إذا صدق عليه المحقق والكاتب إن وجد والشاهد.
-على المحقق أال يحيط شاهداً علماً بما قاله شاهد آخر إال بعد أن يدلى بأقواله.
-يجب على المحقق أال يق أر على الشاهد أقواله األولى أو يحيطه علماً بها إال إذا
اقتضت ظروف التحقيق ذلك.
-ال يجوز للمحقق سؤال الشاهد بناء على معلومات شخصية غير ثابتة في التحقيق.
-على المحقق أن يحول بقدر اإلمكان دون اتصال المتهم بالشهود أثناء التحقيق وذلك
ضماناً لحسن سير التحقيق وعدم التأثير فيهم.
-تسمع أقوال الشهود فى كل ما يتصل بالتحقيق دفعة واحدة بقدر اإلمكان حتى ال
يتكرر استدعاؤهم.
-ال يسوغ للمحقق أن يبدي للشهود تشككه فيما يدلون به من أقوال أو أن يأتى بإشارات
أو مالحظات تؤثر في نفوسهم وتمنعهم من اإلدالء بأقوالهم التي كانوا يزمعون اإلدالء
بها.
-عند االنتهاء من سماع الشهادة يتلو المحقق أقوال الشاهد ويجعله يوقع على أقواله
فإن رفض ،ذكر ذلك فى المحضر مع بيان األسباب.
-5القرائن -:والقرينة دليل من أدلة اإلثبات الجنائى والتأديبى قوامها افتراض تحقق
أمر معين من تحقق أمر آخر ،أى استنتاج غير مباشر لواقعة مجهولة من واقعة
معلومة استنتاجاً ضرورياً ،والبد أن يكون هذا المستنتج هو الفرض الوحيد الذى يمكن
للواقعة المعلومة أن تفرزه دون غيره من االستنتاجات أو االحتماالت أو التأويالت وذلك
بحكم اللزوم العقلى ،وترتيبا على ذلك فإن القرينة تكون ذات داللة قطعية ال ظنية،
738
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
فيصح أن تبنى عليها أحكام اإلدانة التى ال تبنى إال على الجزم واليقين دون الظن
والتخمين .
-6اإلعتراف -:اإلعتراف هو اإلقرار بارتكاب الذنب المسند فى قرار االتهام ،ومن
المسلمات القانونية أن االعتراف هو سيد األدلة باعتباره إق ار اًر صريحاً من الموظف العام
بارتكاب الذنب التأديبى بصورة واضحة ال تحتمل التأويل فى ارتكابه الذنب التأديبى
محل اإلقرار .
واإلعتراف الذى ال يعول عليه هو ذلك الذى يثبت أن موقعه قد حرره فى حالة تفقده
إرادته واختياره أو تعطل قدرته على الفهم والتقدير واالختيار ،كأن يصدر اإلعتراف
منه تحت ضغط إكراه يفقد اإلرادة وحرية االختيار .
واالعتراف سواء فى المسائل التأديبية أو الجنائية من عناصر االستدالل ،فتملك جهة
التحقيق األخذ باعتراف المتهم ،سواء فى حق نفسه أو غيره من المتهمين فى أية مرحلة
من مراحل التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك ،وكذا البحث فى صحة ما يدعيه فى اعترافه،
وتجزئته واألخذ بما تطمئن إليه متى تحققت أن هذا االعتراف سليم مما يشوبه ،واطمأنت
إلى مطابقته للحقيقة والواقع .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :متى اعترف المتهم (المحال)
بصحة االتهام المنسوب إليه فى محضر ضبط الواقعة فإنه ال يجدى بعد ذلك أنه ينفى
االتهام فى التحقيق اإلدارى ...هذا االنكار ليس إال من قبيل دفع االتهام عن نفسه
. ()1
دون ما دليل ،ويشترط لصحة هذا االعتراف صدوره دون ضغط أو إك اره "
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1988/5/7الطعن رقم 3312لسنة 29ق .
739
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
وقد درجت أحكام القضاء على أنه ال يجوز األخذ فى ثبوت المخالفة بأقوال متهم على
.
آخر
غير إن ما اشتهر من األخذ باعتراف متهم على آخر باعتبار أنه ال يصح فى حد
ذاته أن يكون دليالً عليه ليس بقاعدة قانونية واجبة اإلتباع على إطالقها ألن حجية
هذه األقوال مسألة تقديرية بحتة متروكة لرأى قاضى الموضوع وحده فله أن يأخذ بهذه
()1
. األقوال ضد متهم آخر إذا اعتقد صدقه ،وله أن يستبعده إذا لم يثق فى صحته "
وشروط صحة االعتراف هى :
أ -األهلية اإلجرائية للمعترف وتقوم على عنصرين:
-أن يكون هذا الشخص متهماً بارتكاب الجريمة أو المخالفة التى يعترف بها.
-أن يتوافر لديه اإلدراك والتمييز وقت اإلدالء بهذا االعتراف .
ب -اإلرادة الحرة :وتقتضي استبعاد كل وسائل التأثير المختلفة لحمل الموظف المتهم
على االعتراف مثل اإلكراه ،خداع المخالف ،الوعد.
ج -الصراحة والوضوح .
حجية االعتراف :تتمتع الجهة المختصة بالتأديب بسلطة تقديرية في تقدير قيمة
االعتراف ومن ثم األخذ به أو طرحه ،وهي ليست ملزمة فى حال اعتراف المتهم
بالتهمة المنسوبة إليه باستصدار قرار اإلدانة ،وإنما ينبغى عليها التحقق من توافر
شروط صحته.
( )1حكم محكمة النقض ،جلسة ، 1974/10/13مجموعة أحكام النقض ،س ، 25رقم ، 145
ص .674
740
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
-7جمع االستدالالت -:ويقصد بذلك جمع معلومات عن المخالفة والمخالف ولكنها
ال ترقى إلى درجة الدليل بل البد أن تؤيد بقرائن أخرى .
-8التفتيش :إن كان له مبرر و هنا يكون التفتيش لدوالب و درج المخالف في مقر
العمل .
-9االستجواب -:وهو استجواب المتهم فيما هو منسوب إليه .
-10اإلقرار -:وهو إقرار المخالف بارتكاب المخالفة .
-11حجية األمر المقضى به -:وهى أن األحكام النهائية الصادرة من القضاء تعتبر
عنوان الحقيقية ،وال يجوز مخالفة ما جاء بها .ومثال ذلك أنه إذا أدين المخالف جنائيا
فى جريمة تزوير ،فان واقعة التزوير تكون ثابتة فى حقه عند التحقيق معه لتحديد
مسؤليته التأديبية .
741
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
تحديا فى العديد من التحقيقات -خاص ًة إذا اختلف الشهود أو
ً فيتمثل الجزء األكثر
تناقضوا مع بعضهم البعض -فى اكتشاف ما حدث بالفعل.
هناك بعض األساليب التى أثبتت جدواها لتقرير أين تكمن الحقيقة وهى األساليب التى
جميعا فى حياتنا اليومية للوصول إلى جوهر األشياء.
ً نستخدمها
سترغب فى التفكير ،على سبيل المثال ،من هو صاحب القصة األكثر منطقية ،ومن
دافعا لخداعك .وفى بعض المواقف ،قد
إقناعا ،ومن لديه (إن وجد) ً
ً كان سلوكه أكثر
تضطر فقط إلى رفع يديك واالعتراف بأنه ليس لديك معلومات كافية لتقرير ما حدث
بالفعل.
وإذا تعارض دليل البراءة مع دليل اإلدانة -وجوب ترجيع دليل البراءة ألن األصل فى
()1
. اإلنسان البراءة
ذلك أن األحكام تأديبية أو جنائية يجب أن تقوم على القطع واليقين وليس على الشك
والتخمين واالحتمال وإذا تطرق االحتمال إلى الدليل سقط به االستدالل .
وفى هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا أنه " :أدلة اإلدانة – يجب أن تكون
. ()2
قطعية ويقينية – الدليل إذا تطرق إليه الشك تعين طرحه "
كما قضت أنه " :األحكام التأديبية – يجب أن تبنى على القطع واليقين – العلى
الظن والتخمين – ويجب أن يقدم دليل صحيح من األوراق يثبت ارتكاب العامل المخالفة
المنسوبة إليه – ال يصح ألحد أن يصطنع دليال ًً لنفسه – وال يجوز إقامة الحكم بناء
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1997/7/26الطعن رقم 2167لسنة 43قضائية .عليا.
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1997/5/10الطعنين رقمى 5706 ، 5678لسنة
42ق.
742
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
عليه ما لم يتأيد بأدلة وقرائن أحوال أخرى تثبت مسئولية العامل عن المخالفة المنسوبة
()1
. إليه"
كما قضت بأن " :األصل فى اإلنسان البراءة – ال يجوز للمحكمة أن تستند إلى إدعاء
لم يتم تمحيص مدى صحته فى إسناد االتهام إلى المتهم – أساس ذلك :أن تقرير
اإلدانة يجب أن يبنى على القطع واليقين وهو ما ال يكفى فى شأنه مجرد ادعاء لم
يسانده أو يؤازره ما يدعيه ويرفعه إلى مستوى الحقيقة المستفاده من الواقع النطق بقيامها
()2
. المفصح عن تحققها"
( )1حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1997/1/4الطعن رقم 1284لسنة 41ق .
ويراجع أيضاً الطعون أرقام 355 ، 348 ، 345 ، 69لسنة 42ق ،جلسة 1997/2/15؛ والطعن
رقم 2500لسنة 42ق ،جلسة 1997/7/5؛ والطعن رقم 41لسنة 38ق ،جلسة .1997/5/10
( )2حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة ، 1997/7/5الطعن رقم 1747لسنة 40ق .
743
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
اخلامتة :
بعون هللا ،وتوفيقه وصلنا إلى ختام بحثنا ،والذى تناول موضوع أصول وفنون إدارة
جلسات التحقيق اإلدارى الداخلى فى الجهة اإلدارية ،وقد قمنا بتقسيم هذا البحث إلى
ثالثة مباحث تناولنا فى المبحث األول مهارات وسلطات المحقق اإلدارى إلدارة الجلسة
التحقيقية والذى قسمناه إللى مطلبين تناولنا مهارات وصفات المحقق اإلدارى الالزمة
إلدارة الجلسة التحقيقية فى مطلب أول ،ثم تناولنا سلطات المحقق اإلدارى أثناء مباشرة
التحقيق فى مطلب ثان .
ثم انتقلنا إلى المبحث الثانى وتناولنا الضمانات اإلجرائية والموضوعية للموظف أثناء
جلسات التحقيق ،وتناولنا الضمانات اإلجرائية للموظف فى التحقيق فى مطلب أول ،
ثم تناولنا الضمانات الموضوعية للموظف أثناء التحقيق فى مطلب ثان .
ثم انتقلنا إلى المبحث الثالث وتناولنا فن إدارة جلسات التحقيق اإلدارى والتحرى عن
المخالفات التأديبية ،وتناولنا لفن إدارة جلسات التحقيق فى مطلب أول ،ثم تناولنا
وسائل البحث والتحرى عن المخالفات اإلدارية فى التحقيق اإلدارى فى مطلب ثان .
وقد رأينا من خالل هذا البحث أن الهدف من التحقيق هو استجالء الحقيقة فيما يتعلق
بصحة الوقائع ونسبتها إلى فاعلها وال يتحقق هذا الهدف إال بالفحص الموضوعى
والتقصى المحايد للحقائق وأركان التحقيق ال تستكمل إال بتناول الواقعة محل االتهام
وتحديد عناصرها بوضوح ويقين كما أن التقصير فى استيفاء عناصرها من شأنه تجهيل
الواقعة وعدم التيقن من نسبتها إلى المتهم مما يجعل التحقيق الذى يجرى مشوبا بأى
من تلك العيوب ال تصلح أساس لقرار الجزاء .
744
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
وأوضحنا أن ضمانات التأديب تهدف إلى إظهار الحقيقة وحماية المصلحة العامة ،
وذلك فضالً عن مراعاة انسانية الموظف العام وتحقيق العدالة ،فأساسها العام هو
مراعاة قواعد العدالة واإلنصاف ،وتأتى ضمانة الدفاع على رأس كافة الضمانات
باعتبارها النواة التى تتشكل وتتفرع منها الضمانات األخرى والى ال يمكن كفالتها دون
كفالة حق الدفاع .
ويالحظ أن المشرع والقضاء اإلدارى قد أسهما بدور بالغ األهمية فى محاولة عدم
استخدام التأديب كوسيلة لتهديد الموظف العام أو لمحاولة ارهابه من جانب رؤسائه أو
من جانب سلطات التأديب ،بقدر محاولتهما استعمال التأديب لحماية الوظيفة العامة
ذاتها ،ولذلك كفل المشرع والقضاء اإلدارى للموظف العام ضمانات تأديبية عديدة فى
جميع مراحل المساءلة التأديبية وذلك لمحاولة جعل التأديب يقتصر على وسيلته وهدفه
العقابى للموظف المخطىء حقيقة وكذلك لتحقيق استم اررية المرفق العام بانتظام
واضطراد ،عن طريق معاقبة المخطىء الفعلى الحقيقى ،وحماية الموظف العام فى
آن .
وقد الحظنا أن الجزاء اإلدارى ال يستهدف االنتقام أو القصاص ،وإنما يستهدف بالدرجة
األولى تقويم ما اعوج من سلوك المخالف وجعله صالحاً على وجه الدوام لتقلد الوظيفة
التى يشغلها ،وبذلك تتحقق الموازنة بين مبدأ مكافأة الملتزم المجد ومبدأ معاقبة المخالف
المتكاسل ،وغايته النهائية تنحصر فى محاسبة الموظف عن أخطائه ،لذلك فهو يناله
فى أوضاعه الوظيفية دون سواها .
فلئن كان بيد السلطة المختصة بتوقيع الجزاء مالءمة تقديره ومالءمة مناسبته لما وقر
فى يقينها من ثبوت المخالفة فى جانب الموظف المخالف ،بيد أن هذا التقدير ليس
745
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
بمطلق وإنما يجد حده فى أال يأتى الجزاء مشوباً بالغلو تهويالً أو تهويناً ،فالجزاء األوفى
هو الجزاء العادل الذى به يرتدع المخالف ويقر فى وجدانه بعدالة مجازاته.
وانتهينا إلى أنه يتعين االهتمام بإعداد كوادر من المحققين اإلداريين التى تمتلك
قدرات فنية عالية فى إجراء التحقيقات اإلدارية ،وتدريبهم على كيفية مواجهة الموظف
المخالف بالتهم المنسوبة إليه فى إطار من المواءمة بين الضمانات التى تكفل الحيدة
لصالح الحقيقة ،وحماية حق الدفاع للموظف العام .
وتبرز أهمية استعانة السلطات المختصة بالتقنيات الحديثة فى الكشف عن جرائم الفساد
المالى واإلدارى سواء أثناء اإلعداد والتحضير والشروع فى ارتكابها ،أو ضبطها حال
وقوعها ،أو بعد ارتكابها ،وذلك سواء من خالل المراقبات الهاتفية أو التسجيالت
الصوتية أو الصوتية والمرئية فى إطار من الشرعية القانونية.
تم بحمد هللا ،وتوفيقه ،وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين
746
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
قائمة املراجع
أوالً -:المراجع باللغة العربية
القرآن الكريم
الدستور المصرى
(أ) المؤلفات العامة :
د .سليمان محمد الطماوى ،القضاء اإلدارى ( الكتاب الثالث – قضاء التأديب ) ،القسم
األول ،دراسة مقارنة ،دار الفكر العربى .1987 ،
د .محمود أبو السعود ،القضاء اإلدارى " قضاء التأديب " ،اإليمان للطباعة ،بدون
تاريخ نشر ،ص . 226
د .محمود صالح العادلى ،النظرية العامة لحقوق الدفاع أمام القضاء الجنائى ،دار
الفكر الجامعى طبعة . 2005
د .محمود محمود مصطفى ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية ،
طبعة .1988
د .مجدى حبشى ،ضمانات المتهم فى ظل قانون اإلجراءات الجنائية الفرنسى الجديد
،دار النهضة العربية . 2001 ،
(ب) المؤلفات المتخصصة :
د .أحمد فتحى سرور ،الحماية الدستورية للحقوق والحريات العامة ،دار الشروق ،
طبعة . 1999
د .السيد محمد إبراهيم ،شرح نظام العاملين المدنيين بالدولة ،دار المعارف ،طبعة
. 1966
747
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
د .أنور أحمد رسالن ،التحقيق اإلدارى والمسئولية التأديبية . 2003 ،
د .ثروت عبدالعال أحمد ،إجراءات المساءلة التأديبية وضمانتها ألعضاء هيئة
الدريس بالجامعات ،أسيوط ،دار النشر والتوزيع ،طبعة .1965
د .حسن صادق المرصفاوى ،المرصفاوى فى المحقق الجنائى ،الطبعة الثانية ،
منشأة المعارف .1990 ،
د .حمدى أمين عبدالهادى :إدارة شئون موظفى الدولة أصولها وأساليبها ،طبعة
.1982
د .رمضان محمد بطيخ ،المسئولية التأديبية لعمال الحكومة والقطاع العام وقطاع
وقضاء ،دار النهضة العربية ،طبعة . 1999
ً األعمال فقهاً
د .سامى الطوخى ،اإلتجاهات العالمية فى التحقيقات اإلدارية (دراسة مقارنة ) ،
أكاديمية السادات للعلوم اإلدارية . 2014 ،
د .سعد الشيتوى ،التحقيق اإلدارى فى نطاق الوظيفة العامة ،األسكندرية ،دار الفكر
الجامعى . 2013 ،
د .سعد نواف العنزى ،الضمانات اإلجرائية فى التأديب ( دراسة مقارنة ) ،دار
المطبوعات الجامعية ،األسكندرية . 2007 ،
د .سمير عبدهللا سعد ،التحقيق اإلدارى ( مبادىء التأديب – الوثائق ) ،منشأة المعارف
باألسكندرية . 2014 ،
د .عبدالحميد الشواربى ،اإلثبات الجنائى ،منشأة المعارف .1988 ،
د .عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة :إجراءات تأديب الموظف العام ،المركز القومى
لإلصدارات القانونية ،طبعة 2008؛ الموسوعة اإلدارية الشاملة فى إلغاء القرار
748
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
اإلدارى وتأديب الموظف العام ،الجزء الثالث ،دار محمود للنشر والتوزيع ،طبعة
، 2008ص . 106
د .عبدالفتاح بيومى حجازى :أصول التحقيق اإلبتدائى أمام النيابة اإلدارية ،المركز
القومى لإلصدارات القانونية ،طبعة 2011؛ أصول التحقيق اإلبتدائى أمام النيابة
اإلدارية ،دراسة متعمقة فى التأديب ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،بدون
تاريخ نشر .
د .عبدالفتاح حسن ،التأديب فى الوظيفة العامة ،دار النهضة العربية . 1964 ،
د .عالء محمد الصاوى سالم ،حق المتهم فى محاكمة عادلة ،دار النهضة العربية ،
. 2001
د .ماهر عبدالهادى ،الشرعية اإلجرائية فى التأديب ،الطبعة الثانية .1986 ،
د .مجدى مدحت ابراهيم النهرى ،قواعد وإجراءات تأديب الموظف العام ،دار النهضة
العربية . 1997 ،
د .محمد باهى أبو يونس ،الرقابة القضائية على شرعية الجزاءات اإلدارية ،دار
الجامعة الجديدة .2001 ،
أ .محمد رشوان أحمد ،أ .إبراهيم عباس منصور ،اإلجراءات التأديبية للعاملين
المدنيين بالحكومة والقطاع العام ،مطبعة الرسالة ،طبعة ، 1969ص 62وما بعدها
.
د .محمد عصفور ،التأديب والعقاب ،القضاء اإلدارى ،طبعة . 1979
د .محمد فتوح محمد عثمان ،التحقيق اإلدارى ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،
بدون تاريخ نشر.
749
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
اللواء دكتور /محمد ماجد ياقوت ،شرح القانون التأديبى للوظيفة العامة ،دار الجامعة
الجديدة ،طبعة . 2009
المستشار الدكتور /محمد ماهر أبو العينين ،قضاء التأديب فى الوظيفة العامة والدفوع
التأديبية ،دار المجد للطباعة ،الطبعة الخامسة عشر ،طبعة .2012/2011
أ .محمود صالح ،شرح قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ،األسكندرية ،منشأة
المعارف ،طبعة ، 1997الطبعة الثانية .
اللواء /محمود عبدالرحيم وآخرون ،التحقيق الجنائى العملى والفنى والتطبيقى ،كلية
الشرطة ،الطبعة الثالثة ، 1963 ،دار الطباعة القومية.
د .مدحت رمضان ،تدعيم قرينة البراءة فى مرحلة جمع االستدالالت ،دار النهضة
العربية . 2001 ،
د .مليكة الصروخ ،سلطة التأديب فى الوظيفة العامة بين اإلدارة والقضاء ،دراسة
مقارنة ،مطبعة الجبالوى ،طبعة .1983
المستشار /ممدوح طنطاوى ،األدلة التأديبية ،مطبعة االنتصار ،الطبعة األولى ،
. 2000
د .نبيل عبدالمنعم جاد ،أسس التحقيق الجنائى العملى ،مطبعة كلية الشرطة .1992 ،
(ج) رسائل الدكتوراه :
د .أمانى عمر حلمى فهمى ،النيابة اإلدارية ودورها فى مباشرة اإلجراءات التأديبية ،
رسالة دكتوراه ،حقوق عين شمس . 2006 ،
د .ثروة محمود عوض محجوب ،التحقيق اإلدارى ودور النيابة اإلدارية فيه ،رسالة
دكتوراه ،كلية الحقوق جامعة عين شمس .1994 ،
750
ل ف نحقلت
– 8أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية
إ ل ج ل إ
د .عبدالفتاح عبدالحليم عبدالبر ،الضمانات التأديبية فى الوظيفة العامة ،رسالة دكتوراه
،كلية الحقوق جامعة القاهرة . 1978 ،
د .عمرو فؤاد بركات ،السلطة التأديبية (دراسة مقارنة ) ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق
جامعة عين شمس . 1979 ،
د .محمد جودت الملط ،المسئولية التأديبية للموظف العام ،رسالة دكتوراه ،كلية
الحقوق جامعة القاهرة . 1967 ،
المستشار الدكتور /مغاورى محمد شاهين ،المساءلة التأديبية ،عالم الكتب ،طبعة
. 1974
د .يسرى لبيب حبيب ،نظرية الخطأ التأديبى ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة
القاهرة . 1990 ،
د .يوسف إسماعيل محمد إسماعيل ،الحماية القانونية للموظف العام فى مرحلتى
التحقيق والمحاكمة ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق جامعة عين شمس . 2018 ،
(ه) األبحاث والمقاالت :
د .عادل الطبطائى ،واجب التحفظ فى سلوكه العام ،مجلة الحقوق ،جامعة الكويت
،السنة العاشرة ،العدد الرابع ،ديسمبر. 1986
د .عادل عبدالعزيز السن ،ورشة عمل التحقيق اإلدارى والمحاكمة التأديبية ،التحقيق
اإلدارى ( كيفية التحقيق – ضماناته – التصرف فيه ) ،الشارقة – دولة اإلمارات
العربية المتحدة 5 -3مايو . 2011
د .عبد الفتاح حسن :السلطة المختصة بتأديب العاملين المدنيين فى التشريع المقارن
والتشريع المصرى ،بحث منشور بمجلة العلوم اإلدارية ،العدد ( ، )1السنة السابعة،
.1965
751
مجلة روح ألقوأيين -ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو 2021
د .نعيم عطية ،موانع الترقية ،بحث منشور بمجلة إدارة قضايا الحكومة ،س ، 15
عدد 3سبتمبر عام . 1971
أ .محمود خذرى ،الحصانة البرلمانية مفاهيم وممارسات ،مجلة الوسيط ،الجزائر ،
العدد رقم ، 9عام . 2012
752
ل ف نحقلت
– أصول وفنون أدأرة جل سات أ ق ألدأرى أ دأ ى ى أ جهة ألدأرية8
إ ل ج ل إ
المراجع باللغة الفرنسية-: ثانيا
( I ) OUVRAGES GÉNÉRAUX
-Guy Braibant, Pierre Delvolvé, Bruno Genevois, Marceau Long,
Prosper Weil ; Les grands arrêts de la jurisprudence
administrative, Dalloz , 2003.
-Jean-Marie Auby et Robert Ducos Ader: droit administrative ,
Dalloz, 1977.
-Peiser, Droit administrative. Paris. 1971.
-Robert (j.) , Les sanction administrative, 1990.
(II) OUVRAGES SPÉCIAUX
-E. Aubin . Droit de la function publique. Paris. Gualino. 2001.
-JEAN- MARIE AUBY, Droit de la function publique edition ,
Dalloze , 1991.
-Lachaume (J.F), la function publique , Dalloz, 1998 .
-Robert Catherine, le fonctionnaire Française, 1973.
-Planty (alain) , traite pratique de la function publique , 2ed,
1963.
-Serge salon, Délinquance et repression disciplinaire dans la
function publique, 1969.
753
2021 ألعدد أ لجام س وألت سعون – أصدأر يولنو- مجلة روح ألقوأيين
-STEPAN.La protection des droit de la defense des accuses et
con- damnes dans la procedure penale Tchecoslovaque. Rev.
Inter, dr.penal, 1966 .
(III) THÈSES
-ISAAC.G, La procedure administrative non conrentieuse, Thèse,
1966 .
(IV) ARTICLES
-Genevois (B) un statut constitutionnel pout les eetrangers.
R.F.D.A 1993.
(V) NOTES, OBSERVATIONS ET CONCLUSIONS
-C . E, 20 Juin 1913 Tery, Rec. p. 736, concl. Comeille .
-C . E . 5 Mai 1944, Dame trompier- Gravier, Rec. p. 133.,
R.D.P. 1944, concl. Chenot, not Jèze, p. 256 et s.
754