You are on page 1of 664

‫امىىنكة األردًية امُاشىية‬

‫الههلكة األردىية الٍاشهية‬


‫امِطٌية‬ ‫رقه اإليداع مدى دائرة امىكتبة‬
‫رقم اإليداع لدى دائرة الهكتبة الَطيية‬
‫‪))2222‬‬
‫‪4242//86//4337‬‬
‫‪2684‬‬ ‫( (‬
‫‪224.224‬‬
‫‪27377‬‬
‫الهؤتهر األكاديهي (‪ :2222 :6‬القدس)‬
‫وٌصِري‪ ،‬عبد امجنيل وِسّ‪.‬‬
‫وقائع الهؤتهر األكاديهي السادس‪ :‬الهصارف اإلسالنية بيو الَاقعع والهمنَ‪//‬الٍيةعة اإلسعالنية‬
‫القدس‪7‬امدتتِاَد يلىتترق عنتتّ امواعتتدة امٌوِيتتةش ًوتتد يتِايتتٍ مدت_تِاَد ا رتدتتار‪/‬‬
‫العلياعريايتتاش‬
‫اختتت ر‬
‫وٌصِري‪.‬والتَزيع ‪72222‬‬ ‫وِسّ‬
‫الجيان لليشر‬ ‫عبد امجنيل‬
‫عهان‪ :‬دار‬
‫(‪ )653‬ص‪7‬‬
‫امرياحيي منٌدر يامتِزيع ‪.4242‬‬ ‫عىانش دار‬
‫ر‪ 7‬إ‪72222/8/4337 :7‬‬
‫‪//‬‬ ‫‪//‬‬ ‫‪//‬‬
‫اتقتصادية‪//‬التهَي‪///‬الهؤسسعات الهالية‪//‬اتقتصعاد‬ ‫الَاصفات‪/ :‬البيعَ اإلسعالنية‪//‬التيهية‬‫( ) ص‪.‬‬
‫اإلسالني‪.4242/67‬‬
‫ر‪ .‬إ‪.‬ش ‪/2684‬‬
‫الهصعيف ععو ر ي‬
‫امِصفية‪//‬امنغة اامعربية‪.‬‬
‫نصيفً وت يعبّعر ٌع‬ ‫القاىَىية عو نحتَى‬
‫امنغة‪//‬امنساًياش‬ ‫امدِاَدكان‪ /‬الهسؤولية‬
‫امٌوِية‪//‬قِاعد‬ ‫يتحه‪//‬الهؤلف‬
‫امِاصفاشش‬
‫دائرة الهكتبة الَطيية و ي جٍة حكَنية خرى‪7‬‬
‫يتوىل امىؤمف كاول امىسؤيمية امواًًِية عي ووتِى وصٌفٍ ي يعبّتر َت ا امىصتٌف عتي رلي‬
‫الطبعةلخرى‪.‬‬
‫األوىل‪4111 :‬هـ ـ ‪0200‬م‬ ‫دائرة امىكتبة امِطٌية لي لي اُة حكِوية‬
‫ردمك‪978-9923-35-148-2 :‬‬
‫الطبعة األوىل‪4113 :‬هـ ـ ‪0204‬م‬

‫ردمك‪978-9923-762-76-9 :‬‬
‫بتمويل‪:‬‬

‫َّ‬
‫هيئة التحرير‬
‫د‪ .‬أيمن الزرو‬ ‫أ‌‪ .‬عزيز محمود العصا ِّ‬
‫«مقر ًرا»‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عروة عكرمة صبري‬ ‫المحامي حمزة عزّت قطينة‬
‫د‪ .‬محمد سليم مصطفى محمد علي‬ ‫د‪ .‬محمد حنيني‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬موسى جميل الدويك‬
‫‪1444‬هـ‪2022-‬م‬
‫احملتويات‬

‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬

‫‪11‬‬ ‫برنامج المؤتمر‬

‫‪17‬‬ ‫كلمة رئيس المؤتمر‬

‫‪19‬‬ ‫كلمة هيئة التَّحرير‬

‫‪23‬‬ ‫احملور ّ‬
‫األول‪:‬‬
‫املصارف اإلسالمية‪ :‬النظرية والتطبيق ودور الرقابة الشرعية عليها‬

‫‪27‬‬ ‫مقارنة بين األنظمة االقتصادية اإلس�لامية واالشتراكية د‪ .‬أيمن الزرو‬


‫والرأسمالية‬
‫‪45‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬عروة صبري‬ ‫نشأة البنوك اإلسالمية وصيغ االستثمار‬

‫‪67‬‬ ‫خصوصية الرقابة الش��رعية على البنوك التش��اركية د‪ .‬فاطمة آيت‬


‫بالمغرب‬
‫‪97‬‬ ‫الرقابة الش��رعية في المص��ارف اإلس�لامية األردنية أ‪ .‬روان القضاة‬
‫والمشكالت التي تواجهها‬
‫‪123‬‬ ‫د‪ .‬محمد الصليبي‬ ‫المصارف اإلسالمية من حيث النظرية والتطبيق‬

‫‪151‬‬ ‫الرقابة الش��رعية في المصارف اإلسالمية الفلسطينية‪ :‬طارق إسماعيل السيد أحمد‬
‫مالمح الواقع ورؤية استشرافية للتطوير المهني‬
‫‪195‬‬ ‫احملور الثاني‪:‬‬
‫الدور االجتماعي للمصارف اإلسالمية (مناذج إبداعية)‬
‫‪249‬‬ ‫الدور االجتماعي للمصارف اإلسالمية البنك اإلسالمي د‪ .‬عماد الس��عدي ود‪ .‬أيمن‬
‫جويلس‬ ‫الفلسطيني أنموذ ًجا‬

‫(‪)5‬‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬

‫‪277‬‬ ‫د‪ .‬قتيبة العاني‬ ‫دور المصارف اإلسالمية في الشمول المالي‬

‫‪311‬‬ ‫االلتزام االجتماعي للمصارف اإلسالمية في ظل جائحة د‪ .‬نبيلة فارس عالونة‬


‫كورونا ـ «بنك صفوة اإلسالمي أنموذ ًجا»‬
‫‪348‬‬ ‫الصي��غ التمويلي��ة للبنوك اإلس�لامية ومس��اهمتها في د‪ .‬ليلى عيساوي‬
‫إحداث التنمية الشاملة‬
‫‪357‬‬ ‫احملور الثالث‪:‬‬
‫صيغ التمويل واالستثمار يف املصارف اإلسالمية‬

‫‪361‬‬ ‫دور المصارف اإلسالمية العراقية في تمويل المشاريع أ‪ .‬د‪ .‬أس��امة العاني وأ‪ .‬سارة‬
‫محمد عبيد فجر‬ ‫الصغيرة‬
‫‪422‬‬ ‫تفعي��ل دور التموي��ل اإلس�لامي ف��ي القط��اع البنكي د‪ .‬سيد علي بارد‬
‫الجزائري ـ دراسة حالة البنك الوطني الجزائري ـ‬
‫‪449‬‬ ‫التمويل بالسلم في المؤسسات المالية اإلسالمية وأثره أ‪ .‬أحمد محمد علي الجبالي‬
‫على التنمية االقتصادية‬
‫‪471‬‬ ‫الهندس��ة المالية اإلس�لامية ودورها ف��ي تطوير صيغ د‪ .‬أسيد فطاير‬
‫االستثمار والتمويل في المصارف اإلسالمية‬
‫‪499‬‬ ‫صيغ��ة التمويل بالمرابحة ودورها ف��ي تطوير الصيرفة ط‪ .‬د‪ .‬رفيقة باشا ود‪ .‬عمامرة‬
‫اإلسالمية ـ من وجهة متعاملي ـ بنك البركة الجزائري ـ ياسمينة‬
‫‪533‬‬ ‫احملور الرابع‪:‬‬
‫املصارف اإلسالمية‪ :‬التحديات والعقبات (جتارب حقيقية)‬

‫‪537‬‬ ‫د‪ .‬أنس زاهر المصري‬ ‫المؤسسات المساندة لعمل المصارف اإلسالمية‬

‫‪561‬‬ ‫د‪ .‬محمد صويلح‬ ‫المصارف اإلسالمية ـ التحديات والعقبات‬

‫‪577‬‬ ‫د‪ .‬وجدان عبد اهلل الس��ودي‬ ‫البلوكشين في إدارة مخاطر البنوك اإلسالمية‬
‫وأ‪ .‬أماني خليل حمدان‬

‫(‪)6‬‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬

‫‪605‬‬ ‫تقييم دور المصارف اإلس�لامية في تمويل المش��اريع د‪ .‬محمد حنيني‬


‫الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوس��طة (‪ )MSMEs‬في‬
‫فلسطين‬
‫‪651‬‬ ‫اخلتامي َّ‬
‫والتوصيات‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫البيان‬

‫‪655‬‬ ‫ملحق الصور‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪)7‬‬
‫‪‬‬
‫اهليئة اإلسالمية العليا بالقدس‬
‫باتلعاون من منصة االقتصاد اإلساليم‬
‫ّ‬
‫األكادميي السادس‬ ‫برنامج املؤمتر‬
‫«املصارف اإلسالمية‪ :‬بني الواقع واملأمول»‬
‫‪https://us02web.zoom.us/j/9994438888?pwd=SFNmQUIv‬‬
‫‪T0tRaHlDaVYrN3l5bzJVQT09 Meeting ID:999 443 8888‬‬
‫‪Passcode: 1‬‬

‫السبت‪ 15 ،‬ربيع اآلخر ‪1443‬ﻫ‪،‬‬


‫وفق ‪ 20‬تشرين الثاني (نوفمرب) ‪2021‬م‬
‫القدس‪ ،‬كفر عقب‪ ،‬قاعة جراند باالس‬
‫برنامج املؤمتر‬
‫االستقبال والتسجيل‬ ‫‪ 9:00‬ـ ‪9:30‬‬

‫العريف‪ :‬المربية أ‪ .‬سوسن الصفدي‬ ‫االفتتاح‪:‬‬ ‫‪ 9:30‬ـ ‪9:50‬‬

‫تالوة عطرة من القرآن الكريم‪ ،‬وقراءة الفاتحة ثم السالم الوطني‬

‫كلمة رئيس المؤتمر (رئيس الهيئة اإلسالمية العليا ـ بيت سماحة الشيخ د‪ .‬عكرمة سعيد صبري‬
‫المقدس)‬
‫مدير الجلسة‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬موسى الدويك‬ ‫الجلسة األولى‪:‬‬ ‫‪ 9:50‬ـ ‪10:50‬‬
‫المص��ارف اإلس�لامية‪ :‬النظرية‬
‫والتطبيق ودور الرقابة الشرعية عليها‬
‫مقارنة بين األنظمة االقتصادية اإلس�لامية واالش��تراكية د‪ .‬أيم��ن الزرو يقدمها الباحث وجاهيًّا‬
‫والرأسمالية‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عروة صبري يقدمها الباحث وجاهيًّا‬ ‫نشأة البنوك اإلسالمية وصيغ االستثمار‬

‫خصوصية الرقابة الش��رعية على البنوك التش��اركية د‪ .‬فاطم��ة آي��ت عب��ر تقنية ال��زووم من‬
‫المغرب‬ ‫بالمغرب‬
‫الرقابة الش��رعية في المصارف اإلس�لامية األردنية أ‪ .‬روان القض��اة عب��ر تقنية ال��زووم من‬
‫األردن‬ ‫والمشكالت التي تواجهها‬
‫د‪ .‬محمد الصليبي يقدمها الباحث وجاهيًّا‬ ‫المصارف اإلسالمية من حيث النظرية والتطبيق‬

‫الرقابة الش��رعية في المصارف اإلس�لامية الفلس��طينية‪ :‬طارق إس��ماعيل يقدمها الباحث وجاهيًّا‬
‫السيد أحمد‬ ‫مالمح الواقع ورؤية استشرافية للتطوير المهني‬
‫مدير الجلسة‪ :‬د‪ .‬محمد سليم محمد علي‬ ‫الجلسة الثانية‪:‬‬ ‫‪ 10:50‬ـ ‪11:50‬‬
‫الدور االجتماعي للمصارف‬
‫اإلسالمية (نماذج إبداعية)‬

‫( ‪) 11‬‬
‫الدور االجتماعي للمصارف اإلسالمية البنك اإلسالمي د‪ .‬عماد السعدي تُقدَّم وجاهيًّا‬
‫ود‪ .‬أيمن جويلس‬ ‫الفلسطيني أنموذ ًجا‬
‫د‪ .‬قتيب��ة العان��ي عب��ر تقنية ال��زووم من‬ ‫دور المصارف اإلسالمية في الشمول المالي‬
‫العراق‬
‫االلتزام االجتماعي للمصارف اإلسالمية في ظل جائحة د‪ .‬نبيل��ة ف��ارس عب��ر تقنية ال��زووم من‬
‫األردن‬ ‫عالونة‬ ‫كورونا «بنك صفوة اإلسالمي أنموذ ًجا»‬
‫الصي��غ التمويلي��ة للبن��وك اإلس�لامية ومس��اهمتها في د‪ .‬ليلى عيساوي عب��ر تقنية ال��زووم من‬
‫الجزائر‬ ‫إحداث التنمية الشاملة‬
‫استراحة صالة‬ ‫‪ 11:50‬ـ ‪12:20‬‬

‫مدير الجلسة‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عروة صبري‬ ‫الجلسة الثالثة‪:‬‬ ‫‪ 12:20‬ـ ‪1:20‬‬
‫صيغ التمويل واالسـتـثمار في‬
‫الـمـصـارف اإلسالمية‬
‫دور المصارف اإلسالمية العراقية في تمويل المشاريع أ‪ .‬د‪ .‬أس��امة العاني عب��ر تقنية ال��زووم من‬
‫وأ‪ .‬س��ارة محم��د العراق‬ ‫الصغيرة‬
‫عبيد فجر‬
‫عب��ر تقنية ال��زووم من‬ ‫تفعي��ل دور التموي��ل اإلس�لامي ف��ي القط��اع البنكي د‪ .‬سيد علي بارد‬
‫الجزائر‬ ‫الجزائري ـ دراسة حالة البنك الوطني الجزائري ـ‬
‫التمويل بالسلم في المؤسسات المالية اإلسالمية وأثره أ‪ .‬أحمد محمد علي عب��ر تقنية ال��زووم من‬
‫ماليزيا‬ ‫الجبالي‬ ‫على التنمية االقتصادية‬
‫يقدمها الباحث وجاهيًّا‬ ‫الهندس��ة المالي��ة اإلس�لامية ودورها ف��ي تطوي��ر د‪ .‬أسيد فطاير‬
‫صيغ االستثمار والتمويل في المصارف اإلسالمية‬
‫صيغة التموي��ل بالمرابحة ودورها ف��ي تطوير الصيرفة ط‪ .‬د‪ .‬رفيق��ة باش��ا عب��ر تقنية ال��زووم من‬
‫اإلسالمية ـ من وجهة متعاملي ـ بنك البركة الجزائري ـ ود‪ .‬عمامرة ياسمينة الجزائر‬
‫مدير الجلسة‪ :‬د‪ .‬محمد حنيني‬ ‫الجلسة الرابعة‪:‬‬ ‫‪ 1:20‬ـ ‪2:20‬‬
‫التحديات والعقبات (تجارب‬
‫حقيقية)‬

‫( ‪) 12‬‬
‫د‪ .‬أنـ��س زاهـ��ر يقدمها الباحث وجاهيًّا‬ ‫المؤسسات المساندة لعمل المصارف اإلسالمية‬
‫المصري‬
‫عب��ر تقنية ال��زووم من‬ ‫د‪ .‬محمد صويلح‬ ‫المصارف اإلسالمية ـ التحديات والعقبات‬
‫ماليزيا‬
‫د‪ .‬وج��دان عبد اهلل عب��ر تقنية ال��زووم من‬ ‫البلوكشين في إدارة مخاطر البنوك اإلسالمية‬
‫الس��ودي وأ‪ .‬اماني األردن‬
‫خليل حمدان‬
‫يقدمها الباحث وجاهيًّا‬ ‫تقييم دور المصارف اإلس�لامية في تمويل المش��اريع د‪ .‬محمد حنيني‬
‫الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوس��طة (‪ )MSMEs‬في‬
‫فلسطين‬
‫سماحة الشيخ د‪ .‬عكرمة صبري رئيس المؤتمر‬ ‫البيان الختامي والتوصيات‬ ‫‪ 2:20‬ـ ‪2:40‬‬

‫صالة العصر وغداء‪ ...‬وإلى مؤتمر قادم إن شاء اهلل‪.‬‬ ‫‪ 2:40‬ـ ‪3:30‬‬

‫ّ‬
‫خيصص للك باحث عرش دقائق‪.‬‬

‫اللجنة اتلحضريية‪:‬‬
‫«مقر ًرا»‪ ،‬ود‪ .‬أيمن الزرو (جامعة بير زيت)‪،‬‬
‫أ‪ .‬عزيز العصا (الهيئة اإلسالمية العليا بالقدس) ّ‬
‫والمحامي أ‪ .‬حمزة قطينة (الهيئة اإلسالمية العليا بالقدس)‪ ،‬وأ‪ .‬د‪ .‬عروة صبري (جامعة‬
‫القدس)‪ ،‬ود‪ .‬محمد سليم محمد علي (هيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس)‪ ،‬ود‪ .‬محمد‬
‫حنيني (جامعة بير زيت) وأ‪ .‬د‪ .‬موسى الدويك (جامعة القدس)‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 13‬‬
‫‪‬‬
‫االفتتاح»‬ ‫ُ‬
‫«كلمة‬
‫ِ‬
‫بقلم‬
‫َّ‬
‫الشيخ الدكتور عكرمة سعيد صربي‬
‫إمام املسجد األقصى املبارك وخطيبه‬
‫َّ‬
‫اإلسالمية العليا ـ القدس‬ ‫رئيس اهليئة‬
‫يف‬
‫الس ُ‬
‫ادس‬ ‫األكادميي َّ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫«املؤمتر‬
‫َّ‬
‫اإلسالمية العليا ـ القدس»‬ ‫للهيئة‬
‫ِ‬
‫بعنوان‪:‬‬
‫«املصارف اإلسالمية‪ :‬بني الواقع واملأمول»‬
‫يوم السبت بتاريخ ‪ 15‬ربيع األول (األنور)‬
‫‪1443‬ﻫ‪ 20/‬تشرين الثاني (نوفمرب) ‪2021‬م‬
‫بيت املقدس‬
‫مقدمة الكتاب‬ ‫ّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫جيم‬
‫يطان الر ِ‬
‫ِ‬ ‫الش‬ ‫من‬ ‫العليم‬
‫ِ‬ ‫ميع‬
‫ِ‬ ‫الس‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫با‬ ‫أعوذ‬
‫‪‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا وحبيبنا محمد النبي األمي األمين‪،‬‬
‫وعلى آله الطاهرين المبجلين‪ ،‬وصحابته الغر الميامين المحجلين‪ ،‬ومن تبعهم وجاهد جهادهم‬
‫إلى يوم الدين؛‬

‫أيها الباحثون الكرام‪ ،‬أيها األخوة الكرام‪ ،‬أيتها األخوات الكريمات‬

‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‬

‫ها نحن‪ ،‬بحمد اهلل ورعايته وتوفيقه‪ ،‬تقيم الهيئة اإلسالمية العليا بالقدس مؤتمرها‬
‫األكاديمي السادس والذي هو بعنوان (المصارف اإلسالمية‪ :‬الواقع والمأمول)‪.‬‬

‫وال يخفى أن المصارف هي تجربة قديمة حديثة لبيان صالحية اإلس�لام في كل زمان‬
‫وم��كان‪ ،‬رغم العقبات الصعبة التي واجهتها ه��ذه المصارف‪ ،‬وال توال المحاذير تالحقها؛‬
‫ألن مجتمعنا االقتصادي بش��كل عام أس��ير للنظام الرأس��مالي‪ ،‬ومع ذل��ك فإن المصارف‬
‫اإلس�لامية اس��تطاعت اختراق النظام الرأس��مالي؛ لتثب��ت قدرتها على تأدي��ة واجبها تجاه‬
‫المس��لمين الحريصين على التمسك بأحكام الشريعة اإلس�لامية واالبتعاد عن المعامالت‬
‫غير المشروعة‪.‬‬

‫وقد أحسنت المصارف اإلسالمية أن عينت لجنة الرقابة الشرعية من أساتذة الجامعات‬
‫المتخصصين في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وأن هذا المؤتمر يضم عشرين بحثًا تناولت المصارف‬
‫اإلس�لامية من جميع جوانبه��ا وأبعادها‪ ،‬وقدمها أربعة وعش��رون باحثًا؛ فمن األبحاث من‬
‫اشترك باحثان فيها‪ ،‬ولهم الشكر على جهودهم التي بذلوها في التحضير‪.‬‬

‫( ‪) 17‬‬
‫وأشكر اللجنة التحضيرية التي أشرفت على إعداد المؤتمر‪ ،‬ومراجعة األبحاث‪.‬‬

‫كما أشكر كلاً من البنك اإلسالمي الفلسطيني‪ ،‬والبنك اإلسالمي العربي؛ لمساهمتهما‬
‫في تغطية نفقات المؤتمر‪ ،‬وأشكر رجل األعمال زياد العمري من الناصرة لمساهمته ً‬
‫أيضا‪.‬‬

‫وأشكر الحاج يحيى الساليمة صاحب هذه القاعة؛ لتعاونه معنا‪ ،‬وبشكل مستمر في‬
‫جميع الفعاليات‪.‬‬

‫آخرا أشكركم أيها الحضور الكرام لحسن إصغائكم‪.‬‬


‫وأخيرا وليس ً‬
‫ً‬
‫وإلى جلسات المؤتمر فأهلاً وسهلاً بكم‪ ،‬والسالم عليكم‪.‬‬

‫أخوكم‬
‫الشيخ الدكتور عكرمة سعيد صربي‬
‫رئيس اهليئة اإلسالمية العليا بالقدس‬
‫ّ‬
‫األكادييم السادس‬ ‫رئيس املؤتمر‬
‫‪ 15‬ربيع األول (األنور) ‪1443‬ﻫ‪ 20/‬ترشين اثلاين (نوفمرب) ‪2021‬م‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 18‬‬
‫حرير‬ ‫الت‬ ‫ُ‬
‫كلمة هيئة ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل شجرة عالية االرتفاع تأتي من بذرة أو غرسة‪ ،‬قد تم رعايتها واالعتناء بها وإرواؤها‬
‫بالم��اء العذب الرق��راق‪ ،‬وهكذا‪ ،‬كان مؤتمرنا‪ ،‬الذي انطلق «ب��ذرة ـ فكرة» من خالل ندوة‬
‫افتراضي��ة عبر تقنية الزووم‪ ،‬في ش��وال ‪1441‬هـ‪/‬حزيران (يوني��و) ‪2020‬م‪ ،‬عقدتها الهيئة‬
‫اإلس�لامية العليا بالقدس‪ ،‬بالتعاون مع نادي الموظفين بالقدس‪ ،‬تحدث فيها مجموعة من‬
‫الت َو ُحلو ٌل‪ :‬ال َمصا ِرفُ اإل ِْسالميّةُ‬ ‫�لامي ـ مُ ْش ِ‬
‫��ك ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫علماء فلس��طين‪ ،‬بعنوان‪« :‬االقتصادُ اإل ِْس‬
‫أُنْموذ ًجا»‪ ،‬افتتحها ورعاها سماحة أمين المنبر ورئيس الهيئة اإلسالمية العليا بالقدس الشيخ‬
‫د‪ .‬عكرم��ة صبري‪ ،‬ضمن اس��تراتيجية اتبعتها الهيئة والنادي في مواجه��ة جائحة الكورونا‬
‫بالثقاف��ة والتثقيف والتوعية في جميع المجاالت التي تهم المجتمع المقدس��ي‪ ،‬والمجتمع‬
‫الفلسطيني على وجه العموم‪.‬‬

‫ولمزيد م��ن التعمق في موضوع المصارف اإلس�لامية‪ ،‬ومعالجة همومها وقضاياها‪،‬‬


‫أبرق سماحة الش��يخ عكرمة إلى العالِم العراقي الجليل «أ‪ .‬د‪ .‬أسامة العاني» المشرف على‬
‫منصة االقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬وبعد ستة أش��هر (في جمادى األولى ‪1442‬هـ‪ /‬كانون األول‬
‫(ديسمبر) ‪2020‬م) عقدت الهيئة ندوة أخرى بعنوان‪« :‬المصارف اإلسالمية‪ :‬أهميتها ودورها‬
‫في االقتصاد المجتمعي»‪ ،‬بالتعاون مع منصة االقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬شارك فيها مجموعة من‬
‫المختصين من فلسطين والعراق‪.‬‬

‫تبيّن في هاتين الندوتين مدى الحاجة إلى عقد مؤتمر «دولي»‪ ،‬أعلنت عنه الهيئة‬
‫بالتعاون مع منصة االقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬فانعقد المؤتمر األكاديمي السادس للهيئة‪ ،‬بعنوان‪:‬‬
‫«المصارف اإلس�لامية‪ :‬بي��ن الواقع والمأمول»‪ ،‬ش��ارك فيه ثلّة من علم��اء األمة وباحثيها‪،‬‬
‫من مختلف األقطار‪ ،‬تغطية ماليّة كريمة من البنك اإلس�لامي العربي‪ ،‬والبنك اإلس�لامي‬
‫الفلسطيني‪ ،‬وإسهام من عضو الهيئة اإلسالمية العليا بالقدس الدكتور عبد الرحيم الحنبلي‪.‬‬
‫( ‪) 19‬‬
‫واستمر هذان البنكان اإلسالميان في الدعم واإلسناد‪ ،‬وصولاً إلى تغطية طباعة هذا الكتاب‪،‬‬
‫لجعله مصد ًرا‪ ،‬أو مرجعًا مه ًّما استش��عرنا ض��رورة توفيره بين يدي الباحثين والباحثات في‬
‫الجامعات‪ ،‬على امتداد الوطن العربي‪.‬‬
‫قامت هيئة التَّحرير بتوزيع أوراق المؤتمر على أربعة محاو َر‪:‬‬
‫ْ‬ ‫لقد‬
‫المحور األ ّول بعنوان «المصارف اإلس�لامية‪ :‬النظرية والتطبيق ودور الرقابة الش��رعية‬
‫يتطرق إلى خمس��ة عناوين تعالج المس��ؤولية المجتمعية للمصارف اإلس�لامية‪،‬‬
‫عليها»؛ َّ‬
‫ونش��أة تلك المصارف وطرق اس��تثمارها‪ ،‬واس��تع َْرضَ الباحثون‪ ،‬في هذا ال ِم ْ‬
‫ح َو ِر‪ ،‬بش��ئ‬
‫من اإلسهاب‪ ،‬موضوع الرقابة الش��رعية على المصارف اإلسالمية‪ ،‬من مختلف الجوانب‪،‬‬
‫بخاصة في فلسطين‪ ،‬واألردن والمغرب‪.‬‬
‫أ ّما في المحور الثاني‪ ،‬فقد تم اس��تعراض نماذج إبداعية للدور االجتماعي للمصارف‬
‫اإلسالمية في كل من‪ :‬فلسطين‪ ،‬والعراق‪ ،‬واألردن والجزائر والمغرب‪ ،‬وقد غطت األوراق‬
‫مسؤولية هذه المصارف في االقتصاد األخضر‪ ،‬والدور االجتماعي لها‪ ،‬ودورها في الشمول‬
‫المالي‪ ،‬وإس��هامها في إحداث التنمية الش��املة‪ ،‬كما تم تناول دور المصارف اإلسالمية في‬
‫ظل جائحة الكورونا‪.‬‬
‫تن��اول المحور الثالث‪ ،‬صيغ التمويل واالس��تثمار في المصارف اإلس�لامية‪ ،‬فقد تم‬
‫اس��تعراض دور المصارف اإلسالمية العراقية في تمويل المش��اريع الصغيرة‪ ،‬وفي الجزائر‬
‫اس��تُعرض تفعيل دور التمويل اإلس�لامي في القط��اع البنكي الجزائ��ري‪ ،‬وصيغة التمويل‬
‫بالمرابح��ة ودورها في تطوير الصيرفة اإلس�لامية‪ ،‬كما تم تناول موضوع الهندس��ة المالية‬
‫اإلس�لامية ودورها في تطوير صيغ االستثمار والتمويل في المصارف اإلسالمية‪ ،‬والتمويل‬
‫بالسلم في المؤسسات المالية اإلسالمية وأثره على التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫وفي المحور الرابع‪ ،‬تم اس��تعراض تجارب حقيقي��ة تتعلق بالتحديات والعقبات التي‬
‫تواجه المصارف اإلس�لامية‪ ،‬ال س��يما في فلس��طين‪ ،‬واألردن والجزائر‪ ،‬بخاصة دور تقنية‬
‫البلوكشين في إدارة مخاطر البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫( ‪) 20‬‬
‫ٍ‬
‫بتوصيات‪ ،‬تم اس��تقاؤها مما ورد في أوراق الباحثين‪ ،‬وما جاء من آراء‬ ‫الكتاب‬
‫ُ‬ ‫ويَنتهي‬
‫ومقترحات عملية خالل النقاشات والمداخالت في جلسات المؤتمر‪ ،‬بِما ينسج ُم واألهدافَ‬
‫المؤتمر‪ ،‬والقاضية بتوفير إضاءات كافية على القضايا المل ّحة‬
‫ُ‬ ‫االستراتيجيَّة الّتي ُع ِق َد من أج ِلها‬
‫التي تمكن العلماء والباحثين من تبادل الرأي حولها‪.‬‬

‫أ‪ .‬عزيز حممود العصا‬


‫حرير‬‫مقر ُر هيئ ِة اتلَّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 21‬‬
‫احملور ّ‬
‫األول‬
‫املصارف اإلسالمية‪ :‬النظرية والتطبيق‬
‫ودور الرقابة الشرعية عليها‬
‫احملور ّ‬
‫األول‬
‫املصارف اإلسالمية‪ :‬النظرية والتطبيق‬
‫ودور الرقابة الشرعية عليها‬
‫َ َُ َ ُ‬
‫ويِشمل األوراق اآلتية‪:‬‬
‫مقارنة بين األنظمة االقتصادية اإلسالمية واالشتراكية‬
‫د‪ .‬أيمن الزرو‬
‫والرأسمالية‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عروة صبري‬ ‫نشأة البنوك اإلسالمية وصيغ االستثمار‬
‫خصوصي��ة الرقابة الش��رعية على البنوك التش��اركية‬
‫د‪ .‬فاطمة آيت‬
‫بالمغرب‬
‫الرقابة الش��رعية ف��ي المصارف اإلس�لامية األردنية‬
‫أ‪ .‬روان القضاة‬
‫والمشكالت التي تواجهها‬
‫د‪ .‬محمد الصليبي‬ ‫المصارف اإلسالمية من حيث النظرية والتطبيق‬
‫الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية الفلسطينية‪:‬‬
‫طارق إسماعيل السيد أحمد‬
‫مالمح الواقع ورؤية استشرافية للتطوير المهني‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 25‬‬
‫‪‬‬
‫مقارنة بني األنظمة‬
‫االقتصادية اإلسالمية‬
‫واالشرتاكية والرأمسالية‬

‫د‪ .‬أمين الزرو‬


‫أستاذ مساعد‪ ،‬لكية احلقوق واإلدارة العامة‬
‫جامعة بريزيت‬
‫األنظمة االقتصادية‬
‫النظام االقتصادي اإلسالمي‬
‫االقتصاد اإلس�لامي قديم قدم أصول الدين والفقه؛ ألن مص��ادره من القرآن الكريم‪،‬‬
‫والس��نة المطهرة‪ ،‬ومن اجتهادات الفقهاء بما ال يتع��ارض معهم‪ ،‬ويقف النظام االقتصادي‬
‫في اإلس�لام موق ًفا وس ًطا بين النظامين المتطرفين الرأس��مالي واالشتراكي في عالقة الفرد‬
‫بالجماعة‪ ،‬فحرية الفرد االقتصادية‪ ،‬وتد ّخل الدولة للصالح العام أصالن من أصول االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ال يطغى أحدهما على اآلخر كقاعدة أو استثناء(((‪.‬‬

‫وانطالقًا من أن أي نظام اقتصادي ال بد من قيامه على عقيدة فلسفية تحدد على أساسها‬
‫أهدافه العامة‪ ،‬ومبادئه األساسية‪ ،‬وإن الحكم بصالحية النظام إنما تعرف من دراسة االنساق‬
‫الداخلي له‪ ،‬والتوافق الخارجي مع ضوابط الجوانب األخرى للحياة من اجتماعية وسياسية‬
‫ونفس��ية‪ ،‬ومن حي��ث ما يتضمنه من ق��درة على تحس��ين األوضاع االقتصادي��ة كذلك علم‬
‫االقتصاد اإلسالمي ال بد وأن يضم هذه الجوانب المختلفة إضافة إلى مبادئ النظام والتحليل‬
‫االقتص��ادي للمتغي��رات االقتصادي��ة المختلفة في واقع م��ادي تحكمه الفلس��فة والمبادئ‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬كذلك يجب التفريق بين االقتصاد اإلس�لامي الذي يدرس الس��لوك اإلنس��اني‬
‫االقتصادي‪ ،‬وبين فقه المعامالت الذي يتعلق باألوضاع القانونية لشرعية التعامل(((‪.‬‬

‫فيما يتعلق بتركيب السوق االقتصادي اإلسالمي فهو يوصف «نظام الحرية التعاونية»‪،‬‬
‫فدراسة تركيب السوق اإلسالمي ستتم من خالل‪:‬‬

‫((( العتيقي‪ ،‬عبد الرحمن س��الم‪ ،‬االقتصاد اإلسالمي نموذج للتوازن بين حرية الفرد االقتصادية وتدخل‬
‫الدولة للصالح العام‪ ،‬مجلة االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية‪ ،‬العدد ‪1978 ،2‬م‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫((( قح��ف‪ ،‬محمد منذر‪ ،‬االقتصاد اإلس�لامي ـ دراس��ة تحليلي��ة للفعالية االقتصادية ف��ي مجتمع يتبنى‬
‫النظام االقتصادي اإلس�لامي‪ ،‬مجلة أبحاث االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬العدد ‪ ،1‬جامعة الملك عبد العزيز‪،‬‬
‫‪1983‬م‪ ،‬ص‪.64‬‬

‫( ‪) 29‬‬
‫ـ الحرية االقتصادية‪ :‬فالحرية االقتصادية تقوم على مبدأين؛ أولهما‪ :‬المسؤولية الفردية‬
‫في اإلس�لام وارتباطها بالحرية الشخصية‪ ،‬وثانيهما‪ :‬بعض الوقائع االقتصادية في المجتمع‬
‫اإلسالمي عبر التاريخ‪ ،‬ونصل إلى أن االقتصاد اإلسالمي اقتصاد حر‪.‬‬
‫ـ التعاون‪ :‬فالحرية االقتصادية تمارس في إطار تعاوني بين أفراد األمة‪ ،‬وليس في إطار‬
‫المنافسة كما هو الحال في الرأسمالية‪.‬‬
‫ـ دور الحكومة في الس��وق اإلس�لامية‪ :‬أن للدولة دو ًرا هامًا في التخطيط واإلش��راف‬
‫على كل من اإلنتاج وتوزيع القوى البش��رية بين األنش��طة االقتصادي��ة‪ ،‬وتوزيع الدخل في‬
‫المجتمع‪ ،‬والقيام ببعض المش��روعات العامة في مجاالت محددة‪ ،‬ودورها تجاه متطلبات‬
‫معيش��ة األفراد والتأمين االجتماعي لهم‪ ،‬فضلاً عن الرقابة واإلش��راف على السوق‪ ،‬وعلى‬
‫النشاط االقتصادي بصفة عامة‪.‬‬
‫ـ قوانين التعامل االقتصادي‪ :‬هناك أحكامًا إس�لامية يلتزم بها األفراد‪ ،‬وتراقب الدولة‬
‫اتباع الوحدات االقتصادية لها في مختلف األنشطة‪ ،‬مثل‪ :‬التأكيد على المساواة بين األفراد‬
‫في الحقوق والكرامة‪ ،‬والتكافؤ بين الحقوق والواجبات‪ ،‬والتأكيد على العمل‪ ،‬ونبذ البطالة‪،‬‬
‫واإلتقان واإلحسان‪ ،‬وااللتزام بالعقود‪.‬‬
‫إن التفاعل في المقومات األربعة الس��ابقة هو الس��ير آللية الس��وق‪ ،‬وأن األسعار تنشأ‬
‫من هذه اآللية‪ ،‬وتكون هي األس��عار العادلة التي يطلق عليها «س��عر المثل»؛ حتى ال تختلط‬
‫بنظرية الس��عر العادل التي برزت في القرون الوسطى في أوروبا‪ ،‬وأن آلية السوق اإلسالمية‬
‫ال تتطل��ب أن يكون حجم الوحدات االقتصادي��ة متناهي الصغر‪ ،‬كما أن القيمة والمنفعة ال‬
‫ينفصالن‪ ،‬فالسلعة االقتصادية تحمل في نفس الوقت قيمة أخالقية في طياتها(((‪.‬‬
‫باإلضاف��ة إلى ذلك يتميز االقتصاد اإلس�لامي بميزات خاص��ة وفريدة‪ ،‬تجعله يختلف‬
‫كبي��را عن النظ��م االقتصادية الوصفي��ة‪ ،‬وخاصة المعاص��رة‪ ،‬منها‪ :‬كالرأس��مالية‪،‬‬
‫ً‬ ‫اختالفً��ا‬
‫واالش��تراكية‪ ،‬والليبرالية؛ فهو إلى جانب األهداف المادية من األنظمة االقتصادية األخرى‪،‬‬

‫((( قحف‪ ،‬محمد منذر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 67‬ـ ‪.68‬‬

‫( ‪) 30‬‬
‫إال أنه أفضلها وأنسبها وأروعها تنظي ًما‪ ،‬وتحقي ًقا للفوائد المألوفة‪ ،‬ومراعاته للجوانب المادية‬
‫كافة‪ ،‬وهو إلى جانب ذلك ال يُفضل الجانب الروحي في الكيان البشري‪ ،‬ويتمثل ذلك في أنه‬
‫يتجه المرء بنشاطه االقتصادي إلى اهلل تعالى ابتغاء مرضاته وخشيته‪ ،‬فهو يعمر الدنيا وينميها؛‬
‫ليكون بحق خليفة اهلل في أرضه‪ ،‬وهو يحل التعاون والتكامل محل الصراع والتناقض‪.‬‬
‫وم��ن هنا فإن االقتصاد اإلس�لامي‪ :‬اقتصاد ش��مولي متكامل‪ ،‬مرتب��ط بجميع نواحي‬
‫الحياة‪ ،‬الدينية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وكل جانب من هذه الجوانب يكمل اآلخر؛ فالنظام‬
‫اإلس�لامي في مجال االقتص��اد يتصل بالعقيدة اإلس�لامية باعتبار أن اهلل ع��ز وجل‪ ،‬مالك‬
‫الملك كله‪ ،‬وله الحكم‪ ،‬وله األمر‪ ،‬واس��تخلف سبحانه اإلنس��ان في األرض‪ ،‬وأمره بإتباع‬
‫سنته وآياته في الكون‪ ،‬وإعطاء الناس حقها وخاصة الفقراء والمساكين‪ ،‬مثل‪ :‬الزكاة الواجبة‬
‫والتي تعتبر من أهم العبادات المالية في اإلسالم‪.‬‬
‫ً‬
‫رافضا مسارعة‬ ‫واإلسالم ربط االقتصاد بالقيم األخالقية‪ ،‬وجعلها من ركائزه األساسية‬
‫النظم األخرى إلى السيطرة على خيرات العالم ونهبها‪ ،‬واستضعاف أهلها‪ ،‬كما أن االقتصاد‬
‫اإلس�لامي يوفر حرية العم��ل‪ ،‬والتملك للف��رد والجماعة معًا‪ ،‬دون طغي��ان أحدهما على‬
‫اآلخر‪ ،‬ويعمل على التوازن بين مصالح الفرد والمجتمع ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫وقد تنبه لهذا كثير من المؤسسات الغربية‪ ،‬التي بدأت تعمل على تطبيقه بدولها وعلى‬
‫أراضيه��ا؛ حيث يجد روا ًجا وقبولاً لدى أفراد المجتمع��ات األخرى التي وجدت في نظام‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬منفعة وفائدة وأمانًا لم تجده في سواه‪.‬‬
‫لذا يحق لالقتصاد اإلس�لامي أن يفخر بمنهجه الفريد في المجال المادي واألخالقي‬
‫واإلنساني‪ ،‬وحري بباقي األنظمة االقتصادية أن تحذو حذوه وتسير في نهجه الذي سيسعد‬
‫البشرية إن اعتمدت سلوكه وطبقت مناهجه(((‪.‬‬
‫النظرية االقتصادية اإلس�لامية‪ :‬يبنى النظام االقتصادي اإلسالمي خالفًا لمنكريه الذين‬
‫ينكرون وجود اقتصاد إس�لامي أصلاً ـ على نظرية تش��كلت من مجموع خصائصه ومبادئه‬

‫((( ناصيف‪ ،‬محمد مصطفى‪ ،‬االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مجلة هدى اإلسالم‪ ،‬العدد ‪2007 ،2‬م‪ ،‬ص‪ 130‬ـ ‪.131‬‬

‫( ‪) 31‬‬
‫ومفاهيمه العامة المس��تنبطة من أدلة الش��ريعة‪ ،‬قرآنًا وس��نة‪ ،‬فضلاً عن اجته��ادات الفقهاء‬
‫تأصي�ًل�اً وتنزيلاً ‪ ،‬ولو ج��از للباحث صياغتها لق��ال‪ :‬نظام اقتصادي ش��امل متفرع من نظام‬
‫إس�لامي كامل‪ ،‬يهدف إلى إش��باع حاجات اإلنس��ان المادية والروحية بواقعية‪ ،‬وفق مبادئ‬
‫مميزة مس��تندة إلى مصادر الشريعة اإلسالمية األصلية والفرعية‪ ،‬لتحقيق المقصود الشرعي‬
‫في تحقيق الفالح في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫خصائص النظام االقتصادي اإلسالمي‪:‬‬

‫للنظام االقتصادي اإلسالمي خصائص ينفرد ويتميز بها عن األنظمة االقتصادية الوضعية‪،‬‬
‫من أهمها‪:‬‬

‫ـ ربانية المصدر‪ ،‬وضعية التطبيق‪ :‬تميّز االقتصاد اإلسالمي في أن مصدر قوانينه‪،‬‬


‫تفرع عنها من‬
‫والمتحكم في تسيير تعامالته الشرعية‪ :‬الكتاب العزيز‪ ،‬والسنة المطهرة‪ ،‬وما ّ‬
‫أدلة واجتهادات منضبطة بمقتضاها‪ ،‬أي‪ :‬أن النظام االقتصادي اإلسالمي جزء من نظام‬
‫ووصلها بالحياة اآلخرة‪ ،‬ومؤدّى‬
‫ّ‬ ‫إسالمي ش��امل ضبط حركة الحياة الدنيا بجميع ش��عبها‪،‬‬
‫ذلك أن السياسة االقتصادية اإلسالمية إلهية من حيث أصولها‪ ،‬ووضعية من حيث تفاصيل‬
‫تطبيقها‪ ،‬فعمل الباحث في االقتصاد اإلس�لامي تطبيقي ال إنش��ائي؛ ألنه ال ينش��ئ حك ًما‪،‬‬
‫وإنما يطهر حكم اهلل في المسألة المطروحة‪.‬‬

‫ـ الجم��ع بين المصلحتين العامة والخاصة‪ :‬أو خاصية التوفيق والموازنة بين المصالح‬
‫المتضاربة؛ إذ ينفرد النظام االقتصادي اإلس�لامي بخاصي��ة متميزة ترتكز على التوفيق‬
‫والمواءمة والموازنة بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع‪ ،‬خاصية الوسطية واالعتدال‬
‫حى بالمصلحة الخاصة‪ ،‬وال‬
‫والمالئمة‪ ،‬وسطية اجتماعية نسبية ال حساسية مطلقة‪ ،‬فال يُض ّ‬
‫تقدّم المصلحة العامة عليها عند تعارضهما وعدم التوفيق بينهما إال في الظروف االستثنائية‪،‬‬
‫كالحروب‪ ،‬والمجاعات‪ ،‬واألوبئة‪.‬‬

‫ـ خاصي��ة المذهب والنظ��ام أو الجمع بين الثبات والمرونة في مج��اراة التط ّور؛ حيث‬

‫( ‪) 32‬‬
‫إن السياس��ة االقتصادية في اإلس�لام سياس��ة إلهية من حيث أصولها‪ ،‬ثابتة على ما ورد في‬
‫القرآن والس��نة‪ ،‬فهي غير قابلة للتغيير مهما تغيّرت أشكال اإلنتاج أو بلغت من تط ّور‪ ،‬وهذا‬
‫ما يُعبر عنه باصطالح «المذهب االقتصادي»‪ ،‬ووضعية من حيث تطبيقها‪ ،‬أي‪ :‬مرنة متطورة‬
‫بما يتالءم وظروف الزم��ان والمكان وطبيعة المجتمعات‪ ،‬وهذه الخاصية أعطت االقتصاد‬
‫اإلسالمي الصالح لكل زمان ومكان‪ ،‬مع إمكانية تعدد صوره التطبيقية‪.‬‬

‫باإلضافة إل��ى خصائص أخرى يتمتع بها‪ ،‬كالجمع بي��ن المصالح المادية والحاجات‬
‫الروحية‪ ،‬والعالمية التي هي شأن الشريعة اإلسالمية التي جاءت عالمية شاملة ثابتة المبادئ‪،‬‬
‫وكذلك االقتصاد اإلسالمي؛ ألنه جزء من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وأحكامه منبثقة من أحكامها‪،‬‬
‫ومصدرها واحد‪ ،‬خالفًا لألنظمة االقتصادية الوضعية التي قد تناس��ب مكانًا معينًا‪ ،‬وتقتصر‬
‫وأش��خاص معينين ف��ي مرحلة زمنية مح��ددة‪ ،‬كذلك من خصائصه‬
‫ٍ‬ ‫في مناس��بتها على بيئة‬
‫الواقعية؛ فاالقتصاد اإلسالمي ينظر إلى الواقع بعملية تفاعلية مع الواقع‪ ،‬ال بمجرد خياالت‬
‫ومثالي��ة غير حقيقية؛ ليتفق بذلك م��ع طبائع الناس وفطرهم الس��ليمة وحاجاتهم‪ ،‬ويراعي‬
‫ظروفهم‪ ،‬فينظر إلى اختالف حالهم في الرزق؛ ليجعل من ذلك س��ببًا للتعاون والتساند في‬
‫طلب العيش‪ ،‬وبناء الحياة‪ ،‬ال سببًا لصراع الطبقات الذي تتحدث عنه الماركسية الشيوعية‪،‬‬
‫وال سببًا ألن يُفعّل كل فرد أنانيته المقيتة‪ ،‬ويستثمرها في تحقيق مصالحه الشخصية الضيقة‪،‬‬
‫ولو على حساب الجماعة(((‪.‬‬

‫النظام االقتصادي الرأمسالي‬


‫النظام الرأس��مالي هو النظام الذي يقوم على الملكية الفردية لعناصر اإلنتاج‪ ،‬والحرية‬
‫االقتصادية لألفراد في إدارة‪ ،‬وتيس��ير‪ ،‬وممارسة النش��اط االقتصادي‪ ،‬والتنافس فيما بينهم‬
‫بهدف تحقيق المكس��ب المادي‪ ،‬ويتمتع النظام الرأس��مالي إلى ه��ذه اللحظة ـ وقت كتابة‬

‫((( مش��وح‪ ،‬محمد ش��ريف كمال محي‪ ،‬نظرية إدارة االقتصاد اإلس�لامي ونظريات االقتصاد الوضعي ـ‬
‫االقتصاد الرأسمالي واالقتصاد االشتراكي نموذ ًجا‪ ،‬مجلة مجمع‪ ،‬العدد ‪ ،21‬جامعة المدينة العالمية‪،‬‬
‫‪2017‬م‪ ،‬ص‪ 36‬ـ ‪.40‬‬

‫( ‪) 33‬‬
‫المقال ـ بقدرته على التجديد واالس��تمرار وقابليته لإلصالح‪ ،‬األمر الذي جعل أغلب دول‬
‫العالم تتوجه نحو االتجاه الرأسمالي‪.‬‬
‫وه��و نظام اقتصادي يتمي��ز بنمط من اإلنتاج يرتكز على تقس��يم المجتم��ع إلى طبقتين‬
‫أساس��يتين‪ :‬طبقة مالكي وس��ائل اإلنتاج (األرض‪ ،‬المواد األولي��ة‪ ،‬اآلالت وأدوات العمل)‬
‫ـ س��واء كانت مكونة من أفراد أو ش��ركات أو مؤسس��ات ـ‪ ،‬الذين يشترون قوة العمل لتشغيل‬
‫مش��روعاتهم‪ ،‬وطبق��ة البروليتاريا (العمال) المجبرة على بيع ق��وة عملها؛ ألن ليس ألفرادها‬
‫وسائل اإلنتاج‪ ،‬وال رأس المال الذي يتيح لهم العمل لحسابهم الخاص‪.‬‬
‫األصول الفكرية لالقتصاد الرأسمالي (النظرية الرأسمالية)‬
‫إن النظرية الرأسمالية تقوم على فكرتين أساسيتين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫ـ أن الحي��اة االقتصادية تس��ير وف ًقا لق��وى طبيعية محددة‪ ،‬وبالتال��ي فالواجب هنا هو‬
‫العم��ل على استكش��اف قوانينها العامة وقواعدها األساس��ية‪ ،‬التي تصلح لتفس��ير مختلف‬
‫الظواهر واألحداث االقتصادية‪.‬‬
‫ـ أن تلك القوانين الطبيعية كفيلة بضمان السعادة البشرية إذا عملت في جو حر‪ ،‬وأتيح‬
‫لجميع األفراد في المجتمع التمتع بالحريات الرأسمالية(((‪.‬‬
‫تعبيرا‬
‫ً‬ ‫المقولة الش��هيرة التي أطلقها «آدم س��ميث»‪« :‬دعه يعمل دعه يمر»‪ ،‬والتي تعبر‬
‫حا عن جوهر فكرة النظام االقتصادي الرأسمالي‪ ،‬ذلك الفكر الذي ينادي بحرية النشاط‬
‫صري ً‬
‫االقتصادي‪ ،‬وترك أمر توجيهه لما يسمى بآلية السوق المتمثلة في قانون العرض والطلب‪.‬‬
‫أما كارل ماركس فإنه التمس سمات الرأسمالية في أسلوب معين لإلنتاج‪ ،‬ولم يشر إلى‬
‫أس��لوب اإلنتاج باعتباره مجرد مس��ألة فنية‪ ،‬ولكنه أش��ار إلى الطريقة التي يملك بها وسائل‬
‫اإلنتاج‪ ،‬والعالقات االجتماعية التي تربط بين الناس من خالل صلتهم بعملية اإلنتاج‪ ،‬وعليه‬

‫((( لحول‪ ،‬فطوم‪ ،‬مناهج وأصول االقتصاد اإلس�لامي ومقارنته باالقتصاد الرأس��مالي‪ ،‬بحوث وأوراق‬
‫المؤتم��ر العلمي الدولي ـ اإلبداع والتميز في االقتصاد والتمويل اإلس�لامي‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية‬
‫والتجارية‪ ،‬جامعة البليدة ‪ 2‬علي لونيسي‪2017 ،‬م‪ ،‬ص‪.551‬‬

‫( ‪) 34‬‬
‫لم تكن الرأسمالية من وجهة نظره نظامًا لإلنتاج من أجل السوق ـ نظام إلنتاج السلعة ـ‪،‬‬
‫ولكنها تش��كل نظا ًما أصبحت قوة العمل في ظله سلعة تشترى وتباع في السوق كأي عنصر‬
‫آخر من عناصر المبادلة‪ ،‬وهذا يش��ترط تركز ملكية وس��ائل اإلنتاج في أيدي طبقة محدودة‬
‫من المجتمع‪ ،‬وظهور طبقة من المعدمين مصدرها الوحيد لكسب عيشها هو بيع قوة العمل‪.‬‬
‫أسس النظام االقتصادي الرأسمالي وخصائصه‪:‬‬
‫لق��د س��ادت في النظام الرأس��مالي النظ��رة العلمية لألم��ور بعيدًا عن النظ��رة الدينية؛‬
‫فالرأس��مالية تنظر إلى اإلنس��ان على أنه كائن مادي‪ ،‬وتتعامل مع��ه بعيدًا عن ميوله الروحية‬
‫واألخالقي��ة‪ ،‬فدعت إل��ى ضرورة الفص��ل بين االقتص��اد واألخالق‪ ،‬والرأس��مالية كنظام‬
‫اقتص��ادي تق��وم على أركان رئيس��ية يتألف منه��ا كيانه الخ��اص الذي يميزه ع��ن األنظمة‬
‫االقتصادية األخرى‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬
‫ـ الملكية الخاصة لوس��ائل اإلنتاج‪ :‬يعطي النظام الرأس��مالي الحرية الكاملة في تملك‬
‫وسائل اإلنتاج على اختالفها‪ ،‬ودون أية حدود تذكر‪ ،‬هذه الملكية الخاصة تخول لصاحبها‬
‫حرية االستعمال واالستغالل والتصرف بالطريقة التي تدر عليه أكبر عائد ممكن؛ فاألساس‬
‫القانون��ي للنظ��ام الرأس��مالي يتمثل في قدس��ية حق الملكي��ة الخاصة‪ ،‬وحري��ة العالقات‬
‫التعاقدية‪ ،‬ويتعين على الدولة حماية هذه القدسية وفرضها‪.‬‬
‫ـ حافز الربح‪ :‬الهدف األساسي والمباشر لمن يتخذ قرار اإلنتاج في النظام االقتصادي‬
‫الرأس��مالي هو تحقيق الربح؛ فالربح هو وقود هذه الحركة التي تدفع للتنمية والتقدم‪ ،‬ولقد‬
‫أدى الس��عي إلى تحقيق هذا الهدف إلى تحول هيكل المش��روعات التنافس��ية إلى الش��كل‬
‫االحتكاري‪ ،‬فلكي يحقق المشروع الحد األقصى من الربح ال بد أن تكون له مزايا احتكارية‬
‫تمكنه من التحكم في اإلنتاج واألس��عار والس��وق‪ ،‬وهذا بالضرورة يؤدي إلى القضاء على‬
‫المشروعات الصغيرة‪ ،‬وإحالل المشروعات الضخمة القادرة على تحقيق وفرات ضخمة‪.‬‬
‫ـ الحرية االقتصادية والمنافسة وجهاز األثمان‪ :‬إن الحرية االقتصادية مظهر من مظاهر‬
‫النظام الرأس��مالي إلى جانب الملكي��ة الخاصة‪ ،‬وحافز الرب��ح‪ ،‬والمقصود بها عدم تدخل‬

‫( ‪) 35‬‬
‫الدول��ة في النش��اط االقتصادي‪ ،‬ووف ًقا لهذا المب��دأ فاألفراد لهم الحري��ة الكاملة في طرق‬
‫اس��تثماراتهم لألموال‪ ،‬وفي إنتاجهم للسلع والخدمات‪ ،‬وفي تحديد الشروط التي يشارون‬
‫عل��ى أساس��ها اآلالت أو الم��واد أو العمل‪ ،‬كم��ا أن مبدأ حري��ة اإلنتاج يقابل��ه مبدأ حرية‬
‫االس��تهالك‪ ،‬بمعنى‪ :‬أن لألفراد الحرية في اختيار نوع الس��لع والتصرف وفي التصرف في‬
‫دخولهم كما يش��اءون‪ ،‬أما مبدأ المنافسة فينبع من قاعدة الحرية‪ ،‬فطالما أن األفراد يتمتعون‬
‫بهذه الحرية في الميدان االقتصادي؛ فإنهم يتنافس��ون فيما بينهم من أجل تحقيق مكاس��ب‬
‫مادية بدافع من المصلحة الذاتية‪ ،‬وهذا النوع من المنافسة يكون قائم على عرض عدد كبير‬
‫من المنتجين لس��لعهم دون قيود أو ش��روط‪ ،‬وطلب عدد كبير من المستهلكين للسلع دون‬
‫قيود‪ ،‬هو األساس األول للسوق الحرة‪.‬‬
‫فالسوق أو جهاز األثمان هو المنظم التلقائي لسلوك األفراد (المنتجين والمستهلكين)‬
‫دون الحاجة إلى تدخل الدولة‪ ،‬وهو األداة التي تحقق التوازن بين العرض والطلب‪.‬‬
‫لقد بنى الرأسماليون الفكر االقتصادي على أساس الملكية الخاصة‪ ،‬والتوازن الطبيعي‬
‫للس��وق؛ اس��تنادًا على مبدأ «دعه يعمل دعه يمر»؛ فالحرية تتضمن المنافس��ة التي هي من‬
‫العوامل الرئيسية التي تساعد على التوازن التلقائي للسوق(((‪.‬‬
‫النظام االقتصادي االشرتاكي‬
‫هو نظام يعتمد على الفلس��فة الماركس��ية في طغيان المصلح��ة العامة على المصلحة‬
‫الفردي��ة‪ ،‬ويجعل م��ن الدولة قوة قابضة بيد فوالذية على كل وس��ائل الحياة االقتصادية في‬
‫المجتمع‪ ،‬ويحاول المساواة في الملكية بين أفراد المجتمع‪ ،‬وقد أدخلت على هذا المذهب‬
‫بعض اإلجراءات عندما انخفض المستوى اإلنتاجي؛ حيث أدخل الحافز الشخصي‪ ،‬وحافز‬
‫الربح وال سيما بعد العقد السادس من هذا القرن الميالدي(((‪.‬‬

‫((( صليحة‪ ،‬جعفر‪ ،‬تحليل فكري الزمات النظام الرأس��مالي‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،49‬جامعة‬
‫محمد خيضر بسكرة‪2017 ،‬م‪ ،‬ص‪ 405‬ـ ‪.407‬‬
‫((( أحم��د‪ ،‬عم��اد‪ ،‬الموازنة بين االقتصاد اإلس�لامي وغيره م��ن النظريات االقتصادي��ة الوضعية‪ ،‬ورقة‬
‫لمؤتمر الملتقى الدولي األول‪ :‬لـ(معهد العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير)‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫( ‪) 36‬‬
‫لقد ساهم التضارب في بعض معالم الرأسمالية والنقص في البعض اآلخر إلى توجيه‬
‫انتقادات كثي��رة لهذا النظام‪ ،‬وقد اعتلى عرش النقاد لهذا النظام االقتصادي «ماركس» وهو‬
‫ما عرف بالنقد الماركس��ي‪ ،‬ويش��ترك «ماركس»‪ ،‬ونظرائه كل من «لينين‪ ،‬وماوتسي تونج»‪،‬‬
‫واليس��ار الجدي��د‪ ،‬في طعن الفرضية الرئيس��ية للفكر الرأس��مالي‪ ،‬الت��ي كان فحواها‪« :‬إن‬
‫الرأس��مالية تستطيع من نفس��ها أو عن طريق التعديل الذي ال يغير السمة األساسية لها حل‬
‫المشكلة االقتصادية الخاصة بتخصيص الموارد‪ ،‬وبطريقة مرضية»‪.‬‬

‫يؤكد «ماركس» وزمالؤه أن الرأسمالية عرضه لتناقض داخلي أساسي ال يمكن عالجه‬
‫عن طريق تعديل النظام‪ ،‬ويعتقد الماركس��يون أن النظام الرأس��مالي س��يذعن بالنهاية لهذه‬
‫التناقضات‪ ،‬وسيحل محله نظام اشتراكي جديد أرفع منه‪.‬‬

‫الرؤية الماركسية واللينينية لالشتراكية‪:‬‬

‫يرى «ماركس» أن مس��اوئ الرأس��مالية تتجلى في الملكية الخاصة‪ ،‬والهيكل الطبقي‬


‫المعتم��د عل��ى الملكية الخاصة‪ ،‬وعدم المس��اواة‪ ،‬وه��ي البذور التي تحملها الرأس��مالية‬
‫في طياتها‪ ،‬وستتس��بب ف��ي اختفائها لتح��ل محلها االش��تراكية‪ ،‬ويخل��ص «ماركس» إلى‬
‫أن الرأس��مالية س��تكون آلة التقدم االقتصادي ونتائجها س��توزع بطريقة أكثر عدالة في ظل‬
‫االشتراكية‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن «ماركس» قد ركز على دور الدولة القوي‪ ،‬وهو ما أردفه‬
‫وع��ززه فيما بعد «ليني��ن»‪ ،‬ليتركز بعد ذلك التحليل على دور الدول��ة‪ ،‬والذي تميّز بأنه غير‬
‫تسلطي‪ ،‬وتوزع الدخل يكون بطريقة أكثر عدالة منها في الرأسمالية‪.‬‬

‫ويتوقع من كل فرد في ظل االشتراكية أن يساهم في النظام قدر استطاعته‪ ،‬وسيوزع الناتج‬


‫على قدر اإلس��هام‪ ،‬وركز «لينين» في معظم كتاباته على أن عدم المس��اواة والميول الرأسمالية‬
‫ستبقى قائمة في ظل االشتراكية‪ ،‬وبناءً عليه ستكون األعمال القيصرية من قبل الدولة ضرورية‪،‬‬
‫كما شجع وجهة نظر غريبة من الدول؛ حيث افترض أن مهمة إدارة الشؤون االقتصادية عملية‬
‫سهلة‪ ،‬وبإمكان الجميع أن يقوم بها‪ ،‬وأنه لم يكن هناك حاجة للمتخصصين؛ ألن مهمة اإلدارة‬
‫اعتبرت عملاً روتينيًا وهو ما القى انتقادات كبيرة من قبل المفكرين االقتصاديين‪.‬‬

‫( ‪) 37‬‬
‫أركان االشتراكية‪:‬‬
‫ـ مح��و الطبقية‪ :‬الذي يض��ع حدًا فاصلاً لِما زخر به تاريخ البش��رية على مر الزمن من‬
‫ألوان الصراع‪ ،‬فإذا أقيمت االش��تراكية‪ ،‬وحولت المجتمع إل��ى طبقة واحدة‪ ،‬زال التناقض‬
‫الطبقي‪ ،‬الذي نتج عن انقس��ام المجتمع إلى مالكين ومعدمين‪ ،‬واختفت كل أنواع الصراع‪،‬‬
‫وساد الوئام والسالم إلى األبد‪.‬‬
‫ـ السلطة الدكتاتورية‪ :‬التي هي ليست ضرورية ألجل تصفية حساب الرأسمالية فحسب‬
‫ـ كما تزعم الماركس��ية ـ إذ تعتبرها ضرورة مؤقتة‪ ،‬تس��تمر حت��ى يقضى على كل خصائص‬
‫الرأسمالية الروحية والفكرية واالجتماعية‪.‬‬
‫ـ التأميم‪ :‬والفكرة العلمية في التأميم تقوم على أس��اس تناقضات القيمة الفائضة‪ ،‬التي‬
‫تكشف عنها الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج‪ ،‬فإن هذه التناقضات تتراكم حتى تصبح تأميم‬
‫كل وسائل اإلنتاج ضرورة تاريخية ال محيد عنها‪.‬‬
‫ـ مبدأ التوزيع القائل‪« :‬من كل حسب طاقته‪ ،‬ولكل حسب عمله»(((‪.‬‬
‫خصائص النظام االقتصادي االشتراكي‪:‬‬
‫ـ الملكية االجتماعية لوسائل اإلنتاج‪.‬‬
‫ـ وجود أجهزة مسؤولة عن وضع وتنظيم العمليات االقتصادية (تخطيط مركزي)‪.‬‬
‫ـ ال توجد منافسة بين المنتجين‪ ،‬وال يهدف لتحقيق الربح‪.‬‬
‫ـ وجود أهداف أساسية تحددها الدولة‪.‬‬
‫ـ ال يوجد تفاوت واسع في مستويات الدخل بين أفراد المجتمع‪.‬‬
‫ـ وجود قاعدة واسعة من البيانات اإلحصائية عن جميع نواحي االقتصاد‪.‬‬
‫ـ نسبة البطالة أقل من النظام الرأسمالي‪.‬‬

‫((( عويسي‪ ،‬أيمن‪ ،‬النظام االقتصادي والثقافة االجتماعية ـ العالقة واإلفرازات ـ‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلسالمي‬
‫العالمية‪ ،‬دار إحياء للنشر الرقمي‪2014 ،‬م‪ ،‬ص‪.91 ،86 ،85 ،84‬‬

‫( ‪) 38‬‬
‫خصائص النظام االقتصادي المختلط (الذي يجمع ما بين النظام االقتصادي الرأسمالي‬
‫واالشتراكي المختلط)‪:‬‬

‫ـ وجود القطاع العام جنبًا إلى جنب مع القطاع الخاص في النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫ـ وجود التخطيط أو التوجيه الحكومي وآلية السوق معًا‪.‬‬

‫ـ تقوم الدولة بمراقبة نشاطات القطاع الخاص‪.‬‬

‫ـ حماية سيادة المستهلك‪.‬‬

‫ـ تأمين الدولة لمصالح العمل والعمال ضد البطالة‪.‬‬

‫ـ الحد من سيطرة االحتكارات(((‪.‬‬

‫املوازنة بني االقتصاد اإلسالمي وبني النظامني الرأمسالي واالشرتاكي‪:‬‬


‫ومما يجعل هذا النظام االقتصادي اإلسالمي متميزًا عن النظامين الرأسمالي واالشتراكي‬
‫اآلتي‪:‬‬

‫ـ ارتباطه بالعقيدة اإلس�لامية‪ :‬فالمسلم في كل تصرفاته ملتزم بأصول الحالل والحرام‬


‫في شريعته‪ ،‬خالفًا للرأسمالية التي تخرج الدين عن المعامالت‪ ،‬واالشتراكية التي ال تؤمن‬
‫بدين وال إله‪.‬‬

‫ـ األخذ بمبدأ الرحمة والتس��امح واليسر‪ :‬إن مبدأ اإلخاء اإلسالمي يوجب على عاملي‬
‫المصرف اإلس�لامي األخذ بيد المس��لم إلنقاذه من عسر‪ ،‬أو ضيق طارئ‪ ،‬أو أزمة ألمت به‪،‬‬
‫ف�لا إرهاق وال إعنات في المطالبة‪ ،‬خالفًا للنظام الرأس��مالي‪ ،‬الذي يتعامل بالربا الفاحش‪،‬‬
‫مما نتج عنه األزمة االقتصادية وخالفًا للنظام االشتراكي‪ ،‬الذي ال يفرق بين العامل الكادح‪،‬‬
‫والعاطل‪.‬‬

‫((( الش��مري‪ ،‬حس��ين‪ ،‬األنظمة االقتصادي��ة وأنواع األنظم��ة االقتصادية ـ محاضرة عام��ة‪ ،‬كلية اإلدارة‬
‫واالقتصاد‪ ،‬جامعة بابل‪2016 ،‬م‪.‬‬

‫( ‪) 39‬‬
‫ـ النزعة االجتماعية اإلنسانية‪ :‬إن هدف المصارف الربوية هو الربح‪ ،‬وتحقيق أكبر ربح‬
‫ممكن‪ ،‬بينما هدف المصارف اإلسالمية هو التعاون‪ ،‬ودرء الضرر‪ ،‬ودفع الحاجة‪ ،‬من طريق‬
‫القروض الحسنة التي ال تأخذ فائدة عليها‪ ،‬وصرف الزكاة إلى األسر الفقيرة‪ ،‬وطلبة العلم‪،‬‬
‫وبناء المس��اجد‪ ،‬ودعم الجمعي��ات الخيرية التي تعنى برعاية الفقراء طعا ًما وغذاء وكس��اء‬
‫ومأوى وعال ًجا‪ ،‬خالفًا للنظامين االشتراكي والرأسمالي‪.‬‬

‫ـ المس��اواة بين طرف��ي التعامل‪ ،‬والوضوح في العمل‪ ،‬والثقة في االس��تثمار‪ :‬ال تعرف‬
‫المصارف الربوية هذه المبادئ‪ ،‬وإنما المهم تشغيل األموال بمعرفة إدارة المصرف‪ ،‬وإعادة‬
‫اإلق��راض إل��ى غير المودعين بس��عر فائدة أعلى من س��عر فائدة الودائ��ع‪ ،‬بينما المصارف‬
‫اإلس�لامية ال غموض فيه��ا‪ ،‬وكل أعمالها واضحة‪ ،‬ويهمها توفير ثق��ة المتعاملين مع إدارة‬
‫المصرف‪ ،‬وال تعتمد على اإلقراض بالفائدة‪.‬‬

‫ـ الملكي��ة ف��ي االقتصاد اإلس�لامي‪ :‬فهو ال يتفق م��ن االقتصاد الرأس��مالي في اعتبار‬
‫الملكية الخاصة هي األصل أو القاعدة‪ ،‬والملكية العامة هي االس��تثناء‪ ،‬وال يتفق كذلك مع‬
‫االقتصاد االش��تراكي في النظر إلى الملكية العامة على أنها األس��اس أو القاعدة‪ ،‬والملكية‬
‫الخاصة هي االس��تثناء‪ ،‬ولكن يأخذ بكال النوعين من الملكية في وقت واحد كأصل وليس‬
‫كاستثناء(((‪.‬‬

‫نظريات اقتصادية‪:‬‬
‫نظرية االستهالك‪:‬‬

‫من وجهة نظر سلوك المستهلك في واقع اجتماعي إسالمي‪:‬‬

‫في البداية تطرقت النظرية للعقالنية (الرش��د) اإلس�لامية للسلوك االقتصادي؛ فالبعد‬
‫الزمني لس��لوك المس��تهلك‪ ،‬يعني‪ :‬أن المسلم يقسم جهوده ودخله في تحصيل منافع مادية‬
‫وروحي��ة‪ ،‬في حياته الدنيا واآلخرة‪ ،‬وال يقتصر س��لوكه على الم��دى القصير لحياته‪ ،‬وعلى‬

‫((( عويسي‪ ،‬أيمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16 ،15‬‬

‫( ‪) 40‬‬
‫النفع العاجل فيها‪ ،‬بل يمتد لما بعد حياته في هذه الدنيا‪ ،‬مما يؤدي إلى اتجاهه لنفع اآلخرين‬
‫حتى لو لم يتحقق له نفع مادي مباشر من سلوكه‪.‬‬

‫ويتعلق مفهوم الثروة بأنها نعمة من اهلل‪ ،‬وأن اإلسالم يرفض الفقر‪ ،‬ويحدد ضوابط ليستعمل‬
‫الفرد بها الثروة في الخير دون إسراف أو تقتير‪ ،‬وليقدم آلخرته من مال كما يفعل لدنياه‪.‬‬

‫وأما ما يتعلق بالنجاح فإنه يرتبط بالقيم األخالقية دائ ًما‪ ،‬وباختصار‪ :‬االس��تهالك طاعة‬
‫من الطاعات ما دام ملتزمًا بدائرة الحالل متجنبًا اإلسراف والتبذير‪ ،‬وأن للفقراء حقوقًا على‬
‫ذوي اليسار في المجتمع‪ ،‬وأن السعي لتحقيق المنفعة االقتصادية يعد إحدى الفضائل إذا ما‬
‫كان متوازنًا ومتس ًقا مع جوانب الحياة األخرى‪ ،‬وكان الهدف منه هو الخير‪.‬‬

‫وبناءًا على هذه العناصر الثالث تتحدد خريطة التفضيل للمستهلك المسلم‪.‬‬

‫نظرية المنتج‪:‬‬

‫تناقش النظرية دوافع اإلنتاج؛ حيث إن اس��تخراج خيرات الكون هدف أساسي يفرضه‬
‫المذهب االقتصادي اإلسالمي على المجتمع‪ ،‬وأن تحقيق هذا الهدف تحض عليه التعاليم‬
‫والمفاهيم األخالقية من جهة‪ ،‬والتشريع والقانون من جهة أخرى‪.‬‬

‫كذلك تطرقت ألهداف اإلنتاج؛ فاإلس�لام اهتم بعملية اإلنتاج‪ ،‬وتوفير المنتجات في‬
‫إطار االلتزام بالحالل‪ ،‬وتوفير احتياجات الغالبية‪ ،‬وعدالة التوزيع‪ ،‬وأن المشكلة االقتصادية‬
‫أساسا إلى كسل البشر أكثر منها إلى ندرة الموارد مقارنة بالحاجات‪.‬‬
‫ً‬ ‫ترجع‬

‫باإلضافة إلى أهداف المنش��أة المنتجة‪ :‬بين أن هدف المنشأة في اإلسالم هو الوصول‬
‫بالمنفع��ة الجماعية لكل من المال��ك والمنظم إلى حدها األقصى‪ ،‬وأن المنفعة هنا ش��أنها‬
‫ش��أن المنفعة في االس��تهالك تحدها العقالنية اإلس�لامية؛ لذا فإن توازن المنشأة يتم ببلوغ‬
‫الح��د األقصى للربح مع ش��رطين؛ أولهما‪ :‬توفي��ر الحد األدنى من الص�لاح الذي يحدده‬
‫القانون واألخالق اإلسالمية‪ ،‬ويسهر جهاز الحسبة على مراعاة ذلك‪ ،‬وثانيهما‪ :‬سداد جميع‬
‫التكاليف الثابتة والمتغيرة‪.‬‬
‫( ‪) 41‬‬
‫وأخيرا أش��ارت النظرية إلى عناصر اإلنتاج‪ :‬وهنا كان الحديث عن عنصر رأس المال‬
‫ً‬
‫عنص��را إنتاجيً��ا أم ال‪ ،‬وانتهى الج��دل إلى أنه ليس من س��بب يدعو إلخراجه من‬
‫ً‬ ‫باعتب��اره‬
‫دائ��رة عناصر اإلنتاج‪ ،‬إال أنه لم يتعرض لغيره من عناصر اإلنتاج‪ ،‬وربما يرجع ذلك إلى أن‬
‫تقسيم عناصر اإلنتاج‪ ،‬واعتبار بعضها هو موضع خالف بين الفكر الرأسمالي‪ ،‬واالشتراكي‬
‫الماركس��ي‪ ،‬وليس من المس��ائل الملحة أو ذات المردود على مسيرة االقتصاد اإلسالمي؛‬
‫ألن الفكر الماركسي في هذا األمر غير واقعي‪.‬‬

‫باإلضافة إلى نظرية االقتصاد العام والنظرية النقدية المقسمة إلى ثمانية مباحث تتعلق‬
‫بعناصر االقتصاد العام أو االقتصاد الكلي للمجتمع‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫ـ الزكاة‪.‬‬

‫ـ حرمة الربا‪.‬‬

‫ـ القراض‪.‬‬

‫ـ النقود والسلطات النقدية‪.‬‬

‫ـ األجهزة المالية واالئتمانية في االقتصاد اإلسالمي‪.‬‬

‫ـ الدين العام وسوق سندات القرض‪.‬‬


‫ـ الحركة والتفاعل في االقتصاد العام النقدي‪.‬‬

‫ـ المؤسسات المالية اإلسالمية في نظام غير إسالمي(((‪.‬‬

‫نظرية ثورة التبعية الدولية (نظرية للتنمية االقتصادية)‪:‬‬

‫تعتب��ر ه��ذه النماذج كامت��داد للفكر االش��تراكي الجديد (النيو ماركس��ية) وتعتبر هذه‬
‫النماذج تش��اؤمية مقارنة بنم��اذج التغير الهيكلي؛ حيث ترى أن ال��دول المتخلفة محاصرة‬
‫بمجموعة من العراقيل المؤسسية واالقتصادية‪ ،‬سواء المحلية أو الدولية‪ ،‬وقد اكتسبت هذه‬

‫((( قحف‪ ،‬محمد منذر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 65‬ـ ‪.67‬‬

‫( ‪) 42‬‬
‫النظرية مكانتها خالل السبعينيات بعد خيبة األمل التي أصابت الدول النامية من محاوالتها‬
‫المستمرة لتطبيق نظريات ونماذج تنموية غير مالئمة(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( النظريات االقتصادية‪ ،‬الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية واالستراتيجية‪.‬‬

‫( ‪) 43‬‬
‫‪‬‬
‫نشأة البنوك اإلسالمية‬
‫وصيغ االستثمار‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عروة عكرمة صربي‬
‫أستاذ الفقه اإلسالمي‬
‫كلية القرآن والدراسات اإلسالمية‬
‫جامعة القدس‬
‫مقدمة‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والس�لام على رسول اهلل األمين‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫فإن البنوك اإلسالمية تعد من مظاهر االقتصاد العالمي‪ ،‬والتي فرضت نفسها في العالم‬
‫اإلسالمي بشكل خاص‪ ،‬وفي سائر دول العالم‪.‬‬

‫وبالرغم من حداثة نشأتها‪ ،‬والتي اقتربت من نصف قرن من الزمان‪ ،‬إال أنها شهدت‬
‫تطو ًرا ملحو ًظا من حيث زيادة عددها وانتشارها في العالم‪ ،‬وحجم األموال المستثمرة‪،‬‬
‫كم��ا أنها اس��تطاعت أن تواجه التحدي��ات الكثيرة‪ ،‬وكان من أهمها تش��كيل التصورات‬
‫الفقهي��ة المعاص��رة لصيغ االس��تثمار بما يتفق م��ع أحكام فقه المعامالت في الش��ريعة‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬وبما يلبي حاجات السوق‪ ،‬وبما يناسب الحجم الكبير لألموال المودعة في‬
‫هذه البنوك‪.‬‬

‫س��أتناول في هذه الورقة البحثية التعريفية‪ ،‬وباختصار‪ :‬موضوع نشأة البنوك اإلسالمية‬
‫م��ن حيث المنطلق الفكري والمراح��ل التاريخية التي مرت بها‪ ،‬ثم س��يكون الحديث بعد‬
‫ذلك عن بعض صيغ االستثمار المعمول بها في البنوك اإلسالمية‪ ،‬والتي تميزها عن البنوك‬
‫األخرى‪.‬‬

‫ولذلك سأقسم هذه الورقة إلى مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬نشأة البنوك اإلسالمية‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المنطلق الشرعي والفكري لنشأة البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهم المراحل التاريخية في نشأة البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫( ‪) 47‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االستثمار في البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حسابات االستثمار‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صيغ االستثمار المتنوعة‪.‬‬


‫سائلاً اهلل سبحانه وتعالى أن يكون قد وفقني فيما كتبت‪ ،‬وأن ينفع به اإلسالم والمسلمين‪،‬‬
‫وأن يكتب لنا األجر في اآلخرة؛ إنه سميع مجيب‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 48‬‬
‫املبحث األول‬
‫نشأة البنوك اإلسالمية‬

‫املطلب األول‬
‫املنطلق الشرعي والفكري لنشأة البنوك اإلسالمية‬
‫إن المنطلق الش��رعي األساس إلنشاء البنوك اإلسالمية‪ ،‬هو‪ :‬محاولة إنشاء بنوك بديلة‬
‫عن البنوك الربوية في ظل قوانين وتعليمات تنظم عمل هذه البنوك‪ ،‬وفي ظل نظام رأسمالي‬
‫حاكم ومهيمن على كثير من مفاصل الحياة االقتصادية‪ ،‬فكان التحدي إلنش��اء هذه البنوك‪،‬‬
‫وتحرير المسلمين من التعامل الربوي الذي تمارسه البنوك الربوية بشكل منظم‪.‬‬

‫فالربا في اإلس�لام من كبائر الذنوب التي يس��تحق مرتكبها العقوبة في اآلخرة؛ لقوله‬
‫تعال��ى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾(((‪.‬‬

‫وقد ذكر النبي ﷺ أكل الربا من ضمن السبع الموبقات فقال كما في حديث أبي هريرة‬
‫رضي اهلل عنه‪ ،‬عن النبي ﷺ قال‪« :‬اجتنبوا الس��بع الموبقات»‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول اهلل وما هن؟‬
‫قال‪« :‬الش��رك باهلل‪ ،‬والس��حر‪ ،‬وقتل النفس التي حرم اهلل إال بالحق‪ ،‬وأكل الربا‪ ،‬وأكل مال‬
‫اليتيم‪ ،‬والتولي يوم الزحف‪ ،‬وقذف المحصنات المؤمنات الغافالت»(((‪.‬‬

‫((( سورة البقرة‪ :‬آية ‪.275‬‬


‫((( البخ��اري‪ ،‬صحيح البخاري كتاب الوصايا ب��اب ﴿ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ‪ ﴾...‬ج‪ 4‬ص‪10‬‬
‫رقم (‪ ،)2766‬مس��لم‪ ،‬صحيح مس��لم كتاب اإليمان ب��اب (بيان الكبائر وأكبره��ا) ج ‪ 1‬ص‪ 92‬رقم‬
‫(‪.)145‬‬

‫( ‪) 49‬‬
‫كما أن اهلل سبحانه وتعالى أعلن الحرب على المتعاملين بالربا في قوله تعالى‪﴿ :‬ﯔﯕﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ﴾(((‪.‬‬
‫وقد توعد اهلل س��بحانه آكل الربا في الدنيا بمحق ماله وهالكه‪ ،‬فقال سبحانه‪﴿ :‬ﮄ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ﴾(((‪.‬‬
‫وتحري��م الربا ال يتعلق فقط بمن أكل الربا‪ ،‬بل يش��مل المعطي‪ ،‬وكل من يش��ارك في‬
‫العملية الربوية من الكاتب والشاهد؛ فقد ورد في حديث ابن مسعود‪ « :‬لعن رسول اهلل ﷺ‬
‫آكل الربا‪ ،‬وموكله‪ ،‬وشاهديه‪ ،‬وكاتبه»(((‪.‬‬
‫وهن��ا ال بد من التأكيد على أن الربا الذي تمارس��ه البنوك الربوية في الواقع المعاصر‪،‬‬
‫هو‪ :‬الربا المحرم الذي حرمته الش��ريعة اإلسالمية‪ ،‬وذلك في إطار الرد على بعض الفتاوى‬
‫المسيسة أو غير الدقيقة من الناحية العلمية التي حاول مصدروها إعطاء الشرعية لربا البنوك‪.‬‬
‫فق��د أصدرت المجام��ع الفقهية المعتبرة والعلماء وطالب العلم الش��رعي العديد من‬
‫القرارات والفتاوى التي تؤكد حرمة المعامالت الربوية التي تمارسها البنوك الربوية‪.‬‬
‫وكان من أش��هر ه��ذه القرارات ق��رار مجمع البحوث اإلس�لامية التاب��ع لألزهر عام‬
‫‪1965‬م؛ حي��ث ن��ص على أن الربا ال��ذي تتعامل به البن��وك هو الربا المح��رم وان الفائدة‬
‫المصرفية هي الربا المحرم بل هي ربا الجاهلية(((‪.‬‬
‫وكذل��ك قرار مجمع الفقه اإلس�لامي الدول��ي التابع لمنظمة التعاون اإلس�لامي عام‬
‫‪1985‬م‪ ،‬الذي نص على أن كل زيادة على القرض هو ربا محرم شرعًا(((‪.‬‬

‫سورة البقرة‪ :‬آية ‪.279‬‬ ‫(((‬


‫سورة البقرة‪ :‬آية ‪.276‬‬ ‫(((‬
‫أبو داود‪ ،‬سنن أبي داود كتاب البيوع باب (في آكل الربا وموكله) ج‪ 3‬ص‪ 244‬رقم (‪ ،)3333‬الترمذي‪،‬‬ ‫(((‬
‫سنن الترمذي كتاب البيوع باب (ما جاء في آكل الربا) ج‪ 3‬ص‪ 504‬رقم (‪ )1206‬قال الترمذي حديث‬
‫حسن صحيح‪ ،‬سنن ابن ماجة كتاب التجارات باب (التغليظ في الربا) ج‪ 2‬ص‪ 764‬باب (‪.)2277‬‬
‫السالوس‪ ،‬حكم ودائع البنوك وشهادات االستثمار‪ ،‬ص‪.87‬‬ ‫(((‬
‫قرارات وتوصيات مجمع الفقه اإلسالمي‪ ،‬ص‪.62‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 50‬‬
‫وكذلك قرار مجمع الفقه اإلسالمي التابع لرابطة العالم اإلسالمي(((‪.‬‬

‫لذلك يمكن القول‪ :‬إن االجتهاد الفقهي قد استقر على اعتبار أن الربا الذي تمارسه هذه‬
‫البن��وك هو الربا المحرم‪ ،‬وأن هذا القول هو الذي يتفق مع الفهم الصحيح لألدلة الش��رعية‬
‫ومع أصول المذاهب الفقهية األربعة‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ما س��بق من منطلق تحريم الربا‪ ،‬فإن إنش��اء البنوك اإلس�لامية كان من‬
‫أجل اس��تثمار المال وتنميته وفق أحكام الش��ريعة اإلسالمية‪ ،‬وحتى ال يتعطل المال ويكتنز‬
‫دون استثمار‪ ،‬وهذا له أثره في التنمية االقتصادية واالجتماعية(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( السالوس‪ ،‬حكم ودائع البنوك وشهادات االستثمار‪ ،‬ص‪ 179‬ـ ‪.182‬‬
‫((( الهيتي‪ ،‬المصارف اإلسالمية ‪194 ،193‬؛ شبير‪ ،‬المعامالت المالية المعاصرة‪ ،‬ص‪.262‬‬

‫( ‪) 51‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫أهم املراحل التارخيية يف نشأة البنوك اإلسالمية‬
‫أولاً ‪ :‬نشأة البنوك في العالم‪:‬‬

‫بداي��ة ال بد من اإلش��ارة إلى أن أصل كلم��ة بنك هو من بانكو ومعناه��ا مكتب باللغة‬
‫اإليطالي��ة؛ ألن المرابي��ن كانوا يجلس��ون إلى مكاتب تتمي��ز عن غيرها‪ ،‬وكانوا يجلس��ون‬
‫لإلقراض واالقتراض قبل نش��وء فكرة البنوك المنظمة‪ ،‬ثم بدأت في العالم منذ فترة متقدمة‬
‫فكرة إنشاء البنوك بشكل منظم فكان أول بنك أنشأ في العالم تقريبا بطريقة منظمة في مدينة‬
‫البندقية في إيطاليا في عام ‪1157‬م‪ ،‬وبدأت البنوك تنشأ تباعًا‪ ،‬ولكن بوتيرة بطيئة حتى أنشأ‬
‫مصرف أمستردام في هولندا في عام ‪1609‬م‪ ،‬والتي اعتمدت عليه البنوك التجارية المنتشرة‬
‫ف��ي العالم حت��ى يومنا هذا‪ ،‬واعتم��دت هذه البنوك نظ��ام الربا الذي يق��وم على اإلقراض‬
‫واالقتراض المرتبط بالفائدة الربوية‪.‬‬

‫وقد دخلت هذه البنوك العالم اإلس�لامي في ع��ام ‪1898‬م‪ ،‬فكان أول بنك ربوي في‬
‫العالم اإلسالمي هو البنك األهلي المصري ثم تتابع إنشاء البنوك الربوية وانتشرت‪ ،‬وتعامل‬
‫المسلمون معها وأصبح النظام الربوي سائدًا في المؤسسات المالية(((‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬ظهور فكرة إنشاء البنوك اإلسالمية والمحاولة في ذلك‪:‬‬

‫مع ظهور البنوك الربوية في العالم اإلس�لامي كانت هناك مواقف من العلماء والدعاة‬
‫تحذر من التعامل معها‪ ،‬وبعد فترة من اإلنكار لعمل هذه البنوك ظهرت فكرة ضرورة إيجاد‬
‫البديل عنها‪ ،‬وهي وجود بنوك إسالمية تلبي حاجات الناس‪.‬‬

‫((( الجمال‪ ،‬المصارف وبيوت التمويل اإلس�لامية‪ ،‬ص‪23‬؛ الطيار‪ ،‬البنوك اإلس�لامية‪ ،‬ص‪34‬؛ طايل‪،‬‬
‫البنوك اإلسالمية‪ ،‬ص‪.39‬‬

‫( ‪) 52‬‬
‫في البداية كانت هناك صعوبة لتصور بنك واسمه إسالمي؛ ألن البنك أصبح في الذهن‬
‫يرمز إلى التعامل الربوي ـ مع أن العبرة بالمحتوى وليس باالسم ـ‪.‬‬

‫وقد تطورت هذه الفكرة من خالل تنظيرات فقهية‪ ،‬ومؤلفات ومقاالت وكتب ورسائل‬
‫علمية تناولت هذا الموضوع؛ فالموضوع بدأ من فكرة علمية بحثت ودرس��ت بشكل عميق‬
‫قبل أن تطرح على أرض الواقع‪.‬‬

‫أما بالنس��بة للتجارب فالتجارب تاريخيًا كانت تجارب عملية بس��يطة بدأت في أواخر‬
‫الخمس��ينيات في الباكس��تان‪ ،‬وكان��ت الفكرة أن تقدم بنوك نش��أت في الريف الباكس��تاني‬
‫قروضا بدون ربًا لتكون بديلاً عن القروض الربوية‪ ،‬واس��تمرت هذه التجربة في الباكس��تان‬
‫ً‬
‫لس��نوات قليلة؛ ففي بداية الستينيات توقف عمل هذه البنوك؛ ألن التجربة جديدة ولم يكن‬
‫هناك إمكانية لالستمرار‪.‬‬

‫وفي عام ‪1963‬م ظهرت فكرة إنش��اء البنوك اإلس�لامية مرة أخرى في مدينة اسمها‬
‫ً‬
‫قروضا حس��نة‬ ‫ميت غمر وهي بلدة في الريف المصري وكانت عبارة عن بنوك ادخار تقدم‬
‫للمزارعي��ن المصريي��ن‪ ،‬ف��كان عملها ش��بي ًها بما كان في الباكس��تان‪ ،‬وبدأت ه��ذه الفكرة‬
‫باالنتش��ار في مصر حتى وصل ع��دد المتعاملين والمودعين ع��ام ‪1963‬م‪ 59000 ،‬ألف‬
‫مودع‪ ،‬وهذا العدد الكبير يدل على أن الناس كانت تقبل على التعامل مع البنوك اإلسالمية‪،‬‬
‫أيضا(((‪.‬‬
‫ولكن في عام ‪1967‬م توقف العمل في هذه البنوك ً‬

‫ثالثًا‪ :‬نشأة البنوك اإلسالمية‪:‬‬

‫يمكن القول‪ :‬إن فترة الس��بعينيات من القرن الماضي هي الفترة الرسمية التي بدأت‬
‫فيها البنوك اإلس�لامية بالعمل؛ ألن الفترات السابقة كانت فيها محاوالت إلنشاء مؤسسات‬
‫تقرض بدون ربًا‪ ،‬وكان هذا هو أفق هذه المؤسسات‪ ،‬لكن في هذه المرحلة أصبحت الفكرة‬

‫((( الجمال‪ ،‬المصارف وبيوت التمويل اإلس�لامية‪ ،‬ص‪300‬؛ الهيتي‪ ،‬المصارف اإلس�لامية‪ ،‬ص‪،177‬‬
‫‪.176‬‬

‫( ‪) 53‬‬
‫إنشاء بنك متكامل يقدم التمويالت‪ ،‬والخدمات المصرفية كاملة‪ ،‬ليكون بديلاً حقيقيًا للبنك‬
‫الربوي‪ ،‬بحيث يكون هذا البنك قاد ًرا على فتح حس��ابات بنكية وقبول الودائع واستثمارها‪،‬‬
‫وتقديم خدمات مصرفية متنوعة من إصدار الحواالت ودفاتر الش��يكات وصرف العمالت‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫ففي عام ‪1971‬م تم إنشاء بنك ناصر االجتماعي‪ ،‬لكن هذا البنك كان اجتماعيًا ينحصر‬
‫عمله في تقديم قروض حس��نة‪ ،‬أي‪ :‬أنه لم يختلف عن نفس التجارب السابقة‪ ،‬وبالتالي لم‬
‫يحقق الهدف المطلوب من إيجاد البنك البديل المتكامل‪.‬‬

‫وفي عام ‪1975‬م تم تأسيس بنك دبي اإلسالمي‪ ،‬وكذلك البنك اإلسالمي للتنمية في‬
‫جدة‪ ،‬وكان نشاطه يتعلق بتقديم تمويالت للمشاريع على مستوى الدول اإلسالمية‪.‬‬
‫في عام ‪1977‬م تم إنش��اء بنك فيصل المصري‪ ،‬وبنك فيصل الس��وداني‪ ،‬وأنشأ ً‬
‫أيضا‬
‫بيت التمويل الكويتي‪ ،‬وكذلك تم إنش��اء االتحاد الدولي للبنوك اإلس�لامية ومقره في مكة‬
‫المكرمة‪.‬‬

‫وفي عام ‪1978‬م تم إنشاء البنك اإلسالمي األردني‪ ،‬وهذه أهم البنوك التي تم إنشاؤها‬
‫في هذه المرحلة(((‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬انتشار البنوك اإلسالمية ونموها وتطورها‪:‬‬

‫ثم بعد ذلك بدأت البنوك اإلس�لامية في االنتش��ار بش��كل واس��ع في العالم اإلس�لامي‬
‫وخارج��ه‪ ،‬وخاصة بعد عام ‪2000‬م‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل اإلحصائيات التي تش��ير إلى هذا‬
‫االرتف��اع في عدد البنوك اإلس�لامية؛ فق��د كان عددها في عام ‪1992‬م ‪ 90‬بن�� ًكا‪ ،‬وارتفع في‬
‫ع��ام ‪2013‬م؛ حيث أصبح عددها ‪ 700‬بن ًكا‪ ،‬وف��ي عام ‪2015‬م بلغت ‪ 750‬بن ًكا تقريبًا‪ ،‬وإذا‬
‫أضفنا إليها المؤسسات المالية اإلسالمية وشركات التأمين اإلسالمية‪ ،‬فإن عددها يبلغ ‪1143‬‬

‫((( الجمال‪ ،‬المصارف وبيوت التمويل اإلس�لامية‪ ،‬ص‪207‬؛ الكفراوي‪ ،‬النقود والمصارف ص‪212‬؛‬
‫الهيتي‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ ،‬ص‪.177‬‬

‫( ‪) 54‬‬
‫مؤسس��ة وبن ًكا‪ ،‬وال بد من اإلشارة إلى أن اإلحصائيات السابقة تتعلق بعدد البنوك بغض النظر‬
‫عن عدد فروع كل بنك‪.‬‬

‫كما أن هذه البنوك قد نمت من حيث األصول المالية الكلية للتمويل اإلس�لامي‪ ،‬فقد‬
‫بلغت ‪2017‬م ‪ 2438‬مليار دوالر أمريكي‪ ،‬ومن المتوقع أن تصل عام ‪2023‬م إلى ‪3809‬‬
‫مليار دوالر أمريكي‪.‬‬

‫أم��ا ع��دد المتعاملين مع البنوك اإلس�لامية عام ‪2013‬م فقد بل��غ ‪ 38‬مليون متعامل‪،‬‬
‫ووصل عددهم عام ‪2016‬م ‪ 100‬مليون متعامل تقريبًا(((‪.‬‬

‫وم��ن األم��ور التي تطورت في عمل البنوك اإلس�لامية‪ :‬إنش��اء بنوك مركزية إس�لامية‬
‫في عدد من الدول‪ ،‬ومنها‪ :‬الس��ودان وباكس��تان وإيران‪ ،‬وهذا له أث��ر في انتظام عمل البنوك‬
‫اإلسالمية في إطار قوانين تلتزم بأحكام الشريعة اإلسالمية؛ حيث إن البنوك اإلسالمية تعاني‬
‫ف��ي كثير من الدول من تعليمات البنوك المركزية المخالفة للش��ريعة اإلس�لامية التي تربك‬
‫عمله��ا‪ ،‬وقد تمت معالجتها بش��كل جزئي في بعض البالد من خ�لال إصدار قوانين خاصة‬
‫تتعلق بتنظيم عمل البنوك اإلس�لامية‪ ،‬ولكن الح��ل المطلوب هو التحول الكامل في الدول‬
‫اإلس�لامية للنظام اإلسالمي بش��كل عام‪ ،‬ولنظام االقتصاد اإلسالمي بشكل خاص؛ فوجود‬
‫بنوك إسالمية مركزية ينظم العمل المصرفي اإلسالمي‪ ،‬ويعزز مكانته بشكل أفضل‪ ،‬ويوجد‬
‫بيئة قانونية تحميه‪ ،‬وتعالج اإلشكاليات التي يمكن أن تحدث بين البنك والمتعاملين معه(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( الهيتي‪ ،‬المصارف اإلس�لامية‪ ،‬ص‪178 ،177‬؛ الهرش‪ ،‬أثر دعائم نموذج التطوير خماس��ي األبعاد‬
‫ف��ي التغلب عل��ى المعوقات الداخلية والخارجية للمصارف اإلس�لامية‪ ،‬مجلة بيت المش��ورة‪ ،‬عدد‬
‫(‪ ،)11‬ص‪ ،75‬و‪ 87‬ـ ‪ ،89‬تقرير واقع االقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬الصادر عن مركز دبي لتطوير االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬والمنشور على موقع المركز للعامين ‪2015‬م‪2016/‬م و‪2018‬م‪2019/‬م‪.‬‬
‫((( العمايدة‪ ،‬المقرض األخير في العالقة بين البنك المركزي والبنوك اإلسالمية‪ ،‬مقال منشور على موقع‬
‫األلوكة‪.‬‬

‫( ‪) 55‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫االستثمار يف البنوك اإلسالمية‬

‫املطلب األول‬
‫حسابات االستثمار‬
‫تتنوع صور االستثمار الفردي في البنوك اإلسالمية‪ ،‬والتي يقصد منها أن يقوم المتعامل‬
‫م��ع البنك باس��تثمار أمواله ف��ي البنك ضمن صيغة عق��د المضاربة بحيث يق��دم المتعامل‬
‫م��ع البن��ك رأس المال‪ ،‬ويقدم البنك العمل الذي يتمثل في اس��تثمار المال‪ ،‬وتس��مى هذه‬
‫الحسابات في البنوك اإلسالمية بالحسابات االستثمارية وبحسابات التوفير أو باسم الودائع‬
‫االدخارية‪.‬‬

‫وتنقسم هذه الحس��ابات في البنوك اإلسالمية وذلك حسب طبيعة االستثمار إلى عدة‬
‫أنواع(((‪:‬‬

‫‪ .1‬حسابات التوفير‪:‬‬

‫وهذا النوع من الحسابات يتميز بأن المودع يمكنه أن يقوم بسحب المال وإيداعه؛ فهو‬
‫يشبه الحساب الجاري في ذلك‪ ،‬ولكن هناك قسما من المال ال يتم سحبه إنما يتم استثماره‪،‬‬
‫وتختلف البنوك عن بعضها في النسبة التي يسمح فيها بالسحب‪.‬‬

‫‪ .2‬الحسابات ألجل أو الوديعة ألجل‪:‬‬

‫هذه الحس��ابات يكون االس��تثمار فيها مرتبطا بفترة زمنية بحيث ال يستطيع المودع أن‬
‫يقوم بسحب هذه الوديعة‪ ،‬وتكون مدة االستثمار في الغالب من ثالثة أشهر إلى ستة أشهر‪.‬‬

‫((( الهيتي‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ ،‬ص‪ 268‬وما بعدها؛ األمين‪ ،‬الودائع المصرفية‪ ،‬ص‪.209‬‬

‫( ‪) 56‬‬
‫‪ .3‬الحسابات الخاضعة لإلشعار أو التي نسميها الودائع بإخطار‪:‬‬

‫وهذه حس��ابات اس��تثمارية تكون مرتبطة بإعطاء صالحية للش��خص المودع أن يشعر‬
‫البنك أو المؤسس��ة المصرفية بأنه يريد أن يس��حب هذا المبلغ خالل فترة زمنية معينة‪ ،‬وفي‬
‫شهرا؛ ليعبر فيها عن رغبته في إنهاء هذا التعاقد‪.‬‬
‫الغالب تكون ً‬
‫‪ .4‬الحساب االستثماري المخصص‪:‬‬

‫وهذا الحس��اب يقوم على أساس استثمار األموال في مش��اريع محددة بناء على رغبة‬
‫أصحاب الحسابات الخاصة‪ ،‬أو بناء على نصيحة يقدمها البنك اإلسالمي للمتعاملين معه‪.‬‬

‫فكل هذه الحس��ابات س��واء كان اس��مها حس��اب توفير أو وديعة ألجل أو حس��ابات‬
‫خاضعة إلش��عار‪ ،‬وإن كان لها اس��م مرادف في البنك الربوي إال أنها في البنك اإلس�لامي‬
‫تخض��ع ألحكام عق��د المضاربة‪ ،‬أما في البنك الربوي فهي قرض مج��رد‪ ،‬يلتزم البنك فيها‬
‫بدفع نسبة معينة من رأس المال تمثل الفائدة المصرفية الربوية بغض النظر عن طبيعة النشاط‬
‫االس��تثماري‪ ،‬في حين أن البنك اإلس�لامي ال يلتزم بدفع عائد إال عند وجود ربح حقيقي‬
‫ناتج عن اس��تثمار رأس المال بناء على عقد المضاربة‪ ،‬فيس��تحق المتعامل مع البنك نس��بة‬
‫معينة من األرباح المتحققة فعلاً بناء على ما يتم االتفاق عليه في بداية التعاقد‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 57‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫صيغ االستثمار املتنوعة‬
‫تقوم البنوك اإلس�لامية باس��تثمار األموال لصالح المس��اهمين‪ ،‬أو لصالح المودعين‬
‫المشاركين‪ ،‬من خالل صيغ متعددة لالستثمار‪ ،‬يمكن بيانها باختصار في النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪ .1‬الصكوك‪:‬‬

‫وهي‪ :‬وثائق بمال تفيد أن حامل الصك يكون له حق مالي فيما يمثله الصك‪.‬‬

‫وقد تنوعت صور االستثمار في الصكوك في عدة مجاالت منها‪:‬‬

‫حصصا ش��ائعة في منافع‪ ،‬أو‬


‫ً‬ ‫أ‪ .‬صك��وك اإلج��ارة‪ ،‬وهي‪ :‬وثائق متس��اوية القيمة تمثل‬
‫خدمات عين معينة‪ ،‬أو موصوفة في الذمة(((‪.‬‬

‫وهي أربعة أنواع‪ :‬صكوك ملكية منافع األعيان الموجودة وصكوك ملكية منافع األعيان‬
‫الموصوفة‪ ،‬وصكوك ملكية الخدمات من طرف معين‪ ،‬وصكوك ملكية الخدمات من طرف‬
‫موصوف في الذمة‪.‬‬
‫حي��ث يمكن للبنوك اإلس�لامية تملك ه��ذه الصكوك‪ ،‬فهي تمثل أص��ولاً عقارية يتم‬
‫اس��تثمارها من خالل تأجيرها بحيث يس��تحق حامل الصك نسبة في عائدات اإلجارة بقدر‬
‫حصته في ملكية هذه الصكوك‪ ،‬كما أن البنوك يمكن أن تصدر هذه الصكوك بش��كل مباشر‬
‫بحيث تقوم بالتأجير‪ ،‬كما يمكنها بيع صكوك اإلجارة لصالح الراغبين في االستثمار‪.‬‬

‫ب‪ .‬صكوك المضاربة (المقارضة)‪ ،‬وهي‪ :‬أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس المال‬
‫بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة‪ ،‬على أساس وحدات متساوية القيمة‪ ،‬ومسجلة‬
‫حصصا شائعة في رأس مال المضاربة وما يتحول إليه‬
‫ً‬ ‫بأس��ماء أصحابها باعتبارهم يملكون‬

‫((( القرة داغي‪ ،‬بحوث في فقه البنوك اإلسالمية‪ ،‬ص‪326‬؛ ‪ 378‬ـ ‪.384‬‬

‫( ‪) 58‬‬
‫بنسبة ملكية كل منهم فيه(((‪.‬‬

‫ففي حال تملك البنوك اإلس�لامية لهذا النوع من الصكوك‪ ،‬فإنها تس��تفيد من عائدات‬
‫استثمار رأس مالها في المجاالت المتعددة‪.‬‬

‫‪ .2‬شهادات االستثمار‪:‬‬

‫وهي صورة مش��ابهة لصكوك المضاربة‪ ،‬فهناك ش��هادات استثمار مطلقة أو مخصصة‬
‫في مش��روع معين‪ ،‬وتخضع هذه الش��هادات ألحكام عقد المضاربة في الشريعة اإلسالمية‬
‫وهي تختلف عن شهادات االستثمار التي تصدرها البنوك الربوية(((‪.‬‬

‫‪ .3‬المضاربة‪:‬‬

‫والمقص��ود بها هنا‪ :‬أن يق��دم البنك رأس ماله ألحد التجار‪ ،‬ليقوم باس��تثماره ويكون‬
‫الربح بينهما على نس��بة ش��ائعة من الرب��ح المتحقق؛ فالبنك صاحب الم��ال والمتعامل مع‬
‫البنك ه��و العامل المضارب‪ ،‬ويمكن أن تكون المضاربة مطلق��ة دون تقييد فيفوض البنك‬
‫المتعامل معه أن يدير عمليات المضاربة‪ ،‬ويمكن أن تكون المضاربة مقيدة‪ ،‬فيقيد المتعامل‬
‫مع البنك في مجال معين أو مكان معين(((‪.‬‬

‫‪ .4‬المشاركة في رأس المال‪:‬‬

‫ويكون ذلك من خالل اس��تثمار األموال بالدخول في ش��راكة مع ش��خص أو أكثر في‬
‫مجاالت متعددة‪ ،‬وتكون الشركة على صورتين(((‪:‬‬

‫أ‪ .‬المش��اركة الدائمة‪ :‬وتعني دخول البنك ش��ريكا برأس ماله في مش��روع استثماري‪،‬‬

‫القرة داغي‪ ،‬بحوث في فقه البنوك اإلسالمية‪ ،‬ص‪.334‬‬ ‫(((‬


‫الخي��اط والعي��ادي‪ ،‬فق��ه المعامالت وصيغ االس��تثمار‪ ،‬ص‪243‬؛ الس��الوس‪ ،‬حك��م ودائع البنوك‬ ‫(((‬
‫وشهادات االستثمار‪ ،‬ص‪.201 ،200‬‬
‫الهيتي‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ ،‬ص‪ 393‬ـ ‪495‬؛ المعايير الشرعية‪ ،‬معيار المضاربة رقم (‪ ،)13‬ص‪.219‬‬ ‫(((‬
‫الهيتي‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ ،‬ص‪ 396‬ـ ‪.503‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 59‬‬
‫س��واء كان تجاريًّا أو صناعيًّا أو زراعيًّا دون تحديد مدة لهذه الش��راكة‪ ،‬وتكون المحاس��بة‬
‫لألرباح والخسائر في نهاية كل سنة مالية‪.‬‬

‫ب‪ .‬المش��اركة المتناقصة (المشاركة المنتهية بالتمليك)‪ ،‬وتعني‪ :‬دخول البنك شري ًكا‬
‫برأس ماله في مش��روع اس��تثماري‪ ،‬س��واء كان تجاريًّا أو صناعيًّا أو زراعيًّا‪ ،‬مع وعد البنك‬
‫لش��ريكه ببيع أس��همه في الش��ركة له‪ ،‬ويمكن أن تباع األس��هم دفعة واحدة أو على دفعات‬
‫حس��ب االتف��اق‪ ،‬بحيث يتم تقيي��م الحصة المراد بيعها في الش��ركة عند البي��ع‪ ،‬كما يمكن‬
‫للش��ريك أن يقتطع جزءًا من أرباحه لسداد ثمن شراء الحصة في الشركة‪ ،‬وتكون المحاسبة‬
‫لألرباح والخسائر في نهاية كل فترة يتم االتفاق عليها‪ ،‬فيمكن أن تكون سنويًّا أو عند إرادة‬
‫بيع الحصة في الشركة‪.‬‬

‫‪ .5‬الوكالة باالستثمار‪:‬‬

‫هي‪ :‬إنابة شخص غيره لتنمية ماله بأجرة أو بغير أجرة‪ ،‬وتكون مدة الوكالة محددة بمدة‬
‫معينة‪ ،‬وفي حال تحديد أجرة على االستثمار‪ ،‬فيجب أن تكون األجرة معلومة‪ ،‬سواء كانت‬
‫األجرة مبل ًغا مقطوعًا أو نسبة من األرباح(((‪.‬‬

‫والوكالة باالستثمار تختلف عن المشاركة وعن المضاربة؛ فالوكيل ال يعد شري ًكا‪ ،‬وله‬
‫حق في األجرة على عمله باستثمار المال إذا تم االتفاق على أخذه لألجرة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( المعايير الشرعية‪ ،‬معيار الوكالة باالستثمار رقم (‪ ،)46‬ص‪ 754‬ـ ‪.755‬‬

‫( ‪) 60‬‬
‫اخلامتة‬
‫يمكن تلخيص أهم نتائج هذه الورقة البحثية في النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬إن المنطلق الشرعي األساس إلنشاء البنوك اإلسالمية‪ ،‬هو‪ :‬إبعاد الناس عن التعامل‬
‫الربوي المحرم‪ ،‬وتوفير سبل استثمار المال وتنميته وفق أحكام الشريعة اإلسالمية؛ حتى ال‬
‫يتعطل المال ويكتنز دون استثمار‪ ،‬وهذا له أثره في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ .2‬كانت بداية إنشاء البنوك اإلسالمية في أواخر الخمسينيات في الباكستان‪ ،‬ثم تبعتها‬
‫قروضا بدون ربًا؛ لتكون بديلاً عن‬
‫ً‬ ‫مصر في الس��تينيات‪ ،‬وكانت الفكرة أن تقدم هذه البنوك‬
‫القروض الربوية‪.‬‬

‫‪ .3‬تعد فترة الس��بعينيات من القرن الماضي هي الفترة الرس��مية التي بدأت فيها البنوك‬
‫اإلسالمية بالعمل‪ ،‬لكن في هذه المرحلة أصبحت الفكرة إنشاء بنك متكامل يقدم التمويالت‪،‬‬
‫والخدمات المصرفية كاملة؛ ليكون بديلاً حقيقيًّا عن البنك الربوي‪ ،‬بحيث يكون هذا البنك‬
‫قاد ًرا على فتح حسابات بنكية وقبول الودائع واستثمارها‪ ،‬وتقديم خدمات مصرفية متنوعة‬
‫من إصدار الحواالت ودفاتر الشيكات وصرف العمالت وغيرها‪.‬‬
‫‪ .4‬يمكن القول‪ :‬إن بداية القرن الواحد والعش��رين الميالدي هي مرحلة انتشار البنوك‬
‫اإلس�لامية في العالم اإلس�لامي وخارجه‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل اإلحصائيات التي تش��ير‬
‫إلى هذا االرتفاع في عدد البنوك اإلس�لامية؛ ففي عام ‪2015‬م بلغ عددها ‪ 750‬بن ًكا تقريبًا‪،‬‬
‫وإذا أضفنا إليها المؤسسات المالية اإلسالمية وشركات التأمين اإلسالمية‪ ،‬فإن عددها يبلغ‬
‫‪ 1143‬مؤسسة وبن ًكا‪.‬‬

‫‪ .5‬من أوجه االستثمار في البنوك اإلسالمية الحسابات االستثمارية‪ ،‬وهي على أنواع‪:‬‬
‫حس��اب التوفير‪ ،‬والوديعة ألجل‪ ،‬والحس��ابات الخاضعة إلشعار‪ ،‬واالستثمار المخصص‪،‬‬
‫وهذه الحس��ابات تقوم على أس��اس اس��تثمار أموال المودعين بناء على عقد المضاربة في‬

‫( ‪) 61‬‬
‫الش��ريعة اإلسالمية بحيث يس��تحق أصحابها نس��بة من األرباح المتحققة فعلاً يتم االتفاق‬
‫عليها مسب ًقا‪.‬‬

‫‪ .6‬تق��وم البنوك اإلس�لامية باس��تثمار األموال س��واء لصالح المس��اهمين أو لصالح‬


‫المودعين المشاركين من خالل عدة صيغ‪ ،‬منها‪ :‬الصكوك وشهادات االستثمار والمضاربة‬
‫بتس��ليم رأس الم��ال للمتعامل مع البنك‪ ،‬والمش��اركة ف��ي رأس المال مش��اركة دائمة‪ ،‬أو‬
‫متناقصة‪ ،‬والوكالة باالستثمار‪.‬‬

‫وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 62‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬
‫ـ القرآن الكريم‪.‬‬

‫ـ األمين‪ ،‬حس��ن عبد اهلل‪ ،‬الودائع المصرفية النقدية‪ ،‬دار الش��روق‪ ،‬جدة‪ ،‬ط (‪1403 ،)1‬ﻫ ـ‬
‫‪1983‬م‪.‬‬

‫ـ البخاري‪ ،‬محمد إس��ماعيل البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد زهير الناصر‪ ،‬دار‬
‫طوق النجاة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط (‪1422 ،)1‬ﻫ ـ ‪2002‬م‪.‬‬

‫ـ الترمذي‪ ،‬محمد بن عيسى‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر وآخرين‪ ،‬مكتبة‬
‫ومطبعة مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط (‪1395 ،)2‬ﻫ ـ ‪1975‬م‪.‬‬

‫ـ الجم��ال‪ ،‬غري��ب‪ ،‬المصارف وبيوت التمويل اإلس�لامية‪ ،‬دار الش��روق‪ ،‬ج��دة‪ ،‬ط (‪،)1‬‬
‫‪1389‬ﻫ ـ ‪1969‬م‪.‬‬

‫ـ الخي��اط‪ ،‬عب��د العزيز‪ ،‬العيادي‪ ،‬أحمد‪ ،‬فق��ه المعامالت وصيغ االس��تثمار‪ ،‬دار المتقدمة‬
‫للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬د‪ .‬ط‪1424 ،‬ﻫ ـ ‪2004‬م‪.‬‬

‫ـ أبو داود‪ ،‬س��ليمان بن األشعث السجستاني‪ ،‬س��نن أبي داود‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محيي الدين‬
‫عبد الحميد‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫ـ الس��الوس‪ ،‬عل��ي أحمد‪ ،‬حكم ودائع البنوك وش��هادات االس��تثمار في الفقه اإلس�لامي‬
‫والمجامع الثالثة‪ ،‬مكتبة دار القرآن‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط (‪1424 ،)14‬ﻫ ـ ‪2003‬م‪.‬‬

‫ـ ش��بير‪ ،‬محمد عثم��ان‪ ،‬المعامالت المالية المعاص��رة في الفقه اإلس�لامي‪ ،‬دار النفائس‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬ط (‪1427 ،)6‬ﻫ ـ ‪2007‬م‪.‬‬

‫ـ طاي��ل‪ ،‬مصطفى كمال‪ ،‬البنوك اإلس�لامية ـ المنهج والتطبيق ـ‪ ،‬مطابع غباش��ي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫د‪ .‬ط‪1407 ،‬ﻫ ـ ‪1987‬م‪.‬‬
‫( ‪) 63‬‬
‫ـ الطيار‪ ،‬عبد اهلل بن أحمد‪ ،‬البنوك اإلسالمية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬نادي القصيم األولمبي‪،‬‬
‫القصيم‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫ـ العمايدة‪ ،‬محمد عودة‪ ،‬المقرض األخير في العالقة بين البنك المركزي والبنوك اإلسالمية‪،‬‬
‫مقال منشور على موقع األلوكة‪.‬‬
‫ـ القرة داغي‪ ،‬علي محيي الدين‪ ،‬بحوث في فقه البنوك اإلس�لامية‪ ،‬دار البش��ائر اإلسالمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط (‪1428 ،)2‬ﻫ ـ ‪2007‬م‪.‬‬

‫ـ الكف��راوي‪ ،‬ع��وف محم��ود‪ ،‬النقود والمص��ارف في النظ��ام اإلس�لامي‪ ،‬دار الجامعات‬


‫المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط (‪1407 ،)2‬ﻫ ـ ‪1987‬م‪.‬‬

‫ـ اب��ن ماجة‪ ،‬محمد بن يزيد‪ ،‬س��نن ابن ماج��ة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عب��د الباقي‪ ،‬دار إحياء‬
‫الكتب العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫ـ مجمع الفقه اإلس�لامي المنبثق من منظمة التعاون اإلس�لامي‪ ،‬قرارات وتوصيات مجمع‬
‫الفقه اإلس�لامي للدورات (‪ 1‬ـ ‪ ،)13‬منش��ورات وزارة األوقاف والش��ؤون اإلس�لامية‬
‫القطرية‪ ،‬الدوحة‪ ،‬ط (‪1423 ،)3‬ﻫ ـ ‪2002‬م‪.‬‬

‫ـ مركز دبي لتطوير االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬تقرير واقع االقتصاد اإلسالمي المنشور على موقع‬
‫المركز للعامين ‪ 2015‬ـ ‪ 2016‬و‪ 2018‬ـ ‪.2019‬‬

‫ـ مس��لم‪ ،‬مس��لم بن الحجاج‪ ،‬صحيح مس��لم‪ ،‬تحقي��ق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباق��ي‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫ـ المعايير الش��رعية‪ ،‬هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية‪ ،‬المنامة‪،‬‬


‫‪1435‬ﻫ ـ ‪2014‬م‪.‬‬

‫ـ الهرش‪ ،‬نافذ‪ ،‬أثر دعائم نموذج التطوير خماسي األبعاد في التغلب على المعوقات الداخلية‬
‫والخارجية للمصارف اإلس�لامية‪ ،‬مجلة بيت المش��ورة‪ ،‬عدد (‪ ،)11‬الدوحة‪1441 ،‬ﻫ ـ‬
‫‪2019‬م‪ ،‬ص‪ 87 ،75‬ـ ‪.89‬‬
‫( ‪) 64‬‬
‫ـ الهيتي‪ ،‬عبد الرزاق رحيم‪ ،‬المصارف اإلس�لامية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار أس��امة للنشر‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬ط (‪1418 ،)1‬ﻫ ـ ‪1998‬م‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 65‬‬
‫‪‬‬
‫مداخلة حتت عنوان‪:‬‬
‫خصوصية الرقابة الشرعية‬
‫على البنوك التشاركية باملغرب‬

‫من إعداد‪:‬‬
‫الدكتورة فاطمة آيت الغازي‬
‫أستاذة التعليم العالي‬
‫بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫جامعة املوىل إمساعيل مبكناس‪/‬املغرب‬
‫عضوة باجلمعية املغربية لالقتصاد اإلسالمي‬
‫الربيد اإللكرتوني‪faitelghazi@gmail.com :‬‬
‫اهلاتف‪212663447602+ :‬‬
‫مقدمة‬
‫ظ ّ‬
‫ل المشرع المغربي مترددًا في األخذ بأدوات المالية اإلسالمية عقودًا من الزمن‪،‬‬
‫فعلى الرغم من ظهورها منذ منتصف الس��بعينات‪ ،‬وانتش��ارها في كل بقاع العالم‪ ،‬بما فيها‬
‫أغلب الدول اإلس�لامية وبعض الدول الغربية‪ ،‬وما أبان��ت عنه من قوة ونضج وصمود في‬
‫وج��ه أغلب األزمات المالية التي ش��هدها العال��م‪ ،‬كان على المغارب��ة أن ينتظروا إلى عام‬
‫‪2007‬م؛ لك��ي يصدر منش��ور عن وال��ي بنك المغرب‪ ،‬يس��مح بإدماج بع��ض المنتجات‬
‫المالية اإلس�لامية في البنية البنكية المغربية‪ ،‬إال أن هذه المبادرة ولدت ميتة كما يرى أغلب‬
‫المراقبين؛ لعدة أسباب أهمها‪ :‬انعدام اإلرادة السياسية‪ ،‬وغالء تكلفتها؛ لعدم توفير ظروف‬
‫نجاحها سواء من الناحية الضريبية‪ ،‬أو من الناحية اللوجيستية‪.‬‬

‫وعلى إثر الحراك الديمقراطي الذي ش��هده المغرب كباقي الدول العربية‪ ،‬تمكن‬
‫التوجه المنادي باعتماد المالية اإلسالمية وإدماجها في التشريع الوطني من قيادة الحكومة‪،‬‬
‫بما مكن من تجاوز عقبة اإلرادة السياس��ية من الناحية الرس��مية على األقل‪ ،‬وسمح بتمرير‬
‫قانون تحدث بموجبه مؤسسات مصرفية إسالمية تحت مسمى‪ :‬البنوك التشاركية‪ ،‬ثم قانون‬
‫الصكوك‪ ،‬ثم القانون المنظم للتأمين التكافلي بالمغرب(((‪.‬‬

‫وتكم��ن أهم ميزة لهذه المنتجات بما فيها عمليات التأمين التكافلي في عدم مخالفتها‬
‫ألحكام الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬سواء في نظمها أو في عقودها أو في معامالتها؛ لذلك وحتى‬
‫يس��ود الوضوح والشفافية وتتحقق الثقة والمصداقية لدى المتعاملين بتلك المنتجات‪ ،‬كان‬
‫ال بد للدولة أن تتدخل لفرض رقابة خاصة عليها ـ إلى جانب الرقابة القانونية التي تخضع‬
‫لها المؤسسات المالية التقليدية ـ يطلق عليها الرقابة الشرعية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬برزت اتجاهات مختلفة في التجارب الدولية المقارنة فيما يتعلق‬

‫((( القانون رقم ‪ 13.59‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 99.17‬المتعلق بمدونة التأمينات‪.‬‬

‫( ‪) 69‬‬
‫بكيفية مراقبة المؤسس��ات والهيئات المعتمدة لممارس��ة عمليات التأمي��ن‪ ،‬وإعادة التأمين‬
‫التكافل��ي‪ ،‬بي��ن تجارب ـ وه��ي األكثر انتش��ا ًرا ـ أخذت بإل��زام كل مقاولة م��ن هذا النوع‬
‫بإحداث لجنة مراقبة ش��رعية ضمن هياكلها‪ ،‬وتجارب أخذت بإحداث لجنة شرعية مركزية‬
‫تابع��ة للدولة توكل إليها مهمة تلك المراقبة(((‪ ،‬وتبدو التجربة الماليزية األكثر إش��عاعا في‬
‫العالم‪ ،‬وعلى نهجها س��ار المشرع المغربي سواء في القانون رقم ‪ 59/13‬المتعلق بمدونة‬
‫التأمينات والمنظم للتأمين التكافلي أو من خالل الظهير الشريف ‪ 1.15.02‬المتعلق بإعادة‬
‫تنظيم المجالس العلمية((( الذي أحدثت بموجبه اللجنة الشرعية للمالية التشاركية‪.‬‬
‫فالرقاب��ة الش��رعية تحتل أهمية قصوى في مج��ال المالية اإلس�لامية عمو ًما‪ ،‬والبنوك‬
‫التش��اركية على وجه الخصوص؛ إذ من ش��أن عدم مراقبة كثير من المنتوجات التي تقدهما‬
‫األبناك لزبنائها أن يصبح ذريعة للربا‪ ،‬فقد أتثبت التجربة أنه من الممكن أن تتساهل األبناك‬
‫ف��ي كثير من اإلجراءات التي تضمن خلو معامالتها من المحاذير الش��رعية متى س��مح لها‬
‫باختيار هيئة الرقابة الشرعية‪ ،‬كما أن نجاح هاته المعامالت البديلة رهين بكسب بثقة الزبناء‬
‫الذين رفضوا لعقود طويلة التعامل مع األبناك التقليدية لعلة الربا‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد جاءت المقتضيات المتعلقة بالرقابة الش��رعية على المالية التش��اركية‬
‫ف��ي المغرب بالتوازي مع صدور القانون المنظم لمؤسس��ات االئتم��ان والهيئات المعتبرة‬
‫ف��ي حكمها‪ ،‬فصدر ظهير مح��دث للجنة أطلق عليها اللجنة الش��رعية للمالية التش��اركية‪،‬‬
‫ووضح الظهير في الفصل الخامس منه الوظائف التي تضطلع بها اللجنة للشهادة بالمطابقة‬
‫للمنتوجات التي تعرضها األبناك التشاركية‪ ،‬ولم يقصر المشرع دور هاته اللجنة على مراقبة‬
‫األبناك التشاركية‪ ،‬بل أوعز إليها إبداء الرأي في قضايا التأمين التكافلي وإعادة التأمين‪ ،‬وكذا‬
‫المناشير التي يصدرها والي بنك المغرب في كل ما له عالقة بالمالية التشاركية‪.‬‬

‫((( وأبرز الدول التي أخذت بهذه الطريقة‪ :‬ماليزيا والسودان واإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬
‫((( ظهير ش��ريف رقم ‪ 1.15.02‬صادر في ‪ 28‬ربيع األول ‪1436‬ﻫ (‪ 20‬يناير ‪2015‬م) بتتميم الظهير‬
‫الش��ريف رق��م ‪ 1.03.300‬الصادر في ‪ 02‬ربيع األول ‪1425‬ﻫ (‪ 22‬أبري��ل ‪2004‬م) بإعادة تنظيم‬
‫المجالس العلمية‪ ،‬منش��ور بالجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،6333‬بتاريخ ‪ 19‬ربيع اآلخر ‪1436‬ﻫ (‪ 9‬فبراير‬
‫‪2015‬م)‪.‬‬

‫( ‪) 70‬‬
‫ففي هذه المداخلة س��أتناول بالبحث القضايا المرتبطة بالرقابة على األبناك التشاركية‪،‬‬
‫م��ن حي��ث المفهوم واألهمية‪ ،‬ول��ن أغفل األدوار والمه��ام التي تلعبها مؤسس��ات الرقابة‬
‫الشرعية‪ ،‬وفق التصميم التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية البنوك التشاركية والرقابة الشرعية‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬مميزات النموذج المغربي في الرقابة الشرعية‪ ،‬إكراهاته وآفاق تطويره‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 71‬‬
‫املطلب األول‬
‫ماهية البنوك التشاركية والرقابة الشرعية‬
‫عرف��ت الصناعة المالية اإلس�لامية تطو ًرا ملحو ًظ��ا ومتزايدًا‪ ،‬جعلتها تفرض نفس��ها‬
‫ملموس��ا‪ ،‬تنش��ده العديد من‬
‫ً‬ ‫ف��ي البيئة المالية العالمية‪ ،‬وأضحى التمويل اإلس�لامي واقعًا‬
‫مؤسسات التمويل على المستوى المحلي والدولي؛ بسبب المزايا العديدة التي يوفرها‪.‬‬
‫ولعل حرص العديد من المؤسس��ات المالية اإلس�لامية على توس��يع نطاق معامالتها‬
‫وخدماتها؛ ليشمل أغلب العمليات البنكية بما فيها‪ :‬الحسابات الجارية‪ ،‬وحسابات االدخار‬
‫االستثماري‪ ،‬والودائع االستثمارية‪ ،‬وخطابات الضمان‪ ،‬واالعتمادات المستندية‪ ،‬وخدمات‬
‫الصرف األجنبي‪ ،‬والبطاقات اإللكترونية‪ ،‬وخدمات الصرف اآللي‪ ،‬وش��بكات التحويالت‬
‫العالمية‪ ،‬والش��يكات السياحية‪ ،‬وتمويل المباني الس��كنية والتجارية والصناعية‪ ،‬والبضائع‬
‫والس��يارات‪ ،‬والتج��ارة المحلي��ة والدولي��ة عن طري��ق العق��ود المدنية وعق��ود المضاربة‬
‫والمغارس��ة والمزارعة وغيرها من صيغ التمويل‪ ،‬ولالس��تفادة من كل هذه الميزات عملت‬
‫مؤخرا فرنسا على مواكبة هذا الركب االقتصادي بإدخال تعديالت على التشريعات الخاصة‬
‫ً‬
‫بالقطاع البنكي؛ لتسمح بتسويق المنتجات البنكية اإلسالمية‪ ،‬وتفتح الباب إلدخال الصكوك‬
‫اإلسالمية من أجل التداول بها ببورصة باريس‪ ،‬األمر الذي أتاح للمؤسسات البنكية الفرنسية‬
‫فرص��ة اعتماد الصيغ اإلس�لامية ضمن تعامالتها‪ ،‬كما أضحت العدي��د من الدول األوربية‬
‫خاصة بريطانيا وسويسرا وفرنسا تتسابق لتحظى بلقب عاصمة المالية اإلسالمية في أوروبا‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬ماهية البنوك التشاركية‬
‫تبعًا لما سبق‪ ،‬أصبح اعتماد المغرب لنظام المالية اإلسالمية في القطاع البنكي ضرورة‬
‫خصوصا بعد القدرة الهائلة التي أبان‬
‫ً‬ ‫ملحة سيشكل التراجع عنها خطأ سياسيًّا واستراتيجيًّا‬
‫عليها نظام المعامالت البنكية اإلس�لامية في الحد من آثار األزمات االقتصادية التي عرفها‬
‫مؤخرا‪ ،‬عندما تم اعتماد هذا النظام من طرف العديد من الدول األوربية‪ ،‬وهو‬
‫ً‬ ‫العالم الغربي‬

‫( ‪) 72‬‬
‫ما مكن المؤسس��ات المالية اإلس�لامية من فرض نفس��ها في البيئة المالية العالمية وأصبح‬
‫ملموسا تس��عى إليه العديد من مؤسسات التمويل على المستوى‬
‫ً‬ ‫التمويل اإلس�لامي واقعًا‬
‫المحلي والدولي مما يفس��ر ارتفاع عدد األبناك اإلس�لامية بالعالم إلى ‪ 500‬بنك إس�لامي‬
‫حاليًّا‪ ،‬وأمام اعتماد جل الدول العربية واإلسالمية لنظام المالية اإلسالمي‪ ،‬فإن عدم اعتماده‬
‫داخل المغرب رغم مزاياه المتعددة‪ ،‬لم يعد مقبولاً خالل األلفية الثالثة‪.‬‬
‫ه��ذا ما س��نحاول تجلي مضامينه م��ن خالل الحديث عن المس��ار التاريخ��ي؛ لتبني‬
‫المغرب للبنوك التش��اركية اإلسالمية‪ ،‬قبل تحديد ماهيتها وخصائصها من خالل ما جاء في‬
‫القانون البنكي الجديد ‪.12.103‬‬
‫أولاً ‪ :‬المسار التاريخي للبنوك التشاركية بالمغرب‪:‬‬
‫عرف المغرب العديد من المحاوالت الس��ابقة إلنشاء بنوك إسالمية‪ ،‬ولكن لم يكتب‬
‫لها النجاح بسبب عدم نضج الظروف السياسية وتخوف المؤسسات البنكية من هذا المنافس‬
‫أساسا‬
‫ً‬ ‫ونظرا لصفتها اإلس�لامية المرتبطة‬
‫ً‬ ‫الذي يجهلونه‪ ،‬وعدم وضوح طبيعة هذه البنوك‪،‬‬
‫باختصاص��ات الملك الدينية بمقتضى الدس��تور‪ ،‬وليس بالس��لطتين التش��ريعية والتنفيذية‪،‬‬
‫ونذكر بإيجاز أهم هذه المحاوالت‪:‬‬
‫أ ـ محاولة األمير محمد الفيصل‪:‬‬
‫تم��ت محاول��ة األمير محم��د الفيصل (صاحب بنك فيصل اإلس�لامي) في أواس��ط‬
‫ثمانينات القرن الماضي‪ ،‬كما صرح بذلك الدكتور عبد الكريم الخطيب رحمه اهلل أن األمير‬
‫في عام ‪1984‬م عبر له عن رغبته في تأس��يس بنك إس�لامي في المغرب‪ ،‬برأس��مال قدره‬
‫ثمانية ماليير س��نتيم آنذاك‪ ،‬وأبلغ هذه الرغبة للملك الراحل الحسن الثاني رحمه اهلل‪ ،‬لكن‬
‫هذا الطلب لم ينل القبول‪.‬‬
‫ب ـ مبادرة الشبابيك اإلسالمية‪:‬‬
‫تمثل��ت المبادرة ف��ي محاولة فتح نوافذ أو ش��بابيك للتعامالت المصرفية اإلس�لامية‬
‫بتعاون وثيق بين بنك الوفاء‪ ،‬وبين العديد منن أعضاء الجمعية المغربية لالقتصاد اإلسالمي‪،‬‬
‫( ‪) 73‬‬
‫عام ‪1991‬م‪ ،‬لكن بنك المغرب اعترض على هذه المبادرة عش��ية انطالقها واإلعالن عنها‬
‫في بعض الجرائد‪.‬‬

‫ت ـ تجربة المنتجات البديلة‪:‬‬

‫في صيف ‪2007‬م صدر عن بنك المغرب توصية تحت عدد ‪/33‬و‪2007/‬م صادرة‬
‫بتاريخ ‪ 13‬ش��تنبر ‪2007‬م‪ ،‬بقرار لوزير االقتصاد والمالية رقم ‪ ،89.934‬تنص على ثالث‬
‫منتج��ات س��ميت بالتمويالت البديلة يمكن للبن��وك ـ أن تقدمها لزبنائه��ا‪ ،‬وهي‪ :‬المرابحة‬
‫واإليجار المنتهي بالتمليك والمشاركة‪.‬‬

‫منتظرا‪ ،‬وذلك لعدة أس��باب‪ ،‬منها‪:‬‬


‫ً‬ ‫غي��ر أن هذه التجربة ل��م تلقى النجاح ال��ذي كان‬
‫ضعف األس��اس القانوني‪ ،‬وعدم وجود هيئة للمراقبة‪ ،‬أو المطابقة الشرعية‪ ،‬ثقل االزدواج‬
‫ً‬
‫فاحش��ا مقارنة بقروض البن��وك التجارية‪ ،‬وعدم تحمس‬ ‫الضريب��ي الذي جعلها غالية غالءً‬
‫البن��وك التقليدية لهذه التمويالت‪ ،‬وعدم تأهيل أطر البنوك لها وعدم تحمس��هم إلنجاحها‪،‬‬
‫وضعف التعريف بها والترويج لها‪.‬‬

‫ث ـ مقترح قانون البنوك اإلسالمية‪:‬‬

‫تقدم فري��ق العدالة والتنمي��ة وخاصة الس��ادة النواب‪ :‬محمد نجيب بوليف‪ ،‬لحس��ن‬
‫الداودي‪ ،‬س��عيد خيرون‪ ،‬عب��د اللطيف بروحو‪ ،‬عب��د العزيز أفتاتي‪ ،‬محم��د الزويتن‪ ،‬عبد‬
‫الكري��م النماوي‪ ،‬وعبد اهلل العبدالوي بتنس��يق مع الجمعية المغربية لالقتصاد اإلس�لامي‪،‬‬
‫مقترح قانون يتعلق بالمصارف اإلس�لامية‪ ،‬والمؤسس��ات المالية التي في حكمها‪ ،‬س��جل‬
‫بمجل��س الن��واب بتاريخ ‪2011/1/4‬م تحت رقم التس��جيل ‪ .91‬وقد تضمن ‪ 300‬مادة‪،‬‬
‫وحوالي ‪10‬أبواب‪ ،‬خصص‪:‬‬

‫ـ الباب األول‪ :‬لألحكام التمهيدية والمصطلحات‪.‬‬

‫ـ الباب الثاني‪ :‬مجاالت العمل واإلطار المؤسساتي‪.‬‬

‫ـ الباب الثالث‪ :‬اإلدارة والتسيير‪.‬‬

‫( ‪) 74‬‬
‫ـ الباب الرابع‪ :‬منح وسحب االعتماد ومزاولة النشاط‪.‬‬
‫ـ الباب الخامس‪ :‬أحكام تتعلق بالمحاسبة وبالقواعد االحترازية وتنظيم االئتمان‪.‬‬
‫ـ الباب السادس‪ :‬حول المراقبة واإلشراف‪.‬‬
‫ـ الباب الس��ابع‪ :‬اإلدارة المؤقتة للمصارف اإلس�لامية والمؤسس��ات المالية التي في‬
‫حكمها وتصفيتها‪.‬‬
‫ـ الباب الثامن‪ :‬حماية عمالء المصارف اإلسالمية والمؤسسات المالية التي في حكمها‪.‬‬
‫ـ الباب التاسع‪ :‬العقوبات التأديبية والجنائية‪.‬‬
‫ـ الباب العاشر‪ :‬أحكام عامة وختامية‪.‬‬
‫ونظرا لالنتخابات التشريعية المبكرة لعام ‪2011‬م فقد تم سحب هذا المقترح‪.‬‬
‫ج ـ تعديل القانون البنكي وإدراج البنوك التشاركية فيه‪:‬‬
‫ن��ص البرنامج الحكوم��ي ‪ 2012‬ـ ‪2016‬م على إحداث تموي�لات جديدة‪ ،‬والمقصود‬
‫بها‪ :‬منتجات البنوك التش��اركية‪ ،‬وفعلاً قدمت في نهاية س��نة ‪2013‬م مشروع قانون مؤسسات‬
‫االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪ ،‬وهو القانون البنكي الحالي بعد المصادقة عليه في عام‬
‫‪2015‬م‪ ،‬ويتكون هذا القانون من تس��عة أقس��ام‪ ،‬خصص القسم الثالث منه للبنوك التشاركية‪،‬‬
‫ويتمون هذا القسم من ثالث أبواب و‪ 17‬مادة‪ ،‬من المادة ‪ 54‬إلى المادة ‪ 70‬على النحو التالي‪:‬‬
‫ـ الباب األول‪ :‬مجال التطبيق ويتضمن الخدمات والعقود التي تقدمها البنوك التشاركية‬
‫ـ الباب الثاني‪ :‬هيئات المطابقة‪ :‬وتضم المطابقة الخارجية‪ ،‬وظيفة التدقيق الداخلي‬
‫ـ الباب الثالث‪ :‬أحكام مختلفة تتعلق بالضمانات المقدمة للزبناء وللبنوك التشاركية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مدلول البنوك التشاركية‪:‬‬
‫س��نتناول في هذه الفقرة أولاً تعريف البنوك التشاركية التي أخذ بها المشرع المغربي‪،‬‬
‫مع تبيان الخصائص التي تمتاز بها هذه األخيرة عن غيرها من البنوك التجارية التقليدية ثانيًا‪.‬‬

‫( ‪) 75‬‬
‫أ ـ تعريف البنوك التشاركية‪:‬‬

‫عوض المش��رع المغربي مصطل��ح البنوك اإلس�لامية عن البنوك التش��اركية‪ ،‬بضغط‬


‫من لوبيات البنوك التقليدية التي خافت على نفس��ها من المنافس��ة‪ ،‬ذلك أن إطالق وصف‬
‫«اإلس�لامية» يوحي بصفة مباش��رة إلى عدم تطابق المنتجات البنكية التقليدية مع الش��ريعة‬
‫اإلسالمية يعبر من حيث الموضوع عن المرجعية التشريعية التي تستقى منها معامالت هذه‬
‫البنوك‪ ،‬األمر الذي أقره والي بنك المغرب‪.‬‬

‫غي��ر أنه‪ ،‬من زاوية أخرى‪ ،‬قد يكون تجنب نعت «اإلس�لامية» إيجابيًّا‪ ،‬من باب تفادي‬
‫أي مغالطة يمكن أن تس��يء بالدين اإلس�لامي‪ ،‬نتيجة انحراف في الممارس��ة‪ ،‬أو فشل في‬
‫التطبيق؛ بس��بب س��وء التدبير والتس��يير‪ ،‬وضعف التخطيط والتأطير‪ ،‬كم��ا أن التطور الذي‬
‫يعرفه المجال االقتصادي بالعالم‪ ،‬قد يرتب ظهور منتجات جديدة تتسرب إلى هذه البنوك‪،‬‬
‫ويكون من شأنها أن تخرج عن مقاصد وضوابط الشريعة اإلسالمية‪ ،‬هذا مع اإلشارة والتنبيه‬
‫إلى أن وصف «التش��اركية» ال ينطبق على كافة المنتوجات المقدمة من طرف هذا النوع من‬
‫البنوك‪ ،‬ومنها عقد المرابحة‪ ،‬الذي يغيب فيها كما س��نرى ذلك الح ًقا عنصر المش��اركة في‬
‫الربح والخسارة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يمكن تعريف البنك اإلسالمي بأنه بنك يتوافق مع أحكام الشريعة اإلسالمية في‬
‫جميع المعامالت التي يقدمها لزبنائه‪ ،‬سواء كانت هذه المنتجات ودائع أو حسابات بنكية‪،‬‬
‫كم��ا يعمل هذا البنك على تلبي��ة مختلف احتياجات التمويل الخاص��ة بالعميل‪ ،‬عبر توفير‬
‫مجموعة من المنتوجات التي جاء بها المشرع المغربي في القانون ‪ 103.12‬المتمثلة على‬
‫سبيل المثال ال الحصر المرابحة واإلجارة والمشاركة والمضاربة والسلم واالستصناع‪.‬‬

‫وق��د وضع المش��رع المغربي تعري ًفا ش��املاً للنوك التش��اركية بما يل��ي‪ « :‬تعتبر بنوكا‬
‫تشاركية األش��خاص االعتبارية الخاضعة ألحكام هذا القس��م‪ ،‬والمؤهلة لمزاولة األنشطة‬
‫المشار إليها في المادة األولى والمادتين ‪ 55‬و‪ 58‬من هذا القانون وكذا العمليات التجارية‬
‫والمالي��ة واالس��تثمارية بصفة اعتيادية بعد ال��رأي بالمطابقة الصادر ع��ن المجلس العلمي‬

‫( ‪) 76‬‬
‫األعلى وف ًقا لمقتضيات المادة ‪ ،62‬ويجب أال تؤدي هذه األنشطة والعميالت المشار إليها‬
‫أعاله غلى تحصيل أو دفع فائدة أو هما معًا»‪.‬‬

‫ب ـ خصائص البنوك التشاركية‪:‬‬

‫إن للبنوك التشاركية مجموعة من الخصائص التي تميزها عن غيرها من البنوك التقليدية‬
‫بسبب استنباط جل معامالتها من الفقه اإلسالمي‪ ،‬ولعل أهم هذه الخصائص ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬اس��تبعاد التعامل بالفائدة‪ :‬يعتبر التعامل بالفائدة من األعمال المحرمة شرعا؛ لما لها‬
‫من أثر على المجتمع؛ حيث يزيد الفقير فقرا ويزداد الغني غنى‪ ،‬وبالتالي تم استبدال الفائدة‬
‫الربوية بالمشاركة‪.‬‬

‫‪ -‬التعام��ل بقاع��دة الغنم بالغ��رم‪ :‬يتجلى تطبيق قاع��دة الغنم بالغرم‪ ،‬عن��د قيام البنك‬
‫بالمشاركة مع أحد العمالء‪ ،‬بغض النظر عن كونها ثابتة أو متناقصة‪ ،‬فيكون مستعدًّا لتحمل‬
‫الربح أو الخسارة على حد سواء بحسب نسبة مشاركته‪.‬‬

‫‪ -‬تبن��ي قاعدة الخراج بالضمان‪ :‬ويقصد بالخراج في الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬اإلتاوة أو‬
‫الضريب��ة الت��ي تؤخذ من أموال الناس عل��ى الغلة الحاصلة في الش��يء‪ ،‬وفي مجال البنوك‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬يطلق على العمولة‪ ،‬أو األجر الذي يحصل علي��ه البنك‪ ،‬مقابل ضمانه الودائع‬
‫التي يتقدم بها العمالء(((‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ماهية الرقابة الشرعية‪:‬‬


‫تش��كل الرقابة الش��رعية ركنا أصيال من أس��س المالية اإلس�لامية‪ ،‬ال تق��وم لها قائمة‬
‫بدونه؛ إذ بوجود هيئة رقابة ش��رعية مس��تقلة‪ ،‬تحترم قراراتها من قبل المؤسسات المراقبة‪،‬‬
‫يمكن تمييز المؤسسة المالية اإلسالمية عن المؤسسات التقليدية التي ال تخضع لمثل تلك‬
‫الرقابة‪ ،‬وقد ال تراعي في أنشطتها عدم مخالفة مبادئ وأحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫((( الباحث عبد الكريم عبادي‪ ،‬أطروحة دكتوراه مصطلحات االقتصاد اإلسالمي المعاصر‪ ،‬كلية الشريعة‪،‬‬
‫جامعة سيدي محمد بن عبد اهلل‪ ،‬الموسم الجامعي ‪2017/2016‬م‪ ،‬ص‪.18‬‬

‫( ‪) 77‬‬
‫وحيث إن من مس��تلزمات دراس��ة أي موضوع تناول مفهومه س��واء م��ا تعلق بتعريفه‬
‫أو خصائصه وأش��كاله‪ ،‬فقد حاولنا القيام بذلك بش��كل مختصر بخصوص موضوع الرقابة‬
‫الش��رعية‪ ،‬رغم كونه م��ن المواضيع الدقيقة التي ل��م تنل بعد حظها م��ن االهتمام‪ ،‬وهكذا‬
‫سنتناول في الفقرة األولى تعريف الرقابة الشرعية‪ ،‬سواء من الناحية اللغوية‪ ،‬أو من الجانب‬
‫االصطالحي‪ ،‬قبل أن نس��تعرض ف��ي الفقرة الثانية أهم مبادئ الرقابة الش��رعية وأش��كالها‬
‫حسب مراحل تفعيلها‪.‬‬
‫أولاً ‪ :‬مفهوم الرقابة الشرعية‪:‬‬
‫من أجل تقريب مفهوم الرقابة الش��رعية من الفهم‪ ،‬البد من تعريفها من الناحية اللغوية‬
‫قبل تناول تعريفها االصطالحي‪.‬‬
‫أ ـ التعريف اللغوي للرقابة‪:‬‬
‫تعن��ي الرقاب��ة في اللغ��ة ـ بفتح الراء وكس��رها ـ المراقب��ة‪ ،‬بمعنى‪ :‬االنتص��اب مراعاة‬
‫لشيء(((‪ ،‬وقال ابن فارس‪ :‬الراء والقاف والباء أصل واحد مطرد يدل على انتصاب لمراعاة‬
‫ش��يء‪ ،‬ومن ذلك الرقيب وهو الحافظ(((‪ ،‬ورقب الش��يء‪ :‬حرس��ه‪ ،‬كراقب��ه مراقبة ورقابا‪،‬‬
‫وارتقب‪ :‬أشرف وعال(((‪ ،‬والشرعية نسبة إلى الشرع‪ ،‬وهي كل ما شرع اهلل لعباده من الدين‪.‬‬
‫ب ـ التعريف االصطالحي للرقابة الشرعية‪:‬‬
‫هناك تعاريف متعددة لمفهوم الرقابة الش��رعية على المؤسس��ات المالية حسب زاوية‬
‫نظر الباحثين المهتمين‪ ،‬فالرقابة هي‪« :‬عملية ترتكز على التحقق من إنجاز العمل وفق قرار‬
‫أو وضع أو معيار يتناسب مع متطلبات الوظيفة والقواعد المفروضة عليه‪ ،‬سواء كان العمل‬
‫عموميًّا أو فرديًّا»(((‪.‬‬

‫لسان العرب‪.279/5 ،‬‬ ‫(((‬


‫معجم مقاييس اللغة‪ ،‬مادة رقب‪.427/2 ،‬‬ ‫(((‬
‫مجد الدين الفيروز آبادي‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬مادة‪ :‬رقب (‪ ،)3655‬ص‪.659‬‬ ‫(((‬
‫جرار كورنو‪ ،‬معجم المصطلحات القانونية‪ ،‬ترجمة منصور القاضي‪ ،‬ص‪.847‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 78‬‬
‫وع��رف أحد الباحثين((( الرقابة الش��رعية أنها‪ :‬متابعة وتدقي��ق وفحص وتحليل كافة‬
‫األعمال واألنش��طة التي يمارس��ها المصرف اإلس�لامي‪( ،‬أو أي مؤسس��ة مالية إس�لامية)‬
‫للتأكد من أنها تتم وف ًقا ألحكام الش��ريعة اإلس�لامية ومبادئها‪ ،‬وطب ًق��ا للفتاوى والقرارات‬
‫والتوصيات الصادرة من الهيئة الشرعية‪ ،‬وذلك باستخدام مجموعة من الوسائل واألساليب‬
‫المالئم��ة والمطابقة للش��رع وبيان المخالف��ات واألخطاء وتصويبها‪ ،‬وتقدي��م التقارير إلى‬
‫الجهات المعنية متضمنة المالحظات والنصائح واإلرشادات‪ ،‬وسبل التطوير إلى األفضل‪.‬‬

‫كما عرفها باحث آخر((( على أنها‪« :‬متابعة وفحص وتحليل كافة األعمال والتصرفات‬
‫والس��لوكيات التي يقوم بها األفراد والجماعات والمؤسسات والوحدات وغيره؛ للتأكد‬
‫من أنه��ا تتم وف ًقا ألحكام الش��ريعة اإلس�لامية وقواعدها‪ ،‬وذلك باس��تخدام الوس��ائل‬
‫واألس��اليب المالئمة والمشروعة‪ ،‬وبيان المخالفات واألخطاء‪ ،‬وتصويبها فو ًرا‪ ،‬وتقديم‬
‫التقارير إلى الجهات المعنية‪ ،‬متضمنة المالحظات والنصائح واإلرشادات وسبل التطوير‬
‫إلى األفضل»‪.‬‬

‫غي��ر أن التعريف الذي نميل إليه بخصوص موضوع دراس��تنا‪ ،‬هو أنها‪ :‬وضع ضوابط‬
‫ش��رعية مس��تمدة من األدلة الشرعية تحكم تأسيس وعمل مؤسس��ة من المؤسسات المالية‬
‫اإلس�لامية بما فيها مقاوالت التأمين‪ ،‬وإعادة التأمين التكافلي‪ ،‬ومتابعة مدى احترامها أثناء‬
‫التنفيذ في كل األنشطة والمعامالت‪.‬‬

‫وبالمجمل‪ ،‬فإن الرقابة الشرعية على المؤسسة المالية اإلسالمية‪ ،‬تعني ببساطة‪ :‬التأكد‬
‫من أن معامالت تلك المؤسسة ـ سواء كانت مصرفا أو مقاولة للتأمين التكافلي أم غيرها ـ‬
‫تتم وف ًقا ألحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫((( حسين ش��حاتة‪ ،‬اختصاصات هيئة الرقابة الشرعية في المؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بنك دبي اإلسالمي‪ ،‬عدد ‪ ،116‬فبراير ‪1991‬م‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫((( تعري��ف أورده محم��د أكرم الل الدين‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬لألس��تاذ حس��ن يوس��ف داود‪ ،‬الرقابة الش��رعية في‬
‫المصارف اإلسالمية‪ ،‬المعهد العالمي للفكر اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪1996 ،‬م‪ ،‬ص‪.15‬‬

‫( ‪) 79‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مبادئ الرقابة الشرعية وأشكالها‪:‬‬

‫تقوم الرقابة الشرعية في مختلف المؤسسات المالية اإلسالمية على مبادئ هامة تكفل‬
‫له��ا المصداقي��ة‪ ،‬ولقراراتها القوة الالزمة التي تمكنها من القي��ام بالمهام الموكولة لها على‬
‫أكمل وجه‪ ،‬ويحقق للمؤسسات المراقبة المناعة الكافية في وجه أي انحراف أو زلل‪ ،‬ولعل‬
‫أبرز تلك المبادئ مبدأ االس��تقاللية الذي يحررها من أي تبعية إدارية أو مالية قد تؤثر على‬
‫قراراتها (أ)‪ ،‬ومبدأ اإللزامية الذي يكسب آراءها قوة ملزمة تفرض على المؤسسات المالية‬
‫المراقبة االمتثال لها‪ ،‬وعدم مخالفة أحكامها (ب)‪.‬‬

‫أ ـ مبادئ الرقابة الشرعية‪:‬‬

‫حتى تتمكن هيئات الرقابة الش��رعية من أداء عملها بالشكل المرغوب‪ ،‬البد من تفعيل‬
‫مجموعة من المبادئ والحرص على احترامها‪ ،‬وعلى رأسها مبدأي االستقاللية واإللزامية‪.‬‬

‫‪ -1‬مب��دأ االس��تقاللية‪ :‬لك��ي تتوفر لهيئ��ة الرقابة الش��رعية االس��تقاللية الحقيقية عن‬
‫المؤسسات المراقبة‪ ،‬البد أن تتمتع باستقالل إداري ومالي عنها‪:‬‬

‫‪ -‬فاالس��تقالل اإلداري‪ :‬يتجل��ى ف��ي ع��دم تبعية أعض��اء الهيئة ألجهزة المؤسس��ات‬
‫المراقبة‪ ،‬س��واء من حيث س��لطة التعيين أو العزل؛ إذ ال يمكن للرقابة أن تكون فعالة إذا لم‬
‫يتمتع أعضاء الهيئة باستقاللية تامة تؤهلهم للنظر فيما يعرض عليهم بنزاهة وحيادية‪ ،‬بحيث‬
‫يكون ش��غلهم الشاغل الوحيد هو الحرص الش��ديد على مطابقة أنظمة المؤسسات المالية‬
‫المراقبة وعقودها وأعمالها ألحكام الشريعة اإلسالمية السمحة‪.‬‬

‫‪ -‬أم��ا االس��تقالل المال��ي‪ :‬فيتجلى في ع��دم ربط أداء أج��رة أعضاء الهيئ��ة باألجهزة‬
‫المس��يرة للمؤسسات المالية المراقبة‪ ،‬وأن يتم ربط وضعيتهم اإلدارية والمالية بأعلى جهاز‬
‫في المؤسس��ة الذي هو الجمعية العمومية ـ كما هو الش��أن في أغلب التجارب ـ‪ ،‬أو بجهة‬
‫مستقلة تما ًما عن الجهات المراقبة ـ كما في التجربة الماليزية ـ‪ ،‬وهو النهج الذي سار عليه‬
‫المشرع المغربي في القانون ‪ 59/13‬المتعلق بمدونة التأمينات والمنظم التأمين التكافلي؛‬

‫( ‪) 80‬‬
‫حي��ث أوكل مهمة إبداء الرأي بمطابقة عملي��ات مقاوالت التأمين‪ ،‬وإعادة التأمين التكافلي‬
‫وأنش��طتها ألحكام الش��ريعة اإلس�لامية إل��ى المجلس العلم��ي األعلى ال��ذي يعد الجهة‬
‫المخولة باإلفتاء في المغرب‪ ،‬وبذلك تتحقق لهيئة الرقابة الشرعية االستقاللية التامة‪ ،‬طالما‬
‫أن أعضاءها يعينون من قبل األمين العام للمجلس ويتقاضون أجورهم من الدولة‪.‬‬
‫وحتى قبل المصادقة على هذا المشروع صدر بالجريدة الرسمية ظهير تنظيم المجالس‬
‫العلمي��ة‪ ،‬الذي تأسس��ت بموجبه هيئ��ة الرقابة الش��رعية في المغرب تحت مس��مى‪ :‬اللجنة‬
‫الش��رعية للمالية التش��اركية‪ ،‬والتي من أهم وظائفها إبداء الرأي في عمليات التأمين وإعادة‬
‫التأمين التكافلي التي تحال عليها‪ ،‬سواء من لدن هيئة مراقبة التأمينات واالحتياط االجتماعي‬
‫أو غيرها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مب��دأ اإللزامي��ة‪ :‬إن مبدأ اإللزام من أهم المبادئ التي تقوم عليها الرقابة الش��رعية؛‬
‫إذ ال معن��ى الس��تقالليتها إذا لم تتوفر آلرائه��ا وقراراتها القوة اإللزامي��ة الضرورية‪ ،‬فعمل‬
‫المؤسس��ات المالية س��واء التقليدية منها أو اإلسالمية يس��تهدف تحقيق مزيد من األرباح‪،‬‬
‫فقد تس��عى تلك المؤسس��ات ـ في غياب هذا المبدأ ـ إلى غض الطرف عن آراء هيئة الرقابة‬
‫الش��رعية وقراراته��ا‪ ،‬كما أنه ال ب��د أن تكون لهيئ��ات الرقابة آليات فاعل��ة تمكن من رقابة‬
‫محكمة لعمليات االس��تثمار وتنفيذ المنتجات والتعامل معها من قبل إدارة المؤسس��ة بعد‬
‫إصدار الهيئات موافقتها عليها(((‪.‬‬

‫فهيئ��ات الرقابة ال تمارس دو ًرا استش��اريًّا فحس��ب‪ ،‬ب��ل إن الرقابة تتضمن اإلرش��اد‬
‫واإلشراف والرقابة من أول اإلنشاء أو تطور المنتجات إلى يوم إصدارها‪ ،‬ومراجعة وتدقيق‬
‫عمل المصرف (أو مقاولة التأمين) من حين إلى آخر(((‪.‬‬

‫ونرى أن المشرع المغربي تميز في استحداث رقابة شرعية مركزية وبوأها مكانة متميزة‬

‫((( هيام محمد عبد القادر الزيدانيين‪ ،‬الرقابة الش��رعية على المصارف اإلسالمية بين التأصيل والتطبيق‪،‬‬
‫جلد ‪ ،40‬العدد ‪ ،1‬الجامعة األردنية‪ ،‬عمان‪2013 ،‬م‪.‬‬‫مجلة دراسات‪ ،‬علوم الشريعة والقانون‪ ،‬الم ّ‬
‫((( محمد أكرم الل الدين‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫( ‪) 81‬‬
‫ع��ن األجهزة الرقابية األخرى فيم��ا يتعلق بعمليات التأمين‪ ،‬وإع��ادة التأمين التكافلي على‬
‫وجه الخصوص‪ ،‬فأخضع مش��اريع المنش��ورات التي يصدرها بنك المغ��رب وهيئة مراقبة‬
‫التأمين��ات واالحتياط االجتماعي المتعلقة بتل��ك العمليات لضرورة إحالتها على المجلس‬
‫العلمي األعلى قصد إبداء الرأي بمطابقتها ألحكام الشريعة اإلسالمية قبل إصدارها‪.‬‬
‫ب ـ أشكال الرقابة الشرعية‪:‬‬
‫تتخذ الرقابة الش��رعية في كل تجربة ش��كال معينا‪ ،‬فهناك تجارب أخذت بالمستش��ار‬
‫الش��رعي الواحد‪ ،‬وبعضها اعتمدت على عدد من الفقه��اء دون أن تتقيد برأي واحد منهم‪،‬‬
‫وبعضها أنش��أت هيئة استش��ارية تفتي فيما يعرض عليها فقط من موضوعات‪ ،‬وال دخل لها‬
‫بمراجعة األعمال المنفذة(((‪ ،‬غير أن أغلب التجارب تختار لجنة للرقابة الشرعية مكونة على‬
‫األق��ل من ثالث علماء‪ ،‬تتوفر فيهم أهلية الفتوى في قضاي��ا فقه المعامالت‪ ،‬يتم اختيارهم‬
‫من قبل الجمعية العمومية للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية‪ ،‬غير أن التجربة المغربية تفردت‬
‫بإسنادها مهمة الرقابة الشرعية إلى لجنة تابعة لهيئة الفتوى بالمجلس العلمي األعلى‪ ،‬وهو‬
‫أفضل أشكال الرقابة الشرعية((( لعدة اعتبارات كما سنفصل ذلك في حينه‪.‬‬

‫((( أش��رف محمد دوابه‪ ،‬أساس��يات العم��ل المصرفي اإلس�لامي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة دار الس�لام‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪2012 ،‬م‪ ،‬ص‪.161‬‬
‫((( في التجارب المقارنة تتخذ الرقابة الشرعية أحد األشكال التالية‪:‬‬
‫أ ‪ -‬هيئ��ة أو جهاز رقابة ش��رعية مس��تقل غير تابع ألي من المصارف اإلس�لامية‪ ،‬يتاب��ع كل ما يتعلق‬
‫بالمصارف اإلس�لامية‪ ،‬ومنفصل عن البنك المركزي‪ ،‬ومثال ذلك الهيئة العليا التابعة لوزارة الشؤون‬
‫اإلس�لامية واألوقاف في دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬والهيئة العليا للفتوى والرقابة الش��رعية في‬
‫االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية‪ ،‬ويبدو أن النموذج المغربي قريب من هذا الشكل‪.‬‬
‫ب ‪ -‬هيئة رقابة ش��رعية داخل البنك المركزي‪ ،‬تكون مسؤولة عن كل ما يتعلق بالمصارف اإلسالمية‬
‫عل��ى أن ال تخض��ع ه��ذه الهيئة إلدارة البن��ك المركزي‪ ،‬فهي التي تحاس��ب البن��ك المركزي وليس‬
‫العكس‪ ،‬ولها س��لطة الرقابة الش��رعية المس��تمرة على عمليات هيئات الرقابة الشرعية في المصارف‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ومثال ذلك المجلس اإلشرافي الشرعي في البنك المركزي الماليزي‪.‬‬
‫ج ‪ -‬جه��از رقابة ش��رعية مس��تقل ـ ومنفصل ع��ن البنك المرك��زي ـ تابع لمجموعة م��ن المصارف‬
‫=‬ ‫ ‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬كالهيئة الشرعية الموحدة لمجموعة دلة البركة‪.‬‬

‫( ‪) 82‬‬
‫وعملية الرقابة الش��رعية يجب أن تالزم عمل المؤسس��ات المالية اإلس�لامية في كل‬
‫مراحل��ه‪ ،‬فنكون أم��ام رقابة قبلية‪ :‬وتهدف إلى دراس��ة النظام األساس��ي‪ ،‬ونم��اذج العقود‬
‫والوثائق ذات الطابع التعاقدي‪ ،‬وإبداء الرأي بمدى مطابقتها ألحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫ثم رقابة مواكبة‪ :‬تس��تهدف متابعة تنفيذ أنشطة المؤسس��ة المالية ومعامالتها‪ ،‬والتأكد‬
‫من عدم انحرافها عن مبادئ وأحكام الشرع‪ ،‬باإلضافة إلى إمكانية تقديم استشارات شرعية‬
‫للقائمين على المؤسسة والعاملين بها‪ ،‬والنظر في شكاوى المتعاملين معها‪.‬‬

‫وهناك رقابة بعدية تروم مراجعة عمليات المؤسسة وتدقيقها‪ ،‬وبشكل عام تعنى بتقييم‬
‫أعمال المؤسسة من الناحية الشرعية وإصدار آراء بخصوصها‪.‬‬

‫= د ‪ -‬جهة استشارية مركزية داخل المصرف أو خارجه‪ ،‬تفتي بالمسائل المعروضة عليها فقط وال صلة‬
‫لها بمراجعة األعمال المنفذة‪ ،‬وتعتبر إدارة الفتوى بوزارة األوقاف الكويتية مثالاً على ذلك‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬هيئة رقابية شرعية مستقلة داخل المصرف تابعة للجمعية العمومية للمساهمين وتمارس الدور‬
‫المتكامل للرقابة واإلفتاء‪ ،‬كما ورد في النظام األساسي لبنك فيصل اإلسالمي السوداني‪.‬‬
‫و ‪ -‬جه��از رقاب��ي ش��رعي متكامل ال يتب��ع الجمعية العمومية للمس��اهمين‪ ،‬يحوي أعض��اء لإلفتاء‪،‬‬
‫وآخرين كمستش��ارين‪ ،‬وغيرهم للتدقيق والمراجعة‪ ،‬وآخري��ن للرقابة والمتابعة‪ ،‬باإلضافة إلى رئيس‬
‫الهيئة ومقررها والدعاة‪ ،‬وأقرب ما يكون من هذا الش��كل هو هيئة الفتوى والرقابة الش��رعية في بيت‬
‫التمويل الكويتي‪ ،‬إال أنها لم تخصص من يقوم بعمليات التدقيق والمراجعة‪.‬‬
‫ز ‪ -‬إدارة للرقابة الشرعية‪ ،‬أو كجز من إحدى اإلدارات‪ ،‬وغالبًا ما تكون تابعة إلدارة المراجعة الداخلية‬
‫أو كإدارة مستقلة تسمى إدارة المراجعة الشرعية الداخلية‪ ،‬ويقترح زعير أن تكون الرقابة الداخلية في‬
‫المصارف اإلسالمية شاملة للرقابة المحاسبية واإلدارية والشرعية‪ ،‬كما جاء في النظام األساسي لبنك‬
‫التضامن اإلسالمي على إنشاء إدارة في المصرف متخصصة تسمى إدارة الفتوى والبحوث مكونة من‬
‫ثالثة أقسام‪ :‬الشريعة والقانون واالقتصاد‪.‬‬
‫ح ‪ -‬مستشار شرعي يستشار في بعض المعامالت وال عالقة له بالتنفيذ وال بكيفيته‪ ،‬ومثل ذلك البنك‬
‫اإلسالمي األردني‪ ،‬ونظام المصارف اإلسالمية في ماليزيا‪.‬‬
‫ط ‪ -‬عضو رقابة شرعية في كل إدارة وقسم‪ ،‬كبنك التضامن السوداني فقد عين عضو رقابة شرعية في‬
‫كل إدارة وقسم في المصرف‪.‬‬
‫ي ‪ -‬مدقق ش��رعي واحد للمصرف‪ ،‬كالبنك اإلس�لامي في الدانمرك الذي عين مدق ًقا شرعيًا داخليًا‬
‫على غرار المدقق الخارجي‪.‬‬

‫( ‪) 83‬‬
‫وعلي��ه‪ ،‬فقد ألزم القانون البنكي المغربي كل بنك تش��اركي بإعداد لجنة تدقيق تس��هر‬
‫عل��ى القي��ام بالكثير من اإلج��راءات التي تضمن تنفي��ذ قرارات المجل��س العلمي األعلى‬
‫بش��أن المطابقة‪ ،‬ومن تلك اإلجراءات ما ورد في الباب الثاني من القسم الثالث من القانون‬
‫‪103.12‬؛ فق��د نصت المادة ‪ 64‬على أن‪ :‬يجب على البنوك التش��اركية أن تحدث وظيفة‬
‫للتقيد بآراء المجلس العلمي األعلى تقوم بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬التعرف على عدم مطابقة عملياتها وأنشطتها لآلراء بالمطابقة التي يصدها المجلس‬
‫العلمي األعلى المشار إليه في المادة ‪.62‬‬

‫‪ -‬ضمان تتبع وتطبيق لآلراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس العلمي األعلى المذكور‬
‫ومراقبة احترامها‪.‬‬

‫‪ -‬السهر على وضع واحترام الدليل والمساطر الواجب احترامها‪.‬‬

‫‪ -‬اعتم��اد التدابير المطلوبة في حالة عدم احترام مؤكد للش��روط المطلوبة عند تقديم‬
‫منتوج للجمهور صدر في ش��أنه رأي بالمطابقة صادر عن المجلس العلمي األعلى السالف‬
‫الذكر(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( القان��ون رق��م ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسس��ات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها القس��م الثالث‬
‫الباب الثاني المادة ‪ ،64‬ص‪.22‬‬

‫( ‪) 84‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫مميزات النموذج املغربي يف الرقابة الشرعية‪،‬‬
‫إكراهاته وآفاق تطويره‬
‫رغم التأخر الكبير للمش��رع المغربي ف��ي إقرار أدوات المالية التش��اركية؛ فإنه حاول‬
‫االس��تفادة من التج��ارب الدولية المقارنة حتى يخرج نموذجه الخ��اص إلى الواقع العملي‬
‫متجاو ًزا إشكاالت تلك التجارب‪ ،‬ومتبنيًّا لجوانب النجاح فيها‪.‬‬

‫ويعد موضوع الرقابة الشرعية ذا أهمية بالغة لتأكيد هذه المالحظة‪ ،‬فقد أثبتت التجربة‬
‫أن أفضل ش��كل من أش��كال الرقابة هو الرقابة الشرعية الرس��مية للدولة‪ ،‬أو على األقل أن‬
‫تكون مركزية‪ ،‬بما يكفل لها االستقاللية من جهة‪ ،‬ويوحد االجتهاد ـ من جهة أخرى ـ على‬
‫الصعي��د الوطني لتعذر تحققه على الصعيد الدول��ي‪ ،‬وهو مما يميز النموذج المغربي الذي‬
‫استحدث جهاز للرقابة الشرعية أسماه اللجنة الشرعية للمالية التشاركية (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫غير أن كل تجربة البد أن تعترضها معيقات في مس��يرتها العملية؛ لذلك نرى أن هناك‬
‫معيقات محتملة للنموذج المغربي‪ ،‬في الرقابة على المؤسسات المالية التشاركية بوجه عام‪،‬‬
‫وعلى مقاوالت التأمين‪ ،‬وإعادة التأمين التكافلي بشكل خاص‪ ،‬ال بد من اتخاذ اإلجراءات‬
‫الالزمة من أجل تجاوزها في سبيل إنجاح هذه التجربة الفتية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬اللجنة الشرعية للمالية التشاركية‪:‬‬


‫إذا كان القان��ون ‪ 12.103‬قد أش��ار إلزامية تعيين هيئة رقابة ش��رعية خاصة بكل بنك‬
‫تشاركي كما هو معمول به في التجربة الخليجية‪ ،‬وجعل إبداء الرأي بالمطابقة من اختصاص‬
‫المجل��س العلمي األعلى‪ ،‬فإن الظهير الش��ريف رق��م ‪ 1.03.300‬فصل في تعيين اللجنة‬
‫التي تتولى مهمة المطابقة الش��رعية‪ ،‬وحدد اختصاصاتها وعدد أعضائها (أولاً )‪ ،‬مما يجعل‬
‫عملها يتسم بمجموعة من المميزات (ثانيًا)‪.‬‬
‫( ‪) 85‬‬
‫أولاً ‪ :‬اختصاصات ومكونات اللجنة الشرعية للمالية التشاركية‪:‬‬

‫حدد الظهير الش��ريف رقم ‪ 1.03.300‬الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 20‬يناير‬


‫‪2015‬م اختصاصات لجنة المالية التشاركية فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إبداء الرأي بش��أن مطابق��ة المنتوجات المالية التش��اركية التي تقوم بها مؤسس��ات‬
‫االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها لزبنائها‪ ،‬ونماذج من العقود المتعلقة بهذه المنتوجات‬
‫ألحكام الشريعة اإلسالمية ومقاصدها‪.‬‬

‫‪ -‬إب��داء الرأي بش��أن مطابق��ة مضمون المناش��ير الت��ي يصدرها والي بن��ك المغرب‬
‫ألحكام الش��ريعة اإلس�لامية ومقاصدها‪ ،‬المتعلقة بالمنتوجات المالية التشاركية والودائع‬
‫االستثمارية‪ ،‬والعمليات التي ينجزها صندوق ضمان ودائع البنوك التشاركية‪.‬‬

‫‪ -‬إب��داء ال��رأي بصفة خاصة بش��أن مطابقة عملي��ات التأمين التكافلي الت��ي تقوم بها‬
‫مقاوالت التأمين‪ ،‬وإعادة التأمين‪ ،‬في إطار المالية التش��اركية ألحكام الش��ريعة اإلس�لامية‬
‫ومقاصدها‪.‬‬

‫‪ -‬إبداء الرأي بش��أن مطابقة عمليات إصدار الصكوك طب ًقا للتشريع الجاري به العمل‬
‫مع أحكام الشريعة اإلسالمية ومقاصدها كيفما كانت الجهة المصدرة لها(((‪.‬‬
‫يظهر من خالل هاته االختصاصات الصالحيات التي تحظى بها لجنة المالية التشاركية‪،‬‬
‫فه��ي تبدي الرأي بش��أن كل ما ل��ه عالقة بالبنوك التش��اركية بدءًا بالمنتوج��ات‪ ،‬ومطابقتها‬
‫لمقتضيات الشريعة اإلسالمية‪ ،‬مرو ًرا بالمناشير التي يصدرها والي بنك المغرب في كل ما‬
‫له عالقة بالمالية التشاركية‪ ،‬وانتهاء بالتأمين التكافلي‪ ،‬وإصدار شهادات الصكوك‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن دورها يتميز بكونه سياديا وليس استشاريا فقط‪.‬‬

‫وللمزيد من الش��فافية والمصداقية ح��رص القانون المحدث للجنة الش��رعية للمالية‬


‫التش��اركية على ضمان مطابقة المنتوجات التي تقترحها البنوك التش��اركية على زبنائها‪ ،‬فإن‬

‫((( الظهير رقم ‪ ،1.03.300‬الجريدة الرسمية عدد رقم ‪ 6333‬الصادرة في ‪ 09‬أبريل ‪2015‬م‪ ،‬ص‪.1098‬‬

‫( ‪) 86‬‬
‫تعيي��ن أعضاء لجنة المالية التش��اركية يتم وفق مواصفات دقيق��ة تضمن الكفاءة العلمية في‬
‫مجال الفقه اإلس�لامي ومقاصد الش��ريعة‪ ،‬فضلاً عن فتح الباب أمام االس��تعانة بخبراء في‬
‫مج��االت أخرى لها عالقة بعمل اللجن��ة‪ ،‬وقد حدد الظهير الش��ريف المنظم لعمل اللجنة‬
‫تشكيلة اللجنة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تتألف اللجنة الش��رعية للمالية التشاركية من منسق الجنة وتسعة أعضاء من العلماء‬
‫والفقهاء المش��هود لهم بالمعرفة الراس��خة‪ ،‬واإللمام الواس��ع بأحكام الش��ريعة اإلسالمية‬
‫ومقاصدها‪ ،‬وبالقدرة على اإلفتاء‪ ،‬وبيان حكم الشرع في القضايا المعروضة‪.‬‬

‫‪ -‬تس��تعين اللجنة بخمس��ة خبراء دائمين على األقل ممن يتميزون بخبرة في مجاالت‬
‫القانون والمالية التشاركية‪ ،‬وسوق الرساميل والمعامالت البنكية وقطاع التأمينات(((‪.‬‬

‫ب��ل فتح الظهير الش��ريف الب��اب أمام اللجنة لالس��تعانة ب��كل الكفاءات على س��بيل‬
‫االستش��ارة حينما أعطى منس��ق اللجن��ة صالحية دعوة ذوي االختصاص لحضور أش��غال‬
‫اللجنة بصفة مؤقتة قصد تقديم االستشارة في القضايا المعروضة على أنظارها‪.‬‬

‫ولضمان نزاهة اختيار أعضاء هاته اللجنة‪ ،‬فإن المشرع حرص على جعلها بيد المجلس‬
‫العلمي األعلى الذي يرأس��ه الملك‪ ،‬فقد ن��ص الفصل الخامس من الظهير على‪ :‬أن أعضاء‬
‫لجن��ة المالية التش��اركية يعينون بمقرر من األمين العام للمجل��س العلمي األعلى‪ ،‬وكذلك‬
‫الشأن بالنسبة للخبراء الخمسة‪ ،‬على أن هؤالء تحدد وضعيتهم بموجب عقود‪.‬‬

‫من ش��أن هاته اإلجراءات المرتبطة‪ ،‬س��واء بالش��روط التي يجب أن تتوفر في أعضاء‬
‫اللجنة‪ ،‬أو بطرق تعيينهم أن تضمن حيادية هاته اللجنة‪ ،‬فهي ال تخضع للبنوك التشاركية كما‬
‫هو الشأن في دول المشرق العربي‪ ،‬كما أنها ال تعمل تحت سلطة البنك المركزي‪.‬‬

‫باإلضاف��ة إلى ذلك فإن الظهير جع��ل العضوية في اللجنة تتنافى م��ع العضوية في أية‬
‫مؤسسة أو هيئة أخرى‪ ،‬كالبنوك التشاركية‪ ،‬أو مقاوالت التأمين‪ ،‬وإعادة التأمين وغيرها‪.‬‬

‫((( الظهير رقم ‪ ،1.03.300‬الجريدة الرسمية عدد رقم ‪ 6333‬الصادرة في ‪ 09‬أبريل ‪2015‬م‪ ،‬ص‪.1098‬‬

‫( ‪) 87‬‬
‫وتصدر اللجنة قرارتها باسم المجلس العلمي األعلى‪ ،‬وبإجماع أعضائها الذين حضروا‬
‫مداوالتها إمعانًا في التثبت‪ ،‬وبحثًا عن اإلجماع‪ ،‬وتضمن هاته الخطوة نزاهة القرارات التي‬
‫يصدرها بسبب حيادية المجلس العلمي األعلى وعدم تبعيته ألي جهة كانت‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬مميزات النموذج المغربي في الرقابة الشرعية‪:‬‬

‫أوكل المش��رع المغربي س��واء من خالل قانون البنوك التشاركية‪ ،‬أومن خالل مشروع‬
‫القانون ‪ 59/13‬مهمة الرقابة الشرعية على المقاوالت المعتمدة لمزاولة التأمين التكافلي‪،‬‬
‫وإع��ادة التأمين التكافلي‪ ،‬أو بلغة المش��رع المغربي (مهمة إبداء ال��رأي بالمطابقة ألحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية) إلى المجلس العلمي األعلى‪ ،‬وقد صدر ظهير يعدل ويتمم ظهير تنظيم‬
‫المجالس العلمية‪ ،‬أحدثت بموجبه لجنة تابعة لهيئة الفتوى أطلق عليها اسم اللجنة الشرعية‬
‫للمالية التش��اركية‪ ،‬تتكون من ثلة من العلماء المتخصصي��ن في فقه المعامالت إلى جانب‬
‫بعض المستشارين من ذوي الخبرة في المجاالت التي تراقبها اللجنة‪.‬‬

‫وبهذا‪ ،‬يتض��ح أن النموذج المغربي يتمي��ز بالطابع المركزي والرس��مي للمراقبة (أ)‪،‬‬
‫كما يتميز من حيث تكوين هيئة المراقبة من خالل الطابع المختلط لتكوين اللجنة الش��رعية‬
‫للمالية التشاركية (ب)‪.‬‬

‫أ ـ الطابع المركزي والرسمي للمراقبة‪:‬‬

‫يعتبر المجلس العلمي األعلى من المؤسس��ات الرس��مية في الدولة‪ ،‬ويترأس��ه جاللة‬


‫أميرا للمؤمنين؛ لذلك فال مجال للمجادلة حول استقالليته اتجاه المقاوالت‬
‫الملك بصفته ً‬
‫المعتمدة لمزاولة عمليات التأمين‪ ،‬وإعادة التأمين التكافلي‪ ،‬أو غيرها من المؤسس��ات التي‬
‫تدخل تحت رقابته‪.‬‬

‫كم��ا أن تكلي��ف هيئة واحدة على الصعي��د الوطني بإبداء الرأي ح��ول مطابقة الوثائق‬
‫والعقود‪ ،‬واألنش��طة الداخلة في اختصاصها ألحكام الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬س��وف يجنب‬
‫التجربة المغربية تضارب االجتهاد وتعارضه ـ كما في بعض التجارب األخرى ـ‪ ،‬ويس��مح‬

‫( ‪) 88‬‬
‫بب��روز اجتهاد فقهي موحد حول مختلف القضايا المعروضة‪ ،‬بما يحقق مبدأ المس��اواة بين‬
‫مختلف الفاعلين االقتصاديين الخاضعين لرقابة اللجنة الشرعية‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ استقاللية جهاز الرقابة‪:‬‬

‫يعتبر المجلس العلمي األعلى الجهاز المكلف باإلفتاء على الصعيد الوطني‪ ،‬وهو غير‬
‫تابع ألي جهة سياسية أو اقتصادية أو عرقية‪ ،‬فضلاً عن إمكانية تبعيته لمؤسسة بنكية أو تأمينية‪،‬‬
‫لذلك فإن مبدأ اس��تقاللية قراراته مضمون‪ ،‬مما س��يعزز ثقة المتعاملين مع كل المؤسس��ات‬
‫المالية اإلسالمية التي يراقبها بأنها تراعي أحكام الشريعة في كل نظمها ومعامالتها‪.‬‬

‫وال ش��ك أن هذه االس��تقاللية ـ إضافة إلى إلزامية قرارات المجلس وآرائه ـ ستساعد‬
‫عل��ى حماية الس��وق المغربي��ة من أية تالعب��ات أو اضطراب��ات‪ ،‬ناتجة عن المنافس��ة غير‬
‫المشروعة‪ ،‬التي قد تلجأ إليها بعض المؤسسات التي تسمي نفسها إسالمية‪ ،‬رغم أنها قد ال‬
‫تحترم مبادئ الشريعة وأحكامها‪ ،‬إذا ما كانت لها هيئات رقابة شرعية تابعة لها‪ ،‬إما متواطئة‬
‫معها‪ ،‬أو غير قادرة على فرض آراءها وإلزام المؤسسة باحترامها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ وحدة االجتهاد الفقهي حول القضايا المعروضة‪:‬‬

‫ال شك أن هناك مجموعة من العوامل تسمح بوحدة االجتهاد الفقهي لهيئة الرقابة في‬
‫النموذج المغربي (اللجنة الشرعية للمالية التشاركية)‪:‬‬

‫فم��ن جهة أولى‪ ،‬فإن آراءها وقراراتها س��تكون مبنية على دراس��ات وافية‪ ،‬س��واء من‬
‫ط��رف اللجن��ة مجتمعة أو من إح��دى مجموعات العم��ل المكونة من بي��ن أعضائها؛ ألن‬
‫القان��ون تطلب أن تكون تل��ك اآلراء معللة‪ ،‬مما يفرض على اللجن��ة أن تبني قراراتها على‬
‫أسس علمية قوية‪ ،‬وتصدرها بإجماع األعضاء الحاضرين المشاركين في المناقشات‪.‬‬

‫ومن جهة ثانية‪ ،‬س��يكون من المس��تبعد صدور قرارات متذبذبة أو مختلفة أو متناقضة‬
‫في القضايا المتش��ابهة‪ ،‬طالما أن نفس اللجنة تحال عليها كل القضايا المتعلقة بالمالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬مما سيعزز وحدة االجتهاد الفقهي لهيئة الرقابة الشرعية على الصعيد الوطني‪.‬‬

‫( ‪) 89‬‬
‫ب ـ الطابع المختلط لتكوين اللجنة الشرعية للمالية التشاركية‪:‬‬
‫إن إس��ناد مهمة الرقابة الش��رعية على مختلف المؤسس��ات المالية اإلسالمية ـ ومنها‬
‫مق��اوالت التأمي��ن التكافلي ـ إلى اللجنة الش��رعية للمالية التش��اركية‪ ،‬كلجن��ة وطنية تضم‬
‫في عضويتها كبار العلماء المتخصصين في فقه المعامالت المالية‪ ،‬يس��اعدهم في مناقش��ة‬
‫القضاي��ا المعروض��ة عليهم‪ ،‬خبراء متخصصون ف��ي القانون والمالي��ة واالقتصاد والتأمين‬
‫والنظام البنكي ونظام البورصة وغيرها‪ ،‬يعتبر دون شك نقطة إيجابية في النموذج المغربي‪.‬‬
‫فقد أحسن المشرع صنعا عندما أقر هذا الطابع المختلط في تكوين اللجنة‪ ،‬فباإلضافة‬
‫إلى عش��رة علماء من أعضاء المجلس‪ ،‬المش��هود لهم بالكفاءة في فقه المعامالت والقدرة‬
‫على اإلفتاء في قضايا المالية التش��اركية‪ ،‬مما س��يعزز جودة اآلراء واالجتهادات‪ ،‬كما نص‬
‫الظهي��ر عل��ى تعيين خبراء وكفاءات ف��ي القانون والمالية وغيرها‪ ،‬مما س��يمكن اللجنة من‬
‫اإللم��ام بالواقع العملي والقانون الذي ينظم الموضوع‪ ،‬ويس��اعدها في إصدار آراء متوافقة‬
‫مع القوانين الجاري بها العمل‪ ،‬ومس��ايرة للواقع‪ ،‬وقادرة على تعزيز منافس��ة المؤسس��ات‬
‫المالية اإلسالمية الوليدة على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ضمان جودة االجتهاد بحكم التخصص الشرعي للعلماء‪:‬‬
‫تتطلب مهمة الرقابة الش��رعية على المؤسسات المالية اإلسالمية (سواء منها البنوك أو‬
‫مقاوالت التأمين التكافلي أو المؤسس��ات المصدرة للصكوك)‪ ،‬أن يكون العلماء الموكولة‬
‫له��م على درجة كبي��رة من اإللمام بفقه المعامالت المالية‪ ،‬ومش��هود لهم بالكفاءة والقدرة‬
‫على اإلفتاء في مثل هذه القضايا‪ ،‬وهو ما تطلبه المشرع في العلماء المعينين لعضوية اللجنة‬
‫الش��رعية‪ ،‬مما سيس��اهم ال محالة في ضمان جودة اآلراء واالجتهادات الصادرة بخصوص‬
‫القضايا المعروضة على اللجنة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تحقق اإللمام بالقانون والواقع بحكم تجربة وكفاءة المستشارين‪:‬‬
‫على الرغم من الصفة االستشارية للخبراء غير األعضاء في المجلس العلمي األعلى‪،‬‬
‫لكن وجود خمس��ة خبراء عل��ى األقل في اللجنة‪ ،‬أي‪ :‬حوالي ثل��ث أعضائها‪ ،‬ـ إضافة إلى‬
‫( ‪) 90‬‬
‫إمكانية اس��تدعاء منسق اللجنة‪ ،‬بشكل اس��تثنائي ومؤقت‪ ،‬لكل شخص قد يفيد في مناقشة‬
‫قضية من القضايا المعروضة ـ‪ ،‬يخول لهم المشاركة في المناقشات بقوة‪ ،‬وإفادة اللجنة بكل‬
‫ما يفيد في الوصول إلى القرار الصائب بخصوص القضية المعروضة عليها‪.‬‬

‫إن وج��ود مث��ل هذه الكفاءات داخ��ل اللجنة س��يعطي لقراراتها وآرائه��ا قيمة مضافة‬
‫بحكم فقههم بالواقع وتجربتهم العملية في شتى المجاالت القانونية واالقتصادية والمالية‪،‬‬
‫وس��يجعل قراراتها مؤسسة بش��كل قانوني يراعي الواقع‪ ،‬وكل األنظمة التقنية والفنية ذات‬
‫العالقة بالقضايا المعروضة على اللجنة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬املعيقات احملتملة لنجاح التجربة املغربية‪:‬‬


‫إن إصدار التش��ريعات المتعلقة بالبنوك التشاركية‪ ،‬وإصدار الصكوك في المغرب‪ ،‬في‬
‫انتظار المصادقة على مش��روع القانون المتعلق بالتأمي��ن التكافلي‪ ،‬يحتم على كل الفاعلين‬
‫أن تتضاف��ر جهودهم من أجل إنج��اح هذه التجربة‪ ،‬وتمكين المغرب م��ن ربح الرهان من‬
‫أجل توس��يع قاعدة االدخار‪ ،‬واستقطاب التمويالت األجنبية التي تفضل التعامل بمنتجات‬
‫المالية اإلسالمية‪ ،‬وصولاً إلى إطالق مشاريع كبيرة ومهيكلة تمتص نسبة كبيرة من البطالة‪،‬‬
‫وتساهم في تطوير االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬تأتي ضرورة اإلحاطة باإلكراهات التي قد تعيق تطوير تجربة الرقابة‬
‫الشرعية‪ ،‬وعلى رأس��ها قلة الموارد البشرية المتخصصة في المالية اإلسالمية‪ ،‬وفي التأمين‬
‫اإلسالمي على وجه الخصوص (أولاً )‪ ،‬إلى جانب أهمية تنظيم العالقة بين مختلف الهيئات‬
‫المتدخلة في عمليات الرقابة‪ ،‬بما يحد من سلبيات ازدواجية الرقابة (ثانيًا)‪.‬‬

‫أولاً ‪ :‬قلة الموارد البشرية المتخصصة في المالية اإلسالمية‪:‬‬

‫لع��ل أي مهتم بمنظوم��ة التعليم العالي بالمغرب يكتش��ف فراغا مه��وال في االهتمام‬
‫بالمالية اإلس�لامية منذ االس��تقالل وحتى بداية العقد الثاني من األلفية الثالثة؛ إذ أن أغلب‬
‫الدراس��ات تهتم بالنظريات الرأسمالية واالشتراكية في االقتصاد والمالية‪ ،‬وقد ال تشير بتاتًا‬

‫( ‪) 91‬‬
‫إلى وجود نظرية إسالمية في االقتصاد‪ ،‬ناهيك عن تكوين الطلبة من أجل اإللمام بتفاصيلها‪.‬‬
‫لذلك فإن أبرز التحديات المطروحة على كل المتدخلين في هذا الش��أن‪ ،‬هو الحاجة‬
‫الملحة لتكوين موارد بش��رية مؤهلة إلدارة وتدبير كل قطاعات المالية اإلس�لامية بالشكل‬
‫الذي يس��مح باالس��تفادة القصوى م��ن إيجابياتها‪ ،‬وتفادي أي نكس��ة ق��د تعصف باآلمال‬
‫العريضة المعقودة عليها‪.‬‬
‫وعلي��ه‪ ،‬يتعين إحداث تكوينات متخصصة في كليات الحقوق والش��ريعة تهتم بش��تى‬
‫تخصصات المالية اإلسالمية‪ ،‬بما فيها التأمين التكافلي‪ ،‬وتتعمق في إشكاالتها حتى نتمكن‬
‫من تخريج كفاءات قادرة على رفع التحدي وإنجاح النموذج المغربي‪.‬‬
‫ثانيً��ا‪ :‬ازدواجية الرقابة (هيئة مراقبة التأمينات واالحتياط االجتماعي واللجنة الش��رعية‬
‫للمالية التشاركية)‪:‬‬
‫يتميز النموذج المغربي في الرقابة الش��رعية على مق��اوالت التأمين التكافلي بخضوع‬
‫ه��ذه األخيرة لرقابة مزدوجة‪ ،‬فباإلضافة إلى الرقابة الش��رعية المتمثلة في اللجنة الش��رعية‬
‫للمالية التشاركية التابعة للمجلس العلمي األعلى‪ ،‬تخضع تلك المقاوالت للرقابة القانونية‬
‫من قبل هيئة مراقبة التأمينات واالحتياط االجتماعي التابعة لوزارة االقتصاد والمالية‪.‬‬
‫رغ��م أن إحال��ة الوثائق والعق��ود ومختلف القضاي��ا المتعلقة بالتأمي��ن التكافلي على‬
‫المجل��س العلمي األعلى‪ ،‬تتم عن طريق هيئ��ة مراقبة التأمينات واالحتياط االجتماعي‪ ،‬بما‬
‫فيها المناش��ير التي تعدها هذه األخيرة قبل إصدارها‪ ،‬فإن ه��ذه الرقابة المزدوجة قد تطرح‬
‫إش��كاالت عملية عل��ى أرض الواقع‪ ،‬يلزم االس��تعداد للتعامل معه��ا‪ ،‬والبحث عن صيغة‬
‫مبسطة للرقابة بعيدًا عن التعقيدات المسطرية‪.‬‬
‫والجدي��ر بالذك��ر أن هناك آفاقًا واس��عة لتطوي��ر المالية اإلس�لامية بالمغرب‪ ،‬بحكم‬
‫الجاذبية الكبيرة التي تتمتع بها منتجاتها لدى أغلب مكونات الشعب المغربي‪ ،‬ورغبة الكثير‬
‫من المستثمرين المسلمين في ولوج السوق المغربية إذا توفرت مثل هذه المنتجات‪ ،‬بحكم‬
‫القدرة التي أبانت عنها في مواجهة األزمة المالية التي شهدها العالم خالل العقد األخير‪.‬‬

‫( ‪) 92‬‬
‫لذل��ك فإن على جميع المتدخلين اس��تغالل الفرصة المتاحة م��ن أجل أن تصبح هذه‬
‫المنتج��ات قاطرة إلقالع االقتصاد الوطني‪ ،‬وبذل كل الجهود من أجل تجاوز العقبات التي‬
‫قد تعترض تطور هذه التجربة‪.‬‬

‫ولع��ل أهم عوامل نجاح هذه المنتجات ذات الطابع اإلس�لامي‪ ،‬هو العنصر البش��ري‬
‫المؤهل والقادر على إدارة مختلف المؤسس��ات اإلسالمية‪ ،‬كما أن االستفادة من التجارب‬
‫والخبرات الدولية مس��ألة هامة‪ ،‬س��وف تغني المغاربة عن تكرار تجارب فاش��لة أو إضاعة‬
‫زمن اقتصادي سيكلف البلد غاليًا؛ لذلك يتعين العمل بشكل جدي ومستعجل على ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬االهتمام بالتكوين في تخصصات المالية التشاركية‪:‬‬

‫إن إش��كالية قلة الموارد البشرية المؤهلة في التخصصات المرتبطة بالمالية اإلسالمية‪،‬‬
‫الزال��ت مطروحة حتى في التج��ارب التي انطلقت منذ أكثر م��ن عقدين من الزمن‪ ،‬فكيف‬
‫بالتجرب��ة المغربي��ة التي لم تنطلق بعد في الواقع العملي؛ لذل��ك نادى الكثير من المفكرين‬
‫بض��رورة تكوين أطر وكف��اءات قادرة على قيادة هذا القطاع الحي��وي في االقتصاد الوطني‬
‫وتطويره لكل دولة تنظمه ضمن تشريعاتها‪.‬‬

‫وأبرز األفكار المطروحة هي تنظيم دورات تكوينية مس��تمرة للعاملين في المؤسسات‬


‫المالية اإلس�لامية‪ ،‬وتلقين طلبة الشريعة والحقوق برامج مكثفة متعلقة بكل جوانب المالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬بما فيها الرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي والتواصل والتسويق وغيرها‪.‬‬

‫أما في التجربة المغربية‪ ،‬فأضيف أنه بإمكان الدولة استثمار البرنامج الذي أطلقته الحكومة‬
‫مؤخ��را والمتعل��ق بتكوين ‪ 25‬ألف مجاز عاط��ل‪ ،‬وتخصيص برامج تكويني��ة متعلقة بالمالية‬
‫ً‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬تؤهل الخريجين لولوج سوق الشغل من خالل العمل بمختلف المؤسسات ذات‬
‫العالقة بالمالية التشاركية‪ ،‬كالبنوك التشاركية‪ ،‬ومقاوالت التأمين التكافلي‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫وعالق��ة بموض��وع هذه المداخل��ة‪ ،‬أدعو إلى تكوي��ن العلماء محليًّا عل��ى صعيد كل‬
‫مجلس علمي إقليمي في التخصصات المرتبطة بالرقابة على المؤسسات المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫( ‪) 93‬‬
‫والهدف إلزام كل مؤسسة بالسماح لهيئات رقابية محلية بمراقبة تلك المؤسسات‪ ،‬وتخفيف‬
‫الضغط عن هيئة الرقابة الشرعية للمالية التشاركية التي تشتغل على الصعيد المركزي‪.‬‬

‫‪ -‬االستفادة من التجارب الدولية المقارنة واستخالص العبر‪:‬‬

‫تعق��د س��نويًّا تقريبً��ا مجموعة م��ن الملتقيات والمؤتم��رات والندوات ح��ول المالية‬
‫اإلس�لامية عمو ًما‪ ،‬والمصارف اإلس�لامية والتأمين التكافلي على وجه الخصوص‪ ،‬تهدف‬
‫ف��ي مجملها إلى نقل التجارب الدولية بإيجابياتها وس��لبياتها‪ ،‬وتبادل الخبرات بين الخبراء‬
‫والباحثي��ن في هذا الحقل المعرفي من مختلف بلدان العالم ـ وهذا المؤتمر خير مثال على‬
‫ذلك ـ‪ ،‬وهو تقليد يستحق كل التنويه‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فإن االستفادة من التجارب األخرى متاحة‪ ،‬سواء من خالل تلك الملتقيات‪ ،‬أو‬
‫من خالل زيارات علمية وعملية يقوم بها القائمون على ش��ؤون المالية اإلسالمية بالمغرب‬
‫إلى دول أخرى‪ ،‬قصد االطالع على كيفية تنظيم المؤسسات المالية اإلسالمية وسير العمل‬
‫بها وكيفية الرقابة عليها‪.‬‬

‫كم��ا نأمل أن تنظم زيارات تكوينية لكل العاملين في تلك المؤسس��ات بالمغرب على‬
‫مراحل‪ ،‬إلى بعض الدول الرائدة في المالية اإلس�لامية‪ ،‬كماليزيا والس��ودان ودول الخليج‬
‫وإنجلترا وألمانيا؛ حتى تتسنى االستفادة من تلك التجارب‪ ،‬ومعرفة أسرار نجاحها‪ ،‬وتجنب‬
‫أسباب إخفاقات غيرها‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 94‬‬
‫خامتة‬
‫يظهر من خالل المقتضيات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالرقابة الش��رعية على البنوك‬
‫التش��اركية في المغرب‪ ،‬أن المش��رع حريص على إنجاح تجربة هاته البنوك‪ ،‬وتفادي كل ما‬
‫من شأنه أن يجعلها ذريعة للربا والغرر والغبن‪ ،‬وفيما يلي بعض الخالصات‪:‬‬

‫‪ -‬إن وضع إبداء الرأي بالمطابقة الشرعية من اختصاص المجلس العلمي األعلى وهو‬
‫هيئة محايدة‪ ،‬يضمن حيادية القرارات التي تصدرها اللجنة الخاصة بالمالية التشاركية‪ ،‬وهو‬
‫ما يخدم خلو معامالت هاته البنوك من المحاذير الش��رعية‪ ،‬مما سيطمئن العمالء‪ ،‬ويشجع‬
‫عملية االستبناك‪.‬‬

‫‪ -‬إن من ش��أن إش��راك اللجنة لخبراء دائمين من مجاالت مختلف��ة ذات صلة بالمالية‬
‫التش��اركية أن يعزز دورها في مراقبة العمليات التي تجريها البنوك التش��اركية‪ ،‬ومؤسس��ات‬
‫التأمي��ن‪ ،‬وإع��ادة التأمي��ن؛ ألن عمل هات��ه المؤسس��ات ال يقتصر على الجانب الش��رعي‬
‫المحض‪ ،‬وإنما يتعداه للجانب المالي والمحاسباتي والقانوني‪ ،‬وهي تخصصات بعيدة عن‬
‫عمل اللجنة المكونة من علماء شريعة وفقهاء المقاصد‪.‬‬

‫‪ -‬م��ن خالل اختصاصات لجنة المالية التش��اركية‪ ،‬فإنه يمكن القول إنها تتمتع بكامل‬
‫الس��يادة؛ ألن رأيها ليس استش��اريًّا‪ ،‬بل هو ملزم للبنوك التش��اركية ولمؤسس��ات التأمين‪،‬‬
‫وإعادة التأمين‪ ،‬أكثر من ذلك فإن المش��رع منحها حق إبداء الرأي بخصوص مناش��ير والي‬
‫بنك المغرب في كل ما له عالقة بالمالية التشاركية‪.‬‬

‫‪ -‬يزال الحكم على عمل اللجنة وتطبيق الرقابة الش��رعية على عمل البنوك التش��اركية‬
‫ساب ًقا ألوانه‪ ،‬إال أنه من خالل المقتضيات التنظيمية تبدو بعض اإلشكاالت التي قد تعترض‬
‫جان��ب التطبيق‪ ،‬ومن بينه��ا كيف يمكن للجنة المكونة من تس��عة أعض��اء أن تفتحص كل‬
‫التقارير المرفوعة إليها من طرف البنوك التشاركية بشكل سنوي عن كل سنة محاسبية‪.‬‬

‫( ‪) 95‬‬
‫‪‬‬
‫حبث بعنوان‪:‬‬
‫الرقابة الشرعية يف املصارف اإلسالمية األردنية‬
‫واملشكالت اليت تواجهها‬
‫الواقع ضمن احملور اخلامس (الرقابة الشرعية‬
‫ودورها يف املصارف اإلسالمية)‬

‫إعداد ابلاحثة‪:‬‬
‫روان علي أمحد القضاة‬
‫ماجستري اقتصاد ومصارف إسالمية‪،‬‬
‫جامعة الريموك‪ ،‬األردن‬
‫‪Alqudah_adm@yahoo.com‬‬
‫‪00962779596048‬‬
‫ملخص‬
‫تعتبر الرقابة الشرعية النقطة الفاصلة ما بين المصارف اإلسالمية والمصارف التقليدية‪،‬‬
‫ونظرا ألهمية دورها في المصارف اإلسالمية‪ ،‬جاءت هذه الدراسة لبيان دور الرقابة الشرعية‬
‫ً‬
‫في المصارف اإلس�لامية‪ ،‬وبيان المش��كالت التي تواجهها أثناء قيامه��ا بهذا الدور؛ حيث‬
‫س��تقوم الباحثة باتباع المنهج الوصفي التحليلي للوصول إلى أهداف الدراس��ة‪ ،‬وباالستناد‬
‫إلى استبيان سيتم توزيعه إلكترونيًا لعينة عشوائية من موظفي المصارف اإلسالمية األردنية‪،‬‬
‫وبعد الحصول على استجابات أفراد عينة الدراسة سيتم إخضاع هذه االستجابات للتحليل‬
‫اإلحصائ��ي باس��تخدام برنام��ج ‪ ،SPSS‬وقد توصلت الدراس��ة إلى مجموع��ة من النتائج‬
‫أهمها‪ :‬عدم وجود فروق ذات داللة إحصائية لمتغيري المؤهل العلمي والمسمى الوظيفي‪،‬‬
‫ووجود فروق ذات داللة إحصائية لمتغير عدد سنوات الخبرة‪ ،‬وقد أوصت الدراسة بضرورة‬
‫تعاون إدارة البنوك اإلس�لامية مع هيئات الرقابة الش��رعية لتطبيق أحكام الشريعة اإلسالمية‬
‫ف��ي المعامالت المالية الصادرة عنها‪ ،‬وضرورة عق��د دورات وندوات لتثقيف العاملين في‬
‫البنوك اإلسالمية بماهية الرقابة الشرعية وخصائصها ووظائفها حتى يزال أي لبس لديهم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 99‬‬
‫املقدمة‬
‫س��بق وأن تم اإلش��ارة إلى أنه ما يميز البنوك اإلسالمية عن غيرها من البنوك التقليدية‬
‫وج��ود هيئة رقابة ش��رعية مهمتها التأك��د من أن صيغه��ا االس��تثمارية والتمويلية وجميع‬
‫عملياتها ومنتجاتها متوافقة مع أحكام وضوابط الش��ريعة اإلسالمية؛ حيث تقوم هذه الهيئة‬
‫بالتأكد من أن منتجات وعمليات هذه البنوك شرعية ومتوافقة مع الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وبما‬
‫أنها تقوم بالتأكد من س�لامة الصيغ التمويلية واالس��تثمارية‪ ،‬فإنه وإن ظهر أي اعوجاج أو‬
‫خطأ مخالف لضوابط الشريعة اإلسالمية فإنها تقوم بتصحيحه‪ ،‬وعدا عن هذا كله كون هذه‬
‫البنوك تخضع لضوابط الش��ريعة اإلس�لامية ال بد لها بأن تطبق ما أمرنا اهلل سبحانه وتعالى‬
‫موضوع ما؛ حيث قال س��بحانه في‬
‫ٍ‬ ‫بس��ؤال أه��ل العلم واالختصاص إن كان لن��ا لبس في‬
‫محكم كتابه الكريم‪﴿ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ﴾‪.‬‬

‫ل��ذا جاءت هذه الدراس��ة لبيان أهمي��ة الرقابة الش��رعية في البنوك اإلس�لامية‪ ،‬وبيان‬
‫المشكالت التي تعاني منها أثناء أداء مهامها ووظائفها‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة وأسئلتها‪:‬‬


‫تعتبر الرقابة الش��رعية من أهم األجهزة الرقابية التي تزي��د من ثقة العمالء للتعامل مع‬
‫البنوك اإلس�لامية‪ ،‬وهي الفارق الجوهري ما بين البنك اإلس�لامي والبنك التقليدي‪ ،‬وتبعًا‬
‫له��ذه األهمية جاءت هذه الدراس��ة لإلجابة عن الس��ؤال الرئيس التالي‪« :‬م��ا أهمية الرقابة‬
‫الشرعية في المصارف اإلسالمية األردنية‪ ،‬وما المشكالت التي تواجهها؟»‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى‪:‬‬

‫‪ .1‬بيان أهمية وجود الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫( ‪) 100‬‬
‫‪ .2‬بيان بعض المشكالت والتحديات التي تواجه هيئة الرقابة الشرعية أثناء أداء مهامها‬
‫في المصرف اإلسالمي‪.‬‬
‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫تأتي أهمية هذه الدراسة مما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬إف��ادة أصحاب االختصاص بالمش��كالت التي تواجه الرقابة الش��رعية‪ ،‬ومحاولة‬
‫وضع حلول لها‪.‬‬
‫‪ .2‬االستفادة من الحلول المقترحة التي قدمتها هذه الدراسة لحل هذه المشكالت‪.‬‬
‫فرضية الدراسة‪:‬‬
‫توج��د ف��روق ذات داللة إحصائية عند مس��توى الداللة (‪ )α = 0.05‬في متوس��ط تقدير‬
‫العاملين في المصارف اإلس�لامية للمش��كالت التي تواجه الرقابة الش��رعية تعزى للمتغيرات‬
‫اآلتية‪ :‬المؤهل العلمي‪ ،‬البنك الذي يعمل به الموظف‪ ،‬عدد سنوات الخبرة‪ ،‬المستوى الوظيفي‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫‪ .1‬دراس��ة العلي��ات (‪2006‬م) بعن��وان‪« :‬الرقاب��ة الش��رعية على أعم��ال المصارف‬
‫اإلسالمية»(((‪.‬‬
‫‪ .2‬دراسة حماد (‪2004‬م) بعنوان‪« :‬الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية»(((‪.‬‬
‫منهجية الدراسة‪:‬‬
‫اتبع��ت الباحث��ة في ه��ذه الدراس��ة المنهج الوصف��ي التحليلي للوص��ول إلى أهداف‬
‫الدراس��ة‪ ،‬وذلك باالس��تناد إلى اس��تبيان ت��م توزيع��ه إلكترونيًا لعينة عش��وائية من موظفي‬

‫((( العلي��ات‪ ،‬أحم��د عبد العف��و مصطفى‪ ،‬الرقابة الش��رعية على أعمال المصارف اإلس�لامية‪ ،‬رس��الة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪2006 ،‬م‪.‬‬
‫((( حماد‪ ،‬حمزة عبد الكريم‪ ،‬الرقابة الش��رعية في المصارف اإلس�لامية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الشريعة‪،‬‬
‫الجامعة األردنية‪2004 ،‬م‪.‬‬

‫( ‪) 101‬‬
‫المصارف اإلس�لامية األردنية (البنك اإلس�لامي األردني‪ ،‬البنك العربي اإلس�لامي‪ ،‬بنك‬
‫صفوة اإلس�لامي)‪ ،‬وبعد الحصول على اس��تجابات أفراد عينة الدراسة والتي بلغت (‪)30‬‬
‫مستجيب تم إخضاع هذه االستجابات للتحليل اإلحصائي باستخدام برنامج ‪.SPSS‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 102‬‬
‫املبحث األول‬
‫مفهوم الرقابة الشرعية وخصائصها ووظائفها وأهميتها‬

‫املطلب األول‬
‫مفهوم الرقابة الشرعية‬
‫أولاً ‪ :‬الرقابة الشرعية ً‬
‫لغة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫معان منها‪:‬‬ ‫للرقابة في اللغة عدة‬

‫‪ .1‬الرقابة تأتي بمعنى المراقبة والمحافظة‪.‬‬

‫‪ .2‬والرقابة تأتي بمعنى االنتظار والترقب‪.‬‬

‫‪ .3‬كما وتأتي بمعنى حارس المتاع ونحوه(((‪.‬‬


‫ً‬
‫اصطالحا‪:‬‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف الرقابة‬
‫هي وس��يلة يتم بواسطتها التأكد من مدى تحقق األهداف المنشودة بكفاية وفاعلية في‬
‫الزمن المحدد(((‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬مفهوم الرقابة الشرعية‪:‬‬
‫هي جميع األعمال والسلوكيات والتصرفات واألنشطة الرقابية التي تستخدم للتأكد‬
‫من مطابقة أعمال المؤسس��ة المالية اإلسالمية ألحكام الشريعة اإلسالمية(((‪ ،‬وهي من‬

‫((( مجمع اللغة العربية‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪1960 ،‬م‪.‬‬


‫((( الشوبكي‪ ،‬عمر محمد مرشد‪ ،‬دراسات وأبحاث مبادئ الرقابة على أعمال اإلدارة العامة في األردن‪،‬‬
‫معهد اإلدارة العامة‪ ،‬األردن‪1981 ،‬م‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫((( البعلي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬المدخل لفقه البنوك اإلس�لامية‪ ،‬االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية‪ ،‬القاهرة‪= ،‬‬

‫( ‪) 103‬‬
‫األجهزة المس��تحدثة في المؤسسات المالية اإلسالمية لمس��اعدتها في تحقيق أهدافها‬
‫الشرعية(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫= ‪1983‬م‪ ،‬ص‪ ،153‬القطان‪ ،‬محمد أمين علي‪ ،‬الرقابة الشرعية الفعالة في المصارف اإلسالمية‪ ،‬بحث‬
‫مقدم للمؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جامعة أم القرى‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫((( أبو معمر‪ ،‬فارس‪ ،‬أثر الرقابة الشرعية واستقالليتها على معامالت البنك اإلسالمي‪1994 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.4‬‬

‫( ‪) 104‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫خصائص الرقابة الشرعية‬
‫من خالل ما تم استعراضه فيما سبق عن الرقابة الشرعية يمكن أن نستخلص مجموعة‬
‫من الخصائص لها‪ ،‬نجملها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬تمثل صمام أمان يحفظ المؤسس��ات المالية اإلس�لامية من االنحراف عن منهجها‬


‫الذي قامت عليه‪.‬‬

‫‪ .2‬تساعد المؤسسات المالية اإلسالمية في تحقيق مزيد من الشفافية والمصداقية‪.‬‬

‫‪ .3‬هيئة استش��ارية ولديها قوة إلزامية‪ ،‬وما يدل على إلزاميتها هو وجود نص في قانون‬
‫إنش��اء المؤسسات المالية اإلسالمية بالتزامها بإنش��اء هيئة رقابية شرعية تلتزم بقراراتها في‬
‫كافة تصرفاتها وكافة معامالتها وأنشطتها‪.‬‬

‫‪ .4‬مدعومة من هيئات دولية‪ ،‬مثل‪ :‬األيوفي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 105‬‬
‫املطلب الثالث‬
‫وظائف الرقابة الشرعية‬
‫تمر الرقابة الشرعية في المؤسسات المالية بعدة مراحل‪ ،‬كما يلي(((‪:‬‬
‫املرحلة األوىل‪ :‬الرقابة الوقائية (الرقابة السابقة)‬
‫تعتب��ر الرقابة الوقائية من أهم المراحل التي تمر بها عملية الرقابة الش��رعية؛ حيث يتم‬
‫فيها التأكد من كافة الجوانب الشرعية في عقود التأسيس واللوائح واألنظمة‪ ،‬كما ويتم فيها‬
‫اإلش��راف على عملية صياغ��ة العقود وإعدادها‪ ،‬والتأكد من أن المش��روعات ذات جدوى‬
‫اقتصادية من الناحية اإلسالمية‪.‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬الرقابة العالجية (أثناء التنفيذ)‬
‫تق��وم عملية الرقابة العالجية على تصحيح وتقويم االعوجاج في العقود عند تنفيذها‪،‬‬
‫وتقدي��م الحلول الش��رعية للخلل الحاصل؛ حيث تق��وم هيئة الرقابة الش��رعية بإبداء رأيها‬
‫الش��رعي فيما يخص المعاملة المالية من الناحية الش��رعية‪ ،‬ومراجعة كافة مراحل التي تمر‬
‫به��ا عملية تنفيذ العمليات المصرفية المالية والخدمات التي تقدمها المؤسس��ة المالية‪ ،‬كما‬
‫وأنها تقوم باالطالع على تقارير هيئة التدقيق الشرعي الخاصة بعمليات المؤسسة المالية‪.‬‬
‫املرحلة الثالثة‪ :‬الرقابة التكميلية (بعد التنفيذ)‪:‬‬
‫تأتي هذه المرحلة للتأكد من تطبيق األحكام الش��رعية في المعامالت المالية الصادرة‬
‫عن المؤسس��ة المالية‪ ،‬وذلك من خالل مراجعة ملفات العمليات االس��تثمارية بعد التنفيذ‪،‬‬
‫واإلط�لاع على الميزاني��ة العمومية وتقرير مراقب الحس��ابات‪ ،‬ومراجع��ة تقارير الجهات‬
‫الرقابية الخارجية‪.‬‬

‫((( الزيدانين‪ ،‬هيام محمد عبد القادر‪ ،‬الرقابة الش��رعية على المصارف اإلسالمية بين التأصيل والتطبيق‪،‬‬
‫مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون‪ ،‬المجلد ‪ ،40‬العدد ‪2013 ،1‬م‪ ،‬ص‪ 94‬ـ ‪.95‬‬

‫( ‪) 106‬‬
‫ويمكن تقسيم وظائف الرقابة الشرعية إلى قسمين؛ أولاً ‪ :‬وظائف علمية‪ ،‬ثانيًا‪ :‬وظائف‬
‫عملية‪ ،‬وتاليًا تفصيل هذه الوظائف‪:‬‬

‫أولاً ‪ :‬الوظائف العلمية(((‪:‬‬

‫‪ .1‬الرد على األسئلة واالستفسارات الفقهية‪.‬‬

‫‪ .2‬توعية العاملين والمتعاملين مع المؤسسة المالية‪.‬‬

‫‪ .3‬إقامة الندوات والمؤتمرات وحلقات البحث العلمي‪.‬‬

‫‪ .4‬نشر أعمال الرقابة الشرعية‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الوظائف العملية(((‪:‬‬

‫‪ .1‬الموافقة على تعيين العاملين بعد أن يتم اختبارهم من الناحية الشرعية‪.‬‬

‫‪ .2‬صياغ��ة نماذج العق��ود‪ ،‬واالتفاقيات التي تجريها المؤسس��ة المالي��ة‪ ،‬والخدمات‬


‫المصرفية‪ ،‬باإلضافة إلى مناقشة المشروعات واإلشراف على دراسات الجدوى من الناحية‬
‫الشرعية‪.‬‬

‫‪ .3‬التأكد من الجوانب الشرعية في عقد التأسيس والنظام األساسي واللوائح والقوانين‬


‫والنماذج والسياسات في المؤسسة المالية‪.‬‬

‫‪ .4‬تطوير صيغ وخدمات مصرفية جديدة لمواكبة التطور الحاصل في البيئة الخارجية‪.‬‬

‫‪ .5‬وضع قواعد للتعامل مع المؤسسات غير المالية‪.‬‬

‫‪ .6‬إجراء المراجعة لكل الصيغ التمويلية أو األساليب االستثمارية التي يتم اقتراحها‪.‬‬

‫((( العلي��ات‪ ،‬أحم��د عبد العف��و مصطفى‪ ،‬الرقابة الش��رعية على أعمال المصارف اإلس�لامية‪ ،‬رس��الة‬
‫ماجس��تير‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس ـ فلس��طين‪ ،‬ص‪ 93‬ـ ‪2006 ،95‬م؛ أبو غدة‪ ،‬عبد الس��تار‪،‬‬
‫الرقابة الشرعية على المصارف اإلسالمية‪( ،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ن)‪ ،‬ص‪ 17‬ـ ‪.19‬‬
‫((( المرجع السابق نفسه‪.‬‬

‫( ‪) 107‬‬
‫‪ .7‬مراجع��ة جمي��ع مراحل تنفي��ذ االتفاقي��ات أو المعامالت المالي��ة والمصرفية في‬
‫المؤسسة المالية‪.‬‬

‫‪ .8‬االس��تجابة الس��ريعة للش��كوى المتعلق��ة بالناحية الش��رعية أثناء تنفي��ذ العمليات‬


‫المصرفية والمالية والعمل على تصحيحها‪.‬‬
‫‪ .9‬االطالع على تقارير هيئة المتابعة الشرعية‪.‬‬

‫‪ .10‬مراجعة الميزانية وتقرير مراقب الحاسبات‪.‬‬

‫‪ .11‬مراجعة تقارير الجهات الرقابية الخارجية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 108‬‬
‫املطلب الرابع‬
‫أهمية الرقابة الشرعية‬
‫بعد اس��تعراض مفهوم وخصائص ووظائف الرقابة الشرعية فإننا نستخلص بأن أهمية‬
‫الرقابة الش��رعية تأتي من خالل بيان مدى توافق الصيغ االس��تثمارية والتمويلية والعمليات‬
‫التي يقوم بها البنك اإلسالمي مع أحكام الشريعة اإلسالمية وضوابطها‪ ،‬وتصحيح االعوجاج‬
‫إن وجد‪ ،‬كما تأتي أهميتها من خالل زيادة ثقة العمالء للتعامل مع البنك اإلس�لامي‪ ،‬ولها‬
‫أهمية في ضبط تعامل البنوك اإلس�لامية مع غيرها من المؤسس��ات والبنوك التقليدية‪ ،‬كما‬
‫وأنه��ا تحاول إيجاد صيغ ومنتجات اس��تثمارية وتمويلية إس�لامية بديلة ع��ن ما يقابلها في‬
‫البن��وك التقليدية‪ ،‬وذلك بدوره يؤدي إلى جلب المس��تثمرين والعم�لاء للتعامل مع البنوك‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 109‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫املشكالت اليت تواجه الرقابة الشرعية‬
‫يف املصارف اإلسالمية األردنية‬

‫بعد اس��تعراض وظائف الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية في المبحث السابق‪،‬‬


‫يتبين لنا أنه ال بد من مواجهتها لبعض المش��كالت أثن��اء أداء هذه الوظائف‪ ،‬وحتى نتعرف‬
‫عل��ى هذه المش��كالت قامت الباحث��ة بتصميم اس��تبيان إلكتروني وتوزيعه عل��ى عينة من‬
‫موظفي البنوك اإلس�لامية األردنية (البنك اإلس�لامي األردني‪ ،‬والبنك العربي اإلس�لامي‪،‬‬
‫وبنك صفوة اإلس�لامي) بعينة بلغت (‪ )30‬موظف بمختلف المس��تويات الوظيفية‪ ،‬وفيما‬
‫يلي بيان لخصائص أفراد العينة والنتائج التي توصلنا لها من هذا االستبيان‪.‬‬

‫جمتمع الدراسة وعينتها‬


‫تكون مجتمع الدراس��ة من موظفي البنوك اإلس�لامية في األردن‪ ،‬وقد تم اختيار عينة‬
‫عش��وائية من هؤالء الموظفين‪ ،‬وق��د بلغت هذه العينة (‪ )30‬موظ��ف‪ ،‬والجدول (‪ )1‬يبين‬
‫توزيع مجتمع الدراسة على متغيراتها‪.‬‬

‫اجلدول رقم (‪ :)1‬توزيع أفراد جمتمع ادلراسة‬


‫حسب املؤهل العليم‪ ،‬عدد سنوات اخلربة‪ ،‬املسىم الوظييف‬
‫النسبة ‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫فئات المتغير‬ ‫المتغير‬

‫‪%13.5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫دبلوم‬

‫‪%53.3‬‬ ‫‪16‬‬ ‫بكالوريوس‬

‫ماجستير‬ ‫المؤهل العلمي‬


‫‪%23.3‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪%10.0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫دكتوراه‬

‫( ‪) 110‬‬
‫النسبة ‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫فئات المتغير‬ ‫المتغير‬

‫‪%26.7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫أقل من ‪ 5‬سنوات‬

‫‪%46.7‬‬ ‫‪14‬‬ ‫من ‪5‬سنوات ـ أقل من ‪10‬سنوات‬


‫عدد سنوات الخبرة‬
‫‪%26.7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪10‬سنوات فأكثر‬

‫‪%53.3‬‬ ‫‪16‬‬ ‫موظف‬

‫‪%40.0‬‬ ‫‪12‬‬ ‫رئيس قسم‬


‫المسمى الوظيفي‬
‫‪%6.7‬‬ ‫‪2‬‬ ‫مدير‬

‫‪%100‬‬ ‫‪30‬‬ ‫المجموع‬

‫أداه الدراسة‬
‫تم تصميم أداة لتحقيق أهداف الدراس��ة مكونة من مجموعة من الفقرات لقياس مدى‬
‫وجود مشكالت تعاني منها هيئة الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية األردنية أثناء أداء‬
‫وظيفتها‪ ،‬وقد تم قياس مدى االتساق الداخلي لفقرات االستبيان من خالل معامل االرتباط‬
‫بيرسون والجدول رقم (‪ )2‬يوضح ذلك‪:‬‬

‫اجلدول رقم (‪ :)2‬مدى االتساق ادلاخيل جلميع الفقرات‬


‫معامل االرتباط‬
‫قيمة الداللة‬ ‫المجال‬
‫بيرسون‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪0.743‬‬ ‫تمتاز قرارات هيئة الرقابة الشرعية بإلزاميتها‬

‫‪0.000‬‬ ‫‪0.745‬‬ ‫التقارير الصادرة عن هيئة الرقابة الشرعية واضحة وصريحة‬

‫تس��اهم هيئة الرقابة الش��رعية ف��ي البنوك اإلس�لامية بحل بع��ض الخالفات‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪0.702‬‬
‫والنزاعات‬

‫تقوم هيئة الرقابة الش��رعية بمراجعة الخسائر؛ وذلك للتأكد من مدى مسؤولية‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪0.761‬‬
‫إدارة البنك عن هذه الخسائر‪ ،‬وضمان حقوق المودعين‬

‫‪0.000‬‬ ‫‪0.804‬‬ ‫هناك صعوبة في التنسيق بين البنوك اإلسالمية وهيئة الرقابة الشرعية‬

‫غياب التعاون بين العاملين وهيئة الرقابة الش��رعية في البنوك اإلس�لامية يقلل‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪0.770‬‬
‫من ثقة المتعاملين معها‬

‫‪0.000‬‬ ‫‪0.805‬‬ ‫تفتقر البنوك اإلسالمية لوجود معايير موحدة لعمل هيئة الرقابة الشرعية‬

‫( ‪) 111‬‬
‫معامل االرتباط‬
‫قيمة الداللة‬ ‫المجال‬
‫بيرسون‬
‫وج��ود قصور من قب��ل هيئة الرقابة الش��رعية لضب��ط التعامل م��ع البنوك غير‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪0.737‬‬
‫اإلسالمية‬

‫‪0.000‬‬ ‫‪0.741‬‬ ‫يقتصر دور هيئة الرقابة الشرعية على الفتوى واإلرشاد‬

‫عند دخول البنوك اإلس�لامية في اس��تثمارات خارج البنك يقتصر دور الرقابة‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪0.766‬‬ ‫الش��رعية على التأكد من السالمة الشرعية لهذه العقود‪ ،‬وال تقوم بمتابعة كيفية‬
‫تنفيذ هذه االستثمارات والتأكد من شرعيتها‬

‫يتضح من خالل الجدول (‪ )2‬بأن جميع فقرات االستبيان جاءت ذات داللة إحصائية‬
‫عند مس��توى الداللة (‪ )α =0.05‬ومرتبطة مع المحور الرئيسي «درجة الرقابة الشرعية في‬
‫المصارف اإلسالمية األردنية والمشكالت التي تواجهها»؛ حيث نجد أن معامالت االرتباط‬
‫المحس��وبة لكل فق��رة من فقراته دال��ة إحصائيًا‪ ،‬وق��د بلغت في حده��ا األدنى لمعامالت‬
‫االرتباط (‪ )0.702‬والحد األعلى (‪ ،)0.805‬ومنه تعتبر فقرات المحور صادقة ومتس��قة‬
‫داخليًّا‪ ،‬لما وضعت لقياسه‪.‬‬
‫متغريات الدراسة‬
‫المتغيرات المستقلة‪:‬‬
‫ـ المؤهل العلمي ولها ‪ 4‬مستويات‪ :‬دبلوم‪ ،‬بكالوريوس‪ ،‬ماجستير ودكتوراه‪.‬‬
‫ـ عدد سنوات الخبرة ولها ثالثة مستويات‪ 1 :‬ـ ‪ 5‬سنوات‪ 5 ،‬ـ ‪ 10‬سنوات‪ ،‬و‪ 11‬سنة‬
‫فأكثر‪.‬‬
‫ـ المسمى الوظيفي ولها ثالثة مستويات‪ :‬مدير‪ ،‬رئيس قسم وموظف‪.‬‬
‫المتغيرات التابعة‪:‬‬
‫الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية األردنية والمشكالت التي تواجهها‪.‬‬
‫املعاجلة اإلحصائية‪:‬‬
‫لإلجابة عن أس��ئلة الدراسة تم اعتماد األس��اليب اإلحصائية المناسبة لتحليل البيانات‬

‫( ‪) 112‬‬
‫باس��تخدام برنامج )‪ ،)SPSS‬إذ تم حساب المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية‪،‬‬
‫وتحليل التباين األحادي ‪.ANOVA‬‬
‫نتائج الدراسة‪:‬‬
‫النتائج المتعلقة باإلجابة عن س��ؤال الدراس��ة الرئيس��ي والذي نصه‪« :‬ما أهمية الرقابة‬
‫الش��رعية في المصارف اإلسالمية األردنية؟ وما المش��كالت التي تواجهها؟» لإلجابة عن‬
‫هذا الس��ؤال تم استخراج المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية والترتيب والدرجة‬
‫لكل فقرة‪ ،‬والجدول رقم (‪ )3‬يبين ذلك‪.‬‬
‫اجلدول (‪ )3‬املتوسطات احلسابية واالحنرافات املعيارية والرتبة وادلرجة‬
‫إلجابات أفراد عينة ادلراسة ىلع الفقرات املتعلقة باملشكالت‬
‫اليت تواجه هيئة الرقابة الرشعية يف املصارف اإلسالمية األردنية‬
‫درجة امتالك‬ ‫االنحراف‬ ‫المتوسط‬
‫الرتبة‬ ‫المجال‬
‫المهارة‬ ‫المعياري‬ ‫الحسابي‬
‫مرتفعة‬ ‫‪2‬‬ ‫‪.607‬‬ ‫‪3.90‬‬ ‫تمتاز قرارات هيئة الرقابة الشرعية بإلزاميتها‬

‫مرتفعة‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1.022‬‬ ‫‪3.70‬‬ ‫التقارير الصادرة عن هيئة الرقابة الشرعية واضحة وصريحة‬

‫تس��اهم هيئة الرقابة الش��رعية في البنوك اإلسالمية بحل بعض‬


‫متوسطة‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1.426‬‬ ‫‪3.37‬‬
‫الخالفات والنزاعات‬
‫تقوم هيئة الرقابة الش��رعية بمراجعة الخس��ائر وذلك للتأكد من‬
‫مرتفعة‬ ‫‪1‬‬ ‫‪.868‬‬ ‫‪3.93‬‬ ‫م��دى مس��ؤولية إدارة البنك عن هذه الخس��ائر وضمان حقوق‬
‫المودعين‬

‫هن��اك صعوبة في التنس��يق بين البنوك اإلس�لامية وهيئة الرقابة‬


‫متوسطة‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1.206‬‬ ‫‪2.83‬‬
‫الشرعية‬

‫غياب التعاون بي��ن العاملين وهيئة الرقابة الش��رعية في البنوك‬


‫منخفضة‬ ‫‪10‬‬ ‫‪1.015‬‬ ‫‪1.93‬‬
‫اإلسالمية يقلل من ثقة المتعاملين معها‬

‫تفتقر البنوك اإلسالمية لوجود معايير موحدة لعمل هيئة الرقابة‬


‫متوسطة‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1.306‬‬ ‫‪2.53‬‬
‫الشرعية‬

‫وجود قص��ور من قبل هيئة الرقابة الش��رعية لضبط التعامل مع‬


‫متوسطة‬ ‫‪7‬‬ ‫‪.959‬‬ ‫‪2.67‬‬
‫البنوك غير اإلسالمية‬

‫( ‪) 113‬‬
‫درجة امتالك‬ ‫االنحراف‬ ‫المتوسط‬
‫الرتبة‬ ‫المجال‬
‫المهارة‬ ‫المعياري‬ ‫الحسابي‬
‫متوسطة‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1.042‬‬ ‫‪2.50‬‬ ‫يقتصر دور هيئة الرقابة الشرعية على الفتوى واإلرشاد‬

‫عن��د دخ��ول البنوك اإلس�لامية في اس��تثمارات خ��ارج البنك‬


‫يقتصر دور الرقابة الش��رعية على التأكد من الس�لامة الش��رعية‬
‫متوسطة‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1.117‬‬ ‫‪3.17‬‬
‫له��ذه العقود‪ ،‬وال تقوم بمتابعة كيفية تنفيذ هذه االس��تثمارات‪،‬‬
‫والتأكد من شرعيتها‬

‫متوسطة‬ ‫**‬ ‫‪0.577‬‬ ‫‪3.02‬‬ ‫المجموع الكلي‬

‫يتبي��ن من الجدول رقم (‪ )3‬أن المتوس��ط الحس��ابي الكلي للمش��كالت التي تواجه‬
‫الرقابة الشرعية في (‪ (3.02‬واالنحراف المعياري (‪ )0.577‬بدرجة متوسطة‪ ،‬وحصلت‬
‫الفقرة «تقوم هيئة الرقابة الشرعية بمراجعة الخسائر‪ ،‬وذلك للتأكد من مدى مسؤولية إدارة‬
‫البنك عن هذه الخس��ائر‪ ،‬وضمان حقوق المودعين» على المرتبة األولى بمتوسط حسابي‬
‫(‪ (3.93‬وبانح��راف معياري (‪ ) 0.868‬وبدرجة مرتفعة‪ ،‬وحصلت فقرة «غياب التعاون‬
‫بين العاملين وهيئة الرقابة الش��رعية في البنوك اإلس�لامية يقلل من ثقة المتعاملين معها»‪،‬‬
‫على المرتبة العاش��رة بمتوس��ط حس��ابي (‪ )1.93‬وانحراف معياري (‪ )1.015‬وبدرجة‬
‫منخفضة‪.‬‬

‫النتائ��ج المتعلق��ة باإلجابة عن فرضية الدراس��ة والتي نصها‪ :‬توج��د فروق ذات داللة‬
‫إحصائي��ة عند مس��توى الدالل��ة (‪ )α = 0.05‬في متوس��ط تقدير العاملين ف��ي المصارف‬
‫اإلسالمية للمشكالت التي تواجه الرقابة الشرعية تعزى للمتغيرات اآلتية‪ :‬المؤهل العلمي‪،‬‬
‫عدد سنوات الخبرة‪ ،‬المستوى الوظيفي‪.‬‬

‫أولاً ‪ :‬المؤهل العلمي‪:‬‬

‫لقياس أثر المؤهل العلمي في درجة تقدير العاملين في المصارف اإلس�لامية األردنية‬
‫للمشكالت التي تواجه الرقابة الشرعية أثناء أداء وظائفها‪ ،‬تم حساب المتوسطات الحسابية‬
‫واالنحرافات المعيارية والجدول رقم (‪ )4‬يبين ذلك‪.‬‬

‫( ‪) 114‬‬
‫اجلدول (‪ )4‬املتوسطات احلسابية واالحنرافات املعيارية‬
‫إلجابات أفراد عينة ادلراسة حسب متغري املؤهل العليم‬
‫االنحراف المعياري‬ ‫المتوسط الحسابي‬ ‫المؤهل العلمي‬
‫‪0.600‬‬ ‫‪2.60‬‬ ‫دبلوم‬
‫‪0.50‬‬ ‫‪3.05‬‬ ‫بكالوريوس‬
‫‪0.24‬‬ ‫‪3.05‬‬ ‫ماجستير‬
‫‪1.09‬‬ ‫‪3.66‬‬ ‫دكتوراه‬
‫‪0.57‬‬ ‫‪3.05‬‬ ‫المجموع‬

‫يتبين من الجدول (‪ )4‬أنه توجد فروق ظاهرية بس��يطة بين متوسط إجابات أفراد العينة‬
‫على درجة تقدير العاملين في المصارف اإلس�لامية األردنية للمشكالت التي تواجه الرقابة‬
‫الش��رعية أثن��اء أداء وظائفها تبعًا لمتغي��ر المؤهل العلمي‪ ،‬ولمعرفة فيم��ا إذا كانت الفروق‬
‫الظاهري��ة في المتوس��طات فروقًا ذات دالل��ة إحصائية‪ ،‬تم إجراء تحلي��ل التباين األحادي‬
‫(‪ )ONE WAY ANOVA‬لمتوسطات أداء أفراد العينة على فقرات الدراسة‪ ،‬والجدول‬
‫رقم (‪ )5‬يبين نتائج هذا التحليل‪.‬‬
‫اجلدول (‪ )5‬نتائج حتليل اتلباين األحادي (‪ ANOVA‬ـ ‪)One Way‬‬
‫ملعرفة أثر متغري املؤهل العليم ىلع درجة تقدير العاملني يف املصارف‬
‫اإلسالمية األردنية للمشكالت اليت تواجه الرقابة الرشعية أثناء أداء وظائفها‬
‫مجموع‬
‫لداللة اإلحصائية‬ ‫قيمة (‪)F‬‬ ‫وسط المربعات‬ ‫درجات الحرية‬ ‫مصدر التباين‬
‫المربعات‬

‫‪0.113‬‬ ‫‪2.189‬‬ ‫‪0.650‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1.951‬‬ ‫بين المجموعات‬

‫‪0.297‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪7.724‬‬ ‫خالل المجموعات‬

‫‪29‬‬ ‫‪9.675‬‬ ‫المجموع‬

‫يتبي��ن م��ن الجدول رقم (‪ )5‬أن��ه ال توجد هناك فروقً��ا دالة إحصائيً��ا لمتغير المؤهل‬
‫العلمي على درجة تقدير العاملين في المصارف اإلسالمية األردنية للمشكالت التي تواجه‬
‫الرقابة الشرعية أثناء أداء وظائفها‪.‬‬

‫( ‪) 115‬‬
‫ثانيًا‪ :‬عدد سنوات الخبرة‪:‬‬
‫لإلجابة عن هذا الس��ؤال تم حس��اب المتوس��طات الحس��ابية واالنحرافات المعيارية‬
‫لقي��اس أثر س��نوات الخبرة عل��ى درجة تقدي��ر العاملين في المصارف اإلس�لامية األردنية‬
‫للمشكالت التي تواجه الرقابة الشرعية أثناء أداء وظائفها والجدول رقم (‪ )6‬يبين ذلك‪.‬‬
‫اجلدول رقم (‪ )6‬املتوسطات احلسابية واالحنرافات املعيارية‬
‫إلجابات أفراد عينة ادلراسة حسب متغري سنوات اخلربة‬
‫االنحراف المعياري‬ ‫المتوسط الحسابي‬ ‫سنوات الخبرة‬
‫‪0.43‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫أقل من ‪ 5‬سنوات‬
‫‪0.35‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫من ‪5‬سنوات ـ أقل من ‪10‬سنوات‬
‫‪0.76‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪10‬سنوات فأكثر‬
‫‪0.57‬‬ ‫‪3.0‬‬ ‫المجموع‬

‫يتبين من الجدول رقم (‪ )6‬أنه يوجد فروق ظاهرية بس��يطة بين متوس��ط إجابات أفراد‬
‫العينة على درجة تقدير العاملين في المصارف اإلس�لامية األردنية للمش��كالت التي تواجه‬
‫الرقابة الشرعية أثناء أداء وظائفها تبعًا لمتغير سنوات الخبرة‪ ،‬ولمعرفة فيما إذا كانت الفروق‬
‫الظاهري��ة في المتوس��طات فروقًا ذات دالل��ة إحصائية‪ ،‬تم إجراء تحلي��ل التباين األحادي‬
‫(‪ )ONE WAY ANOVA‬لمتوسطات أداء أفراد العينة على فقرات الدراسة‪ ،‬والجدول‬
‫رقم (‪ )7‬يبين نتائج هذا التحليل‪.‬‬
‫اجلدول (‪ )7‬نتائج حتليل اتلباين األحادي (‪ ANOVA‬ـ ‪)One Way‬‬
‫ملعرفة أثر متغري عدد سنوات اخلربة ىلع درجة تقدير العاملني يف املصارف‬
‫اإلسالمية األردنية للمشكالت اليت تواجه الرقابة الرشعية أثناء أداء وظائفها‬
‫درجات‬ ‫مجموع‬
‫لداللة اإلحصائية‬ ‫قيمة (‪)F‬‬ ‫وسط المربعات‬ ‫مصدر التباين‬
‫الحرية‬ ‫المربعات‬
‫‪0.015‬‬ ‫‪4.967‬‬ ‫‪1.301‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2.602‬‬ ‫بين المجموعات‬
‫‪0.262‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪7.072‬‬ ‫خالل المجموعات‬
‫‪29‬‬ ‫‪9.675‬‬ ‫المجموع‬

‫( ‪) 116‬‬
‫يتبي��ن م��ن الجدول رقم (‪ )7‬وجود فروق ذات داللة إحصائية بمس��توى داللة (‪)α ≤ 0.05‬‬
‫في إجابات أفراد عينة الدراس��ة درجة تقدير العاملين في المصارف اإلس�لامية األردنية‬
‫للمش��كالت التي تواجه الرقابة الشرعية أثناء أداء وظائفها تبعًا لمتغير عدد سنوات الخبرة‪،‬‬
‫وللكشف عن مواقع الداللة اإلحصائية تم تطبيق اختبار شيفيه (‪ ،)Scheffe‬والجدول رقم‬
‫(‪ )8‬يوضح ذلك‪.‬‬

‫اجلدول رقم (‪ )8‬نتائج اختبار شيفيه (‪ )Scheffe‬اليت يبني مواقع الفروق‬


‫يف أثر متغري عدد سنوات اخلربة ىلع درجة تقدير العاملني يف املصارف‬
‫اإلسالمية األردنية للمشكالت اليت تواجه الرقابة الرشعية أثناء أداء وظائفها‬
‫من ‪ 5‬سنوات ـ أقل‬ ‫أقل من ‪5‬‬
‫‪10‬سنوات فأكثر‬ ‫سنوات الخبرة‬
‫من ‪10‬سنوات‬ ‫سنوات‬
‫‪*0.017‬‬ ‫‪0.09‬‬ ‫ـ‬ ‫أقل من ‪ 5‬سنوات‬

‫‪0.051‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ـ‬ ‫من ‪5‬سنوات ـ أقل من ‪10‬سنوات‬

‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫‪10‬سنوات فأكثر‬

‫يظه��ر من الجدول رقم (‪ )8‬أن الفروق بين متوس��ط أداء أفراد العينة على درجة تقدير‬
‫العاملين في المصارف اإلسالمية األردنية للمشكالت التي تواجه الرقابة الشرعية أثناء أداء‬
‫وظائفها وف ًقا لمتغير س��نوات الخبرة كانت بين (أقل من ‪ 5‬س��نوات) و(‪ 10‬سنوات فأكثر)‬
‫لصالح (‪ 10‬س��نوات فأكثر)‪ ،‬فالموظفين الذين عدد س��نوات خبرتهم أكثر من ‪ 10‬سنوات‬
‫لديهم علم ودراية بالمش��كالت التي تواجه هيئة الرقابة الش��رعية في المصارف اإلس�لامية‬
‫األردنية أكثر ممن هم دون ‪ 10‬سنوات‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬المسمى الوظيفي‪:‬‬

‫لإلجابة عن هذا الس��ؤال تم حس��اب المتوس��طات الحس��ابية واالنحرافات المعيارية‬


‫لقي��اس أثر المس��مى الوظيفي في درج��ة تقدير العاملين في المصارف اإلس�لامية األردنية‬
‫للمشكالت التي تواجه الرقابة الشرعية أثناء أداء وظائفها والجدول رقم (‪ )9‬يبين ذلك‪.‬‬

‫( ‪) 117‬‬
‫اجلدول رقم (‪ )9‬املتوسطات احلسابيه واالحنرافات املعيارية‬
‫إلجابات أفراد عينة ادلراسة حسب متغري املسىم الوظييف‬
‫االنحراف المعياري‬ ‫المتوسط الحسابي‬ ‫المسمى الوظيفي‬

‫‪0.46‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫موظف‬

‫‪0.66‬‬ ‫‪3.0‬‬ ‫رئيس قسم‬

‫‪0.98‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫مدير‬

‫‪0.57‬‬ ‫‪3.05‬‬ ‫المجموع‬

‫يتبين من الجدول (‪ )9‬أنه توجد فروق ظاهرية بس��يطة بين متوسط إجابات أفراد العينة‬
‫على درجة تقدير العاملين في المصارف اإلس�لامية األردنية للمشكالت التي تواجه الرقابة‬
‫الش��رعية أثناء أداء وظائفها تبعًا لمتغير المس��مى الوظيفي‪ ،‬ولمعرفة فيما إذا كانت الفروق‬
‫الظاهري��ة في المتوس��طات فروقًا ذات دالل��ة إحصائية‪ ،‬تم إجراء تحلي��ل التباين األحادي‬
‫)‪ )ONE WAY ANOVA‬لمتوسطات أداء أفراد العينة على فقرات الدراسة‪ ،‬والجدول‬
‫رقم (‪ )10‬يبين نتائج هذا التحليل‪.‬‬

‫اجلدول (‪ )10‬نتائج حتليل اتلباين األحادي (‪ ANOVA‬ـ ‪)One Way‬‬


‫ملعرفة أثر درجة تقدير العاملني يف املصارف اإلسالمية األردنية للمشكالت‬
‫ً‬
‫اليت تواجه الرقابة الرشعية أثناء أداء وظائفها تبعا ملتغري املسىم الوظييف‬
‫مجموع‬
‫الداللة اإلحصائية‬ ‫قيمة (‪)F‬‬ ‫وسط المربعات‬ ‫درجات الحرية‬ ‫مصدر التباين‬
‫المربعات‬
‫‪0.387‬‬ ‫‪.982‬‬ ‫‪0.328‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0.656‬‬ ‫بين المجموعات‬

‫‪0.334‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪9.019‬‬ ‫خالل المجموعات‬

‫‪29‬‬ ‫‪9.675‬‬ ‫المجموع‬

‫يتبي��ن من الجدول رقم (‪ )10‬أنه ال يوجد فروق ظاهرية بين متوس��ط أداء أفراد العينة‬
‫عل��ى فقرات درجة الرقابة الش��رعية في المصارف اإلس�لامية األردنية والمش��كالت التي‬
‫تواجهها حسب متغير المسمى الوظيفي‪.‬‬

‫( ‪) 118‬‬
‫النتائج‪:‬‬
‫بعد اس��تعراض نتائج تحليل االس��تبيان فقد تم التوصل إل��ى مجموعة من النتائج‪ ،‬أال‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ -‬أن مصلحة العميل هو أولى اهتمامات البنوك؛ حيث إن تعرض العميل إلى الخسائر‬
‫قد يضطره إلى التعامل مع مؤسسه بنكيه أخرى تخدم مصالحه‪.‬‬

‫‪ -‬أن التعاون بين الرقابة الش��رعية والعاملين في البنوك اإلسالمية ال تؤثر على العميل‬
‫فكل ما يهم العميل هو صحة معامالته وأرباحه‪.‬‬

‫‪ -‬كم��ا أش��ارت النتائج إل��ى عدم وجود ف��روق ذات داللة إحصائية ف��ي درجة تقدير‬
‫العاملين في المصارف اإلسالمية األردنية للمشكالت التي تواجه الرقابة الشرعية أثناء أداء‬
‫وظائفها تعزى لمتغير المؤهل العلمي‪.‬‬

‫‪ -‬وأش��ارت النتائج إلى وجود فروق ذات داللة إحصائية في درجة تقدير العاملين في‬
‫المصارف اإلس�لامية األردنية للمش��كالت التي تواجه الرقابة الش��رعية أثناء أداء وظائفها‬
‫تعزى لمتغير عدد سنوات الخبرة‪.‬‬

‫‪ -‬وأشارت النتائج إلى عدم وجود فروق ذات داللة إحصائية في درجة تقدير العاملين‬
‫في المصارف اإلس�لامية األردنية للمشكالت التي تواجه الرقابة الشرعية أثناء أداء وظائفها‬
‫تعزى لمتغير المسمى الوظيفي‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫‪ .1‬ض��رورة تعاون إدارة البنوك اإلس�لامية مع هيئات الرقابة الش��رعية لتطبيق أحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية في المعامالت المالية الصادرة عنها‪.‬‬

‫‪ .2‬ض��رورة تفعي��ل دور هيئة الرقابة الش��رعية لضب��ط المعامالت المالي��ة بين البنوك‬
‫اإلسالمية مع غيرها من البنوك التقليدية‪.‬‬
‫( ‪) 119‬‬
‫‪ .3‬ضرورة إيجاد سبل تعاون بين هيئات الرقابة الشرعية الموجودة في البنوك اإلسالمية‬
‫مع العاملين لديها للخروج بصيغ اس��تثمارية وتمويلية جديدة ومتوافقة مع أحكام الش��ريعة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .4‬ضرورة عقد دورات وندوات لتثقيف العاملين في البنوك اإلس�لامية بماهية الرقابة‬
‫الشرعية وخصائصها ووظائفها حتى يزال أي لبس لديهم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 120‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪ .1‬أبو غدة‪ ،‬عبد الستار‪ ،‬الرقابة الشرعية على المصارف اإلسالمية‪( ،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .2‬أبو معمر‪ ،‬فارس‪ ،‬أثر الرقابة الش��رعية واس��تقالليتها على معامالت البنك اإلسالمي‪،‬‬
‫‪1994‬م‪.‬‬

‫‪ .3‬البعلي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬المدخل لفقه البنوك اإلسالمية‪ ،‬االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية‪،‬‬
‫القاهرة‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .4‬حماد‪ ،‬حمزة عبد الكريم‪ ،‬الرقابة الش��رعية في المصارف اإلس�لامية‪ ،‬رس��الة ماجستير‪،‬‬
‫كلية الشريعة‪ ،‬الجامعة األردنية‪2004 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .5‬الزيدانين‪ ،‬هيام محمد عبد القادر‪ ،‬الرقابة الشرعية على المصارف اإلسالمية بين التأصيل‬
‫والتطبيق‪ ،‬مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون‪ ،‬المجلد ‪ ،40‬العدد (‪2013 ،)1‬م‪.‬‬

‫‪ .6‬الشوبكي‪ ،‬عمر محمد مرشد‪ ،‬دراسات وأبحاث مبادئ الرقابة على أعمال اإلدارة العامة‬
‫في األردن‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪ ،‬األردن‪1981 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬العليات‪ ،‬أحمد عبد العفو مصطفى‪ ،‬الرقابة الش��رعية على أعمال المصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪2006 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .8‬القطان‪ ،‬محمد أمين علي‪ ،‬الرقابة الش��رعية الفعالة في المصارف اإلسالمية‪ ،‬بحث مقدم‬
‫للمؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جامعة أم القرى‪2005 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .9‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪1960 ،‬م‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 121‬‬
‫‪‬‬
‫حبث بعنوان‬
‫املصارف اإلسالمية من حيث‬
‫النظرية والتطبيق‬

‫مقدم‬
‫للمؤمتر األكادميي السادس (املصارف اإلسالمية)‬

‫بإرشاف‬
‫اهليئة اإلسالمية العليا ـ بيت املقدس‬
‫يف الفرتة من ‪ 20‬ـ ‪2021/11/21‬م‬

‫إعداد‬
‫د‪ .‬حممد علي مصطفى الصلييب‬
‫نابلس ـ كلية الشريعة ـ جامعة النجاح‬
‫األول من شهر ربيع الثاني ‪1443‬ﻫ‬
‫وفق ‪2021/11/7‬م‬
‫متهيد‬
‫ويتضمن التمهيد ما يلي‪:‬‬
‫أولاً ‪ :‬املصارف اإلسالمية ضمن أطر احلل اإلسالمي‪:‬‬
‫الحمد هلل والصالة والس�لام على س��يدنا محمد ﷺ؛ الحمد هلل الذي أراد باإلنس��انية‬
‫جمع��اء كل خير؛ حيث يقول س��بحانه‪﴿ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾(((‪،‬‬
‫الحمد هلل الذي جعل أمة محمد ﷺ أمةً وس ًطا قال تعالى‪﴿ :‬ﭪﭫﭬﭭ﴾(((‪،‬‬
‫والوس��ط‪ :‬العدل‪ ،‬والخي��ر‪ ،‬ومجانبه الغلو والتقصير‪ ،‬و«خير األمور أوس��طها»((( وفيه عن‬
‫عل��ي قال ﷺ‪« :‬عليكم بالنمط األوس��ط فإنه ينزل العالي‪ ،‬وإليه يرتفع النازل»‪ ،‬فالوس��طية‬
‫والوس��ط تحققان أصول العدالة‪ ،‬وتحقق م��راد اهلل تعالى في العالقات المادية واالقتصادية‬
‫وينعك��س ذلك على العالقات االجتماعية والقيم األخالقية واإلدارية‪ ،‬والسياس��ية وتضبط‬
‫أمور الناس في بالد المس��لمين وغيرها‪ ،‬ويَعُم الخير‪ ،‬ويس��عد الناس‪ ،‬وخالف ذلك ينطبق‬
‫على المخالفين قوله تعال��ى‪﴿ :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾(((؛ فالتضخم‬
‫المال��ي‪ ،‬وانهيار البورصات‪ ،‬وانهيار األس��هم والعمالت المختلفة‪ ،‬والكس��اد االقتصادي‪،‬‬
‫والمعض�لات االقتصادي��ة‪ ،‬وغالء األس��عار‪ ،‬والمديوني��ات العالية‪ ،‬واالنهي��ار المصرفي‪،‬‬
‫كالذي حصل في س��وق المن��اخ ‪1984‬م في الكويت‪ ،‬وكانت قيمته الس��وقية (‪ )100‬مائة‬
‫مليار دوالر‪ ،‬وعلى رأس األس��باب مخالفة القرآن الكريم‪ ،‬ومخالفة أمر النبي عليه الس�لام‬
‫فيما يتعلق «بالصيرفة المقيدة بأحكام الش��ريعة اإلس�لامية»‪ ،‬وارتكاب فاحشة الربا‪ ،‬وذلك‬
‫ممث�ًل�اً بربا الفضل وربا النس��يئة‪ ،‬والبيوع المحرم��ة المختلفة‪ ،‬وبإصدار ش��يكات مصرفية‬

‫سورة البقرة‪ :‬آية ‪.185‬‬ ‫(((‬


‫سورة البقرة آية‪.143 :‬‬ ‫(((‬
‫أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره‪ ،‬والقرطبي ج ‪ ،2‬ص‪.136‬‬ ‫(((‬
‫سورة طه‪ :‬آية ‪.124‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 125‬‬
‫مؤجلة وقابلة للتداول(((‪ ،‬وقد كان ألزمة س��وق المناخ األثر الكبير على الحياة االجتماعية‬
‫والثقافية واألس��رية في الخليج والكويت‪ ،‬وس��بق لألس��واق العالمية أن أصيبت بانهيارات‬
‫ألس��واقها المالية(((‪ ،‬والسبب الرئيس لألزمات المالية هو صرفية وأعمال نقدية قائمة على‬
‫ما ذكرته من أصناف الربا‪ ،‬والخالص هو العمل بأحكام شريعة اإلسالم‪.‬‬
‫م��ن أجل ذل��ك أحببت الكتاب��ة في موض��وع الصيرفة اإلس�لامية‪ ،‬وأخ��ذ العبرة من‬
‫الكوارث واالنتكاس��ات واالنهيارات واألزمات الناتجة عن التوغل في الطرق‪ ،‬والمسالك‬
‫الربوية القائمة على االستغالل واالحتكار والولوج في بحور الربا التي تعهد سبحانه وتعالى‬
‫بتجفيفها بأن يمحقها‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬مصادر الشريعة اإلسالمية يف بناء وإجياد املصارف اإلسالمية‪:‬‬
‫المعامالت االقتصادية من عقود وبيوع ومبادالت‪ ،‬وما يترتب عليها من أحكام تتعلق‬
‫بالنق��ود والقروض‪ ،‬وما ينش��أ عنها من ضمان��ات وديون وش��ركات ووكاالت وخيارات‬
‫وره��ون وح��واالت مالية وهبات وودائ��ع وغيرها‪ ،‬وكل قضايا المصارف اإلس�لامية وما‬
‫يتف��رع عنها‪ :‬اله��دف منها الحفاظ عل��ى المصالح التي أجازتها وعليه��ا‪ ،‬وألجلها جاءت‬
‫األحكام الشرعية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬الضروريات وذلك بدرء المفاسد عنها‪.‬‬
‫‪ .2‬الحاجيات وذلك بجلب المصالح‪.‬‬
‫‪ .3‬التحسينيات‪.‬‬
‫‪ .1‬فاألولى تحقق مقاصد الشريعة اإلسالمية في الحفاظ على‪ :‬الدين‪ ،‬والنفس‪ ،‬والعقل‪،‬‬
‫والعرض‪ ،‬والمال‪ ،‬وسبل تنميته أو اكتنازه‪.‬‬
‫‪ .2‬والثانية‪ ،‬وهي‪ :‬الحاجيات وذلك بجلب المصالح‪ ،‬والمصارف اإلس�لامية إذا لم‬

‫((( ويكبيديا‪ar.m.wikipeda.org :‬‬


‫((( المرجع السابق‪.‬‬

‫( ‪) 126‬‬
‫يقصد بها المصالح للناس‪ ،‬فتجلب عليها المفاسد التي تقود لألزمات المالية‪ ،‬واالنهيارات‬
‫والتضخم والخس��ائر األخالقية‪ ،‬الناتجة عن الفس��اد الكبير (الربا) وما يترتب على الربا‪،‬‬
‫خالفًا للطرق المشروعة في المصارف اإلسالمية‪ ،‬وما يتفرع عنها من بيوع وغيره‪.‬‬
‫‪ .3‬أما التحس��ينيات فهي كل طريق يؤدي إلى الخير س��واء عن طريق ما أمر به سبحانه‬
‫من األوامر‪ ،‬وامتثال األخالق والقيم وتطبيقها في القضايا المصرفية وغيرها‪ ،‬وحذر القرآن‬
‫الكريم في نصوص واضحة من جريمة ارتكابها يتمثل بالتعاطي بالربا والنصوص المنطوقة‬
‫والمفهومة‪ ،‬هي‪:‬‬
‫أولاً ‪ :‬الق��رآن الكريم هو المصدر الرئيس األول الداعي إلقامة وبناء مصارف إس�لامية‬
‫غير ربوية؛ حيث يقول سبحانه وتعالى في كتابة العزيز محذ ًرا المرابين سواء كانوا فرادى أو‬
‫مجتمعين عن طريق المصارف أو مراكز مالية أخرى قائلاً ‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ‬
‫ﭪ ﭫ﴾(((‪ ،‬وداللة اآلية بمنطوقها ومفهومها تنص على حرمة الربا‪ ،‬واهلل س��بحانه ح ّذر‬
‫من األزمات المالية واالنهيارات والكوارث؛ حيث يقول سبحانه‪﴿ :‬ﮄ ﮅ ﮆ﴾(((‪.‬‬
‫فسبحانه توعد المرابين في المصارف أو غيرها بضرورة ترك الربا؛ حيث يقول سبحانه‬
‫وتعال��ى‪﴿ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ﴾(((‪.‬‬
‫ووجه الداللة في اآليات السابقة النهى الصريح على حرمة تعامل المصارف اإلسالمية‬
‫وغير اإلسالمية أو عموم الناس‪ ،‬بالربا بجميع أنواعه‪.‬‬
‫وقد جاء في س��بب نزول هذه اآليات ما ذكره اب��ن عباس أنها نزلت في بني عمرو من‬
‫ثقيف‪ ،‬وفي بني المغيرة من بني مخزوم؛ حيث قدم بنو عمرو على والي مكة المكرمة‪ ،‬وهو‬

‫((( سورة البقرة‪ :‬آية ‪.275‬‬


‫((( سورة البقرة‪ :‬آية ‪.276‬‬
‫((( سورة البقرة‪ :‬آية ‪.279-278‬‬

‫( ‪) 127‬‬
‫عتاب بن أس��يد‪ ،‬وكان واليًا على مكة المكرمة زمن النبوة يطالبون بمال ربوي على آخرين‪،‬‬
‫فكتب عتاب لرس��ول اهلل ﷺ‪ ،‬وكانت نزلت عليه اآليات السابقة(((‪ ،‬وقيل ذلك في العباس‬
‫وعثمان بن عفان‪ ،‬فاستجابا وأخذا رؤوس أموالهما‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬وقوله تعالى‪﴿ :‬ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾(((‪ ،‬واإلثم‬


‫يتضاعف بتضاعف المبلغ الربوي‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬ويحذر اهلل س��بحانه من القروض الربوية؛ حيث يقول س��بحانه‪﴿ :‬ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ﴾(((‪ ،‬الربوية توجيه صريح من اهلل تعالى بترك التعامل‬
‫بالربا أخ ًذا وعطاءً‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬نهى سبحانه وذم اليهود أكلة الربا بقوله‪﴿ :‬ﯠ ﯡﯢﯣﯤ﴾(((‪ ،‬وذمهم‬
‫كذلك ألكلهم السحت (المال الحرام) بقوله‪﴿ :‬ﮫ ﮬ﴾(((‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬تذكير القرآن بقصة النبي شعيب عليه السالم مع قومه؛ حيث أنكروا عليه أن‬
‫ً‬
‫يتدخل بتصرفهم في أموالهم حيث كان يعارضهم‪ ،‬وينكر عليهم سلوكهم المالي القائم على‬
‫الحرام والغش؛ حيث قال س��بحانه وتعالى‪﴿ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ﴾(((‪.‬‬

‫والعبرة في قصة شعيب عليه السالم مع قومه أن كسب المال وحيازته ُمقيد بقيد الحالل‬
‫بعيد عن دروب الحرام بالصيرفة أو بغيرها‪ ،‬وهذا في جميع الديانات الس��ماوية‪ ،‬إذ قالوا له‬
‫عليه السالم‪﴿ :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ﴾‪.‬‬

‫النيسابوري‪ ،‬أسباب النزول‪ ،‬ص‪.49‬‬ ‫(((‬


‫سورة آل عمران‪ :‬آية ‪.130‬‬ ‫(((‬
‫سورة الروم‪ :‬آية ‪.39‬‬ ‫(((‬
‫سورة النساء‪ :‬آية ‪.161‬‬ ‫(((‬
‫سورة المائدة‪ :‬آية ‪.62‬‬ ‫(((‬
‫سورة هود‪ :‬آية ‪.87‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 128‬‬
‫سادس��ا‪ :‬القرآن الكريم والش��ريعة اإلس�لامية ال تمنع تملك األموال بالطرق الشرعية‬
‫ً‬
‫وإيداعها والتصرف بها وفق أحكام الش��ريعة‪ ،‬وذكر اهلل س��بحانه وتعالى أن الفطرة البشرية‬
‫تح��ب وترغب ذل��ك؛ حيث قال س��بحانه وتعال��ى‪﴿ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾(((‪.‬‬

‫وه��ذه األموال والكنوز ينبغي أال تكون هي هدف اإلنس��ان المس��لم وغير المس��لم‪،‬‬
‫ب��ل يفضل عليه��ا‪ ،‬وينبغي التعلق بغيرها‪ ،‬كم��ا جاء في كتاب اهلل تعال��ى‪ ،‬وغيرها هو محبة‬
‫اهلل تعالى ومحبة رس��وله‪ ،‬والجهاد في س��بيل اهلل تعالى؛ حيث يقول س��بحانه‪﴿ :‬ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ‬
‫ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ‬
‫ﮕ ﮖ﴾(((‪.‬‬

‫ويش��ر أحد األعالم المعاصرين أن اإلس�لام ينهى عن اكتناز األموال الذي يؤدي إلى‬
‫وق��ف دوران الثروة‪ ،‬ولهذا حارب اإلس�لام البخ��ل والبخالء والظاهرة «القارونية» نس��بة‬
‫لقارون‪ ،‬الذي ق��ال اهلل تعالى عنه‪﴿ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ﴾(((‪.‬‬
‫فالمصارف اإلس�لامية ال تكتنز األموال‪ ،‬بل تقوم باستثمارها بطرق شرعية بالمرابحة‬
‫والمشاركة والمضاربة والمصانعة والتمويل الشرعي واإلجارة المنتهية بالتمليك وغيرها‪.‬‬

‫جاء في تفس��ير القطب��ي‪ :‬جاء رجل إلى مالك بن أنس‪ ،‬فقال‪ :‬ي��ا أبا عبد اهلل إني رأيت‬
‫رجلاً سكران‪ ،‬فقلت‪ :‬امرأتي طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم ّ‬
‫أشر من الخمر‪ ،‬فقال أنس‬
‫للرج��ل‪ :‬إرجع حتى أنظر في مس��ألتك‪ ،‬فأتاه من الغد‪ ،‬فقال ل��ه‪ :‬امرأتك طالق؛ ألنه ما من‬

‫((( سورة آل عمران‪ :‬آية ‪.14‬‬


‫((( سورة التوبة‪ :‬آية ‪.24‬‬
‫((( سورة القصص‪ :‬آية ‪.76‬‬

‫( ‪) 129‬‬
‫ش��ر مثل الربا إني تصفحت كتاب اهلل وس��نة نبيه‪ ،‬فلم أر شيئًا أشر من الربا؛ ألن اهلل أذن فيه‬
‫بالحرب(((‪.‬‬
‫حرمه اهلل تعالى في ش��رعة األنبي��اء جميعًا‪ ،‬وقد ذكر اهلل تعالى عن اليهود ضمن‬
‫والربا ّ‬
‫الجرائم التي كانوا يعملونها‪ ،‬ومنها‪﴿ :‬ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ﴾(((‪ ،‬وجاء في تفس��ير ابن‬
‫كثير عن آيات الربا‪ :‬أمر اهلل تعالى بتقواه ناهيًا عما يقربهم إلى س��خطه‪ ،‬أي‪ :‬بالربا‪ ،‬ويضيف‬
‫أن كل من كان مقي ًما على الربا ال ينزع عنه‪ ،‬كان ح ًّقا على إمام المس��لمين أن يس��تتيبه‪ ،‬وإال‬
‫ضرب عنقه؛ قال الحسن وابن سيرين أنهما قاال‪ :‬واهلل إنه هؤالء الصيارفة ألكلة الربا وإنهم‬
‫قد أذنوا بحرب من اهلل ورس��وله‪ ،‬وقالت عائشة في مس��ألة (العينة)‪ ،‬أي‪ :‬بيع العينة ما بلغها‬
‫عن زيد بن أرقم أنه سلك (بيع العينة) أن جهاده مع النبي قد أبطل‪ ،‬إال أن يتوب عن ذلك‪.‬‬
‫ثانيً��ا‪ :‬المصدر الثاني بعد كتاب اهلل تعالى هو س��نة النب��ي محمد ﷺ‪ :‬مقتضى أحاديث‬
‫النبي ﷺ نصها ومضمونها ومفهومها ومنطوقها جميعها تحذر من فاحش��ة الربا س��واء أكان‬
‫ذلك من عمل فردي أو من قبل مجموعة ش��ركات‪ ،‬أو مؤسس��ات مصرفية‪ ،‬أو غير مصرفية‬
‫لكنها تقوم بتنفيذ جريمة الربا بأنواعه المختلفة ربا الفضل‪ ،‬أو ربا النسيئة فاهلل سبحانه وتعالى‬
‫ح��رم الربا تحري ًم��ا أبدية ال يقبل التأوي��ل مهما كانت الظروف وج��اءت أحاديث النبي ﷺ‬
‫ّ‬
‫أيضا بكل طرقه وبكل صوره ومنها قوله ﷺ‪:‬‬ ‫تحرمه ً‬

‫‪ .1‬لدرهم ربا أشد عند اهلل تعالى من سبت وثالثين زنية في الخطيئة(((‪.‬‬
‫‪ .2‬الربا تسعة وتسعون بابا أدناه كإتيان الرجل بأمه(((‪( ،‬يعني كمن أتى أمه بالحرام)‪.‬‬
‫‪ .3‬نهى ﷺ‪ :‬عن ثمن الدم وثمن الكلب‪ ،‬وكسب البغي‪ ،‬ولعن آكل الربا(((‪.‬‬

‫القطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪.318‬‬ ‫(((‬


‫سورة النساء‪ :‬آية ‪.161‬‬ ‫(((‬
‫أخرجه أحمد بن حنبل‪ ،‬مس��ند أحمد‪ ،‬ج‪ ،5‬والدارقطبي ج‪ 3‬ص‪ .16‬والطبراني في الكبير وصحيح‬ ‫(((‬
‫الجامع رقم ‪.3375‬‬
‫أخرجه الحاكم وقال حديث صحيح على شرط الشيخين رقم ‪.2259‬‬ ‫(((‬
‫أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب البيوع رقم ‪.2068‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 130‬‬
‫‪ .4‬قال ابن مسعود‪ :‬آكل الربا وكاتبه وشاهده ملعون على لسان محمد ﷺ(((‪.‬‬

‫‪ .5‬قال ﷺ‪ :‬اجتبوا السبع الموبقات‪ ،‬وفيها أكل الربا(((‪.‬‬

‫‪ .6‬وعن ابن مسعود لعن رسول اهلل ﷺ آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده(((‪.‬‬

‫الس��نة بنصوصها وش��روحاتها جميعها تفيض ببيان وحرمة تعاطي الربا‪.‬‬


‫وجميع كتب ُ‬
‫الصحيحان البخاري ومسلم وجميع كتب الحديث والسنن للترمذي وألبي داود وابن ماجه‬
‫نصا وشر ًحا‪.‬‬
‫والنسائي‪ ...‬وجميعها تقوم بذكر ما يتعلق بالربا ً‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬جهود العلماء ومصنفاتهم إلخراج التكليف الشرعي إلقامة مصارف‬
‫إسالمية‪:‬‬
‫المصارف اإلسالمية المعاصرة انبثقت عن الركائز التي يقوم عليها االقتصاد اإلسالمي‬
‫القائم على المبادئ الش��رعية واألحكام الصادرة ف��ي الموضوع المالي والثروة ذهبا وفضة‬
‫ونقودًا‪ ،‬وهذا الموضوع ليس وص ًفا للواقع وتفس��ير له‪ ،‬بل هو (ثورة وعملية تغيير للواقع)‪،‬‬
‫والوظيف��ة العملية والعلمية للمصارف اإلس�لامية‪ ،‬فيتحدد دورها في الكش��ف عن مجرى‬
‫الحياة الواقعي((( بإطاره العام ببحوث التفسير والحديث والفقه واألخالق والقيم األخرى‪،‬‬
‫وقد اس��تطاع الفقهاء والعلماء الشرعيون إخراج أبحاثهم ومصنفاتهم المتعلقة بعموم علوم‬
‫االقتصاد اإلسالمي وما يتفرع عنه من أحكام العمالت والمصارف ومن هؤالء األفذاذ‪:‬‬

‫‪ .1‬أئمة المذاهب األربعة‪ :‬أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل رحمهم اهلل‬
‫تعالى‪.‬‬

‫‪ .2‬إمام المفسرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت‪310‬ﻫ)‪ ،‬وقد ضمن مؤلفاته‬

‫حديث صحيح أخرجه النسائي‪ ،‬ج‪ 8‬ص‪ ،47‬وابن حبان رقم (‪.)3252‬‬ ‫(((‬
‫أخرجه البخاري‪ ،‬رقم ‪.2766‬‬ ‫(((‬
‫أخرجه مسلم‪ ،‬رقم ‪.1597‬‬ ‫(((‬
‫النظرية االقتصادية اإلسالمية‪ ،‬ص‪.85‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 131‬‬
‫ومنه��ا (جامع البي��ان) ما توصل إلي��ه من خالل منط��وق النصوص ومفهومه��ا فيما يتعلق‬
‫باالقتصاد المالي والثروة‪.‬‬

‫‪ .3‬أبو يوسف قاضي القضاة في العهد العباسي صاحب كتاب (الخراج)‪ ،‬الذي وضعه‬
‫قاض��ي قضاة الكون يعقوب بن إبراهيم أبو يوس��ف‪ ،‬ألكبر مل��وك األرض في زمانه هارون‬
‫الرشيد‪ ،‬وذلك في القرن الثاني الهجري‪ ،‬والكتاب يتضمن الموارد المالية والتصرف بها‪.‬‬

‫‪ .4‬الجصاص أبو بكر صاحب كتاب أحكام القرآن المولود بتاريخ ‪ 917‬للهجرة في مدينة‬
‫الري زمن الدولة العباسية‪.‬‬

‫‪ .5‬اإلمام عالء الدين الكاساني (ت ‪587‬ﻫ)‪ ،‬صاحب كتاب‪« :‬بدائع الصنائع في ترتيب‬
‫الشرائع»‪ ،‬وهو من أعظم كتب المذهب الحنفي‪.‬‬

‫‪ .6‬يحيى بن آدم (ت ‪203‬ﻫ) صاحب كتاب «الخراج»‪ ،‬وكتابه «موارد الدولة المالية»‪.‬‬

‫‪ .7‬اإلمام الماوردي‪ :‬أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب (ت‪450‬ﻫ)‪ ،‬صاحب كتاب‬
‫«األحكام السلطانية» و«موسوعة الفقه الشافعي»‪.‬‬

‫‪ .8‬ش��يخ اإلس�لام ابن تيمي��ة‪ :‬تقي الدين أب��و العب��اس النميري الحراني الدمش��قي‪،‬‬
‫وتتلخص نظريته في االقتصاد والمصارف اإلسالمية بضمان الحاجات الضرورية لكل فرد‪.‬‬

‫‪ .9‬عب��د الرحمن بن خلدون صاحب علم االجتماع واالقتصاد والتاريخ وبيان الرابطة‬
‫بينهم (النموذج التحليلي) المرتبط بزيادة السكان وتقسيم العمل‪.‬‬

‫‪ .10‬ابن قدامة الجماعيني النابلسي‪ ،‬موفق الدين أحمد‪ ،‬صاحب مؤلف «المغني»‬
‫(المذهب الحنبلي)‪.‬‬

‫‪ .11‬اإلمام الشوكاني‪ :‬محمد بن علي من كبار علماء اليمن‪ ،‬مؤلف كتاب «نيل األوطار»‪.‬‬

‫‪ .12‬اب��ن حزم الظاهري‪ ،‬أحمد بن س��عيد القرطبي صاحب فك��رة الكفاية االقتصادية‬
‫واالجتماعية لكل فرد‪ ،‬وهؤالء ليس��وا وحدهم‪ ،‬بل هناك من العلماء األوائل الكثير ال يتسع‬

‫( ‪) 132‬‬
‫المجال لذكرهم‪ ،‬وهناك من فالس��فة المسلمين تضمنت كتبهم ومؤلفاتهم جميع ما يخص‬
‫القضايا االقتصادية‪ ،‬ومنها المصارف‪ ،‬ومنهم‪ :‬ابن سينا والفارابي وغيرهم‪.‬‬

‫بعد التآمر على الدولة العثمانية من قبل دول أوروبية تعاون معها من العرب من غدرت‬
‫بهم دول أوروبية‪ ،‬وعلى رأس��ها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأصبح العالم العربي واإلسالمي‬
‫كقطيع الغنم ال راعي له‪ ،‬يعيش في ليال مظلمة ماطرة ال مأوى لهذا القطيع‪ ،‬برغم ذلك ظهر‬
‫من العلماء العرب والمسلمين من تفرغ أليقاظ األمة من سباتها وواقعها الجديد بعد انهيار‬
‫الدولة العثمانية ومن هؤالء‪:‬‬

‫‪ .1‬اإلمام محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية رحمة اهلل تعالى‪.‬‬

‫‪ .2‬ومنه��م اإلم��ام أبو األعلى المودودي أمير الجماعة اإلس�لامية في الهند قبل فصل‬
‫باكس��تان عنها‪ ،‬وهو من أوائل من تطرق في مؤلفاته إلى ضرورة إنش��اء مصارف إس�لامية‪،‬‬
‫وفي عام ‪1941‬م كتب في موضوع اإلس�لام ومضالت االقتصاد وزعت آالف النس��خ من‬
‫الكتاب في العالمين العربي واإلسالمي‪.‬‬

‫‪ .3‬اإلمام أبو الحسن الندوي من كبار علماء الهند‪.‬‬

‫‪ .4‬علماء جامعة األزهر ومنهم الشيخ عبد الحليم محمود‪ ،‬ولهم مؤلفات في هذ‬
‫الموضوع‪.‬‬

‫‪ .5‬اإلمام الشهيد حسن البنا‪.‬‬

‫‪ .6‬الشيخ ابن باز وابن عثيمين وعبد اهلل عبد المحسن التركي والفوزان وغيرهم‪.‬‬

‫‪ .7‬سيد قطب ود‪ .‬عبد القادر عودة من كبار علماء مصر‪.‬‬

‫‪ .8‬اإلمام د‪ .‬يوسف القرضاوي والبوطي ود‪ .‬الفوزان‪.‬‬

‫‪ .9‬الشيخ محمد الغزالي‪ ،‬ود‪ .‬عبد الكريم زيدان‪ ،‬ود‪ .‬أمير عبد العزيز رصرص‪ ،‬ومفتي‬
‫فلسطين السابق‪ ،‬د‪ .‬عكرمة صبري‪.‬‬
‫( ‪) 133‬‬
‫‪ .10‬ومنهم الشقيقان عبد الفتاح أبو غدة‪ ،‬وعبد الستار أبو غده‪ ،‬ود‪ .‬عروة صبري‪.‬‬
‫‪ .11‬د‪ .‬وهبة الزحيلي ومحمد الزحيلي من كبار علماء الشام‪.‬‬
‫‪ .12‬وأس��تطيع الق��ول أن جمي��ع األس��اتذة والعلم��اء ف��ي كلي��ات الش��ريعة بجميع‬
‫اختصاصاتهم الش��رعية الفقهية‪ ،‬وعلوم أصول الدين والمصارف اإلسالمية قدي ًما وحديثًا‪،‬‬
‫ه��م الطليعة العلمية الداعية إلقامة مصارف إس�لامية وفق المنهج القرآني والس��نة النبوية‪،‬‬
‫وأضيف إليهم علماء اإلفتاء وقضاة الش��رع الحنيف الذين حازوا أعلى الش��هادات الشرعية‬
‫في فلس��طين ومصر واألردن وس��وريا والعراق ولبنان والسعودية واليمن‪ ،‬وكليات الشريعة‬
‫في شمال أفريقيا وبالد المسلمين في ماليزيا وأندونيسيا وباكستان وغيرها‪.‬‬
‫‪ .13‬ويش��ير الدكتور هش��ام جب��ر((( إلى نش��أة العمل المصرفي اإلس�لامي الحديث‬
‫ف��ي مصر ع��ام ‪1963‬م بمدينة غمر عن طريق بن��وك االدخار التي ال تعتم��د على (الفائدة‬
‫الربوية) ويشير بذلك إلى أن صاحب الفكرة هو الدكتور أحمد عبد العزيز النجار بحيث يتم‬
‫إنش��اء وحدات مصرفية في المدن أو القرى‪ ،‬وقد استمرت هذه التجربة حتى أيار ‪1967‬م‪،‬‬
‫ونجحت وتم توزيع أرباح بمقدار ‪ %7‬إال أن التجربة توقفت بسبب الشائعات المغرضة‪.‬‬
‫‪ .14‬ث��م كانت تجربة جامعة أم درمان في الس��ودان ‪1966‬م؛ حيث تم اعتماد تدريس‬
‫مس��اق االقتصاد اإلس�لامي ضمن مس��اقات كلية الش��ريعة من قبل د‪ .‬كام��ل الباقر رئيس‬
‫الجامع��ة ود‪ .‬أحمد النجار صاحب الفك��رة ود‪ .‬فتحي الدريني ود‪ .‬محمد المبارك من كبار‬
‫علماء س��وريا ولبنان‪ ،‬هذا وقد درست هذا المساق في الجامعة المذكورة مع زميلي الشيخ‬
‫عزام العكر ‪1968‬م‪ .‬وتوقفت التجربة الس��ودانية إث��ر االنقالب الذي قام به جعفر النميري‬
‫على الرئيس إسماعيل األزهري‪.‬‬
‫‪ .15‬وأقيم بنك ناصر االجتماعي في القاهرة ليكون مصرفًا إس�لاميًّا وفق الش��رعية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .16‬وفي عام ‪1975‬م تم افتتاح (بنك التنمية اإلسالمي في جدة وتقديم القروض بال‬

‫((( د‪ .‬هشام جبر ـ إدارة المصارف اإلسالمية‪ ،‬ص‪.64‬‬

‫( ‪) 134‬‬
‫فوائد‪ ،‬والمساعدة في تنمية التجارة الخارجية‪ ،‬وقبول الودائع واستثمارها‪ ،‬وتشجيع النشاط‬
‫المالي واالقتصادي والمصرفي في بالد المسلمين)‪.‬‬
‫‪ .17‬بنك دبي اإلسالمي تأسس في ‪1975/3/12‬م‪.‬‬
‫‪ .18‬بنك فيصل اإلس�لامي المصري والسوداني‪ ،‬وبنك التمويل الكويتي‪ ،‬وذلك عام‬
‫‪1977‬م‪.‬‬
‫‪ .19‬البنك اإلسالمي األردني تم تأسيسه عام ‪1978‬م‪.‬‬
‫‪ .20‬وف��ي عام ‪1997‬م بلغ عدد المؤسس��ات المصرفية ‪ 190‬مؤسس��ة باس��تثمارات‬
‫بلغت ‪ 166‬مليار دوالر في شتى القارات‪.‬‬
‫‪ .21‬وتط��ورت األم��ور إذ بلغت البنوك والمصارف اإلس�لامية ع��ام ‪2000‬م ما يزيد‬
‫عن مائتي بنك‪ ،‬وانتش��رت البنوك اإلسالمية (في دول إس�لامية وغير إسالمية) ومنها بنوك‬
‫ف��ي ماليزيا وإندونيس��يا وفي الدنمرك وبيت التمويل األمريك��ي (كاليفورنيا)‪ ،‬وله فروع في‬
‫س��بعة واليات أمريكية ويحمل االسم ‪ LARIBA‬اختصار‪Los Angeles Reliable :‬‬
‫‪ ،Investment Bankers associates‬وهذه البنوك تعمل على أساس(((‪:‬‬
‫‪ .1‬النقود ليست سلعة‪ ،‬وإنما وضعت لالستثمار‪.‬‬
‫‪ .2‬الثروة تستثمر لتطوير المجتمع‪.‬‬
‫‪ .3‬عمل المصارف وفق نظرية اقتصادية تمويلية‪.‬‬
‫‪ .4‬الث��روات واألموال هلل وحده؛ لذا فهذه البنوك ال تس��تثمر في مش��روعات محرمة‪،‬‬
‫كالخمر والقمار‪.‬‬
‫‪ .5‬ويتطاب��ق عم��ل هذه المؤسس��ة المصرفية ف��ي أمريكا مع مؤسس��ات أخرى ومنها‬
‫صناديق األمان‪ ،‬والنمو‪ ،‬والدخل األمريكية‪ ،‬وهناك ش��ركة أخرى وعنوانها المختصر والية‬
‫تكساس (‪ )Mis‬ـ هوستن‪.‬‬

‫((( إدارة المصارف اإلسالمية‪ ،‬ص‪.67‬‬

‫( ‪) 135‬‬
‫‪ .6‬ويُعد البنك اإلسالمي األردني من أكبر البنوك اإلسالمية في العالم الذي تم تأسيسه‬
‫عام ‪1978‬م‪ ،‬وبلغت فروعه ‪ 33‬فرعًا وذلك عام ‪1996‬م‪.‬‬

‫‪ 7‬و‪ .8‬وبعد ذلك بسنوات أنشئ في األردن البنك الدولي اإلسالمي العربي‪ ،‬وفي عام‬
‫‪1990‬م وبناء على فكرة من د‪ .‬هش��ام جبر وتعاون من قبل غرفة تجارة وصناعة رام اهلل تم‬
‫تقديم طلب للحكم اإلس��رائيلي إلنش��اء بنك إسالمي‪ ،‬إال أن السلطات اإلسرائيلية رفضت‬
‫ذل��ك‪ ،‬بعد ذلك قامت مجموعة من األصحاب المس��تثمرين يغل��ب عليهم التدين والطابع‬
‫الديني بإنش��اء ش��ركة مس��اهمة أطلقوا عليها (شركة بيت المال الفلس��طيني) وذلك بتاريخ‬
‫‪1993/2/22‬م‪ ،‬إال أن األجهزة األمنية اإلس��رائيلية وكذلك األجهزة الفلس��طينية ضيقت‬
‫عليها ولم تستطع تحقيق أهدافها‪ ،‬وقامت بإعادة الحقوق ألصحابها‪.‬‬

‫‪ .9‬وفي نفس الفترة تقريبًا قامت مجموعة من المس��تثمرين بإنش��اء البنك اإلس�لامي‬
‫الفلسطيني‪ ،‬وله عدة فروع في الضفة الغربية وغزة‪.‬‬

‫‪ .10‬بن��ك القاهرة عم��ان ـ فرع المصارف اإلس�لامية؛ حيث أن بن��ك القاهرة عمان‪،‬‬
‫وطمعًا بجلب المساهمين قام بفتح قسم للمصارف اإلسالمية لفترة زمنية لم تدم طويلاً ‪.‬‬

‫‪ .11‬وف��ي عام ‪2000‬م افتتح بنك األقصى اإلس�لامي وارتفعت أرصدته خالل س��نة‬
‫بإدارة د‪ .‬صرصور وسنقرط‪ ،‬ولكن السلطات اإلسرائيلية ضغطت على البنوك عدم التعامل‬
‫معه بتهمة اإلرهاب‪ ،‬رغم أن تمويله ورأس ماله من السعودية واألردن وفلسطين وبعد سنة‬
‫تم تصفيته وإغالقه(((‪.‬‬

‫‪ .12‬البنك اإلس�لامي العربي‪ :‬تم إنش��اؤه بتاريخ ‪1995/1/8‬م كشركة مساهمة وقد‬
‫حص��ل البنك على أربعة جوائز عام ‪2020‬م‪ ،‬وله عدة ف��روع في جميع مدن الضفة الغربية‬
‫باستثناء القدس المحتلة‪.‬‬

‫‪ .13‬بنك الصفا‪ :‬باش��ر أعماله المصرفية وفق أحكام الشريعة اإلسالمية عام ‪2016‬م‪،‬‬

‫((( جريدة الشرق األوسط ‪ ،2001/1/26‬ص‪.1‬‬

‫( ‪) 136‬‬
‫ول��ه فروع في مدن الضفة الغربية‪ ،‬وخارج فلس��طين‪ ،‬وفي عام ‪1984‬م افتتح مؤتمر البنوك‬
‫اإلسالمية في إسالم أباد‪ ،‬وأوصى المؤتمر الدول العربية واإلسالمية بالموافقة على ترخيص‬
‫الشركات التي تنوي إقامة مصارف إسالمية‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬معضالت املصارف الربوية واألزمات املرتتبة عليها‪:‬‬
‫المص��ارف الربوي��ة تق��وم على ركائز مادي��ة بحتة تخلو م��ن القيم اإلنس��انية‪ ،‬وتتركز‬
‫معض�لات المصارف الربوية في بؤرة األناني��ة الفردية أو األنانية الجماعية‪ ،‬فصاحب البنك‬
‫الرب��وي ف��ردًا كان أو جماعة مصاب أو مصابون (حب التمل��ك) مهما كانت الظروف وهو‬
‫المع��روف بـ(مرض األثرة األنانية) خالفًا لمفه��وم اإليثار والبذل والعطاء‪ ،‬وهذا هو مرض‬
‫(السادية النقدية المصرفية)‪.‬‬

‫والمعضلة في المصارف والمنتشرة ش��تى أنحاء المعمورة تتمثل في (الطريقتين)‬


‫في اس��تعمال ما فض��ل عن حاجاتهم من وس��ائل الحياة وأس��باب العي��ش؛ طمعًا في‬
‫استثمار األموال‪ ،‬وتوفير الغذاء‪ ،‬ورجاء االستيالء بها على الوسائل األخرى من وسائل‬
‫الحياة(((‪.‬‬

‫‪ .1‬الطريقة األولى‪ :‬إقراض فضل أموالهم في المصارف بالربا المحرم‪.‬‬


‫‪ .2‬الطريقة الثانية‪ :‬اس��تعمال األموال المصرفية ف��ي مختلف وجوه التجارة والصناعة‬
‫والزراعة والتكنولوجيا المعاصرة‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫وهذه المعضلة في المصارف؛ حيث تقس��م المجتمع قس��مين قس��م يتمتع بالس��عادة‬
‫المادية على حس��اب ش��قاء الطبق��ة األخرى‪ ،‬وهذا ح��ال كثير من المجتمع��ات األوروبية‬
‫واألمريكية والروسية والعربية‪.‬‬

‫والمصارف الربوية تتمثل المعضالت فيها س��عيها الدؤوب لالس��تيالء على األسواق‬
‫الدولي��ة‪ ،‬وينبثق عن ذلك االس��تيالء امتداد نفوذ ال��دول الغنية بمصارفه��ا وبنوكها الربوية‬

‫((( المورودي‪ ،‬اإلسالم ومعضالت االقتصاد‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫( ‪) 137‬‬
‫داخل الدول الفقيرة‪ ،‬ويمتد ذلك النفوذ السياس��ي والعسكري‪ ،‬وهذا هو الحال المتمثل في‬
‫البنوك الرأسمالية الدولية إزاء البلدان العربية واألفريقية الفقيرة‪.‬‬

‫هذه هي نظرة الرأس��مالية العالمية من خالل مصارفها الربوية في المقابل كانت الدول‬
‫الش��يوعية وعلى رأس��ها روس��يا تعرض حلاًّ آخر لهذه المعضلة الموج��ودة في المصارف‬
‫الرأس��مالية‪ ،‬وهذا الحل يكمن في نزع وس��ائل الثروة من أيدي األف��راد إلى جماعة النظام‬
‫الماركسي(((‪.‬‬

‫ونظرا الستحكام المعضالت في المصارف الربوية‪ ،‬فقد كانت نتيجتها ظهور األزمات‬
‫ً‬
‫في بلدانها‪ ،‬ومن هذه األزمات‪:‬‬

‫‪ .1‬أزمة االئتمان س��نة ‪1760‬م بدأت في بريطانيا‪ ،‬وانتش��رت في أوروبا‪ ،‬وذلك بعدما‬
‫جنت بريطانيا ثروة هائلة لدى اس��تعمارها بلدان كثيرة‪ ،‬وتس��ببت الثروة الهائلة إلى التوسع‬
‫االئتماني المصرفي‪ ،‬ولكن وفي س��نة ‪1772‬م وبس��بب النصب واالحتيال الذي قام به أحد‬
‫شركاء البنك‪ ،‬وأدت تلك األزمة لالستقالل الواليات المتحدة األمريكية عن بريطانيا‪ ،‬وع ّم‬
‫الفزع أنحاء بريطانيا وتشكلت الطوابير البشرية أمام البنوك نتيجة االنهيار المصرفي المالي‪.‬‬

‫‪ .2‬نتيجة االنهيار المالي االقتصادي والذي يُعرف باس��م «بالكساد العظيم» في معظم‬
‫دول العالم بدءًا من بورصة نيويورك (وول ستريت يوم ‪1929/10/24‬م وسمي بالخميس‬
‫األس��ود وتبعه األثنين والثالثاء األس��ود) ووجد المتعاملون أنفس��هم من المفلسين حسب‬
‫المؤشر المالي داوجونز‪.‬‬

‫‪ .3‬سنة ‪1962‬م حصل انهيار سريع للصيرفة واألسواق المالية زمن حكم جون كندي‪.‬‬

‫‪ .4‬انهيارات حرب رمضان‪/‬أكتوبر ‪1973‬م وقد خسر مؤشر ناسداك ‪ 97‬مليار دوالر‪.‬‬

‫‪ .5‬االنهيار المصرفي المالي سنة ‪1987‬م (االثنين األسود)؛ نتيجة المضاربات المصرفية‬
‫عن طريق االستثمار‪ ،‬وذلك باستعمال تقنيات الحاسوب في تنفيذ عمليات البيع والشراء‪.‬‬

‫((( المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43‬‬

‫( ‪) 138‬‬
‫‪ .6‬األزم��ة المالية عام ‪1997‬م ش��رق آس��يا حيث انهارت العمل��ة التايالندية (البات)‬
‫وانهيار السوق المالي في كوريا الجنوبية وتأثرت باألزمة إندونيسيا وماليزيا‪ ،‬وكذلك الصين‬
‫وتايوان وس��نغافورة‪ ،‬وشهدت البورصات العالمية في العالم هبو ًطا حادًّا مثل بورصة لندن‬
‫وناسداك وداو‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ .7‬بعد هجمات ‪2001/9/11‬م وبعد ظهور فقاعة اإلنترنت حدثت انهيارات لألسواق‬
‫المالية‪.‬‬
‫‪ .8‬انهيار في أوروبا وأمريكيا‪ ،‬وهوى مؤشر ستاندرد وداوجونز‪.‬‬
‫‪ .9‬أزمة الديون األوروبية سنة ‪2009‬م‪ ،‬وبخاصة في إسبانيا والبرتغال واليونان وإيرلندا‪،‬‬
‫وهذه األزمة شكلت رعبًا للبنوك في أوروبا‪.‬‬
‫‪ .10‬انهيار سنة ‪2015‬م للبورصات العالمية خسرت فيها أكثر من ثالثة تريليونات دوالر‪.‬‬
‫‪ .11‬انهيار سنة ‪2018‬م و‪2020‬م بسبب كورونا وأزمات أخرى‪.‬‬
‫وأعتقد أن االنهيارات المصرفية س��ببها الرئيس عدم االلتزام بأحكام اإلسالم‪ ،‬وغياب‬
‫القيم األخالقية‪.‬‬
‫ً‬
‫خامسا‪ :‬املصارف اإلسالمية املنجزة واحملققة للمبادئ اإلسالمية‪:‬‬
‫سبل االستثمار فيها ـ ونتائجها‪:‬‬
‫الفكرة المبدأ أو الحكمة والفلس��فة التي تعمل وفقها المصارف اإلس�لامية هي فكرة‬
‫(الوس��اطة) بين المؤسس��ة المصرفية اإلس�لامية وبين أصحاب األموال غير القادرين على‬
‫اس��تثمارها‪ ،‬وهذا يعني (الوس��اطة المالية) ونتيجة لوجود مخاطرة في هذا االستثمار (فإن‬
‫صاحب المال يس��تحق أخذ األرباح وهو مستعد لتحمل الخسارة‪ :‬ويقول سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾(((‪ ،‬وق��ال ﷺ‪« :‬الخ��راج بالضم��ان»(((‪ ،‬والخراج هو‪ :‬الربح‬

‫((( سورة البقرة‪ :‬آية ‪.275‬‬


‫((( رواه أبو داود والترمذي وضعفه البخاري وصححه الترمذي‪.‬‬

‫( ‪) 139‬‬
‫والكسب والنماء من هذه الثروة التي توضع لالستثمار؛ فاألسباب التي أدت إلنشاء مصارف‬
‫إسالمية هي(((‪:‬‬
‫‪ .1‬السبب الشرعي الديني كما ورد في النصوص من كتاب اهلل تعالى‪ ،‬وسنة النبي ﷺ‪،‬‬
‫وإجماع األمة على ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬األضرار الناتجة عن ذلك‪ ،‬وآثار هذه األضرار تشمل الناس جميعًا‪.‬‬
‫‪ .3‬الش��ريعة اإلس�لامية َح ّرمت االحتكار‪ ،‬والمعامالت الربوية احتكار لهذه األموال‬
‫بالحرام‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلخطار الناجمة عن تركيز الثروة بأيدي المؤسسات الربوية أخطار كبيرة‪.‬‬
‫‪ .5‬الفوائ��د الربوي��ة تزي��د التكلفة عل��ى حاجيات الن��اس‪ ،‬وتخل بالمقصد الش��رعي‬
‫بتوفيرها‪.‬‬
‫‪ .6‬زيادة المخاطر على المعسرين المدينين‪ ،‬وهذا يؤدي إلى تفسخ المجتمع‪.‬‬
‫‪ .7‬أكل الربا يزيد من المعاناة النفسية للمرابين‪ ،‬سواء أكانوا مصارف أم أشخاص‪.‬‬
‫‪ .8‬المشكالت الكبيرة الناتجة عن أسعار الفائدة وفيها مخاطر على االستثمار‪.‬‬
‫‪ .9‬تعث��ر الس��داد في المصارف الربوي��ة يؤدي إلى مديونيات متعثرة تقود إلى خس��ائر‬
‫للبنوك الربوية‪ ،‬والشواهد على ذلك كثيرة في أمريكا وأوروبا واليابان بإحصائيات شاهدة‪.‬‬
‫ً‬
‫سادسا‪ :‬مميزات وصيغ املصارف اإلسالمية املختلفة عن الربوية‪:‬‬
‫هذه الط��رق وهذه الصيغ تتميز بأنها خالية من الظلم‪ ،‬وقائمة على ال َعدْل في تنفيذ أمر‬
‫اهلل تعال��ى‪﴿ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾(((‪ ،‬والبيوع والق��روض والمعامالت والمبادالت‬
‫تعس��ر أحد الفريقين فيتم اللجوء إلى أمر اهلل تعالى بوجوب تأجيل المعس��ر أو مسامحته‬
‫إن ّ‬
‫وهذا هو الفضل‪.‬‬

‫((( إدارة المصارف‪ ،‬ص‪ 69‬ـ بتصرف‪.‬‬


‫((( سورة البقرة‪ :‬آية ‪.275‬‬

‫( ‪) 140‬‬
‫والمصارف اإلسالمية تتميز عن الربوية أنها ً‬
‫أيضا بعيدة عن الغرر التي تطوق المصارف‬
‫والمعامالت الربوية س��واءً بالقسم الربوي المسمى‪ :‬أ) ربا النسبية‪ ،‬وهو‪ :‬الزيادة التي تؤخذ‬
‫من المدين مقابل تأخير الدفع‪ ،‬وكان الربا في الجاهلية؛ لذا استحق الدائن دينه يقول أتقضى‬
‫أم تُرب��ي‪ ،‬وهذا الربا هو األكثر ضر ًرا وحرمة‪ ،‬وقد ح�� َذر اهلل تعالى منه‪﴿ :‬ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ﴾(((‪ .‬ب) القس��م الثاني‪ ،‬وهو‪ :‬ربا الفض��ل‪ ،‬أي‪ :‬بيع العملة بذات العملة‬
‫الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة‬‫ُ‬ ‫أو صن��ف بصنف‪ ،‬وقد نص على تحريمه النبي ﷺ؛ حيث ق��ال‪:‬‬
‫بالفضة‪ ،‬والبر بالبر‪ ،‬والش��عير بالش��عير‪ ،‬والتم��ر بالتمر‪ ،‬والملح بالملح‪ ،‬مثلاً بمثل‪ ،‬س��واءً‬
‫بسواء‪ ،‬يدًا بيد‪ ،‬فإذا اختلفت هذه األصناف‪ ،‬فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد‪.‬‬

‫وقد أخرج البيهقي في «الس��نن الكبرى» ع��ن مجاهد أنه قال‪ :‬كنت أطوف مع عبد اهلل‬
‫ب��ن عمر فج��اءه صائغ فقال‪ :‬يا أبا عبد الرحمن‪ ،‬إني أصوغ الذه��ب ثم أبيعه بأكثر من وزنه‬
‫فنه��اه ابن عمر قائلاً ‪ :‬الدين��ار بالدينار والدرهم بالدرهم‪ ،‬ال فض��ل بينهما هذا هو عهد نبينا‬
‫وعهدنا إليكم(((‪.‬‬
‫وصيغ المعامالت المصرفية وطرقها تتم ً‬
‫أيضا باالستثمار‪:‬‬

‫‪ )1‬بالتجارة المباشرة‪.‬‬

‫‪ )2‬والمرابحات الفورية واآلجلة‪.‬‬

‫‪ )3‬عن طريق البيع بالتقس��يط واألجل والتأجيري عبر المشاركات القصيرة األجل‪ ،‬أو‬
‫الطويلة األجل‪ ،‬أو المتوسطة األجل‪ ،‬عبر كل النشاطات الخدماتية‪ ،‬أو الزراعية أو الصناعية‬
‫أو التجارية‪.‬‬

‫وهذه الطرق هي‪:‬‬

‫‪ .1‬المضارب��ة‪ :‬يق��وم المصارف اإلس�لامية بإجراء عقد مضاربة مع أفراد وش��ركات‪،‬‬

‫((( سورة آل عمران‪ :‬آية ‪.130‬‬


‫((( البيهقي‪ ،‬السنن‪.‬‬

‫( ‪) 141‬‬
‫والمضاربة عقد بين طرفين‪ :‬صاحب المال وصاحب العمل في مجاالت التجارة والصناعة‬
‫والزراعة‪ ،‬وعقد المضاربة يقوم على الربح للطرفين حسب االتفاق والخسارة على المصرف‬
‫اإلس�لامي‪ ،‬وعرفت هذه الش��راكة في الجاهلية‪ ،‬وجاء في الحلية ألبي نعيم أن الرسول ﷺ‬
‫وقبل بعثته ضارب لخديجة رضي اهلل عنها قبل أن يتزوجها(((‪.‬‬

‫‪ .2‬القرض الحسن(((‪ :‬هو المال الذي يعطيه المقرض للمقترض ليرد مثله عند قدرته‪،‬‬
‫وثبتت مشروعيته‪ ،‬ويحرم أخذ الزيادة من وراءه‪.‬‬

‫‪ .3‬اإلجارة المنتهية بالتمليك‪ :‬هو عقد بين طرفين يؤجر فيها أحدها آلخر سلعة معينة‬
‫يدفعها المستأجر على أقساط خالل مدة محددة‪ ،‬تنتقل بعدها السلعة للمستأجر عند سداده‬
‫آلخر قسط بعقد جديد(((‪.‬‬

‫‪ .4‬المرابحة‪ :‬هي نقل ما ملكه المصرف اإلسالمي بالعقد األول‪ ،‬مع زيادة ربح للطرف‬
‫اآلخر وهي من بيوع األمانة(((‪ ،‬وفي عقود المرابحة فوائد كثيرة للطرفين للبنك اإلس�لامي‬
‫ولآلمر بالشراء‪.‬‬

‫‪ .5‬المزارعة واالستصناع‪ :‬وهو عقد بين المصرف اإلسالمي والقائمين على الزراعة؛‬
‫لالستفادة من نتاجها‪ ،‬وذكر ابن قدامة أنها (شركة مشاركة وإجارة)‪.‬‬

‫‪ .6‬وأجاز الفقهاء المعاصرون عقودًا أخرى وأعمالاً مصرفية‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ .1‬االعتمادات المستندية‪.‬‬

‫‪ .2‬تحصيل الكمبياالت‪.‬‬

‫‪ .3‬تحويل العمالت‪.‬‬

‫أبو نعيم األصبهاني‪ :‬حلية األولياء‪ ،‬ص‪268‬؛ النظرية االقتصادية‪ ،‬ص‪.267‬‬ ‫(((‬
‫ابن تيمية‪ ،‬ج‪ 29‬ص‪528‬؛ وفقه السنة‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪.146‬‬ ‫(((‬
‫مجلة مجمع الفقه اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬حسن الشاذلي‪.‬‬ ‫(((‬
‫سيد سابق‪ ،‬فقه السنة‪ ،‬ج ‪.3‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 142‬‬
‫‪ .4‬الكفاالت والضمان‪.‬‬

‫‪ .5‬إصدار البطاقات االئتمانية‪.‬‬


‫ً‬
‫سابعا‪ :‬هل حققت املصارف اإلسالمية األهداف املرادة من نشأتها؟‬
‫مما ال ريب فيه أن المصارف اإلس�لامية حققت إنجازات كثيرة‪ ،‬ورغم ذلك تعرضت‬
‫منذ نشأتها في عدد من دول العالم العربي أو األجنبي إلى تشويهات واتهامات‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ .1‬ع��دم التزامه��ا ببعض الضوابط الش��رعية وذلك بإيداعها أمولاً ل��دى بنوك أجنبية‪،‬‬
‫وأخ��ذ فؤاد ربوية م��ن ورائها‪ ،‬وبعد ذلك خس��ارة رأس المال مع الفوائ��د‪ ،‬كما حصل مع‬
‫البنوك‪ :‬دبي اإلس�لامي‪ ،‬وفيصل اإلسالمي المصري‪ ،‬وبنك التضامن اإلسالمي السوداني‪،‬‬
‫والبك اإلس�لامي الدولي لالس��تثمار‪ ،‬وبنك البحرين اإلس�لامي؛ حيث كانت تلك البنوك‬
‫ق��د أودعت جزءًا من أرصدتها لدى بنك االعتم��اد والتجارة الدولي البريطاني‪ ،‬الذي أعلن‬
‫إفالسه سنة ‪1997‬م(((‪.‬‬

‫‪ .2‬تهمة اس��تغالل الحس الديني لدى العمالء؛ تحقي ًقا لش��بهة اكتناز المال‪ ،‬وتسريبها‬
‫للبنوك األجنبية(((‪.‬‬

‫‪ .3‬استخدام ودائع بعض البنوك اإلسالمية للمضاربات على معدن الذهب والفضة في‬
‫األس��واق العالمية‪ ،‬وكانت النتيجة خس��ائر كبيرة‪ ،‬وهو ما حصل مع بيت التمويل الكويتي‪،‬‬
‫ودار المال اإلسالمي‪.‬‬

‫ومما يجدر ذكره أن أصحاب الفكر العلماني لم يتوقفوا عن مهاجمة مس��يرة البنوك‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬وم��ن ه��ؤالء‪ :‬د‪ .‬رفعت الس��عيد؛ حيث كتب مق��الاً في العم�لاء ال يرون في‬

‫((( ح��وار مع رج��ل األعمال صالح كامل‪ ،‬جريدة الش��رق األوس��ط ‪1997/7/11‬م؛ د‪ .‬محمد س��يد‬
‫طنط��اوي‪ ،‬الكلمة األخيرة في معامالت البنوك ‪1997/12/22‬م‪ ،‬نقلاً عن المصارف اإلس�لامية د‪.‬‬
‫أحمد خصاونة‪ ،‬ومحاضرات د‪ .‬أيمن دباغ‪/‬النجاح‪.‬‬
‫((( المرجع السابق‪.‬‬

‫( ‪) 143‬‬
‫المعامالت المصرفية سوى الربح‪ ،‬ويتمثل ذلك بعدم تقبل العمالء خسارة حساباتهم(((‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬ثغرات في أساليب العمل‪ ،‬وكما يقول د‪ .‬شوقي دنيا في كتابه ومقاالته عن المصارف‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬وثغرات ف��ي التطبيق أو التجاوز في ه��ذا التطبيق ألمور ش��رعية‪ ،‬وثغرات في‬
‫الوض��ع الم��ادي للمودعين‪ ،‬وثغرات في تدخل س��لطات النقد في ال��دول التي تعمل فيها‬
‫المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬نتيجة لتغير وضع المدينيين أو المشاركين أو عدم التغير‪ ،‬وبروز مشكلة المماطلة‬
‫في تس��ديد الديون وأثر ذلك على المصرف اإلس�لامي‪ ،‬وفي هذا المجال ذكرت صحيفة‬
‫األخبار المصرية بعنوان‪« :‬خدعة اسمها البنوك اإلسالمية»(((‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬بعض المعترضين على منهج البنوك اإلسالمية ذكروا أن ً‬
‫بعضا منها‪ ،‬مثل‪ :‬بنك فيصل‬
‫اإلسالمي المصري أطلقوا على الودائع اسم أمانات‪ ،‬وعلى سعر الفائدة الربوي اسم هدية‪.‬‬

‫خامس��ا‪ :‬بعض البنوك اإلس�لامية ال تزال حتى اآلن تودع أموالاً لدى البنوك األجنبية‬
‫ً‬
‫أخ ًذا بالرأي القائل أن األحكام الشرعية المحرمة للربا ال تنطبق على بالد الكفر خارج ديار‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬من المآخذ على البنوك اإلسالمية هيمنة المساهمين على المودعين‪ ،‬رغم قلة‬
‫ً‬
‫المساهمين مقابل المودعين مما يمس بمبدأ المساواة‪ ،‬وتحقيق العدل‪.‬‬

‫سابعًا‪ :‬انعدام التوازن في توزيع األرباح بين المساهمين والمودعين‪.‬‬

‫وهل هذه المآخذ تدخل في باب المشكالت التي تواجه المصارف اإلسالمية؟‬

‫والج��واب ه��و‪ :‬أن من كتبوا ف��ي المواضيع الت��ي تتناول جمي��ع القضاي��ا التي تقوم‬
‫وتأجيرا قد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقروضا‬ ‫المصارف اإلسالمية بها بيعًا وشراءً وضمانًا وإصدا ًرا وكفالة ومشاركة‬
‫تتعرض لمشكالت‪ ،‬منها‪:‬‬

‫((( تمويل التنمية وندوة ترشيد مسيرة البنوك اإلسالمية‪ ،‬ص‪ 277‬وما بعدها‪.‬‬
‫((( بتاريخ ‪1997/4/5‬م‪.‬‬

‫( ‪) 144‬‬
‫أولاً ‪ :‬مش��كلة التناف��س بي��ن المصارف الربوية وغي��ر الربوية في عرض س��عر الفائدة‬
‫وانتقائها‪ ،‬وهنا تبرز المس��ؤولية األخالقية للمس��اهمين والمودعين في حل كل المشكالت‬
‫بالتعاون مع هيئة الرقابة الشرعية الموجودة في كل بنك‪.‬‬

‫وأش��ير إلى ما نش��ره األس��تاذ الدكتور أيمن الدباغ في موقعه اإللكتروني على مواقع‬
‫التواصل االجتماعي ما قرأه‪ ،‬واطلع عليه لبعض التجاوزات الش��رعية والمالية ألحد البنوك‬
‫اإلسالمية في الضفة الغربية‪ ،‬وقد لفت نظر المسؤولين في البنك وذكر ذلك مع األمثلة‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬طلب من البنك اإلسالمي المذكور إجبار ال َمدين على دفع قسطه قبل موعده‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬ومنه شراء الدّين لل َمدين من بنك ربوي بدل امهال المدين‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬اقتضاء الدّين بعملة أخرى‪.‬‬


‫خامسا‪ :‬ويرى د‪ .‬الدباغ أن األرباح المعطاة للمودعين قليلة جدًا‪ ،‬ويرى أن هناك خللاً‬
‫ً‬
‫في هيكلية توزيع األرباح ما بين المساهمين المؤسسين والمستثمرين(((‪.‬‬

‫سادس��ا‪ :‬يقوم البنك المشار إليه بحجز دفعة التمويل من راتب المتمول‪ ،‬بمجرد نزول‬
‫ً‬
‫الراتب‪ ،‬وقبل مجيء وقت الدفعة بأيام‪ ،‬قد تصل لعش��رة أيام أو أكثر‪ ،‬ويقوم بتحويل العملة‬
‫متدن جدًا عن س��عر صرف السوق‪ ،‬وظالم للناس‪ ،‬مثلاً قام اليوم بتحويل‬
‫ِ‬ ‫على س��عر صرف‬
‫دفعة من راتب بالدوالر إلى الش��يكل على س��عر صرف ‪ ،3.11‬مع أن سعر صرف السوق‬
‫اليوم ‪ 3.180‬ويضيف هذا ظالم ومخالف للشريعة‪ ،‬من وجهين‪:‬‬

‫‪ .1‬دفعة التمويل قبل مجيء وقتها‪ ،‬ليس��ت ح ًّقا واجب السداد للدائن‪ ،‬وأخذها مسب ًقا‬
‫جبرا عن المدين غصب محرم شرعًا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .2‬اقتضاء الدين بعملة أخرى‪ ،‬يجب ش��رعًا‪ ،‬وحس��ب معايير الوف��اء التي ألزمت بها‬

‫((( الصفحة اإللكترونية للدكتور الدباغ بتاريخ ‪2021/11/1‬م‪.‬‬

‫( ‪) 145‬‬
‫س��لطة النقد الفلس��طينية البنوك‪ ،‬أن يكون بسعر صرف السوق‪ ،‬وكل ابتعاد عن ذلك‪ ،‬يؤدي‬
‫إلى أكل مال المدين بالحرام‪.‬‬

‫وعمليات الصرف ـ والتي تش��كل المش��كلة المذكورة جزءًا منها ـ تحقق أربا ًحا تصل‬
‫إلى مئات آالف الدنانير‪ ،‬كما أنه قد يدفع لذلك ً‬
‫أيضا الحرص على حيازة الدوالر أو الدينار‬
‫بدل الشيكل؛ لمشكلة في البنوك الفلسطينية في حيازة الشيكل‪.‬‬

‫أرجو التوقف عن هذا الظلم والمخالفة الشرعية‪ ،‬فإنني أنصح كل من يحتاج إلى أخذ‬
‫تمويل‪ ،‬أن يذهب لبنك إسالمي ال توجد عنده هذه المشكلة‪.‬‬

‫كذلك أش��ار د‪ .‬أيمن الدباغ من الطامات الكبيرة‪ :‬قيام بعض البنوك اإلس�لامية بشراء‬
‫دي��ن عميل لبنك رب��وي‪ ،‬مقابل إعادة جدولت��ه على العميل وزيادته علي��ه‪ ،‬ويزعمون أنهم‬
‫يُخلصونه من إثم الربا‪.‬‬

‫وفي الحقيقة هذا عمل ربوي محرم على كل من يرتكبه ويُفتى به‪ ،‬وذلك‪:‬‬

‫‪ .1‬إذ في ذلك استغالل سيء وفاحش للعاطفة الدينية‪.‬‬

‫‪ .2‬ه��م ال يخلصونه من إثم الرب��ا؛ ألن اإلثم حصل حين اقترض أول مرة‪ ،‬وال يتجدد‬
‫مجبرا عليها بعد أن تورط فيها‪،‬‬
‫ً‬ ‫له إثم على الس��داد الالحق لألقس��اط والفوائد‪ ،‬التي أصبح‬
‫وبخاصة إذا ندم وتاب‪.‬‬

‫‪ .3‬والعملية المذكورة س��تعجل للبنك الرب��وي ماله مرة واحدة‪ ،‬والذي يدفعه له البنك‬
‫اإلس�لامي‪ ،‬كما ستعجل للبنك الربوي عمولة ‪ % 1.5‬عن السداد المبكر‪ ،‬يتحملها العميل‪،‬‬
‫وذلك أنفع للبنك الربوي‪ ،‬الذي يتحرر له ماله مع الفائدة المذكورة؛ ليقرضه بالربا من جديد‪.‬‬

‫‪ .4‬بع��د أن يُعجل للبنك الرب��وي قرضه والفائدة المذكورة‪ ،‬يُضيف البنك اإلس�لامي‬
‫عل��ى العميل فوائد جديدة عن الفترة الجدي��دة التي جدول لها دينه‪ ،‬فيتضاعف عليه ما كان‬
‫في ذمته‪ ،‬بش��كل فاحش‪ ،‬من خالل (التورق المنظم)‪ ،‬الذي هو حيلة صورية وساذجة على‬
‫الربا‪ ،‬أقبح من الربا الصريح نفسه‪ ،‬وقد حرمه مجمع الفقه اإلسالمي‪.‬‬

‫( ‪) 146‬‬
‫‪ .5‬وفتح هذا الباب سيؤدي إلى تعاون وهو ما يحصل في بعض الحاالت ـ بين البنك‬
‫اإلس�لامي والبنوك الربوية‪ ،‬وبخاصة إذا كان البنك اإلسالمي مملو ًكا لبنك ربوي‪ ،‬كما هو‬
‫حال معظم البنوك اإلس�لامية في فلس��طين ـ تعاون ينتج عنه أن يقوم البنك الربوي بإنش��اء‬
‫مديونيات ربوية كثيرة وكبيرة‪ ،‬والتوسع في ذلك‪.‬‬
‫ويش��ير الدكت��ور أيمن الدباغ وجود خلل لدى بنكين إس�لاميين في فلس��طين ويتمثل‬
‫الخلل في نسبة األرباح بين المساهمين والمودعين من حيث توزيعها‪ ،‬وهو غير مقبول‬
‫ش��رعًا؛ ألن الخلل ذاته موجود في البنوك الربوية‪ ،‬ولكن ش��ناعته في البنوك اإلسالمية أكبر‬
‫لس��ببين؛ أولهم��ا‪ :‬أنه أكثر حدة في البنوك اإلس�لامية عنه في البنوك الربوي��ة‪ ،‬وثانيهما‪ :‬أن‬
‫توصيف العالقة الفقهية بين المساهمين والمودعين في البنوك اإلسالمية أنها عالقة شراكة‪،‬‬
‫ال عالقة تعاقد ربوي‪ ،‬والشراكة ـ في اإلسالم ـ تقتضي عدالة في اقتسام العوائد‪.‬‬

‫والخالصة مما ذكر هو التوجه إلى المصارف اإلسالمية المقترن عملها بعقيدة صحيحة‬
‫وتعاليم شرعية وأخالقية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 147‬‬
‫اخلامتة وأهم نتائج البحث‬
‫مما ال ش��ك فيه أن أي عمل بشري مالي أو اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي ال يستند‬
‫إلى األحكام الش��رعية التي أنزله��ا اهلل تعالى على البني ﷺ يكون مصي��ره وملكه وخاتمته‬
‫االنهيار والفشل بقول تعالى‪﴿ :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾(((‪.‬‬

‫وبناء على ذلك فإن اإلس�لام بعالميته ووس��طيته وابتعاده عن الغلو والتطرف واألنانية‬
‫قد حقق على مدار ما يزيد عن ألف وأربعمائة عام كل األهداف اإلنس��انية الخيرة للبش��رية‬
‫جمع��اء «ال لفضل العربي على أعجمي إال بالتقوى» والخالفة الراش��دة بعد النبوة ش��اهدة‬
‫على ذلك‪ ،‬وتطبيق األحكام الش��رعية فيما يتعلق باالقتصاد والربا والبيوع‪ ،‬وما يتفرع عنها‪،‬‬
‫راعت الجوانب العليا لألخالق بعيدًا عن االحتكار واالس��تغالل والغش والخديعة‪ ،‬ودخل‬
‫الناس في دين اهلل أفوا ًجا إلى أن تدخل االستعمار استعمار الدمار والخراب والرذيلة المالية‬
‫واألخالقية‪ ،‬وهذا االس��تعمار ال زالت بصماته تطغى على كل مبدأ وفكرة إنسانية؛ فأمريكا‬
‫وأوروبا وروسيا والصين وصندوق النقد الدولي واألسواق العالمية والبورصة والمصارف‬
‫األجنبية لم تحقق للبشرية سوى الكساد والفساد‪.‬‬
‫وعلي��ه أدع��و علماء األمة حث وأمر الن��اس أصحاب الثروات واألغنياء المس��اهمين‬
‫والمودعين أموالهم في البنوك الربوية سحبها وإيداعها لدى المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( سورة طه‪ :‬آية ‪.124‬‬

‫( ‪) 148‬‬
‫املراجع‬
‫‪ .1‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ .2‬القرطبي‪ ،‬أبو عبد اهلل محمد بن أحمد األنصاري‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪.‬‬
‫‪ .3‬ابن كثير‪ ،‬عماد الدين أبو الفداء إسماعيل‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .4‬التويجري‪ ،‬محمد بن إبراهيم التويجري‪ ،‬مختصر الفقه اإلسالمي‪ ،‬دار أصداء المجتمع‪.‬‬
‫‪ .5‬البخاري‪ ،‬كتاب البيوع‪.‬‬
‫‪ .6‬النيسابوري‪ ،‬أبو الحسن النيسابوري‪ ،‬أسباب النزول المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .7‬المودودي‪ ،‬أبو األعلى المودودي‪ ،‬أسس االقتصاد‪ ،‬الهور باكستان‪.‬‬
‫‪ .8‬سيد سابق‪ ،‬فقه السنة‪ ،‬دار الكتاب العربي ج‪.3‬‬
‫‪ .9‬د‪ .‬هشام جبر‪ ،‬إدارة المصارف اإلسالمية‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .10‬ابن قدامة‪ ،‬المغني‪ ،‬مكتبة الرياض‪.‬‬
‫‪ .11‬مسند أحمد‪.‬‬
‫‪ .12‬سنن النسائي‪.‬‬
‫‪ .13‬أحمد بن شعيبب‪ ،‬عيسى‪ ،‬المكتبة التجارية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .14‬عبد العزيز الخياط‪ ،‬األسهم والسندات من منظور إسالمي‪ ،‬دار السالم‪.‬‬
‫‪ .15‬سنن أبي داوود‪ ،‬سليمان أشعث السجستاني‪ ،‬مطبعة السعادة‪.‬‬
‫‪ .16‬سنن ابن ماجه‪ ،‬محمد بن يزيد القزويني‪ ،‬دار الكتب‪.‬‬
‫‪ .17‬بنوك بال فوائد‪ ،‬أحمد النجار‪ ،‬جدة‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪.‬‬
‫‪ .18‬البنك الالربوي‪ ،‬محمد باقر الصدر‪ ،‬مكتبة الجامع النعيمي‪.‬‬
‫‪ .19‬االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬عيسى عبده‪ ،‬دار النهضة‪.‬‬
‫‪ .20‬اإلسالم والمشكلة االقتصادية‪ ،‬محمد شوقي الفنجري‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .21‬البنك اإلسالمي للتنمية‪ ،‬ماجد إبراهيم‪ ،‬دار النهضة القاهرة‪.‬‬

‫( ‪) 149‬‬
‫‪‬‬
‫الرقابة الشرعية يف املصارف اإلسالمية الفلسطينية‬
‫مالمح الواقع ورؤية استشرافية للتطوير املهين‬

‫إعداد‬
‫طارق إمساعيل السيد أمحد‬
‫املراقب الشرعي ـ البنك اإلسالمي العربي‬
‫فلسطني‬
‫‪1443‬ﻫ ـ ‪2021‬م‬
‫الرقابة الشرعية يف املصارف اإلسالمية الفلسطينية‬
‫رؤية استشرافية معاصرة للتطوير املهين‬
‫امللخص‪:‬‬
‫س��عيًا نحو تمهي��ن الرقابة الش��رعية في المصارف اإلس�لامية الفلس��طينية وتطويرها‬
‫واالرتق��اء بها؛ ارتأينا المش��اركة بهذا العمل البحثي‪ ،‬وبالتعاون مع ش��ورى لالستش��ارات‬
‫الش��رعية؛ إيمانًا منا بأهمية منظومة الرقابة الش��رعية ومكوناتها؛ حيث تقع الرقابة الش��رعية‬
‫كحجر الزاوية ضمن هذه المكونات لضمان التزام المصارف اإلسالمية الفلسطينية بالمنهج‬
‫اإلسالمي في المعامالت المالية المعاصرة‪.‬‬
‫وبالرغم من حداثة مهنة الرقابة والتدقيق الشرعي إال أننا نرى اليوم العديد من التجارب‬
‫الثرية‪ ،‬التي أسهمت في تطوير المهنة وأثرتها وقد حان الوقت لصهر هذه التجارب؛ لتكوين‬
‫منظوم��ة مهنية موحدة للتدقيق والرقابة الش��رعية‪ ،‬ترتقي بالمهنة‪ ،‬وترفع من كفاءتها وجودة‬
‫مخرجاتها‪.‬‬
‫وفي ظ��ل هذا التقدم الكبي��ر للمصرفية اإلس�لامية عالميًا‪ ،‬نطمح أن تكون فلس��طين‬
‫متمي��زة في تطوير المنتجات والخدمات المالية اإلس�لامية‪ ،‬وأن تنال ش��يئًا من ذلك‪ ،‬رغم‬
‫ظروف االحتالل والحصار التي تمر بها فلسطين المحتلة‪ ،‬ولعل هذا المؤتمر الكريم يعطي‬
‫المصارف اإلس�لامية الفلس��طينية دفعة لألمام لترتقي وتتقدم وتصبح إن شاء اهلل تعالى في‬
‫مستوى أفضل وأحسن مما هي عليه حاليًّا‪ ،‬وأن تخطو خطوة رائدة في جودة التطوير المهني‬
‫وكفاءت��ه ضمن الرؤية االستش��رافية والمس��تقبلية للرقابة الش��رعية‪ ،‬وف��ي جميع الجوانب‬
‫المتعلقة بالعمل المصرفي اإلسالمي في فلسطين‪.‬‬
‫املقدمة‪:‬‬
‫الحم��د هلل وح��ده‪ ،‬والصالة والس�لام على من ال نبي بعده‪ ،‬س��يدنا محم��د وعلى آله‬
‫وصحبه والتابعين‪ ،‬وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وبعد؛‬
‫( ‪) 153‬‬
‫تع ّد المصارف اإلس�لامية ظاهرة حديثة معاصرة‪ ،‬تؤكد مرونة الش��رع اإلس�لامي في‬
‫استجابته لمس��تجدات ونوازل العصر الحديث‪ ،‬ومن ذلك نبعت ونمت وتأسست الصيرفة‬
‫اإلس�لامية على االلتزام بأحكام الشريعة اإلسالمية في جميع معامالت المصارف الداخلية‬
‫والخارجية‪ ،‬ومن المعلوم أن هوية المصرف وش��خصيته اإلس�لامية ال تت��م إال بتميزه عن‬
‫المصارف الربوية‪.‬‬

‫والواجب على المصارف اإلس�لامية لتحقيق هذا التميز أن تلتزم بما يحل وبما يحرم‬
‫من المعامالت‪ ،‬لكي يتطابق االس��م مع الفعل‪ ،‬وهذا االلتزام وحده ال يكفي بالقول‪ ،‬بل ال‬
‫ب��د من تطبيقه بالعمل‪ ،‬وللتحقق من ذلك ال بد من وجود جهاز للرقابة واالمتثال؛ للوقوف‬
‫عل��ى التطبيق العملي بدء من الرقابة الس��ابقة والمصاحبة والالحقة‪ ،‬وهكذا نش��أت الرقابة‬
‫الش��رعية في المصارف اإلس�لامية لتكون صمام األمان العملي للتأكد من االلتزام الشرعي‬
‫للمصرف اإلس�لامي في كافة معامالته‪ ،‬وللرقابة الش��رعية في المصارف اإلس�لامية الدور‬
‫الكبير في ضمان هذا األمر‪.‬‬

‫وبع��د مرور أكثر من عقدين على نش��أة المصارف اإلس�لامية الفلس��طينية أصبح من‬
‫الضروري الوقوف على تجربة الرقابة الش��رعية في فلسطين؛ حتى نستحث الخطى‪ ،‬ونقدح‬
‫تعبيرا مهنيً��ا وعلميًا عن إمكان��ات الواقع وتجاربه‪،‬‬
‫ً‬ ‫زن��اد الفك��ر‪ ،‬نقدم هذا البح��ث ليكون‬
‫وتطلع��ات آماله وطموحه‪ ،‬مما يكش��ف المجاالت المتس��عة والطاق��ات الكامنة‪ ،‬التي من‬
‫بدفق جديد من الفكر والعمل وروح‬
‫ٍ‬ ‫ش��أنها أن ترفد هذا النظام المالي والمصرفي‪ ،‬وتغذيه‬
‫التجديد لمواجهة التحديات والفرص في ظل عالم متغير‪ ،‬ومستقبل واعد بإذن اهلل وفضله؛‬
‫ليس��تعرض واقع التجربة‪ ،‬ويستش��رف المس��تقبل‪ ،‬والمأمول من جهاز الرقابة الشرعية كما‬
‫ينبغي أن تكون في المصارف اإلسالمية الفلسطينية‪.‬‬

‫أهمية البحث‪:‬‬
‫تكمن أهمية هذا البحث بتس��ليط الضوء على الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية‬
‫الفلس��طينية؛ ذلك أن المعامالت اإلس�لامية المصرفية تتنوع أدواتها ووس��ائلها وأساليبها‪،‬‬

‫( ‪) 154‬‬
‫وتوجه أنظار الماليين في العالم نحو حلول إسالمية لمواجهة الظروف‪ ،‬وبالتالي؛ ـ وكجزء‬
‫أساس��ي من الصيرفة اإلسالمية ـ تطلب األمر وجود جهاز رقابي يضمن تحقيق سير األمور‬
‫المالية فيها‪ ،‬وفق إطار الشريعة اإلسالمية الغراء‪.‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫‪ -1‬توضيح ماهية الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -2‬تسليط الضوء على منظومة الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية الفلسطينية‪.‬‬
‫‪ -3‬الرؤية االستشرافية للرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية الفلسطينية‪.‬‬
‫منهجية البحث وميزته‪:‬‬
‫لتحقيق أهداف البحث تم االعتماد على المنهج الوصفي من خالل االستعانة باألوراق‬
‫العلمية والرسائل والدوريات والكتب ومواقع شبكة اإلنترنت التي تناولت موضوع الدراسة‬
‫والسيما ذات العالقة بموضوع البحث‪.‬‬
‫كم��ا تم االط�لاع على التجارب المطبقة في المصارف اإلس�لامية‪ ،‬واالس��تفادة منها‬
‫ضمن المنهج الوصفي القائم على‪:‬‬
‫‪ -1‬إسناد المفاهيم للرقابة الشرعية ومكوناتها وآلية عملها‪.‬‬
‫‪ -2‬مالمح واقع الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية الفلسطينية‪.‬‬
‫‪ -3‬الموارد المطلوبة لنجاح الرقابة الش��رعية وس��بل تفعيلها كما ينبغي أن تكون في‬
‫المصارف اإلسالمية‪.‬‬
‫وم��ا يميز هذا البح��ث‪ ،‬هو‪ :‬التركيز على المجاالت التطبيقي��ة والتنفيذية لمهنة الرقابة‬
‫الش��رعية‪ ،‬والتي تشمل على واقعها وتحدياتها المعاصرة‪ ،‬والمأمول من الرقابة الشرعية في‬
‫مصارفنا اإلسالمية الفلسطينية إشرافيًّا وتنفيذيًّا؛ حيث تم التطرق إلى‪:‬‬
‫ـ المبحث األول‪ :‬جهاز الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية (اإلطار النظري)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهيّة الرقابة الشرعية (المفاهيم والمعاني والمسميات المهنية)‪.‬‬

‫( ‪) 155‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬جهاز الرقابة الشرعية (أهميتها وأهدافها‪ ،‬نماذجها ووظائفها)‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مهنة الرقابة الشرعية (أشكالها‪ ،‬أقسامها وآلية عملها)‪.‬‬

‫ـ المبحث الثاني‪ :‬منظومة الرقابة الش��رعية في المصارف اإلسالمية الفلسطينية (اإلطار‬


‫المهني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تمهيد حول المصارف اإلسالمية الفلسطينية (مستقبل واعد)‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مالمح لواقع الرقابة الش��رعية في المصارف اإلسالمية الفلسطينية‬


‫(إنجاز وعثرات)‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الرقابة الش��رعية الفاعلة في المصارف اإلسالمية الفلسطينية (طموح‬


‫وتحديات)‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 156‬‬
‫املبحث األول‬
‫جهاز الرقابة الشرعية يف املصارف اإلسالمية (اإلطار النظري)‬

‫املطلب األول‬
‫ّ‬
‫ماهية الرقابة الشرعية (املفاهيم واملعاني واملسميات املهنية)‬
‫أولاً ‪ :‬املفاهيم واملعاني‪:‬‬
‫للوصول إلى اإلس��ناد لبعض المفاهيم والمعاني الخاصة بالمنظومة الرقابية‪ ،‬ال بد من‬
‫معرفة هذه المفاهيم اللغوية واالصطالحية‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫مفهوم المصارف اإلسالمية‪:‬‬

‫المصرف لغة‪ ،‬هو‪ :‬اس��م مكان مش��تق من الصرف‪ ،‬وهو رد الش��يء عن وجهه‪ ،‬وهو‬
‫المكان الذي يتم فيه الصرف‪.‬‬
‫المص��رف اصطال ًحا‪ ،‬هو‪ :‬مكان يقوم فيه أش��خاص هم هيئة اعتبارية يؤسس��ون عملاً‬
‫تجاريًّ��ا‪ ،‬في اس��تثمار األم��وال‪ ،‬وصرافة العم�لات‪ ،‬وخدميًّا بأجر‪ ،‬في تس��هيل المبادالت‬
‫التجارية‪ ،‬وتقريب المتبايعين بضمانته وكفالته‪.‬‬

‫المص��رف اإلس�لامي مهنيًا‪ :‬مؤسس��ة مصرفية تلتزم ف��ي جميع تعامالتها ونش��اطاتها‬
‫االس��تثمارية وإدارتها لجميع أعمالها بالش��ريعة اإلس�لامية ومقاصده��ا‪ ،‬وكذلك بأهداف‬
‫المجتمع اإلسالمي داخليًا وخارجيًا‪.‬‬

‫وبالرغم من تباين الصيغ في تعريف المصرف اإلسالمي‪ ،‬واالختالف في تصور دوره‪،‬‬


‫إال أنها تُجمع على ضابط رئيس‪ ،‬هو‪ :‬العودة إلى الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬وهدفه عظيم‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫أسلمة المعامالت المالية‪ ،‬واجتناب الربا أخ ًذا وعطاءًا‪.‬‬
‫( ‪) 157‬‬
‫مفهوم التدقيق‪:‬‬

‫التدقيق لغة‪ :‬من الفعل دقق يدقق‪ ،‬تدقي ًقا‪ ،‬وتعني‪ :‬الضبط واإلحكام‪.‬‬

‫التدقي��ق اصطال ًح��ا‪ ،‬هو‪ :‬التحق��ق من فاعلية نظ��ام الرقابة في تحقي��ق أهدافه‪ ،‬وذلك‬
‫م��ن خ�لال الفحص الالحق؛ فهو األداة التي يعتمد عليها المعني��ون بنظام الرقابة في إجراء‬
‫الفحص‪.‬‬

‫التدقي��ق مهنيًا‪ :‬بصفة عامة يفرق أهل الفن في علوم اإلدارة والمحاس��بة والتدقيق بين‬
‫مفهوم��ي الرقاب��ة والتدقيق‪ ،‬على أس��اس أن الرقاب��ة مفهوم أعم من التدقيق بحيث تش��مل‬
‫الرقابة التدقيق وليس العكس‪ ،‬والرقابة أيًا كان نوعها فهي مستمرة مصاحبة للتنفيذ‪ ،‬وسابقة‬
‫علي��ه‪ ،‬والحقة له‪ ،‬وبهذا المعنى تعد نظا ًما‪ ،‬ويتم تصميم هذا النظام بهدف تش��جيع النتائج‬
‫اإليجابية‪ ،‬والمنع من النتائج غير المرغوبة‪ ،‬واكتشاف األخطاء ومعالجتها‪.‬‬

‫مفهوم الرقابة‪:‬‬

‫الرقابة لغة‪ ،‬تعني‪ :‬االنتظار والحفظ والحراس��ة والرصد‪ ،‬واإلشراف والعلو‪ ،‬واألمانة؛‬
‫فالمراقب الش��رعي كأنه يقف على مكان عال ومش��رف ينتظر ليقوم بدوره ـ بأمانة ـ بحفظ‬
‫المنشأة أو المصرف اإلسالمي عن كل ما هو ممنوع شرعًا‪ ،‬معنوي ومادي؛ معنوي‪ :‬لتشرفه‬
‫بقيامه بوظيفة االحتساب التي كان األنبياء عليهم السالم يباشرونها؛ ومادي‪ :‬بإلزامية قراراته‪،‬‬
‫وبكونه مستقلاً متبوعًا غير تابع‪.‬‬

‫الرقاب��ة اصطال ًح��ا‪ ،‬ه��ي عبارة عن‪ :‬وس��يلة يمكن بواس��طتها التأكد م��ن مدى تحقق‬
‫األهداف بكفاية وفاعلية في الوقت المحدد‪.‬‬

‫الرقاب��ة مهنيًا‪ :‬عملية ترتكز على التحقق م��ن إنجاز العمل وفق قرار أو وضع أو معيار‬
‫يتناسب مع متطلبات الوظيفة والقواعد المفروضة عليه‪ ،‬سواء كان العمل عموميًّا أو فرديًّا‪.‬‬

‫مفهوم الرقابة الشرعية‪:‬‬

‫م��ن المالحظ في المصارف اإلس�لامية عدم وجود اتفاق عل��ى تعريف دقيق لمفهوم‬
‫( ‪) 158‬‬
‫الرقابة الش��رعية‪ ،‬ولكن نسعى لتوضيح المسميات والمصطلحات المهنية المتعلقة بالرقابة‬
‫الشرعية بعد تعريفها اللغوي واالصطالحي‪.‬‬

‫الرقاب��ة الش��رعية لغة‪ :‬المحافظ��ة والحماية‪ ،‬وه��ي أحد أجهزة المصرف اإلس�لامي‬
‫المستحدثة؛ لمعاونته في تحقيق أهدافه‪.‬‬

‫الرقابة الشرعية اصطال ًحا‪ ،‬هي‪ :‬جميع العناصر واألنشطة الرقابية التي تستخدم للتأكد‬
‫من مطابقة أعمال المصرف اإلسالمي للشريعة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬املسميات املهنية‪:‬‬
‫تتع��دد مس��ميات الجهات المس��ئولة عن الرأي الش��رعي في المصارف اإلس�لامية‪،‬‬
‫وذل��ك تبعًا لالختالف في أش��كالها وفي مفهومها وأهدافها‪ ،‬وكذل��ك تبعًا لوزنها ومكانتها‬
‫القانوني��ة في المصرف‪ ،‬ومن المالحظ أن أكثر التس��ميات ش��يوعًا للجهات المس��ئولة عن‬
‫الرأي الشرعي في المصارف اإلسالمية هي‪ :‬هيئة الرقابة الشرعية‪ ،‬المستشار الشرعي‪ ،‬لجنة‬
‫الرقابة الشرعية‪ ،‬المراقب الشرعي المجلس الشرعي‪ ،‬اللجنة الدينية‪ ،‬الهيئة الشرعية‪ ،‬جهاز‬
‫الرقابة الش��رعية‪ ،‬وقد تكون هذه التس��مية هي األنسب حيث تشمل كل تخصصات أعضاء‬
‫الرقابة الش��رعية في المصرف اإلسالمي من مفتين ومستش��ارين ودعاة وأمين سر وباحثين‬
‫وغير ذلك‪ ،‬كما وردت التس��مية ً‬
‫أيضا‪ :‬الجهاز الش��رعي‪ ،‬وهيئة الفتوى والمتابعة الشرعية‪،‬‬
‫ووحدة الفتوى والمتابعة الشرعية‪ ،‬وإدارة الفتوى والبحوث‪ ،‬وهيئة الفتوى والرقابة الشرعية‬
‫الموحدة‪ ،‬الرقابة الش��رعية‪ ،‬وهي التي س��نعتمدها في هذا المقام؛ لذا فإن الرقابة الش��رعية‬
‫مفهوم مس��تحدث لهيكلية معينة‪ ،‬وهذا المفهوم بحاجة إلى تحديد معالمه‪ ،‬وضبط حدوده‪،‬‬
‫وتقييد مفرداته؛ للوقوف على المعنى المراد منه؛ لئال يختلط بغيره من المفاهيم المستخدمة‪،‬‬
‫ً‬
‫وأيضا لكي تتضح الصورة حول هذا المفهوم‪ ،‬فال يعتريها ضباب أو غموض‪ ،‬وسنستعرض‬
‫هذه المسميات المستحدثة كما هو واقع الحال‪ ،‬وهي على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الرقاب��ة الش��رعية‪ :‬هي نظام متكامل يه��دف إلى التحكم الش��رعي‪ ،‬وتتأثر بجميع‬

‫( ‪) 159‬‬
‫الكيان��ات الداخلية‪ ،‬خالل االلت��زام‪ ،‬وفحص العقود واالتفاقيات والنش��اطات والعمليات‬
‫وحماية الحقوق وكتابة التقارير؛ لتحقيق أهداف المؤسس��ة المالية اإلس�لامية بالطرق التي‬
‫تتفق مع أحكام الشريعة اإلسالمية ومبادئها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الرقابة الشرعية الداخلية‪ :‬نشاط مستقل أو يتبع وحدة أو قسم يعمل على العمليات‪،‬‬
‫وأنها تمت وفق أحكام الشريعة اإلسالمية ومبادئها ومقررات هيئة الرقابة الشرعية وفتاواها‬
‫بشكل يومي‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ التدقيق الش��رعي الداخلي‪ :‬نش��اط مس��تقل وموضوعي‪ ،‬يقدم تأكيدات وخدمات‬
‫استش��ارية ش��رعية بهدف إضافة قيمة للمؤسس��ة‪ ،‬عن طري��ق التحقق من اتباع المؤسس��ة‬
‫للضواب��ط والفت��اوى الصادرة عن هيئة الرقابة الش��رعية‪ ،‬ويس��اعد هذا النش��اط في تحقيق‬
‫أهداف المؤسس��ة المالية اإلس�لامية خالل اتباع أس��لوب منهجي منظ��م ومنضبط؛ لتقييم‬
‫فعالية عمليات إدارة المخاطر الش��رعية ونظام الرقابة الش��رعية وتحسينها‪ ،‬وحوكمة هياكل‬
‫النشاطات الشرعية‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ االلتزام الش��رعي‪ :‬وظيفة مس��تقلة‪ ،‬أو تتبع لدائرة أو وح��دة‪ ،‬تهدف إلى التأكد من‬
‫امتثال البنك اإلس�لامي وسياس��ته الداخلية لجميع المعايير واإلرش��ادات وقواعد السلوك‬
‫المهني الصادرة عن المؤسس��ات اإلس�لامية الدولية‪ ،‬والجهات الرقابي��ة ـ إن تبنت معايير‬
‫وإرشادات شرعية ـ‪ ،‬والفتاوى الصادرة عن الهيئة العليا للرقابة الشرعية ورفع التقارير‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ اختالف مفهوم المراجعة الش��رعية عن التدقيق الش��رعي الخارجي‪ ،‬ولعل من أهم‬
‫هذه الفروق يكمن في نطاق المهمة‪:‬‬

‫‪ -‬نطاق المراجعة الشرعية يحدد من قبل مجلس اإلدارة أو اإلدارة العليا‪.‬‬

‫‪ -‬نطاق التدقيق الشرعي الداخلي نطاق واسع تكفله المعايير‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 160‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫جهاز الرقابة الشرعية (أهدافها وأهميتها‪ ،‬مناذجها ووظائفها)‬
‫أولاً ‪ :‬أهدافها وأهميتها‪:‬‬
‫تهدف الرقابة الش��رعية إلى بيان المعامالت واألنش��طة الحالل الت��ي تقام بالمصرف‬
‫وإقرارها‪ ،‬وبيان المعامالت واألنش��طة الحرام‪ ،‬أو التي فيها ش��به شرعية مانعة من تداولها‪،‬‬
‫وذل��ك الجتنابها أو االنتهاء منها إن كانت قائمة وإيجاد البديل الش��رعي لها‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫القيام بدور الرقابة نيابة عن المودعين في هذه المصارف‪ ،‬ولذلك فإن الرقابة الشرعية ذات‬
‫أهمية بالغة للمصارف اإلسالمية ألكثر من سبب‪ ،‬من أبرزها‪:‬‬

‫‪ .1‬أن األس��اس ال��ذي قامت عليه المصارف اإلس�لامية المعاصرة ه��و تقديم البديل‬
‫الشرعي للمصارف الربوية غير المشروعة‪ ،‬وال يخفى على أحد أن الرقابة الشرعية ضرورة‬
‫حيوي��ة للمصارف اإلس�لامية‪ ،‬فهي الجه��ة التي تراقب س��ير عمل المصارف اإلس�لامية‬
‫والتزامها وتطبيقها في معامالتها لألحكام الشرعية وترصدها‪.‬‬

‫‪ .2‬عدم اإلحاطة بقواعد المعامالت اإلس�لامية من قبل جميع العاملين في المصارف‬


‫اإلسالمية‪ ،‬واإللمام بتطبيقاتها المهنية‪.‬‬

‫‪ .3‬ف��ي ه��ذا الوقت الذي تعق��دت فيه الصور التجارية‪ ،‬وانتش��رت أن��واع جديدة من‬
‫المعامالت التجارية كبطاقات االئتمان‪ ،‬والحس��ابات بأنواعه��ا‪ ،‬والتجارة اإللكترونية التي‬
‫ال يوج��د له��ا أحكام في المصادر الفقهي��ة القديمة‪ ،‬وإن وجدت األح��كام فإن المصرفيين‬
‫القائمين على النشاط المصرفي غير مؤهلين للكشف عنها بأنفسهم‪.‬‬

‫‪ .4‬إن العملي��ات المصرفية في االس��تثمار والتمويل بال��ذات تحتاج إلى رأي من هيئة‬
‫نظ��را لتميز هذه العمليات بالتغير وعدم التكرار مع كل حالة أو عملية أو مش��روع‬
‫ً‬ ‫الفت��وى؛‬
‫يموله المصرف‪ ،‬ومن ثم فالعاملون في النش��اط االس��تثماري يجب أن يكونوا على اتصال‬
‫( ‪) 161‬‬
‫مستمر مع الرقابة الشرعية؛ ألنهم دائ ًما بحاجة إلى الفتيا في نوازل وواقعات تواجههم أثناء‬
‫عملهم‪.‬‬

‫‪ .5‬إن وجود الرقابة الشرعية في المصرف يُعطي المصرف الصبغة الشرعية‪ ،‬كما يُعطي‬
‫وجود الرقابة ارتيا ًحا لدى جمهور المتعاملين مع المصرف‪.‬‬
‫‪ .6‬ظهور كيانات مالية واس��تثمارية غير جادة تنص نظمها األساس��ية وقوانين إنش��ائها‬
‫على أنها تعمل وف ًقا ألحكام الشريعة‪ ،‬دون وجود رقابة تكفل التحقق من ذلك‪.‬‬

‫ولذلك فإن الرقابة الشرعية ذات أهمية بالغة للمصارف اإلسالمية أهمية الرقابة الشرعية‬
‫تكمن في أن الهيئات الشرعية ودورها الرقابي يع ُّد ضرورة شرعية وقانونية للصناعة المالية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫وتكتس��ي هيئة الفتوى والرقابة الش��رعية في هيكل المؤسس��ة المالية اإلسالمية أهمية‬
‫خاص��ة؛ ذلك أن ش��عارها ال يمكن أن يكون له رصيد من الحقيق��ة والواقع إال بالتزام تلك‬
‫المؤسسة لمبادئ الشريعة اإلسالمية وقواعدها‪ ،‬وسالمة تطبيقها‪.‬‬

‫ثم إن إنش��اء هيئات شرعية للمؤسسات المالية اإلسالمية يعد مسالة قانونية؛ حيث إن‬
‫معظم المصارف اإلس�لامية وغيرها من المؤسس��ات المالية اإلس�لامية األخرى تنص في‬
‫أنظمته��ا الداخلية ولوائحها على أن معامالتها وفق أحكام الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬وال يمكن‬
‫تطبي��ق ذلك إال من خالل هيئة متخصصة تحرص على تطبيق أحكام الش��ريعة اإلس�لامية‬
‫وتعلن عمليات المؤسسة وتصادق عليها‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬مناذجها‪:‬‬
‫يتألف نموذج الرقابة الشرعية من ثالثة أنواع‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أولاً ‪ :‬الرقابة الوقائية (قبل التنفيذ)‬

‫هي التي يتم فيها بحث المس��ائل التي تحتاج إلى فتوى وتكييف شرعي ودراستها قبل‬
‫الشروع في العمل بها‪ ،‬ويتم ذلك من خالل‪:‬‬
‫( ‪) 162‬‬
‫‪ -‬مراعاة الجوانب الش��رعية في عقد التأسيس واللوائح والنظام األساسي‪ ،‬اإلشراف‬
‫عل��ى إع��داد نم��اذج العقود وصياغته��ا‪ ،‬والخدم��ات المصرفي��ة‪ ،‬واالتفاقيات‪ ،‬ومناقش��ة‬
‫المشروعات ودراسات الجدوى من وجهة النظر الشرعية‪.‬‬

‫‪ -‬إيجاد المزيد من الصيغ الش��رعية المناس��بة للمصرف اإلسالمي لمواكبة التطور في‬
‫األساليب والخدمات المصرفية‪.‬‬

‫‪ -‬المراجع��ة الش��رعية لكل ما يُقترح من أس��اليب اس��تثمار جدي��دة‪ ،‬ووضع القواعد‬


‫الالزمة لضبط التعامل مع المصارف غير اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬إعداد دليل عملي ش��رعي‪ ،‬وهو دليل لإلجراءات يشمل مختلف عمليات المصرف‬
‫ابت��داء من فتح الحس��ابات الجارية‪ ،‬وحس��ابات االس��تثمار‪ ،‬مرو ًرا بعملي��ات التمويل في‬
‫المرابحة والمضاربة‪ ،‬وانتهاءًا بأش��كال الخدمات المصرفية من حواالت‪ ،‬وفتح اعتمادات‪،‬‬
‫وتكمن أهمية هذا الدليل في كونه يُس��هل توحيد المنهج والضبط والمراقبة‪ ،‬ويعمل كذلك‬
‫على تنمية الوعي لدى العاملين‪ ،‬بحيث يحيطون باألسس الشرعية الحاكمة للعمل المصرفي‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ويُعين هيئة الفتوى لمعرفة ما وراء األعمال المصرفية من ارتباطات تعاقدية‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الرقابة المتزامنة (أثناء التنفيذ)‬

‫أثناء سير البنك اإلسالمي في أعماله المصرفية واالستثمارية قد يقع في أخطاء شرعية‪،‬‬
‫أو قد يتعرض لبعض المس��ائل وبعض اإلش��كاالت تحتاج إلى رأي شرعي‪ ،‬وهنا يبرز دور‬
‫الهيئة في ضبط وتصحيح خط س��ير المصرف‪ ،‬وتقويم اعوجاجه‪ ،‬وتقديم الرأي الش��رعي‬
‫للمسائل والمشكالت‪ ،‬ويتلخص دور الهيئة أثناء التنفيذ في مجموعة نقاط أبرزها‪:‬‬

‫‪ -‬إب��داء الرأي الش��رعي فيما يُحال إليها م��ن معامالت‪ ،‬والمراجعة الش��رعية لجميع‬
‫مراح��ل تنفي��ذ العملية االس��تثمارية‪ ،‬وإبداء المالحظ��ات‪ ،‬ومتابعة تصحيحه��ا أولاً بأول‪،‬‬
‫واش��تراط موافقة الهيئة على إتمام المشروعات االس��تثمارية قبل اتخاذ الخطوة النهائية في‬
‫التنفيذ‪.‬‬
‫( ‪) 163‬‬
‫‪ -‬تقديم ما تراه الهيئة مناس��بًا من المش��ورة الشرعية إلى المصرف في أي أمر من أمور‬
‫المعامالت المصرفية‪.‬‬

‫‪ -‬سرعة التحقيق في الشكاوى من الناحية الشرعية أثناء التنفيذ‪ ،‬وعمل الالزم تجاهها‬
‫والتوجي��ه والتقييم ألي خطأ في الفهم‪ ،‬مما قد يؤثر على التنفيذ ويجعله منحرفا عن أهدافه‬
‫وغايات��ه واالط�لاع على تقارير هيئة التدقيق الش��رعي بش��أن المراجعة الش��رعية لعمليات‬
‫المصرف‪ ،‬وإبداء الرأي بشأنها‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬الرقابة الالحقة (بعد التنفيذ)‬

‫في نهاية كل عام ال بد لهيئة الفتوى من تقييم عمل البنك اإلسالمي من الناحية الشرعية‪،‬‬
‫وهذا األمر يتطلب من الهيئة المراجعة المس��تمرة ألعمال المصرف اإلس�لامي‪ ،‬وتتم هذه‬
‫المراجعة من خالل وسائل عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ -‬مراجعة ملفات العمليات االستثمارية بعد التنفيذ‪.‬‬

‫‪ -‬االط�لاع على الميزانية العامة وتقرير مراقب الحس��ابات‪ ،‬ومراجعة تقارير الجهات‬
‫تقريرا دوريًا‬
‫ً‬ ‫الرقابية الخارجية‪ ،‬كالبنك المركزي مثال‪ ،‬وفي ضوء هذه المراجعة تقدم الهيئة‬
‫تبدي في��ه رأيها في المعامالت التي أجراها المصرف‪ ،‬ومدى التزامه بالفتاوى الصادرة عن‬
‫الهيئة والتوجيهات واإلرشادات‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬وظائفها‪:‬‬
‫تتم الرقابة الش��رعية من خالل جهاز مس��تقل أو قس��م مس��تقل ضمن إدارة الرقابة في‬
‫المؤسس��ة‪ ،‬وق��د حدد معي��ار الضوابط الص��ادر عن هيئة المحاس��بة هدف ونط��اق الرقابة‬
‫الش��رعية الداخلية؛ حيث أكد على أن الهدف الرئيس من الرقابة الش��رعية هو التأكد من أن‬
‫إدارة المؤسسة قد أدت مس��ؤوليتها تجاه تطبيق أحكام ومبادئ الشريعة اإلسالمية وف ًقا لما‬
‫قررته هيئة الفتوى والرقابة الشرعية‪ ،‬ويمكن جمع هذه المهام بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬فحص وتقويم مدى التزام المؤسس��ة المالية بأحكام ومبادئ الش��ريعة اإلسالمية‪،‬‬

‫( ‪) 164‬‬
‫وفق الفتاوى‪ ،‬واإلرشادات‪ ،‬والتوجيهات الصادرة عن هيئة الفتوى والرقابة الشرعية‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل وضع خطط للتدقيق على المعامالت والمستندات والنماذج واإلجراءات الالزمة‬
‫للتدقيق والتنفيذ بحيث تشمل كافة األنشطة التي تقوم بها المؤسسة ومتابعة جميع ما يصدر‬
‫عن الهيئة الشرعية من توجيهات وقرارات‪.‬‬
‫‪ .2‬مراقب��ة األعمال المزمع القيام به��ا‪ ،‬أي‪ :‬قبل البدء في العمل وهو ما يعرف بالرقابة‬
‫الس��ابقة‪ ،‬وأثن��اء العمل‪ ،‬وهو ما يعرف بالرقابة المتزامنة‪ ،‬وبع��د انتهاء العمل وهو ما يعرف‬
‫بالرقابة الالحقة‪.‬‬

‫‪ .3‬مناقشة المالحظات والقضايا التي يتوصل إليها جهاز الرقابة مع الجهات المختصة‬
‫في المؤسسة قبل أن يصدر تقريره النهائي‪.‬‬

‫‪ .4‬اكتشاف األخطاء وتصحيحها أولاً بأول في ضوء توجيهات الهيئة الشرعية‪ ،‬وتقديم‬
‫تقارير دورية ربع سنوية أو أقل أو أكثر تتضمن نتائج المتابعة والفحص لعمليات المؤسسة‪،‬‬
‫ترفع إلى الجهات المختصة حس��ب ما تنص عليه اللوائح واألنظمة في هذا الخصوص مع‬
‫نسخة منها إلى الهيئة الشرعية‪.‬‬

‫‪ .5‬متابعة إدارات المؤسس��ة بخصوص تنفيذها لتوجيهات الجهات الرقابية األخرى‪،‬‬


‫والمراجعين الخارجيين‪ ،‬ووضع خطط إلدارة المؤسسة تتعلق بتدريب الموظفين وتثقيفهم‬
‫في مجال المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .6‬إعداد مجموعة الدورات المس��تندية الس��ليمة من الناحية الفنية والش��رعية لجميع‬


‫معامالت المؤسسة‪ ،‬ووضع إجراءات وضوابط واضحة لجميع معامالت المؤسسة‪ ،‬بحيث‬
‫تقل احتمالية وقوع المخالفة الشرعية‪ ،‬كوجود نظام للرقابة اآللية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 165‬‬
‫املطلب الثالث‬
‫مهنة الرقابة الشرعية (أشكاهلا‪ ،‬أقسامها وآلية عملها)‬
‫أولاً ‪ :‬أشكاهلا‪:‬‬
‫أساس��ا بالحفاظ‬
‫ً‬ ‫يتضح أن جهاز الرقابة الش��رعية في الصناعة المالية اإلس�لامية يُعنى‬
‫على التزام المؤسس��ات المالية اإلس�لامية بأحكام الشريعة اإلس�لامية ومبادئها في جميع‬
‫مجاالت عمل تلك المؤسسات‪ ،‬ويتكون هذا الجهاز من أربعة أنواع أو مستويات أو أشكال‬
‫من الرقابة الشرعية‪ ،‬ويمكن أن نحددها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬هيئة الرقابة الش��رعية‪ ،‬وهي‪ :‬الت��ي تقوم باإلفتاء واإلجابة عن االستفس��ارات التي‬
‫ت��رد إلى الهيئة من قبل كافة الجهات التابعة للمؤسس��ة المالي��ة‪ ،‬كما تعنى بالنظر في أعمال‬
‫المؤسس��ة وأنش��طتها المالية المختلفة وإصدار الرأي الش��رعي حيالها‪ ،‬والنظر في العقود‪،‬‬
‫وصيغ االستثمار والمنتجات المالية التي تعلن عنها تلك المؤسسة‪.‬‬

‫‪ .2‬الرقابة الشرعية الداخلية‪ :‬حسب مفاهيم الرقابة الحديثة فإن الرقابة الشرعية الداخلية‬
‫أساس��ا نظام الرقابة الش��رعي‪ ،‬وليس الجهاز اإلداري أيًّا كان مس��تواه قس��م أو وحدة‬
‫ً‬ ‫تعني‬
‫إدارية‪ ،‬والمس��ئول على وضع هذا النظام هي المؤسس��ة المالية في المعايير والضوابط التي‬
‫تعتمدها الهيئة الش��رعية‪ ،‬أما ما يمثل جها ًزا إداريًّا‪ ،‬وحدة أو قس��ما ضمن الهيكل التنظيمي‬
‫للمؤسسة فهي المراجعة الشرعية التي تعتبر أحد مكونات الرقابة الشرعية الداخلية‪.‬‬

‫ونظرا لعدم اس��تقرار المصطلحات في شأن الرقابة الش��رعية بشكل قاطع فسنستعمل‬
‫ً‬
‫مصطلح دائرة الرقابة الشرعية أو جهاز الرقابة الشرعية كوحدة إدارية ضمن هيكل المؤسسة‬
‫المالية‪.‬‬

‫ويقصد بالرقابة الش��رعية الداخلية في هذه الحالة جهاز يتبع إدارة البنك‪ ،‬ويتولى مهمة‬
‫تطبي��ق توجيه��ات هيئة الفت��وى والرقابة الش��رعية ومتابعة تنفيذ قراراته��ا وفحص العقود‪،‬‬
‫( ‪) 166‬‬
‫واالتفاقيات والتعهدات التي تنفذها المؤسس��ة مع عمالئه��ا‪ ،‬من خالل دليل إجراءات يتم‬
‫إع��داده بالتنس��يق مع الجهات ذات العالقة ف��ي البنك وتصادق عليه هيئ��ة الفتوى والرقابة‬
‫الشرعية‪.‬‬

‫‪ .3‬الهيئة العليا للرقابة الش��رعية‪ ،‬وهي‪ :‬جهة ش��رعية عليا تتب��ع غالبًا البنك المركزي‪،‬‬
‫وتقوم باإلش��راف على المصارف اإلسالمية على مستوى الدولة بالتنسيق مع هيئات الرقابة‬
‫الشرعية لكل مصرف‪.‬‬

‫وهناك ش��كل جديد من الرقابة الش��رعية للبنوك اإلس�لامية بدأ في الظهور‪ ،‬وهو ينمو‬
‫ش��يئًا فش��يئًا‪ ،‬وهو ما يعرف بشركات االستشارات والرقابة الش��رعية الخاصة المستقلة عن‬
‫المؤسس��ات المالية‪ ،‬وعن الجهاز المصرفي الحكومي‪ ،‬وهي شركات ال تزال في خطواتها‬
‫األول��ى‪ ،‬وتعود في نش��أتها إلى الخمس س��نوات األخيرة‪ ،‬وتتركز بش��كل كبي��ر في منطقة‬
‫الخليج‪.‬‬

‫وسنتناول بشيء من اإليضاح والبيان األشكال الثالث األولى لعالقتها المباشرة بعمل‬
‫هيئات الرقابة الش��رعية في المؤسس��ات المالية اإلسالمية‪ ،‬أما ش��ركات المراجعة والرقابة‬
‫الخاصة فيمكن أن تتناولها أبحاث ودراسات أخرى‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬أقسامها وآلية عملها‪:‬‬
‫تنقسم الرقابة الشرعية إلى رقابة شرعية داخلية‪ ،‬وخارجية‪:‬‬

‫أولاً ‪ :‬الرقابة الشرعية الداخلية‬

‫تهدف إلى إحكام المراقبة على أعمال المصرف اإلسالمي وأنشطته‪ ،‬من حيث توافقها‬
‫وعدم مخالفتها ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وتقوم بأعمالها من داخل المؤسسة‪.‬‬

‫وكما جاء في متطلبات حوكمة المصارف اإلس�لامية‪« :‬تعتبر الرقابة الشرعية الداخلية‬
‫ج��زء ال يتجزأ م��ن أنظمة الرقاب��ة الداخلية في المص��رف‪ ،‬ويجب أن تتم من خالل قس��م‬
‫مس��تقل‪/‬إدارة مس��تقلة حس��ب حجم المصرف تك��ون تبعيته��ا الهيكلية فنيًا لهيئ��ة الرقابة‬

‫( ‪) 167‬‬
‫الش��رعية‪ ،‬ويجب على المصرف منح جهاز الرقابة الش��رعية الداخلية الصالحيات الالزمة‬
‫وغير المقيدة للوصول إلى كافة المعلومات والمستويات اإلدارية الالزمة للقيام بمهامها»‪.‬‬

‫وقد أشرنا ساب ًقا إلى مهمة الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية منوطة بهيئة الرقابة‬
‫الش��رعية‪ ،‬وه��ي هيئة مكونة من ع��دد محدود من علم��اء الفقه والش��ريعة والقانون تعينها‬
‫الجمعية العمومية لمساهمي المصرف اإلسالمي مهمتها إجراء الرقابة الشرعية على أعمال‬
‫المصرف وعقوده؛ لضمان توافقها مع أحكام الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬وتتكون هذه الهيئة من‬
‫ثالثة أجهزة‪:‬‬

‫جهاز اإلفتاء‪ ،‬ويتكون عادة من رئيس للهيئة وأعضائها‪ ،‬وتتلخص مهامه في‪:‬‬

‫‪ -‬مراجع��ة واعتماد نماذج العق��ود واالتفاقيات والعملي��ات العائدة لجميع معامالت‬


‫المص��رف مع المس��اهمين والمس��تثمرين وغيرهم‪ ،‬وذل��ك بقصد التأكد م��ن خلو العقود‬
‫واالتفاقيات والعمليات المذكورة من المحظورات الشرعية‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم ما يراه مناسبا من المشورة الشرعية إلى مجلس اإلدارة في أي أمر من األمور‬
‫العائدة لمعامالت المصرف‪.‬‬

‫‪ -‬التثب��ت من ش��رعية معامالت وعقود البنك اإلس�لامي‪ ،‬وذلك من خ�لال التقارير‬


‫الدورية التي يرفعها له المراقب الشرعي‪ ،‬وفي حال وجود خلل تتدخل الهيئة إلعادة األمور‬
‫إلى نصابها‪.‬‬

‫‪ -‬تمثيل البنك اإلسالمي في المجاالت الشرعية‪ ،‬وفي المؤتمرات والندوات؛ لتقديم‬


‫التصور الشرعي في الموضوعات المطروحة‪.‬‬

‫‪ -‬التحق��ق من الت��زام اإلدارة التنفيذية في البنك بعرض جمي��ع المعامالت على هيئة‬
‫الرقابة الشرعية‪ ،‬وذلك عن طريق المراقب الشرعي‪.‬‬

‫‪ -‬إعداد تقرير س��نوي لمجلس اإلدارة في ض��وء اجتماع الهيئة‪ ،‬ويبين التقرير خالصة‬
‫م��ا ت��م عرضه من حاالت‪ ،‬وما جرى بيانه من آراء في معامالت المصرف المنفذة‪ ،‬حس��ب‬

‫( ‪) 168‬‬
‫اللوائح والتعليمات المطبقة‪ ،‬ويجب قراءة هذا التقرير مع تقرير مراقبي حسابات الشركة في‬
‫اجتماعات الجمعية العامة العادية‪.‬‬

‫جهاز الرقابة‪ :‬يتكون من مراقب ش��رعي مقيم‪ ،‬يعمل بشكل يومي ويحضر اجتماعات‬
‫هيئة الرقابة الشرعية‪ ،‬ومهامه هي‪:‬‬

‫‪ -‬التثبت من ش��رعية التطبيق؛ وذلك بالمراجع��ة المنتظمة للخطوات العملية‪ ،‬وتدقيق‬


‫المس��تندات م��ن وجهه نظر ش��رعية‪ ،‬في مواعيد دوري��ة‪ ،‬وإبداء الرأي الش��رعي واإلجراء‬
‫المطل��وب‪ ،‬ورفع تقارير دوري��ة لهيئة الرقابة الش��رعية‪ ،‬تتضمن نتائ��ج المراجعة والتدقيق‬
‫الدوري ألعمال البنك‪.‬‬

‫‪ -‬تثقي��ف العاملين في البنك اإلس�لامي بالمبادئ الش��رعية األساس��ية؛ لتنمية الوعي‬


‫المصرفي اإلسالمي لديهم‪ ،‬واإللمام بفقه المعامالت‪.‬‬

‫‪ -‬اإلجابة عن تس��اؤالت الموظفين والعمالء بالنس��بة لش��رعية بع��ض اإلجراءات أو‬


‫المعامالت‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة في دراسة مشروعات العقود المتعلقة بأعمال وأنشطة المصرف اإلسالمي‪،‬‬


‫وعرضها على هيئة الرقابة الشرعية قبل التوقيع عليها؛ للتأكد من عدم تعارضها مع األحكام‬
‫الشرعية‪.‬‬

‫‪ -‬المراق��ب الش��رعي هو حلق��ة الوصل أو الجس��ر الموصل بين الهيئة الش��رعية من‬
‫جهة‪ ،‬ووح��دات اإلنتاج المختلفة داخل البنك‪ ،‬وضمن هذا اإلط��ار يتفرع عدد من المهام‬
‫والمسؤوليات التي يقم بها المراقب الشرعي‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬تنظيم اجتماعات الهيئة الشرعية بشكل دوري بما في ذلك إعداد جدول االجتماعات‪،‬‬
‫وإعداد محاضر االجتماعات وترتيبها‪.‬‬

‫‪ -‬مراجعة مشروعات الشروط واألحكام والمس��تندات المتعلقة بالمنتجات الجديدة‬


‫قبل عرضها على الهيئة‪.‬‬

‫( ‪) 169‬‬
‫‪ -‬إبداء الرأي الشرعي في االستفسارات الطارئة‪ ،‬والرد على التساؤالت الشرعية التي‬
‫ترد سواء من الموظفين أو العمالء‪.‬‬

‫‪ -‬تبلي��غ الجهات المعنية بجميع ق��رارات هيئة الرقابة الش��رعية وتوصياتها وفتاواها‪،‬‬
‫وشرح متطلبات تطبيقها‪.‬‬
‫‪ -‬مساعدة الوحدات اإلنتاجية داخل البنك على تصميم الهياكل التمويلية واالستثمارية‬
‫للمعامالت على أس��اس صحيح وعرضها على الهيئة الش��رعية إن كانت معامالت جديدة‬
‫واعتمادها إن كانت معامالت نمطية‪.‬‬

‫‪ -‬االط�لاع على الش��روط التعاقدي��ة التي تتم إضافته��ا للعقود النمطي��ة‪ ،‬والتأكد من‬
‫موافقتها ومواءمتها لمقتضى العقد‪.‬‬

‫‪ -‬القيام بأعباء التدقيق الشرعي الداخلي لجميع المنتجات اإلسالمية التي يقدمها البنك‬
‫وذل��ك من خالل فحص المس��تندات والعقود واالتفاقيات التي ج��رى تنفيذها ومراجعتها‬
‫وتدقيقه��ا‪ ،‬والتأكد م��ن مطابقتها للقرارات والفت��اوى الصادرة عن الهيئة الش��رعية‪ ،‬وبيان‬
‫المخالفات الشرعية إن وجدت‪ ،‬واقتراح التوصيات الالزمة لتصحيح األخطاء‪.‬‬

‫‪ -‬تبويب جميع قرارات وتوصيات وفتاوى هيئة الرقابة الش��رعية وترتيبها وفهرس��تها‬
‫وتجهيزها للنشر وتزويد الجهات المعنية بملفات كاملة‪.‬‬

‫‪ -‬يتعين على المراقب الشرعي حضور جميع اجتماعات الهيئة الشرعية ومتابعة تطبيق‬
‫قرارات الهيئة الشرعية وتوصياتها‪.‬‬

‫أمانة الس��رو‪ ،‬هي‪ :‬الجهاز اإلداري الذي يعد أعمال الهيئة والمراقب الشرعي ويهيئها‪،‬‬
‫ويمثله في العادة مقرر الهيئة‪ ،‬وتتلخص مهامه بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تس��لم األس��ئلة من مختل��ف اإلدارات في البن��ك وإعادة صياغته��ا ـ إن لزم األمر ـ‬


‫وعرضها على هيئة الرقابة الشرعية‪.‬‬

‫‪ -‬فهرسة األسئلة المطروحة على الهيئة ومتابعتها‪.‬‬


‫( ‪) 170‬‬
‫‪ -‬توجي��ه الدعوة لالجتماع��ات الدورية التي تض��ع الهيئة جدولاً بتحدي��د مواعيدها‬
‫بالتع��اون مع إدارة المص��رف‪ ،‬وكذلك توجيه الدعوة لالجتماع��ات الطارئة‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫دعوة الجهات المتقدمة باألس��ئلة لعرض أس��ئلتها‪ ،‬وتقديم الش��رح للهيئ��ة‪ ،‬واإلجابة على‬
‫استفساراتها‪ ،‬بحيث تكون المسألة واضحة من جميع جوانبها أمام الهيئة‪.‬‬
‫‪ -‬حضور اجتماعات الهيئة‪ ،‬وتنظيم األوراق الالزمة لالجتماعات‪.‬‬

‫‪ -‬إعداد محاضر اجتماعات الهيئة‪.‬‬

‫‪ -‬إبالغ الجهات المعنية بالفتاوى والتوصيات والقرارات بعد التوقيع عليها من قبل‬
‫الهيئة‪.‬‬

‫‪ -‬في حالة عدم وضوح جواب الهيئة‪ ،‬يقوم مقرر الهيئة بعرض ذلك على الهيئة لتولي‬
‫التفسير والتوضيح‪.‬‬

‫‪ -‬مصاحبة المراقب الش��رعي ف��ي زيارات��ه الميدانية الدورية للمصارف والش��ركات‬


‫والمؤسسات التي يتعامل معها المصرف اإلسالمي‪.‬‬

‫أما فيما يخص آلية عمل هيئة الرقابة الشرعية فتتم كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬تعقد الهيئة اجتماعات دورية حس��ب متطلبات وطبيعة عمل المصرف اإلس�لامي‪،‬‬
‫لك��ن ال ب��د لها من عقد أح��د اجتماعاتها قبل االجتماع الس��نوي للجمعي��ة العامة العادية؛‬
‫حتى يتس��نى للهيئة اإلعداد ألية أسئلة قد تطرح في الجمعية العامة العادية‪ ،‬ويمكن أن تعقد‬
‫جلسات إضافية عند الحاجة‪.‬‬

‫‪ -‬تح��دد الهيئة العدد الذي ينعقد به نصاب جلس��اتها‪ ،‬بحي��ث ال يقل عن نصف عدد‬
‫أعضاء الهيئة‪ ،‬فإن تحقق النصاب اعتبر االجتماع قانونيًّا وما صدر عنه ملز ًما‪.‬‬

‫‪ -‬تصدر الهيئة قراراتها باألغلبية المطلقة‪ ،‬وفي حال تكافؤ اآلراء يرجح الجانب الذي‬
‫في��ه الرئيس‪ ،‬وللمخالف بيان وجهة نظره في محضر االجتماع‪ ،‬وال يش��ار إلى الخالف في‬
‫نص الفتوى‪.‬‬
‫( ‪) 171‬‬
‫‪ -‬تعتبر قرارات الهيئة ملزمة‪ ،‬ويجب على المصرف اإلس�لامي التقيد بها‪ ،‬فرأي الهيئة‬
‫هو الفيصل من الناحية الشرعية‪ ،‬وبناءً عليه يتوقف قرار تنفيذ المصرف أو عدمه‪.‬‬
‫وتحكم آلية عمل هيئة الرقابة الشرعية مجموعة من القواعد نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تدرس الهيئة الموضوع المستفس��ر عنه دراس��ة وافية للوقوف على حقيقته‪ ،‬مستعينة‬
‫بمقدم االستفسار‪ ،‬وبمن ترى حاجة إلى االستعانة به من المتخصصين‪ ،‬وقد ال تتقيد الهيئة‬
‫بفتاوى هيئات رقابة شرعية أخرى؛ ألن لكل هيئة فهمها وتطبيقاتها‪.‬‬
‫‪ -‬تبحث الهيئة عن الحكم الشرعي للموضوع المستفسر عنه مستعينة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان الموضوع المستفس��ر عنه فيه حك��م متفق عليه بين الفقهاء بالجواز أو المنع‬
‫أخ��ذت الهيئة به‪ ،‬وإذا اختلفت آراء الفقهاء في الموضوع اختارت ما تراه راجحا منها‪ ،‬وإذا‬
‫لم يكن في الموضوع حكم للمتقدمين من الفقهاء أفتت الهيئة فيه باجتهادها‪ ،‬مستنيرة بآراء‬
‫ومقررات المجامع الفقهية والمؤتمرات والندوات العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬تعمل الهيئة على تطبيق أحكام الش��ريعة اإلسالمية وجعلها حاكمة ال محكومة‪ ،‬فما‬
‫يوافق الش��ريعة من أعمال تقره الهيئة وما يخالفها تعدله إذا كان قابلاً للتعديل‪ ،‬وترفضه إذا‬
‫لم يقبل التعديل‪ ،‬وتقدم البديل عن العمل المرفوض ما أمكن‪.‬‬
‫‪ -‬تقدم الهيئة النصح إلدارة المصرف‪ ،‬وتنصب نفس��ها مقام المس��اهمين والمودعين‬
‫والعمالء‪ ،‬فتراعي حقوقهم الشرعية‪ ،‬وتحرص على إعطاء كل ذي حق حقه بما ال يتعارض‬
‫مع أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫هناك إجماع على أن هيئة الرقابة الش��رعية ليست هيئة استشارية‪ ،‬بل لديها قوة إلزامية؛‬
‫بس��بب كونها الوجه اآلخر لعمل البنوك اإلس�لامية‪ ،‬وتأكيدًا إللزامية ق��رارات هيئة الرقابة‬
‫الشرعية نصت أغلب قوانين إنشاء المصارف اإلسالمية على التزام كل مصرف بإنشاء هيئة‬
‫رقابة شرعية به يلتزم بقراراتها في كل تصرفاته ومزاولته لجميع أنشطته‪ ،‬كما تلتزم المصارف‬
‫اإلس�لامية بتنفيذ قراراتها‪ ،‬وعدم عرض أي منتج إس�لامي للجمه��ور إال بعد موافقة الهيئة‬
‫عليه‪ ،‬وهذا يعطي قرارات الهيئة الشرعية قوة قانونية تساعدها في فرض رؤيتها‪.‬‬
‫( ‪) 172‬‬
‫وقد أُنش��ئت مؤسسات دولية مس��اندة للمصارف اإلسالمية؛ لتس��اعدها على إصدار‬
‫فتاوى موحدة‪ ،‬من أهمها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية أيوفي‪.‬‬

‫وقد أخذت هذه الهيئة العالمية على عاتقها تحقيق أمرين لتسهيل عمل الرقابة الشرعية‪:‬‬

‫‪ُ .1‬شكلت لجنة شرعية من كبار العلماء المسلمين العاملين في هيئات الرقابة الشرعية‬
‫على مستوى العالم اإلسالمي‪ ،‬إضافة إلى محاسبين وأساتذة جامعات متخصصين‪ ،‬وقاموا‬
‫بحصر كل األعمال التي يمكن أن تتم في المصارف اإلسالمية وتحتاج إلى قواعد شرعية‪.‬‬

‫ووضعت هذه اللجنة معايير شرعية‪ ،‬ومازالت تضع معاير جديدة‪ ،‬حيث يحدد المعيار‬
‫الخطوات الشرعية إلى يجب إتباعها في كل عملية من العمليات إلى تجرى داخل المصرف‬
‫اإلس�لامي‪ ،‬دون االلت��زام بتطبي��ق مذهب معين‪ ،‬وقد س��اعدت هذه المعايي��ر على توحيد‬
‫الفتاوى الشرعية بين البنوك اإلسالمية‪ ،‬مما انعكس على توحيد اإلجراءات فيما بينها‪.‬‬

‫‪ .2‬س��عت هيئة المحاسبة والمراجعة (أيوفي) إلى تطوير مهنة الرقابة الشرعية بتحويل‬
‫العمل الش��رعي من مجرد استشارية فردية إلى مهنة مؤسس��ية‪ ،‬فاالستشارية الفردية معناها‬
‫وجود مراقب يقدم استش��ارته للمصرف‪ ،‬فيلتزم به��ا أو ال يلتزم مما دفع هذه الهيئة الدولية‬
‫إلى السعي لتحويل الرقابة الشرعية إلى مهنة مثل مهنة مراقب الحسابات‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الرقابة الشرعية الخارجية‪:‬‬

‫يقص��د بها عملية فحص وتحليل أنش��طة وعملي��ات البنك اإلس�لامي‪ ،‬من قبل جهة‬
‫مس��تقلة للتأكد من إجرائها وفق أحكام الشريعة اإلسالمية وضوابطها‪ ،‬على أساس الفتاوى‬
‫الصادرة بخصوصها‪ ،‬وذلك باستخدام أساليب ووسائل مهنية متخصصة لبيان صحة التطبيق‬
‫وأخطائه‪ ،‬وتقديم التقارير للجهات المعنية بهدف إجراء التعديات الالزمة وتطوير األداء‪.‬‬

‫تكمن أهميتها في‪:‬‬

‫‪ -‬رفع جودة التطبيق العمل��ي للحلول المالية واالقتصادية المتوافقة مع األحكام‬


‫الشرعية‪.‬‬

‫( ‪) 173‬‬
‫‪ -‬تعزيز الصورة الحس��نة للمؤسس��ات والمنتجات اإلس�لامية‪ ،‬واإلطار العام لألداء‬
‫االقتصادي اإلسالمي الرشيد‪.‬‬

‫‪ -‬دعم وتطوير الهيكل اإلشرافي للمؤسسات المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة الوعي العام بالجانب التطبيقي للحلول المالية واالقتصادية المتوافقة مع أحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬طمأن��ة الجمهور من المتعاملين مع المؤسس��ات والمص��ارف وغيرها من الجهات‬


‫المعنية‪ ،‬على سالمة التطبيق من الناحية الشرعية‪.‬‬

‫وق��د تتمث��ل الرقابة الش��رعية الخارجية بوج��ود فريق مراجع��ة يتبع الجمعي��ة العامة‬
‫للمس��اهمين إداريًّ��ا وفنيًّا وماليًّ��ا‪ ،‬أي‪ :‬في جوان��ب التعيين والفصل والمكافأة والمس��اءلة‬
‫والتقري��ر‪ ،‬وتكون مس��ؤوليتها تقديم رأي مس��تقل للمس��اهمين عن مدى التزام المؤسس��ة‬
‫بأحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫نجد ً‬
‫أيضا رقابة المصارف المركزية الشرعية؛ حيث تطورت الرقابة الشرعية كمهنة في‬
‫بعض المص��ارف المركزية في كثير من دول العالم‪ ،‬وقد زاد اطمئنان المتعاملين مع البنوك‬
‫اإلس�لامية عندما تولت المصارف المركزية اإلشراف على إنشاء هيئة عليا للرقابة الشرعية‬
‫مهمتها إدارة الرقابة على المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫أمرا ضروريًا للتأكد من ش��رعية‬


‫ويعتبر وجود مراقب ش��رعي تابع للمصرف المركزي ً‬
‫عمليات المصارف اإلسالمية‪ ،‬وحسن قيام الهيئة الشرعية للبنك بدورها‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 174‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫منظومة الرقابة الشرعية يف املصارف اإلسالمية الفلسطينية‬
‫(اإلطار املهين)‬

‫املطلب األول‬
‫متهيد حول املصارف اإلسالمية الفلسطينية (مستقبل واعد)‬
‫نشأة المصارف اإلسالمية في فلسطين‪:‬‬

‫تُعد تجربة المصارف اإلسالمية في فلسطين المحتلة تجربةً ناشئةً‪ ،‬وهي قصيرة العمر؛‬
‫فقد بدأ اإلعداد للعمل المصرفي اإلس�لامي بحلول الع��ام ‪1415‬ﻫ وفق ‪1995‬م‪ ،‬وبدأت‬
‫الفكرة بإنشاء‪:‬‬

‫أولاً ‪ :‬البنك اإلسالمي العربي‪:‬‬

‫حيث تأس��س البنك اإلس�لامي العربي كشركة مس��اهمة عامة بتاريخ ‪1995/1/8‬م‬
‫تحت رقم (‪ ،)563201011‬وقد باش��ر البنك نش��اطه المصرفي ف��ي مطلع عام ‪1996‬م‪،‬‬
‫ويق��وم البنك بممارس��ة األعمال المصرفي��ة والمالي��ة والتجارية وأعمال االس��تثمار وف ًقا‬
‫ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وذلك من خالل المركز الرئيسي بمدينة البيرة وفروعه المنتشرة‬
‫في فلسطين والبالغة ثمانية عشر فرعًا ومكتبًا‪ ،‬وال يوجد للبنك أية فروع خارج فلسطين كما‬
‫ال يوجد أي شركات تابعة حتى ‪2017/12/31‬م‪.‬‬

‫ومن خالل رؤيته يس��عى البنك اإلسالمي العربي إلى ترسيخ العمل بالنظام المصرفي‬
‫اإلس�لامي وتعميقه كخي��ار أول‪ ،‬والقيام بدور فع��ال في النهوض باالقتصاد الفلس��طيني‪،‬‬
‫وتحقي��ق مبدأ التكافل‪ ،‬ومراعاة األهداف االجتماعية اإلس�لامية‪ ،‬وتقديم حلول وخدمات‬
‫مصرفية إسالمية عصرية وذات جودة عالية ومنافسة‪.‬‬
‫( ‪) 175‬‬
‫ثانيًا‪ :‬بنك األقصى اإلسالمي‪:‬‬

‫حيث تأسس في ‪1999/7/18‬م‪ ،‬ومقره في رام اهلل‪ ،‬وله فر ٌع واحد في مدينة نابلس‪،‬‬
‫وفي أواخر آذار سنة ‪2010‬م تم بيع بنك األقصى اإلسالمي إلى البنك اإلسالمي الفلسطيني‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬البنك اإلسالمي الفلسطيني‪:‬‬


‫حيث تأس��س كشركة مس��اهمة عمومية محدودة بتاريخ ‪1995/12/16‬م تحت رقم‬
‫(‪ )563200922‬وقد باش��ر البنك نش��اطه المصرفي في مطلع عام ‪1997‬م‪ ،‬ويقوم البنك‬
‫بممارس��ة األعمال المصرفية والمالية والتجارية وأعمال االس��تثمار‪ ،‬وف ًقا ألحكام الشريعة‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬من خالل ‪ 41‬فرعً��ا ومكتبًا و‪ 74‬جهاز صراف آلي في جميع أنحاء فلس��طين‪،‬‬
‫وهن��اك خطط طموحة ليصبح عدد فروع��ه ‪ 55‬فرعًا ومكتبًا بحلول عام ‪2020‬م‪ ،‬مما يؤكد‬
‫هويته كأكبر شبكة مصرفية إسالمية في فلسطين‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬مصرف الصفا‪:‬‬

‫مؤخرا تأس��س مصرف الصفا كش��ركة مساهمة عامة قام على تأسيسه مجموعة‬
‫ً‬ ‫فقد ت َّم‬
‫من الش��ركات والمؤسسات الكبيرة والش��خصيات االعتبارية والطبيعية المرموقة في العام‬
‫‪2016‬م‪ ،‬وباش��ر أعمال��ه بتاري��خ ‪2016/9/22‬م كمؤسس��ة مصرفية تعم��ل وفق أحكام‬
‫الغراء‪ ،‬ويسعى مصرف الصفا إلى تلبية احتياجات السوق الفلسطيني من‬
‫الشريعة اإلسالمية ّ‬
‫الخدمات والمنتجات المصرفية اإلس�لامية واستبعادًا للفائدة في جميع صورها وأشكالها‪،‬‬
‫وكذلك ممارس��ة أعمال التمويل واالستثمار وتطوير وسائل اجتذاب األموال والمدخرات‬
‫نحو المش��اركة في االس��تثمار المنتج بأس��اليب ووس��ائل مصرفية ال تتع��ارض مع أحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 176‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫مالمح لواقع الرقابة الشرعية يف املصارف اإلسالمية الفلسطينية‬
‫(إجناز وعثرات)‬
‫الوضع التنظيمي‪:‬‬
‫عند النظر إلى البنوك اإلس�لامية الثالثة في فلس��طين نجد أن الرقابة الش��رعية لها عدة‬
‫أشكال من حيث الوضع التنظيمي واالعتراف‪ ،‬وهي عبارة عن إما دائرة مستقلة وإما وحدة‪/‬‬
‫قسم مستقل‪.‬‬
‫فبعض البنوك اإلس�لامية في فلسطين جعلتها دائرة مستقلة كباقي الدوائر‪ ،‬وخصصت‬
‫له��ا كادر بش��ري كافي‪ ،‬كما خصصت لها ميزانية مالية مس��تقلة كافية للقي��ام بمهامها وأداء‬
‫واجبه��ا الرقاب��ي‪ ،‬وبعض هذه البنوك العاملة جعلتها وحدة مس��تقلة تس��عى في المس��تقبل‬
‫القري��ب لتصب��ح دائرة‪ ،‬وحتى تك��ون الرقابة الش��رعية مثالية في مصارفنا الفلس��طينية البد‬
‫م��ن اعتبارها دائرة مس��تقلة ماليًا وإداريً��ا تمامًا بحيث ينعكس ذلك عل��ى الهيكل التنظيمي‬
‫للمؤسس��ة‪ ،‬وأن يظهر هذا االستقالل بخط متصل تابع لهيئة الفتوى والرقابة الشرعية وهذا‬
‫يمكنها من األداء المهني بكل موضوعية واس��تقاللية دون التعرض لمواقف ال تناسب رأي‬
‫اإلدارة التنفيذية للمصرف‪.‬‬
‫التطور في أدوات الرقابة الشرعية‪:‬‬
‫صاحب تطور نش��أة الرقابة الش��رعية التطور في أدوات وأساليب الرقابة الشرعية على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬ابتداءً كان التدقيق باالطالع على المستندات ومدى مطابقتها لقرارات الهيئة‪.‬‬
‫‪ .2‬تم استحداث استمارات للتدقيق توضح األمور التي ينبغي التدقيق عليها‪.‬‬
‫‪ .3‬تطور اختيار عينات التدقيق وفق منهجية مشابهة للتدقيق المحاسبي‪.‬‬

‫( ‪) 177‬‬
‫‪ .4‬االط�لاع على محاضر مجلس اإلدارة والتقارير الدورية التي ترفع إليه من قبل كل‬
‫إدارة‪.‬‬

‫‪ .5‬اس��تحداث نظام األرشيف اآللي لمحاضر الهيئة‪ ،‬وجميع العقود مما يسهل عملية‬
‫الرجوع إليها‪.‬‬
‫‪ .6‬وض��ع المنتجات في النظ��ام اآللي ‪ work flow‬كالمرابحة‪ ،‬واش��تراط الضوابط‬
‫الش��رعية في عملية س��ير المعامل��ة‪ ،‬بمعنى‪ :‬ال يُطبع أي مس��تند قبل اآلخر‪ ،‬مثلاً اس��تمارة‬
‫الموافقة‪ ،‬ثم الوعد والرغبة‪ ،‬ثم طلب الشراء ثم العقد‪ ،‬وهكذا مما يسهل عملية التدقيق‪.‬‬

‫‪ .7‬كان التدقي��ق مرة واحدة في الس��نة واآلن أصبح في بعض المؤسس��ات مرتين إلى‬
‫أربع مرات في السنة‪.‬‬

‫‪ .8‬أصبح التدقيق على بعض المنتجات كالمرابحة عن طريق الحاسب اآللي‪ ،‬بمعنى‪:‬‬
‫أن المدقق الشرعي يُعطى كش ًفا في جميع المعامالت المبرمة في الفترة المدقق عليها‪ ،‬ومن‬
‫ث��م يُعطى الصالحية في الدخول إلى نظام األرش��يف للتدقي��ق على هذه المعامالت‪ ،‬وهذا‬
‫يساعد على اختصار الوقت في التدقيق‪.‬‬

‫وله��ذا فإن جهاز الرقابة الش��رعية عب��ارة عن عمل‪ ،‬وكل عمل ال ب��د أن يعتريه بعض‬
‫النقص‪ ،‬فجهاز الرقابة الش��رعية في مصارفنا اإلس�لامية ال شك أنه فاعل في جوانب كثيرة‪،‬‬
‫ولكن��ه يختلف باختالف التطبي��ق‪ ،‬واختالف األف��راد الذين يطبقون��ه‪ ،‬واختالف وجهات‬
‫نظرهم‪ ،‬وحتى ننصف هذا األمر البد أن نذكر اإلنجازات والعثرات‪.‬‬

‫أولاً ‪ :‬على مستوى الهيئات‪:‬‬

‫اإلنجازات‪:‬‬

‫‪ .1‬وجود علماء وفقهاء متخصصين في هذا المجال (الجيل المؤسس)‪.‬‬

‫كثيرا من‬
‫‪ .2‬وجود جيل ثاني من العلماء والفقهاء الذين عاصروا الجيل األول وأفادوا ً‬
‫علمهم وخبرتهم‪.‬‬
‫( ‪) 178‬‬
‫‪ .3‬وج��ود جيل المراقبين والمدققين الش��رعيين اس��تفادوا من الجي��ل األول والجيل‬
‫الثاني‪.‬‬
‫‪ .4‬وج��ود بع��ض أعض��اء الهيئات بش��كل دائم في بع��ض المؤسس��ات والمصارف‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬مما س��اعدهم على تصور الجانب الفني التطبيقي للمعاملة بش��كل دقيق لكي‬
‫يبنى عليه الحكم الشرعي بشكل دقيق بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ .5‬بعض أعضاء الهيئة ترس��ل إليه االستفس��ارات الش��رعية والعقود عن طريق البريد‬
‫اإللكتروني ومباشرة يوافينا بالرد‪ ،‬وهذا ال يُغني عن اجتماعات الهيئة الشرعية ولكنه يساعد‬
‫على اختصار وقت االجتماع‪.‬‬
‫العثرات (الصعوبات)‪:‬‬
‫‪ .1‬ندرة المتخصصين الش��رعيين من العلماء في ه��ذا المجال خاصة بالجانب التقني‬
‫والمصرفي والقانوني مقارنة بحجم العمل‪.‬‬
‫‪ .2‬ضغط العمل ال يساعد بعض أعضاء الهيئة على قراءة العقود قبل حضور االجتماع‬
‫مما يؤخر بعض البنود أو يتم إحالة العقد إلى أحد األعضاء للنظر فيه‪.‬‬
‫‪ .3‬صعوبة التواصل مع بعض األعضاء؛ لكثرة التزاماته الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫‪ .4‬اختالف الفتاوى في نفس الواقعة من عدة هيئات (التو ّرق‪ ،‬البطاقات االئتمانية)‪.‬‬
‫‪ .5‬عدم التركيز على العلوم المس��اعدة‪ ،‬كعلم المحاس��بة‪ ،‬واللغ��ة اإلنجليزية‪ ،‬وذلك‬
‫كثيرا في معرفة مقدار الزكاة وهيكلية‬
‫لمعرفة قراءة بنود ميزانية الشركة وفهمها‪ ،‬وهذا يساعد ً‬
‫الصكوك اإلسالمية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬على مستوى إدارة الرقابة والتدقيق الشرعي‪:‬‬
‫اإلنجازات‪:‬‬
‫‪ .1‬تكامل مفهوم اإلدارة عند بعض المؤسسات عن طريق‪:‬‬
‫‪ -‬وضوح الهيكل التنظيمي‪.‬‬
‫( ‪) 179‬‬
‫‪ -‬وضوح المسميات والتوصيف الوظيفي لها‪.‬‬
‫‪ -‬وضع األهداف في أول السنة ومتابعة تنفيذها‪.‬‬
‫‪ -‬وضع ضوابط وإجراءات لعقود المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬وضع آلية واستمارات للتدقيق الشرعي تخدم جميع العقود‪.‬‬
‫‪ .2‬االهتمام بتدريب موظفي المؤسسة على أساسيات المعامالت المالية المعاصرة‪.‬‬
‫‪ .3‬بعض المؤسس��ات ً‬
‫أيضا ل��م تقتصر على تدريب موظفيها فق��ط‪ ،‬ولكنها تجاوزت‬
‫ذل��ك إلى جامعة النجاح الوطني��ة بنابلس‪ ،‬وبعض الجامعات الفلس��طينية وهذا مدخل من‬
‫مداخل الدعوة الذي تهدف إليه هذه المؤسسات‪.‬‬
‫العثرات (الصعوبات)‪:‬‬
‫‪ .1‬التفريق بين المدققين الش��رعيين ومن يماثلهم في المهنة في الرواتب والمسميات‬
‫كالمدققين الماليين‪.‬‬
‫‪ .2‬قلة التطوير المستمر للمراقبين الشرعيين والمدققين عن طريق الدورات والمؤتمرات‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم حضور المراقب الش��رعي ف��ي لجنة االئتمان ولجنة االس��تثمار واجتماعات‬
‫مجلس اإلدارة‪.‬‬
‫‪ .4‬عدم التركيز على تدريب الموظفين ـ في بعض المؤسسات ـ على أساسيات المعامالت‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .5‬بعض الموظفين يأتون من مؤسسات تقليدية بمناصب عالية‪ ،‬فال بد من عقد دورات‬
‫خاصة لهم‪.‬‬
‫‪ .6‬عدم وجود دليل للضوابط واإلجراءات‪.‬‬
‫‪ .7‬عدم تدريب المدققين الشرعيين على أسس احتساب الزكاة‪.‬‬
‫‪ .8‬عدم إعادة النظر في العقود بعد فترة من العمل بها‪.‬‬

‫( ‪) 180‬‬
‫الهيئة العليا للرقابة الشرعية في سلطة النقد الفلسطينية‬

‫تم إنش��اء الهيئة العليا للرقابة الش��رعية ُغرة ش��هر رمضان المبارك من عام ‪1439‬ﻫ ـ‬
‫‪2018/6‬م‪ ،‬وال��ذي يأت��ي في إطار س��عي س��لطة النقد المس��تمر لتطوي��ر منظومة العمل‬
‫المصرفي اإلس�لامي في فلس��طين‪ ،‬وبما يتوافق مع أفضل الممارس��ات الدولية والمعايير‬
‫الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية (‪.)AAOIFI‬‬

‫والتأكيد على أن هذه الهيئة س��تعمل على توحيد األس��س واألحكام الشرعية المتعلقة‬
‫بصي��غ المعامالت المصرفية والمالي��ة وأدوات التمويل اإلس�لامية‪ ،‬والعمل على مراجعة‬
‫صيغ العقود الش��رعية الالزمة لتنفيذها وتحديد إجراءاتها‪ ،‬وإبداء الرأي الش��رعي في مدى‬
‫توافق المنتجات والخدمات المالية والمصرفية اإلس�لامية الجديدة التي ترغب المصارف‬
‫ومؤسسات اإلقراض المتخصصة بطرحها مع أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫والواضح أن إنش��اء الهيئة العليا للرقابة الش��رعية على المصارف ومؤسس��ات التمويل‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬ج��اء تنفي�� ًذا لق��رار مجل��س إدارة س��لطة النق��د‪ ،‬ومتطلبات قان��ون المصارف‬
‫بالخصوص؛ حيث تضم الهيئة في تشكيلتها نخبة من علماء الشريعة والفقه وذوي الخبرة في‬
‫رئيسا للهيئة‪ ،‬د‪ .‬ماهر‬
‫الصيرفة اإلس�لامية والقانون‪ ،‬وتتألف من‪ :‬د‪ .‬عبد المنعم أبو قاووق ـ ً‬
‫خضير ـ نائبًا لرئيس الهيئة‪ ،‬د‪ .‬محمد حنيني ـ أمينًا للسر‪ ،‬د‪ .‬نعيم المصري‪ ،‬د‪ .‬عبد الستار‬
‫أبو غدة‪ ،‬وأ‪ .‬محمود المرعة (خبراء على مستوى الصناعة المالية اإلسالمية)‪.‬‬

‫وتس��عى الهيئ��ة العليا للرقابة الش��رعية في عملها بم��ا يخدم تطوي��ر منظومة الصيرفة‬
‫اإلسالمية في فلسطين؛ حيث أكدت على أهمية دور هيئات الرقابة الشرعية لدى المصارف‪،‬‬
‫وأن الهيئ��ة العليا س��تعمل على تنس��يق تطبيق األس��س واألحكام الش��رعية المتعلقة بصيغ‬
‫المعام�لات المصرفية والمالية وأدوات التمويل اإلس�لامية المختلف��ة‪ ،‬والنظر فيما يحال‬
‫إليها من المصارف س��واء كانت اإلحالة إلبداء الرأي الشرعي أو الفصل في وجهات الرأي‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫( ‪) 181‬‬
‫وقد قامت سلطة النقد الفلسطينية بإصدار مذكرات وتعميمات إلى المصارف اإلسالمية‬
‫العاملة في فلسطين‪ ،‬نذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تعميم رقم (‪ ،)51‬تاريخ ‪1999/9/1‬م‪ ،‬إلى كافة البنوك والش��ركات اإلس�لامية‪،‬‬
‫موضوع��ه‪ :‬دور هيئ��ة الرقابة الش��رعية‪ ،‬ونص��ه‪ :‬على كافة البنوك اإلس�لامية والش��ركات‬
‫اإلسالمية العاملة في فلسطين التقيد بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تفعي��ل دور هيئ��ة الرقابة الش��رعية‪ ،‬وذلك من حيث المش��اركة الفاعل��ة في جميع‬
‫األنشطة المختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬تطبيق األهداف والغايات المبينة في النظم الداخلية وعقود التأسيس الخاصة بها‪.‬‬
‫‪ -‬إدراج رأي هيئة الرقابة الشرعية الخطية في أي تقرير سنوي أو مالي يُرسل إلى سلطة‬
‫النقد‪ ،‬وإالّ فإ ّن سلطة النقد ستكون في ِح ٍّل من اعتماد هذه التقارير‪.‬‬
‫‪ -‬التقيد بهذا التعميم اعتبا ًرا من تاريخه‪.‬‬
‫‪ .2‬تعميم رقم (‪ ،)40‬تاريخ ‪2000/7/18‬م‪ ،‬إلى كافة المصارف العاملة في فلسطين‪،‬‬
‫موضوعه‪ :‬سياس��ة احتس��اب األرباح العائدة وتوزيعها ألصحاب الحس��ابات االستثمارية‪،‬‬
‫ونصه‪ :‬اس��تنادًا إلى معايير المحاس��بة والمراجعة والضوابط للمؤسسات المالية اإلسالمية‬
‫(معيار المحاسبة المالية رقم ‪ )5‬نرجو تزويدنا باآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬السياسة العامة المتبعة عند توزيع األرباح بين البنك وأصحاب الحسابات االستثمارية‪.‬‬
‫‪ -‬مثال عملي يوضح كيفية احتس��اب وتوزيع األرباح بين البنك وأصحاب الحسابات‬
‫االستثمارية‪.‬‬
‫‪ -‬رأي هيئة الرقابة الشرعية للبنك على تلك السياسة‪ ،‬وموافقتهم على آخر عملية توزيع‬
‫لألرباح لدى البنك‪.‬‬
‫‪ .3‬مذكرة رقم (‪ ،)23‬تاريخ ‪2001/5/5‬م‪ ،‬إلى كافة المصارف اإلسالمية العاملة في‬
‫فلس��طين‪ ،‬وموضوعه هيئة الرقابة الشرعية‪ ،‬ونصه‪ :‬انطالقًا من رغبة سلطة النقد الفلسطينية‬

‫( ‪) 182‬‬
‫في تفعيل دور هيئات الرقابة الشرعية‪ ،‬وللتأكد من قيامها بواجباتها‪ ،‬وبحيادية كاملة لضمان‬
‫س�لامة العملي��ات المنفذة م��ن قِبل المص��ارف اإلس�لامية؛ للتأكد من مطابقتها لألُس��س‬
‫الشرعية‪ ،‬وأصول العمل المصرفي اإلسالمي‪ ،‬لذا عليكم تزويدنا بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬اسم رئيس هيئة الرقابة الشرعية مرف ًقا بالسيرة الذاتية‪.‬‬


‫الحالي وعنوانه الكامل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬السيرة الذاتية لبقية األعضاء مبينًا فيها مكان عمله‬

‫‪ -‬صورة عن العقود المبرمة مع رئيس وأعضاء الهيئة‪.‬‬

‫‪ -‬السياسات أو األنظمة الداخلية المعدة من قِبل البنك والخاصة بنطاق عمل الهيئة‪.‬‬

‫‪ -‬اجتماعات الهيئة التي عُقدت خالل عام ‪2000‬م مرف ًقا بالمحاضر‪.‬‬

‫‪ -‬اآللية المعتمدة لالجتماعات وتبيان فيما إذا كانت دورية أو عند الطلب‪.‬‬

‫ونظرا لألهمية التي توليها س��لطة النقد الفلس��طينية لتقارير هيئة الرقابة الش��رعية‪،‬‬
‫ً‬ ‫‪.4‬‬
‫فق��د جعلته جزءً من البيانات المالية الختامية للمصرف‪ ،‬كما ورد في تعليمات س��لطة النقد‬
‫الفلس��طينية المتعلق بنموذج البيان��ات المالية الختامية للمص��رف المعمم على المصارف‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .5‬تعميم رقم (‪ ،)111‬تاريخ ‪2007/8/1‬م‪ ،‬إلى كافة المصارف اإلس�لامية العاملة‬


‫في فلس��طين‪ ،‬وموضوعه‪ :‬الصرف من المكاس��ب غير الشرعية‪ ،‬ونصه‪ :‬باإلشارة إلى فتوى‬
‫سماحة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية بتاريخ ‪2007/7/25‬م‪ ،‬بخصوص تصرف‬
‫المصارف اإلسالمية بحس��اب المكاسب غير الشرعية‪ ،‬وبهدف توضيح آليات الصرف من‬
‫حس��اب المكاس��ب غير الش��رعية‪ ،‬على جميع المصارف اإلس�لامية العاملة في فلسطين‪،‬‬
‫التصرف في حساب المكاسب غير الشرعية وفق اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬وجوب التصرف في رصيد المكاسب غير الشرعية في الجوانب المجتمعية العامة‪،‬‬


‫والت��ي تع��ود بالنفع العام على المجتم��ع ككل‪ ،‬كالتصرف بها على فقراء المس��لمين أو في‬
‫المصالح العامة للمسلمين‪.‬‬
‫( ‪) 183‬‬
‫‪ -‬عدم جواز إنفاق المصرف أية مبالغ من رصيد المكاس��ب غير الش��رعية تعود بالنفع‬
‫على المصرف‪ ،‬سواءً كان هذا اإلنفاق في مجاالت التدريب‪ ،‬الحمالت اإلعالنية والتسويق‪،‬‬
‫رسوم االشتراكات في المؤتمرات والندوات المالية والثقافية‪ ،‬األتعاب االستشارية‪ ،‬الهدايا‬
‫والمصاري��ف النثرية‪ ،‬وأية نفقات أخرى مش��ابهة تعود بالمنفعة على المصرف؛ حيث يعتبر‬
‫المصرف ملز ًما بتلك النفقات باعتبارها التزا ًما مترتبًا عليه‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة التخلص من رصيد المكاسب غير الشرعية في أوجه الخير وفي أوجه النفع‬
‫العام والمترتبة له خالل العام‪ ،‬وكذلك عدم كشف رصيد المكاسب غير الشرعية أو تدويره‬
‫لسنوات الحقة‪.‬‬
‫‪ -‬يُعمل بهذا التعميم اعتبا ًرا من تاريخه وعلى جميع المصارف اإلس�لامية العاملة في‬
‫فلسطين االلتزام التام بذلك‪.‬‬
‫‪ .6‬أصدرت س��لطة النقد الفلس��طينية دليلاً للقواعد والممارس��ات الفضلى لحوكمة‬
‫المصارف في فلس��طين تعليمات رق��م (‪ )2009/3‬بتاريخ ‪2009/2/26‬م‪ ،‬وقد تضمنت‬
‫خاصا بالمصارف اإلسالمية‪.‬‬
‫ً‬ ‫هذه التعليمات ملح ًقا‬
‫م��ن كل ما مضى نالحظ أ ّن س��لطة النقد الفلس��طينية قد اهتم��ت بموضوع المصارف‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬ودورها في الحي��اة االقتصادية للمجتمع الفلس��طيني‪ ،‬والذي يحرص على أن‬
‫يك��ون ربحه حاللاً ‪ ،‬ورزقه ح�لالاً ؛ لذلك وضع��ت القوانين التي تُنظم عم��ل هيئة الرقابة‬
‫الشرعية‪ ،‬في المصارف اإلسالمية‪ ،‬وأصدرت التعليمات الالزمة لذلك‪.‬‬
‫ويجب أن تتأكد سلطة النقد الفلسطينية بأن المصارف اإلسالمية في فلسطين تقوم بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اس��تقاللية وفصل هيئة الرقابة الش��رعية عن الهيكل التنظيمي للبنك اإلسالمي‪ ،‬فال‬
‫يصح أن يكون المستش��ارون الشرعيون موظفين داخل الهيكل التنظيمي للمصرف؛ حفا ًظا‬
‫على اس��تقالليتهم‪ ،‬فيتم تعيينهم وعزله��م‪ ،‬وتحديد مكافأتهم من قب��ل الجمعية العمومية‪،‬‬
‫ولي��س من قبل مجل��س اإلدارة‪ ،‬فضلاً عن مراعاة كافة المالحظ��ات الواردة في تقرير هيئة‬
‫الرقابة الشرعية‪.‬‬
‫( ‪) 184‬‬
‫‪ -‬تطوير مسؤولية هيئة الرقابة الشرعية من خالل اعتبار رأي الهيئة ملزمًا لإلدارتين العليا‬
‫والتنفيذية‪ ،‬ونشر آراء هيئة الرقابة الشرعية وقراراتها؛ ليتمكن كافة المتعاملين من الطمئنان‬
‫على الجانب الش��رعي‪ ،‬فضلاً عن الكش��ف عن الخس��ائر التي تقع وتحديد المسئولين عن‬
‫إحداثها لتحميلهم المسؤولية طب ًقا لشروط عقد المضاربة الشرعية‪.‬‬

‫‪ -‬ضرورة وضع دليل ش��رعي للمعامالت المالية المصرفية واالهتمام بكفاءة العاملين‬
‫في الهيئة‪ ،‬وإصدار نش��رات ع��ن توصياتهم‪ ،‬وعق��د الدورات والن��دوات المتخصصة في‬
‫الجانب المصرفي الشرعي‪.‬‬

‫‪ -‬تقوي��م بيئة العمل في المؤسس��ات وهيئاتها الش��رعية من حي��ث مالزمتها؛ لضمان‬


‫االلتزام بأحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬حيث تهتم بعض المصارف المركزية بجوانب االئتمان‬
‫والمخاطر دون االهتمام بما يتعلق بالرقابة الش��رعية بأي ش��كل من األشكال‪ ،‬فعلى البنوك‬
‫المركزية العمل على تغطية هذه الثغرة المهمة على مس��توى الرقابة الش��رعية‪ ،‬والتي تظهر‬
‫فاعلية السلطة اإلشرافية‪ ،‬وحضورها؛ حماية لشرعية التصرفات والممارسات على مستوى‬
‫المؤسسات الخاضعة لسلطة البنوك المركزية‪.‬‬

‫ونلفت نظر الهيئة العليا للرقابة الشرعية في سلطة النقد الفلسطينية إلى قضايا مهمة‪:‬‬

‫األول��ى‪ :‬ال ب��د أن تكون قرارات وفت��اوى الهيئة العليا ملزمة للمص��ارف األعضاء إذا‬
‫ص��درت باإلجم��اع‪ ،‬أما في حالة االختالف في الرأي فلكل بنك أن يأخذ بأي الرأيين ما لم‬
‫تقرر الهيئة العليا أن المصلحة تقتضي اإللزام برأي معين‪.‬‬

‫الثاني��ة‪ :‬ضرورة أن تكون هيئ��ات الفتوى في المصارف اإلس�لامية معتمدة من الهيئة‬


‫العليا للرقابة الشرعية في سلطة النقد الفلسطينية‪.‬‬

‫الثالث��ة‪ :‬ح��ري بالهيئ��ة العليا الس��عي إلى إص��دار موس��وعة فقهية اقتصادي��ة بطريقة‬
‫وبأس��لوب عصري‪ ،‬تش��مل جميع معامالت المصارف اإلس�لامية وتكون دس��تورا ملزما‬
‫لجميع المصارف‪.‬‬
‫( ‪) 185‬‬
‫املطلب الثالث‬
‫الرقابة الشرعية الفاعلة يف املصارف اإلسالمية الفلسطينية‬
‫(طموح وحتديات)‬
‫رغم تكامل الرقابة الشرعية في البنوك اإلسالمية الفلسطينية وترسخها لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ألنها منتخبة من الهيئة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬ألنها مخولة من القانون؛ حيث نص على أن قراراتها ملزمة‪.‬‬
‫‪ -‬ألنه��ا محمية من س��لطة النقد الفلس��طينية‪ ،‬والتي بدأت تمارس دوره��ا في الرقابة‬
‫الشرعية‪ ،‬إلى الجوانب الفنية‪.‬‬
‫‪ -‬ألنها مدعومة من الهيئات الدولية‪.CIBAFI ،IFSB ،AAOIFI :‬‬
‫‪ -‬القوة الشخصية للفقهاء الممثلين للهيئة الشرعية‪.‬‬
‫‪ -‬ازدياد تكاملها بالمعاير الشرعية والمحاسبية ومعاير المراجعة الموحدة التي ساهمت‬
‫في توحيد السلوك واإلجراءات‪ ،‬وبصدور شهادات مهنية للتدقيق الشرعي ‪.CSAA‬‬
‫إال أن الرقابة الشرعية ال تزال تعاني ضعفا من جوانب ثالثة‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -‬االستقاللية ما يؤثر في الكفاءة والموضوعية في أداء أعمالها‪.‬‬
‫‪ -‬تقاعس الس��لطات اإلِش��رافية وما في حكمها عن إكمال اإلطار المهني والتشريعي‬
‫للرقابة الشرعية‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف القدرات والمهارات الرقابية من الناحية المهنية لدى أغلبية ممارس��ي الرقابة‬
‫الشرعية في المصارف اإلسالمية الفلسطينية‪.‬‬
‫وفي ظل غياب جودة وكفاءة منظومة الرقابة الشرعية سينتج عنها ما يلي‪:‬‬
‫ـ ظهور مخالفات شرعية في بعض المعامالت على شكل حيل‪.‬‬
‫( ‪) 186‬‬
‫ـ تصبح الرقابة الش��رعية في المؤسس��ات رقابة ش��كلية تكميلية هامش��ية‪ ،‬وبهذا تشبه‬
‫المؤسس��ات اإلس�لامية المؤسس��ات األخرى‪ ،‬التي ال أثر ألحكام الش��رع عليه��ا‪ ،‬أو في‬
‫تعامالتها أو سلوكياتها‪.‬‬

‫ـ وصل��ت بعض البنوك إلى االعتماد على غير ذوي االختصاص بالفقه‪ ،‬أو على بعض‬
‫المختصين غير المؤهلين الذين ال يعرفون عن المؤسسة اإلسالمية إال اسمها فتصدر فتاوى‬
‫غي��ر دقيقة‪ ،‬مما يوقع المؤسس��ات في مخالفات ش��رعية‪ ،‬فتفقد ثقة الن��اس بها‪ ،‬وقد يؤدي‬
‫األمر إلى قطع التعامل معها عند فئة ليست بالقليلة من المتعاملين الملتزمين بدينهم‪ ،‬ويظهر‬
‫ذلك إذا وجدت بدائل عن مثل هذه المصارف‪ ،‬وخاصة إذا صاحب ذلك إنش��اؤها من قبل‬
‫من كان كسبه الربا‪.‬‬

‫ـ ضياع بعض حقوق العاملين أو المتعاملين؛ ألن غياب الشرع انفالت لسلوك اإلنسان؛‬
‫ألن��ه بطبع��ه يميل إليه‪ ،‬ومن هنا ال بد م��ن رقيب يضبط تعامالت وعقود هذه المؤسس��ات‬
‫المخالفة‪ ،‬وتخصص هذه الرقابة يقوم على معرفة أمور ثالثة‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ طبيعة النشاط؛ ألن الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ المناخ الذي تباش��ر فيه المؤسسات أعملها‪ ،‬والذي تسيطر عليه القوانين واألنظمة‬
‫تخصصا ومهارة فنية دقيقة‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫الوضعية‪ ،‬وهذا يفرض صعوبات على هذه الهيئات‪ ،‬مما يتطلب‬

‫‪ 3‬ـ البعد العالمي في النشاط المصرفي والمالي‪ ،‬بطريق مباشر أو غير مباشر من خالل‬
‫التعامل مع المؤسسات في السوق العالمية‪.‬‬

‫لك��ن األمل يبقى معق��ودًا بأن تزداد المعايي��ر المهنية المصدرة أكث��ر صرامة وقوة من‬
‫جهة‪ ،‬وأن تلتزم المصارف اإلسالمية بتطبيق تلك المعايير‪ ،‬واستخدام المراقبين والمدققين‬
‫الشرعيين األكثر تأهيلاً واألقوى حضو ًرا‪.‬‬

‫وأش��ير هنا إلى أن الرؤية االستش��رافية للتطوير المهني للرقابة الش��رعية في المصارف‬
‫اإلسالمية الفلسطينية يقتضي أمو ًرا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫( ‪) 187‬‬
‫‪ -‬ض��رورة إحي��اء وتفعي��ل دور الهيئ��ة العلي��ا للفت��وى والرقابة الش��رعية للمصارف‬
‫اإلسالمية؛ لتراجع فتاوى الهيئات‪.‬‬

‫‪ -‬ض��رورة اتصال الهيئات بالمجامع الفقهية لتعرض عليها ما يواجهها من مش��كالت‬


‫مصرفية تحتاج إلى اجتهاد جماعي‪.‬‬
‫‪ -‬ض��رورة تعميق التأهيل المصرف��ي ألعضاء هيئة الفتوى‪ ،‬وضرورة معرفتهم بش��تى‬
‫أساليب األعمال المصرفية‪.‬‬

‫‪ -‬تعاون أعضاء الهيئة مع الجامعات والكليات والمعاهد الشرعية واإلفادة من الرسائل‬


‫الجامعية في مجال البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬عقد الندوات على مستوى الهيئات في فلسطين لعرض ما يستجد من معامالت على‬
‫الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬االهتمام بأقسام البحوث الشرعية في المصارف اإلسالمية؛ لتؤدي دورها في التوجيه‬


‫والمتابعة والدراسة‪.‬‬

‫‪ -‬دعم فكرة التدريب بين المصارف اإلس�لامية‪ ،‬وإجراء البحوث المشتركة المتصفة‬
‫بالعموم للمصارف اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬ض��رورة الجهد الجماعي لهيئات الفتوى‪ ،‬فجه��د هيئة واحدة ال يكفي‪ ،‬بل ال بد من‬
‫عق��د لقاءات بين أعض��اء هيئات الفتوى للمصارف اإلس�لامية الفلس��طينية يجتمعون فيها‬
‫ويتدارس��ون المش��كالت التي تواجه المصارف اإلس�لامية في فلسطين وس��بل الرقي في‬
‫أعمالها‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 188‬‬
‫اخلامتة‬
‫ف��ي ختام هذا التجميع لما وجدته مبثوثًا ف��ي بحوث المتخصصين والمهتمين بالرقابة‬
‫الشرعية في المصارف اإلسالمية‪ ،‬وكذلك في بحوث العلماء‪ ،‬وقبل هؤالء وأولئك ما نثره‬
‫فقهاؤنا األجالء في كتبهم‪ ،‬مما له عالقة بالموضوع‪ ،‬فإني أقر بأنني لم أوف الموضوع حقه‬
‫من البحث والدراس��ة‪ ،‬وإن كنت أرى أن مثل هذا الموضوع مما يصلح أن يس��ند إلى فريق‬
‫عمل كامل‪ ،‬متنوع التخصصات‪ ،‬يشارك فيه باحث شرعي‪ ،‬وقانوني‪ ،‬ومحاسبي‪ ،‬واقتصادي‬
‫مال��ي؛ حت��ى يتمكن الفري��ق من تناوله بعلمي��ة فائق��ة‪ ،‬وموضوعية ومهنية‪ ،‬يت��م فيه تحرير‬
‫المصطلح��ات‪ ،‬وتحديد المفاهي��م بدقة علمية ال مراء وال جدال فيه��ا‪ ،‬ثم وضع الضوابط‬
‫والمعايير‪.‬‬

‫أكرر ش��كري وتقدي��ري لكاف��ة العاملي��ن بالصناعة المالي��ة اإلس�لامية‪ ،‬وعلى وجه‬
‫الخصوص الهيئة اإلسالمية العليا بالقدس بالتعاون من منصة االقتصاد اإلسالمي الموقرين‪،‬‬
‫ولكافة العاملين بالمصارف اإلس�لامية الفلس��طينية وهيئاتها الشرعية‪ ،‬وش��كرنا واعتزازنا‬
‫بكوادر الهيئة العليا للرقابة الش��رعية بسلطة النقد الفلسطينية‪ ،‬وما كان من صواب فمن اهلل‪،‬‬
‫وما كان من خطأ فمني ومن الش��يطان‪ ،‬وأس��تغفره تعالى وأتوب إليه‪ ،‬واهلل الموفق والهادي‬
‫إلى سواء السبيل‪.‬‬

‫واحلمد هلل رب العاملني‪...‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 189‬‬
‫التوصيات‬
‫‪ .1‬البد إلدارات الرقابة الش��رعية في المؤسسات اإلسالمية أن تولي الجانب اإلداري‬
‫من الهي��كل التنظيمي والوصف الوظيف��ي والضوابط واإلجراءات أهمي��ة كبيرة؛ ألنها من‬
‫أساسيات صناعة الرقابة الشرعية لكي تصبح مهنة في المستقبل‪.‬‬

‫‪ .2‬إلزامية اعتماد المعايير الشرعية والمحاسبية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة‬


‫للمؤسسات المالية اإلسالمية بالبحرين من قبل سلطة النقد الفلسطينية‪ ،‬وإلزام التعامل بها‪.‬‬

‫‪ .3‬أن تولي المؤسسات اإلسالمية جانب التدريب والتثقيف الشرعي للموظفين عامة‪،‬‬
‫وللمدققين الش��رعيين خاصة‪ ،‬أهمية كبيرة لتواكب المس��تجدات في هذا المجال (التأهيل‬
‫المستمر)‪.‬‬

‫‪ .4‬نشر ثقافة المعامالت المالية بين الناس عن طريق حملة إعالمية‪.‬‬

‫‪ .5‬تفعيل جمعية أو رابطة المراقبين والمدققين الش��رعيين ونقلها من طور التنظير إلى‬
‫واقع التطبيق والتمهين‪.‬‬

‫‪ .6‬أن تهتم مصارفنا اإلس�لامية الفلس��طينية بالمراقبين والمدققين الشرعيين بتدريبهم‬


‫بعض العلوم كعلم المحاسبة واللغة اإلنجليزية والتقنية‪.‬‬

‫‪ .7‬أن تقوم بعض الجهات األكاديمية والتدريبية الوطنية والمعتمدة في فلسطين بإعطاء‬
‫ش��هادات معتمدة للمراقبين والمدققين الشرعيين بمس��تويات معينة وفق شهادات ومناهج‬
‫وعدد سنوات خبرة معينة‪.‬‬

‫‪ .8‬أن تعي��د هيئات الفتوى والرقابة الش��رعية النظر في الفت��اوى والعقود بعد فترة من‬
‫الزمن في العمل بهذه الفتاوى والعقود لتصحيح األخطاء وإزالة التعارض بين الفتاوى‪.‬‬

‫‪ .9‬أن تُل ِزم س��لطة النقد الفلس��طينية كافة المؤسسات المالية اإلس�لامية بتعيين مدقق‬

‫( ‪) 190‬‬
‫ش��رعي داخلي كما يلزمها بتعيين هيئة ش��رعية خاصة لش��ركات التمويل وشركات التكافل‬
‫التأمينية‪.‬‬

‫‪ .10‬أن يكون هناك تسا ٍو بين مهنة التدقيق المالي والتدقيق الشرعي في الراتب والترقي‬
‫في الوظيفة وأن تكون تبعيتها مركزية للهيئة العليا للرقابة الشرعية‪.‬‬
‫احلمد هلل الذي تتم بنعمته الصاحلات‬

‫وصلى اهلل على نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 191‬‬
‫املصادر واملراجع‬
‫‪ .1‬أثر الرقابة الش��رعية واس��تقالليتها على معامالت البنك اإلس�لامي‪ ،‬ف��ارس أبو معمر‪،‬‬
‫الجامعة اإلسالمية غزة‪1994 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .2‬الفتوى والرقابة الش��رعية في المؤسس��ات المالية اإلس�لامية ودورها في تطوير وضبط‬


‫مسيرتها‪ ،‬محمد النجار‪ ،‬مجلة المصارف اإلسالمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬العدد ‪ ،48‬يونيو ‪1986‬م‪.‬‬

‫‪ .3‬الضوابط الشرعية لمسيرة المصارف اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬أبو غدة مجلة المعامالت اإلسالمية‪،‬‬
‫مركز الشيخ صالح كامل ـ القاهرة ـ العدد األول‪.‬‬

‫‪ .4‬األس��س الفني��ة للرقابة الش��رعية وعالقته��ا بالتدقيق الش��رعي في المؤسس��ات المالية‬


‫اإلس�لامية‪ ،‬د‪ .‬عبد الستار أبو غدة‪ ،‬حولية البركة ـ العدد الرابع رمضان ‪1423‬ﻫ نوفمبر‬
‫‪2002‬م‪.‬‬

‫‪ .5‬معايير المحاسبة والمراجعة والضوابط للمؤسسات المالية اإلسالمية ‪1423‬ﻫ ـ ‪2002‬م‬


‫صف��ر ‪1423‬ﻫ ـ أبري��ل ‪2002‬م‪ ،‬معيار الضب��ط رقم (‪ )1‬ـ تعيين هيئة الرقابة الش��رعية‬
‫وتكوينها وتقريرها‪.‬‬

‫‪ .6‬األسس الفقهية للرقابة الشرعية وعالقاتها بالتوثيق الشرعي في المصارف اإلسالمية‪،‬‬


‫د‪ .‬عبد الستار أبو غدة ـ حولية البركة ـ العدد الرابع ـ رمضان ‪1423‬ﻫ ـ نوفمبر (تشرين)‬
‫‪2002‬م‪.‬‬

‫‪ .7‬الرقابة الشرعية في المؤسسات المالية اإلسالمية ـ د‪ .‬عبد الستار أبو غدة ـ حولية البركة‬
‫العدد األول ـ رمضان ‪1420‬ﻫ ـ ديسمبر ‪1999‬م‪.‬‬

‫‪ .8‬مشروع قانون تنظيم العمل المصرفي السوداني لعام ‪2002‬م‪ ،‬الفصل الثالث (الهيئة العليا‬
‫للرقابة الشرعية)‪ ،‬المواد ‪ 18‬ـ ‪.19‬‬

‫( ‪) 192‬‬
‫‪ .9‬مجلة بحوث االقتصاد اإلسالمي ـ المجلد الثالث ـ العدد الثاني ـ ‪1415‬ﻫ‪1994 ،‬ﻫ‪،‬‬
‫نح��و معايير للرقابة الش��رعية في البنوك اإلس�لامية محمد ف��داء الدين عبد المعطي‬
‫بهجت‪.‬‬

‫‪ .10‬كتاب بحوث مؤتمر جامعة النجاح‪ ،‬مؤتمر الصيرفة اإلس�لامية بين الواقع والمأمول‪،‬‬
‫بحث الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية الفلسطينية بين الواقع والطموح‪،‬‬
‫د‪ .‬معتصم اسكافي‪.‬‬

‫‪ .11‬الرقابة الشرعية‪ :‬ودورها في إسالم الجهاز المصرفي وفي سياسات التمويل‪ ،‬د‪ .‬أحمد‬
‫على عبد اهلل‪ ،‬حولية البركة ـ العدد الثالث رمضان ‪1422‬ﻫ ـ نوفمبر ‪2001‬م‪.‬‬

‫‪ .12‬تفعيل الرقابة الش��رعية بالمصارف اإلس�لامية ـ د‪ .‬أحمد على عبد اهلل ـ حولية البركة ـ‬
‫العدد الثالث رمضان ‪1422‬ﻫ ـ نوفمبر ‪2001‬م‪.‬‬

‫‪ .13‬فرص تطوير معايير موحدة للرقابة الش��رعية للمصارف اإلس�لامية‪ ،‬د‪ .‬أحمد على‬
‫عب��د اهلل ـ األمين العام للهيئة العليا للرقابة الش��رعية (بنك الس��ودان)‪ ،‬مقدمة لندوة‬
‫اإلشراف والرقابة على المصارف اإلسالمية‪ :‬الوضع الراهن والتطورات المستقبلية‬
‫‪ 24‬ـ ‪ 26‬أبريل ‪2001‬م ـ الخرطوم ـ نش��ر البحث ً‬
‫أيضا في مجلة دراس��ات مصرفية‬
‫ومالية‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬ربيع أول وثان‪/‬يونيو ‪2001‬م‪.‬‬

‫‪ .14‬الترش��يد الش��رعي للبنوك القائمة‪ ،‬مجلة البنوك اإلسالمية‪ ،‬العدد رقم ‪1984( ،38‬م)‬
‫د‪ .‬محمد شوقي الفجري‪.‬‬

‫‪ .15‬مرجعية الرقابة الش��رعية في المصارف اإلس�لامية مركز القدس للدراسات واإلعالم‬


‫اإلسالمي ‪2010‬م‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬حسام الدين عفانة‪.‬‬

‫‪ .16‬موسوعة شورى ألبحاث التدقيق الشرعي‪ ،‬أصدرته شورى لالستشارات الشرعية‪:‬‬

‫‪http://www.shura.com.kw‬‬

‫( ‪) 193‬‬
‫احملور الثاني‬
‫الدور االجتماعي للمصارف اإلسالمية‬
‫(مناذج إبداعية)‬
‫احملور الثاني‬
‫الدور االجتماعي للمصارف اإلسالمية (مناذج إبداعية)‬
‫َُ َ ُ‬
‫َويِشمل األوراق اآلتية‪:‬‬
‫ال��دور االجتماع��ي للمص��ارف اإلس�لامية البن��ك د‪ .‬عم��اد الس��عدي ود‪ .‬أيم��ن‬
‫جويلس‬ ‫اإلسالمي الفلسطيني أنموذ ًجا‬
‫د‪ .‬قتيبة العاني‬ ‫دور المصارف اإلسالمية في الشمول المالي‬
‫االلت��زام االجتماعي للمصارف اإلس�لامية في ظل د‪ .‬نبيلة فارس عالونة‬
‫جائحة كورونا «بنك صفوة اإلسالمي أنموذ ًجا»‬
‫الصيغ التمويلية للبنوك اإلس�لامية ومس��اهمتها في د‪ .‬ليلى عيساوي‬
‫إحداث التنمية الشاملة‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 197‬‬
‫‪‬‬

‫اهليئة اإلسالمية العليا بالقدس‬

‫الدور االجتماعي للمصارف اإلسالمية‬


‫(مناذج إبداعية)‬

‫حبث علمي مقدم للمؤمتر األكادميي السادس‪:‬‬


‫«املصارف اإلسالمية بني الواقع واملأمول»‬
‫من ‪ 20‬إىل ‪2021/11/21‬م‬

‫إعداد ابلاحثني‬
‫د‪ .‬عماد السعدي‬ ‫د‪ .‬أيمن جربين جويلس‬
‫دكتوراه يف االقتصاد اإلساليم‬ ‫دكتوراه يف الفقه املقارن‬
‫املدير العام للبنك اإلساليم الفلسطيين‬ ‫عضو هيئة الرقابة الرشعية‬
‫(انلماذج العملية اتلطبيقية)‬ ‫(اإلطار انلظري اتلأصييل)‬

‫‪1443‬ﻫ ـ ‪2021‬م‬
‫مقدمة‬
‫الحم��د هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والس�لام على الرحمة المهداة‪ ،‬والنعمة المس��داة‪،‬‬
‫محمد بن عبد اهلل‪ ،‬وعلى آله وصحبه‪ ،‬ومن وااله وبعد‪:‬‬

‫فإن الش��ريعة اإلسالمية جاءت لتحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد‪ ،‬وفي سبيل‬
‫ذلك ش��رعت األحكام والتكاليف الكفيلة بتنظيم أحوال العب��اد‪ ،‬وجلب مصالحهم‪ ،‬ودفع‬
‫المفاس��د عنهم‪ ،‬وم��ن مصالح المعاش أن يحيا العب��اد بكرامة إنس��انية‪ ،‬ومكانة اجتماعية‪،‬‬
‫ومستوى معيشي يحفظ نفوسهم من الهالك‪ ،‬ويصونهم من االمتهان‪ ،‬وذل السؤال‪ ،‬بل يجعل‬
‫تعميرا وإنفاقًا‪ ،‬وهذا ال ش��ك يخدم‬
‫ً‬ ‫منه��م منتجين فاعلين أملاً بالظفر بوس��ام (اليد العليا)‬
‫مقصد حفظ النفس الذي ألجله ش��رعت التدابير الش��رعية‪ ،‬ولهذا حارب اإلس�لام الجوع‬
‫والفقر‪ ،‬ومنع الس��ؤال في غير ضرورة‪ ،‬وألجل مقاصد ع��دة‪ ،‬منها‪ :‬حفظ النفس وكرامتها‪،‬‬
‫ش��رعت الزكاة والصدق��ات والتبرع��ات‪ ،‬والكفارات والن��ذور‪ ،‬وإنفاق العف��و‪ ،‬والقرض‬
‫الحس��ن‪ ،‬والوصايا واألوق��اف والهدايا وغيره��ا؛ للتأكيد على ارتباط اإلنس��ان بالمجتمع‬
‫ارتب ًط��ا عضويًا أصيلاً ال تنفك عراه ّ‬
‫عبر عنه الحديث الش��ريف‪( :‬مثل المؤمنين في توادهم‬
‫وتراحمهم وتعاطفهم‪ ،‬كالجس��د الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر‬
‫والحمى)‪ ،‬وفقه الجس��د الواحد‪ ،‬يعني تحقيق مبدأ التكافل االجتماعي للفئات المستحقة‪،‬‬
‫وتحمل المس��ؤولية التضامنية االجتماعية تجاه من ابتلوا بالفقر أو المرض أو كانوا ضحايا‬
‫الجه��ل واإلهمال والتهميش أو التش��رد‪ ،‬فكانت المس��ؤولية المجتمعية المالذ اآلمن لكل‬
‫هذه الفئات من خالل اضطالع األفراد والمؤسسات والحكومات بمسؤولياتهم‪ ،‬وذلك بما‬
‫ملكوا من إمكانيات‪ ،‬وما أوتوا من قدرات وموارد مالية‪ ،‬ومن هذه المؤسس��ات المصارف‬
‫اإلس�لامية التي ولدت من رحم التكافل اإلس�لامي‪ ،‬ومن وحي محاربة الربا والرأس��مالية‬
‫الجش��عة التي تك��رس روح األنانية‪ ،‬وتعزيز مبدأ الربحية المحض��ة‪ ،‬بعيدًا عن مبدأ الحالل‬

‫( ‪) 201‬‬
‫والحرام‪ ،‬والثواب والعقاب‪ ،‬وبعيدًا عن المصالح المجتمعية المختلفة‪ ،‬وبما أن المصارف‬
‫اإلسالمية تنطلق من منطلقات شرعية‪ ،‬ومرجعية أخالقية‪ ،‬فإنها تستند في رسالتها الجوهرية‬
‫لمبدأ رعاية المسؤولية المجتمعية من مجاالت إغاثية عاجلة أو تعليمة أو بحثية أو صحية أو‬
‫بيئية‪ ،‬ومن هنا كان لزامًا على الباحثين إبراز أهمية الدور االجتماعي للمصارف اإلس�لامية‬
‫وبي��ان م��دى اهتمامه��ا أو تطورها أو تقصيرها في ه��ذا الجانب ومن هن��ا كان هذا البحث‬
‫بعنوان‪ :‬الدور االجتماعي للمصارف اإلسالمية (نماذج إبداعية)‪.‬‬

‫أهمية البحث‪:‬‬
‫تكمن أهمية البحث في اآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬التعريف بالدور االجتماعي للمؤسسات المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -2‬إبراز أهمية المس��ؤولية االجتماعية للمؤسسات المالية بما يعزز روح االنتماء‬
‫للمجتمع‪.‬‬

‫‪ -3‬اإلسهام في بيان الدور الريادي والرسالي للبنوك اإلسالمية في بناء المجتمع‪.‬‬

‫‪ -4‬بيان س��بل التخفيف من أعباء المش��كالت االجتماعية واالقتصادية من خالل‬


‫االضطالع بالمسؤولية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -5‬إعانة العلم��اء والمجتهدين والباحثين وصناع القرار في تفعيل آليات المس��ؤولية‬


‫االجتماعية وتطويرها وترشيدها في ضوء مقاصد الشريعة الغراء‪.‬‬

‫‪ -6‬تزويد مكتبة االقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬ومنصات علوم الصيرفة اإلسالمية بمادة علمية‬
‫وعملية حول الدور االجتماعي للبنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫تناول بعض الباحثين المسؤولية االجتماعية‪ ،‬مثل‪ :‬الزيود عبد الناصر طلب‪ ،‬الخشمان‬
‫ت��اال عارف‪ ،‬الخش��مان نادية إبراهي��م (‪2014‬م) واقع المس��ؤولية االجتماعية لدى البنوك‬
‫( ‪) 202‬‬
‫اإلس�لامية‪ :‬دراس��ة حالة البنوك اإلس�لامية ف��ي األردن‪ ،‬المجل��ة األردنية في الدراس��ات‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬األردن‪ ،‬المجل��د (‪ ،)10‬العدد (‪ ،)2‬والعاني‪ ،‬أس��امة عب��د المجيد (‪2017‬م)‬
‫طبيع��ة المس��ؤولية االجتماعي��ة في المصرف اإلس�لامي ـ دراس��ة حالة البنك اإلس�لامي‬
‫األردني‪ ،‬المجلة األردنية في الدراس��ات اإلس�لامية‪ ،‬األردن‪ ،‬المجل��د (‪ ،)13‬العدد (‪،)3‬‬
‫القاض��ي أحمد س��امي (‪2010‬م) المس��ؤولية االجتماعي��ة للبنوك العاملة ف��ي مصر‪ ،‬هذه‬
‫الدراسات وغيرها تناولت مفاهيم المسؤولية االجتماعية من الناحية الفلسفية ومفاهيمها في‬
‫الغرب‪ ،‬ومقارنتها بالمصارف اإلس�لامية‪ ،‬وبعضها شمل مختلف البنوك تقليدي وإسالمي‬
‫والش��ركات‪ ،‬وبعضها ركز على دراسة حالة (مصرف بعينه) من خالل مؤشرات أداء لقياس‬
‫درجة اهتمامه بالجانب االجتماعي‪ ،‬ولهذا ارتبطت بدراس��ة استبانات علمية‪ ،‬ورغم أهمية‬
‫هذه الدراس��ات واألبح��اث في إظهار هذا الجان��ب‪ ،‬ولكن يبقى بحث المس��ائل المتعلقة‬
‫نظرا لحاجة المجتم��ع‪ ،‬والحاجة إلى التخطيط‬
‫بالمس��ؤولية االجتماعية في غاي��ة األهمية؛ ً‬
‫ف��ي ضوء المقاصد واألولويات‪ ،‬والحاجة الملحة لتوظيف هذه المس��ؤولية المجتمعية في‬
‫تحقي��ق التنمية الحقيقية في المجتمع��ات وتطويرها وتحديثها‪ ،‬والش��رع ال يأبى أي جديد‬
‫يتناغ��م مع محكماته‪ ،‬ب��ل كل ما يحقق مقصوده يك��ون مقصودًا‪ ،‬وقد تمي��ز بحثنا بالجمع‬
‫بي��ن التأصيل والتطبيق ومعايش��ة واقع التجارب العملية من خالل تجربة البنك اإلس�لامي‬
‫الفلسطيني في جانب المس��ؤولية المجتمعية في فلسطين‪ ،‬وهذا بزعمنا يكسب البحث قوة‬
‫علمية‪ ،‬ومصداقية واقعية‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫اتبعنا في كتابة البحث المنهج الوصفي واالس��تقرائي مستفيدين من المنهج التحليلي‪،‬‬
‫معتمدي��ن عل��ى ما توفر لنا م��ن مصادر ومراجع وأبح��اث قديمة وحديث��ة‪ ،‬ويتم توثيق أي‬
‫منقول‪ ،‬وما كان من نصوص شرعية يتم توثيقها حسب أصول المنهج العلمي‪.‬‬

‫وقد رأينا تقسيم البحث إلى مقدمة وأحد عشرة مبحثًا على النحو اآلتي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم المسؤولية المجتمعية للمصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫( ‪) 203‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬عناية القرآن الكريم والسنة النبوية بتعزيز المسؤولية االجتماعية‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬نماذج حضارية في المسؤولية االجتماعية من التاريخ اإلسالمي‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬أهم التشريعات الفقهية لتقوية الدور االجتماعي للفرد والمجتمع‪.‬‬

‫ويش��ير إلى الغايات المرجوة من تطبيق صيغ التمويل وآثارها االجتماعية واالقتصادية‪،‬‬
‫ودور كل من القرض الحسن‪ ،‬ومخصصات التأمين التكافلي‪ ،‬والوصايا واألوقاف‪ ،‬والصدقات‬
‫والتبرعات‪ ،‬والهدايا والجوائز‪ ،‬وصرف المكاسب غير المشروعية في وجوه الخير‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬أولويات المسؤولية االجتماعية للبنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫المبحث السادس‪ :‬نماذج إبداعية في المسؤولية المجتمعية (البنك اإلسالمي الفلسطيني‬


‫نموذ ًجا) تعريف بالبنك ورسالته في الدور االجتماعي وأولوياته‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نموذج المسؤولية المجتمعية في القطاع التعليمي والبحث العلمي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نموذج المسؤولية المجتمعية في القطاع الصحي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬نموذج المسؤولية المجتمعية في دعم الفئات المهمشة‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬نموذج المسؤولية المجتمعية في العمل التطوعي‪.‬‬


‫المطلب الخامس‪ :‬نموذج المسؤولية المجتمعية في العناية بالبيئة‪.‬‬

‫ثم خاتمة وتوصيات تتضمن أهم األفكار والمقترحات والتوصيات المستفادة من البحث‪.‬‬

‫وأخيرا الشكر الجزيل لمن سبقوا للعلياء‪ ،‬وبادروا إلحياء ميراث األنبياء‪ ،‬وبعث همم‬
‫ً‬
‫العلماء‪ ،‬للس��ادة الكرام في الهيئة اإلس�لامية العليا‪ ،‬واللجنة العلمية التي بادرت لعقد هذا‬
‫المؤتمر العلمي‪ ،‬واحتضان هذه الجهود المباركة‪ ،‬وجعله اهلل في ميزان حسناتهم‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬البحث قابل للتعديل والتصويب والمالحظات الخادمة حسب لجنة التحكيم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 204‬‬
‫املبحث األول‬
‫مفهوم املسؤولية اجملتمعية للمصارف اإلسالمية‬
‫ب��دأت ظاه��رة االهتمام العالم��ي بالمس��ؤولية االجتماعية مع بداية القرن العش��رين‪،‬‬
‫وازدادت أهميتها في مطلع القرن الواحد والعش��رين؛ حي��ث تبنت األمم المتحدة (الميثاق‬
‫العالمي للمس��ؤولية االجتماعية) في ع��ام ‪1999‬م‪ ،‬وهو عبارة عن مب��ادرة مواطنة طوعية‬
‫متعلقة بالش��ركات يعرض تس��هيلاً وتعهدًا من خالل عدة آليات (سياسة الحوار‪ ،‬المعرفة‪،‬‬
‫ش��بكات محلية ومشاريع الشراكة)‪ ،‬ويعتمد هذا الميثاق على المسؤولية االجتماعية العامة‬
‫بما في ذلك ش��فافية الش��ركات‪ ،‬والقوى العاملة‪ ،‬والمجتمع المدني؛ للبدء والمشاركة في‬
‫األداء الجوهري المتعلق بمتابعة المبادئ المستند عليها الميثاق(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( طبيع��ة المس��ؤولية االجتماعية في المصرف اإلس�لامي (دراس��ة حالة البنك اإلس�لامي األردني)‪،‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬أس��امة عب��د المجي��د العان��ي‪ ،‬المجلة األردنية في الدراس��ات اإلس�لامية‪ ،‬م��ج (‪ ،)13‬ع (‪،)3‬‬
‫‪1438‬ه‍‪2017/‬م‪.‬‬

‫( ‪) 205‬‬
‫املطلب األول‬
‫تعريف املسؤولية االجتماعية يف اللغة‬
‫خص بِ َما يصدر عَنهُ قولاً أَو عملاً ‪ ،‬وتعني‪ :‬تحمل تبعات‬ ‫المس��ؤولية تعني‪ :‬الْتِزَام َّ‬
‫الش�� ْ‬
‫أم��ر ما‪ ،‬وأَنا ب َ ِريء من مس��ؤولية َه َذا ال ْ َع َم��ل‪ ،‬أي‪ :‬ال أتحمل تبعاته‪َ ،‬وتطل��ق (قانونًا) على‬
‫خ َطأ ال ْ َواقِع على ال ْ َغيْر طب ًقا لقانون(((‪.‬‬
‫الاِ لْتِزَام بإصالح ال ْ َ‬

‫واس��تجمع السي ُل‪ :‬ا ْجتَ َم َع ِم ْن ُك ِّل‬ ‫واالجتماعية نس��بة إلى االجتماع‪ ،‬وهو ضد الفرقة‪ْ ،‬‬
‫اس‪،‬‬ ‫ج َما َع ِة الن َّ ِ‬‫اس�� ٌم ل ِ َ‬
‫ج ْمع‪ْ :‬‬ ‫��ع‪ ،‬وتج َّم��ع ال ْ َق ْومُ‪ :‬ا ْجتَ َمعُوا أ َ ً‬
‫يضا م��ن هاهنا وهاهنا‪ ،‬وال َ‬ ‫مَ ْو ِض ٍ‬
‫َويُ َق��ال‪ :‬رجل اجتماعي م��زاول للحياة االجتماعية كثي��ر المخالطة للنَّاس‪ ،‬وفَ�لاةٌ مُ ْ‬
‫ج ِمعةٌ‬
‫ج َمعُهم‪،‬‬ ‫ح ِو ِه‪ ،‬كأَنها ِه َي الَّتِي ت َ ْ‬ ‫ج ِّمع��ةٌ‪ :‬يَجتمع فِي َها ال ْ َق ْومُ َولاَ يَتَ َف َّرقُو َن َخ�� ْوفَ َّ‬
‫الضلاَ ِل َون َ ْ‬ ‫ومُ َ‬
‫اع المسلمين فِي ال ْ َم ْسجِ ِد‪ ،‬وعليه يكون مفهوم‬ ‫ك لاِ ْجتِ َم ِ‬‫ج ُم َعةُ في اإلسالم‪َ ،‬وذَل ِ َ‬ ‫ت ال ْ ُ‬
‫وس�� ِّميَ ِ‬
‫ُ‬
‫المس��ؤولية االجتماعية‪ :‬تلك الحالة التي يلزم اإلنس��ان بها تج��اه الجماعة المجتمعة التي‬
‫يجمع بينها وطن أو ميثاق أو قانون(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( بتصرف من المعجم الوسيط ـ مجموعة من المؤلفين‪ ،)411/1( ،‬مادة‪ :‬سأله‪.‬‬


‫((( انظر‪ :‬لسان العرب ـ ابن منظور‪ )59/8( ،‬مادة‪ :‬جمع؛ المعجم الوسيط‪ ،)135/1( ،‬مادة‪ :‬جمع‪.‬‬

‫( ‪) 206‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫تعريف املسؤولية االجتماعية يف االصطالح‪:‬‬
‫ثم��ة تعريف��ات متعددة للمس��ؤولية االجتماعية تبعًا للفلس��فة التي انطل��ق منها تصور‬
‫الباحثين لمفهومها‪ ،‬ومن أهم تعريفاتها‪:‬‬

‫‪ )1‬عرفها بعض الباحثين‪ :‬أن المس��ؤولية االجتماعية هي عقد بين المنظمة والمجتمع‬
‫تلتزم بموجبه المنظمة بإرضاء المجتمع‪ ،‬وبما يحقق مصلحته‪ ،‬وينظر إليها على أنه التزام من‬
‫قبل المنظمة تجاه المجتمع الذي تعيش فيه من خالل قيامه بالكثير من األنشطة االجتماعية‪،‬‬
‫مث��ل‪ :‬محارب��ة الفقر‪ ،‬ومكافحة التل��وث‪ ،‬وخلق فرص العمل‪ ،‬وحل الكثير من المش��اكل‪:‬‬
‫الصحة‪ ،‬اإلسكان‪ ،‬المواصالت‪ ،‬وغيرها من الخدمات(((‪.‬‬

‫‪ )2‬مفهوم المسؤولية االجتماعية لمنظمات األعمال‪ ،‬هي‪ :‬تصرف المنظمات على نحو‬
‫يتس��م بالمسؤولية والمسائلة‪ ،‬ليس فقط أمام أصحاب حقوق الملكية‪ ،‬ولكن أمام أصحاب‬
‫المصلح��ة األخرى بمن فيه��م الموظفون‪ ،‬والعم�لاء والحكومة والش��ركاء والمجتمعات‬
‫المحلي��ة‪ ،‬واألجي��ال القادمة(((‪ ،‬وعند التأمل نجد تعريف المس��ؤولية بالمس��ؤولية‪ ،‬اللهم‬
‫إضافة مسائلة أشعر بكونها إلزامية‪ ،‬ولكن ثمة أعمال وأنشطة طوعية‪.‬‬

‫‪ )3‬عرفها الس��حيباني بأنها‪ :‬عقد أخالقي طوعي تتحقق فيه المنفعة المتبادلة يبرم بين‬
‫الش��ركة (المالكون‪ ،‬المدراء‪ ،‬العاملون)‪ ،‬والمجتمع (المس��تهلكون‪ ،‬الموردون‪ ،‬المجتمع‬

‫((( المس��ؤولية االجتماعية للمؤسس��ات االقتصادية م��ن خالل تطبيق المواصف��ة الدولية آيزو ‪26000‬‬
‫للمسؤولية االجتماعية‪ ،‬أ‪ .‬مقدم وهيبة‪ ،‬أستاذة مساعدة بجامعة مستغانم‪ ،‬د‪ .‬بكار بشير‪ ،‬أستاذ محاضر‬
‫بجامعة مستغانم ص‪ 8 ،9‬نقلاً عن (الحوري والزيادات وعبابنة‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.)5 :‬‬
‫((( المس��ؤولية االجتماعية للمؤسس��ات االقتصادية م��ن خالل تطبيق المواصف��ة الدولية آيزو ‪26000‬‬
‫للمسؤولية االجتماعية‪ ،‬أ‪ .‬مقدم وهيبة‪ ،‬أستاذة مساعدة بجامعة مستغانم‪ ،‬د‪ .‬بكار بشير‪ ،‬أستاذ محاضر‬
‫بجامعة مستغان ص‪ 9‬نقلاً عن (االسرج‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪.)4 :‬‬

‫( ‪) 207‬‬
‫المحلي‪ ،‬المنافس��ون‪ ،‬البيئة‪ ،‬الحكومة) الذي تعمل في��ه بكافة عناصره؛ حيث يتم بموجب‬
‫ه��ذا العقد القيام بواجبات م��ن كال الطرفين؛ للوصول إلى الصالح الع��ام‪ ،‬وتحقيق التنمية‬
‫(((‬
‫كبيرا منها عقد أخالعي إلزامي‬
‫لكليهم ‪ ،‬وعند التحقيق في أبعاد المسؤولية نجد أن جزءًا ً‬
‫وليس مجرد طوعي‪.‬‬
‫‪ )4‬مفهوم المس��ؤولية االجتماعية لدى هيئ��ة المقاييس العالمية (اآليزو) عرفتها بأنها‪:‬‬
‫مس��ؤولية المنشأة تجاه تأثيرات قرارتها وأنش��طتها على المجتمع والبيئة‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫س��لوك أخالقي يتس��م بالش��فافية‪ ،‬والذي من شأنه المس��اهمة في التنمية المس��تدامة التي‬
‫تحرص على صحة ورخاء المجتمع‪ ،‬وتراعي في االعتبار توقعات األطراف المتعاملة معها‬
‫بما يتماشى مع القوانين المطبقة‪ ،‬ومعايير السلوك الدولية(((‪.‬‬
‫ً‬
‫وأيض��ا خال التعريف من اس��تيعاب اإللزامية والطوعية‪ ،‬وربطه��ا بتوق وآمال المحيط‬
‫ً‬
‫وأيضا ركز على المنشأة دون األفراد‪.‬‬ ‫والبيئة للمنشأة‪،‬‬

‫وأرى أن المس��ؤولية االجتماعية‪ ،‬هي‪( :‬اضطالع كل من الفرد ومؤسس��ات المجتمع‬


‫ومنظمات��ه الخاص��ة‪ ،‬أو العام��ة بالمهام الواجب��ة‪ ،‬أو الطوعي��ة التي ينبثق عنها تب��ادل منافع‬
‫مجتمعية ملحة كالصحة والبيئة والتعليم ومكافحة األمية والفقر‪ ،‬منافع يحتاج إليها مختلف‬
‫شرائح المجتمع‪ ،‬وخاصة الفئات المهمشة)‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( صال��ح الس��حيباني‪ ،‬المس��ؤولية االجتماعية ودورها في مش��اركة القطاع الخاص ف��ي التنمية‪ ،‬حالة‬
‫تطبيقية على المملكة العربية الس��عودية‪ ،‬بحث مقدم إلى المؤتم��ر الدولي حول (القطاع الخاص في‬
‫التنمية‪ :‬تقييم واستشراف)‪ 23 ،‬ـ ‪ 25‬مارس ‪2009‬م‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪ 4‬نقلاً عن طبيعة المسؤولية‬
‫االجتماعية العاني‪ ،‬ص‪.280‬‬
‫((( المواصفة القياسية الدولية آيزو ‪ 26000‬دليل إرشادي حول المسؤولية المجتمعية‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫( ‪) 208‬‬
‫املطلب الثالث‬
‫تعريف املسؤولية االجتماعية يف الفكر اإلسالمي‬
‫تختلف فلسفة المسؤولية االجتماعية في اإلسالم عن غيرها من التصورات تعبًا لتباين‬
‫المنطلقات‪ ،‬ففي التصورات البش��رية تنطلق من كونها مسؤولية إنسانية أو نفعية‪ ،‬وتخلو في‬
‫معظمها م��ن البعد الديني واألخروي للبش��ر‪ ،‬ولهذا تفوقت آفاق المس��ؤولية االجتماعية‪،‬‬
‫عن مثيالتها بأنها اش��تملت على معان أخرى غير المعاني اإلنس��انية واالجتماعية وتخطت‬
‫حدود الدنيا لتتصل باآلخرة باعتبارها المستقبل الحقيقي للمؤمن‪ ،‬ويحسن التعرض لبعض‬
‫تعريفات المسؤولية المجتمعية‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬
‫‪ .1‬عرفها عثمان‪ ،‬بأنها‪( :‬المس��ؤولية الفردية عن الجماعة‪ ،‬وهي‪ :‬مس��ؤولية الفرد أمام‬
‫ذات��ه عن الجماعة التي ينتمي إليها‪ ،‬أي‪ :‬أنها مس��ؤولية ذاتية أخالقية‪ ،‬وتتصف المس��ؤولية‬
‫االجتماعية في اإلس�لام‪ ،‬في كافة جوانبها ومس��توياتها بأنها شاملة ومتكاملة ومتوازنة)(((‪،‬‬
‫ركز التعريف على جانب المسؤولية الفردية تجاه المجتمع لكنه وصف المسؤولية بالتوازن‬
‫بحيث ال تطغى مصلحة المجتمع على الفرد‪ ،‬وبالتالي يعد التعريف شاملاً ‪ ،‬واألولى اإلشارة‬
‫لمسؤولية المجتمع‪.‬‬
‫‪ .2‬عرف المغربي المس��ؤولية االجتماعية بأنها‪ :‬التزام المنظمة بالمشاركة في عمل‬
‫الصالحات عند ممارس��ة أنش��طتها تج��اه مختلف األط��راف التي لها عالق��ة بها؛ نتيجة‬
‫التكليف الذي ارتضته في ضوء مبادئ الش��ريعة اإلس�لامية؛ به��دف النهوض بالمجتمع‬
‫اإلس�لامي بمراعاة عناصر المرونة واالس��تطاعة والش��مول والعدالة(((‪ ،‬أورد مسؤولية‬

‫((( المسؤولية االجتماعية في اإلسالم‪ ،‬دراسة نفسية ـ سيد أحمد عثمان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪1973 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.4‬‬
‫نقلاً عن طبيعة المسؤولية االجتماعية العاني ص‪.282‬‬
‫((( المسؤولية االجتماعية للبنوك اإلسالمية ـ عبد الحميد عبد الفتاح المغربي‪ ،‬المعهد العالمي للفكر =‬

‫( ‪) 209‬‬
‫المنظمة‪ ،‬وإن كان األولى إيراد مسؤولية الفرد بالتوازي مع مسؤولية المنظمة‪.‬‬

‫ع��رف العان��ي بأنها‪( :‬مس��ؤولية الفرد والمجتمع النابعة من الش��ريعة اإلس�لامية‪،‬‬


‫‪ّ .3‬‬
‫كمصدر وكموجب للتكليف؛ لتحقيق منافع الدنيا وثواب اآلخرة)(((‪ ،‬من أشمل التعريفات‬
‫وأدقها؛ حيث ش��ملت المسؤولية الفرد والمجتمع وتم اإلش��ارة لمرجعية المسؤولية وهي‬
‫الشريعة واإلشارة لمكاسب الدنيا واآلخرة‪ ،‬واألولى استبدال التزام بمسؤولية من باب عدم‬
‫التعريف الشيء بنفسه‪ ،‬وأرى إضافة بعض القيود األخرى؛ ليكون جامعًا مانعًا‪.‬‬

‫فيك��ون التعريف ال��ذي أقترحه‪( :‬الت��زام الش��خصية الطبيعية‪ ،‬والش��خصية االعتبارية‬


‫بالخطاب الشرعي في إطار الواجبات والمندوبات بتحقيق المنافع الدنيوية للفرد والمجتمع‬
‫على سبيل التعاون والتكافل امتثالاً للخطاب الشرعي)‪.‬‬

‫وبهذا يتبين تفوق مفهوم المسؤولية االجتماعية في اإلسالم على مفهومها في الثقافات‬
‫األخ��رى‪ ،‬وذلك من حيث الهدف ومصدر التش��ريع‪ ،‬وموجبات التكليف‪ ،‬وش��كل العائد‬
‫المرجو من المسؤولية االجتماعية لدى الفكرين؛ إن هدف المسؤولية االجتماعية في الفكر‬
‫الغربي هو تحقيق المنافع المادية في اآلجل الطويل‪ ،‬بينما تهدف في الفكر اإلس�لامي إلى‬
‫تحقيق منافع الدارين (الدنيا واآلخرة)‪ ،‬كذلك يالحظ اختالف مصدر التش��ريع للمسؤولية‬
‫االجتماعية‪ ،‬ففي الوقت الذي يكون فيه التش��ريع الحكوم��ي‪ ،‬أو فكرة المصالح المتبادلة‪،‬‬
‫هي المصدر في الفكر الغربي‪ ،‬نجد أن المصدر في الفكر اإلسالمي هو الشريعة السمحاء‪،‬‬
‫وفي الوقت الذي تكون فيه الظروف البيئية واالجتماعية مس��ببة لقيام المؤسسات المختلفة‬
‫بمس��ؤولياتها االجتماعي��ة في الفكر الغربي‪ ،‬نجد أن الش��ريعة اإلس�لامية ذاته��ا‪ ،‬هي التي‬
‫تحكم المؤسس��ات للقيام بواجباتها تجاه العاملين فيها‪ ،‬والمجتمع الذي تعمل فيه‪ ،‬وحيث‬
‫إن النتائ��ج المرجوة للمس��ؤولية االجتماعية في الفكر الغربي تح��دد في ضوء معايير الربح‬

‫= اإلس�لامي‪ ،‬دراس��ات في االقتص��اد اإلس�لامي (‪ ،)28‬القاه��رة‪1996 ،‬م‪ ،‬ص‪ 13‬نق�ًل�اً عن طبيعة‬


‫المسؤولية االجتماعية العاني‪ ،‬ص‪.283‬‬
‫((( طبيعة المسؤولية االجتماعية ـ العاني‪ ،‬ص‪.282‬‬

‫( ‪) 210‬‬
‫أو الخس��ارة التي تعود على المؤسس��ة‪ ،‬في الوق��ت الذي تبتغي فيه في الفكر اإلس�لامي‪،‬‬
‫منفع��ة الدنيا والث��واب في اآلخرة‪ ،‬ويمكن تلخيص مجمل االخت�لاف بوجود بعد أخروي‬
‫للمس��ؤولية االجتماعية في الفكر اإلسالمي مصدره الش��ريعة اإلسالمية‪ ،‬بينما ال نجد هذا‬
‫البعد في الفكر الغربي(((‪.‬‬
‫مواطن اختالف املسؤويلة االجتماعية ما بني الفكر الغريب واإلساليم(((‬

‫الفكر اإلسالمي‬ ‫الفكر الغربي‬ ‫البيان‬

‫تحقيق كافة المنافع في الدنيا واآلخرة‬ ‫تحقيق المنافع المادية في اآلجل الطويل‬ ‫الهدف‬

‫الش��ريعة اإلس�لامية ومب��ادئ االقتص��اد‬ ‫التشريع الحكومي وفكرة المصالح المتبادلة‬ ‫مصدر التشريع‬
‫اإلسالمي‬

‫الش��ريعة اإلس�لامية ومب��ادئ االقتص��اد‬ ‫ظروف بيئية واجتماعية‬ ‫موجبات‬


‫اإلسالمي‬ ‫التكليف‬

‫قواعد االقتصاد اإلس�لامي ومبادئه القائمة‬ ‫مب��ادئ وضعي��ة (اإلنس��انية‪ ،‬الوصاي��ة أو النظ��ارة‪ ،‬أراء‬ ‫دوافع االلتزام‬
‫على الشريعة اإلسالمية‬ ‫المصلحين)‬

‫المنفعة الدنيوية والثواب في اآلخرة‬ ‫الربح أو الخسارة‬ ‫العائد‬

‫المس��اهمون‪ ،‬العامل��ون‪ ،‬المتعامل��ون‪،‬‬ ‫المساهمون‪ ،‬العاملون‪ ،‬المتعاملون‪ ،‬المجتمع المتواجد‬ ‫مجال التطبيق‬
‫المجتمع المتواجد فيه‬ ‫فيه‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( طبيعة المسؤولية االجتماعية ـ العاني‪ ،‬ص‪.282‬‬


‫((( طبيعة المسؤولية االجتماعية ـ العاني‪ ،‬ص‪ ،283‬عمل الباحث باالعتماد على‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد المغربي‪ ،‬المسؤولية االجتماعية للبنوك اإلسالمية‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،21‬جدول‬
‫(‪.)1‬‬
‫‪ -‬محمد صالح علي عياش‪ ،‬المس��ؤولية االجتماعية للمصارف اإلس�لامية‪ ،‬طبيعتها وأهميتها‪ ،‬معهد‬
‫البحوث والتدريب‪ ،‬البنك اإلسالمي للتنمية‪ ،‬جدة‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪ 94‬ـ ‪.101‬‬

‫( ‪) 211‬‬
‫املطلب الرابع‬
‫تعريف املسؤولية االجتماعية للمصارف اإلسالمية‬
‫انطلق��ت المصارف اإلس�لامية في العالم اإلس�لامي بهدف تقدمات بديل إس�لامي‬
‫متوافق مع الشريعة اإلسالمية عن المؤسسات الربوية التي تعتمد اإلقراض الربوي‪ ،‬وبدأت‬
‫المؤسس��ات المالية اإلس�لامية في تطوير منتجاتها وخدماتها المتوافقة مع الشريعة بحيث‬
‫أصبحت حاضرة وبقوة في األس��واق المالية محليً��ا وعالميًا‪ ،‬ومع حضورها وتقدمها تزداد‬
‫مسؤولياتها االجتماعية بحيث أصبح لها رسالة مجتمعية يتطلع لها المساهمون والمستثمرون‬
‫والعمالء والحريصون على التعامالت الشرعية‪ ،‬ومن هنا كان ال بد من التعرف على مفهوم‬
‫المسؤولية االجتماعية في المصارف اإلسالمية ومن أهمها‪:‬‬

‫‪ )1‬يرى المغربي بأن المسؤولية االجتماعية للبنوك اإلسالمية‪( :‬التزام البنك اإلسالمي‬
‫بالمش��اركة في بعض األنش��طة والبرامج واألفكار االجتماعية لتلبية المتطلبات االجتماعية‬
‫لألطراف المرتبطة به‪ ،‬والمتأثرة بنش��اطه‪ ،‬سواء بداخله أو خارجه‪ ،‬بهدف رضا اهلل والعمل‬
‫على تحقي��ق التقدم والوعي االجتماعي لألفراد‪ ،‬بمراعاة التوازن وعدالة االهتمام بمصالح‬
‫مختلف الفئات)(((‪.‬‬

‫‪ )2‬ي��رى عياش أن المس��ؤولية االجتماعية للبنوك اإلس�لامية‪ ،‬ه��ي‪( :‬التزام تعبدي‬


‫أخالقي يقوم على أثره القائمون على إدارة المصارف اإلس�لامية بالمس��اهمة في تكوين‬
‫وتحسين وحماية رفاهية المجتمع ككل‪ ،‬ورعاية المصالح واألهداف االجتماعية ألفراده‬
‫عب��ر صياغ��ة اإلجراءات‪ ،‬وتفعي��ل الطرق واألس��اليب الموصلة لذل��ك‪ ،‬بهدف رضا اهلل‬
‫س��بحانه وتعالى‪ ،‬والمس��اهمة في إيجاد التكافل والتعاون والتق��دم والوعي االجتماعي‪،‬‬

‫((( المس��ؤولية االجتماعية للبنوك اإلسالمية ـ المغربي‪ ،‬ص‪ ،16‬نقلاً عن طبيعة المسؤولية االجتماعية ـ‬
‫العاني‪ ،‬ص‪.283‬‬

‫( ‪) 212‬‬
‫وفي تحقيق التنمية الشاملة)(((‪.‬‬

‫وأرى أن المسؤولية االجتماعية للمصارف اإلسالمية‪ ،‬تعني‪( :‬التزام المصرف اإلسالمي‬


‫بالمشاركة في تحمل أعباء ومتطلبات العمل االجتماعي التكافلي لمختلف أطياف المجتمع‪،‬‬
‫وخاص��ة ذوي االحتياجات المادية‪ ،‬وبما يش��مل تحمل المتطلبات االجتماعية للعاملين في‬
‫المصرف‪ ،‬وبما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للفقراء‪ ،‬ولذوي الدخل المحدود‪ ،‬وذلك‬
‫على سبيل االمتثال للخطاب الشرعي وجوبًا أو تطوعًا)‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( المس��ؤولية االجتماعية للمصارف اإلس�لامية‪ ،‬طبيعتها وأهميتها‪ ،‬محم��د صالح علي عياش‪ ،‬معهد‬
‫البح��وث والتدري��ب‪ ،‬البن��ك اإلس�لامي للتنمي��ة‪ ،‬ج��دة‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪ 94‬ـ ‪ ،101‬نق�ًل�اً عن طبيعة‬
‫المسؤولية االجتماعية ـ العاني‪ ،‬ص‪.284 ،283‬‬

‫( ‪) 213‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫عناية القرآن الكريم والسنة النبوية‬
‫بتعزيز املسؤولية االجتماعية‬
‫يرتبط استقرار المجتمع وازدهاره وتطوره ونهضته بمدى تماسكه وتالحمه وتراحمه‬
‫بما يجعله قويًا وآمنًا ومهابًا بين األمم والش��عوب‪ ،‬ومن مقومات هذا التماسك واالستقرار‬
‫تحقيق التكافل االجتماعي من خالل االلتزام بالتدابير والتش��ريعات اإلسالمية التي تكفل‬
‫إعانة المحتاجين‪ ،‬والقضاء على البطال��ة‪ ،‬ومحاربة الفقر‪ ،‬وكفاية الفقراء واأليتام والفئات‬
‫المهمش��ة في المجتمع من خالل إلزام الدولة ومؤسس��اتها ومنظماتها الرس��مية واألهلية‬
‫باالضطالع بواجباتهم الشرعية والقانونية واألخالقية من جمع الزكاة وتوزيعها للمستحقين‪،‬‬
‫وإنش��اء صناديق للتبرعات لصالح هذه الفئات‪ ،‬ودعم المشاريع التنموية التي تمنع البطالة‬
‫وتحد من الفقر‪ ،‬وتشجيع المواطنين على البذل واإلنفاق في الصدقات الجارية واألوقاف‬
‫والوصايا‪ ،‬ولهذا وجدنا اإلس�لام يعتني عناية خاصة وممي��زة بحث المكلفين على تحمل‬
‫المسؤوليات االجتماعية في القرآن الكريم والسنة المطهرة‪ ،‬ومن أهم خصائص المسؤولية‬
‫االجتماعية في اإلسالم اس��تنادها للعقيدة اإلسالمية [وال يتصور في الحقيقة إنسان مسلم‬
‫متزن الفهم معتدل ال ُ‬
‫خلق يحمل في نفس��ه الحقد والغل والحس��د ألخيه في العقيدة‪ ،‬حتى‬
‫مقص��را أو مذنبًا‪ ،...‬كما ال يتصور أن يظلم مس��لم مس��ل ًما أو يقصر في‬
‫ً‬ ‫إن كان ه��ذا األخ‬
‫حقه أو يدخل الشقاء عليه‪ ،‬ثم يبيت سعيدًا غير مؤرق‪ ،‬وغير مضطرب؛ بسبب جنايته على‬
‫أخي��ه في العقي��دة أو الدين أو في اإلنس��انية‪ ،‬فالذين يأكلون أموال اليتام��ى ظل ًما‪ ،‬والذين‬
‫يسيئون إلى الجار أو القريب أو الزوجة أو البنت والذين يكذبون في المبايعات‪ ،‬ويخدعون‬
‫ويغشون في المعامالت‪ ،‬والذين يبيتون شباعًا وجيرانهم جياع‪ ،‬ويمرضون من كثرة الترف‬
‫وهم يعلمون بمرضى من قلة ما يجدون‪ ،...‬هؤالء حين تقرأ جزاءهم في الكتاب والس��نة‬
‫( ‪) 214‬‬
‫تجده��م مرفوضين من ديون اإلس�لام محك��وم عليهم بالهوان والع��ذاب إال أن يتوب اهلل‬
‫عليهم‪.(((]...‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( السلوك االجتماعي في اإلسالم ـ حسن أيوب‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫( ‪) 215‬‬
‫املطلب األول‬
‫عناية القرآن الكريم بتعزيز املسؤولية االجتماعية‬
‫ح��ا في وج��وب تحم��ل المس��ؤولية المجتمعية‪ ،‬ومن‬
‫ج��اء الخطاب الش��رعي صري ً‬
‫توجيهات القرآن الكريم في ذلك‪:‬‬

‫‪ .1‬األمر بالتعاون على البر ﴿ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ﴾(((‪،‬‬


‫والبر اسم جامع للخير(((‪ ،‬وشامل لكل ما أمر به اهلل ورسوله من الشعائر والعبادة واألخالق‬
‫والتكافل االجتماعي وخير تفسير للبر ما جاء في سورة البقرة ﴿ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬
‫ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ‬
‫ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ‬
‫ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾((( ؛ حيث ذكر إيتاء المال‪ ،‬وهو أوس��ع من فريضة الزكاة‪،‬‬
‫وهذا يش��مل أهم أبواب المس��ؤولية المجتمعية فيما يتعلق بنفقات األقارب‪ ،‬وكفالة األيتام‬
‫وس��د حاجة المساكين والسائلين‪ ،‬وذكرت اآلية ً‬
‫أيضا فريضة الزكاة‪ ،‬وهي تمثل واجبًا ماليًّا‬
‫إلزاميًّا من أهم مصارفه الفقراء والمساكين‪ ،‬وهذا أوضح معاني المسؤولية المجتمعية‪.‬‬

‫‪ .2‬ق��ال تعال��ى‪﴿ :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾(((‪ ،‬الح��ث على التط��وع‪ ،‬والتبرع بجزء‬


‫م��ن األرباح‪ ،‬والهبات والصدقات العامة والتبرع بالتقنيات الالزمة لمش��اريع مستش��فيات‬
‫ومدارس يدخل معظمه في باب التطوع‪.‬‬

‫سورة المائدة‪ :‬آية ‪.2‬‬ ‫(((‬


‫تفسير القرطبي‪.)238/2( ،‬‬ ‫(((‬
‫سورة البقرة‪ :‬آية ‪.177‬‬ ‫(((‬
‫سورة البقرة‪ :‬آية ‪.184‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 216‬‬
‫‪ .3‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾(((‪ ،‬وفي اآلية بيان لوجود حق في مال‬
‫األغنياء لصالح الفقراء‪ ،‬وهذا من أهم مظاهر المسؤولية المجتمعية‪.‬‬

‫‪ .4‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬


‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾(((؛ فالنفقة جاءت مطلقة تش��مل القريب والبعيد‪ ،‬والقليل‬
‫والكثي��ر‪ ،‬ب��ل بلغ بهم اإليمان مبل ًغا أنهم يبذلون المال ف��ي كل أحوالهم‪ ،‬وهذا يعكس أهم‬
‫دافع يميز المسؤولية المجتمعية في اإلسالم وهو اإليمان‪.‬‬

‫‪ .5‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬


‫«ف��أي رب��اط أقوى من هذا الرباط بين العقيدة الس��ليمة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ﴾(((‪،‬‬
‫والواجبات االجتماعية المشروعة‪ ،‬وفي أي مذهب من مذاهب التشريعات األرضية ُجعلت‬
‫أساس��ا يبنى عليه‬
‫ً‬ ‫الرحم��ة االجتماعية‪ ،‬والتعاون اإلنس��اني‪ ،‬والح��رص على نفع اآلخرين‬
‫تقويم اإلنسان وجزاؤه؟‪.(((»...‬‬

‫‪ .6‬قال تعالى‪﴿ :‬ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ ﰤ﴾(((‪،‬‬


‫وفي اآلية بيان جواب من دخل جهنم أن ما أوردهم المهالك س��ببان أساسيان‪ ،‬هما‪ :‬تضييع‬
‫حق اهلل (الصالة) وتضييع حق المجتمع (المسكين)‪ ،‬وهذا يظهر كم للمسؤولية المجتمعية‬
‫من مكانة عظيمة في الفكر اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ .7‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁﰂ ﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ‬


‫ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ﴾(((‪« ،‬ألس��ت ترى معي في نظم هذه‬

‫سورة الذاريات‪ ،‬آية ‪.19‬‬ ‫(((‬


‫سورة آل عمران‪ ،‬آية ‪.134‬‬ ‫(((‬
‫سورة الماعون‪ ،‬اآليات ‪.3-1‬‬ ‫(((‬
‫السلوك االجتماعي في اإلسالم ـ حسن أيوب‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫(((‬
‫سورة المدثر‪ ،‬اآليات ‪.44-42‬‬ ‫(((‬
‫سورة الحاقة‪ :‬اآليات ‪ 30‬ـ ‪.34‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 217‬‬
‫اآليات وسياقها ما يوقفك لترى روعة القرآن الكريم‪ ،‬وهو يرفع من شأن الوجبات االجتماعية‪،‬‬
‫ويجعل رتبتها تلي رتبة اإليمان‪ ،‬كما يجعل عدم اإليمان مصدر الشقاء للمجتمع اإلنسان؟»(((‪.‬‬

‫‪ .8‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬


‫ﮘ ﮙﮚﮛ ﮜﮝﮞﮟﮠ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮨﮩ‬
‫ﮪﮫﮬﮭ ﮮﮯﮰﮱﯓ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ‬
‫ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯭﯮﯯﯰﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ﴾((( «ويالحظ أن المذكور في اآليات س��وى‬
‫التصديق بيوم الدين والصالة‪ ...‬إنما هو واجبات اجتماعية‪ ،‬وأخالق تربط المسلم بغيره على‬
‫صورة فيها التضحية من أجل هذا الغير وااللتزام معه بأداء حقوقه واالهتمام بها»(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( السلوك االجتماعي في اإلسالم ـ حسن أيوب‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫((( سورة المعارج‪ :‬اآليات ‪ 22‬ـ ‪. 35‬‬
‫((( السلوك االجتماعي في اإلسالم ـ حسن أيوب‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫( ‪) 218‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫عناية السنة النبوية بتعزيز املسؤولية االجتماعية‬
‫من تتبع السنة النبوية بأقوالها وأفعالها وتقريراتها ظهر له بجالء حرص النبي ﷺ على‬
‫إرساء مبادئ التكافل والتراحم والمسؤولية المجتمعية فهي عند المسلمين عبادة وقربة قبل‬
‫أن تكون مجرد مواساة اجتماعية‪ ،‬وهناك مئات النصوص في السنة تدعو لمبادئ المسؤولية‬
‫المجتمعية فردية كانت أو عائلية أو جماعية‪ ،‬ومن هذه النصوص‪:‬‬
‫الر ِح َم‪،‬‬ ‫يك اهللُ أَبَ��دًا‪ ،‬إِن َّ َ‬
‫ك لَت َِص ُل َّ‬ ‫خ ِز َ‬ ‫جةُ رضي اهلل عنه��ا‪( :‬كَلاَّ َواهللِ مَا يُ ْ‬ ‫��ت َخ ِدي َ‬‫‪ )1‬قَال َ ْ‬
‫حقِّ)(((‪ ،‬فمساعدة‬ ‫ب ال َ‬ ‫ف‪َ ،‬وت ُ ِعي ُن عَلَى ن َ َوائِ ِ‬ ‫ح ِم ُل ال َك َّل‪َ ،‬وت َ ْك ِس ُ‬
‫��ب ال َم ْعدُو َم‪َ ،‬وت َ ْق ِري َّ‬
‫الضيْ َ‬ ‫َوت َ ْ‬
‫المعدوم‪ ،‬وإكرام الضيف‪ ،‬وإعانة المثقلين بالمصائب والمتاعب من أهم صور المس��ؤولية‬
‫المجتمعية‪ ،‬والنبي ﷺ قدوة ألمته‪ ،‬سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات‪.‬‬
‫وس��ى‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل النَّبِ ُّي ﷺ‪« :‬إِ َّن األ َ ْش�� َع ِريِّي َن إِذَا أ َ ْرمَلُ��وا فِي ال َغ ْز ِو‪ ،‬أ َ ْو ق َ َّل‬ ‫‪َ )2‬ع ْن أَبِي مُ َ‬
‫اح ٍد‬ ‫َطعَا ُم ِعيَال ِ ِه ْم بِال ْ َم ِدين َ ِة َج َمعُوا َما َكا َن ِعن ْ َد ُه ْم فِي ث َ ْو ٍب َو ِ‬
‫اح ٍد‪ ،‬ث ُ َّم اقْت ََس ُموهُ بَيْن َ ُه ْم فِي إِنَا ٍء َو ِ‬
‫الس ِويَّ ِة‪ ،‬ف َ ُه ْم ِمنِّي َوأَنَا ِمن ْ ُه ْم»(((‪.‬‬
‫بِ َّ‬
‫��س َع ْن مُ ْؤ ِم ٍن ُك ْربَ��ةً ِم ْن ُك َر ِب‬ ‫َ‬
‫‪ )3‬عَ�� ْن أبِ��ي ه َُريْ َرةَ‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُس��و ُل اهللِ ﷺ‪« :‬م ْن ن َ َّف َ‬
‫س اهللُ َعنْهُ ُك ْربَةً ِم ْن ُك َر ِب يَ ْو ِم ال ْ ِقيَامَ ِة‪َ ،‬ومَ ْن يَ َّس َر عَلَى مُع ِْس ٍر‪ ،‬يَ َّس َر اهللُ عَلَيْ ِه فِي ال ُّدنْيَا‬
‫ال ُّدنْيَا‪ ،‬ن َ َّف َ‬
‫َوالآْ ِخ َر ِة‪َ ،‬ومَ ْن َس��ت ََر مُ ْس�� ِل ًما‪َ ،‬س��ت ََرهُ اهللُ فِي ال ُّدنْيَا َوالآْ ِخ َر ِة‪َ ،‬واهللُ فِي َع ْو ِن ال ْ َعبْ ِد مَا َكا َن ال ْ َعبْ ُد‬
‫فِي َع ْو ِن أ َ ِخي ِه‪.(((»...‬‬

‫ول ِاهلل ﷺ؟‬ ‫ف َكا َن ب َ ْدءُ ال َو ْح ِي إلى َر ُس ِ‬ ‫((( صحيح البخاري (‪ ،3 )7/1‬كتاب الوحي ـ باب َكيْ َ‬
‫وض‪ ،‬صحيح‬ ‫َام َوالن ِّ ْه ِد َوالع ُُر ِ‬‫الش ِر َك ِة فِي ال َّطع ِ‬‫اب َّ‬ ‫((( صحيح البخاري (‪ ،2486 )138/3‬كتاب الشركة ـ ب َ ُ‬
‫َ‬
‫ضائِ ِل الأْ ْش َع ِريِّي َن‬ ‫الص َحاب َ ِة َر ِض َي اهللُ تَعَالَى َعن ْ ُه ْم ـ ب َ ُ‬
‫اب ِم ْن ف َ َ‬ ‫ضائِ ِل َّ‬ ‫مسلم (‪ ،)2500( )1944/4‬كتاب ف َ َ‬
‫َر ِض َي اهللُ َعن ْ ُه ْم‪.‬‬
‫اع عَلَى تِلاَ َو ِة‬ ‫ض ِل الاِ ْجتِ َم ِ‬ ‫((( صحيح مسلم (‪ ،)2074/4‬كتاب ال ِّذ ْك ِر َوال ُّدعَا ِء َوالتَّ ْوب َ ِة َوالاِ ْستِ ْغ َفا ِر ـ ب َ ُ‬
‫اب ف َ ْ‬
‫آن َوعَلَى ال ِّذ ْك ِر رقم (‪.)2699‬‬ ‫ال ْ ُق ْر ِ‬

‫( ‪) 219‬‬
‫ْضهُ بَع ً‬
‫ْضا»‬ ‫ان يَ ُش ُّد بَع ُ‬ ‫‪َ )4‬ع ْن أَبِي مُ َ‬
‫وسى‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ قَا َل‪« :‬إِ َّن ال ُم ْؤ ِم َن لِلْ ُم ْؤ ِم ِن َكالْبُنْيَ ِ‬
‫صابِ َعهُ(((‪.‬‬ ‫ك أَ َ‬
‫َو َشبَّ َ‬

‫ب لأِ َ ِخي ِه مَا‬


‫س َر ِض َي اهللُ َعنْهُ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ قَا َل‪« :‬الَ يُ ْؤ ِم ُن أ َ َح ُد ُك ْم‪َ ،‬حتَّى يُ ِح َّ‬
‫‪َ )5‬ع ْن أَن َ ٍ‬
‫ب لِن َ ْف ِس ِه»(((‪.‬‬
‫يُ ِح ُّ‬
‫‪ )6‬عن الن ُّ ْع َما َن ب ْ َن ب َ ِشي ٍر‪ ،‬أن َر ُسو ُل اهللِ ﷺ قال‪« :‬ت َ َرى ال ُم ْؤ ِمنِي َن فِي ت َ َرا ُح ِم ِه ْم َوت َ َوادِّ ِه ْم‬
‫ح َّمى»(((‪.‬‬ ‫ُض ًوا تَدَاعَى لَهُ َسائِ ُر َج َس ِد ِه بِ َّ‬
‫الس َه ِر َوال ُ‬ ‫ج َس ِد‪ ،‬إِذَا ْ‬
‫اشتَ َكى ع ْ‬ ‫َوتَعَا ُط ِف ِه ْم‪َ ،‬ك َمثَ ِل ال َ‬
‫«السا ِعي عَلَى األ َ ْر َملَ ِة َوال ِم ْس ِكي ِن‬
‫ص ْف َوا َن ب ْ ِن ُس��لَيْ ٍم‪ ،‬يَ ْرف َ ُع ُه إلى النَّبِ ِّي ﷺ قَا َل‪َّ :‬‬ ‫‪َ )7‬ع ْن َ‬
‫يل اهللِ‪ ،‬أ َ ْو َكال َّ ِذي يَ ُ‬
‫صومُ الن َّ َها َر َويَ ُقومُ اللَّيْ َل»(((‪.‬‬ ‫َكال ْ ُم َ‬
‫جا ِه ِد فِي َسبِ ِ‬
‫‪ )8‬عن َس�� ْه َل ب ْ َن َس�� ْع ٍد‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ قَا َل‪« :‬أَنَا َو َكافِ ُل اليَتِي ِم فِ��ي ال َ‬
‫جن َّ ِة َه َك َذا»‪َ ،‬وقَا َل‬
‫السبَّاب َ ِة َوال ُو ْس َطى(((‪.‬‬
‫ِصبَ َعيْ ِه َّ‬
‫بِإ ْ‬
‫اب‪ ،‬أ َ َّن َر ُجلاً َجاءَ إلى النَّبِ ِّي ﷺ ف َ َسأَلَهُ أ َ ْن يُ ْع ِطيَهُ‪ ،‬ف َ َقا َل النَّبِ ُّي ﷺ‪:‬‬ ‫خ َّط ِ‬ ‫‪َ )9‬ع ْن ُع َم َر ب ْ ِن ال ْ َ‬
‫هلل‪ ،‬ق َ ْد‬
‫ضيْتُ ُه» ف َ َقا َل ُع َم ُر‪ :‬يَا َر ُس��و َل ا ِ‬ ‫��يءٌ‪َ ،‬ول َ ِك ِن ابْتَ ْع عَلَ َّي‪ ،‬ف َ ِإذَا َجاءَنِي َش ْ‬
‫��يءٌ ق َ َ‬ ‫« َما ِعن ْ ِدي َش ْ‬
‫صا ِر‪ :‬يَا‬ ‫ك اهللُ مَا لاَ ت َ ْق ِد ُر عَلَيْ ِه‪ ،‬ف َ َك ِرهَ النَّبِ ُّي ﷺ ق َ ْو َل ُع َم َر‪ ،‬ف َ َقا َل َر ُج ٌل ِم َن الأْ َن ْ َ‬ ‫أ َ ْع َطيْتُهُ ف َ َّما َكلَّ َف َ‬
‫ش إِقْلاَلاً ‪ ،‬فَتَبَ َّس َم َر ُسو ُل اهللِ ﷺ‪َ ،‬وع ََرفَ فِي َو ْج ِه ِه‬ ‫ف ِم ْن ِذي الْع َْر ِ‬ ‫خ ْ‬‫َر ُس��و َل اهللِ‪ ،‬أَن ْ ِف ْق َولاَ ت َ َ‬
‫ت»(((‪.‬‬ ‫ي‪ ،‬ث ُ َّم قَا َل‪« :‬بِ َه َذا أ ُ ِم ْر ُ‬ ‫صا ِر ِّ‬ ‫الْبِ ْش َر ل ِ َق ْو ِل الأْ َن ْ َ‬

‫��ع فِي ال َم ْس��جِ ِد َو َغيْ ِر ِه‪،‬‬ ‫صابِ ِ‬ ‫يك َاأل َ‬ ‫اب ت َ ْش��بِ ِ‬ ‫صحي��ح البخ��اري (‪ ،481 )103/1‬كت��اب الصالة ـ ب َ ُ‬ ‫(((‬
‫اب ت َ َرا ُح ِم ال ْ ُم ْؤ ِمنِي َن َوتَعَا ُط ِف ِه ْم‬ ‫صحيح مس��لم (‪ ،)2585( )1999/4‬كتاب البر والصلة واآلداب ـ ب َ ُ‬
‫َاض ِد ِه ْم‪.‬‬‫َوتَع ُ‬
‫ب لِن َ ْف ِس�� ِه‪،‬‬‫ب َلأِ ِخي ِه مَا يُ ِح ُّ‬ ‫ان أ َ ْن يُ ِح َّ‬‫اب‪ِ :‬م َن ِاإلي َم ِ‬ ‫صحي��ح البخ��اري (‪ ،13 )12/1‬كتاب اإليمان ـ ب َ ٌ‬ ‫(((‬
‫ان أ ْنَ‬‫ال الإْ ِي َم ِ‬‫ص ِ‬ ‫َ‬
‫يل عَلَى أ َّن ِم ْن ِخ َ‬ ‫اب ال َّدل ِ ِ‬
‫واللفظ له‪ ،‬صحيح مسلم (‪ ،)45( )68/1‬كتاب اإليمان ـ ب َ ُ‬
‫خيْ ِر‪.‬‬ ‫ب لأِ َ ِخي ِه ال ْ ُم ْس ِل ِم مَا يُ ِح ُّ‬
‫ب لِن َ ْف ِس ِه ِم َن ال ْ َ‬ ‫يُ ِح َّ‬
‫اس َوالبَ َهائِ ِم‪.‬‬ ‫اب َر ْح َم ِة الن َّ ِ‬ ‫صحيح البخاري (‪ ،6011 )10/8‬كتاب األدب ـ ب َ ُ‬ ‫(((‬
‫السا ِعي عَلَى َاأل ْرمَلَ ِة‪.‬‬ ‫اب َّ‬ ‫صحيح البخاري (‪ ،6006 )9/8‬كتاب األدب ـ ب َ ُ‬ ‫(((‬
‫ض ِل َم ْن يَعُو ُل يَتِي ًما‪.‬‬ ‫اب ف َ ْ‬
‫صحيح البخاري (‪ ،6005 )9/8‬كتاب األدب ـ ب َ ُ‬ ‫(((‬
‫ول ِاهلل‪.‬‬ ‫اب مَا َجاءَ فِي ُخلُ ِق َر ُس ِ‬ ‫الشمائل المحمدية للترمذي ط المكتبة التجارية‪( ،‬ص‪ 356 )294 :‬ـ ب َ ُ‬ ‫(((‬

‫( ‪) 220‬‬
‫ْت َر ُس��و َل اهللِ ﷺ يَ ُقو ُل‪ُ « :‬كلُّ ُك ْم َر ٍاع‪َ ،‬و ُكلُّ ُك ْم‬ ‫‪ )10‬عن َعبْ َد اهللِ ب ْ َن ُع َم َر‪ ،‬يَ ُقو ُل‪َ :‬س�� ِمع ُ‬
‫الر ُج ُل َر ٍاع فِي أ َ ْه ِل ِه َو ُه َو َم ْس��ئُو ٌل َع ْن‬ ‫إل َما ُم َر ٍاع َو َم ْس��ئُو ٌل َع ْن َر ِعيَّتِ ِه‪َ ،‬و َّ‬
‫َم ْس��ئُو ٌل َع ْن َر ِعيَّتِ ِه‪ ،‬ا ِ‬
‫ال َس��يِّ ِد ِه‬
‫خا ِد ُم َر ٍاع فِي َم ِ‬ ‫ت َز ْوجِ َها َو َم ْس��ئُولَةٌ عَ�� ْن َر ِعيَّتِ َها‪َ ،‬وال َ‬ ‫��رأَةُ َرا ِعيَةٌ فِي بَيْ ِ‬
‫َر ِعيَّتِ�� ِه‪َ ،‬وال َم ْ‬
‫ال أَبِي ِه َومَ ْس��ئُو ٌل َع ْن‬ ‫الر ُج ُل َر ٍاع فِي مَ ِ‬ ‫َومَ ْس��ئُو ٌل َع ْن َر ِعيَّتِ ِه» قَا َل‪ :‬ـ َو َح ِس��بْ ُ َ‬
‫ت أ ْن ق َ ْد قَا َل ـ « َو َّ‬
‫َر ِعيَّتِ ِه‪َ ،‬و ُكلُّ ُك ْم َر ٍاع َومَ ْسئُو ٌل َع ْن َر ِعيَّتِ ِه»(((‪.‬‬

‫م��ن خالل عرض هذه الروايات التي جاء بعضها في أعمال وقربات اجتماعية خاصة‪،‬‬
‫وبعضه��ا جاء عا ًما ن��درك أهمية التكافل االجتماع��ي‪ ،‬وأنها تمثل أصلاً ش��رعيًا يتنوع بين‬
‫الواج��ب والمندوب‪ ،‬وأقل حاالته المندوب‪ ،‬وأنها تمثل أصلاً أخالقيًا به يس��عد المجتمع‬
‫وبدونه يشقى‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ج ُمعَ�� ِة فِي ال ُق َرى َوال ُمد ُِن‪ ،‬صحيح مس��لم‬ ‫اب ال ُ‬‫((( صحي��ح البخ��اري (‪ ،893 )5/2‬كت��اب الجمعة ـ ب َ ُ‬
‫ث عَلَى ِّ‬
‫الرف ْ ِق‬ ‫جائِ ِر‪َ ،‬وال ْ َ‬
‫ح ِّ‬ ‫ام الْعَا ِد ِل‪َ ،‬و ُع ُقوب َ ِة ال ْ َ‬
‫اب ف َ ِضيلَ ِة الإْ ِ َم ِ‬
‫(‪ ،)1829( )1459/3‬كتاب اإلمارة ـ ب َ ُ‬
‫ال ال ْ َم َش َّق ِة عَلَيْ ِه ْم‪.‬‬
‫الر ِعيَّ ِة‪َ ،‬والن َّ ْه ِي َع ْن إِدْ َخ ِ‬
‫بِ َّ‬

‫( ‪) 221‬‬
‫املبحث الثالث‬
‫درجات املسؤولية االجتماعية يف اإلسالم وجماالتها‬
‫تنوعت التشريعات اإلسالمية في حث المسلمين على تحمل أعباء المسؤولية االجتماعية؛‬
‫فمنه��ا ما جاء على س��بيل اإللزام الش��رعي بحيث يأثم المس��لمون القادرون عل��ى تنفيذ هذه‬
‫المسؤولية بتركها‪ ،‬ويثابوا ويمدحوا إن قاموا بها‪ ،‬ومنها ما جاء على سبيل الندب واالستحباب‬
‫الش��رعي بحيث يكافئ المبادرون لها عند اهلل تعالى‪ ،‬ويمكن تصنيف درجات المس��ؤولية من‬
‫حيث اإللزام والتطوع ومن حيث المطالب بها إلى الدرجات والمستويات اآلتية‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 222‬‬
‫املطلب األول‬
‫املسؤولية االجتماعية اإللزامية‬
‫ويقصد بها‪ :‬وجوب التكافل االجتماعي العام ورعاية ذوي الحاجات في المجتمع من‬
‫خالل تنفيذ تش��ريعات إس�لامية تكفل تحقيق التراحم والتكافل االجتماعي‪ ،‬مثل‪ :‬تحصيل‬
‫الزكاة؛ قال تعال��ى‪﴿ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ﴾(((‪.‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ‬
‫ﮌﮍﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ‬
‫(((‬
‫اس َر ِض َي اهلل َعن ْ ُه َما‪:‬‬ ‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ﴾ ‪ ،‬و َع ِن اب ْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫َث مُعَاذًا َر ِض َي اهللُ َعنْهُ إلى اليَ َم ِن‪ ،‬ف َ َقا َل‪« :‬ادْ ُع ُه ْم إلى َش َهادَ ِة أ َ ْن الَ إِلَهَ إِلاَّ اهللُ‪،‬‬ ‫أ َ َّن النَّبِ َّي ﷺ بَع َ‬
‫صلَ َو ٍ‬ ‫َ‬ ‫َوأَنِّي َر ُس��و ُل اهللِ‪ ،‬ف َ ِإ ْن ُه ْم أ َ َطاعُوا ل ِ َذل ِ َ َ‬
‫ات‬ ‫س َ‬ ‫ك‪ ،‬فَأ ْع ِل ْم ُه ْم أ َّن اهللَ قَ�� ِد افْت ََرضَ عَلَيْ ِه ْم َخ ْم َ‬
‫��ك‪ ،‬فَأ َ ْع ِل ْم ُه ْم أ َ َّن اهللَ افْت ََرضَ عَلَيْ ِه ْم َ‬
‫ص َدقَةً فِي أ َ ْم َوال ِ ِه ْم‬ ‫فِ��ي ُك ِّل يَ ْو ٍم َولَيْلَ ٍة‪ ،‬ف َ ِإ ْن ُه ْم أ َ َطاعُوا ل ِ َذل ِ َ‬
‫ت ُ ْؤ َخ ُذ ِم ْن أ َ ْغنِيَائِ ِه ْم َوت ُ َردُّ عَلَى ف ُ َق َرائِ ِه ْم»(((‪.‬‬
‫ومن هنا أجمعت األمة على أن الزكاة ركن من أركان اإلسالم‪ ،‬وفرض على كل مؤمن‬
‫إذا تحققت ش��روطها‪ ،‬وانتفت موانعه��ا‪ ،‬وأنه ال خالف في وجوبها على النس��اء كوجوبها‬
‫عل��ى الرجال‪ ،‬ولإلمام طلب الزكاة وأخذها ممن أقر بها‪ ،‬وأن من منعها وقاتل دونها قوتل‪،‬‬
‫ف��إن قتل فدمه هدر‪ ،‬وتؤخذ من مال��ه‪ ،‬ومنع الزكاة جحدًا لها ردة‪ ،‬واألمة مجمعة على قتال‬
‫مانعي الزكاة(((‪.‬‬

‫سورة التوبة‪ :‬آية ‪.103‬‬ ‫(((‬


‫سورة التوبة‪ :‬اآليات ‪.35-34‬‬ ‫(((‬
‫صحيح البخاري (‪ ،1395 )104/2‬كتاب الزكاة ـ باب وجوب الزكاة‪.‬‬ ‫(((‬
‫اإلقناع في مسائل اإلجماع ـ ابن القطان (‪ ،)193/1‬الفقه اإلسالمي وأدلته للزحيلي (‪.)1792/3‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 223‬‬
‫ومن المعلوم ش��رعًا وجود حقوق مالية واجبة عل��ى المكلف غير الزكاة منها وجوب‬
‫الكف��ارات‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالديات‪ ،‬وضمان المتلف��ات‪ ،‬والتعويض‪ ،‬ووجوب النفقة على‬
‫األق��ارب وصلة الرحم ف��ي جانبها المالي‪ ،‬وهناك حقوق مالية عام��ة يحتاج إليها المجتمع‬
‫في حال لم تكف الزكاة لعالج تبعات األعباء المجتمعية‪ ،‬أو نشبت حرب‪ ،‬أو نزلت كارثة‪،‬‬
‫ولم تف موارد الدولة في سد العجر والحاجة‪ ،‬فيجوز لها أن تفرض على المسلمين ضريبة‬
‫لسد ذلك العجر؛ قال ابن حزم‪َ « :‬وف ُ ِرضَ عَلَى الأْ َ ْغنِيَا ِء ِم ْن أَه ِْل ُك ِّل بَلَ ٍد أ َ ْن يَ ُقومُوا بِ ُف َق َرائِ ِه ْم‪،‬‬
‫ات بِ ِه ْم‪َ ،‬ولاَ فِي َس��ائِ ِر أَمْ َو ِ‬
‫ال ال ْ ُم ْس�� ِل ِمي َن‪،‬‬ ‫ك‪ ،‬إ ْن ل َ ْم ت َ ُق ْم ال َّز َك َو ُ‬‫الس��لْ َطا ُن عَلَى ذَل ِ َ‬‫جبِ ُرهُ�� ْم ُّ‬ ‫َويُ ْ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ف بِ ِمثْ ِل َذل ِ َ‬ ‫لش��تَا ِء َو َّ‬
‫الصيْ ِ‬ ‫وت ال َّ ِذي لاَ ب ُ َّد ِمنْهُ‪َ ،‬و ِم ْن اللِّبَ ِ‬
‫اس ل ِ ِّ‬ ‫فَيُ َقا ُم ل َ ُه ْم بِ َما يَأ ْ ُكلُو َن ِم ْن ال ْ ُق ِ‬
‫ون ال ْ َما َّر ِة»(((‪ ،‬وإلى هذا ذهب عدد‬
‫س‪َ ،‬و ُعيُ ِ‬ ‫ف َو َّ‬
‫الش�� ْم ِ‬ ‫َوبِ َم ْس�� َك ٍن يَ ُكن ُّ ُه ْم ِم ْن ال ْ َم َط ِر‪َ ،‬و َّ‬
‫الصيْ ِ‬
‫م��ن الصحابة والتابعين والفقهاء قدي ًم��ا وحديثًا‪ ،‬ومن أدلة وجوب حقوق أخرى غير الزكاة‬
‫في أموال المسلمين‪:‬‬

‫‪ )1‬قوله تعالى‪﴿ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬


‫ﭮ ﭯ ﭰ﴾(((‪ ،‬ق��ال القرطبي في بيانها‪[ :‬ق َ ْولُ��هُ تَعَالَى‪﴿ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾‬
‫ال َح ًّقا ِس�� َوى ال َّز َكا ِة َوبِ َها َك َم��ا ُل الْبِ ِّر‪َ ،‬وقِي َل‪ :‬ال ْ ُم َ‬
‫��رادُ ال َّز َكاةُ‬ ‫اس��تَ َد َّل بِ�� ِه َم ْن قَ��ا َل‪ :‬إِ َّن فِي ال ْ َم ِ‬
‫ْ‬
‫ت قَا َل َر ُسو ُل ِاهلل‬ ‫س قَال َ ْ‬
‫ت قَيْ ٍ‬ ‫وضةُ‪َ ،‬والأْ َ َّو ُل أ َ َ‬
‫ص ُّح؛ ل ِ َما َخ َّر َجهُ الدَّا َرق ُ ْطنِ ُّي((( َع ْن فَا ِط َمةَ بِن ْ ِ‬ ‫ال ْ َم ْف ُر َ‬
‫ال َح ًّقا ِس َوى ال َّز َكا ِة)‪ ،‬ث ُ َّم تَلاَ َه ِذ ِه الآْ يَةَ‪﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ﴾ إلى ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫ﷺ‪( :‬إن فِي ال ْ َم ِ‬
‫الآْ يَ ِة‪َ ،‬وأ َ ْخ َر َجهُ اب ْ ُن مَا َجهْ فِي ُسنَنِ ِه ‪َ ،‬والت ِّْر ِم ِذ ُّ‬
‫ي فِي َجا ِم ِع ِه‪َ ،‬وقَا َل‪َ « :‬ه َذا َح ِد ٌ‬ ‫(((‬
‫يث ليس إسناده‬
‫الش ْعبِ ِّي َه َذا‬
‫َّف‪َ ،‬و َر َوى بَيَا ُن َوإ ِْس�� َما ِعي ُل ب ْ ُن َسال ِ ٍم َع ِن َّ‬‫ضع ُ‬ ‫بذاك‪ ،‬وأبو حمزة مَيْ ُمو ٌن الأْ َ ْع َو ُر يُ َ‬
‫حتِ ِه َم ْعنَى‬ ‫ص َّ‬ ‫يث َوإِ ْن َكا َن فِي ِه َم َقا ٌل ف َ َق ْد دَ َّل عَلَى ِ‬
‫ح ِد ُ‬‫ت‪َ :‬وال ْ َ‬ ‫ص ُّح»(((‪ ،‬قُلْ ُ‬ ‫يث ق َ ْول َ ُه َو ُه َو أ َ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ِد َ‬

‫المحلى باآلثار ـ ابن حزم (‪.)281/4‬‬ ‫(((‬


‫سورة البقرة‪ :‬آية ‪.177‬‬ ‫(((‬
‫سنن الدارقطني (‪ ،1953 )499/2‬كتاب الزكاة ـ باب زكاة الحلي‪.‬‬ ‫(((‬
‫س بِ َكن ْ ٍز‪.‬‬ ‫اب َما أُد َ‬
‫ِّي َز َكات ُ ُه لَيْ َ‬ ‫سنن ابن ماجه (‪ ،1789 )570/1‬كتاب الزكاة ـ ب َ ُ‬ ‫(((‬
‫ال َح ًّقا ِس َوى ال َّز َكا ِة‪.‬‬ ‫اب مَا َجاءَ أ َ َّن فِي ال َم ِ‬ ‫سنن الترمذي (‪ ،660 )39/3‬أبواب الزكاة ـ ب َ ُ‬ ‫(((‬

‫( ‪) 224‬‬
‫َما فِي الآْ يَ ِة ن َ ْف ِس َها ِم ْن ق َ ْول ِ ِه تَعَالَى‪﴿ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ﴾ ف َ َذ َك َر ال َّز َكاةَ َم َع َّ‬
‫الصلاَ ِة‪،‬‬
‫َ‬
‫ك‬‫وضةَ‪ ،‬ف َ ِإ َّن ذَل ِ َ‬ ‫ك دَلِي ٌل عَلَى أ َّن ال ْ ُم َرادَ بِ َق ْول ِ ِه‪﴿ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾‪ ،‬لَيْ َ‬
‫س ال َّز َكاةَ ال ْ َم ْف ُر َ‬ ‫َوذَل ِ َ‬
‫َكا َن يَ ُكو ُن ت َ ْك َرا ًرا‪َ ،‬واهللُ أَعْلَ ُم](((‪.‬‬

‫‪ )2‬قول��ه تعالى‪﴿ :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾(((؛ ذهب ق��وم إلى أن العفو الزكاة‬


‫المفروضة‪ ،‬وذهب آخرون إلى أن العفو فيها ما س��مح ب��ه المعطي‪ ،‬وذهب بعضهم إلى أنه ما‬
‫فض��ل عن العي��ال‪ ،‬واآلية على الندب ال على الوج��وب مثل قوله‪﴿ :‬ﯵ ﯶ ﯷﯸ‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ﴾(((‪ ...‬اآلي��ة‪ ،‬وذه��ب بعضهم إلى أن��ه ما فضل على العي��ال واآلية على‬
‫الوجوب‪ ،‬وذهب قوم إلى أن ما في المال حق سوى الزكاة وأنه المراد باآلية(((‪.‬‬

‫‪ )3‬اتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة فإنه يجب صرف المال‬
‫إليها‪ ،‬قال مالك رحمه اهلل‪( :‬يجب على الناس فداء أسراهم وإن استغرق ذلك أموالهم)(((‪.‬‬

‫‪ )4‬قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬


‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾ ‪ ،‬فَأ َ ْو َج َ‬
‫(((‬
‫��ب تَعَالَى‬
‫ت الْيَ ِمي ُن مَ َع َح ِّق ِذي ال ْ ُق ْربَى َوافْت ََرضَ الإْ ِ ْح َسا َن إلى‬ ‫يل‪َ ،‬ومَا مَلَ َك ْ‬ ‫السبِ ِ‬‫َح َّق ال ْ َم َس��ا ِكي ِن‪َ ،‬واب ْ ِن َّ‬
‫ت الْيَ ِمي ُن‪َ ،‬والإْ ِ ْح َس��ا ُن يَ ْقت َِضي ُك َّل مَا‬ ‫الأْ َب َ َويْ ِن‪َ ،‬و ِذي ال ْ ُق ْربَى‪َ ،‬وال ْ َم َس��ا ِكي ِن‪َ ،‬وال ْ َ‬
‫جا ِر‪َ ،‬ومَا مَلَ َك ْ‬
‫ك؟(((‪.‬‬ ‫ذَ َك ْرنَا‪َ ،‬ومَن ْ ُعهُ َ‬
‫إساءَةٌ بِلاَ َش ٍّ‬

‫‪ )5‬قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬ﰖﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞﰟ ﰠ ﰡﰢﰣ ﰤ﴾(((‪،‬‬

‫تفسير القرطبي (‪.)242 ،241/2‬‬ ‫(((‬


‫سورة البقرة‪ :‬آية ‪.219‬‬ ‫(((‬
‫سورة البقرة‪ :‬آية ‪.215‬‬ ‫(((‬
‫أحكام القرآن البن الفرس (‪.)282/1‬‬ ‫(((‬
‫تفسير القرطبي (‪ ،)242/2‬أحكام القرآن البن العربي (‪.)88/1‬‬ ‫(((‬
‫سورة النساء‪ :‬آية ‪.36‬‬ ‫(((‬
‫المحلى باآلثار (‪.)281/4‬‬ ‫(((‬
‫سورة المدثر‪ :‬اآليات ‪.44-42‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 225‬‬
‫الصلاَ ِة(((‪.‬‬ ‫ف َ َق َر َن اهللُ تَعَالَى إ ْطعَامَ ال ْ ِم ْس ِكي ِن بِ ُو ُج ِ‬
‫وب َّ‬
‫الص َّفةَ‬
‫اب ُّ‬ ‫ح َ‬ ‫ص َ‬ ‫ِّيق َح َّدثَهُ‪« :‬أ َ َّن أ َ ْ‬
‫الصد ِ‬ ‫الر ْح َم ِن ب ْ َن أَبِي ب َ ْك ٍر ِّ‬ ‫‪ )6‬عن ُعثْ َما َن الن َّ ْه ِد ُّ َ‬
‫ي أ َّن َعبْ َد َّ‬
‫ث‪َ ،‬ومَ ْن َكا َن‬‫َب بِثَال ِ ٍ‬ ‫اسا ف ُ َق َراءَ‪َ ،‬وأ َ َّن َر ُسو َل اهللِ ﷺ قَا َل‪ :‬مَ ْن َكا َن ِعن ْ َدهُ َطعَامُ اثْنَيْ ِن فَلْيَ ْذه ْ‬ ‫َكانُوا ن َ ً‬
‫س»(((‪.‬‬ ‫س أ َ ْو َسا ِد ٍ‬‫خا ِم ٍ‬ ‫ِعن ْ َدهُ َطعَامُ أ َ ْرب َ َع ٍة فَلْيَ ْذه ْ‬
‫َب بِ َ‬
‫ي أ َ َّن َر ُس��و َل اهللِ ﷺ قَا َل‪« :‬مَ ْن َكا َن مَ َعهُ ف َ ْ‬
‫ض ُل َظ ْه ٍر فَلْيَ ُع ْد بِ ِه‬ ‫‪َ )7‬ع ْن أَبِي َس�� ِعي ٍد ال ْ ُ‬
‫خ ْد ِر ِّ‬
‫ض ٌل ِم ْن َزا ٍد فَلْيَ ُع ْد بِ ِه عَلَى َم�� ْن لاَ َزادَ لَهُ‪ ،‬قَا َل‪ :‬ف َ َذ َك َر ِم ْن‬
‫عَلَ��ى َم�� ْن لاَ َظ ْه َر لَهُ‪َ ،‬و َم�� ْن َكا َن لَهُ ف َ ْ‬
‫ال مَا ذَ َك َر‪َ ،‬حتَّى َرأَيْنَا أَنَّهُ لاَ َح َّق لأِ َ َح ٍد ِمنَّا فِي ف َ ْ‬
‫ض ٍل»(((‪.‬‬ ‫اف ال ْ َم ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫صن َ ِ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( المحلى باآلثار (‪.)281/4‬‬


‫ات النُّبُ َّو ِة فِي اإلسالم‪ ،‬صحيح مسلم‬ ‫اب ع ََال َم ِ‬‫((( صحيح البخاري (‪ ،3581 )194/4‬كتاب المناقب ـ ب َ ُ‬
‫ض ِل إِيثَا ِر ِه‪ ،‬المحلى باآلثار ـ ابن حزم‬ ‫ف َوف َ ْ‬ ‫ام َّ‬
‫الضيْ ِ‬ ‫اب إِ ْك َر ِ‬
‫(‪ ،)2057( )1627/3‬كتاب األش��ربة ـ ب َ ُ‬
‫(‪.)282/4‬‬
‫ول ال ْ َم ِ‬
‫ال‪.‬‬ ‫ض ِ‬ ‫اب ال ْ ُمؤ َ‬
‫َاسا ِة بِ ُف ُ‬ ‫استِ ْ‬
‫حب َ ِ‬ ‫اب ْ‬ ‫((( صحيح مسلم (‪ ،)1728( )1354/3‬كتاب اللقطة ـ ب َ ُ‬

‫( ‪) 226‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫املسؤولية اجملتمعية الواجبة من حيث املطالب بها‬
‫األول‪ :‬المسؤولية االجتماعية العينية‪:‬‬

‫‪ -‬فالواج��ب العيني‪ ،‬هو‪ :‬ما طلب الش��ارع فعله من كل فرد من أف��راد المكلفين‪ ،‬وال‬
‫يج��زئ قيام مكلف به عن آخر‪ ،‬كالصالة والزكاة والحج‪ ،‬والوفاء بالعقود‪ ،‬واجتناب الخمر‬
‫والميسر(((‪.‬‬

‫‪ -‬ومث��ال فرض العي��ن ما يتعين تعلمه من أحكام الش��ريعة‪ ،‬وق��راءة الفاتحة‪ ،‬وأركان‬
‫الصالة‪ ،‬وغير ذلك من عبادات األعيان‪ ،‬وكذلك الحج والعمرة والصلوات والزكاة والصيام‪،‬‬
‫والمقصود بتكليف األعيان‪ ،‬حصول المصلحة لكل واحد من المكلفين على حدته‪ ،‬لتظهر‬
‫طاعت��ه أو معصيته‪ ،‬فلذلك ال يس��قط فرض العين إال بفعل المكلف ب��ه(((‪ ،‬وواجب العين‬
‫ال يس��قط بفعل الغير‪ ،‬بخالف واجب الكفاية(((‪ ،‬ومن صور المس��ؤولية المجتمعية العينية‬
‫وجوب الزكاة على األغنياء من مالكي النصاب‪ ،‬سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬المسؤولية االجتماعية الكفائية‪:‬‬

‫والواج��ب الكفائ��ي‪ ،‬ه��و‪ :‬ما طلب الش��ارع فعله م��ن مجموع المكلفي��ن‪ ،‬ال من كل‬
‫ف��رد منهم‪ ،‬بحي��ث إذا قام به بعض المكلفين فقد أدى الواجب‪ ،‬وس��قط اإلثم والحرج عن‬
‫الباقي��ن‪ ،‬وإذا ل��م يق��م به أي فرد من أف��راد المكلفين أثم��وا جميعا بإهمال ه��ذا الواجب‪،‬‬
‫كاألم��ر بالمع��روف والنهي عن المنكر‪ ،‬والصالة على الموتى‪ ،‬وبناء المستش��فيات‪ ،‬وإنقاذ‬
‫الغريق‪ ،‬وإطفاء الحريق‪ ،‬والطب‪ ،‬والصناع��ات التي يحتاج إليها الناس‪ ،‬والقضاء واإلفتاء‪،‬‬

‫((( علم أصول الفقه ـ خالف ط مكتبة الدعوة‪( ،‬ص‪.)108 :‬‬


‫((( قواعد األحكام في مصالح األنام ـ العز بن عبد السالم (‪.)51/1‬‬
‫((( اإلحكام في أصول األحكام لآلمدي (‪.)100/1‬‬

‫( ‪) 227‬‬
‫ورد الس�لام‪ ،‬وأداء الشهادة‪ ،‬فهذه الواجبات مطلوب للشارع أن توجد في األمة أيًّا كان من‬
‫يفعلها‪ ،‬وليس المطلوب للشارع أن يقوم كل فرد أو فرد معين بفعلها؛ ألن المصلحة تتحقق‬
‫بوجودها في بعض المكلفين وال تتوقف على قيام كل مكلف بها(((‪ ،‬ومثاله‪ :‬تعلم األحكام‬
‫الش��رعية الزائدة على ما يتعين تعلمه على المكلفين‪ ،‬إل��ى نيل رتبة الفتيا‪ ،‬وكجهاد الطلب‪،‬‬
‫وجهاد الدفع‪ ،‬واألمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر‪ ،‬وإطعام المضطرين‪ ،‬وكس��وة العارين‬
‫وإغاثة المستغيثين‪ ،‬والفتاوى واألحكام بين ذوي االختصام‪ ،‬واإلمامة العظمى والشهادات‪،‬‬
‫وتجهيز األموات‪ ،‬وإعانة األئمة والحكام وحفظ القرآن(((‪.‬‬
‫ومن صور المس��ؤولية المجتمعية الكفائية قيام أغنياء أو ش��ركات أو مؤسسات بأعباء‬
‫اجتماعية ليس��وا ملزمين بعينهم للقيام بها كمحو األمية وفتح المدارس‪ ،‬وإنش��اء المشاريع‬
‫الصغيرة‪ ،‬ومحاربة البطالة‪ ،‬فهذه متطلبات مجتمعية وتعليمية وصحية مهمة جدًا‪ ،‬فإذا قام‬
‫بها هؤالء أسقطوا اإلثم عن الباقي‪ ،‬ولكن في حال تعطيل مصالح المسلمين في أي مجال‪،‬‬
‫فإن الجميع آثم إلى أن يقوم البعض بعالج الخلل وسد الحاجة‪.‬‬
‫لك��ن حديثنا محصور ف��ي أهم واجب مالي عام في حق المس��لم وه��و الزكاة‪ ،‬وهذا‬
‫الواجب يس��هم مع مختلف التش��ريعات في عالج شتى المشاكل المالية االجتماعية كالفقر‬
‫والبطالة‪.‬‬
‫المقصود بالمسؤولية المجتمعية الواجبة العينية أو الكفائية‪:‬‬
‫القيام بالمهام واألعباء التكافلية واإلسهام في سد حاجات المجتمع اإلنسانية واإلغاثية‬
‫التزا ًما امتثالاً والتزا ًما بالواجب الشرعي في إخراج الزكاة لمصارفها من الفقراء والمساكين‬
‫والغارمين‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وآلية إسهام المصارف اإلسالمية تكون بأنها توظف المال وتستثمره وتظهر أرباحه‪ ،‬فإما‬
‫أن تخرجه باعتبارها ش��خصية اعتبارية وهو األولى‪ ،‬وإما أن توجه المساهمين والمودعين؛‬

‫((( الموافقات ـ الشاطبي (‪ ،)278/1‬علم أصول الفقه ـ خالف ط مكتبة الدعوة (ص‪.)109 ،108 :‬‬
‫((( قواعد األحكام في مصالح األنام (‪.)50/1‬‬

‫( ‪) 228‬‬
‫ليخرجوا زكاة أموالهم في ضوء بيان أرباحهم‪ ،‬وحس��اب زكاة أموالهم‪ ،‬ويمكن للمصارف‬
‫اإلسالمية في الطريقتين أن تتولى إدارة حساب الزكاة‪ ،‬ومن ثم توزيعها للجهات المستحقة‬
‫بالتعاون مع لجان الزكاة والجمعيات الخيرية‪ ،‬بما يشمل‪:‬‬

‫‪ -‬األيتام رعايتهم وتعليمهم في مختلف المراحل الجامعية‪.‬‬


‫‪ -‬رعاية المساكين والفقراء من حيث تأمين احتياجاتهم ومتطلباتهم المعيشية الملحة‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق التنمية المس��تدامة من خالل تأمين متطلبات مش��اريع اقتصادية مد ّرة للدخل‬
‫يس��تفيد منها الفقراء وعائالت الدخل المحدود‪ ،‬وهذا ما تفطن له سادتنا الفقهاء بتجويزهم‬
‫إخراج الزكاة لش��راء آالت العمل والحرفة للفقير؛ يقول اإلمام النووي في المجموع‪« :‬قال‬
‫أصحابنا فان كان عادته االحتراف أعطي ما يشتري به حرفته أو آالت حرفته قلّت قيمة ذلك‬
‫أم كثرت‪ ،‬ويكون قدره بحيث يحصل له من ربحه ما يفي بكفايته غالبًا تقريبًا‪ ،‬ويختلف ذلك‬
‫باختالف الحرف والبالد واألزمان واألشخاص»(((‪ ،‬وجاء في حاشية الجمل‪َ « :‬ول َ ْو أ َ ْح َس َن‬
‫ط أ ُ ْع ِطي لَهُ‪،‬‬ ‫ْض َها ف َ َق ْ‬ ‫ال الأْ َدْنَى‪َ ،‬وإِ ْن َك َّفاهُ بَع ُ‬ ‫س مَ ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫أ ْكثَ َر ِم ْن ِح ْرف َ ٍة َوال ْ ُك ُّل ت َ ْك ِفي ِه أ ْع ِط َي ث َ َمنًا أ ْو َرأ َ‬
‫َ‬
‫��را ِء َع َق��ا ٍر يُتَ ِّم ُم دَ ْخلُ ُه ب َ ِقيَّةَ ِك َفايَتِ ِه فِي َما‬ ‫اح َدةَ ِمن ْ َها أ ُ ْع ِطي ال ْ َو ِ‬
‫اح َدةَ َو ِزي َد ل َ ُه بِ ِش َ‬ ‫َوإِ ْن لَ�� ْم ت َ ْك ِف ِه ال ْ َو ِ‬
‫يَ ْظ َه ُر‪ ،‬اﻫ»(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( المجموع شرح المهذب ـ النووي (‪.)194/6‬‬


‫((( حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطالب (‪.)104/4‬‬

‫( ‪) 229‬‬
‫املطلب الثالث‬
‫املسؤولية االجتماعية التطوعية (املستحبة)‬
‫التكيي��ف الش��رعي للعمل التطوعي الذي يب��ادر إليه الفرد أو المؤسس��ة دون إلزام أو‬
‫ف��رض هو المعروف في أصول الفقه بالمندوب أو المس��تحب‪ ،‬وهو هو ما طلب الش��ارع‬
‫فعل��ه طلبًا غير جازم‪ ،‬أو هو طلب الفعل مع عدم المنع من الترك؛ لعدم اإلش��عار بالعقاب‪،‬‬
‫وأث��ره الندب‪ ،‬والمطلوب فعله هو المندوب(((‪ ،‬وإنما دوافعه إنس��انية أو دينية أو أخالقية‪،‬‬
‫وبالنسبة للمس��لمين فقد ندب الشرع الحنيف أتباعه للتطوع في مجال الصدقات بما ينفس‬
‫عن المكروب‪ ،‬ويغيث الملهوف‪ ،‬ويسد حاجة المسكين‪ ،‬ورتب الشارع على سعي المسلم‬
‫كبيرا‪ ،‬وثوابًا عظي ًما‪ ،‬وأبواب المس��ؤولية المجتمعية التطوعية مفتوحة‬
‫أجرا ً‬
‫لهذه الصدقات ً‬
‫تشمل الهبات والتبرعات والصدقات الجارية‪ ،‬والوصايا‪ ،‬واألوقاف‪ ،‬في مختلف المجاالت‬
‫التعليمية والصحي��ة واالقتصادية‪ ،‬ومن أبواب المس��ؤولية المجتمعية في حاالت الظروف‬
‫الطارئ��ة‪ :‬التنازل عن بعض األرباح‪ ،‬وإبراء المدين من بعض الديون‪ ،‬وإعادة جدولة الديون‬
‫دون فوائد‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( الوجيز في أصول الفقه اإلس�لامي ـ محمد الزحيلي (‪ ،)299/1‬علم أصول الفقه ـ خالف ط مكتبة‬
‫الدعوة (ص‪.)112 :‬‬

‫( ‪) 230‬‬
‫املطلب الرابع‬
‫جماالت املسؤولية االجتماعية‬
‫تشمل المسؤولية المجتمعية وفق المنظومة العالمية المجاالت اآلتية(((‪:‬‬

‫‪ -1‬الم��وارد البش��رية‪ :‬كمراعاة العدالة في توزيع األجور‪ ،‬وس��اعات العمل بالنس��بة‬


‫للموظفين‪ ،‬والعمل بمبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬واالستثمار في تعليم وتدريب الكادر الوظيفي‪.‬‬

‫‪ -2‬حقوق اإلنسان‪ :‬كتعزيز حقوق اإلنسان‪ ،‬وضمان احترام الكرامة اآلدمية‪ ،‬واالمتناع‬
‫عن التعامل مع األنظمة القمعية‪ ،‬أو الشركات المنتهكة لها‪.‬‬

‫‪ -3‬المجال البيئي‪ :‬من حيث س��لوك سياسة رش��يدة لتدوير النفايات‪ ،‬والتشجيع على‬
‫الطاقة البديلة‪ ،‬وضمان عدم تأثير المنتجات على البيئة‪ ،‬وأخذ المبادرة لالرتقاء بالمسؤولية‬
‫تجاه البيئة‪ ،‬واإلسهام في محاربة التلوث البيئي‪.‬‬

‫‪ -4‬المجال اإلغاثي والخيري‪ ،‬مثل‪ :‬المساعدة في حل مشكالت الفقر والبطالة‪ ،‬ودعم‬


‫المؤسسات الخيرية ومشاريع المجتمع‪ ،‬والمشاركة في إدارة الشؤون العامة‪.‬‬

‫والفكر اإلسالمي ال يتعارض مع تحقيق هذه الغايات االجتماعية‪ ،‬بل يحتويها ويرشدها‬
‫ويطوره��ا‪ ،‬ويلتقي مع كل الحضارات على هذه القيم االجتماعية‪ ،‬بل ويتفوق عليها جميعًا‬
‫بربطها بالبعد الديني األخروي‪ ،‬والتش��ريع اإلس�لامي زاخر بالنصوص الشرعية واألحكام‬
‫الفقهي��ة الداعمة لهذا القي��م االجتماعية‪[ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬فإن المس��ؤولية االجتماعية في‬
‫الفكر اإلس�لامي بش��كل عام‪ ،‬وفي المصارف اإلس�لامية على وج��ه الخصوص‪ ،‬تميزت‬
‫ببعد جديد‪ ،‬أال وهو بعد إعانة المس��لمين على تأدية واجباتهم الشرعية والمتمثلة في أركان‬
‫اإلسالم (فيما يخص الزكاة والحج)‪ ،‬وذلك من خالل جمع الزكاة وتأديتها على الحسابات‬

‫((( طبيعة المسؤولية االجتماعية ـ العاني‪ ،‬ص‪.285 ،284‬‬

‫( ‪) 231‬‬
‫المستحقة للمساهمين والمودعين والمستثمرين‪ ،‬وكذلك أرباح البنك‪ ،‬أو إعانة المتعاملين‬
‫م��ع البنك (موظفين وعمالء) على جمع المدخرات لتأدية فريضة الحج من خالل صندوق‬
‫الح��ج‪ ،‬ويمك��ن أن نطلق على هذا البعد الخ��اص بالمصارف اإلس�لامية ببعد االلتزامات‬
‫الشرعية](((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( طبيعة المسؤولية االجتماعية ـ العاني‪ ،‬ص‪.285 ،284‬‬

‫( ‪) 232‬‬
‫املبحث الرابع‬
‫مناذج حضارية يف املسؤولية االجتماعية‬
‫من التاريخ اإلسالمي‬
‫كان لرس��الة اإلس�لام أثر عميق في تحقي��ق القيم االجتماعية والتع��اون والتكافل بين‬
‫أفراد المجتمع‪ ،‬وألن هذه القيم مس��تندة للعقيدة فقد كانت قوية وراس��خة حتى تجلت بعد‬
‫الهجرة النبوية بعقد المؤاخاة بين المهاجرين واألنصار في ملحمة إس�لامية إنسانية أخالقية‬
‫اجتماعي��ة راقية؛ حيث اس��تقبل األنصار إخوانهم المهاجرين اس��تقبالاً ال تجد له ً‬
‫نظيرا في‬
‫التاريخ‪ ،‬فقد فتحوا لهم بيوتهم‪ ،‬وقدموا لهم بس��اتينهم‪ ،‬وفتحوا لهم أس��واقهم‪ ،‬وأشركوهم‬
‫في أمالكهم‪ ،‬وقد مدحهم اهلل تعالى‪﴿ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ﴾(((‪.‬‬

‫وم��ن أهم دروس المؤاخاة تحقيق التعاون في حاالت النزوح واللجوء والتش��ريد التي‬
‫قد يتعرض لها المس��لمون أو غيرهم‪ ،‬وهذا من أعلى درجات المس��ؤولية االجتماعية‪ ،‬ومن‬
‫الحوارات الدالة على حرص األنصار على تحقيق المس��ؤولية االجتماعية المبادرة لمقاسمة‬
‫صا ُر لِلنَّبِ ِّي ﷺ‪« :‬اق ْ ِس ْم‬ ‫ت األَن ْ َ‬ ‫نخيلهم مع المهاجرين‪ ،‬ف َع ْن أَبِي ه َُريْ َرةَ َر ِض َي اهللُ َعنْهُ‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَال َ ِ‬
‫��ر ْك ُك ْم فِي الثَّ َم َر ِة‪ ،‬قَالُوا‪:‬‬
‫بَيْنَنَ��ا َوبَيْ�� َن إِ ْخ َوانِنَا الن َّ ِخي َل‪ ،‬قَا َل‪« :‬الَ» ف َ َقالُ��وا‪ :‬ت َ ْك ُفونَا ال َمئُونَةَ‪َ ،‬ون َ ْش َ‬
‫َس�� ِم ْعنَا َوأ َ َط ْعنَا»(((‪ ،‬ومن المهاجرين من عرضت عليه المقاسمة ولكنه سعى للكسب‪ ،‬فعن‬
‫ف َر ِض َي اهللُ َعنْهُ أنه قال‪« :‬ل َ َّما ق َ ِدمْنَا ال َم ِدينَةَ آ َخى َر ُسو ُل اهللِ ﷺ بَيْنِي َوبَيْ َن‬
‫الر ْح َم ِن ب ْ ُن َع ْو ٍ‬
‫َعبْ ُد َّ‬

‫((( سورة الحشر‪ :‬آية ‪.9‬‬


‫��ل َو َغيْ ِر ِه‪،‬‬
‫خ ِ‬ ‫اب إِذَا قَ��ا َل‪ :‬ا ْك ِفنِي َمئُونَةَ الن َّ ْ‬
‫((( صحي��ح البخ��اري (‪ ،2325 )104/3‬كت��اب المزارعة ـ ب َ ُ‬
‫َوت ُ ْش ِر ُكنِي فِي الثَّ َم ِر‪.‬‬

‫( ‪) 233‬‬
‫ف مَالِي‪َ ،‬وان ْ ُظ ْر‬ ‫ص َ‬ ‫ك نِ ْ‬ ‫صا ِر مَالاً ‪ ،‬فَأَق ْ ِس ُم ل َ َ‬ ‫يع‪ :‬إِنِّي أ َ ْكثَ ُر األَن ْ َ‬ ‫يع‪ ،‬ف َ َقا َل َس ْع ُد ب ْ ُن َّ‬
‫الربِ ِ‬ ‫َس�� ْع ِد ب ْ ِن َّ‬
‫الربِ ِ‬
‫الر ْح َم ِن‪ :‬الَ َحا َجةَ‬ ‫ت‪ ،‬ت َ َز َّو ْجتَ َها‪ ،‬قَا َل‪ :‬ف َ َقا َل لَهُ َعبْ ُد َّ‬ ‫ك َعن ْ َها‪ ،‬ف َ ِإذَا َحلَّ ْ‬ ‫ت لَ َ‬‫يت نَزَل ْ ُ‬
‫ي َز ْو َجت ََّي َه ِو َ‬ ‫أ َ َّ‬
‫الر ْح َم ِن‪.(((»...‬‬ ‫اع‪ ،‬قَا َل‪ :‬ف َ َغدَا إِلَيْ ِه َعبْ ُد َّ‬ ‫ق قَيْن ُ َق ٍ‬‫جا َرةٌ؟ قَا َل‪ُ :‬سو ُ‬ ‫ك َه ْل ِم ْن ُسوقٍ فِي ِه تِ َ‬ ‫لِي فِي َذل ِ َ‬

‫س قَا َل‪ :‬قَا َل‬ ‫َن أَن َ ٍ‬‫خيرا‪ ،‬فع ْ‬ ‫ولم يتنكر المهاجرون لصنيع األنصار‪ ،‬بل أثنوا عليهم ً‬
‫يل‪َ ،‬ولاَ أ َ ْح َس َن‬ ‫اساةً فِي ق َ ِل ٍ‬ ‫ال ْ ُم َهاجِ ُرو َن‪ :‬يَا َر ُسو َل اهللِ‪َ ،‬ما َرأَيْنَا ِمثْ َل ق َ ْو ٍم ق َ ِد ْمنَا عَلَيْ ِه ْم أ َ ْح َس َن ُم َو َ‬
‫ب َ ْذلاً فِي َكثِي ٍر‪ ،‬ل َ َق ْد َك َف ْونَا ال ْ َمئُونَةَ‪َ ،‬وأ َ ْش َر ُكونَا فِي ال ْ َم ْهن َ ِأ‪َ ،‬حتَّى ل َ َق ْد َح ِسبْنَا أ َ ْن يَ ْذ َهبُوا بِالأْ َ ْج ِر ُكلِّ ِه‬
‫قَا َل‪« :‬لاَ ‪َ ،‬ما أَثْنَيْتُ ْم عَلَيْ ِه ْم‪َ ،‬ودَ َع ْوت ُ ُم اهللَ ل َ ُه ْم»(((‪.‬‬

‫ومن صور المسؤولية المجتمعية في زمن النبوة تكفل بعض الصحابة بفقراء المسلمين‬
‫ِّيق‬
‫الصد ِ‬ ‫الر ْح َم ِن ب ْ َن أَبِ��ي ب َ ْك ٍر ِّ‬ ‫مم��ن عرفوا بأصحاب الصفة؛ فع��ن ُعثْ َما َن الن َّ ْه�� ِد ُّ َ‬
‫ي أ َّن َعبْ َد َّ‬
‫اس��ا ف ُ َق َراءَ‪َ ،‬وأ َ َّن َر ُس��و َل اهللِ ﷺ قَا َل‪ :‬مَ ْن َكا َن ِعن ْ َدهُ َطعَامُ‬ ‫الص َّفةَ َكانُوا ن َ ً‬
‫اب ُّ‬‫ح َ‬ ‫ص َ‬ ‫َح َّدثَهُ‪« :‬أ َ َّن أ َ ْ‬
‫س»(((‪.‬‬ ‫س أ َ ْو َسا ِد ٍ‬‫خا ِم ٍ‬
‫َب بِ َ‬‫ث‪َ ،‬ومَ ْن َكا َن ِعن ْ َدهُ َطعَامُ أ َ ْرب َ َع ٍة فَلْيَ ْذه ْ‬ ‫اثْنَيْ ِن فَلْيَ ْذه ْ‬
‫َب بِثَال ِ ٍ‬

‫ومن صور المس��ؤولية االجتماعية في أي��ام المجاعة والفقر التكافل بي��ن أبناء القبيلة‬
‫الواحدة‪ ،‬فذلكم التكافل يحمي من الفقر‪ ،‬ويحقق التعاون التعاطف‪ ،‬وقد مدح النبي ﷺ من‬
‫وس��ى‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل النَّبِ ُّي ﷺ‪« :‬إِ َّن األ َ ْش َع ِريِّي َن‬ ‫لجأ لهذه الطريقة‪ ،‬وهم األش��عريون؛ ف َع ْن أَبِي مُ َ‬
‫اح ٍد‪،‬‬‫إِذَا أ َ ْرمَلُ��وا((( فِي ال َغ ْز ِو‪ ،‬أ َ ْو ق َ َّل َطعَامُ ِعيَال ِ ِه ْم بِال ْ َم ِدين َ ِة َج َمعُوا مَا َكا َن ِعن ْ َد ُه ْم فِي ث َ ْو ٍب َو ِ‬
‫الس ِويَّ ِة؛ ف َ ُه ْم ِمنِّي َوأَنَا ِمن ْ ُه ْم»(((‪ ،‬وفي هذا الحديث فضيلة‬ ‫اح ٍد بِ َّ‬‫ث ُ َّم اقْت ََس�� ُموهُ بَيْن َ ُه ْم فِي إِنَا ٍء َو ِ‬

‫اب َم��ا َجاءَ فِي قَ�� ْو ِل ِاهلل تَعَالَى‪﴿ :‬ﭨ ﭩ‬ ‫صحي��ح البخ��اري (‪ ،2048 )52/3‬كت��اب البيوع ـ ب َ ُ‬ ‫(((‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ﴾‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫مسند أحمد (‪.13075 )361/20‬‬ ‫(((‬
‫المحلى باآلثار ـ ابن حزم (‪.)282/4‬‬ ‫(((‬
‫أي‪ :‬نفد زادهم‪ ،‬انظر‪ :‬فتح الباري البن حجر (‪.)125/1‬‬ ‫(((‬
‫وض‪،‬‬ ‫الش�� ِر َك ِة فِي ال َّطع ِ‬
‫َام َوالن ِّ ْه�� ِد َوالع ُُر ِ‬ ‫اب َّ‬ ‫صحي��ح البخاري (‪ ،2486 )138/3‬كتاب الش��ركة ـ ب َ ُ‬ ‫(((‬
‫ضائِ ِل‬ ‫حاب َ ِة َر ِض َي اهللُ تَعَالَى َعن ْ ُه ْم ـ ب َ ُ‬
‫اب ِم ْن ف َ َ‬ ‫صحيح مسلم (‪ ،)2500( )1944/4‬كتاب ف َ َ‬
‫ضائِ ِل َّ‬
‫الص َ‬
‫الأْ َ ْش َع ِريِّي َن َر ِض َي اهللُ َعن ْ ُه ْم‪.‬‬

‫( ‪) 234‬‬
‫اإليثار والمواس��اة‪ ،‬وفضيلة خلط األزواد في السفر‪ ،‬وفضيلة جمعها في شيء عند قلّتها في‬
‫الحضر ثم يقسم(((‪.‬‬

‫وم��ن صور المس��ؤولية المجتمعية إغن��اء الفقير والفئات المهمش��ة‪ ،‬وإعطائهم درجة‬
‫الكفاية التي تغنيهم عن ذل الحاجة والسؤال‪ ،‬وهذا من أعلى درجات المسؤولية المجتمعية‪،‬‬
‫فعَ�� ْن َع ْم ِرو بْ�� ِن مُ َّرةَ‪َ ،‬ع ْن مُ َّرةَ؛ قَا َل أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬قَا َل ُع َم ُر ل ِ ُّ‬
‫لس��عَا ِة‪َ « :‬ك ِّر ُروا عَلَيْ ِه ُم َّ‬
‫الص َدقَةَ‪َ ،‬وإِ ْن‬
‫اح عَلَى أ َ َح ِد ِه ْم ِمائَةٌ ِم َن الإِْ بِ ِل»(((‪ ،‬وعن عمرو بن دينار‪ ،‬قال‪ :‬قال عمر بن الخطاب‪« :‬إذا‬ ‫َر َ‬
‫أعطيتم فأغنوا»(((‪.‬‬

‫ومن مفاخر الحضارة اإلس�لامية اس��تيعاب كل مواطني الدولة تحت مظلة المسؤولية‬
‫المجتمعية؛ حيث ش��ملت المس��لمين وغير المسلمين؛ فعن جس��ر أبي جعفر قال‪ :‬شهدت‬
‫كت��اب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة‪ ،‬قرئ علين��ا بالبصرة‪« :‬أما بعد‪ ...،‬وانظر من‬
‫قبلك من أهل الذمة قد كبرت س��نه‪ ،‬وضعفت قوته‪ ،‬وولت عنه المكاس��ب‪ ،‬فأجر عليه من‬
‫بي��ت مال المس��لمين م��ا يصلحه‪ ،‬فلو أن رجلاً من المس��لمين كان له مملوك كبرت س��نه‪،‬‬
‫وضعفت قوته‪ ،‬وولت عنه المكاس��ب‪ ،‬كان من الحق عليه أن يقوته حتى يفرق بينهما موت‬
‫أو عتق‪ ،‬وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر مر بش��يخ من أهل الذمة يس��أل على أبواب‬
‫الن��اس‪ ،‬فقال‪« :‬ما أنصفناك‪ ،‬أن كنا أخذنا منك الجزية في ش��بيبتك‪ ،‬ثم ضيعناك في كبرك»‬
‫قال‪ :‬ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه»(((‪.‬‬

‫وم��ن ص��ور المس��ؤولية المجتمعية إبّان خالفة عم��ر بن عبد العزيز قض��اء الدين عن‬
‫الغارمي��ن من ب��اب الزكاة؛ فعن الليث بن س��عد‪« :‬كتب عمر بن عبد العزي��ز أن اقضوا عن‬

‫شرح النووي على مسلم ـ النووي (‪.)62/16‬‬ ‫(((‬


‫َ‬
‫اب أدْنَى َما يُ ْع َطى‬
‫األموال ـ القاسم بن سالم (ص‪ ،1779 )676 :‬كتاب الصدقة وأحكامها وسننها‪ ،‬ب َ ُ‬ ‫(((‬
‫الص َدق َ ِة‪َ ،‬و َك ْم أ َ ْكثَ ِر مَا يَ ِط ُ‬
‫يب لَهُ ِمن ْ َها؟‬ ‫الر ُج ُل ال ْ َو ِ‬
‫اح ُد ِم َن َّ‬ ‫َّ‬
‫األموال للقاسم بن سالم (ص‪.)676 :‬‬ ‫(((‬
‫األموال للقاسم بن سالم (ص‪.119 )57 :‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 235‬‬
‫الغارمي��ن‪ ،‬فكت��ب إليه‪ :‬إنا نجد الرجل له المس��كن‪ ،‬والخادم‪ ،‬والف��رس‪ ،‬واألثاث‪ ،‬فكتب‬
‫عمر‪ :‬إنه البد للمرء المس��لم من مس��كن يس��كنه‪ ،‬وخادم يكفيه مهنته‪ ،‬وفرس يجاهد عليه‬
‫عدوه‪ ،‬ومن أن يكون له األثاث في بيته‪ ،‬نعم فاقضوا عنه‪ ،‬فإنه غارم»(((‪.‬‬

‫ومن صور التكافل والمسؤولية المجتمعية في عهد معاوية رضي اهلل عنه رعايته ألبناء‬
‫الشهداء في إدارة شؤونهم‪ ،‬ورعاية أحوالهم؛ فقد كان يقول لجلسائه‪« :‬يا هؤالء‪ ،‬إنَّما ُس ِّميتم‬
‫أشرافًا»؛ ألنَّكم شرفتم على من دونكم بهذا المجلس‪ ،‬ارفعوا إلينا حوائج من ال يصل إلينا‪.‬‬
‫فيقوم الرجل فيقول‪ :‬استشهد فالن‪ ،‬فيقول‪ :‬أفرضوا لولده»(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( األموال للقاسم بن سالم (ص‪.1753 )667 :‬‬


‫((( كنز الدرر وجامع الغرر ـ الدواداري (‪.)74/4‬‬

‫( ‪) 236‬‬
‫املبحث اخلامس‬
‫خدمات البنك اإلسالمي وأدوات املسؤولية االجتماعية‬
‫ال شك أن استناد عمليات المصارف اإلسالمية إلى الشريعة اإلسالمية له غايات‪ ،‬وآثار‬
‫اقتصادية واجتماعية فاعلة ومؤثرة في المجتمع‪ ،‬كالقرض الحس��ن‪ ،‬واإلش��راف على جمع‬
‫الزكاة وتوزيعها‪ ،‬وإنش��اء صناديق للصدقات والتبرعات‪ ،‬وتقديم الهدايا والجوائز‪ ،‬وصرف‬
‫المكاس��ب غير المش��روعية في وج��وه الخير‪ ،‬ودعم المش��اريع لذوي الدخ��ل المحدود؛‬
‫لتحقيق التنمية المستدامة بأرباح رمزية أو أجور فعلية دون استرباح‪.‬‬
‫وهناك دراس��ات علمية وميدانية أبرزت أهم المجاالت التي يظهر فيها دور المصارف‬
‫اإلسالمية منها‪:‬‬
‫دراس��ة بعن��وان‪( :‬تقويم ال��دور االجتماعي للمص��ارف اإلس�لامية (‪1996‬م)؛ حيث‬
‫انطلقت الدراس��ة م��ن فرضية فحواه��ا أن البنوك والمصارف اإلس�لامية له��ا ذاتية خاصة‬
‫تميزه��ا عن البنوك الربوية‪ ،‬أال وهي المس��اهمة ف��ي تحقيق التنمي��ة االجتماعية للمجتمع‬
‫وتأسيسا على ذلك؛ فقد تم وضع المعايير التي تمكن من قياس األداء االجتماعي‬
‫ً‬ ‫المسلم‪،‬‬
‫للمصارف اإلسالمية في مجاالته المتعددة‪ ،‬كالزكاة والقرض الحسن‪ ،‬والقروض اإلنتاجية‪،‬‬
‫والتأمي��ن االجتماعي‪ ،‬ودور المصرف في تمويل الصناعات الصغيرة‪ ،‬وتوصلت الدراس��ة‬
‫إلى أن ‪ %65‬من البنوك اإلسالمية محل الدراسة تهتم بالقرض الحسن‪ ،‬مع أن اإلفصاح عنه‬
‫يتم بنس��بة ضعيفة‪ ،‬فيما بين البنوك اإلسالمية بصفة عامة‪ ،‬ويغلب على استخدامات القرض‬
‫الحس��ن الجانب االجتماعي في مجاالته المختلفة(((‪ ،‬وتعد هذه الدراس��ة من الدراس��ات‬

‫((( لجنة من األساتذة الخبراء االقتصاديين والشرعيين والمصرفيين‪ ،‬تقويم الدور االجتماعي للمصارف‬
‫اإلس�لامية موس��وعة تقويم أداء البنوك اإلس�لامي‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬المعهد العالمي للفكر اإلسالمي‪،‬‬
‫‪1996‬م‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪ ،19‬نق�ًل�اً ع��ن طبيع��ة المس��ؤولية االجتماعية في المصرف اإلس�لامي ـ العاني‪،‬‬
‫ص‪.276‬‬

‫( ‪) 237‬‬
‫المهمة؛ حيث إنها أعدت من قبل مجموعة متنوعة التخصصات من حيث الشريعة والصيرفة‬
‫واالقتصاد‪ ،‬وهذه كلها أمور إيجابية؛ ألن الكثيرين رس��موا دو ًرا للمصارف اإلسالمية يفوق‬
‫إمكانياته��ا‪ ،‬هذا من جه��ة‪ ،‬من جهة أخرى يالحظ على أن الدراس��ة حصرت قياس مردود‬
‫التنمية االجتماعية من خالل القرض الحسن‪ ،‬وإدارة وجمع الزكوات‪ ،‬ولم تعر أهمية لباقي‬
‫األدوات المالية التي تتعامل بها المصارف اإلس�لامية وآثارها المباش��رة وغير المباشرة في‬
‫المسؤولية االجتماعية(((‪.‬‬

‫وهناك دراس��ة أخرى بعنوان‪ :‬اتجاهات المس��ؤولية االجتماعية في المؤسس��ات المالية‬


‫اإلس�لامية (‪2009‬م)‪ ،‬وهو‪ :‬عبارة عن نتائج مسح موس��ع التجاهات المسؤولية االجتماعية‬
‫في المؤسس��ات المالية اإلسالمية نفذته مؤسسة دينار ستاندارد (دار االستثمار) عام ‪2009‬م‬
‫بدعم من هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية اإلسالمية (‪ ،)AAOIFI‬الغرض‬
‫من المس��ح قياس تطبيق المؤسس��ات المالية لمعايير هيئة المحاسبة والمراجعة والتي تغطي‬
‫‪ 13‬جانبً��ا م��ن جوانب المس��ؤولية االجتماعية ـك��ـ (مش��اركة العميل‪ ،‬ورعاي��ة الموظف‪،‬‬
‫والصدق��ة‪ ،‬والبيئة‪ ،‬وحصص االس��تثمار وغيرها) به��دف توفير بعض المؤش��رات التطبيقية‬
‫عن اتجاه��ات المس��ؤولية االجتماعية‪ ،‬أظهرت النتائج الرئيس��ة لالس��تطالع أن ‪ %100‬من‬
‫العمالء المس��تطلعين أجابوا بنعم على وجود سياس��ة الس��تطالع الزبائن‪ ،‬وكذلك فإن ‪%97‬‬
‫من المؤسس��ات المالية المبحوثة تمتلك سياسة تنظيمية للتعامل مع العمالء بشكل مسؤول‪،‬‬
‫وأكد ‪ %83‬من الموظفين المستجوبين بوجود معايير لدى المؤسسات المستطلعة توفر فرص‬
‫متكافئة لجميع موظفيها‪ ،‬كما أن المستبينين أفادوا بأن ‪ %76‬من المؤسسات المالية اإلسالمية‬
‫تمتلك سياس��ات لألنش��طة الخيري��ة‪ ،‬وأجاب ‪ %55‬بنع��م على وجود بعض السياس��ات في‬
‫حصص االس��تثمار على االس��تثمارات الموجهة إلى النواحي االجتماعية والتنموية والبيئية‪،‬‬
‫في مجال إدارة الزكاة واألوقاف أفاد ‪ %10‬من المستجوبين من المؤسسات المالية بامتالكهم‬
‫لسياس��ات إلدارة األم�لاك الوقفية نيابة ع��ن العمالء‪ ،‬في الوقت ال��ذي أجابت فيه ‪ %33‬من‬

‫((( طبيعة المسؤولية االجتماعية في المصرف اإلسالمي ـ العاني‪ ،‬ص‪.276‬‬

‫( ‪) 238‬‬
‫المؤسس��ات المالية المس��تطلعة بامتالكها لسياس��ات إلدارة الزكاة نيابة عن العمالء‪ ،‬وتشير‬
‫النتائج بش��كل عام إلى أن المؤسسات المالية اإلس�لامية لديها بداية جيدة في معظم جوانب‬
‫المسؤولية االجتماعية(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( طبيعة المسؤولية االجتماعية في المصرف اإلسالمي ـ العاني‪ ،‬ص‪.276‬‬

‫( ‪) 239‬‬
‫املطلب األول‬
‫أبرز أدوات املسؤولية االجتماعية للمصارف اإلسالمية‬
‫أولاً ‪ :‬القرض الحسن‪:‬‬
‫وه��و‪ :‬ما تعطيه م��ن المثليات ليرد لك مثله في المس��تقبل(((‪ ،‬حيث يمكن للمصارف‬
‫اإلس�لامية تقديم قروض حس��نة س��واء لموظفيها والعاملين فيها أو لعمالئها على أن يسد‬
‫عل��ى أقس��اط‪ ،‬واهتمام البنوك اإلس�لامية به��ذه الخدم��ة االجتماعية متف��اوت‪ ،‬واألصل‬
‫أن يك��ون جزءًا من اس��تراتيجية العم��ل المجتمعي لدى البنوك اإلس�لامية عمو ًما‪ ،‬ونصت‬
‫بعض البنوك اإلس�لامية على عملها بفكرة القرض الحس��ن‪ ،‬جاء في النش��رة الصادرة عن‬
‫بنك دبي اإلس�لامي ‪2001‬م (أن العائد االجتماعي هو أحد الس��مات التي تميز المصرف‬
‫اإلس�لامي عن غيره‪ ،‬وانطالقًا م��ن إيمانه بواجبه تجاه المجتمع‪ ،‬فإن��ه يحرص على تقديم‬
‫الخدمات االجتماعية‪ ،‬مثل‪ :‬القرض الحس��ن‪ ،‬الذي يهدف لتقديم قروض استهالكية بدون‬
‫فائ��دة‪ ،‬أو مصاري��ف إدارية ل��ذوي االحتياجات الضروري��ة‪ ،‬كالزواج أو الم��رض‪ ،‬أو في‬
‫حاالت الكوارث وغيرها)(((‪ ،‬ومن تطبيقات القرض الحس��ن جواز إصدار بطاقات ائتمانية‬
‫إقراضية‪ ،‬ش��رط أال يترتب على التعامل بها إقراض بفائدة‪ ،‬وأال يش��ترط أي فوائد في حال‬
‫التأخر عن التس��ديد‪ ،‬وأال يش��ترط على العميل عند مطالبته بإي��داع مبلغ نقدي كضمان أن‬
‫يكون في حساب جاري‪ ،‬وإنما يخير بين الحساب الجاري أو االستثماري(((‪ ،‬وال شك أن‬

‫((( معجم لغة الفقهاء ـ قلعجي (ص‪ ،)361 :‬القاموس الفقهي ـ سعدي أبو حبيب (ص‪.)300 :‬‬
‫((( صبح��ي محمد جمي��ل‪ ،‬المصارف اإلس�لامية والتنمي��ة االجتماعي��ة‪ ،‬دور المؤسس��ات المصرفية‬
‫اإلسالمية في االستثمار والتنمية‪ 27 ،‬ـ ‪ 29‬صفر ‪1432‬ﻫ‪ 7/‬ـ ‪ 9‬مايو ‪2002‬م‪ ،‬جامعة الشارقة‪ ،‬كلية‬
‫الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬كتاب الوقائع‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،510‬نقلاً عن طبيعة المسؤولية االجتماعية‬
‫في المصرف اإلسالمي ـ العاني‪ ،‬ص‪.286‬‬
‫((( انظر‪ :‬المعيار رقم ‪ 2‬بخصوص البطاقات هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية ـ‬
‫األيوفي ‪1437‬ﻫ‪ ،‬ص‪ 80‬والمعيار ‪ 61‬المعدل بطاقات الدفع‪ ،‬ص‪.9‬‬

‫( ‪) 240‬‬
‫تقديم هذه الخدمة االجتماعية لعمالء البنك يس��هم في حل مش��اكلهم المالية‪ ،‬ويخفف من‬
‫أعب��اء التزاماتهم‪ ،‬ويمثل نافذة للمصرف اإلس�لامي يطل منها على حاجات المجتمع‪ ،‬كما‬
‫أنها تس��هم في توثيق عالقة العمالء بالبنك اإلس�لامي بما ينعكس إيجابًا على تحقيق درجة‬
‫الرضا والسمعة الحسنة لدى جمهور العمالء‪.‬‬

‫جاء في تقرير هيئة الرقابة الشرعية للبنك اإلسالمي الفلسطيني‪( :‬اعتمدت الهيئة نموذج‬
‫عقد قرض حسن ونموذج اتفاقية التسوية)(((‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬إدارة زكاة أموال المصارف اإلسالمية‪:‬‬

‫الزكاة ركن من أركان اإلس�لام‪ ،‬فرضت على المال المب��اح المملوك مل ًكا تا ًما‪ ،‬وبلغ‬
‫نصابً��ا‪ ،‬وحال عليه الحول‪ ،‬وكون المؤسس��ة المالية هي تعرف المال المدخر والمس��تثمر‬
‫لديها‪ ،‬وما نتج عنه من أرباح أو لحقته من خس��ارة‪ ،‬فإنها مس��ؤولية عن بيان الوضع المالي‬
‫م��ن خ�لال الميزانيات المالية الس��نوية‪ ،‬وبالتالي تق��وم بتحديد ما تجب في��ه الزكاة وما ال‬
‫تجب‪ ،‬وإجراء حس��اباتها‪ ،‬وبيان القدر المطلوب‪ ،‬وإخراجها لمس��تحقيها من خالل توكيل‬
‫المس��اهمين والمس��تثمرين‪ ،‬كما ذهب إل��ى ذلك عدد من المصارف اإلس�لامية؛ فقد نص‬
‫عقد التأس��يس لبنك دبي اإلسالمي على إنشاء صندوق للزكاة؛ حيث نصت المادة ‪ 72‬وما‬
‫بعدها على أن (الشركة تنشئ صندوقًا للزكاة ملح ًقا بها ومنفصلاً في حساباته وإداراته عنها؛‬
‫إلخراج الزكاة المستحقة‪ ،‬كما تقبل فيها الزكاة من المساهمين والمودعين والغير‪ ،‬وللشركة‬
‫أن تدع��و المودعي��ن وغيرهم إلنابة الصندوق عنهم في إخراج زكاة أموالهم حس��بما تقرره‬
‫هيئة الفتوى والرقابة الشرعية)(((‪.‬‬

‫أو اعتماد إخراجها على المساهمين أنفسهم بعد تحديد القدر الواجب‪ ،‬كما ذهبت بعض‬

‫((( التقرير السنوي للبنك اإلسالمي الفلسطيني لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.79‬‬


‫((( بن��ك دبي اإلس�لامي‪ ،‬تعريف ع��ام‪ ،‬نش��رة ‪1994‬م‪ ،‬ص‪ ،37‬مجلة االقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬بنك دبي‬
‫اإلس�لامي‪ ،‬الع��دد ‪ ،198‬ص‪ ،52‬نقلاً عن طبيعة المس��ؤولية االجتماعية في المصرف اإلس�لامي ـ‬
‫العاني‪ ،‬ص‪.286‬‬

‫( ‪) 241‬‬
‫البنوك ومنها البنك اإلس�لامي الفلس��طيني؛ حيث جاء في تقرير الهيئة الشرعية السنوي بأنه‬
‫ال يوجد مانع ش��رعي من اعتماد األسلوب الذي اختاره مجلس اإلدارة بإخراج كل مساهم‬
‫لزكاته بنفس��ه‪ ،‬وقد تم احتساب نسبة الزكاة الواجبة على السهم والتي بلغت‪ ...‬لكل سهم‪،‬‬
‫عل��ى أن يتم إخطار المس��اهمين بذل��ك‪ ،‬وتدعو الهيئة الجميع إل��ى أداء فريضة الزكاة وفق‬
‫األحكام الشرعية‪ ،‬وإخراج زكاتهم بأنفسهم(((‪.‬‬

‫وال شك أن صندوق الزكاة ومصارفه يسهم في إشباع الحاجات األساسية‪ ،‬ويسهم في‬
‫توفير الدخل أو زيادته‪ ،‬أو تمكين الفرد من الحصول على دخل‪ ،‬فالمصرف اإلسل‬
‫يس��هم من خالل الزكاة في تحقيق مسؤوليته االجتماعية تجاه المجتمع (الفئات المهمشة)‬
‫بشكل خاص‪ ،‬وكذلك تجاه مودعيه من خالل اإلنفاق على مثقلي الديون منهم(((‪.‬‬

‫واألولى في تقديري كون البنك اإلس�لامي يمثل شخصية اعتبارية أن يخرج زكاة ما‬
‫لديه من مال على اعتباره مملو ًكا لشخص واحد‪ ،‬فهذا هو األقرب لمقصود الشارع واألليق‬
‫ش��خصا مدنيًّا مس��تقلاًّ هي المكلف��ة والمخاطبة‬
‫ً‬ ‫فقهيًا‪ ،‬فالش��خصية االعتبارية باعتبارها‬
‫بوجوب أداء الزكاة‪ ،‬ومن أدلة ذلك قول اهلل تعالى‪﴿ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ﴾‪ ،‬وحدي��ث‪« :‬تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم»‪ ،‬وغيرها من عمومات النصوص‬
‫الشرعية تدل على أن الشركات مكلفة ومخاطبة بالزكاة كاألفراد؛ ألن الشركات تمثل كتلة‬
‫مالي��ة‪ ،‬وثروة مادية يتعلق بها عموم خطاب الش��رع باألمر بال��زكاة‪ ،‬وال تجب الزكاة على‬
‫أش��خاص الشركاء؛ بسبب أن ملكيتهم على أموالهم ناقصة ومقيدة‪ ،‬وليست تامة ومطلقة‪،‬‬
‫والدليل القطعي على تقييد ونقصان ملكية الشركاء وجوب مبدأ الخلطة والشيوع لألموال‬
‫في الش��ركات‪ ،‬فإن ذلك يمنع قدرة الش��ريك على التصرف المباش��ر والمطلق في أموال‬
‫الش��ركة‪ ،‬بل إن الش��ريك لو تصرف ببعض أموال الشركة من غير أن يستأذن باقي الشركاء‬
‫ويحصل على موافقتهم‪ ،‬فإنه يكون متعديا على أموال الغير‪ ،‬وهذا يوجب معاقبته ومطالبته‬

‫((( التقرير السنوي للبنك اإلسالمي الفلسطيني لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.79‬‬


‫((( طبيعة المسؤولية االجتماعية في المصرف اإلسالمي ـ العاني‪ ،‬ص‪.287‬‬

‫( ‪) 242‬‬
‫بالتعويض في كل من الشريعة اإلسالمية والقانون المعاصر(((‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬االستفادة من المكاسب غير الشرعية في العمل الخيري أو االجتماعي‪:‬‬

‫ج��اء في تقرير هيئة الرقابة الش��رعية لعام ‪2020‬م عن البنك اإلس�لامي الفلس��طيني‪:‬‬
‫(جميع المكاسب التي تحققت من مصادر أو بطرق تحرمها الشريعة اإلسالمية‪ ،‬أو وجدت‬
‫الهيئة فيها مخالفة للمعايير والفتاوى الشرعية واألحكام الشرعية قد تم وضعها في الصندوق‬
‫الخيري؛ لصرفها في وجوه البر حسب توصيات هيئة الرقابة الشرعية)(((‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬التبرعات من أرباح المساهمين السنوية الصافية‪:‬‬

‫نص البنك في رس��الته عن المس��ؤولية المجتمعية‪[ :‬ويخصص البنك جزءً من أرباحه‬


‫السنوية الصافية لدعم أنشطة ومؤسسات وبرامج في قطاعات التعليم والصحة والمؤسسات‬
‫الخيري��ة تحديدًا تلك التي تعنى بش��ؤون األيتام والمس��نين‪ ،‬وذوي االحتياجات الخاصة‪،‬‬
‫والفئات األقل ح ًّظا‪ ،‬كما يولي البنك أهمية خاصة لدعم البرامج واألنش��طة والمؤسس��ات‬
‫العامل��ة ف��ي المناط��ق الجغرافي��ة األقل حظًّ��ا‪ ،‬مما يس��اهم في تحقي��ق رؤيته م��ن تطبيق‬
‫أثرا إيجابيا ومستداما على المجتمع‬
‫مش��اريع المس��ؤولية المجتمعية‪ ،‬والتي يجب أن تترك ً‬
‫المقصود](((‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬صيغ التمويل اإلسالمي‪:‬‬


‫ً‬
‫تتنوع صيغ التمويل اإلسالمي لألفراد والشركات تبعًا لحاجة كل منها؛ فهناك التمويل‬
‫الغ��رض منه المضاربة بين البنك والعميل الذي يس��هم في الح��د من البطالة‪ ،‬وتوفير فرص‬
‫عمل للعاطلين‪ ،‬وتحقيق التنمية في المجتمع‪ ،‬وهناك تمويل الغرض منه المش��اركة بالمال‬

‫((( انظ��ر‪ :‬كتاب زكات��ي (منهج علمي محكم ومعتمد) صادر عن منظمة ال��زكاة العالمية ط‪2021 ،1‬م‪،‬‬
‫ص‪.48 ،46‬‬
‫((( التقرير السنوي للبنك اإلسالمي الفلسطيني لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫((( انظر‪ :‬موقع البنك اإلسالمي الفلسطيني عن المسؤولية المجتمعية‪:‬‬
‫‪ csr‬ـ ‪https:// www. islamicbank. ps/ar/csr/about‬‬

‫( ‪) 243‬‬
‫بي��ن البنك والعميل‪ ،‬كالمش��اركة المتناقصة؛ فهذه تحقق المس��ؤولية المجتمعية من خالل‬
‫دع��م المش��اريع الصغيرة‪ ،‬وتوفي��ر فرص عمل‪ ،‬وتحقي��ق التنمية في مختل��ف المجاالت‪،‬‬
‫وهناك التمويل الغرض منه ش��راء سلع يحتاج إليها الفرد أو الشركة مع تقسيط دفعاتها عليه‬
‫من خالل تمويل المرابحة‪ ،‬وهناك تمويل اإلجارة المنتهية بالتمليك التي تيسر على العميل‬
‫امتالك العقار على أقساط‪ ،‬وهناك تمويل السلَم‪ ،‬واالستصناع التي تحرك االقتصاد‪ ،‬وتحقق‬
‫التنمية‪ ،‬وتحد من البطالة‪ ،‬وتؤمن الس��يولة للصناع والمزارعين‪ ،‬وهناك تمويل المنافع التي‬
‫تيس��ر على المرضى العالج‪ ،‬وعلى الطالب إكمال دراس��تهم؛ فهذه التمويالت وإن كانت‬
‫كبيرا من حاجة الناس‬
‫حا على البنوك اإلس�لامية‪ ،‬لكنها من جهة أخ��رى تحقق قد ًرا ً‬
‫تدر رب ً‬
‫االجتماعية والمالية‪ ،‬وبما يعالج أهم المشاكل االقتصادية‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬إنشاء صناديق خاصة بالعمل االجتماعي‪:‬‬


‫ً‬
‫المصارف اإلس�لامية بما تملكه من موارد بش��رية‪ ،‬وإمكانيات تقنية وإدارية بما يسهل‬
‫عملية إدارة صناديق خيرية‪ ،‬كصندوق أوقاف النقود التي يذهب ريعها أليتام مدينة ما مثلاً ‪،‬‬
‫أو ط��رح صكوك إجارة أو اس��تصناع وقفي��ة معينة‪ ،‬يذهب ربحها لصال��ح الجهة الموقوف‬
‫عليه��ا من مدارس أو مس��اجد أو دور مس��نين‪ ...‬أو مستش��فيات‪ ...‬إلخ وتتول��ى إدارتها‪،‬‬
‫وتش��رف عليها هيئة رقابة شرعية بالتنس��يق والتعاون مع الوزارات ذات العالقة‪ ،‬كاألوقاف‬
‫وديوان قاضي القضاة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 244‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫االسرتاتيجية املنشودة للبنوك اإلسالمية‬
‫يف املسؤولية اجملتمعية‬
‫نظرا لما تمثله المس��ؤولية المجتمعية من أثر قوي في إحداث تغيير اجتماعي اتجهت‬
‫ً‬
‫المؤسس��ات الراعية للمصرفية اإلس�لامية لتسليط الضوء عليه وترش��يده وتطويره وتقنينه‪،‬‬
‫مؤخرا‬
‫ً‬ ‫ومن أمثلة ذلك إصدار هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية‪،‬‬
‫لـ‪ 13‬معيار تعالج المسؤولية االجتماعية‪ ،‬مثل‪ :‬التزامات الشركاء (العمالء) ورفاه العاملين‪،‬‬
‫والصدق��ات‪ ،‬والبيئ��ة‪ ...‬إلخ‪ ،‬ف��ي اإلطار العملي توصلت دراس��ة أعدتها «دينار س��تندار»‬
‫‪ ،Dinar Standard‬ودار االستثمار ‪ Dar Al Istithmar‬عام ‪2009‬م بالتعاون مع هيئة‬
‫المحاس��بة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية حول اتجاهات المسؤولية االجتماعية‬
‫في المؤسسات المالية اإلسالمية إلى وجود مؤشرات جيدة على اهتمام المؤسسات المالية‬
‫بالمس��ؤولية االجتماعية‪ ،‬تس��تند الدراس��ة على استبيان أرس��ل عبر اإلنترنت إلى ‪ 154‬من‬
‫أكبر المؤسسات المالية اإلس�لامية لإلجابة على مجموعة من األسئلة وإرسالها عبر البريد‬
‫اإللكتروني أو الفاكس أو البريد العادي‪.‬‬
‫أسئلة االستطالع تغطي المجاالت التالية للمسؤولية االجتماعية‪:‬‬
‫‪ -‬االمتثال ألحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬مسؤولية التعامل مع العمالء‪.‬‬
‫‪ -‬المكاسب التي تحظرها الشريعة‪.‬‬
‫‪ -‬الحياة الكريمة والرفاه‪.‬‬
‫‪ -‬الزكاة‪.‬‬
‫‪ -‬القرض الحسن‪.‬‬
‫( ‪) 245‬‬
‫‪ -‬الحد من اآلثار السلبية على البيئة‪.‬‬

‫‪ -‬حصص االستثمارات الموجهة للتنمية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬خدمة العمالء‪.‬‬

‫‪ -‬مساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة األنشطة الخيرية‪.‬‬

‫‪ -‬إدارة الوقف‪.‬‬

‫‪ -‬األنشطة الخيرية‪.‬‬

‫‪ -‬أنشطة متنوعة أخرى‪.‬‬

‫وهذه بعض نتائج الدراسة‪:‬‬

‫‪ -‬حماية البيئة‪:‬‬

‫أكدت الدراس��ة أن ‪ % 52‬من المؤسسات لديها اهتمام بقضايا البيئة غير أن ‪ % 38‬فقط‬
‫لديها برامج في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ -‬الزكاة‪:‬‬

‫أكدت ‪ % 31‬من المؤسس��ات أن لديها آليات لتوزيع زكوات العمالء‪ ،‬في حين أكد‬
‫‪ %55‬عدم وجود سياسة لذلك‪.‬‬

‫‪ -‬الحياة الكريمة والرفاه‪:‬‬

‫أكدت ‪ %66‬من المؤسس��ات أن لديها أهداف اجتماعية في هذا المجال‪ ،‬بينما أكدت‬
‫‪ % 55‬من المؤسسات وجود آثار اجتماعية ألنشطتها التنموية‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة في مكافحة التمييز العنصري‪:‬‬

‫تجرب��ة بنك البركة جنوب إفريقيا وضع البنك سياس��ة لمكافح��ة آثار التميز العنصري‬
‫الذي عاش��ته إفريقيا الجنوبية؛ لذلك التزم البنك بمس��اواة الجميع ف��ي التوظيف‪ ،‬وكذلك‬

‫( ‪) 246‬‬
‫المساواة بين الرجال والنساء‪ ،‬وقد شكل البنك لجنة للسهر على تطبيق هذه السياسة‪.‬‬
‫‪ -‬القرض الحسن‪:‬‬
‫أك��دت ‪ % 59‬من المؤسس��ات بأن لديها برامج للقرض الحس��ن ألغراض اجتماعية‪،‬‬
‫بينما أكدت ‪ % 34‬عدم وجود سياسة على اإلطالق في ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع االستثمارات االجتماعية‪:‬‬
‫أكدت ‪ ٪ 62‬من المؤسس��ات أن لديها سياسة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‬
‫وتشجيع االستثمارات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬األنشطة الخيرية‪:‬‬
‫فيما يخص األنش��طة الخيرية‪ ،‬أش��ار ‪ ٪ 76‬أن لديهم برامج لمثل هذه األنشطة‪ ،‬بينما‬
‫‪ ٪ 17‬ليس لديهم اهتمام بذلك‪.‬‬
‫انطالقًا من الدراس��ة السابقة يتضح أن هناك مؤش��رات جيدة على اهتمام المؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية بالمسؤولية االجتماعية‪ ،‬إال أن هناك دراسات أخرى تبين أن المقادير التي‬
‫تساهم بها المصارف اإلسالمية للخدمات اإلنسانية واالجتماعية ضئيلة ال تتناسب مع آمال‬
‫المجتمعات وطموحاتها التي تنشط فيها(((‪:‬‬
‫أما االستراتيجية المنشودة في المسؤولية المجتمعية‪:‬‬
‫األصل أن تنتهج البنوك اإلسالمية استراتيجية متوازنة للعمل المجتمعي من خالل(((‪:‬‬
‫أ ـ تقديم عدد من الصيغ التمويلية الفردية للمس��تثمرين والمجتمعات التي تعمل فيها‪،‬‬
‫ومنها على س��بيل المثال المش��اركة والمضاربة والمرابحة والمتاجرة واالستثمار المباشر‪،‬‬
‫مما يؤدى إلى‪:‬‬

‫((( انظر‪« :‬المسؤولية االجتماعية للمصارف اإلسالمية ـ تحليل تجربة المصرف اإلسالمي للتنمية»‪.‬‬
‫((( انظر‪« :‬المس��ؤولية االجتماعية للمصارف اإلس�لامية ـ تحليل تجربة المصرف اإلس�لامي للتنمية ـ»‬
‫مقدمة للملتقى الدولي الثالث حول منظمات األعمال والمسؤولية االجتماعية يومي‪ 14 :‬ـ ‪ 15‬فيفري‬
‫‪2012‬م جامعة بشار‪ ،‬ص‪.6‬‬

‫( ‪) 247‬‬
‫‪ -‬المساهمة في مواجهة المشكالت الملحة في المجتمع‪ ،‬كاإلسكان واألمن الغذائي‬
‫والنقل والمواصالت‪.‬‬

‫‪ -‬توفير فرص التشغيل والعمالة وتحقيق الرفاهية والرخاء للمجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬وظيفة رأس المال والعمل على تحريك الثروة وتداولها وإعادة توزيعها‪.‬‬
‫ب ـ إح��داث الت��زاوج بين عنصري رأس الم��ال والعمل‪ ،‬وبالتال��ي تنقية المعامالت‬
‫المالية واالس��تثمارية م��ن الربا‪ ،‬ومن كل ما هو مح��رم في المعامالت المالي��ة والتجارية‪،‬‬
‫وتشجيع األيدي العاملة على الكسب الحالل بما يساهم في القضاء على البطالة‪.‬‬

‫ج ـ المس��اهمة ف��ي تدعيم البيئ��ة االجتماعية للمجتمع اإلس�لامي واالهتمام بتحقيق‬


‫العدالة االجتماعية‪ ،‬وذلك عن طريق مجموعة من األساليب والوسائل‪ ،‬من أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬تجنب المعامالت المحرمة شرعًا وما ينتج عنها من آثار ضارة‪.‬‬

‫‪ -‬االهتمام بتحصيل الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية‪.‬‬

‫‪ -‬منح القروض الحسنة والقروض اإلنتاجية‪ ،‬واالهتمام بالصناعات الصغيرة والحرفية‪.‬‬

‫د ـ إثراء الثقافة اإلس�لامية والفكر اإلس�لامي‪ ،‬والعمل على نشر الوعي المصرفي بين‬
‫أف��راد المجتم��ع‪ ،‬خاصة في فقه المعام�لات‪ ،‬وذلك من خالل إص��دار الكتب والدوريات‬
‫والنشرات اإلسالمية ونشرها‪ ،‬وإقامة الندوات وعقد المؤتمرات‪ ،‬التي تخدم هذا الغرض‪.‬‬

‫ﻫ ـ جذب األموال التي كانت محبوسة عن التشغيل في أيدي المتورعين عن التعامل بالربا‬
‫مع مجموعة من البنوك القائمة أو الذين يش��كون في استغالل البنوك التقليدية ألموالهم مقابل‬
‫سعر فائدة منخفض ال يعكس قيمتها‪ ،‬مما يؤدى إلى حجبها واكتنازها بما ال يفيد المجتمع‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 248‬‬
‫املبحث السادس‬
‫املسؤولية اجملتمعية للمصارف اإلسالمية‬
‫ً‬
‫منوذجا)‬ ‫(جتارب إبداعية ـ البنك اإلسالمي الفلسطيين‬

‫إعداد‬
‫د‪ .‬عماد السعدي‬
‫دكتوراه يف االقتصاد والتمويل اإلسالمي‬
‫املدير العام للبنك اإلسالمي الفلسطيين‬
‫فلسفة البنك اإلسالمي الفلسطيين‬
‫يف املسؤولية االجتماعية‬
‫ج��اء في تصور البنك اإلس�لامي الفلس��طيني ع��ن فلس��فته للمس��ؤولية المجتمعية‪:‬‬
‫«تس��تند سياسة المس��ؤولية المجتمعية للبنك اإلسالمي الفلس��طيني إلى العالقة التشاركية‬
‫مع المجتمع الفلس��طيني ومن إيمان البنك بدوره في نشر ثقافة العمل المصرفي اإلسالمي‬
‫والمس��اهمة الفاعلة في التنمية االقتصادية والمجتمعية من خالل توفير الوس��ائل المالئمة‬
‫للتنمية البش��رية؛ حيث تشتمل سياسة المسؤولية االجتماعية في البنك على الدعم المادي‪،‬‬
‫وعلى العمل التطوعي المجتمعي ألسرة البنك من أجل توطيد أواصر الترابط مع المجتمع‬
‫الفلسطيني»(((‪.‬‬

‫وعن المجاالت التي تشملها المسؤولية المجتمعية‪« :‬ويخصص البنك جزءً من أرباحه‬
‫السنوية الصافية لدعم أنشطة ومؤسسات وبرامج في قطاعات التعليم والصحة والمؤسسات‬
‫الخيري��ة تحدي��دًا تلك التي تعنى بش��ؤون األيت��ام والمس��نين وذوي االحتياجات الخاصة‬
‫والفئات األقل ح ًّظا‪ ،‬كما يولي البنك أهمية خاصة لدعم البرامج واألنش��طة والمؤسس��ات‬
‫العاملة في المناطق الجغرافية األقل ح ًّظا‪ ،‬مما يس��اهم في تحقيق رؤيته من تطبيق مش��اريع‬
‫أثرا إيجابيًّا ومستدامًا على المجتمع المقصود‪،‬‬
‫المسؤولية المجتمعية‪ ،‬والتي يجب أن تترك ً‬
‫وال يكتفي البنك بالدعم النقدي فقط‪ ،‬وإنما يش��جع موظفيه على المش��اركة في الفعاليات‬
‫التطوعي��ة ويخصص يومً��ا تطوعيًّا على األقل خالل العام يش��ارك فيه كاف��ة الموظفين في‬
‫فعاليات مجتمعية تسهم في بناء المجتمع»(((‪.‬‬

‫((( انظر موقع البنك اإلسالمي الفلسطيني عن المسؤولية المجتمعية‪:‬‬


‫‪https://www.islamicbank.ps/ar/csr/about_csr‬‬
‫((( انظر موقع البنك اإلسالمي الفلسطيني عن المسؤولية المجتمعية‪:‬‬
‫‪https://www.islamicbank.ps/ar/csr/about_csr‬‬

‫( ‪) 250‬‬
‫البنك اإلسالمي الفلسطيين‪ :‬جتارب إبداعية‬
‫(((‬‫برنامج املسؤولية اجملتمعية ‪ 2018‬ـ ‪2021‬م‬
‫دعم حتقيق األهداف العاملية للتنمية املستدامة‪:‬‬
‫إيمانً��ا من البن��ك بالدور الملق��ى على عاتقه في مج��ال المس��ؤولية المجتمعية‪ ،‬يعمل‬
‫وبشكل سنوي على تنفيذ عشرات المشاريع في هذا المجال‪ ،‬وخالل األعوام األربعة األخيرة‬
‫(‪ 2018‬ـ ‪2021‬م) نفذ البنك ‪ 330‬مشروعًا في مختلف محافظات الوطن‪ ،‬مع حرصه على أن‬
‫تنس��جم مع األهداف العالمية للتنمية المستدامة‪ ،‬حيث تركزت في مجاالت الصحة والتعليم‬
‫بش��كل خاص‪ ،‬باإلضافة إلى التنمية وتوفير المياه النظيف��ة‪ ،‬والقضاء على الفقر‪ ،‬ودعم ذوي‬
‫ٍ‬
‫االحتياجات الخاصة‪ ،‬والطاقة النظيفة‪ ،‬ومن بين هذه المشاريع على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬
‫‪ -‬دع��م صندوق وقفة عز المخصص لتغطية االحتياج��ات الطارئة لمواجهة تداعيات‬
‫انتشار فيروس كورونا‪.‬‬
‫‪ -‬إطالق جائزة البنك اإلسالمي الفلسطيني للبحث العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء محطات التحلية في قطاع غزة‪.‬‬
‫‪ -‬شراء أجهزة تنفس للمشافي والمراكز الصحية‪.‬‬
‫‪ -‬تركيب خزانات مياه صحية لمدارس األونروا في غزة‪.‬‬
‫‪ -‬ترميم ساحة مدرسة سبسطية وتأهيلها‪.‬‬

‫((( المصدر‪:‬‬
‫ ـ وثائق أرشيف البنك اإلسالمي الفلسطيني بخصوص المسؤولية المجتمعية لسنوات (‪ 2018‬ـ ‪2021‬م)‪:‬‬
‫‪https://www.islamicbank.ps/ar/csr/about_csr‬‬
‫ ـ قسم األخبار أرشفة للنشاطات المجتمعية‪:‬‬
‫‪https://www.islamicbank.ps/ar/media_center/news?category=3‬‬

‫( ‪) 251‬‬
‫‪ -‬دعم مدارس قرى األطفال ‪.SOS‬‬
‫‪ -‬إنشاء غرف صفية في مدارس نور القدس‪.‬‬
‫تخدم المشاريع المذكورة باإلضافة لبقية المشاريع التي جرى تنفيذها قطاعات حيوية‬
‫أساسا لتحقيق التنمية المستدامة في فلسطين‪ ،‬وتعزز صورة البنك كأحد المؤسسات‬
‫ً‬ ‫تشكل‬
‫البارزة في مجال دعم تحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬
‫املصروفات‪:‬‬
‫‪ -1‬يوض��ح الج��دول التالي مجموع المبال��غ المصروفة للقطاع��ات المختلفة خالل‬
‫الفترة ‪ 2018‬ـ ‪2021‬م؛ حيث يظهر من الرسم أن النسبة األكبر من الموازنات كانت لدعم‬
‫قطاعي الصحة والتعليم‪.‬‬

‫‪ -2‬يظه��ر من خالل الرس��م أدناه مجم��وع إنفاق البنك في األعوام ‪ 4‬الس��ابقة ضمن‬
‫برنامجه للمس��ؤولية المجتمعية المس��تدامة؛ حيث خصص المبلغ األكب��ر للبرنامج خالل‬
‫نظرا لزيادة مس��اهمات البن��ك المخصصة‬
‫الع��ام ‪2020‬م‪ ،‬وبلغ��ت قيمت��ه ‪971.228$‬؛ ً‬
‫للقطاع الصحي لمساعدته على مواجهة تداعيات جائحة كورونا‪.‬‬
‫( ‪) 252‬‬
‫‪ -3‬يظهر من خالل الرسم أدناه عدد المشاريع المنفذة في كل محافظة؛ حيث تبين توزيعها‬
‫على مختلف المحافظات‪ ،‬وبما ينسجم مع حاجة التجمعات السكانية في كل محافظة‪.‬‬

‫( ‪) 253‬‬
‫مشاريع مهمة ونوعية يف مدينة القدس وقطاع غزة‪:‬‬
‫يعطي البنك أولوية لقطاع غزة ومدينة القدس في إطار برنامجه للمسؤولية المجتمعية‪،‬‬
‫وانطالقًا من ذلك جرى تنفيذ عشرات المشاريع النوعية والمهمة فيها‪ ،‬وذلك لتعزيز صمود‬
‫المواطني��ن في ظل تدهور األوضاع االقتصادي��ة واالحتياجات الكبيرة لمختلف القطاعات‬
‫خاصة قطاعي التعليم والصحة والمياه‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬منوذج املسؤولية اجملتمعية يف القطاع التعليمي والبحث العلمي‪:‬‬


‫في مدينة القدس تركزت المشاريع لخدمة القطاع التعليمي الذي يواجه تحديات كبيرة‪،‬‬
‫باإلضافة لمساهمات في دعم قطاعات وشرائح أخرى‪ ،‬ومن األمثلة على هذا المشاريع‪:‬‬

‫‪ -‬إنشاء غرف صفية في مدرسة نور القدس‪.‬‬

‫‪ -‬دعم مدراس رياض األقصى اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬إنشاء غرف صفية في مدرسة حزما األساسية للبنين‪.‬‬

‫‪ -‬دعم تجار البلدة القديمة من خالل مؤسسة فجر القدس‪.‬‬

‫افتتاح مرشوع الغرف الصفية اجلديدة يف مدرسة نور القدس‬

‫( ‪) 254‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬منوذج املسؤولية اجملتمعية يف القطاع الصحي‪:‬‬
‫من األمثلة على المشاريع التي جرى تنفيذها في قطاع غزة‪:‬‬

‫‪ -‬إنشاء محطات لتحلية المياه وصيانتها‪.‬‬

‫‪ -‬توفير خزانات لمياه الشرب لمدارس األونروا‪.‬‬

‫‪ -‬دعم مؤسسة بسمة أمل لرعاية مرضى السرطان‪.‬‬

‫‪ -‬دعم إنشاء مركز للحجر الصحي‪.‬‬

‫حمطة حتلية مياه يح الفاروق اليت أنشأها ابلنك يف انلصريات‬

‫مواجهة تداعيات كورونا‪:‬‬


‫باإلضاف��ة للدع��م ال��ذي قدمه البن��ك للقطاع الصح��ي وصندوق وقفة ع��ز لمواجهة‬
‫تداعيات جائحة كورونا‪ ،‬أس��همت الخطط االس��تباقية التي أقرها مجل��س اإلدارة للتحول‬
‫الرقمي‪ ،‬وإدارة المخاطر في الحفاظ على س�لامة الموظفين والعمالء‪ ،‬وضمنت اس��تمرار‬
‫تقديم خدمات البنك بالشكل األمثل‪ ،‬وذلك من خالل جملة من اإلجراءات أبرزها‪:‬‬

‫‪ -1‬تعزيز إجراءات األمن الصحي‪ ،‬من خالل تنفيذ أعمال التعقيم لكافة مقرات البنك‪،‬‬

‫( ‪) 255‬‬
‫وتوفير مس��تلزمات الوقاية وااللتزام بإجراءات التباعد‪ ،‬وتنظي��م إجراءات الدخول للفروع‬
‫والمكاتب‪ ،‬باإلضافة لحمالت لتوعية الموظفين والجمهور بالتنسيق مع وزارة الصحة‪.‬‬
‫‪ -2‬تطعيم الموظفين بلقاح فيروس كورونا بالتنس��يق مع وزارة الصحة‪ ،‬حيث نظمت‬
‫الحملة على مدار عدة أيام‪ ،‬وتلقى قرابة ‪ % 70‬من الموظفين اللقاح‪.‬‬
‫‪ -3‬تفعي��ل خط��ط العمل عن بع��د ومن المواق��ع البديلة من خالل اس��تخدام أحدث‬
‫التقنيات في هذا المجال‪ ،‬واتخاذ إجراءات أخرى للتس��هيل على العاملين في البنك خاصة‬
‫الموظفات إلتاحة الفرصة لهن للتواجد مع أطفالهن‪ ،‬في ظل إغالق دور الحضانة ورياض‬
‫األطفال والمدارس‪.‬‬
‫‪ -4‬تقسيم الموظفين إلى مجموعات والعمل بالتناوب‪ ،‬ووقف أي أنشطة أو فعاليات‬
‫قد تؤدي لحدوث تجمعات‪.‬‬
‫‪ -5‬تعزي��ز خدمات البنك اإللكترونية لتمكين العمالء من التمتع بالخدمات المصرفية‬
‫بس��رعة وس��هولة‪ ،‬وفي أي وقت‪ ،‬وأي مكان والتقليل م��ن مخالطتهم لآلخرين‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل‪:‬‬
‫أ ـ إط�لاق مركز االتصال الرقمي بقنوات رقمية متعددة توفر الخدمات المصرفية على‬
‫مدار الساعة‪.‬‬
‫ب ـ رفع س��قوف الس��حب واإليداع للصرافات اآللية‪ ،‬واإلعالن عن إجراءات خاصة‬
‫لتنظيم اس��تخدام العمالء للصرافات‪ ،‬ومنع حدوث تجمعات وبما ينس��جم مع اإلجراءات‬
‫المعلنة من قبل وزارة الصحة‪.‬‬
‫ج ـ إطالق ميزة الدفع الالتالمسي ‪ ،Contactless Payment‬وذلك حفا ًظا على‬
‫سالمة العمالء‪ ،‬ومنع حدوث عدوى نتيجة استخدام بطاقات البنك‪.‬‬
‫‪ -6‬رغم تراجع أعمال البنك في قطاع غزة خالل الجائحة إال أنه واصل تقديم خدماته‬
‫من خالل ش��بكة فروعه ومكاتبه في القطاع وبنفس الوتيرة‪ ،‬كما اس��تمر في الوفاء بالتزاماته‬
‫تجاه العاملين فيها‪.‬‬

‫( ‪) 256‬‬
‫جانب من أعمال تعقيم الفروع ملواجهة جاحئة كورونا‬

‫إطالق محلة تطعيم املوظفني بلقاح فريوس كورونا باتلعاون مع وزارة الصحة‬

‫املطلب الثالث‪ :‬منوذج املسؤولية اجملتمعية يف دعم الفئات املهمشة‪:‬‬


‫التعامل مع ذوي االحتياجات اخلاصة‪:‬‬
‫يح��رص البن��ك على تمكي��ن ذوي اإلعاقة م��ن إدارة ش��ؤونهم المصرفية بكل يس�� ٍر‬
‫وخصوصية‪ ،‬ومنحهم األولوية في التمتع بالخدمات المصرفية‪ ،‬وذلك انسجامًا مع تعليمات‬
‫س��لطة النقد الفلسطينية بهذا الخصوص‪ ،‬وإيمانًا منه بالدور الواقع على عاتقه تجاه مساعدة‬
‫هذه الفئة عمل تنفيذ مجموعة من اإلجراءات أبرزها‪:‬‬
‫( ‪) 257‬‬
‫‪ -1‬تهيئ��ة كاف��ة فروع البنك ومكاتبه ومنش��آته الس��تقبال ذوي االحتياجات الخاصة‪،‬‬
‫إضافة لتهيئة الصرافات اآللية الستخدامها من قبل ذوي اإلعاقة البصرية‪.‬‬

‫‪ -2‬زيادة مهارات موظفي البنك في التعامل مع ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬من خالل‬
‫تدريبه��م على لغات اإلش��ارة وبريل وكان الس��باق في هذا األمر داخ��ل القطاع المصرفي‬
‫الفلسطيني‪.‬‬

‫‪ -3‬توفير عقود وبروشورات توعوية بلغة بريل‪.‬‬

‫‪ -4‬يمنح البنك ذوي اإلعاقة حقوقًا متس��اوية في المنافس��ة على فرص العمل؛ حيث‬
‫يشكلون جزءًا أساسيًا من فريقه‪ ،‬وذلك انسجامًا مع ما ينص عليه قانون رقم ‪ 4‬لسنة ‪1999‬م‬
‫بشأن حقوق ذوي اإلعاقة في فلسطين‪.‬‬

‫‪ -5‬يدعم البنك بشكل سنوي العديد من المؤسسات التي تعنى برعاية ذوي االحتياجات‬
‫الخاص��ة‪ ،‬وتطوير مهاراتهم‪ ،‬ودمجهم في المجتمع‪ ،‬وخالل الفترة من ‪ 2018‬ـ ‪2021‬م نفذ‬
‫البنك ‪ 22‬مشروعًا في هذا المجال‪.‬‬

‫جانب من مرشوع توريد املصاحف اإللكرتونية‬


‫ىلع طالب دار الكفيف يف جنني‬

‫( ‪) 258‬‬
‫يتلىق موظفو ابلنك دورات تدريبية للتعامل‬
‫مع ذوي االحتياجات اخلاصة‪ ،‬وتعلم لغة اإلشارة‬

‫يتلىق موظفو ابلنك دورات تدريبية للتعامل‬


‫مع ذوي االحتياجات اخلاصة وتعلم لغة اإلشارة‬

‫( ‪) 259‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬منوذج املسؤولية اجملتمعية يف العمل التطوعي‬
‫العمل التطوعي‪:‬‬
‫مساهمات البنك في مجال المسؤولية المجتمعية ال تقتصر على الدعم المادي‪ ،‬وإنما‬
‫ي��رى في العمل التطوعي جزءًا مه ًما من هذا البرنامج ويحرص على تعزيز هذه الثقافة لدى‬
‫موظفيه؛ كونها دليلاً على االنتماء والمواطنة الصالحة‪.‬‬
‫وخالل األعوام األربعة الس��ابقة نفذ البنك مجموعة من األنش��طة التطوعية في مناطق‬
‫مختلفة منها‪:‬‬
‫‪ -‬نشاط تطوعي في المنطقة األثرية لبلدة سبسطية ‪2021‬م‪.‬‬
‫‪ -‬نش��اط تطوعي ضمن حملة «حنجملها»‪ ،‬وذلك إلزالة آثار الركام من ش��وارع مدينة‬
‫بيت الهيا ‪2021‬م‪.‬‬
‫‪ -‬نشاط تطوعي مدينة سلفيت تخلله أعمال نظيف وزراعة أشجار ‪2019‬م‪.‬‬
‫‪ -‬نشاط تطوعي ضمن مشروع إفطار صائم في مدينة رفح ‪2019‬م‪.‬‬
‫‪ -‬نشاط تطوعي في البلدة القديمة بمدينة الخليل تخلله المساعدة في تحضير الوجبات‬
‫في تكية سيدنا إبراهيم الخليل ‪2018‬م‪.‬‬
‫‪ -‬حملة تطوعية تحت عنوان «أنش��ر بس��مة» لجمع المالبس من الموظفين‪ ،‬وتوزيعها‬
‫على العائالت المحتاجة في مختلف المحافظات ‪2018‬م‪.‬‬

‫جانب من ايلوم اتلطويع اذلي اقيم يف بدلة سبسيطة ـ نابلس‬

‫( ‪) 260‬‬
‫جانب من العمل اتلطويع حلملة «حنجملها»‬
‫إلزالة الراكم من شوارع مدينة بيت الهيا ـ قطاع غزة‬

‫جانب من العمل تلطويع لشهر رمضان يف تكية رفح ضمن برنامج «إفطار صائم»‬

‫جانب من يوم العمل اتلطويع يف مدينة اخلليل وابلدلة القديمة‬

‫( ‪) 261‬‬
‫جانب من احلملة اتلطوعية «أنرش بسمة»‬
‫جلمع املالبس وتوزيعها ىلع العائالت املتعففة‬

‫املطلب اخلامس‪ :‬منوذج املسؤولية اجملتمعية يف العناية بالبيئة‪:‬‬


‫احلفاظ على البيئة‪:‬‬
‫يول��ي البنك أهمية كبي��رة للحفاظ على البيئ��ة‪ ،‬والتقليل من أي أض��را ٍر قد تنجم عن‬
‫أعماله تجاهها‪ ،‬وذلك انس��جامًا مع التزامه باألهداف العالمية للتنمية المس��تدامة التي يعتبر‬
‫الحفاظ على البيئة من أبرزها‪ ،‬ومن اإلجراءات التي يتبعها البنك في هذا المجال‪:‬‬

‫‪ -1‬االعتماد على نظام طاقة شمسية يضمن تشغيل أنظمة اإلنذار والحاسوب واإلنارة‬
‫والصرافات اآللية‪.‬‬

‫‪ -2‬استبدال أجس��ام اإلنارة واألجهزة المستهلكة للطاقة‪ ،‬مثل‪ :‬الطابعات والمكيفات‬


‫بأخرى موفرة للطاقة‪.‬‬

‫‪ -3‬توعية الموظفين بأساليب االقتصاد والترشيد في استهالك الطاقة‪.‬‬

‫‪ -4‬ضخ فائض إنتاج الكهرباء التي يتم إنتاجها من الطاقة الشمس��ية في منشآت البنك‬
‫إلى الشبكة العامة‪.‬‬

‫‪ -5‬تقلي��ل اس��تهالك الورق من خالل زيادة االعتماد عل��ى القنوات الرقمية في تقديم‬

‫( ‪) 262‬‬
‫الخدم��ات المصرفية وإنجاز المعامالت الداخلية بش��كل إلكتروني‪ ،‬مما يس��هم في تقليل‬
‫حجم المعامالت الورقية‪ ،‬وتقليل كمية األوراق المستهلكة‪.‬‬

‫‪ -6‬االعتم��اد عل��ى نظام تنظيف آلي أللواح الطاقة الشمس��ية‪ ،‬يضم��ن زيادة في إنتاج‬
‫الطاقة الشمسية‪ ،‬وقدرت الزيادة بمعدل ‪.%10‬‬
‫وق��د بلغ عدد المواقع المس��تفيدة من نظام الطاقة الشمس��ية ‪ 15‬فرعً��ا ومكتبًا‪ ،‬ويبلغ‬
‫مع��دل اإلنتاج لهذه المواق��ع ‪ 1.6‬ميغاوات من الكهرباء يوميًا بما يعادل ‪ 600‬ميغاوات من‬
‫الكهرباء س��نويًّا‪ ،‬مما يسهم في توفير بيئة مالئمة خالية من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون‬
‫من جراء تشغيل المولدات‪.‬‬

‫نظام الطاقة الشمسية اخلاص بابلنك ـ فرع ابلرية‬

‫نظام الطاقة الشمسية اخلاص بابلنك ـ اإلدارة العامة ـ رام اهلل‬

‫( ‪) 263‬‬
‫نظام الطاقة الشمسية اخلاص بابلنك ـ فرع غزة‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 264‬‬
‫خامتة وتوصيات‬
‫‪ -‬المسؤولية االجتماعية عمومًا وفق الباحث‪ ،‬هي‪ :‬اضطالع كل من الفرد ومؤسسات‬
‫المجتم��ع ومنظمات��ه الخاصة أو العامة بالمه��ام الواجبة أو الطوعية الت��ي ينبثق عنها تبادل‬
‫مناف��ع مجتمعية ملحة‪ ،‬كالصحة والبيئة والتعليم ومكافحة األمية والفقر‪ ،‬منافع يحتاج إليها‬
‫مختلف شرائح المجتمع‪ ،‬وخاصة الفئات المهمشة‪.‬‬

‫‪ -‬مفهوم المس��ؤولية المجتمعية في اإلس�لام وفق الباحث‪ :‬التزام الشخصية الطبيعية‬


‫والش��خصية االعتبارية بالخطاب الش��رعي في إطار الواجبات والمندوبات بتحقيق المنافع‬
‫الدنيوي��ة للفرد والمجتمع على س��بيل التعاون والتكافل‪ ،‬امتثالاً للخطاب الش��رعي‪ ،‬وبهذا‬
‫يتبين تفوق مفهوم المسؤولية االجتماعية في اإلسالم على مفهومها في الثقافات األخرى‪.‬‬

‫‪ -‬هدف المسؤولية االجتماعية في الفكر الغربي‪ ،‬هو‪ :‬تحقيق المنافع المادية في األجل‬
‫الطويل‪ ،‬بينما تهدف في الفكر اإلسالمي إلى تحقيق منافع الدارين‪.‬‬

‫‪ -‬تتفوق مفهوم المس��ؤولية المجتمعية في الفكر اإلس�لامي من حيث مصدر التشريع‬


‫للمس��ؤولية االجتماعية؛ ففي الوقت الذي يكون فيه التش��ريع الحكومي‪ ،‬أو فكرة المصالح‬
‫المتبادلة‪ ،‬هي المصدر في الفكر الغربي‪ ،‬نجد أن المصدر في الفكر اإلس�لامي هو الشريعة‬
‫السمحاء‪.‬‬

‫‪ -‬المس��ؤولية االجتماعية للمصارف اإلس�لامية تعني وفق الباح��ث‪ :‬التزام المصرف‬


‫اإلس�لامي بالمش��اركة في تحمل أعباء ومتطلب��ات العمل االجتماع��ي التكافلي لمختلف‬
‫أطي��اف المجتم��ع وخاص��ة ذوي االحتياج��ات المادي��ة‪ ،‬وبما يش��مل تحم��ل المتطلبات‬
‫االجتماعية للعاملين في المصرف‪ ،‬وبما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للفقراء ولذوي‬
‫الدخل المحدود‪ ،‬وذلك على سبيل االمتثال للخطاب الشرعي وجوبًا أو تطوعًا‪.‬‬

‫‪ -‬من أهم خصائص المسؤولية االجتماعية في اإلسالم استنادها للعقيدة اإلسالمية‪.‬‬

‫( ‪) 265‬‬
‫‪ -‬المسؤولية االجتماعية للمصارف اإلسالمية تمثل ضرورة بشرية وفريضة شرعية أو‬
‫مندوبًا شرعيًّا على أقل تقدير‪.‬‬
‫‪ -‬من مقومات التماسك والتكافل االجتماعي‪ :‬االلتزام بالتدابير والتشريعات اإلسالمية‬
‫التي تكفل إعانة المحتاجي��ن والقضاء على البطالة‪ ،‬ومحاربة الفقر‪ ،‬وكفاية الفقراء واأليتام‬
‫والفئات المهمش��ة في المجتمع‪ ،‬من خالل إلزام الدولة ومؤسس��اتها ومنظماتها الرس��مية‬
‫واألهلية باالضطالع بواجباتهم الش��رعية والقانونية واألخالقية م��ن جمع الزكاة وتوزيعها‬
‫للمستحقين‪ ،‬وإنش��اء صناديق للتبرعات لصالح هذه الفئات‪ ،‬ودعم المشاريع التنموية التي‬
‫تمنع البطالة‪ ،‬وتحد من الفقر‪ ،‬وتشجيع المواطنين على البذل واإلنفاق في الصدقات الجارية‬
‫ّ‬
‫بحث المكلفين على‬ ‫واألوقاف والوصايا‪ ،‬ولهذا وجدنا اإلسالم يعتني عناية خاصة ومميزة‬
‫تحمل المسؤوليات االجتماعية في القرآن الكريم والسنة المطهرة‪.‬‬
‫‪ -‬م��ن تتبع الس��نة النبوية بأقوالها وأفعالها وتقريراتها ظه��ر له بجالء حرص النبي ﷺ‬
‫على إرس��اء مبادئ التكافل والتراحم والمس��ؤولية المجتمعية‪ ،‬فهي عند المس��لمين عبادة‬
‫وقربة‪ ،‬قبل أن تكون مجرد مواساة اجتماعية‪ ،‬وهناك مئات النصوص في السنة تدعو لمبادئ‬
‫المسؤولية المجتمعية فردية كانت أو عائلية أو جماعية‪.‬‬
‫‪ -‬المس��ؤولية االجتماعي��ة اإللزامية‪ ،‬ويقصد بها‪ :‬وجوب التكاف��ل االجتماعي العام‪،‬‬
‫ورعاي��ة ذوي الحاج��ات في المجتم��ع من خالل تنفيذ تش��ريعات إس�لامية تكفل تحقيق‬
‫التراحم والتكافل االجتماعي‪ ،‬مثل‪ :‬تحصيل الزكاة‪.‬‬
‫‪ -‬تنوعت التش��ريعات اإلس�لامية في حث المس��لمين على تحمل أعباء المس��ؤولية‬
‫االجتماعي��ة؛ فمنها‪ :‬ما جاء على س��بيل اإللزام الش��رعي بحيث يأثم المس��لمون القادرون‬
‫على تنفيذ هذه المس��ؤولية بتركها ويثابوا ويمدحوا إن قاموا بها‪ ،‬ومنها‪ :‬ما جاء على س��بيل‬
‫الندب واالس��تحباب الشرعي بحيث يكافئ المضطلعون بالمسؤولية االجتماعية عليها عند‬
‫اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬من المعلوم شرعًا وجود حقوق مالية واجبة على المكلف غير الزكاة‪ ،‬منها‪ :‬وجوب‬

‫( ‪) 266‬‬
‫الكفارات‪ ،‬ومنه��ا‪ :‬ما يتعلق بالديات‪ ،‬وضمان المتلفات‪ ،‬والتعويض‪ ،‬ووجوب النفقة على‬
‫األقارب وصلة الرحم في جانبها المالي‪ ،‬وهناك حقوق مالية عامة يحتاج إليها المجتمع في‬
‫حال لم تكف الزكاة لعالج تبعات األعباء المجتمعية‪ ،‬أو نشبت حرب‪ ،‬أو نزلت كارثة‪ ،‬ولم‬
‫تف موارد الدولة في سد العجر والحاجة‪ ،‬فيجوز لها أن تفرض على المسلمين ضريبة لسد‬
‫ذلك العجر‪.‬‬

‫‪ -‬ومن صور المسؤولية المجتمعية الكفائية قيام أغنياء أو شركات أو مؤسسات بأعباء‬
‫اجتماعية ليس��وا ملزمين بعينهم للقيام بها‪ ،‬كمحو األمية‪ ،‬وفتح المدارس‪ ،‬وإنشاء المشاريع‬
‫الصغي��رة‪ ،‬ومحاربة البطالة‪ ،‬فهذه متطلب��ات مجتمعية وتعليمية وصحية مهمة جدًا‪ ،‬فإذا قام‬
‫بها هؤالء أسقطوا اإلثم عن الباقي‪ ،‬ولكن في حال تعطيل مصالح المسلمين في أي مجال‪،‬‬
‫فإن الجميع آثم إلى أن يقوم البعض بعالج الخلل وسد الحاجة‪.‬‬

‫‪ -‬آلية إس��هام المصارف اإلسالمية تكون بأنها توظف المال وتستثمره وتظهر أرباحه؛‬
‫فإما أن تخرجه باعتبارها شخصية اعتبارية وهو األولى‪ ،‬وإما أن توجه المساهمين والمودعين‬
‫ليخرجوا زكاة أموالهم في ضوء بيان أرباحهم‪ ،‬وحس��اب زكاة أموالهم‪ ،‬ويمكن للمصارف‬
‫اإلسالمية في الطريقتين أن تتولى إدارة حساب الزكاة‪ ،‬ومن ثم توزيعها للجهات المستحقة‬
‫بالتعاون مع لجان الزكاة والجمعيات الخيرية‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للمس��لمين فقد ندب الشرع الحنيف أتباعه للتطوع في مجال الصدقات بما‬
‫ينفس عن المكروب‪ ،‬ويغيث الملهوف‪ ،‬ويس��د حاجة المسكين‪ ،‬ورتب الشارع على سعي‬
‫كبيرا‪ ،‬وثوابًا عظي ًما‪ ،‬وأبواب المسؤولية المجتمعية التطوعية‬
‫أجرا ً‬
‫المس��لم لهذه الصدقات ً‬
‫مفتوحة تش��مل الهبات والتبرعات والصدقات الجاري��ة‪ ،‬والوصايا‪ ،‬واألوقاف في مختلف‬
‫المجاالت التعليمية والصحية واالقتصادية‪ ،‬ومن أبواب المس��ؤولية المجتمعية في حاالت‬
‫الظروف الطارئة‪ :‬التنازل عن بعض األرباح‪ ،‬وإبراء المدين من بعض الديون‪ ،‬وإعادة جدولة‬
‫الديون دون فوائد‪.‬‬

‫‪ -‬من أهم دروس المؤاخاة تحقيق التعاون في حاالت النزوح واللجوء والتشريد التي‬

‫( ‪) 267‬‬
‫قد يتعرض لها المس��لمون أو غيرهم‪ ،‬وهذا من أعلى درجات المسؤولية االجتماعية‪ ،‬ومن‬
‫الحوارات الدالة على حرص األنصار على تحقيق المسؤولية االجتماعية المبادرة لمقاسمة‬
‫نخيلهم مع المهاجرين‪.‬‬
‫‪ -‬من صور المسؤولية المجتمعية في زمن النبوة تكفل بعض الصحابة بفقراء المسلمين‬
‫ممن عرفوا بأصحاب الصفة‪.‬‬
‫‪ -‬من مفاخر الحضارة اإلس�لامية استيعاب كل مواطني الدولة تحت مظلة المسؤولية‬
‫المجتمعية؛ حيث شملت المسلمين وغير المسلمين‪.‬‬
‫‪ -‬م��ن صور المس��ؤولية المجتمعية إبّ��ان خالفة عمر بن عبد العزي��ز قضاء الدين عن‬
‫الغارمين من باب الزكاة‪.‬‬
‫‪ -‬ال ش��ك أن تقديم هذه الخدمة االجتماعية لعمالء البنك يس��هم في حل مش��اكلهم‬
‫المالي��ة‪ ،‬ويخفف م��ن أعباء التزاماتهم‪ ،‬ويمث��ل نافذة للمصرف اإلس�لامي يطل منها على‬
‫حاجات المجتمع‪ ،‬كما أنها تس��هم في توثيق عالقة العمالء بالبنك اإلس�لامي بما ينعكس‬
‫إيجابًا على تحقيق درجة الرضا والسمعة الحسنة لدى جمهور العمالء‪.‬‬
‫‪ -‬األول��ى في تقديري كون البنك اإلس�لامي يمثل ش��خصية اعتباري��ة أن يخرج زكاة‬
‫م��ا لديه من مال عل��ى اعتباره مملو ًكا لش��خص واحد‪ ،‬فهذا هو األقرب لمقصود الش��ارع‬
‫شخصا مدنيًّا مستقلاًّ هي المكلفة والمخاطبة‬
‫ً‬ ‫واألليق فقهيًا‪ ،‬فالشخصية االعتبارية باعتبارها‬
‫بوجوب أداء الزكاة‪.‬‬
‫حا على البنوك اإلس�لامية‪ ،‬لكنها من جهة أخرى‬
‫‪ -‬ه��ذه التمويالت وإن كانت تدر رب ً‬
‫كبيرا من حاجة الناس االجتماعية والمالية‪ ،‬وبما يعالج أهم المشاكل االقتصادية‪.‬‬
‫تحقق قد ًرا ً‬
‫‪ -‬المصارف اإلسالمية بما تملكه من موارد بشرية‪ ،‬وإمكانيات تقنية وإدارية بما يسهل‬
‫عملية إدارة صنادي��ق خيرية كصندوق أوقاف النقود التي يذهب ريعها أليتام مدينة ما مثلاً ‪،‬‬
‫أو ط��رح صكوك إجارة أو اس��تصناع وقفي��ة معينة‪ ،‬يذهب ربحها لصال��ح الجهة الموقوف‬
‫عليها من مدارس أو مساجد أو دور مسنين‪ ...‬أو مستشفيات‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫( ‪) 268‬‬
‫‪ -‬من خالل الدراس��ات فإن البنوك التي يزيد اهتمامها بالمس��ؤولية االجتماعية تزداد‬
‫ربحيتها ويؤمن العمالء برسالتها‪.‬‬

‫‪ -‬أوصي البنوك اإلس�لامية بض��رورة تعميق مبادئ المس��ؤولية المجتمعية من خالل‬


‫عقد لقاءات وورش��ات عمل ومؤتمرات تؤكد إنسانية رسالة البنوك اإلسالمية وفاعليتها في‬
‫إرساء دعائم االقتصاد اإلسالمي اإلنساني الرسالي‪.‬‬

‫‪ -‬أوصي بإجراء دراسات ميدانية‪ ،‬سواء من مراكز بحث أو جامعات أو أقسام البحث‬
‫ف��ي البن��وك اإلس�لامية؛ للتعرف على أولوي��ات المس��ؤولية المجتمعية‪ ،‬وط��رق تطويرها‬
‫وترشيدها؛ لتستمر في حمل أمانة المسؤولية المجتمعية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 269‬‬
‫اهلوامش برتتيب البحث‬
‫‪ .1‬طبيعة المس��ؤولية االجتماعية في المصرف اإلس�لامي (دراس��ة حالة البنك اإلس�لامي‬
‫األردني) أ‪ .‬د‪ .‬أسامة عبد المجيد العاني‪ ،‬المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج‬
‫(‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬المعجم الوسيط ـ مجموعة من المؤلفين (‪ )411/1‬مادة سأله‪.‬‬
‫‪ .3‬لسان العرب ـ ابن منظور (‪ )59/8‬جمع‪ ،‬المعجم الوسيط (‪ )135/1‬مادة جمع‪.‬‬
‫‪ .4‬المس��ؤولية االجتماعي��ة للمؤسس��ات االقتصادية م��ن خالل تطبي��ق المواصفة الدولية‬
‫آيزو ‪ 26000‬للمس��ؤولية االجتماعية أ‪ .‬مقدم وهيبة‪ ،‬أستاذة مساعدة بجامعة مستغانم‪،‬‬
‫د‪ .‬بكار بش��ير‪ ،‬أستاذ محاضر بجامعة مس��تغانم ص‪ ،9 ،8‬نقلاً عن الحوري والزيادات‬
‫وعبابنة‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.)5 :‬‬
‫‪ .5‬المس��ؤولية االجتماعي��ة للمؤسس��ات االقتصادية م��ن خالل تطبي��ق المواصفة الدولية‬
‫آيزو ‪ 26000‬للمس��ؤولية االجتماعية أ‪ .‬مقدم وهيبة‪ ،‬أستاذة مساعدة بجامعة مستغانم‪،‬‬
‫د‪ .‬بكار بشير‪ ،‬أستاذ محاضر بجامعة مستغان‪ ،‬ص‪ ،9‬نقلاً عن األسرج‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪.4 :‬‬
‫‪ .6‬صالح السحيباني‪ ،‬المسؤولية االجتماعية ودورها في مشاركة القطاع الخاص في التنمية‪،‬‬
‫حال��ة تطبيقية على المملكة العربية الس��عودية‪ ،‬بحث مقدم إل��ى المؤتمر الدولي حول‬
‫(القط��اع الخاص في التنمية‪ :‬تقييم واستش��راف)‪ 23 ،‬ـ ‪ 25‬م��ارس ‪2009‬م‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ص‪ ،4‬نقلاً عن طبيعة المسؤولية االجتماعية العاني‪ ،‬ص‪.280‬‬
‫‪ .7‬المواصفة القياس��ية الدولية آيزو ‪ 26000‬دليل إرش��ادي حول المس��ؤولية المجتمعية‪،‬‬
‫ص‪.3‬‬
‫‪ .8‬المس��ؤولية االجتماعية في اإلس�لام‪ ،‬دراسة نفسية ـ س��يد أحمد عثمان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عالم‬
‫الكتب‪1973 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،4‬نقلاً عن طبيعة المسؤولية االجتماعية العاني‪ ،‬ص‪.282‬‬
‫‪ .9‬المس��ؤولية االجتماعي��ة للبنوك اإلس�لامية ـ عبد الحميد عبد الفت��اح المغربي‪ ،‬المعهد‬

‫( ‪) 270‬‬
‫العالمي للفكر اإلس�لامي‪ ،‬دراسات في االقتصاد اإلس�لامي (‪ ،)28‬القاهرة‪1996 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪ 13‬نقلاً عن طبيعة المسؤولية االجتماعية العاني‪ ،‬ص‪.283‬‬
‫‪ .10‬طبيعة المسؤولية االجتماعية ـ العاني‪ ،‬ص‪.282‬‬
‫‪ .11‬طبيعة المسؤولية االجتماعية ـ العاني ص‪ ،283‬عمل الباحث باالعتماد على‪ :‬عبد الحميد‬
‫المغربي‪ ،‬المس��ؤولية االجتماعية للبنوك اإلس�لامية‪ ،‬مصدر س��بق ذكره‪ ،‬ص‪،21‬‬
‫جدول (‪ ،)1‬محمد صالح علي عياش‪ ،‬المسؤولية االجتماعية للمصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫طبيعته��ا وأهميتها‪ ،‬معهد البحوث والتدريب‪ ،‬البنك اإلس�لامي للتنمية‪ ،‬جدة‪2010 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪ 94‬ـ ‪.101‬‬
‫‪ .12‬المسؤولية االجتماعية للبنوك اإلسالمية ـ المغربي‪ ،‬ص‪ ،16‬نقلاً عن طبيعة المسؤولية‬
‫االجتماعية ـ العاني‪ ،‬ص‪.283‬‬
‫‪ .13‬المس��ؤولية االجتماعية للمصارف اإلس�لامية‪ ،‬طبيعته��ا وأهميتها‪ ،‬محمد صالح علي‬
‫عي��اش‪ ،‬معهد البحوث والتدريب‪ ،‬البنك اإلس�لامي للتنمية‪ ،‬جدة‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪ 94‬ـ‬
‫‪ ،101‬نقلاً عن طبيعة المسؤولية االجتماعية ـ العاني‪ ،‬ص‪.284 ،283‬‬
‫‪ .14‬السلوك االجتماعي في اإلسالم ـ حسن أيوب‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ .15‬تفسير القرطبي (‪.)238/2‬‬
‫‪ .16‬سورة [الماعون‪ 1 :‬ـ ‪.]3‬‬
‫‪ .17‬السلوك االجتماعي في اإلسالم ـ حسن أيوب‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ .18‬سورة [الحاقة‪ 30 :‬ـ ‪.]34‬‬
‫‪ .19‬السلوك االجتماعي في اإلسالم ـ حسن أيوب‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ .20‬سورة [المعارج‪ 22 :‬ـ ‪.]35‬‬
‫‪ .21‬السلوك االجتماعي في اإلسالم ـ حسن أيوب‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫ف َكا َن ب َ ْدءُ ال َو ْح ِي إلى َر ُس ِ‬
‫ول اهلل؟‬ ‫‪ .22‬صحيح البخاري (‪ ،3 )7/1‬كتاب الوحي ـ باب َكيْ َ‬
‫الش�� ِر َك ِة فِي ال َّطع ِ‬
‫َام َوالن ِّ ْه ِد‬ ‫اب َّ‬
‫‪ .23‬صحيح البخاري (‪ ،2486 )138/3‬كتاب الش��ركة ـ ب َ ُ‬
‫( ‪) 271‬‬
‫حاب َ ِة َر ِض َي اهللُ‬ ‫الص َ‬ ‫ضائِ ِل َّ‬ ‫وض‪ ،‬صحيح مسلم (‪ ،)2500( )1944/4‬كتاب ف َ َ‬ ‫َوالع ُُر ِ‬
‫ضائِ ِل الأْ َ ْش َع ِريِّي َن َر ِض َي اهللُ َعن ْ ُه ْم‪.‬‬ ‫اب ِم ْن ف َ َ‬ ‫تَعَالَى َعن ْ ُه ْم ـ ب َ ُ‬
‫ض ِل‬ ‫اب ف َ ْ‬ ‫‪ .24‬صحي��ح مس��لم (‪ )2074/4‬ـ كتاب ال ِّذ ْك�� ِر َوال ُّدعَا ِء َوالتَّ ْوب َ ِة َوالاِ ْس��تِ ْغ َفا ِر ـ ب َ ُ‬
‫آن َوعَلَى ال ِّذ ْك ِر رقم (‪.)2699‬‬ ‫اع عَلَى تِلاَ َو ِة ال ْ ُق ْر ِ‬‫الاِ ْجتِ َم ِ‬
‫صابِ ِع فِي ال َم ْسجِ ِد‬ ‫يك األ َ َ‬
‫اب ت َ ْش��بِ ِ‬ ‫‪ .25‬صحيح البخاري (‪ ،481 )103/1‬كتاب الصالة ـ ب َ ُ‬
‫َو َغيْ ِر ِه‪ ،‬صحيح مسلم (‪ ،)2585( )1999/4‬كتاب البر والصلة واآلداب ـ ب َ ُ‬
‫اب ت َ َرا ُح ِم‬
‫َاض ِد ِه ْم‪.‬‬‫ال ْ ُم ْؤ ِمنِي َن َوتَعَا ُط ِف ِه ْم َوتَع ُ‬
‫ب لأِ َ ِخي ِه َما‬‫ان أ َ ْن يُ ِح َّ‬
‫اب‪ِ :‬م�� َن اإلِي َم ِ‬ ‫‪ .26‬صحي��ح البخاري (‪ ،13 )12/1‬كتاب اإليمان ـ ب َ ٌ‬
‫ب لِن َ ْف ِس�� ِه‪ ،‬واللفظ له‪ ،‬صحيح مس��لم (‪ ،)45( )68/1‬كتاب اإليمان ـ ب َ ُ‬
‫اب ال َّدل ِ ِ‬
‫يل‬ ‫يُ ِح ُّ‬
‫ب لأِ َ ِخي ِه ال ْ ُم ْس ِل ِم مَا يُ ِح ُّ‬
‫ب لِن َ ْف ِس ِه ِم َن ال ْ َ‬
‫خيْ ِر‪.‬‬ ‫ان أ َ ْن يُ ِح َّ‬
‫ال الإْ ِي َم ِ‬
‫ص ِ‬‫عَلَى أ َ َّن ِم ْن ِخ َ‬
‫اس َوالبَ َهائِ ِم‪.‬‬ ‫اب َر ْح َم ِة الن َّ ِ‬‫‪ .27‬صحيح البخاري (‪ ،6011 )10/8‬كتاب األدب ـ ب َ ُ‬
‫السا ِعي عَلَى األ َ ْرمَلَ ِة‪.‬‬ ‫اب َّ‬‫‪ .28‬صحيح البخاري (‪ ،6006 )9/8‬كتاب األدب ـ ب َ ُ‬
‫اب ف َ ْ‬
‫ض ِل مَ ْن يَعُو ُل يَتِي ًما‪.‬‬ ‫‪ .29‬صحيح البخاري (‪ ،6005 )9/8‬كتاب األدب ـ ب َ ُ‬
‫اب مَا َجاءَ فِي‬
‫‪ .30‬الش��مائل المحمدية للترمذي ط المكتبة التجارية (ص‪ 356 )294 :‬ـ ب َ ُ‬
‫ُخلُ ِق َر ُس ِ‬
‫ول ا ِ‬
‫هلل ﷺ‪.‬‬
‫��رى َوال ُمد ُِن‪،‬‬‫ج ُم َع ِة فِي ال ُق َ‬‫��اب ال ُ‬
‫‪ .31‬صحي��ح البخ��اري (‪ ،893 )5/2‬كت��اب الجمعة ـ ب َ ُ‬
‫��ام الْعَا ِد ِل‪،‬‬
‫��اب ف َ ِضيلَ ِة الإْ ِ مَ ِ‬
‫صحي��ح مس��لم (‪ ،)1829( )1459/3‬كت��اب اإلمارة ـ ب َ ُ‬
‫ال ال ْ َم َش َّق ِة عَلَيْ ِه ْم‪.‬‬ ‫ث عَلَى ِّ‬
‫الرف ْ ِق بِ َّ‬
‫الر ِعيَّ ِة‪َ ،‬والن َّ ْه ِي َع ْن إِدْ َخ ِ‬ ‫جائِ ِر‪َ ،‬وال ْ َ‬
‫ح ِّ‬ ‫َو ُع ُقوب َ ِة ال ْ َ‬
‫‪ .32‬صحيح البخاري (‪ ،1395 )104/2‬كتاب الزكاة ـ باب وجوب الزكاة‪.‬‬
‫‪ .33‬اإلقناع في مس��ائل اإلجماع ـ ابن القطان (‪ ،)193/1‬الفقه اإلس�لامي وأدلته للزحيلي‬
‫(‪.)1792/3‬‬
‫‪ .34‬المحلى باآلثار ـ ابن حزم (‪.)281/4‬‬
‫‪ .35‬سورة [البقرة‪.]177 :‬‬
‫‪ .36‬سنن الدارقطني (‪ ،1953 )499/2‬كتاب الزكاة ـ باب زكاة الحلي‪.‬‬

‫( ‪) 272‬‬
‫س بِ َكن ْ ٍز‪.‬‬ ‫اب مَا أُد َ‬
‫ِّي َز َكاتُهُ لَيْ َ‬ ‫‪ .37‬سنن ابن ماجه (‪ ،1789 )570/1‬كتاب الزكاة ـ ب َ ُ‬
‫ال َح ًّقا ِس�� َوى‬ ‫اب مَا َجاءَ أ َ َّن فِي ال َم ِ‬
‫‪ .38‬س��نن الترمذي (‪ ،660 )39/3‬أبواب الزكاة ـ ب َ ُ‬
‫ال َّز َكا ِة‪.‬‬
‫‪ .39‬تفسير القرطبي (‪.)242 ،241/2‬‬
‫‪ .40‬سورة [البقرة‪.]219 :‬‬
‫‪ .41‬أحكام القرآن البن الفرس (‪.)282/1‬‬
‫‪ .42‬تفسير القرطبي (‪ ،)242/2‬أحكام القرآن البن العربي (‪.)88/1‬‬
‫‪ .43‬المحلى باآلثار (‪.)281/4‬‬
‫ات النُّبُ َّو ِة فِي اإلسالم‪،‬‬ ‫اب َعالَ َم ِ‬‫‪ .44‬صحيح البخاري (‪ ،3581 )194/4‬كتاب المناقب ـ ب َ ُ‬
‫ض ِل إِيثَا ِر ِه‪،‬‬
‫ف َوف َ ْ‬ ‫اب إِ ْك َر ِ‬
‫ام َّ‬
‫الضيْ ِ‬ ‫صحيح مسلم (‪ ،)2057( )1627/3‬كتاب األشربة ـ ب َ ُ‬
‫المحلى باآلثار ـ ابن حزم (‪.)282/4‬‬
‫ض ِ‬
‫ول‬ ‫اب ال ْ ُمؤ َ‬
‫َاسا ِة بِ ُف ُ‬ ‫استِ ْ‬
‫حب َ ِ‬ ‫اب ْ‬
‫‪ .45‬صحيح مسلم (‪ ،)1728( )1354/3‬كتاب اللقطة ـ ب َ ُ‬
‫ال ْ َم ِ‬
‫ال‪.‬‬
‫‪ .46‬علم أصول الفقه ـ خالف ط مكتبة الدعوة (ص‪.)108 :‬‬
‫‪ .47‬قواعد األحكام في مصالح األنام ـ العز بن عبد السالم (‪.)51/1‬‬
‫‪ .48‬اإلحكام في أصول األحكام لآلمدي (‪.)100/1‬‬
‫‪ .49‬الموافق��ات ـ الش��اطبي (‪ ،)278/1‬عل��م أصول الفقه ـ خ�لاف ط مكتبة الدعوة‬
‫(ص‪.)109 ،108 :‬‬
‫‪ .50‬قواعد األحكام في مصالح األنام (‪.)50/1‬‬
‫‪ .51‬المجموع شرح المهذب ـ النووي (‪.)194/6‬‬
‫‪ .52‬حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطالب‬
‫(‪.)104/4‬‬
‫‪ .53‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ـ محمد الزحيلي (‪ ،)299/1‬علم أصول الفقه ـ خالف‬
‫ط مكتبة الدعوة (ص‪.)112 :‬‬

‫( ‪) 273‬‬
‫‪ .54‬طبيعة المسؤولية االجتماعية ـ العاني‪ ،‬ص‪.285 ،284‬‬
‫اب إِذَا قَا َل‪ :‬ا ْك ِفنِي َمئُونَةَ الن َّ ْ‬
‫خ ِل‬ ‫‪ .55‬صحيح البخاري (‪ ،2325 )104/3‬كتاب المزارعة ـ ب َ ُ‬
‫َو َغيْ ِر ِه‪َ ،‬وت ُ ْش ِر ُكنِي فِي الثَّ َم ِر‪.‬‬
‫هلل تَعَالَى‪﴿ :‬ﭨ‬ ‫اب َما َجاءَ فِي ق َ ْو ِل ا ِ‬ ‫‪ .56‬صحيح البخاري (‪ ،2048 )52/3‬كتاب البيوع ـ ب َ ُ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ﴾‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ .57‬مسند أحمد (‪ ،13075 )361/20‬مسند أنس بن مالك رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫‪ .58‬المحلى باآلثار ـ ابن حزم (‪.)282/4‬‬
‫‪ .59‬فتح الباري البن حجر (‪.)125/1‬‬
‫الش�� ِر َك ِة فِي ال َّطع ِ‬
‫َام َوالن ِّ ْه ِد‬ ‫اب َّ‬ ‫‪ .60‬صحيح البخاري (‪ ،2486 )138/3‬كتاب الش��ركة ـ ب َ ُ‬
‫حاب َ ِة َر ِض َي اهللُ‬ ‫الص َ‬
‫��ل َّ‬ ‫ضائِ ِ‬ ‫وض‪ ،‬صحيح مس��لم (‪ ،)2500( )1944/4‬كتاب ف َ َ‬ ‫َوالع ُُر ِ‬
‫ضائِ ِل الأْ َ ْش َع ِريِّي َن َر ِض َي اهللُ َعن ْ ُه ْم‪.‬‬ ‫تَعَالَى َعن ْ ُه ْم ـ ب َ ُ‬
‫اب ِم ْن ف َ َ‬
‫‪ .61‬شرح النووي على مسلم ـ النووي (‪.)62/16‬‬
‫اب‬
‫‪ .62‬األموال ـ القاسم بن سالم (ص‪ ،1779 )676 :‬كتاب الصدقة وأحكامها وسننها‪ ،‬ب َ ُ‬
‫الص َدق َ ِة‪َ ،‬و َك ْم أ َ ْكثَ ِر مَا يَ ِط ُ‬
‫يب لَهُ ِمن ْ َها؟‬ ‫الر ُج ُل ال ْ َو ِ‬
‫اح ُد ِم َن َّ‬ ‫َ‬
‫أدْنَى مَا يُ ْع َطى َّ‬
‫‪ .63‬األموال للقاسم بن سالم (ص‪.119 )57 :‬‬
‫‪ .64‬األموال للقاسم بن سالم (ص‪. 1753 )667 :‬‬
‫‪ .65‬كنز الدرر وجامع الغرر ـ الدواداري (‪.)74/4‬‬
‫‪ .66‬لجن��ة من األس��اتذة الخب��راء االقتصاديي��ن والش��رعيين والمصرفيين‪ ،‬تقوي��م الدور‬
‫االجتماعي للمصارف اإلسالمية موسوعة تقويم أداء البنوك اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪،‬‬
‫المعهد العالمي للفكر اإلس�لامي‪1996 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪ ،19‬نقلاً عن طبيعة المس��ؤولية‬
‫االجتماعية في المصرف اإلسالمي ـ العاني‪ ،‬ص‪.276‬‬
‫‪ .67‬طبيعة المسؤولية االجتماعية في المصرف اإلسالمي ـ العاني‪ ،‬ص‪.276‬‬
‫‪ .68‬معجم لغة الفقهاء ـ قلعجي (ص‪ ،)361 :‬القاموس الفقهي ـ س��عدي أبو حبيب‬
‫(ص‪.)300 :‬‬
‫‪ .69‬صبحي محمد جميل‪ ،‬المصارف اإلسالمية والتنمية االجتماعية‪ ،‬دور المؤسسات‬

‫( ‪) 274‬‬
‫المصرفية اإلسالمية في االستثمار والتنمية‪ 27 ،‬ـ ‪ 29‬صفر ‪1432‬ﻫ‪ 7/‬ـ ‪ 9‬مايو ‪2002‬م‪،‬‬
‫جامعة الشارقة‪ ،‬كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬كتاب الوقائع‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،510‬نقلاً‬
‫عن طبيعة المسؤولية االجتماعية في المصرف اإلسالمي ـ العاني‪ ،‬ص‪.286‬‬
‫‪ .70‬المعيار رقم ‪ 2‬بخصوص البطاقات هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية‬
‫اإلسالمية ـ األيوفي ‪1437‬ﻫ‪ ،‬ص‪ ،80‬والمعيار ‪ 61‬المعدل بطاقات الدفع‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ .71‬التقرير السنوي للبنك اإلسالمي الفلسطيني لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪. 79‬‬
‫‪ .72‬بنك دبي اإلس�لامي‪ ،‬تعريف عام‪ ،‬نش��رة ‪ ،1994‬ص‪ ،37‬مجلة االقتصاد اإلسالمي‪،‬‬
‫بنك دبي اإلس�لامي‪ ،‬العدد ‪ ،198‬ص‪ ،52‬نقلاً عن طبيعة المس��ؤولية االجتماعية في‬
‫المصرف اإلسالمي ـ العاني‪ ،‬ص‪.286‬‬
‫‪ .73‬طبيعة المسؤولية االجتماعية في المصرف اإلسالمي ـ العاني‪ ،‬ص‪.287‬‬
‫‪ .74‬كتاب زكاتي (منهج علمي محكم ومعتمد) صادر عن منظمة الزكاة العالمية ط‪2021 ،1‬م‪،‬‬
‫ص‪.48 ،46‬‬
‫‪« .75‬المس��ؤولية االجتماعي��ة للمصارف اإلس�لامية ـ تحليل تجربة المصرف اإلس�لامي‬
‫للتنمية ـ » مقدمة للملتقى الدولي الثالث حول منظمات األعمال والمسؤولية االجتماعية‬
‫يومي‪ 14 :‬ـ ‪ 15‬فيفري ‪2012‬م جامعة بشار‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ .76‬موقع البنك اإلسالمي الفلسطيني عن المسؤولية المجتمعية‪:‬‬
‫‪https://www.islamicbank.ps/ar/csr/about_csr‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 275‬‬
‫‪‬‬

‫دور املصارف اإلسالمية يف الشمول املالي‬


‫إعداد‪:‬‬
‫الدكتور قتيبة عبد الرمحن العاني‬
‫منسق أكادييم‬
‫ديب‪-‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬
‫‪‬‬
‫السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته وبعد‪،‬‬
‫بداية نحمد اهلل على نعمه‪ ،‬ونبتهل إليه س��بحانه أن يكلل مساعيكم بالنجاح والتوفيق‪،‬‬
‫متمنين لكم دوام التوفيق‪ ،‬وأود إعالمكم بإرس��ال البحث كاملاً والذي يحمل عنوان‪( :‬دور‬
‫المصارف اإلسالمية في الشمول المالي)‪ ،‬وأرجو أن يساهم هذا العمل المتواضع والمرفقة‬
‫نس��خة منه في توضيح دور المصارف اإلسالمية في إيجاد المحفزات؛ لتطويرها بما يحقق‬
‫توافق أفضل بين األهداف والمقاصد التي أنشئت من أجلها‪ ،‬والذي يتجاوز الشمول المالي‬
‫إلى الش��مول االجتماعي‪ ،‬وإنه لمن دواعي س��روري أن يحظى باستحسان مؤتمركم‪ ،‬واهلل‬
‫المس��ؤول أن يكتب لنا التوفيق‪ ،‬ويعصمنا من الزلل والخط��أ والخلل؛ إنَّه ولي ذلك‪ ،‬وإليه‬
‫المآل في العاجلة واآلخرة‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق‪،،‬‬

‫ادلكتور قتيبة عبد الرمحن العاين‬


‫منسق أكاديمي‬
‫دبي ـ دولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫‪00971505852728‬‬
‫‪Email:kutaibaani@yahoo.com‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 279‬‬
‫ملخص‬
‫حبث دور املصارف اإلسالمية يف الشمول املالي‬
‫تهدف هذه الورقة البحثية إلى دور المصارف اإلس�لامية في الشمول المالي‪ ،‬لتحسين‬
‫ف��رص الفئات المحرومة م��ن الخدمات في الحص��ول على المنتجات المالية اإلس�لامية‬
‫المالئمة‪ ،‬واس��تخدامها في الصيرفة اإلس�لامية‪ ،‬كما تس��تخدم هذه الورق��ة قواعد الهيئات‬
‫الدولية واإلقليمية وإرش��اداتها المعنيّة بقضايا الش��مول المالي والمصرفي‪ ،‬مثل‪ :‬مجموعة‬
‫العشرين‪ ،‬ومن ّظمة التعاون االقتصادي والتنمية‪ ،‬ومن ّظمة التعاون اإلسالمي‪ ،‬والبنك الدولي‪،‬‬
‫والبنك اإلس�لامي للتنمية‪ ،‬وصندوق النقد العربي؛ حيث تستند إلى المعايير والممارسات‬
‫الدولي��ة الفضلى وف ًقا لظ��روف الدول المختلفة‪ ،‬كما تقدم ه��ذه الورقة اقتراحات لصانعي‬
‫تأثيرا في أغلب الدول‪،‬‬
‫السياس��ات في االقتص��ادات العربية كدليل عام لإلجراءات األكث��ر ً‬
‫وف��ي أغلب األوقات؛ من أج��ل صياغة االس��تراتيجية المالئمة للتمويل اإلس�لامي الذي‬
‫يتجاوز الشمول المالي إلى الشمول االجتماعي‪.‬‬

‫وتتكون الورقة من مقدمة ومبحثين وخاتمة‪ ،‬فالمبحث األول‪ :‬ناقش المفاهيم األساسية‬
‫للش��مول المالي من حيث التعري��ف واألهمية واألبعاد والدليل‪ .‬أم��ا المبحث الثاني‪ :‬فقد‬
‫بحث دور المصارف اإلس�لامية في الش��مول المال��ي والتحديات الت��ي تواجهها مع إيجاد‬
‫المحفزات لتطويرها بما يحقق أفضل النتائج‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 280‬‬
‫متهيد‬
‫فم��ا برحت الس��احة الماليَّ��ة المعاصرة تجود بي��ن الفينة واألخ��رى عمليات جديدة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وش��روط مس��تحدثة‪ ،‬بل ما فتئت الصناعة الماليَّة الراهنة تبتكر يومًا بعد‬ ‫ومعامالت حديثة‪،‬‬
‫أدوات وآليَّ��ات ماليَّة‪ ،‬وش��رو ًطا ناجعة‪ ،‬تؤثِّ��ر حينًا في طبائع األنظم��ة والقوانين التي‬
‫ٍ‬ ‫ي��وم‬
‫ٍ‬
‫تحك��م المصارف والمعامالت التمويلية‪ ،‬والش��روط النمطيَّة المنس��وجة إزاء المعامالت‪،‬‬
‫وف��ي ه��ذه األثناء تجد الصناعة الماليَّة اإلس�لاميَّة نفس��ها مطالبةً أكثر م��ن أي وقت مضى‬
‫بض��رورة اللواذ باالجتهاد المنش��ود‪ ،‬وحتميَّة الفزع إلى التجديد المرج�� ِّو في جديد آليات‬
‫التمويل‪ ،‬ومس��تجدات المعامالت‪ ،‬ومس��تحدثات صيغ التمويل‪ ،‬ويش ِّكل الشمول المالي‬
‫والمصرفي هدفًا اس��تراتيجيًّا جديدًا للمصارف اإلسالمية والجهات الرقابية لديها‪ ،‬من أجل‬
‫تحقيق التّكامل بين االس��تقرار المالي والش��فافية المالية والحماية المالية للزبائن‪ ،‬إذ يح ِّقق‬
‫الشمول المالي والمصرفي سهولة الوصول إلى التمويل لجميع الفئات المستبعدة والعوائل‬
‫الموزعة في األطراف‪ ،‬وإيجاد مؤسس��ات س��ليمة تقودها قواعد تنظيمية ورقابية واعية‪ ،‬مع‬
‫والمؤسسية للمؤسس��ات المالية والمصرفية‪ ،‬وتوفير بيئة تنافسية‬
‫ّ‬ ‫ضمان االس��تدامة المالية‬
‫بين مقدِّمي الخدمات والمنتجات المالية؛ لتقديم البدائل أمام العمالء وإتاحتها‪.‬‬
‫فمن المعروف أن للتمويل اإلس�لامي تجارب نجح بعضها في إدخال جانب مهم من‬
‫الخدمات المالية إلى البيئات الريفية والبس��يطة على النحو الذي يدعو إليه الش��مول المالي‬
‫حديثًا‪ ،‬وذلك قبل أن تتس��ع الدعوة للش��مول المالي عالميًا‪ ،‬وكانت تلك الخدمات تتمثل‬
‫بش��كل خاص في التمويل المبس��ط (األصغر) المرتبط بالتنمي��ة االجتماعية لتلك البيئات؛‬
‫فبدايات التمويل اإلس�لامي تش��ير إل��ى تجربة (بيوت االدخار) في (مي��ت غمر) وجوارها‬
‫في مصر في س��تينات القرن الماضي ذات الصلة المباش��رة بالتنمي��ة الريفية باالعتماد على‬
‫األيدي العاملة الفقيرة في المجتمع‪ ،‬وذلك من خالل دعمها بالتمويل على شكل قروض أو‬
‫مش��اركات بشروط ميسرة؛ لذلك فقد تميزت التجربة بسمات تعاونية وتنموية كانت جديرة‬

‫( ‪) 281‬‬
‫بالتوس��ع واالستمرار‪ ،‬ومن الجدير بالذكر ً‬
‫أيضا أن يش��اد بـ(بنك غرامين)‪ ،‬وبرنامج التنمية‬
‫رئيسا لـ(التمويل األصغر)‪ ،‬الذي أفاد منه ما يزيد على‬
‫الريفية التي جعلت من بنغالدش بلدًا ً‬
‫‪ 800‬ألف شخص حسب بيانات ‪2013‬م‪.‬‬

‫مظهرا مه ًّما من مظاهر الشمول المالي‬


‫ً‬ ‫ال ش��ك في أن مثل هذه النماذج وأمثالها تمثل‬
‫المطلوب حديثًا‪ ،‬وتعد قدوة يمكن البناء عليه وتطويرها‪.‬‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫تثير هذه الورقة البحثية التّساؤلين التّاليين‪:‬‬

‫هل تس��تطيع المصارف اإلس�لامية زيادة الش��مول المالي والمصرفي لكل القطاعات‬
‫المس��تهدفة ف��ي االقتص��ادات اإلس�لامية؟ ماهي أكث��ر الحل��ول الواعدة لتحس��ين فرص‬
‫الفئات المحرومة م��ن الخدمات في الحصول على المنتجات المالية اإلس�لامية المالئمة‬
‫واستخدامها؟‬

‫أهداف البحث‪:‬‬
‫بناءً على اإلشكالية السابقة‪ ،‬يمكن تحديد أهداف البحث على النّحو التالي‪:‬‬

‫التعرف على أبعاد الشمول المالي والمصرفي وحلوله ومتطلّباته في المصارف‬


‫ُّ‬ ‫‪.1‬‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .2‬إبراز الدّور المحوري الذي يمكن أن تقوم به المصارف اإلسالمية في تسريع الشمول‬
‫المالي والمصرفي‪.‬‬

‫‪ .3‬إبراز آليات تطوير الشمول المالي والمصرفي من خالل التمويل اإلسالمي استنادًا‬
‫إلى قواعد الهيئات الدولية واإلقليمية وإرشاداتها المعنيّة بقضايا الشمول المالي‪ ،‬واالرتقاء‬
‫بها لتكون محو ًرا أساس��يًّا من محاور اهتمامات صانعي السياسات االقتصادية والمالية‬
‫والمصرفية‪.‬‬

‫( ‪) 282‬‬
‫أهمية البحث‪:‬‬
‫تتركز أهمية هذا الموضوع في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬ظه��ور تحدِّيات كبيرة تواجه القطاع المالي المصرفي اإلس�لامي الذي يتطلّب منه‬
‫اإلس��هام ف��ي مواجهة المش��كالت النّاتجة عن الفق��ر المدقع والبطال��ة واألميّة وانخفاض‬
‫مع��دالت النّمو‪ ،‬عن طريق معالجة االس��تبعاد المالي‪ ،‬وتثقيف الناس ماليًّا‪ ،‬وإتاحة الفرصة‬
‫أمامهم للوصول الشامل إلى النّظم المالية الرسمية‪.‬‬
‫‪ .2‬تزاي��د اهتمام الجه��ات الرقابية بالش��مول المالي والمصرفي‪ ،‬الذي أصبح ش��عار‬
‫العديد من البنوك المركزية‪ ،‬ووزارات المالية في االقتصادات النامية‪ ،‬واألسواق النّاشئة؛ إذ‬
‫توجد استراتيجيات وطنية‪ ،‬وأهداف صريحة للشمول المالي والمصرفي‪ ،‬لدى أكثر من‪65‬‬
‫اقتصادًا على مستوى العالم‪.‬‬
‫‪ .3‬ن��درة البحوث العلمية والدراس��ات التطبيقية التي تتناول عالقة المصارف اإلس�لامية‬
‫ماس��ة لزيادة الوعي بشأن التحدّيات المتمثِّلة في‬
‫بالش��مول المالي والمصرفي؛ إذ توجد حاجة ّ‬
‫تحسين الشمول المالي‪ ،‬والدّور الذي يمكن أن تؤدِّيه المصارف اإلسالمية في ح ّل هذه القضايا‪.‬‬
‫فرضية البحث‪:‬‬
‫في ضوء إش��كالية البحث وأهدافه‪ ،‬س��وف تعم��ل هذه الورقة عل��ى التأ ُّكد من ص ّ‬
‫حة‬
‫الفرضية التالية‪:‬‬
‫الصيرفة اإلسالمية والشمول المالي‪.‬‬
‫‪ -‬وجود عالقة بين ّ‬
‫‪ -‬وصول الفئات المس��تبعدة ماليًّا إلى الخدمات المصرفي��ة والمتطلبات المرهقة في‬
‫أغلب األحيان لفتح حساب مالي‪.‬‬
‫أهمية الشمول املالي‪:‬‬
‫حظ��ي موضوع توس��يع فرص الوص��ول للتموي��ل والخدم��ات المالي��ة أو ما يعرف‬
‫بمصطلح الش��مول المالي )‪ )Financial Inclusion‬باهتمام واسع في األعوام الماضية‬

‫( ‪) 283‬‬
‫على مستوى صانعي السياسات االقتصادية والمالية في مختلف دول العالم(((‪.‬‬

‫ويأتي ذلك كما بينته الدراسات والتجارب‪ ،‬للدور واألهمية الكبيرة لتحسين الوصول‬
‫للخدمات المالية في المس��اهمة في خلق فرص العمل‪ ،‬وتعزيز النمو‪ ،‬وتحس��ين مستويات‬
‫المعيش��ة‪ ،‬وموضوع تعزيز الش��مول المالي كواح ٍد من المحاور الرئيس��ة في أجندة التنمية‬
‫االقتصادية العالمية‪ ،‬فقد تجس��د ذلك في إصدار مجموعة م��ن المبادئ والمعايير الدولية‪،‬‬
‫وإنشاء برامج وهيئات عالمية‪ ،‬تُعنى بمتابعة هذه القضايا(((‪.‬‬

‫ويقصد بالش��مول المالي‪ :‬إتاحة الخدمات المالية الرس��مية لمختلف فئات المجتمع‬
‫بما في ذلك الحس��ابات المصرفي��ة والتوفير‪ ،‬خدمات الدفع والتحوي��ل‪ ،‬خدمات التأمين‪،‬‬
‫وخدم��ات التمويل واالئتمان‪ ،‬وفي ظل غياب ه��ذه الخدمات‪ ،‬قد يلجأ البعض إلى قنوات‬
‫غير رس��مية وهي التي ـ أي‪ :‬هذه القنوات ـ ع��دا عن كونها غير موثوقة‪ ،‬وال تخضع للرقابة‬
‫واإلشراف‪ ،‬وهي مرتفعة األسعار نسبيًّا‪.‬‬

‫إذن الش��مول المالي عبارة عن اس��تراتيجية طويلة المدى ولك��ن لتحقيق أهداف هذه‬
‫االستراتيجية يمكن األخذ بعين االعتبار المجاالت الرئيسة الذي يجب أن يتناولها الشمول‬
‫المالي(((‪ ،‬ولتأكيد ذلك من المناسب أن نعرج إلى مفهوم الشمول المالي‪ ،‬وبيان أهميته في‬
‫المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( يقصد بالمؤسسات المالية الرسمية‪ ،‬المصارف ومكاتب البريد وشركات التمويل الصغير وجمعيات‬
‫واتحادات االئتمان‪ ،‬وغيرها من الشركات المالية والمصرفية المرخصة من قبل السلطات اإلشرافية‪.‬‬
‫((( أطلقت مجموعة العشرين برنامج الشراكة العالمية للشمول المالي (‪ )GPFI‬والذي يتكون من ثالث‬
‫مجموعات عمل‪ ،‬كذلك هناك مؤسسات‪ ،‬مثل‪ )CGAP( :‬المرتبطة بالبنك الدولي و(‪ )AFI‬واللتان‬
‫توفران خدمات المعرفة والخبرة بشأن قضايا الشمول المالي‪.‬‬
‫((( جام��ع ياس��ر‪ ،‬بحث (المس��ؤولية االجتماعية م��ن وجهة نظ��ر المتعاملين مع المصارف اإلس�لامية‬
‫األردنية)‪ ،‬مجلة البلقاء ـ للبحوث والدراسات‪ ،‬األردن‪ ،‬العدد ‪2014 ،02‬م‪.‬‬

‫( ‪) 284‬‬
‫املبحث األول‬
‫املفاهيم األساسية للشمول املالي‬
‫أولاً ‪ :‬تعريف الشمول املالي‪:‬‬
‫يعرف البنك الدولي الشمول المالي في تقريره الصادر عام‪ 2014‬م تحت عنوان‪ :‬تقرير‬
‫التنمي��ة المالية العالمي ‪ Global Financial Development Report‬على أنه «نس��بة‬
‫األش��خاص أو الشركات التي تس��تخدم الخدمات المالية»‪ ،‬ويشير الش��مول المالي‪ ،‬حسب‬
‫التقرير المش��ترك لصندوق النقد العربي‪ ،‬والمجموعة االستش��ارية لمساعدة الفقراء‪ ،‬الصادر‬
‫ف��ي يناير ‪2017‬م تحت عنوان «قياس الش��مول المالي في العال��م العربي»‪ ،‬إلى تمتع األفراد‬
‫بما فيهم أصحاب الدخل المنخفض والش��ركات‪ ،‬بإمكانية الوصول واالستفادة الفعالة مقابل‬
‫أسعار معقولة من مجموعة واسعة من الخدمات المالية الرسمية ذات جودة عالية (مدفوعات‪،‬‬
‫تحوي�لات‪ ،‬ادخار‪ ،‬ائتمان‪ ،‬تأمين‪ ...‬إلخ (‪ ،‬يقع توفيرها بطريقة مس��ؤولة ومس��تدامة من قبل‬
‫مجموع��ة متنوعة من مقدمي الخدمات المالية العاملة في بيئة قانونية وتنظيمية مناس��بة‪ ،‬وقد‬
‫تطور تعريف ومقاييس الشمول المالي‪ ،‬وانتقل من تصنيف األفراد والمؤسسات بشكل بسيط‬
‫كمشمولين أو غير مشمولين‪ ،‬إلى تعريفات ومقاييس متعددة األبعاد‪.‬‬

‫أما تعريف مجموعة العشرين (‪ (G20‬التحالف العالمي للشمول المالي )‪ (AFI‬ينص‬


‫عل��ى أنه‪« :‬اإلجراءات التي تتخذه��ا الهيئات الرقابية لتعزيز وصول واس��تخدام كافة فئات‬
‫المجتمع‪ ،‬وبما يش��مل الفئات المهمش��ة والميس��ورة‪ ،‬للخدمات والمنتج��ات المالية التي‬
‫تتناسب مع احتياجاتهم‪ ،‬وأن تقدم لهم بشكل عادل وشفاف وبتكاليف معقولة»‪.‬‬
‫ويعرف الش��مول المالي ً‬
‫أيضا‪ :‬بأنه‪« :‬العملية التي يت��م من خاللها تعزيز الوصول إلى‬
‫مجموعة واس��عة من الخدمات والمنتجات المالية الرس��مية‪ ،‬والخاضعة للرقابة في الوقت‬
‫والسعر المعقولين‪ ،‬وبالش��كل الكافي‪ ،‬وتوسيع نطاق استخدام هذه الخدمات والمنتجات‬

‫( ‪) 285‬‬
‫م��ن قبل ش��رائح المجتم��ع المختلفة‪ ،‬ومن خ�لال تطبيق مناه��ج مبتكرة‪ ،‬تش��مل التوعية‬
‫والتثقيف المالي‪ ،‬وذلك بهدف تعزيز الرفاه المالي واالندماج االجتماعي واالقتصادي»‪.‬‬

‫أم��ا المجموعة االستش��ارية لمس��اعدة الفق��راء )‪ ،)CGAP‬فتعرف الش��مول المالي‬


‫بأنه‪« :‬وصول األس��ر والش��ركات إلى الخدمات المالية المناسبة واستخدامها بشكل فعال‪،‬‬
‫ووجوب تقديم تلك الخدمات بمسؤولية‪ ،‬وبشكل مستدام في بيئة منظمة تنظي ًما جيدًا»(((‪.‬‬

‫من خ�لال التعاريف الس��ابقة يمكن مالحظة المحاور األساس��ية‪ ،‬الت��ي يرتكز عليها‬
‫الشمول المالي‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬الحصول على المنتجات والخدمات المالية من خالل توفير خدمات مالية رسمية‬
‫ومنظمة‪ ،‬وقرب المسافة‪ ،‬والقدرة على تحمل التكاليف‪.‬‬

‫‪ -2‬م��ن حيث تعزي��ز االقتص��اد الكلي‪ ،‬والمكاش��فة والش��فافية‪ ،‬وكس��ر االحتكار‪،‬‬


‫واالستفادة من التجارة الدولية‪ ،‬والرغبة في االنتفاع البشري المتبادل‪ ،‬على قاعدة‪ :‬العرض‬
‫والطلب‪ ،‬وتبادل الخبرات‪ ،‬التي تعزز من النماء البشري‪.‬‬

‫‪ -3‬القدرة المالية من خالل إدارة األموال بشكل فعال‪ ،‬والتخطيط للمستقبل والتعامل‬
‫مع الضائقة المالية‪.‬‬
‫‪ -4‬اس��تخدام المنتجات والخدمات المالية من خ�لال االنتظام والتكرار ومدة‬
‫االستخدام‪.‬‬

‫‪ -5‬جودة الخدمات والمنتجات المصرفي��ة كونها مصممة الحتياجات العمالء‪،‬‬


‫وتجزئة الخدمات من أجل تطويرها لجميع فئات المجتمع‪.‬‬

‫‪ -6‬التنظيم والرقابة الفعالين بغرض ضمان تقديم المنتجات والخدمات المالية في‬
‫بيئة يسودها االستقرار المالي‪.‬‬

‫((( أبو دية ماجد‪( ،‬دور االنتشار المصرفي واالشتمال المالي في النشاط االقتصادي الفلسطيني)‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة ـ األزهر‪ ،‬غزة‪ :‬فلسطين‪2016 ،‬م‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫( ‪) 286‬‬
‫ولبيان عموم ما أورده البنك الدولي في إحصاءاته للشمول المالي(((‪:‬‬

‫‪ -‬أن نص��ف س��كان العالم من البالغين (نح��و‪ 2.5 :‬مليار نس��مة) ال يحصلون على‬
‫الخدمات المالية‪.‬‬

‫‪ -‬وأن ‪ % 75‬من الفقراء ال يتعاملون مع البنوك بسبب ارتفاع التكاليف‪ ،‬وبُعد المسافات‪،‬‬
‫والمتطلبات المرهقة في أغلب األحيان لفتح حساب مالي‪.‬‬

‫لذلك تتطلع الدعوة للش��مول المالي إلى كس��ب تلك الفئات ودفعها إلى التعامل مع‬
‫المصارف ومؤسس��ات التمويل والخدمات المالية والنقدية ووس��ائل الدفع اإللكترونية‪...‬‬
‫إلخ‪ ،‬ويتم ذلك من خالل فتح حسابات مصرفية مبسطة‪ ،‬وضمان يسر التكاليف واإلجراءات‬
‫المتعلقة بذلك‪ ،‬وتش��جيع التداول اإللكتروني‪ ،‬وتوس��يع ش��بكة الخدم��ات المالية لتغطي‬
‫المناط��ق الفقيرة والنائية‪ ،‬وتحويل المدفوعات لألفراد عن طريق الحس��ابات المصرفية من‬
‫خالل فروع المصارف واسعة االنتشار ووسائل التداول الحديثة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف الشمول املالي‪:‬‬
‫نظرا لالهتمام العالمي الصيرفي بتوس��يع نطاق الش��مول المالي وخلق التحالفات بين‬
‫الهيئات والمؤسس��ات المالي��ة العالمية للتنس��يق والعمل ضمن آليات مش��تركة وموحدة‪،‬‬
‫تتنامى المنافع المتأتية من الشمول المالي‪ ،‬إذ ترى المجموعة االستشارية لمساعدة الفقراء‬
‫أن بناء نظام مالي شامل هو الطريق الوحيد للوصول إلى الفقراء ومحدودي الدخل‪ ،‬وذلك‬
‫لتحقيق أهداف الشمول المالي التالية(((‪:‬‬

‫‪ .1‬تعزيز وصول كافة فئات المجتمع إلى الخدمات والمنتجات المالية‪ ،‬لتعريف‬
‫المواطنين بأهمية الخدمات المالية وكيفية الحصول عليها واالستفادة منها لتحسين ظروفهم‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫((( اتحاد المصارف العربية‪ ،‬ع ‪ ،419‬ص‪.17‬‬


‫((( مصدر سابق‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫( ‪) 287‬‬
‫‪ .2‬تس��هيل الوصول إلى مصادر التمويل بهدف تحسين الظروف المعيشية للمواطنين‬
‫وخاصة الفقراء منهم‪.‬‬

‫‪ .3‬تعزيز مشاريع التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪ .4‬تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من االستثمار والتوسع‪.‬‬

‫‪ .5‬خفض مستويات الفقر وتحقيق الرخاء والرفاه االقتصادي‪.‬‬


‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬أبعاد الشمول املالي‪:‬‬
‫في السنوات السابقة تطور مفهوم الشمول المالي إلى أربعة أبعاد رئيسة وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬سهولة الوصول إلى التمويل لجميع األسر والشركات‪.‬‬

‫‪ .2‬استرشاد المؤسسات بالقواعد التنظيمية واإلشراف المالي‪.‬‬

‫‪ .3‬االستدامة المالية للشركات والمؤسسات‪.‬‬

‫‪ .4‬جانب التثقيف المالي الذي يسعى للتوعية وللتنسيق بين العرض والطلب‪.‬‬

‫‪ .5‬المنافسة بين مزودي الخدمات المالية لتحقيق أفضل البدائل للعمالء‪ ،‬إذ تم قياس‬
‫الشمول المالي قديما بحساب نسبة المستفيدين من البنوك التجارية وأجهزة الصراف اآللي‬
‫وأحجام الودائع والقروض التي تم تغطيتها‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬ركائز الشمول املالي للمصارف اإلسالمية‪:‬‬


‫تحاول معظم المصارف اإلس�لامية وضع استراتيجية على المستوى الصيرفي لتوسيع‬
‫الشمول المالي والمصرفي‪ ،‬ويتطلّب ذلك خمس ركائز أساسية هي‪:‬‬

‫‪ .1‬دراس��ة الفجوة بي��ن جانبي العرض وال ّطل��ب على الخدم��ات والمنتجات المالية‬
‫لتكون نقطة االنطالق في صياغة األهداف المستقبلية للشمول المالي والمصرفي‪.‬‬

‫‪ .2‬توفير بِنية مالية تحتية قوية‪ ،‬من خالل تعزيز االنتشار الجغرافي للمؤسسات المالية‪،‬‬

‫( ‪) 288‬‬
‫وتطوير نظم الدّفع والتّس��وية‪ ،‬وتوفير قواعد بيانات ش��املة‪ ،‬من خالل تفعيل دور ش��ركات‬
‫االستعالم االئتماني‪ ،‬وتوفير بيئة قانونية مالئمة تدعم الشمول المالي والمصرفي‪.‬‬

‫‪ .3‬إتاح��ة الخدمات والمنتجات المالية من خالل تطوير الخدمات والمنتجات المالية‬


‫لتلبية احتياجات كافّة فئات المجتمع‪ ،‬وابتكار منتجات مالية جديدة‪.‬‬

‫‪ .4‬حماية المس��تهلك بوضع تعليمات رقابية لمعاملة العمالء بعدالة وشفافية‪ ،‬وإنشاء‬
‫آلية للتّعامل مع شكاويهم‪ ،‬وتوفير المعلومات الكافية والخدمات االستشارية لهم‪.‬‬

‫‪ .5‬تعزيز وتطوير منظومة التّعليم والتثقيف المالي من خالل إعداد اس��تراتيجية وطنية‬
‫للتعلي��م والتثقيف المالي تع��زِّز الوعي والمعرف��ة المالية لدى مختلف ش��رائح المجتمع‪،‬‬
‫وخاصة الشباب والنساء والمشروعات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫خامسا‪ :‬البنى التحتية املساندة للشمول املالي واملصريف‪:‬‬
‫وتع��د البنى التحتي��ة المعرفي��ة والتكنولوجيا‪ ،‬والتعلي��م التقني المرتك��ز الذي ترتكز‬
‫عليه الثورة الصناعية‪ ،‬ويش��مل هذا طي ًفا واس��عًا من الصناعات منها‪ :‬صناعات البرمجيات‪،‬‬
‫واإللكتروني��ات‪ ،‬واالتص��االت‪ ،‬ونظم المعلوم��ات وخدمات المعلوم��ات و(تقنية البلوك‬
‫تشين) ومخرجاتها‪ ،‬والعمالت المشفرة‪.‬‬

‫إذ س��اهمت التقنيات المالية في الوصول إلى الفئات األكثر حرمانا وغير المش��مولين‬
‫بالخدمات المالية والمصرفية‪ ،‬وهذا يعني سالسة في وصول الدعم وحزم التحفيز للجهات‬
‫المس��تهدفة‪ ،‬وبالتالي تسريع تأثير السياس��ات االقتصادية الحكومية الرامية إلى حماية ذوي‬
‫الدخل المحدود والمؤسس��ات الصغيرة في ظل ظ��روف الجوائح‪ ،‬خاصة أنه في الحاالت‬
‫والظ��روف االس��تثنائية) كالجوائح (يصبح الوص��ول لجميع فئات المجتم��ع أمرا في غاية‬
‫الصعوبة‪ ،‬كذلك قد يتعذر على غير عمالء المصارف الحصول على الخدمات والمساعدات‬
‫المالي��ة ف��ي األزمات االقتصادية‪ ،‬في الوقت ال��ذي تتيح فيه التقنيات المالية وس��ائل بديلة‬
‫أكثر س��رعة‪ ،‬وأقل تكلفة من الوس��ائل المالية التقليدية‪ ،‬بل وتشمل جميع فئات المجتمع‪.‬‬
‫( ‪) 289‬‬
‫على س��بيل المثال‪ ،‬بينت جائحة كوفيد ـ ‪ 19‬أن موضوع الش��مول المالي بشكل خاص في‬
‫األسواق الناشئة ذو أهمية كبيرة‪ ،‬كما أثبتت الحلول أنها شريان الحياة في هذه االقتصادات‪.‬‬

‫كما وتوفر التقنيات المالية على اختالف أنواعه) تقنية التأمين‪ ،‬العقود الذكية‪ ،‬العمالت‬
‫الرقمي��ة‪ ،‬تطبيقات ال��ذكاء االصطناع��ي وغيرها (فرص��ة للجهات الفاعلة ف��ي المصارف‬
‫اإلسالمية لتطوير وتوحيد المعايير والكفاءة والقدرة التنافسية مقارنة بالنظراء التقليديين‪.‬‬

‫شلك ‪ :1‬خدمات البِ نية اتلحتية املايلة املساندة للشمول املايل واملرصيف‬

‫املص��در‪ :‬د‪ .‬عب�د احلليم عمار غريب‪ ،‬دور ّ‬


‫الصريفة اإلسلامية يف الش�مول املايل واملرصيف ـ‬
‫ً‬
‫نموذجا‪ ،‬جملة بيت املشورة‪ ،‬ع ‪ ،8‬قطر‪ ،‬أبريل ‪2018‬م‪ ،‬ص‪.88‬‬ ‫االقتصادات العربية‬

‫وباإلم��كان لبعض التقنيات المالية كتقنية التأمي��ن التكافلي (‪ )InsurTech‬والتمويل‬


‫الجماع��ي تعزيز روح التعاون بي��ن أفراد المجتمع في ظروف الجوائ��ح‪ ،‬كما يمكن تطوير‬
‫منص��ات لإلق��راض المجاني (بدون فائدة) أو للزكاة‪ ،‬مع توفير أعلى مس��تويات الش��فافية‬
‫واإلفصاح والذي يعتبر من العناصر األساسية الواجب توفرها في مجال العمل الخيري(((‪.‬‬

‫((( د عب��د الكري��م قندوز‪ ،‬دور التمويل اإلس�لامي في ح��االت الجوائح‪ ،‬صندوق النق��د العربي‪ ،‬يونيو‬
‫‪2020‬م‪ ،‬ص‪.94‬‬

‫( ‪) 290‬‬
‫المنافع التنموية للشمول المالي‪:‬‬

‫تكش��ف العديد من البحوث أن هناك منافع إنمائية عديدة يمكن تحقيقها من الش��مول‬
‫المال��ي‪ ،‬الس��يما من اس��تخدام الخدم��ات المالية الرقمية بم��ا فيها الخدم��ات المالية عبر‬
‫الهوات��ف المحمولة‪ ،‬وبطاق��ات الدفع‪ ،‬وغيرها م��ن تطبيقات التكنولوجي��ا المالية‪ ،‬ورغم‬
‫تفاوت الش��واهد إلى حد ما‪ ،‬فإنه حتى الدراس��ات التي لم تتوصل إلى نتائج إيجابية تش��ير‬
‫غالبا إلى إمكانية تحقيق نتائج أفضل من خالل إعطاء اهتمام كبير لالحتياجات المحلية‪ ،‬إذ‬
‫أظهرت الدراس��ات أن الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول تسمح للمستخدمين بحفظ‬
‫األموال وتحويلها وبالتالي تس��اعد في تحس��ين إمكانات كس��ب الدخل‪ ،‬وبالتالي تحد من‬
‫الفقر‪ ،‬وطب ًقا ألدبيات التنمية فإن الفقر صفة لمجتمع ما‪ ،‬الفرد فيه ال يحقق مستوى معين من‬
‫الرفاهية‪ ،‬والذي عادة ما يُشار إليه بخط الفقر أو حد الكفاف‪.‬‬

‫فقد توصلت دراسة في كينيا‪ ،‬والتي حازت بنوكها اإلسالمية على (أفضل بنك إسالمي‬
‫ش��امل) وجائزة (أفضل بنك للخدمات المصرفية اإلسالمية لألفراد) ضمن استطالع مجلة‬
‫(إس�لاميك فاينانس نيوز) ألفضل البنوك في ع��ام ‪2018‬م‪ ،‬فضلاً عن حصوله على خمس‬
‫جوائز أخرى ألفضل صفقات العام‪ ،‬إلى أن إتاحة الحصول على هذه الخدمات‪ ،‬قد حققت‬
‫منافع كبيرة من خالل(((‪:‬‬

‫‪ -1‬تمكين األسر من زيادة مدخراتها بأكثر من الخمس‪ ،‬وسمح لنحو ‪ 150000‬امرأة‬


‫بترك العمل بالزارعة وإنشاء المشاريع أو أنشطة لتجارة التجزئة‪ ،‬وبالتالي تقليص نسبة الفقر‬
‫بين هذه األسر المعيشية بحوالي‪.% 22‬‬
‫‪ -2‬يمكن للخدمات المالية الرقمية ً‬
‫أيضا أن تساعد الناس على إدارة المخاطر المالية‬
‫م��ن خالل تس��هيل جمع األموال من األصدق��اء واألقارب البعيدين ف��ي األوقات الصعبة‪،‬‬
‫فف��ي كينيا مثال توصل الباحثون إلى أنه عند حدوث انخفاض غير متوقع في الدخل لم يقم‬

‫((( د القندوز‪ ،‬دور التمويل في حاالت الجوائح‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬بتصرف‪.‬‬

‫( ‪) 291‬‬
‫مس��تخدموا الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول بتقليص اإلنفاق على أسرهم‪ ،‬فيما قام‬
‫غير المستخدمين ومن يعانون من ضعف إمكانية الوصول إلى شبكة هذه الخدمات بخفض‬
‫مشترياتهم من الغذاء والمواد األخرى بنسب تتراوح بين ‪ %7‬ـ ‪ %10‬وإضافة إلى ذلك تقدم‬
‫الخدمات المالية الرقمية من خفض تكلفة استالم المدفوعات‪ ،‬ففي النيجر أدى التحول إلى‬
‫إرس��ال الدفعة الش��هرية من اإلعانات االجتماعية الحكومية عبر الهواتف المحمولة كبديل‬
‫للدفع النقدي إلى توفير ‪ 20‬س��اعة في المتوس��ط على المس��تفيدين من االنتقال واالنتظار‬
‫الستالم دفعاتهم‪.‬‬

‫‪ -3‬تس��اعد الخدم��ات المالي��ة الناس عل��ى تراكم المدخ��رات وزي��ادة اإلنفاق على‬
‫الض��رورات‪ ،‬فبع��د تزويد البائعين في كينيا ال س��يما النس��اء بحس��ابات ادخ��ار‪ ،‬ارتفعت‬
‫مدخراتهم وازدادت استثماراتهم في مشاريعهم بحوالي ‪ ،%60‬كما ارتفع إنفاق األسر التي‬
‫تعولها في النيبال على األغذية الهامة (اللحوم واألسماك) بنسبة ‪ ،%15‬وعلى التعليم بنسبة‬
‫‪ ،%20‬وذلك بعد حصولهم على حس��ابات ادخار مجانية‪ ،‬كم��ا ارتفع إنفاق المزارعين في‬
‫ماالوي الذين كانوا يودعون مكاس��بهم في حس��ابات ادخار المعدات الزراعية بنسبة ‪%13‬‬
‫كما ارتفعت قيمة محاصيلهم بحوالي ‪.%15‬‬

‫‪ -4‬أم��ا فيم��ا يتعلق باألجهزة الحكومي��ة‪ ،‬فقد أدى ـ التحول م��ن المدفوعات النقدية‬
‫إلى الرقمية ـ بالحد من نس��ب الفساد وتقليلها وتحسين في مستوى التكلفة‪ ،‬ففي الهند مثل‬
‫انخفضت نس��بة تس��رب األموال المخصصة للمعاش��ات التقاعدية بحوالي ‪ %47‬عندما تم‬
‫تس��ديد هذه المدفوعات من خالل بطاقات ذكية تستخدم بها البصمات اإللكترونية‪ ،‬أما في‬
‫النيجر‪ ،‬فقد أدى توزيع التحويالت االجتماعية عبر الهواتف المحمولة إلى تقليص التكلفة‬
‫المتغيرة إلدارة هذه اإلعانات بنسبة ‪.(((%20‬‬

‫مرت بها التقنيات اإللكترونية إلى أن وصلت إلى الوضع الحالي‬


‫إذن فإن المراحل التي َّ‬

‫((( المصدر السابق‪ ،‬ص‪.107‬‬

‫( ‪) 292‬‬
‫يدفعنا إلى تقرير القول‪ :‬بأ َّن انتش��ار حلول التكنولوجيا الرقمية لعب دورا متزايدا في تسريع‬
‫عجلة الش��مول المالي‪ ،‬إذ إ َّن ذلك النوع هو الذي يع ُّد في حقيقة األمر ش��ر ًطا مس��تحدثًا‪،‬‬
‫ووسيلةً جديدةً‪ ،‬وأسلوبًا حديثًا إلتمام عمليات التمويل وإنجازها‪ ،‬وتنفيذها بصورة تلقائيَّة‬
‫ومباشرة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 293‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫دور املصارف اإلسالمية يف تعزيز الشمول املالي‬
‫دأبت المصارف اإلسالمية في فلسفتها منذ نشأتها في جذب الفئة الفقيرة من المسلمين‬
‫وإدراجه��م ضمن الش��مول المالى‪ ،‬وذل��ك عن طريق تصمي��م وتقديم منتج��ات التمويل‬
‫اإلس�لامي الصغيرة المناس��بة للفقراء على أساس مبدأ التضامن اإلس�لامي‪ ،‬فهذه الخدمة‬
‫تس��اعد الفقراء على تحسين مستوى معيشتهم‪ ،‬وبالتالي يحولون مدخراتهم إن وجدت إلى‬
‫البنوك لتلبية مجموعة واس��عة من االحتياجات الش��خصية واالجتماعي��ة لهم‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫أدوات التمويل اإلس�لامي الصغيرة تس��اعد على الوصول المالي للفقراء ومن ثم الماليين‬
‫من المواطنين‪ ،‬وذلك من خالل األدوات التي تسهل إعادة توزيع الثروة‬
‫أولاً ‪ :‬إذ يحت��وي النظ��ام المالي اإلس�لامي على أدوات فريدة إلع��ادة توزيع الثروات‬
‫مثل الزكاة والصدقة والوقف والقرض الحس��ن‪ ،‬ومن شأن هذه األدوات أن تحدث تكامال‬
‫مع أدوات تقاسم المخاطر الس��تهداف أصحاب الدخل المنخفض من المجتمع في سبيل‬
‫تقديم نهج شامل للقضاء على الفقر ودعم نموا أكثر اعتدالاً ‪.‬‬
‫وتتمتع األدوات المالية اإلس�لامية بجذور تأريخية قوية حيث طبقت على مر التاريخ‬
‫في الكثير من المجتمعات اإلسالمية المختلفة‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يوفر التمويل اإلسالمي‬
‫بدي�لا لألفراد الذين أحجموا عن اس��تخدام الخدمات المالية التقليدية الرس��مية ألس��باب‬
‫شرعية أو أخالقية أو مالية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن استخدام عقود مشاركة وتقاسم المخاطر يعد بديال عمليا وذا فاعلية للتمويل‬
‫القائ��م عل��ى الديون التقليدي��ة‪ ،‬ويمكن له��ذه األدوات التمويلية التي يجري فيها مش��اركة‬
‫المخاطر تعزيز دور المصارف اإلس�لامية في تقدي��م أنموذج التمويل األصغر المتوافق مع‬
‫أحكام الشريعة اإلسالمية وتمويل الش��ركات الصغيرة والمتوسطة والتأمين األصغر لتوفير‬
‫فرص الحصول على التمويل‪.‬‬

‫( ‪) 294‬‬
‫وبعيدًا عن التنمية الش��املة للتمويل اإلسالمي‪ ،‬تس��لط الدراسة الضوء على عدد قليل‬
‫من أهم المنتجات المصرفية اإلسالمية والتمويل األصغر اإلسالمي‪ ،‬ومن منطلق أن القطاع‬
‫المصرفي الرس��مي في زيادة مس��تمرة في الكثير من البلدان‪ ،‬فإن جزءا كبيرا من السكان في‬
‫أفريقيا وجنوب آسيا ليس لديهم حسابات مصرفية في المؤسسات المالية الرسمية‪ ،‬وعالوة‬
‫ً‬
‫منخفضا عند المقارنة‬ ‫على ذلك‪ ،‬فإن معدل االقتراض من المؤسسات المالية الرسمية يعد‬
‫بدول مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬واألس��واق الناش��ئة‪ ،‬والصي��ن‪ ،‬إال أن هناك معدال مرتفعا‬
‫لالقتراض من العائلة واألصدقاء(((‪.‬‬
‫فالمصارف اإلسالمية ومن خالل أدواتها التمويلية اإلسالمية التي تبنى على المساهمة‬
‫والمش��اركة تبدو مالئمة لتمويل الشركات والفعاليات الصغيرة والمتوسطة وتوفير الضمان‬
‫المبن��ي على الثقة المتبادل��ة في البيئات الريفية بالذات‪ ،‬وذلك م��ع عدم إغفال ما يمكن أن‬
‫تضيفه خدمات التمويل اإلس�لامي من مظاهر تعاونية تخدم تلك المجتمعات كنظام الزكاة‬
‫والوقف والقرض الحسن والصدقات التي تضيف لمفهوم الشمول المالي لمسات مجتمعية‬
‫إنس��انية ضروري��ة‪ ،‬إذ يمكن في البيئات البس��يطة م��ن قاطني المدن والمجتمع��ات الريفية‬
‫تروي��ج بعض أدوات الخدمات المالية‪ ،‬كالتمويل الس��كني وتمويل المش��روعات الصغيرة‬
‫والمتوس��طة‪ ،‬حتى دف��ع الروات��ب وتقديم اإلعانات م��ن خالل فروع مصرفي��ة ووحدات‬
‫متخصصة بتقديم الخدمات المالية‪ ،‬وبذلك يعد التمويل اإلسالمي وسيلة رئيسة من وسائل‬
‫الشمول المأمول في الخدمات المالية بتقنياتها الحديثة‪ ،‬ولكن بالقدر الذي يتالءم مع طبيعة‬
‫وظروف المجتمعات التي يخدمها‪ ،‬والتي تمثل الش��ريحة العظمى من البش��ر الذين مازالوا‬
‫خارج نطاق ذلك الشمول‪ ،‬وكذلك بقدر ما تلتزم الدعوة للشمول المالي الشفافية واكتساب‬
‫ثقة المتعاملين‪.‬‬

‫الصيرفة اإلسالمية كبديل للنظام المالي التقليدي‪:‬‬

‫فم��ن الناحية الجغرافية‪ ،‬أنش��أت البل��دان األفريقية مثل كيني��ا ونيجيريا وجيبوتي‬

‫((( شركة (بيتك لألبحاث) المحدودة التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي (بيتك)‪2014 ،‬م‪.‬‬

‫( ‪) 295‬‬
‫مصارف إس�لامية اس��تفادت من الطلب القوي من قبل الس��كان‪ ،‬وفي غضون ذلك‪،‬‬
‫ص��رح البنك المركزي بجيبوتي أن التوس��ع في صناعة الصيرفة اإلس�لامية في البالد‬
‫كان له أثر إيجابي في اس��تخدام الخدمات المالية على نطاق واسع في البالد‪ ،‬وخالل‬
‫السنوات القليلة المقبلة‪ ،‬ستكون أفريقيا موطنا لسبعة من أصل أسرع عشرة اقتصادات‬
‫نم��وا في العال��م‪ ،‬وفي ضوء هذه التوقع��ات‪ ،‬بدأ رواد صناعة التمويل اإلس�لامي في‬
‫التمركز بالقارة كبديل للنظام المالي التقليدي المسيطر فيها‪ ،‬وفي ضوء ارتفاع الدخل‪،‬‬
‫يتوقع أن يرتفع طلب الس��كان على الودائع وتمويل المنتجات‪ ،‬بدال من االعتماد على‬
‫االقتراض غير الرسمي من العائلة والمقربين‪ ،‬سيؤدي ذلك إلى تحسين الشمول المالي‬
‫في المنطقة‪ ،‬ويتعين على رواد صناعة التمويل اإلسالمي اغتنام هذه الفرص وتحسين‬
‫تقدي��م المنتج��ات‪ ،‬باإلضافة إلى تس��ويق المنتج��ات المالية اإلس�لامية إلى كل من‬
‫المس��لمين وغير المسلمين‪ ،‬لدعم الشمول المالي بين األسر ذات الدخل المنخفض‪،‬‬
‫ومن المفيد والنافع االس��تعانة بنموذج جنوب آسيا للتمويل األصغر اإلسالمي والذي‬
‫دعم األس��ر ذات الدخ��ل المنخفض العاملين ف��ي الزراعة وأعمال وتج��ارة التجزئة‬
‫الصغيرة(((‪.‬‬

‫وفي جنوب آس��يا‪ ،‬يلعب التمويل األصغر اإلسالمي دو ًرا بار ًزا في دعم االستفادة‬
‫من الخدمات المصرفية‪ ،‬وخاصة بين السكان ذوي الدخل المنخفض‪ ،‬وتبرز بنغالديش‬
‫باعتبارها البلد الذي يؤدي بش��كل جيد إلى حد ما في االنتش��ار المصرفي‪ ،‬ومن الجدير‬
‫بالذك��ر أن بنغالديش بلد رئي��س للتمويل األصغر‪ ،‬وتبرز أهمية قط��اع التمويل األصغر‬
‫الذي يمول من قبل المصارف اإلس�لامية في بنغالدي��ش‪ ،‬إذ كان لها الفضل على نطاق‬
‫واس��ع في لع��ب دور رئيس ف��ي التخفيف م��ن حدة الفقر‪ ،‬وس��ط جهود أوس��ع نطاقا‬
‫لمس��اعدة السكان ذوي الدخل المنخفض‪ ،‬ونتيجة لذلك انخفضت نسبة السكان الذين‬

‫‪(1) Fauzi & Suryani, 2018, p17.‬‬

‫( ‪) 296‬‬
‫يعيش��ون تحت خط الفقر على المس��توى القومي بش��كل ملحوظ في غضون أقل من‬
‫‪ 20‬عامًا‪ ،‬من ‪ % 56.6‬في ‪1992‬م إلى ‪ % 31.5‬في ‪2010‬م‪ ،‬وهناك قصة نجاح هامة‬
‫في بنغالديش‪ ،‬وهي برنامج التنمية الريفية‪ ،‬التي وضعها بنك بنغالديش اإلس�لامي عام‬
‫‪1995‬م‪ ،‬وبرنام��ج التنمي��ة الريفية هو برنامج مبتكر للتمويل اإلس�لامي األصغر صمم‬
‫خصيصا لدعم الس��كان المسلمين في المناطق الريفية في بنغالديش‪ ،‬الذين ابتعدوا عن‬
‫التموي��ل األصغر التقليدي العتبارات دينية بصورة أساس��ية‪ ،‬وق��د انطلق برنامج التنمية‬
‫الريفية كمش��روع تجريبي صغي��ر يغطي أربع قرى فقط في عام ‪ ،1995‬لتتس��ع وتصبح‬
‫نموذجا معروفا على نطاق واس��ع يس��تخدم في التخفيف من وطأة الفقر‪ ،‬وفي نهاية عام‬
‫‪2013‬م‪ ،‬وجد أن برنامج التنمية الريفية قد استفاد منه ما يزيد عن ‪ 800.000‬شخص‪،‬‬
‫وفي الوقت نفس��ه تتمتع باكستان بأن لديها صناعة راسخة ومتنامية من حيث التمويل‬
‫اإلس�لامي األصغر‪ ،‬وتش��مل مؤسس��ات التمويل اإلس�لامي األصغر البارزة (ش��ركة‬
‫أخوات) و(مؤسس��ة واصل)‪ ،‬وتعمل ش��ركة أخوات من خالل ‪ 272‬فرعًا منتش��رة في‬
‫‪ 186‬مدين��ة‪ ،‬وخفض��ت تكاليفها من خ�لال إدارة أعمالها من المراك��ز المجتمعية مثل‬
‫المس��اجد‪ ،‬ويس��تند نموذج األعمال في المقام األول على توجيه أم��وال المانحين إلى‬
‫المقترضين عن طريق تقديم القرض الحسن‪.‬‬

‫وفي إندونيس��يا توصلت دراسة إلى أن ثقة العمالء في الخدمات المصرفية تجعلهم‬
‫ملتزم��ون بمواصلة والحفاظ على العالقات مع المصارف اإلس�لامية‪ ،‬وفي نفس الس��ياق‬
‫توصل��ت دراس��ة‪ُ ،‬طبقت عل��ى ‪ 392‬عميل في المصارف اإلس�لامية األندونيس��ية إلى أن‬
‫والء العمالء سيتحس��ن بش��كل أكبر إذا تمكنت هذه البنوك من تحسين مستوى ثقة العمالء‬
‫بالخدمات المصرفية التي تقدمها(((‪.‬‬

‫وفي أوروبا‪ ،‬يمتلك التمويل اإلس�لامي وجودا مصرفي��ا في االقتصادات الكبرى مثل‬

‫‪, p20.‬مصدر سابق ‪(1) Fauzi & Suryani, 2018‬‬

‫( ‪) 297‬‬
‫ألمانيا وفرنس��ا والمملكة المتحدة‪ ،‬مع وجود ‪ 40‬مؤسسة تقدم منتجات التمويل اإلسالمي‬
‫بدرجات متفاوتة‪ ،‬ففي المملكة المتحدة‪ ،‬هناك س��ت مؤسس��ات تعمل بصورة كاملة وف ًقا‬
‫ألح��كام الش��ريعة‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تق��دم مجموعة متنوعة م��ن المنتجات والخدمات‬
‫المتوافقة مع أحكام الشريعة اإلسالمية لألفراد والشركات والخدمات المصرفية اإلسالمية‬
‫من خالل نوافذ إس�لامية في فرنس��ا وألماني��ا‪ ،‬وهناك عدد من البنوك األوروبية في فرنس��ا‬
‫تقوم بتقديم منتجات متوافقة مع أحكام الش��ريعة اإلس�لامية مثل الودائع والرهون العقارية‬
‫والتمويل التجاري والخدمات المصرفية للشركات(((‪.‬‬

‫أم��ا بالنس��بة ألهم بلدان التمويل اإلس�لامي (الس��عودية وماليزيا واإلم��ارات العربية‬
‫المتحدة والكويت وقطر)‪ ،‬فلديها معدالت انتشار مرتفع نسبيا للخدمات المصرفية‪ ،‬ويرجع‬
‫في جانب منه إلى انتش��ار الخدمات المالية اإلسالمية في ظل ارتفاع الدخل‪ ،‬ولعل الخطوة‬
‫التالية لهذه البلدان هي تقديم منتجات إس�لامية مبتكرة‪ ،‬ويتوقع زيادة عدد السكان في هذه‬
‫البلدان‪ ،‬وبالتالي قد يتطلب ذلك أشكاال أكثر تطورا فيما يتعلق بالودائع والتمويل‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى ذلك‪ ،‬ال يزال لدى مناطق النمو الناشئة في إدارة الصناديق اإلسالمية والتكافل إمكانات‬
‫كبيرة في هذه البلدان‪.‬‬

‫عالوة على ما س��بق‪ ،‬تختلف مقوم��ات ومحركات نمو القطاع المصرفي اإلس�لامي‬
‫كآلي��ة لتعزيز الش��مول المالي من منطقة إلى أخ��رى‪ ،‬ففي المنطقة األفريقية‪ ،‬يش��ير وجود‬
‫ونمو المصارف اإلس�لامية إلى الطلب القوي على الخدمات المتوافقة مع أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬في ظل عدم كفاية اإلمدادات‪ ،‬أما في أماكن أخرى‪ ،‬فقد أنشأت بعض البلدان في‬
‫جنوب آس��يا مثل بنغالديش وباكستان وأفغانستان شبكة صلبة للتمويل األصغر اإلسالمي‪،‬‬
‫والتي يتوقع نموا أكبر مع تعافي النشاط االقتصادي‪ ،‬أما في المناطق األكثر تقدما في مجال‬
‫التمويل اإلس�لامي‪ ،‬فإن الخطوة التالية نحو تعزيز فرص الحصول على التمويل والوصول‬

‫((( شركة (بيتك لألبحاث)‪ ،‬مصدر السابق‪.‬‬

‫( ‪) 298‬‬
‫إلي��ه هي مواصلة تعزي��ز إدارة الصنادي��ق اإلس�لامية والتكافل‪ ،‬فضال عن أش��كال مبتكرة‬
‫لمنتجات التمويل اإلسالمي والودائع‪.‬‬

‫ومن واقع تجربتي ومعايشتي مع المرحومين الحاج سعيد لوتاه والشيخ صالح كامل‪،‬‬
‫فقد كانت تجربتهما ـ في (السودان) و(سريالنكا) من خالل منح التمويل األصغر (السلف‪،‬‬
‫والقرض الحس��ن) للمزارعين والفالحين ـ أنموذجا يحتذى بهما‪ ،‬إذ اس��توعبت المشاريع‬
‫الزراعية واألعمال التشغيلية الحرفية في القرى أعدادا كبيرة من العوائل الفقيرة والمزارعين‪،‬‬
‫كما كان لمش��روع (الس��كن المنتج) الذي أقامه الحاج س��عيد لوتاه في أراضي الجزيرة في‬
‫(السودان واليمن وسريالنكا) صدى كبيرا بين العوائل الفالحية التي قطنت تلك المساكن‪،‬‬
‫إذ خصص لكل عائلة مس��احات واس��عة من األراضي الزراعية التي تحتوي على المناحل‪،‬‬
‫وبرك لتربية األسماك‪ ،‬وحقول لتربية الدواجن‪ ،‬وكان التمويل الشائع في هذه المشاريع يتم‬
‫من خالل صيغي المشاركة والسلم‪ ،‬والحديث يطول‪.‬‬

‫التحدّيات التي تواجه القطاعات المالية والمصرفية اإلسالمية‪:‬‬

‫الص��ادرة خالل الس��نوات الماضية إلى عدد‬


‫تش��ير التّقارير والتّحلي�لات االقتصادية ّ‬
‫م��ن التحدّيات التي تواجه القطاعات المالية والمصرفية اإلس�لامية‪ ،‬وتعوق فرص وصول‬
‫العمالء للتمويل الش��امل والخدمات المالي��ة والمصرفية واس��تخدامها‪ ،‬وتتمثّل أبرز تلك‬
‫التحدّيات فيما يلي((( (((‪:‬‬

‫‪ .1‬عدم تط ّور البِنى التّحتية للقطاعات المالية اإلس�لامية بالقدر الذي يُم ِّكن من زيادة‬
‫فرص النّفاذ للتمويل‪ ،‬ويتمثّل أه ّمها في وجود نظم كفؤة لالستعالم االئتماني وضمان حقوق‬
‫الدّائنين‪.‬‬

‫((( التقرير االقتصادي الموحد‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬ع ‪.32‬‬
‫‪(2) Bongomin et al., 2017; Lenka & Barik, 2018; 2017.‬‬
‫البنك الدولى‪2017 ،‬م‪ ،‬بتصرف‪.‬‬

‫( ‪) 299‬‬
‫‪ .2‬ضعف المستويات التنافسية بين المؤسسات المالية والمصرفية اإلسالمية‪ ،‬وارتفاع‬
‫نسب التر ّكز االئتماني سواء على صعيد التمويل المقدّم لألفراد أو الشركات‪.‬‬
‫‪ .3‬غياب تصنيف مالي وقانوني محدّد للمش��روعات الصغيرة في االقتصادات العربية‬
‫واإلس�لامية‪ ،‬إذ أدّى ذلك إلى ضبابية ّ‬
‫الش��فافية في نش��اط قطاع التمويل الش��مول المالي‪،‬‬
‫وتقيي��د قدرته على تعبئ��ة الموارد المالية الالزم��ة لعملياته المختلفة من خالل اس��تقطاب‬
‫األموال أو االقتراض‪.‬‬
‫‪ .4‬ب��طء تط ّور المؤسس��ات المالية غي��ر المصرفية بما يؤدي إل��ى تزايد االعتماد على‬
‫االئتم��ان المصرف��ي الذي يوفِّر م��وارد قصيرة األج��ل ال تكون مالئمة لس�� ّد اإلحتياجات‬
‫التّمويلية المتوس��طة والطويلة األجل لألفراد والش��ركات‪ ،‬كما أن تدني مؤشرات الشمول‬
‫المالي والمصرفي في االقتصادات اإلس�لامية كمجموع��ة‪ ،‬بالمقارنة مع مجموعات دولية‬
‫مش��ابهة من حيث مس��تويات الدّخل‪ ،‬أبرز الحاجة لتعزيز الشمولية المالية في االقتصادات‬
‫والمصارف اإلس�لامية‪ ،‬والسيما في االقتصادات األق ّل دخل واألكثر سكانًا؛ لما له من أثر‬
‫إيجابي في التنمية االقتصادية واالجتماعية المستديمة‪.‬‬
‫‪ .5‬إرتفاع مستويات األمية المالية والتى يترتب عليها جهل بعض المواطنين بالخدمات‬
‫المصرفية المقدمة‪.‬‬
‫‪ .6‬إنخفاض مستوى الوعى المصرفى لبعض العمالء عند التعامل مع المؤسسات المالية‬
‫الرسمية‪.‬‬
‫‪ .7‬سوء التوزيع الجغرافي للبنوك وماكينات الصرف اآللى‪ ،‬وخاصةً فى القرى والمناطق‬
‫النائية‪.‬‬
‫‪ .8‬إرتفاع تكلفة إجراءات المعامالت المالية سواء فى فتح حساب مصرفى أو التعامل‬
‫مع الصراف اآللى ‪.ATM‬‬
‫‪ .9‬تدنى مستوى دخل بعض المواطنين بشكل ال يسمح بالتعامل مع المؤسسات المالية‬
‫الرسمية‪.‬‬

‫( ‪) 300‬‬
‫‪ .10‬ضع��ف الجهود الترويجية الخاصة بسياس��ة الش��مول المالى م��ن أجل التعريف‬
‫بالفوائد التى ستعود على المواطن والدولة فى حالة تطبيقه‪.‬‬

‫‪ .11‬إنخفاض مستوى ثقة العميل أو المواطن فى الخدمات المصرفية‪ ،‬وهنا يأتى دور‬
‫الشمول المالى فى تحسينها وتعزيزها‪.‬‬

‫تحس��نًا في الش��مول المالي والمصرفي خالل‬


‫وقد ش��هدت االقتصادات اإلس�لامية ُّ‬
‫األعوام الماضية‪ ،‬بما في ذلك تغييرات في األطر القانونية والتنظيمية التي كانت تش ِّكل أه ّم‬
‫العقبات التي تواجه تعميم الخدمات المالية في المنطقة؛ حيث ر ّكزت الكثير من التغييرات‬
‫على التمويل األصغر‪.‬‬

‫ويمكن أن تقوم المصارف اإلس�لامية بدور مه ّم في تحسين مستويات الشمول المالي‬


‫والمصرفي؛ وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ .1‬العمل على تش��جيع التمويل اإلس�لامي خدمة للعمالء الذين ِّ‬
‫يفضلون المعامالت‬
‫المصرفية المتوافقة مع الشريعة‪.‬‬

‫‪ .2‬وضع قواعد وأنظمة قانونية هدفها تس��هيل إج��راءات المعامالت المصرفية بكافّة‬
‫أش��كالها‪ ،‬وتذليل العقبات على جانبي العرض وال ّطلب لضم��ان وصول الخدمات المالية‬
‫لمستخدميها‪.‬‬

‫‪ .3‬العمل على تقنين القنوات غير الرسمية وإخضاعها لرقابة وإشراف البنوك المركزية‪.‬‬

‫‪ .4‬الموافقة على إتاحة قنوات بديلة للخدمات المالية التقليدية مثل‪ :‬وكالء الخدمات‬
‫المصرفية والمالية باستخدام الهاتف المحمول والعمليات والتقنيات المصرفية اإللكترونية‪.‬‬

‫‪ .5‬تحس��ين البِنية التحتية المالية من خالل إنش��اء مكاتب االستعالم االئتماني وتطوير‬
‫نظم المدفوعات والتّسويات والوساطة المالية‪.‬‬

‫‪ .6‬تحفيز القطاع المالي والمصرفي على نشر ثقافة الصيرفة اإلسالمية‪.‬‬

‫( ‪) 301‬‬
‫شلك‪ : 2‬احلواجز املحتملة أمام الشمول املايل وحلول اتلمويل اإلساليم‬

‫املص��در‪ :‬د‪ .‬عبد احللي�م عمار غريب‪ ،‬دور ّ‬


‫الصريفة اإلسلامية يف الش�مول املايل واملرصيف‪،‬‬
‫مصدر سابق‪.‬‬

‫( ‪) 302‬‬
‫تش��ير الدراس��ات المس��حية إلى أن اقتصادات من ّظمة التّعاون اإلس�لامي ‪ OIC‬التي‬
‫تش��تمل االقتص��ادات العربية هي أق ّل إتاحة للخدم��ات المالية وأق ّل اس��تخدا ًما لها مقارنة‬
‫بالمتوسطات العالمية؛ وذلك لالعتبارات التالية(((‪:‬‬
‫ِّ‬
‫‪ -1‬البِنية التحتية المالية أق ّل تط ّو ًرا ـ بما في ذلك الحقوق القانونية ـ م ّما يح ّد من قدرة‬
‫البنوك اإلسالمية على اختيار األسر والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتابعتها وتمويلها‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلطار التنظيمي مالئم لمؤسسات التمويل التقليدية أكثر من اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -3‬االفتق��ار إلى الموارد البش��رية المد ّربة على األدوات المالي��ة المتوافقة مع أحكام‬
‫التوسع بسرعة أكبر في إتاحة الخدمات المالية‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الشريعة؛ م ّما يحول دون‬
‫وتش��ير نتائج البنك الدولي حول أس��باب االمتناع عن فتح حس��ابات مصرفية أبرزها‪:‬‬
‫بنس��بة ‪ 5 %‬ألسباب عقائدية‪ ،‬و ‪13 %‬بس��بب قلّة الثقة في البنوك‪ ،‬و ‪18 %‬لعدم القدرة على‬
‫توفير المس��تندات الالزمة‪ ،‬و ‪20 %‬بس��بب بُعد المس��افة‪ ،‬و ‪ 23 %‬بسبب االعتماد على فرد‬
‫من العائلة لديه حس��اب مصرفي‪ ،‬و ‪25 %‬الرتفاع تكلفة الخدمات المالية‪ ،‬و ‪65 %‬بس��بب‬
‫انخفاض الدّخل‪ ،‬واس��تنادًا إلى استطالع البنك الدولي فإن ‪ %90‬من البالغين المقيمين في‬
‫اقتصادات من ّظمة التّعاون اإلس�لامي يعتب��رون الدِّين جزءًا مه ًّما م��ن حياتهم اليومية‪ ،‬وقد‬
‫يس��اعد ذلك في تفس��ير سبب توافر حس��اب مالي ومصرفي لدى ‪ %25‬فقط منهم؛ بما يق ّل‬
‫عن المتوس��ط العالمي البالغ نحو ‪ 50%‬باإلضافة إلى أن ‪ %4‬م ّمن ال يملكون حسابًا رسميًّا‬
‫في االقتصادات غير اإلسالمية يستشهدون بعوامل دينية‪ ،‬مقارنة بـ ‪ 7 %‬في اقتصادات منظمة‬
‫التعاون اإلسالمي و‪ 12 %‬في االقتصادات العربية(((‪.‬‬

‫‪(1) Lorraine Ocampos, “Can Islamic Banking Increase Financial Inclusion in‬‬
‫‪the Muslim World?”, August 10, 2015, See Web Site:‬‬
‫‪https://blog - montada. imf. org; Sami Ben Naceur et al, “Can Islamic Banking‬‬
‫‪Increase Financial Inclusion?”, IMF Working Paper, WP/15/31, International‬‬
‫‪Monetary Fund, February 2015.‬‬
‫((( د‪ .‬صورية ش��نبي‪ ،‬د‪ .‬الس��عيد بن لخضر‪ ،‬أهمية الشمول المالي في تحقيق التنمية‪ ،‬مجلة البحوث في‬
‫العلوم المالية والمحاسبة‪ ،‬ع ‪2018 ،2‬م‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫( ‪) 303‬‬
‫القى التمويل المتوافق مع الش��ريعة اهتمامًا عالميًا واسعًا في أعقاب األزمة المالية‬
‫العالمية في ظل النظرة إلى آليات التمويل اإلسالمي كأحد عناصر تحقيق االستقرار المالي‪،‬‬
‫وتجنب اآلثار الناتجة عن تراكم المخاطر المالية‪ ،‬تتسم الدول العربية بنشاط ملحوظ لقطاع‬
‫التمويل المتوافق مع الشريعة‪ ،‬حيث تستأثر الصيرفة المتوافقة مع الشريعة في الدول العربية‬
‫بنحو ‪ 60‬في المائة من إجمالي أصول الصيرفة المتوافقة مع الش��ريعة على مستوى العالم‪،‬‬
‫ونحو ثلث اإلصدارات العالمية من الصكوك‪ ،‬تعد البنوك المتوافقة مع الشريعة ذات أهمية‬
‫نظامية محلية في سبع دول عربية‪ ،‬حيث تشكل حصتها في هذه الدول ما ال يقل عن ‪ 15‬في‬
‫المائة من مجمل األصول المصرفية‪ ،‬كما تعتبر مؤسسات الصيرفة المتوافقة مع الشريعة في‬
‫كل من السعودية واإلمارات ذات أهمية نظامية عالمية‪ ،‬حيث تستأثر بنحو ‪ 20.4‬في المائة‬
‫و ‪9.3‬في المائة على التوالي من أصول الصناعة على مستوى العالم(((‪.‬‬
‫تش��ير التقديرات إل��ى ‪25‬في المائ��ة من الش��ركات الصغيرة والمتوس��طة في الدول‬
‫العربي��ة ال يتوفر لديها ف��رص للنفاذ للتمويل نتيجة محدودي��ة أدوات التمويل المتوافق مع‬
‫الش��ريعة‪ ،‬تتفاوت هذه النسبة من دولة إلى أخرى‪ ،‬ففي السعودية تفضل نحو ‪ 90‬في المائة‬
‫من الش��ركات الصغيرة والمتوس��طة الخدمات المصرفية المتوافقة مع الش��ريعة على وجه‬
‫التحدي��د‪ ،‬وفي المغ��رب واألردن‪ ،‬تفضل نحو‪ 54‬و ‪45‬في المائة من الش��ركات الصغيرة‬
‫والمتوس��طة التعامل م��ع الخدمات المصرفية اإلس�لامية على التوالي‪ ،‬ف��ي الدول العربية‬
‫األخرى‪ ،‬تتراوح النسبة بين ‪ 20‬في المائة و ‪ 35‬في المائة(((‪.‬‬
‫تتوزع المصارف في الدول الثمان ما بين بنوك تقدم خدمات مصرفية تقليدية وبنوك تقدم‬
‫خدمات متوافقة مع الشريعة بما يمثل نحو ‪ 20‬في المائة أو أكثر من إجمالي البنوك العاملة في‬
‫هذه الدول‪ ،‬تس��جل نسبة البنوك المتوافقة مع الش��ريعة أعلى مستوياتها في السودان ( ‪100‬في‬
‫المائ��ة) إذ تعمل الدولة وف ًقا لنظام مصرفي متوافق بالكامل مع الش��ريعة‪ ،‬يليها الكويت بنس��بة‬

‫‪(1) Source: IFSB, (2019). "Islamic Financial Services Industry Stability Report".‬‬
‫‪(2) IFC, (2014), "Survey on Islamic Finance and SMEs", The International‬‬
‫‪Finance Corporation, Washington D. C.‬‬

‫( ‪) 304‬‬
‫‪ ،%26‬والبحري��ن ‪ ،%22‬ونح��و‪ %21‬في كل من المغرب وفلس��طين‪ ،‬يصاحب تنامي عدد هذه‬
‫البنوك في غالبية الدول الثمان زيادة في مستويات الشمول المالي لألفراد والشركات كذلك(((‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬يوجد في المملكة األردنية الهاش��مية شركات تقدم التأمين التكفالي‬
‫وعددها شركتين‬
‫وتخضع حاليا لرقابة وإشراف وزارة الصناعة والتجارة ومستقبل سوف تخضع لرقابة‬
‫وإشراف البنك المركزي األردني‪ ،‬إضافة لما تم ذكره‪ ،‬يوجد عدد من المؤسسات ت العامة‬
‫التي تقدم خدمات مالية إسالمية وهي صندوق الحج‪ ،‬صندوق الزكاة‪ ،‬مؤسسة تنمية األيتام‬
‫وهي مؤسسات عامة تخضع لرقابة الحكومة(((‪.‬‬
‫بناءً على ما تم عرضه‪ ،‬يمكن التوصل إلى مجموعة من الحقائق‪ ،‬والتي تتمثل أهمها‬
‫فيما يأتى‪:‬‬
‫‪ -1‬إس��تفاد ه��ذا البحث الحالي من تجارب الدراس��ات الس��ابقة التى ق��ام بها البنك‬
‫الدولي وصندوق النقد العربي والتحالف العالمي للشمول المالي فى تكوين أبعاد الشمول‬
‫المالي الخمس��ة وهي‪ :‬ملكية الحس��اب‪ ،‬وإستخدام الحس��ابات المصرفية‪ ،‬والمدفوعات‪،‬‬
‫واإلقتراض‪ ،‬واإلدخار‪ ،‬والوصول إلى الخدمات المالية‪.‬‬
‫‪ -2‬يرك��ز البح��ث على م��دى قدرة المزي��ج الخدمي ال��ذى تقدمه البنوك فى إش��باع‬
‫إحتياجات العمالء‪ ،‬وبالتالي زيادة مستوى ثقتهم فى الخدمات المصرفية‪.‬‬
‫‪ -3‬يرتب��ط نج��اح البن��وك فى توس��يع قاع��دة الش��مول المالي بمس��توى الثق��ة التى‬
‫يحملهاالعمالء عن تلك البنوك‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فال جدوى من تنوع الخدمات المالية التى تقدمها‬
‫البنوك إذا لم تكن موجهة برغبات العمالء‪.‬‬

‫((( د‪ .‬هبة عبد المنعم وكريم زايدي‪ ،‬دراس��ة «المنافس��ة المصرفية والش��مول المالي في الدول العربية»‬
‫صندوق النقد العربي يونيو‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫((( د رامي يوس��ف عبيد‪ ،‬دراس��ة أثر الخدمات المالية اإلسالمية على الشمول المالي في الدول العربية‪،‬‬
‫صندوق النقد العربي‪ ،‬رقم ‪2019 ،128‬م‪ ،‬ص‪.15‬‬

‫( ‪) 305‬‬
‫اخلامتة‬
‫حققت الكثير من البلدان تقدما في توس��يع استخدام الحسابات المصرفية بين الفقراء‬
‫والنس��اء والشباب وس��كان الريف حتى بدون اس��تخدام الوس��ائل التقنية المتطورة وثبت‬
‫فعالي��ة بعض السياس��ات بدرجة كبيرة مث��ل إلزام بعض البنوك بعرض حس��ابات معفية من‬
‫الرس��وم‪ ،‬واإلعف��اء من متطلبات التوثيق المتعدد واس��تخدام المدفوع��ات اإللكترونية في‬
‫إيداع المساعدات الحكومية في حسابات مصرفية‪.‬‬

‫على هذا النحو يتلخص دور المصارف اإلس�لامية في الش��مول المالي ووس��ائله بأن‬
‫تقت��رن الدع��وة للش��مول المالي بدعوة إلى رفع مس��توى الش��فافية في النش��اط المصرفي‬
‫والتذكير بأن هذا النشاط يقوم على (مساهم ومودع ومقترض)‪ ،‬ال بد من أن يقتسموا منافعه‬
‫عل��ى نحو نزيه وعادل وذلك دع ًما للثقة في النش��اط المصرفي ال��ذي يعد من أخطر وأهم‬
‫األنشطة االقتصادية في كافة المجتمعات‪ ،‬ويرى هذا البعض أنه كان من نتائج األزمة المالية‬
‫الت��ي ألمت بالعالم والتي ما زالت آثارها ماثلة‪ ...‬كان من نتائجها ضعف الثقة في النش��اط‬
‫المصرف��ي وبيوت التمويل واألس��واق المالي��ة والنقدية عمومًا‪ ،‬إذ كان��ت بعض الفعاليات‬
‫في تلك المجاالت س��ببًا لألزمة ثم مارس��ت فش�ًل�اً في عالج أس��بابها عال ًجا ناجعًا‪ ،‬وقد‬
‫بدا النش��اط المصرفي بالذات الذي تسببت بعض منش��آته في األزمة وكأنه نشاط معفى من‬
‫تحمل المسؤولية‪ ،‬بل النشاط الذي يمكن ألربابه أن يتجاوزوا القوانين واألعراف المصرفية‬
‫المس��تقرة ثم ال يحاس��بون على ذلك إال بالمزيد من دعم الحكومات وتيس��ير الس��يوالت‬
‫مدمرا للمجتمعات‪.‬‬
‫ً‬ ‫وتوفير االحتياطات والمعونات خشية االنهيار الذي يعد‬

‫لذلك عندما تأتي الدعوة إلى الش��مول المالي في مثل هذه الظروف التي تتطلب دع ًما‬
‫للنش��اط المصرفي والمنش��آت المالية والتمويلية النقدية ال بد من أن يكون دع ًما مبنيًا على‬
‫المزيد من الثقة والش��فافية في هذا النش��اط‪ ،‬كذلك تحتاج الفئات المتوس��طة والمحدودة‬
‫( ‪) 306‬‬
‫الدخ��ل والفقي��رة إلى تثقيف وتوجيه يخرج بهذه الفئات مما تبديه أو مما هي عليه من حذر‬
‫أو قل��ة ارتي��اح في التعامل المصرفي‪ ،‬نتيجة نقص معرفي ق��د يؤدي أحيانًا لضعف في الثقة‬
‫بالنشاط المصرفي والتمويلي عمو ًما‪ ،‬يغذيه بُعد النشاط عن تلك الفئات وعدم االهتمام بما‬
‫تمثله من ثروة تؤهلها للتعامل مع المصارف‪.‬‬
‫ثم ال بد من اإلش��ارة إلى أن الدعوة للش��مول المالي تبدو في كثير من األحيان وكأنها‬
‫تس��عى لتقديم عروض ترويجية هدفها إفادة جانب العرض من جوانب الش��مول أي جانب‬
‫أصح��اب الخدم��ات المالي��ة والنقدي��ة‪ ...‬بل إن بعض تل��ك العروض تعتمد أش��كالاً من‬
‫(التذاك��ي اإلعالني) هدفه جر الجمه��ور إلى المزيد من اإلنفاق واالس��تهالك‪ !...‬إن مثل‬
‫هذا التجاوز في الدعوة للش��مول المالي قد يسيء ويساهم في فقدان الثقة في الوقت الذي‬
‫ال ب��د له��ذه الدعوة من أن تثبت حرصها على جانب الطل��ب أي جانب الجمهور المطالب‬
‫بالتعامل مع الخدمات المالية والعمل على ترش��يد االس��تهالك وحماية المستهلك الجديد‬
‫الذي يدعوه الشمول المالي لرحابه‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 307‬‬
‫نتائج البحث‬
‫في ختام دراس��تنا التّحليلية لدور المصارف اإلسالمية في الشمول المالي والمصرفي‬
‫اإلسالمي تأ ّكدت لنا نتائج مُه ّمة نستعرضها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬حاجة المصارف اإلسالمية إلى تحسين الشمول المالي والمصرفي اإلسالمي عن‬
‫طريق تطوير البِنية التحتية اإللكترونية‪ ،‬إذ يُ ْس��هم تقديم الخدمات المالية الرقمية عن طريق‬
‫الوكالء في خفض تكلفتها ووصولها لفئات أوسع في المجتمع‪.‬‬

‫‪ -2‬حاجة المصارف اإلس�لامية إلى تطوير اإلجراءات والممارسات المتعلِّقة بحماية‬


‫المس��تهلكين في الخدمات المالية اإلس�لامية‪ ،‬في ظ�� ّل تطور المنتج��ات المالية َ‬
‫وضعف‬
‫الوعي المالي والمصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ -3‬حاجة المصارف اإلسالمية إلى استخدام المالية اإلسالمية التي تؤدِّي دو ًرا مح ِّفزًا‬
‫في اس��تقطاب األفراد والمشروعات الصغيرة المس��تبعدة ماليًّا إلى النظام المالي الرسمي‪،‬‬
‫والتي ال ترغب في استخدام الخدمات المالية والمصرفية ألسباب دينية‪.‬‬

‫‪ -4‬حاجة المصارف اإلس�لامية إل��ى تعزيز التّوعية بالقضايا المالي��ة والمصرفية التي‬
‫تس��تهدف زيادة الوعي بالخدمات المالية اإلس�لامية المتاحة والقدرة على اس��تخدامها في‬
‫المناطق ذات الش��مول المالي المنخفض‪ ،‬كما تس��تهدف توعية العمالء المحتملين باتخاذ‬
‫قرارات مالية سليمة في المناطق ذات الشمول المالي المرتفع‪.‬‬

‫‪ -5‬كما توصلت الدراسة إلى تقديم خدمات ومنتجات مالية متطورة وبأسعار معقولة‬
‫مثل المعامالت والمدخرات والمدفوعات والتأمين واالئتمان وغيرها من الخدمات المالية‬
‫المختلفة بطريقة مستديمة ومسؤولة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 308‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬
‫‪ -1‬صن��دوق النقد العربي‪( ،‬التقرير االقتصادي العرب��ي المو ّحد)‪ ،‬الدائرة االقتصادية‬
‫والفنية‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬ع‪2012 ، 32‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬صندوق النقد العربي‪( ،‬نش��رة تعريفية حول مفاهيم الشمول المالي)‪ ،‬فريق العمل‬
‫اإلقليمي لتعزيز الشمول المالي‪ ،‬أبو ظبي‪2017 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬محم��د زكريا‪( ،‬دور المعهد المصرفي المصري في نش��ر الثقاف��ة المالية كمحور‬
‫أساس��ي في منظومة الش��مول المالي)‪ ،‬في منتدى الش��مول المالي‪ :‬التو ّجه االس��تراتيجي‬
‫لالس��تقرار المالي واالجتماعي‪ ،‬بالتعاون بين البن��ك المركزي المصري واتحاد المصارف‬
‫العربية‪ ،‬المعهد المصرفي المصري‪2015 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬محمد يس��ر برنيه‪ ،‬توس��يع فرص الوصول للتمويل والخدم��ات المالية في الدول‬
‫العربي��ة ودور المصارف المركزية‪ ،‬أمانة مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسس��ات‬
‫النقد العربية‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬أبو ظبي‪.20 ،‬‬
‫‪5- International Bank for Reconstruction and Development,‬‬
‫‪Washington D. C, 2014 -World Bank, Global Financial Inclusion‬‬
‫‪(Global Findex) Database,‬‬
‫‪6- Washington DC, See Web Site: http:// www. worldbank. org/‬‬
‫‪globalfindex.‬‬
‫‪− World Bank, Global Payment Systems Survey (GPSS) , 2012,‬‬
‫‪See Web Site: http://www.worldbank.org.‬‬
‫‪7- World Bank, Global Financial Development Report: Financial‬‬
‫‪Inclusion.‬‬

‫( ‪) 309‬‬
‫‪‬‬
‫حبث بعنوان‪:‬‬
‫االلتزام االجتماعي للمصارف اإلسالمية‬
‫يف ظل جائحة كورونا‬
‫ً‬
‫أمنوذجا»‬ ‫«بنك صفوة اإلسالمي‬

‫مقدم من ابلاحث‪:‬‬
‫نبيلة فارس عالونة‬
‫املؤمتر األكادميي السادس‪،‬‬
‫«املصارف اإلسالمية بني الواقع واملأمول»‪،‬‬
‫اهليئة اإلسالمية العليا بالقدس‬
‫امللخص‬
‫هدف��ت الدراس��ة إلى إب��راز دور البنوك اإلس�لامية في تحقي��ق االلتزام بمس��ؤوليتها‬
‫االجتماعية في ظل ما يش��هده العالم اليوم من تطورات س��لبية فرضت نفسها خالل جائحة‬
‫كورونا‪ ،‬كما هدفت الدراس��ة إلى عرض أهم اإلج��راءات والقرارات الحكيمة التي قام بها‬
‫بنك صفوة اإلسالمي لتحسين الخدمات االجتماعية وتحقيق التعافي االقتصادي للقطاعات‬
‫المتضررة نتيجة الجائحة‪.‬‬

‫أبرز ما توصلت إليه الدراس��ة التزام البنك بالمشاركة المتواصلة بتحمل المسؤوليات‬
‫تجاه الوطن وأبناء المجتمع‪ ،‬خاصة الفئة األكثر تضر ًرا من أزمة جائحة كورونا فقد س��اهم‬
‫البنك وموظفي��ه لدعم صندوق همة وطن ورعايته مبادرة «العط��اء يمحو الوباء»‪ ،‬بالتعاون‬
‫مع جمعية اإلغاثة الطبية العربية‪ ،‬ذلك انس��جامًا مع األهداف االس��تراتيجية للبنك وتماشيًا‬
‫م��ع الخطة المعتمدة‪ ،‬كما ظهر التزام البنك باتخاذ اإلجراءات التي تس��اعد متعاملي البنك‬
‫على تجاوز األزمة بتقديم تمويالت األفراد وتأجيل األقس��اط ولكافة أنواع التمويالت دون‬
‫أية عموالت أو زيادة في األرباح المقتطعة‪ ،‬وكذلك دراسة أوضاع متعاملي البنك من قطاع‬
‫الشركات وعلى اختالف أحجامهم وتقديم كافة سبل التعاون لهم بمرونة عالية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 313‬‬
Abstract
The aim of the study was to highlight the role of Islamic banks
in fulfilling their social responsibility in view of the negative
developments taking place in the world today during the Corona
pandemic. The aim of the study was to present the main measures
and wise decisions taken by Safwa Islamic Bank to improve social
services and achieve economic recovery in the sectors affected
by the pandemic. The study highlighted the Bank’s commitment
to sustained engagement to assume responsibilities towards the
homeland and the community, especially the group most affected
by the Corona pandemic crisis. The Bank and its staff contributed
to support the Home Fund and its sponsorship of the “Give Away
Epidemic” initiative, in collaboration with the Arab Medical
Relief Association. In line with the Bank’s strategic objectives
and in line with the approved plan, It also demonstrated the
Bank’s commitment to take action to help its clients overcome the
crisis by providing individual funding and postponing premiums
and all types of financing without any commission or increased
deductible profits. It also examined the situation of the Bank’s
clients of different types and sizes and offered them all the means
of cooperation with high flexibility..

  
) 314 (
‫املقدمة‬
‫إن الفه��م الدقي��ق لمفه��وم االلت��زام االجتماعي للمصارف اإلس�لامية وم��ا يتعلق به‬
‫م��ن ضوابط ومعايير يقضي إلى تحقيق تنمية اقتصادية ش��املة إلى جان��ب التزامها بطابعها‬
‫االقتصادي؛ لذلك يعتبر االلتزام االجتماعي للمصارف اإلس�لامية من السياسات التي تتبوأ‬
‫مكانة عالية على كافة األصعدة؛ نظرا لما لها من آثار إيجابية في تحس��ين مس��توى معيش��ة‬
‫األفراد وتحقي��ق رفاهية المجتمع‪ ،‬ومواجهة المش��كالت االجتماعي��ة واالقتصادية وعلى‬
‫رأس��ها مش��كلتي الفقر والبطالة‪ ،‬وت��زداد أهمية االلتزام االجتماعي ف��ي ظل األزمات‪ ،‬وما‬
‫تعانيه المجتمعات من ظروف طارئة ومفاجئة تس��تدعي قيام المصارف بتوجيه كافة طاقتها‬
‫وإمكانياتها إليجاد الحلول لكافة األطراف‪.‬‬

‫فما حل بالعالم أجمع في الوقت الراهن نتيجة جائحة كورونا‪ ،‬وما مر به المجتمع من‬
‫ظروف صعبة نتيجة تعطل العديد من األنشطة والقطاعات االقتصادية حول العالم‪ ،‬واإلضرار‬
‫بأرباب العمل واالس��تغناء عن بعض األيدي العاملة ما أدى إلى انكماش اقتصادي‪ ،‬مثل كل‬
‫ذلك تحديا جديدا لقطاع المصرفية اإلسالمية وإظهار قدرتها على التعامل مع كافة تداعيات‬
‫هذه األزمة ومواجهتها‪ ،‬ويدور المحور الرئيس��ي لهذه الدراس��ة ح��ول االلتزام االجتماعي‬
‫للمصارف اإلسالمية في ظل جائحة كورونا‪ ،‬بدراسة «بنك صفوة اإلسالمي أنموذ ًجا»‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫إن مواجه��ة تحديات الجائح��ة واآلثار الناجمة عنها اقتصاديًّ��ا واجتماعيًّا ال تقع على‬
‫عات��ق جهة واح��دة بل أن هناك دورا مهما يؤديه قطاع المصرفية اإلس�لامية إلى جانب بقية‬
‫منظمات المجتمع ومؤسس��اته االقتصادية‪ ،‬لذا وجدت المصارف اإلس�لامية نفس��ها أمام‬
‫واقع حتمي يتمثل بضرورة قيامها بمس��ؤولياتها االجتماعية تجاه المجتمع المحيط‪ ،‬وعليه‬
‫تتمثل مشكلة الدراسة في محاولة اإلجابة عن السؤال الرئيسي اآلتي‪:‬‬

‫( ‪) 315‬‬
‫ما مدى التزام المصارف اإلسالمية بمسؤولياتها االجتماعية في ظل جائحة كورونا؟‬
‫ويتفرع منه األسئلة التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬ما أشكال التزام المصارف اإلسالمية بالمسؤولية االجتماعية في ظل جائحة كورونا؟‬
‫‪ .2‬ما اإلجراءات والقرارات التي اتخذها بنك صفوة اإلسالمي لتحسين الخدمات‬
‫االجتماعية في ظل جائحة كورونا؟‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫‪ .1‬إبراز دور البنوك اإلسالمية في تحقيق االلتزام االجتماعي في ظل جائحة كورونا‪.‬‬
‫‪ .2‬بيان القرارات واإلجراءات التي قام بها بنك صفوة لتحس��ين الخدمات االجتماعية‬
‫في ظل الجائحة‪.‬‬
‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫‪ .1‬تعطي الدراس��ة صورة واضحة عن أهمية الدور الذي تلعبه المصارف اإلس�لامية‬
‫وجهودها الفعلية في التصدي لجائحة كورونا‪ ،‬في إطار مسؤوليتها االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .2‬تس��تمد الدراس��ة أهميتها من كونها تمث��ل مقاربة علمية وعملية ت��درس من واقع‬
‫عمل المصارف اإلس�لامية للكيفية التي تستجيب بها المصارف اإلسالمية لمفهوم االلتزام‬
‫االجتماعي بدراسة بنك صفوة اإلسالمي أنموذ ًجا‪.‬‬
‫منهجية الدراسة‪:‬‬
‫يعتمد منهج الدراسة على اآلتي‪:‬‬
‫المنه��ج الوصف��ي التحليلي‪ :‬ال��ذي يعتمد عل��ى الوصف والمالحظة‪ ،‬ثم تش��خيص‬
‫الوصف لتس��هيل عملية التحليل والوص��ول إلى النتائج المرج��وة‪ ،‬وذلك عند عرض دور‬
‫البنوك اإلس�لامية في تحقي��ق االلتزام االجتماعي في ظل جائح��ة كورونا‪ ،‬وبيان القرارات‬
‫واإلج��راءات التي قام بها بنك صفوة اإلس�لامي لتحس��ين الخدم��ات االجتماعية في ظل‬
‫الجائحة‪ ،‬باعتماد التقارير السنوية للبنك محل الدراسة‪.‬‬
‫( ‪) 316‬‬
‫املخطط املقرتح‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬دور المصارف اإلسالمية في تحقيق االلتزام االجتماعي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم االلتزام االجتماعي للمصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أشكال االلتزام االجتماعي للمصارف اإلسالمية في ظل الجائحة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االلتزام االجتماعي لبنك صفوة اإلسالمي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االلتزام االجتماعي لبنك صفوة في جانب التمويالت‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االلتزام االجتماعي لبنك صفوة في جانب المبادرات االجتماعية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 317‬‬
‫املبحث األول‬
‫دور املصارف اإلسالمية يف حتقيق االلتزام االجتماعي‬
‫يعد قيام المصرف اإلس�لامي بخدمة المجتمع والبيئة المحيطة به من أس��اس وظيفته‬
‫الت��ي وجد لتحقيقها‪ ،‬وتتعدد الخدم��ات االجتماعية والتكافلية غير الهادفة للربح والمقدمة‬
‫من المصارف اإلس�لامية‪ ،‬والتي يتوجب عليها تقديمها للمجتمع ضمن ما يعرف بااللتزام‬
‫االجتماعي للمصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 318‬‬
‫املطلب األول‬
‫مفهوم االلتزام االجتماعي للمصارف اإلسالمية‬
‫تعرف على أنها التزام المصرف اإلس�لامي بالمش��اركة في بعض األنش��طة والبرامج‬
‫واألفكار االجتماعية لتلبية المتطلبات االجتماعية لألطراف المترابطة به والمتأثرة بنش��اطه‬
‫س��واء بداخل��ه أو خارجه بهدف إرض��اء اهلل تعالى‪ ،‬والعم��ل على تحقيق التق��دم والوعي‬
‫االجتماعي لألفراد؛ بمراعاة التوازن وعدالة االهتمام بمصالح الفئات المختلفة(((‪.‬‬
‫وتع��رف ً‬
‫أيضا‪ :‬بأنها التزام أخالقي باإلس��هام في بناء مجتم��ع الكفاية والعدل في ديار‬
‫المسلمين ‪ ،‬التزام يمليه عليها انتماؤها للدين الحنيف(((‪.‬‬

‫وبذلك فان التزام البنوك اإلس�لامية تجاه المجتمع نابع من قوة إيمانه بوجوب توجيه‬
‫نشاطه االقتصادي مرضاة هلل تعالى وبناء مجتمع العدل ما يترك أثرا بالغا على سلوك األفراد‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( المغربي‪ ،‬عبد الحميد عبد الفتاح‪« ،‬اإلدارة االس��تراتيجية في البنوك اإلس�لامية»‪ ،‬المعهد اإلسالمي‬
‫لبحوث التدريب‪ ،‬جده‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.417‬‬
‫((( ريح��ان‪ ،‬بكر محمود‪« ،‬المس��ؤولية االجتماعية للمصارف اإلس�لامية»‪ ،‬األكاديمي��ة العربية للعلوم‬
‫المالية والمصرفية‪ ،‬مركز البحوث المالية والمصرفية‪ ،‬مج‪ ،20‬ع‪2012 ،2‬م‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫( ‪) 319‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫أشكال االلتزام االجتماعي‬
‫للمصارف اإلسالمية يف ظل اجلائحة‬
‫إن تبني المصارف اإلسالمية للمسؤولية االجتماعية يتضح من خالل جملة الخدمات‬
‫التكافلية واالجتماعية التي تقوم بها لتحقيق التوازن االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫إذ أن م��ن المب��ادئ األساس��ية التي تق��وم عليها المس��ؤولية االجتماعي��ة للمصارف‬
‫اإلسالمية االرتباط المجتمعي الذي بموجبه تعمل المؤسسة على تعميق عالقتها بالمجتمع‬
‫الذي تتعامل معه عن طريق اهتمامها باحتياجاته(((‪.‬‬

‫وال ش��ك أن للمس��ؤولية االجتماعية في المصارف اإلسالمية بعدًا إنسانيًّا بمثابة عمل‬
‫طوعي بمس��اهمة المصرف في تعزيز الموارد في المجتمع وتحسين نوعية الحياة من خالل‬
‫مبادرات إنسانية طوعية(((‪.‬‬

‫وي��زداد األم��ر أهمية عند ظه��ور الجوائح واألوبئ��ة؛ حيث يزيد االلت��زام االجتماعي‬
‫للمصارف اإلسالمية‪ ،‬ذلك أن عالقات المصرف اإلسالمي تتعلق بعناصر وفئات المجتمع‬
‫المختلفة‪ ،‬فيتكون له عالقات باألفراد والجماعات والمنظمات الحكومية والدولية‪ ،‬وتقوم‬
‫هذه العالقات على مبدأ المشاركة والمضاربة اإلسالمية‪ ،‬وبذلك تتسع دائرة التأثير المتبادل‬
‫بين البنك اإلسالمي والبيئة المحيطة‪.‬‬

‫((( ش��هرة‪ ،‬عديس��ة‪ ،‬المس��ؤولية االجتماعية في الخدمات التكافلية واالجتماعية للمصارف اإلسالمية‪:‬‬
‫مجموع��ة البركة المصرفي��ة‪ ،‬المؤتمر العلمي الدولي‪ :‬دور المصارف اإلس�لامية ف��ي التنمية‪ ،‬مركز‬
‫البحث وتطوير الموارد البشرية رماح‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪2018 ،‬م‪ ،‬ص‪.670‬‬
‫((( ش��هرة‪ ،‬عديسة‪« ،‬المسؤولية االجتماعية في الخدمات التكافلية واالجتماعية للمصارف اإلسالمية»‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.669‬‬

‫( ‪) 320‬‬
‫وهكذا تساعد طبيعة عمل وعالقات المصارف اإلسالمية على تعدد األنشطة والبرامج‬
‫االجتماعي��ة التي يمكن للمصرف م��ن خاللها الوفاء بمس��ؤوليته االجتماعية‪ ،‬حيث يجب‬
‫على المصارف اإلسالمية في ظل الجائحة أن تعمل على وضع استراتيجيات وخطط تهدف‬
‫إلى تحقيق االلتزام االجتماعي عن طريق‪:‬‬

‫أولاً ‪ :‬تقديم التمويالت الالزمة للمتعاملني‪:‬‬


‫بتقديم عدد م��ن الصيغ التمويلية الفردية للمس��تثمرين والمجتمعات التي تعمل فيها‪،‬‬
‫ومنها على س��بيل المثال المش��اركة والمضاربة والمرابحة والمتاجرة واالستثمار المباشر‪،‬‬
‫مما يؤدي إلى‪:‬‬

‫‪ .1‬المس��اهمة في مواجهة المش��كالت الملحة في المجتمع(((‪ ،‬وتمويل مش��روعات‬


‫الرعاي��ة الصحية‪ ،‬وتس��هيل إجراءات التعام��ل للخدمات المصرفية المقدمة‪ ،‬وكس��ب ثقة‬
‫المتعاملين‪ ،‬والعمل على تأجيل األقس��اط المترتبة عل��ى العمالء المتضررين من الجائحة‪،‬‬
‫فإلى جانب تأثيرات جائحة كورونا الصحية فان لها أثرا بالغا في تقطع سبل حصول األفراد‬
‫على الخدمات الضرورية والمواد الغذائية وس��بل كس��ب الرزق‪ ،‬مما يؤدي إلى تراجع في‬
‫مجاالت الصحة والتعليم والمهارات واإلنتاجية‪.‬‬

‫‪ .2‬توفير فرص التشغيل والعمالة وتحقيق الرفاهية والرخاء للمجتمع(((‪.‬‬

‫فق��را‪ ،‬خاصة أن‬


‫ً‬ ‫حيث تش��تد المعان��اة بين صفوف األس��ر والفئات الضعيفة األش��د‬
‫الكثيرين منهم ال يسعهم تطبيق التباعد االجتماعي؛ بدافع الضرورة االقتصادية أو لفقدانهم‬
‫أسباب تحقيق الدخل‪ ،‬مما يزيد من مسؤولية البنوك اإلسالمية والتزامها االجتماعي‪ ،‬بالنظر‬
‫إل��ى توس��يع نطاق الحماية االجتماعية‪ ،‬م��ن خالل زيادة حجم التموي��ل المقدم إلى جنب‬

‫((( ش��حاته‪ ،‬حسين «المصارف اإلسالمية بين الفكر والتطبيق»‪ ،‬مكتبة التقوى‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪2006 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.94‬‬
‫((( ريحان‪ ،‬بكر‪« ،‬المسؤولية االجتماعية للمصارف اإلسالمية»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18‬‬

‫( ‪) 321‬‬
‫التأمين��ات االجتماعية‪ ،‬واحتفاظ الش��ركات والمؤسس��ات بالعاملي��ن‪ ،‬وتخفيف األضرار‬
‫الالحقة بسوق العمل‪.‬‬

‫ليت��م بذلك تصحيح وظيفة رأس الم��ال‪ ،‬والعمل على تحريك الثروة وتداولها وإعادة‬
‫توزيعها وتحقيق المصالح المختلفة(((‪ ،‬وتش��جيع األيدي العاملة على الكسب الحالل بما‬
‫يس��اهم في القضاء على البطالة‪ ،‬بتوجيه جميع برامج س��وق العمل الجارية‪ ،‬ومش��روعات‬
‫األش��غال العامة الكثيفة األيدي العاملة‪ ،‬ودعم سبل الرزق‪ ،‬والتدريب على المهارات‪ ،‬نحو‬
‫دعم المشروعات القائمة‪ ،‬ودعم قطاعات الخدمات الحيوية‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬املبادرات االجتماعية ملساعدة القطاعات املتضررة‪:‬‬
‫المس��اهمة في تدعيم البيئة االجتماعية للمجتمع اإلسالمي واالهتمام بتحقيق العدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وذلك عن طريق مجموعة من الوسائل واألساليب أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬االهتمام بتحصيل الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية‪ ،‬حيث يسهم البنك اإلسالمي‬
‫من خالل الزكاة في تحقيق مس��ؤوليته االجتماعية تجاه المجتمع (الفئات المهمشة) بشكل‬
‫خاص‪ ،‬وكذلك تجاه مودعيه من خالل اإلنفاق على مثقلي الديون منهم(((‪.‬‬
‫‪ -‬منح القروض الحس��نة والقروض اإلنتاجي��ة ودعم الصناعات الصغيرة والحرفية(((‬

‫الذي��ن تضرروا م��ن الجائحة‪ ،‬وتقدي��م التبرعات والمن��ح؛ بتوجيه الدع��م لمالي لمقدمي‬

‫((( أبو الفتوح‪ ،‬نجاح عبد العليم‪« ،‬االقتصاد اإلس�لامي النظ��ام والنظرية»‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬اربد‪،‬‬
‫األردن‪2011 ،‬م‪ ،‬ص‪.373‬‬
‫((( العاني‪ ،‬أس��امة عبد المجيد‪« ،‬طبيعة المس��ؤولية االجتماعية في المصرف اإلس�لامي ـ دراس��ة حالة‬
‫البنك اإلسالمي األردني ـ »‪ ،‬المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪2017 ،)3‬م ‪،‬‬
‫ص‪.286‬‬
‫((( قوادري��ة‪ ،‬مريم؛ وبارة‪ ،‬س��هيلة‪ ،‬المصارف اإلس�لامية كآلية لتعزيز األبع��اد االقتصادية واالجتماعية‬
‫للتنمية المستدامة دراسة حالة ـ البنك اإلسالمي األردني للفترة (‪ 2013‬ـ ‪2019‬م) ـ ‪ ،‬مجلة المنتدى‬
‫للدراس��ات واألبح��اث االقتصادي��ة‪ ،‬م��ج (‪ ، )5‬ع (‪2021 ، )1‬م‪ ،‬ص‪ ،332‬وللمزي��د‪ ،‬أبو الفتوح‪،‬‬
‫«االقتصاد اإلسالمي النظام والنظرية»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.379‬‬

‫( ‪) 322‬‬
‫الخدمات وبس��ط المس��اعدة االجتماعي��ة للمؤسس��ات االقتصادية الصغيرة والمتوس��طة‬
‫والكبيرة‪ ،‬وتمكينها للتعامل مع اآلثار الس��لبية للجائح��ة؛ بوضع ميزانية مرنة لزيادة التغطية‬
‫عند الحاجة‪ ،‬توسيع نطاق التغطية للقطاعات المختلفة‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم العديد من المبادرات الصحية والتعليمية واإلنسانية‪ ،‬إذ يمكن للتعاون الفعال‬
‫من قبل البنوك اإلس�لامية مع القطاعات المجتمعية ذات العالقة في توفير الرعاية المتقدمة‬
‫بالمستش��فيات والمراك��ز الصحية‪ ،‬وزي��ادة إمداداتها م��ن األدوات التش��خيصية واألدوية‬
‫الضرورية‪ ،‬وتوس��يع نطاق المستشفيات المتنقلة للرعاية الصحية والتطبيب‪ ،‬وتوفر معدات‬
‫الوقاية‪ ،‬وتقديم رس��ائل موجهة تحافظ على الوعي المجتمع��ي بالفيروس‪ ،‬وآثاره‪ ،‬وطرق‬
‫التخفيف من انتش��اره؛ ومعالجة الممارس��ات المحلية التي تش��كل خط��ورة واضحة مثل‪:‬‬
‫التحية‪ ،‬والتجمعات‪ ،‬والممارسات الصحية وغيرها‪.‬‬

‫وكذلك االستمرار باالستراتيجيات والمبادرات المبتكرة لضمان القدرة على الحصول‬


‫عل��ى التعليم في مواجهة إغ�لاق المدارس والتحول للتعلم عن بع��د‪ ،‬ودعم أولياء األمور‬
‫والمجتمع��ات المحلية بالحص��ول على األجه��زة اإللكترونية واللوحي��ة وتوفير اإلنترنت‬
‫المجاني على أوسع نطاق‪.‬‬

‫يمكننا القول أن االلتزام االجتماعي الذي تتبناه المصارف اإلسالمية في سبيل تحقيق‬
‫رفاهي��ة المجتمعات وتحقيق التنمية المس��تدامة في ظل ه��ذه الجائحة أصبحت على رأس‬
‫الخدمات التي تقدمها وليست مجرد دور إضافي على هامش الخدمات األخرى‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 323‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫االلتزام االجتماعي لبنك صفوة اإلسالمي‬
‫يجدر بنا قبل الحديث عن التزام بنك صفوة اإلسالمي اجتماعيا‪ ،‬التعريف ببنك صفوة‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ثم التعريج على أهم اهم أشكال التزامه االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -‬نبذة تعريفية ببنك صفوة اإلسالمي‪:‬‬

‫وسجل بصفته شركة مساهمة عامة في سجل‬


‫تأس��س بنك صفوة اإلسالمي في عمان‪ّ ،‬‬
‫الش��ركات في عام ‪1963‬م باسم بنك اإلنماء الصناعي‪ ،‬حيث تأسس بموجب القانون رقم‬
‫‪ 5‬لسنة ‪1972‬م والذي تم إلغاؤه بموجب قانون إلغاء قانون بنك اإلنماء الصناعي رقم ‪26‬‬
‫لع��ام ‪2008‬م‪ ،‬وح��ل محله بنك األردن دبي اإلس�لامي حلوال قانونيًا وواقعيًا‪ ،‬باش��ر بنك‬
‫األردن دبي اإلسالمي أعماله عام ‪2010‬م‪ ،‬وفق أحكام الشريعة اإلسالمية وتعليمات البنك‬
‫المركزي وقانون البنوك األردني((( (وفي عام ‪2017‬م‪ ،‬تم تغيير اسم البنك إلى بنك صفوة‬
‫اإلسالمي بقرار الهيئة العامة للبنك في اجتماعها الغير عادي)(((‪.‬‬

‫يقوم البنك بممارس��ة وتقدي��م األعمال والخدمات المصرفية اإلس�لامية وف ًقا لقانون‬
‫البنوك وقانون الش��ركات‪ ،‬يقوم البن��ك بتقديم جميع األعمال المالي��ة والمصرفية وأعمال‬
‫االستثمار ال ُمنظمة على أساس غير ربوي وف ًقا ألحكام الشريعة اإلسالمية من خالل مركزه‬
‫وفروعه داخل المملكة والبالغ عددها ‪38‬فرعًا(((‪ ،‬ويخضع البنك في أعماله ألحكام قانون‬
‫البنوك النافذ‪.‬‬

‫يتطلع بنك صفوة في رؤيته إلى ريادة العمل المصرفي اإلسالمي لخدمة جميع أطياف‬

‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2010‬م‪ ،‬ص‪.10‬‬


‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2019‬م‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫( ‪) 324‬‬
‫المجتمع‪ ،‬وتقديم خدمات متميزة ومبتكرة نابعة من مبادئ الدين اإلسالمي الحنيف‪ ،‬تهدف‬
‫إل��ى بناء ش��راكة دائمة وتحقيق أفض��ل منفعة لجميع األطراف(((‪ ،‬فق��د حرص البنك على‬
‫مواصلة نهجه وتعزيز دوره في االرتقاء بالمجتمع المحلي والمش��اركة في تنميته من خالل‬
‫المس��اهمة في تقديم الدعم المادي والمعنوي للمبادرات المجتمعية بالمجاالت التعليمية‪،‬‬
‫اإلنسانية والمجتمعية وغيرها‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2019‬م‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫( ‪) 325‬‬
‫املطلب األول‬
‫االلتزام االجتماعي لبنك صفوة يف جانب التمويالت‬
‫انطالقًا من حرص بنك صفوة اإلس�لامي على المش��اركة في تنمية المجتمع المحلي‬
‫واالرتقاء به على مختلف أش��كاله‪ ،‬والوقوف جنبا إلى جنب مع مؤسسات القطاع العام في‬
‫مواجهة الجائحة‪ ،‬ودعمة بكافة الوسائل الممكنة‪ ،‬قدم البنك مساهمات مادية كبيرة خاللها‪،‬‬
‫متمثال بدوائر الدعم المختلفة داخل البنك أهمها) العمليات المركزية‪/‬الرقابة الداخلية)‪.‬‬

‫فق��د تركت الجائحة آث��ارا كبيرة على االقتص��اد األردني‪ ،‬تمثلت ف��ي ارتفاع الفاتورة‬
‫الطبية‪ ،‬وإغالق العديد من المرافق االقتصادية وألوقات مختلفة‪ ،‬واألثر الكبير على الحركة‬
‫االقتصادية وبالتالي على القدرة الشرائية للمواطن األردني‪.‬‬

‫فخالل الربع األول وبداية الربع الثاني من عام‪ 2020‬م ومع بدء انتشار مرض كورونا‪،‬‬
‫قام��ت دائرة العمليات المركزية وامتثال لتعليمات البن��ك المركزي األردني وأوامر الدفاع‬
‫بعمل تأجيل أقس��اط ‪ 3‬أش��هر لكافة عمالء البنك األفراد‪ ، ،‬ولم��ا يزيد عن ‪ 23‬ألف عميل‬
‫وبشكل قياسي(((‪.‬‬

‫أما المتعاملين من قطاع الشركات وعلى اختالف أحجامهم (صغرى‪ ،‬كبرى‪ ،‬متوسطة)‪،‬‬
‫فقد قام البنك بدراس��ة أوضاعهم ومدى تأثر تدفقاتهم النقدية نتيجة هذه الجائحة‪ ،‬وتقديم‬
‫كافة س��بل التعاون وبمرونة عالية ج��دا لتخفيف األعباء على المواطن وتحس��ين ظروفهم‬
‫المعيش��ية بما يعمل على تنش��يط االقتصاد(((‪ ،‬بتأجيل أقس��اط التمويالت للشركات بمبلغ‬
‫إجمالي ‪44‬مليون دينار خالل عام ‪2020‬م(((‪.‬‬

‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.122‬‬


‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫( ‪) 326‬‬
‫ولضمان اس��تمرارية العمل وتقديم مس��توى عالي من الخدم��ات لعمالء قامت دائرة‬
‫العملي��ات المركزي��ة وخالل فترة الحظر الش��امل الذي ت��م تطبيقه أول أيام انتش��ار مرض‬
‫كورون��ا بالحصول على التصاريح الالزم��ة لبعض موظفي البنك تمثلت رئيس��يًا بخدمات‬
‫دفع الرواتب‪ ،‬الحواالت بكافة أنواعها‪ ،‬قبول شيكات المقاصة‪ ،‬تقديم التمويالت التجارية‬
‫لعمالء الشركات الصغرى والمتوسطة والشركات الكبرى‪.‬‬

‫كم��ا عم��ل البنك على تفعيل العديد من خطط الط��وارئ وتعديل العديد منها لتواكب‬
‫جائحة كورونا‪ ،‬بتفعيل الموقع البديل‪ ،‬والعمل على فصل موظفي دائرة العمليات المركزية‬
‫إل��ى مجموعتين‪ ،‬واح��دة تعمل من الموقع األصل��ي باإلدارة العام��ة ومجموعة تعمل من‬
‫الموق��ع البديل‪ ،‬كما تم العمل ً‬
‫أيضا على تزويد عدد من موظفي العمليات المركزية بأجهزة‬
‫كمبيوت��ر محمول��ة ‪ Laptops‬وذلك لتفعيل مب��دأ العمل عن بعد‪ ،‬وت��م التركيز على مبدأ‬
‫خلق الموظف البديل ليحل محل أي موظف مصاب بالكورونا أو مخالط لشخص مصاب‬
‫بالكورونا‪ ،‬وكذلك تم العمل على اس��تحداث العديد من التقارير واإلجراءات للتأكيد على‬
‫أعمال الرقابة وتحس��ينها في ظل التحديات اليومية لجائحة كورونا من حيث نقص في عد‬
‫الموظفين‪ ،‬والعمل عن بعد(((‪.‬‬

‫إن كاف��ة اإلجراءات الس��ابقة للح��د من تحديات جائح��ة كورونا والتي تعتبر س��ابقة‬
‫ف��ي العصر الحديث‪ ،‬من حيث تأجيل اقتطاع األقس��اط المس��تحقة عليه��م والمترتبة على‬
‫معامالت اإلجارة والمرابحة‪ ،‬ودون استيفاء أية رسوم أو عموالت على األقساط المؤجلة‪،‬‬
‫وذلك من خالل مختلف فروعه عدا الموالت طوال أيام األس��بوع وعلى مدار الس��اعة عبر‬
‫مختلف قنواته اإللكترونية بما فيها أجهزة الصراف اآللي الموزعة في مختلف مدن ومناطق‬
‫المملكة(((‪.‬‬

‫واس��تمراره تقديم كافة الخدمات لكافة العمالء إما ع��ن طريق الموقع البديل‪ ،‬أو عن‬

‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.150‬‬


‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪ 33‬ـ ‪.34‬‬

‫( ‪) 327‬‬
‫طري��ق العمل عن بعد قد عكس رضى العمالء عن البنك وخدماته مما أدى لرفع نس��بة ثقة‬
‫العمالء بالبنك وقدرته على إيجاد الحلول المناس��بة للتغل��ب على المصاعب والتحديات‬
‫بغض النظر عن نوعها‪.‬‬

‫وانطالق��ا من التزام البنك تج��اه متعامليه والمجتمع ككل وحتى يكون على مس��توى‬
‫ثقته��م ب��ه‪ ،‬عمل البنك على تقديم القروض الحس��نة والتي ش��هدت الزي��ادة في القروض‬
‫الحسنة المقدمة عن السنوات السابقة(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.34‬‬

‫( ‪) 328‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫االلتزام االجتماعي‬
‫لبنك صفوة يف جانب املبادرات االجتماعية‬
‫ف��ي ظل هذه الظروف والتحدي��ات المرافقة لها‪ ،‬قامت دوائر الدعم في بنك صفوة‬
‫اإلسالمي بالعديد من اإلجراءات واألساليب للمواجهة تحديات جائحة كورونا‪ ،‬والحد‬
‫م��ن آثارها‪ ،‬بتوفي��ر كافة الخدمات لعمالء البن��ك على الوجه األمث��ل‪ ،‬وتأمين الحماية‬
‫الالزم��ة لموظفي البنك ما أمكن‪ ،‬لضمان اس��تمرارية أعمال البنك مع األخذ بتعليمات‬
‫البنك المركزي األردني وأومر الدف��اع بتخفيض أعداد الموظفين‪ ،‬والتعامل اليومي مع‬
‫ح��االت الموظفين المرضية ف��ي حالة اإلصابة بفيروس كورونا أو المخالطة لش��خص‬
‫مصاب(((‪.‬‬

‫واستمرا ًرا بتأدية بنك صفوة اإلسالمي واجباته التضامنية تجاه مختلف فئات المجتمع‪،‬‬
‫وبالتركي��ز على فئة األقل ح ًظا‪ ،‬ش��مل بنك صفوة اإلس�لامي برعايته ع��ددا من المبادرات‬
‫االجتماعية أهمها‪:‬‬

‫أولاً ‪ :‬مب��ادرة «العطاء يمحو الوباء»‪ ،‬والتي تعد واحدة من برامج جمعية اإلغاثة الطبية‬
‫العربي��ة‪ ،‬والهادفة للمس��اعدة في محاربة األم��راض واألوبئة ومواكبة الجه��ود الحالية في‬
‫مواجهة انتش��ار جائحة كورونا‪ ،‬وتنطوي رعاية البنك للمب��ادرة التي نفذها على تأمين أكثر‬
‫من ‪ ١٥٠٠‬حقيبة طبية تش��تمل كل منها على منش��ورات توعوية ومستلزمات صحية وقائية‪،‬‬
‫تجهزه��ا وتوزعها الجمعية على المس��تفيدين م��ن خدماتها في المناط��ق النائية ومخيمات‬
‫الالجئي��ن‪ ،‬تعزي��زًا لقدرته��م على مجابه��ة الفيروس ومس��اهمة في الحفاظ على س�لامة‬

‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.152‬‬

‫( ‪) 329‬‬
‫أرواحهم‪ ،‬ويتولى البنك مهمة تس��هيل عملية التبرع للراغبين من أبناء الوطن بدعم المبادرة‬
‫عبر تخصيص حساب بنكي لها لديه(((‪.‬‬

‫ثانيً��ا‪ :‬مبادرة «مع��ا ألردن آمن»‪ ،‬والتي جاءت تحقي ًقا لألهداف االس��تراتيجية للبنك‪،‬‬
‫وتماش��يًا مع الخطة المعتمدة للمسؤولية المجتمعية قام بنك صفوة اإلسالمي بالتبرع بمبلغ‬
‫‪ 100‬أل��ف دينار لحس��اب وزارة الصح��ة األردنية دع ًما للجهود الجب��ارة التي تقوم بها في‬
‫الوقت الراهن لمواجهة فيروس كورونا المس��تجد واحتوائه وتقديم الرعاية الصحية‪ ،‬ويأتي‬
‫هذا الدعم في ظل األوضاع الراهنة التي تمر بها المملكة في الوقت الحالي(((‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬مبادرة «ابشر يا أردن»‪ ،‬كمبادرة قدمها موظفو البنك بتبرعهم بمبلغ نصف مليون‬
‫دينار‪ ،‬لصندوق همة وطن؛ ليقفوا جنبًا إلى جنب مع كافة الجهود الجبارة التي تقوم بها كافة‬
‫المؤسسات الوطنية لمواجهة فيروس كورونا المستجد وتداعياته على المملكة(((‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬تبرع بنك صفوة بمليون دينار أردني لصندوق «همة وطن»‪ ،‬التزا ًما منه بالمشاركة‬
‫المتواصلة بتحمل مس��ؤولياته االجتماعية‪ ،‬ويضاف هذا التبرع والذي تبلغ نس��بته ‪ %10‬من‬
‫إجمالي األرباح‪ ،‬إلى تبرعات البنك الس��ابقة التي تم توجيهها لتمكين الحكومة من احتواء‬
‫األزم��ة منذ بدايتها‪ ،‬متضمنةً ‪ 100‬ألف دينار أردني رصدت لصالح وزارة الصحة األردنية‪،‬‬
‫فضلاً عن نصف مليون دينار التي قدمها موظفو البنك للصندوق(((‪.‬‬

‫التقرير الس��نوي لبنك صفوة اإلس�لامي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪153‬؛ وموقع بنك صفوة اإلسالمي على‬ ‫(((‬
‫اإلنترنت استفدت منه بتاريخ ‪202/10/10‬م‪:‬‬
‫ ‬ ‫‪https://www.safwabank.com‬‬
‫موقع بنك صفوة اإلسالمي على االنترنت استفدت منه بتاريخ ‪2021/10/10‬م‪:‬‬ ‫(((‬
‫ ‬ ‫‪https://www.safwabank.com‬‬
‫موقع بنك صفوة اإلسالمي على االنترنت استفدت منه بتاريخ ‪2021/10/10‬م‪:‬‬ ‫(((‬
‫ ‬ ‫‪https://www.safwabank.com‬‬
‫موقع بنك صفوة اإلسالمي على االنترنت استفدت منه بتاريخ ‪2021/10/10‬م‪:‬‬ ‫(((‬
‫ ‬ ‫‪https://www.safwabank.com‬‬

‫( ‪) 330‬‬
‫خامس��ا‪ :‬مس��اهمة البنك بتقدي��م إعانات مادية كبي��رة خالل ه��ذه الجائحة والوقوف‬
‫ً‬
‫جنبا إلى جنب مع مؤسس��ات القطاع العام ودعمة بكامل الوس��ائل الممكنة جاء أهمها في‬
‫قط��اع التعليم والتب��رع بأجهزة لوحية (آيب��اد) لمجموعة من طلبة الم��دارس الحكومية في‬
‫منطقة العقبة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ومنظمة ‪ RTI‬في مبادرة القراءة والحس��اب‬
‫‪.(((RAMP‬‬

‫ورعاي��ة الحمل��ة الوطنية لتوزيع الحقائ��ب الطبية والتوعية الخاص��ة بفيروس كورونا‬
‫بتنظيم جمعية اإلغاثة الطبية العربية ص‪ ،153‬والتبرع لدعم مش��روع الغزل وانتاج الصوف‬
‫وتصديره في منطقة غور فيفا بإشراف وتنظيم جمعية مؤسسة األميرة تغريد(((‪.‬‬

‫وف��ي النهاية أظهر الواقع العمل��ي نتائج الدور الذي قام به بنك صفوة اإلس�لامي من‬
‫التزامه بالمشاركة المتواصلة بتحمل المسؤوليات تجاه الوطن وأبناء المجتمع‪ ،‬خاصة الفئة‬
‫األكثر تضر ًرا من أزمة جائحة كورونا؛ وتوجيه جميع طاقاته إليجاد الحلول المناسبة لجميع‬
‫المتعاملين وبمختلف القطاعات لتجاوز هذه األزمة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.152‬‬


‫((( التقرير السنوي لبنك صفوة اإلسالمي لعام ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.154‬‬

‫( ‪) 331‬‬
‫النتائج‬
‫‪ .1‬إن االلت��زام االجتماعي الذي تتبناه المصارف اإلس�لامية في س��بيل تحقيق رفاهية‬
‫المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة في ظل هذه الجائحة أصبحت على رأس الخدمات‬
‫التي تقدمها وليست مجرد دور إضافي على هامش الخدمات األخرى‪.‬‬

‫‪ .2‬أظه��ر الواقع العمل��ي نتائج الدور الذي ق��ام به بنك صفوة اإلس�لامي من التزامه‬
‫بالمشاركة المتواصلة بتحمل المسؤوليات تجاه الوطن وأبناء المجتمع‪ ،‬خاصة الفئة األكثر‬
‫تضر ًرا من أزمة جائحة كورونا؛ فقد ساهم البنك وموظفيه لدعم صندوق همة وطن ورعايته‬
‫مبادرة «العطاء يمحو الوباء»‪ ،‬بالتعاون مع جمعية اإلغاثة الطبية العربية‪ ،‬ذلك انس��جامًا مع‬
‫األهداف االس��تراتيجية للبنك وتماش��يًا مع الخطة المعتمدة‪ ،‬كما ظهر التزام البنك باتخاذ‬
‫اإلجراءات التي تس��اعد متعاملي البنك على تجاوز األزمة بتقديم تمويالت األفراد وتأجيل‬
‫األقساط ولكافة أنواع التمويالت دون أية عموالت أو زيادة في األرباح المقتطعة‪ ،‬وكذلك‬
‫دراس��ة أوضاع متعاملي البنك من قطاع الش��ركات وعلى اخت�لاف أحجامهم وتقديم كافة‬
‫سبل التعاون لهم بمرونة عالية‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫توصي الدراسة بضرورة التنسيق النشط من قبل بنك صفوة اإلسالمي مع بقية المصارف‬
‫اإلس�لامية داخ��ل المملك��ة األردنية الهاش��مية؛ لتقديم المزي��د من المب��ادرات االجتماعية‬
‫وبمختل��ف المج��االت الصحي��ة والتعليمية؛ للتعامل م��ع الظروف االس��تثنائية التي يمر بها‬
‫المجتمع األردني‪ ،‬وربط االستجابة الفورية للمصارف اإلسالمية بتحقيق التعافي االقتصادي‬
‫والتنمية المستدامة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 332‬‬
‫املراجع‬
‫‪ .1‬ريحان‪ ،‬بكر محمود‪« ،‬المس��ؤولية االجتماعية للمصارف اإلس�لامية»‪ ،‬األكاديمية‬
‫العربية للعلوم المالية والمصرفية‪ ،‬مركز البحوث المالية والمصرفية‪ ،‬مج‪ ،20‬ع‪2012 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬شحاته‪ ،‬حسين «المصارف اإلسالمية بين الفكر والتطبيق»‪ ،‬مكتبة التقوى‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪2006 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬ش��هرة‪ ،‬عديس��ة‪« ،‬المس��ؤولية االجتماعية في الخدم��ات التكافلي��ة واالجتماعية‬
‫للمصارف اإلسالمية‪ :‬مجموعة البركة المصرفية»‪ ،‬المؤتمر العلمي الدولي‪ :‬دور المصارف‬
‫اإلسالمية في التنمية‪ ،‬مركز البحث وتطوير الموارد البشرية رماح‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪2018 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .4‬العاني‪ ،‬أس��امة عبد المجيد‪« ،‬طبيعة المسؤولية االجتماعية في المصرف اإلسالمي‬
‫ـ دراس��ة حالة البنك اإلس�لامي األردني ـ»‪ ،‬المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج‬
‫(‪ ،)13‬ع (‪2017 ،)3‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬المغرب��ي‪ ،‬عبد الحميد عبد الفتاح‪« ،‬اإلدارة االس��تراتيجية في البنوك اإلس�لامية»‪،‬‬
‫المعهد اإلسالمي لبحوث التدريب‪ ،‬جده‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪2004 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .6‬أبو الفتوح‪ ،‬نجاح عبد العليم‪« ،‬االقتصاد اإلس�لامي النظام والنظرية»‪ ،‬عالم الكتب‬
‫الحديث‪ ،‬اربد‪ ،‬األردن‪2011 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬قوادرية‪ ،‬مريم؛ وبارة‪ ،‬سهيلة‪ ،‬المصارف اإلسالمية كآلية لتعزيز األبعاد االقتصادية‬
‫واالجتماعية للتنمية المس��تدامة دراس��ة حالة ـ البنك اإلس�لامي األردني للفترة (‪ 2013‬ـ‬
‫‪ )2019‬ـ‪ ،‬مجلة المنتدى للدراسات واألبحاث االقتصادية‪ ،‬مج (‪ )5‬ع (‪2021 ،)1‬م‪.‬‬
‫‪ .8‬التقارير السنوية لبنك صفوة اإلسالمي لألعوام ‪2020 ،2019 ،2009‬م‪.‬‬
‫‪ .9‬موقع بنك صفوة اإلسالمي على اإلنترنت‪:‬‬

‫‪https://www.safwabank.com/ar‬‬
‫( ‪) 333‬‬
‫‪‬‬

‫الصيغ التمويلية للبنوك اإلسالمية‬


‫ومساهمتها يف إحداث التنمية الشاملة‬

‫د‪ .‬ليلى عيساوي‬


‫ملخص‬
‫لقد س��عت البنوك اإلسالمية منذ نشأتها لتكون وس��ي ًطا تنمويًّا بالدرجة األولى وذلك‬
‫أساس��ا م��ن منهجها المتميز في‬
‫ً‬ ‫بقيامه��ا بدور مختل��ف تمامًا عن نظيرتها التقليدية والنابع‬
‫التموي��ل واله��ادف في النهاية إل��ى تحقيق الكفاية ف��ي إدارة األموال من خالل المش��اركة‬
‫الفعالة في اإلنتاج والتوزيع بما يحقق التفاعالت االقتصادية واالجتماعية الالزمة إلحداث‬
‫التنمية الش��املة‪ ،‬وقد لعبت التنمية في مختل��ف صيغها التمويلية دو ًرا بار ًزا في ذلك‪ ،‬حيث‬
‫بي��ن الواقع أن المزايا المتع��ددة لمختلف هذه الصيغ تعالج الكثير م��ن اآلفات االقتصادية‬
‫كالتضخم‪ ،‬البطالة‪ ،‬سوء توزيع الثروة‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫تتناول هذه الورقة البحثية بالدراسة أهمية هذه الصيغ في معالجة مختلف االختالالت‬
‫االقتصادية‪ ،‬بعد استعراض نظرة اإلسالم الشمولية للتنمية وما مدى تفعيل البنوك اإلسالمية‬
‫للجهد التنموي؟ رغم كل العراقيل والتحديات التي تواجهها داخليًّا وخارجيًّا‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 337‬‬
‫املقدمة‬
‫من��ذ بداية الس��تينات أصبحت أغلبي��ة دول العال��م الثالث بما فيها الدول اإلس�لامية‬
‫تعان��ي من أزمة هيكلية في اقتصادياتها تميزها بالدرجة األولى ظاهرة االس��تدانة الخارجية‬
‫م��ن الدول المتقدمة التي حولته��ا إلى بلدان مصدرة لرؤوس أم��وال إضافية حيث تحاصر‬
‫الديون المتراكمة حوالي ‪ 36‬دولة من الدول األعضاء في منظمة المؤتمر اإلسالمي والبالغ‬
‫عددها ‪ 45‬دولة(‪ ،)1‬مما أثر سلبًا على سياستها التنموية فأصبحت تدور في حلقة مفرغة من‬
‫التخلف والركود االقتصاديين‪.‬‬
‫من هنا كان لزامًا عليها أن تعيد النظر في استراتجيتها التنموية بترتيب أولوياتها وتسخير‬
‫كل قطاعاتها الحيوية بما فيها النظام المصرفي بكل مؤسس��اته لالس��تغالل األمثل للموارد‬
‫المالية ومن ثم تحقيق التنمية المس��تدامة والبنوك اإلس�لامية كجزأ ال يتجزأ من هذا النظام‬
‫أصبح��ت الي��وم حقيقة واقعية في اقتصاد األمة المعاصر‪ ،‬حيث س��عت منذ نش��أتها لتكون‬
‫وس��يطا تنمويا بالدرجة األولى وذلك بقيامها ب��دور مختلف تماما عن دور البنوك التقليدية‬
‫أساس��ا من منهجها المتمي��ز في التمويل واله��ادف في النهاية إل��ى تحقيق الكفاية‬
‫ً‬ ‫والناب��ع‬
‫ف��ي إدارة األم��وال من خالل المش��اركة الفعالة في اإلنتاج والتوزيع بم��ا يحقق التفاعالت‬
‫االقتصادية واالجتماعية الالزمة إلحداث التنمية الشاملة‪.‬‬
‫وقد فرضت منهجية العمل المصرفي نفس��ها كمصطلح مالي واس��تثماري على صعيد‬
‫عالم��ي والدليل على ذلك س��عي الكثير من المص��ارف التقليدية وفي بلدان غير إس�لامية‬
‫كأوروبا وأمريكا وآسيا إلى فتح فروع للمعامالت اإلسالمية وحسب بيانات النجاح الصادرة‬
‫عن صندوق النقد الدولي فإن نسب النمو والربحية تتراوح بين ‪ 10‬و‪.)2( %15‬‬
‫من ه��ذا المنطلق نبحث في دور المصارف اإلس�لامية في تفعي��ل التنمية االقتصادية‬
‫م��ن خالل مختلف صيغه��ا التمويلية التي تعالج الكثير من اآلف��ات االقتصادية كالتضخم‪،‬‬
‫البطالة‪ ،‬سوء توزيع الثروة‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫( ‪) 338‬‬
‫و ذلك بتحليل النقاط التالية‪:‬‬

‫ـ نظرة اإلسالم للتنمية الشاملة‪.‬‬

‫ـ كيفية مساهمة البنوك اإلسالمية في إحداث التنمية الشاملة‪.‬‬

‫ـ م��دى نجاحها ف��ي تفعيل الجهد التنم��وي وما هي أهم المعوق��ات التي تحول دون‬
‫ذلك؟‬

‫‪ )1‬النظرة اإلسالمية للتنمية‪:‬‬


‫حس��ب المقاربة اإلسالمية يجب أن تكون التنمية شاملة ومتوازنة أي تهدف إلى ترقية‬
‫الرفاهي��ة االقتصادية واالجتماعية في آن واحد‪ ،‬عكس النظم الرأس��مالي مثلاً الذي يزدهر‬
‫متجاهلاً المآسي الناجمة عن الفقر والتوزيع الغير عادل للمداخيل مما يؤدي إلى استحواذ‬
‫األقلي��ة على ثروات طائل��ة مع إقصاء كلي للبع��د الروحي والتركيز عل��ى الجانب المادي‬
‫والف��ردي األناني في حين يهدف الطابع الش��مولي والتوازني في االقتصاد اإلس�لامي إلى‬
‫إقامة نظام اجتماعي يتسم بقدر أكبر من اإلنسانية والعدالة‪.‬‬

‫فكيف يمكن للتنمية أن تكون شاملة ومتوازنة في آن واحد؟‬

‫‪ -1‬التنمية الشاملة‪:‬‬
‫توجد عدة آيات قرآنية كريمة تدل على ضخامة الخيرات التي سخرها اهلل لبني اإلنسان‪،‬‬
‫هذا األخير بعمله واستغالله للتقدم التقني والعلمي يستطيع تحويل الموارد الطبيعية المتوفرة‬
‫لديه فيساهم بذلك في رفع إنتاج السلع والخدمات والتي بدورها بتحريكها لجانب الطلب‬
‫لدى العديد من الفئات االجتماعية‪ ،‬تؤدي في األخير إلى رفع مستوى النمو االقتصادي بعد‬
‫تقسيم مختلف الثروات بعدالة على كل أفراد المجتمع‪.‬‬

‫ولتحقي��ق التنمية المنش��ودة يجب أن ال تقتصر االس��تثمارات اإلنتاجية على النواحي‬


‫االقتصادية فحس��ب بل تمتد إل��ى النواحي االجتماعية كذلك كاالهتم��ام بالتربية والصحة‬
‫والس��كن دون إهمال الهياكل القاعدية كالطرقات وشبكة الس��كك الحديدية وبناء السدود‬
‫( ‪) 339‬‬
‫ومختل��ف وس��ائل االتصال الت��ي تعتبر ضرورية لتدعيم التقدم االقتصادي ونش��ره وس��ط‬
‫النسيج االجتماعي‪.‬‬

‫إذا فمفهوم التنمية في اإلسالم شامل بأتم معنى الكلمة فهو يربط النواحي االقتصادية‪،‬‬
‫االجتماعي��ة‪ ،‬الثقافية‪ ،‬العلمي��ة‪ ،‬كما يهدف إلى احترام العدال��ة االجتماعية والقيم الروحية‬
‫لإلسالم‪.‬‬

‫‪ -2‬التنمية المتوازنة‪:‬‬

‫يعتبر نموذجا تنمويا متوازنا إذا اشتمل على البعدين الروحي والمادي في نفس الوقت‬
‫فعل��ى الصعيد االقتصادي مثلاً يتحقق ذلك بالتعايش بي��ن الملكية الخاصة والعامة حفا ًظا‬
‫على المصلحة العامة ككل‪.‬‬

‫لذل��ك فق��د أوجد اإلس�لام منذ البداي��ة نظام الحس��بة(‪ )3‬وهو مهمة تق��وم بها الدولة‬
‫لإلش��راف على القط��اع الخاص ومراقبته طبق��ا للمصلحة العامة ووفقا للش��ريعة من أجل‬
‫تجنيب المجتمع أي اختالل على مستوى النظام االقتصادي فعلى الدولة منذ البداية أن تتبنى‬
‫أهدافًا اجتماعي��ة كتحقيق العدالة وأخرى اقتصادية كتحقيق النمو االقتصادي‪ ،‬فالش��مولية‬
‫والتوازن الذين يميزان المقاربة التنموية في اإلسالم ال محالة سيؤديان إلى تحسين الرفاهية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫ج ـ الرفاهية االقتصادية واالجتماعية‪:‬‬

‫إن االكتفاء االقتصادي (و خاصة الغذائي)‪ ،‬والس��لم االجتماعي يش��كالن بالنسبة إلى‬
‫كل مجتمع مس��لم هدفين تنطلق منهما التنمية االقتصادية باس��تمرار وبصفة تراكمية وبهذا‬
‫يمكن تحقيق رفاهية اقتصادية واجتماعية دائمة في كنف األمن واالس��تقرار والتضامن‪ ،‬مما‬
‫يف��رض عل��ى الدولة أن تلعب دورا حاس��ما في هذه الحالة يرمي إل��ى تقليص الفوارق في‬
‫المداخي��ل والثروات التي تحدثها قوى الس��وق بإدخال التعديالت الالزمة‪ ،‬حيث يش��كل‬
‫تقنين الزكاة وترس��يمها وتدعيمها بأعمال خيرية أخرى وس��يلة نفوذ قوية بين أيدي الدولة‬

‫( ‪) 340‬‬
‫ليس لمس��اعدة الفقراء فحس��ب بل لتنظيم خطط تهدف إلى إنشاء مناصب شغل دائمة مما‬
‫يساهم في ارتفاع المداخيل وبالتالي زيادة اإلنتاج اإلجمالي فيزداد إنفاق األسر وهذا بدوره‬
‫يؤدي إلى زيادة االستثمار ومن ثم زيادة اإلنتاج مرة أخرى‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك فواجب الدولة السهر على أن تحقق الدائرة اإلنتاجية تغطية الحاجيات‬
‫األساس��ية للس��كان من مواد غذائية واس��تهالكية‪ ،‬صناعية وس��كنية‪ ،‬كما يمكنها أن تتكفل‬
‫بالفروع الصناعية االستراتيجية (كصناعة النفط والغاز والصناعات البتروكيميائية)‪.‬‬

‫كل هذا يمكننا من تحقيق األهداف المرجوة من التنمية االقتصادية والمتمثلة في‪:‬‬

‫‪ -‬تنمية الموارد البشرية‪:‬‬

‫الب��د عل��ى االس��تراتيجية التنموية ف��ي النظام االقتص��ادي اإلس�لامي أن تهدف إلى‬
‫التش��غيل الكامل للقوة العاملة المتوافرة فالعمل على تحسين الفعالية االقتصادية والتحكم‬
‫في تكنولوجيا التنظيم كلها ش��روط ضرورية لتحقيق مستوى من النمو االقتصادي المستمر‬
‫والمنتج للش��غل‪ ،‬توفيرها متوق ًفا على تحس��ين فعالي��ة المنظومة التربوية ورفع المس��توى‬
‫العلمي والتقني وتحسين قطاع الصحة‪.‬‬

‫‪ -‬تنمية النشاط المنتج‪:‬‬

‫إن تنمية النش��اط المنتج إحدى األهداف الرئيسية في وضع استراتيجية التنمية الشاملة‬
‫وذلك لمواجهة التحوالت التي تميز العالم اليوم‪ ،‬بحيث ال تكون هذه االس��تراتجية صورة‬
‫طبق األصل لنموذج التنمية المس��تورد من الخارج بل البد أن تكون نابعة من الداخل ألنها‬
‫عملي��ة اجتماعية واعية تنطلق من إدارة وطنية مس��تقلة‪ ،‬وأن النظ��م االقتصادية مهما كانت‬
‫متفوقة ال تصلح لكل مجتمع(‪.)4‬‬

‫‪ -‬محاربة اختالالت التوازن وتحسين الظروف االقتصادية واالجتماعية‪:‬‬

‫يمكن تحقيق ذلك في إطار نظرة ش��املة تدرج عامل التهيئة العمرانية في وضع سياسة‬
‫تنموية دينامكية‪ ،‬فالطابع الش��مولي للمقاربة‪ ،‬يمك��ن كل بلد من تصور عمليات تصحيحية‬

‫( ‪) 341‬‬
‫دقيقة س��واء ما بين القطاعات أو على الصعيد الجهوي وذلك بحس��ب الظروف االقتصادية‬
‫وبحسب وفرة الموارد البشرية والمادية والمالية الداخلية‪.‬‬

‫‪ -‬التكامل الجهوي والحد من التبعية‪:‬‬

‫تكون أول خطوة لتحقيق ذلك بالكف عن اس��تيراد نماذج التنمية الغربية مما يستدعي‬
‫م��ن البلدان اإلس�لامية إرادة أكبر إلعادة تنظيم اقتصادها على المس��توى الجهوي بإنش��اء‬
‫تجمعات فرعية جهوية قابلة لالستمرار وغير خاضعة لرقابة القوى الغربية وهادفة إلى إعادة‬
‫هيكلة حقيقية‪.‬‬

‫فعل��ى ال��دول العربي��ة واإلس�لامية إذا أرادت التخلص م��ن التبعية للخ��ارج‪ ،‬اختيار‬
‫نموذ ًجا تنمويًّا مس��تقلاًّ ‪ ،‬قائ ًما على أساس المبادئ اإلسالمية حفا ًظا على هويتها الحضارية‬
‫ولفرض وجودها على الس��احة الدولية ومما الش��ك فيه أن المؤسس��ات المالية بمختلف‬
‫أنواعها بما فيها البنوك تساهم في دوران عجلة التنمية االقتصادية من خالل تمويل مختلف‬
‫االس��تثمارات وتوفير الس��يولة الالزمة لمختلف األفراد والمؤسسات االقتصادية‪ ،‬وباعتبار‬
‫البنوك اإلسالمية مؤسسات متميزة تحتل مركزًا حيويًّا من خالل دورها في جذب التدفقات‬
‫النقدي��ة من جهة وتمويل احتياجات القطاعات االقتصادية من جهة أخرى‪ ،‬فهي ستس��اهم‬
‫في تحريك التنمية‪.‬‬

‫فكيف يمكن ذلك؟‬

‫‪ )2‬دور البنوك اإلسالمية يف تنشيط التنمية االقتصادية‪:‬‬


‫إن التنمي��ة االقتصادية في المجتمعات غير اإلس�لامية تهدف إل��ى رفع الناتج القومي‬
‫بأقص��ى مع��دالت ممكنة أو بناء الصناعات الثقيلة أو رفع مس��توى التق��دم التكنولوجي أو‬
‫تقليل نس��بة البطالة في المجتمع‪ ،‬وتحقيق أي هدف من هذه األهداف س��وف يؤثر مباش��رة‬
‫على اختيارات االس��تثمارات وترتيبها س��واء م��ن حيث حجمها أو موعد تنفيذها حس��ب‬
‫أهميتها النسبية‪.‬‬

‫( ‪) 342‬‬
‫وفيم��ا يخص البنوك اإلس�لامية فهي ال تهم��ل هذه األهداف جميعً��ا وال تجعلها في‬
‫الصدارة على أس��اس أن التنمية االقتصادية في المجتمعات اإلسالمية ال بد أن تشبع جميع‬
‫الحاجات األساس��ية ألفراد المجتمع من غذاء ولباس وصحة وتعليم‪ ،‬وال بد أن تسير جنبا‬
‫إلى جنب مع التنمية االجتماعية وهي تتبع من قيم االقتصاد اإلسالمي المستمدة من القرآن‬
‫الكريم والسنة النبوية الش��ريفة‪ ،‬من هنا كانت النظرة اإلسالمية للتنمية شاملة لكل النواحي‬
‫المادية‪ ،‬الروحية واألخالقية للفرد والمجتمع على أس��اس العدل اإللهي والس��عي لتحرير‬
‫المعامالت المصرفية من الربا وإلى وجود سياسة مصرفية منسجمة مع االحتياجات الفعلية‬
‫للنشاط االقتصادي ومتكاملة بين بقية النشاطات(‪.)5‬‬

‫وفي ه��ذا المقام ذك��ر الدكتور يس��ري أن مراعاة أولوي��ات المصلح��ة االجتماعية في‬
‫المرحلة األولى للتنمية يتطلب تفضيل االستثمار في األنشطة التي تعمل على إشباع الحاجات‬
‫االستهالكية الضرورية كاالستثمار في الزراعة لرفع إنتاج المحاصيل الزراعية واالستثمار في‬
‫الصناعة لرفع إنتاج األقمشة الشعبية واألحذية وبناء المساكن وإقامة المستشفيات والمدارس‬
‫وجلها خطوات ضرورية لبناء الفرد المس��لم وجعله يش��عر بالتماسك االجتماعي مما يؤدي‬
‫حت ًما في األخير إلى إنجاح عملية التنمية االقتصادية وتحقيق التقدم االجتماعي(‪.)6‬‬

‫وتحتل المصارف اإلسالمية في إطار النظام االقتصادي دو ًرا حيويًّا من خالل نشاطها‬
‫ف��ي جذب التدفق��ات النقدية من جانب وتمويل مختلف القطاع��ات االقتصادية من جانب‬
‫آخر‪ ،‬وال يمكن التوفيق بين ما يقدم من تمويل مصرفي وعملية التنمية االقتصادية وحاجاتها‬
‫إال وجود سياس��ة مصرفية منس��جمة مع االحتياجات الفعلية للنشاط االقتصادي ومتكاملة‬
‫مع السياس��ات االقتصادية األخرى‪ ،‬ويظهر ذلك جليًّا ف��ي المزايا المتعددة لمختلف صيغ‬
‫التمويل اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )3‬املزايا االقتصادية واالجتماعية ملختلف صيغ التمويل اإلسالمي‪:‬‬


‫يمكن للبنوك اإلسالمية التأثير بقوة على التنمية االقتصادية من خالل المزايا المتعددة‬
‫لمختل��ف صي��غ التمويل التي تتعام��ل بها حيث بين الواق��ع أنها تعالج الكثي��ر من اآلفات‬

‫( ‪) 343‬‬
‫االقتصادية كالتضخم‪ ،‬البطالة‪ ،‬س��وء توزيع الثروة‪ ...‬إلخ وس��وف نأتي على ذكر إيجابيات‬
‫كل صيغة كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬صيغة المضاربة‪:‬‬
‫هي أكثر الصيغ عراقة‪ ،‬فقد تعامل بها الرسول ﷺ‪ ،‬عندما تاجر بأموال السيدة خديجة‬
‫رض��ي اهلل عنه��ا‪ ،‬فضال عن كونها أكثر تجس��يدا لمبادئ االقتصاد اإلس�لامي ومقوماته في‬
‫األوعية المصرفية خاصة من حيث التنظيم الس��ليم للعالقة المتوازنة بين رأس المال وجهد‬
‫اإلنس��ان وتعرف المضاربة(‪ )7‬على أنها نوعًا من المش��اركة العادلة بين المال والجهد حيث‬
‫يس��مح لصاحب الجهد بأخ��ذ نصيب من الربح نتيجة عمله في المال وإذا حدثت خس��ارة‬
‫دون تقصير‪ ،‬فكل طرف يخسر من جنس ما قدم‪.‬‬
‫ويعتب��ر عقد المضارب��ة من أكثر العقود أهمية للنش��اط االقتصادي ال��ذي يعتمد على‬
‫المشاركة في الربح والخسارة‪ ،‬فبواسطته يمكن تمويل مشروعات إنتاجية متعددة واعتمدت‬
‫البنوك اإلسالمية منذ قيامها إلى اآلن على هذا العقد من جهة تعبئة األموال القابلة لالستثمار‬
‫بعد أن تم تطويره إلى ما يسمى بالمضاربة المختلطة أو الجماعية نظرا الرتفاع عدد العمالء‪.‬‬
‫ويؤدي التعامل بصيغة المضاربة إلى تحقيق النتائج التالية‪:‬‬
‫ـ معالج��ة الخل��ل االجتماعي والذي قد ينصدع بس��ببه بناء المجتم��ع إذا لم تجد فئة‬
‫القادرين على العمل فرصة ينالون بها حفظهم بصفتهم ش��ركاء وليس مجرد طالبين للعمل‪،‬‬
‫وتشمل هذه الفئة أصنافا مختلفة من الناس كالمهنيين من األطباء والمهندسين والصيادلة‪...‬‬
‫إلخ فعندما يتعرض رأس المال للمش��اركة مع الجهد اإلنس��اني فهم ال يترددون في اإلقبال‬
‫على ذلك بحكم مقدرتهم على العمل وافتقادهم للمال‪ ،‬فيصبحون بعد مدة معينة عارضين‬
‫للعم��ل بعد أن كانوا طالبين له‪ ،‬وذلك بتوفير فرص عمل لمواطنين آخرين مما يس��اهم في‬
‫التخفيف من حدة البطالة والمحافظة على المجتمع من الصراع الطبقي‪.‬‬
‫ـ ارتفاع نس��بة العمال��ة وبالتالي محارب��ة البطالة وما ينتج عنها من أم��راض اجتماعية‬
‫كالسرقة واإلخالل باألمن‪.‬‬

‫( ‪) 344‬‬
‫ـ معالجة مختلف اآلفات االقتصادية من ركود وتضخم وهدر للموارد نتيجة تأس��يس‬
‫مشروعات جديدة وما يرافقها من خلق للمداخيل وزيادة الطلب الفعال ومعدالت اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -2‬صيغة المشاركة‪:‬‬
‫تعتبر هذه الصيغة من أهم صيغ التمويل في المصارف اإلسالمية فهي البديل الشرعي‬
‫ألس��لوب اإلقراض بفائدة في البنك التقليدي وهي وس��يلة مجدية لربط االدخار بالنش��اط‬
‫اإلنتاج��ي مما يس��اهم في تلبية حاجات المجتم��ع المحلي فيحدث الت��وازن في المجتمع‬
‫ويقوم المال بوظيفته في اإلسالم‪.‬‬
‫فالمصرف اإلس�لامي يش��ارك عمالئه في العمليات التجارية المحلية وفي االس��تيراد‬
‫والتصدي��ر وفي العمليات الصناعية والزراعية واألنش��طة الحرفية لالس��تيراد والتصدير مع‬
‫التركيز على التنمية الشاملة‪.‬‬
‫وقد أش��ار أحمد النجار إلى تأثير عملية المش��اركة على التنمية االقتصادية من خالل‬
‫النقاط التالية(‪:)8‬‬
‫ـ إن البنك اإلس�لامي بمش��اركته للمقترضين في نش��اطهم اإلنتاجي‪ ،‬يقدم لهم خدمة‬
‫متمي��زة تتمثل في خبرته الفنية في البحث عن أفضل مجاالت االس��تثمار وبالتالي يش��ترك‬
‫رأس الم��ال مع خبرة العمل في التنمي��ة االقتصادية ويجنب بذلك المجتمع من خطر تبديد‬
‫األموال عندما تكون في يد مفترض ليس لديه اإلمكانيات الفنية الستثماره‪.‬‬
‫ـ العدال��ة في توزيع األرباح‪ ،‬فصاحب المال الذي أودع أمواله لتوظيفها على أس��اس‬
‫المش��اركة‪ ،‬يتحصل على نس��بة ربح تتكافأ م��ع دوره الفعلي الذي قام به مما يش��جع باقي‬
‫األفراد على إيداع أموالهم لذا هذه المؤسسات‪.‬‬
‫تحريرا للفرد من نزعته السلبية فيما لو أودع ماله مقابل فائدة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ـ في تطبيق المشاركة‬
‫ـ ابتعاد البنك اإلسالمي عن القيام بالتمويل على أساس الفرق بين سعر الفائدة الدائنة‬
‫والمدينة س��وف يدفع بالمؤسس��ة التي تعمل بالمش��اركة إل��ى تجني��د كل إمكانياتها الفنية‬
‫الستخدام األموال التي لديها في مشروعات تنموية‪.‬‬
‫( ‪) 345‬‬
‫ـ تضم��ن هذه الصيغ��ة النه��وض بالمجتمعات اإلس�لامية من خالل حش��د الموارد‬
‫االقتصادية وتأس��يس المش��روعات اإلنتاجية التي قد تتطلب رأسماال كبيرا ال يمكن تأمينه‬
‫من طرف ش��خص لوحده‪ ،‬وتعمل هذه المشروعات على إيجاد فرصا للعمل فتعالج بذلك‬
‫الكثير من اآلفات االقتصادية‪.‬‬

‫ـ التزام البنك اإلس�لامي بمبدأ المش��اركة س��وف يمكنه من الق��درة على التكيف مع‬
‫التغيرات الهيكلية لالقتصاد‪ ،‬فاقتس��ام المخاطر بي��ن البنك والعميل يجعل الطرفين قادرين‬
‫على مواجهة األزمات بصالبة‪.‬‬

‫ـ إن في تطبيق مبدأ المش��اركة عدالة في توزيع العائ��د مما يحول دون تركز الثروة في‬
‫يد فئات معينة وذلك مثلاً من خالل زيادة عدد المالك عند تطبيق مبدأ المشاركة المتناقصة‬
‫المنتهية بالتمليك‪.‬‬

‫ـ إن نظام التمويل بالمشاركة كما ينبغي أن يمارس من خالل نظام مصرفي إسالمي ال‬
‫يعتمد على المالءة المالية ألصحاب المشروعات االستثمارية وإن أخذت هذه في االعتبار‬
‫وإنما يعتمد أساسا على جدوى المشروع االقتصادي والثقة في جدية صاحبه وخبرته‪.‬‬

‫ج ـ صيغة المرابحة‪:‬‬

‫يعتبر هذا األس��لوب ش��كلاً من أش��كال البيع يتحمل فيه المصرف المخاطر الذي قد‬
‫يتعرض لها أي تاجر من تاريخ الشراء إلى تاريخ التسليم مع إمكانية رد السلعة التي ظهرت‬
‫فيها عيوبا بعد ذلك‪.‬‬

‫ولقد اعتمدت البنوك اإلسالمية على صيغة المرابحة لألمر بالشراء في معظم تمويالتها‬
‫ألصحاب المش��روعات الصغيرة والمتوسطة منذ قيامها إلى اآلن وقد انتقدت هذه الصيغة‬
‫كثيرا نظرا للممارسات الخاطئة في التطبيق‪ ،‬فهي في األصل من إحدى أنواع البيع الحاضر‬
‫ً‬
‫الذي يعتمد على األمانة والتي وضع لها الفقهاء منذ قرون شرو ًطا ال تجعل أي شك يتسرب‬
‫إلى صحتها‪.‬‬

‫( ‪) 346‬‬
‫ومن أهم مزاياها عند ممارستها بالطريقة الصحيحة ما يلي‪:‬‬

‫ـ العمل على الحد من األمراض االجتماعية وذلك بعدم تمويل السلع المحرمة شرعا‬
‫والضارة بالمجتمع‪.‬‬

‫ـ ترسيخ مبد أمانة التعامل التي توجب إظهار عيوب السلعة إن علمها البائع قبل التسليم‬
‫وإن خفيت على المشتري من جهة‪ ،‬ومن أخرى ال بد من التطبيق السليم لهذه الصيغة وعدم‬
‫التحايل ببيع السلعة صوريا ثم شراؤها‪.‬‬

‫ـ ترسيخ سلوك الوفاء بالوعد من خالل جدية البائع والمشتري وكذلك تعزيز االلتزام‬
‫خل ًقا ودينًا وليس قانونًا وقضاءًا‪.‬‬

‫ـ إن التطبيق السليم لعقد المرابحة يظهر البنك بدوره المفترض كتاجر وليس كمقرض‬
‫وذلك من خالل مواكبته لظروف الس��وق وتطور الطلب على الس��لع واتجاهات السياس��ة‬
‫االقتصادية في األجل القصير فيحصل البنك بذلك على الس��لعة من أفضل مصادرها وبأقل‬
‫تكلفة مما يساعد على ضبط األسعار وتخفيضها في السوق‪.‬‬

‫ـ م��ن الجهة العملية الخاصة بالتنمية نج��د أن هذه الصيغة بالرغم مما عليها من مآخذ‬
‫فقد خدمت آالفا من أصحاب المشروعات الصغرى الذين استطاعوا عن طريقها الحصول‬
‫على تمويل مرتبط بنشاطهم اإلنتاجي مباشرة وبشروط هي أفضل مئات المرات من شروط‬
‫التمويل في سوق االئتمان غير الرسمي‪.‬‬

‫د ـ صيغة بيع السلم‪:‬‬

‫يعتبر هذا العقد من ضمن األساليب التي تستخدمها المصارف اإلسالمية وهي تمارس‬
‫عملياتها االس��تثمارية وقد س��اد التعامل بهذا العقد في صدر اإلسالم وما بعده وقد نجحت‬
‫هذه المصارف اليوم في تجديد نش��اط هذا العقد ضمن أنشطتها في تمويل القطاعات ذات‬
‫األولوية كبنك دبي اإلسالمي والمصارف اإلسالمية في السودان بصفة عامة‪.‬‬

‫وعق��د الس��لم على عكس البي��ع اآلجل يعني دفع ثمن الس��لعة عاجال للبائع وتس��لم‬

‫( ‪) 347‬‬
‫المشتري لها منه آجلاً وال خالف بين الفقهاء على جواز بيع السلم على أن تحدد مواصفات‬
‫السلعة المسلم فيها بدقة ويكون كل من السعر واألجل معلوما للطرفين‪.‬‬

‫ومن أهم المزايا االقتصادية لصيغة بيع السلم‪:‬‬

‫ـ توفير الس��يولة مقدما خاص��ة للمزارعين والصناع مما يمكنهم م��ن اإلنتاج الزراعي‬
‫والصناعي وبالتالي زيادة فرص العمل ورفع المداخيل‪.‬‬

‫ـ إن تمويل المزارعين سوف يساهم في تحقيق االكتفاء الذاتي في مجال األمن الغذائي‬
‫وتحقيق فائضا في الميزان التجاري نتيجة قيام المزارعين بتصدير الفائض من منتوجاتهم‪.‬‬

‫ـ وألج��ل تحقي��ق أهداف التنمي��ة االقتصادية من األفضل أن يعتمد البنك اإلس�لامي‬


‫على عمليات بيع الس��لم بش��كل خاص في مجال التجارة الخارجية (التصدير واالستيراد)‬
‫فم��ن الممكن عن طريق وكالء متخصصين أو ش��ركات أن يج��ري االتفاق مع أعداد كبيرة‬
‫من منتجي س��لعة تصديرية معينة أن يتم شراء إنتاجهم في تاريخ الحق محدد وبمواصفات‬
‫وكميات محددة بطريقة السلم‪ ،‬على أن يتم إجراء عمليات بيع سلم لمستوردي هذه السلعة‬
‫خ��ارج البالد وفي نفس التاريخ‪ ،‬حيث يمك��ن أن تذر هذه العمليات أرباحا كبيرة للبنك إذا‬
‫تمت بالكفاءة المطلوبة‪ ،‬كما يمكن أن تساهم في نفس الوقت في تنمية الصادرات التي هي‬
‫جزءا ال يتجزأ من التنمية(‪.)9‬‬

‫ﻫ) صيغة االستصناع‪:‬‬

‫هي أحد العقود الجائزة شرعا والتي يمكن استخدامها في األعمال المصرفية اإلسالمية‬
‫ويمكن عن طريقها المس��اهمة بفعالية في تنمية المش��روعات الصغي��رة والعاملة في مجال‬
‫الصناعة‪ ،‬ومعنى االس��تنصاع عموما أن يطلب ش��خص من صانع أن يصنع له س��لعة بكمية‬
‫ومواصفات محددة بمواد من عنده مقابل ثمن معينا وموعدا للتس��ليم يتفقان عليه‪ ،‬ويجوز‬
‫فيه تعجيل الثمن عند العقد أو تأجيله‪.‬‬

‫واس��تنادًا لهذا العقد يمكن أن يقوم البنك بدور الوس��اطة بين ش��ركة كبرى خاصة أو‬

‫( ‪) 348‬‬
‫عامة تطلب تس��ليم سلعة معينة بمواصفات محددة وفي تاريخ آجل وبين أصحاب األعمال‬
‫الصناعية الذي يقوم البنك بتمويلهم بعد التعهد بتس��ليم الس��لع المتف��ق عليها ليقوم البنك‬
‫بدوره بتسليمها للجهة الطالبة ويتحصل على ربح معين طالما أن تكلفة االستصناع تقل عن‬
‫الثمن الذي يحصل عليه البنك عند تسليم البضاعة للجهة الطالبة ويساهم العمل بهذا العقد‬
‫في تحقيق التنمية االقتصادية كما يلي‪:‬‬

‫ـ أن صيغ��ة االس��تصناع تعمل على تمويل مش��روعات منتجة تول��د الدخل وتزيد من‬
‫الطلب الفعال فتتحرك بذلك عجلة االقتصاد‪.‬‬

‫ـ تساهم هذه الصيغة في توظيف أموال البنك وتحقيق أهدافه المالية واالجتماعية‪.‬‬

‫ـ إن تطبي��ق صيغ��ة االس��تصناع ف��ي المص��ارف اإلس�لامية تعمل على خدم��ة اآلمر‬
‫باالس��تصناع في تس��لمه السلعة المس��تصنعة طبقا للمواصفات المحددة ألنه غالبا ال يتوفر‬
‫على الوقت والخبرة الكافيين لتقييم أعمال المقاوالت والتي سيعمل البنك على توفيرها‪.‬‬

‫ـ تش��كل عمليات االس��تصناع أهمي��ة كبيرة خاصة بالنس��بة للمؤسس��ات االقتصادية‬


‫الصغي��رة التي عادة ما تواجه مش��كالت ح��ادة في الحصول على التمويل الالزم لنش��اطها‬
‫وبالتالي فدخول البنك اإلس�لامي ممولاً لصغار الصناع ووس��يطا بينهم وبين المؤسس��ات‬
‫الكبرى التي تطلب تصنيع س��لع بمواصفات محددة يمكن أنى يهيئ لهم فرصة كبيرة للنمو‬
‫ويحقق للبنك إيرادات مناس��بة من ذلك النش��اط ويالحظ أن دور البنك اإلس�لامي ما يزال‬
‫محدودًا للغاية إلى اآلن في هذا المجال‪.‬‬

‫و) صيغة اإليجار المنتهي بالتمليك والمشاركة المتناقصة‪:‬‬

‫بالنسبة لصيغة اإليجار يتفق البنك مع عميله على شراء أصل معين بتمويل من المصرف‬
‫ليتم اس��تخدامه من طرف المس��تفيد لقاء أجر سنوي‪ ،‬كما يقوم العميل بتسديد ثمن األصل‬
‫على أقس��اط خالل مدة معينة تنتقل بعدها ملكية األصل إليه وهو ما ينطبق على المش��اركة‬
‫المنتهية بالتمليك على أن يوزع العائد بين الطرفين حسب نسب متفق عليها‪.‬‬

‫( ‪) 349‬‬
‫وتأت��ي هات��ان الصيغتان بعد المرابحة ف��ي األهمية من حيث توظي��ف الموارد المالية‬
‫إضافة إلى دورهما في تمويل المش��روعات الصغيرة والمتوس��طة والتي تساهم بفعالية في‬
‫تحقيق التنمية كما يلي‪:‬‬

‫ـ يوفر التأجير للعمالء حق االنتفاع بأصول ال يس��تطيعون ش��راءها دفعة واحدة بالنظر‬
‫لضخامة رأس المال المستثمر فيها مما يجنبهم أعباء المديونية‪.‬‬

‫ـ يساهم التأجير كذلك في المحافظة على الموارد االقتصادية ألن المستأجر سيحافظ‬
‫على األصل لعلمه أن ملكيته س��تؤول إليه مما يوفر على االقتصاد عبء اس��تهالكها والتي‬
‫تكون مستوردة‪.‬‬

‫ـ يوفر التأجير التدفقات النقدية والسيولة المستمرة بصورة منتظمة ويعمل على تحقيق‬
‫الربحية الجيدة للبنك اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )4‬م��دى جناح البنوك اإلس�لامية يف تفعيل اجلهد التنم��وي واملعوقات اليت‬


‫حتول دون ذلك‪:‬‬
‫م��ن التع��ارف عليه أن التنمي��ة االقتصادية واالجتماعية تتطل��ب توظيفات ضخمة من‬
‫األموال تتعلق خاصة بمش��اريع البنية األساس��ية مع طول مدة االسترداد وهذا ما ال تستطيع‬
‫جهود القطاع الخاص واألفراد تلبيته وبالتالي فليس من العدالة محاس��بة مؤسس��ات ناشئة‬
‫كالبنوك اإلس�لامية مسيرتها قصيرة مقارنة بمثيالتها التقليدية‪ ،‬ومع ذلك فالمدقق في طبيعة‬
‫العم��ل المصرفي اإلس�لامي يالحظ أنه مؤهل للمس��اهمة في التنمية م��ن خالل التأثيرات‬
‫التالية(‪:)10‬‬

‫‪ -‬المصارف اإلس�لامية أداة رئيسية لتوسيع قاعدة االدخار الوطني خاصة الجزء الذي‬
‫ال تطاله المصارف التقليدية ألسباب دينية‪.‬‬
‫‪ -‬المص��ارف اإلس�لامية ه��ي ً‬
‫أيضا أداة لتوس��يع قاعدة االس��تثمار فقد دلت دراس��ة‬
‫قام��ت بها المجموعة الدولية للمال واألعم��ال ‪ IBF‬في الغرب حديثا أن ‪ %6‬من أصحاب‬

‫( ‪) 350‬‬
‫مؤسس��ات المقاوالت يرفضون القروض الربوية ومستعدون الستخدام التمويالت المبنية‬
‫على المش��اركة‪ ،‬وقد س��اهمت أس��لمة المصارف في بعض الدول اإلسالمية على تحريك‬
‫اإلدخار االس��تثماري‪ ،‬ففي الس��ودان مثال تضاعفت الودائع االس��تثمارية ‪ 20‬مرة فيما بين‬
‫غضون خمس سنوات من تطبيق التجربة‪.‬‬

‫‪ -‬المصارف اإلسالمية تساهم مبدئيا في مقاومة التضخم وبالتالي في استقرار االقتصاد‬


‫الذي يعتبر أس��اس التنمي��ة‪ ،‬ذلك أن نمو الكتلة النقدية الذي يمك��ن أن يتحول إلى تضخم‬
‫مرتبط في نظام التمويل بالمشاركة باإلنتاج الحقيقي وليس بإنتاج األموال عن طريق الفوائد‬
‫المصرفي��ة‪ ،‬وه��ذا ما جعل خب��راء البنك الدولي يعترف��ون بطابع االس��تقرار المميز للنظام‬
‫المالي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ -‬الدور التنموي للمصارف اإلس�لامية يظه��ر كذلك من خالل الخدمات االجتماعية‬


‫المتعددة كالقروض الحسنة‪ ،‬والمساعدات الخيرية الممولة من زكاة المصارف نفسها إضافة‬
‫لتقديمها لخدمات ذات طابع اقتصادي مصدرها صناديق مالية توجه بعد ذلك لمشاريع لها‬
‫مردودية اقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬اس��تعداد المصارف اإلس�لامية لتمويل القروض الصغيرة التي اكتش��ف دورها في‬
‫مقاومة الفقر والبطالة‪.‬‬

‫مما سبق نس��تنتج أن البنوك اإلس�لامية لم تغفل عن مضاعفة جهودها لتحقيق التنمية‬
‫غير أن التوجه الفردي وغياب عنصر التنس��يق والتعاون فيم��ا بينها يقفان عائقا دون تحقيق‬
‫هذا الهدف على أحسن وجه إضافة إلى معوقات أخرى نلخصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تذب��ذب الظروف السياس��ية واالقتصادية لكثير من البلدان العربية واإلس�لامية مما‬


‫يضعف ثقة المستثمرين األجانب‪.‬‬

‫‪ -‬سوء التسيير اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬تذبذب أسعار صرف العملة المحلية للدول المضيفة‪.‬‬

‫( ‪) 351‬‬
‫‪ -‬تع��ارض اتج��اه الطلب والع��رض على رؤوس األم��وال حيث يرك��ز الطلب على‬
‫االستثمار الطويل األجل ويتميز العرض بالرغبة في االستثمار قصير األجل‪.‬‬

‫‪ -‬قيام بعض مؤسسات التمويل في الدول المضيفة بإعادة توجيه األموال المصدرة لها‬
‫إلى أسواق الدول الغربية الستخدامها في عمليات المضاربة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 352‬‬
‫اخلامتة‬
‫لقد نجحت البنوك اإلسالمية إلى حد ما خالل ربع قرن أو أكثر باالعتماد على صيغها‬
‫الخاصة في تمويل أعداد كبيرة من المشروعات الصغيرة والتي لم يجد أصحابها طريقا إلى‬
‫البن��وك التقليدية القائمة على الم�لاءة المالية والضمانات‪ ،‬ومما ال ش��ك فيه أن تنمية هذه‬
‫المشاريع يمثل نقطة انطالق مهمة في عملية التنمية بشقيها االقتصادي والبشري‪.‬‬

‫وق��د أكد الخبير االقتصادي القوصي(‪ )11‬على أن آفاق النمو أمام المؤسس��ات المالية‬
‫اإلس�لامية كبيرة‪ ،‬حيث تش��ير إحدى التقاري��ر الواردة من البنك اإلس�لامي للتنمية إلى أن‬
‫المصارف اإلس�لامية مرش��حة الس��تحواذ ‪ % 40‬إلى ‪ %50‬من االدخار اإلسالمي العالمي‬
‫في الس��نوات العشر المقبلة‪ ،‬كما يتوقع نش��وء وتطور سوق مالية ضخمة تعمل على جذب‬
‫رؤوس أموال من القطاعات غير المس��تهدفة من المؤسس��ات المالي��ة والمصرفية التقليدية‬
‫وتكون مركزا ماليا مهما غير معرض لهزات األس��واق العالمي��ة وللوصول لهذه التطلعات‬
‫البد من العمل على تحقيق ما يلي‪:‬‬

‫ـ زي��ادة ف��رص العمل نتيجة لحاجة المؤسس��ات المالية اإلس�لامية الماس��ة للخبراء‬
‫والفنيين والمستشارين إلنجاح مبدأ المشاركة‪.‬‬

‫ـ عل��ى البنوك اإلس�لامية القيام ب��دور فعال ف��ي توجيه رؤوس األم��وال نحو مناطق‬
‫الندرة في الدول اإلس�لامية والتي تتميز بقدرة اس��تيعابية كبيرة وبارتفاع معدالت الجدوى‬
‫االقتصادية لالس��تثمارات في هذه الدول مما ينعكس إيجابيا على الدول المصدرة لرؤوس‬
‫األموال والدول المستقبلة لها‪.‬‬

‫ـ التعامل مع المصارف اإلس�لامية القائمة في ال��دول المضيفة وفق اتفاقيات صريحة‬


‫وبإش��راف منظمات كاإلتحاد الدولي للبنوك اإلس�لامية أو بنك التنمية اإلس�لامي لضمان‬
‫حقوق كل األطراف‪.‬‬

‫( ‪) 353‬‬
‫ـ يجب على البنوك اإلس�لامية أن تتكامل فيما بينها وتتعاون في مجال تبادل الس��يولة‬
‫الفائض��ة وفي مج��ال التوظيفات المش��تركة وذلك بالعم��ل على االس��تثمار الجماعي مع‬
‫ضرورة إجراء تقويم دوري لوس��ائل التمويل اإلسالمية لتطويرها بشكل مستمر ولتصحيح‬
‫أخط��اء التجربة‪ ،‬هذه األخيرة التي تعتبر حديثة نس��بيا مقارنة بالبن��وك التقليدية الضاربة في‬
‫القدم والتجربة‪.‬‬

‫ـ كم��ا البد على البنوك اإلس�لامية أن تتعاون م��ع البنوك التقليدية ه��ذه األخيرة التي‬
‫ستس��تفيد منه��ا في إدارة عمليات االس��تثمار اإلس�لامية لزبائنها بالمقابل تق��دم لها الكثير‬
‫من الخدمات في مجال المراس��لين وتعزيز االعتمادات المس��تندية واالشتراك في البرامج‬
‫التدريبية والجمعيات المهنية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 354‬‬
‫اهلوامش واملراجع‬
‫‪ )1‬د‪ .‬عدنان حس��ين باحارث‪ ،‬المنطلقات األساس��ية للتنمية االقتصادية في نظام اإلس�لام‬
‫التربوي‪ ،‬السعودية‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪ )2‬د‪ .‬محمد س��ليم وهبة ود‪ .‬كامل حس��ين كالكش‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ ،‬نظرة تحليلية في‬
‫تحديات التطبيق‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪2011 ،‬م‪ ،‬ص‪.163‬‬
‫‪ )3‬د‪ .‬عب��د الحمي��د براهيمي‪ ،‬العدال��ة االجتماعية والتنمية في االقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪1997 ،‬م‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪ )4‬د‪ .‬عدنان حسين باحارث‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ )5‬ش��ابرا محمد عمر‪ ،‬نحو نظام نقدي عادل‪ ،‬فرجينيا‪ ،‬المعهد العالمي للفكر اإلس�لامي‪،‬‬
‫‪1987‬م‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪ )6‬عبد الرحمن يس��ري‪ ،‬التنمية االقتصادية واالجتماعية في اإلسالم‪ ،‬طبعة مؤسسة شباب‬
‫الجامعة باالسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص ص‪ 82‬ـ ‪.83‬‬
‫‪ )7‬د‪ .‬عبد اللطيف هميم‪ ،‬نظام التمويل المصرفي في المصارف اإلسالمية عن الموقع‪:‬‬
‫‪www.islamique.com‬‬
‫‪ )8‬د‪ .‬أحم��د النج��ار‪ ،‬طريقنا إل��ى نظرية متميزة ف��ي االقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬بحوث مختارة‬
‫من المؤتم��ر العالمي األول لالقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬المركز العالم��ي ألبحاث االقتصاد‬
‫اإلسالمي بجدة ‪1980‬م‪ ،‬ص‪.163‬‬
‫‪ )9‬عبد الرحمن يس��ري‪ ،‬إمكانيات البنوك اإلسالمية للمساهمة في التنمية عن الموقع‪:‬‬
‫‪www.tulkrem.org‬‬
‫(‪ )10‬أ‪ .‬د عمر الكتابي‪ ،‬دور المصارف وشركات التمويل اإلسالمية في التنمية‪ ،‬عن الموقع‪:‬‬
‫‪www.islamoline.net‬‬
‫(‪ )11‬ياس��ر با عامر (جدة) المصارف اإلسالمية مرشحة الس��تحواذ ‪ %50‬من االدخارات‬
‫العالمية عن الموقع‪www.islamoline.net :‬‬
‫( ‪) 355‬‬
‫احملور الثالث‬
‫صيغ التمويل واالستثمار‬
‫يف املصارف اإلسالمية‬
‫احملور الثالث‬
‫صيغ التمويل واالستثمار يف املصارف اإلسالمية‬
‫َُ َ ُ‬
‫َويِشمل األوراق اآلتية‪:‬‬
‫دور المص��ارف اإلس�لامية العراقي��ة ف��ي تموي��ل أ‪ .‬د‪ .‬أس��امة العاني وأ‪ .‬س��ارة‬
‫محمد عبيد فجر‬ ‫المشاريع الصغيرة‬
‫تفعي��ل دور التمويل اإلس�لامي في القط��اع البنكي د‪ .‬سيد علي بارد‬
‫الجزائري ـ دراسة حالة البنك الوطني الجزائري ـ‬
‫التمويل بالس��لم في المؤسس��ات المالية اإلسالمية أ‪ .‬احمد محمد علي الجبالي‬
‫وأثره على التنمية االقتصادية‬
‫الهندس��ة المالي��ة اإلس�لامية ودورها ف��ي تطوي��ر د‪ .‬أسيد فطاير‬
‫صيغ االستثمار والتمويل في المصارف اإلسالمية‬
‫صيغة التمويل بالمرابحة ودورها في تطوير الصيرفة ط‪ .‬د‪ .‬رفيق��ة باش��ا ود‪ .‬عمامرة‬
‫اإلس�لامية ـ م��ن وجه��ة متعامل��ي ـ بن��ك البرك��ة ياسمينة‬
‫الجزائري ـ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 359‬‬
‫‪‬‬

‫دور املصارف اإلسالمية العراقية‬


‫يف متويل املشاريع الصغرية‬
‫‪The role of Iraqi Islamic banks‬‬
‫‪in financing small projects‬‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬أسامة عبد اجمليد العاني‬


‫‪Prof. Dr. Usama A. Alani‬‬
‫أستاذ االقتصاد واملصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫كلية الفارابي اجلامعة‪ ،‬بغداد ـ العراق‬

‫سارة حممد عبيد‬


‫‪Sarah Mohammed Ubeid‬‬
‫بكالوريوس علوم حماسبية ومصرفية‬
‫ملخص‬
‫تش��ير بعض التجارب المطبقة في بعض الدول العربية واإلسالمية إلى نجاح عمليات‬
‫تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة من قبل المصارف اإلسالمية كونها لم تتعامل بأسعار‬
‫الفائدة‪ ،‬مما س��اعد على تحقيق الفائدة المرجوة لصغار المس��تثمرين‪ ،‬يس��عى البحث إلى‬
‫اإلجابة على جملة من التس��اؤالت لع��ل أهمها‪ ،‬ماهي المفاهي��م االقتصادية واالجتماعية‬
‫المرتبطة بموضوع المشاريع الصغيرة وما هو دور المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع‬
‫الصغيرة في العراق‪ ،‬وماهي الصعوبات أو المعوقات التي تواجهها المصارف اإلسالمية في‬
‫تمويل المش��اريع الصغيرة في العراق‪ ،‬كم��ا يهدف البحث إلى التعرف على دور المصارف‬
‫اإلسالمية العراقية في تمويل المشاريع الصغيرة وتقييمها ومن ثم اقتراح الحلول التي تمكن‬
‫المشروعات الصغيرة من االستفادة من هذا التمويل‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬البنوك اإلسالمية‪ ،‬المشاريع الصغيرة‪ ،‬التمويل اإلسالمي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 363‬‬
Abstract
The applied experiences in some Arab and Islamic countries
indicate the success of financing small enterprises by Islamic banks،
which helped to achieve the desired benefit for small investors.
The research tries to answer a number of questions, perhaps the
most important of which is, what are the economic and social
concepts related to the issue of small projects, what is the role
of Islamic banks in financing small projects in Iraq, what are the
difficulties or obstacles faced by Islamic banks in financing small
projects in Iraq? The research aims to identify the role of Iraqi
Islamic banks in financing small projects and to present the most
important suggestions to improve the Islamic banks efficiency in
financing.

Keyword: Islamic Banks, small enterprises, Islamic Finance.

  

) 364 (
‫املقدمة‬
‫اس��تحوذت المصارف والبن��وك المختلفة في غالبية دول العالم على أهمية اس��تثنائية‬
‫وذل��ك لدوره��ا الفاعل والمؤثر في النش��اط االقتصادي س��واء أكان ذلك على المس��توى‬
‫المحل��ي أو الخارج��ي‪ ،‬وقد اضط��رت المصارف اإلس�لامية في غالبية الدول اإلس�لامية‬
‫لمواكبة التطورات التي ش��هدتها دول العالم والتي اعتمدت على الفقه والتراث اإلس�لامي‬
‫في مناهج عملها المختلفة‪.‬‬

‫أثبت��ت التجارب المطبقة ف��ي بعض الدول العربية واإلس�لامية نجاح عمليات تمويل‬
‫المش��اريع الصغيرة من قبل البنوك اإلس�لامية كونها لم تتعامل بأسعار الفائدة أي بعيدًا عن‬
‫تطبيقات المفاهيم الربوية مما س��اعد على تحقيق الفائدة المرجوة لصغار المس��تثمرين في‬
‫المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة‪ ،‬نبع ذلك من اإلمكانيات التمويلي��ة المتعددة والتنوع في‬
‫الوسائل االستثمارية للمصارف اإلسالمية في تمويل المشروعات ومنها الصغيرة‪.‬‬

‫أهمية البحث‪:‬‬
‫تشكل المش��روعات الصغيرة والمتوس��طة ‪ %85‬من إجمالي المشروعات في الوطن‬
‫العربي إضافة إلى كونها تس��توعب اكثر من ‪ %60‬من إجمالي العاملين في المشروعات في‬
‫الوطن العربي‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك تعاني هذه المش��اريع من شحة في عملية التمويل‪ ،‬أو‬
‫تحميل المس��تفيد أعباء القرض الممنوح ل��ه‪ ،‬لذا يمكن أن يالحظ أهمية الدور الذي يجب‬
‫أن تقوم به المؤسس��ات المالية اإلسالمية والمصارف اإلس�لامية في المساهمة في تحقيق‬
‫أهداف التنمية في مجتمعاتها وذلك عن طريق اإلس��هام والدعم المباشر للقطاع‪ ،‬لما يمثله‬
‫من أهمية بارزة في تحقيق التنمية الشاملة‪.‬‬

‫إشكالية البحث‪:‬‬
‫تمثل المش��روعات الصغيرة هاجس وطموح للعاطلين عن العمل أو الفئات الهشة في‬

‫( ‪) 365‬‬
‫أي بلد من بلدان العالم‪ ،‬كونها تحقق عائد استثماري مناسب لهم‪ ،‬إال أن ذلك قد ال يتحقق‬
‫لوج��ود معوقات لعل أبرزها ش��حة التمويل‪ ،‬لذا يس��عى البحث إل��ى محاولة اإلجابة على‬
‫جملة من التساؤالت لعل أهمها اآلتي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ماهي المفاهيم االقتصادية واالجتماعية المرتبطة بموضوع المشاريع الصغيرة؟‬
‫‪ 2‬ـ ما هو دور المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع الصغيرة في العراق؟‬
‫‪ 3‬ـ ماهي الصعوبات أو المعوقات التي تواجهها المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع‬
‫الصغيرة في العراق؟‬
‫هدف البحث‪:‬‬
‫يهدف البحث إلى التعرف على دور المصارف اإلسالمية العراقية في تمويل المشاريع‬
‫الصغيرة ودراستها وتقييمها وعرض اهم المعوقات أو الصعوبات التي تضعف من كفاءتها‬
‫ومن ثم وضع الحلول التي تمكن المشروعات الصغيرة من االستفادة من هذا التمويل‪.‬‬
‫فرضية البحث‪:‬‬
‫ارتكز البحث على فرضية مفادها‪ :‬عدم وضوح دور المصارف اإلس�لامية العاملة في‬
‫العراق في تمويل المشاريع الصغيرة‪.‬‬
‫منهجية البحث‪:‬‬
‫لتحقي��ق هدف البحث اعتمد الباحثين على منهجي��ة البحث الوصفي‪ ،‬وذاك من خالل‬
‫االس��تعانة بالمعلوم��ات والمعطيات اإلحصائي��ة المتاحة وتوصيفها وتفس��يرها إلنماء مادة‬
‫البحث‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫هدف بحث القيس��ي ‪2015‬م((( إلى تناول الدور الذي يمكن أن تضطلع به المصارف‬

‫((( عماد القيسي‪ ،‬المصارف اإلسالمية وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬مجلة دنانير‪ ،‬الجامعة‬
‫العراقية‪ ،‬العدد ‪2015 ،7‬م‪.‬‬

‫( ‪) 366‬‬
‫اإلسالمية في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬كما استعرضت الدراسة بعض التجارب‬
‫العالمية في هذا المجال‪ ،‬وتوصلت الدراسة إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعاني‬
‫من تعدد المعوقات وتنوع التحديات التي تواجهها المش��روعات منها المعوقات القانونية‪،‬‬
‫والتمويلية‪ ،‬واإلدارية‪ ،‬والتسويقية‪.‬‬
‫أما بحث يعقوب وحمدان ‪2017‬م((( فقد اس��تند عل��ى فرضية مفادها أن التكامل‬
‫بين المصارف اإلس�لامية في التمويل وفق صيغة رأس المال الجريء للمش��اريع الصغيرة‬
‫والمتوس��طة يسهم في تطويرها‪ ،‬وتوصلت الدراسة إلى إن صيغ التمويل المتبعة للمصارف‬
‫اإلسالمية تقتصر على المرابحة واالستصناع والمشاركة والسلم واإلجارة‪ ،‬ولم يحظ رأس‬
‫المال الجريء كأداة لتمويل المشاريع بأي أهمية تذكر في البيئة العراقية‪.‬‬

‫في حين س��عى محم��د ‪2018‬م((( إلى التعرف على أهم المعوق��ات والتحديات التي‬
‫تقف حائل أمام المصارف اإلسالمية في تمويل المشروعات الصغيرة للنهوض بدورها في‬
‫التنمي��ة االقتصادية في الع��راق‪ ،‬وتوصل البحث إلى أنه بالرغم من صدور قانون رقم (‪)43‬‬
‫لس��نة‪ 2015‬م من قبل البنك المركزي العراقي الخاص بتنظيم عمل المصارف اإلس�لامية‬
‫إال أنه��ا تحتاج إلى ضرورة إصدار التعليمات الموضحة والمفس��رة لنصوصه وإعفائها من‬
‫أي��ة نصوص واردة ف��ي هذا القانون تتعارض م��ع طبيعة عملها‪ ،‬باإلضاف��ة إلى عدم وجود‬
‫قاع��دة بيانات ومعلومات لدى البنك المركزي عن المش��اريع الصغيرة العاملة في مختلف‬
‫القطاعات االقتصادية‪.‬‬

‫بينما تجيب دراسة آل غضيبة ‪2020‬م((( على تساؤل رئيس مفاده كيف يمكن االستفادة‬

‫((( ابتهاج إس��ماعيل يعقوب وخولة حسين حمدان‪ ،‬تفعيل دور المصارف في تمويل المشاريع الصغيرة‬
‫والمتوس��طة برأس المال الجريء في البيئة العراقية‪ ،‬مجلة وبحوث ودراس��ات في المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،1‬العدد ‪2017 ،2‬م‪.‬‬
‫((( سعد عبد محمد‪ ،‬معوقات عمل المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع الصغيرة في العراق‪ ،‬مجلة‬
‫بغداد للعلوم االقتصادية الجامعة‪ ،‬العدد الخاص بالمؤتمر العلمي‪2018 ،‬م‪.‬‬
‫((( عبد الرحمن الشيخ علي آل غضيبة‪ ،‬دور البنوك في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في العراق =‬

‫( ‪) 367‬‬
‫من أس��اليب وطرق عمل البنوك في دعم وتمويل المش��روعات الصغيرة والمتوسطة ونقل‬
‫م��ا ه��و موجود في جمهورية مصر العربي��ة والتي تعتبر متقدمة في ه��ذا المجال إلى الواقع‬
‫االقتصادي العراقي من الناحية العملية وكذلك من الناحية التشريعية‪.‬‬

‫وكان من أهداف بحث يوس��ف ‪2020‬م((( المتعددة جذب االنتباه إلى أهمية التمويل‬
‫األصغر اإلس�لامي في تكامل قط��اع التمويل األصغر في الع��راق‪ ،‬وتوصل البحث إلى أن‬
‫الواقع المصرفي اإلس�لامي يعطي عمومًا مؤش��رات غير مرضية في هذا الجانب‪ ،‬فالتمويل‬
‫األصغر يخضع لضغط السياسات االئتمانية للمصارف اإلسالمية‪ ،‬ويتم إدارة ملف المشاريع‬
‫الصغيرة بذات أس��لوب إدارة ملفات البيوع بما تستند إليه من ضمانات وإجراءات‪ ،‬وبذلك‬
‫ال يأخذ التمويل األصغر وضعه الذي يم ّكنه من االس��تفادة من مرونة المنتجات التي يمكن‬
‫أن تستند إلى أحكام الشريعة الغراء‪ ،‬كما أن التمويل األصغر أمسى مندر ًجا ضمن مبادرات‬
‫المس��ؤولية االجتماعي��ة للمصارف اإلس�لامية من خالل القرض الحس��ن‪ ،‬كم��ا في حالة‬
‫العراق‪.‬‬

‫مباذا يتميز البحث احلالي‪:‬‬


‫من اس��تعراض الدراس��ات الس��ابقة يالحظ‪ ،‬إنها رك��زت على التأطي��ر النظري لدور‬
‫المصارف‬

‫اإلس�لامية كي تقوم بمهمة التمويل للمش��اريع الصغيرة وذلك كما فعل القيسي‪ ،‬بينما‬
‫حاولتا كل من (يعقوب وحمدان) بحث وسيلة جديدة لتمويل المشاريع الصغيرة من خالل‬
‫رأس الم��ال المخاط��ر‪ ،‬أما محم��د فقد حدد التحدي��ات التي تجابه المصارف اإلس�لامية‬

‫= ومصر‪ ،‬دراس��ة وقانوني��ة واقتصادية مقارن��ة‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي للدراس��ات االس��تراتيجية‬
‫والسياسية واالقتصادية‪ ،‬ألمانيا ـ برلين‪2020 ،‬م‪.‬‬
‫((( حمزة عبد يوسف‪ ،‬واقع التمويل األصغر في العراق ـ دراسة تحليلية في إطار رؤية تشخيصية‪ ،‬ورقة‬
‫مقدم��ة إل��ى ندوة واقع التمويل األصغر ف��ي العالم العربي وتأثير تداعيات أزم��ة كوفيد ـ ‪ ،19‬الندوة‬
‫العلمية االفتراضية وفق ‪2020/11/14‬م‪.‬‬

‫( ‪) 368‬‬
‫وتعوق عملها في التمويل‪ ،‬مركزا على صدور قانون رقم (‪ )43‬لسنة‪ 2015‬م من قبل البنك‬
‫المركزي العراقي الخاص بتنظيم عمل المصارف اإلسالمية‪ ،‬في الوقت الذي حاول فيه آل‬
‫غضيبة‪ ،‬إس��قاط التجربة المصرية على الس��احة العراقية وركز عل الجانب القانوني فيه‪ ،‬أما‬
‫يوسف فقد سعى إلى جذب االنتباه إلى أهمية التمويل اإلسالمي األصغر في هذا المجال‪.‬‬
‫مما سبق فإن الدراسة الحالية تتميز باآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬س��عيها الس��تعراض الدور الحقيق��ي للمصارف اإلس�لامية العراقي��ة في تمويل‬


‫المشاريع الصغيرة‪.‬‬

‫‪ -2‬محاولة معرفة أثر مبادرات البنك المركزي في تفعيل دور المصارف اإلس�لامية‬
‫العراقية في تمويل المشاريع الصغيرة‪.‬‬

‫‪ -3‬الخروج بتوصيات عملية للنهوض بدور المصارف اإلسالمية في جانب التمويل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 369‬‬
‫املبحث األول‬
‫(املصارف اإلسالمية واملشاريع الصغرية ـ حتديد املفاهيم)‬

‫املطلب األول‬
‫مفهوم املصارف اإلسالمية‬
‫تعد المصارف اإلس�لامية واحدة من األوعية أو القنوات الش��رعية ألنش��طة المس��لم‬
‫االقتصادية‪ ،‬تقوم بجمع الفوائض من الموارد المالية وتوظيفها في استثمارات‪ ،‬وهي تشمل‬
‫مظهر من مظاهر التطبيق اإلس�لامي وتجربة عملية مثلت ضرورة من الضرورات الش��رعية‬
‫التي اقتضتها الحي��اة االقتصادية‪ ،‬وهي احدى الخطوات العملية في محاولة ترجمة العقائد‬
‫إلى برام��ج تنفيذية واقعية وانطلقت الخطوات األولى لتأس��يس المصارف اإلس�لامية من‬
‫مفه��وم انحصر في إبع��اد المعامالت المالية ع��ن التعاطي بالربا أخ ًذا وعط��اء‪ ،‬ومع مرور‬
‫الزمن وتوسيع المعامالت المالية وتنوع التجارب والتطبيقات المالية تعمقت مفاهيم العمل‬
‫المصرفي باطار عقائدي شمولي واضح المعالم لالقتصاد اإلسالمي في التعامل مع مفهوم‬
‫المصرف اإلسالمي ودوره في الحياة االقتصادية‪.‬‬
‫التعريف الش��ائع للمصرف اإلسالمي بأنه «مؤسسة مصرفية ال تتعامل بالفائدة أخ ًذا أو‬
‫عطاء»(((‪ ،‬يتضح من التعريف قصر دور المصرف اإلس�لامي على عدم التعامل بالربا وهذا‬
‫الركن يعتبر ش��رطا ضروريا‪ ،‬إالّ أنه ليس ش��رطا كافيا‪ ،‬فهناك تجارب وممارس��ات مصرفية‬
‫عالمية ال تعتمد على التمويل بالدين الذي يرتكز على الفائدة مثل البنوك الزراعية في الهند‬
‫والبنوك ـ التعاونية في ألمانيا في ثالثينيات القرن الماضي‪ ،‬ولكنها ليست مصارف إسالمية‬
‫لذل��ك يتطلب أن يعكس تعريف المصرف اإلس�لامي األبعاد الحقيقي��ة للتعامالت المالية‬

‫((( محمود ارش��يد‪ ،‬الش��امل في معامالت وعمليات المصارف اإلس�لامية‪ ،‬األردن‪ ،‬دار النفائس للنشر‬
‫والتوزيع‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‪.14‬‬

‫( ‪) 370‬‬
‫التي يتعامل بها المصرف اإلس�لامي وفق األس��س الش��رعية التي يرتكز عليها في قبول أو‬
‫أي أن يكون تعري ًفا متكاملاً ‪.‬‬
‫رفض هذه التعامالت أو تلك‪ّ ،‬‬
‫وتنوعت تعاريف المصرف اإلس�لامي بحس��ب المعرف‪ ،‬فمنهم من أوجز في التعبير‬
‫عن��ه حين قال بأنه «مؤسس��ة مالية تؤدي األعم��ال المصرفية والتمويلية في إطار الش��ريعة‬
‫اإلسالمية»((( وذكر آخر بأنه‪« :‬مصرف تجاري رخص له بتعاطي األعمال المصرفية ضمن‬
‫أحكام الش��ريعة اإلس�لامية»(((‪ ،‬وهناك من ّ‬
‫فصل‪ ،‬حيث ورد أنه‪« :‬مؤسسة مالية نقدية تقوم‬
‫باألعم��ال والخدمات المالية والمصرفي��ة وجذب الموارد النقدي��ة وتوظيفها توظيفا فعاال‬
‫يكف��ل نموها وتحقيق أقصى عائد منها وبما يحقق أه��داف التنمية االقتصادية واالجتماعية‬
‫في اطار أحكام الشريعة اإلسالمية السمحة»(((‪.‬‬
‫ووف ًقا لما ورد من التعاريف السابقة يمكن أن نعرف المصرف اإلسالمي بأنه‪ :‬مؤسسة‬
‫مالية مصرفية تتولى تجميع الموارد المالية وتوظيفها على وفق أحكام الش��ريعة اإلس�لامية‬
‫بما يحقق مقاصدها‪ ،‬مجسدة مفهوم الوساطة المالية القائم على مبدأ المشاركة في الربح أو‬
‫الخسارة من خالل اطار الوكالة بنوعيها العامة والخاصة‪.‬‬
‫الفرق بين المصارف اإلسالمية والمصارف التقليدية‪:‬‬
‫ينبع الفرق الجوهري بين المصرف التقليدي والمصرف اإلسالمي في كون المصارف‬
‫التقليدية مؤسس��ات مالية تجارية تقوم بوظيفة بيع الديون‪ ،‬تركز على االقتراض واإلقراض‬
‫بس��عر فائدة‪ ،‬وتأخذ الضمانات الكافية للتأكد من القدرة على الس��داد في مواعيد استحقاق‬
‫أقس��اطها‪ ،‬وهي ال تس��أل عن أوجه الصرف‪ ،‬وتطبق لذلك المعايير المالية فقط وتسعى إلى‬

‫((( الخماش‪ ،‬لنا محمد إبراهيم‪ ،‬البنوك اإلس�لامية بين التش��ريع الضريبي والزكاة‪ ،‬جامعة النجاح‪ ،‬كلية‬
‫الدراسات العليا‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫((( حسين محمد سمحان‪ ،‬موسى عمر مبارك‪ ،‬محاسبة المصارف اإلسالمية‪ ،‬األردن‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2009‬م‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫((( العجلون��ي‪ ،‬محم��د محمود‪ ،‬البنوك اإلس�لامية أحكامه��ا مبادئه��ا تطبيقاتها المصرفي��ة‪ ،‬دار‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪2010‬م‪ ،‬ص‪.110‬‬

‫( ‪) 371‬‬
‫تحقيق أقصى ربح ممكن من خالل زيادة الفرق بين سعر الفائدة التي تستدين به أو تقترض‬
‫به وسعر الفائدة التي تقرض به المستفيدين‪.‬‬

‫أيضا مؤسس��ات مالية تجارية‪ ،‬إالّ أنها تقوم بالتعامل مع‬


‫ومع أن المصارف اإلس�لامية ً‬
‫الموارد المالية على وفق أحكام الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬وتركز على االستثمار الحقيقي وبناء‬
‫الثروات وتدوي��ر الموارد والتأكد من الج��دوى المالية واالقتصادي��ة واالجتماعية‪ ،‬وتقوم‬
‫بدور الوس��اطة المالية بين من يرغب باس��تثمار الفائض النقدي لديه‪ ،‬وبين من لديه الرغبة‬
‫والقدرة على استثمار هذه الفوائض الطبيعية‪ ،‬وآلية هذه الوساطة تختلف عنها في المصرف‬
‫التقليدي‪ ،‬فالمصرف اإلسالمي ليس مدينا ل أصحاب الفوائض المالية أو دائنا للمستثمرين‬
‫كما في المصرف التقليدي‪ ،‬وإنما هو مشارك لكل منهما في عمليات استثمارية حقيقية وما‬
‫تتع��رض له هذه العمليات م��ن مخاطر وما ينتج عنها من ربح أو خس��ارة ويهدف من وراء‬
‫ذلك إلى المساهمة في تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية للمجتمعات اإلسالمية جنبا‬
‫إلى جنب مع تحقيق الربحية(((‪.‬‬

‫األسس االعتقادية لمفهوم المصرف اإلسالمي‪:‬‬

‫يقوم النشاط اإلنساني‪ ،‬ومنه النشاط االقتصادي والمالي‪ ،‬على األسس االعتقادية التي‬
‫تنطلق من أحكام الشريعة اإلسالمية وهي كما يأتي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الملك هلل وحده‪ :‬قال س��بحانه وتعالى‪﴿ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ﴾‪ ،‬يذكر الطبري‪ :‬واهلل له تصريف ما في السموات‬
‫واألرض وما بينهما‪ ،‬يعني‪ :‬وما بين السماء واألرض‪ ،‬يهلك من يشاء ويبقي من يشاء‪ ،‬ويوجد‬
‫م��ا أراد ويعدم ما أحب‪ ،‬ال يمنعه من ش��يء أراد من ذل��ك مانع‪ ،‬وال يدفعه عنه دافع‪ ،‬ينفذ‬
‫فيهم حكمه‪ ،‬ويمضي فيهم قضاؤه(((‪.‬‬

‫((( أشرف محمد دوابة‪ ،‬دراسات في التمويل اإلسالمي‪ ،2007 ،‬ط‪ ،1‬دار السالم‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫((( الطبري‪ ،‬اإلمام أبي جعفر بن جرير‪( ،‬ت‪ 310/‬هجري)‪ ،‬جامع البيان عن تأويل آي القران‪ ،‬دار ابن حزم‬
‫ودار اإلعالم‪ ،‬ط ‪ ،2002 ،1‬المجلد‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.212‬‬

‫( ‪) 372‬‬
‫‪ 2‬ـ الم��ال مال اهلل‪ :‬يقول س��بحانه وتعال��ى‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ﴾(((‪،‬‬
‫والمال مال اهلل تعالى وهي ملكية إحاطة وش��مول‪ ،‬ويعن��ي إن ملكية اهلل للمال هي الملكية‬
‫األصلية الحقيقية وملكية البشر عليها اعتبارية‪ ،‬وحياة اإلنسان هي ملك هلل سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫والتملك والتصرف مبني على أساس من يخلق الشيء يملكه‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تكريم اهلل س��بحانه وتعالى لإلنسان‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ﴾(((‪ ،‬كرمهم بالعلم‬
‫والعقل وإرسال الرسل وانزال الكتب‪ ،‬وما من طيب تتعلق به حوائجهم وقد اقتضت الخالفة‬
‫اإللهية لإلنس��ان أن يكون اإلنس��ان مكرما من اهلل س��بحانه وتعالى متميزا عن س��ائر الخلق‬
‫بالكثير من الخصوصيات الخلقية واالس��تعدادات التي تؤهل��ه لحمل األمانة والوصول إلى‬
‫الكمال والعبودية هلل سبحانه وتعالى‪ ،‬ويتضمن هذا المبدأ أبعادا عقائدية واجتماعية وتاريخية‬
‫وتربوية تساهم في وضع األسس الراسخة لشخصية إنسانية ترى اهلل غايتها في كل شيء‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ تس��خير ما في الس��موات واألرض لإلنس��ان‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ﴾(((‪ ،‬أي إن ه��ذا التس��خير ج��اء كما يقول الطب��ري‪ :‬لمنافعكم‬
‫ومصالحكم ومالذكم تتمتعون ببعض ذلك كله وتنتفعون جميعه(((‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﰄ ﰅ‬
‫(((‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ﴾ ‪ّ ،‬‬
‫أي‪ :‬أن كل ش��يء هو‬
‫من اهلل وذلك منه وال ينازعه فيه المنازعون(((‪.‬‬
‫والتس��خير محدد بهدف عمارة األرض نمائه وفق منهج اهلل س��بحانه وتعالى للبشر‪ ،‬ال‬

‫سورة النور‪ :‬جزء من آية ‪.33‬‬ ‫(((‬


‫سورة اإلسراء‪ :‬آية ‪.70‬‬ ‫(((‬
‫سورة لقمان‪ :‬آية ‪.20‬‬ ‫(((‬
‫الطبري‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬المجلد ‪ ،11‬الجزء ‪ ،21‬ص‪.94‬‬ ‫(((‬
‫سورة الجاثية‪ :‬آية ‪.13‬‬ ‫(((‬
‫الطبري‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬المجلد ‪ ،13‬الجزء ‪ ،25‬ص‪.174‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 373‬‬
‫يمكن أن يت��م دون تحقيق الهدف‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾(((‪ ،‬وال‬
‫تنفع عمارة األرض مع ظالل المنهج المتبع في الحياة وبعده عن اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫‪ -5‬االس��تخالف‪ :‬الخالفة لغة مصدر خلف‪ ،‬وهي النيابة عن الغير إما لغيبة المنوب عنه‪،‬‬
‫وإما لموته‪ ،‬وإما لتشريف المستخلف(((‪ ،‬ومفهوم االستخالف بشكله العام يحدد غاية الوجود‬
‫اإلنس��اني وينظم دوره في الحياة‪ ،‬وهي تعني الخالفة عن اهلل س��بحانه وتعالى لتنفيذ منهجه في‬
‫األرض وإقامة أحكامه فيها‪ ،‬وقد هيأ اهلل اإلنس��ان لهذه المهمة‪ ،‬وأوكل إليه أمانة تعمير األرض‬
‫بالعبادة والتسبيح والعدل والنماء‪ ،‬وجعل جوهر هذه المهمة ترقية اإلنسان ذاته وتنميتها والسمو‬
‫بها لمقام لقيا اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭱ ﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷ ﭸ﴾(((‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ األصل في المعامالت اإلباحة‪ :‬تنص القاعدة الشرعية «األصل في األشياء اإلباحة»‬
‫أو ما ال يعلم فيه تحريم يجري على حكمه الحل‪ ،‬يرى جمهور الفقهاء أن األصل في األشياء‬
‫اإلباح��ة حت��ى يقوم الدليل على التحري��م‪ ،‬ومما هو واضح من أن عم��ل القاعدة في األمور‬
‫المس��كوت عنها في الش��ريعة هو اإلباحة ما لم يقم دليل على التحري��م (((‪ ،‬يقول ابن تيمية‬
‫«واألص��ل ف��ي هذا‪ :‬أنه ال يحرم على الن��اس من المعامالت التي يحتاج��ون إليها إالّ ما دل‬
‫الكت��اب والس��نة على تحريمه»(((‪ ،‬ويق��ول ابن الجوزية «واألصل ف��ي العقود والمعامالت‬
‫الصحة حتى يقوم دليل على البطالن والتحريم»(((‪.‬‬

‫سورة هود‪ :‬جزء من آية ‪.61‬‬ ‫(((‬


‫األصفهاني‪ ،‬مفردات ألفاظ القران‪ ،‬ص‪.294‬‬ ‫(((‬
‫سورة االنشقاق‪ ،‬آية ‪.6‬‬ ‫(((‬
‫عمر عبد اهلل كامل‪ ،‬القواعد الفقهية الكبرى واثرها في المعامالت المالية رس��الة دكتوراه مقدمة إلى‬ ‫(((‬
‫جامعة األزهر‪ ،‬ص‪.191‬‬
‫اب��ن تيمي��ة‪ ،‬تقي الدين ب��ن احمد بن عبد الحلي��م (‪ 738‬هج��ري)‪ ،‬مجموعة الفت��اوي‪ ،‬دار الوفاء‪،‬‬ ‫(((‬
‫المنص��ورة‪ ،‬مص��ر‪ ،‬ط‪2001 ،2‬م‪ ،‬م��ج ‪ ،28‬ص‪ ،386‬وكذلك لنف��س المؤلف‪ ،‬القواع��د النورانية‬
‫الفقهية‪ ،‬تحقيق محمد حامد الفقي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت ‪1979‬م‪ ،‬ص‪ 112‬ـ ‪.113‬‬
‫اب��ن قيم الجوزية‪ ،‬ش��مس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بك��ر‪751( ،‬ﻫ)‪ ،‬اعالم المعوقين عن رب‬ ‫(((‬
‫العالمين‪ ،‬راجعه طه عبد الرؤوف سعد‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬بال تاريخ مج ‪ ،1‬ص‪.384‬‬

‫( ‪) 374‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫مفهوم املشاريع الصغرية‬
‫يختلف تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة من بلد إلى آخر ويعود سبب ذلك إلى‬
‫خصوصية وطبيعة اقتصاد كل دولة وطبيعة التكنولوجيا المستخدمة ودرجة التصنيف فيها‪.‬‬
‫تمتد تعريفات المش��روعات الصغيرة والمتوس��طة في ثالثة اتجاه��ات‪ :‬تعريفات من‬
‫قبل المؤسس��ات الدولية‪ ،‬والتعاريف المتعلقة بالقوانين لكل دولة‪ ،‬وتعريفات الصناعة‪ ،‬إن‬
‫العث��ور على معيار عالمي موحد هو محل جدل وانتقاد من قبل المؤسس��ين واالقتصاديين‬
‫واألكاديميين وحتى الصناعيين(((‪.‬‬
‫تعرف منظمة األمم المتحدة للتنمية الصناعية ‪ UNIDO‬المشروعات الصغيرة بأنها‬
‫المش��روعات التي يعمل فيها م��ن (‪ 10‬ـ ‪ )50‬عامل ويديرها مال��ك واحد ويتحمل كافة‬
‫المسؤولية عنها في األجل القصير والطويل‪ ،‬ويعرف البنك الدولي المشروعات الصغيرة‬
‫ج��دا التي يعمل فيها أقل من (‪ )10‬عمال‪ ،‬أما المش��روعات المتوس��طة يعمل فيها ما بين‬
‫(‪ 50‬ـ ‪ )100‬عامل(((‪.‬‬
‫أما منظمة العمل الدولية‪ ،‬فعرفت المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي يصل فيها عدد‬
‫العاملين من (‪ 10‬ـ ‪ )50‬عامل ويديرها صاحب المش��روع (((‪ ،‬في الوقت الذي عرفت فيه‬

‫‪(1) Gentrit Berisha& Justina Shiroka Pula (2015) , Defining Small and Medium‬‬
‫‪Enterprises: a critical review, Academic Journal of Business, Administration,‬‬
‫‪ Albania, Vol. 1, No. 1,‬ـ ‪Law and Social Sciences, IIPCCL Publishing, Tirana‬‬
‫‪March 2015. p. 18‬‬
‫((( الجامعة العربية ـ منظمة العمل العربية‪ ،‬المنتدى العربي للتشغيل‪ ،‬ورقة عمل دور المنشآت الصغيرة‬
‫والمتوسطة في تخفيف أزمة البطالة‪2019 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،18‬ص‪.19‬‬
‫((( محمد فتحي صقر‪ ،‬واقع المشروعات الصغيرة وأهميتها االقتصادية‪ ،‬كلية اإلدارة والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪2004 ،‬م‪.‬‬

‫( ‪) 375‬‬
‫مؤسس��ة التمويل الدولية المش��اريع الصغيرة والمتوسطة بأنها المش��اريع التي يصل أقصى‬
‫استثمار لها مبلغ (‪ )2.5‬مليون دوالر(((‪.‬‬
‫لذا يمكن تحديد أهم المعايير المستخدمة في تحديد مفهوم المشاريع الصغيرة‬
‫والمتوسطة باآلتي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ معيار عدد العمال (‪.)Employees number‬‬
‫‪ 2‬ـ معيار رأس المال (‪.)Capital‬‬
‫‪ 3‬ـ معيار حجم المبيعات (‪.)Amount of sales level‬‬
‫‪ 4‬ـ معيار صافي الموجودات (‪.)Net assets‬‬
‫وعليه تعتمد كل دولة في تحديد حجم المش��روع الصغير أو المتوس��ط على واحد أو‬
‫اكثر من المعايير المذكورة وعلى ظروف كل دولة ودرجة تطورها وإمكانياتها التكنولوجية‬
‫وقدراتها اإلنتاجية‪.‬‬
‫مفهوم المشروعات الصغيرة في العراق‪:‬‬
‫عرف��ت المش��اريع الصغيرة من قب��ل الجهاز المرك��زي لإلحصاء ع��ام ‪1999‬م بأنها‬
‫(المش��روعات التي يعمل بها أقل من عش��رة عاملين وتبلغ قيمة اآلالت فيها أقل من ‪100‬‬
‫أل��ف دينار عراقي)(((‪ ،‬بينما أقتصر التعريف بالوق��ت الحاضر على وفق آخر تقرير للجهاز‬
‫على عديد العاملين‪.‬‬
‫خصائص المشاريع الصغيرة في العراق‪:‬‬
‫تمتاز المش��اريع الصغيرة في العراق بخصائص جعلتها في مقدمة األنشطة االقتصادية‬
‫الداعمة اذا لم تكن أساس��ية في وصفه��ا بأنها العمود الفقري لالقتص��اد الوطني ويأتي في‬
‫مقدمة هذه الخصائص اآلتي‪:‬‬

‫((( المصدر السابق نفسه‪.‬‬


‫((( وزارة التخطيط ـ الجهاز المركزي لإلحصاء وتكنولوجيا المعلومات ـ المجموعة اإلحصائية السنوية‪.‬‬

‫( ‪) 376‬‬
‫‪ 1‬ـ تمتاز المشاريع الصغيرة باتحاد الملكية واإلدارة‪ ،‬فالمالك هو المدير ويتولى إدارة‬
‫المش��روع‪ ،‬وهذه صفة غالبة في معظم المش��اريع المتوس��طة والصغيرة‪ ،‬مما يسهل عملية‬
‫اتخاذ القرارات‪ ،‬ويبسط إجراءات العمل‪ ،‬بما يساعد على سرعة دورة العمل واإلنتاج داخل‬
‫المشروع الصغير‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ يك��ون المش��روع الصغير الحجم محلي��اُ إلى حد كبير في المنطق��ة التي يعمل بها‬
‫ومرتبط��ا ارتبا ًطا ً‬
‫كبيرا بالس��وق المحلي‪ ،‬ويمتاز بالمعرفة الدقيقة بالس��وق والمس��تهلكين‬
‫ورغباتهم واالنتشار الجغرافي السريع لتقليل التفاوتات اإلقليمية وتحقيق تنمية في المناطق‬
‫التي ال يمكن للمش��روعات الكبيرة أن تغامر بالدخول إلى أس��واقها أو التعامل معها لصغر‬
‫حجمها(((‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ محدودية نصيب المشروع من السوق في إطار الصناعات المختلفة‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ محدودية استمرارية المنافسة والتجديد ورواج االمتياز‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ توفير سلع وخدمات لفئات المجتمع ذات الدخل المحدود والتي تسعى للحصول‬
‫عليها بأسعار رخيصة نسبيًا تتفق مع القدرة الشرائية لهم‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ انخفاض مس��ؤولية المش��روع تجاه القانون والحكومة (الضرائب وغيرها) مقارنة‬
‫بالمشروعات الكبيرة‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ المرونة في مواجهة حاالت الكساد الناجمة عن نقص الطلب في األسواق بدرجة‬
‫أكبر من الشركات الكبيرة لقلة التكاليف والقدرة على مواجهة تقلبات األذواق‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ س��هولة تس��ويق اإلنتاج والخدمات لقلته ومحدودية كلفته مقارنة بالمش��روعات‬
‫الكبيرة‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ االعتماد على المصادر الداخلية للتمويل على نحو كبير مع محدوديتها‪.‬‬

‫((( مزهر شعبان العاني وآخرون‪ :‬إدارة المشروعات الصغيرة منظور ريادي تكنولوجي‪ ،‬دار صفاء للنشر‪،‬‬
‫عمان‪ ،2010 ،‬ص‪.95‬‬

‫( ‪) 377‬‬
‫‪ 10‬ـ توفي��ر ف��رص عمل لفئ��ات العاملين غي��ر الماهرين وغير المؤهلي��ن للعمل في‬
‫المشروعات الكبيرة من النساء والشباب والعمال القادمين من المناطق الريفية‪.‬‬

‫‪ 11‬ـ تلعب دورا مه ًما في تعبئة وتوظيف المدخرات المحلية وتنمية المهارات البشرية‪.‬‬

‫األهمية االقتصادية للمشروعات الصغيرة‪:‬‬


‫تش��ير تقدي��رات منظمة التع��اون والتنمية على أن المؤسس��ات الصغيرة والمتوس��طة‬
‫تس��تحوذ على ‪ %90‬من إجمالي المؤسس��ات في العالم‪ ،‬وتوظف ‪ %63‬من مجموع القوى‬
‫العاملة على المستوى العالمي(((‪ ،‬تتمثل األهمية االقتصادية للمشروعات الصغيرة والدور‬
‫االقتصادي الذي تقوم به باآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬توفير فرص العمل وامتصاص البطالة‪:‬‬


‫تعد المش��روعات الصغي��رة المصدر الرئيس لتوفير الوظائف س��واء ف��ي االقتصاديات‬
‫النامية أو المتقدمة على حد سواء‪ ،‬حيث تعتمد المشروعات الصغيرة والمتوسطة على العمالة‬
‫المكثفة‪ ،‬وتميل إلى توزيع الدخل بصورة أكثر عدالة مقارنة بالمؤسسات الكبيرة‪ ،‬فهي لعبت‬
‫دو ًرا مهما في خلق فرص االستخدام بما يخفف من حدة الفقر وتوفر فرص عمل مقابل أجور‬
‫معقولة للعمال من األس��ر الفقيرة‪ ،‬وتش��كل فرص العمل في المنش��آت الصغيرة والمتوسطة‬
‫حوالي ‪ %51‬من مجموع التوظيف في أمريكا‪ ،‬و‪ %88‬في اليابان‪ ،‬و‪ 10‬ـ ‪ %40‬في دول الشرق‬
‫األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬و‪ %74‬في مصر و‪ %50‬في األردن ‪ %72.3‬في البحرين(((‪.‬‬

‫‪ -2‬المساهمة في زيادة القيمة المضافة للناتج المحلي اإلجمالي‪:‬‬

‫تس��هم المش��روعات الصغيرة في الدول النامية عادة إلى تحقيق مشاركة جميع شرائح‬
‫المجتمع من خالل عمليتي االدخار واالس��تثمار‪ ،‬وذل��ك بتوجيه المدخرات الصغيرة نحو‬

‫‪(1) Munro, D. (2013), A Guide to Financing SMEs, New York: Palgrave‬‬


‫‪Macmillan.‬‬
‫((( مؤتم��ر العم��ل العربي‪2011/5/22 ،‬م‪ ،‬المنش��آت الصغ��رى والصغيرة والمتوس��طة قاطرة النمو‬
‫الداعمة للتشغيل‪ ،‬الدورة الثامنة والثالثون ـ القاهرة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪.‬‬

‫( ‪) 378‬‬
‫االس��تثمار وتعبئة رؤوس األموال‪ ،‬وهذا يعن��ي زيادة المدخرات واالس��تثمارات وبالتالي‬
‫زيادة الناتج المحلي‪.‬‬

‫‪ -3‬المساهمة في رفع الكفاءة اإلنتاجية وتعظيم الفائض االقتصادي‪:‬‬

‫تب��دو المؤسس��ات الصناعية الكبيرة هي األق��در على رفع الكف��اءة اإلنتاجية وتعظيم‬
‫الفائ��ض االقتصادي الرتفاع إنتاجية العام��ل والمزايا التي يحققها كبر الحجم‪ ،‬وهذا المثل‬
‫غير صحيح ألنه يتجاهل أمرا مهما وهو العالقة بين رأس المال المستثمر للعامل والفائض‬
‫االقتص��ادي‪ ،‬ف��اذا تم الربط بين رأس المال المس��تثمر للعامل والفائ��ض االقتصادي الذي‬
‫يحققه حسب حجم المؤسسة ومن ثم ما يتحقق للمجتمع من فائض اقتصادي على أساس‬
‫استثمار مبلغ معين من رأس المال‪ ،‬يتضح لنا أن مؤسسات الصناعات الصغيرة والمتوسطة‬
‫هي األقدر على تعظيم الفائض االقتصادي للمجتمع(((‪.‬‬

‫‪ -4‬اإلسهام في تقليل التفاوتات اإلقليمية‪:‬‬

‫تتسم المش��روعات الصغيرة بانتشارها الجغرافي الواس��ع الذي يجعلها تغطي مناطق‬
‫مختلفة واس��تيعابها أعدادًا كبيرة من الس��كان نظ��را النخفاض تكاليف تأسيس��ها من جهة‬
‫ومحدودية إنتاجها من جهة أخرى‪ ،‬والذي غالبًا ما يكون فيه مستهلكي هذا اإلنتاج في اطار‬
‫وحدود منطقة إقامة المش��روع‪ ،‬األمر الذي يستدعي لتلبية احتياجات المجتمع إقامة المزيد‬
‫من هذه المش��روعات‪ ،‬مما يساعد على تقليل التفاوتات اإلقليمية وتحقيق التنمية المتوازنة‬
‫بين أقاليم ومناطق البلد الواحد‪.‬‬

‫‪ -5‬تشجيع استثمار الموارد المحلية وجذب المدخرات‪:‬‬

‫غالبا ما تس��اهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في استثمار الموارد المحلية‪ ،‬سواء‬


‫كانت خامات غير مس��تثمرة أو سلعًا نصف مصنعة‪ ،‬مما يجعلها وسيلة هامة لتشجيع ودعم‬

‫((( خليل‪ ،‬عبد الرزاق‪ ،‬وعادل نقموش‪2011 ،‬م‪ ،‬دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬جامعة األغواط‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.8‬‬

‫( ‪) 379‬‬
‫اإلنتاج الزراعي والصناعي على حد سواء عند اعتمادها على مدخالت اإلنتاج المحلية بما‬
‫فيها اآلالت المصنعة محليًّا‪.‬‬

‫كما أن الصناعات الصغيرة والمتوس��طة قادرة على تعبئ��ة المدخرات المحدودة لدى‬
‫صغار المدخرين الذين ال يس��تخدمون النظام المصرفي‪ ،‬ولكنهم على استعداد الستثمارها‬
‫في مؤسس��اتهم الخاصة‪ ،‬بدلاً من ترك هذه األموال عاطلة وعرضة لإلنفاق الترفي‪ ،‬أو حتى‬
‫إيداعها في البنوك‪ ،‬وان انخفاض حجم رأس المال الالزم إلنشاء وتشغيل هذه المشروعات‬
‫يجعلها أكثر جاذبية لصغار المدخرين(((‪.‬‬

‫األهمية االجتماعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة‪:‬‬

‫ال تقل أهمية هذه المش��روعات في تحقيق التنمي��ة االجتماعية عن دورها االقتصادي‬
‫حيث تس��اعد في الحد من المش��اكل االجتماعية المرتبطة بالفقر والبطالة‪ ،‬ويساعد الدخل‬
‫الذي يتم تحصيله من هذه المش��روعات في االنتقال والتدرج في المس��تويات االجتماعية‬
‫بس��هولة‪ ،‬وه��ذا يعني نقل األف��راد إلى وض��ع أكثر أمنا بحيث يتحس��ن مس��توى ملكيتهم‬
‫ومس��تواهم المعيش��ي والصحي والتعليمي(((‪ ،‬كما تستطيع هذه المشروعات تمكين بعض‬
‫الفئ��ات في المجتمع كالمرأة والمهنيين والش��باب‪ ،‬كي تصبح ق��وة فاعلة فيه ودمجهم في‬
‫العملية اإلنتاجية في المجتمع‪ ،‬وبالتالي تس��اهم بإزالة التوتر الذي يغلق ش��كل العالقة بين‬
‫هذه الفئات وباقي ش��رائح المجتمع‪ ،‬وتجسد هذه المش��روعات القيم اإلنسانية المشتركة‪،‬‬
‫حيث أن مشاركة أفراد األسرة في النشاطات التجارية المختلفة هو أمر دارج في المشروعات‬
‫الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬

‫مما س��بق‪ ،‬يتضح لنا أن المصرف اإلس�لامي «مؤسس��ة مالية مصرفي��ة تتولى تجميع‬

‫((( خليل‪ ،‬وعادل‪ ،‬مصدر سابق‪2011 ،‬م‪ ،‬ص‪.10‬‬


‫((( المقابل��ة إيهاب‪2015 ،‬م‪ ،‬بيئة األعمال والمنش��آت الصغيرة والمتوس��طة ف��ي دول مجلس التعاون‬
‫لدول الخليج‪ ،‬مجلة التنمية والسياس��ات االقتصادية‪ ،‬معهد التخطيط العربي‪ ،‬الكويت‪ ،‬المجلد ‪،17‬‬
‫العدد ‪ ،1‬ص‪.35‬‬

‫( ‪) 380‬‬
‫الموارد المالية وتوظيفها على وفق أحكام الشريعة اإلسالمية بما يحقق مقاصدها‪ ،‬مجسدة‬
‫مفه��وم الوس��اطة المالية القائم على مبدأ المش��اركة في الربح أو الخس��ارة من خالل اطار‬
‫الوكال��ة بنوعيها العام��ة والخاصة»‪ ،‬ولوحظ ً‬
‫أيضا صعوبة تحديد مفهوم واضح للمش��اريع‬
‫الصغيرة‪ ،‬وذلك لتباين المعايير الفنية المس��تخدمة‪ ،‬واختالف التشريعات من بلد إلى آخر‪،‬‬
‫كما تبين تمتع المشاريع الصغيرة بأهمية اقتصادية واجتماعية لالقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 381‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫دور املصارف اإلسالمية يف دعم املشاريع الصغرية‬
‫تعد تجربة تأسيس المصارف اإلسالمية في العراق حديثة نسبيا‪ ،‬حيث أسس المصرف‬
‫العراقي اإلس�لامي لالس��تثمار والتنمية ألول مرة عام ‪1993‬م‪ ،‬ثم ازداد عددها إلى ما يزيد‬
‫عن ‪ 9‬مصارف عام ‪2010‬م‪ ،‬وفي النصف الثاني من عام ‪2015‬م تم تأسيس مصرف النهرين‬
‫الحكومي اإلسالمي‪ ،‬ليصبح عدد المصارف (‪ )11‬مصرفًا‪ ،‬باإلضافة إلى تحول (‪ )19‬شركة‬
‫تحويل إلى مصارف إسالمية في ضوء تعليمات البنك المركزي العراقي‪ ،‬أي أصبحت اليوم‬
‫(‪2021‬م) تمث��ل ‪ 30‬مصرفًا‪ ،‬كما يالحظ ارتفاع معدالت نمو رؤوس أموالها إلى مس��توى‬
‫يضاهي ما تحققه نظيراتها من المصارف التجارية‪ ،‬وأصبح لدى الصيرفة اإلس�لامية قاعدة‬
‫واسعة في العراق رغم حداثة نشاطها‪ ،‬وحققت نجاحا على صعيد انتشارها في المحافظات‪،‬‬
‫خصوصا بعد صدور القانون المنظم لعمل المصارف اإلسالمية في العراق عام ‪2015‬م‪.‬‬

‫بنهاية العام ‪2018‬م‪ ،‬بلغ حجم األصول المصرفية اإلس�لامية في العراق حوالي‪7.7‬‬
‫مليار دوالر‪ ،‬أي نحو ‪ %7‬من إجمالي األصول المصرفية‪ ،‬مقابل ‪ %5.6‬بنهاية العام ‪2017‬م‪،‬‬
‫وفي ظل وجود رغبة كبيرة في الس��وق العراقية في التعامل مع المصارف اإلس�لامية‪ ،‬فمن‬
‫الممكن أن ترتفع حصتها من السوق المصرفية خالل الفترة القادمة(((‪.‬‬

‫وفيما يخص التمويل األصغر في العراق‪ ،‬فقد توصلت دراس��ة س��ابقة إلى عدم وجود‬
‫برنام��ج محدد لدى المصارف اإلس�لامية العراقية حول التموي��ل األصغر(((‪ ،‬وقد تنوعت‬

‫((( اتح��اد المص��ارف العربية‪ ،‬تط��ورات القطاع المصرفي العراقي‪ :‬سياس��ات ناجح��ة للبنك المركزي‬
‫وجهود في مواجهة فايروس كورونا‪ ،‬األمانة العامة‪ ،‬أغسطس‪2020/‬م‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫((( العاني‪ ،‬أس��امة عبد المجيد‪ ،‬التمويل األصغر اإلسالمي في العراق‪ ،‬مجلة جامعة الملك عبد العزيز‪:‬‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬المجلد ‪ 26‬العدد ‪1434 ،2‬ﻫ‪2013/‬م‪ ،‬ص‪.68‬‬

‫( ‪) 382‬‬
‫أش��كال المنتج��ات المالية للمصارف اإلس�لامية العراقية التي منحت للمش��اريع الصغيرة‬
‫(مرابح��ة‪ ،‬مضارب��ة‪ ،‬إجارة‪ ،‬وغيرها)‪ ،‬وقد تراوحت قيمة الق��رض المقدم ما بين (‪ 5‬ـ ‪)10‬‬
‫ملي��ون دين��ا ًرا عراقيًّا‪ ،‬وذل��ك للمدة من ‪ 2003‬إل��ى ‪2012‬م‪ ،‬ومن خالل المناقش��ات مع‬
‫إدارات المص��ارف اتضح أن الصيغة الغالبة في منح القروض هي المرابحة‪ ،‬ولم تس��تخدم‬
‫هذه القروض حقيقة إلنشاء مشاريع صغيرة‪ ،‬بل استخدمت هذه القروض في شراء سيارات‪،‬‬
‫أو اإلعانة في إصالح أو توسيع السكن‪ ،‬مع وجود بعض القروض منحت ألغراض إنتاجية‬
‫(ديمومة مشاريع قائمة‪ ،‬س��يارات أجرة عن طريق المرابحة‪ ،‬ويعود السبب في شيوع صيغة‬
‫المرابحة في المصارف اإلسالمية إلى حالة الالاستقرار االقتصادي في العراق‪ ،‬التي حتمت‬
‫عل��ى المصارف تامين المخاطرة فيه��ا‪ ،‬وحيث أن المرابحة هي الصيغ��ة األكثر ضمانًا من‬
‫حي��ث التس��ديد وضم��ان العائد‪ ،‬فقد غلب��ت هذه الصيغ��ة‪ ،‬وترافقت مع طل��ب المصرف‬
‫ضمان��ات غير منقولة لطالبي التمويل‪ ،‬وظل اهتمام المصارف التجارية في العراق محدودا‬
‫بدعم المشاريع الصغيرة‪ ،‬حتى انطالق مبادرة البنك المركزي العراقي في ‪2015‬م‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 383‬‬
‫املطلب األول‬
‫معايري قبول متويل املشاريع الصغرية واملتوسطة‬
‫من قبل املصارف اإلسالمية‬
‫هنال��ك العديد من المعايير التي وضعتها البنوك اإلس�لامية والتي يتم في ضوئها قبول‬
‫تمويل المشاريع الصغيرة والتي دخلت ضمن االطار القانوني الذي حدده قانون المصارف‬
‫اإلسالمية العراقي لعام ‪2015‬م‪ ،‬ويأتي في مقدمة هذه المعايير اآلتي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ معيار المش��روعية‪ :‬بمعنى أن يكون نش��اط المشروع الصغير حالال طيبًا يتوافق مع‬
‫أحكام ومبادى الشريعة اإلسالمية(((‪.‬‬

‫أي أن يحقق المش��روع الصغير أو المتوس��ط أربا ًحا حتى يتمكن‬


‫‪ 2‬ـ معي��ار الربحية‪ّ :‬‬
‫العميل من سداد ما بذمته من التزامات وحسب الوارد في دراسة الجدوى وكشف التدفقات‬
‫النقدية من خالل اتباع طرق بس��يطة في تقييم الجداول المالية للمش��روع كأس��لوب التدفق‬
‫النقدي الصافي السنوي وكذلك معدل العائد على االستثمار‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ معي��ار المخاط��ر‪ :‬أن تكون المخاط��ر المرتبطة بتنفيذ المش��روع مقبولة في ضوء‬
‫األعراف ويمكن الحد منها من خالل إدارتها بالطرق المعروفة‪.‬‬

‫أي أن يقدم صاحب المش��روع الصغير بعض‬


‫‪ 4‬ـ معيار الضمان ضد التقصير واإلهمال‪ّ :‬‬
‫الضمانات الممكنة ضد إهماله أو تقصيره وتعديه على التمويل وصناع األموال وهو ما يضمن‬
‫صاحب المشروع العمل تجاه البنك اإلسالمي وصاحب الوديعة المودعة لدى ذلك البنك(((‪.‬‬

‫((( الغري��ب ناصر‪ :‬أس��اليب التمويل اإلس�لامية جامعة األزه��ر‪ ،‬مركز صالح عب��د اهلل كامل لالقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬أغسطس ‪2009‬م‪.‬‬
‫((( محم��د كمال أبو زي��د‪ :‬جدوى الرقاب��ة القانونية على البنوك (دراس��ة مقارنة)‪ ،‬رس��الة دكتوراه كلية‬
‫الحقوق عين شمس‪2014 ،‬م‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫( ‪) 384‬‬
‫‪ 5‬ـ معيار حق البنك في المتابعة والرقابة‪ :‬على سير عمل المشروع الصغير أو المتوسط‪.‬‬

‫‪ -6‬المعيار القانوني‪ :‬وهي أن يكون لصاحب المش��روع كيانً��ا قانونيًا كأهليته للتعاقد‬
‫مع البنك اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ معيار الخطة االستثمارية‪ :‬أي توافق المشروع مع خطة البنك اإلسالمي االستثمارية‬
‫بما يحقق التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -7‬معيار السيولة‪ :‬وذلك من خالل التعرف على التدفقات النقدية الداخلة والخارجة‬
‫وإعداد الموازنات النقدية للتعرف على كمية السيولة التي يوفرها المشروع للبنك اإلسالمي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 385‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫جتربة العراق يف متويل املشاريع الصغرية‬
‫توصلت دراس��ة إلى أن المدى الذي اس��تفادت منه المش��اريع الصغي��رة من التمويل‬
‫اإلس�لامي يع��د مرتفع��ا‪ ،‬حيث أس��همت صيغ التموي��ل على أس��اس الش��راكة والتمويل‬
‫والمرابحة‪ ،‬والتمويل على أس��اس اإليجار وعلى أساس السلم‪ ،‬إلى تحقيق زيادة في أرباح‬
‫ومكاس��ب الشركات الصغيرة‪ ،‬وبذلك أسهمت في تنمية االقتصاد الوطني في األردن ورفع‬
‫فرص العمل المتاحة لهم(((‪.‬‬
‫تحليل واقع حال الشركات الصغيرة الحجم في البيئة العراقية‪:‬‬
‫بلغ عدد المشاريع الصغيرة (‪ )25747‬شركة في العراق بزيادة عن سنة ‪2013‬م حيث‬
‫كانت ‪ 20808‬مشروع كما موضح في الجدول (‪.)1‬‬
‫جدول (‪)1‬‬
‫خالصة نتائج اإلحصاء للمشاريع الصغرية للسنوات (‪ 2013‬ـ ‪2018‬م)‬
‫‪2018‬م‬ ‫‪2014‬م‬ ‫‪2013‬م‬ ‫البيان‬

‫‪25747‬‬ ‫‪21809‬‬ ‫‪20898‬‬ ‫عدد المشاريع صغيرة‬

‫‪83375‬‬ ‫‪84272‬‬ ‫‪67167‬‬ ‫عدد العاملين‬

‫املصدر‪ :‬اتلقرير السنوي لوزارة اتلخطيط‪ ،‬اجلهاز املركزي لإلحصاء‪2013 ،‬م‪2019/2018 ،‬م‬

‫ويظهر الجدول (‪ )2‬نسبة البطالة في العراق وحسب تقرير الجهاز المركزي لإلحصاء‬
‫لعام ‪ 2007‬ـ ‪2016‬م وانخفاضها نسبيًّا إلى معدل ‪ 10.82‬عما كانت عليه عام ‪2007‬م‪.‬‬

‫‪(1) Ali Abdel Fattah Hamdan Zyadat & Salah Turki Ateiwi Alrawashdeh,‬‬
‫‪Islamic Finance and Its Role in Funding Small Enterprises in Jordan,‬‬
‫‪http://rwe.sciedupress.com Research in World Economy, Vol. 12, No. 1,‬‬
‫‪Special Issue; 2021, p. 414‬‬

‫( ‪) 386‬‬
‫جدول (‪)2‬‬
‫نسبة ابلطالة‬
‫‪2016‬م‬ ‫‪2013‬م‬ ‫‪2012‬م‬ ‫‪2007‬م‬ ‫المؤشر‬

‫‪10.82‬‬ ‫‪%11.9‬‬ ‫‪%11.6‬‬ ‫‪%11.7‬‬ ‫نسبة البطالة‬

‫املصدر‪ :‬اتلقرير السنوي لوزارة اتلخطيط‪ ،‬اجلهاز املركزي لإلحصاء‪2013 ،‬م‪2019/2018 ،‬م‬

‫من نتائج تحليل الجداول (‪ 1‬و‪ )2‬يتضح على أنه بالرغم من ارتفاع نسبة عدد الشركات‬
‫الصغيرة‪ ،‬إال أنها ال تتناس��ب مع حجم الزيادة الس��كانية في البيئة العراقية حيث وصل عدد‬
‫السكان وحسب إحصائية وزارة التخطيط العراقية إلى (‪ )38‬مليون نسمة عام ‪2018‬م‪ ،‬مع‬
‫ارتفاع معدل البطالة حيث كانت نس��بته عالية بالنسبة لمجموع السكان‪ ،‬إذ ارتفع معدل نمو‬
‫البطالة بنسبة ‪ %10.82‬سنة ‪2016‬م مقارنة مع معدل نمو السكان البالغ ‪.%3‬‬

‫يتول��د االختالل في توازن في س��وق العم��ل عند حدوث اختالف م��ا بين معدل نمو‬
‫الس��كان ومعدل البطالة‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى عدم تمكن جزء من قوة العمل في المجتمع‬
‫م��ن الحص��ول على عمل منتج‪ ،‬على الرغم من رغبتهم وقدرته��م على القيام بالعمل‪ ،‬ومع‬
‫ازدياد عدد الشركات الصغيرة‪ ،‬إالّ أنها ال تلبي احتياجات المجتمع‪ ،‬األمر الذي يتطلب نمو‬
‫في أعدادها الستيعاب الكثافة السكانية‪.‬‬

‫كم��ا ه��و الحال في بقية أرجاء المعمورة‪ ،‬فقد ألقت جائح��ة كوفيد ـ ‪ 19‬بظاللها على‬
‫المؤسس��ات الصغيرة والمتوس��طة العاملة في العراق‪ ،‬حيث تشير البيانات المتوفرة إلى أن‬
‫‪ %85‬من المؤسس��ات الصغيرة والمتوس��طة العاملة في العراق‪ ،‬أعلن��ت عن تدني أرباحها‬
‫بما يقارب ‪ ،%46‬وأن ثلثي هذه المؤسس��ات تعاني من مشاكل فيما يتعلق بالسيولة المالية‪،‬‬
‫وهناك نظرة تش��اؤمية عن المس��تقبل القريب لهذه المؤسس��ات بحس��ب مس��ح أجري في‬
‫آب‪2020/‬م‪ ،‬كما يش��ير التقرير بالدور الكبير الذي يمكن ان تلعبه المؤسس��ات المالية في‬
‫س��د العجز الحاصل لدى المش��اريع الصغيرة والمتوسطة في العراق‪ ،‬وذكر التقرير أن ثلثي‬

‫( ‪) 387‬‬
‫هذه المؤسس��ات قد تلقت دعما حكوميا‪ ،‬وأن الغالبية منها تلقت دع ًما مصرفيًّا‪ ،‬كما يؤش��ر‬
‫التقرير إلى أن ‪ %83‬من هذه المؤسسات تحتاج إلى قروض مصرفية بقصد إعادة هيكلة هذه‬
‫المؤسسات(((‪ ،‬األمر الذي يؤشر حاجة المشاريع الصغيرة في العراق إلى التمويل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ A snapshot on how the pandemic‬ـ ‪(1) W. B. , IFC, Navigating through COVID :19‬‬
‫‪affected MSMEs in Iraq (Jan. 2021) Authors: Tim Ferber & Sinja Buri , Middle‬‬
‫‪ Business Impact Series: #4.‬ـ ‪East and Africa COVID 19‬‬

‫( ‪) 388‬‬
‫املطلب الثالث‬
‫التحديات والصعوبات اليت تواجه‬
‫عمل املصارف اإلسالمية يف العراق‬
‫ال تزال المصارف اإلس�لامية في العراق تعاني من مجموعة من التحديات والمشاكل‬
‫الت��ي تق��ف حائال في تموي��ل المش��اريع الصغيرة في طري��ق نموها وتطورها وممارس��تها‬
‫ألنشطتها وعملياتها والتي يمكن بيان أهمها من خالل اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬حداثة تجربة المصارف اإلسالمية في العراق قياسا لما هو عليه في الدول العربية‬
‫واإلس�لامية وضعف الوعي المصرفي اإلس�لامي‪ ،‬اضف إلى ذلك صعوبة الحصول على‬
‫الك��وادر الفقهية المتخصص��ة بالمعامالت المصرفي��ة المتمثلة بهيئة الرقابة الش��رعية وفق‬
‫مبادئ الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬مع صعوبة الحصول على الكادر الوظيفي المتخصص والملم‬
‫بقواعد الش��ريعة اإلس�لامية إلى جانب مهارت��ه في العمليات المصرفي��ة‪ ،‬مما حدا بتضييق‬
‫وتقليص أنشطة وعمليات المصرف(((‪.‬‬
‫‪ -2‬على الرغم من صدور قانون المصارف اإلس�لامية رقم (‪ )43‬لغاية عام ‪2015‬م‪،‬‬
‫ال زالت التعليمات الموضحة والمفس��رة ألحكام��ه ونصوصه محدودة‪ ،‬مما حد من توجيه‬
‫نش��اطات المصرف وتعطيل اس��تخدام بعض الصيغ التمويل المصرفية‪ ،‬وأباح تعدد اآلراء‬
‫واالختالف في حرمه وجواز بعض النش��اطات والمعامالت المصرفية‪ ،‬مما أوقع الناس في‬
‫حيرة بسبب االختالف في اآلراء لعدم وجود تعليمات مفسرة من القانون‪.‬‬
‫‪ -3‬يطبق على المصارف اإلسالمية في العراق ما يطبق على المصارف التجارية‪ ،‬فيما‬
‫يتعلق بإظهار البيانات المالية والنسب والمؤشرات التحوطية‪ ،‬مما يؤثر على عكس الصورة‬
‫الحية ألنشطة التمويل واالستثمار للمصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫((( محمد‪ ،‬س��عد عبد‪ ،‬معوقات عمل المصارف اإلس�لامية في تمويل المش��اريع الصغيرة في العراق‪،‬‬
‫مجلة كلية بغداد للعلوم االقتصادية العدد ‪2018 ،7‬م‪ ،‬ص‪( 45‬بتصرف)‪.‬‬

‫( ‪) 389‬‬
‫‪ -4‬بسبب محدودية االطار التشريعي‪ ،‬ركزت سياسات التمويل في المصارف اإلسالمية‬
‫على عدد محدود من صيغ التمويل واالستثمار كالمرابحات والمضاربة وقليال من المشاركة‬
‫مما حدد من دورها في العملية اإلنتاجية والتنمية االقتصادية بس��بب عدم التنوع والتوسع في‬
‫عملياتها المصرفية‪.‬‬
‫‪ -5‬يؤثر عدم وجود س��وق مالي إس�لامي على عدم امت�لاك المصارف ألدوات مالية‬
‫تمكنها من استقطاب موارد مالية ذات آجال طويلة أو مساهمة في اصدار وتداول الصكوك‬
‫التمويلية والس��ندات وأسهم المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة‪ ،‬مع وجود مشكالت تتعلق‬
‫بعالقة المصارف اإلس�لامية بالبنك المركزي العراقي والتي تترك اثارها على طبيعة نش��اط‬
‫المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -6‬مواجهة االضطرابات وعدم االستقرار‪ ،‬ونقص وجود الحماس التنظيمي‪ ،‬والمقدرة‬


‫والدراية(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ Hesary, Major Challenges‬ـ ‪(1) Naoyuki Yoshino and Farhad Taghizadeh‬‬


‫‪ sized Enterprises in Asia and Solutions for‬ـ ‪Facing Small and Medium‬‬
‫‪Mitigating Them, ADBI Working Paper Series, No. 564, April 2016, p. 5.‬‬

‫( ‪) 390‬‬
‫املبحث الثالث‬
‫واقع وآفاق تطوير متويل املشاريع الصغرية يف العراق‬
‫يتس��م الجه��از المصرف��ي العراق��ي بالضعف مقارن��ة مما ه��و عليه باألقط��ار العربية‬
‫المجاورة‪ ،‬ويرجع الس��بب في ذلك إلى أن الجهاز المصرفي ظل قطاعا حكوميا بحتا حتى‬
‫بداية التس��عينيات من القرن المنصرم‪ ،‬األمر الذي يحتم على البنك المركزي تبني سياسات‬
‫من شأنها النهوض بالجهاز المصرفي العراقي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 391‬‬
‫املطلب األول‬
‫مبادرات البنك املركزي العراقي‬
‫عل��ى ق��در التعلق بموض��وع البحث‪ ،‬فق��د مارس البن��ك المركزي العراق��ي مبادرتين‬
‫ش��جعت الجهاز المصرفي وبضمنه قطاع الصيرفة اإلس�لامية على دعم الصناعات الصغيرة‬
‫والمتوس��طة هما مب��ادرة التريليون دوالر ف��ي عام ‪2015‬م‪ ،‬ومبادرة تمكي��ن في أواخر عام‬
‫‪2017‬م‪.‬‬

‫المصارف اإلسالمية ومبادرة البنك المركزي العراقي مبادرة (التريليون دينار)‪:‬‬

‫منذ انطالق مبادرة تمويل المش��اريع الصغيرة والمتوسطة (التريليون دينار) في العام‬
‫‪2015‬م بل��غ إجمالي المبالغ الممنوحة من البنك المركزي العراقي إلى المصارف خالل‬
‫الم��دة ‪ 2015‬ـ ‪2018‬م أكثر م��ن ‪ 73‬مليار دينار‪ ،‬توزعت تلك المش��اريع على مختلف‬
‫القطاعات‪ ،‬وكانت نس��بة القطاع التجاري (‪ )%60‬والخدمات (‪ )%25‬والصناعي (‪)%11‬‬
‫والزراعي (‪ )%4‬منح البنك المركزي العراقي المصارف المش��اركة في هذه المبادرة اكثر‬
‫م��ن ‪ 33‬ملي��ار دينار خالل الع��ام ‪2018‬م إلقراض المواطنين الراغبين بإنش��اء مش��اريع‬
‫جديدة‪ ،‬وش��ارك في ه��ذه المبادرة ‪ 34‬مصرفً��ا منها ‪ 33‬مصرف أهليًّ��ا ومصرفًا حكوميًّا‬
‫واحدًا‪ ،‬فيما تراوحت مبالغ اإلقراض لهذه المشاريع من خمسة ماليين دينار إلى خمسين‬
‫مليون دينار‪.‬‬

‫جدول (‪)3‬‬
‫املبالغ املمنوحة حبسب القطااعت للمشاريع الصغرية واملتوسطة‪2019/‬م‬
‫مقدار المبلغ‬ ‫القطاع‬

‫‪%4‬‬ ‫‪259350000‬‬ ‫زراعي‬

‫‪%11‬‬ ‫‪792850000‬‬ ‫صناعي‬

‫( ‪) 392‬‬
‫مقدار المبلغ‬ ‫القطاع‬

‫‪%60‬‬ ‫‪43876350000‬‬ ‫تجاري‬

‫‪%25‬‬ ‫‪18108543400‬‬ ‫خدمي‬

‫املصدر‪ :‬ابلنك املركزي العرايق‪/‬دائرة العمليات املايلة وإدارة ادلين‪ ،‬نرشة موجودة ىلع موقع‬
‫ابلنك املركزي العرايق‬

‫يتض��ح من الجدول (‪ )4‬أن التدفق التمويلي للمب��ادرة ابتدأ عام (‪2015‬م) بمبلغ (‪)5‬‬
‫مليار دينار‪ ،‬وحقق نسبة نمو بلغت (‪ )%70‬خالل عام (‪2016‬م)‪ ،‬ويعد العام (‪2016‬م) العام‬
‫الفعلي النطالق المبادرة‪ ،‬ونتيج��ة ضعف تفاعل المصارف مع المبادرة في بداية انطالقتها‬
‫ـ إذ كان��ت المصارف تجادل بأن عائد الـ(‪ ،)%4‬وهو س��عر الفائدة التي تتلقاه عن القروض‬
‫ال يتناسب وحجم المخاطرة التي ترافق عملية منح القروض‪ ،‬فضلاً عن ضعف تفاعلها مع‬
‫متطلبات التس��ويق للمبادرة‪ ،‬فقد انخفضت نس��بة النمو إلى (‪ ،)%13‬وغداة تكيّف المبادرة‬
‫مع متطلبات الوس��اطة المصرفية‪ ،‬فقد تم رفع سعر الفائدة إلى (‪ )%5.1‬على القروض التي‬
‫تزيد عن (‪ )15‬الخمسة عشر مليون دينار؛ إذ يالحظ ارتفاع نسبة النمو خالل عام (‪2018‬م)‬
‫إلى (‪ )%40‬لتواصل بعدها الصعود بوتيرة أسرع خالل عام (‪2019‬م) عندما كيّفت المبادرة‬
‫ً‬
‫قروضا إلى (‪ )1‬مليار وأكثر‪ ،‬وبنس��بة نمو بلغت‬ ‫م��ع زيادة حجم المبلغ الممن��وح بوصفها‬
‫(‪ ،)%60‬وقد تأثرت نس��ب النمو إيجابًا باالس��تقرار في س��عر الصرف الموازي خالل عام‬
‫(‪2019/2018‬م)‪ ،‬لتع��اود االنخفاض كما في الفصل الثالث من س��نة (‪2020‬م) وبوتيرة‬
‫منخفضة نسبيًا بسبب جائحة كورونا‪ ،‬وبنسبة نمو بلغت (‪.)%40‬‬

‫بلغ عدد المصارف اإلس�لامية المش��اركة في مبادرة تمويل المش��اريع الصغيرة (‪)16‬‬
‫مصرفًا كما في ‪2019/6/30‬م(((‪ ،‬بينما بلغ عددها في مبادرة تمكين (‪ )25‬مصرفًا‪ ،‬ويرى‬
‫الباحثان أن سبب عدم مشاركة المصارف اإلسالمية‪ ،‬ربما يعود إلى حداثة تجربة المصارف‬

‫((( البن��ك المرك��زي العراقي‪/‬دائرة العملي��ات المالية وإدارة الدين‪ ،‬نش��رة موجودة عل��ى موقع البنك‬
‫المركزي العراقي‪.‬‬

‫( ‪) 393‬‬
‫اإلس�لامية وخصوصا المتحولة منه��ا‪ ،‬ونقص خبرتها في مجال من��ح التمويالت الصغيرة‬
‫والمتوسطة‪.‬‬

‫جدول (‪)4‬‬
‫تطور مبادرة ابلنك املركزي‬
‫نسب التغير‬ ‫إجمالي القروض الممنوحة‬ ‫السنة‬

‫ـــــــ‬ ‫‪6000000000‬‬ ‫‪2015‬م‬

‫‪%70‬‬ ‫‪16150000000‬‬ ‫‪2016‬م‬

‫‪%13‬‬ ‫‪18583000000‬‬ ‫‪2017‬م‬

‫‪%40‬‬ ‫‪33600000000‬‬ ‫‪2018‬م‬

‫‪%60‬‬ ‫‪29751500000‬‬ ‫‪2019‬م‬

‫‪98084500000‬‬ ‫المجموع‬

‫املصدر‪ :‬ابلنك املركزي العرايق‪ ،‬دائرة العمليات املايلة وإدارة ادلين‪ ،‬نرشة موجودة ىلع موقع‬
‫ابلنك املركزي العرايق‬

‫ش��اركت المصارف اإلس�لامية في مبادرة البنك المركزي ال��ـ(‪ )1‬تريليون‪ ،‬ولم تكن‬
‫هناك عقود متوافقة مع الشريعة الستالم مبالغ الدفعات من قبل البنك المركزي‪ ،‬وقد استند‬
‫األخير إلى الفهم السائد بأن المبالغ ال تنطوي على فوائد‪ ،‬وأن العمولة البالغة (‪ )0.007‬هي‬
‫عمولة إدارية تدخل ضمن قائمة العموالت وليس الفوائد‪ ،‬ولم تبادر المصارف اإلس�لامية‬
‫ـ من خالل هيئات رقابتها الشرعية ـ بتقديم صيغة تمويلية مقترحة‪ ،‬تكيّف العالقة بين البنك‬
‫المرك��زي وبينه��ا‪ ،‬كأن تكون عقد مضارب��ة‪ ،‬أو جعالة‪ ،‬وعليه‪ ،‬فقد ح�� ًل بديلاً عن العالقة‬
‫طرفي التمويل ومفهوم المس��ؤولية االجتماعية في ضرورة مش��اركة المصارف‬
‫َ‬ ‫العقدية بين‬
‫اإلس�لامية في المبادرة على الرغم من أن المصارف اإلس�لامية تحقق عائدًا بمقدار نس��ب‬
‫الفائدة ـ نفس��ها ـ المحددة للمصارف التقليدية‪ ،‬وبلغت نسبة مساهمة المصارف اإلسالمية‬
‫ضمن مبادرة البنك المركزي الـ(‪ )1‬تريليون دينار مبل ًغا قدره (‪ )54.5‬مليار دينار‪ ،‬وهي تمثل‬

‫( ‪) 394‬‬
‫خمس المبالغ الممنوحة من إجمالي المبادرة تقريبًا‪ ،‬وتعتمد المصارف اإلس�لامية بش��كل‬
‫مطل��ق على عقد المرابح��ة في توزيع قروض المبادرة‪ ،‬وهو العق��د األقرب إلى مواصفات‬
‫قطاع التمويل األصغر اإلسالمي‪.‬‬
‫مبادرة تمكين(((‪:‬‬
‫تُع ُّد مبادرة النش��اطات المجتمعية واإلنس��انية (تمكين)‪ ،‬الت��ي أطلقها البنك المركزي‬
‫العراق��ي نهاية العام ‪2017‬م‪ ،‬هي األولى من نوعها عبر تاري��خ الجهاز المصرفي العراقي‪،‬‬
‫إذ أصبح للبنك المركزي والمصارف وش��ركات الصرافة‪ ،‬دور مجتمعي ومبادرات تتعدى‬
‫ح��دود النش��اطات المتعارف عليها في العم��ل المصرفي‪ ،‬وتهدف هذه المب��ادرة إلى دعم‬
‫وتمويل النش��اطات والمشاريع ذات الطابع المجتمعي واإلنساني والبيئي والثقافي والفني‪،‬‬
‫فضل عن النش��اطات التي تساهم في تش��غيل األيدي العاملة‪ ،‬ويشرف على إدارتها مجلس‬
‫يرأسه محافظ البنك المركزي وعضوية عدد من المسؤولين فيه‪ ،‬فضل عن القطاع المصرفي‬
‫الخاصة العراقية‪ ،‬واألمانة العامة لمجلس الوزراء‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ممثلاً برابطة المصارف‬
‫كثيرا من النشاطات والحاالت اإلنسانية منذ إطالقها‪ ،‬وقد سجلت‬ ‫لقد راعت المبادرة ً‬
‫إل��ى غاية األول من كانون الثاني من ع��ام ‪2019‬م مبل ًغا مقداره ملياران وثماني مئة وواحد‬
‫وثمانون مليون دينار توزعت بنس��بة‪ %40‬النش��اطات الثقافية و ‪35 %‬النشاطات المجتمعية‬
‫و‪ %25‬النشاطات اإلنسانية‪ ،‬وأدرجت عددًا من المشاريع والنشاطات المهمة لسنة‪ 2019‬م‪،‬‬
‫وقد تضمنت بين جنباتها مجموعة من الحاالت الفردية والجماعية موزعة على النش��اطات‬
‫التراثية والرياضية والصحية والبيئية والفنية والحرف الشعبية‪ ،‬والتي يأمل أن تتوسع لتشمل‬
‫حاالت أخرى تعزز من أهداف هذه المبادرة في المجتمع العراقي‪.‬‬
‫تأس��س صندوق المبادرات المجتمعية‪« ،‬تمكين»‪ ،‬في تش��رين الثاني من عام ‪2017‬م‬
‫لتحقيق أه��داف البنك المركزي العراقي التي أقرتها المادة الثالثة من قانونه لس��نة ‪2004‬م‬

‫((( البنك المركزي العراقي بالتعاون مع رابطة المصارف الخاصة العراقية‪ ،‬مبادرة تمكين‪2019 ،‬م‪:‬‬
‫‪www.cbi.iq‬‬

‫( ‪) 395‬‬
‫التي تتضمن تحقيق االستقرار وتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق الرخاء‪ ،‬ويكون ذلك بدعم‬
‫المجتمع إنس��انيا وثقافيا‪ ،‬عبر المبادرات التي يقيمها الشباب العراقي لتحقيق الرخاء ودعم‬
‫الحاالت اإلنس��انية بما يؤمّن العي��ش الرغيد للمواطن‪ ،‬في ظل األوض��اع االقتصادية التي‬
‫شهدتها البالد في العام ‪2014‬م‪.‬‬

‫يُ َم َّول صندوق المبادرات المجتمعية «تمكين» عبر اش��تراكات ش��هرية من المصارف‬
‫الخاص��ة العراقية‪ ،‬وش��ركات الصرافة‪ ،‬وش��ركات الدفع اإللكتروني والهب��ات والتبرعات‬
‫والموارد‪ ،‬وتُودَع هذه األموال في حس��اب مستقل داخل البنك المركزي العراقي‪ ،‬وتصرف‬
‫عب��ر لجنة مختصة تضم ف��ي عضويتها البنك المركزي ورابطة المص��ارف الخاصة العراقية‬
‫ودائرة المنظمات في األمانة العامة لمجلس الوزراء‪.‬‬

‫عمل البنك المركزي العراقي‪ ،‬عبر صندوق المبادرات المجتمعية «تمكين»‪ ،‬على دعم‬
‫بعض الحاالت اإلنسانية في العراق‪ ،‬وكان من أبرز تلك الحاالت‪ :‬تقديم الدعم إلى بعض‬
‫الحاالت المرضية ودور األيتام والمكفوفين‪ ،‬وفي مجال دعم النشاطات االجتماعية كدعم‬
‫قط��اع التربية ودعم العوائل النازحة‪ ،‬ورعاية البيئة‪ ،‬ودعم آف��اق الثقافة العراقية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫الدعم المقدم في مجال اإلعمار وتأهيل المنتزهات والساحات العامة‪.‬‬

‫جدول (‪)5‬‬
‫مساهمات بعض املصارف اإلسالمية يف تمويل املشاريع الصغرية واملتوسطة‬
‫حبسب مبادرة الواحد تريليون للبنك املركزي العرايق‬
‫‪2019‬م‬ ‫‪2018‬م‬
‫اسم المصرف‬
‫مبلغ دينار‬ ‫عدد‬ ‫مبلغ دينار‬ ‫عدد‬

‫‪1531000000‬‬ ‫‪95‬‬ ‫بنك آسيا‬

‫‪28175000‬‬ ‫بنك الطيف اإلسالمي‬

‫‪8000000000‬‬ ‫مصرف العالم اإلسالمي‬

‫‪8700000‬‬ ‫‪600‬‬ ‫المصرف الدولي اإلسالمي‬

‫( ‪) 396‬‬
‫‪2019‬م‬ ‫‪2018‬م‬
‫اسم المصرف‬
‫مبلغ دينار‬ ‫عدد‬ ‫مبلغ دينار‬ ‫عدد‬

‫‪7000000000‬‬ ‫المصرف العراقي اإلسالمي‬

‫‪20‬‬ ‫المصرف الوطني اإلسالمي‬

‫‪1304869500‬‬ ‫مصرف البالد‬

‫مصرف القابض اإلسالمي‬


‫‪775000000‬‬ ‫‪425000000‬‬
‫للتمويل واالستثمار‬

‫مصرف القرطاس اإلسالمي‬


‫‪1979116912‬‬ ‫‪69‬‬
‫لالستثمار والتمويل‬

‫مصرف جيهان للتمويل‬


‫‪7000000000‬‬ ‫‪1110111‬‬
‫واالستثمار اإلسالمي‬

‫املصدر‪ :‬أس�امة عبد املجيد العاين‪ ،‬املسؤويلة االجتماعية يف املصارف اإلسالمية يف العراق‬
‫بني ما هو اكئن وما ينبيغ عليه‪ ،‬جملة دراسات اقتصادية ـ بيت احلكمة ـ بغداد‪ ،‬العدد ‪،43‬‬
‫السنة ‪2020‬م‪ ،‬ص‪.31‬‬

‫م��ن أجل النهوض بالش��باب دعم صندوق المب��ادرات المجتمعي��ة «تمكين»‪ ،‬مبادرة‬
‫«رواد العراق»‪ ،‬الخاصة بالش��باب العراقي‪ ،‬عبر إجراء مس��ابقة عن مش��اريع ريادة األعمال‬
‫اس��تمرت لمدة عام كامل في جميع محافظات البالد‪ ،‬حيث أس��فرت عن فوز (‪ )9‬مشاريع‬
‫م��ن ثالث فئات‪ ،‬وتعد منصة رواد الع��راق‪ ،‬األولى من نوعها في البلد‪ ،‬حيث تعنى بتحقيق‬
‫أحالم وطموحات الشباب‪.‬‬

‫خصص البنك المركزي العراقي بالتعاون مع رابطة المصارف الخاصة العراقية ما يقرب‬
‫من ‪ 150‬ألف دوالر ألصحاب المشاريع الفائزة من أجل البدء بتنفيذها‪ ،‬مما انعكس بشكل‬
‫إيجاب��ي على حياة المبادرين عبر االس��تعمال األمثل للتكنولوجيا في المش��اريع التجارية‪،‬‬
‫وذل��ك ف��ي ع��ام ‪2018‬م(((‪ ،‬كما وافق صن��دوق تمكين عل��ى تمويل عدد من المش��اريع‬

‫((( البنك المركزي العراقي‪ ،‬مبادرة تمكين‪.‬‬

‫( ‪) 397‬‬
‫والمب��ادرات الصناعية ف��ي محافظة المثن��ى في مجال الصناع��ات البالس��تيكية والغذائية‬
‫وغيرها‪ ،‬ويأتي ذلك دعما للواقع االقتصادي وتخفيفا من نسبة البطالة في المحافظة(((‪.‬‬

‫يالحظ مما تقدم أ َّن قطاع المصارف اإلسالمية الذي بلغ (‪ )31‬مصرفًا أحدهما مصرفًا‬
‫حكوميًّ��ا ال يتبنى ضمن سياس��اته التمويلي��ة الخاصة منهجية للتمويل اإلس�لامي األصغر‪،‬‬
‫وعلى الرغم من الدور الذي أس��همت فيه مبادرات البنك المركزي العراقي في تفعيل دور‬
‫المصارف اإلسالمية لتمويل المشاريع الصغيرة‪ ،‬إال أنه من الممكن تأشير أن منافع المبادرة‬
‫غالبا ما تذهب إلى تلك الشرائح المجتمعية التي تملك القدرة على التعامل مع المصارف‪،‬‬

‫وهذا ما ال يتفق مع هدف التمويل األصغر أصلاً ‪ ،‬فضلاً عن عدم استساغة اإلرشادات‬
‫والمعايير العامة المتفق عليها في صناعة التمويل األصغر لهذا االتجاه الذي تأثر بالسياسات‬
‫رخيصا م��ن البنك المركزي‪ ،‬على‬
‫ً‬ ‫االئتماني��ة للمصارف الخاصة‪ ،‬والتي باتت تس��تلم نقدًا‬
‫الرغ��م من ارتفاع مس��تويات أرصدتها من النق��د لدى الجهاز المصرف��ي‪ ،‬مما يجعل خيار‬
‫أمرا مفض�ًل�اً من وجهة نظر‬
‫تعام��ل البن��ك المركزي م��ع المصرف بوصفه وكي�ًل�اً للمبادرة ً‬
‫الباحثين على التعامل معه بوصفه وسي ًطا ماليًّا(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( المصدر نفسه‪.‬‬


‫((( حم��زة عب��د يوس��ف‪2020( ،‬م)‪ ،‬واقع التمويل األصغر في العراق ـ دراس��ة تحليلي��ة في إطار رؤية‬
‫تش��خيصية‪ ،‬ورقة مقدمة إلى ندوة واقع التمويل األصغر في العالم العربي وتأثير تداعيات أزمة كوفيد‬
‫ـ ‪ ،19‬الندوة العلمية االفتراضية وفق ‪2020/11/14‬م‪ ،‬منصة االقتصاد اإلس�لامي‪( ،‬تحرير‪ ،‬أسامة‬
‫عبد المجيد العاني)‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫( ‪) 398‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫رؤى مستقبلية لعمل املصارف اإلسالمية‬
‫يف جمال متويل املشاريع الصغرية‬
‫أنش��ئت المصارف اإلس�لامية في البيئة العراقية لتعمل إلى جنب المصارف التجارية‬
‫وبخصوصي��ة ع��دم تعاملها بالفائ��دة‪ ،‬ومن خالل الدراس��ات والبحوث ف��ي البيئة العراقية‬
‫اتض��ح أن الواق��ع الفعلي لعمل المصارف اإلس�لامية تظه��ر قلة اهتمامها بصي��غ التمويل‬
‫مثال (المش��اركة‪ ،‬والمضارب��ة) بحجة ارتفاع درجة المخاطرة فيهم��ا‪ ،‬وتأكيدها على صيغة‬
‫المرابحة لآلمر بالش��راء بحيث أن معظم أموال المصرف اإلس�لامي توظف عن طريق هذه‬
‫الصيغ��ة‪ ،‬حي��ث أن المصارف تفضلها لقلة المخاطرة ولثبات مع��دل الربح فيها‪ ،‬فضال عن‬
‫إن ‪ %81‬من إجمالي توظيفات المصارف اإلس�لامية موجهة لتحوالت قصيرة األجل عالية‬
‫المردود في قطاع التجارة(((‪.‬‬
‫كما تبين من البحث أن المصارف اإلس�لامية العراقي��ة‪ ،‬لم يزد اهتمامها بالتمويل‪ ،‬إال‬
‫بعد مبادرة البنك المركزي العراقي‪ ،‬ويرجع الس��بب في ذلك‪ ،‬إلى ضعف التوجه الحقيقي‬
‫للمصارف اإلس�لامية لالنخراط في النش��اط االقتصادي‪ ،‬لزيادة درجة المخاطرة‪ ،‬وحجتها‬
‫في الحرص على حفظ أموال المودعين‪.‬‬
‫من جهة أخرى توصل بحث آخر‪ ،‬إلى اضطراب مفهوم المسؤولية االجتماعية للمصارف‬
‫اإلس�لامية العاملة في العراق‪ ،‬مما أس��هم في تدني مساهمتها في النش��اط االجتماعي(((‪،‬‬
‫ويرجع ذلك عدم تبلور هذا المفهوم في ذهنية القائمين على تأسيس المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫((( رضا صاحب أبو حمد‪2007 ،‬م‪ ،‬دراسة بعض المنطلقات الفكرية في المصارف اإلسالمية وواقعها‬
‫الفعلي‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫((( أسامة عبد المجيد العاني‪ ،‬المسؤولية االجتماعية في المصارف اإلسالمية في العراق بين ما هو كائن‬
‫وما ينبغي عليه‪ ،‬مجلة دراسات اقتصادية ـ بيت الحكمة ـ بغداد‪ ،‬العدد ‪ ،43‬السنة ‪2020‬م‪.‬‬

‫( ‪) 399‬‬
‫يمكن أن يسهم (برنامج تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة) من قبل البنك المركزي‬
‫وبمبل��غ تريليون دينار عراقي‪ ،‬والذي توزع كقروض إلى المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة‪،‬‬
‫فرصة للقطاع المصرفي العامل وفق الش��ريعة اإلس�لامية بأخذ دوره في التعامل المصرفي‬
‫لتمويل المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة وبآلي��ة التمويل المصرفي اإلس�لامي القائم على‬
‫التعامل بال فوائد‪.‬‬

‫وعل��ى وفق ذلك يرى الباحثان ضرورة االهتمام بتفعيل دور برنامج تمويل المش��اريع‬
‫الصغي��رة والمتوس��طة الذي دعم��ه البنك المركزي العراقي‪ ،‬والس��عي إلى إرس��اء منظومة‬
‫مصرفية إس�لامية قائمة على االش��تراك التمويلي‪ ،‬وأن تكون تحت متابعة هيئة رقابة شرعية‬
‫تتول��ى مالحظ��ة إدارتها من أجل التص��دي للمعوقات التي تواجهها المصارف اإلس�لامية‬
‫في التمويل الصغير‪ ،‬ويبقى إتباع التخطيط االس��تراتيجي للمش��اريع الصغيرة والمتوس��طة‬
‫المقت��رح تمويلها‪ ،‬األداة األس��اس لمتابع��ة ديمومتها‪ ،‬وذلك بجعل المصارف اإلس�لامية‬
‫كحاضن��ات لألعمال الريادي��ة‪ ،‬كما ينبغي متابعة المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة من قبل‬
‫الجهات المعنية للوقوف على الدور التمويلي الذي أس��همت فيه المصارف اإلس�لامية في‬
‫أنش��طتها‪ ،‬وال يتس��نى النهوض بالدور التمويلي للمصارف اإلس�لامية إال من خالل تقديم‬
‫إعفاءات وس��ماحات من قبل البنك المركزي العراقي يراعي محددتها الشرعية التي تحول‬
‫بينها وبين االمتيازات التي تحصل عليها البنوك التقليدية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 400‬‬
‫اخلامتة‬
‫االستنتاجات‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ يعتبر قطاع المش��روعات الصغيرة ذو أهمية بالغة في تحقيق التنمية والقضاء على‬
‫الفقر والحد من البطالة وذلك لألهمية البارزة التي يمثلها ذلك القطاع‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ وج��ود ف��رق كبير وواض��ح بين التمويل اإلس�لامي بصفته نابعا م��ن قواعد الدين‬
‫اإلسالمي الحنيف وليس من التمويل الربوي‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تس��تطيع المصارف اإلس�لامية باتباعها األس��اليب التمويلية التي أجازتها الشريعة‬
‫اإلسالمية أن تمول المش��روعات الصغيرة والمتوسطة بتكلفة اقل من المصارف التقليدية‪،‬‬
‫التي تعتمد س��عر الفائدة في منح القروض‪ ،‬وبذلك تستطيع هذه المشروعات تحقيق أرباح‬
‫أعلى من تمويلها من المصارف التقليدية‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ وجود العديد من الصعوبات التي تواجه المصارف اإلسالمية في تمويلها للمشاريع‬
‫الصغيرة‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ رغم صدور قانون (‪ )43‬لس��نة ‪2015‬م من قب��ل البنك المركزي العراقي الخاص‬
‫بتنظيم عمل المصارف اإلس�لامية في العراق‪ ،‬إلاّ أنه��ا ال زالت تحتاج إلى ضرورة إصدار‬
‫التعليمات الموضحة والمفس��رة لنصوصه وإعفائها من أي��ة نصوص واردة في هذا القانون‬
‫تتعارض مع طبيعة عمل المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫‪ -1‬النهوض بدعم المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة من خ�لال االعتماد على برنامج‬
‫مالي مستدام‪.‬‬

‫‪ -2‬محاولة إرساء منظومة مصرفية إسالمية قائمة على االشتراك التمويلي‪ ،‬وأن تكون‬

‫( ‪) 401‬‬
‫تحت متابعة هيئة رقابة ش��رعية تتول��ى مالحظة إدارتها من أجل التص��دي للمعوقات التي‬
‫تواجهها المصارف اإلسالمية في التمويل الصغير‪.‬‬

‫‪ -3‬اس��تثمار جه��ود الفقهاء وذوي الخبرة عل��ى ابتكار صيغ تمويلي��ة جديدة وإيجاد‬
‫نماذج جديدة تتناسب مع التغيرات المعاصرة لنشاطات المشاريع الصغيرة‪.‬‬
‫‪ -4‬توسيع أو نشر أو بناء مؤسسات ومصارف إسالمية في المحافظات التي تعاني من‬
‫شح وجود المشاريع الصغيرة والمتوسطة وعدم اقتصارها على مراكز المحافظات‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 402‬‬
‫قائمة املصادر‬
‫من بعد القران الكريم‪:‬‬

‫‪ .1‬األصفهاني‪ ،‬الراغب‪2009( ،‬م)‪ ،‬مفردات ألفاظ القرآن‪ ،‬المحقق‪ :‬صفوان عدنان داوودي‪،‬‬
‫دار القلم‪.‬‬

‫‪ .2‬اتحاد المصارف العربية (‪2020‬م)‪ ،‬تطورات القطاع المصرفي العراقي‪ :‬سياسات ناجحة‬
‫للبنك المركزي وجهود في مواجهة فايروس كورونا‪ ،‬األمانة العامة‪ ،‬أغسطس‪2020/‬م‪.‬‬

‫‪ .3‬ارشيد‪ ،‬محمود (‪2001‬م)‪ ،‬الشامل في معامالت وعمليات المصارف اإلسالمية‪ ،‬األردن‪،‬‬


‫دار النفائس للنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪ .4‬البنك المركزي العراقي‪ ،‬مبادرة تمكين‪.‬‬

‫‪ .5‬ابن تيمية‪ ،‬تقي الدين بن احمد بن عبد الحليم ت‪738/‬ﻫ‪1979( ،‬م)‪ ،‬مجموعة الفتاوى‪،‬‬
‫دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪2001 ،2‬م‪ ،‬مج ‪.28‬‬

‫‪ .6‬ابن تيمية‪ ،‬القواعد النورانية الفقهية‪ ،‬تحقيق محمد حامد الفقي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ .7‬الجامعة العربية ـ منظمة العمل العربية (‪2019‬م)‪ ،‬المنتدى العربي للتشغيل‪ ،‬ورقة عمل‬
‫دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تخفيف أزمة البطالة‪.‬‬

‫‪ .8‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر‪( ،‬ت‪751/‬ﻫ)‪ ،‬اعالم‬
‫المعوقي��ن عن رب العالمين‪ ،‬راجعه طه عبد الرؤوف س��عد‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫بال تاريخ‪.‬‬

‫‪ .9‬أب��و حم��د‪ ،‬رضا صاحب (‪2007‬م)‪ ،‬دراس��ة بعض المنطلقات الفكري��ة في المصارف‬
‫اإلسالمية وواقعها الفعلي‪.‬‬

‫( ‪) 403‬‬
‫‪ .10‬خليل‪ ،‬عبد الرزاق‪ ،‬وعادل نقموش (‪2011‬م)‪ ،‬دور الصناعات الصغيرة والمتوس��طة‬
‫في تحقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬جامعة األغواط‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪ .11‬الخماش‪ ،‬لنا محمد إبراهيم‪ ،‬البنوك اإلس�لامية بين التش��ريع الضريبي والزكاة‪ ،‬جامعة‬
‫النجاح‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ .12‬دوابة‪ ،‬اش��رف محمد (‪2007‬م)‪ ،‬دراس��ات في التمويل اإلس�لامي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار السالم‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫‪ .13‬أبو زيد‪ ،‬محمد كمال (‪2014‬م)‪ ،‬جدوى الرقابة القانونية على البنوك (دراسة مقارنة)‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه كلية الحقوق عين شمس‪.‬‬

‫‪ .14‬سمحان‪ ،‬حسين محمد (‪2009‬م)‪ ،‬موسى عمر مبارك‪ ،‬محاسبة المصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫‪ .15‬صقر‪ ،‬محمد فتحي (‪2004‬م)‪ ،‬واقع المشروعات الصغيرة وأهميتها االقتصادية‪ ،‬كلية‬
‫اإلدارة والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬

‫‪ .16‬الطب��ري‪ ،‬اإلمام أبي جعفر بن جرير (ت‪310/‬ﻫ)‪2002( ،‬م)‪ ،‬جامع البيان عن تأويل‬
‫اي القران‪ ،‬دار ابن حزم ودار االعالم‪ ،‬ط ‪.1‬‬

‫‪ .17‬العاني‪ ،‬أسامة عبد المجيد (‪2020‬م)‪ ،‬المسؤولية االجتماعية في المصارف اإلسالمية‬


‫ف��ي العراق بي��ن ما هو كائن وم��ا ينبغي عليه‪ ،‬كلي��ة الفارابي الجامعة مجلة دراس��ات‬
‫اقتصادية‪ ،‬بيت الحكمة‪ ،‬بغداد العدد ‪.43‬‬

‫‪ .18‬العاني‪ ،‬أس��امة عبد المجيد (‪2013‬م)‪ ،‬التمويل االصغر اإلس�لامي في العراق‪ ،‬مجلة‬
‫جامعة الملك عبد العزيز‪ :‬االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬المجلد ‪ 26‬العدد ‪.2‬‬

‫‪ .19‬العاني‪ ،‬مزهر ش��عبان وآخرون (‪2010‬م)‪ ،‬إدارة المش��روعات الصغيرة منظور ريادي‬
‫تكنولوجي‪ ،‬دار صفاء للنشر‪ ،‬عمان‪.‬‬

‫( ‪) 404‬‬
‫‪ .20‬العجلون��ي‪ ،‬محمد محمود (‪2010‬م)‪ ،‬البنوك اإلس�لامية أحكامه��ا مبادئها تطبيقاتها‬
‫المصرفية‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬ط‪.2‬‬

‫‪ .21‬الغريب‪ ،‬ناصر (‪2009‬م)‪ ،‬أس��اليب التمويل اإلس�لامية‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬مركز صالح‬
‫عبد اهلل كامل لالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬أغسطس‪.‬‬

‫‪ .22‬آل غضيب��ة‪ ،‬عب��د الرحم��ن إبراهيم الش��يخ عل��ي (‪2020‬م)‪ ،‬دور البن��وك في تمويل‬
‫المشاريع الصغيرة والمتوسطة في العراق ومصر‪ ،‬دراسة قانونية واقتصادية مقارنة‪.‬‬

‫‪ .23‬القيس��ي‪ ،‬عم��اد (‪2015‬م)‪ ،‬المص��ارف اإلس�لامية وتموي��ل المش��روعات الصغيرة‬


‫والمتوسطة‪ ،‬مجلة دنانير‪ ،‬العدد ‪.7‬‬

‫‪ .24‬كام��ل‪ ،‬عمر عبد اهلل (د‪ .‬ت)‪ ،‬القواعد الفقهية الكب��رى واثرها في المعامالت المالية‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة األزهر الشريف‪.‬‬

‫‪ .25‬محمد‪ ،‬سعد عبد (‪2018‬م)‪ ،‬معوقات عمل المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع‬
‫الصغيرة في العراق‪ ،‬مجلة كلية بغداد للعلوم االقتصادية العدد ‪.7‬‬

‫‪ .26‬المقابل��ة‪ ،‬إيهاب (‪2015‬م)‪ ،‬بيئة األعمال والمنش��آت الصغيرة والمتوس��طة في دول‬


‫مجلس التعاون لدول الخليج‪ ،‬مجلة التنمية والسياس��ات االقتصادية‪ ،‬معهد التخطيط‬
‫العربي‪ ،‬الكويت‪ ،‬المجلد ‪ ،17‬العدد (‪.)1‬‬

‫‪ .27‬وزارة التخطيط ـ الجهاز المركزي لإلحصاء وتكنولوجيا المعلومات (‪،2013 ،2011‬‬


‫‪2019/2018‬م)‪ ،‬المجموعة اإلحصائية السنوية‪.‬‬

‫‪ .28‬منظم��ة العم��ل العربية (‪2011‬م)‪ ،‬وقائ��ع مؤتمر العمل العرب��ي (‪2011/5/22‬م)‪،‬‬


‫المنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة قاطرة النمو الداعمة للتشغيل‪ ،‬الدورة الثامنة‬
‫والثالثون ـ القاهرة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪.‬‬

‫‪ .29‬يعقوب‪ ،‬ابتهاج إس��ماعيل‪ ،‬خولة حسين حمدان (‪2017‬م)‪ ،‬تفعيل دور المصارف في‬

‫( ‪) 405‬‬
‫ مجلة‬،‫تمويل المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة برأس المال الجرئ في البيئ��ة العراقية‬
.2 ‫ العدد‬،1 ‫ المجلد‬،‫بحوث وبحوث ودراسات في المالية اإلسالمية‬

‫ واقع التمويل األصغر في العراق ـ دراس��ة تحليلية في‬،)‫م‬2020( ‫ حمزة عبد‬،‫ يوس��ف‬.30
‫ ورقة مقدمة إلى ندوة واقع التموي��ل األصغر في العالم العربي‬،‫إطار رؤية تش��خيصية‬
،‫م‬2020/11/14 ‫ الندوة العلمية االفتراضية وفق‬،19 ‫وتأثير تداعيات أزمة كوفي��د ـ‬
.)‫ أسامة عبد المجيد العاني‬،‫ (تحرير‬،‫منصة االقتصاد اإلسالمي‬

:‫املصادر األجنبية‬
31 ‫ ـ‬Gentrit Berisha & Justina Shiroka Pula (2015) , Defining Small
and Medium Enterprises: a critical review, Academic Journal
of Business, Administration, Law and Social Sciences, IIPCCL
Publishing, Tirana ‫ ـ‬Albania, Vol. 1, No. 1, March 2015.

32 ‫ ـ‬Munro, D. (2013), A Guide to Financing SMEs, New York:


Palgrave Macmillan.

33 ‫ ـ‬Naoyuki Yoshino and Farhad Taghizadeh ‫ ـ‬Hesary (2016),


Major Challenges Facing Small and Medium ‫ ـ‬sized Enterprises
in Asia and Solutions for Mitigating Them, ADBI Working
Paper Series, No. 564, April.

34 ‫ ـ‬W. B., IFC, Navigating through COVID 19 ‫ـ‬: A snapshot on


how the pandemic affected MSMEs in Iraq (Jan. 2021) Authors:
Tim Ferber & Sinja Buri , Middle East and Africa COVID 19 ‫ـ‬
Business Impact Series: #4

) 406 (
35 ‫ ـ‬Zyadat, Ali Abdel Fattah Hamdan & Salah Turki Ateiwi
Alrawashdeh (2021) , Islamic Finance and Its Role in Funding
Small Enterprises in Jordan, http://rwe.sciedupress.com, Research
in World Economy, Vol. 12, No. 1, Special Issue.

  

) 407 (
‫‪‬‬
‫تفعيل دور التمويل اإلسالمي‬
‫يف القطاع البنكي اجلزائري‬
‫ـ دراسة حالة البنك الوطين اجلزائري ـ‬
‫‪Activating the role of Islamic finance‬‬
‫‪in the Algerian banking sector‬‬

‫ـ‪Case study of the National Bank of Algeria‬ـ‬

‫سيد علي بارد‬


‫خمرب تسيري املؤسسات جلامعة سيدي بلعباس (اجلزائر)‬
‫(‪)sid_ali_customs@hotmail.com‬‬
‫امللخص‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن واقع المعامالت المصرفية اإلسالمية المقدمة في‬
‫البنك الوطني الجزائري من خالل اس��تبانة أعدت لهذا الغ��رض ووزعت على موظفيه من‬
‫مختلف الرتب باعتبارهم أكثر دراية واطالع بواقع الصيرفة اإلسالمية على مستوى البنك‪.‬‬

‫توصلت الدراسة إلى أن هناك تشكيك في صحة المعامالت المالية اإلسالمية المقدمة‬
‫في البنك الوطني الجزائري من الناحية الشرعية‪ ،‬وهذا راجع للمنظومة القانونية التي تعامل‬
‫البنوك اإلس�لامية كنظيرتها الكالس��يكية الربوية‪ ،‬ففي عملية المرابحة ال يقوم البنك بتملك‬
‫المبي��ع قب��ل إعادة بيع��ه وإنما يلعب دور الوس��يط ف��ي العملية‪ ،‬كما ليس هن��اك فصل بين‬
‫أموال النافذة البنكية اإلس�لامية وبين أموال البنك المنشئ لها الربوية‪ ،‬وغيرها من النقائص‬
‫والس��لبيات الت��ي تعكس نية صن��اع القرار بالجزائر ف��ي التحكم في الس��وق المالي بنوعيه‬
‫اإلس�لامي والربوي لغايات اقتصادية‪ ،‬وليس هناك أي نية في التحول إلى النظام المصرفي‬
‫اإلسالمي بالكامل مستقبلً‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬مرابحة‪ ،‬نوافذ بنكية‪ ،‬صيغ تمويلية‪ ،‬صيرفة إسالمية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 411‬‬
Abstract
This study aims to reveal the reality of the Islamic banking
transactions presented at the National Bank of Algeria through
a questionnaire prepared for this purpose and distributed to its
employees of various ranks as they are more knowledgeable and
familiar with the reality of Islamic banking at the bank’s level.

The study concluded that there is skepticism about the validity


of the Islamic financial transactions presented at the National Bank
of Algeria from the legal point of view, and this is due to the legal
system that treats Islamic banks as their classic usurious counterpart.
In addition, there is no separation between the funds of the Islamic
banking window and the funds of the bank that originated them
with interest, and other shortcomings and negatives that reflect the
intention of decision ‫ ـ‬makers in Algeria to control the financial
market, both Islamic and usurious, for economic purposes, and
there is no intention to convert to the fully Islamic banking system
in the future.

Keywords: Murabaha, banking windows, financing formulas,


Islamic banking.

  

) 412 (
‫تفعيل دور التمويل اإلسالمي يف القطاع البنكي اجلزائري‬
‫ـ دراسة حالة البنك الوطين اجلزائري ـ‬
‫‪ .1‬مقدمة‬
‫تعتب��ر مش��كلة التعامل الربوي أزم��ة فعلية في واقع الصيرفة والبن��وك في عموم بلدان‬
‫العالم اإلس�لامي‪ ،‬التي يعارض أغلبهم التعامل مع البنوك الربوية لدواعي دينية‪ ،‬ما تس��بب‬
‫بخ��روج مبالغ وأم��وال طائلة من اقتصاد البن��وك‪ ،‬والجزائر لم يختل��ف واقعها ولم تتوجه‬
‫األم��وال بالش��كل األمثل لقطاع بنوك الدول��ة أو البنوك الخاصة ذات العمل الكالس��يكي‪،‬‬
‫وبفعل أزمة انهيار أس��عار النفط وتفش��ي وباء كورونا وانهيار قيمة الدينار الجزائري ونقص‬
‫في الس��يولة لدى المؤسس��ات المصرفية‪ ،‬دف��ع بالحكومة الجزائرية إلى االهتمام بنش��اط‬
‫الصيرفة اإلس�لامية من خالل توس��يع هذا النش��اط إل��ى بنوكها العمومي��ة على أمل جذب‬
‫الجزائريي��ن الذين ال يملكون حس��ابات مصرفية وال يتعاملون مع مص��ارف البالد‪ ،‬بهدف‬
‫إعادة جزء من االقتصاد غير الرسمي إلى النظام المالي‪ ،‬أما التنفيذ الفعلي آلليات ومنتجات‬
‫الصيرفة اإلس�لامية بدأ مطلع ش��هر أكتوب��ر الماضي‪ ،‬وقام البنك الوطن��ي الجزائري بطرح‬
‫تسعة منتجات مالية في األسواق بموافقة وزارة الشؤون الدينية الجزائرية الممثلة في السلطة‬
‫المرجعية «الهيئة الشرعية الوطنية لإلفتاء والصناعة المالية اإلسالمية»‪ ،‬لتشرف على القطاع‬
‫وتمنح ش��هادة المطابقة الش��رعية ليباش��ر البنك الوطن��ي الجزائري في تس��ويق المنتجات‬
‫المصرفية اإلس�لامية‪ ،‬بعد وضع النصوص التش��ريعية والمالية الخاصة من طرف الحكومة‬
‫الس��اعية لسحب الكتلة النقدية النش��طة خارج القنوات البنكية بهدف تغطية العجز المتفاقم‬
‫في اقتصاد البالد‪.‬‬

‫‪ .1.1‬إشكالية البحث‪:‬‬
‫تحاول الجزائر االهتمام أكثر بنشاط الصيرفة اإلسالمية سنة ‪2020‬م‪ ،‬وهذا واضح من‬

‫( ‪) 413‬‬
‫خالل قرار السلطات بتوسيع نشاطها إلى مصارفها العمومية واعتماد الهيئة الشرعية لمطابقة‬
‫المنتجات المصرفية المقدمة‪ ،‬والبنك الوطني الجزائري اعتمد هذا النشاط فعليا وشرع في‬
‫عرض خدماته‪ ،‬واإلشكالية التي نطرحها هي‪:‬‬

‫ما هو واقع النشاط المصرفي اإلسالمي بالبنك الوطني الجزائري؟‬

‫تندرج تحت هذه اإلشكالية مجموعة من التساؤالت الفرعية كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬ه��ل يوجد إقبال من المتعاملي��ن على المنتجات المصرفية اإلس�لامية المقدمة في‬
‫البنك الوطني الجزائري؟‬

‫‪ -‬هل يتوفر البنك الوطني الجزائري على متطلبات تقديم معامالت مصرفية إسالمية؟‬

‫‪ -‬هل النش��اط المصرفي اإلس�لامي ضرورة اقتصادية ومالية للتحس��ين من النش��اط‬


‫المصرفي وجذب رؤوس األموال من السوق الموازي؟‬

‫‪ .2.1‬فرضيات البحث‪:‬‬
‫بنيت دراستنا على الفرضيتين التاليتين‪:‬‬

‫‪ -‬الفرضي��ة األول��ى‪ :‬يوج��د إقبال كبي��ر ومتزايد للعم�لاء على المنتج��ات المصرفية‬
‫اإلسالمية المقدمة بالبنك الوطني الجزائري‪.‬‬

‫‪ -‬الفرضي��ة الثانية‪ :‬يتوف��ر البنك الوطن��ي الجزائري على متطلبات ممارس��ة الصيرفة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .3.1‬أهمية البحث‪:‬‬
‫تتجل��ى أهمي��ة البحث في تس��ليط الض��وء على واقع النش��اط المصرفي اإلس�لامي‬
‫بالبن��ك الوطني الجزائري‪ ،‬من خ�لال الوقوف على مدى توفر المتطلب��ات ودوافع اعتماد‬
‫ه��ذا النش��اط‪ ،‬كما يرجى من هذا البح��ث اطالع إطارات البنك المرك��زي على هذه اآلراء‬
‫والتوجهات ألخذها في الحسبان‪.‬‬

‫( ‪) 414‬‬
‫‪ .4.1‬أهداف البحث‪:‬‬
‫نود من خالل هذا البحث إدراك األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التعرف على واقع المعامالت اإلسالمية في المصارف الجزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬معرفة دوافع ومتطلبات الصيرفة اإلسالمية في الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬الوقوف على مدى احترام الضوابط الشرعية في العمل المصرفي اإلسالمي بالجزائر‪.‬‬
‫‪ .5.1‬منهجية البحث‪:‬‬
‫ف��ي الجانب النظري اتبعنا المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬أما في الجانب التطبيقي س��يتم‬
‫دراس��ة حال��ة باالعتماد على أس��اليب اإلحصاء الوصفي واالس��تداللي باس��تخدام تطبيق‬
‫‪ SPSS‬من أجل الحصول على نتائج إجابات عينة الدراسة حول االستبانة‪.‬‬
‫‪ .2‬النظام املصريف اإلسالمي‬
‫‪ .1.2‬مفهوم الصريفة اإلسالمية‪:‬‬
‫يقصد بالصيرفة اإلس�لامية قيام المؤسس��ات المالية بتقديم خدمات مصرفية ومباشرة‬
‫أعمال التمويل واالس��تثمار طبقا لقواعد وأحكام الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬بهدف نش��ر القيم‬
‫والمثل واألخالق في المعامالت المالية كما أمرنا اهلل تعالى في الدين اإلسالمي‪ ،‬بما يحقق‬
‫التنمي��ة االقتصادية واالجتماعية بعيدا عن الضرر والغرر والجش��ع‪ ،‬وه��ي قائمة على مبدأ‬
‫المشاركة في الربح والخسارة‪( .‬إسماعيل‪ ،2016 ،‬صفحة ‪)173‬‬

‫لذا يمكن القول بأن المصارف اإلس�لامية عبارة عن منش��آت مالية ذات رسالة تنموية‬
‫إنس��انية واجتماعية‪ ،‬تقدم األعمال المصرفية في إطار الشريعة اإلسالمية وتعتمد على منافذ‬
‫مش��روعة للحصول على األموال واس��تثمارها بالطرق الشرعية من خالل صيغ‪ :‬المضاربة‪،‬‬
‫المرابحة‪ ،‬اإلجارة‪ ،‬االستصناع وغيرها من الصيغ‪( .‬شاهين‪ ،2015 ،‬صفحة ‪)233‬‬

‫ويمكن للمصارف الكالسيكية ممارسة الصيرفة اإلسالمية عن طريق ما يعرف بالنوافذ‪،‬‬

‫( ‪) 415‬‬
‫حي��ث يخصص ج��زء داخل المصرف من خالل��ه تقدم منتجات مالية إس�لامية إلى جانب‬
‫الخدمات المالية الكالسيكية األخرى‪ ،‬نظرا لتنامي الطلب على الخدمات المالية اإلسالمية‬
‫دفع بالمصارف التقليدية إلى فتح هذه النوافذ لكسب حصة من السوق المصرفية‪( .‬محيريق‪،‬‬
‫‪ ،2017‬صفحة ‪)60‬‬

‫‪ .2.2‬موارد واستخدامات األموال يف النشاط املصريف اإلسالمي‪:‬‬


‫تعم��ل المصارف اإلس�لامية على تقديم خدماته��ا من خالل جمع الم��وارد ومن ثم‬
‫استخدامها في مسالكها الشرعية كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1.2.2‬موارد األموال يف البنك اإلسالمي‪:‬‬
‫إدارة البن��ك تحص��ل على األموال من عدة موارد قد تك��ون من داخل البنك وفي هذه‬
‫الحالة تس��مى بموارد داخلية أو موارد ذاتية‪ ،‬وقد تتدفق األموال من خارج البنك وفي هذه‬
‫الحالة تسمى بموارد خارجية‪ ،‬نوضحها أكثر فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬الموارد الداخلية (الذاتية)‪ :‬تشمل مصادر األموال الذاتية في البنك اإلسالمي المبالغ‬
‫المتأتية من أصحاب البنك على ش��كل استثمارات في أس��هم رأس المال من المساهمين‪،‬‬
‫وكذل��ك الجزء المس��تقطع م��ن األرباح الس��نوية غير الموزعة الناش��ئة عن نتائ��ج أعماله‬
‫كاالحتياط��ات النقدية‪ ،‬ويتم االعتماد باألس��اس على أصحاب األس��هم العادية للحصول‬
‫على الموارد المالية الكافية بالش��كل الذي يتيح للبنك اإلس�لامي إمكانية العمل والتنافس‬
‫في ممارسة نشاطه في السوق وتتكون الموارد المالية الداخلية من اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬رأس الم��ال‪ :‬ويمث��ل األموال التي يحصل عليها البنك من أصحاب المش��روع عند‬
‫بدء تكوينه وأية إضافات أو تخفيضات قد تطرأ عليها في فترات الحقة‪ ،‬ويمثل هذا المورد‬
‫نس��بة ضئيلة من مجموع األموال التي يحصل عليها البنك من جميع الموارد‪ ،‬ولكن أهمية‬
‫هذا المورد ال يمكن المبالغة فيها حيث يساعد رأس المال على خلق الثقة لدى المتعاملين‬
‫م��ع البنك ضد ما يطرأ من تغييرات على قيمة الموجودات التي يس��تثمر فيها البنك أمواله‪.‬‬
‫(الصيرفي‪ ،2019 ،‬صفحة ‪)32‬‬

‫( ‪) 416‬‬
‫يتكون رأس المال المدفوع من حسابين‪( :‬غربي‪ ،2013 ،‬صفحة ‪)361‬‬

‫‪ -‬رأس المال األساس��ي‪ :‬ويتمثل في القيمة االس��مية لألس��هم التي يتم االكتتاب فيها‬
‫ودفعه��ا‪ ،‬حيث يتم ذكر رأس المال المدفوع من جانب المس��اهمين‪ ،‬وحتى إذا تم تحصيل‬
‫كامل قيمة السهم فانه يذكر فقط بقيمته االسمية‪.‬‬

‫‪ -‬رأس المال اإلضافي‪ :‬ويتضمن قيمة الزيادة المحصلة من حملة األس��هم عن القيمة‬
‫االسمية للس��هم (في حالة إصدار أسهم جديدة إضافية)‪ ،‬حيث يذكر رأس المال األساسي‬
‫فقط بالقيمة االس��مية للس��هم‪ ،‬والفرق يقيد في بند رأس المال اإلضافي‪ ،‬ويطلق عليه اسم‬
‫(رأس المال المدفوع بالزيادة) وكذلك يس��مى (عالوة إصدار أس��هم)‪ ،‬ويعتبر هذا األخير‬
‫أحد حسابات حقوق الملكية‪.‬‬

‫‪ -‬االحتياطات‪ :‬هي تلك المبالغ المالية المقتطعة بنس��ب معينة من صافي أرباح البنك‬
‫اإلس�لامي بغرض تدعيم المركز المال��ي للبنك والتحوط ضد المخاط��ر‪ ،‬هناك أنواعا من‬
‫االحتياطات هي‪( :‬عبد اهلل والطراد‪ ،2006 ،‬صفحة ‪)74‬‬

‫‪ -‬االحتي��اط القانوني (اإلجباري)‪ :‬هذه االحتياط��ات هي متجمع ما يقتطعه البنك من‬


‫أرباحه الصافية في نهاية كل س��نة بموجب قانون البنوك ويس��تمر االقتطاع الس��نوي إلى أن‬
‫يصبح مقدار االحتياطي القانوني مساويا لرأس المال المدفوع‪.‬‬

‫‪ -‬االحتياط االختياري‪ :‬وهو يمثل متجمع مبالغ يقتطعها البنك من صافي أرباحه بشكل‬
‫اختياري وبالنس��بة الت��ي تالئمه دون أن ينص عل��ى ذلك أي قانون‪ ،‬فيكون بمجرد ش��عور‬
‫البن��ك بوجوب االحتفاظ بأموال كافية لمواجهة المخاطر‪ ،‬حيث يقترح مجلس إدارة البنك‬
‫على الجمعية العامة للمساهمين عندما تكون هناك أرباح كافية تسمح بذلك‪ ،‬ويستعمل في‬
‫األغراض المقترحة من طرف المجلس ويحق توزيعه كليًّا أو جزئيًّا على المساهمين إذا لم‬
‫يستعمل في تلك األغراض‪.‬‬

‫‪ -‬احتياطات أخرى‪ :‬تفرض القوانين واألعراف المحاسبية والبنكية بصفة عامة تكوين‬

‫( ‪) 417‬‬
‫احتياطي لمواجهة الديون المش��كوك في تحصيلها‪ ،‬كما تلزمها بحد معين تقتطعه لمواجهة‬
‫أية خس��ائر قد تحدث بالنس��بة لهذه الديون‪ ،‬ويختلف هذا الحد بحس��ب الدول والضوابط‬
‫التي تس��تعملها البن��وك وهي تمثل غطاء ماليًّ��ا تعويضيًّا إذا كانت الخس��ارة أكبر من مقدار‬
‫االحتياطي الموجود القانوني أو االختياري‪( .‬الشرقاوي المالقي‪ ،2000 ،‬صفحة ‪)200‬‬
‫‪ -‬األرباح المحتجزة أو المدورة‪ :‬يحدد النظام األساس��ي للبنك اإلس�لامي اس��تنادًا‬
‫إل��ى ما يقرره مجلس إدارة البنك في نهاية كل س��نة مالية وبعد تصديق جمعيته العمومية‪،‬‬
‫وذل��ك بالموافقة على مقدار األرباح التي تحتجزها وتدور إلى األعوام الالحقة‪ ،‬وبإمكان‬
‫البنك إضافتها إلى االحتياطي العام أو تتخذ لزيادة رأس مال البنك‪( .‬الموسوي‪،2011 ،‬‬
‫صفحة ‪)37‬‬
‫‪ -‬المخصصات‪ :‬ه��ي مبالغ تقتطع من مجل األرباح لمواجهة خطر محتمل الحدوث‬
‫خالل الفترة المالية المقبلة مثل‪ :‬خطر عدم الس��داد أو خيان��ة األمانة وغيرها من األخطار‪.‬‬
‫(عمارة صالح‪ ،2013 ،‬صفحة ‪)36‬‬
‫أساس��ا في الودائع بأنواعها وتعتبر المورد‬
‫ً‬ ‫ب‪ .‬الموارد الخارجية (غير الذاتية)‪ :‬تتمثل‬
‫الرئيسي للبنك اإلسالمي والتكييف الش��رعي للوديعة‪ ،‬بالنظر إلى أقوال الفقهاء في العقود‬
‫نجد أنه��م يبينون أحكامهم على القاعدة الش��رعية المعروفة (العبرة ف��ي العقود بالمقاصد‬
‫والمعاني وليس��ت لأللفاظ والمباني)‪ ،‬فلفظ وديعة يدل على الشيء الذي يودع أمانة تحفظ‬
‫عند المس��تودع وإذا هلكت فإنها تهلك على صاحبها‪ ،‬ألن الملكية ال تنتقل إلى المس��تودع‬
‫وليس له حق االنتفاع بها‪ ،‬فهو غير ضامن لها إال إذا كان هالكها أو ضياعها بسببه‪ ،‬في حين‬
‫أن القرض هو انتقال ملكية الش��يء المقرض إلى المقترض‪ ،‬وله أن يستهلك وينتفع بالعين‬
‫ويتعهد برد المثل ال العين‪ ،‬والمقترض ضامن للقرض إذا تلف أو هلك أو ضاع‪ ،‬يستوي في‬
‫ذلك تفريطه وعدم تفريطه‪ ،‬ومن ثم فانه ال يغير من تكييف الوديعة أن يطلق عليها حس��اب‬
‫أو وديعة أو غيرها من األس��ماء‪ ،‬إذ العبرة بحقيقة المعاملة ذاتها‪ ،‬وقد اتفقت آراء المفكرين‬
‫والباحثين على أن التكييف الشرعي للحسابات ال يخرج عن كونه ً‬
‫قرضا‪( .‬غريب‪،2001 ،‬‬
‫صفحة ‪)166‬‬

‫( ‪) 418‬‬
‫الودائع أنواع وهي‪:‬‬
‫‪ -‬ودائع تحت الطلب‪ :‬تسمى ً‬
‫أيضا بحسابات االئتمان‪ ،‬إذ تقوم البنوك اإلسالمية بتقديم‬
‫هذه الخدمة إلى عمالئها من األفراد والش��ركات دون تقييد هذا الودائع بأي قيد في عمليتي‬
‫الس��حب أو اإليداع وهي بدورها ال تش��ارك بأي نس��بة من أرباح االستثمار وال تتحمل أي‬
‫مخاطر‪ ،‬وتتضمن أحكام الودائع الطلب في البنوك اإلس�لامية كاآلتي‪( :‬الهاشمي‪،2010 ،‬‬
‫صفحة ‪)165‬‬

‫‪ -‬ال تستحق هذه الودائع أية أرباح وال تتحمل أية خسائر‪.‬‬

‫‪ -‬يضمن البنك اإلسالمي كامل قيمة الوديعة‪.‬‬

‫‪ -‬يفوض البنك اإلسالمي بحرية التصرف بالوديعة ما دام ضامنا لها‪.‬‬

‫‪ -‬للمودع الحق في سحب الوديعة كلها أو جزء منها وفي أي وقت يريد ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬للمودع الحق في استخدام هذا الحساب الجاري لتسوية التزاماته المادية‪.‬‬

‫‪ -‬ودائع اس��تثمارية‪ :‬في إط��ار تكييف طبيعة عمل البنك اإلس�لامي كمضارب‪ ،‬تعتبر‬
‫حس��ابات االس��تثمار الوعاء ال��ذي تتدفق من خالل��ه األموال من الوح��دات ذات الفائض‬
‫المالي إلى البنك اإلس�لامي المضارب لغرض اس��تثمارها‪ ،‬وبالتالي تكون شروط وقواعد‬
‫إدارة هذا الحساب من شروط وقواعد عقد المضاربة الشرعي وتشكل هذه الودائع المصدر‬
‫األساس��ي لألموال بالنسبة للبنوك اإلسالمية وهي ش��بيهة أكثر باألسهم أكثر مما هي شبيهة‬
‫بالودائع ألجل أو ودائع االدخار‪ ،‬يتلقى البنك اإلس�لامي ودائع االستثمار من مودعيه دون‬
‫أن يق��دم لهم ضمان‪ ،‬كما أنه ال يدفع معدل عائد ثابت‪ ،‬فهذا مخالف للش��ريعة اإلس�لامية‬
‫فأصحاب هذه الودائع يعاملون كمس��اهمين وعلى هذا األس��اس لهم الحق في األرباح أو‬
‫الخس��ائر حس��ب النتيجة التي يحققها البنك ونسبة االس��تفادة من الربح أو تحمل الخسارة‬
‫تكون متفق عليها مسبقا دون إطراء عليها أي تغيير خالل فترة العقد إال بقبول طرفي العقد‪.‬‬
‫(عشوب‪ ،2011 ،‬صفحة ‪)64‬‬

‫( ‪) 419‬‬
‫يوجد نوعان لحساب االستثمار في البنك اإلسالمي هما‪:‬‬

‫‪ -‬حس��اب االس��تثمار العام‪ :‬هي حسابات يقوم البنك اإلس�لامي باستثمار أموالها في‬
‫مش��اريع نيابة ع��ن المودعين في األوجه المناس��بة وبالطرق التي يرتضيه��ا‪ ،‬دون تدخل أو‬
‫تحديد من أصحابها (المودعين)‪ ،‬بعد أن يكون قد أخذ الموافقة المس��بقة منهم بذلك‪ ،‬عند‬
‫القيام بإجراءات فتح حس��اب اس��تثماري عام‪ ،‬وهي بذلك تخضع لقواعد صيغة المضاربة‬
‫المطلقة‪ ،‬ومن أمثلة ودائع هذا الحساب‪ :‬ودائع التوفير واالدخار وودائع االستثمار المطلق‪.‬‬

‫‪ -‬حس��اب االس��تثمار الخ��اص‪ :‬ه��ي حس��ابات األموال الت��ي يه��دف أصحابها إلى‬
‫اس��تثمارها في مجال مح��دد القطاع والنوع والبلد‪ ،‬وعلى البن��ك التأكد قبل تقديم العرض‬
‫االس��تثماري م��ن موافقة ه��ذه االس��تثمارات مع مقتضي��ات المصلحة ومقاصد الش��ريعة‬
‫اإلس�لامية السمحة‪ ،‬ويأخذ هذا النوع من الحس��ابات صيغة المضاربة المقيدة حيث ترتبط‬
‫عوائ��د األم��وال الموجهة لهذه الحس��ابات بالنتائ��ج الفعلية للمش��روعات التي خصصت‬
‫لتمويلها أو التي وظفت فيها س��واء كانت ربحا أو خس��ارة‪ ،‬ويرتبط التوزيع بالعوائد الفعلية‬
‫لتلك المش��روعات‪ ،‬أي بالتحقق النقدي للعوائد وليس مجرد االستحقاق‪ ،‬ومن خصائص‬
‫حساب االستثمار‪( :‬الهاشمي‪ ،2010 ،‬صفحة ‪)164‬‬

‫‪ -‬أن المودع س��وف يش��ارك في الربح المتحقق عن حسابات االس��تثمار بنسبة مبلغه‬
‫المشارك به والمدة التي استثمر فيها‪.‬‬

‫‪ -‬أن البنك اإلسالمي بصفته المضارب سوف يحصل على نصيب من الربح الذي قد‬
‫آل إلى حسابات االستثمار وذلك مقابل عمله وإدارته لتلك األموال بحصة معينة من الربح‪،‬‬
‫تحدد مسبقا عند فتح الحساب‪.‬‬

‫‪ -‬في حالة حدوث خسارة في مجمل نشاط البنك اإلسالمي‪ ،‬يتحمل البنك والمودعون‬
‫هذه الخسارة حسب نسبة مساهمة كل منهم في األموال الموظفة في المشروع‪ ،‬وال يضمن‬
‫البنك أصل مبالغ الوديعة‪.‬‬

‫( ‪) 420‬‬
‫‪ -‬الموارد التكافلية‪ :‬تش��مل حس��ابات الموارد التكافلية األم��وال التي يتم إيداعها في‬
‫البنك اإلس�لامي لخدم��ة التنمي��ة االجتماعية وتحقي��ق التكافل بين الميس��ورين من أفراد‬
‫المجتم��ع والمحتاجين بما يعكس إحدى وظائف المال في اإلس�لام لقوله تعالى في كتابه‬
‫العزي��ز‪﴿ :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ﴾(((‪ ،‬يقع تحت هذه الحس��ابات األموال التي ترد إلى‬
‫البن��ك كتبرعات أو إعان��ات أو صدقات‪ ،‬إضافة إلى تنظيم فريضة ال��زكاة تحصيلاً وتوزيعًا‬
‫على مستحقيها‪ ،‬والبنوك اإلسالمية كمؤسسات تنضبط معامالتها بقواعد الشريعة اإلسالمية‬
‫تح��رص عل��ى القيام بدور الترويج إلحياء هذه الفريضة‪ ،‬ويت��م النظر إلى هذه الموارد على‬
‫أنها موارد مس��تقلة عن البنك أو مخصصة إلنفاق محدد‪ ،‬ويتم في أغلب البنوك اإلس�لامية‬
‫إنشاء صناديق مستقلة للزكاة تعد لها حسابات وميزانية خاصة حتى ال تختلط بأموال البنك‬
‫األخرى وحتى يس��هل ضبط عملية إنفاقها في وجهتها الشرعية بمتابعة هيئة الرقابة الشرعية‬
‫بالبنك‪.‬‬
‫‪ -‬وحدات الثقة‪ :‬هي خدمة بنكية حديثة النش��أة وتعتبر مجاال اس��تثماريا مهما‪ ،‬حيث‬
‫يت��م من خاللها جمع المدخرات من الجمهور بصفة خدم��ات غير إيداعية يتم توظيفها في‬
‫مجاالت أسواق األوراق المالية‪ ،‬ويقوم البنك بأخذ نسبة محددة من الربح‪ ،‬كما تحدد جهة‬
‫وتكلف بإدارة هذا النشاط‪( .‬الساعدي‪ ،‬الفرجي‪ ،‬والحلي‪ ،2019 ،‬صفحة ‪)75‬‬
‫‪ -‬ودائع المؤسس��ات المالية األخرى‪ :‬انطالقا من مبدأ التعاون بين البنوك اإلس�لامية‬
‫تق��وم عدد من البنوك الت��ي لديها فائض في األموال بإيداعها في البنوك التي تعاني من عجز‬
‫في السيولة النقدية‪ ،‬ويكون اإليداع في صورة ودائع استثمارية تأخذ عنها عائدا غير ثابت أو‬
‫في صورة ودائع جارية ال تستحق عليها عائدًا‪( .‬الموسوي‪ ،2011 ،‬صفحة ‪)42‬‬
‫‪ -‬صكوك االس��تثمار‪ :‬ظهر االهتمام بتوفير بديل مناسب للسندات الربوية في المؤتمر‬
‫العلمي األول لالقتصاد اإلسالمي سنة ‪ ،1976‬وتعرف على أنها وثائق متساوية القيمة تمثل‬

‫((( سورة الحشر‪ :‬آية ‪.7‬‬

‫( ‪) 421‬‬
‫حصص ش��ائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في وحدات مش��روع معين أو نشاط‬
‫اس��تثماري خاص‪ ،‬وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب االكتتاب وبدء استخدامها‬
‫فيما أصدرت من أجله‪( .‬الموسوي‪ ،2011 ،‬صفحة ‪)44‬‬

‫‪ -‬ش��هادات اإليداع‪ :‬هي مصدر من مصادر األموال متوسطة األجل التي يطمح البنك‬
‫لتش��جيع التعامل به��ا حيث يقوم بإصدار تلك الش��هادات بفئات مختلفة تناس��ب مختلف‬
‫ش��رائح المجتمع ويحفزهم على اقتنائها كما يقوم بتحديد مدة الش��هادة من ‪ 6‬أشهر إلى ‪5‬‬
‫سنوات‪( .‬الشمري‪ ،2011 ،‬صفحة ‪)48‬‬

‫‪ -‬صناديق االستثمار‪ :‬تمثل مصدر جيد من مصادر أموال البنك وتمثل أوعية استثمارية‬
‫تلبي حاجيات ومتطلبات المودعين الس��تثمار أموالهم وفق المجاالت التي تناس��بها سواء‬
‫الداخلي��ة منها أو الخارجية لتحقيق عوائد مجزية‪ ،‬حي��ث يقوم البنك باختيار أحد مجاالت‬
‫االس��تثمار المحلية أو الدولية‪ ،‬وينش��أ لهذا الغ��رض صندوق يطرح لالكتت��اب العام على‬
‫المس��تثمرين‪ ،‬ويقوم البنك بأخذ نس��بة معروفة من الربح مقابل إدارت��ه لهذا الصندوق كما‬
‫بإم��كان البنك أن يقوم بتوكيل أحد الجهات المختصة بهذا النش��اط ب��إدارة هذا الصندوق‬
‫مقابل نسبة معينة من األرباح‪( .‬الشمري‪ ،2011 ،‬صفحة ‪)49‬‬

‫هذه هي أهم موارد األموال في البنوك اإلسالمية وليست كلها‪ ،‬إذ أن التجربة اإلسالمية‬
‫ف��ي المعامالت المصرفية بحكم حداثته��ا مازالت في طور التكيي��ف للعديد من األدوات‬
‫واألس��اليب‪ ،‬والتي مازالت محل خالف بين علماء الفقه والش��ريعة‪ ،‬مثل حسابات التوفير‬
‫وشهادات االستثمار‪ ،‬لذلك آثرت عدم التطرق إليها‪ ،‬مكتفيًا بالصيغ المتفق عليها والمعمول‬
‫بها في جميع البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .2 .2.2‬استخدامات األموال يف البنك اإلسالمي‪:‬‬


‫تستخدم األموال المتاحة إلدارة البنك بأوجه مختلفة داخليًّا وخارجيًّا‪ ،‬وتمثل أساليب‬
‫استخدام وتوظيف األموال في البنوك اإلسالمية المحور الجوهري الذي يعكس فلسفة هذه‬

‫( ‪) 422‬‬
‫البنوك ورسالتها المتميزة عن البنوك التجارية الكالسيكية‪ ،‬حيث تبدو نقاط التميز جلية من‬
‫خالل تعدد صور وأس��اليب توظيف األموال باستخدام صيغ االستثمار والتمويل اإلسالمية‬
‫المتميزة كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪ .‬االس��تثمار وتوظيف األموال‪ :‬من خالل قيام البنك بتوظيف أمواله بنفسه مباشرة في‬
‫ش��تى المجاالت بهدف تحقيق أرباح للمس��اهمين‪ ،‬ويكون ذلك من خالل االس��تخدامات‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ -‬عملي��ة المرابحة‪ :‬هي عملية يتول��ى بمقتضاها البنك أو المؤسس��ة المالية بناء على‬
‫طلب العميل اآلمر بالش��راء‪ ،‬ش��راء منقوالت أو عقارات أو خدم��ات لدى طرف ثالث ثم‬
‫بيعها لآلمر بالش��راء بثمن يعادل تكلفة شرائها مع زيادة هامش ربح محدد مسبقا‪ ،‬يمكن أن‬
‫يكون الربح مبلغا مقطوعا أو في نس��بة معينة من كلفة الش��راء األصلية‪ ،‬ويتم تس��ديده على‬
‫أقساط معلومة‪( .‬العزعزي‪ ،2012 ،‬صفحة ‪)29‬‬

‫فالبن��ك يقتني الس��لعة التي حددها العميل‪ ،‬ويعيد بيعها الحق��ا إليه مقابل هامش ربح‬
‫متف��ق علي��ه بين الجانبين‪ ،‬وه��ذا الهامش يمكن أن يتمثل في مبلغ محدد أو نس��بة من كلفة‬
‫الش��راء األصلية لهذه البضاعة ويش��ترط االلتزام بمبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬حيث موضوع‬
‫العقد يجب أن يكون واضحا ومدققا وعمليتي الش��راء وإعادة البيع يجب أن تكون حقيقية‬
‫وليست وهمية‪ ،‬كذلك يجب أن يكون سعر الكلفة وهامش الربح لفائدة البنك وآجال الدفع‬
‫معروفا بصورة مس��بقة ومح��ددا ومقبوال من قب��ل الجانبين (اإليجاب والقب��ول)‪( .‬دوابه‪،‬‬
‫‪ ،2009‬صفحة ‪)155‬‬

‫المرابح��ة هي طريق��ة تمويل من قبل البن��ك للعمالء من األش��خاص الطبيعيين ومن‬


‫المؤسسات على حد سواء لتمويل ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬العقارات‪.‬‬

‫‪ -‬السيارات السياحية والسيارات الوظيفية‪.‬‬

‫( ‪) 423‬‬
‫‪ -‬احتياجات االستغالل‪ :‬المخزون من البضائع‪ ،‬المواد األولية‪ ،‬منتجات وسيطية‪.‬‬

‫‪ -‬تجهيزات ذات استعمال مهني أو خاص‪.‬‬

‫‪ -‬عملية اإلجارة‪ :‬هي عقد تمويل تتعامل به البنوك اإلسالمية مع المهنيين والمؤسسات‪،‬‬
‫حيث يتولى بمقتضاه البنك أو المؤسس��ة المالية (بصفته المؤجر) ش��راء األصل أو الس��لع‬
‫الت��ي حدده��ا العميل (بصفته المس��تأجر) ليمتلكه��ا‪ ،‬ويمكن بعدها العمي��ل من الحق في‬
‫اس��تخدامها واالستفادة منها لفترة زمنية محددة مس��بقا‪ ،‬وفي مقابل ذلك يدفع العميل ثمن‬
‫الكراء المتفق عليه مس��بقا (أجرة)‪ ،‬مع منحه خيار الش��راء ليتملكها بعد نهاية عقد اإلجارة‪.‬‬
‫(أبو عدة‪ ،2006 ،‬صفحة ‪)23‬‬

‫ويمكن تعريف اإلجارة بأنها التمتع باس��تغالل منفعة محددة مقابل أجرة معروفة لفترة‬
‫زمنية محددة ويظل العقار على ملك البنك باعتبار أن اس��تغالل المنفعة أي حق االستعمال‬
‫يتم تحويله إلى المس��تأجر وعموما تنتقل الملكية في نهاية فترة اإليجار مقابل تس��ديد قيمة‬
‫المؤجر وجميع التكاليف والفوائد المحددة مس��بقا‪ ،‬وتعرف ه��ذه التقنية باإلجارة المنتهية‬
‫بالتمليك‪.‬‬

‫‪ -‬عملية المساومة‪ :‬هي عقد بيع سلع أو خدمات يشتريها البنك من المزود الذي غالبا‬
‫ما يكون شريكا للبنك‪ ،‬ثم يبيعها مباشرة للعميل بعد تملكها دون اإلفصاح عن ثمن الشراء‬
‫األصل��ي‪ ،‬حيث يتعهد بع��د ذلك العميل بخالصه��ا في أجل محدد على أقس��اط معلومة‪.‬‬
‫(عفانة‪)2020 ،‬‬

‫‪ -‬عملية االس��تصناع‪ :‬يعرف عقد االس��تصناع بكونه عقد يش��ترى به ش��يء مما يصنع‬
‫صنعا يلت��زم البائع بتقديمه مصنوعا بمواد من عنده وبأوص��اف معينة وبثمن محدد وألجل‬
‫يتفق عليه‪ ،‬ففي عملية التمويل باالس��تصناع يتولى البنك أو المؤسسة المالية بصفته صانعا‪،‬‬
‫تمويل صنع منقول أو عقار بمواصفات معينة لفائدة عميله بصفته مستصنعًا وبمواد أولية من‬
‫عند البنك‪( .‬عبد الحليم محمد‪ ،2003 ،‬صفحة ‪)10‬‬

‫( ‪) 424‬‬
‫عمليًّا يقوم البنك أو المؤسس��ة المالية بتكليف جهة أخرى تسمى صانعا بصنع األصل‬
‫المطلوب من خالل عقد اس��تصناع موازي‪ ،‬وذلك وف ًق��ا للمواصفات التي ضبطها العميل‬
‫يقوم بعد ذلك البنك أو المؤسسة المالية من تسليم األصل للعميل مقابل ثمن محدد‪ ،‬يسدد‬
‫على أقساط معلومة‪( .‬بكري‪ ،2001 ،‬صفحة ‪)232‬‬

‫يلت��زم البنك (بصفته البائع) بش��راء المواد األولية والقيام بالعمل الضروري وبتس��ليم‬
‫الس��لعة المصنوعة وفقا للوصف المحدد مسبقا بش��أن خصوصيات السلعة المذكورة‪ ،‬يتم‬
‫االتفاق وتحديد سعر البيع وطرق التسديد عند توقيع العقد‪ ،‬ويمكن أن يتم التسديد عند إبرام‬
‫العقد من خالل تس��بيقات أو في موعد الحق محدد‪ ،‬كما يش��ترط االلتزام بمبادئ وأحكام‬
‫الشريعة اإلس�لامية‪ ،‬حيث يكون نشاط المشروع أو طبيعة األصل أو الملك موضوع العقد‬
‫يجب أن يكون ش��رعيا‪ ،‬كذلك يلتزم البائع بتصنيع الس��لعة طبقا لمقتضيات دفتر الشروط‪.‬‬
‫(العزعزي‪ ،2012 ،‬صفحة ‪)42‬‬

‫جدوى هذا الصنف من التمويل كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تمويل مش��اريع وأصول تس��تلزم مس��ار تصنيع طويل نس��بيا طبق��ا لمقتضيات دفتر‬
‫الشروط‪.‬‬

‫‪ -‬دفع ميسر مع صيغ تسديد متعددة‪.‬‬

‫‪ -‬عملي��ة المضارب��ة‪ :‬هي من عق��ود المش��اركات وتعني اتفاق طرفي��ن على أن يدفع‬
‫أحدهما‪ ،‬ويس��مى رب المال نقدا معلوما إلى الطرف اآلخر ويسمى المضارب‪ ،‬ليعمل فيه‬
‫على أن يكون الربح بينهما بحصة شائعة ومعلومة وعلى أال يكون رب المال ضامنا للمال‪،‬‬
‫إال بتفري��ط أو تقصي��ر من المض��ارب‪ ،‬والبد من ش��رط االلتزام بمبادئ وأحكام الش��ريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬حيث نشاط المشروع موضوع العقد يجب أن يكون شرعيا‪ ،‬كما يمكن للمستثمر‬
‫أن يختار مشروعا تحول إليه أمواله المودعة أو إسناد التصرف الحر في هذه األموال لفائدة‬
‫المضارب‪( ،‬محمودي وبركهام‪ ،2019 ،‬صفحة ‪ )36‬وتكون هذه التقنية كالتالي‪:‬‬

‫( ‪) 425‬‬
‫‪ -‬السيناريو األول‪ :‬البنك بصفته مضارب والعميل بصفته المستثمر (رب المال)‪.‬‬

‫‪ -‬الس��يناريو الثاني‪ :‬وهي عالقة عكسية للس��يناريو األول‪ ،‬حيث يصبح العميل بصفة‬
‫مضارب والبنك بصفته المستثمر (رب المال)‪.‬‬

‫والمضاربة تمكن العميل الذي يبحث عن استثمار أمواله من‪:‬‬

‫‪ -‬القيام باستثمار مباشر‪.‬‬

‫‪ -‬االرتقاء إلى نسب أرباح محتملة ذات قيمة عالية مقارنة بعروض القطاع‪ ،‬و(الوكالة‬
‫باالس��تثمار)‪ :‬هو عقد يقوم بموجبه طرف أول وهو الموكل بتوكيل طرف ثاني وهو الوكيل‬
‫بالقيام بعمليات اس��تثمارية في مجاالت ش��رعية مع االتفاق على هامش ربح متوقع‪ ،‬مقابل‬
‫عقد وكالة‪ ،‬يتفق الطرفان على أجرة الوكيل التي يمكن أن تكون مبلغا مقطوعا أو نس��بة من‬
‫األرباح المتحققة‪ ،‬في حالة تحقيق أرباح في نهاية العقد تتعدى هامش الربح المتوقع‪ ،‬يتفق‬
‫الطرفان على الجهة التي تتمتع بهذه األرباح في شكل حوافز‪.‬‬

‫‪ -‬عملية المش��اركة‪ :‬هي عقد شراكة بين طرفين اثنين أو أكثر في رأس مال مؤسسة أو‬
‫مش��روع أو في معاملة معينة‪ ،‬ويتم توزيع األرباح المحققة وفقا لقاعدة توزيع أرباح محددة‬
‫س��لفا‪ ،‬وعند تسجيل خس��ارة فان هذه الخس��ارة يتحملها جميع األطراف تبعا لنصيب كل‬
‫ط��رف في رأس مال المس��تثمر‪ ،‬كما يراهن البنك من خالل توفير ه��ذا الصنف من العقود‬
‫على أخالقيات العميل وعلى عالقة الثقة ومردودية المش��روع أو المعاملة‪ ،‬ويجب االلتزام‬
‫بمبادئ وأحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬حيث نشاط المشروع أو المعاملة موضوع العقد يجب‬
‫أن يكون شرعيا مع شرط تقاسم األرباح والخسائر‪( .‬غربي‪ ،2017 ،‬صفحة ‪)32‬‬

‫ب‪ .‬األعم��ال والخدم��ات البنكية األخرى‪ :‬من بين اس��تخدامات األم��وال في البنك‬
‫اإلسالمي تقديم مجموعة من الخدمات البنكية مثل‪( :‬الطايل‪ ،2014 ،‬صفحة ‪)66‬‬

‫‪ -‬خدمات تحصيل الشيكات والكمبياالت‪.‬‬

‫‪ -‬شراء وبيع األوراق المالية لحساب العمالء‪.‬‬

‫( ‪) 426‬‬
‫‪ -‬حفظ وتحصيل األوراق المالية غير محدد العائد‪.‬‬

‫‪ -‬خدمات الصرف األجنبي وبيع وشراء العمالت‪.‬‬

‫‪ -‬إصدار الكفاالت وخطابات الضمان وفتح االعتمادات المستندية‪( .‬الوادي وسمحان‪،‬‬


‫‪ ،2012‬صفحة ‪)280‬‬
‫‪ -‬تقديم خدمات وتحويالت بنكية إلكترونية‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم خدمات أمناء االستثمار‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم استشارات مشاريع ومرافقة المستثمرين‪.‬‬

‫‪ -‬خدمة البطاقات البنكية‪.‬‬

‫ج‪ .‬اس��تخدامات تكافلية‪ :‬يصاغ التكافل االجتماعي بالبنوك اإلس�لامية في العمليات‬


‫التالية‪:‬‬

‫‪ -‬خدم��ة الزكاة‪ :‬وتت��م العملية من خالل جم��ع زكاة مال عمالئه��ا وزكاة مال البنك‬
‫اإلسالمي نفس��ه وصرفها في وجهتها الش��رعية‪ ،‬فتعتبر الزكاة أكثر أدوات البنك اإلسالمي‬
‫فاعلية وأهمية في تحقيق أهدافه االجتماعية فالدور الذي تلعبه البنوك اإلسالمية في ممارسة‬
‫ه��ذه الخدمة الجليلة يعتبر منس��جما ومكم�لا لباقي األدوار االقتصادية الت��ي تقوم بها‪ ،‬بل‬
‫وجزء مهم من صميم عملها ونش��أتها‪ ،‬والزكاة ش��عيرة من ش��عائر اإلسالم التعبدية والبنك‬
‫اإلسالمي عندما يقوم بجمع أموال الزكاة وتوزيعها‪ ،‬فهو يؤدي عمال إيجابيا في خدمة األمة‬
‫اإلسالمية من خالل تأدية هذه الرسالة النبيلة‪( .‬خدمة الزكاة‪)2020 ،‬‬

‫‪ -‬الق��رض الحس��ن‪ :‬هو عقد بي��ن طرفين أحدهم��ا المقرض صاحب الم��ال والثاني‬
‫المقت��رض المحتاج إل��ى هذا المال يتم بمقتض��اه دفع المبلغ المطل��وب والمتفق عليه من‬
‫المق��رض إل��ى المقترض‪ ،‬عل��ى أن يقوم هذا األخير ب��رده أو رد مثله ف��ي الزمان والمكان‬
‫المتفق عليهما دون تحمل أية أعباء إضافية أو المطالبة بفوائد أو عوائد اس��تثمار هذا المبلغ‬
‫أو أي زي��ادة من أي ن��وع‪ ،‬فهو بهذا يعتبر مهمة إنس��انية نبيلة وتحقيق وإع�لاء قيم التكافل‬
‫( ‪) 427‬‬
‫االجتماع��ي بين أف��راد المجتمع الواحد وبالش��كل ال��ذي يعمق معنى ومضم��ون التعاون‬
‫اإليجابي والمشاركة الفعالة بين هؤالء األفراد‪( .‬أردنية‪ ،2010 ،‬صفحة ‪)11‬‬

‫يقوم البنك اإلس�لامي بتوظيف م��وارده بالطريقة التي تكفل ش��رعية العمل وطهارته‬
‫وعدالة الربح المتحقق منه‪ ،‬حيث يس��عى إلى تحقيق العائد الذي ينمي رأس المال ويوس��ع‬
‫ويطور عمل البنك وفقا لمبادئ وأحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .3‬دوافع ومتطلبات العمل املصريف اإلسالمي‪:‬‬


‫‪ .1.3‬دوافع تقديم اخلدمات املصرفية اإلسالمية‪:‬‬

‫م��ن أهم الدوافع الت��ي جعلت المصارف تقدم معامالت مصرفية إس�لامية هو التزايد‬
‫المس��تمر ألعداد المس��لمين الراغبين في التعام�لات المالية اإلس�لامية‪ ،‬إضافة إلى اقتناع‬
‫البع��ض من غير المس��لمين بإيجابية هذه المعام�لات على الفرد واقتص��اد المجتمع‪ ،‬كما‬
‫أدرك��ت المص��ارف التقليدية أهمية العمل المصرفي اإلس�لامي وحج��م الطلب المتنامي‬
‫عل��ى خدماته‪ ،‬فقررت خوض غم��ار هذه التجربة رغبة في تعظي��م أرباحها وجذب المزيد‬
‫من رؤوس األم��وال والمحافظة على زبائنها ورفع الحرج عن المجتمعات اإلس�لامية من‬
‫المعامالت الربوية‪( .‬الساعدي‪ ،‬الفرجي‪ ،‬والحلي‪ ،2019 ،‬صفحة ‪)95‬‬
‫‪ .2.3‬متطلبات العمل املصريف اإلسالمي‪:‬‬
‫‪ .1.2.3‬املتطلبات الشرعية والقانونية ملمارسة النشاط املصريف اإلسالمي‪:‬‬
‫أ‪ .‬تقدي��م المص��رف اإلس�لامي للخدم��ات المصرفية اإلس�لامية يجب أن يس��توفي‬
‫مجموعة من المتطلبات الش��رعية والقانونية‪ ،‬فالممارسات المالية اإلسالمية تأسست على‬
‫إيمان راس��خ بأن النقود ليس��ت أصال مدرا للرب��ح في حد ذاتها وال يتس��نى فهم الجوانب‬
‫االقتصادية للنظام المصرفي اإلس�لامي فهما كامال بمنعزل عن سياق موقف اإلسالم اتجاه‬
‫السلوك األخالقي وتوزيع الثروة العادل‪ ،‬تقع في قلب المنظومة الشرعية التي تأسس عليها‬
‫النظام المصرفي اإلس�لامي والتي يق��وم على عدة مبادئ أهمها‪ :‬ع��دم التعامل بالربا أخذا‬

‫( ‪) 428‬‬
‫وعطاء‪ ،‬تقاس��م المخاطر مراعاة حق��وق الفرد وواجباته‪ ،‬والوفاء بالعق��ود واحترام حقوق‬
‫الملكية‪( .‬خالد‪ ،2011 ،‬صفحة ‪)3‬‬

‫ب‪ .‬المتطلب��ات القانوني��ة متمثلة في اإلجراءات التش��ريعية التي ينبغ��ي على المصرف‬
‫االلتزام بها كصدور قرار الترخيص عن المصرف المركزي وأن ينص العقد صراحة على عدم‬
‫التعامل بالربا ومخالفة أحكام الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬حيث نصت قوانين المصارف اإلسالمية‬
‫على االلتزام بالش��ريعة اإلس�لامية في جميع معامالتها المصرفية الداخلية والخارجية‪ ،‬وهذه‬
‫النصوص القانونية بموادها وتقاريرها مندرجة تحت مفهوم الرقابة الش��رعية بالمعنى الواسع‬
‫والع��ام‪ ،‬أم��ا النص الخاص الذي يح��دد ماهية ووظيفة ودور الرقابة الش��رعية في المصارف‬
‫اإلس�لامية فإننا نجد األنظمة األساسية لهذه المصارف هي التي تختص بتبيانه وتفصيل األمر‬
‫فيه‪ ،‬لذلك النظر في النظام األساسي للمصارف ضروري للوقوف على مدى االلتزام بالتشريع‬
‫اإلسالمي الذي نصت عليه في قوانينها المنظمة لها‪( .‬معارفي ومفتاح‪ ،2014 ،‬صفحة ‪)270‬‬
‫ج‪ .‬يج��ب عل��ى المصارف اإلس�لامية أن تحدث وظيف��ة المراقب��ة للمجلس العلمي‬
‫األعلى حتى يق��وم بالتعرف على مخاطر عدم مطابقة عملياتها وأنش��طتها لآلراء بالمطابقة‬
‫الت��ي يصدرها‪ ،‬وضمان احترام ش��رعيتها‪ ،‬إضافة إلى ذلك إح��داث لجنة علمية متخصصة‬
‫داخل مؤسسة المجلس العلمي األعلى وتحت اسم اللجنة الشرعية للمالية اإلسالمية‪ ،‬تقوم‬
‫بإبداء الرأي حول كل ما يتصل بالمعامالت المالية اإلس�لامية‪ ،‬وهذا يكون مع االستقاللية‬
‫التام��ة وتوحيد مرجعية الفتوى الش��رعية لحس��م كل أش��كال تضارب الفتاوى‪( .‬بوش��ما‪،‬‬
‫‪ ،2015‬صفحة ‪)21‬‬

‫د‪ .‬بعد تحقق المطلبين الشرعي والقانوني يشرع في اإلجراءات اإلدارية ويستلزم توفر‬
‫اإلطارات المؤهلة في العمل المصرفي اإلس�لامي ويحرصون على تقديم دورات تكوينية‬
‫لجميع الموظفين وتنمية روح االنتماء والثقة اتجاه المصرف‪( .‬الهواملة‪)2017 ،‬‬

‫‪ .2.2.3‬املتطلبات التنظيمية والقانونية للبنوك املركزية‪:‬‬


‫للمصارف اإلس�لامية ضوابط ش��رعية محددة بنص��وص صريحة تجعله��ا مقيدة في‬

‫( ‪) 429‬‬
‫تعامالته��ا المصرفية والمالية‪ ،‬وتتعامل البنوك المركزية الموج��ودة في بيئة تقليدية بالفائدة‬
‫في صياغة سياس��اتها لضبط النقود أو في تعاملها مع المصارف سواء كانت تقليدية أو التي‬
‫تتعام��ل وفق الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬وهذا ما يجعل المصارف اإلس�لامية تواج��ه الكثير من‬
‫التحديات والمش��اكل من أجل المحافظة على ش��رعية معاملته��ا المالية والتكيف مع البيئة‬
‫القانوني��ة والمتطلب��ات التنظيمية للبنوك المركزية التي س��نقدم أهمها فيم��ا يلي‪( :‬موالدي‪،‬‬
‫حميدوش‪ ،‬وصدقاوي‪)2018 ،‬‬

‫‪ -‬تح��رم المصارف اإلس�لامية من ميزة إع��ادة التمويل التي يمنحه��ا البنك المركزي‬
‫باعتباره المقرض األخير وذلك ألنه يتعامل بالفائدة أخ ًذا وعطاء‪.‬‬

‫‪ -‬عن��د تطبي��ق البن��ك المركزي لسياس��ة إعادة الخص��م التي تعتبر م��ن األدوات غير‬
‫المباش��رة للسياس��ة النقدية يجد البنك نفس��ه مجبرا على التعامل بالفائ��دة الربوية وهذا ما‬
‫يخرجه عن األطر الش��رعية‪ ،‬وعليه البد على المصرف اإلس�لامي البحث عن بديل يحافظ‬
‫عل��ى تحقيق أهداف البنك المركزي في التأثير في حجم ونوعية االئتمان دون أن يؤثر ذلك‬
‫على طبيعة عمل البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬في حال��ة تبني المصارف التقليدية الربوية النش��اط المصرفي اإلس�لامي فالبد من‬
‫الفصل بين أموال كل منهما‪.‬‬

‫‪ -‬تلت��زم المصارف اإلس�لامية بإيداع نس��بة من ودائعها في ش��كل نق��دي لدى البنك‬
‫المرك��زي بم��ا يعرف بمع��دل االحتياط��ي القانوني وذلك م��ن أجل الحف��اظ على مركزه‬
‫المال��ي وحفاظ��ا على حقوق المودعين والمس��تثمرين وتختلف هذه النس��بة من بلد آلخر‬
‫وذلك حس��ب المعطيات النقدية وظروف تطبيق السياسة النقدية‪ ،‬وهذه الودائع االحتياطية‬
‫اإلجباري��ة ال تتلقى عليه��ا المصارف فائدة وبن��اء على ذلك فال مانع يح��ول دون إخضاع‬
‫المصارف اإلس�لامية لنظام االحتياطي اإلجباري‪ ،‬مع األخذ بعي��ن االعتبار طبيعة الوديعة‬
‫فإن كانت جارية فال يشكل ذلك حر ًجا للمصرف أو للمودعين‪.‬‬

‫( ‪) 430‬‬
‫‪ -‬عادة ما يس��تخدم البنك المركزي س��قوفا ائتمانية من أجل التحكم بش��كل مباش��ر‬
‫ف��ي القدرة الكلية لكل مصرف في منح االئتمان كأداة مباش��رة من أدوات السياس��ة النقدية‬
‫تس��تخدم لمحاربة التضخم‪ ،‬ويؤثر هذا المعيار بشكل س��لبي على كل المصارف وبصورة‬
‫أكبر على اإلسالمية وذلك بسبب طبيعة ودائعها وتوظيفاتها المالية‪ ،‬فحساب االستثمار في‬
‫المصارف اإلس�لامية تش��كل حوالي ‪ %90‬من ودائعها ويعني ذلك حجب جانب منها عن‬
‫االستثمار وبذلك تحرم المصارف اإلسالمية من فرصة تحقيق عائد‪.‬‬

‫‪ -‬في بعض الحاالت يقوم البنك المركزي بمنع المصارف بالتعامل في األصول الثابتة‬
‫والمنقولة وحظر ممارس��ة األنش��طة الزراعية أو التجارية أو الصناعية أو العقارية‪ ،‬وبالتالي‬
‫فان حظر كهذا يعوق عمل المصارف اإلس�لامية التي تعتبر مصارف شاملة تجمع بين صفة‬
‫مصارف األعمال واالستثمار والمصارف التجارية ومصارف التنمية‪.‬‬

‫‪ -‬تعتمد البنوك المركزية في تطبيق العقوبات والغرامات المالية كالنقص في االحتياطي‬


‫النقدي اإللزامي على اس��تخدام س��عر الفائدة وهذا يصطدم بش��كل صريح مع مبدأ تحريم‬
‫التعام��ل بالفائ��دة في المصارف اإلس�لامية ويرى بعض الباحثين أن تك��ون هذه العقوبات‬
‫مقطوعة بمبلغ محدد من المال‪.‬‬

‫‪ .4‬دراسة واقع الصريفة اإلسالمية بالبنك الوطين اجلزائري‬


‫س��يتم من خالل الجانب التطبيقي الكشف عن واقع المعامالت المصرفية اإلسالمية‬
‫المقدمة في البنك الوطني الجزائري باالعتماد على استبيان طرح على موظفيه من مختلف‬
‫الرتب‪.‬‬

‫‪ .1.4‬اإلجراءات املنهجية للدراسة‪:‬‬


‫‪ .1.1.4‬مجتمع وعينة الدراس��ة‪ :‬يتكون مجتمع الدراس��ة من موظفي البنك الوطني‬
‫الجزائ��ري م��ن مختلف الوكاالت عب��ر الوطن‪ ،‬حيث ت��م اختيار عينة من العم��ال بطريقة‬

‫( ‪) 431‬‬
‫عشوائية مكونة من (‪ )120‬موظف من مختلف الرتب ووزعت عليهم االستبانة‪ ،‬ولقد تمت‬
‫عملية التوزيع واالسترجاع حسب الجدول التالي‪:‬‬

‫اجلدول رقم (‪ :)1‬نتائج توزيع االستبيان ىلع عينة ادلراسة‬


‫النسبة المئوية‬ ‫العدد‬ ‫البيان‬
‫‪%70‬‬ ‫‪84‬‬ ‫نسخ معبئة ومعادة‬
‫‪%7.5‬‬ ‫‪9‬‬ ‫نسخ معادة دون تعبئة‬
‫‪%22.5‬‬ ‫‪27‬‬ ‫نسخ غير معادة‬
‫‪%100‬‬ ‫‪120‬‬ ‫المجموع‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحث باالعتماد ىلع االستبيان‪.‬‬

‫يبي��ن الجدول أع�لاه نتائج عملية توزيع االس��تبيان على عينة الدراس��ة‪ ،‬والذي يظهر‬
‫أن ع��دد النس��خ الموزعة على موظفي البن��ك الوطني الجزائري هو (‪ )120‬نس��خة‪ ،‬تمت‬
‫تعبئة وإعادة (‪ )84‬نس��خة أي بنس��بة (‪ )%70‬وأما عدد النس��خ المعادة دون تعبئة (‪ )9‬بنسبة‬
‫(‪ ،)%7.5‬وعدد النسخ غير المعادة هو (‪ )27‬أي بنسبة (‪.)%22.5‬‬

‫‪ .2.1.4‬أداة الدراسة واألساليب اإلحصائية المستخدمة‪:‬‬

‫تمثلت أداة الدراسة في االستبيان‪ ،‬ضم ‪ 14‬سؤال (‪ 8‬أسئلة تتعلق بدوافع ممارسة‬
‫ونجاح الصيرفة اإلس�لامية و‪ 6‬أس��ئلة تخص متطلبات الصيرفة اإلس�لامية)‪ ،‬اإلجابة‬
‫عنهم تكون بمقياس لكارت الخماسي (موافق وبشدة‪/‬موافق‪/‬محايد‪/‬غير موافق‪/‬غير‬
‫موافق وبشدة)‪ ،‬واس��تخدمنا في التحليل اإلحصاء الوصفي من خالل التكرار والنسب‬
‫المئوية والوس��ط الحسابي واالنحراف المعياري وكذا اإلحصاء االستداللي من خالل‬
‫اس��تخدام اختبار ألفا كرونباخ واالتساق الداخلي واختبار سمير نوف واختبار سودنت‬
‫لعينة واحدة كما استخدمنا برنامج الحزم اإلحصائية ‪ SPSS‬في إعطاء النتائج المرتبطة‬
‫بكل نمط‪.‬‬

‫( ‪) 432‬‬
‫‪ .3.1.4‬التحليل اإلحصائي إلجابات عينة الدراسة‪:‬‬
‫تهدف عملية التحليل اإلحصائي ألداة الدراس��ة للتع��رف على مختلف إجابات العينة‬
‫المدروسة والوصول إلى األهداف المراد تحقيقها‪.‬‬
‫‪ .4.1.4‬االختبارات المرتبطة بأداة الدراسة‪:‬‬
‫يمكن التعرف على ثبات أداة الدراسة‪ ،‬باستخدام عدة اختبارات كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬اختبار صدق أداة الدراسة‪ :‬يكون كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الصدق الظاهري‪ :‬حيث تم عرضها على مجموعة من األس��اتذة المختصين وبعض‬
‫الموظفين في المصارف للتأكد من سالمة العبارات ومدى توافقها مع أغراض البحث ومن‬
‫ثم إجراء التغييرات والتصحيحات المشار إليها‪.‬‬
‫‪ -‬الصدق البنائي ألداة الدراس��ة‪ :‬تم حس��اب الصدق البنائي ألداة الدراس��ة من خالل‬
‫مصفوفة االرتباط المبينة نتائجها في الجدول التالي‪:‬‬
‫اجلدول رقم (‪ :)2‬نتائج الصدق ابلنايئ ألداة ادلراسة‬
‫مستوى‬ ‫معامل‬
‫المحاور‬
‫الداللة‬ ‫بيرسون‬
‫المحور األول‪ :‬دوافع إنش��اء نوافذ مصرفية إس�لامية وتقدي��م منتجات مالية‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪0.917‬‬
‫إسالمية‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪0.693‬‬ ‫المحور الثاني‪ :‬أهم متطلبات ممارسة ونجاح الصيرفة اإلسالمية‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحث باالستناد ىلع خمرجات برنامج *‪.Spss*Statistics V23‬‬

‫يبين الجدول نتيجة معامل االرتباط برسون بين المحاور والدرجة الكلية لألداة‪ ،‬حيث‬
‫كلها معنوية بالنظر إلى مستوى داللتها الذي هو أقل من مستوى الداللة المعتمد ‪ ،0.05‬ما‬
‫يدل على وجود عالقة ارتباط بينهم‪.‬‬

‫ب‪ .‬اختبار ثبات أداة الدراس��ة‪ :‬تم اختبار ثبات االس��تبيان باعتماد اختبار ألفا كرونباخ‬
‫كالتالي‪:‬‬

‫( ‪) 433‬‬
‫اجلدول رقم (‪ :)3‬نتائج اختبار معامل اثلبات ألفا كرونباخ‬
‫معامل الثبات‬
‫المحاور‬
‫«ألفا كرونباخ»‬
‫المحور األول‪ :‬دوافع إنشاء نوافذ مصرفية إسالمية وتقديم منتجات مالية‬
‫‪0.682‬‬
‫إسالمية‬
‫‪0.727‬‬ ‫المحور الثاني‪ :‬أهم متطلبات ممارسة ونجاح الصيرفة اإلسالمية‬
‫‪0.738‬‬ ‫االستبيان ككل‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحث باالستناد ىلع خمرجات برنامج *‪.Spss*Statistics V23‬‬

‫يتض��ح من خالل الجدول أع�لاه‪ ،‬أن معامل «ألف��ا كرونباخ» لالس��تبانة ككل قد بلغ‬
‫‪ ،0.738‬وهذا يدل على ثباتها‪ ،‬كما يتضح من خالل الجدول‪ ،‬أن أعلى قيمة س��جلت في‬
‫المحور الثاني (‪ (0.727= α‬وأقل قيمة س��جلت عن��د في المحور األول ـ (‪،)0.682= α‬‬
‫وهذا يدل على ثبات نتائج االستبيان‪.‬‬

‫‪ .5‬عرض وحتليل إجابات عينة الدراسة‪:‬‬


‫‪ .1.5‬وصف المتغيرات التعريفية‪ :‬س��نتعرف على توزيع أفراد عينة الدراس��ة حس��ب‪:‬‬
‫العمر‪ ،‬الجنس والمستوى التعليمي‪ ،‬سنوات العمل ودورات تكوينية في الجدول التالي‪:‬‬

‫اجلدول رقم (‪ :)4‬توزيع عينة ادلراسة حسب العمر‬


‫النسبة المئوية‬ ‫التكرار‬ ‫الفئات‬ ‫المتغير‬
‫‪%‬‬ ‫‪0‬‬ ‫أقل من ‪ 22‬سنة‬
‫‪%29.7‬‬ ‫‪25‬‬ ‫من ‪ 23‬إلى ‪32‬سنة‬
‫‪%45.3‬‬ ‫‪38‬‬ ‫من ‪ 33‬إلى ‪ 42‬سنة‬
‫العمر‬
‫‪%15.4‬‬ ‫‪13‬‬ ‫من ‪ 43‬إلى ‪ 52‬سنة‬
‫‪%9.6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪ 53‬سنة وأكثر‬
‫‪%100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫المجموع‬

‫( ‪) 434‬‬
‫النسبة المئوية‬ ‫التكرار‬ ‫الفئات‬ ‫المتغير‬
‫‪%82‬‬ ‫‪69‬‬ ‫ذكر‬
‫‪%18‬‬ ‫‪15‬‬ ‫أنثى‬ ‫الجنس‬
‫‪%100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫المجموع‬
‫‪%38‬‬ ‫‪32‬‬ ‫بكالوريا‬
‫‪%50‬‬ ‫‪42‬‬ ‫ليسانس‬
‫‪%12‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ماستر‬ ‫المستوى التعليمي‬
‫‪%00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫دكتوراه‬
‫‪%100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫المجموع‬
‫‪%7.1‬‬ ‫‪6‬‬ ‫سنة واحدة فأقل‬
‫‪%23.8‬‬ ‫‪20‬‬ ‫من سنة إلى ‪ 5‬سنوات‬
‫‪%42.8‬‬ ‫‪36‬‬ ‫من ‪ 6‬إلى ‪ 10‬سنوات‬
‫سنوات العمل‬
‫‪%16.7‬‬ ‫‪14‬‬ ‫من ‪ 11‬إلى ‪15‬سنة‬
‫‪%9.6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫أكثر من ‪ 16‬سنة‬
‫‪%100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫المجموع‬
‫‪%7.1‬‬ ‫‪6‬‬ ‫حاصلين‬
‫‪%92.9‬‬ ‫‪78‬‬ ‫غير حاصلين‬ ‫دورات تكوينية‬
‫‪%100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫المجموع‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحث باالستناد ىلع خمرجات برنامج *‪.Spss*Statistics V23‬‬

‫نالحظ من الجدول أعاله أن عدد أفراد عينة الدراسة المنتمون إلى الفئة العمرية ما بين‬
‫‪ 33‬س��نة إلى ‪ 42‬س��نة‪ ،‬يمثلون أعلى نس��بة قدرت بـ‪ ،%45.3‬كما حققت الفئة العمرية ‪53‬‬
‫س��نة وأكثر أدنى نس��بة قدرت بـ‪ ،% 9.6‬في حين لم تحقق الفئة العمرية أقل من ‪ 22‬سنة أي‬
‫نسبة‪ ،‬أي أنها غير موجودة في عينة الدراسة‪ ،‬أما فيما تعلق بجنس العينة فقد بلغ عدد الذكور‬
‫‪ 69‬ما يمثل نسبة ‪ %82‬وهي تدل على األغلبية أما عدد اإلناث ‪ 15‬امرأة ما يمثل نسبة ‪،%81‬‬
‫كما الحظنا من خالل الجدول أن المستوى التعليمي الذي حاز على نصف العينة هم حملة‬

‫( ‪) 435‬‬
‫ليسانس بنسبة ‪ ،%50‬تلتها فئة المتحصلين على شهادة البكالوريا بنسبة ‪ ،%38‬في حين بلغت‬
‫أدنى نس��بة في فئة الماستر بـ‪ ،%10‬ولم تسجل شهادة دكتوراه أي نسبة والتي من المفروض‬
‫أن تكون لها األولوية في التوظيف المصرفي وضرورة مراجعة طبيعة الشهادة المطلوبة‪.‬‬

‫بالنس��بة إلى سنوات العمل فحققت الفئة من ‪ 6‬إلى ‪ 10‬سنوات عمل أعلى نسبة بقيمة‬
‫‪ ،%42.8‬كما حققت فئة من س��نة إلى ‪ 5‬س��نوات عمل نس��بة ‪ ،%23.8‬في حين بلغ عدد‬
‫األفراد من ‪ 11‬إلى ‪15‬سنة عمل نسبة ‪ ،%16.7‬أما باقي الفئات سجلت نسب منخفضة سنة‬
‫واحدة فأقل وأكثر من ‪ 16‬سنة نسب على الترتيب ‪ %7.1‬و‪ ،%9.6‬وفيما يتعلق بالدورات‬
‫التكويني��ة فقد بلغ��ت فئة غير الحاصلين على أي دورة تكوينية أعلى نس��بة قدرت بـ ‪،%78‬‬
‫كما حققت فئة المكونين نسبة منخفضة قدرت بـ‪ ،%7.1‬وهذا ما يؤكد على ضعف دورات‬
‫التكوين في المصارف‪.‬‬

‫‪ 2.5‬وصف إجابات العينة حول المحور األول‪« :‬دوافع إنشاء النوافذ المصرفية اإلسالمية‬
‫وتقديم منتجات مالية إسالمية»‪ ،‬ويمكن تلخيص مختلف اإلجابات في الجدول التالي‪:‬‬

‫اجلدول رقم (‪ :)5‬وصف عبارات املحور األول لالستبانة‬


‫الوزن‬ ‫االنحراف‬ ‫المتوسط‬
‫العبارات‬
‫النسبي‬ ‫المعياري‬ ‫الحسابي‬
‫موافقة‬ ‫المحور األول‪ :‬دوافع إنشاء النوافذ المصرفية اإلسالمية وتقديم‬
‫‪0.4870‬‬ ‫‪2.940‬‬ ‫منتجات مالية إسالمية‬
‫متوسطة‬
‫غير‬ ‫‪ 1‬ـ تحويل النظام المصرفي إلى نظام إسالمي بالكامل‬
‫‪.9110‬‬ ‫‪2.030‬‬
‫موافق‬
‫‪ 2‬ـ رغب��ة وطلب المواطن الجزائري على المعامالت المصرفية‬
‫موافقة‬ ‫‪.6600‬‬ ‫‪3.590‬‬ ‫اإلسالمية‬
‫غير‬ ‫‪ 3‬ـ المحافظ��ة على العمالء وتجن��ب خطر تحولهم للتعامل مع‬
‫‪.6320‬‬ ‫‪2.230‬‬ ‫مصارف إسالمية أخرى‬
‫موافق‬
‫‪ 4‬ـ تعظيم أرباح المصرف من خالل ازدواجية العمل المصرفي‬
‫موافقة‬ ‫‪.6350‬‬ ‫‪4.070‬‬ ‫إسالمي‪/‬كالسيكي‬

‫( ‪) 436‬‬
‫الوزن‬ ‫االنحراف‬ ‫المتوسط‬
‫العبارات‬
‫النسبي‬ ‫المعياري‬ ‫الحسابي‬
‫موافقة‬ ‫‪ 5‬ـ زيادة االهتمام العالمي بالصيرفة اإلسالمية‬
‫‪1.1870‬‬ ‫‪2.840‬‬
‫متوسطة‬
‫موافقة‬ ‫‪1.2360‬‬ ‫‪3.510‬‬ ‫‪ 6‬ـ امتصاص األموال من السوق الموازية‬
‫غير‬ ‫‪ 7‬ـ طلب موظفي البنك في ممارسة الصيرفة اإلسالمية‬
‫‪0.646‬‬ ‫‪2.33‬‬
‫موافق‬
‫غير‬ ‫‪ 8‬ـ انتهاز فرصة وتجربة دخول سوق مالي جديد‬
‫‪.7700‬‬ ‫‪2.350‬‬
‫موافق‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحث باالستناد ىلع خمرجات برنامج *‪.Spss*Statistics V23‬‬
‫نالحظ من الجدول حس��ب آراء العينة المدروس��ة حول المحور األول‪« :‬دوافع إنشاء‬
‫نوافذ مصرفية إس�لامية حس��ب رأي موظفي البنك الوطني الجزائري»‪ ،‬قد حقق وزن نسبي‬
‫كلي بدرجة موافقة متوس��طة نتيجة لبلوغ متوسطها الحس��ابي الكلي قيمة ‪ 2.94‬بانحراف‬
‫معي��اري بلغ ‪ ،0.487‬وه��ذا يدل على اتفاق عينة الدراس��ة في اآلراء ح��ول المحور‪ ،‬أما‬
‫بالنس��بة للفق��رات فنالحظ أن اس��تجابة العينة حققت أعلى وزن نس��بي بدرج��ة موافق في‬
‫الفق��رة (‪« :)4‬تعظي��م أرب��اح المصرف م��ن خالل ازدواجي��ة العمل المصرفي اإلس�لامي‬
‫والكالس��يكي»‪ ،‬ما نتج عنه متوسط حسابي قدر بـ ‪ 4.07‬حسب رأي العينة المدروسة‪ ،‬أما‬
‫بالنس��بة للفقرة (‪« :)1‬تحويل النظام المصرفي إلى نظام إسالمي بالكامل» قد بلغ المتوسط‬
‫الحسابي ‪ 2.03‬بوزن نسبي غير موافق على ما جاء في محتواها‪ ،‬وهذا ما يفسر أن الحكومة‬
‫الجزائري��ة والبن��ك المركزي ال ينوي من خ�لال اعتماد الصيرفة اإلس�لامية تحويل نظامه‬
‫المصرفي إلى نظام إس�لامي بالكامل وإنما لغايات اقتصادية ال غير‪ ،‬كما يبين الجدول قيم‬
‫االنحراف المعياري لكل العبارات ما بين‪ 0.632 :‬ـ ‪.1.236‬‬
‫وهذا يدل على االتفاق النسبي للعمال المدروسين على مختلف العبارات‪.‬‬
‫‪ 3.5‬وصف إجابات العينة حول المحور الثاني‪« :‬متطلبات ممارس��ة ونجاح الصيرفة‬
‫اإلسالمية»‪ ،‬يمكن توضيح ذلك من خالل إجابات العينة الممثلة في الجدول التالي‪:‬‬

‫( ‪) 437‬‬
‫اجلدول رقم (‪ :)6‬وصف إجابات املحور اثلاين‬
‫الوزن‬ ‫االنحراف‬ ‫المتوسط‬
‫العبارات‬
‫النسبي‬ ‫المعياري‬ ‫الحسابي‬
‫المح��ور الثان��ي‪« :‬أهم متطلبات ممارس��ة ونج��اح الصيرفة‬
‫غير موافق‬ ‫‪.1950‬‬ ‫‪1.94‬‬
‫اإلسالمية»‬
‫غير موافق‬ ‫‪ 1‬ـ التعامل مع المصرف المركزي في الس��يولة وفقا لضوابط‬
‫‪.6250‬‬ ‫‪1.58‬‬
‫بشدة‬ ‫الشريعة اإلسالمية بعيدا عن الربا‬
‫‪ 2‬ـ فص��ل أم��وال النافذة المصرفية اإلس�لامية ع��ن األموال‬
‫غير موافق‬ ‫‪.5190‬‬ ‫‪1.82‬‬
‫الربوية للمصرف المنشئ لها‬
‫‪ 3‬ـ ف��ي صيغة المرابح��ة يتقيد المصرف بمب��دأ «ال تبع ما ال‬
‫غير موافق‬ ‫‪.4080‬‬ ‫‪1.95‬‬
‫تملك»‬
‫‪ 4‬ـ وج��ود دورات تكويني��ة لجمي��ع العم��ال ف��ي الصيرف��ة‬
‫غير موافق‬ ‫‪.3850‬‬ ‫‪2.18‬‬
‫اإلسالمية وضوابطها‬
‫‪ 5‬ـ البيئة المصرفية الجزائرية مناس��بة حت��ى تتمكن الصيرفة‬
‫غير موافق‬ ‫‪.2880‬‬ ‫‪2.04‬‬
‫اإلسالمية من المحافظة على شرعيتها وتحقق نجاحا‬
‫‪ 6‬ـ وجود هيئة رقابة ش��رعية مؤهلة لتقديم معامالت مصرفية‬
‫غير موافق‬ ‫‪.4280‬‬ ‫‪2.10‬‬
‫إسالمية‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحث باالستناد ىلع خمرجات برنامج *‪.Spss*Statistics V23‬‬
‫تبين معطيات الجدول أعاله أن مستوى استجابة عمال المصارف المدروسين للمحور‬
‫الثاني‪« :‬أهم متطلبات ممارسة ونجاح الصيرفة اإلسالمية»‪ ،‬قد حققت وزن نسبي غير موافق‬
‫نتيجة لبلوغ المتوسط الحس��ابي لمجموع فقراته ‪ 1.94‬بانحراف معياري ‪ ،0.195‬ما يدل‬
‫عل��ى أن هناك اتفاق كبير بين العينة على فق��رات المتغير وعلى عدم وجود هذه المتطلبات‪،‬‬
‫أما فيما يتعلق بالعبارات فقد س��جلنا أعلى متوس��ط حس��ابي في الفقرة (‪« )4‬وجود دورات‬
‫تكوينية لجميع العمال في الصيرفة اإلس�لامية وضوابطها» بقيمة ‪ 2.18‬وهي تدل على عدم‬
‫الموافق��ة على ه��ذا البند‪ ،‬وهذا ما يبين أن المصرف ال يولي أي اهتمام لخصوصية النش��اط‬
‫المصرفي اإلسالمي‪ ،‬فذلك الموظف الذي يقدم خدمات مصرفية كالسيكية ربوية هو نفسه‬

‫( ‪) 438‬‬
‫من يقدم الخدمة المصرفية اإلس�لامية‪ ،‬هذا فيه ش��به دينية ونقص في الكفاءة المهنية‪ ،‬حيث‬
‫ال يعرف الموظفون ما يتطلبه العمل المصرفي اإلس�لامي‪ ،‬فهم يعتمدون على برمجيات في‬
‫تقديم ومتابعة النشاط المصرفي اإلسالمي دون أي دراية بآلياته وضوابطه‪ ،‬في حين أظهرت‬
‫نتائج الفقرة (‪« :)2‬فصل أموال النافذة المصرفية اإلس�لامية ع��ن األموال الربوية للمصرف‬
‫الكالسيكي المنشئ لها» أقل متوسط حسابي قدر بقيمة ‪ ،1.58‬ما نتج عنه تحقق درجة غير‬
‫الموافقة بشدة‪ ،‬وهذا ما يرجع إلى طبيعة القوانين التي يضعها المصرف المركزي دون تفرقة‬
‫بين المصرف التجاري والمصرف اإلسالمي وهذا ضعف البنية التحتية للمصارف اإلسالمية‬
‫بالجزائ��ر‪ ،‬أما لو نظرنا إل��ى االنحراف المعياري لوجدنا قيمه م��ا بين‪ 0.288 :‬و‪،0.625‬‬
‫ويدل هذا على االتفاق الكبير بين أفراد العينة المدروسة حول محتوى المحور بكل عباراته‪.‬‬

‫‪ .6‬اختبار ومناقشة فرضيات الدراسة‪:‬‬


‫قب��ل اختب��ار الفرضيات البد م��ن معرفة طبيعة ت��وزع متغيرات الدراس��ة لتحديد نوع‬
‫االختبار الذي سيطبق للتحقق من الفرضيات المقترحة كما يلي‪:‬‬

‫‪ 1.6‬اختب��ار التوزيع الطبيع��ي للمتغيرات‪ :‬والجدول التالي يوض��ح التوزيع الطبيعي‬


‫لمتغيرات الدراسة‪:‬‬

‫اجلدول رقم (‪ :)7‬نتائج اختبار اتلوزيع الطبييع‬


‫‪ Kolmogorov‬ـ اختبار‬
‫مستوى الداللة‬ ‫المحاور‬
‫‪Smirnov‬‬
‫المح��ور األول‪ :‬دوافع إنش��اء النواف��ذ المصرفية‬
‫‪0.061‬‬ ‫‪1.321‬‬
‫اإلسالمية وتقديم منتجات مالية إسالمية‬
‫المح��ور الثاني‪ :‬أه��م متطلبات ممارس��ة ونجاح‬
‫‪0.058‬‬ ‫‪2.468‬‬
‫الصيرفة اإلسالمية‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحث باالستناد ىلع خمرجات برنامج *‪.Spss*Statistics V23‬‬
‫نالحظ من الجدول أعاله أن اختبار التوزيع الطبيعي قد بلغ في كل متغيرات الدراس��ة‬
‫( ‪) 439‬‬
‫قيم ذات مس��تويات داللة أكبر من ‪ ،0.05‬وهو مس��توى الداللة المعتمد في الدراس��ة‪ ،‬ما‬
‫ي��ؤدي بنا لقب��ول الفرض الصفري ال��ذي محتواه أن متغيرات الدراس��ة كله��ا تتبع التوزيع‬
‫الطبيعي ومن ثم نعتمد االختبارات المعلمية في التحقق من الفرضيات‪.‬‬
‫‪ 2.6‬اختبار الفرضية األولى‪:‬‬
‫«يوجد إقبال كبير ومتزايد للعمالء على المنتجات المصرفية اإلسالمية المقدمة بالبنك‬
‫الوطني الجزائري»‪ ،‬وذلك حس��ب رأي العينة المدروس��ة‪ ،‬س��نعتمد اختبار ستودنت لعينة‬
‫واحدة الختبار هذه الفرضية من خالل الجدول التالي‪:‬‬
‫اجلدول رقم (‪ :)8‬اختبار ستودنت الختبار الفرضية الفرعية األوىل‬
‫الوسط‬
‫االختبار ‪T‬‬ ‫درجة الحرية‬ ‫مستوى الداللة‬ ‫العامل‬
‫الفرضي‬
‫ـ ‪1.036‬‬ ‫‪83‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0.303‬‬ ‫الفرضية األولى‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحث باالستناد ىلع خمرجات برنامج *‪.Spss*Statistics V23‬‬
‫نالحظ من خالل الجدول أن قيمة اختبار ستودنت قد بلغت ـ ‪ 1.036‬بمستوى داللة‬
‫‪ ،0.303‬حيث أنه أكبر من مس��توى الداللة المعتمد ‪ ،0.05‬وهذا ما يجعلنا نقبل الفرضية‬
‫الصفرية أي أن متوس��ط اإلجابات يساوي ‪ ،3‬ورفض البديلة التي تقر بأن المتوسط يختلف‬
‫عن ‪ ،3‬وبالنظر إلى قيمة الوس��ط الحسابي البالغة ‪ 2.945‬وقريبة جدا من الوسط الفرضي‬
‫‪ ،3‬حي��ث نالح��ظ أن هذه القيمة تقع في مج��ال عدم الموافقة ما يجعلنا نس��تنتج أن‪ :‬هناك‬
‫اتفاق بين العينة المدروس��ة على أنه ال يوجد إقبال من المتعاملين على المنتجات المصرفية‬
‫اإلسالمية المقدمة في بنك البركة الجزائري‪.‬‬
‫ضع��ف اإلقبال عل��ى المنتج��ات المصرفية اإلس�لامية راجع إلى وجود ف��راغ فقهي‬
‫وتش��كيك في صحة المعامالت المصرفية اإلس�لامية‪ ،‬مثال‪ :‬عملية البيع مرابحة ال يتم فيها‬
‫تملك ما يباع وإنما يقوم فيها المصرف بدور الوساطة ال غير‪ ،‬فال توجد أي مراقبة أو فتوى‬
‫للعق��ود والمعامالت التي تقوم بها المصارف العاملة بالجزائ��ر‪ ،‬وإدارة المصرف هي التي‬
‫تحدد شرعية هذه المنتجات‪ ،‬إضافة إلى ارتفاع هامش الربح مقارنة بنظيرتها الكالسيكية‪.‬‬
‫( ‪) 440‬‬
‫‪ 3.6‬اختبار الفرضية الثانية‪:‬‬

‫«يتوف��ر البنك الوطني الجزائري على متطلبات ممارس��ة ونجاح الصيرفة اإلس�لامية»‬
‫حس��ب رأي أفراد العينة المدروس��ة‪ ،‬س��نعتمد اختبار س��تودنت لعينة واحدة الختبار هذه‬
‫الفرضية حسب الجدول التالي‪:‬‬
‫اجلدول رقم (‪ :)9‬اختبار ستودنت الختبار الفرضية اثلانية‬
‫االختبار ‪T‬‬ ‫درجة الحرية‬ ‫الوسط الفرضي‬ ‫مستوى الداللة‬ ‫العامل‬

‫ـ ‪49.385‬‬ ‫‪83‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫الفرضية الثانية‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحث باالستناد ىلع خمرجات برنامج *‪.Spss*Statistics V23‬‬

‫نالح��ظ من الج��دول أن قيمة اختبار س��تودنت قد بلغت ـ ‪ 49.385‬بمس��توى داللة‬


‫ق��در بقيمة ‪ ،0.00‬إذ أنه أقل من مس��توى الداللة المعتم��د ‪ ،0.05‬وهذا ما يجعلنا نرفض‬
‫الفرضية الصفرية‪ ،‬أي أن متوس��ط اإلجابات يساوي ‪ 3‬وقبول البديلة التي تقر بأن المتوسط‬
‫يختلف عن ‪ ،3‬وبالنظر إلى قيمة الوسط الحسابي البالغة ‪ ،1.944‬حيث أنها تقع في الوزن‬
‫النس��ي لمجال عدم الموافقة على ما جاء في المحور ما يجعلنا نس��تنتج أن‪ :‬هناك اتفاق بين‬
‫العينة على عدم تطبيق البنك الوطني الجزائري أهم األس��س والضوابط المنظمة للمعامالت‬
‫المصرفية اإلسالمية‪ ،‬وبالتالي هناك نقص في متطلبات ممارسة ونجاح الصيرفة اإلسالمية‪.‬‬

‫يبي��ن هذا أن عدم الت��زام البنك الوطن��ي الجزائري بالضوابط الش��رعية راجع لنقص‬
‫القواني��ن المنظمة ألن للمصرف المركزي الذي لم يمنح خصوصية لهذا النش��اط وعامله‬
‫مث��ل المعام�لات المصرفي��ة التقليدية جعلها تتعام��ل بالربا بصفة حتمي��ة كاالقتراض من‬
‫المص��رف المركزي عند الحاجة إلى س��يولة س��يكون مقابل ربا‪ ،‬وممارس��ات أخرى غير‬
‫مس��موح بها في الدين اإلسالمي كبيع ماال تملك‪ ،‬مش��كل التأمين ليس تكافلي وغرامات‬
‫التأخير في تس��ديد القروض‪ ...‬وغيرها من التجاوزات التي تش��كك في صحة المعامالت‬
‫المالية من الناحية الشرعية‪.‬‬

‫( ‪) 441‬‬
‫‪ .7‬خامتة‪:‬‬
‫المصارف اإلس�لامية التي تنش��ط في بيئة ربوية تعاني من عدة تحديات فإذا كانت هناك‬
‫بع��ض المعام�لات المصرفية الت��ي تتنافى مع الش��ريعة اإلس�لامية يمكن تجنبه��ا من طرف‬
‫المصارف اإلس�لامية في تعاملها مع األفراد والمشاريع مثال كعدم التعامل بالربا أخذا وعطاء‪،‬‬
‫فه��ي تجد نفس��ها مجب��رة للتعامل بها مثال في بع��ض المعامالت التي تدخل ضمن السياس��ة‬
‫النقدي��ة التي يطبقها المصرف المركزي‪ ،‬والتي تدخل ضمن التش��ريعات والقوانين التي تنظم‬
‫البيئة المصرفية التي يتعامل فيها المصرف اإلس�لامي وهذا ما يوقعها في مخالفات ش��رعية ال‬
‫يمكن تجنبها إال بطريقتين‪ :‬األولى هو تكيف المصارف اإلسالمية مع األطر الشرعية والقانونية‬
‫للمصارف المركزية الحالية وتبتعد عن األس��س الصحيحة لعملها وهذا االتجاه مس��تبعد‪ ،‬أما‬
‫الثانية فهي االعتراف بأن الصيرفة اإلس�لامية له��ا خصوصية وضوابط البد أن تلتزم بها وعليه‬
‫تس��عى الدولة إلى توفير البيئة المصرفية المالئمة‪ ،‬من خالل إقامة منظومة قانونية تنظم العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي وفقا لمتطلباته الشرعية‪ ،‬حتى يكتسب القوة والمصداقية الالزمة‪.‬‬
‫‪ .1.7‬النتائج‪:‬‬
‫توصلن��ا من خالل بحثنا هذا إلى النتائج التالية والتي تخص البيئة المصرفية الجزائرية‬
‫على العموم والبنك الوطني الجزائري على الخصوص‪:‬‬
‫‪ -‬توجد دوافع العتماد النش��اط المصرفي اإلس�لامي في النظام المصرفي الجزائري‪،‬‬
‫تتمثل أساس��ا ف��ي تلبية طل��ب المواطني��ن الجزائريين عليها وه��ذا راجع للعقي��دة الدينية‬
‫للمجتم��ع الجزائري م��ن جهة‪ ،‬ومحاولة الدول��ة امتصاص األموال الكبي��رة الخارجة عن‬
‫نظامها المصرفي بسبب رفض التعامل بالربا‪.‬‬
‫‪ -‬تس��عى الحكوم��ة الجزائرية من خ�لال اهتمامه��ا بالصيرفة اإلس�لامية إلى غايات‬
‫اقتصادي��ة تتمثل أساس��ا ف��ي امتصاص األم��وال من الس��وق الموازية ومن الفئ��ة الرافضة‬
‫للمعامالت المالية الربوية لدواعي دينية‪.‬‬
‫‪ -‬ال تنوي الجزائر تغيير نظامها المصرفي إلى نظام إسالمي بالكامل وإنما يبقى اعتماد‬
‫الصيرفة اإلسالمية كنشاط مصرفي إضافي إلى جانب نشاطها التقليدي الربوي‪.‬‬

‫( ‪) 442‬‬
‫‪ -‬هناك نقص في توفر متطلبات قيام العمل المصرفي اإلسالمي الصحيح مثل‪ :‬مشكل‬
‫طلب الس��يولة من البن��ك المركزي الذي يكون مقابل فوائد‪ ،‬عدم تملك المصرف الش��يء‬
‫المعاد بيعه مرابحة وأخذ دور الوس��يط مقابل فوائد‪ ،‬مش��كل أقساط التأخر في التسديد‪ ،‬ال‬
‫يوجد معاملة القرض الحس��ن وال يوجد فصل أموال النافذة المصرفية اإلسالمية عن أموال‬
‫المصرف المنشئ لها وهذا ما يجعل أصل األموال ربوي‬
‫‪ -‬موظ��ف المصرف الذي كان يق��وم بتقديم الخدمات المصرفي��ة الربوية قبل اعتماد‬
‫الصيرف��ة اإلس�لامية هو نفس��ه الموظف بع��د االعتماد‪ ،‬حي��ث زود المص��رف ببرمجيات‬
‫ونظام إعالم آلي لتس��يير الخدمات المصرفية اإلسالمية‪ ،‬فيقوم الموظف بإدخال معلومات‬
‫ع��ن الزبون ال غير‪ ،‬مثل ما س��بق في المعامالت الكالس��يكية‪ ،‬دون أي دراية بآلية وأحكام‬
‫المعامالت المالية اإلسالمية وكيف يتم تنفيذها وصحتها من الناحية الفقهية والشرعية‪.‬‬
‫‪ -‬التكوي��ن في المالية اإلس�لامية والمعامالت المصرفية اإلس�لامية ضعيف جدا وال‬
‫يقتصر على جميع الموظفين فهو من نصيب مدير المصرف في أغلب الفرص‪.‬‬
‫‪ -‬ارتفاع هامش الربح للمنتجات المصرفية اإلس�لامية مقارن��ة بالمنتجات المصرفية‬
‫الكالسيكية وبالتالي فقدت الصيرفة اإلسالمية القدرة على المنافسة من حيث السعر‪.‬‬
‫‪ .2.7‬التوصيات‪:‬‬
‫نقدم مجموعة من التوصيات والمتمثلة في ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على رفع جودة الخدمات المصرفية اإلسالمية وأال يكون ذلك على حساب‬
‫التكلفة‪.‬‬
‫‪ -‬إع��ادة النظر في المنظوم��ة القانونية الجزائرية الخاصة بالصيرفة اإلس�لامية ومدى‬
‫حفاظها على الشرعية الدينية للمعامالت المالية‪.‬‬
‫‪ -‬مواكبة التقنية والتطور التكنولوجي في مجال الصناعة المصرفية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬باعتبار الجزائر دولة مس��لمة فينبغي تعزيز الصيرفة اإلس�لامية بإقامة بنوك إسالمية‬
‫شاملة بدل النوافذ المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫( ‪) 443‬‬
‫‪ .8‬قائمة املراجع‪:‬‬
‫‪ .1‬أحمد محمودي‪ ،‬وعدة بركهام‪( ،‬ديس��مبر‪2019 ،‬م)‪ ،‬البنوك اإلسالمية كجهاز مصرفي‬
‫فع��ال ف��ي تحقيق التنمي��ة المس��تدامة‪ ،‬المؤتمر الدولي الخامس عش��ر ح��ول التكامل‬
‫المؤسسي للصناعة المالية المصرفية اإلسالمية بجامعة شلف‪.‬‬
‫‪ .2‬أشرف محمد دوابه‪2009( ،‬م)‪ ،‬االستثمار في اإلسالم‪ ،‬مصر‪ :‬دار السالم للنشر والطباعة‪.‬‬
‫‪ .3‬بناء نموذج أعمال ناجح للتمويل األصغر اإلسالمي القمة العليا لالئتمان األصغر‪.‬‬
‫‪ .4‬جمال بوش��ما‪2015( ،‬م)‪ ،‬الرقابة الش��رعية في البنوك التش��اركية‪ ،‬مجلة دائرة الشؤون‬
‫اإلسالمية والعمل الخيري‪.‬‬
‫‪ .5‬ح الس��اعدي‪ ،‬ث الفرجي‪ ،‬وم الحلي‪2019( ،‬م)‪ ،‬المصارف اإلسالمية مفاهيم أساسية‬
‫وحاالت تطبيقية‪ ،‬بغداد‪ :‬بغدادي للكتب والطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .6‬حس��ان الدين عفانة‪2020( ،‬م)‪ ،‬بيع المساومة وتطبيقه في المصارف اإلسالمية‪ ،‬تاريخ‬
‫االسترداد ‪2020/12/03‬م‪ ،‬من موقع طريق السالم‪:‬‬
‫‪http://ar.islamway.net/fatwa/57049‬‬
‫‪ .7‬حي��در يونس الموس��وي‪2011( ،‬م)‪ ،‬المصارف اإلس�لامية وأدائه��ا المالي وأثرها في‬
‫سوق األوراق المالية‪ ،‬األردن‪ :‬دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .8‬خالد أمين عبد اهلل‪ ،‬واس��ماعيل الط��راد‪2006( ،‬م)‪ ،‬إدارة العمليات المصرفية المحلية‬
‫والدولية‪ ،‬عمان‪ :‬دار وائل للنشر‪.‬‬
‫‪ .9‬خدمة ال��زكاة‪2020( ،‬م)‪ ،‬تاريخ االس��ترداد ‪2020/12/3‬م‪ ،‬من موقع عربناك قس��م‬
‫الخدمات االجتماعية‪:‬‬
‫‪https://www.arabnak.com‬‬
‫‪ .10‬ريحان بكري‪2001( ،‬م)‪ ،‬دور البنوك اإلس�لامية في الحد من اآلثار الس��لبية للعولمة‬
‫وأبعادها االقتصادية‪ ،‬عمان‪ :‬جامعة الزرقاء األهلية‪.‬‬

‫( ‪) 444‬‬
‫‪ .11‬سليم موالدي‪ ،‬أحمد حميدوش‪ ،‬وصورية صدقاوي‪2018( ،‬م)‪ ،‬البنوك اإلسالمية بين‬
‫تحدي الضوابط الشرعية واش��كالية التكيف مع البيئة القانونية والمتطلبات التنظيمية‪،‬‬
‫مجلة نماء لالقتصاد والتجارة‪.131 ،‬‬
‫‪ .12‬شهاب أحمد سعيد العزعزي‪2012( ،‬م)‪ ،‬ادارة البنوك اإلسالمية‪ ،‬األردن‪ :‬دار النفائس‬
‫للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .13‬صادق راش��د الش��مري‪2011( ،‬م)‪ ،‬أساسيات االس��تثمار في المصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫األردن‪ :‬دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .14‬عائش��ة الش��رقاوي المالقي‪2000( ،‬م)‪ ،‬البنوك اإلس�لامية التجربة بين الفقه والقانون‬
‫والتطبيق‪ ،‬المغرب‪ :‬المركز الثقافي للطباعة‪.‬‬
‫‪ .15‬عبد الباقي اسماعيل‪2016( ،‬م)‪ ،‬إدارة البنوك التجارية‪ ،‬عمان‪ :‬دار غيداء للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .16‬عبد الحليم عمار غربي‪2017( ،‬م)‪ ،‬الصناعة المصرفية اإلس�لامية ـ ماضيها حاضرها‬
‫ومستقبلها‪ ،‬البحرين‪ :‬مطبوعات مركز أبحاث الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ .17‬عبد الحليم عمار غربي‪2013( ،‬م)‪ ،‬مصادر واستخدامات األموال في البنوك اإلسالمية‬
‫على ضوء تجربتها المصرفية والمحاس��بية‪ ،‬سوريا‪ :‬دار الفداء العالمية للنشر والتوزيع‬
‫والترجمة‪.‬‬
‫‪ .18‬عب��د الس��تار أبو ع��دة‪( ،‬م��ارس‪2006 ،‬م)‪ ،‬المصرفية اإلس�لامية خصائصها وآليات‬
‫تطويرها‪ ،‬المؤتمر األول للمصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬صفحة ‪.23‬‬
‫‪ .19‬عدنان محيريق‪2017( ،‬م)‪ ،‬التحول نحو الصيرفة اإلسالمية مع االشارة لحالة الجزائر‪،‬‬
‫مجلة الدراسات المالية واالقتصادية‪ 61 ،)10( 1 ،‬ـ ‪.60‬‬
‫‪ .20‬عم��ر عبد الحلي��م محمد‪( ،‬ماي‪2003 ،‬م)‪ ،‬صيغ التمويل اإلس�لامي للمش��روعات‬
‫الصغي��رة القائمة على أس��لوب الدين التجاري واالعان��ات‪ ،‬دورة تدريبية دولية حول‬
‫مشروع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودورها في االقتصاديات المغاربية‪.‬‬

‫( ‪) 445‬‬
‫‪ .21‬ف معارفي‪ ،‬وص مفتاح‪2014( ،‬م)‪ ،‬نوافذ المعامالت اإلس�لامية في البنوك التقليدية‬
‫ـ دواف��ع ومتطلبات تجربة بن��ك بيومييترا التجاري نموذ ًج��ا‪ ،‬المجلة الدولية للبحوث‬
‫اإلسالمية واإلنسانية‪.)3( 4 ،‬‬

‫‪ .22‬ليل��ى عش��وب‪2011( ،‬م)‪ ،‬األزمة المالي��ة العالمية وامكانية حلها م��ن خالل البنوك‬
‫الالربوية‪ ،‬رسالة ماجستير تحليل واستشراف اقتصادي‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬كلية العلوم التجارية‬
‫والعلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬الجزائر‪ :‬جامعة منتوري‪.‬‬

‫‪ .23‬محم��د الصيرفي‪2019( ،‬م)‪ ،‬إدارة المصارف‪ ،‬االس��كندرية‪ :‬دار الوفاء لدنيا الطباعة‬
‫والنشر‪.‬‬

‫‪ .24‬محم��د الطاه��ر الهاش��مي‪2010( ،‬م)‪ ،‬المصارف اإلس�لامية والمص��ارف التقليدية‬


‫ـ األس��اس الفك��ري والممارس��ات الواقعي��ة ودورها ف��ي تحقيق التنمي��ة االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬ليبيا‪ :‬دار الكتب لمنشورات جامعة ‪ 7‬أكتوبر ببنغازي‪.‬‬

‫‪ .25‬محمد عبد اهلل شاهين‪2015( ،‬م)‪ ،‬البنوك اإلسالمية‪ ،‬القاهرة‪ :‬المكتبة العصرية للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬

‫‪ .26‬محمد نور الدين أردنية‪2010( ،‬م)‪ ،‬القرض الحسن وأحكامه في الفقه اإلسالمي‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير في الفقه والتشريع‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬فلسطين‪ :‬جامعة النجاح الوطنية‪.‬‬

‫‪ .27‬محمود حس��ين الوادي‪ ،‬وحسين محمد س��محان‪2012( ،‬م)‪ ،‬المصارف اإلسالمية ـ‬


‫األسس النظرية والتطبيقات العملية‪ ،‬األردن‪ :‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪.‬‬

‫‪ .28‬مصطفى كمال الطايل‪2014( ،‬م)‪ ،‬الصناعة المصرفية والعولمة االقتصادية‪ ،‬مصر‪ :‬الدار‬
‫الجامعية‪.‬‬

‫‪ .29‬ناصر غريب‪2001( ،‬م)‪ ،‬أصول المصرفية اإلس�لامية وقضايا التش��غيل‪ ،‬البحرين‪:‬‬


‫منشورات اتحاد المصارف العربية‪.‬‬

‫( ‪) 446‬‬
‫‪ .30‬نوال عمارة صالح‪2013( ،‬م)‪ ،‬المراجعة والرقابة في المصارف اإلس�لامية‪ ،‬األردن‪:‬‬
‫دار وائل للنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪ .31‬يون��س الهواملة‪2017/02/25( ،‬م)‪ ،‬معالم في طري��ق تحويل المصارف من النظام‬


‫التقليدي إلى النظام اإلسالمي‪ ،‬تاريخ االسترداد ‪2020/04/01‬م‪ ،‬من دار االفتاء‪:‬‬
‫‪https://www.aliftaa.jo/ReseartchId=101‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 447‬‬
‫‪‬‬
‫التمويل بالسلم يف املؤسسات املالية اإلسالمية‬
‫وأثره على التنمية االقتصادية‬

‫إعداد‬
‫أمحد حممد علي اجلبالي‬
‫طالب دكتوراه يف السنة الثالثة‬
‫ختصص االقتصاد وإدارة املعامالت اإلسالمية‬
‫جامعة العلوم اإلسالمية املاليزية (‪)USIM‬‬
‫ماجستري مصارف إسالمية جامعة عجلون الوطنية‪/‬األردن‬
‫بكالوريوس إدارة عامة جامعة مؤتة‪/‬األردن‬
‫امللخص بالعربية‬
‫التمويل بالس��لم في المؤسس��ات المالية اإلس�لامية وأث��ره على التنمي��ة االقتصادية‪،‬‬
‫الباح��ث احمد محمد علي الجبالي‪ ،‬يهدف البحث إلى التعرف على عقد الس��لم وتطبيقاته‬
‫المعاصرة ‪ ،‬وبيان دور تطبيق صيغة عقد السلم في المؤسسات المالية اإلسالمية على تنمية‬
‫القطاعات االقتصادية‪ ،‬وقد توصل الباحث إلى عدة نتائج أهمها ‪ ،‬إن الس��لم يتعامل بأسعار‬
‫مستقبلية فنجد أن اإلنتاج يتذبذب واألسعار ترتفع في كثير من األحيان‪ ،‬وان التمويل بصيغة‬
‫الس��لم تلبي حاجات المجتمع المس��لم بكل قطاعاته‪ ،‬فهي توفير للنقد في أيدي المزارعين‬
‫ألنه ش��راء مس��تقبل اإلنتاج المتوقع ‪ ،‬إال أن هنالك تقلبات في األس��واق مما قد ال يمكن‬
‫المصرف من بيع السلع وفق أسعار مجزية‪ ،‬وتصلح صيغة السلم لتمويل مختلف األنشطة‪،‬‬
‫فتنم��ي الدخ��ل الوطني من خ�لال دعم وتش��جيع المش��اريع ‪ ،‬وأوصى البح��ث بضرورة‬
‫نش��ر الوعي الديني في فقه المعامالت المالية‪ ،‬والوس��ائل الش��رعية التي تساهم في التنمية‬
‫االقتصادي��ة للمجتمعات ‪ ،‬واالبتعاد من التعامل بالمعامالت الربوية ‪ ،‬والتوس��ع في تطبيق‬
‫عقد الس��لم بالمؤسسات المالية اإلس�لامية ‪،‬وإصدار تشريعات حكومية تحفز المؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية على تطبيق السلم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 451‬‬
Abstract
ALSAlAM financing in Islamic financial institutions and its
impact on economic development, researcher Ahmad Mohammad
Ali AlJabali. The research aims to identify the peace contract and its
contemporary applications, and to clarify the role of applying the Salam
contract formula in Islamic financial institutions on the development
of economic sectors. The researcher reached several results, the most
important of which are, Salam deals with future prices, so we find that
production fluctuates and prices rise in many cases, and that financing
in the form of peace meets the needs of the Muslim community in all
its sectors. From selling goods at remunerative prices, and the peace
formula is suitable for financing various activities, thus developing
the national income through supporting and encouraging projects,
The research recommended the need to spread religious awareness in
the jurisprudence of financial transactions, and the legitimate means
that contribute to the economic development of societies, and to
move away from dealing with usurious transactions, and to expand
the application of the peace contract in Islamic financial institutions,
and the issuance of government legislation that motivates Islamic
financial institutions to implement peace

  

) 452 (
‫الفصل األول‬
‫اإلطار العام‬
‫املقدمة‪:‬‬
‫تقوم صيغة عقد السلم على فكرة التعجيل بالثمن مقابل تأجيل المبيع ‪ ،‬وبالتالي توفير‬
‫التمويل المناس��ب للمزارع أو ال ُمنتِج أو رجل األعمال أو الصانع بطريقة ش��رعية بعيدة عن‬
‫القروض الربوية ‪ ،‬حيث يس��تفيد العميل من تأخير الس��داد لحين إنتاج المشروع ‪ ،‬ويستفيد‬
‫المصرف بتشغيل األموال والحصول على العوائد الربحية المطلوبة‪.‬‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫رك��زت العديد من المؤسس��ات المالية التي اتخذت من الش��ريعة اإلس�لامية ضاب ًطا‬
‫لمعامالته��ا المالية ‪ ،‬على بعض صيغ التمويل اإلس�لامية مثل بيع المرابحة لآلمر بالش��راء‬
‫والمضاربة واإلجارة المنتهية بالتمليك ‪ ،‬وتجاهلت العديد من صيغ التمويل اإلسالمي التي‬
‫يحتاجها العمالء والمجتمع ‪ ،‬والتي لها دور كبير في تحفيز قطاعاته وتنمية االقتصاد المحلي‬
‫للمجتمع وتعود بالنفع على المصرف أو المؤسسة وتنمي أمواله وتزيد من استثماراته ‪ ،‬ومن‬
‫بين هذه الصيغ صيغة عقد السلم التي تعتبر من أهم الصيغ في المعامالت المالية اإلسالمية‬
‫وق��د صدرت العديد من المعايير الخاصة بهذه الصي��غ والتي أجازت وبينت إمكانية تطبيق‬
‫هذه الصيغة لدى المصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية(((‪.‬‬

‫أسئلة البحث‪:‬‬
‫سيحاول الباحث من خالل هذا البحث اإلجابة على األسئلة التالية‪:‬‬

‫((( جمعي��ة البنوك العاملة في األردن‪2018 ،‬م‪ ،‬دليل الخدمات والمنتجات والحلول المصرفية المقدمة‬
‫من البنوك اإلسالمية‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫( ‪) 453‬‬
‫‪ .1‬ما هو عقد السلم؟‬

‫‪ .2‬ما هو دور التمويل بصيغة عقد السلم في تنمية القطاعات االقتصادية؟‬

‫أهمية البحث‪:‬‬
‫تأتي أهمية البحث من التعرف على عقد السلم وأركانه وشروطه ومشروعيته‪ ،‬وأسس‬
‫تطبيقات��ه المعاصرة في المؤسس��ات المالية اإلس�لامية وما هو دور ه��ذه الصيغة في تنمية‬
‫القطاعات االقتصادية المختلفة‪.‬‬

‫أهداف البحث‪:‬‬
‫يهدف البحث إلى‪:‬‬

‫‪ .1‬معرفة عقد السلم وتطبيقاته المعاصرة‪.‬‬

‫‪ .2‬بيان دور تطبيق صيغة عقد الس��لم في المؤسسات المالية اإلسالمية على تنمية‬
‫القطاعات االقتصادية‪.‬‬

‫حدود البحث‪:‬‬
‫س��يقتصر البحث على عقد الس��لم والس��لم الموازي ‪ ،‬وعلى القطاعات الرئيس��ية في‬
‫االقتصاد األردني وهي القطاع الزراعي والقطاع الصناعي والقطاع التجاري‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫‪ .1‬دراس��ة عثمان مه��دي ‪2020‬م بعنوان التمويل بصيغة الس��لم وأث��ره في معدالت‬
‫الربحية والسيولة في المصارف السودانية ‪ ،‬تهدف لدراسة إلى معرفة مدى تأثير السلم على‪،‬‬
‫وتوصلت الدراسة إلى أن هنالك عالقة بين التمويل بصيغة السلم وأرباح البنك ‪ ،‬فكلما زاد‬
‫التمويل بالسلم زادت أرباح البنك‪ ،‬وأوصت بالتوسع بتطبيق صيغة السلم‪.‬‬

‫‪ .2‬دراس��ة الخليفة محمد ‪2019‬م عقد الس��لم وأثره في التنمي��ة اقتصاديًّا ‪ ،‬وتناولت‬
‫الدراس��ة التعريف بعقد الس��لم وحكمة مشروعيته وأركانه وش��روطه وبعض أحكامه وأثره‬

‫( ‪) 454‬‬
‫االقتصادي على المجتمعات ‪ ،‬وتوصلت الدراسة إلى أن عقد السلم من البدائل للمعامالت‬
‫الربوية ويجب االهتمام به‪.‬‬

‫‪ .3‬دراس��ة الشديفات زيد قاسم ‪2018‬م بعنوان عقد السلم كأداة لتمويل المشروعات‬
‫الصغيرة والمتوسطة وتطبيقاته المعاصرة‪ ،‬وضحت الدراسة السلم كصيغة لتمويل المشاريع‬
‫الصغي��رة والمتوس��طة والمفهوم الفقهي ومج��االت التطبيق في القط��اع الزراعي والقطاع‬
‫الصناع��ي والقط��اع التج��اري‪ ،‬وتوصلت الدراس��ة إلى أن صيغة الس��لم تمت��از بالمرونة‪،‬‬
‫وأوصت الدراسة باعتماد صيغة السلم لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬

‫‪ .4‬دراس��ة بابك��ر احمد ‪1997‬م تجربة البنوك اإلس�لامية في الس��ودان ف��ي التمويل‬
‫الزراعي بصيغة الس��لم تحدثت الدراس��ة عن صيغة عقد الس��لم ‪ ،‬وإمكانية تطبيقها من قبل‬
‫المصارف اإلسالمية في السودان في تمويل القطاع الزراعي‪.‬‬

‫منهجية البحث‪:‬‬
‫تعتم��د الدراس��ة عل��ى المنهج الوصف��ي التحليل��ي‪ ،‬حيث يس��اهم ه��ذا المنهج في‬
‫تحلي��ل المعلومات بعد جمعها من مصادرها األولي��ة ويهدف إلى التعرف والحصول على‬
‫المعلومات المتعلقة بالدراسة من أجل تحقيق أهداف الدراسة ‪ ،‬من خالل جمع المعلومات‬
‫م��ن مصادرها المكتوب��ة ‪ ،‬مثل الكتب ‪ ،‬والدوري��ات ‪ ،‬والمجالت ‪ ،‬والمق��االت العربية ‪،‬‬
‫واألجنبية ‪ ،‬والدراس��ات الس��ابقة العربية واألجنبية ‪ ،‬ذات العالق��ة بالموضوع ‪ ،‬والبحوث‬
‫المحكمة المنشورة على اإلنترنت‪.‬‬

‫مصطلحات البحث‪:‬‬
‫‪ .1‬المؤسس��ات المالية اإلسالمية‪ :‬مؤسسات تقدم خدمات مالية وف ًقا ألحكام ومبادئ‬
‫الشريعة اإلسالمية(((‪.‬‬

‫‪ .2‬الس��لم‪ :‬هو أحد أنواع البيوع التي يتم فيه االتفاق على تعجيل دفع ثمن الس��لعة مع‬

‫((( الموقع اإللكتروني لمجلس الخدمات المالية اإلسالمية‪www.ifsb.org :‬‬

‫( ‪) 455‬‬
‫تأجيل تسليمها‪ ،‬وهو عكس البيع اآلجل (البيع بالتقسيط) الذي يتم فيه تقديم تسليم السلعة‬
‫وتأخير قبض الثمن(((‪.‬‬

‫‪ .3‬التنمي��ة االقتصادي��ة‪ :‬هي عب��ارة عن أحد المقايي��س المعتمدة عل��ى التكنولوجيا‪،‬‬


‫لالنتق��ال م��ن حال ٍة إلى أخرى جدي��د ٍة ‪ ،‬بهدف تحس��ينها‪ ،‬وتهدف إلى تعزي��ز نم ّو الدّول‪،‬‬
‫خطط التطويريّة‪ ،‬التي تجعلها أكثر تق ُّدمًا وتط ّو ًرا‪ ،‬م ّما يؤثّر على‬
‫وذل��ك بتطبيق العديد من ال ُ‬
‫تأثيرا إيجابيًّا‪ ،‬عن طريق تنفيذ مجموع ٍة من االس��تراتيجيّات الناجحة‪ ،‬التي تسعي‬ ‫المجتمع ً‬
‫من خاللها المجتمعات إلى زيادة قدرتها‪ ،‬لالستفادة من الثّروات ال ُمتاحة في بيئاتها(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( حم��اد‪ ،‬نزي��ه‪2008 ،‬م‪ ،‬معج��م المصطلحات المالي��ة واالقتصادية في لغة الفقهاء‪ ،‬جدة‪ ،‬دار بش��ير‬
‫للنشر‪ ،‬ط ‪ ،1‬ص‪.411‬‬
‫((( االهدن‪ ،‬فرهاد محمد علي‪1996 ،‬م‪ ،‬التنمية االقتصادية الش��املة من منظور إس�لامي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫التعاون للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫( ‪) 456‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫اإلطار النظري‬
‫أولاً ‪ :‬صيغة عقد السلم‪:‬‬
‫عقد الس��لم م��ن المعامالت المتعارف عليها قديما ‪ ،‬وقد أقرت الش��ريعة اإلس�لامية‬
‫التعامل بها ونظمتها بأحكام وضوابط ‪ ،‬ويعتبر عقد الس��لم من أهم الصيغ الشرعية للتمويل‬
‫واالستثمار حيث يتمكن أصحاب المشروعات الزراعية أو الصناعية من تمويل مشروعاتهم‬
‫عن طريق بيع ما س��تنتجه مش��روعاتهم مقد ًما‪ ،‬فيحصل لهم تمويل مش��روعاتهم هذه بتلك‬
‫األثمان بعيدًا عن القروض الربوية(((‪.‬‬
‫ويعرف الس��لم في لغة العرب بأنه اإلعطاء‪ ،‬والترك‪ ،‬والتسليف ‪ ،‬ويقال‪ :‬أسلم‪ ،‬وسلّم‬
‫إذا أس��لف‪ ،‬وهو‪ :‬أن تعطي ذهبًا أو فضة في سلعة معلومة إلى أمد معلوم ‪ ،‬والسلف هو بيع‬
‫الس��لم‪ ،‬وهو نوع من البيوع يعجل فيه الثمن‪ ،‬وتضبط الس��لعة بالوص��ف إلى أجل معلوم‪،‬‬
‫والس��لم‪ :‬االستالم والتسليم واألس��ر من غير حرب(((‪ ،‬أما في االصطالح‪ ،‬فهو من العقود‬
‫المسماة في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وهو بيع مؤجل لموصوف في الذمة بثمن عاجل(((‪.‬‬
‫وعقد السلم من العقود المهمة التي يمكن تطبيقها في المصارف اإلسالمية ‪ ،‬من خالل‬
‫العق��ود التي تنعقد بين الزراع والصناع مع المصرف لتمويل مزارعهم ومصانعهم‪ ،‬مما يوفر‬
‫س��يولة نقدية لتغطية كلف اإلنتاج ‪ ،‬ويس��تفيد المصرف من توظيف أمواله بالطرق الشرعية‬
‫التي هي أساس ما قامت عليه المصارف اإلسالمية ‪ ،‬وبين مجمع الفقه اإلسالمي تطبيقات‬
‫السلم بما يلي(((‪:‬‬

‫القضاة‪ ،‬زكريا محمد‪ ،‬السلم والمضاربة من عوامل التيسير في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ص ‪ 146‬ـ ‪.147‬‬ ‫(((‬
‫المعجم الوسيط‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص‪ ،41‬وابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص‪.295‬‬ ‫(((‬
‫الوشيل‪ ،‬صالح بن أحمد‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪.302‬‬ ‫(((‬
‫مجمع الفقه اإلسالمي‪ ،‬قرار رقم ‪.)2/9( 85‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 457‬‬
‫‪ .1‬يصلح عقد الس��لم لتموي��ل العمليات الزراعية المختلف��ة‪ ،‬حيث يتعامل المصرف‬
‫اإلسالمي مع المزارعين الذين يتوقع أن توجد لديهم السلعة في الموسم من محاصيلهم أو‬
‫محاصيل غيرهم التي يمكن أن يشتروها ويسلَموها إذا أخفقوا في التسليم من محاصيلهم‪،‬‬
‫فَيُ َق ِّد ُم لهم بهذا التمويل نفعًا بال ًغا ويدفع عنهم مشقة العجز المالي عن تحقق إنتاجهم‪.‬‬

‫‪ .2‬يمكن استخدام عقد السلم في تمويل النشاط الزراعي والصناعي‪ ،‬والسيما تمويل‬
‫المراحل الس��ابقة إلنتاج وتصدير الس��لع والمنتجات الرائجة‪ ،‬وذلك بشرائها َسل ًما وإعادة‬
‫تسويقها بأسعار مجزية‪.‬‬

‫‪ .3‬يمك��ن تطبي��ق عقد الس��لم في تموي��ل الحرفيي��ن وصغ��ار المنتجي��ن الزراعيين‬


‫والصناعيين عن طريق إمدادهم بمستلزمات اإلنتاج في صورة معدات وآالت أو مواد أولية‬
‫كرأس مال سلم مقابل الحصول على بعض منتجاتهم وإعادة تسويقها‪.‬‬

‫وعقد الس��لم من صيغ التمويل اإلس�لامية التي تتميز بالكفاءة ‪ ،‬والمرونة الكبيرة‪ ،‬وله‬
‫أشكال تلبي التمويل قصير ومتوسط وطويل األجل وهي(((‪:‬‬

‫‪ -1‬السلم البس��يط أو العادي‪ :‬بصورة السلم األولية المجمع على شرعيته من الفقهاء‬
‫قديم��ا وحديث��ا ‪ ،‬بان يقدم المص��رف التمويل للعميل لش��راء مس��تلزمات اإلنتاج عاجال ‪،‬‬
‫ويحصل على جزء من اإلنتاج آجال‪ ،‬حسب االتفاق والمدة المحددة‪.‬‬

‫‪ -2‬السلم المقسط‪ :‬ويكون في الجنس الواحد ويسلم في آجال متفاوتة فيكون التسليم‬
‫عند كل اجل معلوم المقدار ‪ ،‬وتكون اآلجال أما دورية منتظمة أو غير دورية‪.‬‬

‫‪ -3‬الس��لم الموازي‪ :‬اس��تحدث كصيغة للتمويل في المصارف والمؤسس��ات المالية‬


‫اإلس�لامية من عقد السلم البسيط ‪ ،‬فيلتزم البائع بتسليم سلعة موصوفة بالذمة اشتراها بعقد‬
‫س��لم أول ‪ ،‬إلى المش��تري الجديد بعقد س��لم ثاني بغير ربط بين العقدين ‪ ،‬فالمصرف في‬

‫((( األش��قر‪ ،‬محمد س��ليمان‪1995 ،‬م‪ ،‬عقد الس��لم كما تجريه البنوك اإلس�لامية‪ ،‬عمان دار النفائس‪،‬‬
‫ص‪.76‬‬

‫( ‪) 458‬‬
‫العقد األول هو المشتري (رب السلم) ‪ ،‬وفي عقد السلم الثاني يكون بائع (مسلم إليه)(((‪.‬‬

‫وأول من وصف هذا النوع من العقود اإلمام هو اإلمام الشافعي رحمه اهلل فقد جاء في‬
‫كتابه األم «من سلف الطعام وثم باع الطعام قبل قبضه لم يجوز ‪ ،‬أما أذا باعه بوصف ونوى‬
‫أن يقبض��ه م��ن ذلك الطعام فيجوز ألنه يقضيه من غي��ره »(((‪ ،‬وهو ما يجري في المصارف‬
‫والمؤسسات المالية اإلسالمية ‪ ،‬فعقد السلم الموازي يتكون من عقدين سلم‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا املؤسسات املالية اإلسالمية‬
‫تعرف المؤسس��ة المالية اإلسالمية بأنها مؤسس��ة مالية أُنشئت بموجب قانون‪ ،‬وتتمتع‬
‫بش��خصية اعتباري��ة وإداري��ة ‪ ،‬وتمارس النش��اطات المالية ‪ ،‬وفق أحكام ومبادئ الش��ريعة‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬ويمكن تقس��يم المؤسس��ات المالية إلى ثالثة أنواع هي‪ :‬المصارف التجارية ‪،‬‬
‫والمؤسسات المالية غير المصرفية ‪ ،‬ومؤسسات االئتمان المتخصصة(((‪.‬‬

‫‪ -1‬المصارف اإلسالمية‬

‫المصرف في اللغة‪ :‬مش��تقة من كلمة صرف‪ ،‬والصرف بمعنى مبادلة الش��يء بالشيء‪،‬‬
‫وف��ي المعامالت تعن��ي مبادلة النقد بالنق��د‪ ،‬والمصرف المكان الذي يت��م فيه الصرف(((‪،‬‬
‫أما المصارف اإلس�لامية فقد تع��ددت تعريفاتها فعُرفت ﻋﻠﻰ أنها‪ :‬مؤسس��ات مالية نقدية‪،‬‬
‫تق��دم الخدم��ات ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ واألعمال ﺍﻟﻤﺼﺭﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻭتقوم بج��ذب ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺩ النقدية وتوظيفها بما‬
‫يكف��ل نموها‪ ،‬وتحقيق العوائد منها ﻓﻲ إطار أحكام الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬وكما تم تعريفها‬
‫بأنه��ا‪ :‬مؤسس��ة مالية مصرفية ال تتعام��ل بالفائدة (الربا) أخ ًذا أو عطاءً‪ ،‬وتلتزم في نش��اطها‬

‫األيوف��ي‪2017 ،‬م‪ ،‬المعاير الش��رعية‪ ،‬الصادرة عن هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية‬ ‫(((‬
‫اإلسالمية‪ ،‬البحرين‪ ،‬المعيار رقم ‪ ،10‬السلم والسلم الموازي‪ ،‬ص‪.291‬‬
‫الشافعي‪ ،‬محمد بن إدريس‪1972 ،‬م‪ ،‬األم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬ط‪ ،2‬ج‪ ،3‬ص‪.73‬‬ ‫(((‬
‫شابرا ‪ ،‬محمد عمر (‪1990‬م)‪ ،‬نحو نظام نقدي عادل دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في‬ ‫(((‬
‫ضوء اإلسالم ‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار البشير للنشر ‪ ،‬عمان‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫المعجم الوسيط ‪2011 ،‬م‪.513 ،‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 459‬‬
‫ومعامالته��ا المالية بالقواعد الش��رعية(((‪ ،‬أما في نصوص القانون فهي‪ :‬ش��ركة ُرخص لها‬
‫ممارسة األعمال المصرفية وفق أحكام الشريعة اإلسالمية ومبادئها(((‪.‬‬
‫لقد ظهرت أول محاولة إلنشاء المصا ِرف اإلسالمية في ماليزيا سنة ‪1940‬م‪ ،‬التي جاءت‬
‫على ش��كل صناديق لالدخار بدون فائدة ‪ ،‬وفي سنة ‪1950‬م انتقلت فكرة اعتماد صيغ تمويل‬
‫تلتزم بأحكام الش��ريعة اإلسالمية إلى دولة باكس��تان ‪ ،‬عن طريق ظهور مؤسسة تقوم باستقبال‬
‫الودائع وإقراضها للمزارعين مقابل عائد بس��يط لتغطية النفقات اإلدارية ‪ ،‬ومن ثم تأسس سنة‬
‫‪1963‬م بنك ادخار يعمل وفق أحكام الش��ريعة اإلس�لامية في مدين��ة (ميت غمر) بجمهورية‬
‫مص��ر العربية ‪ ،‬وتعد هذه أول تجربة مس��جلة في العصر الحدي��ث في مجال العمل المصرفي‬
‫اإلس�لامي‪ ،‬وفي س��نة ‪ 1963‬تأس��س بيت الحجاج في ماليزيا‪ ،‬بهدف التمويل الالزم للحج‪،‬‬
‫وفي سنة ‪1971‬م تأسس مص ِرف ناصر االجتماعي في مصر ‪ ،‬وتأسس مص ِرف دبي اإلسالمي‬
‫س��نة ‪1975‬م‪ ،‬وفي سنة ‪1977‬م أُنش��ئ مص ِرف فيصل اإلسالمي السوداني ‪ ،‬ومص ِرف فيصل‬
‫اإلسالمي المصري‪ ،‬وبيت التمويل الكويتي ‪ ،‬وتم إنشاء االتحاد الدولي للمصا ِرف اإلسالمية‬
‫‪ ،‬ومقره مكة المكرمة‪ ،‬وفي سنة ‪1978‬م تأسس البنك اإلسالمي األردني ‪ ،‬وفي سنة ‪1982‬م‬
‫أُس��س مص ِرف البحرين اإلسالمي ‪ ،‬وفي س��نة ‪1987‬م أُسس المص ِرف اإلسالمي الماليزي ‪،‬‬
‫وتحولت مؤسسة الراجحي للصرافة السعودية إلى مص ِرف إسالمي ‪ ،‬وفي سنة ‪1990‬م تأسس‬
‫مص ِرف قطر الدولي‪ ،‬وفي س��نة ‪1997‬م تأس��س البنك العربي اإلسالمي الدولي في األردن ‪،‬‬
‫وفي س��نة ‪2004‬م تأسس في بريطانيا مص ِرف إسالمي باسم بنك بريطانيا اإلسالمي ‪ ،‬وكذلك‬
‫المص ِرف اإلسالمي في لوكسمبرك ‪ ،‬وبنك البركة في الواليات المتحدة األمريكية ـ تكساس‪،‬‬
‫وفي سنة ‪2009‬م قام مص ِرف نوريبا (بنك ‪ ، )BSC‬التابع لبنك (‪ )UBS‬وهو من أكبر البنوك‬
‫السويسرية ‪ ،‬بفتح فرع له في البحرين يتعامل وفق أحكام ومبادئ الشريعة اإلسالمية(((‪.‬‬

‫((( العجلون��ي ‪ ،‬محمد محمود (‪2008‬م)‪ ،‬البنوك اإلس�لامية أحكامه��ا ومبادئها وتطبيقاتها المصرفية ‪،‬‬
‫ط‪ ، 1‬دار المسيرة للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫((( قانون البنوك األردني رقم ‪ 28‬لسنة ‪2000‬م المادة «‪.»2‬‬
‫((( عاش��ور ‪ ،‬يوس��ف حسين محمود (‪2003‬م)‪ ،‬إدارة المصارف اإلس�لامية ‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار فلسطين للنشر‬
‫=‬ ‫ ‬ ‫والتوزيع‪ ،‬القدس‪.‬‬

‫( ‪) 460‬‬
‫‪ -2‬المؤسسات المالية غير المصرفية‬

‫ه��ي ش��ركات االس��تثمار والتموي��ل‪ ،‬والجمعي��ات التعاونية‪ ،‬ومجموع��ة أخرى من‬


‫مؤسس��ات إدارة االس��تثمار ‪ ،‬التي تمارس أعمالها وفق نُظم الش��ركات الشرعية بعيدًا عن‬
‫األس��اليب المصرفية ‪ ،‬وتعود ملكية هذه المؤسسات غالبًا للقطاع الخاص وبعضها للقطاع‬
‫الع��ام ‪ ،‬وتقوم بتقدي��م التمويل الالزم للعم�لاء بهدف الحصول على األرباح على أُس��س‬
‫ومبادئ المضاربة والمش��اركة في الربح والخس��ارة ‪ ،‬ضمن نسب وشروط وأحكام خاصة‬
‫يتم االتفاق عليها‪ ،‬أما مصدر أموال هذه المؤسسات فهم المساهمون ‪ ،‬بحيث توزع األرباح‬
‫الت��ي تحصل عليها المؤسس��ات المالية غير المصرفية بين حملة أس��هم رأس المال ‪ ،‬ومن‬
‫األمثلة عليها (ش��ركة إثمار للتمويل اإلسالمي ‪ ،‬وش��ركة دار التمويل اإلسالمي ‪ ،‬والشركة‬
‫األولى للتمويل)(((‪.‬‬

‫‪ -3‬المؤسسات االئتمانية المتخصصة‬

‫من المعروف أن المصارف والمؤسس��ات المالية غير المصرفية هي مؤسسات تسعى‬


‫إل��ى تحقي��ق الربح ‪ ،‬وبالتال��ي فإن بعض القطاعات ف��ي المجتمع غير ق��ادرة على التعامل‬
‫معه��ا ‪ ،‬والحص��ول على التمويل الالزم لها بس��ب عدم وجود ضمان��ات لديهم ‪ ،‬ومن هنا‬
‫أصبح من الواجب على الدولة تأسيس مؤسسات ائتمانية متخصصة تسعى إلى تقديم الدعم‬
‫والتش��جيع لهذه القطاعات مثل‪( :‬قطاع الزارعة‪ ،‬والصناعة ‪ ،‬واإلسكان ‪ ،‬وغيرها) ‪ ،‬وتكون‬
‫مسؤولية الدولة اإلشراف عليها وتوفير النقد الالزم لها لتحقيق هدفها في دعم القطاع الذي‬
‫أُنشئت من أجله(((‪.‬‬

‫= الب��دري ‪ ،‬ج�لال وف��اء ‪2008( ،‬م)‪ ،‬البن��وك اإلس�لامية ‪ ،‬دار الجامع��ة الجديدة للنش��ر والتوزيع ‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪.‬‬
‫((( شابرا ‪ ،‬محمد عمر (‪1990‬م)‪ ،‬نحو نظام نقدي عادل دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في‬
‫ضوء اإلسالم ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬دار البشير للنشر ‪ ،‬عمان‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫((( المرجع نفسه ص‪.158‬‬

‫( ‪) 461‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬دور السلم يف التنمية االقتصادية‬
‫لقد حرم اإلس�لام الربا لما ل��ه من أثار اقتصادية واجتماعي��ة وخيمة مدمرة لالقتصاد‬
‫ومعطلة لإلنتاج ومعلنة لإلفالس وكس��اد األس��واق وخس��ارة التجارة وتوقف للمش��اريع‪،‬‬
‫ويقضي على وحدة وتراص أفراد المجتمع‪ ،‬وقد أوجد البديل اإلسالم البديل الشرعي للربا‬
‫والمتمثل بالمعامالت المالية اإلسالمية والتي تعرف بالبيوع المباحة في الشريعة اإلسالمية‬
‫ومن بينها عقد الس��لم الذي له دور كبير في س��د حاجات الناس وقض��اء حوائجهم وتنمية‬
‫قطاعات المجتمع المحلي‪ ،‬وتع��رف التنمية االقتصادية بأنها أحد المقاييس المعتمدة على‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬لالنتقال من حال ٍة إلى أخرى جديد ٍة ‪ ،‬بهدف تحسينها‪ ،‬وتهدف إلى تعزيز نم ّو‬
‫ال��دّول‪ ،‬وذلك بتطبي��ق العديد من ال ُ‬
‫خطط التطويريّة‪ ،‬التي تجعلها أكث��ر تق ُّد ًما وتط ّو ًرا‪ ،‬م ّما‬
‫تأثيرا إيجابيًّا‪ ،‬عن طريق تنفيذ مجموع ٍة من االس��تراتيجيّات الناجحة‪،‬‬ ‫يؤثّر عل��ى المجتمع ً‬
‫التي تس��عي من خاللها المجتمعات إلى زيادة قدرتها ‪ ،‬لالس��تفادة من الثّروات ال ُمتاحة في‬
‫بيئاتها((( ‪ ،‬ويساهم السلم في التنمية االقتصادية من خالل‪:‬‬
‫‪ -1‬أفراد المجتمع‬
‫تحقيق التعاون والتكاتف والوحدة بين أفراد المجتمع من خالل أن عقد الس��لم يقدم‬
‫المال لمن يحتاج له عاجال الس��تخدامه باإلنفاق لس��د حاجات أفراد المجتمع الش��خصية‬
‫والتجارية بصفته مس��لم إليه بمقابل أن يلتزم بتقديم شيء موصوف بالذمة محدد آجال على‬
‫أن يكون قادر على الوفاء بهذا االلتزام‪ ،‬ومن هنا يس��اهم عقد الس��لم في سد حاجة المسلم‬
‫الحالية للمال مقابل قدرته على تس��ليم المس��لم فيه بدلاً من االقتراض بالربا‪ ،‬كما يس��تفيد‬
‫المس��لم أن المس��لم فيه مش��غول في ذمة الغير عند التعاقد عليه‪ ،‬فيتجن��ب مخاطر تقلبات‬
‫األس��عار‪ ،‬فيحقق عقد السلم الرفق بين الطرفين البائع والمش��تري لمصلحة الطرفين فرب‬
‫المال (المس��لم) يش��تري المس��لم فيه بأقل من قيمته الحاضرة‪ ،‬والمسلم إليه يحصل على‬
‫المال الذي يحتاجه مقدمًا‪.‬‬

‫((( االهدن‪ ،‬فرهاد محمد علي‪1996 ،‬م‪ ،‬التنمية االقتصادية الش��املة من منظور إس�لامي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫التعاون للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫( ‪) 462‬‬
‫‪ -2‬اقتصاد المجتمع‬
‫يمن��ح التمويل بعقد الس��لم المنتج أو الم��زارع أو التاجر أو الصانع الس��يولة الالزمة‬
‫الس��تمرار تقدم��ه ف��ي اإلنت��اج دون أن يتوقف بس��بب نقص الس��يولة المالي��ة‪ ،‬كما يمكن‬
‫المؤسسات المالية المطبقة لهذه الصيغة من تملك السلع بسعر اقل من مثيلها في األسواق‬
‫لكي تقوم المؤسس��ات بتسويق هذه الس��لع الحقا من خاللها أو من خالل غيرها‪ ،‬وتساهم‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية من خالل عقد السلم بالتنمية االقتصادية من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬المس��اعدة في إعانة الحكومات على حل مش��اكل صغار المزارعين والحرفين عن‬
‫طريق شراء منتجاتهم مسبقا وتقديم الثمن لهم لتحسين اإلنتاج وتقدمه‬
‫‪ -‬المساهمة في إنشاء وتطوير أسواق إسالمية أكثر عدالة بسبب دفع الثمن مسبقا‬
‫‪ -‬يس��تخدم عقد الس��لم كأداة للتمويل قصير أو متوس��ط أو طويل األجل حسب نوع‬
‫وطبيعة المنتج وإمكانية المؤسسة المالية‬
‫‪ -‬ويساهم عقد السلم في تمويل األنشطة االقتصادية المختلفة ومنها‪:‬‬
‫أ ـ التجارة‬
‫تراعي المؤسسات المالية اإلسالمية عند تطبيق صيغة السلم أن يكون المنتج (المسلم‬
‫في��ه) ممن نش��اط الش��ركة أو الميل الطالب للتموي��ل ‪ ،‬أو ضمن قدرته عل��ى توفيره ضمن‬
‫المواصفات المحدد وبالوقت المحدد والضوابط الخاصة بهذا النوع من التمويل كان يكون‬
‫الس��عر المتفق عليه أقل من س��عر المثل المتوق��ع حين القبض فتقوم المؤسس��ة ببيعها مرة‬
‫أخرى بسعر مناسب لتحقيق الربح من التمويل الذي يهدف إلى‪:‬‬
‫‪ -‬استخدام الموارد المالية المتاحة بالطريقة المثلى لزيادة إنجازات المؤسسات المالية‬
‫اإلسالمية وتحقيق العائد الربحي المطلوب بأفضل طرق االستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق أقصى ثروة للمساهمين عن طريق تحقيق المنفعة القصوى لهم‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة الربح اإلجمالي للمؤسسة وسعر السهم عن طريق تحقيق أقصى ربح‪.‬‬

‫( ‪) 463‬‬
‫ويس��تطيع التجار أو الش��ركات أن يتعاملوا بصيغة عقد السلم بصفتهم مسلما فيحصل‬
‫على ما يريد من س��لع في وقت رواج الس��لعة وبالس��عر المحدد عند التعاقد‪ ،‬ويبيعها بسعر‬
‫أوفر وقت حلول األجل‪ ،‬فيكون اس��تالم التاجر للمال اس��تثمارا ش��رعيا‪ ،‬أما بصفته مسلم‬
‫إلي��ه فيحصل على المال عاجال مقابل تس��ليم الس��لعة الموصوفة بالذم��ة‪ ،‬فيتصرف التاجر‬
‫بالمال من ش��راء س��لع وغيره‪ ،‬فيكون عقد الس��لم مصدر لتمويل التجار باألموال لإلنفاق‬
‫عل��ى عروض التجارة فيس��اهم في تطويرها وتحس��ين أدائها وتحقيق أهدافه��ا وازدهارها‬
‫وتطورها(((‪.‬‬
‫ب ـ الزراعة‬
‫يس��اهم عقد السلم بش��كل كبير جدا في تمويل النش��اط الزراعي‪ ،‬فيكون المزارع أما‬
‫مس��لما أو مس��لما إليه‪ ،‬فيحصلوا على الم��ال الالزم لتمويل منتجاته��م الزراعية وتطويرها‬
‫وتغطية نفقات اإلنتاج لتحس��ينه‪ ،‬مقابل االلتزام بدفع جزء متفق عليه من منتجاتهم الزراعية‬
‫وقت حصادها أو ثمنها حس��ب االتفاق‪ ،‬فقد يدف��ع المزارع من إنتاج محصوله أو من غيره‬
‫ش��ريطة أن تكون نفس المواصفات المتفق عليها‪ ،‬كما يمكن من خالل هذا التمويل إنش��اء‬
‫المزارع واس��تصالح األراضي وزراعتها‪ ،‬فيساهم عقد السلم في توفير السيولة النقدية التي‬
‫تلزم المزارع فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تهيئة البنية التحتية للزراعة‬
‫‪ -‬الحصول على البذور‬
‫‪ -‬الحصول على معدات اإلنتاج‬
‫‪ -‬الحصول على األسمدة والمبيدات الحشرية‬
‫‪ -‬تغطية أجور العمالة‬
‫‪ -‬تغطية نفقات الري‬

‫((( فياض عبد العزيز‪ ،‬السلم‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫( ‪) 464‬‬
‫‪ -‬عمليات القطف‬

‫‪ -‬تعبئة المنتجات وتوريدها وتسويقها‬

‫‪ -‬عمليات النقل والبيع‬

‫‪ -‬تغطية أي نفقات أخرى لإلنتاج والتسويق‬


‫ج ـ الصناعة‬

‫يعتقد البعض أن صيغة بيع السلم تختص بالقطاع الزراعي وان صيغة عقد االستصناع‬
‫هي التي تناسب تطوير قطاع الصناعة‪ ،‬إال أن عقد السلم يمكن أصحاب المصانع أو صغار‬
‫الصن��اع من الحصول على المال الالزم لتموي��ل العمليات الصناعية وتغطية نفقات اإلنتاج‬
‫الصناعي إلدامة اإلنتاج وعدم توقفه وتطويره وتحسين أدائه‪ ،‬مقابل االلتزام بالسداد األجل‬
‫من منجاتهم الصناعية أو غيرها حسب االتفاق‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 465‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫النتائج والتوصيات‬
‫أولاً ‪ :‬النتائج‪:‬‬
‫‪ .1‬إن السلم يتعامل بأسعار مستقبلية فنجد أن اإلنتاج يتذبذب واألسعار ترتفع في كثير‬
‫من األحيان‪.‬‬

‫‪ .2‬يلبي التمويل صيغة السلم حاجات المجتمع المسلم بكل قطاعاته‪.‬‬

‫‪ .3‬يمثل عقد السلم توفيرا للنقد في أيدي المزارعين ألنه شراء مستقبل اإلنتاج المتوقع‬
‫وفي العديد من األحيان ال توظف األموال لألهداف المرسومة‪.‬‬

‫‪ .4‬تقلبات األس��واق مما قد ال يمكن المصرف من بيع الس��لم فيه وفق أس��عار مجزية‬
‫مما يسبب لو خسائر متالحقة‪.‬‬

‫‪ .5‬صيغة السلم تصلح لتمويل مختلف األنشطة‪.‬‬

‫‪ .6‬صيغة الس��لم تساعد على توفير السيولة بالدرجة األساس للمنتجين وتزيد الحاجة‬
‫إلي السيولة نتيجة لزيادة الطلب على القروض‪.‬‬

‫‪ .7‬تنمية الدخل الوطني من خالل دعم وتشجيع المشاريع‪.‬‬


‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬التوصيات‬
‫‪ .1‬نشر الوعي الديني في فقه المعامالت المالية‪.‬‬

‫‪ .2‬معرفة الوسائل الشرعية التي تساهم في التنمية االقتصادية للمجتمعات‪.‬‬

‫‪ .3‬االبتعاد من التعامل بالمعامالت الربوية‪.‬‬

‫‪ .4‬التوسع في تطبيق عقد السلم بالمؤسسات المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫( ‪) 466‬‬
‫‪ .5‬إصدار تشريعات حكومية تحفز المؤسسات المالية اإلسالمية على تطبيق السلم‪.‬‬

‫‪ .6‬مراعاة تطبيق المعايير المحاسبية الصادرة من قبل الجهات المختصة في المؤسسات‬


‫اإلسالمية عند تطبيق عقد السلم‪.‬‬

‫‪ .7‬تدريب العاملين المؤسسات المالية اإلسالمية على التعامل بصيغ السلم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 467‬‬
‫املراجع‬
‫‪ -‬القرآن الكريم‬
‫‪ -‬السنة النبوية الشريفة‬
‫‪ -‬األيوفي‪2017 ،‬م‪ ،‬المعاير الشرعية‪ ،‬المعيار رقم ‪ ،50‬ص‪ 3‬ـ ‪.12‬‬
‫‪ -‬جمعي��ة البن��وك العاملة ف��ي األردن‪2018 ،‬م‪ ،‬دليل الخدمات والمنتج��ات والحلول المصرفية‬
‫المقدمة من البنوك اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬الجبوري ‪ ،‬يعرب‪2012 ،‬م‪ ،‬دور المصارف اإلس�لامية األردنية في التمويل واالس��تثمار بحث‬
‫لنيل درجة الماجستير في القه من جامعة العلوم اإلسالمية األردن‪.‬‬
‫‪ -‬حماد‪ ،‬نزيه‪2008 ،‬م‪ ،‬معجم المصطلحات المالية واالقتصادية في لغة الفقهاء‪ ،‬جدة‪ ،‬دار بش��ير‬
‫للنشر‪ ،‬ط ‪.1‬‬
‫‪ -‬حم��اد‪ ،‬حمزة عبد الكريم ‪2007‬م‪ ،‬مخاطر االس��تثمار في المصارف اإلس�لامية‪ :‬بحث لدرجة‬
‫الدكتوراه في الجامعة األردنية‪.‬‬
‫‪ -‬الحراحش��ة‪ ،‬عادل محمد‪1999 ،‬م‪ ،‬تقييم كفاءة البنك اإلسالمي األردني دراسة تحليلية مقارنة‬
‫(‪ 1985‬ـ ‪1997‬م) بحث لدرجة الماجستير في التمويل والمصارف من جامعة آل البيت األردن‪.‬‬
‫‪ -‬الديرش��وي‪ ،‬عب��د اهلل محمد‪2010 ،‬م‪ ،‬صيغ التمويل الزراعي في التش��ريع اإلس�لامي وإمكانية‬
‫عمان‪ ،‬دار النور‪.‬‬
‫‪ -‬زكري��ا‪ ،‬بدوان أحم��د‪2019 ،‬م‪ ،‬العوامل المؤثرة على التمويل الممنوح للمش��روعات الصغيرة‬
‫والمتوس��طة ل��دى المصارف اإلس�لامية األردنية‪ ،‬بحث لني��ل درجة الدكت��وراه في المصارف‬
‫اإلسالمية من جامعة العلوم اإلسالمية العالمية األردن‪.‬‬
‫‪ -‬الصع��وب‪ ،‬فيص��ل‪2013 ،‬م‪ ،‬دور المصارف اإلس�لامية في التنمية االقتصادي��ة في األردن في‬
‫الفترة من عام ‪1990‬إلى ‪2013‬م بحث لدرجة الماجستير في االقتصاد من جامعة مؤتة األردن‪.‬‬
‫‪ -‬العماوي‪ ،‬إس��ماعيل عبد الس�لام ‪2003‬م‪ ،‬المعوقات الخارجية للمصارف اإلس�لامية دراس��ة‬
‫تطبيقية ألثرها على البنك اإلس�لامي األردني بحث لدرجة الماجستير في االقتصاد والمصارف‬
‫اإلسالمية من جامعة اليرموك األردن‪.‬‬

‫( ‪) 468‬‬
‫‪ -‬عثمان‪ ،‬بابكر أحمد‪1997 ،‬م‪ ،‬تجربة البنوك اإلسالمية في السودان في التمويل الزراعي بصيغة‬
‫الس��لم ‪،‬دراسة منشورة عام (‪1997‬م)‪ ،‬برقم (‪ )49‬البنك اإلسالمي للتنمية ‪ ،‬المعهد اإلسالمي‬
‫للبحوث والتدريب ‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ -‬عباس‪ ،‬ماهر‪2019 ،‬م‪ ،‬معوقات تطبيق صيغ التمويل اإلس�لامية الزراعية في مؤسسة اإلقراض‬
‫الزراع��ي األردني��ة ‪ ،‬بحث لنيل درجة الماجس��تير في المصارف اإلس�لامية من جامعة عجلون‬
‫الوطنية ‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫‪ -‬العبيدي‪ ،‬بش��ار عواد‪2011 ،‬م‪ ،‬المغارس��ة وتطبيقاتها المعاصرة دراس��ة فقهي��ة مقارنة بالقانون‬
‫المدني األردني والعراقي‪ :‬بحث لدرجة الدكتوراه في الفقه وأصوله من جامعة العلوم اإلسالمية‬
‫العالمية األردن‪.‬‬
‫‪ -‬قانون البنوك األردني رقم ‪ 28‬لسنة ‪2000‬م المادة ‪.2‬‬
‫‪ -‬قدامه‪ ،‬محمد بن عبد اهلل‪2010 ،‬م‪ ،‬المغني ومعه الش��رح الكبير على متن المقنع‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار‬
‫عالم الكتب‪ ،‬ج ‪ ،5‬ص ‪.554‬‬
‫‪ -‬القاضي‪ ،‬منارد حام‪2018 ،‬م‪ ،‬محددات التمويل االس��تثماري في المصارف اإلسالمية األردنية‬
‫بحث لنيل درجة الماجستير في االقتصاد والمصارف اإلسالمية من جامعة آل البيت األردن‪.‬‬
‫‪ -‬المعايير الشرعية‪2017 ،‬م‪ ،‬هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ -‬المومني‪ ،‬علي محمد علي‪1993 ،‬م‪ ،‬التطبيقات المعاصرة لعقدي المزارعة والمساقاة في االقتصاد‬
‫اإلسالمي بحث لدرجة الماجستير في االقتصاد اإلسالمي من جامعة اليرموك إربد‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫‪ -‬الني��ف‪ ،‬خالد الف��ي‪2016 ،‬م‪ ،‬أث��ر المحددات الداخلي��ة والخارجية في هي��كل صيغ التمويل‬
‫اإلسالمي في المصارف اإلسالمية دراسة مقارنة على المصارف اإلسالمية العربية‪ :‬بحث درجة‬
‫الدكتوراه في جامعة العلوم اإلسالمية العالمية األردن‪.‬‬
‫‪ -‬وزارة الزراعة األردنية‪2019/12/9 ،‬م‪ ،‬الزراعة باألرقام‪www.moa.gov.jo :‬‬

‫‪ -‬الموقع االلكتروني الرسمي للبنك اإلسالمي األردني‪https://www.jordanislamicbank.com/ :‬‬

‫‪ -‬البنك المركزي األردني‪2019/12/12 ،‬م‪ ،‬دليل البنوك في األردن‪www.cbj.gov.jo :‬‬

‫( ‪) 469‬‬
‫‪‬‬
‫ورقة حبثية بعنوان‪:‬‬
‫اهلندسة املالية اإلسالمية ودورها‬
‫يف تطوير صيغ االستثمار والتمويل‬
‫يف املصارف اإلسالمية‬

‫تقديم‪:‬‬
‫د‪ .‬أسيد سليمان فطاير‬
‫دكتوراه اقتصاد ومصارف إسالمية‪،‬‬
‫أستاذ مساعد يف قسم املصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫كلية الشريعة‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‬
‫املدير والشريك املؤسس ـ شركة رؤى للخدمات املالية الشرعية‬
‫قدمت هذه الورقة البحثية للمؤمتر األكادميي السادس بعنوان‪:‬‬
‫«املصارف اإلسالمية بني الواقع واملأمول»‪،‬‬
‫الذي تنظمه اهليئة اإلسالمية العليا بالقدس‬
‫‪2021/11/20‬م‬
‫امللخص‬
‫المؤسس��ات المالية اإلس�لامية بشكل عام والفلس��طينية منها بش��كل خاص‪ ،‬تحتاج‬
‫ف��ي مس��يرتها المعاصرة إلى االحتفاظ بتش��كيلة متنوع��ة من األدوات والمنتج��ات المالية‬
‫التي تمكنها من إدارة س��يولتها وتحصيل العوائد المرج��وة‪ ،‬باإلضافة إلى توفيرها للمرونة‬
‫المناس��بة لالس��تجابة لمتغيرات البيئة االقتصادية‪ ،‬وقد بينت الممارسة المصرفية الربوية أن‬
‫االعتم��اد على منتج واحد (مثل الفرق بين الفائ��دة المدينة والدائنة) يعتبر غير كاف للتأقلم‬
‫مع تطلعات العمالء المتنامية‪ ،‬حيث ظلت المؤسس��ات المالية ولفترة طويلة حبيسة أدوات‬
‫محدودة تستلزم معها بالضرورة أن تتطور لمالءمة المستجدات‪.‬‬

‫ومن هنا تبرز أهمية الهندس��ة المالية كأداة مناس��بة إليجاد حلول مبتكرة وأدوات مالية‬
‫جديدة تجمع بين موجهات الش��رع الحنيف واعتب��ارات الكفاءة االقتصادية‪ ،‬من حيث إنها‬
‫تقوم بالموازنة بين عدة أهداف ومن ثم تصميم أدوات مبتكرة تس��توعب كل هذه األهداف‬
‫معًا‪ ،‬وهذا األمر تحتاج إلى تضافر الجهود على ش��كل تنظيمي بين الشرعيين واالقتصاديين‬
‫والمصرفيين والمحاسبين للخروج بمنتجات مالية تلبي حاجة السوق وتغيراته المضطردة؛‬
‫ألن البنوك اإلس�لامية تتعامل بالعديد من العقود التي تحتاج إلى تدقيق كبير في إجراءاتها‪،‬‬
‫وتتعامل ً‬
‫أيضا في ظل نظام مصرفي غير مالئم لطبيعتها‪ ،‬وهو ما يجعلها أشد حاجة للهندسة‬
‫المالية‪ ،‬ويزيد في أهمية الهندسة المالية بالنسبة للبنوك اإلسالمية أنها تتعامل ضمن الضوابط‬
‫والقيود الشرعية التي تنظم آلية أعمالها التمويلية واالستثمارية‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الهندس��ة المالية اإلسالمية‪ ،‬صيغ التمويل اإلسالمي‪ ،‬االستثمار‪،‬‬


‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬فطاير‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 473‬‬
‫مقدمة‬
‫ظهرت الهندس��ة المالية للوجود في منتصف الثمانينيات بهدف عون وخدمة منش��آت‬
‫األعم��ال في مواجهة المخاط��ر والتخلص من القيود التش��ريعية والضغ��وط التي يفرضها‬
‫الس��وق وبيئة المنشآت‪ ،‬وتعد الهندس��ة المالية عملية تطويرية انطالقًا من الدور الذي تؤديه‬
‫في تنش��يط البورصات المالية العالمية‪ ،‬وكذلك بوصفها ابتكارات جديدة في المؤسس��ات‬
‫االستثمارية بصورة عامة‪ ،‬فضلاً عن األثر الذي أحدثته في التفكير االستراتيجي للمؤسسات‬
‫المالية والمصرفية‪ ،‬وظهور األسواق المالية الناشئة والمراكز المالية العالمية‪ ،‬ولكن في ظل‬
‫ما أفرزته المالية الغربية من المنتجات المالية‪ ،‬دار جدل كبير بين االقتصاديين حول أدوات‬
‫الهندسة المالية التقليدية‪ ،‬فالبعض يرى ضرورة الحذر من التعامل بهذه األدوات الجديدة‪،‬‬
‫بل إنه يصر على عدم التعامل بها مطل ًقا بس��بب المخاطر الكبيرة التي تصاحبها‪ ،‬أما البعض‬
‫اآلخ��ر فهو أكثر تف��اؤلاً حيث يرى بأن هذه التقني��ة تعد مفتا ًحا لحل العديد من المش��اكل‬
‫والمصاعب التي تواجه المتعاملين في األسواق المالية‪ ،‬وتنشأ الحاجة للهندسة المالية أمام‬
‫االس��تجابة لفرص اس��تثمارية وفق تطلعات المستثمرين والمؤسس��ات معًا‪ ،‬أو للتعامل مع‬
‫قيود المنافس��ة الدولية‪ ،‬ودرء للمخاطر والاليقين المحيط باألنش��طة االستثمارية‪ ،‬وتتحدد‬
‫مقاصد الهندس��ة المالية وفق الحالة التي تواجه المؤسسة المعينة‪ ،‬فالهندسة المالية تمتلك‬
‫القدرة على تخفيض تكلفة النش��اطات القائمة والتقليل من مخاطرها‪ ،‬وتجعل من الممكن‬
‫تطوير منتجات وخدمات وأسواق جديدة(((‪.‬‬

‫ولعل من األهمية هنا النظر إلى الهندسة المالية وربطها بالمعامالت المالية اإلسالمية‬
‫وخصوصا فيما يتعلق بالقواعد والتوجيهات العامة‪ ،‬بما يخدم فكرة صناعة وابتكار األدوات‬
‫ً‬

‫((( أبو رأس‪ ،‬يسرا حسن عثمان‪ ،‬الهندسة المالية اإلسالمية‪ :‬مفهومها‪ ،‬خصائصها‪ ،‬وأبعادها‪ ،‬مجلة المال‬
‫واالقتصاد‪ ،‬بنك فيصل اإلسالمي السوداني‪ ،‬السودان‪ ،‬ع‪2015 ،77‬م‪ ،‬ص‪.62‬‬

‫( ‪) 474‬‬
‫المالي��ة القادرة على تحقيق المكاس��ب الش��رعية وتحقيق الحماي��ة الحقيقية ضد األزمات‬
‫والتقلي��ل من المخاط��رة والتقلب��ات االقتصادية‪ ،‬فالمنظ��ور العام هنا التأكي��د على تطوير‬
‫المنتج��ات بما يالئم احتياجات النش��اط االقتصادي‪ ،‬وتصحيح س��لبيات أدوات الهندس��ة‬
‫المالية التقليدية‪ ،‬وجعلها قادرة على خدمة المصرفية اإلس�لامية العامة بشكل عام وتجنب‬
‫تهديد النظام المالي‪ ،‬أو جعلها مسا ًرا للمضاربات وحدوث األزمات‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 475‬‬
‫املبحث األول‬
‫مفهوم اهلندسة املالية وأهميتها‬

‫املطلب األول‬
‫مفهوم اهلندسة املالية‬
‫يقصد بمفهوم الهندس��ة بش��كل عام‪« :‬ف��ن اإلفادة من المبادئ واألص��ول العلمية في‬
‫بناء األش��ياء وتنظيمها وتقويمها‪ ،‬وأما مفهوم الهندسة المالية فيعد مفهومًا حديثا نسبيًا‪ ،‬فإن‬
‫اختلف بشكله لكنه ال يختلف بمضمونه وأهدافه‪ ،‬إذ يعني تصميم وتطوير وتطبيق عمليات‬
‫وأدوات مالية مس��تخدمة‪ ،‬وتقديم حلول مناس��بة ومتميزة للمش��كالت المالية التي تواجه‬
‫المصارف اإلس�لامية»(((‪ ،‬ويقصد بالهندس��ة المالية اإلس�لامية‪« :‬مجموعة األنش��طة التي‬
‫تتضمن عمليات التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من األدوات والعمليات المالية المبتكرة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى صياغة حلول إبداعية لمش��اكل التمويل وكل ذلك في إطار موجهات الش��رع‬
‫الحنيف»(((‪ ،‬ويالحظ من هذا أن الهندسة المالية اإلسالمية تتض ّمن ابتكار األدوات المالية‬
‫الجديدة‪ ،‬وابتك��ار آليات تمويلية جديدة‪ ،‬وابتكار حلول جديدة لإلدارة التمويلية‪ ،‬أو إعداد‬
‫صيغ تمويلية لمشاريع معيّنة تالئم الظروف المحيطة بالمشروع‪ ،‬وهذه األدوات أو العمليات‬
‫التمويلية يجب أن تكون موافقة للشرع مع االبتعاد أكبر قدر ممكن عن االختالفات الفقهية‪،‬‬
‫أي تتميّز بالمصداقية الشرعية(((‪.‬‬

‫‪(1) Finnerty، J. D. (1988) , Financial Engineering in Corporate Finance, An‬‬


‫‪ 59.‬ـ ‪overview, Financial Management, Vol 17, No. 4, pp 56‬‬
‫((( صالح‪ ،‬فتح الرحمن علي محمد‪ ،‬أدوات س��وق النقد اإلس�لامية‪ :‬مدخل الهندسة المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫مجلة المصرفي‪ ،‬بنك السودان‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬السودان‪ ،‬ع ‪2002 ،26‬م‪.‬‬
‫((( الس��ويلم‪ ،‬س��امي إبراهيم‪ ،‬صناعة الهندس��ة المالية (نظرات في المنهج اإلسالمي)‪ ،‬مركز البحوث‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪( ،12‬بتصرف)‪.‬‬

‫( ‪) 476‬‬
‫فنطاق الهندسة المالية بثالثة مجاالت رئيسية(((‪:‬‬

‫األول‪ :‬يتمث��ل في ابتكار أدوات مالية جديدة‪ ،‬مثال ذلك تقديم أنواع مبتكرة من العقود‬
‫أو األسهم‪ ،‬التي تغطي احتياجات منشآت األعمال‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬يتمثل في ابتكار عمليات مالية جديدة من شأنها أن تخفض تكاليف المعامالت‪،‬‬
‫ومثال ذلك التداول اإللكتروني لألوراق المالية وابتكار فكرة سمس��ار الخصم‪ ،‬هذا فضال‬
‫عن األساليب المبتكرة لالستخدام الكفء للموارد المالية بما فيها‪ :‬تطوير الخدمات المالية‬
‫بالبنوك ومؤسس��ات االدخار‪ ،‬تخطي��ط الخدمات المالية لألفراد وإع��داد المخطط المالي‬
‫القانوني‪ ،‬وخلق مؤسسات مختصة في كل من إدارة محافظ األوراق المالية والتحليل المالي‬
‫والقانوني‪ ،‬وتصميم وتش��غيل ومراقبة التدفقات النقدية وش��به النقدية باس��تخدام األدوات‬
‫الكمي��ة والكمبيوتر والنماذج االقتصادية والمحاس��بية‪ ،‬وتقديم الخدمات المالية للمكاتب‬
‫والشركات العقارية وأمناء االستثمار والتأمين‪ ،‬وإدارة األعمال المالية ألي نوع من األعمال‬
‫المالية والتجارية الخاصة والعامة‪ ،‬المحلية والدولية‪ ،‬لغرض الربح أو غير ذلك‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬يتمثل في ابتكار حلول خالقة مبدعة للمش��كالت المالية التي تواجه منش��آت‬
‫األعم��ال‪ ،‬مث��ال ذلك ابتكار اس��تراتيجيات جديدة إلعادة هيكلة منش��آت األعمال‪ ،‬بهدف‬
‫التغلب على المش��كالت القائمة أو المتوقعة‪ ،‬وتنمية استراتيجيات دفاعية تستخدمها إدارة‬
‫المنشأة في مواجهة محاوالت السيطرة العدوانية من أطراف أخرى‪.‬‬

‫فأدوات الهندس��ة المالية كثيرة متعددة‪ ،‬فكل ما يس��تخدمه المدير أو المهندس المالي‬
‫ف��ي تحقي��ق أهداف الهندس��ة المالية هو بمثاب��ة أداة من أدواتها‪ ،‬ولكن أه��م هذه األدوات‬
‫ه��و العقل البش��ري‪ ،‬من خالل االبتك��ار والتطوير لألدوات والعملي��ات المالية‪ ،‬بما يخدم‬
‫أهداف المنشآت‪ ،‬وهي المرتكزات المهمة التي ينطوي عليها مبدأ العقالنية والذي يُوجب‬

‫((( انظ��ر‪ :‬هندي‪ ،‬منير إبراهيم‪ ،‬الفكر الحديث في إدارة المخاطر‪ :‬الهندس��ة المالية باس��تخدام التوريق‬
‫والمشتقات‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ 14‬ـ ‪ ،15‬النجار‪ ،‬فريد‪ ،‬البورصات‬
‫والهندسة المالية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪1998 ،‬م‪ ،‬ص‪.225‬‬

‫( ‪) 477‬‬
‫على المستثمر االستخدام األمثل للعقود ومكمالتها بما يحقق أعلى كفاءة ممكنة مع تقليل‬
‫المخاطر إلى أدنى مس��توى ش��رعي ممكن‪ ،‬وترتكز فلس��فة الهندس��ة المالية على التحليل‬
‫والق��رارات الدوري��ة الخاصة ب��األدوات المالية (المنتج��ات المالية)‪ ،‬والتب��ادل والتوافيق‬
‫المختلف��ة‪ ،‬التي تحقق أعلى عائ��د بأقل تكلفة‪ ،‬ومحاولة تغيي��ر األدوات المالية وتعديلها‪،‬‬
‫لتجنب المخاطر‪ ،‬وزيادة العائد (تبديل أسهم بأسهم‪ ،‬أو عملة بعملة أخرى‪ ،‬حسب تقلبات‬
‫وديناميكيات األس��واق المالية)‪ ،‬ويتم ذلك بغرض تحقيق أعلى قيمة للمش��روع في تاريخ‬
‫محدد(((‪.‬‬

‫فأساس الهندسة المالية هو إيجاد األدوات المالية الجديدة ألغراض االستثمار والتنمية‬
‫األموال‪ ،‬التي تدور جميعها حول إدارة المخاطر بنمطها الحديث‪ ،‬فالمنتج المالي للهندسة‬
‫المالية يكون لتحسين اإليراد وتقليل المخاطر المختلفة؛ وهذا األمر يجعل للهندسة المالية‬
‫ومنتجاتها دو ًرا مه ًما في تغيير أوضاع السوق المالي وتطوير األدوات المالية‪ ،‬وإحداث تغيير‬
‫في العقود الفقهية النمطية لزيادة كفاءتها وقدرتها على اس��تيعاب المستجدات االقتصادية‪،‬‬
‫وهناك ً‬
‫أيضا حلول ال تتعلق بفكرة احداث تغير في المنتج المالي‪ ،‬وإنما في ابتكار إجراءات‬
‫تنفيذية من ش��أنها أن تخفض من كل��ف المعامالت وتزيد من مرونتها العملية‪ ،‬والهندس��ة‬
‫جا لنظ��م التمويل المعاصرة يهدف إل��ى تحقيق الكفاءة‬
‫المالي��ة اإلس�لامية بذلك تعتبر منه ً‬
‫ف��ي المنتجات المالية المعاصرة وتطويرها‪ ،‬ولكن األمر هنا ً‬
‫أيضا يرتبط بالتوجيهات العامة‬
‫لألحكام الشرعية والمسارات الموجهة لنشاط االقتصاد اإلسالمي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( انظ��ر‪ :‬النجار‪ ،‬فريد‪ ،‬البورصات والهندس��ة المالية‪ ،‬مؤسس��ة ش��باب الجامعة‪ ،‬اإلس��كندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪1999‬م‪ ،‬ص‪ ٢٣٣‬ـ ‪.234‬‬

‫( ‪) 478‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫أهمية اهلندسة املالية اإلسالمية‬
‫المؤسس��ات المالية اإلس�لامية في مس��يرتها المعاصرة تحتاج إلى االحتفاظ بتشكيلة‬
‫متنوع��ة من األدوات والمنتج��ات المالية التي تمكنها من إدارة س��يولتها وتحصيل العوائد‬
‫المرجوة‪ ،‬باإلضافة إلى توفيرها للمرونة المناس��بة لالس��تجابة لمتغيرات البيئة االقتصادية‪،‬‬
‫وق��د بينت الممارس��ة المصرفي��ة الربوي��ة أن االعتماد على منت��ج واحد (مث��ل الفرق بين‬
‫الفائدة المدين��ة والدائنة) يعتبر غير كاف للتأقلم مع تطلعات العمالء المتنامية‪ ،‬حيث ظلت‬
‫المؤسس��ات المالية ولفترة طويلة حبيسة أدوات محدودة تستلزم معها بالضرورة أن تتطور‬
‫لمالءمة المستجدات(((‪.‬‬

‫ومن هنا تبرز أهمية الهندس��ة المالية كأداة مناس��بة إليجاد حلول مبتكرة وأدوات مالية‬
‫وخصوصا في‬
‫ً‬ ‫جديدة تجمع بين موجهات الش��رع الحنيف واعتبارات الكفاءة االقتصادية‪،‬‬
‫عالمنا المعاصر اليوم‪ ،‬من حيث إنها تقوم بالموازنة بين عدة أهداف ومن ثم تصميم أدوات‬
‫مبتكرة تس��توعب كل ه��ذه األهداف معًا‪ ،‬وهذه المهمة ليس��ت بالس��هلة حيث تحتاج إلى‬
‫تضافر الجهود على شكل تنظيمي بين الش��رعيين واالقتصاديين والمصرفيين والمحاسبين‬
‫للخروج بمبتكرات فعالة‪ ،‬إن هذا التصور ألهمية الهندسة المالية تحتاجه البنوك اإلسالمية‬
‫أكث��ر م��ن البنوك الربوية؛ ألن البنوك اإلس�لامية تتعام��ل بالعديد من العقود الحساس��ة في‬
‫إجراءاته��ا‪ ،‬وتتعامل ً‬
‫أيضا في ظ��ل نظام مصرفي غير مالئم لطبيعتها‪ ،‬وهو ما يجعلها أش��د‬
‫حاجة للهندسة المالية‪ ،‬ويزيد في أهمية الهندسة المالية بالنسبة للبنوك اإلسالمية أنها تتعامل‬

‫((( انظر‪ :‬أمال‪ ،‬لعمش‪ ،‬س��ارة‪ ،‬ش��رفي‪ ،‬أهمية منتجات الهندسة المالية في الصناعة المصرفية اإلسالمية‬
‫ـ تجربة مصرف اإلمارات اإلسالمي في إصدار صكوك اإلجارة ـ‪ ،‬مؤتمر‪ :‬منتجات وتطبيقات االبتكار‬
‫والهندس��ة المالية‪ ،‬بين الصناعة المالية التقليدية والصناعة المالية اإلس�لامية‪ ،‬جامعة فرحات عباس‪،‬‬
‫سطيف‪ ،‬الجزائر‪2014 ،‬م‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫( ‪) 479‬‬
‫ضمن الضوابط والقيود الشرعية التي تنظم آلية أعمالها التمويلية واالستثمارية‪ ،‬ولهذا يجب‬
‫على المهندس المالي في البنوك اإلس�لامية مراعاة هذه الضوابط وعدم اللجوء إلى الحيل؛‬
‫ألن األحكام والضوابط الشرعية جاءت لتحقق مصلحة للفرد والمجتمع معًا(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( أبو رأس‪ ،‬الهندسة المالية اإلسالمية‪ :‬مفهومها‪ ،‬خصائصها‪ ،‬وأبعادها‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪( ،64‬بتصرف)‪.‬‬

‫( ‪) 480‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫مبادئ اهلندسة املالية وفق املنظور اإلسالمي‬
‫المقصود بالهندس��ة المالية هو تحقيق ما يلبي مصلحة حقيقية للمتعاملين في الس��وق‬
‫المالية وليس مجرد عقد صوري من العقود الوهمية‪ ،‬وهذا ما يؤكد القيمة المضافة لالبتكار‪،‬‬
‫وهو ما يميز الهندسة المالية عن محاوالت االلتفاف على األنظمة والقوانين واالحتيال على‬
‫األحكام الش��رعية‪ ،‬فالحيل الشرعية والفقهية ال تنتج قيمة مضافة وال تلبي حاجة فعلية‪ ،‬بل‬
‫وال تدخل تحت مفهوم الهندسة المالية المنشودة في الصناعية المالية اإلسالمية‪ ،‬وقد حدد‬
‫«الس��ويلم» مبادئ الهندس��ة المالية اإلس�لامية في أربعة مبادئ؛ اثنان يتعلقان في المبادئ‪:‬‬
‫التوازن‪ ،‬والتكامل‪ ،‬واثنان يختصان بالمنهج‪ :‬الحل‪ ،‬والمناسبة(((‪.‬‬

‫مبدأ التوازن‪ :‬المقصود من هذا المبدأ هو التوازن بين مختلف الحوافز اإلنسانية‪ ،‬سواء‬
‫منه��ا ما يختص بالمصالح الش��خصية أو بالمصالح االجتماعي��ة‪ ،‬وذلك فيما يتعلق بتحقيق‬
‫الرب��ح وما يتعلق باألعم��ال الخيرية‪ ،‬وما يتعلق بالمنافس��ة وما يتعلق بالتعاون‪ ،‬فالش��ريعة‬
‫اإلس�لامية نجحت في تحقيق التوازن بين مختلف الحاجات والرغبات ووضعت الكل في‬
‫اإلطار المناسب‪.‬‬

‫مبدأ التكامل‪ :‬يحكم تطوير المنتجات المالية‪ :‬حيث إنه التكامل بين المصالح الشخصية‬
‫مع االعتبارات الموضوعية‪ ،‬بين تفضيالت الزمن والمخاطرة وبين توليد الثروة الحقيقية‪.‬‬

‫مب��دأ الحل‪ :‬هذا المبدأ ينطلق من قاعدة أن األصل في المعامالت الحل والجواز‪ ،‬إال‬
‫إذا خالف��ت نصا أو قاعدة ش��رعية‪ ،‬وبن��اء على هذا فإن قاعدة الحل هي األس��اس لالبتكار‬
‫المالي‪ ،‬لكن بش��رط أن يلتزم هذا االبتكار حدود دائرة الحالل التي لها حدود واس��عة‪ ،‬وأن‬

‫((( الس��ويلم‪ ،‬التحوط في التمويل اإلس�لامي‪ ،‬البنك اإلس�لامي للبحوث والتدريب‪ ،‬جدة‪ ،‬السعودية‪،‬‬
‫‪2007‬م‪ ،‬ص‪ 110‬ـ ‪( ،121‬بتصرف)‪.‬‬

‫( ‪) 481‬‬
‫يبتع��د ع��ن دائرة المحظور أو الح��رام المحصور في حدود ضيقة مقارن��ة مع دائرة الحالل‬
‫الواسعة‪.‬‬

‫مبدأ المناس��بة‪ :‬المقصود بالمناس��بة هنا تناسب العقد مع الهدف المقصود منه‪ ،‬بحيث‬
‫يكون القصد مناسبًا ومالئ ًما للنتيجة المطلوبة من المعاملة‪ ،‬وهذا يعني أنه ال بُد من مالءمة‬
‫الش��كل مع المضمون‪ ،‬وتوافق الوس��ائل م��ع المقاصد‪ ،‬فالصورة ال تكف��ي وحدها لتقويم‬
‫المنت��ج المالي‪ ،‬كما أن اله��دف والغاية ال يكفي وحده ً‬
‫أيضا‪ ،‬فالغاية ال تبرر الوس��يلة‪ ،‬كما‬
‫أن الوس��يلة ال تكفي لتبرير الغاية‪ ،‬بل ال بُد من ج��واز األمرين معًا‪ ،‬والصورة تعد مقبولة ما‬
‫لم تتع��ارض مع الحقيقة‪ ،‬فإن ُوجد التع��ارض فالعبرة بالحقيقة‪ ،‬وهذا ه��و مدلول القاعدة‬
‫«العب��رة بالمقصود والمعاني‪ ،‬ال باأللفاظ والمباني»‪ ،‬فاألصل أن األلفاظ دالة على المعاني‬
‫ومتضمنة لها‪ ،‬لكن إن تبين أ ّن المعنى ينافي اللفظ‪ ،‬وأن المقصود ينافي العقد‪ ،‬فالعبرة حينئذ‬
‫بالمعنى والمقصود‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 482‬‬
‫املبحث الثالث‬
‫خصائص اهلندسة املالية للتمويل اإلسالمي‬
‫تهدف صناعة الهندس��ة المالية اإلس�لامية إل��ى إيجاد منتج��ات وأدوات مالية تجمع‬
‫بين المصداقية الش��رعية والكفاءة االقتصادية‪ ،‬فالمصداقية الش��رعية هي األساس في كونها‬
‫إس�لامية‪ ،‬والكفاءة االقتصادية هي األس��اس في قدرتها على تلبية االحتياجات االقتصادية‬
‫ومنافسة األدوات التقليدية‪ ،‬ولكن عند النظر إلى الواقع التطبيقي للصناعة المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫يجب التأكيد على اإلطار الموجه الذي يحكم عمل الهندس��ة المالية اإلسالمية بشكل عام‪،‬‬
‫فيجب التفريق بين دائرة ما هو جائز شرعًا‪ ،‬وما تطمح إليه الصناعة المالية اإلسالمية‪.‬‬
‫فالهندس��ة المالية اإلس�لامية تطمح إلى إيج��اد الحلول المبتك��رة والعقود النموذجية‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬الت��ي تلبي حاجات الس��وق المختلفة‪ ،‬ولك��ن هذا األمر ـ أي تلبي��ة ما يحتاجه‬
‫الس��وق ـ قد ال يتحقق بالشكل المطلوب إذا لم يحسن استغالله‪ ،‬فالشريعة اإلسالمية تلبي‬
‫ظروف األفراد والمجتمعات المتغيرة‪ ،‬وقد ال تكون الحلول الفقهية القديمة مالئمة لواقعه‬
‫المعاصر‪ ،‬فالصناعة المالية اإلس�لامية ينبغي أن تكون نموذ ًج��ا لالقتصاد العالمي‪ ،‬وينبغي‬
‫تعبيرا عن ش��مولية الش��ريعة وأحكامها للمتغيرات‬
‫ً‬ ‫لذلك اختي��ار أفضل الحلول والنماذج‬
‫في النش��اط االقتصادي‪ ،‬والهندس��ة المالية قادرة على إيجاد الحلول والبدائل ذات الكفاءة‬
‫االقتصادي��ة‪ ،‬والتي تخ��دم جميع األط��راف التعاقدية ف��ي المعامالت المالية اإلس�لامية‪،‬‬
‫ولكن يجب التقيد ً‬
‫أيضا باإلطار الموجه المتمثلة بالتش��ريعات واألحكام الخاصة باألموال‬
‫والمعامالت‪ ،‬لتكون بمثابة المعيار المرشد لعمل العقود واالبتكارات المالية‪ ،‬والتي تساهم‬
‫ف��ي زيادة الكفاءة االقتصادية عن طريق توس��يع الفرص االس��تثمارية وتح�� ّد من المخاطر‬
‫المحتمل��ة عنه��ا‪ ،‬وتخفيض كلف المعام�لات وتخفيض تكاليف الحص��ول على التمويل‬
‫الالزم للمش��روعات‪ ،‬فتطور الهندس��ة المالية اإلس�لامية س��وف يفس��ح المجال لالبتكار‬
‫والتط��ور ف��ي المنظمة المالية بش��كل عام‪ ،‬وهذا االتج��اه أكثر من يحتاج إلي��ه رواد المالية‬

‫( ‪) 483‬‬
‫والتمويل اإلسالمي في س��عيهم الحثيث للتخلص من المنظومة الربوية الحاكمة لمفردات‬
‫المعامالت المعاصرة‪ ،‬واس��تبدالها بأخرى توافق الش��رع اإلسالمي من حيث البناء العقدي‬
‫والعملي‪ ،‬وكذلك اس��تيعاب المس��تجدات األخرى الت��ي قد يفرزها العص��ر‪ ،‬فهناك صيغ‬
‫إس�لامية كثيرة متاحة للتمويل يمكن من خاللها تلبية الحاجات االستثمارية للمشروعات‪،‬‬
‫ويكون ذلك ضمن الضوابط الشرعية ونظم المتابعة والرقابة(((‪.‬‬

‫وبالنظر إلى القواعد الحاكمة لعمل الهندسة المالية اإلسالمية والتقليدية‪ ،‬يتبين الفرق‬
‫بين الموجهات األساس��ية بينهما‪ ،‬فأهم ما تنطوي علي��ه موجهات االقتصاديات الربوية هو‬
‫تقلي��ل تكلفة المعامالت وتقليل أبع��اد المخاطر لجهات أو أطراف أخرى في المعاملة‪ ،‬أما‬
‫الموجه األساس��ي في االقتصاد اإلس�لامي فهو مبدأ تقليل المخاطر في المعامالت وليس‬
‫إبعادها لجهة أو طرف آخر‪ ،‬ويكون االعتماد ً‬
‫أيضا على حفظ المراكز العقدية وتمكين مبدأ‬
‫مقاس��مة األرباح والخس��ائر الناتجة من العملية االستثمارية‪ ،‬وقد دلت التجارب المعاصرة‬
‫على أن االعتماد على األدوات التمويلية التقليدية‪ ،‬ولدت الكثيرة من األزمات والمشكالت‬
‫المالية‪ ،‬وفي المقابل ُوجد من خالل التطبيق المعاصر أن األدوات واألوراق المالية المبنية‬
‫عل��ى األحك��ام المتوافق��ة مع عمل الصيرف��ة والتمويل اإلس�لامي‪ ،‬كانت تتمت��ع بالكفاءة‬
‫والفعالي��ة عن رديفته��ا الربوية‪ ،‬بل إنها ق��د فاقتها في واقع التطبي��ق العملي‪ ،‬ألنها حفظت‬
‫الجوه��ر العق��دي وأقرت له القواعد األساس��ية الت��ي تضمن وجوده‪ ،‬ووف��رت له الحماية‬
‫الالزم��ة الس��تمرار الفوائد المتحصلة من��ه في النش��اط االقتصادي‪ ،‬فالكف��اءة االقتصادية‬
‫المتمثلة في فكرة الهندس��ة المالية المعاص��رة والمصداقية الش��رعية والعملية المتمثلة في‬
‫التوجيهات الش��رعية‪ ،‬ليس��تا منعزلتي��ن عن بعضهما‪ ،‬بل هما مس��اران مهمان في النش��اط‬
‫بعضا(((‪.‬‬
‫االقتصاد اإلسالمي يُكمل بعضهما ً‬

‫((( انظ��ر‪ :‬قندوز‪ ،‬عبد الكريم‪ ،‬الهندس��ة المالية اإلس�لامية‪ ،‬مجلة جامعة الملك عب��د العزيز‪ :‬االقتصاد‬
‫اإلس�لامي‪ ،‬المجلد ‪ ،20‬ع‪2007 ،2‬م‪ ،44 ،‬الس��ويلم‪ ،‬صناعة الهندس��ة المالية (نظرات في المنهج‬
‫اإلسالمي)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫((( انظر‪ :‬الس��اعاتي‪ ،‬عبد الرحيم عبد الحميد‪ ،‬نحو مش��تقات مالية إسالمية إلدارة المخاطر التجارية‪= ،‬‬

‫( ‪) 484‬‬
‫املبحث الرابع‬
‫اهلندسة املالية إلدارة خماطر التمويل اإلسالمي‬
‫ً‬
‫منوذجا ـ‬ ‫ـ التورق املصريف‬
‫إن اس��تخدامات الهندس��ة المالية اإلس�لامية في المعامالت المالية ال يمكن حصرها‬
‫بس��بب تشعبها‪ ،‬ولكن يُمكن عمو ًما تقسيم استخدامات الهندسة المالية اإلسالمية في إدارة‬
‫المخاطر إلى قس��مين‪ ،‬األول منها يس��تخدم عقودا تقليدية إس�لامية في الفقه اإلس�لامي‪،‬‬
‫والثاني يس��تخدم العقود المس��تحدثة (مثل المشتقات اإلس�لامية! والتورق) وهي التي ما‬
‫دائرا حول مدى مشروعيتها‪.‬‬
‫يزال النقاش ً‬
‫تطويرا لمفهوم التورق الفقهي‪ ،‬وهو نش��اط‬
‫ً‬ ‫جا ماليًا جديدًا‬
‫ويعد التورق المصرفي منت ً‬
‫مؤسس��ي يقوم على إجراءات مقننة وصي ًغا مق��ررة‪ ،‬ومنظومة تعاقدية مترابطة‪ ،‬والتورق من‬
‫الموضوعات المصرفية اإلس�لامية األكثر دراس��ة في اآلونة األخي��رة؛ وذلك أن هذه األداة‬
‫وخصوصا في دول الخليج العربي‪،‬‬
‫ً‬ ‫كبيرا من قبل المصارف اإلسالمية‬
‫المالية وجدت روا ًجا ً‬
‫كونها تضمن في نظر هذه المصارف استمرار تعامل المودعين معها‪ ،‬وتوفير السيولة لديها‪،‬‬
‫والت��ورق المصرفي المعاصر اختلف��ت حوله اآلراء الفقهية‪ ،‬ما بي��ن مجيز له بناء على حل‬
‫البيع المبن��ي على التراضي وبناء على وجود طرف ثالث يضمن خروج هذا البيع من العينة‬
‫المحرم��ة‪ ،‬وما بين مُش��ترط لقيود محددة لقبول�� ِه‪ ،‬وما بين محرمٌ له��ذه المعاملة باعتبارها‬
‫تحايلاً من المصارف اإلسالمية على الربا المجمع على تحريمه‪.‬‬

‫والمراد بالتورق المصرفي المنظم‪« :‬أن يقوم المصرف اإلسالمي باالتفاق مع شخص‬

‫= مجل��ة االقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬جامع��ة الملك عبد العزيز‪ ،‬ج��دة‪ ،‬الس��عودية‪1999 ،‬م‪ ،‬م‪ ،11‬ص‪،55‬‬
‫صالح‪ ،‬فتح الرحمن علي محمد‪ ،‬أدوات س��وق النقد اإلس�لامية‪ :‬مدخل الهندسة المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫مجلة المصرفي‪ ،‬بنك السودان‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬السودان‪2002 ،‬م‪ ،‬ع ‪ ،26‬ص‪.13‬‬

‫( ‪) 485‬‬
‫ممن يحتاجون إلى النقد على أن يبيعه س��لعة إلى أجل بثمن أعلى من سعر يومها‪ ،‬ثم يوكل‬
‫المشتري المصرف اإلسالمي ليبيع له السلعة بثمن نقدي أقل عادة من الثمن المؤجل الذي‬
‫اشترى به السلعة ليحصل المتورق بذلك على الثمن النقدي‪ ،‬وتبقى ذمته مشغولة للمصرف‬
‫بالثم��ن األكثر له��ذه المعاملة»(((‪ ،‬وصورة هذه المعاملة‪ :‬أن يذه��ب العميل إلى المصرف‬
‫اإلس�لامي‪ ،‬ويقول‪ :‬أنا أريد نقودًا عن طريق التورق‪ ،‬فيش��تري المصرف له سلعًا دولية‪ ،‬ثم‬
‫يبيعها له باألجل والتقس��يط‪ ،‬ثم يطلب المصرف من العميل أن يوكله في بيع تلك الس��لع‪،‬‬
‫وبعد ساعات يجد العميل ثمن تلك السلع في حسابه‪ ،‬ويثبت في ذمة العميل الثمن المؤجل‬
‫لتلك السلع‪.‬‬
‫ويتأل��ف هذا النوع م��ن التورق من مجموعة من العقود التي يس��بقها تفاهم على تورق‬
‫لآلمر بالتورق‪ ،‬حيث يكون اآلمر بالشراء هو المتورق‪ ،‬وذلك ألن المصارف ال تملك السلع‬
‫الت��ي تباع للمتورق‪ ،‬فإذا ما رغب العميل في الحص��ول على النقد من خالل التورق المنظم‬
‫عبر المصرف‪ ،‬فإن ذلك يتم باس��تخدام عملية المرابحة لآلمر بالش��راء حيث يقوم المصرف‬
‫بش��راء س��لعة بناء على أمر بالتورق‪ ،‬ثم يبيعها للمتورق اآلمر بالش��راء إل��ى أجل محدد‪ ،‬ثم‬
‫يتولى بيعها نيابة عن المشتري نقدا ويسلمها للمشتري الثاني ثم يسلم النقد للعميل المتورق‪،‬‬
‫كل ذلك يتم في الغالب في األسواق العالمية للسلع ويستغرق بضع دقائق فقط‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص خطوات التورق المصرفي بما يلي(((‪:‬‬
‫‪ .1‬يوق��ع العميل والمصرف مذكرة تفاهم تتعلق بعملية ت��ورق تقوم على مرابحة لآلمر‬
‫بالش��راء‪ ،‬تتضمن هذه المذكرة وعدًا ملزمًا من العميل بالش��راء مرابح��ة‪ ،‬وتوكيال للمصرف‬
‫بالقيام بإجراءات التورق نيابة عن العميل بما في ذلك قبض السلعة المشتراة مرابحة نيابة عن‬
‫المشتري ثم بيعها وتسليمها وقبض ثمنها‪ ،‬ويقدم العميل الضمانات التي يطلبها منه المصرف‪.‬‬

‫((( العم��اري‪ ،‬عبد القادر‪ ،‬بيع الوفاء والعينة والتورق‪ ،‬مطابع الدوحة الحديثة‪ ،‬مصرف قطر اإلس�لامي‪،‬‬
‫الدوحة‪ ،‬قطر‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫((( الس��ويلم‪ ،‬س��امي‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬التورق والتورق المنظم‪ ،‬مجلة المجمع الفقهي اإلسالمي‪ ،‬رابطة العالم‬
‫اإلسالمي‪ ،‬العدد ‪2005 ،20‬م‪ ،‬ص‪ 252‬ـ ‪.253‬‬

‫( ‪) 486‬‬
‫‪ .2‬يقوم المصرف بش��راء السلعة أصالة عن نفسه من البائع األصلي بناءً على وعد من‬
‫العميل بالشراء‪.‬‬

‫‪ .3‬يقوم المصرف ببيع هذه السلعة باألجل للشخص المتورق ويقبضها من نفسه نيابة‬
‫عن المتورق «المشتري»‪.‬‬

‫‪ .4‬يقوم المصرف ببيع تلك الس��لعة لمن يرغب بش��رائها نق��دا نيابة عن العميل تنفيذا‬
‫لوكالة منه‪.‬‬

‫‪ .5‬يقوم المصرف بتسليم السلعة للمشتري النهائي بصفته وكيلاً عن المتورق ويسلمها‬
‫ويقبض ثمنها نيابة عنه ومن ثم يسلم هذا الثمن للمتورق‪.‬‬

‫وبعد هذه العرض المبسط لمفهوم التورق المصرفي وخطواته العملية في المصارف‪،‬‬
‫ودون الخوض في كثير من التفصيالت التي يدور الحديث فيها عن حكم التورق المصرفي‬
‫واآلراء الت��ي قيل��ت فيه‪ ،‬أو ع��ن اختالفه عن التورق الف��ردي أو التوري��ق‪ ،‬أو الغاية منه أو‬
‫المالحظات التي قيلت فيه‪ ،‬واآلثار المترتبة على التورق المصرفي‪ ،‬سيرتكز الحديث ليس‬
‫عل��ى المبن��ى العقدي للتورق المصرف��ي المنظم فقد ورد فيه قرار مجمع الفقه اإلس�لامي‬
‫بتحريه لألمور اآلتية(((‪:‬‬

‫‪ .1‬أن الت��زام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع الس��لعة لمش��تر آخر أو ترتيب من‬
‫يش��ترطها يجعلها ش��بيهة بالعينة الممنوعة ش��رعًا‪ ،‬سواء أكان االلتزام مش��رو ًطا صراحة أم‬
‫بحكم العرف والعادة المتبعة‪.‬‬

‫‪ .2‬أن هذه المعاملة تؤدي في كثير من الحاالت إلى اإلخالل بشروط القبض الشرعي‬
‫الالزم لصحة المعاملة‪.‬‬

‫‪ .3‬أن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة لما سمي بالمتورق فيها من‬

‫((( قرارات المجمع الفقهي اإلس�لامي‪ ،‬رابطة العالم اإلس�لامي‪ ،‬الدورة السابعة عشرة‪ ،‬مكة المكرمة‪،‬‬
‫السعودية‪2003 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،3‬ص‪ 426‬ـ ‪.427‬‬

‫( ‪) 487‬‬
‫المصرف في معامالت البيع والش��راء التي تجري منه والتي هي صورية في معظم أحوالها‪،‬‬
‫ه��دف البنك من إجرائها أن تعود علي��ه بزيادة على ما قدم من تمويل‪ ...‬وهذه المعاملة غير‬
‫التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء‪ ،‬وقد سبق للمجمع في دورته الخامسة عشرة أن قال‬
‫بجوازه بمعامالت حقيقية وشروط محددة بينها قراره‪ ...‬وذلك لما بينهما من فروق عديدة‬
‫فصلت القول فيها البحوث المقدمة‪.‬‬

‫وق��د أوص��ى مجمع الفقه اإلس�لامي المصرف اإلس�لامية‪ ،‬بأن تس��تخدم المصارف‬
‫المعامالت الحقيقية المش��روعة دون اللجوء إلى معامالت صورية تؤول إلى كونها تمويلاً‬
‫ً‬
‫محض��ا بزي��ادة ترجع إل��ى الممول‪ ،‬وبالنظ��ر إلى المقوم��ات التي بنى عليه��ا مجمع الفقه‬
‫اإلس�لامي تحريم��ه لعقد التورق المصرف��ي المنظم يالحظ أنها ال تأخ��ذ بالمقومات التي‬
‫جاءت التش��ريعات اإلس�لامية في العقود‪ ،‬ومنها االبتعاد عن الصورية المؤدية إلى التمويل‬
‫الرب��وي‪ ،‬أو م��ا يُخل بفكرة وجود محل التعاقد بكونه معلو ًم��ا وموجودًا‪ ،‬وحتى يتحقق فيه‬
‫القبض الحقيقي ويقيم التوزان في التعامل‪.‬‬

‫وبالتالي ما تسبب به هذه النوع من التمويل‪ ،‬فرض على الباحثين في المالية اإلسالمية‬
‫إيجاد بدائل أو صور تبعد عنه الشبهات الشرعية‪ ،‬أو إيجاد صيغ تعتمد على الحيل الشرعية!‬
‫لحل اإلشكالية التي يتحدث بها دائما «أين التطوير والتجديد» في عمل المصرفية اإلسالمية‪،‬‬
‫وفي هذا المضمار سيكون تركيز الحديث عن ثالثة مسارات رئيسية‪ ،‬للخروج بأنظمة للحل‬
‫وليس مجرد تعديل جزئي يطال المبنى العقدي للتوق المصرفي‪ ،‬وهذا األفكار تكون ً‬
‫أيضا‬
‫لدعم إدارة فوائض السيولة والتقليل من المخاطر المرتبطة بها‪.‬‬

‫فالمس��ار األول يك��ون في توس��عة البنك ألنش��طته القائمة‪ ،‬حتى يس��تثمر المصرف‬
‫اإلس�لامي الحيز المالي الذي يس��تطيع تخصيصه لعملية تمويل الت��ورق المصرفي‪ ،‬وهذا‬
‫األم��ر هو ح��ل مبدئي حتى ال يبرر المص��رف أين يوظف فوائض األم��وال التي بين يديه‪،‬‬
‫أما المس��ار الثاني فيتعلق ببنية عقود جديدة يستطيع البنك إدخالها على منظومة االستثمار‬
‫والتموي��ل لديه‪ ،‬حيث يوجد الكثير من األفكار والمس��ارات تتعل��ق صورها بصيغة عقود‬
‫( ‪) 488‬‬
‫تمويل المنافع أو عقود الصكوك أو حتى المحافظ االس��تثمارية‪ ،‬وبهذا يظهر أن المسارين‬
‫(األول والثان��ي) ال يعتم��دان على حل اإلش��كاليات الواردة على عق��د التورق المصرفي‬
‫نفس��ه‪ ،‬وإنما التوسع في األنشطة االس��تثمارية التي يعتمد عليها البنك اإلسالمي في إدارة‬
‫أرباحه‪ ،‬أو في تقديم عقود جديدة تختلف مبانيها عن عقد التورق المصرفي المنظم‪ ،‬وفي‬
‫المس��ار الثالث‪ :‬يكون النظ��ر إلى عقد التورق المصرفي‪ ،‬وه��ذه الفكرة تكون ضمن إطار‬
‫«التورق المصرف��ي الموازي للمرابحة»‪ ،‬وهي ترنو إلى إيجاد صيغة تلبي ش��روط التورق‬
‫الش��رعية‪ ،‬وتلبي حاجات الن��اس الضرورية للنقد‪ ،‬وتلبي ش��روط المجمع الفقهي لصحة‬
‫التورق ً‬
‫أيضا‪ ،‬وترفع الحرج والضيق عن الناس؛ وهذا الحل ينبني على إيجاد البديل ولكن‬
‫ضمن ضوابط جديد‪ ،‬وهذا المس��ار الجديد هو حل إلش��كالية البنوك التي ال تس��تطيع أن‬
‫تتوس��ع في االستثمار أو عمل بدائل عقود جديدة المبنى والمآل‪ ،‬وتتخذ من التورق مسا ًرا‬
‫لها‪ ،‬فال تجد إال بالتورق سبيلاً ‪.‬‬

‫وفي سبيل التأكيد على فكرة تطوير العقود المالية‪ ،‬ال بُد من التأكيد على أهمية الهندسة‬
‫المالي��ة في تطوير الصيغ العقدي��ة‪ ،‬فالتورق المصرفي كان من نتائج��ه المعاصرة‪ ،‬فالقضية‬
‫الت��ي يجب البح��ث عنها هو التطوير واالبتكار في العقود المالية‪ ،‬ولكن ال يكون ذلك على‬
‫حساب المرتكزات األساسية التي توجبها الشريعة في العقود على اختالف مسمياتها‪ ،‬وهذا‬
‫األم��ر يؤكد على ضرورة تطوير العقود المالية التي ال تخال��ف في مبانيها العقدية والعلمية‬
‫أحكام الش��ريعة وضوابطها‪ ،‬وتكون بمثابة مس��ا ٍر جديد الس��تثمار فوائ��ض األموال داخل‬
‫منظوم��ة العمل المصرفي اإلس�لامي‪ ،‬فنح��ن ال ننظر إلى التورق بصفته المس��عف األخير‬
‫إلدارة استثمار فوائض السيولة‪.‬‬

‫وم��ن تلك الحلول التي أش��ير إلى إليها س��اب ًقا هو منتج «الت��ورق المصرفي الموازي‬
‫للمرابح��ة»(((‪ :‬وه��و تعاون مصرفين في تنفي��ذ عمليتي التورق والمرابحة لآلمر بالش��راء‪،‬‬

‫((( اليافعي‪ ،‬محمد بن س��الم بن دهش��ل‪ ،‬الت��ورق المصرفي الموازي للمرابحة منت��ج اقتصادي (بنكي)‬
‫جديد قدم إليجاد صيغة شرعية للتورق بمساعدة المصارف اإلسالمية‪1429 ،‬ﻫ‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫( ‪) 489‬‬
‫بأن يش��تري المصرف (ب) من المتورق (عميل المصرف أ) الس��لعة مرابحة لصالح عميله‬
‫(طالب اآلمر بالشراء)‪.‬‬
‫وخط��وات تنفيذه يكون عل��ى النحو التالي‪ :‬نفترض أن المت��ورق عميل المصرف (أ)‬
‫واآلمر بالشراء عميل المصرف (ب) فإن العملية تتم بالخطوات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬يقدم المتورق طلب اآلمر بالشراء إلى المصرف (أ)‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا استوفى الطلب ش��روط المرابحة‪ ،‬يعرض المصرف (أ) على المتورق كش ًفا(((‬

‫بأس��ماء األعي��ان التي يري��د المصرف (ب) ش��راءها مرابح��ة لعمالئه موضحا فيه أس��عار‬
‫ومواصفات ومكان وجود تلك السلع‪.‬‬
‫‪ .3‬يختار المتورق العين المناس��بة حس��ب المبلغ الذي يناس��به‪ ،‬ويتأكد من وجودها‪،‬‬
‫ويتم إشعار المصرف (ب) بذلك‪.‬‬
‫‪ .4‬يقوم المصرف (أ) بشرائها من السوق مرابحة لصالح المتورق وينقلها إلى حوزته‪.‬‬
‫‪ .5‬يبيع المصرف (أ) السلعة إلى المتورق بالتقسيط‪.‬‬
‫‪ .6‬يشتري المصرف (ب) الس��لعة من المتورق مرابحة لصالح عميله (اآلمر بالشراء)‬
‫بالتقسيط‬
‫وهذه الصيغة المتواضعة محاولة إليجاد تورق مصرفي ال يبتعد عن الضوابط الشرعية‬
‫في التطبيق‪ ،‬وذلك للخروج من الخالف الراهن بين الفقهاء‪ ،‬ورفع الحرج عن الناس‪ ،‬وهو‬
‫عبارة عن تنسيق مصرفين في عمليتي مرابحة لآلمر بالشراء‪ ،‬األول يشتري العين للمتورق‪،‬‬
‫والثاني يش��تريها من المتورق لعميله اآلمر بالشراء‪ ،‬وأطرافه أربعة (المتورق واآلمر بالشراء‬
‫ومصرفان مستقالن)‪.‬‬

‫وه��ذه الصيغة العقدية تحق��ق الكثير من المزايا‪ :‬ومنها إبعاد ش��بهة بي��ع العينة نهائيًا‪،‬‬

‫((( يقصد بالكش��ف‪« :‬إش��عار وعد بالش��راء نقدًا»‪ ،‬وهو يمثل إيجابًا من المصرف موجها إلى المشتري‪،‬‬
‫يشير فيه إلى السلعة‪ ،‬وكميتها‪ ،‬وقيمتها‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫( ‪) 490‬‬
‫لوجود طرف ثالث مس��تقل‪ ،‬يش��تري العين من المتورق مباشرة‪ ،‬وتحقق القبض الصحيح‪،‬‬
‫وتبعد المصارف اإلس�لامية عن التعامل بالس��لع الدولية‪ ،‬التي يرى بعض العلماء أنها سلع‬
‫نقدية‪ ،‬لها صفات الس��لع الربوية‪ ،‬وتقلل هذه المعاملة من خس��ارة المتورق‪ ،‬لوجود مش��ت ٍر‬
‫مقتدر ال يبخسه حقه (المصرف)‪ ،‬وعدم حاجته إلى السماسرة‪ ،‬الذين يأخذون عمولة تزيد‬
‫في س��عر السلعة‪ ،‬وعبر هذه الصيغة من الممكن أن توجد تعاونًا مصرفيًا في عملية التورق‪،‬‬
‫وهو شراء كل مصرف العين نقدًا بالسعر السائد من عميل المصرف اآلخر (المتورق)(((‪.‬‬
‫أيض��ا فكرة ش��ركة الكفال��ة والوكالة اإلس�لامية(((‪ ،‬والتي يمك��ن للمصرف‬
‫وهن��اك ً‬
‫اإلس�لامي أن يجعلها ضمن إطار المش��اريع التي يمتلكها‪ ،‬وتقوم فكرتها (ش��ركة الكفالة‬
‫والوكالة اإلس�لامية) على تأسيس شركة مس��اهمة تتوسط بين الكفالء والمكفولين‪ ،‬بحيث‬
‫يقوم المس��اهمون بكفالة األفراد طالبي الكفالة للحصول على التمويل‪ ،‬ويظهر دور الشركة‬
‫في الوساطة بين المساهمين باعتبارهم كفالء ال عالقة لهم باإلدارة من جهة وبين المكفولين‬
‫م��ن جهة أخرى‪ ،‬والدور الرئيس للش��ركة ه��و إدارة الكفاالت وليس تقدي��م الكفالة ذاتها‪،‬‬
‫وتقوم الش��ركة بالوكالة عن الكفالء في تسديد ديون المكفولين‪ ،‬كما تتوكل عن المكفولين‬
‫أجرا معلومًا مقابل هذه الوكالة‪.‬‬
‫في سداد مبلغ الكفالة لكفالئهم وتتقاضى ً‬
‫وتقبل الش��ركة أموال المساهمين على أس��اس عقد المضاربة‪ ،‬فتقوم الشركة باستثمار‬
‫ه��ذه األم��وال على حصة من الربح‪ ،‬فإذا طرأ على مكفول عجز‪ُ ،‬س�� ّد هذا العجز من أموال‬
‫المس��اهمين بناء على وعد منهم في النظام األساسي للشركة‪ ،‬وبالتالي تحصل الشركة على‬
‫أرباحه��ا من خالل أجور الوكالة من طرفين حس��ب العقد (المكف��ول له‪ ،‬والمكفول)‪ ،‬كما‬
‫أنه��ا تضارب في أموال المس��اهمين ويتوزع الربح على المس��اهمين واإلدارة‪ ،‬في حين أن‬
‫المساهمين قدموا الكفالة تبرعًا منهم ولم يتقاضوا أي أجرة مقابل الكفالة‪.‬‬

‫((( اليافعي‪ ،‬التورق المصرفي الموازي للمرابحة مرجع سابق‪ ،‬ص‪( ،2‬بتصرف)‪.‬‬
‫((( المصري‪ ،‬أنس زاهر‪ ،‬سمارة‪ ،‬حسام فارس‪ ،‬شركة الكفالة والوكالة اإلسالمية‪ ،‬مؤتمر التميز والريادة‬
‫ف��ي تفوق منظم��ات األعمال‪ ،‬جامع��ة العلوم اإلس�لامية العالمية‪ ،‬عم��ان‪ ،‬األردن‪2013 ،‬م‪ ،‬ص‪،8‬‬
‫(بتصرف)‪.‬‬

‫( ‪) 491‬‬
‫ويتحدد نطاق عمل الش��ركة في تس��هيل حصول األفراد عل��ى التمويل من المصارف‬
‫اإلس�لامية من خالل كفالة (المس��اهمين) لألفراد الراغبين ف��ي الحصول على التمويل من‬
‫المصارف‪ ،‬وتس��هيل عمليات البيع اآلجل من خالل كفالة العمالء أمام التجار دون وساطة‬
‫المص��ارف‪ ،‬وإصدار بطاقات ائتمان وكفالة الش��ركة (المس��اهمين) للدي��ون المترتبة على‬
‫حام��ل هذه البطاقة‪ ،‬وكفالة المغتربين في غير بالدهم لتس��هيل تقدي��م الخدمات والتمويل‬
‫الالزم لهم في تلك البالد‪.‬‬

‫وهذه األمور من الخدمات التي يقوم بها المصرفي اإلس�لامي‪ ،‬ولكن يكون األمر هنا‬
‫للتوس��ع في تقديمها‪ ،‬ولفت��ح المجال لتطوير عقد الضمان في عمل المصرفية اإلس�لامية‪،‬‬
‫ولفت��ح آف��اق جديدة في واق��ع التطبيق العملي كذل��ك‪ ،‬والتي يُراد من��ه االبتعاد عن حصر‬
‫مضم��ون الضمان في نطاق محدد‪ ،‬وهو ما تدعو إليه الهندس��ة المالية اإلس�لامية في واقع‬
‫التطبيق العقدي والعملي للعقود في الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬ويكون ذلك ضمن أطر واضحة‬
‫ومعالمه هادية‪ ،‬ال تخرج عما يريده الشارع الحكيم من العقود إجمالاً ‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 492‬‬
‫اخلامتة‬
‫النتائج والتوصيات‪:‬‬
‫يمكن إجمال النتائج التي خلصت إليها هذه األطروحة على الوجه اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬الهندس��ة المالية اإلس�لامية تطمح إلى إيجاد الحلول المبتك��رة والعقود النموذجية‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬التي تلبي حاجات الس��وق المختلف��ة‪ ،‬ولكن هذا األمر قد ال يتحقق بالش��كل‬
‫المطلوب إذا لم يحسن استغالله‪.‬‬

‫‪ -‬الهندس��ة المالية اإلس�لامية ضمن المنظور العام تسعى لتصحيح سلبيات «أدوات»‬
‫الهندس��ة المالية التقليدية‪ ،‬وجعلها قادرة على خدمة المصرفية اإلسالمية العامة بشكل عام‬
‫وتجنب تهدي��د النظام المالي‪ ،‬أو جعلها مس��ا ًرا للمضاربات والح��دوث األزمات‪ ،‬ويقوم‬
‫ً‬
‫أيضا على حفظ المراكز العقدية وتمكين مبدأ مقاسمة األرباح والخسائر الناتجة من العملية‬
‫االستثمارية‪.‬‬

‫أما أهم التوصيات التي انتهت إليها الدراسة فهي‪:‬‬

‫‪ -‬إع��ادة التقدي��ر لعمل الهندس��ة المالية اإلس�لامية وفق ضمن توجيه��ات األحكام‬
‫الشرعية‪ ،‬وضرورة االستفادة من المعايير العقدية والعملية التي تقدمها‪ ،‬بما يدعم السياسات‬
‫واإلجراءات التي تنتهجها‪ ،‬ويجب التقيد بالتوجيهات الشرعية في توظيف األموال‪.‬‬

‫‪ -‬تمكين عمل الهندس��ة المالية في مجال التمويل واالستثمار في النشاط االقتصادي‪،‬‬


‫فالهدف هو تحقيق المصلحة المشروعة في دفع المخاطر السلبية‪ ،‬والعمل على تنمية فرص‬
‫التوظيف المثلى لالستثمار‪ ،‬فهو مقصد شرعي يطلب لتحقيق المصالح ال المضار‪ ،‬وتمكين‬
‫العقد من تحقيق وظائفه المطلوب منه شرعًا‪.‬‬

‫‪ -‬ينبغي على المصارف اإلس�لامية في العالم اإلس�لامي بش��كل عام‪ ،‬وفي فلس��طين‬

‫( ‪) 493‬‬
‫بشكل خاص إنشاء المعاهد البحثية المختصة بتطوير المنظومات العقدية‪ ،‬وتطوير اآلليات‬
‫المختلفة التي من ش��أنها رفد النش��اط االقتصاد بموسوعة متعددة من العقود المالية‪ ،‬ودعم‬
‫تواجد المصرفية اإلسالمية على الصعيد المحلي واإلقليمي‪.‬‬

‫‪ -‬توجيه المزيد من الدراس��ات واألبحاث لموضوع الهندس��ة المالية اإلس�لامية‪ ،‬من‬


‫خالل مواصلة عملية االس��تقراء واالستقصاء ألصول الشريعة اإلسالمية‪ ،‬إلخراج موضوع‬
‫العقود اإلسالمية من النمطية‪ ،‬فال بُد من مواصلة البحث والدراسة فيها‪.‬‬

‫سبحانك اهلل وحبمدك‪ ،‬أشهد أن ال إله إال أنت‪ ،‬أستغفرك وأتوب أليك‬

‫واحلمد هلل رب العاملني‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 494‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬
‫أولاً ‪ :‬القرآن الكريم‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬املصادر واملراجع‬

‫‪ .1‬أبو رأس‪ ،‬يس��را حس��ن عثمان‪ ،‬الهندسة المالية اإلس�لامية‪ :‬مفهومها‪ ،‬خصائصها‪،‬‬
‫وأبعاده��ا‪ ،‬مجل��ة الم��ال واالقتصاد‪ ،‬بنك فيصل اإلس�لامي الس��وداني‪ ،‬الس��ودان‪ ،‬ع‪،77‬‬
‫ص‪2015‬م‪.‬‬

‫‪ .2‬أمال‪ ،‬لعمش‪ ،‬سارة‪ ،‬شرفي‪ ،‬أهمية منتجات الهندسة المالية في الصناعة المصرفية‬
‫اإلس�لامية ـ تجرب��ة مصرف اإلمارات اإلس�لامي في إص��دار صكوك اإلج��ارة ـ‪ ،‬مؤتمر‪:‬‬
‫منتج��ات وتطبيقات االبتكار والهندس��ة المالية‪ ،‬بي��ن الصناعة المالي��ة التقليدية والصناعة‬
‫المالية اإلسالمية‪ ،‬جامعة فرحات عباس‪ ،‬سطيف‪ ،‬الجزائر‪2014 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .3‬الس��اعاتي‪ ،‬عبد الرحيم عبد الحميد‪ ،‬نحو مش��تقات مالية إسالمية إلدارة المخاطر‬
‫التجارية‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلس�لامي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬جدة‪ ،‬السعودية‪1999 ،‬م‪،‬‬
‫م‪.11‬‬

‫‪ .4‬الس��ويلم‪ ،‬التحوط في التمويل اإلسالمي‪ ،‬البنك اإلس�لامي للبحوث والتدريب‪،‬‬


‫جدة‪ ،‬السعودية‪2007 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .5‬السويلم‪ ،‬س��امي إبراهيم‪ ،‬صناعة الهندسة المالية (نظرات في المنهج اإلسالمي)‪،‬‬


‫مركز البحوث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪2000 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .6‬الس��ويلم‪ ،‬س��امي‪ ،‬إبراهي��م‪ ،‬الت��ورق والت��ورق المنظ��م‪ ،‬مجلة المجم��ع الفقهي‬


‫اإلسالمي‪ ،‬رابطة العالم اإلسالمي‪ ،‬العدد ‪2005 ،20‬م‪.‬‬

‫( ‪) 495‬‬
‫‪ .7‬صالح‪ ،‬فتح الرحمن علي محمد‪ ،‬أدوات سوق النقد اإلسالمية‪ :‬مدخل الهندسة‬
‫المالية اإلس�لامية‪ ،‬مجل��ة المصرفي‪ ،‬بنك الس��ودان‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬الس��ودان‪2002 ،‬م‪،‬‬
‫ع ‪.26‬‬

‫‪ .8‬صالح‪ ،‬فتح الرحمن علي محمد‪ ،‬أدوات س��وق النقد اإلس�لامية‪ :‬مدخل الهندسة‬
‫المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة المصرفي‪ ،‬بنك السودان‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬السودان‪ ،‬ع‪2002 ،26‬م‪.‬‬

‫‪ .9‬العماري‪ ،‬عبد القادر‪ ،‬بيع الوفاء والعينة والتورق‪ ،‬مطابع الدوحة الحديثة‪ ،‬مصرف‬
‫قطر اإلسالمي‪ ،‬الدوحة‪ ،‬قطر‪2004 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .10‬ق��رارات المجمع الفقهي اإلس�لامي‪ ،‬رابطة العالم اإلس�لامي‪ ،‬الدورة الس��ابعة‬


‫عشرة‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬السعودية‪2003 ،‬م‪ ،‬ط‪.3‬‬

‫‪ .11‬قندوز‪ ،‬عبد الكريم‪ ،‬الهندس��ة المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة جامعة الملك عبد العزيز‪:‬‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬المجلد ‪ ،20‬ع‪2007 ،2‬م‪.‬‬

‫‪ .12‬المصري‪ ،‬أنس زاهر‪ ،‬س��مارة‪ ،‬حس��ام فارس‪ ،‬شركة الكفالة والوكالة اإلسالمية‪،‬‬
‫مؤتمر التميز والريادة في تفوق منظمات األعمال‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العالمية‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪2013 ،‬م‪ ،‬ص‪( ،8‬بتصرف)‪.‬‬

‫‪ .13‬النجار‪ ،‬فريد‪ ،‬البورصات والهندسة المالية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬


‫مصر‪1999 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .14‬هندي‪ ،‬منير إبراهيم‪ ،‬الفكر الحديث في إدارة المخاطر‪ :‬الهندسة المالية باستخدام‬
‫التوريق والمشتقات‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫‪ .15‬اليافعي‪ ،‬محمد بن س��الم بن دهش��ل‪ ،‬التورق المصرفي الموازي للمرابحة منتج‬


‫اقتصادي (بنكي) جديد قدم إليجاد صيغة ش��رعية للتورق بمس��اعدة المصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫‪1429‬ﻫ‪.‬‬
‫( ‪) 496‬‬
16. Finnerty, J. D. (1988) , Financial Engineering in Corporate
Finance, An overview, Financial Management, Vol 17, No 4.

  

) 497 (

‫صيغة التمويل باملراحبة ودورها‬
‫يف تطوير الصريفة اإلسالمية‬
‫ـ من وجهة متعاملي ـ بنك الربكة اجلزائري ـ‬
The formula of Murabaha financing and its role in the
development of Islamic banking ‫ ـ‬from the point of view
of the clients of Al Baraka Bank of Algeria‫ـ‬

‫ رفيقة باشا‬.‫ د‬.‫ط‬


rafika.bacha@univ_tebessa.dz

‫ عمامرة يامسينة‬.‫د‬
amamra.yasmina@univ_tebessa.dz

‫جامعة الشيخ العربي التبسي ـ تبسة ـ اجلزائر ـ‬


‫امللخص‬
‫ته��دف الورقة البحثية إلى دراس��ة واقع عقد التمويل بالمرابح��ة كأداة مهمة في تطوير‬
‫الصيرفة اإلس�لامية في بنك البركة الجزائري‪ ،‬وكان ذلك من خالل إعداد استبانة إلكترونية‬
‫لجم��ع البيان��ات من عمالء البنك محل الدراس��ة‪ ،‬حي��ث تم جمع ‪ 82‬اس��تبانة ومعالجتها‬
‫إحصائيا عن طريق برنامج التحليل اإلحصائي ‪.SPSS‬‬

‫وتوص��ل البحث إلى تحقيق عدة نتائج أهمها أن صيغة التمويل بالمرابحة تس��اهم في‬
‫تطوير الصيرفة اإلسالمية على مستوى بنك البركة الجزائري‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬صيغ تمويل‪ ،‬عقد مرابحة‪ ،‬تطوير الصيرفة اإلسالمية‪ ،‬بنك البركة‪.‬‬

‫تصنيف ‪G21, M41 :JEL‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 501‬‬
Abstract
The research paper aims to study the reality of the Murabaha
financing contract as an important tool in the development of
Islamic banking in Al Baraka Bank of Algeria, and that was by
preparing an electronic questionnaire to collect data from the
clients of the bank under study, where 82 questionnaires were
collected and processed statistically through the SPSS statistical
analysis program.

The research reached several results, the most important of


which is that the Murabaha financing formula contributes to the
development of Islamic banking at the level of Al Baraka Bank of
Algeria.

Key words: Summer financing, Murabaha contract, Islamic


banking development, Al Baraka Bank.

JEL Classification Codes: G21,M41.

  

) 502 (
‫مقدمة‬
‫تعتبر الصيرفة اإلس�لامية أهم المواضيع في الوقت الحالي‪ ،‬التي تعد اللبنة األساس��ية‬
‫في صرح النظام االقتصادي اإلس�لامي‪ ،‬وقد برزت الحاجة إلى إنشاء المصارف اإلسالمية‬
‫تلبي��ة لرغبات المجتمعات اإلس�لامية في إيجاد صيغة للتعامل المصرفي بعيدة عن ش��بهة‬
‫الربا وتحقيق نظام مالي تسوده األحكام الشرعية‪ ،‬وهنا تم التوجه إلى االهتمام بصيغ تمويل‬
‫إس�لامية وأهمه��ا عقد التمويل بالمرابح��ة ودوره في تطوير الصيرفة اإلس�لامية على وجه‬
‫العم��وم‪ ،‬وبوجه خ��اص في البنك البركة الجزائري‪ ،‬تماش��يا مع هذه الصي��غ لتلبية طلبات‬
‫العمالء وكذا لتحس��ين مردودها ومحاولة الندماجها في الصيرفة اإلسالمية‪ ،‬والتوسع أكثر‬
‫في مجال الصناعة المالية اإلسالمية‪.‬‬
‫وفي ضوء ما تقدم يمكن تحديد إشكالية البحث في التساؤل الرئيسي اآلتي‪:‬‬
‫ما م��دى فعالية صيغة التمويل بالمرابحة في تطوير الصيرفة اإلس�لامية في بنك البركة‬
‫الجزائري؟‬
‫ومن التساؤل الرئيسي السابق تتفرع التساؤالت الفرعية الموالية‪:‬‬
‫‪ -‬هل هناك دور لعقد التمويل بالمرابحة في تطوير الصيرفة اإلس�لامية في بنك البركة‬
‫الجزائري؟‬
‫‪ -‬هل هناك دور لعقد التمويل بالمرابحة في الحد من مخاطر الصيرفة اإلس�لامية في‬
‫بنك البركة الجزائري؟‬
‫‪ -‬هل هناك دور لعقد التمويل بالمرابحة في توفير الضمان كمدخل من مداخل اتطوير‬
‫الصيرفة اإلسالمية في بنك البركة الجزائري؟‬
‫‪ -‬ه��ل هناك دور لعقد التمويل بالمرابحة في دع��م الربحية لطرفي العقد كمدخل من‬
‫مداخل تطوير الصيرفة اإلسالمية؟‬
‫( ‪) 503‬‬
‫ولإلجاب��ة على إش��كالية هذه الورقة البحثي��ة يمكن وضع الفرضية الرئيس��ية الموالية‬
‫«توج��د عالق��ة ذات داللة إحصائية عند مس��توى معنوي��ة ‪ α=0٫05%‬بي��ن صيغة التمويل‬
‫بالمرابحة وتطور الصيرفة اإلسالمية في بنك البركة الجزائري»‪.‬‬

‫والفرضيات الفرعية التالية‪:‬‬

‫الفرضية الفرعية األولى‪« :‬توجد عالقة ذات داللة معنوية عند ‪ α=0٫05%‬يعقد التمويل‬
‫بالمرابحة في الحد من المخاطرة لتطوير الصيرفة اإلسالمية في بنك البركة الجزائري»‪.‬‬

‫الفرضية الفرعية الثانية‪« :‬توجد عالقة ذات داللة معنوية عند ‪ α=0٫05%‬لعقد التمويل‬
‫بالمرابحة في توفير هامش ربحية لتطوير الصيرفة اإلسالمية في بنك البركة الجزائري»‪.‬‬

‫الفرضي��ة الفرعي��ة الثالث��ة‪« :‬توجد عالق��ة ذات دالل��ة معنوية عن��د ‪ α=0٫05%‬لعقد‬
‫التمويل بالمرابحة في توفير الضمان لطرفي العقد لتطوير الصيرفة اإلسالمية في بنك البركة‬
‫الجزائري»‪.‬‬

‫أهمية البحث‬
‫تكم��ن أهمية البحث في كونها تناولت موضوعا مهما أال وهو عقد التمويل بالمرابحة‬
‫والصيرف��ة اإلس�لامية في كونهم��ا مواضيع الس��اعة خصوصا م��ع تطور الصناع��ة المالية‬
‫اإلسالمية في العالم عامة‪ ،‬ومحاولة الجزائر لمواكبتها على وجه الخصوص‪.‬‬

‫أهداف البحث‬
‫تبرز أهداف البحث في االتي‪:‬‬

‫‪ -‬المساهمة في إثراء المعارف النظرية والتطبيقية حول متغيرات الموضوع‪.‬‬

‫‪ -‬توضيع المفاهيم المتعلقة بالتمويل اإلسالمي وعقود التمويل وكذا مداخل الصيرفة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬إبراز مدى أهمية الصيغ التمويلية اإلسالمية في تطوير الصيرفة اإلسالمية‪.‬‬

‫( ‪) 504‬‬
‫‪ -‬تس��ليط الضوء على بن��ك البركة الجزائري لم��ا له من دور كبير ف��ي عقود التمويل‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وكذا بصفته بنك إسالمي في الجزائر‪.‬‬

‫منهج البحث‬
‫نظ��را لطبيع��ة موضوع البحث فق��د تم اعتم��اد المنهج الوصف��ي التحليلي في عرض‬
‫مختل��ف المفاهيم النظرية لعقد التمويل بالمرابحة وتطوير الصيرفة اإلس�لامية‪ ،‬مع تحليل‬
‫مداخ��ل الصيرفة اإلس�لامية وعالقتها بعق��د التمويل بالمرابحة‪ ،‬من خ�لال جمع البيانات‬
‫األولية الالزمة عن طريق االستبيان وتحليله عن طريق ‪.SPSS‬‬

‫هيكل البحث‬
‫تم تس��ليط الضوء على اإلطار النظري الع��ام لعقد التمويل بالمرابحة وعالقتها بتطوير‬
‫الصيرفة اإلس�لامية على مس��توى بنك البرك��ة الجزائري‪ ،‬من خالل التط��رق إلى العناصر‬
‫الموالية‪:‬‬

‫ـ الدراسة النظرية‪.‬‬

‫ـ الدراسة التطبيقية‪.‬‬

‫أولاً ‪ :‬الدراسة النظرية‬


‫س��يتم في هذا الجزء إس��قاط الضوء على أه��م المفاهيم النظرية الخاص��ة بمتغيرات‬
‫الدراسة‪.‬‬

‫اإلطار المفاهيمي للتمويل اإلسالمي‬

‫يختل��ف التمويل اإلس�لامي اختالفًا جوهريًّا ع��ن التمويل التقلي��دي‪ ،‬لذلك تعددت‬
‫التعاريف واختلفت أهدافه وأهميته نذكرها في اآلتي‪.‬‬

‫‪ -1-1‬تعريف التمويل اإلسالمي‬

‫هو عبارة عن عالقة بين المؤسسات المالية بمفهومها الشامل والمؤسسات أو األفراد‪،‬‬

‫( ‪) 505‬‬
‫لتوفير المال لمن ينتفع به س��واء للحاجات الشخصية أو بغرض االستثمار‪ ،‬عن طريق توفير‬
‫أدوات مالية متوافقة مع الشريعة اإلسالمية‪ ،‬مثل عقود المرابحة أو المشاركة أو اإلجارة أو‬
‫االستصناع أو السلم وغيرها(((‪.‬‬
‫ويمك��ن تعريفه على أن��ه تقديم ثروة عينية أو نقدية بقصد االس��ترباح‪ ،‬من مالكها إلى‬
‫شخص يديرها ويتصرف فيها لقاء عائد تبيحه األحكام الشرعية(((‪.‬‬
‫ويع��رف ً‬
‫أيض��ا على أن��ه عملية توفي��ر متطلب��ات األنش��طة االس��تثمارية واالدخارية‬
‫والخدمات المالية والتي تعد وفقا لمبادئ الشريعة اإلسالمية(((‪.‬‬
‫‪ -2-1‬خصائص التمويل اإلسالمي‬
‫يتميز التمويل اإلسالمي بعدة خصائص يمكن إبراز أهمها فيما يلي(((‪:‬‬
‫‪ -‬استبعاد التعامل بالربا أخذا وعطاء‪ ،‬بمعنى عدم استخدام الفائدة المسبقة والضمانات؛‬
‫‪ -‬توجي��ه التمويل نحو االس��تثمار الحقيقي‪ ،‬بمعنى توجيهه نح��و اإلنتاج والتنويع في‬
‫السلع والخدمات؛‬
‫‪ -‬التركيز على توجيه سلوك الفرد نحو األخالق الفاضلة‪ ،‬وتربيته على صفات األمانة‬
‫والثقة بالنفس واإلخالص وإتقان العمل مما يوفر سبل أكبر لنجاح المؤسسة؛‬
‫‪ -‬توجي��ه المال نحو المش��اريع االس��تثمارية الحقيقي��ة والعمل على ربط��ه باإلنفاق‬
‫المشروع‪.‬‬

‫عب��د اهلل محم��د األنصاري الرصاع‪ ،‬ش��رح ح��دود ابن عرفة‪ ،‬تدقي��ق‪ :‬محمد أبو األجف��ان‪ ،‬الطاهر‬ ‫(((‬
‫المعموري‪ ،‬ط‪ ،2‬دار بيروت‪ ،‬العرب اإلسالمي‪1993 ،‬م‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫علي محمد أحمد أبو العز‪ ،‬االبتكار في صيغ التمويل اإلس�لامي‪ ،‬منش��ورات أبحاث فقه المعامالت‬ ‫(((‬
‫اإلسالمية‪2016 ،‬م‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫عبد الحميد برحومة‪ ،‬منير عزوز‪ ،‬أس��اليب تمويل مش��اريع القطاع الصناع��ي باالعتماد على محفظة‬ ‫(((‬
‫التمويل البنكية اإلسالمية‪ ،‬مجلة الدراسات االقتصادية المعاصرة‪ ،‬العدد ‪2016 ،01‬م‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫محمد عبد الحميد‪ ،‬محمد فرحان‪ ،‬التمويل اإلس�لامي للمش��روعات الصغيرة ـ دراسة ألهم مصادر‬ ‫(((‬
‫التمويل ـ األكاديمية العربية للعالقات المالية المصرفية‪ ،‬قسم المصارف اإلسالمية‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫( ‪) 506‬‬
‫‪ -3-1‬قواعد التمويل اإلسالمي‬

‫يقوم التمويل اإلسالمي على ثالثة قواعد يأتي ذكرها كما يلي(((‪:‬‬

‫‪ -‬التملك‪ :‬يمنح للمالك الحق في الزيادة المتولدة عن الش��يء المملوك‪ ،‬استنادا على‬
‫قاع��دة الخ��راج بالضمان الت��ي تعطي للتاجر الحق ف��ي الزيادة على البضاع��ة التي يملكها‬
‫باعتباره��ا ضامن له��ا عند تلفها‪ ،‬إلضافة إلى قاعدة الغرم بالغنم التي تفيد عكس س��ابقتها‪،‬‬
‫فإذا كان الضمان يس��تحق الخراج‪ ،‬فكذلك الغنم يس��توجب الغرم‪ ،‬فالخسارة التي تحصل‬
‫من الش��يء تكون على من يستفيد منه شرعا‪ ،‬بمعنى آخر يتحمل جميع ما يتعرض له الشيء‬
‫المملوك من مخاطر‪.‬‬

‫‪ -‬الواقعي��ة‪ :‬وتقتضي ارتباط عائد التمويل بنتائجه الحقيقية‪ ،‬إذ ال يحق لصاحب لمال‬
‫إال ما تحقق من استثماره‪ ،‬فإذا كان ربحا فله حصة منه‪ ،‬وإذا كانت خسارة نقص ماله بقدرها‬
‫وال يمكن أن يحدد العائد سلفا كسعر فائدة المال‪ ،‬وبناء على ذلك فغن استحقاق الربح في‬
‫التمويل اإلسالمي يدور دائما مع ما يحصل فعال على أرض الواقع‪ ،‬وال تقبل أي افتراضات‬
‫أو تنظير حول الربح أو الخسارة‪.‬‬

‫‪ -‬تمويل اإلنتاج الحقيقي‪ :‬وذلك بالمشاركة في إنتاج السلع والخدمات وتداولها وهو‬
‫ما يقوي الرابط بين االقتصاد النقدي ونظيره الحقيقي حيث يسمح بتداول الديون بعيدا عن‬
‫اإلنتاج الفعلي الملموس‪ ،‬وهو ما يس��اعد على استقرار المؤشرات المالية والنقدية الكلية‪،‬‬
‫ولهذه القاعدة أهمية كبيرة ألنها تعني عدم السماح بالتمويل النقدي المحض‪ ،‬وبهذا تكون‬
‫األس��واق المالية أكثر اس��تقرارا‪ ،‬ألن التمويل فيها يقتصر على تمويل اإلنتاج الحقيقي دون‬
‫التسارع الالهث وراء تغيرات أسعار الفائدة(((‪.‬‬

‫((( مقاوي��ب منص��ف‪ ،‬مس��تقبل التمويل اإلس�لامي في ظل األزم��ات المالي��ة العالمية‪ ،‬مجل��ة العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة تبسة‪ ،‬العدد ‪ ،10‬ص‪.59‬‬
‫((( عصام عمر أحمد مندور‪ ،‬البنوك الوضعية والشرعية ـ النظام المصرفي ـ نظرية التمويل اإلسالمي‬
‫ـ البنوك اإلسالمية ـ‪ ،‬دار التعليم الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪2013 ،‬م‪ ،‬ص‪.241‬‬

‫( ‪) 507‬‬
‫‪ -2‬صيغ التمويل اإلسالمي‬

‫تختلف صيغ التمويل اإلس�لامي عن صيغ التمويل في النظام التقليدي وذلك انطالقًا‬
‫من أشكال التمويل التي تنعدم فيها الفائدة المصرفية‪ ،‬هي فقط الجائزة والمسموحة بها في‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وعليه فإن للتمويل اإلسالمي مجموعة من الصيغ تتمثل في االتي‪:‬‬

‫‪ -1-2‬الصيغ المستندة على المشاركة في الربح والخسارة‬

‫ومن صيغها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬صيغة المضاربة‪ :‬حس��ب المفهوم االقتصادي هي تعاق��د ثنائي بين طرفين يقدم فيه‬
‫الط��رف األول (واحد أو أكثر) المال‪ ،‬ويقوم الطرف الثاني (واحد أو أكثر) بالعمل فيه على‬
‫نحو ما يتفق عليه في شروط العمل واقتسام األرباح(((‪.‬‬

‫‪ -‬صيغة المش��اركة‪ :‬هنا يتم تقديم التمويل ال��ذي يطلبه العميل أو المتعامل مع البنك‬
‫فائدة محددة من قبل‪ ،‬وإنما يش��ارك البنك في الناتج المحتمل‪ ،‬س��واء كان ربحا أو خسارة‬
‫حس��ب أسس توزيعية متفق عليها بين البنك والعميل‪ ،‬ومن هنا تكون العالقة بين األطراف‬
‫عالقة شراكة ال عالقة الدائن بالمدين(((‪.‬‬

‫‪ -‬صيغ��ة المزارع��ة‪ :‬بمعنى إعطاء األرض لمن يزرعها‪ ،‬عل��ى أن يكون له نصيب منها‬
‫كالنصف أو الثلث أو األكثر من ذلك أو األدنى حسب ما يتفقان عليه(((‪.‬‬

‫‪ -‬صيغة المس��اقاة‪ :‬هي عقد الش��راكة بين مالك الشجر أو الزرع والعامل عليه على أن‬

‫((( نوال صالح بن عمارة‪ ،‬المراجعة والرقابة في المصارف اإلس�لامية‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار وائل للنش��ر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪2016 ،‬م‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫((( حرب��ي محمد عريقات‪ ،‬س��عيد جمعة عقل‪ ،‬إدارة المصارف اإلس�لامية ـ مدخل حديث ـ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫((( عب��د الرحمان عب��د القادر‪ ،‬فعالية نظام التمويل اإلس�لامي في مواجهة آثار األزم��ة المالية العالمية‪،‬‬
‫دراسة حالة عينة من البنوك اإلسالمية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه علوم اقتصادية‪ ،‬تخصص‬
‫نقود وتمويل‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ 2015 ،‬ـ ‪2016‬م‪ ،‬ص‪.109‬‬

‫( ‪) 508‬‬
‫يقوم األخير بخدمة الشجر أو الزرع مدة معلومة في نظير جزء شائع من الغلة(((‪.‬‬

‫‪ -2-2‬الصيغ المستندة على أساس الدين (المداينات)‬

‫ومن صيغها ما يلي ذكره‪:‬‬

‫‪ -‬صيغة المرابحة‪ :‬هو بيع س��لعة ما بما قامت به على بائعه مضافًا إليه ربح متفق عليه‬
‫بينهم��ا‪ ،‬أما المرابحة المصرفية فهي صيغة تمويل طورتها المصارف اإلس�لامية مبنية على‬
‫صيغ��ة العقد المذك��ور أعاله إال أنها تتضمن ً‬
‫أيضا األمر بالش��راء والوعد بالش��راء‪ ،‬إذ يأمر‬
‫العميل المصرف بشراء سلعة ما لنفسه ويعده بشرائها بثمن مؤجل مع الربح(((‪.‬‬

‫‪ -‬صيغة السلم‪ :‬اصطال ًحا هو البيع الذي يتم فيه تسليم الثمن في مجلس العقد وتأجيل‬
‫تسليم السلعة الموصوفة بدقة إلى وقت محدد في المستقبل‪.‬‬

‫ويعرفه فقهاء الشافعية والحنابلة بأنه عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض‬
‫في مجلس العقد(((‪.‬‬

‫‪ -‬صيغة اإلجارة‪ :‬عقد على المنافع بمدة معلومة وبثمن معلوم‪ ،‬حيث تتكون من طرفين‬
‫مالك األصل وهو المؤجر ومستخدم األصل أة المنتفع منه وهو المستأجر(((‪.‬‬

‫‪ -‬صيغة االس��تصناع‪ :‬يعرف بانه عقد يش��تري به في الحال شيئا مما يصنع يلتزم البائع‬

‫محم��د محم��ود العجلوني‪ ،‬البنوك اإلس�لامية ـ أحكامه��ا ـ مبادئها ـ تطبيقاته��ا المصرفية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار‬ ‫(((‬
‫المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪.278‬‬
‫حيدر يونس الموس��وي‪ ،‬المصارف اإلس�لامية أدائها المالي وأثارها في سوق األوراق المالية‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫(((‬
‫مكتبة اليازوري‪2011 ،‬م‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫حس��ين محمد سمحان‪ ،‬موسى عمر مبارك‪ ،‬محاسبة المصارف اإلسالمية في ضوء المعايير الصادرة‬ ‫(((‬
‫عن هيئة المحاس��بة والمراجعة والضوابط للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية‪ ،‬ط‪ ،4‬دار المس��يرة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪2015 ،‬م‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫زهير بن دعاس‪ ،‬أمين عويسي‪ ،‬صيغ التمويل اإلسالمي بين الواقع والمأمول‪ ،‬مجلة التنمية واالقتصاد‬ ‫(((‬
‫التطبيقي‪ ،‬المجلد ‪ ،2‬العدد ‪2018 ،2‬م‪ ،‬ص‪.245‬‬

‫( ‪) 509‬‬
‫بتقديم��ه مصنوعًا بمواد من عنده‪ ،‬بأوصاف مخصوصة‪ ،‬وبثمن محدد‪ ،‬ويس��مى المش��تري‬
‫مستصنعًا‪ ،‬والبائع صانعا والشيء محل العقد مستصنعًا فيه‪ ،‬والعوض يسمى ثمنًا(((‪.‬‬
‫‪ -3‬عقد التمويل بالمرابحة في المصارف اإلسالمية‬
‫بعد التطرق بصف��ة مختصرة لصيغة المرابحة باعتبارها من صيغ التمويل اإلس�لامي‪،‬‬
‫سنتعرف عليها أكثر في هذا الجزء باعتبارها المتغير المستقل في هذه الدراسة‪.‬‬
‫‪ -1-3‬مفهوم عقد المرابحة‬
‫تتمايز تعريفات المرابحة بين اللغة واالصطالح والمفهوم االقتصادي‪ ،‬وهذا ما سيظهر‬
‫في االتي‪:‬‬
‫الربح‪ ،‬وه��و الفضل والزيادة والنم��اء في التجارة‪،‬‬
‫أ ـ المرابح��ة لغة‪ :‬ه��ي مفاعلة من ِّ‬
‫حا‪ ،‬يُقال‪ :‬بعت الس��لعة مرابحة‪ ،‬إذ س��ميت لكل قدر من‬ ‫حا وت َ َرب ُّ ً‬
‫و َربِ َح من تجارته يَربَح ِرب ْ ً‬
‫الثمن ربحا‪ ،‬هذا والمفاعلة هنا ليست على بابها‪ ،‬ألن الذي يربح هو البائع فقط فكانت من‬
‫المفاعل��ة التي تس��تخدم في الواحد‪ ،‬أو أن المرابحة هنا بمعنى إرب��اح‪ ،‬ألن أحد المتبايعيْن‬
‫أربح اآلخر(((‪.‬‬
‫ب ـ المرابحة اصطال ًحا‪ :‬تعرف المرابحة عند الفقهاء على أنها(((‪:‬‬
‫‪ -‬المالكية‪ :‬بيع ما اشترى بثمنه مع زيادة ربح معلوم عند البائع والمشتري على ما اتفقا‬
‫عليه‪.‬‬

‫((( علي فالق‪ ،‬نذير بوس��هوة‪ ،‬صيغ التمويل اإلس�لامي في المصارف اإلس�لامية‪ ،‬تجارب وتحديات‪،‬‬
‫مجلة اآلفاق للدراسات االقتصادية‪ ،‬المجلد ‪ ،1‬العدد ‪2016 ،1‬م‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫((( حامد حسن بن محمد علي ميرة‪ ،‬عقود التمويل المستجدة في المصارف اإلسالمية ـ دراسة تأصيلية‬
‫تطبيقية ـ‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬قسم الفقه المقارن‪ ،‬تخصص فقه مقارن‪ ،‬المعهد العالي‬
‫للقضاء‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ 1431 ،‬ـ ‪1432‬ﻫ‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫((( حس��ان طه‪ ،‬بوفليح نبيل‪ ،‬محاس��بة التمويل بالمرابحة لآلمر بالش��راء في ضوء معايير هيئة المحاسبة‬
‫والمراجعة للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية ـ دراس��ة حالة بنك فيصل اإلسالمي الس��وداني ـ‪ ،‬مجلة‬
‫البحوث والدراسات‪ ،‬المجلد ‪ ،16‬العدد ‪2019 ،1‬م‪ ،‬ص‪.182‬‬

‫( ‪) 510‬‬
‫‪ -‬الحنفية‪ :‬بيع بمثل الثمن األول مع زيادة الربح‪.‬‬

‫‪ -‬الشافعية‪ :‬عقد بني الثمن فيه على ثمن البيع األول مع زيادة‪.‬‬

‫‪ -‬الحنابلة‪ :‬هي أن يخبر برأس ماله ثم يبيع به ويربح‪.‬‬

‫ج ـ المرابحة بمفهوم اقتصادي‪ :‬تعرف على أنها البيع بالثمن المشترى به أو تكلفتها على‬
‫المشتري مع زيادة ربح معلوم يكون في الغالب نسبة مئوية من ثمن الشراء أو التكلفة(((‪.‬‬

‫‪ -2-3‬أنواع عقد المرابحة‬

‫تتمثل أنواع عقد المرابحة في اآلتي(((‪:‬‬

‫أ ـ أن يبيع البائع الس��لعة برأس مال معلوم للطرفين‪ ،‬ويس��مى ربحا معلوما مع حصول‬
‫الرضا بينهما‪ ،‬فيقول مثلاً اشتريته بمائة وأبيعه لك بمائة وأربعين‪.‬‬

‫ب ـ أن يكون الربح محدد بالنس��بة لرأس المال [أن يقول لكل عشرة دراهم درهم‪ ،‬أو‬
‫في كل مائة عشرون ونحو ذلك‪.‬‬

‫حا آخر‬
‫ج ـ وه��و مركب من نوعين معًا‪ ،‬فيبيعه ب��رأس المال وربح معلوم‪ ،‬ويضيف رب ً‬
‫بالنسبة إلى رأس المال فيقول مثلاً اشتريته بمائة وأبيعه لك بمائتين وربح درهم لكل عشرة‪،‬‬
‫وكأنه قال بعت بمائتين وعشرين‪.‬‬

‫‪ -3-3‬أقسام المرابحة‪:‬‬

‫تنقسم المرابحة إلى قسمين(((‪:‬‬

‫((( مرجع نفسه‪ ،‬ص‪.182‬‬


‫((( عبد الصادق إبن خلكان‪ ،‬بيع المرابحة لآلمر بالشراء كما تجربه المصارف المغربية ـ دراسة فقهية ـ‪،‬‬
‫منشورات المجلس العلمي بمراكش‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬ط‪ ،1‬مراكش‪2011 ،‬م‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫((( عزوز أحمد‪ ،‬واقع التزام المصارف اإلس�لامية بمتطلبات معيار المرابحة لآلمر بالش��راء الصادر عن‬
‫هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية‪ ،‬مجلة معارف‪ ،‬المجلد ‪ ،10‬العدد ‪،20‬‬
‫‪2016‬م‪ ،‬ص‪.221‬‬

‫( ‪) 511‬‬
‫‪ -1‬المرابح��ة البس��يطة‪ :‬ه��ي بيع بمث��ل الثم��ن األول وزي��ادة ربح معل��وم عليه بين‬
‫المتعاقدين‪.‬‬

‫‪ -2‬المرابحة المركبة‪ :‬وتعني طلب ش��راء لسلعة معينة بأوصاف محددة يقدمه العميل‬
‫للمصرف اإلس�لامي وذلك في مقابل التزام الطالب بش��راء ما طلبه حس��ب السعر والربح‬
‫المتفق عليهما ويكون أداء الثمن مقس ًطا‪.‬‬

‫‪ -4-3‬أركان وشروط عقد المرابحة‬

‫ترتكز عقود المرابحة على أركان تثبت صحتها تتمثل في‪:‬‬

‫أ ـ التراضي (اإليجاب والقبول)‪ :‬يعد العقد من التصرفات القانونية وفقا للقواعد العامة‬
‫بحيث يلزم النعقاده توفر اإليجاب والقبول بمعنى أن تتفق إرادة البائع مع إرادة المش��تري‪،‬‬
‫إل��ى جانب توافر أركان العق��د األخرى‪ ،‬وذلك ألن المبدأ العام في العقود هي الرضائية إال‬
‫أن هناك حاالت تستوجب أن يكون الرضا في شكل معين(((‪.‬‬

‫ب ـ العاق��دان‪ :‬إن العاقدين من العوامل األساس��ية في تكوين العق��د ويترتب عليهما‬


‫اآلثار وتبنى األحكام‪ ،‬ويشترط األهلية في العاقدان النهما تقع عليهما التزامات العقد‪ ،‬وقد‬
‫يكون��ان منفردين أو متعددين‪ ،‬وقد يكونان أصليي��ن أو نائبين عن غيرهما‪ ،‬ويجب أن يكونا‬
‫عاقلين(((‪.‬‬

‫ج ـ محل العقد (المعقود عليه)‪ :‬وهو ركن المحل في العقد‪ ،‬ويجب أن يكون موجودًا‬
‫أو قابلاً للوجود وممكنًا غير مس��تحيل‪ ،‬وقد اش��ترط فقهاء الش��ريعة اإلسالمية في المعقود‬
‫عليه شروط معينة ال يصلح بدونها أن يكون محل للعقد(((‪.‬‬

‫((( نداء خالد عمي صبري‪ ،‬خصوصية التنظيم القانوني لعقد المرابحة بالش��راء‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪2015 ،‬م‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫((( محم��ود حس��ني الزيني‪ ،‬عق��د المرابحة في الفقه اإلس�لامي‪ ،‬دار الفكر الجامع��ي‪ ،‬مصر‪2012 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.52‬‬
‫((( حوحو يمينة‪ ،‬عقد البيع في القانون الجزائري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار بلقيس الجزائر‪2016 ،‬م‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫( ‪) 512‬‬
‫‪ -5-3‬مراحل إبرام عقد المرابحة‬
‫يقوم عقد المرابحة على ثالثة مراحل أساسية في عملية اإلبرام تتمثل في‪:‬‬
‫أ ـ طلب الشراء‪ :‬بمعنى إذا رغب العميل أو أراد شراء سلعة مرابحة من المصرف‪ ،‬فعليه‬
‫أن يتق��دم بطلب التمويل للمصرف اإلس�لامي موضحا فيه جميع البيانات الخاصة بالس��لع‬
‫المطلوب شرائها علة وجه التفصيل لتفادي النزاع وهذا الطلب يحتاج إلى قبول المصرف(((‪.‬‬
‫ب ـ دراسة الطلب من طرف البنك‪:‬‬
‫حيث يقوم بدراسته من كافة جوانبه(((‪:‬‬
‫‪ -‬سالمة وصحة البيانات المقدمة من العميل؛‬
‫‪ -‬دراسة سوق السلعة حتى يضمن تسويقها في حالة نكول العميل عن الشراء؛‬
‫‪ -‬التأكد من أن العملية تتفق مع أحكام الشريعة اإلسالمية؛‬
‫‪ -‬دراس��ة المرك��ز المالي للعميل للتأكد من قدرته على س��داد الثم��ن من حيث كيفية‬
‫التسديد طويل األجل أو قصير األجل‪ ،‬عن طريق دفعات أو دفعة واحدة؛‬
‫ج ـ توقيع عقد البيع بالش��راء‪ :‬في حالة موافقة البنك على تنفيذ عملية المرابحة يطلب‬
‫من المشتري (العميل) توقيع عقد الوعد بشراء السلعة من البنك مرابحة‪ ،‬حيث يعد المشتري‬
‫بشراء السلعة من البنك مرابحة بتكلفتها زائدا الربح المتق عليه(((‪.‬‬
‫د ـ عق��د الش��راء‪ :‬حيث يقوم البنك بش��راء الس��لعة الموصوفة من البائ��ع األصلي لها‬
‫ويدفع للبنك وهامش الربح المطلوب للبنك(((‪.‬‬
‫هـ ـ عقد البيع‪ :‬يتم توقيع عقد بيع أمانة للسلعة المشتراة بين البنك والعميل‪ ،‬ويتضمن‬

‫فادي محمد الرفاعي‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.139‬‬ ‫(((‬
‫محمد محمود العجلوني‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.247‬‬ ‫(((‬
‫حربي محمد عريقات‪ ،‬سعيد جمعة عقل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.183‬‬ ‫(((‬
‫محمد محمود العجلوني‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪247‬‬ ‫(((‬

‫( ‪) 513‬‬
‫العقد ثمن الس��لع األصلي وتكلفة حيازتها وهامش رب��ح للبنك‪ ،‬ومجموع ذلك يمثل ثمن‬
‫السلعة على العميل الذي هو المشتري األخير(((‪.‬‬
‫و ـ تسليم السلعة‪ :‬يقوم البنك بتسليم السلعة الموصوفة بالعقد للعميل والمعدل علما‬
‫توقيعه على استالم السلعة ومطابقتها للمواصفات المحددة بوعد الشراء وعقد البيع(((‪.‬‬
‫ز ـ تحصيل قيمة الس��لعة‪ :‬يقوم البنك بتحصيل قيمة الس��لعة حسب العقد المتفق عليه‬
‫وحتى السداد التام وهكذا ينتهي عقد البيع وتنتهي عملية المرابحة(((‪.‬‬
‫‪ -6-3‬مميزات التمويل بالمرابحة‬
‫يمتاز التموي��ل بالمرابحة عن غيره من صيغ التمويل األخرى بالعديد من المزايا نذكر‬
‫منها ما يلي(((‪:‬‬
‫‪ -‬يمتاز بسعة نطاقه حيث يمكن استغالله في تمويل االحتياجات االستهالكية التي ال‬
‫تغطيها عقود المشاركات‪.‬‬
‫‪ -‬يتم��ول حق الممول في موضوع العقد إلى دين ثابت في ذمة المتمول في المرابحة‪،‬‬
‫وتنقطع صلته به‪ ،‬بينما ال تنقطع صلة الممول في موضوع العقد في عقود المشاركات حتى‬
‫نهاية العقد‪.‬‬
‫‪ -‬يمت��از بانخف��اض المخاطرة وارتفاع درج��ة األمان فيه بالمقارنة م��ع صيغ التمويل‬
‫األخرى عالية المخاطر‪.‬‬
‫‪ -‬سرعة دوران رأس المال في حال توظيف صيغة المرابحة في تمويل االئتمان قصير‬
‫األجل إذا ما قورن بصيغ التمويل األخرى‪.‬‬

‫مرجع نفسه‪ ،‬ص‪.247‬‬ ‫(((‬


‫مرجع نفسه‪ ،‬ص‪.248‬‬ ‫(((‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص‪.248‬‬ ‫(((‬
‫عمار درويش‪ ،‬الدور التنموي لبعض صيغ التويل اإلسالمي (المضاربة‪ ،‬المشاركة‪ ،‬المرابحة)‪ ،‬مجلة‬ ‫(((‬
‫دراسات إسالمية‪ ،‬المجلد ‪ ،15‬العدد ‪2020 ،2‬م‪ ،‬ص‪.297‬‬

‫( ‪) 514‬‬
‫‪ -‬أنه اس��تثمار ذو تدفق نقدي ثابت ومس��تمر ومعلوم س��لفا‪ ،‬مما يسهل على إمكانية‬
‫تخطيط وتنظيم غدارة السيولة لكل من طرفي العقد؛‬
‫‪ -‬يقدم التمويل بالمرابحة البديل الشرعي لعمليات التمويل الربوي قصير األجل الذي‬
‫تزاوله المصارف الربوية‪.‬‬
‫‪ -7-3‬مشروعية عقد المرابحة‬
‫يعد بيع المرابحة لآلمر بالش��راء من أنواع البيوع الجائزة ش��رعا‪ ،‬بشرط توفر الشروط‬
‫وانتف��اء الموانع التي تقدح في صحة البيع‪ ،‬وتحقيق ذلك يتطلب التجرد عن الهوى والتقيد‬
‫بمنظور الشرع(((‪ ،‬وفيما يلي أدلة مشروعية المرابحة(((‪:‬‬
‫‪ -1‬القران الكريم‪ :‬قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾(((‪ ،‬حيث استدل جمهور‬
‫العلماء على جوازها من اآلية السالفة الذكر‪ ،‬وتفضي بإباحة البيع بمعنى المرابحة‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلجم��اع‪ :‬حيث نقل تعامل الن��اس بها في مختلف األعصار واألمصار بغير نكير‪،‬‬
‫ومثل ذلك حجة‪ ،‬ويقول ابن قدامة في المغني‪ :‬والمرابحة أن يبيعه بربح‪ ،‬فيقول‪ :‬رأس مالي‬
‫فيه مائة وبعتك بها وربح عشرة‪ ،‬فهذا جائز بال خالف في صحته وال نعلم أحدًا كرهه‪.‬‬
‫‪ -3‬المعقول‪ :‬الحاجة ماسة لهذا النوع من البيع‪ ،‬ألن الغبي الذي ال يهتدي في التجارة‬
‫يحتاج إلى أن يعتمد على فعل الذكي المهتدي‪ ،‬وتطيب نفس��ه بمثل ما اش��ترى وبزيادة ربح‬
‫فوجب القول بجوازها‪.‬‬
‫‪ -4‬الصيرفة اإلسالمية‬
‫هي النظام أو النشاط الذي يعمل وفق أحكام الشريعة‪ ،‬أين تعتبر جزءا من المالية‬

‫((( عبد القادر إبراهيم‪ ،‬المرابحة في المصارف اإلسالمية ـ دراسة فقهية ـ‪.‬‬
‫‪ Turath In Islamic ; Institute of Islamic Banking‬ـ ‪ternational Journal of Al‬‬
‫‪and Finance ; Wealth And Finance, Vol. 1, No. 1, 2020 ; pp 126.‬‬
‫((( مفي��ض الرحمان‪ ،‬رؤية ش��رعية حول المرابحة وصياغتها المصرفية‪ ،‬دراس��ات الجامعة اإلس�لامية‬
‫العالمية‪ ،‬شيتا غونغ‪ ،‬المجلد ‪2007 ،4‬م‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫((( سورة البقرة‪ :‬آية ‪.275‬‬

‫( ‪) 515‬‬
‫اإلس�لامية في إطار النظام االقتصادي اإلس�لامي‪ ،‬وليس��ت المكون الوحي��د لهذا النظام‪،‬‬
‫وتحظى بأهمية بالغة كونها التطبيق العملي ألسس االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬حيث أنها أوجدت‬
‫مج��اال لتطبي��ق فقه المعامالت المالية الش��رعية في األنش��طة المصرفي��ة‪ ،‬وتعد المصارف‬
‫اإلس�لامية أحد أهم المرتكزات األساسية القائمة بأعباء الصيرفة اإلسالمية ضمن مكونات‬
‫النظام المالي اإلسالمي(((‪.‬‬

‫‪ -1-4‬مداخل تطوير الصيرفة اإلسالمية‬

‫تتوزع مداخل تطور الصيرفة اإلسالمية في التالي‪:‬‬

‫أ ـ المخاطرة‪:‬‬

‫تعتبر المرابحة نوع من أنواع البيوع في اإلس�لام‪ ،‬وحسب ما ورد من تعريفات سابقة‪،‬‬
‫ووفقا لهذه الصيغة يتعرض البنك اإلسالمي للمخاطر التالية(((‪:‬‬

‫‪ -‬عدم وفاء العميل بالسداد حسب االتفاق؛‬

‫‪ -‬تأجيل السداد عمدا وجود عقوبات عقوبات على التأجيل؛‬

‫‪ -‬مخاطر الضمانات نتيجة لبيع األصول المرتجعة بأدنى من سعر الشراء؛‬

‫ب ـ الضمانات‪:‬‬

‫‪ -‬الره��ن‪ :‬هو عقد يق��دم بموجبه المدين أو غيره بإذنه عين��ا مخصوصة إلى الدائن أو‬
‫عدال يختاره الطرفان لحس��بها الس��تيفاء مال مخصوص‪ ،‬ودليله قوله تعالى‪﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ﴾‪ ،‬وفي الحديث ما روي عن عائش��ة أم المؤمنين قالت‪:‬‬
‫«توفي رس��ول اهلل ﷺ ودرعه مرهونة عند يهودي بثالثين صاعًا من ش��عير» وفي هذا الباب‬

‫((( بعزيز سعيد‪ ،‬مخلوفي طارق‪ ،‬متطلبات تفعيل الصيرفة اإلسالمية في الجزائر لتعزيز تمويل المؤسسات‬
‫الصغي��رة والمتوس��طة‪ ،‬مداخلة ضمن فعاليات ملتقى الوطني حول إش��كالية إس��تدامة المؤسس��ات‬
‫الصغيرة والمتوسطة في الجزائر‪ ،‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪ ،‬الوادي‪2018 ،‬م‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫((( صادق راشد الشمري‪ ،‬أساسيات الصناعات المصرفية اإلسالمية‪ ،‬دار اليازوري‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫( ‪) 516‬‬
‫تفصيالت كثيرة هي في جملتها المتعارف عليها سابقا في عمل المصارف التقليدية(((‪.‬‬
‫‪ -‬الكفال��ة‪ :‬ه��ي ضم ذمة الكفيل في الوفاء مطلقا س��واء كان المكف��ول دينًا أو عينًا أو‬
‫وجهان ودليل شرعيته قوله تعالى‪﴿ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ﴾(((‪ ،‬وقوله ﷺ‪:‬‬
‫«الزعي��م غ��ارم» وألن النبي ﷺ أق��ر كفالة الصحابة أبي قتادة لدي��ن على رجل مات وعليه‬
‫ثالثة دنانير وأطرافها الكفيل والمكفول عليهن وهناك كفالة بالمال وكفالة بالوجه أو البدن‪،‬‬
‫ويكون للدائن المكفول حق مطالبة الكفيل أو األصيل بحقه أيهما شاء(((‪.‬‬
‫‪ -‬التأمين‪ :‬يكون التأمين إال تعاونيًّا إس�لاميًّا ويمكن للبنوك أن تس��تثمر بعض أموالها‬
‫هذا الباب(((‪.‬‬
‫ج ـ الربحية في البيع بالمرابحة‪:‬‬
‫‪ -‬تعري��ف الربحي��ة‪ :‬الربحية عب��ارة عن العالقة بي��ن األرباح التي تحققها المنش��آت‬
‫واالس��تثمارات التي س��اهمت في تحقيقها‪ ،‬والربحية تعتبر هدفا للمنش��أة ومقياسا للحكم‬
‫على كفاءتها على مستوى الوحدة الكلية أو الجزئية(((‪.‬‬
‫‪ -‬العوامل المؤثرة على ربحية االستثمار‬
‫تتأثر الربحية في المصارف اإلسالمية بنوعين من العوامل تتمثل في(((‪:‬‬
‫‪ -‬العوام��ل الخارجية‪ :‬وتندرج هذه العوال على س��بيل المثال ال الحصر في الظروف‬

‫فخري حس��ن عزي‪ ،‬صيغ تمويل التنمية في اإلس�لام‪ ،‬البنك اإلس�لامي للتنمية‪ ،‬المعهد اإلس�لامي‬ ‫(((‬
‫للبحوث والتدريب‪ ،‬مكتبة الملك فهد الوطنية‪ ،‬وقائع الندوة رقم ‪ ،29‬ص‪ 54‬ـ ‪.55‬‬
‫سورة يوسف‪ :‬آية ‪.72‬‬ ‫(((‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص‪.54‬‬ ‫(((‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص‪.55‬‬ ‫(((‬
‫حسن يوسف داوود‪ ،‬المصرف اإلسالمي لإلستثمار الزراعي‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬ط‪1426 ،2‬ﻫ‪،‬‬ ‫(((‬
‫ص‪.79‬‬
‫كوثر عبد الفتاح االبجي‪ ،‬دراس��ة جدوى االس��تثمار في ضوء احكام الفقه اإلس�لامي‪ ،‬مجلة أبحاث‬ ‫(((‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬المجلد ‪ ،1‬العدد ‪1405 ،2‬ﻫ‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫( ‪) 517‬‬
‫االقتصادية بين رواج وركود‪ ،‬وكذا القوانين والتش��ريعات ف��ي الدولة من تحديد االحتياط‬
‫القانوني وسعر إعادة الخصم‪ ،‬وكذا دور التقدم التكنولوجي والرقمنة في البنوك اإلسالمية‪،‬‬
‫كذا المنافسة والضرائب والزكاة وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬العوامل الداخلية‪ :‬وهي التي تقع ضمن غدارة البنك كتش��كيلة الخدمات وجودتها‪،‬‬
‫ورض��ا العاملي��ن‪ ،‬واس��تراتيجية الحفاظ عل��ى العمالء‪ ،‬وك��ذا كفاءة غ��دارة الموجودات‬
‫والمطلوبات وغيرها من العوامل‪.‬‬
‫تم تس��ليط الضوء في الدراس��ة النظرية على اهم المفاهيم النظرية المتعلقة بمتغيرات‬
‫الدراسة‪ ،‬ومحاولة اإللمام بها من كل جوانبها لرسم صورة واضحة للدراسة التطبيقية‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬الدراسة التطبيقية‬
‫تعم��ل المصارف التجارية في الجزائر على محاولة االندماج في الصيرفة اإلس�لامية‪،‬‬
‫من خالل اس��تحداث ش��بابيك إس�لامية على مس��توى وكاالتها البنكية‪ ،‬واعتمادها لصيغ‬
‫إس�لامية تلق��ى قبوال عاما‪ ،‬خاص��ة وان تجربتها مازالت قيد النمو والتط��ور‪ ،‬وكذا محاولة‬
‫موائمتها بين الصيغ التقليدية والصيغ اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -1‬منهجية الدراسة‬
‫‪ -1-1‬مجتمع وعينة الدراسة‬
‫يتمثل مجتمع الدراس��ة هو بنك البركة الجزائري وهو أول مصرف برأس مال مختلط‬
‫(عام وخاص)‪ ،‬تم إنش��اءه في ‪1991/20‬م برأس مال ‪ 500.000.000‬دج‪ ،‬وبدا بمزاولة‬
‫نش��اطاته بصفة فعلية خالل ش��هر س��بتمبر ‪1991‬م‪ ،‬أما فيما يخص المس��اهمين فهما بنك‬
‫الفالحة والتنمية الريفية (الجزائر) ومجموعة البركة المصرفية (البحرين)‪ ،‬وفي إطار قانون‬
‫رق��م ‪ 03‬ـ ‪11‬الم��ؤرخ في ‪ 26‬س��بتمبر ‪2003‬م فللبنك الحق في مزاول��ة جميع العمليات‬
‫البنكية من تمويالت واستثمارات‪ ،‬وذلك موافقة مع مبادئ الشريعة اإلسالمية(((‪.‬‬

‫((( بنك البركة الجزائري‪ ،‬الموقع الرسمي‪ ،albaraka_bank.com ،‬بتاريخ ‪2012/10/21‬م‪ ،‬الساعة‬
‫‪.21:12‬‬

‫( ‪) 518‬‬
‫وبحكم أن الدراسة تمس جانب العمالء من خالل تعاملهم بصيغة المرابحة في تمويل‬
‫احتياجاتهم‪ ،‬كان الهدف معرفة مدى اس��تجابة متعاملين بنك البركة للتمويل بعقد المرابحة‬
‫وم��ن خالله يمكن معرفة دورها في تطوير الصيرفة اإلس�لامية‪ ،‬وله��ذا تم اختيار العينة من‬
‫متعاملي��ن بنك البركة ومحاولة إس��قاط الجانب النظري الس��تنتاج مدى اس��تجابتهم لهذه‬
‫العملية اإلسالمية‪ ،‬والتي تعتبر من أكثر الصيغ تدوالاً وانتشا ًرا‪.‬‬

‫وقد تم تصميم اس��تبانة باالعتماد على ‪ google draive‬لتس��هل عملية توزيعه عبر‬
‫المنصات اإللكترونية المختلفة‪ ،‬وقد تم جمع ‪ 95‬استبانة منها ‪ 82‬صالحة للتحليل‪.‬‬

‫‪ -2-1‬نموذج الدراسة‬

‫تم االعتماد في بناء النموذج على ابعاد مش��كلة لدراس��ة إلبراز العالقة بين المتغير‬
‫المس��تقل عقد المرابحةمن جهة‪ ،‬والمتعغير التابع تطوير الصيرفة اإلسالمية من جهة اخرى‬
‫كما يوضحه الشكل الموالي‪:‬‬

‫الشلك (‪ :)1‬نموذج ادلراسة‬

‫المتغير التابع‬ ‫المتغير المستقل‬


‫المخاطرة‬

‫الصيرفة‬ ‫الضمانات‬ ‫عقد التمويل‬


‫اإلسالمية‬ ‫بالمرابحة‬

‫الربحية‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحثتني‪.‬‬

‫( ‪) 519‬‬
‫‪ -3-1‬أساليب الدراسة‬

‫بغرض اإلجابة على تس��اؤالت الدراسة ولتحليل البيانات فقد تم استخدام األساليب‬
‫اإلحصائية اآلتية‪ ،‬انطالقًا من برنامج الحزم اإلحصائية االجتماعية ‪:SPSS‬‬

‫‪ -‬معامل ألفا كرونباخ لتحديد معامل ثبات أداة الدراسة‪.‬‬


‫‪ -‬الجداول التكرارية والنسب المئوية التي تستخدم لوصف خصائص العينة‪.‬‬

‫‪ -‬المتوسط الحسابي واالنحراف المعياري لتحديد اتجاه إجابات العينة‪.‬‬

‫‪ -‬معامل االرتباط وذلك للتعرف على درجة االرتباط بين المتغيرات التابعة والمستقلة‪.‬‬

‫‪ -4-1‬أداة الدراسة‬

‫تم تصميم االس��تمارة كأداة أساس��ية تس��اعد في الحصول عل المعلومات والبيانات‬


‫الضرورية لتحقيق أغراض الدراسة‪ ،‬وقد تضمنت االستمارة ثالث محاور أساسية‪:‬‬

‫‪ -‬المحور األول‪ :‬تضمن األسئلة المتعلقة بالبيانات الشخصية بالعينة‪.‬‬

‫‪ -‬المحور الثاني‪ :‬تضمن العبارات الخاصة بالمتغير المستقل والتي شملت ‪ 10‬عبارات‪.‬‬

‫‪ -‬المحور الثالث‪ :‬تضمن مداخل تطوير الصيرفة اإلسالمية حيث اشتمل كل بعد على‬
‫خمس عبارات‪ ،‬بمعنى أن المحور أحاط بـ‪ 15‬عبارة تعالج المتغير التابع‪.‬‬

‫ولتحويل إجابات عينة الدراس��ة إلى بيانات كمية تم اس��تخدام مقياس ليكرت الثالثي‬
‫تعبيرا وأكثر دقة بالنسبة ألفراد العينة‪ ،‬ويمكن توضيح الدرجات الثالث الموافقة‬
‫ً‬ ‫لكونه أكثر‬
‫في الجدول الموالي‪:‬‬

‫اجلدول (‪ :)1‬أوزان اإلستبيان‬


‫غير موافق‬ ‫محايد‬ ‫موافق‬ ‫اإلجابات‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫الدرجة‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد ابلاحثتني باالعتماد ىلع معارف سابقة‪.‬‬

‫( ‪) 520‬‬
‫ويمكن التحقق من ثبات االس��تبيان من خالل حس��اب معامل ألف��ا كرونباخ وتتراوح‬
‫قيم��ة هذا المعامل م��ا بين ‪ 0‬و‪ ،1‬لتكون اصغر قيمة مقبولة له��ذا المعامل هي ‪ 0.6‬فكانت‬
‫النتائج مبينة في الجدول كما يلي‪:‬‬

‫اجلدول (‪ :)2‬نتائج معامل اثلبات (ألفا كرونباخ)‬


‫معامل ألفا كرونباخ‬ ‫محاور االستبيان‬
‫‪0.864‬‬ ‫المحور الثاني (عقد التمويل بالمرابحة)‬
‫‪0.902‬‬ ‫المحور الثالث (مداخل تطوير الصيرفة اإلسالمية)‬
‫‪0.942‬‬ ‫جميع المحاور‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحثتني وفقا نلتائج برنامج اتلحليل اإلحصايئ ‪.Spss v22‬‬

‫من خالل الجدول (‪ )2‬اتضح أن معامل الثبات لمحاور االستبانة ‪ ،%94.2‬وهي قيمة‬
‫مقبولة‪ ،‬وكذلك بالنسبة لمحوري الدراسة كان ‪ %90.2‬للمتغير التابع والمستقل ‪.% 86.4‬‬

‫‪ -2‬تحليل النتائج‬

‫‪ -1-2‬تحليل خصائص عينة الدراسة‪ :‬يمكن توضيح الخصائص العامة لعينة الدراسة‬
‫من خالل الجدول الموالي‪:‬‬

‫اجلدول (‪ :)3‬اتلحليل الوصيف خلصائص عينة ادلراسة‬


‫النسبة ‪%‬‬ ‫التكرار‬ ‫الفئة‬ ‫المتغير‬

‫‪64.63‬‬ ‫‪53‬‬ ‫ذكر‬


‫الجنس‬
‫‪35.36‬‬ ‫‪29‬‬ ‫أنثى‬

‫‪45.12‬‬ ‫‪37‬‬ ‫أقل من ‪ 30‬سنة‬

‫‪41.46‬‬ ‫‪34‬‬ ‫من ‪ 30‬ـ ‪ 40‬سنة‬


‫السن‬
‫‪13.41‬‬ ‫‪11‬‬ ‫من ‪ 40‬ـ ‪ 50‬سنة‬

‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪ 50‬سنة فما فوق‬

‫( ‪) 521‬‬
‫النسبة ‪%‬‬ ‫التكرار‬ ‫الفئة‬ ‫المتغير‬

‫‪15.85‬‬ ‫‪13‬‬ ‫ثانوي‬


‫‪52.43‬‬ ‫‪43‬‬ ‫دراسات عليا‬ ‫المستوى األكاديمي‬
‫‪31.70‬‬ ‫‪26‬‬ ‫أخرى‬
‫‪42.12‬‬ ‫‪37‬‬ ‫أقل من ‪ 03‬سنوات‬
‫‪36.58‬‬ ‫‪30‬‬ ‫من ‪ 03‬إلى ‪ 06‬سنوات‬ ‫مدة التعامل مع‬
‫‪18.29‬‬ ‫‪15‬‬ ‫من ‪ 06‬إلى ‪ 10‬سنوات‬ ‫البنك‬

‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫أكثر من ‪ 10‬سنوات‬


‫‪14.63‬‬ ‫‪12‬‬ ‫تمويل فالحي‬
‫‪65.85‬‬ ‫‪54‬‬ ‫تمويل مشروع خاص‬
‫سبب التعامل مع البنك‬
‫‪19.51‬‬ ‫‪16‬‬ ‫تمويل صناعي‬
‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫تمويل مشروع عمومي‬
‫‪100‬‬ ‫‪82‬‬ ‫المجموع‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحثني وفق نتائج برنامج اتلحليل اإلحصايئ ‪Spss v22‬‬

‫‪ -2-2‬عرض وتحليل نتائج متغيرات الدراس��ة‪ :‬يمكن عرض وتحليل نتائج متغيرات‬
‫الدراسة من خالل المؤشرات اإلحصائية لمحاور االستمارة كما في الجداول الموالية‪:‬‬

‫اجلدول (‪ :)4‬املؤرشات اإلحصائية ملحور عقد اتلمويل باملراحبة‬


‫عقد التّمويل ّ‬
‫الشرعي عن طريق المرابحة‬

‫معارض‬ ‫محايد‬ ‫موافق‬


‫االنحراف المعياري‬

‫المتوسط الحسابي‬
‫درجة االتفاق‪%‬‬
‫اتجاه العينة‬

‫التكرار المرجح‬

‫التكرار المرجح‬

‫التكرار المرجح‬

‫العبارات‬
‫النسبة المئوية‬

‫النسبة المئوية‬

‫النسبة المئوية‬
‫التكرار‬

‫التكرار‬

‫التكرار‬

‫موافق‬ ‫‪69.66‬‬ ‫‪0.80‬‬ ‫‪1.45‬‬ ‫‪19.51‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪06.09‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪05‬‬ ‫‪74.39‬‬ ‫‪183‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪01‬‬

‫محايد‬ ‫‪56.66‬‬ ‫‪0.85‬‬ ‫‪2.07‬‬ ‫‪32.92‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪26.82‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪40.24‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪02‬‬

‫موافق‬ ‫‪70.33‬‬ ‫‪0.77‬‬ ‫‪2.57‬‬ ‫‪17.07‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪08.53‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪07‬‬ ‫‪74.39‬‬ ‫‪183‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪03‬‬

‫موافق‬ ‫‪44.33‬‬ ‫‪0.89‬‬ ‫‪1.62‬‬ ‫‪28.04‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪06.09‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪05‬‬ ‫‪65.85‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪04‬‬

‫( ‪) 522‬‬
‫عقد التّمويل ّ‬
‫الشرعي عن طريق المرابحة‬

‫معارض‬ ‫محايد‬ ‫موافق‬

‫االنحراف المعياري‬

‫المتوسط الحسابي‬
‫درجة االتفاق‪%‬‬
‫اتجاه العينة‬

‫التكرار المرجح‬

‫التكرار المرجح‬

‫التكرار المرجح‬

‫العبارات‬
‫النسبة المئوية‬

‫النسبة المئوية‬

‫النسبة المئوية‬
‫التكرار‬

‫التكرار‬

‫التكرار‬
‫محايد‬ ‫‪61.33‬‬ ‫‪0.92‬‬ ‫‪2.24‬‬ ‫‪32.92‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪09.75‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪57.31‬‬ ‫‪141‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪05‬‬

‫موافق‬ ‫‪71.66‬‬ ‫‪0.69‬‬ ‫‪2.62‬‬ ‫‪12.19‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪13.41‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪74.39‬‬ ‫‪183‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪06‬‬

‫موافق‬ ‫‪65‬‬ ‫‪0.85‬‬ ‫‪2.37‬‬ ‫‪24.39‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪13.41‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪62.19‬‬ ‫‪153‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪07‬‬

‫موافق‬ ‫‪88‬‬ ‫‪0.62‬‬ ‫‪2.73‬‬ ‫‪09.75‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪07.31‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪82.02‬‬ ‫‪204‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪08‬‬

‫موافق‬ ‫‪65‬‬ ‫‪0.87‬‬ ‫‪2.37‬‬ ‫‪25.60‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪10.97‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪63.41‬‬ ‫‪156‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪09‬‬

‫موافق‬ ‫‪68.33‬‬ ‫‪0.83‬‬ ‫‪2.50‬‬ ‫‪21.95‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪06.09‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪05‬‬ ‫‪71.95‬‬ ‫‪177‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪2.25‬‬
‫المتوسط الحسابي لمجموع العبارات‬
‫متوسط‬

‫‪0.80‬‬ ‫االنحراف المعياري لمجموع العبارات‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحثني وفق نتائج برنامج اتلحليل اإلحصايئ ‪Spss v22‬‬

‫سيتم تحليل هده العبارات وفق الجدول الموالي‪:‬‬

‫اجلدول (‪ :)5‬حتليل عبارات املحور اثلاين‬


‫درجة‬ ‫االنحراف‬ ‫المتوسط‬
‫التفسير‬ ‫العبارة‬
‫االتفاق‪%‬‬ ‫المعياري‬ ‫الحسابي‬
‫بالنظر إلى نتائج المعام�لات الخاصة بالعبارة فإن العينة تتفق‬
‫بنس��بة فوق المتوس��ط أن البنك يوفر معايي��ر واضحة ونزيهة‬
‫‪69.66‬‬ ‫‪0.80‬‬ ‫‪1.45‬‬ ‫‪01‬‬
‫تحكم حجم التداول الشرعي لألموال‪.‬‬

‫م��ن خالل نتائج المعامالت تظهر أن اتجاه العينة متفق بدرجة‬


‫مقبولة على أن البنك يراعي االلتزام بأحكام الش��رعية لتنظيم‬
‫‪56.66‬‬ ‫‪0.85‬‬ ‫‪2.07‬‬ ‫‪02‬‬
‫العالقة مع العمالء‪.‬‬

‫يمك��ن الق��ول أن ه��ذه عبارة ت��م االتفاق عليه��ا بدرجة فوق‬


‫المتوس��ط مم��ا يدل عل��ى أن البن��ك يضح ويحدد سياس��اته‬
‫‪70.33‬‬ ‫‪0.77‬‬ ‫‪2.57‬‬ ‫‪03‬‬
‫وأهدافه بوضح حول عقد التمويل بالمرابحة‪.‬‬

‫( ‪) 523‬‬
‫درجة‬ ‫االنحراف‬ ‫المتوسط‬
‫التفسير‬ ‫العبارة‬
‫االتفاق‪%‬‬ ‫المعياري‬ ‫الحسابي‬
‫يت��م القول هنا أن عم�لاء بنك البركة الجزائ��ري ال يتخوفون‬
‫بدرج��ة كبيرة من عقد التموي��ل بالمرابحة وإجراءاتها‪ ،‬بمعنى‬
‫أنه��م ال يجعلونها عثرة ف��ي طريق إرادتهم ف��ي عقد التمويل‬ ‫‪44.33‬‬ ‫‪0.89‬‬ ‫‪1.62‬‬ ‫‪04‬‬
‫بالمرابحة‪.‬‬
‫يالحظ هنا أن نس��بة اتفاق العينة عالي��ة‪ ،‬مما يوضح أن البنك‬
‫يتبع سياس��ات واضحة تشجع العمالء والمس��تثمرين وتنمية‬ ‫‪61.33‬‬ ‫‪0.92‬‬ ‫‪2.24‬‬ ‫‪05‬‬
‫حاجاتهم‪.‬‬
‫يتم تفس��ير معامالت هذه العبارة أن اتجاه العينة موافق بدرجة‬
‫كبيرة على أن البنك يلزم العميل بالوعد بالش��راء وذلك تفاديا‬ ‫‪71.66‬‬ ‫‪0.69‬‬ ‫‪2.62‬‬ ‫‪06‬‬
‫للنكوث بالوعد‪.‬‬
‫يالحظ هنا أن نس��بة اتفاق العينة عالي��ة‪ ،‬مما يوضح أن البنك‬
‫عمل على توفير برامج متطورة حول عقد التمويل بالمرابحة‪.‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪0.85‬‬ ‫‪2.67‬‬ ‫‪07‬‬
‫يت��م القول هن��ا أن عمالء بن��ك البركة الجزائري يتجش��عون‬
‫ويفضل��ون التمويل بالمرابحة من خالل قوانين المتعلقة بفترة‬ ‫‪88‬‬ ‫‪0.62‬‬ ‫‪2.73‬‬ ‫‪08‬‬
‫السداد التي يتبعها البنك‪ ،‬والتي تساهم في جذبهم‪.‬‬
‫م��ن خ�لال نتائ��ج المعامالت تظه��ر أن اتج��اه العين��ة متفق‬
‫بدرجة مقبولة فوق المتوس��ط عل��ى أن البنك يلزم المتعاقدان‬ ‫‪65‬‬ ‫‪0.87‬‬ ‫‪2.37‬‬ ‫‪09‬‬
‫المؤهالن بالحضور النعقاد العقد‪.‬‬
‫بالنظر إلى نتائج المعام�لات الخاصة بالعبارة فإن العينة تتفق‬
‫بنس��بة فوق المتوسط بأن البنك يلتزم بوجود محل العقد بذاته‬ ‫‪68.30‬‬ ‫‪0.83‬‬ ‫‪2.50‬‬ ‫‪10‬‬
‫أو جنسه أو مقداره‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحثتني باالعتماد ىلع اجلدول رقم (‪)4‬‬


‫اجلدول (‪ :)6‬املؤرشات اإلحصائية ملحور تطوير الصريفة اإلسالمية‬
‫الصيرفة اإلسالمية‬
‫مداخل تطوير ّ‬
‫المخاطرة‬
‫موافق‬ ‫‪39‬‬ ‫‪0.75‬‬ ‫‪1.43‬‬ ‫‪15.85‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪10.97‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪73.17‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪01‬‬
‫معارض‬ ‫‪70‬‬ ‫‪0.83‬‬ ‫‪2.56‬‬ ‫‪78.04‬‬ ‫‪192‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪21.95‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪02‬‬
‫موافق‬ ‫‪42.66‬‬ ‫‪0.87‬‬ ‫‪1.56‬‬ ‫‪25.60‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪04.87‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪04‬‬ ‫‪69.51‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪03‬‬
‫محايد‬ ‫‪49.33‬‬ ‫‪0.92‬‬ ‫‪1.80‬‬ ‫‪34.14‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪12.19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪53.65‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪04‬‬
‫محايد‬ ‫‪53‬‬ ‫‪0.96‬‬ ‫‪1.94‬‬ ‫‪42.68‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪08.53‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪07‬‬ ‫‪48.78‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪05‬‬

‫( ‪) 524‬‬
‫ّ‬
‫الضمان‬
‫موافق‬ ‫‪76‬‬ ‫‪0.62‬‬ ‫‪2.78‬‬ ‫‪10.97‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪89.02‬‬ ‫‪219‬‬ ‫‪73‬‬ ‫‪01‬‬
‫موافق‬ ‫‪71.33‬‬ ‫‪0.49‬‬ ‫‪2.61‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪39.02‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪60.97‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪02‬‬
‫محايد‬ ‫‪47.66‬‬ ‫‪0.82‬‬ ‫‪1.74‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪25.61‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪24.39‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪03‬‬
‫محايد‬ ‫‪59‬‬ ‫‪0.97‬‬ ‫‪2.16‬‬ ‫‪40.24‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪03.65‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪56.09‬‬ ‫‪138‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪04‬‬
‫موافق‬ ‫‪67‬‬ ‫‪0.81‬‬ ‫‪2.45‬‬ ‫‪20.37‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪13.41‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪65.85‬‬ ‫‪162‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪05‬‬
‫الربحية‬
‫ّ‬
‫محايد‬ ‫‪46‬‬ ‫‪0.90‬‬ ‫‪1.68‬‬ ‫‪29.26‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪09.75‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪60.97‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪01‬‬
‫موافق‬ ‫‪69‬‬ ‫‪0.82‬‬ ‫‪2.52‬‬ ‫‪20.73‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪06.09‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪05‬‬ ‫‪36.58‬‬ ‫‪180‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪02‬‬
‫موافق‬ ‫‪77.33‬‬ ‫‪0.56‬‬ ‫‪2.83‬‬ ‫‪08.53‬‬ ‫‪07‬‬ ‫‪07‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪91.46‬‬ ‫‪225‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪03‬‬
‫موافق‬ ‫‪41‬‬ ‫‪0.42‬‬ ‫‪1.23‬‬ ‫‪13.41‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪23.17‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪63.41‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪04‬‬
‫موافق‬ ‫‪70.66‬‬ ‫‪0.74‬‬ ‫‪2.51‬‬ ‫‪21.95‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪19.51‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪65.85‬‬ ‫‪162‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪05‬‬
‫‪2.12‬‬
‫المتوسط الحسابي لمجموع العبارات‬
‫متوسط‬
‫‪0.76‬‬ ‫االنحراف المعياري لمجموع العبارات‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحثتني وفقا نلتائج برنامج اتلحليل اإلحصايئ ‪Spss v22‬‬

‫ولتفسير نتائج الجدول سابق نضع التفسيرات في الجدول الموالي‪:‬‬

‫اجلدول (‪ :)7‬حتليل عبارات املحور اثلالث‬


‫درجة‬ ‫اإلنحراف‬ ‫المتوسط‬
‫التفسير‬ ‫العبارة‬
‫اإلتفاق‪%‬‬ ‫المعياري‬ ‫الحسابي‬

‫بعد المخاطرة‬
‫بالنظر إلى نتائج المعامالت الخاصة بالعبارة فإن العينة ال تتفق بنسبة‬
‫كبيرة على ان البنك يتعرض لمش��اكل بس��ب عدم العميل بالس��داد‪،‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪0.75‬‬ ‫‪1.43‬‬ ‫‪01‬‬
‫وذلك الن اجابتهم كانت من وجهة نظرهم كعمالء‪.‬‬
‫م��ن خالل نتائج المعامالت تظه��ر أن اتجاه العينة متفق بدرجة عالية‬
‫‪70‬‬ ‫‪0.83‬‬ ‫‪2.56‬‬ ‫‪02‬‬
‫على أن العميل يقوم بتأجيل السداد عمدًا‪.‬‬

‫يمكن القول أن هذه عبارة تم االتفاق عليها بدرجة ش��به متوسطة مما‬
‫‪42.66‬‬ ‫‪0.87‬‬ ‫‪1.56‬‬ ‫‪03‬‬
‫يدل على ان البنك يتعرض لمخاطر الضمانات بنسبة ضئيلة‪.‬‬

‫( ‪) 525‬‬
‫درجة‬ ‫اإلنحراف‬ ‫المتوسط‬
‫التفسير‬ ‫العبارة‬
‫اإلتفاق‪%‬‬ ‫المعياري‬ ‫الحسابي‬

‫يمك��ن القول هنا أن بنك البركة الجزائ��ري يتعرض لنخاطر الرجوع‬


‫في الوعد‪ ،‬وذلك بسبب رجوع العميل عن وعده وعن شرائه للسلعة‬ ‫‪49.33‬‬ ‫‪0.92‬‬ ‫‪1.80‬‬ ‫‪04‬‬
‫في بعض األحيان‪.‬‬

‫يالح��ظ هنا أن عينة الدراس��ة تتفق بنس��بة أكثر من المتوس��ط في أن‬


‫‪53‬‬ ‫‪0.92‬‬ ‫‪1.94‬‬ ‫‪05‬‬
‫العميل يتعرض لمخاطر عدم تطابق السلعة أو الخدمة مع رغبته‪.‬‬

‫بعد الضمان‬

‫يتم تفس��ير معامالت هذه العب��ارة أن اتجاه العينة موافق بدرجة كبيرة‬
‫‪76‬‬ ‫‪0.62‬‬ ‫‪2.78‬‬ ‫‪01‬‬
‫على أن البنك يقوم بابرام عقود رهن مع العميل‪.‬‬

‫يالحظ هنا أن نس��بة اتفاق العينة عالي��ة‪ ،‬مما يوضح أن البنك يضمن‬
‫‪71.33‬‬ ‫‪0.49‬‬ ‫‪2.61‬‬ ‫‪02‬‬
‫ذمة الكفيل عليه في الوفاء مطلقا‪.‬‬

‫يتم القول هنا أن عمالء بنك البركة الجزائري يتفقون بنس��بة أقل من‬
‫‪47.66‬‬ ‫‪0.82‬‬ ‫‪1.74‬‬ ‫‪03‬‬
‫المتوسط من جانب أن البنك يقوم بابرام عقود ضمان بالمال‪.‬‬

‫م��ن خالل نتائج المعامالت تظهر ان اتجاه العينة متفق بدرجة مقبولة‬
‫‪59‬‬ ‫‪0.97‬‬ ‫‪2.16‬‬ ‫‪04‬‬
‫فوق المتوسط على أن البنك يقدم تأمين تعاوني مع العميل‪.‬‬

‫بالنظ��ر إلى نتائج المعامالت الخاصة بالعبارة فإن العينة تتفق بنس��بة‬
‫‪67‬‬ ‫‪0.81‬‬ ‫‪2.45‬‬ ‫‪05‬‬
‫فوق المتوسط بأن البنك يقوم بتأمين أموال وأصول العمالء‪.‬‬

‫بعد الربحية‬

‫م��ن خالل نتائج المعامالت تظه��ر ان اتجاه العينة يوضح أن الربحية‬


‫‪46‬‬ ‫‪0.90‬‬ ‫‪1.68‬‬ ‫‪01‬‬
‫تتأثر بتغير حجم المبيعات وتوسع األنشطة‪.‬‬

‫بالنظ��ر إلى نتائج المعامالت الخاصة بالعبارة فإن العينة تتفق بنس��بة‬
‫فوق المتوسط بأن البنك يحرص على الحفاظ على العمالء وحاولة‬ ‫‪69‬‬ ‫‪0.82‬‬ ‫‪2.52‬‬ ‫‪02‬‬
‫جذب عمالء جدد من خالل تحسين جودة الخدمات‪.‬‬

‫بالنظ��ر إلى نتائج المعامالت الخاصة بالعبارة فإن العينة تتفق بنس��بة‬
‫عالية أن التقدم التكنولوجي يس��اهم في ج��ذب العمالء‪ ،‬وهذا نظرا‬ ‫‪77.33‬‬ ‫‪0.56‬‬ ‫‪2.83‬‬ ‫‪03‬‬
‫لتسهيل المعامالت واختصار الوقت والجهد‪.‬‬

‫يالح��ظ هن��ا أن وضعي��ة العم�لاء تتاثر بنس��بة قليلة عن��د خضوعها‬


‫للضرائب والزكاة‪ ،‬وهذا دال على مصداقية االحكام الشرعية في هذا‬ ‫‪41‬‬ ‫‪0.42‬‬ ‫‪1.23‬‬ ‫‪04‬‬
‫النوع من العقود‪.‬‬

‫( ‪) 526‬‬
‫درجة‬ ‫اإلنحراف‬ ‫المتوسط‬
‫التفسير‬ ‫العبارة‬
‫اإلتفاق‪%‬‬ ‫المعياري‬ ‫الحسابي‬

‫يمك��ن الق��ول هنا من خالل درج��ة اإلتفاق أن البن��ك يحرص على‬


‫توفي أكبر قدر من الربح للعمالء‪ ،‬وذلك وفق ماتنص عليه هذه االداة‬ ‫‪70.66‬‬ ‫‪0.74‬‬ ‫‪2.51‬‬ ‫‪05‬‬
‫التمويلية اإلسالمية‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحثتني باالعتماد ىلع اجلدول رقم (‪)6‬‬


‫‪ -3-2‬اختبار الفرضيات بواسطة تحليل تباين خط االنحدار‪ :‬يستخدم االنحدار الخطي‬
‫البسيط لتحديد العالقة بين المتغيرين التابع والمستقل‪ ،‬وفيما يلي الجدول (‪ )6‬يمثل تحليل‬
‫تباين خط االنحدار لفرضيات الدراسة‪ ،‬أي معرفة مدى تأثيرعقد المرابحة عموما‪ ،‬وكل بعد‬
‫على حدي على المتغير التابع المتمثل في مداخل تطوير الصيرفة اإلسالمية‪.‬‬
‫اجلدول (‪ :)6‬حتليل تباين خط االحندار لفرضيات ادلراسة‬
‫مستوى‬ ‫معامل‬ ‫معامل‬ ‫معامل‬ ‫ثابت‬
‫قيمة ‪F‬‬ ‫المتغير‬
‫الداللة‬ ‫التحديد‬ ‫االرتباط‬ ‫االنحدار‬ ‫االنحدار‬ ‫المتغير التابع‬
‫المحسوبة‬ ‫المستقل‬
‫‪sig‬‬ ‫‪R2‬‬ ‫‪R‬‬ ‫‪β‬‬ ‫‪α‬‬
‫مداخل الصيرفة‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪25.678‬‬ ‫‪0.515‬‬ ‫‪0.693‬‬ ‫‪0.530‬‬ ‫‪1.823‬‬
‫اإلسالمية‬
‫عقد‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪24.765‬‬ ‫‪0.359‬‬ ‫‪0.685‬‬ ‫‪0.454‬‬ ‫‪1.754‬‬ ‫المخاطرة‬ ‫التمويل‬
‫‪0.000‬‬ ‫‪25.350‬‬ ‫‪0.343‬‬ ‫‪0.862‬‬ ‫‪0.687‬‬ ‫‪1.572‬‬ ‫الضمان‬ ‫بالمرابحة‬

‫‪0.000‬‬ ‫‪24.123‬‬ ‫‪0.325‬‬ ‫‪0.756‬‬ ‫‪0.644‬‬ ‫‪1.725‬‬ ‫الربحية‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد ابلاحثتني باالعتماد ىلع خمرجات برنامج اتلحليل اإلحصايئ ‪Spss v22‬‬

‫باالس��تناد إلى الجدول أعاله تتضح نتائج اختبار الفرضية الرئيس��ية‪ ،‬حيث بلغت قيمة‬
‫معامل االنحدار (‪ )0.530‬وبلغ معامل االرتباط بين المتغيرين (‪ )0.693‬وهذه المعامالت‬
‫ذات دالل��ة إحصائي��ة عند مس��توى‪ ،α =0.05‬قيمة معامل التحدي��د ‪ R2‬بلغت (‪)0.515‬‬
‫مما يعني أن نس��بة ‪ %51‬من التغيرات في الصيرفة اإلس�لامية تعود أس��بابها لعقود التمويل‬
‫بالمرابحة‪ ،‬باإلضافة إلى اختبار فيشر ‪ F‬يظهر أن نموذج االنحدار ذو داللة إحصائية كما أن‬
‫مستوى (‪ )Sig =0.000‬أصغر من مستوى المعنوية (‪.)0.05‬‬

‫( ‪) 527‬‬
‫حيث الفرضية الرئيس��ية كاالتي‪ :‬توجد عالقة ذات داللة إحصائية عند مستوى معنوية‬
‫‪ α=%0٫05‬بي��ن صيغ��ة التموي��ل بالمرابحة وتط��ور الصيرفة اإلس�لامية في بن��ك البركة‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫وم��ن خ�لال ما تم الحصول عليه من نتائج فإنه يتم قب��ول الفرضية البديلة ‪« H1‬توجد‬
‫عالقة ذات داللة إحصائية عند مس��توى معنوية ‪ α=%0٫05‬بي��ن صيغة التمويل بالمرابحة‬
‫وتطور الصيرفة اإلسالمية في بنك البركة الجزائري»‪.‬‬

‫‪ -4-2‬نتائج اختبار الفرضيات الفرعية‬

‫‪ -‬الفرضي��ة الفرعي��ة األولى‪« :‬توجد عالق��ة ذات داللة معنوية عن��د ‪ α=%0٫05‬يعقد‬
‫التموي��ل بالمرابح��ة ف��ي الحد م��ن المخاط��رة لتطوير الصيرفة اإلس�لامية في بن��ك البركة‬
‫الجزائري»‪ ،‬حيث يتضح من نتائج االنحدار الخطي البسيط قسمة معامل االنحدار (‪)0.454‬‬
‫وبلغ معامل االرتباط بين المتغيرين (‪ )0.685‬حيث تندرج هذه المعامالت تضمن مستوى‬
‫معنوي��ة (‪ ،)α=%0٫05‬أما معامل التحديد ‪ R2‬بلغت قيمته (‪ )0.359‬مما يش��ير أن نس��بة‬
‫‪ %35‬م��ن التغيرات في درجة المخاطرة تعود لعقد التموي��ل بالمرابحة‪ ،‬وقد أظهر اختبار ‪F‬‬
‫أن نموذج االنحدار بش��كل عام ذو داللة إحصائية كما أن مس��توى الداللة (‪)Sig =0.000‬‬
‫أصغر من مستوى المعنوية (‪ ،)0.05‬وعليه يتم قبول الفرضية الفرعية األولى‪.‬‬
‫‪ -‬الفرضية الفرعية الثانية‪« :‬توجد عالقة ذات داللة معنوية عند ‪ α=0٫05%‬لعقد التمويل‬
‫بالمرابحة في توفير هامش ربحية لتطوير الصيرفة اإلسالمية في بنك البركة الجزائري»‪ ،‬حيث‬
‫اتض��ح أن قيمة معامل االنحدار (‪ )0.644‬وبلغ معامل االرتباط بين المتغيرين (‪،)0.756‬‬
‫وتندرج هذه المعامالت ضمن داللة إحصائية عند مستوى ‪ ،α=0٫05%‬أما بالنسبة لمعامل‬
‫التحديد ‪ R2‬فقد بلغ (‪ )0.325‬مما يفس��ر أن عقد التمويل بالمرابحة يؤثر بنس��بة ‪ %32‬في‬
‫التغيرات في الصيرفة اإلسالمية من حيث هامش الربحية‪ ،‬وبالنظر إلى ما أظهره اختبار ‪ F‬أن‬
‫نموذج االنحدار بش��كل عام ذو داللة إحصائية ومستوى الداللة (‪ )Sig =0.000‬أصغر من‬
‫مستوى المعنوية (‪ ،)0.05‬وعليه يتم قبول الفرضية الفرعية الثانية‪.‬‬

‫( ‪) 528‬‬
‫‪ -‬الفرضي��ة الفرعي��ة الثالثة‪« :‬توجد عالق��ة ذات داللة معنوية عن��د ‪ α=0٫05%‬لعقد‬
‫التموي��ل بالمرابح��ة في توفير الضم��ان لطرفي العق��د لتطوير الصيرفة اإلس�لامية في بنك‬
‫البركة الجزائري»‪ ،‬حيث اتض��ح أن قيمة معامل االنحدار (‪ )0.687‬وبلغ معامل االرتباط‬
‫بي��ن المتغيري��ن (‪ ،)0.862‬وتندرج هذه المعام�لات ضمن داللة إحصائية عند مس��توى‬
‫‪ ،α=0٫05%‬أما بالنسبة لمعامل التحديد ‪ R2‬فقد بلغ (‪ )0.343‬مما يفسر أن عقد التمويل‬
‫بالمرابحة يؤثر بنس��بة ‪ %34‬في التغيرات في الصيرفة اإلس�لامية من حيث الضمان لطرفي‬
‫العق��د‪ ،‬وبالنظر إلى ما أظهره اختبار ‪ F‬أن نموذج االنحدار بش��كل ع��ام ذو داللة إحصائية‬
‫ومس��توى الداللة (‪ )Sig =0.000‬أصغر من مس��توى المعنوي��ة (‪ ،)0.05‬وعليه يتم قبول‬
‫الفرضية الفرعية الثالثة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 529‬‬
‫خامتة‬
‫بعد القيام بالدراسة تم الوصول إلى عدة نتائج أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬أظهر الجانب النظري أن عقد التمويل بالمرابحة من اهم صيغ التمويل اإلس�لامية‪،‬‬
‫ً‬
‫وأيضا أظهر أن الصيرفة‬ ‫التي تس��تند على الشريعة اإلس�لامية في كل مراحلها وش��روطها‪،‬‬
‫اإلسالمية تطورت في اآلونة األخيرة بفضل التنويع في أدوات التمويل اإلسالمي‪ ،‬وانتشار‬
‫المصارف اإلس�لامية في معظم بقاع العالم‪ ،‬وكذا اعتماد الشبابيك اإلسالمية على مستوى‬
‫البن��وك التقليدية‪ ،‬وهذا ما تم اإلش��ارة له في دراس��ة خاصة وأن الجزائ��ر تعتمد هذه االلية‬
‫لتطوير الصيرفة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬حي��ث أظه��ر الجانب التطبيق��ي قبول الفرضية الرئيس��ية «توجد عالق��ة ذات داللة‬
‫إحصائية عند مس��توى معنوي��ة ‪ α=%0٫05‬بين صيغة التمويل بالمرابح��ة وتطور الصيرفة‬
‫اإلسالمية في بنك البركة الجزائري»‪.‬‬

‫‪ -‬وت��م قب��ول الفرضية الفرعية األولى حي��ث تم الوصول من خالل ماتم حس��ابه من‬
‫معام�لات إحصائي��ة‪« ،‬توج��د عالقة ذات دالل��ة معنوية عن��د ‪ α=%0٫05‬يعق��د التمويل‬
‫بالمرابحة في الحد من المخاطرة لتطوير الصيرفة اإلسالمية في بنك البركة الجزائري»‪.‬‬

‫‪ -‬قب��ول الفرضية الفرعية الثانية الت��ي تنص على‪« :‬توجد عالقة ذات داللة معنوية عند‬
‫‪ α=0٫05%‬لعقد التمويل بالمرابحة في توفير هامش ربحية لتطوير الصيرفة اإلس�لامية في‬
‫بنك البركة الجزائري»‪.‬‬

‫‪ -‬ت��م قب��ول الفرضية الثالثة التي نصت على أن‪« :‬توج��د عالقة ذات داللة معنوية عند‬
‫‪ α=0٫05%‬لعق��د التموي��ل بالمرابحة ف��ي توفير الضم��ان لطرفي العقد لتطوي��ر الصيرفة‬
‫اإلسالمية في بنك البركة الجزائري»‪.‬‬

‫حي��ث تم التعرف من خالل هذه الفرضيات أن عقد التمويل بالمرابحة في بنك البركة‬
‫( ‪) 530‬‬
‫الجزائري يقوم على أس��س ومبادئ الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬وكذا تطبيق إجراءات هذا العقد‬
‫بحذافيرها والسهر على تطبيق شروط صحتها كعقد تمويل إسالمي‪ ،‬مع اإلشارة أن الجزائر‬
‫تعتبر تجربتها فتية في مجال الصناعة المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫ومن خالل النتائج يمكن تقديم التوصيات الموالية‪:‬‬


‫‪ -‬االلتزام باألحكام الشرعية في عقود التمويل اإلسالمية مهما كان نوعها‪.‬‬

‫‪ -‬محاولة تقليل اإلجراءات المعقدة في هذه العقود وتسهيل العملية‪.‬‬

‫‪ -‬العمل على إدخال الرقمنة في كل مراحل عملية التمويل بالمرابحة‪.‬‬

‫‪ -‬الس��هر على تنويع الصيغ اإلس�لامية في التمويل واالبتعاد ع��ن احتكار صيغة دون‬
‫أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬محاولة إيجاد رقابة شرعية مستقلة تقوم على مراقبة ومتابعة هذا النوع من العقود لما‬
‫لها من طبيعة إسالمية مختلفة عن الصيغ التقليدية‪.‬‬

‫‪ -‬محاولة الدولة الجزائرية في إرس��اء المالية اإلسالمية وباألخص الصيرفة اإلسالمية‬


‫من خالل فتح بنوك إسالمية‪ ،‬وعدم االكتفاء بشبابيك إسالمية ذات نشاط محدود‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 531‬‬
‫احملور الرابع‬
‫املصارف اإلسالمية‬
‫ـ التحديات والعقبات ـ‬
‫احملور الرابع‬
‫املصارف اإلسالمية ـ التحديات والعقبات‬
‫َُ َ ُ‬
‫َويِشمل األوراق اآلتية‪:‬‬
‫د‪ .‬أنس زاهر المصري‬ ‫المؤسسات المساندة لعمل المصارف اإلسالمية‬
‫د‪ .‬محمد صويلح‬ ‫المصارف اإلسالمية ـ التحديات والعقبات‬
‫د‪ .‬وجدان عبد اهلل الس��ودي‬ ‫البلوكشين في إدارة مخاطر البنوك اإلسالمية‬
‫وأ‪ .‬أماني خليل حمدان‬
‫تقيي��م دور المصارف اإلس�لامية في تمويل المش��اريع د‪ .‬محمد حنيني‬
‫الصغي��رة ومتناهية الصغر والمتوس��طة (‪ )MSMEs‬في‬
‫فلسطين‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 535‬‬
‫‪‬‬
‫املؤسسات املساندة لعمل املصارف اإلسالمية‬

‫إعداد‪:‬‬
‫(((‬‫د‪ .‬أنس زاهر املصري‬
‫ورقة حبثية مقدمة للمؤمتر األكادميي السادس‬
‫للهيئة اإلسالمية العليا ـ القدس‬
‫«املصارف اإلسالمية‪ :‬بني الواقع واملأمول»‬
‫‪1443‬ﻫ‪2021/‬م‬

‫((( أن��س زاهر المصري‪ ،‬أس��تاذ مس��اعد‪ ،‬كلية األعم��ال واالقتصاد‪ ،‬جامعة فلس��طين‬
‫التقنية‪/‬خض��وري‪ ،‬المدي��ر والش��ريك المؤس��س لش��ركة رؤى للخدم��ات المالية‬
‫الش��رعية‪ ،‬عضو هيئة الفتوى والرقابة الش��رعية ـ البنك اإلس�لامي العربي‪ ،‬دكتوراه‬
‫اقتص��اد ومصارف إس�لامية جامعة اليرم��وك بتقدير ممتاز‪ ،‬مراقب ومدقق ش��رعي‬
‫معتمد من (‪ ،)AAOIFI‬نش��ر مجموعة من األبحاث العلمية المحكمة في مس��ائل‬
‫مختصة في االقتصاد والتمويل اإلسالمي‪.‬‬
‫امللخص‬
‫تحت��اج المصارف اإلس�لامية خ�لال عملها واس��تثمارها وتوظيفها لألم��وال لوجود‬
‫مجموعة مؤسسات تدعم وتساند عمل هذه المصارف‪ ،‬بشكل يضمن دعم واستقرار وتطور‬
‫الصناعة المصرفية اإلس�لامية وتأمين بيئة حاضنة لها‪ ،‬وتتأكد أهمية وجود هذه المؤسسات‬
‫المس��اندة لما تواجهه المصارف اإلسالمية من تحديات وعقبات على المستويات المحلية‬
‫والدولية بشكل يس��تدعي وجود مؤسسات مالية وتشريعية وبحثية تعمل على مساعدة هذه‬
‫المصارف اإلسالمية ودعم مركزها‪.‬‬

‫وقد تَبِع نشوء المصارف اإلسالمية في الربع األخير من القرن الماضي ظهور مجموعة‬
‫من المؤسس��ات المس��اندة لعمل المصارف اإلس�لامية ف��ي المجاالت المالي��ة والقانونية‬
‫والتش��ريعية في مجموعة من دول العالم اإلس�لامي‪ ،‬وتس��عى هذه المؤسسات لدعم عمل‬
‫هذه المصارف اإلسالمية ورفدها بما يلزمها من خدمات ومنتجات وتشريعات مساندة‪.‬‬

‫وتركز هذه الورقة البحثية على أبرز المؤسس��ات المساندة لعمل المصارف اإلسالمية‬
‫ودورها وأهميتها‪ ،‬وس��بل تطوير ودعم هذه المؤسسات المساندة‪ ،‬على المستويين الدولي‬
‫والمستوى الفلسطيني المحلي‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬المصارف اإلس�لامية‪ ،‬المؤسس��ات المس��اندة‪ ،‬الصناعة المالية‬


‫اإلسالمية‪ ،‬فلسطين‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 539‬‬
‫املقدمة‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والس�لام على أشرف الخلق والمرسلين‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين وعلى من سار على خطاهم إلى يوم الدين‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫فق��د صاحب ظهور فك��رة المصارف اإلس�لامية في القرن الماض��ي وتطبيقها عمليًا‬
‫العديد من الدراس��ات والملتقيات العلمية التي س��عت لتطوير الصناعة المالية اإلس�لامية‬
‫وضبطها‪ ،‬وقد أسهم مجموع هذه النقاشات والحوارات الفقهية واالقتصادية والقانونية في‬
‫ظهور المصارف اإلس�لامية بشكل صحيح ومنضبط ش��رعًا وقابل للتطبيق عمليًا‪ ،‬مراعين‬
‫األهداف الرس��الية للمصارف اإلس�لامية بتطبيق فق��ه المعامالت بص��ورة واقعية عملية‪،‬‬
‫وتأمين معامالت منضبطة ش��رعًا للمتعاملين ولطرف��ي التعامل المصرفي ـ وحدات العجز‬
‫ووح��دات الفائ��ض ـ‪ ،‬إضافة لألهداف المالي��ة والربحية للمصارف اإلس�لامية باعتبارها‬
‫مؤسس��ات تجارية وش��ركات ربحية تس��عى لتحقيق عائد حالل وأرباح مشروعة لكل من‬
‫المساهمين والمودعين‪.‬‬

‫ويأتي هذا المؤتمر الكريم للهيئة اإلس�لامية العليا ف��ي القدس بعنوان «المصارف‬
‫اإلسالمية‪ :‬بين الواقع والمأمول» ليناقش مدى انضباط هذه المصارف اإلسالمية باألهداف‬
‫والضواب��ط التي وضعتها في انطالق��ة عملها‪ ،‬كما يقارن بين الواق��ع العملي التطبيقي لهذه‬
‫المصارف وبين الصورة المأمولة لهذه المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫وتقدم هذه الورقة العلمية «المؤسس��ات المس��اندة لعمل المصارف اإلس�لامية» بيانًا‬
‫ألبرز المؤسس��ات المساندة لعمل المصارف اإلس�لامية في الميادين الشرعية واالقتصادية‬
‫والقانونية والمحاس��بية‪ ،‬مع بيان دور بعض المؤسسات المحلية المساندة لعمل المصارف‬
‫اإلسالمية في فلسطين‪.‬‬

‫( ‪) 540‬‬
‫وقد جاءت الدراسة في مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المؤسسات المساندة للمصارف اإلسالمية على المستوى الدولي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المؤسسات المساندة للمصارف اإلسالمية على المستوى المحلي‬


‫ـ الفلسطيني ـ‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 541‬‬
‫مدخل‬
‫تحتاج المصارف والمؤسس��ات المالية عمومًا إلى مؤسسات وأطر مساعدة ومساندة‬
‫تتع��اون فيم��ا بينها على المس��توى الداخل��ي والخارج��ي‪ ،‬وتحتاج المصارف اإلس�لامية‬
‫والمؤسسات المالية اإلس�لامية إلى هذه البيئة الحاضنة والمؤسسات المساندة بشكل أكبر‬
‫لطبيعة حداثة تجربتها ومنافستها لمؤسسات وقطاعات مالية كبيرة عالميًّا‪.‬‬

‫وتس��تفيد المص��ارف اإلس�لامية أحيانً��ا من اإلط��ار المؤسس��ي الداع��م للمصارف‬


‫نظ��را للتقدم الزمن��ي لتجربة ه��ذه المؤسس��ات المالية‬
‫ً‬ ‫والمؤسس��ات المالي��ة التقليدي��ة‪،‬‬
‫والمؤسس��ات المس��اندة لها‪ ،‬إضافة لضعف بعض الجوانب في الكيان المؤسس��ي الداعم‬
‫للعمل المصرفي اإلس�لامي‪ ،‬مما يس��توجب دعم المؤسسات المس��اندة للعمل المصرفي‬
‫اإلس�لامي(((‪ ،‬وتحتاج المصارف اإلسالمية لهذه المؤسسات في إصدار المعايير الشرعية‬
‫والقانونية والحاس��بية الالزمة للعمل المصرفي اإلس�لامي‪ ،‬وتصنيف المصارف بحس��ب‬
‫انضباطها الش��رعي أو تصنيفها االئتماني مع مراعاة الضابط الش��رعية وغيرها من الوظائف‬
‫المساندة‪.‬‬
‫وقد أنش��أت في العالم اإلس�لامي العديد من المؤسس��ات المس��اندة التي تساعد في‬
‫تطوير اإلطار المؤسس��ي للمصارف اإلس�لامية(((‪ ،‬وال يزال النموذج المصرفي والتمويلي‬
‫اإلس�لامي بحاجة لمزيد من هذه المؤسسات الداعمة والمساندة(((‪ ،‬خاصة مع المستويات‬
‫التي وصلت إليها أصول التمويل اإلس�لامي على المس��توى العالمي فقد أظهر تقرير واقع‬

‫((( حافظ‪ ،‬عمر زهير‪ ،‬البنوك اإلس�لامية أمام التحديات المعاصرة‪ ،‬مجلة رابطة العالم اإلس�لامي‪ ،‬مكة‬
‫المكرمة‪ ،‬السعودية‪ ،‬العدد ‪2004 ،463‬م‪ ،‬ص‪.238‬‬
‫((( العيسى‪ ،‬عبد الحنان‪ ،‬المؤسسات المساندة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬بحث منشور عبر األنترنت‪،‬‬
‫ص‪.1‬‬
‫((( قنطقجي‪ ،‬سامر مظهر‪ ،‬مؤسسات البنية التحتية للصناعة المالية اإلسالمية‪2006 ،‬م‪.‬‬

‫( ‪) 542‬‬
‫االقتصاد اإلسالمي العالمي أنه وصلت قيمة أصول التمويل اإلسالمي في عام ‪2019‬م إلى‬
‫‪ 2.88‬تريلي��ون دوالر أمريك��ي‪ ،‬ومن المتوقع أن ينمو هذا القطاع بمعدل س��نوي قدره ‪%5‬‬
‫ليصل عام ‪2024‬م إلى ‪ 3.69‬تريليون دوالر(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( تقري��ر واقع االقتصاد اإلس�لامي العالمي‪ ،‬إعداد وكالة ثومس��ون رويت��رز ‪،Thomson Reuters‬‬
‫‪.2019‬‬

‫( ‪) 543‬‬
‫املطلب األول‬
‫املؤسسات املساندة للمصارف اإلسالمية‬
‫على املستوى الدولي‬
‫ظهرت العديد من المؤسس��ات والهيئات لمس��اندة لعمل المصارف اإلسالمية بشكل‬
‫خاص والصناعة المالية اإلس�لامية بش��كل عام على المس��توى الدولي بش��كل يخدم هذه‬
‫المص��ارف اإلس�لامية على اخت�لاف أماكن توادها وعمله��ا‪ ،‬ومن أبرز هذه المؤسس��ات‬
‫المساندة للمصارف اإلسالمية على المستوى الدولي‪:‬‬

‫‪ -1‬البنك اإلسالمي للتنمية‬


‫(‪Islamic Development Bank (IDB‬‬

‫تأس��س البنك اإلس�لامي للتنمية من خالل منظم��ة المؤتمر اإلس�لامي في جدة عام‬
‫‪1973‬م به��دف دعم التنمية االقتصادية والتقدم االجتماعي في دول المنظمة والمجتمعات‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬وف ًقا لمبادئ الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬ويضم في عضويته ‪ 57‬بلدًا عض ًوا في أربع‬
‫قارات‪ ،‬ويقوم البنك بتمويل المش��روعات والبرام��ج المنتجة في القطاعين العام والخاص‬
‫في الدول األعضاء‪ ،‬ويعتبر البنك اإلسالمي للتنمية أحد أكثر بنوك التنمية المتعددة األطراف‬
‫الفاعلة في العالم‪ ،‬وأحد القادة العالميون في التمويل اإلسالمي بتصنيف ‪ ،AAA‬وأصول‬
‫تش��غيلية تتجاوز ‪ 16‬مليار دوالر أمريكي ورؤوس أم��وال مكتتب بها تبلغ ‪ 70‬مليار دوالر‬
‫أمريكي‪ ،‬مقر البنك الرئيس��ي في جدة‪ ،‬وله مراكز رئيسية في المغرب وماليزيا وكازاخستان‬
‫والس��نغال‪ ،‬ومكاتب وس��يطة في مصر وتركيا وإندونيس��يا وبنغالدي��ش ونيجيريا‪ ،‬وقد قام‬
‫البنك اإلسالمي للتنمية بمساهمة كبيرة في تطوير المصارف اإلسالمية من خالل المشاركة‬
‫في رأس مال بعض المصارف اإلسالمية‪ ،‬وتطوير صيغ جديدة لتمويل األنشطة االستثمارية‬
‫وإنشاء برامج جديدة لتعبئة الموارد‪ ،‬كما ساهم البنك بإنشاء المؤسسات المساندة للمصارف‬

‫( ‪) 544‬‬
‫والمؤسس��ات المالية اإلسالمية التي تعمل على دمج األعمال المصرفية والمالية اإلسالمية‬
‫في االقتصاد والنظام المالي العالمي(((‪.‬‬

‫ومن الركائز األساسية ألنشطة البنك كما يعرف بنفسه‪:‬‬

‫‪ .1‬بناء الش��راكات بي��ن الحكومات والقط��اع الخاص والمجتم��ع المدني من خالل‬


‫الشراكات بين القطاعين العام والخاص‪.‬‬

‫‪ .2‬التركي��ز على العلوم والتكنولوجي��ا واالبتكار إليجاد حل��ول لتحديات التنمية في‬
‫العالم‪ ،‬من خالل تعزيز االتصال والتمويل‪ ،‬والتركيز على أهداف التنمية المستدامة‪.‬‬

‫‪ .3‬تعزي��ز التنمي��ة العالمية القائمة على هياكل تمويل أخالقية مس��تدامة وطويلة األمد‬
‫مطابقة ألحكام الشريعة اإلسالمية على المدى الطويل هياكل التمويل المستدام واألخالقي‪.‬‬

‫‪ -2‬اجمللس العام للبنوك واملؤسسات املالية اإلسالمية‬


‫‪The General Council for Islamic Banks and Financial Institutions‬‬
‫(‪)CIBAFI‬‬

‫وهو مؤسس��ة دولية غير هادفة للربح تأس��س عام ‪2001‬م في البحرين من قبل البنك‬
‫اإلس�لامي لتنمي��ة والعديد من المؤسس��ات المالية اإلس�لامية األخرى وهو عض�� ًوا تابعًا‬
‫لمنظمة التعاون اإلسالمي (‪ ،)OIC‬ويمثل المجلس العام المظلة الرسمية للصناعة المالية‬
‫اإلسالمية على مستوى العالم‪ ،‬ويهدف إلى دعم وتطوير صناعة الخدمات المالية اإلسالمية‬
‫وحمايته��ا‪ ،‬ودع��م التعاون بي��ن األعضاء والمؤسس��ات المالي��ة األخ��رى ذات االهتمام‬
‫واألهداف المشتركة‪.‬‬

‫حيث يضم المجلس العام في عضويته أكثر من ‪ 130‬مؤسس��ة مالية‪ ،‬موزعة على أكثر‬

‫((( الموقع اإللكتروني للبنك اإلسالمي للتنمية‪www.isdb.org/irj/portal/anonymous :‬‬


‫تاريخ االستفادة من الموقع ‪2021/10/26‬م‪.‬‬

‫( ‪) 545‬‬
‫من ‪ 34‬دولة‪ ،‬تضم أهم الناش��طين في الس��وق المالية اإلسالمية‪ ،‬ومؤسسات دولية متعددة‬
‫األطراف‪ ،‬وجمعيات مهنية في الصناعة(((‪.‬‬

‫ويش��به المجل��س العام للبن��وك والمؤسس��ات المالية اإلس�لامية اتح��اد للمصارف‬


‫والمؤسسات المالية اإلسالمية للتعريف بها وتوثيق تجاربها‪ ،‬ويضم مجلس إدارة المجلس‬
‫أربعة عشر عض ًوا يمثلون بنوك ومؤسسات مالية رئيسية(((‪.‬‬

‫ويه��دف المجلس الع��ام إلى دعم وتطوير صناع��ة الخدمات المالية اإلس�لامية التي‬
‫تحق��ق االقتصاد الحقيقي ومقاصد الش��ريعة من خ�لال تمثيلها والدف��اع عنها فيما يخص‬
‫السياس��ات الرقابية والمالية واالقتصادية التي تصب ف��ي المصلحة العامة لألعضاء‪ ،‬فيضع‬
‫المجلس ضمن أهدافه االس��تراتيجية التنسيق بين أعضاء المجلس وغيرهم من المؤسسات‬
‫األخرى الداعمة للمالية اإلسالمية مثل البنك اإلسالمي للتنمية وهيئة المحاسبة والمراجعة‬
‫للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية ومجمع الفقه اإلس�لامي بهدف تبادل أفضل الممارسات‬
‫وضبط الفتاوى في المعامالت المالية‪.‬‬

‫وتس��عى مب��ادرات المجلس العام للبن��وك والمؤسس��ات المالية اإلس�لامية لتحقيق‬


‫األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬دعم القيمة المضافة للصيرفة اإلس�لامية والسياسات والنظم الرقابية‪ :‬حيث يعمل‬
‫المجل��س العام على وضع واقتراح لوائح ونظم جديدة في القط��اع المالي‪ ،‬التي تؤثر على‬
‫المؤسس��ات المالية اإلسالمية والمؤسس��ات المالية التقليدية‪ ،‬وذلك في سبيل دعم القيمة‬

‫((( الموقع اإللكتروني للمجلس للبنوك والمؤسسات المالية اإلسالمية‪www. cibafi. org/About، :‬‬
‫‪2021/10/30‬م‪.‬‬
‫((( هذه المؤسس��ات هي‪ :‬البنك اإلس�لامي للتنمي��ة (عضو دائم)‪ ،‬مجموعة البرك��ة المصرفية‪ ،‬االتحاد‬
‫العالم��ي لش��ركات التأمي��ن اإلس�لامي‪ ،‬اتحاد المصارف الس��وداني‪ ،‬بي��ت التموي��ل الكويتي‪ ،‬بنك‬
‫بنجالديش اإلسالمي‪ ،‬بنك فيصل اإلسالمي مصر‪ ،‬البنك اإلسالمي األردني‪ ،‬دار االستثمار‪ ،‬مصرف‬
‫التنمي��ة الصناع��ي‪ ،‬بنك التضامن اإلس�لامي الدولي‪ ،‬مصرف أبو ظبي اإلس�لامي‪ ،‬مصرف الس�لام‬
‫البحريني‪.‬‬

‫( ‪) 546‬‬
‫المضافة للصيرفة اإلسالمية وضمان أخذ احتياجات الصناعة بعين االعتبار عند وضع النظم‬
‫الرقابية‪.‬‬

‫‪ .2‬تش��جيع البحث واالبتكار‪ :‬يسعى المجلس العام إلى تشجيع الممارسات السليمة‬
‫واالبتكار في الصناعة من خالل التنس��يق مع المؤسس��ات في إصداراته ومنشوراته الدورية‬
‫التي تسلط الضوء على الفرص المتاحة في األسواق وكيفية تحقيق التنمية المستدامة باتباع‬
‫المقاصد الشرعية في الممارسات‪.‬‬

‫‪ .3‬التأهي��ل والتمكين المهني‪ :‬يعم��ل المجلس العام على تطوي��ر نماذج ألخالقيات‬
‫المهن��ة لمختلف الفئات بدءًا م��ن أعضاء مجالس اإلدارات وكبار حملة األس��هم وامتدادًا‬
‫للطاق��م اإلداري والتنفيذي ثم صغ��ار العاملين ووصولاً لعامة الجمه��ور‪ ،‬من خالل تنمية‬
‫الموارد البش��رية لتقديم خدمات عالية الجودة للعمالء مع االلتزام بأخالقيات اإلس�لام في‬
‫الممارسات وتحقيق االقتصاد الحقيقي‪.‬‬

‫‪ -3‬هيئة احملاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسالمية (أيويف)‬


‫‪The Accounting and Auditing Organization for Islamic Financial‬‬
‫)‪Institutions (AAOIFI‬‬

‫وهي هيئة مس��تقلة غير ربحية وذات شخصية معنوية تأسست عام ‪1991‬م ومقرها في‬
‫البحري��ن تضم أكثر من ‪ 200‬عض�� ًوا من ‪ 45‬بلدًا(((‪ ،‬مهمتها إصدار المعايير في المجاالت‬
‫الشرعية والمحاسبية والمراجعة لتسهيل وضبط مرجعية عمل المؤسسات المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫أصدرت هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية اإلسالمية (أيوفي) أكثر من‬
‫‪ 100‬معيار في مجاالت المحاس��بة والمراجعة وأخالقيات العمل والحوكمة باإلضافة إلى‬
‫المعايير الش��رعية التي اعتمدتها البنوك المركزية والسلطات المالية في مجموعة من الدول‬

‫((( هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية‪ ،‬المعايير الش��رعية‪ ،‬المنام��ة‪ ،‬البحرين‪،‬‬
‫‪2010‬م‪ ،‬ص‪ :‬ل ـ ن‪.‬‬

‫( ‪) 547‬‬
‫باعتبارها إلزامية أو إرشادية‪ ،‬كما تحظى الهيئة بدعم عدد من المؤسسات األعضاء‪ ،‬من بينها‬
‫المصارف المركزية والس��لطات الرقابية والمؤسسات المالية وشركات المحاسبة والتدقيق‬
‫والمكاتب القانونية من أكثر من ‪45‬دولة(((‪.‬‬
‫وتصدر هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية (أيوفي) خمسة أنواع‬
‫من المعايير هي‪:‬‬
‫‪ -1‬المعايير األخالقية (معيارين)‬
‫‪ -2‬المعايير الشرعية (‪ 61‬معيا ًرا)‬
‫‪ -3‬معايير الحوكمة (‪ 7‬معايير)‬
‫‪ -4‬المعايير المحاسبية (‪ 26‬معيا ًرا)‬
‫‪ -5‬معايير المراجعة (‪ 5‬معايير)‬
‫وتهدف هذه المعايير إلى تحقيق مجموعة من األهداف في إطار أحكام الشريعة اإلسالمية‬
‫وقواعدها‪ ،‬ومن هذه األهداف‪:‬‬
‫‪ .1‬تطوير فكر المحاس��بة والمراجع��ة والحوكمة واألخالقيات ذات العالقة بأنش��طة‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية مع األخذ في االعتبار المعايير والممارسات الدولية بما يتفق‬
‫وأحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .2‬نشر فكر المحاسبة والمراجعة والحوكمة واألخالقيات المتعلق بأنشطة المؤسسات‬
‫المالية اإلس�لامية وتطبيقاته عن طريق التدريب وعقد الندوات وإصدار النش��رات الدورية‬
‫وإعداد األبحاث والتقارير وغير ذلك من الوسائل‪.‬‬
‫‪ .3‬التوفي��ق بين السياس��ات واإلجراءات المحاس��بية التي تتبعها المؤسس��ات المالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وذلك بإعداد وإصدار معايير محاسبية وتفسيرها لهذه المؤسسات‪.‬‬

‫((( الموقع اإللكتروني لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬عن أيوفي‪:‬‬
‫‪2021/10/30‬م‪aaoifi.com/about_aaoifi ،‬‬

‫( ‪) 548‬‬
‫‪ .4‬تحقي��ق التطابق أو التقارب ـ ما أمكن ذلك ـ في التصورات والتطبيقات بين هيئات‬
‫الرقابة الش��رعية للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية لتجنب التضارب أو عدم االنس��جام بين‬
‫الفت��اوى والتطبيقات لتلك المؤسس��ات بم��ا يؤدي إلى تفعيل دور هيئات الرقابة الش��رعية‬
‫الخاصة بالمؤسس��ات المالية اإلس�لامية والبنوك المركزية‪ ،‬وذلك بإع��داد وإصدار معايير‬
‫ش��رعية ومتطلب��ات ش��رعية لصيغ االس��تثمار والتموي��ل والتأمين وتفس��ير ه��ذه المعايير‬
‫والمتطلبات الشرعية‪.‬‬

‫‪ .5‬تقدي��م البرامج التعليمي��ة والتدريبية‪ ،‬بما في ذلك برامج التطوي��ر المهنية المتعلقة‬
‫بالمحاس��بة والمراجع��ة واألخالقيات والحوكمة والمبادئ الش��رعية والمجاالت األخرى‬
‫المرتبطة بها‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ جملس اخلدمات املالية اإلسالمية‬


‫(‪Islamic Financial Services Board (IFSB‬‬

‫وه��و هيئة دولية مقرها العاصمة الماليزية كوااللمب��ور بدأت أعمالها في عام ‪2003‬م‬
‫تضع معايير لتطوير وتعزيز صناعة الخدمات المالية اإلسالمية‪ ،‬وذلك بإصدار معايير رقابية‬
‫ومبادئ إرش��ادية لهذه الصناعة التي تض��م قط��اع المص��ارف‪ ،‬وأس��وق المال‪ ،‬والتأمي��ن‬
‫اإلس�لامي‪ ،‬بل��غ عدد أعضاء مجلس الخدمات المالية اإلس�لامية في ع��ام ‪2020‬م‪188 ،‬‬
‫عض ًوا‪ ،‬يمثلون ‪ 80‬س��لطة تنظيمي��ة ورقابية‪ ،‬و‪ 10‬منظمات حكومية دولية‪ ،‬و‪ 98‬مؤسس��ة‬
‫فاعلة في السوق (المؤسسات المالية والشركات المهنية واالتحادات النقابية)‪ ،‬يعملون في‬
‫‪ 57‬دولة‪ ،‬ومنذ إنشاء مجلس الخدمات المالية اإلسالمية‪ ،‬تم إصدار أربعة وثالثين معيا ًرا‪،‬‬
‫ومبدًا إرشاديًّا‪ ،‬ومالحظة فنية‪ ،‬خاصة بالمالية اإلسالمية‪.‬‬

‫ويعتبر عمل مجلس الخدمات المالية اإلسالمية مكملاً لعمل لجنة بازل للرقابة المصرفية‪،‬‬
‫والمنظمة الدولية لهيئات األوراق المالية‪ ،‬واالتحاد الدولي للمشرفين على التأمين(((‪.‬‬

‫((( الموقع اإللكتروني لمجلس الخدمات المالية اإلسالمية‪www.ifsb.org/ar_background :‬‬

‫( ‪) 549‬‬
‫ويُذكر أن ماليزيا البلد المس��تضيف لمجلس الخدمات المالية اإلس�لامية‪ ،‬قد س��نت‬
‫قانونًا يعرف باس��م قانون مجلس الخدمات المالية اإلس�لامية لع��ام ‪2002‬م‪ ،‬ويعطي هذا‬
‫القانون مجلس الخدمات المالية اإلس�لامية الحصان��ات واالمتيازات التي تمنح في العادة‬
‫للمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماس��ية‪ ،‬وفي هذا إش��ارة إلى دور الحكومات والجهات‬
‫الرسمية في دعم المصارف اإلسالمية ومؤسساتها‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ السوق املالي اإلسالمي الدولي‬


‫‪)IIFM( International Islamic Financial Market‬‬

‫وهو مؤسسة دولية أنشأت عام ‪2002‬م في البحرين لخدمة صناعة التمويل اإلسالمي‬
‫والتركيز على أسواق رأس المال اإلسالمية‪ ،‬ويركز عمل السوق على وضع معايير لألسواق‬
‫المالية اإلس�لامية وتوثيق تجاربها والتنس��يق فيما بينها‪ ،‬كما يس��عى لتطوير هذه األس��واق‬
‫وتوجيهها واعتماد األدوات المالية اإلسالمية والترويج لها(((‪ ،‬وتتمثل أبرز أهدافه في‪:‬‬

‫‪ -1‬المصادقة على األدوات المالية المتداولة أو التي س��يتم تداولها بين المؤسس��ات‬
‫المالية اإلسالمية والبنوك التقليدية والنوافذ اإلسالمية في البنوك التقليدية‪.‬‬

‫‪ -2‬إعداد اللوائح والضوابط للتعامل وفق مقتضيات السوق المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -3‬إعداد معايير موحدة عند إصدار األدوات المالية اإلس�لامية أو عند تداولها يتبعها‬
‫كل المشاركين في السوق المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ املركز اإلسالمي الدولي للمصاحلة والتحكيم‬


‫(‪International Islamic Center for Reconciliation and Arbitration (IICRA‬‬

‫وهو مؤسس��ة دولية مستقلة غير ربحيه تأسس��ت بالتعاون بين البنك اإلسالمي للتنمية‬

‫((( الموقع اإللكتروني للسوق المالي اإلسالمي الدولي‪:‬‬


‫‪www.iifm.net/about_iifm/corporate_profile‬‬

‫( ‪) 550‬‬
‫والمجلس العام للبنوك والمؤسس��ات المالية اإلسالمية في اإلمارات عام ‪2005‬م‪ ،‬ويضم‬
‫المجلس خمس عش��رة مؤسس��ة مالية إس�لامية(((‪ ،‬حيث يهدف المركز بشكل رئيس إلى‬
‫إدارة ف��ض النزاع��ات بالصل��ح أو بالتحكيم‪ ،‬إضاف��ة لتقديمه خدمات مس��اندة أخرى مثل‬
‫خصوصا وتقديم االستش��ارات‬
‫ً‬ ‫االستش��ارات المتعلق��ة بالتحكي��م والتحكيم اإلس�لامي‬
‫القانونية والشرعية ودراسة العقود وصياغتها وتقديم الحلول القانونية والشرعية للتحديات‬
‫الت��ي يواجهها المصرف‪ ،‬كما يقدم المركز استش��ارات حول تفس��ير بن��ود االتفاقيات دون‬
‫اللجوء إلى الصلح أو التحكيم(((‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ مركز إدارة السيولة املالية‬


‫‪)LMC) The Liquidity Management Centre‬‬

‫وهو شركة مالية إسالمية أنشأت في البحرين عام ‪2002‬م كأحد األذرع العملية للسوق‬
‫المالي اإلس�لامي الدولي‪ ،‬ويهدف بشكل أساسي إلى تسهيل استثمار األموال الفائضة في‬
‫المصارف والمؤسس��ات المالية اإلس�لامية من خ�لال األدوات المالية قصيرة ومتوس��طة‬
‫األجل المضبوطة بمبادئ الشريعة اإلسالمية(((‪.‬‬

‫ولقد س��اعد وجود هذه المؤسسات المس��اندة في توفير بيئة حاضنة للعمل المصرفي‬

‫((( هذه المؤسس��ات هي‪ :‬وزارة المالية والصناعة باإلمارات والبنك اإلس�لامي للتنمية والمجلس العام‬
‫للبنوك اإلس�لامية وبنك البحرين اإلس�لامي والبنك اإلسالمي الماليزي ومؤسس��ة التمويل العائلية‬
‫بتركيا والبنك اإلسالمي األردني وبنك الجزيرة وبنك دبي اإلسالمي وبيت التمويل الكويتي ومصرف‬
‫أبو ظبي اإلس�لامي واتحاد المصارف العربية وبنك بنغالديش اإلس�لامي وبيت التمويل الس��عودي‬
‫التونسي واي ان بنك في إيران‪.‬‬
‫((( الموقع اإللكتروني للمركز اإلسالمي الدولي للمصالحة والتحكيم‪:‬‬
‫‪www.iicra.com/ar/misc_pages/detail/4c855d3580‬‬
‫((( انظر‪ :‬الموقع اإللكتروني لمركز إدارة السيولة المالية‪:‬‬
‫‪www.lmcbahrain.com/role.asp‬‬
‫حافظ‪ ،‬عمر‪ ،‬البنوك اإلسالمية أمام التحديات المعاصرة‪ ،‬ص‪.239‬‬

‫( ‪) 551‬‬
‫اإلس�لامي على المستوى الدولي ومس��اعدته من خالل الخدمات والمنتجات التي تقدمها‬
‫هذه المصارف(((‪ ،‬وتس��اعد زيادة هذه المؤسس��ات وتطويرها في إيجاد بيئة مناسبة للعمل‬
‫المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( أنظر‪ :‬مش��عل‪ ،‬عبد الباري‪ ،‬التصنيف الشرعي ونظام الجودة الش��رعية للمنتجات المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫موقع رقابة لالستشارات الشرعية‪www.raqaba.co :‬‬

‫( ‪) 552‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫املؤسسات املساندة للمصارف اإلسالمية‬
‫على املستوى احمللي ـ الفلسطيين ـ‬
‫بدأت تجربة المصارف اإلسالمية في فلسطين عام ‪1996‬م في األراضي التابعة للسلطة‬
‫الفلس��طينية (األراضي المحتلة عام ‪1967‬م) فقد سمحت سلطة النقد الفلسطينية((( بإنشاء‬
‫مصارف إسالمية عام ‪1995‬م بموجب قانون الشركات لسنة ‪1929‬م وتعديالته‪ ،‬وأصدرت‬
‫س��لطة النقد الفلس��طينية تعميمات وقوانين متفرقة خاصة في المصارف اإلسالمية‪ ،‬ويوجد‬
‫اآلن في فلس��طين ثالثة مصارف إس�لامية هي البنك اإلس�لامي العربي والبنك اإلسالمي‬
‫الفلسطيني ومصرف الصفا‪.‬‬

‫وف��ي ع��ام ‪2011‬م صدر قرار من س��لطة النقد الفلس��طينية يقضي بتش��كيل هيئة عليا‬
‫للرقابة الشرعية للمصارف اإلسالمية الفلسطينية‪ ،‬فقد ورد في قانون المصارف الصادر عن‬
‫سلطة النقد‪:‬‬

‫‪ .1‬تنشئ سلطة النقد هيئة مستقلة غير متفرغة‪ ،‬تسمى الهيئة العليا للرقابة الشرعية على‬
‫المصارف ومؤسسات التمويل اإلسالمية‪ ،‬يتم تعيينها بقرار من المجلس‪.‬‬

‫‪ .2‬تتكون الهيئة من عدد ال يقل عن خمس��ة أش��خاص وال يزيد عن تس��عة من علماء‬

‫((( س��لطة النقد الفلس��طينية‪ :‬تأسس��ت سلطة النقد الفلس��طينية بموجب قرار رئاس��ي في العام ‪1995‬م‬
‫كمؤسسة مستقلة‪ ،‬وتم استبدال هذا القرار بإصدار قانون سلطة النقد في عام ‪1997‬م‪ ،‬وتمارس سلطة‬
‫النقد عددًا من المهام المناطة بالبنك المركزي ـ وليس كلها ـ‪ ،‬تتحدد على وجه الخصوص في مراقبة‬
‫المصارف‪ ،‬وخدمات المدفوعات‪ ،‬واألبحاث واإلحصاء‪.‬‬
‫الموقع اإللكتروني لسلطة النقد الفلسطينية‪www.pma.ps :‬‬
‫تاريخ االستفادة من الموقع ‪2021/11/1‬م‬

‫( ‪) 553‬‬
‫الشريعة وذوي الخبرة في االقتصاد اإلسالمي والمصارف والقانون‪ ،‬على أن تكون الغالبية‬
‫من علماء الشريعة‪.‬‬

‫‪ .3‬تحدد مهام الهيئة‪ ،‬واختصاصاتها وس��لطاتها وش��روطها المرجعية‪ ،‬ومدة العضوية‬


‫فيها ومكافآت رئيس وأعضاء الهيئة بقرار يصدر عن المجلس‪.‬‬

‫وقد تم انش��اء الهيئة العليا للرقابة الش��رعية اس��تنادًا لقانون المصارف رقم (‪ )9‬لس��نة‬
‫‪2010‬م بش��أن المصارف وقرارات مجلس إدارة سلطة النقد لسنة ‪2011‬م وسنة ‪2017‬م‪،‬‬
‫وت��م تش��كيل الهيئة العليا للرقابة الش��رعية عمليًا ع��ام ‪2019‬م في إطار التعاون المس��تمر‬
‫والمشترك بين سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال الفلسطينية لتطوير منظومة العمل المالي‬
‫اإلسالمي في فلسطين‪.‬‬

‫كما تم الح ًقا إعادة تشكيل الهيئة العليا للرقابة الشرعية لتشمل باإلضافة إلى المصارف‬
‫ومؤسس��ات التمويل اإلس�لامية‪ ٬‬ش��ركات التأمين التكافلي وش��ركات التأجير التمويلي‬
‫الخاضعة لرقابة وإشراف هيئة سوق رأس المال الفلسطينية‪.‬‬

‫وتضم الهيئة العليا للرقابة الشرعية في عضويتها سبعة أعضاء‪ ،‬خمسة مختصين في فقه‬
‫وخبيرا ماليًا‬
‫ً‬ ‫مختصا في أعمال المصارف اإلس�لامية‬
‫ً‬ ‫خبيرا ماليًا‬
‫ً‬ ‫المعام�لات باإلضافة إلى‬
‫مختصا في أعمال شركات التأمين اإلسالمية‪ ،‬وتمارس الهيئة العليا للرقابة الشرعية نشاطها‬
‫ً‬
‫ومهامه��ا وتصدر قراراتها وأحكامها فيما يعرض عليها اس��تنادًا إل��ى المعايير الصادرة عن‬
‫مجلس الخدمات المالية اإلس�لامية )‪ (IFSB‬وعن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية )‪ (AAOIFI‬إضافة الجتهادات أعضائها‪.‬‬

‫وتعمل الهيئة العليا للرقابة الش��رعية كمستشار شرعي لس��لطة النقد الفلسطينية وهيئة‬
‫سوق راس المال الفلسطينية فيما يخص األعمال المالية اإلسالمية التي تنفذها سلطة النقد‬
‫الفلس��طينية أو هيئة س��وق راس المال الفلسطينية‪ ،‬وتقديم المش��ورة وإبداء الرأي الشرعي‬
‫بكل ما من ش��أنه المس��اعدة في تنظيم عمل ورقابة المؤسسات المالية اإلسالمية المصرفية‬

‫( ‪) 554‬‬
‫وغي��ر المصرفية في مج��ال العمل المالي والمصرفي اإلس�لامي وتطوير المنتجات المالية‬
‫اإلسالمية(((‪.‬‬

‫وقد حددت الهيئة العليا للرقابة الش��رعية في س��لطة النقد الفلسطينية أبرز مهامها‬
‫بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إصدار الفتاوى المتعلقة بالمالية اإلسالمية‪ ،‬على أن تكون ملزمة لكافة األطراف‪.‬‬

‫‪ -‬وضع األطر العامة لعمل هيئات الرقابة الشرعية التابعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬نشر األس��س والمفاهيم الش��رعية الحاكمة للعمل المالي اإلسالمي وزيادة التوعية‬
‫والتثقيف للعاملين في القطاع المالي اإلسالمي ونشر الوعي المالي اإلسالمي بشكل عام‪.‬‬

‫وقد أصدرت س��لطة النقد الفلس��طينية مجموعة تعليمات تخص الهيئ��ة العليا للرقابة‬
‫الش��رعية وتعطيها صالحيات متنوعة‪ ،‬ومن ذلك تعليم��ات رقم ‪ 15/2019‬التي أصدرتها‬
‫س��لطة النقد الفلسطينية بش��أن هيئة الرقابة الش��رعية‪ ،‬فقد ورد في المادة رقم (‪ )3‬من هذه‬
‫التعليم��ات تحديدًا لواجبات هيئة الرقابة الش��رعية الخاصة بكل بنك إس�لامي‪ ،‬فقد نصت‬
‫على أنه‪:‬‬

‫يجب على هيئة الرقابة الشرعية ـ الخاصة بالبنك ـ القيام بما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إبداء الرأي الش��رعي في مدى توافق المنتجات والخدم��ات الجديدة التي يرغب‬
‫المصرف اإلسالمي في تقديمها مع احكام الشريعة اإلسالمية وذلك قبل عرضها على الهيئة‬
‫العليا للرقابة الشرعية‪.‬‬

‫‪ -2‬التأكد م��ن تضمين التقارير الدورية المقدمة لمجلس اإلدارة والتقارير الس��نوية‬
‫والتقارير نصف السنوية المقدمة للهيئة العامة بتقرير هيئة الرقابة الشرعية بشأن مدى التزام‬
‫المصرف بالقرارات الصادرة عن الهيئة العليا للرقابة الشرعية‪.‬‬

‫((( الموقع االلكتروني لسلطة النقد الفلسطينية‪ ،‬الهيئة العليا للرقابة الشرعية‪www.pma.ps/ar،/ ،‬‬
‫تاريخ االستفادة من الموقع ‪2021/11/5‬م‪.‬‬

‫( ‪) 555‬‬
‫‪ -3‬االلتزام بالمعايير الش��رعية ومعايير المحاسبة والمراجعة والحوكمة واألخالقيات‬
‫الصادرة عن هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية‪ ،‬وق��رارات الهيئة‬
‫العليا للرقابة الشرعية‪.‬‬

‫كما حددت المادة رقم (‪ )5‬من تعليمات ‪2019/15‬م مسؤولية إدارة المصرف اإلسالمي‬
‫لضبط عالقتها مع الهيئة العليا للرقابة الش��رعية‪ ،‬فقد أوجبت على إدارة المصرف اإلس�لامي‬
‫القيام بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬ع��رض أية منتجات أو خدمات جديدة ترغب في تقديمها على الهيئة العليا للرقابة‬
‫الش��رعية‪ ،‬وذلك بعد عرضها على هيئة الرقابة الشرعية‪ ،‬وتكون قرارات الهيئة العليا للرقابة‬
‫الشرعية بالخصوص ملزمة لكل من إدارة المصرف وهيئة الرقابة الشرعية‪.‬‬

‫‪ .2‬االلت��زام بكافة القرارات الص��ادرة عن كل من الهيئة العليا للرقابة الش��رعية وهيئة‬


‫الرقابة الش��رعية في المصرف باإلضافة إلى االلتزام بالمعايير الش��رعية ومعايير المحاس��بة‬
‫والمراجعة والحوكمة واألخالقيات الصادرة عن هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات‬
‫المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .3‬االلتزام بالرأي الشرعي أو الفتوى الصادرة عن الهيئة العليا للرقابة الشرعية‪.‬‬

‫وقد أصدرت الهيئة العليا للرقابة الش��رعية مجموعة م��ن القرارات والفتاوى الخاصة‬
‫ببعض المس��ائل المش��ترة في عمل المص��ارف اإلس�لامية الفلس��طينية وذات التأثير على‬
‫المستوى العام‪ ،‬وكان من هذه القرارات والفتاوى‪:‬‬

‫‪ -1‬فتوى الهيئة العليا بشأن المكافأة حال السداد المبكر للتمويالت‪.‬‬

‫‪ -2‬فتوى الهيئة العليا بشأن سقف التورق‪.‬‬

‫‪ -3‬فتوى الهيئة العليا بشأن التورق المنضبط‪.‬‬

‫‪ -4‬تعميم رقم ‪ 60/2020‬بشأن الضوابط الشرعية للتعامل بمنتج التورق‪.‬‬

‫( ‪) 556‬‬
‫‪ -5‬تعميم رقم ‪ 41/2020‬بشأن الضوابط الشرعية إلصدار بطاقات االئتمان غير‬
‫المغطاة‪.‬‬

‫ويالح��ظ أن هذه التعليم��ات والقرارات إن كان��ت قد ضبطت جزءًا م��ن العالقة بين‬
‫هيئات الرقابة الش��رعية الخاص��ة بكل مصرف وإدارة هذه المصارف م��ن جهة وبين الهيئة‬
‫العليا للرقابة الش��رعية من جهة أخرى‪ ،‬إال أنها لم تتسم بالوضوح المطلوب كما لم توضح‬
‫جوانب االختصاص وحدود المناطق المش��تركة بين الهيئة العليا للرقابة الش��رعية وهيئات‬
‫الرقابة الشرعية الخاصة بكل مصرف إسالمي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 557‬‬
‫النتائج والتوصيات‬
‫أولاً ‪ :‬النتائج‪:‬‬
‫‪ -1‬تحتاج المصارف اإلس�لامية في عملها لوجود مؤسس��ات مساندة لها في أعمالها‬
‫وأنش��طتها‪ ،‬وتتأك��د ه��ذه الحاجة لحداثة المصارف اإلس�لامية نس��بيًا مقارن��ة مع المصار‬
‫التقليدية التي يساندها مؤسسات ذات تجربة ممتدة ومتنوعة‪.‬‬
‫‪ -2‬يوج��د مجموعة من المؤسس��ات المس��اندة لعمل المصارف اإلس�لامية وضبط‬
‫أعمالها وأنش��طتها على المس��توى الدول��ي العام‪ ،‬وإن كانت المصارف اإلس�لامية تحتاج‬
‫لمزيد من المؤسسات والجهود المساندة ألعمالها‪.‬‬
‫‪ -3‬يوجد مؤسسات مساندة لعمل المصارف اإلسالمية في الجوانب الشرعية والقانونية‬
‫والمحاسية والتحكيم‪.‬‬
‫‪ -4‬على المستور الفلسطيني تم تشكيل الهيئة العليا للرقابة الشرعية التابعة لسلطة النقد‬
‫الفلسطينية‪ ،‬وتحاول هذه الهيئة ضبط العمل المصرفي اإلسالمي على المستوى المحلي‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬التوصيات‪:‬‬
‫‪ -1‬تفعي��ل دور المؤسس��ات المس��اندة للمص��ارف اإلس�لامية واإلل��زام بمعاييرها‬
‫وتوصياتها في سبيل ضبط المصارف اإلسالمية على المستوى الدولي‪.‬‬
‫‪ -2‬إنشاء المزيد من المؤسسات المساندة للمصارف اإلسالمية على المستوى الدولي‬
‫للمساندة في الجوانب األخرى التي لم تشملها المؤسسات المساندة الموجودة حاليًا‪.‬‬
‫‪ -3‬ضبط العالقة بين الهيئة العليا للرقابة الشرعية التابعة لسلطة النقد الفلسطينية والهيئات‬
‫الشرعية الخاصة بكل مصرف إسالمي وتحديد مجاالت عمل واختصاص كل منها‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 558‬‬
‫املراجع‬
‫‪ .1‬حافظ‪ ،‬عمر زهير‪ ،‬البنوك اإلسالمية أمام التحديات المعاصرة‪ ،‬مجلة رابطة العالم اإلسالمي‪،‬‬
‫مكة المكرمة‪ ،‬السعودية‪ ،‬العدد ‪2004 ،463‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬عيسى‪ ،‬عبد الحنان‪ ،‬المؤسسات المساندة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬دراسة منشورة‬
‫عبر اإلنترنت‪.‬‬
‫‪ .3‬قنطقجي‪ ،‬سامر مظهر‪ ،‬مؤسسات البنية التحتية للصناعة المالية اإلسالمية‪2006 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .4‬مش��عل‪ ،‬عب��د الب��اري‪ ،‬التصنيف الش��رعي ونظام الجودة الش��رعية للمنتج��ات المالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬موقع رقابة لالستشارات الشرعية‪.‬‬
‫‪ .5‬هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية اإلس�لامية‪ ،‬المعايير الشرعية‪ ،‬المنامة‪،‬‬
‫البحرين‪2010 ،‬م‪.‬‬
‫املواقع اإللكرتونية والتقارير الدولية‪:‬‬
‫‪ .6‬تقري��ر واقع االقتصاد اإلس�لامي العالم��ي‪ ،‬إعداد وكالة ثومس��ون رويترز ‪Thomson‬‬
‫‪2019 ،Reuters‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬الموقع اإللكتروني للبنك اإلسالمي للتنمية‪www.isdb.org :‬‬
‫‪ .8‬الموقع اإللكتروني للمجلس للبنوك والمؤسسات المالية اإلسالمية‪www.cibafi.org :‬‬
‫‪ .9‬الموقع اإللكتروني لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪aaoifi.com :‬‬
‫‪ .10‬الموقع اإللكتروني لمجلس الخدمات المالية اإلسالمية‪www.ifsb.org :‬‬
‫‪ .11‬الموقع اإللكتروني للسوق المالي اإلسالمي الدولي‪www.iifm.net :‬‬
‫‪ .12‬الموقع اإللكتروني للمركز اإلسالمي الدولي للمصالحة والتحكيم‪:‬‬
‫‪www.iicra.com‬‬
‫‪ .13‬الموقع اإللكتروني لمركز إدارة السيولة المالية‪www.lmcbahrain.com :‬‬
‫‪ .14‬الموقع اإللكتروني لسلطة النقد الفلسطينية‪www.pma. ps :‬‬

‫( ‪) 559‬‬
‫‪‬‬
‫املصارف اإلسالمية‬
‫التحديات والعقبات وطموحات االرتقاء‬

‫ابلاحث‬
‫احملامي الدكتور حممد فخري صويلح‬
‫األستاذ املساعد يف اجلامعة اإلسالمية مبنيسوتا‬
‫خبري املصرفية اإلسالمية واألوقاف‬
‫مدير التدقيق الشرعي ً‬
‫سابقا ـ مصرف أبوظيب اإلسالمي‬
‫القدس الشريف‬
‫‪ 20‬ـ ‪ 21‬تشرين ثان ‪2021‬م‬
‫توطئة‬
‫نمت الصناعة المصرفية اإلسالمية خالل العقود الخمسة الماضية لتشكل حالة تنافس‬
‫عالمية من حيث حصتها الس��وقية المتنامية‪ ،‬ومن حيث االس��تقرار المالي والضمانات التي‬
‫تحظى بها‪ ،‬إضافة إلى المشروعية الدينية التي تتمتع بها‪.‬‬

‫وتحت��ل الجمهورية اإليرانية والمملكة العربية الس��عودية ودول��ة اإلمارات العربية‬


‫المتح��دة ومملك��ة ماليزيا ودولة قطر مراكز الريادة في هذا القط��اع المالي الهام‪ ،‬إال أن‬
‫الممارسات التطبيقية في الصناعة المصرفية اإلسالمية ما زالت تعاني من ضعف العنصر‬
‫البش��ري من حيث التأهي��ل واإلعداد‪ ،‬وضعف التش��ريعات القانونية وغي��اب المعايير‬
‫الش��رعية والمحاس��بية الملزمة والموحدة لنشاط كل مؤسس��ات المصرفية اإلسالمية‪،‬‬
‫وأخيرا‬
‫ً‬ ‫باإلضافة إلى اإلش��كاالت الناش��ئة عن الذهاب للقضاء بقصد ف��ض النزاعات‪،‬‬
‫ضعف التس��ويق لقن��وات المصرفية اإلس�لامية لتلبي��ة االحتياجات المالية لألس��واق‬
‫والقطاعات المستهدفة‪.‬‬

‫وله��ذا تجيء فكرة هذا الورقة لتوفير إطار مرجعي ريادي لقطاع المصرفية اإلس�لامية‬
‫لتكوين حواضن للمصرفية اإلسالمية في عالم سريع التطور في الصناعة المالية‪.‬‬

‫وتأتي هذه الورقة لإلجابة على جملة تس��اؤالت‪ ،‬وتسليط الضوء على بعض المحاور‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫أولاً ‪ :‬استعراض بعض المعطيات المتعلقة بالمصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬التحديات والعقبات التي تواجه المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬نطاقات العمل الواجبة لتحقيق طموحات االرتقاء في قطاع المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬التوصيات‪.‬‬

‫( ‪) 563‬‬
‫أولاً ‪ :‬استعراض بعض املعطيات املتعلقة باملصرفية اإلسالمية‪.‬‬
‫بدأت المصرفية اإلس�لامية من حيث الفكرة مطلع الس��تينيات من القرن الماضي في‬
‫جمهوري��ة مصر العربي��ة‪ ،‬إال أن أول التطبيقات العملية وجدت ف��ي دولة اإلمارات العربية‬
‫المتح��دة ع��ام ‪1975‬م من خ�لال تجربة بنك دبي اإلس�لامي‪ ،‬لحقتها دول��ة الكويت عام‬
‫‪1977‬م م��ن خالل تجرب��ة بيت التمويل الكويت��ي‪ ،‬وثالثًا جاءت التجرب��ة األردنية في عام‬
‫‪1979‬م من خالل تجربة البنك اإلسالمي األردني‪ ،‬والذي أصبح جزء من مجموعة البركة‬
‫في مملكة البحرين‪.‬‬

‫وقد توس��عت التجربة اليوم لتصل ألكثر من أربعمائة مؤسسة مصرفية إسالمية‪ ،‬إضافة‬
‫إلى أكثر من ثالثمائة نافذة إس�لامية تتبع مؤسس��ات مالية تقليدية والمئات من مؤسس��ات‬
‫التموي��ل اإلس�لامية وصناديق االس��تثمار والصك��وك اإلس�لامية المص��درة‪ ،‬وتلبي هذه‬
‫المؤسس��ات المصرفية اإلس�لامية وما يرافقها م��ن إصدارات صكوك وصناديق اس��تثمار‬
‫إسالمية ونوافذ إسالمية حاجات السوق في الدول العربية واإلسالمية والعالم أجمع‪ ،‬سواء‬
‫كانت حاجات لألفراد‪ ،‬أو الش��ركات المتوس��طة وصغيرة الحجم‪ ،‬أو الش��ركات الكبرى‪،‬‬
‫وكذلك حاجات الدول‪.‬‬

‫واس��تنادًا لتقرير واق��ع االقتصاد اإلس�لامي العالمي لس��نة ‪2021/2020‬م فقد بلغ‬
‫إجمالي س��وق التمويل اإلس�لامي ع��ام ‪2019‬م مبل��غ ‪ 2.88‬ترلي��ون دوالر‪ ،‬فيما يتوقع‬
‫للتمويل اإلسالمي عام ‪2024‬م أن يبلغ ‪ 3.69‬ترليون دوالر‪.‬‬

‫وأما إجمالي س��وق الصيرفة اإلس�لامية عام ‪2017‬م فقد بلغ ‪ 1.721‬ترليون دوالر‪،‬‬
‫فيما يتوقع أن يصل إجمالي س��وق الصيرفة اإلس�لامية المتوقع عام ‪2023‬م مبلغ ‪2.441‬‬
‫ترليون دوالر‪.‬‬

‫ويبين الجدول التالي حسب أرقام ‪2019‬م الدول العشرة الكبار في عالم التمويل‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وكما يلي‪:‬‬

‫( ‪) 564‬‬
‫حجم التمويل اإلسالمي‪/‬مليار دوالر‬ ‫الدولة‬ ‫الرقم‬
‫‪698‬‬ ‫إيران‬ ‫‪1‬‬
‫‪629‬‬ ‫السعودية‬ ‫‪2‬‬
‫‪571‬‬ ‫ماليزيا‬ ‫‪3‬‬
‫‪234‬‬ ‫اإلمارات‬ ‫‪4‬‬
‫‪144‬‬ ‫قطر‬ ‫‪5‬‬
‫‪132‬‬ ‫الكويت‬ ‫‪6‬‬
‫‪99‬‬ ‫أندونيسيا‬ ‫‪7‬‬
‫‪96‬‬ ‫البحرين‬ ‫‪8‬‬
‫‪63‬‬ ‫تركيا‬ ‫‪9‬‬
‫‪45‬‬ ‫بنجالدش‬ ‫‪10‬‬

‫ومما ال شك فيه‪ ،‬فإن المصرفية اإلسالمية وجدت رعاية وتشجيعًا في بعض البيئات‪،‬‬
‫فيما واجهت تحديات وجودية في بيئات أخرى‪.‬‬

‫وقد واجهات المصرفية اإلسالمية تحديات ومخاطر متعددة خالل السنوات الخمسين‬
‫الماضي��ة من عمرها‪ ،‬وهي تحديات ومخاطر واجبة النظر والتحليل والتبويب حتى يس��هل‬
‫إدراكها‪ ،‬ومعرفة مس��بباتها والس��عي نحو وض��ع حلول وبدائل إيجابي��ة للتعامل معها حتى‬
‫تصبح المصرفية اإلس�لامية متوافقة مع عالم اليوم‪ ،‬وما فيه من تقنيات وأدوات مالية‪ ،‬وكل‬
‫ذلك بما يتفق مع أحكام الشريعة اإلسالمية الغراء‪.‬‬

‫وهو ما سنتناوله في المحور التالي‪:‬‬


‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬التحديات والعقبات اليت تواجه املصرفية اإلسالمية‪.‬‬
‫صاحبت تجربة المصرفية اإلسالمية مجموعة من التحديات التي أدت إلى بطء عمليات‬
‫التوسع واالستقطاب لرؤوس األموال والتوسع في التمويالت الممنوحة والودائع المستقطبة‬
‫وبما يتناسب مع حجم المسلمين‪ ،‬وحجم الشريحة طالبة التعامل مع المصرفية اإلسالمية في‬
‫العالم أجمع‪.‬‬

‫( ‪) 565‬‬
‫وبسبب عدد من المسببات الموضحة أدناه‪ ،‬كان هذا الضعف والذي نرجو تجاوزه من‬
‫خالل ما يبذل من جهود لألفراد والمؤسسات لترتقي المصرفية اإلسالمية لمراتب التنافسية‬
‫الدولية‪.‬‬

‫وسيتم استعراض التحديات والعقبات كما يلي‪:‬‬

‫أولاً ‪ :‬اختالف التشريعات القانونية وأدوات العمل‪.‬‬

‫تعاني المصرفية اإلس�لامية في العديد من الدول التي تحتضنها من غياب التش��ريعات‬


‫القانونية التي تنظم أعمالها بكافة نطاقاتها‪.‬‬

‫ولعل منش��أ هذه المعاناة ال يقوم على غياب التشريعات التي تعطي الترخيص بالعمل‬
‫وفق أحكام الشريعة اإلسالمية فقط‪ ،‬أو ضعف نصوص ونطاقات العمل في هذه النصوص‪،‬‬
‫ب��ل يتع��دى التحدي ليص��ل إلى غياب التش��ريعات أو ضعفه��ا عندما يك��ون الحديث عن‬
‫التشريعات القانونية التي تنظم أعمال ونشاطات المصارف اإلسالمية سواء من حيث تنظيم‬
‫التأس��يس للمصارف اإلس�لامية‪ ،‬وإدارة الس��يولة لديها‪ ،‬والضمانات التي تقترن بنشاطاتها‬
‫االئتمانية‪ ،‬وتلك التي تنظم األدوات المالية الخاصة باس��تقطاب رؤوس األموال‪ ،‬أو بتنظيم‬
‫صيغ توظيفها‪ ،‬والرقابة على نش��اطات هذه المؤسس��ات المصرفية اإلس�لامية سواء كانت‬
‫رقابة داخلية أو خارجية أو شرعية من خالل نصوص قانونية تراعي خصوصية التجربة ودقة‬
‫الفروقات بين المصرفية اإلسالمية والمصرفية التقليدية‪.‬‬

‫وتتعاظم اإلش��كالية وحجم التحدي عندما تكون األنش��طة المصرفية متعددة الدول‪،‬‬
‫فتخضع من حيث تنظيمها إلى تش��ريعات متعددة ومتباينة في الشدة والبسط في تعاملها مع‬
‫المصرفية اإلسالمية ونشاطاتها التشغيلية‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬اختالف المذاهب الشرعية والمدارس المالية‪.‬‬

‫ولعل اختالف جغرافيا العمل المصرفي اإلس�لامي‪ ،‬يخضع المؤسس��ات المصرفية‬


‫( ‪) 566‬‬
‫اإلسالمية بحكم تواجدها إلى أحكام المذاهب الفقهية التي تحكم المجتمعات التي توجد‬
‫بها‪.‬‬

‫ومم��ا ال يخفى على الباحثين وجود فروقات واضحة جلي��ة بين المذاهب الفقهية في‬
‫عالم المالية اإلس�لامية‪ ،‬مما جعل بعض المنتجات المصرفي��ة واألدوات المالية مبا ًحا في‬
‫بيئة مصرفية إسالمية‪ ،‬وممنوعًا في بيئات أخرى‪.‬‬

‫ولع��ل أوض��ح األمثل��ة وأكثرها ش��يوعًا ما تعل��ق بتجويز الت��ورق في بع��ض البلدان‬
‫والمؤسسات المصرفية ومنعه في أخرى‪.‬‬

‫خصوصا‪ ،‬والعمل المالي اإلسالمي بعمومه‬


‫ً‬ ‫ومن نافلة القول إن المصرفية اإلس�لامية‬
‫يتجه ويرس��خ قواع��د األخذ باألصلح لمصال��ح الناس من المذاهب اإلس�لامية المعتبرة‪،‬‬
‫ولذل��ك وجدنا أن المجلس الش��رعي في هيئة المحاس��بة والمراجعة للمؤسس��ات المالية‬
‫اإلسالمية في مملكة البحرين قد اتجه في تكوينه إلى االنتفاع من المذاهب الثمانية المعتبرة‬
‫وهي‪ :‬المذهب الحنفي‪ ،‬والمذهب المالكي‪ ،‬والمذهب الشافعي‪ ،‬والمذهب الحنبلي‪ ،‬وهي‬
‫مذاه��ب أهل الس��نة والجماعة‪ ،‬ويضاف لها مذاهب الظاهري��ة واإلباضية والزيدية واإلثني‬
‫عش��رية‪ ،‬وذلك في تحقيق اختيارات فقهية تراعي مصالح العباد وتبعد عنهم المش��قة طالما‬
‫وجد الدليل المعتبر الذي تقوم عليه‪.‬‬

‫وكذل��ك الحال‪ ،‬فإن األمر واضح جل��ي في المدارس الفقهية‪ ،‬فنج��د منها المدارس‬
‫الفقهية المالية الحديثة‪ ،‬والتي تتنوع بين المدرس��ة الشامية والمصرية والخليجية والماليزية‬
‫والمغاربية‪.‬‬

‫ويضاف لما س��بق‪ ،‬تنوع المدارس المالي��ة والمصرفية والتي تحمل فروقات ال يمكن‬
‫إغفالها في آليات العمل وأدواته‪ ،‬مما ينتج عنه فروقات بين ما يقبل وما يمنع في بيئات‬
‫العمل المصرفية‪.‬‬

‫( ‪) 567‬‬
‫ثالثًا‪ :‬اختالف المستوى التقني للمؤسسات المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫ولع��ل التفاوت التقني بي��ن الدول‪ ،‬وبين المؤسس��ات المصرفية اإلس�لامية وكذلك‬
‫قدرته��ا عل��ى مواكبة الجدي��د وتحديث األنظمة وم��ا يلحقها قد خلق إش��كالية كبيرة لدى‬
‫القطاع المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫وخصوصا اإلمارات والس��عودية‪ ،‬نرى‬


‫ً‬ ‫فبينم��ا ن��رى تفوقًا نوعيًا ل��دى دول الخلي��ج‪،‬‬
‫مؤسسات مصرفية إسالمية ما زالت في دروب التواضع التقني وال تكاد تلحق التقانة المالية‬
‫العالمية‪.‬‬

‫وال يفوتن��ا‪ ،‬أن عالم المال اليوم يعيش فترة انتقالية بين المصرفية التقليدية والمصرفية‬
‫الرقمية‪ ،‬والتي تس��عى لالنتقال بالعمل المصرفي نحو المص��ارف الرقمية‪ ،‬والعقود الذكية‬
‫والعمليات المالية االفتراضية‪ ،‬وكل ذلك يجري بس��رعة ل��ن تنتظر المتمهلين‪ ،‬ولن تراعي‬
‫غير المبادرين‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬اعتماد سعر الفائدة لتسعير ربح التمويل اإلسالمي‪.‬‬

‫ولع��ل أم التحديات ما ارتبط بس��عر الفائ��دة‪ ،‬رأس الخبائث المالي��ة‪ ،‬ومعضلة العمل‬
‫المال��ي اإلس�لامي‪ ،‬والتي ل��م يقدر حتى الي��وم على التغل��ب عليها‪ ،‬وهي ارتباط تس��عير‬
‫العمليات المالية اإلس�لامية‪ ،‬سواء ما تعلق باستقطاب الودائع‪ ،‬أو منح التمويالت‪ ،‬أو إدارة‬
‫السيولة بسعر الفائدة الربوية‪.‬‬

‫ذلك أن التس��عير بالفائدة‪ ،‬وإن كان البعض يس��عى لوصفه أداة استئناسية‪ ،‬إال أن واقعه‬
‫يقول إن معامل االحتس��اب والتس��عير حتى اليوم ما يزال ألسباب نظامية (تعليمات البنوك‬
‫المركزية) وألس��باب فني��ة ومنها عدم القدرة على توفير البديل القادر على تجاوز التس��عير‬
‫بسعر الفائدة‪ ،‬وإن كان هناك محاوالت شجاعة لكنها لم تلق التأييد ولم تجد الرعاية الالزمة‬
‫للخروج من خانة الربا والتسعير به‪.‬‬
‫( ‪) 568‬‬
‫خامسا‪ :‬ضعف التدريب والتأهيل للكادر البشري‪.‬‬
‫ً‬

‫ويعد رأس المال البش��ري أحد أبرز التحديات في عالم المصرفية اإلسالمية‪ ،‬ويمكن‬
‫أن نعزو ذلك ألسباب متعددة نوجزها بما يلي‪:‬‬

‫‪ )1‬م��ا زالت الخطط الدراس��ية في كليات وأقس��ام المصارف اإلس�لامية واالقتصاد‬


‫اإلس�لامي تدور في إط��ار النظريات‪ ،‬وما زال الس��ادة األكاديميون بعي��دون عن الجوانب‬
‫التطبيقي��ة الفني��ة‪ ،‬والتي ال يكف��ي فيها قراءة كت��اب وال حضور مؤتم��ر أو برنامج تدريبي‪،‬‬
‫مم��ا يجعل المخرجات التعليمية في حقل المصرفية اإلس�لامية محدودة الكفاءة والقدرة‪،‬‬
‫ومؤسسة لفجوة معرفية عميقة بين المتاح وبين االحتياج الحقيقي‪.‬‬

‫‪ )2‬ما زالت القيادات المصرفية في أغلب المصارف اإلس�لامية قادمة من بيئات ربوية‬
‫تقليدي��ة‪ ،‬تبحث ع��ن فرصة وظيفية وحوافز مادية دون أن تكون عل��ى دراية والتزام حقيقي‬
‫بالعمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )3‬ما زالت الكوادر البش��رية في المصارف اإلس�لامية ينظر لها على أس��اس قدراتها‬
‫التس��ويقية وما يمكنه��ا تقديمه للمؤسس��ات المصرفية الت��ي تعمل بها‪ ،‬إضاف��ة إلى معيار‬
‫الواس��طة والمحسوبية والتي أثقلت المصارف اإلسالمية بموظفين ال يعرفون قواعد العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي وأدبياته وأدواته‪.‬‬

‫‪ )4‬غياب و‪/‬أو ضعف البعد الرس��الي في رس��الة المصارف اإلسالمية لدى العاملين‬
‫المصارف اإلسالمية والتي تهدف إلى تقديم اإلسالم في مشروعه االقتصادي‪ ،‬ويظهر ذلك‬
‫جليًا في نوعية الموظفين ومدى التزامهم الشرعي على المستويين الشخصي والوظيفي‪.‬‬

‫‪ )5‬ضع��ف التدريب الش��رعي والقانون��ي والفني واالحترافي ف��ي الصناعة المصرفية‬


‫اإلسالمية لدى العاملين في المصارف اإلسالمية‪ ،‬بل وغياب البرامج المتكاملة التي تخلق‬
‫مصرفيًّا إسالميًّا حقيقيًّا‪.‬‬
‫( ‪) 569‬‬
‫سادسا‪ :‬ضعف‪/‬غياب المعايير الضابطة للمصرفية اإلسالمية‪.‬‬
‫ً‬

‫وم��ا زالت المعايير الضابطة للمصرفية اإلس�لامية تدور بي��ن الغياب والضعف وعدم‬
‫الكفاية والتأخر عن التحديث‪ ،‬مما تسبب بقلة القدرة لدى المصارف اإلسالمية على تحقيق‬
‫الدافعية والقدرة على حمل مشروع المصرفية اإلسالمية وتحقيق الطموحات المرجوة منها‪.‬‬

‫ولعل تنميط معايير العمل س��واء كانت ش��رعية أو محاسبية أو معايير حوكمة وأخالق‬
‫للمهنة‪ ،‬وضبطها بحيث تكون كاملة وكافية ودقيقة وش��املة ومحدثة س��يجعلها مفيدة نافعة‬
‫ف��ي االرتق��اء في المصرفية اإلس�لامية‪ ،‬إضافة للحاج��ة لتوفير معايير وقوال��ب للمنتجات‬
‫واألدوات المالية اإلس�لامية مما سيس��هم بالضرورة في تعزيز العمل المصرفي اإلسالمي‬
‫والحد من مواطن الضعف واالختراق السلبي لها‪.‬‬

‫سابعًا‪ :‬غياب اإللزامية للمعايير الشرعية والمحاسبية بين المؤسسات المالية والدول‪.‬‬

‫وبالرغ��م من الجهد المبذول عل��ى صعيد بعض المنظمات الدولية المس��اندة للعمل‬
‫المصرفي اإلسالمي‪ ،‬وعلى رأسها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‬
‫في مملكة البحرين في إصدار معايير ش��رعية وأخرى محاس��بية زادت عن المائة معيار‪ ،‬إال‬
‫أنن��ا ما زلنا نواجه تباينًا في مواقف الدول م��ن خالل المصارف المركزية فيها في تلقي هذه‬
‫المعايي��ر والتعاون معها واإلف��ادة منها‪ ،‬فتجد بعض الدول يأخذها على س��بيل اإللزام مثل‬
‫مملكة البحرين‪ ،‬فيما تتجه دول أخرى إلى االكتفاء باالس��تئناس بهذه المعايير‪ ،‬فيما التفتت‬
‫دول أخرى عن األخذ بهذه المعايير وأصدرت معاييرها الخاصة‪ ،‬أو أنها لم ترغب بالقبول‬
‫بهذه المعايير العتبارات متعددة‪.‬‬

‫وما س��بق نجم عنه غي��اب الحال��ة المعيارية الضابط��ة لعمل المؤسس��ات المصرفية‬
‫اإلس�لامية من خالل تفاوت المرجعيات الش��رعية والمحاس��بية لعميات التشغيل والرقابة‬
‫على هذا التشغيل للعمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫( ‪) 570‬‬
‫ثامنًا‪ :‬عدم وجود نظام فض نزاعات دولي ومرجعي للمؤسسات المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫وأختم بالتحدي الثامن وهو بالتأكيد ليس التحدي والمعوق األخير في عالم المصرفية‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬لكن��ه بكل تأكي��د يأخذ مكانة ب��ارزة في س��احة التحديات الت��ي تواجه العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫ويتمث��ل ه��ذا التحدي بغي��اب نظام ف��ض نزاعات مرجع��ي دولي للعم��ل المصرفي‬
‫اإلس�لامي‪ ،‬وبالرغم من وجود المركز اإلس�لامي الدولي للصل��ح والتحكيم ومقره مدينة‬
‫دبي‪ ،‬وهو مؤسس��ة تحكي��م ومصالحة دولية تتب��ع منظمة التعاون اإلس�لامي وتعنى بفض‬
‫النزاعات الخاصة بالمالية اإلسالمية‪ ،‬إال أنه ما زال في مرحلة لم ينل بها الثقة الالزمة حتى‬
‫تلجأ له كل المؤسسات المصرفية اإلسالمية في العالم‪.‬‬

‫وتدور المؤسسات المصرفية اإلسالمية بين محورين أساسيين لفض النزاعات المالية‬
‫المتعلق��ة بها‪ ،‬المح��ور األول‪ :‬هو محور القض��اء الوطني‪ ،‬وعادة ما تلجأ ل��ه في النزاعات‬
‫وخصوصا ما تعلق بتمويالت األفراد وتمويل التجزئة‪.‬‬
‫ً‬ ‫بسيطة القيمة‬

‫ويقابل��ه ف��ي الجهة األخرى المحور الثان��ي وهو المحور الدول��ي‪ ،‬حيث تلجأ أغلب‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية إلى القضاء البريطاني أو مراكز التحكيم الدولية لفض النزاعات‬
‫المالي��ة الكبرى المتعلق��ة بها لثقتها بكفاءة القضاة أو المحكمين هناك‪ ،‬أو لقناعتها بس��رعة‬
‫ف��ض النزاع أو قلة التكالي��ف أو الحصول على الخصوصية التي تبحث عنها المؤسس��ات‬
‫المصرفية دومًا‪.‬‬

‫ما سبق يشكل جزء أساسيًا من التحديات والمعوقات التي تواجه المصرفية اإلسالمية‪،‬‬
‫وال تتوقف عندها‪ ،‬ولكن معالجتها باعتبارها مشكالت أساسية سيوفر قاعدة لالرتقاء وحل‬
‫العديد من مشكالت المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫( ‪) 571‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬نطاقات العمل الواجبة لتحقيق طموحات االرتقاء يف قطاع املصرفية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫ومما ال ش��ك في��ه‪ ،‬أن التط��ور عملية ال تعرف التوق��ف‪ ،‬وأن العم��ل المالي بعمومه‬
‫والمصرفي منه على الخصوص دائم البحث عن تقنيات مالية ومصرفية تعزز ربحيته‪ ،‬وتقلل‬
‫م��ن مخاطره‪ ،‬وتحاول تعزيز قدرته على إدارة الس��يولة والم��وارد المالية المتاحة بين يديه‪،‬‬
‫ولهذا فإنني أجد أن النطاقات التي سأشير لها في هذا الجزء من الورقة البحثية تشكل روافع‬
‫حقيقية لتحقيق الطموحات واالرتقاء بالعمل المالي والمصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫وسأكتفي بعرضها كعناوين مفتاحية‪ ،‬لعلها تجد باحثين جادين يسعون لتأطيرها ضمن‬
‫معالجات حقيقية ترتقي بالصناعة المصرفية اإلسالمية‪:‬‬

‫‪ )1‬تنميط أدوات التمويل اإلسالمي ومنتجاته‪.‬‬

‫‪ )2‬معيرة النطاق الشرعي المختص بالعمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )3‬معيرة النطاق المحاسبي المختص بالعمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )4‬معيرة النطاق المختص بأخالقيات العمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )5‬معيرة النطاق المختص بقواعد الحوكمة المختصة بالعمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )6‬معيرة الضوابط القانونية والعقود النموذجية للعمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )7‬تطوير أدوات وبدائل البناء المعرفي والمهاري في تدريب العنصر البشري في المصارف‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ )8‬معيرة نطاق وقواعد التصنيف االئتماني في العمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )9‬معيرة النطاق المختص بإدارة المخاطر في العمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬


‫( ‪) 572‬‬
‫‪ )10‬تطوير البحوث ذات الصلة التطبيقية في العمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )11‬تطوير صناعة الصكوك اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ )12‬مأسس��ة عمليات فض النزاعات من خالل الطرق البديلة (التحكيم والوس��اطة)‬


‫وإعطائها الثقة الالزمة ألداء دورها في تحقيق االستقرار وفض المنازعات المالية‪.‬‬

‫‪ )13‬تقديم نموذج إسالمي في تسعير العمليات المالية بديلاً لسعر الفائدة يكون قاد ًرا‬
‫على استيعاب نماذج العمليات اإلسالمية بين المداينات والمشاركات وغيرها‪.‬‬

‫‪ )14‬تقديم أطر قادرة على استيعاب ومواكبة القفزات العالمية في التكنولوجيا المالية‬
‫وتقديم نماذج خاصة للمصرفية اإلس�لامية بعيدة عن التقليد والمحاكاة الصماء البعيدة عن‬
‫البعد الرسالي والمعاصرة المطلوبة‪.‬‬

‫‪ )15‬تطوير خطط الدراس��ة في كليات وأقس��ام المصارف اإلس�لامية باعتبارها الرافد‬


‫الحقيقي للكادر البشري المتخصص‪.‬‬

‫‪ )16‬تأطير مؤسس��ة إعالم مالي دولي قادرة على تعريف الشركاء وأصحاب المصالح‬
‫المش��تركة مع المصرفية اإلسالمية بها‪ ،‬بأدواتها وهمومها ومتمكنة من دفع الشبهات عنها‪،‬‬
‫وبما يسهم في زيادة حصتها السوقية والترويج األمين لها‪.‬‬

‫‪ )17‬توفير برمجيات أساس��ية وفرعية لكل نش��اطات المصرفية اإلس�لامية من خالل‬


‫فرق عمل ترتكز بفهمها ورس��التها للمصرفية اإلس�لامية‪ ،‬بديلة ع��ن الحالة التجارية والتي‬
‫تخلط بين المصرفية اإلسالمية والتقليدية‪.‬‬

‫ولعل في تحقيق ما سبق اإلشارة له نفع كبير على سائر قطاع المصرفية اإلسالمية‬
‫وعموم االقتصادات الوطنية‪ ،‬وبما يعزز المصرفية اإلس�لامية كونها تلبي طموحاتها‬
‫في نطاقات جديدة‪ ،‬أو تعزز القائم منها‪ ،‬وبما يحقق التطلعات االس��تراتيجية التالية‪،‬‬
‫وكما يلي‪:‬‬
‫( ‪) 573‬‬
‫‪ )1‬رفع الحصة السوقية وتعزيز موقعها عالميًا وخلق أسواق جديدة لها‪.‬‬

‫‪ )2‬تشغيل الكوادر البشرية الوطنية في نطاقات الشراكة مع قطاع المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ )3‬تحقيق التطور التقني المرتبط بالقطاع المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )4‬توسيع قاعدة المشاريع الممولة وفق صيغ التمويل اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ )5‬زيادة االستقطاب للودائع المهاجرة للمؤسسات المالية التقليدية واستعادتها للمحافظ‬


‫المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ )6‬تحقيق ربط مع قطاعات الطعام الحالل والسياحة الحالل والدواء الحالل واألزياء‬
‫ومستحضرات التجميل الحالل‪.‬‬

‫‪ )7‬تحقيق الدور االجتماعي للمصرفية اإلسالمية في محاربة الفقر والبطالة‪.‬‬

‫‪ )8‬خلق ش��راكات اس��تراتيجية بين ال��دول ذات األوزان النوعية ف��ي قطاع المصرفية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫ً‬
‫رابعا‪ :‬التوصيات‪.‬‬

‫يحظى االقتصاد المرتبط بالمصرفية اإلس�لامية بأهمية بالغ��ة‪ ،‬وبما يفرض على هذا‬
‫القطاع والصناعة المالية المرتبطة بها تجاوز التحديات السابق اإلشارة لها من خالل األخذ‬
‫بجملة من التوصيات‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ )1‬ض��رورة إنش��اء كلية للمال اإلس�لامي وفق معايي��ر دولية تجمع المعرف��ة النظرية‬
‫والمهارات التطبيقية‪.‬‬

‫‪ )2‬تعزيز البحوث التطبيقية والتي تكفل االرتقاء بالمصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ )3‬االهتمام بالتكنولوجيا المالية واإلسراع في إطالق بنوك إسالميه رقمية‪.‬‬


‫( ‪) 574‬‬
‫‪ )4‬معيرة الجوانب الشرعية والمحاس��بية والحوكمة واالئتمانية وإدارة المخاطر وبما‬
‫ينسجم مع خصوصية المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ )5‬تعزي��ز اإلعالم المالي اإلس�لامي للتعريف بالمصرفية اإلس�لامية وتوس��يع دائرة‬


‫الثقافة المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ )6‬تطوير الضوابط القانونية للعمل المصرفي اإلسالمي وتمكين أطر فض المنازعات‬


‫المالية اإلسالمية من أخذ دورها الحقيقي في حماية قطاع المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫واهلل تعاىل ولي التوفيق‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 575‬‬
‫‪‬‬
‫عنوان ابلحث‬
‫البلوكشني‬
‫يف إدارة خماطر البنوك اإلسالمية‬

‫ابلاحثتان‪:‬‬
‫وجدان عبد اهلل السودي‬
‫أماني خليل محدان‬
‫مؤمتر‪« :‬املؤمتر االكادميي السادس» ‪ 20‬ـ ‪2021/11/22‬م‬
‫بعنوان «املصارف اإلسالمية بني الواقع واملأمول»‬
‫امللخص‬
‫س��توضح هذه الدراس��ة إمكانية استفادة نظام التمويل اإلس�لامي من تقنية البلوكشين‬
‫حيث أن خصائصها تتوافق مع مبادئ الش��ريعة اإلسالمية‪ ،‬فهي تخلق إمكانية توثيق العقود‬
‫بش��فافية‪ ،‬كم��ا أنها تس��مح ببناء نماذج المركزية يت��م من خاللها فتح آف��اق جديدة إلجراء‬
‫المعامالت وعقد االتفاقيات‪ ،‬كما س��توضح هذه الدراسة إحدى التقنيات الذي يعتبر بديلاً‬
‫عن النموذج التقليدي وهو العقد الذكي‪ ،‬فعندما تتخذ العقود اإلس�لامية شكل عقود رقمية‬
‫أو ذكية ذاتية التنفيذ «إلكترونية» لن يتم تنفيذ الش��روط التعاقدية إال إذا تم اس��تيفاء الشروط‬
‫التي تم تكوينها مس��ب ًقا‪ ،‬وتهدف هذه الدراس��ة لتحليل دور البلوكشين والعقود الذكية كأداة‬
‫إلدارة المخاطر والتقليل من تكاليف المصارف اإلسالمية إلى حد ما‪.‬‬

‫وخلصت الدراس��ة إلى أن البلوكشين والعقود الذكية س��وف تساعد في تقليل خسائر‬
‫االئتم��ان‪ ،‬من خالل تقديم تصنيفات ائتمانية ش��فافة ودقيقة لتخصيص رأس المال‪ ،‬مما قد‬
‫ي��ؤدي إلى تقليل رأس الم��ال المطلوب لالئتمان‪ ،‬وكذلك إدارة أفضل وأرخص وتس��هيل‬
‫الضمانات‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 579‬‬
‫املقدمة‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫وبعد؛‬
‫تعتبر تقنية سلس��لة الكتل «البلوكتش��ين» هي إحدى التقنيات الالمركزية التي يتم فيها‬
‫تسجيل المعامالت بين طرفين دون الحاجة إلى طرف ثالث أو ما يعرف بالوسيط‪ ،‬كما أنها‬
‫تحافظ على البيانات المخزنة فيها من التالعب وتسمح بتبادل آمن‪ ،‬وقد اتجهت بعض البنوك‬
‫والمؤسسات المالية الستخدام البلوكشين في معامالتها كأداة تساعد في تخفيض التكاليف‬
‫وتقليل الوقت والجهد المبذول‪ ،‬ويراود الجميع تس��اؤل أين مصارفنا اإلس�لامية من تقنية‬
‫«بلوكشين» والتعامل مع هذه الظاهرة االقتصادية التي مما ال شك فيه أنها ستغير الكثير من‬
‫مالمح حياتنا االقتصادية وكذلك االجتماعية‪ ،‬فمصارفنا اإلسالمية ال يمكنها أن تقف وقفة‬
‫المتف��رج بل ال بد لها أن تتقدم مع كل ابتكار وتقدم علمي وتكنولوجي يضيف لها مس��احة‬
‫جديدة في األسواق المالية العالمية‪ ،‬فنظام االئتمان القائم على تكنولوجيا بلوكشين يساعد‬
‫البنوك اإلس�لامية والمؤسس��ات المالية األخرى على إجراء تقييمات االئتمان بطريقة أكثر‬
‫أمانًا‪ ،‬وهذا يوجب على الفقهاء والمش��رعين في الصناعة المصرفية اإلس�لامية من الوقوف‬
‫عند هذه الظاهرة لبيان الغموض فيها وما هو مس��تقبلها ثم إجراء البحوث والدراسات التي‬
‫تنير لنا الطريق دائما نحو التطور واإلبداع‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫نسعى في هذا البحث لإلجابة عن األسئلة التالية‪:‬‬

‫ـ ما هو االئتمان المصرفي وما مخاطر االئتمان؟‬

‫ـ ما هي البلوكشين وما خصائصها وآلية عملها؟‬

‫ـ ما دور البلوكشين كأداة إلدارة مخاطر البنوك اإلسالمية؟‬


‫( ‪) 580‬‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫يهدف هذا البحث إلى ما يلي‪:‬‬

‫ـ الوقوف على ماهية البوكشين وآلية عملها وخصائصها‪.‬‬

‫ـ بيان العقود الذكية وآلية عملها وخصائصها‪.‬‬

‫ـ أهمية استخدام تقنية البلوكشين في البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫تنبع أهمية البحث مما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تعطي الدراس��ة صورة واضحة ع��ن أهمية الدور الذي تلعبه البلوكش��ين في خدمة‬
‫البنوك وكيفية االستفادة منها في تسهيل المعامالت وتقليل الجهد والوقت في إنجاز العقود‪.‬‬

‫‪ -‬وجوب مواكبة التكنولوجيا المرتبطة بالبنوك اإلس�لامية رغبة في خدمات أفضل‬


‫وتحقيق رضا أكبر للعمالء‪.‬‬

‫املنهج الوصفي التحليلي‪:‬‬


‫الذي يعتمد على الوصف والمالحظة‪ ،‬ثم تش��خيص الوصف لتس��هيل عملية التحليل‬
‫والوصول إلى النتائج المرجوة‪ ،‬وذلك عند عرض دور تقنية البلوكشين في تنفيذ المعامالت‬
‫والعقود المصرفية وتأثيرات هذه التقنية على البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬االئتمان المصرفي (تعريفه‪ ،‬معاييره منحه‪ ،‬مخاطره‪ ،‬نظام التصنيف‬
‫الداخلي)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف االئتمان‪ ،‬معايير منح االئتمان‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مخاطر االئتمان‪ ،‬أنظمة التصنيف االئتمانية‪.‬‬

‫( ‪) 581‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تقنية البلوكشين في البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف البلوكشين‪ ،‬العقود الذكية ‪ ،‬خصائصها‪ ،‬آلية عملها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬استخدام البلوكشين في إدارة مخاطر البنوك اإلسالمية‪.‬‬

‫الخاتمة‪ :‬النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 582‬‬
‫املبحث األول‬
‫االئتمان املصريف‬
‫(تعريفه‪ ،‬معايريه منحه‪ ،‬خماطره‪ ،‬نظام التصنيف الداخلي)‬

‫املطلب األول‬
‫تعريف االئتمان ومعايري منح االئتمان‬
‫أولاً ‪ :‬االئتمان‪:‬‬
‫‪ -‬تعريف االئتمان‪:‬‬
‫‪ -‬االئتم��ان‪ :‬ه��و الثقة التي يوليها البن��ك لعميله بمنحه قروض يضع��ه تحت تصرفه‪،‬‬
‫الس��تخدامه في أغراض معين��ة‪ ،‬ويكفله فيه لفترة محدودة‪ ،‬وبش��روط يتف��ق عليها بينهما‪،‬‬
‫وذلك لقاء عائد معين يحصل عليه البنك(((‪.‬‬
‫‪ -‬االئتمان‪ :‬عملية مبادلة قيمة حاضرة في مقابل وعد بقيمة آجله مستقبلية لها‪ ،‬وتتضمن‬
‫هذه العملية طرفين‪ ،‬طرف يمنح القرض (الدائن) والطرف األخر المقترض (المدين) الذي‬
‫يتعهد برد ما يعادل قيمة القرض باإلضافة إلى الفائدة(((‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬معايري منح االئتمان‪:‬‬
‫تم وضع مجموعة من المعايير للحكم على المقترض إذا كان يشكل خطرا كبيرا على‬
‫قرض أم ال‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬الشخصية‪ :‬حيث تمثل شخصية العميل المعيار األساسي األول في القرار االئتماني‪،‬‬
‫تأثيرا‪ ،‬في المخاطر التي تتعرض لها البنوك التجارية‪ ،‬فكلما كان العميل‬
‫وهي الركيزة األكثر ً‬

‫((( قورة‪ ،‬احمد حسن‪ ،‬االئتمان المصرفي والقروض المصرفية األزمة والحل‪ ،‬سلسلة منتدى االقتصاد‪،‬‬
‫القاهرة‪2002 ،‬م‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫((( شامية‪ ،‬احمد زهير‪ ،‬النقود المصارف‪ ،‬مؤسسة زهران للطباعة‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1993 ،1‬م‪ ،‬ص‪.236‬‬

‫( ‪) 583‬‬
‫يتمتع بش��خصية نزيهة وسمعة جيدة في األوس��اط المالية‪ ،‬وملتزما بكافة تعهداته كان أقدر‬
‫على إقناع البنك بمنحه االئتمان المطلوب(((‪.‬‬

‫‪ -2‬القدرة‪ :‬قدرة العميل على الوفاء بالتزاماته الناشئة عن التسهيل االئتماني‪ ،‬ولقياس‬
‫هذا المعيار يجب على البنك إجراء دراسة دقيقة يتم من خاللها التعرف على تفاصيل المركز‬
‫المالي للعميل‪ ،‬والضمانات المقدمة من العميل‪ ،‬ومدى التزامه بس��داد القروض وأسلوب‬
‫الس��داد (دفعة واحدة أم على دفعات دورية) وتعامالته المصرفية الس��ابقة س��واء مع نفس‬
‫البن��ك أو أية بنوك أخرى‪ ،‬ومن خالل هذه الدراس��ة يقوم متخذ القرار االئتماني باس��تقراء‬
‫العديد من المؤشرات التي تعكسها القوائم المالية الخاصة بالمقترض(((‪.‬‬

‫‪ -3‬الضمان‪ :‬يقصد بالضمان مجموعة الرهونات التي يضعها المقترض تحت تصرف‬
‫البنك مقابل الحصول على القرض‪ ،‬والضمانات نوع من الحماية أو التامين للبنك من مخاطر‬
‫التوقف عن الس��داد‪ ،‬يطلبها البنك من المقترض لتعزيز الثقة ولضمان استرجاع حقه (قيمة‬
‫االئتمان) في حالة توقف العميل عند السداد(((‪.‬‬

‫‪ -4‬الظروف المحيطة‪ :‬يقصد بالظروف المحيطة تأثير الحالة االقتصادية المحيطة بالعميل‬
‫على النش��اط أو المش��روع المطلوب تمويله‪ ،‬هذا باإلضافة إلى بعض الظروف الخاصة التي‬
‫ترتبط مباشرة بالنشاط الذي يمارسه العميل(((‪.‬‬

‫((( السيسي‪ ،‬صالح الدين‪ ،‬المصارف التجارية الواقع والطموح‪ ،،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬‬
‫‪2008‬م‪ ،‬ص‪.196-195‬‬
‫((( هن��دي‪ ،‬منير إبراهيم‪ ،‬إدارة البنوك التجارية‪ ،‬المكتب العربي الحديث‪ ،‬اإلس��كندرية‪ ،‬ط‪2000 ،3‬م‪،‬‬
‫ص‪.221‬‬
‫انظر‪ :‬السيسي‪ ،‬صالح الدين‪ ،‬المصارف التجارية الواقع والطموح‪ ،‬مر جع سابق‪ ،‬ص‪.199‬‬
‫((( عشيش‪ ،‬حس��ن‪ ،‬التحليل االئتماني ودوره في ترشيد عمليات اإلقراض والتوسع النقدي في البنوك‪،‬‬
‫مكتبة المجتمع العربي‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪2010 ،1‬م‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫انظر‪ :‬أبو زيد‪ ،‬بكر‪ ،‬بطاقة االئتمان‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1996 ،1‬م‪ ،‬ص‪ 27‬وما بعدها‪.‬‬
‫((( هندي‪ ،‬منير إبراهيم‪ ،‬إدارة البنوك التجارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫( ‪) 584‬‬
‫‪ -5‬رأس المال‪ :‬يعتبر رأس مال العميل هو المالذ األخير الذي يعتمد عليه المقرض‬
‫في اس��ترداد القرض وهامش األمان بالنس��بة للبنك‪ ،‬فهو بمثابة الضمان اإلضافي في حال‬
‫فشل العميل في التسديد(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫((( مطر‪ ،‬محمد‪ ،‬االتجاهات الحديثة في التحليل المالي واالئتماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.381‬‬

‫( ‪) 585‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫خماطر االئتمان ونظام التصنيف االئتماني الداخلي‬
‫أولاً ‪ :‬خماطر االئتمان‬
‫مخاطر االئتمان هي الخس��ائر االقتصادية التي تنشأ بسبب قيام البنوك بتقديم القروض‬
‫لألفراد والقطاعات االقتصادية المختلفة مع احتمال فش��ل المقترض في الوفاء بااللتزامات‬
‫ب��رد القرض في تاريخ االس��تحقاق المحدد‪ ،‬أو التخلف عن الس��داد خ�لال مدة المعاملة‬
‫بسبب عجزه المالي او عدم رغبته في السداد في ذلك لسبب أو آلخر (كالمماطلة)‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالمخاط��ر االئتمانية تتمثل في الخس��ائر الت��ي يمكن أن تتحملها البنوك بس��بب عدم قدرة‬
‫الط��رف اآلخر أو عدم وجود النية للس��داد(((‪ ،‬أما مخاطر االئتمان في التمويل اإلس�لامي‬
‫تنشأ فيما يتعلق بالذمم المدينة في عقود المرابحة‪ ،‬ومخاطر الطرف المقابل في عقود السلم‬
‫ومخاطر الطرف المقابل في عقود االس��تصناع وذم��م مدفوعات اإليجار في عقود اإلجارة‬
‫والصكوك المحتفظ بها في دفتر البنوك(((‪.‬‬

‫يمكن أن تأخذ المخاطر شكلين في البنوك اإلسالمية(((‪:‬‬

‫‪(1) Isse, Abdirahman and Dhaliwal, Navkiranjit, The Impact of Credit Risk‬‬
‫‪Management on Financial, Journal of Emerging Technologies and Innovative‬‬
‫‪Research, Volume 5, Issue 11, 2018, p248‬‬
‫للمزيد انظر‪:‬‬
‫‪ -‬قندوز‪ ،‬عبدالكريم‪ ،‬المخاطر المصرفية وأساليب قياسها‪ ،‬دراسات معهد التدريب وبناء القدرات‪ ،‬صندوق‬
‫النقد العربي‪ ،‬عدد ‪ ،2020 ،5‬ص‪.20‬‬
‫‪(2) Ilinka Antova and Tahar Tayachi, Blockchain and Smart Contracts: A Risk‬‬
‫‪Management Tool for Islamic Finance, Journal of Islamic Financial Studies,‬‬
‫‪J. Islam. Fin. Stud. 5, No. 1 (June 2019), p33.‬‬
‫‪(3) Ilinka Antova and Tahar Tayachi, Blockchain and Smart Contracts: A Risk‬‬

‫( ‪) 586‬‬
‫‪ -1‬المخاطر المتعلقة بعدم االمتثال المحتمل لقواعد ومبادئ الش��ريعة اإلسالمية في‬
‫عمليات مؤسسات الخدمات المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -2‬المخاطر المرتبطة بالمس��ؤوليات االئتمانية للبنوك اإلس�لامية بصفتها المضارب‬


‫تج��اه مقدمي األموال في إطار عقد المضاربة‪ ،‬في حالة س��وء الس��لوك أو اإلهمال من قبل‬
‫مضارب األموال التي يقدمها المستثمرين تصبح مسؤولية المضارب‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬نظام التصنيف االئتمان الداخلي‪:‬‬
‫خصيصا للبنك ويعكس منهجية وممارس��ات‬
‫ً‬ ‫النظ��ام الداخلي (‪ )IRB‬نظام مصم��م‬
‫إدارة البن��ك في مواجهة أنواع المخاطر االئتمانية المختلفة التي يتعرض لها البنك‪ ،‬ويمكن‬
‫للبنوك التي تحصل على موافقة الس��لطة الرقابية لتطبيق أس��لوب التصنيف الداخلي والتي‬
‫تس��توفي الحد األدنى من الش��روط والمتطلبات أن تصبح مؤهلة لالعتم��اد على تقديراتها‬
‫الذاتية في قياس مكونات المخاطر االئتمانية(((‪.‬‬

‫والحتس��اب متطلب��ات رأس المال الالزم��ة لمواجهة تلك المخاط��ر الخاصة بأنظمة‬
‫التصنيف الداخلية الخاصة (‪:((()IRB‬‬

‫‪ -1‬المنه��ج الموح��د الذي يعتمد على التقييم الخارجي لالئتم��ان وهو يمثل الطريقة‬
‫المعيارية أو القياسية‪.‬‬

‫‪ -2‬منهج التصنيف الداخلي (‪ )IRB‬طريقة التقويم بصيغتها التأسيس��ية (األساس��ية)‪،‬‬

‫‪Management Tool for Islamic Finance, Journal of Islamic Financial Studies,‬‬


‫‪Previous reference ,p34‬‬
‫((( س��الم‪ ،‬ش��يماء مهدي إبراهيم‪ ،‬أس��اليب قياس لجنة بازل ‪ II‬لمخاطر االئتمان وعالقتها بأداء البنوك‬
‫التجارية المصرية‪ ،‬مجلة البحوث المالية والتجارية‪ ،‬جامعة بورسعيد ـ كلية التجارة‪ ،‬مصر‪ ،‬مجلد ‪،4‬‬
‫‪ ،2019‬ص‪.164‬‬
‫((( محمود‪ ،‬أحمد خالد‪ ،‬الخدمات المصرفية في البنوك اإلس�لامية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلس��كندرية‪،‬‬
‫ط‪ ،2019 ،1‬ص‪.448‬‬

‫( ‪) 587‬‬
‫حيث تقوم البنوك باالعتماد على تقديراتها الذاتية لقياس احتماالت التعثر بينما تعتمد على‬
‫تقديرات السلطة الرقابية الخاصة بمكونات المخاطر األخرى مثل قيمة المديونية عند التعثر‬
‫(‪ ،)EAD‬الخسارة عند التعثر (‪ )LGD‬وأجل االستحقاق (‪.)M‬‬

‫‪ -3‬منهج (‪ )IRB‬المتقدم أو القائم على النماذج‪ ،‬أي طريقة التقويم الداخلي بصيغتها‬
‫المتقدم��ة‪ ،‬حي��ث تقوم البنوك في هذه الحالة باس��تخدام تقديراته��ا الذاتية في قياس جميع‬
‫مكونات المخاطر احتماالت التعثر ‪ PD‬والخس��ارة عند التعثر ‪ LGD‬وقيمة المديونية عند‬
‫التعثر ‪ EAD‬وأجل االستحقاق ‪ M‬وذلك وفقا لمعايير محددة‪.‬‬

‫ويعتمد أسلوب التصنيف الداخلي على قياس الخسائر غير المتوقعة (‪ )UL‬والخسائر‬
‫المتوقعة (‪ ،)EL‬وتس��تخدم األوزان الترجيحية الحتس��اب متطلب��ات رأس المال الالزمة‬
‫للجزء غير المتوقع من الخسائر‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 588‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫تقنية البلوكشني يف البنوك اإلسالمية‬

‫املطلب األول‬
‫تعريف البلوكشني‪ ،‬العقود الذكية‪ ،‬خصائصها‪ ،‬آلية عملها‬

‫أولاً ‪ :‬تعريف البلوكشني‪:‬‬


‫عرف البلوكش��ين بأنه «أكبر س��جل رقمي موزع ومفتوح يسمح بنقل اصل الملكية من‬
‫طرف إلى آخر في الوقت نفسه‪ ،‬دون الحاجة إلى وسيط‪ ،‬مع تحقيق درجة عالية من األمان‬
‫لعملية التحويل في مواجهة محاوالت الغش أو التالعب‪ ،‬ويش��ترك في هذا السجل األفراد‬
‫حول العالم»(((‪.‬‬

‫وفي تعريف آخر «قاعدة بيانات تستخدم آلية التشفير (‪ )Cryptography‬لبناء سجل‬
‫دفتري إلكتروني المركزي ـ موزع انتش��اريا ـ مترابط من البيانات بشكل تراتبي تاريخي غير‬
‫قابل للتعديل أو التالعب‪ ،‬ويمتاز بالش��فافية والسرعة والس��هولة في إجراء العمليات‪ ،‬كما‬
‫يوفر إمكانية مشاركة األطراف المعنية به في بناءه والتأكد من صحته والحفاظ عليه بحسب‬
‫األنظمة والتعليمات ذاتية التشغيل المقننة لالستخدام»(((‪.‬‬

‫‪ -‬تعريف العقود الذكية‪:‬‬

‫‪ -‬العقود الذكية هي عبارة عن «أكواد مش��فرة موجودة على سلس��لة الكتل الرقمية‪،‬‬
‫وبالتالي يكون لها عنوان محدد على السلسة ويتم تنفيذه طب ًقا لشروط محددة‪ ،‬فهي بذلك‬

‫((( خليفة‪ ،‬إيهاب‪ ،‬الثورة التكنولوجية القادمة في عالم المال واإلدارة‪ ،‬العدد ‪2018 ،3‬م‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫((( أحم��د‪ ،‬منير‪ ،‬تقنية سلس��لة الثقة (الكتل) وتأثيراتها على قطاع التمويل اإلس�لامي‪ ،‬قس��م الش��ريعة‬
‫واإلدارة ‪،‬جامعة مااليا البحثية‪2018 ،‬م‪ ،‬ص‪.55‬‬

‫( ‪) 589‬‬
‫تمكن أطراف العقد من تنفيذه بصورة آلية»(((‪.‬‬

‫‪ -‬العق��ود الذكي��ة «هي عقود رقمي��ة قابلة للبرمجة ملزمة قانونيًا وإذا رغب ش��خصان‬
‫في تبادل مبلغ من المال مثال في وقت محدد‪ ،‬يجب اس��تيفاء مجموعة من االش��تراطات‬
‫المسبقة‪ ،‬وعند استيفائها يتم برمجة الشروط‪ ،‬وعملية الدفع‪ ،‬وااللتزامات في العقد الذكي‪،‬‬
‫وعند التزام الطرف المتلقي للمال للشرط المحدد في العقد يتم اإلفراج عن األموال»(((‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص البلوكشني والعقود الذكية(((‬
‫ً‬
‫تمي��زت البلوكش��ين والعقود الذكي��ة بوجود عدد م��ن الخصائص جعلته��ا تقنية آمنة‬
‫للتعامل بها من قبل الحكومة والشركات واألفراد وكان من أبرزها‪:‬‬

‫‪ -1‬ال مركزي��ة توزيعي��ة‪ :‬حي��ث أن هذه العملية تت��م دون وجود وس��يط طرف ثالث‬
‫يتالعب بالسجالت والمعلومات الخاصة بالعملية‪ ،‬وبما أن الالمركزية حقيقة واقعية تتمثل‬
‫في وجود شبكة عالمية من أجهزة الكمبيوتر تستخدم تقنية البلوكشين إلدارة قاعدة البيانات‬
‫المش��تركة والتي تسجل العمليات التي تحدث من خالل تقنية البلوكشين‪ ،‬وهنا يتم التحقق‬
‫م��ن البيان��ات أو التعام�لات وف ًقا لنظام اإلجماع في البلوكش��ين قبل أن يت��م توزيعها على‬
‫جميع العقد‪ ،‬بحيث تحتفظ كل نقطة من السلس��لة التي تتضمن الكتل التي يتم التحقق منها‬
‫وإضافتها‪ ،‬وبذلك ال يعود حاجة لطرف الثالث إلتمام العملية فنظام اإلجماع في البلوكشين‬
‫يحافظ على تنسيق البيانات في الشبكة الموزعة‪.‬‬

‫‪ -2‬ع��دم قابليته��ا للتغير والتعديل‪ :‬فالبيانات والتعدي�لات التي يتم حفظها من خالل‬

‫((( نخال‪ ،‬أيمن‪ ،‬أثر اس��تخدام تكنولوجيا سلس��لة الكتل الرقمية (البلوك ش��ين) على مس��ئولية مراجع‬
‫الحسابات‪ ،‬كلية التجارة ‪،‬جامعة كفر الشيخ‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫((( ش��هاب‪ ،‬أشرف‪ ،‬البلوك شين تقنية ناشئة تعبد تشكيل عام شبكات االتصاالت‪ ،‬مجلة األهرام‪ ،‬العدد‬
‫‪2019 ،219‬م‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫((( بني عامر ‪،‬زاهرة‪ ،‬تحسين‪ ،‬االء‪ ،‬استكشاف تقنية البلوكشين وتطبيقاتها في المالية اإلسالمية‪2019 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪ 6‬وما بعدها‪.‬‬

‫( ‪) 590‬‬
‫تقنية البلوكش��ين ال يمكن بل من المس��تحيل حذفها أو التراجع عنه��ا أو تغيرها أو تعديلها‬
‫ويرجع ذلك إلى نظام التشفير الذي تقوم عليه التقنية‪.‬‬

‫‪ -3‬الكف��اءة والس��رعة‪ :‬مقارنة بالمعام�لات التقليدية مث��ل البطاق��ات االئتمانية عن‬


‫اإلنترنت الذي يس��تغرق م��دة يومين أو أكثر إلج��راء المعاملة في حي��ن أن العمليات التي‬
‫تجري من خالل تقنية البلوكشين تمتاز بالسرعة والكفاءة مما يوفر الوقت والجهد‪.‬‬

‫‪ -4‬الش��فافية‪ :‬تمك��ن ه��ذه التقنية من االطالع عل��ى كل تفاصيل العملي��ات المنجزة‬


‫ومراحلها بصيغة آنية ‪،‬ماعدا الهوية الكاملة للمستخدمين(((‪.‬‬

‫خصائص العقد الذكي(((‪:‬‬

‫‪ -‬التنفي��ذ التلقائي‪ :‬تنفذ العق��د الذكي من خالل أجهزة الكمبيوت��ر تلقائيًا من خالل‬
‫الخوارزميات دون تدخل بشري سواء كان من جانب األطراف المتعاقدة أو المحكمين فال‬
‫يمكنهم التدخل في تغير شروط العقد أو الكود أو تشغيل العقد الذكي وهذا التنفيذ التلقائي‬
‫يمن��ع التالع��ب في العقد مما يؤدي إل��ى الحد من المنازعات واالس��تغناء عن اللجوء إلى‬
‫المساعدات القضائية لتنفيذ العقد‪.‬‬

‫‪ -‬تنفي��ذ من خالل برامج الكمبيوت��ر‪ :‬تكون العقود الذكية في ش��كل برنامج يعبر عن‬
‫قصد المتعاقدين‪ ،‬لذلك فهي تتمتع بطبيعة خاصة في القانون فهي بمثابة مستند ينظم العالقة‬
‫بين األطراف المتعاقدين‪.‬‬

‫‪ -‬الطبيعة الش��رطية‪ :‬تتم كتابة العديد من شروط العقود بلغة البرمجة‪ ،‬وهذا يرجع إلى‬
‫أساسا في البيانات الشرطية التي تعتبر محوسبة وهذه القاعدة‬
‫ً‬ ‫أن أداء وتنفيذ العقد يتلخص‬
‫تعد األساس وراء عملية التنفيذ‪ ،‬وهذا يعني أن العقد يصبح سار من لحظة إبرامه‪.‬‬

‫((( أمانة مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية‪ ،‬صندوق النقد العربي ‪،‬اإلمارات‪،‬‬
‫أبو ظبي‪ ،‬رقم ‪2019 ،127‬م‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫((( محم��د‪ ،‬عبدال��رزاق‪ ،‬مفهوم العقد الذكي م��ن منظور القانون المدني‪ :‬دراس��ة تحليلية‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫االقتصادية واإلدارية والقانونية‪ ،‬العراق‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬العدد الثامن‪2021 ،‬م‪ ،‬ص‪.88 ،87‬‬

‫( ‪) 591‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬آلية عمل البلوكشني والعقود الذكية‪:‬‬
‫‪ -‬آلية عمل البلوكش��ين‪ :‬بما أن البلوكش��ين س��جل ال مركزي لجميع المعامالت عبر‬
‫ش��بكة أجهزة مرتبط��ة ببعضها بتقنية الند بالن��د‪ ،‬حيث يتم للمش��اركين تخزين المعامالت‬
‫وتأكيدها دون الحاجة إلى س��لطة تصديق مركزية‪« ،‬فتعمل تقنية البلوكش��ين من خالل عدة‬
‫تقنيات مجتمعه غير جديدة هي‪ :‬التش��فير‪ ،‬عمليات التحقيق‪ ،‬وآلية المصادقة على البيانات‬
‫الجدي��دة‪ ،‬وطريقة قواعد البيانات التش��اركية في توزيع البيانات على أعضاء الش��بكة وفق‬
‫ما يرغب مؤسس��وها‪ ،‬وفي مجموعها تشكيل البلوكشين»(((‪ ،‬ولتوضيح الصورة تتم عملية‬
‫البلوكشين بالخطوات التالية(((‪:‬‬
‫‪ -1‬شخص ما يطلب إجراء معاملة‪.‬‬
‫‪ -2‬يتم توزيع المعاملة المطلوبة وبثها على شبكة األجهزة المرتبطة ببعضها‪.‬‬
‫‪ -3‬تقوم األجهزة بالتحقق من صحة المعاملة المطلوبة‪ ،‬وحالة المس��تخدم باستخدام‬
‫خوارزميات معروفة‪.‬‬
‫‪ -4‬تكتمل المعاملة ومن ثم يتم ربط الكتلة الجديدة بسلس��لة الكتل الموجودة مس��ب ًقا‬
‫بطريق��ة دائمة وغير قابل��ة للتعديل‪ ،‬بمجرد التحق��ق من صحة المعاملة يت��م ربطها بجميع‬
‫المعامالت السابقة وإنشاء كتلة جديدة من البيانات في السجل‪.‬‬
‫‪ -‬آلي��ة عمل العقود الذكية‪ :‬يتميز بأنه ذاتي التنفيذ وذلك من خالل كتابته على ش��كل‬
‫رموز برنامج موجودة على شبكة البلوكشين موزعة وغير مركزية ويتم تنفيذه من غير الحاجة‬
‫إلى وس��يط‪ ،‬ومع تطور التكنولوجيا فقد أصبح إج��راء العقود الذكية تتم على مجموعة من‬
‫المنصات تشتغل على نظام البلوكشين ويتم من خالل خطوات أولها االتفاق على التفاصيل‬

‫((( الشاطر‪ ،‬منير‪ ،‬تقنية البلوكشين وتحديات المالية اإلسالمية ‪ ،‬بحوث وتطبيقات في المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫مجلد ‪ ،3‬عدد ‪2018 ،2019 ،2‬م‪.‬‬
‫((( شهاب ‪،‬أشرف ‪،‬البلوك تشين تقنية ناشئة تعيد تشكيل عالم شبكات االتصاالت‪ ،‬مجلة األهرام‪ ،‬العدد‬
‫‪2019 ،219‬م‪.‬‬

‫( ‪) 592‬‬
‫التعاقدي��ة بي��ن األط��راف الموقعة على العق��د‪ ،‬وثانيًا االتف��اق على ش��روط مخالفة العقد‬
‫والمسؤولية عن مخالفة العقد ومصادر بيانات التحقق الخارجية‪ ،‬ثم نشرها على البلوكشين‬
‫في شكل عقد ذكي وبالتالي يتم تنفيذ العقد باسم المتعاقدين ونيابة عنهم وهذه العملية تتم‬
‫بشكل مستقل عن أي جهات وسيطة أو خارجية(((‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أنواع البلوكتشني(((‪:‬‬
‫ً‬

‫‪ -1‬البلوكشين العامة‪ :‬في هذا النوع يمكن ألي شخص قراءة المعامالت وإرسالها‪.‬‬

‫‪ -2‬البلوكش��ين الخاصة‪ :‬في هذا النوع من البلوكش��ين‪ ،‬يس��مح فقط لمؤسسة واحدة أو‬
‫جميع المؤسسات الفرعية داخل نفس المجموعة بقراءة المعامالت وإرسالها لوكالء محددين‬
‫ومعتمدين ومختارين للوصول إلى الش��بكة البلوكش��ين‪ ،‬وتس��تخدم بعض الشركات الخاصة‬
‫والبنوك سلس��لة الكتل الخاصة لمشاركة قواعد البيانات داخليًا من أجل تحسين سرعة التنفيذ‬
‫وتقليل تكلفة المعامالت‪ ،‬وتتميز اس��تخدام سلس��لة الكتل الخاصة بكونها أكثر انس��جاما مع‬
‫نظرا ألنها تتم بطريقة «مركزية» وداخلية منظمة‪.‬‬
‫مسائل المسؤولية القانونية والحوكمة ً‬
‫‪ -3‬اتحاد البلوكش��ين‪ :‬في هذا النوع من البلوكشين ال توجد مركزية فيما يتعلق بعملية‬
‫اإلجماع كما في حالة البلوكشين الخاصة‪ ،‬وال إمكانية ألي عقدة للمشاركة في التحقق من‬
‫صحة المعامالت كما هو الحال في البلوكش��ين العامة‪ ،‬فتش��كل البلوكشين خيا ًرا متوس ًطا‬
‫بمعنى آخر تختار س��لطة مركزية أو اتحاد األطراف المسموح لها باالشتراك وتفرض قيودًا‬
‫على من يمكنه الوصول إلى المعلومات أو تسجيلها في قاعدة البلوكشين‪.‬‬

‫((( قحف‪ ،‬منذر‪ ،‬العقود الذكية‪ ،‬مؤتمر الفقه اإلس�لامي‪ ،‬دائرة الش��ؤون اإلسالمية‪ ،‬دورة ‪2019 ،24‬م‪،‬‬
‫ص‪.13‬‬
‫‪(2) Shrivas, Mahendra Kuma, The Disruptive Blockchain: Types, Platforms and‬‬
‫‪Applications, O. P. Jindal University, Conference Paper · December 2018, p3‬‬
‫للمزيد انظر‪ :‬داود‪ ،‬منصور‪ ،‬القيمة القانونية للبلوك تشين في اإلثبات ودوره في نطاق التوثيق الرقمي‬
‫للمعام�لات اإللكتروني��ة‪ ،‬مجلة الحق��وق والعلوم اإلنس��انية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬م‪ ،14‬الع��دد ‪2021 ،02‬م‪،‬‬
‫ص‪.288‬‬

‫( ‪) 593‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫استخدام البلوكشني والعقود الذكية‬
‫يف إدارة البنوك اإلسالمية‬
‫ونظرا ألن هذه الدفاتر‬
‫ً‬ ‫تعمل البنوك في الغالب من خالل مجموعة من الدفاتر الداخلية‪،‬‬
‫ليست متاحة للجمهور لالطالع عليها‪ ،‬وفي نفس الوقت هي ما تمنح الثقة في البنوك وبنيتها‬
‫التحتية التي تحافظ على س��رية عمالئها‪ ،‬إال أن تقنية البلوكش��ين لديها القدرة على استبدال‬
‫هذه الدفاتر بنظام موثوق وش��فاف يس��هل على أي ش��خص الوصول إليه‪ ،‬مما يس��اعد في‬
‫تسهيل المعامالت وجعلها أسرع وأقل تكلفة‪ ،‬وخلق أمان أعلى للبيانات‪ ،‬وفرض اتفاقيات‬
‫موثوق بها من خالل العقود الذكية‪ ،‬وجعل االلتزام أكثر سالسة‪.‬‬

‫فاله��دف الرئيس��ي للعقد الذكي هو إرس��اء قانون العقود من خ�لال النظام‪ ،‬وتصميم‬
‫الممارس��ات التجارية من خ�لال برامج الكمبيوتر على اإلنترنت وفيم��ا يتعلق بتطبيق عقد‬
‫ذكي في التمويل اإلسالمي يمكن تنفيذه من خالل ثالث قنوات وهي(((‪:‬‬

‫أول‪ :‬العقود الذكية مهمتها تقليل عنصر الغرر وفي هذه الحالة التعاقدية سيتم التحقق‬
‫من الش��روط فقط في حالة اس��تيفاء الش��روط‪ ،‬كما س��يتم أتمتة العقد بالكامل العملية التي‬
‫س��تعزى إلى التحقق الس��هل وغي��ر القابل للتغيير‪ ،‬وال��ذي يؤدي إلى التخفي��ف الغرر في‬
‫ش��كل مخاطر تش��غيلية ومخاطر الطرف المقابل‪ ،‬الغرر على شكل كما سيتم التخفيف من‬
‫التعقيدات اإلدارية والقانونية والتكرار‪.‬‬

‫ثانيً��ا‪ :‬يؤخذ على التمويل اإلس�لامي ارتفاع التكاليف اإلداري��ة والقانونية الناتجة عن‬

‫‪(1) Alaeddin, Omar and Al Dakash, Mohanad, Implementing the Blockchain‬‬


‫‪Technology in Islamic Financial Industry, journal of information lechnologs‬‬
‫‪management online, University of Tehran,2012,p101, 102.‬‬

‫( ‪) 594‬‬
‫المنتج��ات الفريدة التي تتطلب عق��ودًا متعددة الترتيبات‪ ،‬يمكن للعق��ود الذكية تقليل هذه‬
‫التكاليف‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬أدت الطبيعة الالمركزية للعقود الذكية إلى تنفيذ سريع وأقل التكلفة‪ ،‬بينما ال تزال‬
‫المعامالت قابلة للتتبع وال رجعة فيها مما يقضي على المخاطر األخالقية بين المشاركين‪.‬‬
‫وبهذا يضمن العقد الذكي ثبات العقد وإمكانية تتبعه من خالل التوقيع الرقمي والطابع‬
‫الزمن��ي لتكنولوجيا البلوكش��ين‪ ،‬وتنفيذ ش��روط العقد المؤتمتة بالكام��ل ويتم ترميزها في‬
‫خوارزمية الكمبيوتر كمجموعة من التعليمات التي س��يتم تنفيذها بناءًا على شروط محددة‬
‫وعند اس��تيفاء الش��روط المس��بقة في كل خطوة‪ ،‬س��يعمل برنامج العقد الذكي تلقائيًا على‬
‫إرش��اد العمي��ل بتنفيذ خطوات العقد حت��ى تكتمل دورة المعامل��ة بالكامل يمكن ألطراف‬
‫العقد مراقبة العقد نفس��ه وجميع حاالته‪ ،‬وس��جالت التنفيذ‪ ،‬وعملية التنفيذ تمكن التحقق‬
‫منه‪ ،‬وتضمن البلوكش��ين أن جميع البيانات في السلس��لة مفتوحة وشفافة‪ ،‬وهو أمر مناسب‬
‫للبنوك لمراجعته‪ ،‬فسيتم ً‬
‫أيضا التحقق من المحتوى قبل تحميل الكتلة‪ ،‬وهو أمر مفيد لتقييم‬
‫مخاطر المؤسس��ة ويوفر تكلفة التحقق من صحة البيانات الح ًقا فهذه التطبيقات تعمل كما‬
‫تمت برمجتها دون أي احتمال للتوقف أو االحتيال فيتم تنظيم منتجات التمويل اإلس�لامي‬
‫على أس��اس العقود الش��ريعة ويجب أن تكون هذه المس��تندات نف��ذت بالترتيب الصحيح‬
‫لضمان االمتثال للشريعة(((‪.‬‬

‫كم��ا أن طريقة عمل البلوكش��ين تبدأ بالتوثيق معلومات التي يقدمها العميل بنفس��ه أو‬
‫يرسلها إلى وكاالت التصنيف االئتمانية باستخدام تقنية البلوكشين‪ ،‬كما يمكن إجراء تشفير‬
‫للبيانات مما يس��اعد في التحكم في بيانات العميل‪ ،‬ثم يتم إنشاء كتلة بمعلومات المعاملة‪،‬‬
‫ثم يتم إرس��ال الكتلة التي تم إنش��اؤها من اجل المصادقة على المعاملة ومن ثم يتم إنش��اء‬
‫كتلة تمثل تلك المعاملة‪ ،‬ثم إرسال الكتلة إلى إي مشارك في الشبكة ليتحققوا من المعاملة‬

‫‪(1) Ilinka Antova and Tahar Tayachi, Blockchain and Smart Contracts: A Risk‬‬
‫‪Management, Previous reference , p32‬‬

‫( ‪) 595‬‬
‫فإذا تم التحق��ق والمصادقة على صحتها تكون المعاملة اكتملت ويتم توزيع التحديث عبر‬
‫الشبكة وإضافة الكتلة إلى البلوكشين الحالي(((‪.‬‬
‫ويمكن أن تصبح البيانات موارد ائتمانية بملكية ش��خصية متاحة فالبلوكش��ين تس��هل‬
‫التسجيل التلقائي للبيانات الضخمة من قبل وكاالت االئتمان‪ ،‬مع تخزين ومشاركة النماذج‬
‫المش��فرة للحالة االئتمانية للعميل داخل المؤسس��ات‪ ،‬وهذا يتيح مشاركة بيانات االئتمان‪،‬‬
‫أثناء عملي��ة «اعرف عميلك» (‪ ،)KYC‬حفظ وتأكيد بيانات العميل والحد من تكلفة نظام‬
‫(‪ )Know your Customer‬التي تنفق المؤسس��ات المالية س��نويا أموال طائلة لمواكبة‬
‫أنظمة اعرف العميل (‪ ،)KYC‬بهدف تقليل أنش��طة غس��يل األموال والتالعب واالحتيال‪،‬‬
‫ويت��م هذا من خ�لال معرفة مجموعة م��ن البيانات لعمالئها والتحقق منه��ا لكل بنك على‬
‫حدى‪ ،‬لكنه عند تبني تقنية البلوكتش��ين فإنها س��وف تس��اهم بعملية تحقق موحدة مس��تقلة‬
‫للعميل على مس��توى جميع البن��وك المصرفية‪ ،‬لذلك لن تحتاج البن��وك المصرفية إلنفاق‬
‫أموال على أنظمة اعرف عميلك إلجراء عملية تحقق من جديد‪ ،‬وبهذه الطريقة سوف توفر‬
‫البن��وك المصرفي��ة التكلفة التي كان��ت تنفق على أنظمة اعرف عميل��ك‪ ،‬يجب على البنوك‬
‫تخزين معلومات العمالء في قاعدة البيانات الخاصة بهم‪ ،‬ثم استخدام تقنية التشفير لتحميل‬
‫معلومات وتخزينها في البلوكشين‪ ،‬فعندما تكون هناك طلبات استعالم‪ ،‬يمكن إخطار موفر‬
‫البيانات األصلي باستخدام البلوكشين ويمكن إجراء استعالم من جميع البنوك والبحث في‬
‫البيانات الخارجية‪ ،‬وقد اش��رنا إلى انه يمكن أن تتضمن تقنية التشفير للمعلومات الموجزة‬
‫واألصلي��ة وبالتالي منع تقديم معلوم��ات خاطئة‪ ،‬عالوة على ذل��ك إذا كان العميل يرغب‬
‫في العمل مع بنوك أخرى يمكنهم مش��اركة حزمة المس��تندات مع البنوك األخرى مما يتيح‬
‫التحقق من صحة بيانات العميل من خالل التطبيق الذي يتواصل مع العقد الذكي للحصول‬
‫عليه تفاصيل العميل(((‪.‬‬

‫‪(1) Ye Guo and Chen Liang, Blockchain application and outlook in the banking‬‬
‫‪industry, springeropen, 2016, p7.‬‬
‫)‪(2) E. Sai Vikas Reddy, Nikhil Suhag, Manjunath S, Know Your Customer (KYC‬‬

‫( ‪) 596‬‬
‫وبعد هذا العرض فأنه في تقديرنا يمكن أن يؤدي تنفيذ البلوكشين والعقود الذكية إلى‬
‫الح��د من مخاطر االئتمان‪ ،‬بما أن العقود الذكية تعليمات برمجي��ة قائمة بذاتها تنفذ تلقائيًا‬
‫أحكام وش��روط العقد دون الحاجة إلى التدخل البش��ري ويمكن أن تتضمن العقود الذكية‬
‫جميع المعلومات حول شروط العقد وواجبات وحقوق األطراف والرسوم وكافة العناصر‬
‫التي ينبغي وجودها في العقد ويمكن للبنوك اإلس�لامية االس��تفادة من تطبيق العقود الذكية‬
‫في جوانب عديدة من خالل إيجاد عقود منمطة تتوافق مع أحكام الشريعة اإلسالمية فيكون‬
‫على منصة أو ضمن تعامالت البنك مع عمالءه عن طريق عقود مداينات أو مشاركات تلبي‬
‫حاجات مختلفة ألطرافها(((‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪Process through Blockchain, International Research Journal of Engineering and‬‬


‫‪Technology, Volume: 07 Issue: 06, 2020, p2338.‬‬
‫((( عي��اش‪ ،‬زبير‪ ،‬وآخرون‪ ،‬دراس��ة تحليلي��ة لواقع التكنولوجي��ا المالية في البنوك اإلس�لامية العربية ـ‬
‫تطبيقات البلوكش��ين نموذ ًجا‪ ،‬مجل��ة اقتصاد المال واألعمال‪ ،‬جامعة الش��هيد حمه لخضر بالوادي‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬مجلد ‪ ،5‬عدد ‪ ،1‬ص‪.318‬‬

‫( ‪) 597‬‬
‫النتائج‬
‫‪ -‬من خصائص تقنية البلوكش��ين أنها نظام س��جل إلكتروني يقوم بتس��جيل البيانات‬
‫والمعلومات التي يتم المصادقة عليها من قبل المش��اركين في ش��بكة البلوكش��ين والتي ال‬
‫يمكن التالعب فيها أو تغييرها‪ ،‬وتستخدم في إتمام المعامالت المالية بأمان وشفافية‪.‬‬

‫‪ -‬من النتائج اإليجابية لتطبيق تقنية البلوكش��ين في البنوك اإلس�لامية أن عملها يتوافق‬
‫مع مقاصد الشريعة اإلسالمية من حيث اإلتقان والفعالية والسرعة والشفافية‪.‬‬

‫‪ -‬تعمل تقنية البلوكشين في البنوك اإلسالمية على تقليل كلفة رأس المال‪ ،‬واالستخدام‬
‫األمثل للموارد‪ ،‬وتسريع المعامالت وخفض التكاليف‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 598‬‬
‫التوصيات‬
‫‪ -‬أبرز التوصيات التي توصلت إليها الدراسة‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة اعتماد البنوك على تقنية سلس��لة البلوكش��ين التي س��وف تساهم في خفض‬
‫التكالي��ف المتعلقة بالمعامالت‪ ،‬واتخ��اذ إجراءات فعالة لتدعي��م تطبيقها خاصة في ضوء‬
‫نتائجها اإليجابية في تحسين جودة الخدمة‪.‬‬

‫‪ -‬ال بد من التأكيد على أن مهام البلوكشين ال يستهدف منه االستغناء عن كيان الدولة‪،‬‬
‫وإنما تيس��ير المعامالت في البنوك اإلس�لامية بطريقة تكون ال مركزي��ة‪ ،‬وأقل في التكلفة‪،‬‬
‫واسرع في الوقت والمجهود‪.‬‬

‫‪ -‬الحاجة إلى العديد من الدراسات التي تتناول التحديات التي تواجه البنوك اإلسالمية‬
‫في تبني تقنية البلوكشين كأداة فعالة لتطوير منتجاتها‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 599‬‬
‫املراجع‬
‫‪ -‬أبو زيد‪ ،‬بكر‪ ،‬بطاقة االئتمان‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1996 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -‬أحم��د‪ ،‬منير‪ ،‬تقنية سلس��لة الثقة (الكتل) وتأثيراتها على قطاع التمويل اإلس�لامي‪،‬‬
‫قسم الشريعة واإلدارة ‪،‬جامعة مااليا البحثية‪2018 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬أمانة مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسس��ات النقد العربية‪ ،‬صندوق النقد‬
‫العربي ‪،‬اإلمارات‪ ،‬أبو ظبي‪2019 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬خليف��ة‪ ،‬إيهاب‪ ،‬الث��ورة التكنولوجي��ة القادمة في عال��م الم��ال واإلدارة ‪،‬العدد ‪،3‬‬
‫‪2018‬م‪.‬‬

‫‪ -‬داود‪ ،‬منص��ور‪ ،‬القيمة القانونية للبلوك تش��ين في اإلثب��ات ودوره في نطاق التوثيق‬
‫الرقم��ي للمعام�لات اإللكترونية‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم اإلنس��انية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬م‪ ،14‬العدد‬
‫‪2021 ،02‬م‪.‬‬

‫‪ -‬السيسي‪ ،‬صالح الدين‪ ،‬المصارف التجارية الواقع والطموح‪ ،،‬الهيئة المصرية العامة‬
‫للكتاب‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الشاطر‪ ،‬منير‪ ،‬تقنية البلوكشين وتحديات المالية اإلسالمية ‪،‬ورقة نقاشية‪2018 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الشافعي‪ ،‬محمد بن عبد الرحمن‪ ،‬جامع البيان في تفسير القران‪ ،‬ج‪.1‬‬

‫‪ -‬ش��امية‪ ،‬أحم��د زهير‪ ،‬النق��ود المصارف‪ ،‬مؤسس��ة زهران للطباع��ة‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1993‬م‪.‬‬

‫‪ -‬شهاب‪ ،‬أشرف‪ ،‬البلوك شين تقنية ناشئة تعبد تشكيل عام شبكات االتصاالت‪ ،‬مجلة‬
‫األهرام‪ ،‬العدد ‪2019 ،219‬م‪.‬‬

‫‪ -‬سالم‪ ،‬شيماء مهدي إبراهيم‪ ،‬أساليب قياس لجنة بازل ‪ II‬لمخاطر االئتمان وعالقتها‬

‫( ‪) 600‬‬
‫ب��أداء البنوك التجارية المصرية‪ ،‬مجل��ة البحوث المالية والتجارية‪ ،‬جامعة بورس��عيد ‪،‬كلية‬
‫التجارة‪ ،‬مصر‪ ،‬مجلد ‪2019 ،4‬م‪.‬‬

‫‪ -‬بني عامر‪ ،‬زاهرة‪ ،‬تحس��ين‪ ،‬آالء‪ ،‬استكش��اف تقنية البلوكشين وتطبيقاتها في المالية‬
‫اإلسالمية‪2019 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬عش��يش‪ ،‬حس��ن‪ ،‬التحليل االئتماني ودوره في ترش��يد عمليات اإلقراض والتوسع‬


‫النقدي في البنوك‪ ،‬مكتبة المجتمع العربي‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪2010 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬عياش‪ ،‬زبير‪ ،‬وآخرون‪ ،‬دراسة تحليلية لواقع التكنولوجيا المالية في البنوك اإلسالمية‬
‫العربية ـ تطبيقات البلوكش��ين نموذ ًجا‪ ،‬مجلة اقتصاد المال واألعمال‪ ،‬جامعة الش��هيد حمه‬
‫لخضر بالوادي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مجلد ‪ ،5‬عدد ‪.1‬‬

‫‪ -‬قندوز‪ ،‬عبدالكريم‪ ،‬المخاطر المصرفية وأس��اليب قياسها‪ ،‬دراسات معهد التدريب‬


‫وبناء القدرات‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬عدد ‪2020 ،5‬م‪.‬‬

‫‪ -‬قورة‪ ،‬احمد حس��ن‪ ،‬االئتمان المصرفي والقروض المصرفية األزمة والحل‪ ،‬سلسلة‬
‫منتدى االقتصاد‪ ،‬القاهرة‪2002 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬محمود‪ ،‬أحمد خالد‪ ،‬الخدمات المصرفية في البنوك اإلسالمية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬ط‪2019 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬قحف ‪،‬منذر‪ ،‬العقود الذكية‪ ،‬مؤتمر الفقه اإلسالمي‪ ،‬دائرة الشؤون اإلسالمية‪ ،‬دورة‬
‫‪2019 ،24‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مطر‪ ،‬محمد‪ ،‬االتجاهات الحديثة في التحليل المالي واالئتماني‪ ،‬دار وائل للنش��ر‪،‬‬
‫االردن‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬محمد‪ ،‬عبدالرزاق‪ ،‬مفهوم العقد الذكي من منظور القانون المدني‪ :‬دراسة تحليلية‪،‬‬
‫مجلة العلوم االقتصادية واإلدارية والقانونية‪ ،‬العراق‪2021 ،‬م‪.‬‬

‫( ‪) 601‬‬
‫ أثر اس��تخدام تكنولوجيا سلس��لة لكتل الرقمية (البلوك ش��ين) على‬،‫ أيمن‬،‫ نخ��ال‬-
‫جامعة كفر الشيخ‬، ‫ كلية التجارة‬،‫مسئولية مراجع الحسابات‬

،‫ اإلس��كندرية‬،‫ المكتب العربي الحديث‬،‫ إدارة البنوك التجارية‬،‫ منير إبراهيم‬،‫ هندي‬-
.‫م‬2000 ،3‫ط‬

:‫املراجع االجنليزية‬
- E. Sai Vikas Reddy, Nikhil Suhag, Manjunath S, Know
Your Customer (KYC) Process through Blockchain, International
Research Journal of Engineering and Technology, Volume: 07
Issue: 06, 2020,

- Ilinka Antova and Tahar Tayachi, Blockchain and Smart


Contracts: A Risk Management Tool for Islamic Finance, Journal
of Islamic Financial Studies, J. Islam. Fin. Stud. 5, No. 1 ,2019,

- Isse, Abdirahman and Dhaliwal, Navkiranjit, The Impact


of Credit Risk Management on Financial, Journal of Emerging
Technologies and Innovative Research, Volume 5, Issue 11, 2018,

- Shrivas, Mahendra Kuma, The Disruptive Blockchain: Types,


Platforms and Applications, O. P. Jindal University, Conference
Paper • December 2018,

- Alaeddin, Omar and Al Dakash, Mohanad, Implementing


the Blockchain Technology in Islamic Financial Industry, journal
of information lechnologs management online, University of
Tehran,2012

) 602 (
- Ye Guo and Chen Liang, Blockchain application and outlook
in the banking industry, springeropen, 2016,

  

) 603 (
‫‪‬‬

‫تقييم دور املصارف اإلسالمية‬


‫يف متويل املشاريع الصغرية‬
‫ومتناهية الصغر واملتوسطة‬
‫)‪ )MSMEs‬يف فلسطني‬
‫ابلاحث‪:‬‬
‫حممد حنيين‬
‫جامعة بريزيت‬
‫امللخص‬
‫هدفت الدراس��ة إل��ى تقييم دور المصارف اإلس�لامية في تمويل المش��اريع الصغيرة‬
‫ومتناهية الصغر والمتوس��طة‪ ،‬ولتحقيق هذا الغرض اعتمدت الدراسة على المنهج الكيفي‬
‫والكمي‪ ،‬حيث قامت بإجراء المقابالت المهيكلة مع المصارف اإلس�لامية واالعتماد على‬
‫البيانات المرسلة من س��لطة النقد وتوزيع استمارة على أصحاب المشاريع (‪،)MSMEs‬‬
‫توصل��ت الدراس��ة إلى أن المصارف اإلس�لامية تعتمد بدرجة كبيرة عل��ى صيغة المرابحة‬
‫(‪ ،)%87.56‬وأن تنوع صيغ التمويل اإلس�لامي المقدمة ألصحاب المشاريع متدني جدًا‪،‬‬
‫حيث أن نس��بة المش��اركة والمضارب��ة واإلجارة واالس��تصناع تعادل (‪ )%12.34‬ونس��بة‬
‫المش��اركة لوحده��ا (‪ )%0.00‬وهي أهم أداة تمويلية تناس��ب المش��اريع (‪،)MSMEs‬‬
‫وأظهرت الدراس��ة أن المصارف اإلس�لامية ال تش��جع أصحاب المش��اريع على استخدام‬
‫صيغ التمويل بالمشاركة إال بنسبة ‪ %50‬وهي درجة متدنية جدًا مما يؤثر سلبًا على أصحاب‬
‫المش��اريع ف��ي طبيعة الضمانات المطلوب��ة للحصول على التمويل‪ ،‬وأظهرت الدراس��ة أن‬
‫سياس��ات وإجراءات المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع الصغيرة كانت كافية وفعالة‬
‫بدرجة متوس��طة‪ ،‬وأظهرت النتائج أن مس��اهمة المصارف اإلس�لامية في تمويل المشاريع‬
‫الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوس��طة من إجمالي التمويل في الجهاز المصرفي الفلسطيني‬
‫(‪ )%2.59‬وهي درجة متدنية‪ ،‬وأن مس��اهمة المصارف اإلس�لامية م��ن إجمالي تمويالت‬
‫نظرا ألن المشروعات‬
‫المصارف اإلس�لامية نفس��ها (‪ ،)%12.61‬وهي متدنية وغير كافية ً‬
‫الصغي��رة تش��كل (‪ )%95‬من االقتصاد الفلس��طيني‪ ،‬وأظهرت الدراس��ة أن رضى أصحاب‬
‫المشاريع عن التمويالت اإلسالمية كان بدرجة متوسطة ً‬
‫أيضا (‪ ،)%71.7‬كما كشفت النتائج‬
‫تفس��يرا مه ًما للتحديات والمعيقات أمام المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع الصغيرة‬
‫ً‬
‫ومتناهية الصغر والمتوسطة حيث تبين أن المعيق األول هو «عدم كفاءة أصحاب المشاريع‬
‫الصغيرة والمتوسطة في إدارة المشاريع وتسويق منتجاتها» حيث جاء بنسبة موافقة (‪،)%77‬‬

‫( ‪) 607‬‬
‫والمعيق الثاني «عدم تقديم أصحاب المش��اريع ضمانات مناس��بة للتمويالت اإلس�لامية»‬
‫بنس��بة موافق��ة (‪ ،)%67‬لذلك أوصت الدراس��ة المصارف اإلس�لامية بتنوي��ع التمويالت‬
‫المقدمة ألصحاب المشاريع وعدم التركيز على المرابحة وتفعيل صيغ االستثمار األخرى‪،‬‬
‫ورفع نسبة مساهمة المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع الصغيرة وإنشاء دوائر مختصة‬
‫لتقديم االستشارات في مجال إعداد دراسات الجدوى وإدارة المخاطر والتعثر في السداد‪،‬‬
‫ورفع وعي أصحاب المشاريع بأدوات التمويل األخرى كالمشاركة والمضاربة‪ ،‬بحيث يتم‬
‫التخفيف من الضمانات وتسهيل الحصول على التمويل المناسب لتحقيق االستدامة المالية‬
‫والمساهمة في الناتج المحلي وحل مشكالت الفقر والبطالة في االقتصاد الفلسطيني‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬التمويل اإلسالمي‪ ،‬التمويل التقليدي‪ ،‬التقييم‪ ،‬المشاريع الصغيرة‬


‫ومتناهية الصغر والمتوسطة (‪ ،)MSMEs‬المشاركة‪ ،‬المضاربة‪ ،‬التورق‪ ،‬المرابحة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 608‬‬
‫املقدمة‬
‫أثبت��ت المش��اريع الصغيرة ومتناهي��ة الصغر والمتوس��طة نجاعتها في إح��داث تنمية‬
‫اقتصادية واجتماعية في مختلف دول العالم‪ ،‬بل وتكاد تمثل هذه المشاريع العمود الفقري‬
‫ألغلب اقتصاديات البلدان‪ ،‬ولهذا الس��بب يبرز االهتمام بهذه المشاريع لتنميتها وتطويرها‬
‫(أبو ش��نب‪ ،)2015 ،‬فهي تش��كل نس��بة ‪ %80‬وأكثر من إجمالي المنش��آت في العديد من‬
‫البلدان‪ ،‬وعالوة على توظيفها نس��بة ‪ %60‬وأكثر من األي��دي العاملة‪ ،‬وكما يبرز دورها في‬
‫دعم الس��وق بالمنتجات المحلية‪ ،‬وبالتالي هي تساهم في تحفيز اإلنتاج المحلي (عرقوب‪،‬‬
‫وبن محمد‪ ،)2020 ،‬ال سيما أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة بصورة أساسية في توليد‬
‫العديد من الوظائف ومساهمتها في الحد من مشاكل عديدة كالبطالة والفقر التي تعاني منها‬
‫الدول العربية (األسرج‪ ،)2011 ،‬وإضافتها إلى الناتج المحلي اإلجمالي (‪.)GDP‬‬

‫إال أن هذه المش��اريع تواجه مشاكل في التمويل األمر الذي يعيق من نموها وتطورها‪،‬‬
‫ولع��ل أبرز ه��ذه المعوقات هي تأمي��ن مصادر التمويل الالزمة لالس��تثمار في المش��اريع‬
‫وتنميته��ا‪ ،‬وعدم ق��درة أصحاب المش��اريع والرياديين على تأمين الضمان��ات الكافية التي‬
‫تطلبه��ا البن��وك التجارية في التمويل التقليدي القائم على أس��اس الق��روض بفائدة‪ ،‬هذا ما‬
‫يمثل عبء إضافي على المش��اريع وتؤثر سلبًا على ميزتها التنافسية (عبد الكريم‪،)2015 ،‬‬
‫وخاصة أن أصحاب المشاريع الصغيرة ال يتمتعون بمالءة مالية عالية في البدايات‪.‬‬

‫وبناءً على ذلك‪ ،‬وجدت المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة نفسها في مأزق يحدها من‬
‫النمو واالستدامة‪ ،‬ولهذا أدركت البنوك اإلسالمية هذه الفجوة‪ ،‬واستحدثت أساليب متنوعة‬
‫وأدوات إس�لامية تساهم في تمويل المش��اريع الصغيرة والمتوسطة (عرقوب‪ ،‬وبن محمد‪،‬‬
‫‪ ،)2020‬فالتموي��ل اإلس�لامي أعطى المجال لخي��ارات متعددة ومتنوعة تمت��از بالمرونة‬
‫وسهولة اإلجراءات‪ ،‬وأضحى بديل التمويل التقليدي (كالش‪ ،‬وبهلول‪.)2020 ،‬‬

‫( ‪) 609‬‬
‫وعل��ى الرغم م��ن حداثه تجربة التمويل اإلس�لامي في دولة فلس��طين مقارنة بالدول‬
‫األخرى‪ ،‬إال أنها اس��تطاعت أن تثبت نفس��ها في السوق المالي الفلسطيني خالل مدة زمنية‬
‫قصيرة األجل‪ ،‬فهي اس��تطاعت أن تصل إلى أعداد كبيرة من األشخاص في مختلف مناطق‬
‫الس��لطة الوطنية الفلسطينية ولعبت دور في حل العديد من المشاكل كالتي تواجه المشاريع‬
‫الصغيرة والمتوسطة (هارون‪ ،‬وآخرون‪.)2016 ،‬‬

‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫أكدت س��لطة النقد الفلس��طينية على أهمية المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة ودورها‬
‫المح��وري ف��ي اإلنتاج والتش��غيل وتوليد الدخل باإلضاف��ة إلى دورها ف��ي تحقيق التنمية‬
‫االقتصادي��ة‪ ،‬فاالقتص��اد الفلس��طيني يعتمد بش��كل كلي على نش��اط المش��اريع الصغيرة‬
‫والمتوس��طة ومتناهة الصغر كونها تش��كل ما نس��بته ‪ %95‬من االقتصاد الفلسطيني (سلطة‬
‫النق��د الفلس��طينية‪ ،)2020 ،‬وعلى الرغم من أهمية المش��روعات الصغيرة إال أنه ما زالت‬
‫هناك مش��كلة في صعوب��ة التمويل أو ارتفاع تكلف��ة التمويل بالط��رق التقليدية مما يتطلب‬
‫الكثي��ر من الضمان��ات للحصول عليها والت��ي ال تفي بقدرات صاحب المش��روع‪ ،‬خاصة‬
‫ف��ي الدول النامية‪ ،‬وللتغلب على هذه المش��كلة‪ ،‬لم تعد محاوالت تقديم الدعم أو خفض‬
‫أس��عار الفائدة أمر مجدي‪ ،‬وبالتالي كان الخيار لحل هذه المش��كلة هو التمويل اإلسالمي‬
‫كبيرا‬
‫حيث يتيح العديد من األدوات والصيغ المناس��بة لطبيعة هذه المشاريع‪ ،‬ويغطي عددًا ً‬
‫من أن��واع التمويل المختلفة‪ ،‬ويتوافق م��ع االحتياجات التمويلية للمس��تثمرين‪ ،‬ومع ذلك‬
‫ال ي��زال هذا الدور محدود جدًا (اتحاد المصارف العربية‪ ،)2020 ،‬من هنا تكمن مش��كلة‬
‫الدراسة في اإلجابة عن التساؤل الرئيسي التالي‪ :‬ما هو دور المصارف اإلسالمية في تمويل‬
‫المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة في فلسطين؟‬

‫أسئلة الدراسة‪:‬‬
‫‪ .1‬ما مدى تنوع صيغ التمويل اإلس�لامي المقدمة لتمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية‬
‫الصغر والمتوسطة (‪)MSMEs‬؟‬

‫( ‪) 610‬‬
‫‪ .2‬ما مدى كفاية سياس��ات وإجراءات المصارف اإلس�لامية تجاه المشاريع الصغيرة‬
‫ومتناهية الصغر والمتوسطة (‪)MSMEs‬؟‬

‫‪ .3‬ما مدى فعالية صيغ التمويل اإلسالمي المقدمة لتمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية‬
‫الصغر والمتوسطة (‪)MSMEs‬؟‬

‫‪ .4‬ما مدى مساهمة المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر‬
‫والمتوسطة (‪ )MSMEs‬من إجمالي التمويل في الجهاز المصرفي الفلسطيني؟‬

‫‪ .5‬ما مدى مساهمة المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر‬
‫والمتوسطة (‪ )MSMEs‬من إجمالي التمويالت األخرى في المصارف اإلسالمية؟‬

‫‪ .6‬ما هي التحديات التي تواجه المصارف اإلس�لامية في تمويل المش��اريع الصغيرة‬


‫ومتناهية الصغر والمتوسطة (‪)MSMEs‬؟‬

‫‪ .7‬ما مدى رضى أصحاب المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة (‪)MSMEs‬‬
‫المستفيدين من صيغ التمويل اإلسالمي؟‬

‫الفرضيات‪:‬‬
‫‪ .1‬تنوعت صيغ التمويل اإلسالمي المقدمة لتمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر‬
‫والمتوسطة (‪ )MSMEs‬بدرجة متدنية‪.‬‬

‫‪ .2‬تعتبر سياس��ات وإج��راءات المصارف اإلس�لامية في تمويل المش��اريع الصغيرة‬


‫ومتناهية الصغر والمتوسطة (‪ )MSMEs‬كافية بدرجة عالية‪.‬‬

‫‪ .3‬تعتبر صيغ التمويل اإلسالمية المقدمة من المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع‬


‫الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة (‪ )MSMEs‬فعالة بدرجة متوسطة‪.‬‬

‫‪ .4‬مس��اهمة المصارف اإلس�لامية ف��ي تمويل المش��اريع الصغي��رة ومتناهية الصغر‬


‫والمتوسطة (‪ )MSMEs‬من إجمالي التمويل في الجهاز المصرفي الفلسطيني متدنية؟‬

‫( ‪) 611‬‬
‫‪ .5‬مس��اهمة المصارف اإلسالمية في تمويل المش��اريع الصغيرة ومتناهية الصغر‬
‫والمتوسطة (‪ )MSMEs‬من إجمالي التمويالت األخرى في المصارف اإلسالمية متدنية؟‬

‫‪ .6‬أهم تحدي يواجه المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع الصغيرة (‪)MSMEs‬‬


‫هو عدم كفاءة أصحاب المشاريع في إدارة مشاريعهم‪.‬‬
‫‪ .7‬مستوى رضى أصحاب المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة (‪)MSMEs‬‬
‫المستفيدين من صيغ التمويل اإلسالمي بدرجة متوسطة؟‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫تكم��ن أهمية هذه الدراس��ة من أهمية المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة الحجم‪ ،‬ألنها‬
‫تلع��ب دو ًرا حيويً��ا في التوظي��ف من خالل توفير ف��رص العمل‪ ،‬إذ تش��ير التقارير أن هذه‬
‫المش��اريع تش��كل ما نس��بته ‪ %95‬من االقتصاد الفلس��طيني‪ ،‬عالوة على توظيفه ‪ %81‬من‬
‫األي��دي العاملة (وكال��ة األنباء والمعلومات الفلس��طينية وف��ا‪ ،)2021 ،‬ولذلك يعد توفير‬
‫التمويل الالزم لها من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها لدعم واس��تدامة هذه المش��اريع‪،‬‬
‫وتخطي مش��كالتها المالية‪ ،‬حيث يعتبر التمويل من أخطر المراحل التي تواجه المش��اريع‪،‬‬
‫وقد ظهر جليًا أن نظام التمويل التقليدي القائم على الفوائد‪ ،‬غير مالئم ألصحاب المشاريع‬
‫بش��كل كبير‪ ،‬وأحيانًا يعتبر معيق له��م‪ ،‬ألن التمويل التقليدي بطبيعته يقدم بوس��يلة واحدة‬
‫وهي اإلقراض بفائدة‪ ،‬مما يعني أن العالقة التعاقدية بين البنوك التقليدية والعمالء أصحاب‬
‫المش��اريع يحكمها من األس��اس صيغة القرض بم��ا يتضمنه من أحك��ام قانونية‪ ،‬ال يجعل‬
‫م��ن البن��وك التقليدية متضامنة م��ع عمالئهم في حال تعث��ر المش��روع‪ ،‬أي أن المقترضين‬
‫أصحاب المش��اريع يظل لديهم مخاوف كبيرة من عدم نجاح المش��روع وتعثر الس��داد مما‬
‫يفتح الخيارات األس��وأ أمام المقترضين أصحاب المش��اريع بإع��ادة التمويل بفائدة مركبة‬
‫أو باللجوء إلى الضمانات وتصفيتها‪ ،‬ولهذا يعتبر التمويل اإلس�لامي من أفضل األس��اليب‬
‫المتاحة لضمان نمو واستمرارية المشاريع‪ ،‬وذلك ألن التمويل اإلسالمي بطبيعته قائم على‬
‫صيغ متنوعة مثل المضاربة والمشاركة واإلجارة واالستصناع والسلم والمرابحة والتورق‪،‬‬

‫( ‪) 612‬‬
‫مما يعني أن العالقة التعاقدية بين البنوك اإلس�لامية والعمالء أصحاب المش��اريع يحكمها‬
‫من األساس صيغة المشاركة أو البيوع أو اإلجارة بما يتضمنه من أحكام قانونية‪ ،‬وهي صيغ‬
‫في معظمها مختلفة تجعل من البنوك اإلس�لامية متضامنة مع عمالئها وليست مقرضة لهم‪،‬‬
‫ألنها قائمة على المش��اركة وليس القرض‪ ،‬وبما أن البنوك اإلس�لامية شريكة للعمالء فإنها‬
‫تكون حريصة على نجاح المشروعات الممولة منهم بدرجة كبيرة‪ ،‬وال تطلب من أصحاب‬
‫المشاريع الضمانات إال في حالة التعدي والتقصير‪.‬‬

‫ومن هنا تبرز أهمية الدراس��ة ف��ي إلقاء الضوء على دور البنوك اإلس�لامية في تمويل‬
‫المشاريع الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬باإلضافة إلى تزويد المهتمين بالمصارف اإلسالمية العاملة‬
‫في دولة فلس��طين (اإلداريين‪ ،‬المس��تثمرين‪ ،‬العاملي��ن‪ ،‬المتعاملي��ن‪ ،‬الباحثين) في مجال‬
‫المصارف اإلس�لامية بالمعلومات والمؤش��رات ح��ول كفاية وفعالية التمويل اإلس�لامي‬
‫لتموي��ل المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة‪ ،‬والتحديات التي تواجههم‪ ،‬وس��تكون توصيات‬
‫الدراس��ة غني��ة باألفكار والحلول الهادفة لتحس��ين فعالية وكفاية تمويل المش��اريع في بلد‬
‫يعيش تحت االحتالل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 613‬‬
‫الدراسات السابقة‬
‫الدراسات العربية‪:‬‬
‫دراس��ة (جاس��م‪ )2020 ،‬بعنوان دور المصارف اإلس�لامية في تمويل المش��روعات‬
‫الصغيرة والمتوس��طة في العراق‪ ،‬استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬من خالل‬
‫توزيع (‪ )100‬استبانة‪ ،‬وإجراء تحليل محتوى‪ ،‬وتوصلت إلى ضعف البيئة القانونية الخاص‬
‫بتنظيم عمل المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫دراسة (فايدي‪ ،‬وقاس��ي‪ )2020 ،‬بعنوان دور البنوك اإلسالمية في تمويل المؤسسات‬
‫الصغيرة والمتوس��طة في الجزائر‪ ،‬اس��تخدم الدراس��ة أداه االس��تبانة بحيث اعتمدت على‬
‫(‪ )62‬اس��تبانة إلكترونية وزعت على المدراء ومس��اعديهم في البنوك اإلسالمية‪ ،‬توصلت‬
‫إلى أن أس��لوب التمويل اإلس�لامي من شأنه أن يسهم في تنمية ودعم المؤسسات الصغيرة‬
‫والمتوسطة والتقليل من مشاكلها التمويلية‪.‬‬

‫دراس��ة (بعزي��ز‪ ،‬ومخلوف��ي‪ )2019 ،‬بعن��وان دور المصارف اإلس�لامية ف��ي تمويل‬
‫المش��اريع المصغرة في الجزائر‪ ،‬اعتمدت الدراس��ة المنهج التحليلي‪ ،‬وهدفت إلى توضيح‬
‫أهمي��ة المصارف اإلس�لامية في دعم المش��اريع المصغرة‪ ،‬وقد خلصت الدراس��ة إلى أن‬
‫المصارف اإلس�لامية تلع��ب دو ًرا ها ًما في تمويل المش��اريع المصغرة من خالل األدوات‬
‫والصيغ المتوافقة مع أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫دراس��ة (المنان‪ )2017 ،‬بعنوان دور البنوك اإلسالمية في تمويل المشروعات الصغيرة‬
‫في الس��ودان‪ ،‬اعتمدت الدراس��ة المنه��ج التحليلي‪ ،‬وتوصلت إل��ى أن التمويل المقدم من‬
‫المؤسس��ات المالية والمصارف التجارية والمتخصصة للمشاريع الصغيرة ضئيل جدًا عند‬
‫مقارنته بالتمويل المقدم للقطاعات األخرى مما يؤثر على استمرارية هذه المشروعات‪.‬‬

‫دراسة (أبو شنب‪ )2015 ،‬بعنوان دور التمويل اإلسالمي في دعم المشروعات الصغيرة‬

‫( ‪) 614‬‬
‫والمتوس��طة في األردن‪ ،‬اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬توصلت إلى أن‬
‫عددًا من صيغ التمويل اإلس�لامية تقدم حلوال فعالة لتعزيز الدور االقتصادي للمشروعات‬
‫الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬

‫دراس��ة (الجويفل‪ )2013 ،‬بعنوان دور البنوك اإلس�لامية في تمويل المنشآت األردنية‬
‫الصغيرة والمتوس��طة الحجم‪ ،‬اعتمدت الدراس��ة على المنهج الوصف��ي التحليلي‪ ،‬فقد تم‬
‫توزيع (‪ )150‬اس��تبانة على العاملين في البنوك اإلس�لامية‪ ،‬وتوصلت الدراس��ة إلى وجود‬
‫دور للبنوك اإلس�لامية في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم‪ ،‬إضافة إلى وجود‬
‫فاعلية لصيغ التمويل المتبعة لتمويل المشاريع‪.‬‬

‫الدراسات األجنبية‪:‬‬
‫دراسة (‪ )Zyadat, Alrawashdeh, 2021‬بعنوان التمويل اإلسالمي ودوره في‬
‫تمويل المش��اريع الصغيرة في األردن‪ ،‬واعتمدت الدراس��ة على أداة االس��تبانة‪ ،‬وتوصلت‬
‫الدراسة أن استفادة المشاريع الصغيرة من التمويل اإلسالمي التي تقدمها البنوك اإلسالمية‬
‫مرتفع‪.‬‬

‫دراسة (‪ )Thaker, et al. , 2020‬بعنوان االستفادة من األعمال المصرفية والتمويل‬


‫اإلس�لامي للشركات الصغيرة‪ ،‬وركزت على دولتين ماليزيا وإندونيسيا‪ ،‬وتوصلت الدراسة‬
‫إل��ى أن الممول متردد ف��ي توفير تمويل ألصحاب المش��اريع الصغيرة‪ ،‬لألس��باب التالية‪:‬‬
‫االفتق��ار أصحاب المش��اريع إلى الخبرة التجاري��ة‪ ،‬وعدم وجود ضم��ان إضافي‪ ،‬وارتفاع‬
‫تكاليف المعامالت‪ ،‬وصغر حجم القروض‪ ،‬سوء االئتمان وغيره‪.‬‬

‫دراسة (‪ )Santoso, 2019‬بعنوان دور المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة‬


‫في تحقيق أهداف التنمية المس��تدامة من خالل المؤسس��ات المالية اإلس�لامية‪ ،‬وتوصلت‬
‫الدراس��ة إلى صعوبة الحصول على تمويل من البنوك اإلس�لامية بسبب ضعف الضمانات‬
‫التي يمتلكها أصحاب المشروعات‪ ،‬وال يزال دور التمويل اإلسالمي ضعيف‪.‬‬

‫( ‪) 615‬‬
‫دراس��ة (‪ )Raza, et al. , 2017‬بعنوان الخدمات المصرفية اإلسالمية للمؤسسات‬
‫الصغيرة والمتوسطة في باكستان‪ ،‬توصلت الدراسة أن أكثر من ‪ %89‬من الشركات الصغيرة‬
‫والمتوس��طة إم��ا محرومة أو مهملة تماما م��ن قبل القطاع المصرفي في الباكس��تان‪ ،‬ويعود‬
‫س��بب انخفاض اإلقراض اإلس�لامي للمش��روعات الصغيرة والمتوس��طة إلى عدم الوعي‬
‫بالمنتجات اإلسالمية اتجاه الشركات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬

‫دراس��ة (‪ )Matarneh, & Mousa, 2015‬بعنوان مس��اهمة البنوك اإلس�لامية في‬


‫تمويل المش��روعات الصغيرة والمتوس��طة ف��ي مملكة البحرين‪ ،‬توصلت الدراس��ة إلى أنه‬
‫زادت مساهمة البنوك اإلسالمية في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل ملحوظ‬
‫خالل فترة ‪ 2010‬ـ ‪2012‬م‪ ،‬ويعزى ذلك إلى الس��مات الخاصة لنمو التمويل اإلس�لامي‬
‫الذي يركز على آليات تقاسم المخاطر‪.‬‬

‫دراس��ة (‪ )Huda, 2012‬بعنوان تطوير نظام التمويل اإلس�لامي للش��ركات الصغيرة‬


‫والمتوس��طة في دولة نامية‪ ،‬الدراسة تحليله‪ ،‬وتوصلت إلى أنه يجب أن تعمل الحكومة إلى‬
‫جانب األوس��اط األكاديمية كشريك استراتيجي للبنوك اإلسالمية في الحد من المعلومات‬
‫غير المتكافئة التي تمنع البنك من إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬

‫التعليق على الدراسة السابقة واإلضافة العلمية‪:‬‬


‫نظرا ألهمية موضوع الدراس��ة‪ ،‬فإن الدراس��ات تركزت في الفترة ما بعد ‪2012‬م إلى‬
‫ً‬
‫الفت��رة ‪2021‬م‪ ،‬مما يعكس مواكبتها ل��كل جديد في البيئات المختلف��ة‪ ،‬وتوصلت أغلب‬
‫الدراس��ات إلى أن هنالك تمويل إسالمي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ولكن بحاجه إلى‬
‫المزي��د م��ن التعزيز‪ ،‬والحد من التحدي��ات التي تواجه هذا النوع م��ن التمويل وكما يمكن‬
‫مالحظة ندرة الدراس��ات الفلس��طينية التي تبحث في هذا الجانب‪ ،‬فحس��ب علم الباحثين‬
‫تعتبر هذه الدراسة هي األولى من نوعها في فلسطين‪ ،‬واختلفت هذه الدراسة عن الدراسات‬
‫الس��ابقة بكونها تطبق في بيئة اس��تثنائية غير مس��تقرة تعاني فيها المؤسسات الفلسطينية من‬
‫واقع اقتصادي وسياس��ي صعب المتمثل في االحتالل‪ ،‬والقي��ود الذي يفرضها‪ ،‬والظروف‬

‫( ‪) 616‬‬
‫االقتصادية الصعبة التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية‪ ،‬وهذا يفرض تحديًا أمام إدارتها‬
‫تبعًا لمتطلبات الواقع الخاص مما يكس��به خصوصية شاملة‪ ،‬وذلك على عكس الدراسات‬
‫العربية التي طبقت في دول ذات س��يادة كاملة تتميز باس��تقرار البيئ��ة المحيطة بها‪ ،‬وهذا ما‬
‫جعل من هذه الدراسة سببًا في إضافة علمية جديدة إلى هذا الحقل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 617‬‬
‫اإلطار النظري للدراسة‬
‫يوفر النظام المصرفي اإلس�لامي صيغ إس�لامية تتوافق مع مبادئ الش��ريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫ويعني ذلك تقديم خدمات مالية إس�لامية بدون فوائد؛ ألن قواعد الشريعة اإلسالمية ال تجيز‬
‫الربا أو الفائدة على إقراض المال‪ ،‬وإلى اآلن على المستوى العالمي ما زال انتشار المصارف‬
‫اإلس�لامية محدودًا وليس واسعًا كالبنوك التقليدية (‪ ،)Reille, & Naseem. 2016‬وفي‬
‫ه��ذا الخص��وص‪ ،‬اتخذت المصارف اإلس�لامية خط��وات جادة وحققت قف��زات جيدة في‬
‫ش��مولية األدوات المالية وتنوع صيغ التمويل‪ ،‬ووف ًقا لنتائج العديد من الدراسات واألدبيات‬
‫أصبحت المصارف اإلس�لامية قادرة على تخطي اإلجراءات الطويلة في المنظومة التقليدية‪،‬‬
‫خاصة فيما يتعلق بالمؤسس��ات الصغيرة والمتوس��طة التي تعتبر بمثابة جس��ر لتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ويأتي هذا االهتمام تبعًا ألهمية دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة‬
‫الفع��ال في بناء االقتصاد الناش��ئ (صخري‪ ،‬وب��ن علي‪ ،)2021 ،‬هنا س��يتم تناول متغيرات‬
‫الدراسة المالئمة للبيئة التي تجري فيها الدراسة على النحو اآلتي‪:‬‬

‫مفهوم التمويل اإلسالمي‪:‬‬

‫يعرف على انه األنش��طة المالية أو المصرفية المتوافقة مع أحكام الش��ريعة اإلس�لامية‬
‫ويحكمه مبدأين أساس��ين وهما تقاسم األرباح والخسائر‪ ،‬وحظر تحصيل ودفع الفوائد من‬
‫قبل المقرضين والمس��تثمرين (‪ ،)Tarver, & khartit. 2021‬وكما تم تعريف التمويل‬
‫اإلس�لامي على أنه جزء من النظام االقتصادي اإلسالمي المستوحى من الشريعة اإلسالمية‬
‫(‪ ،)Franzoni, & Allali, 2018‬ويه��دف إل��ى دع��م تحقي��ق أهداف الش��ريعة بعمق‪،‬‬
‫والتي يجب أن تنعكس في االقتصاد ألنها تس��مح بالنمو والعدالة‪ ،‬وفي النهاية يخدم النظام‬
‫االقتص��ادي مصلحة البش��رية جمعاء (‪ ،)Alasrag, 2011‬وأس��اس ه��ذه التعليمات هو‬
‫المعالجة اإلسالمية األخالقية للمعامالت المالية (‪ ،)Khan, et al. , 2019‬ويهدف قانون‬

‫( ‪) 618‬‬
‫المعامالت المالية اإلس�لامية إلى حماية حقوق جميع األطراف المش��اركة في المعامالت‬
‫التجارية وفي نفس الوقت القضاء على إمكانية استغالل أي طرف للطرف اآلخر‪ ،‬أو إمكانية‬
‫تغيير قيمة األش��ياء عن طريق حرمانهم من الس��لع والخدمات‪ ،‬أو الجهود الفعلية والتنفيذ‬
‫الفعلي من خالل وسطاء (‪.)Rahama, 2017‬‬
‫المتغير المستقل األول‪ :‬صيغ التمويل اإلسالمي‬

‫‪ 1.1‬المرابح��ة‪ :‬تعتب��ر صيغة المرابحة من اكث��ر صيغ التمويل ش��يوعًا في المصارف‬


‫اإلس�لامية‪ ،‬حيث بلغت نسبة ‪ %70‬من المعامالت اإلسالمية تتم من خالل صيغة المرابحة‬
‫في جميع أنحاء العالم (‪.)Bhatti,2011‬‬

‫تعرف المرابحة بأنها «البيع بالسعر األصلي مضافًا إليه الربح»‪ ،‬وفي المرابحة‪ ،‬يشتري‬
‫البنك السلعة التي يحددها العميل ويمتلكها وف ًقا للمواصفات المطلوبة‪ ،‬بما في ذلك السلع‬
‫االستهالكية وأصول اإلنتاج‪ ،‬بعد حصول البنك على الملكية‪ ،‬يقوم ببيع هذه السلع للعمالء‬
‫بس��عر يتضمن تكلفة الش��راء باإلضافة إلى الربح المخصص لجهد الش��راء ونفقات البنك‪،‬‬
‫ثم يتم تس��ليم البضاعة للعميل (‪ ،)Reille, & Nassem, 2016‬ولكي تحقق المرابحة‬
‫هدفها المنشود والمتمثل في تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة يجب أن يتم تمويل شراء‬
‫وح��دات اإلنتاج (خطوط اإلنتاج) أو ش��راء المواد الخام ولوازم التش��غيل المطلوبة لصنع‬
‫المنتج��ات النهائي��ة (‪ ،)Islamic Development bank, 2021‬ومن جانب آخر يوفر‬
‫البنك اإلس�لامي متطلبات اإلنتاج لهذه المرافق ويدفعها لألفراد والمؤسسات وللمشاريع‬
‫المتوس��طة والصغيرة الحجم التي ترغب في ش��راء منتجات معينة‪ ،‬ع�لاوة على أنه يمكن‬
‫تلبيته هذه الطلبات من إنتاج منش��آت الصغيرة والمتوسطة وتتجلى مخاطر هذه الصيغة في‬
‫وحدة اإلنتاج الذين يس��تخدمون الم��واد الخام في النهاية‪ ،‬وهو ما يمثل عملية ش��راء وبيع‬
‫وامتالك‪ ،‬ثم فشل سداد الدفعة في الوقت المحدد (األسرج‪.)2010 ،‬‬

‫‪ 1.2‬المضارب��ة‪ :‬في ه��ذه الصيغة يوفر المصرف اإلس�لامي رأس المال‪ ،‬في حين‬
‫على الطرف اآلخر (العميل صاحب المش��روع) أن يوفر اإلدارة‪ ،‬المهارة‪ ،‬والعمالة‬

‫( ‪) 619‬‬
‫(‪ ،)Jamaldeen, 2021‬ووف ًق��ا لذلك ال يش��ارك البنك اإلس�لامي في التش��غيل اليومي‬
‫لألعمال‪ ،‬ولكن تبقى له الحرية في تحديد الش��روط التي يراها ضرورية لضمان االستخدام‬
‫األمثل ألمواله‪ ،‬وعند نهاية العقد يستعيد البنك اإلسالمي رأس المال‪ ،‬باإلضافة إلى األرباح‪،‬‬
‫ولكن في حال الخس��ارة يتحمل البنك جميع الخسائر (‪ ،)Okte, 2010‬والمضاربة تفتح‬
‫المجال أمام أصحاب المشاريع لإلبداع والتطور وتسخير مواهبهم في اإلنتاج بدون مشاكل‬
‫مالي��ة‪ ،‬وفي هذا الصدد يبذل صاحب المش��روع أقصى جهده مع اهتمامه بنجاح مش��روعه‬
‫وتطوره‪ ،‬ألنه شريك في الربح الناتج منه (األسرج‪.)2017 ،‬‬

‫‪ 1.3‬المشاركة‪ :‬عقد استثماري يشترك فيه طرفان أو أكثر بالمال أو العمل ويتقاسمان‬
‫األرباح حس��ب العق��د (‪ ،)Keton, 2020‬أما الخس��ائر فيجب أن تكون مبنية على نس��بة‬
‫رأس المال المشارك‪ ،‬ويطبق البنك اإلسالمي هذه الصيغة بإدخال أمواله كشريك مع طرف‬
‫(صاحب المش��روع)‪ ،‬ويش��ارك في إجراءات اإلدارة والمتابعة لجميع األطراف المشاركة‬
‫في تمويل المش��روع (بعزي��ز‪ ،‬ومخلوف��ي‪ ،)2019 ،‬ويمكن أن تكون المش��اركة متناقصة‬
‫بحيث تنتهي بالتملك‪ ،‬بحيث يبيع البنك حصته للعميل بشكل متدرج ويتقاضاها من أرباح‬
‫المش��روع إلى أن يصبح المش��روع بالكامل للعم�لاء وبذلك يتحق��ق التمكين االقتصادي‬
‫للعمالء ويسترد البنك اإلسالمي رأس ماله مع األرباح والعوائد‪.‬‬

‫الس��لَم‪ :‬هذه الصيغة تتم من خالل قيام المش��تري بدفع دفعه مقدمة‪ ،‬ولكن تس��ليم‬
‫‪َ 1.4‬‬
‫السلعة يكون في المستقبل‪ ،‬وف ًقا لذلك فإن المشتري هو البنك اإلسالمي‪ ،‬والعميل هو صاحب‬
‫المش��روع‪ (Said, et al. , 2020)،‬وتس��تخدم هذه الصيغة بشكل كبير من قبل المزارعين‪،‬‬
‫بحي��ث توفر البنوك اإلس�لامية للمزارعين رأس المال الالزم لتموي��ل تكلفة إنتاج المحصول‬
‫مقابل التس��ليم المس��تقبلي للمنتج النهائي‪ ،‬والبنك اإلس�لامي قادر على ترويج وتسويق هذا‬
‫المنت��ج للعمالء اآلخري��ن (‪ ،)Islamic Bank Bangladesh limited, 2021‬وبالتالي‬
‫تتناسب هذه الصيغة في تمويل المشاريع الزراعية واإلنتاجية في حين ال تتناسب مع المشاريع‬
‫التجارية أو الخدمية (فرحان‪.)2011 ،‬‬

‫( ‪) 620‬‬
‫‪ 1.5‬االس��تصناع‪ :‬يعن��ي أن البن��ك يصن��ع ما يرغب في��ه العميل بناء عل��ى طلبه من‬
‫وح��دات إنتاجية أو عقارية (من خالل الش��ركات المصنعة) ثم يق��وم العميل بدفع المبالغ‬
‫المس��تحقة للبنك على أقس��اط مع تحقيق الربحية‪ ،‬أو إنش��اء عمارات س��كنية وغير ذلك‬
‫)‪ ،)Muhammad & Chong, 2007‬وال تختلف مخاطر صيغة االستصناع عن صيغة‬
‫الس��لَم والتي يمكن التأمي��ن عليها (عبد الكريم‪ ،)2015 ،‬وتتالءم صيغة االس��تصناع‬
‫بيع َ‬
‫مع المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة من خالل توس��يع األعمال عبر زيادة خطوط اإلنتاج‬
‫الموجودة أو إنش��اء وح��دات عقارية لوحدات التجميع (معط��ى‪ ،)2020 ،‬وهذه الصيغة‬
‫تمكن البنك من استرداد رأس ماله مع هامش الربح التعاقدي مع أصحاب المشاريع‪.‬‬

‫‪ 1.6‬اإلجارة المنتهية بالتملك‪ :‬طريقة تمويل مباش��ر لش��خص ما تقوم البنوك بتأجير‬
‫األصول المملوكة أو غير المملوكة له بناء على طلب العميل الستخدامها مقابل إيجار محدد‬
‫مدفوع على أقس��اط بمبلغ محدد وتاريخ س��داد محدد )‪ ،)Shoon, N. , 2008‬الفرضية‬
‫ه��ي أن العميل يرغب بامتالك األصل في نهاية الفترة‪ ،‬ويكون العميل أثناء الفترة مس��ؤولاً‬
‫عن تكاليف الصيانة (التشغيل) العادية والمصروفات التي تعتمد على دخل األصل‪ ،‬وهناك‬
‫مصروفات أساس��ية يتحملها المؤجر وهو البنك اإلس�لامي‪ ،‬في نهاي��ة العقد‪ ،‬إذا لم يدفع‬
‫العمي��ل يعتبر المبلغ المدفوع مس��ب ًقا مقابل اإليجار‪ ،‬ويتم رد الج��زء الذي يتجاوز اإليجار‬
‫نفس��ه إلى العمي��ل (مصرف الصفا‪ ،)2021 ،‬وتتالءم صيغ��ة التمويل عن طريق التأجير مع‬
‫التعهد بالتملك المنش��آت اإلنتاجية الصغيرة والمتوس��طة والت��ي تتطلب خطوط إنتاج مثل‬
‫ً‬
‫وأيضا المش��اريع التي تتطلب األجهزة والمعدات مثل‬ ‫المطاب��ع ومصانع التعبئة والتغليف‪،‬‬
‫المعامل الطبية (محمد‪.)2017 ،‬‬

‫وهذه الصيغ التمويلية اإلس�لامية المذكورة س��اب ًقا تناسب المش��اريع الصغيرة ومتناهية‬
‫الصغر والمتوس��طة لكل فئات المجتمع خاصة من األقليات والمهمشين وذوي االحتياجات‬
‫الخاصة والم��رأة والخريجين والعاطلين عن العمل والرياديي��ن أصحاب األفكار اإلبداعية‪،‬‬
‫والذين ال يملكون رأس المال وال يملكون الضمانات الكافية للتمويل ألن بعض الصيغ يكون‬

‫( ‪) 621‬‬
‫البنك اإلس�لامي فيها شري ًكا في نتائج أعمال المشروعات وال يجوز أن يطلب الضمانات إال‬
‫في حالة التعدي والتقصير ومخالفة الشروط‪.‬‬

‫المتغير المستقل الثاني‪ :‬كفاية صيغ التمويل اإلسالمي‬

‫دور المصارف اإلس�لامية في تحقيق أهداف االستثمار اإلسالمي والتنمية المستدامة‬


‫مح��دود‪ ،‬وفعالية الجهود المبذولة لتطوير وابتكار آليات جديدة تعتمد على قدرة الش��عب‬
‫الفلس��طيني الذاتية ضعيفة‪ ،‬وقدرتها على إعادة ثقة المستثمرين في االقتصاد الوطني وعمل‬
‫تنمي��ة اقتصادية ضعيفة (الجعبري‪ ،)2013 ،‬وذلك لكونه��ا تركز على توفير خدمات مالية‬
‫تحق��ق عائد ثابت لها‪ ،‬كما ه��و الحال في المرابحة (المومن��ي‪ ،)2020 ،‬وكما تراجع دور‬
‫البنوك اإلسالمية في زيادة اإلنتاج وتجاهل القطاع الزراعي ألن نسبة التمويل في هذا القطاع‬
‫وصل��ت فق��ط (‪ )٪1‬فمن المعروف أن هذا القطاع قد تمي��ز بتخصيص ثالث صيغ تمويلية‬
‫(المزارعة والمس��اقاة والمغارس��ة)‪ ،‬مما يدل على أهميته في االقتصاد اإلس�لامي وبالتالي‬
‫هنالك ضعف وعدم كفاية في األس��اليب المتبعة في المصارف اإلس�لامية في اس��تقطاب‬
‫رؤوس األموال (الجعبري‪ ،)2013 ،‬س��يتم قياس الكفاية م��ن خالل إجراء المقابالت مع‬
‫العاملين في المصارف اإلس�لامية‪ ،‬وتحليل نس��بة مساهمة المصارف اإلسالمية في تمويل‬
‫المشاريع الصغيرة‪.‬‬
‫المتغير المستقل الثالث‪ :‬فعالية صيغ التمويل اإلسالمي‬

‫تعاني المصارف اإلس�لامية الفلسطينية من ش��ح الكوادر المؤهلة والمدربة في مجال‬


‫الصيرفة اإلسالمية‪ ،‬وباإلضافة إلى عدم فعالية سياساتها التسويقية وتوعية األفراد وأصحاب‬
‫المش��اريع بخدماتها المصرفية المبنية على أسس شرعية (الرجوب‪ ،)2011 ،‬ولكن هنالك‬
‫جوانب أخرى تبرز فيها فعالية التمويل اإلس�لامي منها‪ :‬تشجع أصحاب األعمال الصغيرة‬
‫والمتوسطة على بذل قصارى جهدهم‪ ،‬وفي نفس الوقت الحماس لنجاح المشروع‪ ،‬ألنهم‬
‫ش��ركاء ف��ي األرباح الناتجة عن��ه‪ ،‬وبالتالي ضم��ان آلية تخصيص الموارد المالية (حس��ن‪،‬‬
‫‪ ،)2020‬باإلضاف��ة إلى اختيار نظام توزيع األرباح الذي يتناس��ب مع وضع طرفي العالقة‪،‬‬

‫( ‪) 622‬‬
‫فإن��ه يوفر ً‬
‫أيضا مجموعة متنوعة من الخيارات ألصحاب المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة‬
‫الختيار مجاالت وأس��اليب مالئمة لهم‪ ،‬وتحفيز أصحاب المشاريع على اإلبداع واالبتكار‬
‫دون عوائق مالية‪ ،‬من خالل توفير صيغ تمويل متنوعة للمش��روعات الصغيرة والمتوس��طة‬
‫(األسرج‪ ،)2011 ،‬فعلى س��بيل المثال المرابحة مناسبة لتمويل شراء األصول الموجودة‪،‬‬
‫أو توفير السلع‪ ،‬أو المعدات‪ ،‬أو المواد الخام للتجارة‪ ،‬أما اإلجارة‪ ،‬توفر المعدات للمشروع‬
‫ويتم استئجارها إجارة تشغيلية أو منتهية بالتمليك‪ ،‬لكنها ال توفر المواد الخام ورأس المال‬
‫العامل‪ ،‬والمضاربة والمشاركة توفران الموارد التمويلية الالزمة للمشروع سواء على شكل‬
‫رأس مال ثابت أو رأس مال عامل (‪ )Fasih, 2012‬أما االستصناع التمويلي يوفر األصول‬
‫والمبان��ي واآلالت غير الموجودة والتي تحتاج إلى صناعة عن طريق دفع قيمتها مقدمًا من‬
‫البن��وك لصالح العم�لاء‪ ،‬مع ظهور طرق التمويل هذه‪ ،‬فإن المش��اريع أصبح لديها الفرصة‬
‫للنمو واالزدهار‪ ،‬واس��تخدام الطاق��ة اإلنتاجية المتاحة‪ ،‬والتحكم ف��ي التكاليف‪ ،‬وتحقيق‬
‫االس��تقرار في ظ��روف اإلنتاج‪ ،‬وبالتالي تب��رز فعالية صيغ التموي��ل بتوفرها في المصارف‬
‫اإلسالمية على عكس المصارف التقليدية (حسن‪.)2020 ،‬‬

‫المتغير المستقل الرابع‪ :‬التحديات التي تواجه المصارف اإلسالمية‬

‫تب��رز التحديات في ع��دم وجود نماذج تمويلي��ة حديثة في البنوك اإلس�لامية‪ ،‬وذلك‬
‫يمكن تفسيره باألسباب التالية‪ :‬عدم وجود قوانين وتشريعات تنظم هذا النوع من التمويل‪،‬‬
‫فضلاً عن ضعف الروابط في األسواق المالية للدولة‪ ،‬وكما أن البنوك اإلسالمية لديها خبرة‬
‫غير كاملة‪ ،‬وطرق تمويلها غير شائعة بين المتعاملين في السوق (فايدي‪ ،‬وقاسي‪،)2019 ،‬‬
‫وباإلضاف��ة إل��ى أن معظم الش��ركات الصغيرة والمتوس��طة لي��س لديها خبرة ف��ي التنظيم‬
‫واإلدارة (فرحان‪ ،)2011 ،‬ويمكن تفسيره بالنظر إلى أن معظم الشركات وخاصة الصغيرة‬
‫منها‪ ،‬هي ش��ركات عائلية تعتمد على الموظفين األقارب بدلاً من الكفاءة (فايدي‪ ،‬وقاسي‪،‬‬
‫‪ ،)2019‬وم��ن ناحي��ة أخرى يوجد تحديات في احتمالية عدم س��داد أصحاب المش��اريع‬
‫الدي��ون المترتبة عليهم من التمويل‪ ،‬عالوة على خوفهم من الدخول في ش��راكه مع البنوك‬

‫( ‪) 623‬‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬وافتق��ار العمالء إلى فهم صيغ��ة المرابحة‪ ،‬وكما أنه تفتقر المنش��آت الصغيرة‬
‫والمتوس��طة من وجود دراس��ات جدوى تثب��ت فعالية التمويل‪ ،‬وباإلضافة إلى الفش��ل في‬
‫اختيار المش��روع تبعا للخبرات والدراية الكامل��ة بالمخاطر المحتملة (أبو رمان‪،)2018 ،‬‬
‫ويواجه التمويل اإلسالمي تحدي البنية التحتية غير المناسبة‪ ،‬والسوق المحلي غير المالئم‬
‫ويحتاج إلي تغير جوهري لتحقيق تنمية ونمو اقتصادي‪ ،‬باإلضافة إلى أن الكفاءات البشرية‬
‫في المصارف اإلسالمية الزالت غير مؤهلة أو كافية‪ ،‬حيث صيغ التمويل اإلسالمي بحاجة‬
‫إلى عاملين مختصين في هذا المجال‪ ،‬ومن جهة أخرى االفتقار إلى القوانين والتش��ريعات‬
‫الواضحة التي تحدد أسلوب عمل المصارف اإلسالمية (األسرج‪ ،)2011 ،‬وتعاني البنوك‬
‫اإلس�لامية من مشكلة انعدام وجود أس��س مصرفية موحدة بين البنوك اإلسالمية جميعها‪،‬‬
‫وضعف التنسيق والتعاون فيما بينهم (المغيوب‪ ،)2010 ،‬وهذا يفضي إلى عدم القدرة على‬
‫تحمل المخاطر‪ ،‬وذلك بس��بب ضعف الهياكل اإلنتاجية‪ ،‬وفرص االس��تثمار‪ ،‬ولذلك تلجأ‬
‫معظ��م البنوك إلى صيغه المرابحة كونها األقل مخاطرة‪ ،‬واألقرب لصيغ التمويل التقليدية‪،‬‬
‫وباإلضافة إل��ى ضعف المتابعة مع الجهات الرقابية وقلة الش��فافية‪ ،‬وإهمال إجراء بحوث‬
‫تطويرية (هارون‪ ،‬وآخرون‪.)2016 ،‬‬
‫المتغير التابع‪ :‬رضا أصحاب المشاريع اتجاه التمويل اإلسالمي‬
‫يعرف الرضا على أنه ش��عور صاحب المش��روع بالس��عادة أو الخذالن التي تتولد من‬
‫خالل مقارنة األداء بالتوقعات المأمولة (‪ ،)Razak, et al. , 2016‬وبالتالي يقع على عاتق‬
‫البنوك اإلس�لامية تقديم خدمات تلبي احتياجات ومتطلبات أصحاب المشاريع وتوقعاتهم‬
‫(‪ ،)Kumasey, & Ghana, 2014‬وتؤثر جودة الخدمة بشكل كبير على رضا أصحاب‬
‫المش��اريع (‪ ،)Maswadeh, 2015‬وتتمثل أبعاد جودة الخدمة القائمة على الشرعية في‬
‫جانبين األول المرتبط بنتيجة الخدمة وهي الموثوقية‪ ،‬والثاني يشير إلى تقديم الخدمة وهي‬
‫معايير الملموس��ات واالستجابة والضمان والتعاطف (‪ ،)Raza, & Ali, 2015‬وبالتالي‬
‫س��يؤدي تقديم خدمات عالية الجودة إلى تحقيق مس��توى عال م��ن رضا العمالء ووالئهم‬
‫(الفقهاء‪.)2012 ،‬‬
‫( ‪) 624‬‬
‫المتغير التابع‪ :‬المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة‬

‫ال يوجد مفهوم موحد للمش��اريع الصغيرة والمتوسطة في مختلف دول العالم‪ ،‬وهذا‬
‫ما جعل هناك مش��اكل في تقدير حجم المش��اريع تبعًا لعدد العم��ال أو رأس المال وغيره‪،‬‬
‫م��ن قب��ل البنوك والمؤسس��ات المالي��ة والحكومية مما عرقل س��بل تنميته��ا (‪IFC WB‬‬
‫‪ ،)Group, 2014‬وف��ي هذا الصدد اتجه مجلس الوزراء الفلس��طيني حديثًا لوضع قانون‬
‫موحد للمش��اريع الصغيرة والمتوس��طة وهذا من ش��أنه تطوير قطاع المش��اريع وتنميته من‬
‫خ�لال وضع السياس��ات والخطط الخاصة به واعتمد التعريف عل��ى معيارين وهما‪( :‬عدد‬
‫العاملين‪ ،‬المبيعات السنوية)‪ ،‬وصنفت المشاريع إلى خمسة تصنيفات على النحو الموضح‬
‫أدناه (مجلس الوزراء‪.)2021 ،‬‬

‫اجلدول رقم (‪)1‬‬


‫تصنيف املشاريع الصغرية وفق قرار جملس الوزراء الفلسطيين‬
‫‪Number of‬‬
‫‪Annual Turnover‬‬ ‫‪Classification‬‬
‫‪employees‬‬

‫‪provided that turnover does not exceed USD‬‬


‫ـ ‪14‬‬ ‫‪Micro‬‬
‫‪100.000‬‬

‫‪provided that turnover does not exceed USD‬‬


‫ـ ‪59‬‬ ‫‪Very Small‬‬
‫‪200.000‬‬

‫‪provided that turnover does not exceed USD‬‬


‫ـ ‪1019‬‬ ‫‪Small‬‬
‫‪500.000‬‬

‫‪provided that turnover does not exceed USD‬‬


‫ـ ‪2049‬‬ ‫‪Medium‬‬
‫‪2.000.000‬‬

‫‪More than USD 2.000.00‬‬ ‫‪50 +‬‬ ‫‪Large‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 625‬‬
‫الدراسة امليدانية واإلجراءات‬
‫منهجية الدراسة‪:‬‬
‫نظرا ألن الدراس��ة تهدف إلى معرفة دور المصارف اإلس�لامية في تمويل المش��اريع‬
‫ً‬
‫الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوس��طة في فلس��طين‪ ،‬فإن مص��ادر المعلومات الالزمة هي‬
‫المصادر األولية والثانوية‪ ،‬وتم االعتماد على االس��تراتيجية البحثية المختلطة بين المنهج‬
‫الكم��ي والكيف��ي المعتم��د على إج��راء المقاب�لات المنظمة م��ع عينة م��ن العاملين في‬
‫البنوك اإلس�لامية المتخصصين في التمويل والتس��هيالت والمش��اريع الصغيرة‪ ،‬وتحليل‬
‫اإلحصائيات والبيانات المرس��لة من سلطة النقد الفلس��طينية‪ ،‬وتوزيع استمارة ألصحاب‬
‫المش��اريع وبناء على ما س��بق فقد وجد أن هذا المنهج هو األنسب واألكثر مالئمة لطبيعة‬
‫هذه الدراسة‪.‬‬

‫جمتمع الدراسة‪:‬‬
‫نظرا ألن الدراس��ة متعلقة بدور المصارف اإلس�لامية في تمويل أصحاب المش��اريع‬
‫ً‬
‫الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة من المصارف اإلسالمية‪ ،‬فإن مجتمع الدراسة اشتمل‬
‫على المصارف اإلس�لامية الفلس��طينية كافة‪ ،‬وعددها ثالثة‪ ،‬وهي البنك اإلسالمي العربي‪،‬‬
‫البن��ك اإلس�لامي الفلس��طيني‪ ،‬ومصرف الصف��ا‪ ،‬والمس��تفيدين من الخدم��ات التمويلية‬
‫اإلسالمية لتقييم رضاهم حول الخدمات المالية الممنوحة لهم‪.‬‬

‫عينة الدراسة‪:‬‬
‫تم اختيار عينة قصدية من الموظفين المتخصصين في قس��م التمويالت والتس��هيالت‬
‫(مش��اريع صغيرة) في المصارف اإلس�لامية الفلس��طينية والبالغ عددهم (‪ )6‬مدراء‪ ،‬وعينة‬
‫عرضية ‪ 115‬مستفيد من أصحاب المشاريع‪.‬‬

‫( ‪) 626‬‬
‫منوذج الدراسة‪:‬‬

‫اممتغٌرات امتابعة‬ ‫اممتغٌرات اممستقنة‬

‫صٌغ امتموًل اإلسالمي‬

‫امكفاًة‬
‫رضى أصحاب‬
‫اممشارًع متناهٌة امصغر‬
‫وامصغٌرة واممتوسطة‬ ‫امفعامٌة‬

‫امتحدًات‬

‫أدوات الدراسة‪:‬‬
‫بم��ا أن مجتم��ع وعينة الدراس��ة هم م��ن الم��دراء ذوي االختصاص ف��ي المصارف‬
‫اإلسالمية وأصحاب المشروعات الصغيرة أنفسهم فقد تنوعت ً‬
‫أيضا أدوات الدراسة لتشمل‬
‫إجراء مقابالت والبالغ عددها (‪ )6‬لإلجابة عن األس��ئلة المتعلقة بكفاية وفعالية المصارف‬
‫اإلس�لامية والتحدي��ات التي تواجهه��ا‪ ،‬وتم تحليلها بش��كل كم��ي‪ ،‬وتم االس��تعانة بأداة‬
‫االس��تمارة لتقييم رضى أصحاب المش��اريع عن التمويالت المقدمة لهم‪ ،‬كما تم استخدام‬
‫تحلي��ل المحت��وى (‪ )content analyses‬للجداول واإلحصائيات التي تم إرس��الها من‬
‫سلطة النقد الفلس��طينية‪ ،‬وتمت مراجعة المواقع اإللكترونية الرسمية للمصارف اإلسالمية‬
‫لمعرفة الصيغ التمويلية المقدمة‪.‬‬
‫وصف أدوات الدراسة‪:‬‬
‫المقابل��ة‪ :‬تم صياغ��ة برتوكول المقابلة األولي باالس��تناد إلى األبحاث والدراس��ات‬
‫الس��ابقة‪ ،‬واستمرت كل مقابلة بحدود ساعة في المتوس��ط‪ ،‬وقد تم أخذ المالحظات أثناء‬
‫المقابلة كتابيًا وذلك لتدعيم البحث بوجهات نظر المصارف اإلس�لامية واشتملت المقابلة‬

‫( ‪) 627‬‬
‫عل��ى (‪ )7‬فقرات مغلق��ة خاصة بمحور الفعالية‪ ،‬و(‪ )10‬فقرات مغلقة وس��ؤالين مفتوحين‬
‫تابعي��ن لمح��ور الكفاية‪ ،‬بينم��ا تم تخصي��ص (‪ )7‬فقرات مغلقة وس��ؤال مفت��وح لمحور‬
‫التحدي��ات‪ ،‬كان��ت فقرات المقابالت المغلق��ة بتصنيف تدريجي كالتال��ي‪( :‬موافق بدرجة‬
‫متدني��ة ج��دًا بقيمة ‪/1‬متدنية ‪/2‬متوس��طة ‪/3‬عالي��ة ‪/4‬عالية جدًا ‪ ،)5‬وت��م اعتماد مفتاح‬
‫التصحيح لتصنيف اإلجابات كما في الجدول رقم (‪.)1‬‬
‫مفتاح اتلصحيح جدول رقم (‪)1‬‬
‫الدرجة‬ ‫النسبة‬
‫متدنية جدًا‬ ‫أقل من ‪%50‬‬
‫متدنية‬ ‫‪ %50‬ـ ‪%59‬‬
‫متوسطة‬ ‫‪ %60‬ـ ‪%75‬‬
‫عالية‬ ‫‪ %76‬ـ ‪%89‬‬
‫عالية جدًا‬ ‫‪ %90‬فأعلى‬

‫حتليل نتائج الدراسة‪:‬‬


‫النتائج المتعلقة بالسؤال األول‪« :‬ما مدى تنوع صيغ التمويل اإلسالمي المقدمة لتمويل‬
‫المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة؟»‪.‬‬
‫يظهر الجدول رقم (‪ )2‬مدى تنوع أساليب وصيغ التمويل اإلسالمي المقدمة من المصارف‬
‫اإلسالمية للعمالء وكان أبرز هذه الصيغ هي المرابحة فقد سجلت النسبة األعلى (‪)%87.56‬‬
‫م��ن بين الصيغ األخرى‪ ،‬وهي حاص��ل جمع قيمتي (‪ )%75.96‬مرابحة ‪ )%11.60( +‬تورق‪،‬‬
‫على اعتبار أن التورق يتم تنفيذه في المصارف اإلس�لامية عن طريق صيغة المرابحة‪ ،‬وبالنظر‬
‫إلى اس��تخدام المرابحة (‪ )%87.56‬فإنه يس��تنتج بأن التنوع في الصيغ التمويلية موجود ولكنه‬
‫بدرجة متدنية‪ ،‬ومما يؤكد هذا االستنتاج أن النسب األخرى قليلة جدًا وخاصة نسبة المشاركة‬
‫(‪ )%0.00‬وه��ذا م��ا يؤكد قب��ول الفرضي��ة األولى والتي تن��ص على «تنوعت صي��غ التمويل‬
‫اإلس�لامي المقدمة لتمويل المش��اريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة بدرجة متدنية في‬
‫فلسطين»‪ ،‬وفيما يلي جدول رقم (‪ )2‬يوضح الصيغ والنسبة المئوية‪.‬‬

‫( ‪) 628‬‬
‫جدول رقم (‪)2‬‬
‫إجمالي تمويالت المصارف اإلسالمية حسب طبيعتها‬
‫األهمية النسبية‬ ‫المجموع‬ ‫البيان‬
‫‪%75.96‬‬ ‫‪1,554,235,208‬‬ ‫مرابحة لآلمر بالشراء‬
‫‪%3.13‬‬ ‫‪63,948,083‬‬ ‫استصناع‬
‫‪%0.31‬‬ ‫‪6,354,488‬‬ ‫المكشوفين بالحسابات الجارية وتحت الطلب‬
‫‪%1.14‬‬ ‫‪23,407,603‬‬ ‫مضاربات‬
‫‪%1.24‬‬ ‫‪25,349,143‬‬ ‫قرض حسن‬
‫‪%6.62‬‬ ‫‪135,413,475‬‬ ‫إجارة منتهية بالتمليك‬
‫‪%11.60‬‬ ‫‪237,341,774‬‬ ‫التورق‬
‫‪%0.00‬‬ ‫‪0‬‬ ‫المشاركات‬
‫‪%100.00‬‬ ‫‪2,046,049,774‬‬ ‫المجموع‬

‫املصدر‪ :‬سلطة انلقد الفلسطينية‪ ،‬بيانات حديثة بتاريخ ‪2021/09/14‬م‬

‫النتائج المتعلقة بسؤال الدراس��ة الثاني‪ :‬ما مدى كفاية سياسات وإجراءات المصارف‬
‫اإلسالمية اتجاه المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة؟‬

‫شلك رقم (‪)1‬‬

‫( ‪) 629‬‬
‫ولإلجابة عن سؤال الدراسة الثاني‪:‬‬

‫من وجهة نظر المصارف اإلس�لامية‪ ،‬قام الباحثون بوض��ع ‪ 10‬فقرات مغلقة لتقييمها‬
‫من قبل المبحوثين مع إمكانية إعطاء المالحظات واألسباب وباإلضافة إلى األمثلة لتدعيم‬
‫اإلجاب��ة‪ ،‬وكما تم وضع س��ؤالين مفتوحين لفهم الموضوع من كاف��ة الجوانب‪ ،‬وبناءً على‬
‫ذل��ك كانت اإلجاب��ات عن الفق��رات (‪ )10‬المغلقة توضح أن كفاية سياس��ات وإجراءات‬
‫المصارف اإلس�لامية تجاه المش��اريع عالية حيث بلغ المتوسط الحسابي (‪ )%79‬مما يعني‬
‫ذلك قب��ول الفرضية‪ ،‬والتي نصت على أن سياس��ات وإجراءات المصارف اإلس�لامية في‬
‫تمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة تعتبر كافية بدرجة عالية‪.‬‬

‫فكما هو موضح بالرس��م البياني ش��كل رقم (‪ )1‬فقد حصل��ت الفقرة التي تنص على‬
‫«فترة الس��داد المسموح بها من قبل المصارف اإلس�لامية ألصحاب المشاريع كافية» على‬
‫أعلى درجة وبنسبة ‪ %90‬ويعود السبب إلى انه يتم إعطاء فترة السداد ضمن حاجة المشروع‬
‫التش��غيلية‪ ،‬فهي كافية ويعود ذلك إلى نظرة المصارف اإلس�لامية إلى دورة حياة المشروع‬
‫وتحديد الوقت المتعلق بطبيعة النش��اط‪ ،‬حيث أن أنش��طة المش��اريع الصناعية تختلف عن‬
‫التجارية وبالتالي تحديد مدة السماح تكون بناء على الدراسة والزيارة وطبيعة النشاط‪.‬‬

‫وحصل��ت الفقرة التي تنص على «تش��جع المصارف اإلس�لامية أصحاب المش��اريع‬
‫على اس��تخدام صيغ التمويل بالمشاركة» على أدنى درجة وبنسبة ‪ ،%50‬ويعود عدم وجود‬
‫التشجيع لألس��باب التالية‪ :‬عدم امتالك المصارف اإلسالمية إمكانيات لتنفيذ المشاركة مع‬
‫العمالء في مش��روعاتهم‪ ،‬وصعوبة توفير طاقم عمل كامل للتواجد مع المشاريع وباإلضافة‬
‫لمخاطرها العالية‪.‬‬

‫أما بخصوص وجود دوائر مختصة لتمويل أصحاب المشاريع‪ ،‬تبين وجود هذه الدائرة‬
‫ف��ي إحدى المصارف اإلس�لامية في حي��ن إن المصارف األخرى ال يوج��د دائرة مختصة‬
‫ألصحاب المش��اريع‪ ،‬ولكن هنال��ك موظفين ذات كفاءة ولديهم خب��رات في هذا المجال‬
‫وجاهزون لتقديم النصيحة والمشورة‪.‬‬

‫( ‪) 630‬‬
‫وأف��ادت المص��ارف اإلس�لامية أن ‪ %90‬م��ن االحتياج��ات التمويلي��ة تغطيها صيغة‬
‫المرابحة‪ ،‬ألنها األس��هل على الطرفين واألقل خطورة‪ ،‬ويتم الدخول بالصيغ األخرى عند‬
‫الحاجة‪ ،‬ويعود سبب االعتماد الكبير على صيغة المرابحة إلى طبيعة المجتمع االستهالكي‪،‬‬
‫وبالرغ��م من عدم وجود أش��خاص مختصين بإجراء دراس��ة جدوى ألصحاب المش��اريع‬
‫الصغي��رة‪ ،‬إال أن��ه يت��م إجراء دراس��ات الجدوى عن��د الحاجة‪ ،‬وانه يج��ب على أصحاب‬
‫المش��اريع إتمام دراس��ات الجدوى أو عن طري��ق اللجوء إلى مراك��ز مختصة‪ ،‬وفي مجال‬
‫استخدام التقنيات والتطورات الحديثة فإن المصارف اإلسالمية تواكب التكنولوجيا المالية‬
‫باس��تمرار‪ ،‬ولكن المشكلة تكمن في عدم مواكبة أصحاب المشاريع لتلك التقنيات‪ ،‬وتقدم‬
‫المص��ارف اإلس�لامية الحلول الكثيرة في ح��ال التعثر بحيث يكون اللج��وء إلى المحاكم‬
‫والقضاء هو الحل األخير‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالس��ؤال المفت��وح التابع لمحور الكفاية وال��ذي ينص على «هل تعتبر‬
‫سياس��ات المصارف اإلس�لامية كافي��ة لدعم قطاع المش��اريع؟ » تفاوت��ت اإلجابات على‬
‫ه��ذا البند فالبعض أكد على ك��ون الصيغ كافية ومتنوعة وتغطي كاف��ة احتياجات أصحاب‬
‫المش��اريع‪ ،‬ف��ي حين عارض الج��زء اآلخر منهم ذلك بأن السياس��ات غير كافية بالش��كل‬
‫المطلوب‪ ،‬حيث يوجد بعض الصيغ ال يتم العمل بها‪.‬‬

‫وإجابة على السؤال المفتوح الثاني والذي ينص على «ما هي المقترحات أو التوصيات‬
‫التي تعزز مس��توى كفاية السياس��ات المصرفية اإلس�لامية لتمويل قطاع المش��اريع؟ » تم‬
‫التعلي��ق بضرورة التخفيض م��ن الضمانات‪ ،‬ويجب أن يكون هناك اس��تعداد للعمل بصيغ‬
‫التمويل اإلسالمي كاملة‪ ،‬وتعيين موظفين ذات خبرة بالتعامل بالصيغ التمويل األخرى غير‬
‫المرابحة‪ ،‬وضرورة نش��ر التوعية حول التمويالت اإلس�لامية لجذب أصحاب المش��اريع‪،‬‬
‫وباإلضافة إلى ضرورة وجود مؤسسات داعمة للمشاريع‪.‬‬

‫ومم��ا ه��و واضح من الج��دول رق��م (‪ )2‬أن صيغ التموي��ل األخرى مث��ل المضاربة‬
‫واالس��تصناع واإلج��ارة المنتهية بالتمليك والمش��اركة والتي هي أكث��ر أهمية الحتياجات‬

‫( ‪) 631‬‬
‫أصحاب المش��اريع الصغيرة‪ ،‬هي أقل اس��تخدامًا مما يمكن االس��تنتاج بأن االعتماد على‬
‫صيغ��ة التمويل المس��تخدمة حاليً��ا وهي المرابحة غي��ر كافية لتلبية متطلب��ات واحتياجات‬
‫أصحاب المشاريع الصغيرة‪.‬‬

‫النتائج المتعلقة بسؤال الدراسة الثالث‪« :‬ما مدى فاعلية المصارف اإلسالمية في تمويل‬
‫المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة؟»‬

‫شلك رقم (‪)2‬‬

‫ولإلجابة عن سؤال الدراسة الثالث‪:‬‬

‫من وجهة نظر المصارف اإلسالمية‪ ،‬قام الباحثون بوضع ‪ 7‬فقرات مغلقة لتقييمها من قبل‬
‫المبحوثين مع إمكانية إعطاء المالحظات واألس��باب باإلضافة إلى األمثلة لتدعيم اإلجابة‪،‬‬
‫وبناءً على ذلك كانت اإلجابات عن الفقرات (‪ )7‬توضح أن فعالية المصارف اإلسالمية في‬
‫تمويل المش��اريع جاءت بدرجة متوسطة حيث بلغ متوسطها الحسابي (‪ )%72.4‬مما يعني‬
‫ذلك قبول الفرضية‪ ،‬التي نصت أن صيغ التمويل اإلسالمية المقدمة من المصارف اإلسالمية‬
‫في تمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة فعالة بدرجة متوسطة‪.‬‬

‫( ‪) 632‬‬
‫ويبين الرس��م البياني ش��كل رقم (‪ )2‬حصول الفقرة التي نصها «س��اهمت التمويالت‬
‫المقدمة ألصحاب المش��اريع الصغيرة في حل المش��كالت المالية للمش��اريع» على أعلى‬
‫درجة وبنس��بة ‪ %90‬ويعود ذلك إلى أن الهدف األساس��ي من التمويل هو توفير حل لتطوير‬
‫المش��اريع أو إنعاش��ها‪ ،‬وبرز هذا ال��دور في فترة جائحة كورونا بش��كل واضح‪ ،‬وحصلت‬
‫الفقرة التي تنص «يتم منح تمويل المش��اريع الصغي��رة بمعزل عن معيار كبر أو صغر حجم‬
‫المش��اريع»‪ ،‬على أدنى درجة وبنس��بة ‪ %50‬ويعود ذلك إلى عدم معاملة المشاريع الصغيرة‬
‫كالمشاريع الكبيرة‪ ،‬حيث انه يتم إعطاء التمويالت حسب حجم النشاط الممارس‪ ،‬أما فيما‬
‫يتعلق بإجراءات حصول المشاريع على التمويل‪ ،‬علقت المصارف اإلسالمية أن اإلجراءات‬
‫واضحة وميس��رة نوعا ما‪ ،‬حيث يوجد قناعة بأن التطور االقتصادي معتمد على تطور قطاع‬
‫المش��اريع‪ ،‬وال مناص من القول أن المش��كلة تكمن في أصحاب المش��اريع ذاتهم‪ ،‬نتيجة‬
‫لع��دم كفاءتهم ونقص المعلومات المقدمة‪ ،‬مما يش��كل عائق أم��ام وصولهم للتمويل وفي‬
‫س��ياق الحديث البد من اإلش��ارة إلى موضوع الضمانات‪ ،‬فتم التأكي��د على كونها موحدة‬
‫للجميع وال يوجد ضمانات مخصصة ألصحاب المشاريع عن غيرهم‪ ،‬ولكن بطبيعة الحال‬
‫هي سلس��لة وتتناس��ب مع حجم النشاط الذي يقوم به صاحب المشروع‪ ،‬وال يفوتنا أن ننوه‬
‫أن هنال��ك بعض الح��االت ذات تمويل صغير الحجم‪ ،‬ال يتطلب منها ضمانات‪ ،‬وتماش��يًا‬
‫مع ذلك يوجد مرونة عالية فيما يخص موضوع الضمانات ألصحاب المشاريع‪ ،‬وأجمعت‬
‫المصارف اإلسالمية بالقول أن نسبة الربح من المشاريع من متوسطة إلى عالية‪ ،‬وهذا يعود‬
‫إلى طابع المشاريع المحفوف بالمخاطر العالية‪ ،‬مما يترتب علية زيادة نسبة العائد‪.‬‬

‫وبش��كل عام س��اهمت المصارف اإلسالمية في تحقيق االس��تدامة للمشاريع‪ ،‬وذلك‬


‫يع��ود للدور الفعال الذي تلعبه وال يفوتنا أن ننوه إلى دور المصارف اإلس�لامية الفعال في‬
‫فترة جائحة كورونا الذي انعكس بالش��كل اإليجاب على استدامة المشاريع وعدم تعثرها‪،‬‬
‫وال بد من التأكيد أن المصارف اإلس�لامية تحقق هدف وغاية أصحاب المشاريع الصغيرة‬
‫إل��ى حد كبير إذا كانت حاجاتهم مرتبطة بالس��لع واألدوات واألص��ول الحقيقية‪ ،‬ولكن ال‬

‫( ‪) 633‬‬
‫مناص من القول أن هدف الكثير من المش��اريع هو الحصول على التمويل النقدي وهذا ال‬
‫يتناسب مع مبدأ عمل المصارف اإلسالمية وبالتالي ال تحقق هدفهم من هذه الناحية‪.‬‬

‫النتائج المتعلقة بس��ؤال الدراس��ة الرابع‪« :‬ما مدى مس��اهمة المصارف اإلس�لامية في‬
‫تموي��ل المش��اريع الصغي��رة ومتناهية الصغر والمتوس��طة من إجمالي التموي��ل في الجهاز‬
‫المصرفي الفلسطيني؟»‬

‫اجلدول رقم (‪)3‬‬


‫األهمية النسبية من تمويالت‬ ‫المجموع بالمبالغ‬
‫البيان‬
‫كل المصارف التقليدية واإلسالمية معًا‬ ‫‪$$‬‬

‫المشاريع الصغيرة‬
‫‪%2.59‬‬ ‫‪258,033,353‬‬
‫ومتناهية الصغر والمتوسطة‬

‫املصدر‪ :‬سلطة انلقد الفلسطينية‪ ،‬بيانات حديثة بتاريخ ‪2021/09/14‬م‬

‫يظه��ر الج��دول رقم (‪ )3‬أن حصة المش��اريع الصغي��رة ومتناهية الصغر والمتوس��طة‬
‫المقدم��ة من المصارف اإلس�لامية م��ن إجمالي تموي�لات الجهاز المصرفي الفلس��طيني‬
‫(التقليدي واإلسالمي) تعادل (‪ )%2.59‬وهي قليلة جدًا‪ ،‬ولكن إذا نظرنا إلى الجدول رقم‬
‫(‪ )4‬ف��ي قراءة مختلفة‪ ،‬نجد أن حصة المش��اريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوس��طة من‬
‫إجمالي التمويالت في الجهاز المصرفي الفلسطيني ككل هي (‪ )%13.61‬وهي قليلة جدًا‬
‫نظرا لما تقدم من أن نش��اط المش��اريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهة الصغر تشكل ما نسبته‬
‫ً‬
‫‪ %95‬من االقتصاد الفلس��طيني (س��لطة النقد الفلسطينية‪ ،)2020 ،‬لكن إذا نظرنا إلى حصة‬
‫المصارف اإلس�لامية م��ن صافي موجودات القطاع المصرفي الفلس��طيني حتى نهاية العام‬
‫‪2020‬م فإنها تعادل ‪( %18‬جمعية البنوك الفلس��طينية‪ ،)2021 ،‬ربما نس��تنتج بأن مساهمة‬
‫المصارف اإلس�لامية في تمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة من إجمالي‬
‫التموي��ل في الجهاز المصرفي الفلس��طيني مقبولة في ظل حصته��ا من صافي الموجودات‪،‬‬
‫ومما يعزز هذا االستنتاج هو تحليل سؤال الدراسة الخامس‪.‬‬

‫( ‪) 634‬‬
‫اجلدول رقم (‪)4‬‬
‫األهمية النسبية من تمويالت‬ ‫المجموع بالمبالغ‬
‫البيان‬
‫كل المصارف التقليدية واإلسالمية معًا‬ ‫‪$$‬‬

‫المشاريع الصغيرة‬
‫‪%13.61‬‬ ‫‪1,355,917,273‬‬
‫ومتناهية الصغر والمتوسطة‬

‫املصدر‪ :‬سلطة انلقد الفلسطينية‪ ،‬بيانات حديثة بتاريخ ‪2021/09/14‬م‬

‫النتائج المتعلقة بس��ؤال الدراس��ة الخامس‪« :‬ما مدى مساهمة المصارف اإلسالمية في‬
‫تمويل المش��اريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوس��طة من إجمالي التمويالت األخرى في‬
‫المصارف اإلسالمية؟»‬

‫اجلدول رقم (‪)5‬‬


‫األهمية النسبية من تمويالت‬ ‫المجموع بالمبالغ‬
‫البيان‬
‫المصارف اإلسالمية فقط‬ ‫‪$$‬‬

‫المشاريع الصغيرة‬
‫‪%12.61‬‬ ‫‪258,033,353‬‬
‫ومتناهية الصغر والمتوسطة‬

‫املصدر‪ :‬سلطة انلقد الفلسطينية‪ ،‬بيانات حديثة بتاريخ ‪2021/09/14‬م‬

‫يظه��ر الجدول رق��م (‪ )5‬بأن حصة المش��اريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوس��طة‬
‫المقدمة من المصارف اإلسالمية من إجمالي تمويالت المصارف اإلسالمية نفسها‪ ،‬تعادل‬
‫(‪ ،)%12.61‬وهي ربما تكون نس��بة مقبولة في سياق حصة المشاريع الصغيرة المقدمة من‬
‫المصارف التقليدية واإلس�لامية في الجهاز المصرفي ككل‪ ،‬ولكن في قراءة مختلفة يمكن‬
‫نظرا لما تقدم بأن نش��اط المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة ومتناهية‬
‫القول بأنها غير مقبولة ً‬
‫الصغر تش��كل ما نس��بته ‪ %95‬من االقتصاد الفلسطيني (س��لطة النقد الفلسطينية‪،)2020 ،‬‬
‫أي أن حاجة المش��اريع الصغيرة إلى التمويل هي حاجة ملحة‪ ،‬وأن صيغ التمويل اإلسالمية‬
‫مثل المشاركة والمضاربة واالستصناع واإلجارة هي أكثر مناسبة من صيغ التمويل التقليدية‬

‫( ‪) 635‬‬
‫القائمة على اإلقراض بفائدة فقط‪ ،‬وربما نستكشف األسباب في محور التحديات واإلجابة‬
‫عن سؤال الدراسة السادس‪.‬‬

‫النتائج المتعلقة بس��ؤال الدراس��ة الس��ادس‪« :‬ما ه��ي التحديات الت��ي تواجه التمويل‬
‫اإلسالمي في تمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة؟ »‬
‫شلك رقم (‪)3‬‬

‫ويتضح من الرسم البياني شكل رقم (‪ )3‬أن متوسط التحديات التي حظيت بتأييد وجودها‬
‫ف��ي المصارف اإلس�لامية في تقديم التمويالت ألصحاب المش��اريع بنس��بة (‪)%57.14‬‬
‫أي بدرج��ة متدنية‪ ،‬كم��ا أظهرت النتائج بحصول التحدي «عدم كفاءة أصحاب المش��اريع‬
‫الصغيرة والمتوس��طة في إدارة المشاريع وتس��ويق منتجاتها» على اعلى نسبة (‪ )%77‬وبناء‬
‫على ذلك يتم قبول الفرضية‪ ،‬والتي نصت على أن أهم تحدي يواجه المصارف اإلس�لامية‬
‫في تمويل المش��اريع الصغيرة هو عدم كفاءة أصحاب المشاريع في إدارة مشاريعهم‪ ،‬وجاء‬
‫التحدي الثاني «عدم تقديم أصحاب المش��اريع ضمانات مناسبة للتمويالت اإلسالمية» في‬
‫( ‪) 636‬‬
‫واس��تخالصا لمح��ور التحديات يعتبر هذا‬
‫ً‬ ‫المرتبة الثانية حيث حصل على نس��بة (‪،)%67‬‬
‫التح��دي األول والثان��ي من أبرز التحدي��ات التي تواجه المصارف اإلس�لامية في تمويلها‬
‫ألصحاب المش��اريع الصغيرة‪ ،‬فهي مشكلة أساس��ية تعود لعدم امتالك أصحاب المشاريع‬
‫المعرفة والخبرة في إعداد الخطط ودراسات الجدوى‪ ،‬وإدارة المشاريع والمخاطر السوقية‬
‫نظرا لحداثة تجربتهم وبناء على االجتهاد الشخصي وضآلة رأس المال المتوفر‬
‫والتش��غيلية ً‬
‫مع أصحاب المشاريع‪.‬‬

‫النتائج المتعلقة بس��ؤال الدراس��ة الس��ابع‪ :‬ما مدى رضى أصحاب المشاريع الصغيرة‬
‫ومتناهية الصغر والمتوسطة (‪ )MSMEs‬المستفيدين من صيغ التمويل اإلسالمي؟‬

‫تم اس��تخراج النسب المئوية‪ ،‬والمتوسطات الحسابية لمجال رضا أصحاب المشاريع‬
‫على جميع المستويات على النحو التالي‪:‬‬

‫جدول رقم (‪)6‬‬


‫يوضح املتوسطات احلسابية واالحنرافات املعيارية‬
‫ملجال رىض أصحاب املشاريع ىلع مجيع املستويات‬
‫المتوسط االنحراف النسبة‬ ‫ترتيب‬
‫درجة التقدير‬ ‫الفقرة‬
‫الحسابي المعياري المئوية‬ ‫الفقرة‬

‫‪ %77.4‬بدرجة عالية‬ ‫‪.96‬‬ ‫‪3.87‬‬ ‫شعرت برغبة واهتمام المصارف اإلسالمية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة‬ ‫‪4‬‬

‫‪ %77.2‬بدرجة عالية‬ ‫‪.83‬‬ ‫‪3.86‬‬ ‫أشعر بأن التمويل اإلسالمي الذي حصلت عليه ساعدني في استدامه المشروع الخاص بي‬ ‫‪9‬‬

‫‪ %77.2‬بدرجة عالية‬ ‫‪.86‬‬ ‫‪3.86‬‬ ‫يوجد رضى تجاه أساليب تعامل البنوك اإلسالمية مع أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة‬ ‫‪2‬‬

‫أش��عر بأن التمويل الذي حصلت عليه س��اعدني في تخطي المش��كالت المالية التي كانت في‬
‫‪ 74%‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪.93‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫‪11‬‬
‫المشروع‬

‫‪ %73.2‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪.96‬‬ ‫‪3.66‬‬ ‫أشعر بأن المصارف اإلسالمية أعطتني فرصه مميزة لبناء المشروع الخاص بي‬ ‫‪10‬‬

‫‪ %73.2‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪.69‬‬ ‫يوجد رضى تجاه تنوع صيغ التمويل اإلسالمي بحيث تتناسب مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة ‪3.66‬‬ ‫‪1‬‬

‫يوجد رضا تجاه فترة س��داد األقس��اط بحيث تتناس��ب مع التدفق النقدي للمشروعات الصغيرة‬
‫‪ 71%‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪.87‬‬ ‫‪3.55‬‬ ‫‪3‬‬
‫والمتوسطة‬

‫‪ %70.4‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪.95‬‬ ‫‪3.52‬‬ ‫يوجد رضى تجاه فترة السماح المسموحة قبل البدء بتسديد أقساط التمويل‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫( ‪) 637‬‬
‫المتوسط االنحراف النسبة‬ ‫ترتيب‬
‫درجة التقدير‬ ‫الفقرة‬
‫الحسابي المعياري المئوية‬ ‫الفقرة‬

‫‪ 67%‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪1.02‬‬ ‫‪3.35‬‬ ‫يوجد رضى تجاه الفترة الزمنية للحصول على التمويل للمشروع‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫يوج��د رضى تجاه الضمانات المطلوبة من أصحاب المش��اريع ذوي الدخ��ل المحدود إلتمام‬
‫‪ %66.6‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪1.00‬‬ ‫‪3.33‬‬ ‫‪5‬‬
‫عملية التمويل‬
‫يوجد رضى تجاه االستش��ارات التي تقدمها البنوك اإلس�لامية للمش��اريع الصغيرة والمتوسطة‬
‫‪ %62.2‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪1.06‬‬ ‫‪3.11‬‬ ‫‪6‬‬
‫عند الطلب‬

‫‪ 71.7‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪.92‬‬ ‫‪3.59‬‬ ‫مجال رضا أصحاب المشاريع على جميع المستويات (الكلية لجميع البنوك اإلسالمية)‬

‫‪ %74.4‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪.71‬‬ ‫‪3.72‬‬ ‫مجال رضا أصحاب المشاريع (البنك اإلسالمي الفلسطيني)‬

‫‪ 66%‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪1.05‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫مجال رضا أصحاب المشاريع (البنك اإلسالمي العربي)‬

‫‪ 74%‬بدرجة متوسطة‬ ‫‪.82‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫مجال رضا أصحاب المشاريع (مصرف الصفا)‬

‫يتض��ح من نتائج الجدول الس��ابق رقم (‪ )6‬أن الفقرة التي تنص على (ش��عرت برغبة‬
‫واهتمام المصارف اإلسالمية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة) قد حازت على أعلى‬
‫المتوسطات الحسابية وكان متوس��طها الحسابي بنسبة (‪ ،)%77.4‬في حين حصلت الفقرة‬
‫التي تنص على (يوجد رضى تجاه االستش��ارات التي تقدمها البنوك اإلس�لامية للمش��اريع‬
‫الصغيرة والمتوسطة عند الطلب) على أدنى متوسط حسابي‪ ،‬حيث كان يساوي (‪،)%62.2‬‬
‫ومن ذلك يمكن تفس��ير مجال رضا أصحاب المش��اريع على جميع المس��تويات حيث بلغ‬
‫متوسطها الحسابي العام الستجابات المبحوثين (‪ )%71.7‬وهو بدرجة متوسطة‪ ،‬مما يعني‬
‫تأكيد قبول فرضية الدراس��ة التي تقول مس��توى رضا أصحاب المشاريع الصغيرة ومتناهية‬
‫الصغر والمتوسطة عن التمويل اإلسالمي متوسطة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 638‬‬
‫النتائج والتوصيات‬
‫أظهرت نتائج الدراس��ة أن تنوع صيغ التمويل اإلسالمي المقدمة ألصحاب المشاريع‬
‫الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة بدرجة متدنية جدًا‪ ،‬حيث أن نسبة التمويالت المقدمة‬
‫مثل المشاركة والمضاربة واإلجارة واالستصناع تعادل (‪ )%12.34‬واالعتماد األكبر على‬
‫صيغة المرابحة بنسبة (‪ ،)%87.56‬وبحسب الجداول والبيانات المالية فإن نسبة المشاركة‬
‫لوحده��ا كان��ت (‪ )%0.00‬وهي أهم أداة تمويلية تناس��ب المش��اريع الصغيرة‪ ،‬وأظهرت‬
‫الدراس��ة أن المصارف اإلسالمية ال تشجع أصحاب المشاريع على استخدام صيغ التمويل‬
‫بالمش��اركة كما ظهر هذا في أدنى فقرة بنس��بة ‪ %50‬وهي درجة متدنية جدًا مما يؤثر س��لبًا‬
‫على أصحاب المش��روعات الذين يتطلعون إلى مش��اركة المصارف اإلس�لامية وتخفيف‬
‫الضمان��ات لهم أكثر من تقديم تمويالت المرابحة الت��ي تؤدي إلى إثبات مديونيات تحتاج‬
‫إل��ى ضمان��ات عالية‪ ،‬وهو م��ا يتفق مع ما توصل��ت إليه دراس��ة (‪ )Santoso, 2019‬إلى‬
‫صعوبة الحصول على تمويل من البنوك اإلس�لامية بس��بب ضعف الضمانات التي يمتلكها‬
‫أصحاب المشروعات وأن دور التمويل اإلسالمي ال زال ضعيف‪ ،‬وأظهرت نتائج الدراسة‬
‫أن فعالي��ة التمويالت المقدمة ألصحاب المش��اريع في فلس��طين بدرجة متوس��طة أي أنها‬
‫س��اهمت بحل مش��كالتهم المالية وتحقيق االس��تدامة لهم ولكن بدرجة متوسطة وليست‬
‫عالي��ة‪ ،‬كم��ا وأظه��رت النتائج أن سياس��ات وإج��راءات المصارف اإلس�لامية في تمويل‬
‫المش��اريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوس��طة تعتبر كافية ولكن بدرجة متوسطة‪ ،‬وذلك‬
‫وف ًق��ا لإلجاب��ات المفتوحة التي أفاده��ا مقدمي الخدم��ة‪ ،‬ومما يعزز أنها ليس��ت كافية هو‬
‫نس��بة مساهمة المصارف اإلس�لامية في هذه التمويالت‪ ،‬حيث أظهرت النتائج أن مساهمة‬
‫المصارف اإلسالمية في تمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة من إجمالي‬
‫التمويل في الجهاز المصرفي الفلس��طيني جاءت بنسبة (‪ )%2.59‬هي درجة متدنية‪ ،‬ولكن‬
‫إذا نظرنا إلى حصة المش��اريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة من إجمالي التمويالت‬

‫( ‪) 639‬‬
‫نظرا لما تقدم من‬
‫في الجهاز المصرفي الفلسطيني ككل نجدها (‪ )%13.61‬وهي قليلة جدًا ً‬
‫أن نش��اط المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهة الصغر تشكل ما نسبته ‪ %95‬من االقتصاد‬
‫الفلسطيني (سلطة النقد الفلسطينية‪ ،)2020 ،‬لكن إذا نظرنا إلى حصة المصارف اإلسالمية‬
‫من صافي موجودات القطاع المصرفي الفلسطيني حتى نهاية العام ‪ 2020‬فإنها تعادل ‪%18‬‬
‫(جمعية البنوك الفلس��طينية‪ ،)2021 ،‬أي أن نسبة مساهمة المصارف اإلسالمية في تمويل‬
‫المش��اريع الصغيرة يجب أن تعادل حصتها في الس��وق المصرفي‪ ،‬وتبين أن النس��بة تعادل‬
‫(‪ )%0.19‬من النسبة اإلجمالية (‪ )%13.61‬وهو ما ينسجم مع حصة المصارف اإلسالمية‬
‫م��ن صافي الموج��ودات للجهاز المصرف��ي ككل‪ ،‬ربما نس��تنتج بأن مس��اهمة المصارف‬
‫اإلس�لامية في تمويل المش��اريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة من إجمالي التمويل‬
‫ف��ي الجهاز المصرفي الفلس��طيني مقبولة في ظل حصتها من صاف��ي الموجودات‪ ،‬ولكنها‬
‫غير مقبولة بالنس��بة لما تشكله المش��اريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهة الصغر في االقتصاد‬
‫الفلس��طيني (‪ ،)%95‬ويعزز االستنتاج الس��ابق ما أظهرته نتائج الدراسة أن حصة المشاريع‬
‫الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة المقدمة من المصارف اإلسالمية من إجمالي تمويالت‬
‫نظرا لما‬
‫المصارف اإلس�لامية نفس��ها‪ ،‬تعادل (‪ ،)%12.61‬وهي نس��بة متدنية وغير كافية ً‬
‫تق��دم من أن المش��روعات الصغيرة تش��كل (‪ )%95‬من االقتصاد الفلس��طيني وهي بحاجة‬
‫إلى نس��بة تمويل أكبر‪ ،‬وهو ما يتفق مع دراس��ة (المنان‪ )2017 ،‬إلى أن التمويل المقدم من‬
‫المؤسس��ات المالية والمصارف التجارية والمتخصصة للمشاريع الصغيرة ضئيل جدًا عند‬
‫مقارنته بالتمويل المقدم للقطاعات األخرى مما يؤثر على اس��تدامة هذه المشروعات‪ ،‬كما‬
‫تفس��يرا مه ًما للتحديات والمعيقات أمام المصارف اإلس�لامية في‬
‫ً‬ ‫أظهرت نتائج الدراس��ة‬
‫تمويل المش��اريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوس��طة في فلس��طين حيث تبين أن المعيق‬
‫األول هو «عدم كفاءة أصحاب المش��اريع الصغيرة والمتوسطة في إدارة المشاريع وتسويق‬
‫منتجاته��ا» حيث جاءت بنس��بة موافقة (‪ ،)%77‬وجاء المعيق الثان��ي «عدم تقديم أصحاب‬
‫المشاريع ضمانات مناسبة للتمويالت اإلسالمية» في المرتبة الثانية حيث حصل على نسبة‬

‫( ‪) 640‬‬
‫موافقة (‪ ،)%67‬وهو ما ينسجم مع نتائج دراسة (‪ )Thaker, et al. , 2020‬إلى أن الممول‬
‫مت��ردد في توفير تمويل ألصحاب المش��اريع الصغيرة‪ ،‬لألس��باب التالية‪ :‬االفتقار أصحاب‬
‫المش��اريع إلى الخبرة التجارية‪ ،‬وعدم وجود ضمان إضافي‪ ،‬وارتفاع تكاليف المعامالت‪،‬‬
‫وصغر حجم القروض‪ ،‬س��وء االئتمان وغيره‪ ،‬وبناءً على ذلك أوصت الدراس��ة المصارف‬
‫اإلس�لامية بتنويع التموي�لات المقدمة ألصحاب المش��اريع وتعزيز صيغة المش��اركة بين‬
‫المصارف اإلس�لامية وبين أصحاب المشاريع ليتم الحد من معيقات الضمانات المذكورة‬
‫في النتائ��ج‪ ،‬وفي المقابل عدم االقتصار على المرابح��ة للتخفيف من الضمانات المطلوبة‬
‫من العمالء ً‬
‫أيضا‪ ،‬وأوصت الدراس��ة المصارف اإلس�لامية برفع فعالية التمويالت المقدمة‬
‫ألصحاب المش��اريع بحيث تحقق الهدف منها وهو تخطي المشكالت المالية والمساعدة‬
‫في التش��غيل والتوس��ع في العمليات‪ ،‬وتحقيق االس��تدامة المالية للمش��روعات وأوصت‬
‫الدراسة بالتخفيف من معيار حجم المشروع في اتخاذ القرارات االئتمانية‪ ،‬وتخفيض نسبة‬
‫الربح للتمويالت الصغيرة أكثر من نس��بة الربح للمش��روعات الكبيرة لخلق فرص تمويلية‬
‫ونظام حوافز تشجيعية ألصحاب المشروعات الصغيرة‪ ،‬حيث تبين أن المصارف اإلسالمية‬
‫ال تقدم حوافز تش��جيعية ألصحاب المش��اريع (‪ )MSMEs‬مخالفي��ن بذلك الدوافع التي‬
‫جاءت في أحكام القرار بقانون رقم (‪ )4‬لس��نة ‪2014‬م بشأن تعديل القرار بقانون رقم (‪)8‬‬
‫لع��ام ‪2011‬م على ضريبة الدخل‪ ،‬حيث إن ضريبة الدخل على األرباح الناجمة عن تمويل‬
‫المشاريع الصغيرة والمتوسطة تستوفى بنسبة ‪ %10‬من تلك األرباح‪.‬‬

‫كما أوصت الدراس��ة المصارف اإلس�لامية باتباع سياس��ات وإجراءات تمويلية كافية‬
‫ألصحاب المش��اريع الصغيرة‪ ،‬مثل تخصي��ص دوائر مختصة لتمويل أصحاب المش��اريع‬
‫الصغي��رة ورفع وعي أصحاب المش��اريع بكافة المنتجات والخدمات المالية اإلس�لامية‪،‬‬
‫وتقديم االستشارات في مجال الجدوى االقتصادية وكيفية إدارة المخاطر وتقديم المساعدة‬
‫الالزم��ة ألصحاب المش��اريع عن��د التعثر في الس��داد‪ ،‬كم��ا أوصت الدراس��ة المصارف‬
‫اإلس�لامية برفع نسبة مس��اهمتهم في تمويل المش��اريع الصغيرة أكثر من النسبة الموجودة‬

‫( ‪) 641‬‬
‫حاليً��ا (‪ )%2.59‬وذلك ألن المش��روعات الصغيرة تش��كل ما نس��بته ‪ %95‬م��ن االقتصاد‬
‫الفلس��طيني وبالتالي هذه النس��بة المقدمة من المصارف اإلس�لامية ال تكفي وهي أقل من‬
‫المطلوب بكثير‪.‬‬

‫وأوصت الدراس��ة العمل على الح��د من التحديات والمعيق��ات التمويلية ألصحاب‬


‫المش��اريع الصغيرة وخاصة عدم كفاءة أصحاب المشاريع في إدارة مشاريعهم‪ ،‬وعدم قدرة‬
‫أصحاب المشاريع توفير ضمانات مناسبة للتمويالت اإلسالمية‪ ،‬فأوصت الدراسة المصارف‬
‫اإلس�لامية بإنشاء دوائر مختصة ألصحاب المشاريع الصغيرة وتقديم االستشارات الالزمة‬
‫في مجال إعداد دراس��ات الجدوى وكيفية إدارة المخاطر والتعثر في الس��داد‪ ،‬ورفع وعي‬
‫أصحاب المش��اريع بأدوات التمويل األخرى كالمش��اركة والمضاربة‪ ،‬بحيث يتم التخفيف‬
‫من الضمانات وتسهيل الحصول على التمويالت المناسبة للمشاريع‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 642‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪ -‬أبو ش��نب‪ ،‬س��امح‪2015( ،‬م)‪ ،‬دور التمويل اإلس�لامي في دعم المش��روعات الصغيرة‬
‫والمتوسطة‪ ،‬مجلة كلية بغداد للعلوم االقتصادية‪ ،‬العدد ‪.45‬‬

‫‪ -‬عرق��وب‪ ،‬خديجة‪ ،‬وبن محمد‪ ،‬إيمان‪2020( ،‬م)‪ ،‬البنوك اإلس�لامية تس��تحدث برامج‬
‫تمويلية خاصة بالمؤسس��ات الصغيرة والمتوس��طة‪ ،‬مجلة أرصاد للدراسات االقتصادية‬
‫واإلدارية‪ ،‬مجلد ‪.3‬‬

‫‪ -‬األس��رج‪ ،‬حس��ين‪2011( ،‬م)‪ ،‬دور التمويل اإلسالمي في تنمية المش��روعات الصغيرة‬


‫والمتوس��طة‪ ،‬المؤتمر الدولي األول المصارف اإلسالمية ودورها في التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬عب��د الكري��م‪ ،‬الطي��ف‪2015( ،‬م)‪ ،‬الصيرفة اإلس�لامية ودورها في تموي��ل الصناعات‬


‫الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬مجلة المعارف‪ :‬قسم العلوم االقتصادية‪ ،‬العدد ‪.18‬‬

‫‪ -‬كالش‪ ،‬مريم‪ ،‬وبهلول‪ ،‬نور الدين‪2020( ،‬م)‪ ،‬تمويل المؤسس��ات الصغيرة والمتوسطة‬
‫وفق منظور التمويل اإلسالمي‪ ،‬مجلة العلمية المستقبل االقتصادي‪ ،‬مجلد ‪.)1( 8‬‬

‫‪ -‬هارون‪ ،‬محمد‪2016( ،‬م)‪ ،‬البنوك اإلسالمية في فلسطين والتحديات التي تواجهها‪.‬‬

‫‪ -‬س��لطة النقد الفلس��طينية‪ ،)2021( ،‬س��لطة النقد تطلق برنامج «اس��تدامة» بحجم ‪300‬‬
‫مليون دوالر‪ ،‬على شبكة اإلنترنت‪ ،‬بتاريخ ‪2021/9/2‬م‪:‬‬
‫‪https://www.pma.ps/‬‬

‫‪ -‬اتحاد المصارف اإلس�لامية‪2020( ،‬م)‪ ،‬أهمية التمويل اإلسالمي للمشروعات الصغيرة‬


‫وانعكاساته على اقتصادات الدول العربية‪ ،‬على شبكة اإلنترنت‪ ،‬بتاريخ ‪2021/9/2‬م‪:‬‬
‫‪https://uabonline.org/‬‬
‫( ‪) 643‬‬
‫‪ -‬بعزي��ز‪ ،‬س��عيد‪ ،‬ومخلوق��ي‪ ،‬ط��ارق‪2019( ،‬م)‪ ،‬دور المصارف اإلس�لامية في تمويل‬
‫المشاريع المصغرة في الجزائر‪ ،‬مجلة دفاتر اقتصادية‪ ،‬مجلد ‪.)1( 10‬‬

‫‪ -‬المنان‪ ،‬إس��راء‪2017( ،‬م)‪ ،‬دور البنوك اإلس�لامية في تمويل المش��روعات الصغيرة في‬
‫السودان‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة النيلين‪.‬‬
‫‪ -‬الجاس��م‪ ،‬ليلى‪2020( ،‬م)‪ ،‬دور المصارف اإلس�لامية في تمويل المشروعات الصغيرة‬
‫والمتوسطة‪ ،‬مجلة الجامعة العراقية‪ ،‬مجلد ‪.)48( 1‬‬

‫‪ -‬الجويف��ل‪ ،‬محم��ود‪2013( ،‬م)‪ ،‬دور البن��وك اإلس�لامية في تمويل المنش��آت األردنية‬


‫الصغيرة والمتوسطة الحجم‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية األعمال‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪.‬‬

‫‪ -‬قاسي‪ ،‬ياسين‪ ،‬وفايدي‪2020( ،‬م)‪ ،‬دور البنوك اإلسالمية في تمويل المؤسسات الصغيرة‬
‫والمتوسطة في الجزائر‪ ،‬مجلة االقتصاد واإلحصاء التطبيقي‪ ،‬المجلد ‪.)2( 6‬‬

‫‪ -‬صخري‪ ،‬عبد الوهاب‪ ،‬وبن علي‪ ،‬س��مية‪2021( ،‬م)‪ ،‬دور منتجات المالية اإلسالمية في‬
‫دعم وتمويل المش��روعات الصغيرة والمتوس��طة‪ ،‬مجلة أبعاد اقتصادية‪ ،‬مجلد ‪،)1( 11‬‬
‫ص‪ 94‬ـ ‪.118‬‬

‫‪ -‬مص��رف الصف��ا‪2021( ،‬م)‪ ،‬صيغ التمويل اإلس�لامي‪ ،‬على ش��بكة اإلنترن��ت‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪2021/9/9‬م‪:‬‬
‫‪https://www.safabank.ps/‬‬

‫‪ -‬الجعب��ري‪ ،‬عب��د المحس��ن‪2013( ،‬م)‪ ،‬األدوات المالي��ة المس��تخدمة ف��ي المصارف‬


‫اإلس�لامية العاملة في فلس��طين ودورها في تشجيع االستثمار‪ ،‬رس��الة ماجستير‪ ،‬عمادة‬
‫الدراسات العليا‪ ،‬جامعة القدس‪.‬‬

‫‪ -‬الرج��وب‪ ،‬ع��وض‪2011( ،‬م)‪ ،‬مش��اركة المص��ارف اإلس�لامية في القط��اع المصرفي‬


‫الفلسطيني ال تزال متواضعة‪ ،‬على شبكة اإلنترنت‪ ،‬بتاريخ ‪2021/9/10‬م‪:‬‬
‫‪https://www.aljazeera.net/‬‬

‫( ‪) 644‬‬
‫‪ -‬حس��ن‪ ،‬حنان‪2021( ،‬م)‪ ،‬صيغ التمويل اإلس�لامي للمش��روعات الصغيرة‪ ،‬على شبكة‬
‫اإلنترنت‪ ،‬بتاريخ ‪2021/9/10‬م‪:‬‬
‫‪https://democraticac.de/‬‬
‫‪ -‬الفقه��اء‪ ،‬س��ام‪2012( ،‬م)‪ ،‬العوامل المؤث��رة في رضا العمالء ع��ن خدمات المصارف‬
‫اإلسالمية في فلسطين‪ ،‬المجلة األردنية في إدارة األعمال‪ ،‬المجلد ‪.)2( 8‬‬
‫‪ -‬أب��و رمان‪ ،‬جمانة‪2018( ،‬م)‪ ،‬أثر تحديات المش��اريع الصغيرة والمتوس��طة على الدور‬
‫التنموي لتلك المش��اريع في المصارف اإلس�لامية األردنية‪ ،‬المجل��ة العربية في العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجلد ‪.)3( 10‬‬
‫‪ -‬مجل��س ال��وزراء‪2021( ،‬م)‪ ،‬التعري��ف والتصني��ف الوطن��ي للمنش��آت االقتصادي��ة‬
‫المتناهي��ة الصغر والصغيرة والمتوس��طة والكبيرة الحجم‪ ،‬على ش��بكة اإلنترنت‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪2021/9/10‬م‪:‬‬
‫‪https://www.bnews.ps/‬‬
‫‪ -‬األسرج‪ ،‬حسين‪2010( ،‬م)‪ ،‬صيغ تمويل المشروعات الصغيرة في االقتصاد اإلسالمي‪،‬‬
‫مجلة دراسات إسالمية‪ ،‬مجلد ‪.)8( 1‬‬
‫‪ -‬محمد‪ ،‬محمد‪2017( ،‬م)‪ ،‬سياسات التمويل وأثره على أداء الشركات‪ ،‬دار حميثرا للنشر‬
‫والترجمة‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ -‬معط��ي‪ ،‬لبنى‪2020( ،‬م)‪ ،‬أس��اليب وصيغ التمويل اإلس�لامية للمش��اريع المصغرة بين‬
‫النظرية والتطبيق‪ ،‬مجلة المالية واألسواق‪ ،‬المجلد ‪ ،)1( 2‬ص‪ 327‬ـ ‪.356‬‬
‫‪ -‬األس��رج‪ ،‬حس��ين‪ ،)2017( ،‬دراس��ات في االقتصاد والتمويل اإلس�لامي‪ ،‬على شبكة‬
‫اإلنترنت‪ ،‬بتاريخ ‪2021/9/10‬م‪:‬‬
‫‪https://books.google.ps/‬‬
‫‪ -‬ه��ارون‪ ،‬محمد‪ ،‬وآخرون‪2016( ،‬م)‪ ،‬البنوك اإلس�لامية في فلس��طين والتحديات التي‬
‫تواجهها‪ ،‬الجامعة الوطنية الماليزية‪.‬‬

‫( ‪) 645‬‬
‫ األكاديمية العربية‬،‫ التمويل اإلسالمي للمشروعات الصغيرة‬،)‫م‬2011( ،‫ محمد‬،‫ فرحان‬-
.‫ كلية العلوم المالية والمصرفية‬،‫للعلوم المالية والمصرفية‬

،‫ المصارف اإلس�لامية مآخذ وتحديات واس��تحقاقات‬،)‫م‬2010( ،‫ محمود‬،‫ المغي��وب‬-


.‫ورقة مقدمة لمؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني‬
،‫ المرابحة العكس��ية حقيقتها وصوره��ا وأحكامها الفقهية‬،)‫م‬2020( ،‫ إس��راء‬،‫ المومني‬-
.21 ‫ ـ‬1‫ ص‬،)3( 28 ‫ المجلد‬،‫مجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية‬

− Matarneh, B. & Almanaseer, M. (2015). Contribution of Islamic


banks in financing small and medium enterprises in the kingdom
of Bahrain. International journal of financial research. Vol. 6 (3).

− Zyadat, A. & Allrawashdeh. S. (2021). Islamic finance and its


role in funding small enterprises in Jordan. Research in word
economy. Vol. 12 (1).

− Raza, H. At all. (2017). Islamic banking for small and medium


enterprises. International journal of development and sustainability.
Vol. 6 (12).

− Huda, A. (2012). The development of Islamic financing scheme


for SMES in a developing country. Procedia ‫ ـ‬social and behavioural
sciences. Vol 52.

− Thaker, M. at all. (2020). Leveraging Islamic banking and finance


for small businesses. ADBI working paper 1156. Tokyo: Asian
development bank.

− Santoso, B. (2019). The role of micro, small, and medium enterprises

) 646 (
toward sustainable development goals through Islamic financial
institutions. Advances in social science, education and humanities
research. Vol. 409.

− Reille, X. & Naseem, K. (2016). Islamic banking and finance:


opportunities across Micro, small, and medium enterprises in the
Kyrgyz republic. International finance corporation.

− Tarver, E. & khartit, K. (2021). Islamic banking. On the internet,


on September 8, 2021. https:// www. investopedia. com/

− Okte, K. (2010). Fundamentals of Islamic economy and finance


theory and practice. Electronic journal of social sciences. 9 (31),
180 ‫ ـ‬208.

− Islamic Bank Bangladesh limited.) 2021). Islamic financial


modes and financial instrument. On the internet, on September
8, 2021. https:// www. islamibankbd. com/

− Razak, I, Nirwanto, N, Triatmanto, B. (2016). The Impact of


Product Quality and Price on Customer Satisfaction with the
Mediator of Customer Value. Journal of Marketing and Consumer
Research. 30 (1).

− Kumasey, A, Ghana, A. (2014). Service Quality and Customer


Satisfaction: Empirical Evidence from the Ghanaian Public
Service. European Journal of Business and Management. 6 (6).

− Maswadeh, S. (2015). An Evaluation of SMEs Satisfaction

) 647 (
toward Jordanian Islamic Banks Service Quality. Procedia
Economics and Finance. 23. P. 8694 ‫ ـ‬.
− Raza, S. Ali, M. (2015). Service Quality Perception and Customer
Satisfaction in Islamic Banks of Pakistan: The Modified
SERVQUAL Model. Total Quality Management and Business
Excellence.
− IFC WB Group. (2014). Islamic Banking Opportunities Across
Small and Medium Enterprises in MENA. International finance
corporation.
− Alasrag, H. (2011). Principals of the Islamic finance :A focus
on project finance. Munich Personal RePEc Archive. On the
internet, on September 13, 2021. https:// mpra. ub. uni ‫ ـ‬muenchen.
de/30197/
− Franzoni, S. Allali, A. (2018). Principles of Islamic Finance and
Principles of Corporate Social Responsibility: What Convergence.
Sustainability. 10 (637).
− Khan, M. Han, N. Choi, S. Bae, J. (2019). Good faith principle
of contract law for the Islamic banking system. On the internet,
on September 13, 2021. https:// www. redalyc. org/
− Jamaldeen, F. (2021). The Mudaraba Contract in Islamic Finance.
On the internet, on September 14, 2021. https://www.dummies.com/
− Keton. W. (2020). Musharakah. On the internet, on September
14, 2021. https:// www. investopedia. com/

) 648 (
− Said, P. Ahmad, T. Javaid, F. (2020). Handbook on Islamic SME
Financing. Islamic Banking Department State Bank of Pakistan.

− Muhammad, M. Chong, R. 2007 .The contract if bay Al ‫ ـ‬Salam


and Istisaa in Islamic commercial law. Labuan e ‫ ـ‬Journal of
Muamalat and Society .Vol (1)28 ‫ ـ‬21 .

− Fasih, F. (2012). Inclusive growth in India through Islamic banking.


Procedia ‫ ـ‬Social and Behavioral Sciences. 37.97110 ‫ ـ‬.

  

) 649 (
‫‪‬‬
‫َ َّ‬ ‫ُ ُْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫لبْ َ ُ لخْ‬
‫َ‬
‫ُّ‬
‫تمر األكادييم السادس‬
‫ا يان ا ِتايم واتلوصيات للمؤ ِ‬
‫ُْ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ََْْ ُ‬
‫الهيئة اإلسالمية العليا ـ القدس‬
‫باتلعاون مع منصة االقتصاد اإلساليم العاليم‬
‫ربيع اآلخر‬
‫اقع في الخامس عشر م ْن ِ‬ ‫الس ِ‬
‫بت ال َو ِ‬ ‫َت الهيئةُ اإلسالميَّة العُليا ـ ال ُقدس يومَ َّ‬
‫عَقد ِ‬
‫العام ‪ 2021‬للميالد‪،‬‬
‫ِ‬ ‫العام ‪ 1443‬للهجر ِة‪ِ ،‬وف َق العشري َن م ْن تشري َن الثّاني (نوفمبر) م َن‬ ‫ِ‬ ‫م َن‬
‫ِ‬
‫عنوان‬ ‫تحت‬
‫َ‬ ‫اديمي السادس بالتعاون مع منصة االقتصاد اإلسالمي العالمي‬ ‫َّ‬ ‫مؤتمرها األ َّك‬
‫َ‬
‫«المصارف اإلسالمية‪ :‬بين الواقع والمأمول»‪ ،‬في قاع ِة جراند باالس ـ كفر عقب بِالقدس‪.‬‬
‫ِ‬
‫الوقت الذي توا ُجهُ المصارف اإلسالمية العديد من التحديات‬ ‫يأتي انعقادُ هذا المؤتم ِر في‬
‫والصعوبات‪ ،‬التي ارتأينا أنه من الضرورة بمكان مناقشتها والتداول حولها‪ ،‬من خالل البحوث‬
‫العلمية الرصينة‪.‬‬

‫فلسطين‪ ،‬واألردن‪،‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وباحثات من‬ ‫لباحثين‬
‫َ‬ ‫لق ْد قُدِّم للمؤتم ِر واحد وعشرون بحثًا‪،‬‬
‫والمغرب والجزائر‪ ،‬تو َّز ْ‬
‫عت على أربعة محاو َر‪ ،‬هي‪ )1 :‬المصارف اإلس�لامية‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫والعراقِ ‪،‬‬
‫النظرية والتطبيق ودور الرقابة الش��رعية عليها‪ )2 ،‬الدور االجتماعي للمصارف اإلس�لامية‬
‫(نم��اذج إبداعي��ة)‪ )3 ،‬صيغ التمويل واالس��تثمار في المصارف اإلس�لامية‪ )4 ،‬المصارف‬
‫َت أربع جلسات حيث غ ّطت هذه‬
‫اإلسالمية‪ :‬التحديات والعقبات (تجارب حقيقية)‪ ،‬و ُع ِقد ْ‬
‫المحاور وما جاء فيها من أوراق علمية‪.‬‬
‫ِ‬
‫المعلومات والمعرفة‪ ،‬وقد‬ ‫األبحاث المقدَّمةُ للمؤتم ِر باألَصال ِة والجِ َّد ِة في‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫صف��ت‬ ‫وات َّ‬
‫حضو ِر على إثرا ِء محاو ِر‬
‫وباحثات و ُمتداخلي َن من األخو ِة ال ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ص المؤت ِمرو َن من باحثي َن‬ ‫ح�� ِر َ‬
‫المؤتم ِر باألفكا ِر العمليَّة‪ ،‬الَّتي تعزز المصارف اإلس�لامية وتعالج قضاياه المختلفة‪ ،‬وكا َن‬
‫َّوصيات الفاعل ِة والقابل ِة للتَّطبيق‪ ،‬نوجزُها فيما يأتي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫هنا َك العدي ُد م َن الت‬
‫( ‪) 651‬‬
‫‪ )1‬إن إقامة المصارف اإلسالمية في العالم اإلسالمي لتؤكد على صالحية اإلسالم في‬
‫كل زمان ومكان حيث إن هذا الدين العظيم يمثل نظا ًما ش��املاً بمناحي الحياة كلها بما في‬
‫ذلك النظام االقتصادي الذي انبثقت عنه فكرة المصارف اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ )2‬لما كانت الفكرة أن تقدم المصارف اإلسالمية تمويالتها وخدماتها بدون ربا لتكون‬
‫بديال عن القروض الربوية‪ ،‬فإن ذلك يتطلب إنشاء بنك متكامل يقدم التمويالت والخدمات‬
‫المصرفية كاملة ليكون بديال حقيقيا عن البنوك التقليدية‪ ،‬بحيث يكون هذا البنك قاد ًرا على‬
‫فتح حس��ابات بنكية وقبول الودائع واستثمارها وتقديم خدمات مصرفية متنوعة من إصدار‬
‫الحواالت ودفاتر الشيكات وصرف العمالت وغيرها‪.‬‬
‫‪ )3‬دعوة المصارف اإلسالمية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خالل االعتماد‬
‫على برنامج مالي مس��تدام‪ ،‬وإنش��اء دوائر مختص��ة ألصحاب المش��اريع الصغيرة وتقديم‬
‫االستش��ارات الالزمة في مجال إعداد دراس��ات الجدوى وكيفية إدارة المخاطر والتعثر في‬
‫السداد من قبل الزبائن‪ ،‬ورفع وعي أصحاب المشاريع بأدوات التمويل األخرى كالمشاركة‬
‫والمضاربة‪ ،‬بحيث يتم التخفيف من الضمانات وتسهيل الحصول على التمويالت المناسبة‬
‫للمشاريع‪.‬‬
‫‪ )4‬ض��رورة تعميق مب��ادئ المس��ؤولية المجتمعية من خالل عقد لقاءات وورش��ات‬
‫عمل ومؤتمرات تؤكد فعالية رس��الة البنوك اإلس�لامية وفاعليتها في إرساء دعائم االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ )5‬تطوي��ر البِنية التحتية اإللكترونية الهادفة إلى تحس��ين الش��مول المالي والمصرفي‬
‫اإلس�لامي؛ إذ يُ ْس��هم تقديم الخدمات المالية الرقمية عن طريق الوكالء في خفض تكلفتها‬
‫ووصولها لفئات أوسع في المجتمع‪.‬‬
‫‪ )6‬تطوير اإلجراءات والممارسات المتعلِّقة بحماية المستهلكين في الخدمات المالية‬
‫اإلس�لامية‪ ،‬في ظ�� ّل تطور المنتجات المالي��ة‪ ،‬وفي ظل َ‬
‫ضعف الوع��ي المالي والمصرفي‬
‫اإلسالمي ً‬
‫أيضا‪.‬‬

‫( ‪) 652‬‬
‫‪ )7‬نثم��ن افتتاح ُش��عب في الجامعات الفلس��طينية ح��ول تدريس مس��اق المصارف‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وذلك ليتولى الخريجون مستقبلاً إدارة هذه المصارف بمهنية وجدارة‪.‬‬

‫‪ )8‬ضرورة قيام المصارف اإلسالمية بدور فعال في توجيه رؤوس األموال نحو مناطق‬
‫الندرة في الدول اإلس�لامية والتي تتميز بقدرة اس��تيعابية كبيرة وبارتفاع معدالت الجدوى‬
‫االقتصادية لالستثمارات في هذه الدول‪.‬‬

‫‪ )9‬اس��تثمار جه��ود الفقه��اء وذوي الخبرة عل��ى ابتكار صيغ تمويلي��ة جديدة وإيجاد‬
‫نماذج جديدة تتناسب مع التغيرات المعاصرة لنشاطات المشاريع الصغيرة‪ ،‬وتفعيل الرقابة‬
‫الش��رعية التي تقوم على مراقبة المصارف اإلس�لامية ومتابعتها‪ ،‬وتقديم النصح واإلرش��اد‬
‫إلداراتها على جميع المستويات‪.‬‬
‫واهلل من وراء القصد‬
‫ُْ ُ‬
‫ِ‬
‫العام ‪1443‬ﻫ‬ ‫القدس يف ‪ 15‬من ربيعِ اآلخر من‬
‫ِ‬ ‫ّ‬
‫العام ‪2021‬م‬ ‫وفق ‪ 20‬ترشين اثلاين (نوفمرب) من‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪) 653‬‬
‫ملحق ُّ‬
‫الصور‬
) 657 (
) 658 (
) 659 (
) 660 (
) 661 (
) 662 (

You might also like