Professional Documents
Culture Documents
التدريب هدف بحد ذاته
التدريب هدف بحد ذاته
لو سلمت طائرة حديث ة ثمنه ا ثالث ون ملي ون دوالر لطي ار كفٍء لم يت درب على
مثل هذا النوع من الطائرات ،فهناك احتمال كبير بأن تتحطم الطائرة وتخس ر الطي ار الكفء
إن لم يسعفه الحظ بالقفز االضطراري ،وربما ستفقد الثقة بعملية الطيران .هناك حاج ة ماس ة
إلى فهم العالقة التفاعلي ة بين األداء واس تقرار الوظ ائف ،ف إذا لم يكن األداء مناس ًبا للوظيف ة
المطلوبة ،فسيخسر الش خص وظيفت ه ،كم ا ستخس ر الوظيف ة فاعليته ا ،ثم إن االس تراتيجيات
الجدي دة تش جع ك ل موظ ف أن يفك ر كرج ل أعم ال ،وأن يتص رف في عمل ه وكأن ه ي دير
مصلحته الخاصة بحساسية وحرص كبيرين.
لقد قيل دوًم ا إنه من األفضل للمؤسسات أن تترك موظفيها يغادرون أعم الهم وق د
نالوا حظهم الوافر من التدريب الجيد ،من أن تبقيهم في أعمالهم دون ت دريب ،ولكنن ا نالح ظ
أن كثيًرا من أرباب العمل يخشون تدريب موظفيهم وعمالهم بحجة قي ام ه ؤالء ب ترك العم ل
بعد حصولهم على التدريب .والحقيقة أن ه إذا م ا ت زامن الت دريب بحس االنتم اء واإلخالص،
فإن ذلك كفيل باستخالص الطاقات القصوى لمصلحة المؤسس ات وخيره ا .إذن إن ه الت دريب
المستمر في كل عمل هو الذي يدفعه قدًم ا إلى األمام ،كما أن اليابانيين (المع روفين بمه نيتهم
العالية) يقومون بإعادة وتكرار التدريب لنفس األشخاص بعد ُم ضِّي نحو سنة ،تحسًبا للنسيان،
وللحفاظ على مستوى رفيع من اإلنجاز!
قامت إحدى المجالت األمريكية المتخصص ة باختي ار أش خاص ممثلين للص ناعة،
وسجلت إنجازاتهم مع صورهم في عدد خاص لتكريمهم وتحفيزهم سنوًيا ،وقد اخت ارت ه ذه
المجلة في عددها األخير ستة أش خاص مم يزين ،ملخص ة إنج ازاتهم فيم ا يلي :اهتم ام كب ير
بالصحة والسالمة ،واس تيعاب أح دث تط ورات الص ناعة والت درب عليه ا ،وت دريب ك وادر
إنتاجية ،وتنفيذ برامج بيئية ،وترقية موظ ف كفء ليص بح م ديًرا للمص نع ،ومض اعفة م دير
عام عوائد شركته ستة أضعاف بسبب مبادراته الناجحة في حل المشكالت ال تي اس تندت إلى
أساليب تدريب مبتكرة للعاملين.
هكذا افتخرت هذه المجلة بهؤالء األشخاص الذين لعبوا أدواًرا مميزة في أعم الهم
بهدف تط وير األوج ه المختلف ة للص ناعة ،حيث ُيالح ظ أن معظم اإلنج ازات تتمح ور ح ول
تدريب الكوادر البشرية ،وتفعيل قدراتها ضمن ظروف عمل شبه نموذجية :فالسالمة العمالي ة
هي أسرع وسيلة لتحقيق الفاعلية الربحية ،وفلسفة التدريب المكث ف هي وح دها الق ادرة على
دفع عجلة الصناعة والخدمات إلى األمام ،وال معنى للحديث عن كفاءة المعدات الحديث ة دون
وجود أش خاص أكف اء وم دربين ،والم دير الفع ال يق ود إم ا بالتعليم ات وإم ا بإقن اع الك وادر
المدربة وهي الطريقة المثلى ،كم ا أن الت دريب يجب أن يك ون مت داخًال ،بمع نى أن يتج اوز
الحيز الضيق ليشمل ك ل الن واحي األفقي ة ذات العالق ة .ونص ل هن ا إلى خالص ة مفاده ا أن
تدريب وتطوير الكفاءات البشرية يفضل أن يكون هدًفا بحد ذاته ،وليس من الضروري ربطه
دائًم ا باإلنتاج والربحية ،فكفاءة العاملين في المحصلة مكسب للوطن وللمؤسسات ولألشخاص
المعنيين.
ومن بين النصائح الهامة التي تقدم للمؤسسات من أجل اجتذاب المهندسين األكف اء
مثًال ،إعط اء مس توى متم يز من الت دريب المتخص ص ،فبعض الش ركات الناجح ة والرائ دة
ترسل المختارين في بعثات تدريبية مباشرًة (وحتى قبل ممارسة العمل المي داني) ت تراوح م ا
بين 3و 6أشهر ،وذلك بغرض إدخالهم إلى أج واء العم ل وتك املهم مع ه وتحف يزهم لتط وير
العمل وتحسينه.
ولو حاولنا إيجاز األفكار والقناعات السلبية السائدة عن التدريب التقلي دي ،لوج دنا
أن معظمها ينبع من عدم القناعة بجدوى الفاعليات التدريبية ،كما يلي :التدريب عمل روتيني،
المصانع أو أماكن العمل ليست مدرس ة ،أن ه وس يلة لتمض ية ال وقت وربم ا الس فر والترفي ه
وجني المكاسب المالية ،أنه عمل نظري وال عالقة له بالعمل اإلجرائي الميداني ،ال يوجد م ا
يسمى "التدريب" ..فإما أن تتقن مهمتك أو ال تتقنها! التدريب مضيعة للوقت والجهد ،وته رب
من العمل الحقيقي ومتابعة المشكالت ،التدريب قد يقود إلى التمرد وعصيان التعليم ات ،وق د
يخلق ثقة زائدة بالنفس.
عالوة على ذلك ،فإن كثيًرا من المؤسسات ال تتابع المسارات الوظيفية للمتدربين،
وال تطلب إنجاز تقارير تدريبي ة تفص يلية ،وال تهتم بقي اس أث ر الت دريب على تحس ين األداء
الوظيفي ،كما أن بعضها يتجاهل البع د التك املي للعملي ة التدريبي ة ،وال يض ع مع ايير قي اس
وتغذية مرتدة تفاعلية ،مما يح ِّو ل الت دريب إلى عم ل تقلي دي روتي ني ،وبالت الي يفق د زخم ه
وانطالقته الحماسية الزمنية ،وينعكس ذلك سلًبا على مجم ل األداء ال وظيفي .ولكن للح ق فق د
بدأت بعض المؤسسات ذات القيادات الواعي ة تهتم بالت دريب كعنص ر حاس م لتحس ين مجم ل
األداء العام ،وبخاصة في فترات االنتقال االستراتيجي ،حيث يمكن استخدامه ك أداة فاعل ة في
إدارة التغيير.