‫تأثير الطبيعة على الشاعر األندلسي‬

‫المقدمة‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم الحمدهلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على‬
‫‪:‬أشرف األنبياء والُم رسلين نبينا محمد وعلى آلة وصحبه أجمعين‪ .‬أّم ا بعد‬
‫إن شعر الطبيعة الخاص بهذا العصر كان مرآة تعكس الحياة الواقعية‬
‫الطبيعية للعصر األندلسي‪ ،‬فهو من الفنون الشعرية التي ُع رفت باألدب‬
‫األندلسي‪ ،‬كما تميزت بالطبيعة الصناعية وأقصد البرك المائية والنوافير‬
‫والقصور واألشجار وغيرها‪ ،‬وكل ذلك كفيًال بإن يؤثر على حياة‬
‫األندلسيين بحيث إن تأثير البيئة على اإلنسان هو السبب األول الكفيل‬
‫بتشكيل شخصيته ونموها وصقلها وتطورها وبعدها يأتي السبب الثاني وهو‬
‫انعكاس التأثيرات الثقافية األخرى على الشعراء األندلسيون كاإلسالمية‪،‬‬
‫واألندلسية‪ ،‬واليهودية‪ ،‬وغيرها ففي اختالطهم بالثقافات المجاورة يعزز‬
‫‪.‬ذلك لديهم التفاهم والتعايش السلمي مع اآلخرين ويساهم في تطوير ذاتهم‬
‫فعلى سبيل المثال عندما نقارن بين حياة الشاعر الجاهلي الذي يعيش‬
‫بخيمًة بالصحراء في البادية فنرى اختالًفا كبيرًا بينه وبين الشاعر‬
‫األندلسي بسبب اختالف بيئاتهم وطبيعة عيشهم فمن حيث اختيارهم‬
‫لمواضيع قصائدهم نّج د الشاعر الجاهلي تميل قصائده إلى البساطة‬
‫والعفوية ومواضيعها تكون عن الشجاعة والكرم والطبيعة الصحراوية‬
‫بخالف الشاعر األندلسي الذي يميل في قصائده لوصف الطبيعة الخالبة‬
‫‪.‬والُح ب والجمال‪ ،‬والموسيقى‪ ،‬والعلوم‪ ،‬والفنون‬
‫ازيد كالم عن انو االنسان ابن بيئته‬
‫‪:‬وقد أخترت بحثي بعنوان “تأثير الطبيعة على الشاعر األندلسي” لألسباب اآلتية‬

‫لتميز شعراء األندلس بوصف الطبيعة عن غيرهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الرغبة في التعرف على األندلس وطبيعتها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التخطيط لزيارة إسبانيا (األندلس) سابقًا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حبي الشديد لشعر الطبيعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
 ‫‪:‬األهداف‬
‫التعريف بالطبيعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫معرفة مدى تأثير الطبيعة على الشاعر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫بيان أنواع الطبيعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إبراز جانب الثقافة والفن التي شهدته األندلس‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫توضيح سمات وخصائص الطبيعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يحتاج تعديل على البيانات‬
‫وقد اعتمدت في ‪ -‬دراستي ‪ -‬المنهج الوصفي‪ ،‬كما قد استفدت عظيم الفائدة من‬
‫الدراسات السابقة في هذا المجال حين وجدت أوجه التشابه بين موضوعي ‪-‬‬
‫وبين رسالة الدكتوراه (الطبيعة في الشعر األندلسي) لسراب جاسم محمد ياس و‬
‫د‪ .‬عمر السيد الطيب ‪ -‬كلية التربية ‪ -‬حنتوب‪،‬جامعة الجزيرة – السودان‪ -‬مجلة‬
‫العلوم اإلنسانية والطبيعية مجلد(‪ )3‬العدد(‪ ، )8‬من حيث التعريف بأنواع‬
‫‪.‬الطبيعة الحية (المتحركة) والصامتة‬
‫خطة البحث‬

‫الطبيعة وأنواعها وشعرائها •‬ ‫‪.‬المبحث األول‪ :‬تعريف‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الطبيعة وأنواعها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أشهر الشعراء الذين تناولوا شعر الطبيعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.‬المبحث الثانـي‪ :‬شعر الطبيعة في األندلس •‬
‫المطلب األول‪ :‬خصائص وسمات شعر الطبيعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نماذج من شعر الطبيعة‬ ‫‪‬‬

‫تمهيد‬
‫ُع رف شعر الطبيعة بأنه الشعر الذي يتخذ من عناصر الطبيعة الحية‬
‫والميتة مادة لموضوعاته‪ ،‬فهو الشعر الذي يمثل الطبيعة أو بعض ما‬
‫اشتملت عليه‪ ،‬والطبيعة تعني شيئين‪ :‬الحي مما عدا اإلنسان‪ ،‬والصامت‬
‫كالحدائق والحقول والجبال وما إليها‪ .‬وقد تناول شعر الطبيعة عند‬
‫العرب‪ ،‬كما تناول عند الغربيين الطبيعة الحية والطبيعة الصامتة‪ ،‬وإذًا‪،‬‬
‫فيمكن تعريفه‪ ،‬في إجمال بأنه الشعر الذي يمثل الطبيعة الحية والطبيعة‬
‫‪».‬الصامتة‪ ،‬كما تذوقتها نفس الشاعر وّجملها خياله‬

‫ومن المّسلم به أن وصف الطبيعة يعد واحدًا من الموضوعات الشعرية‬

‫التي راجت في األندلس‪ ،‬فقد كان من الموضوعات الرئيسة في الشعر‬
‫األندلسي‪ ،‬وفيه برز ما عند الشعراء من إبداع ودقة وجمال تصوير‬
‫ورقة في المعاني وإبداع في الخيال‪ ،‬واهتموا بوصف الطبيعة الضاحكة‬
‫في شعرهم فجاء حافًال بذكر الرياض والطيور واألشجار واألنهار‬
‫‪،‬والكواكب والقصور‬
‫وكانوا يستخدمون الطبيعة سبيًال للوصول إلى الممدوح‪ ،‬وكثيرًا ما‬
‫نلفيهم ينقطعون عن مختلف األغراض وينصرفون إلى وصف الطبيعة‬
‫كأن ذلك الوصف يكفي لشرح العواطف‪ ،‬حيث تفنن األندلسيون في‬
‫شعر الطبيعة أيما تفنن فال يختلف اثنان في أن أهم ما يميز األندلس‬
‫ترفها ونعيمها ووصف شعرائها لطبيعتها وحسن مناظرها‪ ،‬فقد ذهبوا‬
‫يتغنون بمشاهدها ومواطن الجمال والفتنة فيها ويشيدون بها أيما إشادة‬
‫‪:‬كقول ابن سفر المريني‬
‫في أرض أندلس تلتذ َنْع َم اُء‬
‫وال تفارق فيها القلب َس َّراُء‬
‫وكُّل َر ْو ض بها في الوشي صنعاء‬
‫وكيف ال ُتبهج األبصار رؤيتها‬

‫الطبيعة الصامتة‬
‫يقصد بالطبيعة الصامتة مظاهرها ووجودها المتجّسد في سهولها وبحارها وسمائها‬