You are on page 1of 33

٢

‫حالوة العبادة‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم ىلع سيد املرسلني‬
‫الرمحن َّ‬
‫الرجيم بسم اهلل َّ‬ ‫َّ‬
‫الشيطان َّ‬ ‫ّ‬
‫الرحيم‬ ‫أما بعد! فأعوذ باهلل من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وىلع آلك وأصحابك يا حبيب اهلل‬ ‫الصالة والسالم عليك يا رسول اهلل‬
‫ُ‬
‫والسالم عليك يا َّ‬ ‫ُ‬
‫وىلع آلك وأصحابك يا نور اهلل‬ ‫نيب اهلل‬ ‫الصالة‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫املدرس احلارضين نية‬ ‫(إن اكن ادلرس يف املسجد فليلقن‬
‫االعتاكف بصيغة)‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نويت االعتاكف يف املسجد مادمت فيه‪...‬‬
‫ّ‬
‫إخويت األحبة! علينا أن ننوي االعتاكف عند دخول املسجد ما‬
‫دمنا فيه ى‬
‫حَّت ال يفوتنا أجر االعتاكف واملكوث يف املسجد‪ ،‬ولكيال نقع‬
‫ر‬ ‫يف الكراهة إن فعلنا بعض املباحات‪ ،‬فإنىه يُ َ‬
‫كر ُه األكل والُّشب وانلىوم‬
‫والسحور واإلفطار داخل املسجد‪ ،‬لكن إذا نوينا االعتاكف جاز نلا‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬
‫ذلك كه تبعا للنيىة‪ ،‬وال ننوي االعتاكف من أجل األكل والُّشب وانلىوم‬
‫ى‬
‫فقط‪ ،‬وإنما ننوي االعتاكف ابتغاء رضوان اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫المعتَكف‪،‬‬‫واألكل يف املسجد لغري ُ‬ ‫كر ُه انلى ُ‬
‫وم‬ ‫"رد املحتار"‪ :‬يُ َ‬ ‫ويف‬
‫َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫اهلل تعاىل بقدر‬‫ذك َر َ‬ ‫وإذا أراد ذلك ينبيغ أن يَنو َي االعتاكف فيدخل في‬
‫فع َل ما َ‬ ‫ِّ‬
‫شاء(‪.)1‬‬ ‫ثم يَ َ‬
‫صِّل ّ‬‫ما نَ َوى أو يُ َ‬

‫(‪" )1‬الدر المختار مع رد المحتار"‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب االعتكاف‪.٥٠٦/٣ ،‬‬

‫‪1‬‬
‫ّ‬
‫بعض انلصائح حول انلية‬
‫َّ ُ‬ ‫َْ َ ُ ََ‬ ‫ّ‬
‫إخويت األحبة! لقد قال سيدنا رسول اهلل ﷺ‪« :‬أفضل العم ِل انلِّية‬
‫لك عمل ينبيغ أن ّ‬ ‫َّ َ ُ (‪ِّ َ َ )1‬‬
‫نتعود ىلع انلوايا السنة‪ ،‬وقد ورد‪:‬‬ ‫الصادِقة» ‪ .‬فقبل‬
‫ِّ َّ ُ َ َ َ ُ ُ ْ ُ َ َ َ َ َّ َ‬
‫اجلنة»(‪ .)٢‬فتعالوا بنا نلنوي نوايا حسنة‬ ‫«انلية احلسنة تدخِل صاحِبها‬
‫قبل استماعنا هلذه املحارضة ابتغاء وجه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ومن انلوايا املستحسنة عند استماع املحارضة‪:‬‬
‫اغضا بلرصي من ّ‬‫ًّ‬
‫أوهلا إىل آخرها‪.‬‬ ‫● أستمع هلذه املحارضة‬
‫● أجلس ىلع هيئة جلسة التى ر‬
‫شهد قدر املستطاع بنيّة تعظيم العلم‪.‬‬
‫● ال أتكاسل يف استماع املحارضة‪.‬‬
‫ّ‬
‫● أستمع هلا بغرض اإلصالح نلفس‪ ،‬وأبلغها إىل اإلخوة غري املوجودين‪.‬‬
‫فضل الصالة ىلع انليب ﷺ‬
‫عن سيدنا أنس بن مالك ريض اهلل عنه قال‪ :‬قال سيدنا انليب ﷺ‪:‬‬
‫َ ى (‪)3‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ى َ َى َ َ َ َ ى َ َ‬
‫«من صَّل لَع يف يوم ألف مرة‪ ،‬لم يمت حَّت يرى مقعده من اْلنة» ‪.‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫(‪" )1‬الجامع الصغير"‪ ،‬حرف الهمزة‪ ،‬ص‪.)1٢٨٤( ،٨1‬‬


‫(‪" )٢‬الجامع الصغير"‪ ،‬حرف النون‪ ،‬ص‪.)٩٣٢٦( ،٥٥٧‬‬
‫(‪" )٣‬الرتغيب يف فضائل األعمال وثواب ذلك" البن شاهين‪ ،‬باب مختصر من‬
‫تسليما‪.)1٩( ،1٤/1 ،‬‬
‫ً‬ ‫الصالة على رسول اهلل ﷺ‬

‫‪٢‬‬
‫أقوال الصحابة عن عبادة انليب ﷺ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫عن سيدنا أيب هريرة ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬ل ىما ن َزلت هذه اآليَة‬
‫ََ‬ ‫ك ٱ َّ ُ‬‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َُ‬
‫َّلل َما تق َّد َم مِن‬ ‫يمة‪﴿ :‬إِنا فتَحنَا لك فتحا ُّمبِينا ‪ ١‬ل ِيغفِر ل‬ ‫الكر‬
‫ى‬ ‫َ‬
‫ك َو َما تَأ َّخ َر﴾ ]الفتح‪َ ،[٢-1 :‬ص َ‬‫َ َ‬
‫يب ﷺ َو َصَّل َح ىَّت‬ ‫سيدنا انلى ر‬‫ام ّ‬
‫ذۢنب ِ‬
‫ََ َ ََ َ ُ َََىَ َ ى َ َ َ ى‬
‫ار كلش ِّن ابلَال(‪.)1‬‬‫انتفخت قدماه‪ ،‬وتغري حَّت ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أم املؤمنني سيّدتنا اعئشة الصديقة بنت الصديق ريض اهلل‬ ‫وعن ّ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬
‫تعاىل عنهما قالت‪ :‬إن سيّ َدنا َر ُسول اهلل ﷺ كن ال يَ َد ُع ُه (أي‪ :‬قيام‬
‫ََ َ َ َ َ َ َ َ َ ى َ‬
‫الليل) وَكن إذا مرض أو كسل صَّل قاعدا ‪.‬‬
‫(‪)٢‬‬

‫ّ‬ ‫وعن ّ‬
‫أم املؤمنني سيدتنا أم سلمة ريض اهلل تعاىل عنها قالت‪ :‬كن‬
‫ام قَد َر َما َص ىَّل‪ُ ،‬ث ىم يُ َص ِِّّل قَد َر َما نَ َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يُ َص ِِّّل ُث ىم َينَ ُ‬
‫ام‪،‬‬ ‫سيّ ُدنا‬
‫ى‬ ‫ُى ََ ُ َ‬
‫ام قد َر َما َصَّل َح ىَّت يُصب َح(‪.)3‬‬ ‫ثم ين‬
‫وعن سيدنا جابر ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬كن سيّ ُدنا رسول اهلل‬
‫َ َ ََ ى َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫ُى‬ ‫َ َ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫ﷺ يَت َس ىو ُك م َن الليل َم ىرتني أو ثالثا‪ ،‬ك َما َرق َد فاستيقظ استاك َوتوضأ‬
‫َ َ (‪)4‬‬
‫َ ى َ ََ َ‬
‫َوصَّل ركعتني أو ركعة ‪.‬‬

‫(‪" )1‬تاريخ مدينة دمشق" البن عساكر‪ ،‬باب ذكر تقلله ﷺ‪...‬إلخ‪.1٤1/٤ ،‬‬
‫(‪" )٢‬سنن أبي داود"‪ ،‬كتاب التطوع‪ ،‬باب قيام الليل‪.)1٣٠٧( ،٤٨/٢ ،‬‬
‫(‪" )٣‬سنن الرتمذي"‪ ،‬كتاب فضائل القرآن‪.)٢٩٣٢( ،٤٢٣/٤ ،‬‬
‫(‪" )٤‬كشف األستار عن زوائد البزار" للهيثمي‪ ،‬كتاب الصالة‪.)٧٢٨( ،٣٤٩/1 ،‬‬

‫‪3‬‬
‫َى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ايلمان ريض اهلل تعاىل عنه‪ ،‬أن ُه َم ىر‬ ‫ِ‬ ‫بن‬
‫وروي عن سيدنا حذيفة ِ‬
‫َ ُ ُ ُ َ ِّ‬ ‫يب ﷺ ََللَة َو ُه َو يُ َص ِِّّل يف َ‬
‫المدينَة‪ ،‬قال‪ :‬فقمت أصِّل‬ ‫المسجد يف َ‬ ‫بانلى ِّ‬
‫َ َ َ ُ ُ َ ى ُ َى َى ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫ورة ابلَق َرة‪.‬‬ ‫وراءه ُييل إل أنه ال يعلم‪ ،‬فاستفتح س‬
‫َ‬ ‫َُ ُ َ َ َ ََ َ ََ َ َ َ َ َ ََ‬
‫اءها فلم يَركع‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬إذا جاء مائة آية ركع‪ ،‬فج‬
‫َ‬ ‫َُ ُ َ َ َ ََ َ ََ َ َ َ َ َ ََ‬
‫اءها فلم يَركع‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬إذا جاء مائَت آية ركع‪ ،‬فج‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫َ َ َ‬
‫فإذا ختَ َم َها َرك َع‪ ،‬فختَ َم فلم يَركع‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫فل ىما ختَ َم‪ ،‬افتَتَ َح آل عم َران‪.‬‬
‫َ ََ َ ََ َ َ َ ََ َ ََ َ َ ُى ََ َ ُ ََ‬ ‫َف ُقل ُ‬
‫ورة ال َمائ َدة‪.‬‬‫ت‪ :‬إن ختمها ركع‪ ،‬فختمها ولم يركع‪ ،‬ثم افتتح س‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َُ ُ َ َ‬
‫ت‪ :‬إذا ختَ َم َرك َع‪ ،‬فختَ َم َها ف َرك َع‪.‬‬ ‫فقل‬
‫ان َر ِّ َ‬ ‫َ َ ُُ َُ ُ ُ َ َ‬
‫ِّب ال َعظيم»‪.‬‬ ‫فسمعته يقول‪« :‬سبح‬
‫َ ُ َ ِّ ُ َ َ َ َ َ َ ُ ى ُ َ ُ ُ َ َ َ َ‬
‫َ‬
‫ري ذلك‪.‬‬ ‫ويرجع شفتيه فأعلم أنه يقول غ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُى َ َ َ َ َ ُُ َُ ُ ُ َ َ‬
‫ِّب األىلع»‪.‬‬ ‫ان َر ِّ َ‬ ‫ثم سجد فسمعته يقول‪« :‬سبح‬
‫َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ِّ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ ى ُ َ ُ ُ َ َ َ َ َ‬
‫ري ُه‪ ،‬ث ىم افتَتَ َح‬ ‫ري ذلك‪ ،‬فال أفهم غ‬ ‫ويرجع شفتيه فأعلم أنه يقول غ‬
‫ُ ََ َ‬
‫ورة األن َعام(‪.)1‬‬ ‫س‬
‫أيها اإلخوة! لقد الحظتُم استغراق ّ‬
‫سيدنا رسول اهلل ﷺ بالعبادة مع‬
‫ّ‬
‫أنه كن معصوما من األخطاء‪ ،‬حمبوبا عند اهلل تعاىل‪ ،‬مشغوال يف مصالح‬

‫(‪" )1‬مصنف عبد الرزاق"‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب قراءة السور يف الركعة‪،٩٦-٩٥/٢ ،‬‬
‫ٍ‬
‫بتصرف‪.‬‬ ‫(‪،)٢٨٤٥‬‬

‫‪4‬‬
‫ِّ‬ ‫يؤدي واجباته ومسؤوَلّاته جتاه ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫األمة‪ ،‬ويعلم‬ ‫األمة وأهل بيته‪ ،‬فاكن‬
‫َ‬
‫انلاس إىل اخلري‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويوايس‬ ‫ادلين‪ ،‬ويدعو‬ ‫الصحابة ريض اهلل تعاىل عنهم‬
‫َ‬
‫حوائج ابلهائم فضال عن اإلنسان‪،‬‬ ‫ويعود املرىض‪ ،‬ويقيض‬‫املهمومني‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وُيسن إَلها باالستماع إىل شاكويها ويُشفق عليها‪ ،‬ومع لك ذلك كن‬
‫يعبد َ‬
‫اهلل تعاىل‪ ،‬وال ينقطع عن عبادته والوقوف بني يديه‪.‬‬
‫مقصد احلياة‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫الوقت للك‬ ‫أيها األحبة األكارم! مع األسف الشديد حنن نملك‬
‫َ‬
‫وقت‪ ،‬وإذا مللنا من املهام اَلوميّة وأردنا‬
‫يشء‪ ،‬لكسب العيش دلينا ٌ‬
‫ٌ‬ ‫الرحلة للتسلية والرتفيه فدلينا ٌ‬
‫وقت طويل‪ ،‬حنن متاحون أربع وعُّشين‬
‫ر‬
‫للتجمع‬ ‫ساعة الستخدام وسائل اتلواصل االجتمايع‪ ،‬ودلينا وقت كثري‬
‫ر‬
‫واتلفرج ىلع املباريات ومشاهدة‬ ‫املهرجني ولعب ّ‬
‫كرة القدم‬ ‫ِّ‬ ‫حول‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الوقت للك يشء! إال العبادة ولصالة‬ ‫األفالم واملسلسالت‪ ،‬دلينا‬
‫اإلرشاق والضىح وحضور "االجتمااعت ادلعوية" والسفر يف "القوافل‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫ادلعوية" ودعوة انلاس إىل اخلري وتعلم العلوم ادلينيّة واالستعداد للقرب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫واآلخرة‪ ،‬يا َلتنا! ُن ِّصص بعض الوقت للتفكر يف اآلخرة والتباع قدوتنا‬
‫حممد ﷺ يف حياته الطيّبة‪ ،‬وفىقنا ُ‬
‫اهلل سبحانه وتعاىل بالعبادة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ورسونلا‬
‫وهو ّ‬
‫ويل اتلوفيق‪.‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫‪5‬‬
‫ما هو اهلدف احلقييق لإلنسان يف هذه ادلنيا؟‬
‫ٌ‬
‫قال سيدنا جالل ادلين الرويم رمحه اهلل تعاىل‪ :‬إذا أرسلك َملك إىل‬
‫َ‬ ‫َ ى‬
‫وأدي َ‬ ‫قرية من أجل عمل ّ‬
‫ت مائة عمل آخر‪ ،‬فإذا لم تكن‬ ‫معني‪ ،‬فذهبت‬
‫أدي َ‬ ‫ى‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أد َ‬‫ى‬
‫ت شيئا‬ ‫ذهبت من أجل تأديته‪ ،‬فكأنك ما‬ ‫يت ذلك العمل اذلي‬ ‫قد‬
‫معني‪ ،‬وذلك‬ ‫فإن اإلنسان جاء إىل هذا العالَم من أجل عمل ّ‬ ‫ّ‬
‫ابلَتىة‪ ،‬وهكذا‬
‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مقصوده وهدفه‪ ،‬فإذا لم يؤد هذا اذلي جاء من أجله‪ ،‬فإنه ال يعترب قد فعل‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫شيئا‪﴿ :‬إنَّا َع َرضنَا ٱلأَ َمانَ َة عَلَى َّ َ‬
‫ۡرض َوٱل ِجبَا ِل فأ َبي َن أن‬ ‫ٱلسم َٰ َو َٰ ِ‬
‫ت َوٱلأ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نس ُن﴾ ]األحزاب‪.)1([٧٢ :‬‬ ‫َيح ِملنَ َها َوأش َفق َن مِن َها َو َحمَل َها ٱل ِإ َ َٰ‬
‫ويف "تفسري اجلاللني"‪﴿ :‬ٱلأَ َمانَ َة﴾ أي‪ :‬الصلوات وغريها ّ‬
‫مما يف‬
‫فعلها من اثلواب وتركها من العقاب(‪.)٢‬‬
‫ًّ‬
‫رضوريا كن أو غري رضوري‪،‬‬ ‫أي عمل من الياة‬‫مع األسف! ال ننىس ى‬

‫أكل الطعام والُّشاب ال ننىس‪ ،‬وال ننىس رشاء املالبس اْلديدة‪ ،‬وال‬
‫نسرتيح ما لم نشرت املوديل اْلديد للهواتف ّ‬
‫اذلكية‪ ،‬اليشء اذلي ننساه دائما‬
‫وال ننتبه إَله؛ يه العبادة هلل تعاىل ووحشة القرب وأسئلة منكر ونكري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫سنجيب امللكني أيها اإلخوة! حني يسأالننا يف القرب؟ وهل فكرنا يف‬ ‫فبماذا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رؤوسنا َ‬
‫َ‬ ‫حرارة يوم اآلخرة؟ وكيف ُ‬
‫أمام انلاس عندما تفتح صحيفة‬ ‫نرفع‬

‫(‪" )1‬كتاب فيه ما فيه" لجالل الدين الرومي‪ ،‬الفصل الرابع كرمنا بني آدم‪ ،‬ص ‪.٤٠‬‬
‫(‪" )٢‬تفسير الجاللين"‪ ،‬ص ‪[ ،٣٥٨‬األحزاب‪.]٧٢ :‬‬

‫‪6‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫األعمال؟ وكيف نَعرب الرصاط؟ وهل جند َم ًّ‬
‫قرا يف اْلنة أم نساق إىل انلار؟‬
‫لك يشء ل ُسوء فهمنا غري هذه األمور‪ ،‬يا َلتنا! نُصبح ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ممن‬ ‫حنن نفكر يف‬
‫حالوة الطاعة‪ ،‬ويا َلتنا! ُُنرج ى‬
‫حب‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫يتأملون يف اآلخرة‪ ،‬ويا َلتنا! ّ‬
‫نتذوق‬
‫ُيب اهلل تعاىل ويرىض‪.‬‬‫ادلنيا من قلوبنا‪ ،‬ونكون ىلع ما ّ‬

‫اغية خلق اإلنسان من وجهة نظر القرآن الكريم‬


‫َ‬
‫لقد ذكر اهلل سبحانه وتعاىل اغية خلق اإلنسان يف سورة اذلاريات‬
‫ون ‪] ﴾٥٦‬اذلاريات‪.[56 :‬‬ ‫نس إلَّا ل َِيعبُ ُ‬
‫د‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ََ ََ ُ‬
‫ِ‬ ‫فقال تعاىل‪﴿ :‬وما خلقت ٱل ِجن وٱل ِإ ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫فقد اتّ َ‬
‫ضح من هذه اآلية الكريمة أن الغرض القييق من الياة‬
‫ِّ‬ ‫ادلنيوية هو عبادة اهلل تعاىل‪ ،‬وذللك جيب أن ى‬ ‫ّ‬
‫نهتم بها ونركز عليها أكرث‬
‫أي يشء آخر‪ ،‬وال نتهاون يف العبادة مهما اضطررنا ذللك‪ ،‬يقول‬ ‫من ّ‬

‫سيدنا سفيان بن عيينة رمحه اهلل تعاىل‪ :‬كن سيدنا قيس بن مسلم رمحه‬
‫حَّت السحر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫يصِّل ّ‬
‫ثم جيلس فيمسح ابلاكء ساعة بعد ساعة‪،‬‬ ‫اهلل تعاىل‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وهو يقول‪ :‬ألمر ما خلقنَا‪ ،‬لنئ لم نعن اآلخرة خبري نلَهلك ىن(‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫أذل يشء يف العالم‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫اتلوفيق إىل الطاعة‪ ،‬وتلعلموا أن ذلة العبادة‬ ‫أيها األحبة! رزقنا اهلل‬
‫ّ‬
‫يه أعظم يشء يف ادلنيا لم نذقها‪ ،‬ولكن املشلكة أننا ُمنغمسون يف‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫مذلات ادلنيا‪ ،‬وال ّ‬
‫تستحق منا‪ ،‬وهذا هو السبب الرئيس‬ ‫نهتم بالعبادة وما‬

‫(‪" )1‬صفة الصفوة" البن الجوزي‪ ،‬قيس بن مسلم الجدلي‪.٨٤/٣ ،‬‬

‫‪٧‬‬
‫يف ُوجود الالوة يف ُمغريات ادلنيا وشهواتها‪ ،‬فلو ُعدنا إىل اهلل تعاىل عودة‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫حبق ملا وجدنا حقيقة الذلة إال يف عبادة اهلل تعاىل‪ ،‬وهذه يه القيقة كما‬
‫قال سيدنا إبراهيم بن أدهم رمحه اهلل تعاىل‪ :‬لو علم امللوك وأبناء امللوك ما‬
‫والّسور َ ُ‬
‫ْلادلونا عليه بالسيوف أيّام الياة(‪.)1‬‬ ‫حنن فيه من انلىعيم ر‬
‫ىَ‬ ‫ُ‬
‫ملوك ادلنيا ذلة عبادة اهلل تعاىل ألصبحوا مشتاقني إَلها‬ ‫أي‪ :‬لو علم‬
‫ّ‬
‫كما يشتاقون إىل تويل الرئاسة وُياربون بعضهم تلحصيل ختت امللوكيّة‪.‬‬
‫سبب ابلاكء عند الزنع‬
‫ّ‬
‫بكى سيدنا معاذ ريض اهلل عنه عند موته وقال‪ :‬إنما أبكي ىلع ظمأ‬
‫اهلواجر وقيام َلل الشتاء ومزامحة العلماء بالركب عند حلق اذلكر(‪.)٢‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫انلاس اذلين جيدون ذلة األنس والالوة يف عبادة اهلل‬ ‫سبحان اهلل!‬
‫ّ ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫حَّت نركز‬ ‫تعاىل يُفضلونها ىلع ادلنيا وما فيها‪ ،‬امهلل ارزقنا حالوة العبادة‬
‫جبد وبذل يا ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬
‫رب العاملني‪.‬‬ ‫ونهتم بها‬ ‫عليها‬
‫قصص من أحوال السلف الصالح يف الصالة‬
‫القصة األوىل‪ :‬ألحد األنصار‪:‬‬
‫َ‬
‫روي عن سيدنا جابر بن عبد اهلل ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬خ َرجنَا‬
‫ٌ‬ ‫الرقَاع من َُنل‪ ،‬فَأَ َص َ‬
‫اب َر ُجل م َن‬ ‫سيدنا َر ُسول اهلل ﷺ يف َغز َوة َذات ِّ‬
‫َم َع ّ‬

‫(‪" )1‬صفة الصفوة"‪ ،‬إبراهيم بن أدهم‪.1٣٥/٤ ،‬‬


‫(‪" )٢‬لطائف المعارف" البن رجب‪ ،‬المجلس الثالث يف ذكر فصل الشتاء‪.٣٢٧/1 ،‬‬

‫‪8‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََى َ ََ‬ ‫َ َ‬
‫رصف سيدنا َر ُسول اهلل ﷺ قافال‪،‬‬ ‫ني ام َرأة م َن ال ُمُّشكني‪ ،‬فلما ان‬ ‫ال ُمسلم‬
‫َ‬ ‫َ ى ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ى ُ َ َََ َ َ َ َ‬ ‫ََ َ ُ َ ََ َ َ‬
‫أَت زوجها وَكن اغئبا‪ ،‬فلما أخرب اخلرب حلف‪ :‬ال ينتِه حَّت يهريق يف‬
‫ََََ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫أَص َ‬
‫َنل سيدنا‬ ‫حاب َر ُسول اهلل ﷺ دما‪ ،‬فخ َر َج يَتبَ ُع أث َر َر ُسول اهلل ﷺ‪ ،‬ف‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬
‫َر ُسول اهلل ﷺ َمَنال‪ ،‬فقال‪َ « :‬من َر ُجل يَكل ُؤنا َللتَنَا هذه؟»‪.‬‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫فَانتُد َب َر ُج ٌل م َن ال ُم َهاجر َ‬
‫ين‪َ ،‬و َر ُجل م َن األن َصار‪ ،‬فقاال‪ :‬حن ُن يَا‬
‫َ‬
‫َر ُسول اهلل ﷺ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫قال‪« :‬فكونا بفم الشعب»‪.‬‬
‫َ َ َ َ َ ُ َ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫حابُ ُه قد ن َزلوا إىل الشعب م َن ال َوادي‪،‬‬ ‫قال‪َ :‬وَكن َر ُسول اهلل ﷺ وأص‬
‫األن َصار ري لل ُم َهاجر ِّي‪ :‬أَير‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬
‫فلما أن خرج الرجالن إىل فم الشعب‪ ،‬قال‬
‫ََى َ َ َ َ ى ُ َ‬
‫َ‬ ‫ى َ َ ر َ َ َ َ‬
‫ب إَلك أن أكفيَك ُه؟‬ ‫الليل أح‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قال‪ :‬اكفِن أ ىولُ‪.‬‬
‫ر َ َ َ َ َ ر ُ َ ِّ‬ ‫فَاض َط َ‬
‫ج َع ال ُم َهاجري‪ ،‬وقام األنصاري يصِّل‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ َى‬ ‫ََ َ َ ُ َ َ َ َ ى ََ َ َ‬
‫الر ُجل َع َرف أن ُه َربيئَة القوم‪،‬‬ ‫خ َص ى‬ ‫وأَت زوج المرأة فلما رأى ش‬
‫ِّ ُ‬ ‫َََ َ ُ ََ َ َ ُ َََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت قائما يُ َصِّل‪ ،‬ث ىم َر َماهُ ب َسهم‬ ‫ف َر َماهُ ب َسهم ف َو َض َع ُه فيه‪ ،‬فَنعه فوضعه وثب‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫َََ َ ُ ََ َ َ ُ َََ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ت قائما يُ َصِّل‪ ،‬ث ىم ََعد لُ اثلىاثلَة‬ ‫آخ َر ف َو َض َع ُه فيه‪ ،‬فَنعه فوضعه وثب‬
‫ََ‬ ‫ََ َ‬
‫ب َصاحبَ ُه‪ ،‬فقال‪ :‬اجلس فقد‬ ‫َن َع ُه فَ َو َض َع ُه‪ُ ،‬ث ىم َر َك َع ُث ىم أَ َه ى‬
‫فَ َو َض َع ُه فيه فَ َ َ‬
‫ت فَ َوثَ َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫أَثبَ ُ‬
‫الر ُج ُل َع َر َف أَنى ُه قَد نَ َذ َر به‪َ ،‬ف َه َرب‪َ.‬‬ ‫آه َما ى‬ ‫فَلَ ىما َر ُ‬

‫‪9‬‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫حان اهلل‪،‬‬ ‫ادل َماء‪ ،‬قال‪ :‬سب‬ ‫األن َصار ِّي م َن ِّ‬ ‫فل ىما َرأى ال ُم َهاجر ري َما ب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ َ َ َىَ‬
‫أفال أهببتِن أول ما رماك!؟‬
‫ُ َ َ َ ُ َ َ َ ُ ى َ َ َ َ َ َ ى ُ َ َ َ ىَ‬ ‫قال‪ُ :‬كن ُ‬
‫ت يف سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها حَّت أنفذها‪ ،‬فلما‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َى ى َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫ت فآذنتُك‪َ ،‬واي ُم اهلل! لوال أن أ َضيِّ َع ثغرا‪ ،‬أ َم َرِن َر ُسول‬ ‫تابع لَع الرْم ركع‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ ََ‬
‫اهلل ﷺ حبفظه لقط َع نفس قبل أن أق َط َع َها أو أنفذها(‪.)1‬‬
‫ٌ‬
‫القصة اثلانية‪ :‬شخص قطعت رجله ولم يشعر باأللم‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ََُ‬ ‫لَ ى‬
‫بن الزبري ريض اهلل تعاىل عنه‪،‬‬‫ِ‬ ‫عروة‬ ‫سيدنا‬ ‫ل‬‫ج‬‫ر‬ ‫ة‬ ‫ل‬‫ك‬ ‫األ‬ ‫أصابت‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ ََ ََ َ‬ ‫َى َََ ى‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ َ‬
‫ادوا أن يق َط ُعوا الق َد َم الَت خ َر َجت فيه ِلال تتعدى ْلميع بدنه‪ ،‬فاكن‬ ‫أر‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫يَأَب َعليهم ذلك‪.‬‬
‫َ َ َ َُ َ َ ُ ُ ى ُ َ َ ُ َ ََ َ َ ى َ َ ُ َ‬
‫فقالت لهم زوجته‪ :‬إنكم ال تقدرون ىلع ذلك إال أن يكون يف‬
‫ى َ‬
‫الصالة‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫ى َ َ َ ُ ََ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫َضوا فق َط ُعوها لُ‪.‬‬ ‫فل ىما أن كن يف الصالة ح‬
‫َ َ َ َُ َُ ُ َ َ‬ ‫آهم ُحمَ ِّدق َ‬‫غ من َص َالته َر ُ‬ ‫ََى ََ َ‬
‫يدون أن‬ ‫ني به فقال لهم‪ :‬أتر‬ ‫فلما فر‬
‫َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫اهلل ت َعاىل؟‬ ‫ري هذه ال َم ىرة إن شاء‬ ‫تق َط ُعوا ل غ‬
‫فقالوا ل‪ُ :‬ه َو ذا‪.‬‬

‫(‪" )1‬مسند أحمد بن حنبل"‪ ،‬مسند جابر بن عبد اهلل األنصاري‪،)1٤٨٧1( ،1٤٠/٥ ،‬‬
‫و"المستدرك على الصحيحين"‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب عدم انتقاض الصالة‪...‬إلخ‪،‬‬
‫‪ ،)٥٧٢( ،٣٧٩/1‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫فقال‪ :‬واهلل! َما َش َع ُ‬
‫رت ب ُ‬
‫كم(‪.)1‬‬
‫ٌ‬
‫القصة اثلاثلة‪ :‬وقع حريق جانبه ولم يشعر به‪:‬‬
‫ُرو َي عن سيدنا مسلم بن يسار رمحه اهلل تعاىل ‪-‬وهو تابيع معروف‪:-‬‬
‫يصِّل دائما خبشوع دلرجة عدم وعيه ملا ُيدث حول‪ ،‬وذات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‬ ‫أنه كن‬
‫يق إ َىل َجانبه َف َما َش َع َر به َح ىَّت ُطف َئت ى‬
‫انل ُ‬
‫ار(‪.)٢‬‬ ‫َك َن َقائما يُ َص ِِّّل َف َو َق َع َحر ٌ‬

‫القصة الرابعة‪ :‬كيفية صالة سيدنا عبد اهلل بن الزبري‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عن سيدنا عمر بن قيس عن أمه رمحهما اهلل تعاىل أنها قالت‪:‬‬
‫دخلت ىلع سيدنا عبد اهلل بن الزبري ريض اهلل تعاىل عنه بيته‪ ،‬فإذا ُه َو‬ ‫ُ‬

‫فتط ّوت ىلع بَطنه‬ ‫ىلع ابنه هاشم َ‬ ‫َ‬ ‫فس َق َطت حيّ ٌة من ى‬
‫السقف‬ ‫ائم يُ َص ِّّل‪َ ،‬‬
‫قَ ٌ‬
‫َ َ‬
‫اح أهل ابلَيت‪ :‬ال َيىة‪َ ،‬ولم يَ َزالوا بها َح َّّت قتَلوها‪ ،‬وسيدنا‬ ‫وص َ‬‫قائم‪َ ،‬‬
‫وهو ٌ‬
‫َ ّ َ‬
‫جل(‪.)3‬‬ ‫عبد اهلل بن الزبري ريض اهلل تعاىل عنه يُ َص ِّّل َما اتلَ َ‬
‫فت وال ع‬
‫ّ‬
‫وعن سيدنا حييي بن وثاب رمحه اهلل تعاىل قال‪ :‬كن سيدنا عبد اهلل‬
‫تصعد‬ ‫العصافري ىلع َظهره َ‬ ‫جد َوقعت َ‬ ‫بن الزبري ريض اهلل تعاىل عنه إذا َس َ‬
‫وتَنل ال تراهُ إ ّال ج َ‬
‫ذم َحائط(‪.)4‬‬

‫(‪" )1‬المدخل" البن الحاج‪ ،‬فصل يف آدابه االجتماع بأهله‪ ،‬الجزء الثاين‪.٣٦٦/1 ،‬‬
‫(‪" )٢‬حلية األولياء"‪ ،‬مسلم بن يسار‪.)٢٤٣٧( ،٣٢٩/٢ ،‬‬
‫(‪" )٣‬تاريخ مدينة دمشق" البن عساكر‪ ،‬عبد اهلل بن الزبير‪.1٧٤/٢٨ ،‬‬
‫(‪" )٤‬تاريخ مدينة دمشق" البن عساكر‪ ،‬عبد اهلل بن الزبير‪.1٧٠/٢٨ ،‬‬

‫‪11‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رأيت مثل سيدنا‬ ‫وقال سيدنا ابن أيب مليكة رمحه اهلل تعاىل‪ :‬ما‬
‫عبد اهلل بن الزبري ريض اهلل تعاىل عنه‪ ،‬لقد قام يوما إىل الصالة َ‬
‫فم ىر‬
‫جر من حجارة املنجنيق بلبنة مطبوخة من رشافات املسجد‪ ،‬ى‬
‫فمرت‬ ‫َح ٌ‬
‫ّ‬
‫بني ليته وصدره‪ ،‬فوالل! ما خشع هلا برصه‪ ،‬وال قطع هلا قراءته‪ ،‬وال ركع‬
‫ّ‬
‫دون الركوع اذلي كن يركع‪ ،‬إن سيدنا عبد اهلل بن الزبري ريض اهلل تعاىل‬
‫ِّ‬
‫عنه كن إذا دخل يف الصالة خرج من لك شئ إَلها(‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫القصة اخلامسة‪ :‬السيدة رابعة ابلرصية‪:‬‬
‫كنت السيّدة رابعة العدوية ابلرصية رمحها اهلل تعاىل من أوَلاء اهلل‬
‫ّ‬
‫تعاىل‪ ،‬تتعبّد اهلل سبحانه وتعاىل َلال ونهارا‪ ،‬فاكنت تصِّل ألف ركعة يف‬
‫ّ‬
‫اَلوم والليلة‪ ،‬وجاء يف "تنبيه الغافلني"‪ :‬أنها كنت يف الصالة‪ ،‬فسجدت‬
‫ٌ‬
‫قطعة من قصب يف عينها‪ ،‬فلم تشعر بها ّ‬
‫حَّت‬ ‫ىلع ابلواري‪ ،‬فدخلت‬
‫انرصفت من الصالة(‪.)٢‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬
‫ّ‬
‫آفة احلرمان من ذلة العبادة‬
‫َّ‬
‫أيها األحبة الكرام! لقد الحظتم من خالل هذه القصص الَت‬
‫ّ‬
‫ذكرناها أن سلفنا الصالح رمحهم اهلل تعاىل كيف كنوا يعبدون اهلل تعاىل‬

‫(‪" )1‬تاريخ مدينة دمشق" البن عساكر‪ ،‬عبد اهلل بن الزبير‪.1٧٣/٢٨ ،‬‬
‫(‪" )٢‬تنبيه الغافلين" للسمرقندي‪ ،‬باب إتمام الصالة والخشوع فيها‪ ،‬ص ‪.٢٩1‬‬

‫‪1٢‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ويستذلون بها وهم خبشوع وخضوع‪ ،‬وَكنوا جيدون الالوة يف ذكر اهلل‬
‫سبحانه وتعاىل‪ ،‬نسأل اهلل تعاىل نلا اتلوفيق‪ ،‬آمني‪.‬‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ََى‬
‫احلسن ابلرصي رمحه اهلل تعاىل يقول‪ :‬تفق ُدوا الالوة‬ ‫ُ‬ ‫وَكن سيدنا‬
‫ُ َ َ ََ‬ ‫َ‬
‫ادل ََعء‪ ،‬فإن َو َجدت ُموها فاحفظوا َوامحَ ُدوا‬ ‫الص َالة‪َ ،‬وال ُقرآن‪َ ،‬و ر‬
‫يف ثَ َالث‪ :‬ى‬
‫ٌََ‬
‫كم ُمغلقة(‪.)1‬‬ ‫اب اخلَري َعلَي ُ‬‫وها فَاعلَ ُموا أَ ىن أَب َو َ‬
‫َ ََ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫اهلل ىلع ذلك‪ ،‬وإن لم جتد‬
‫ى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل أكرب! تعلمنا من قول رمحه اهلل تعاىل‪ :‬أن الرمان من ذلة‬
‫ٌ ًّ‬ ‫ٌ‬
‫الصالة واتلالوة وادلَعء خسارة عظيمة حقا‪ ،‬ومع األسف الشديد!‬
‫جدا‪ ،‬صلواتنا خاَلة من اخلشوع واخلضوع‪ّ ،‬‬ ‫ّ ٌ ًّ‬ ‫ُ‬
‫أما تالوة‬ ‫حانلا سيئة‬
‫وتمر علينا الشهور وحنن بعيدون عن‬ ‫القرآن الكريم فال جند هلا فرصة‪ّ ،‬‬

‫كتاب ربّنا‪ ،‬قد يقرأ بعضنا شيئا من األدعية بعد أداء الصالة ولكن‬
‫دون مراَعة لآلداب وال انتباه إىل املعاين واملطالب‪ ،‬فلماذا ال ننتبه إىل‬
‫هذه األمور أيها األحبّة الكرام؟!‬
‫ّ‬
‫نعم! ولألسف! حنن ابتعدنا عن العبادة مع أنها مقصد حقييق ملجيئنا‬
‫ُ‬ ‫ى ُّ‬
‫تذوقنا للصالة والشغف بها‪ ،‬وتضاءلت رغبة ادلَعء‪،‬‬ ‫يف هذه ادلنيا‪ ،‬فقل‬
‫ُ‬ ‫وأصبح ُ‬
‫المصحف الكريم حمصورا بني الرفوف وزينة للمكتبات‪ ،‬وساءت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أحوانلا وتدهورت ّ‬
‫التشاجر بني‬ ‫حَّت وصل جمتمعنا ىلع حافة ادلمار‪ ،‬وكرث‬
‫ُ‬
‫أفراد العائلة‪ ،‬وانعدمت الراحة انلفسيّة‪ ،‬وازدادت مشالك األعمال‪ ،‬وساد‬

‫(‪" )1‬شعب اإليمان"‪ ،‬باب يف معالجة كل ذنب بالتوبة‪.)٧٢٢٦( ،٤٤٧/٥ ،‬‬

‫‪13‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫واالحرتام املتبادل بني انلاس‪ ،‬املشالك‬ ‫الب‬ ‫القلق يف لك ماكن‪ ،‬ضعف‬
‫ّ‬
‫يف املجتمع تزتايد يوما بعد يوم‪ ،‬فهل فكرتم يوما يف أسباب حدوث ذلك‬
‫ُ‬
‫نتيجة االبتعاد عن اهلدف القييق ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫وأثره‪.‬‬ ‫كه؟! إنه‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫انلفسية يف‬ ‫والوقار والراحة‬ ‫ذلا إخويت! إن كنتم تريدون السكينة‬
‫َ‬
‫وانلجاح يف ادلنيا واآلخرة فحاولوا الصول ىلع اهلدف والسري‬ ‫حياتكم‬
‫إَله‪ ،‬واقتدوا بالسلف الصالح واحرصوا ىلع أن تكون عباداتكم خبشوع‬
‫ٌ‬
‫طريقة إلَعدة ّ‬
‫عز اإلنسان وكرامته بغري هذا‪.‬‬ ‫وخضوع‪ ،‬فليست دلينا‬
‫أساس الكرامة لالنسان‬
‫وادل اإلمام أمحد رضا خان رمحهما اهلل‪:‬‬ ‫يقول املفَت نيق يلع خان ُ‬
‫ّ‬
‫العبادة واالحنناء يف حَضة اهلل تعاىل أساس لك الكماالت‪ ،‬وقد جاء يف‬
‫يد ٱلع َِّزةَ ِهَّلِلَف ٱلع َِّزةُ َجم ً‬ ‫َ َ َ‬
‫ان يُر ُ‬
‫ِيعا﴾ ]الفاطر‪.[10 :‬‬ ‫ِ‬ ‫القرآن الكريم‪﴿ :‬من ك‬
‫قال اإلمام اخلازن رمحه اهلل تعاىل يف تفسري هذه اآلية الكريمة‪َ :‬من‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫فليتعزز بطاعة اهلل(‪.)1‬‬ ‫كن يريد العزة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كيفية اتلذلذ يف العبادة‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫يتساءل كثري من انلاس‪َ :‬عدة ما نصِّل الصلوات ونتلو القرآن‬
‫الكريم ونعبد اهلل تعاىل بقدر املستطاع‪ ،‬لكن ىلع الرغم من ذلك ال‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫السبب يف ذلك؟‬ ‫نشعر بذلة العبادة وال حنصل ىلع حالوتها‪ ،‬فما‬

‫(‪" )1‬تفسير الخازن"‪] ،٥٣٠/٣ ،‬الفاطر‪.[1٠ :‬‬

‫‪14‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫األحبة الكرام! ُ‬‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫جيب أن تعلموا أن ميالن القلب إىل العبادة‬ ‫أيها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وحتقق اخلشوع واخلضوع والصول ىلع ذلة العبادة يه نعمة كبرية من‬
‫ى‬
‫يستمر يف العبادة ولو لم ُيصل ىلع‬ ‫نعم اهلل تعاىل‪ ،‬وينبيغ لإلنسان أن‬
‫ّ‬
‫هذه انلعمة العظيمة‪ ،‬وال ينبيغ أن نعبد اهلل ألجل ذلة العبادة‪ ،‬بل نعبده؛‬
‫ألنّه اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬وألنّه أمرنا أن نعبده‪ ،‬وال جيوز ترك العبادة ِّ‬
‫بأي‬
‫حال من األحوال‪ ،‬يقول فضيلة الشيخ العارف باهلل العالمة حممد إيلاس‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫استمروا‬ ‫العطار القادري حفظه اهلل تعاىل يف أمثال هؤالء انلىاس ناصحا‪:‬‬
‫ىلع العبادة ولو لم يأنس إَله القلب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وذللك ُ‬
‫جيب ىلع املرء أال يرتك العبادة ولو لم يتحقق ل اخلشوع‪،‬‬
‫اهلل تعاىل أن يُعينه ىلع ذلك‪.‬‬
‫ويدعو َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ذلة العبادة تتحقق باتلعب واملشقة‬
‫بأن َ‬‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫نفوسنا األمارة ال ترغب يف العبادة وال‬ ‫جدير بنا أن نذكر لكم‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ترتاح فيها‪ ،‬وذللك جند املشقة يف العبادة ونمل منها‪ ،‬ويف مقابل ذلك‬
‫جيب ىلع املسلم أن جيتهد‬ ‫ّ‬
‫ادلنيوية‪ ،‬ويف مثل هذه الال ُ‬ ‫نرتاح يف األمور‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وسيتعود عليها يف‬ ‫يف العبادة ولو باملشقة‪ ،‬وجياهد نفسه ويلزمها العبادة‪،‬‬
‫َ‬
‫يوم من األيّام وجيد الالوة فيها إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫َ‬
‫ج َٰ َه ُدوا فِينَا ل َنهد َِي َّن ُهم‬ ‫قال اهلل تعاىل يف الكمه املجيد‪َ ﴿ :‬وٱل َّذ َ‬
‫ِين َ‬
‫سن َ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َّ َّ َ َ‬
‫ِين ‪[ ﴾٦٩‬العنكبوت‪.]69 :‬‬ ‫ٱَّلل ل َم َع ٱل ُمح ِ‬ ‫سبلنا وِإن‬

‫‪15‬‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫وقال اهلل تعاىل يف مقام آخر‪َ ﴿ :‬من َع ِمل صَٰل ِحا مِن ذك ٍر أو أنث َٰى‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َو ُه َو ُمؤم ‪ِٞ‬ن فلنُحيِيَ َّن ُهۥ َحيَ َٰوة َطيِبَة َول َنج ِز َي َّن ُهم أج َر ُهم بِأح َس ِن َما كانوا‬
‫ُ َ‬
‫َيع َملون ‪] ﴾٩٧‬انلحل‪.[9٧ :‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فتبني من هذه اآلية الكريمة‪ :‬أنه َمن قام بالعمل الصالح لوجه اهلل‬
‫َ‬
‫تعاىل سواء كن رجال أو امرأة رزقه اهلل تعاىل حياة طيّبة وحالوة العبادة‪،‬‬
‫كما قال اإلمام اخلازن رمحه اهلل تعاىل يف تفسري ﴿ َحيَ َٰوة َطيِبَة﴾ يه‪:‬‬
‫حالوة الطاعة(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫كبدت الصالة‬ ‫قال سيّدنا ثابت بن مسلم ابلناين رمحه اهلل تعاىل‪:‬‬
‫عُّشين سنة ّ‬
‫وتنع ُ‬
‫مت بها عُّشين سنة(‪.)٢‬‬
‫ّ‬
‫أهمية كرثة انلوافل يف احلصول ىلع ذلة العبادة‬
‫ّ‬
‫ذل َة العبادة ُ‬
‫فلتكرثوا من‬ ‫أيها اإلخوة األكارم! إن كنتم تريدون‬
‫انلوافل إىل جانب العبادة املفروضة‪ ،‬فصالة انلافلة وكذا الصوم وصدقة‬
‫ّ‬ ‫انلافلة ّ‬
‫مما يُعينكم ىلع الشعور بذلة العبادة إن شاء اهلل تعاىل‪ ،‬وقد ورد‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫القدس"‪ :‬قال اهلل سبحانه وتعاىل‪َ « :‬و َما يَ َزال عبدي يتَق ىر ُب‬
‫ّ‬ ‫يف "احلديث‬
‫ُ‬
‫إ َى‬
‫ل بانلى َوافل َح ىَّت أحبى ُه»(‪.)3‬‬

‫(‪" )1‬تفسير الخازن"‪] ،1٤1/٣ ،‬النحل‪.[٩٧ :‬‬


‫(‪" )٢‬صفة الصفوة"‪ ،‬ثابت بن مسلم البناين‪.1٧٥/٣ ،‬‬
‫(‪" )٣‬صحيح البخاري"‪ ،‬كتاب الرقاق‪ ،‬باب التواضع‪.)٦٥٠٢( ،٢٤٨/٤ ،‬‬

‫‪16‬‬
‫املرء حمبّة اهلل تعاىل‪َ ،‬‬
‫ومن رزقه‬ ‫سبحان اهلل! بكرثة انلوافل يُرزق ُ‬
‫ّ‬ ‫ىُ‬
‫سيتُّشفه حبضور القلب‪ ،‬وإذا كن كذلك فسيشعر بذلة‬ ‫اهلل حمبّته‬
‫العبادة إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫كيف جتد حالوة العبادة؟‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ى ُ َ َ‬
‫الر ُجل َحال َوة العبَادة َح ىَّت يَدخل يف‬ ‫قال بعض احلكماء‪ :‬ال جيد‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ىَ ى‬ ‫َ‬
‫العبَادة بانلِّيىة‪َ ،‬و َي َرى المنة لِل‪َ ،‬و َيع َمل باخلَشيَة وي ُ َسل ُمها باإلخالص؛ ألن ُه‬
‫َ َ‬ ‫ِّ ى َ َ َ َ َ ى َ َ َ َ ى َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫اهلل ت َعاىل قد َوفق ُه ذللك ال َع َمل‪َ ،‬وإذا َرأى‬ ‫إذا دخل فيها بانلية فيعلم أن‬
‫أل ىن َ‬ ‫ِّ َ َ ُ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ر‬ ‫ىَ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫اهلل‬ ‫لِل َعليه المنة فيَدخل فيه بالشكر‪ ،‬فاكن لُ م َن اهلل الزيادة؛‬
‫كم﴾ [إبراهيم‪َ ،]٧ :‬وإ َذا َعملَ ُه باخلَشيةَ‬ ‫كر ُتم لَأَز َ‬
‫يدنَّ ُ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َ‬
‫تعاىل قال‪﴿ :‬لئِن ش‬
‫ِ‬
‫َّ َّ َ َ ُ ُ َ‬ ‫ُ ََ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ضيع أج َر‬ ‫اهلل تعاىل‪﴿ :‬إِن ٱَّلل لا ي ِ‬ ‫ب ث َوابُ ُه َىلع اهلل ت َعاىل‪ ،‬قال‬ ‫وج‬
‫اعة‪،‬‬ ‫الط َ‬‫ادلنيَا‪ُ ،‬ه َو ال َ َال َوةُ يف ى‬ ‫اب يف ر‬ ‫ِين ‪[ ﴾١٢٠‬اتلوبة‪َ ،]1٢0 :‬واثلى َو ُ‬ ‫سن َ‬ ‫ٱل ُمح ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ ى‬
‫َويف اآلخ َرة اْلنة‪َ ،‬وإذا َسل َم ُه (أي‪ :‬سلم الرجل عبادته) باإلخالص تقبىل ُه‬
‫ُ (‪)1‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َ ُ َ ُ َ ُ َ ِّ َ ُ َ َ َ َ َ‬
‫اهلل منه‪ ،‬وعالمة القبول أن يوفقه لطاعة يه أرفع منه ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫القلب اعئقة عن ذلة العبادة‬
‫ِ‬ ‫قسوة‬
‫ّ‬
‫الذلة يف العبادة‪ :‬قسوةُ‬ ‫ّ‬
‫األعزاء! من ِّ‬
‫أهم أسباب فقدان‬ ‫أيها اإلخوة‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫القلب‪ ،‬وإذا كنتم تتمتّعون برقة القلب فستجدون حالوة العبادة دون‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ّ‬
‫يريد ذلة العبادة فلريقق قلبَه بأعمال تعينه ىلع‬ ‫تكلف‪ ،‬وذللك َمن كن‬

‫(‪" )1‬تنبيه الغافلين" للسمرقندي‪ ،‬باب االجتهاد يف الطاعة‪ ،‬ص ‪.٣٢1-٣٢1‬‬

‫‪1٧‬‬
‫ّ‬
‫ذلك‪ ،‬وسريزق بنعمة اتلذلذ يف عبادة ربّه إن شاء اهلل تعاىل‪ ،‬ويف مقابل‬
‫ّ‬ ‫ذلك قسوة القلب ُيرم َ‬
‫املرء من ذلة العبادة‪.‬‬
‫قسوة القلب من ارتكاب املعاص‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫القلب بارتكاب املعايص‪ ،‬ويرق بربكة اتلوبة وكرثة اذلكر هلل‬ ‫يقسو‬
‫ُ ّ‬ ‫ٌ ًّ‬
‫يرزق ذلة‬ ‫صعب جدا ىلع العايص والغافل أن‬ ‫سبحانه وتعاىل‪ ،‬وذللك‬
‫َ َ ُ َ َ ََ‬ ‫يل لسيدنا ُو َهيب بن َ‬ ‫َ‬
‫الور ِد رمحه اهلل تعاىل‪ :‬ال جيد حالوة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العبادة‪ ،‬ق‬
‫ادة َمن َيعِص َ‬
‫اهلل؟‬
‫َ َ‬
‫العب‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قال‪ :‬ال‪َ ،‬وال َمن ه ىم بال َمعصيَة(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وقال سيدنا عبد اهللِ بن خبيق رمحه اهلل تعاىل‪ُ :‬طول االست َماع إىل‬
‫َ‬
‫اعة م َن القلب(‪.)٢‬‬ ‫ئ َح َال َوةَ ى‬
‫الط َ‬ ‫ابلَاطل ُيطف ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والكذب والغيبة وانلميمة وما إىل‬ ‫أيها اإلخوة! االستماع إىل األاغين‬
‫ّ‬
‫ذلك من املعايص ُيرم املرء من ذلة العبادة‪ ،‬وذللك َمن أراد أن يرتاح‬
‫ُ‬
‫دموعه عند تالوة القرآن‬ ‫قلبُه يف العبادة وجيد الالوة يف صلواته وتسيل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكريم ويستذل باملناجاة‪ ،‬وحني يصِّل ىلع رسول اهلل ﷺ يُصبح قلبه‬
‫ُ‬
‫تزعجه األفاكر ابلاطلة وال‬ ‫موصوال حبَضة ّ‬
‫سيدنا املصطىف ﷺ وال‬

‫(‪" )1‬شعب اإليمان" ‪ ،‬باب يف معالجة كل ذنب بالتوبة‪ ،‬فصل يف الطبع على القلب‪،‬‬
‫‪.)٧٢٢٥( ،٤٤٧/٥‬‬
‫(‪" )٢‬حلية األولياء"‪ ،‬عبد اهلل بن خبيق‪.)1٤٨٦٤( ،1٧٧/1٠ ،‬‬

‫‪18‬‬
‫الوساوس أثناء العبادة‪ ،‬من أراد ذلك فليبتعد عن سماع املخالفات‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫واألعضاء األخرى من‬ ‫واَلد‬ ‫العني واألذن‬ ‫واملحرمات وُيفظ‬ ‫واألاغين‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫الالكم الفارغ والكذب والغيبة وابلهتان بشلك دائم‪،‬‬ ‫املعايص‪ ،‬ويتجنب‬
‫ُ ُ ّ‬
‫وسريزق بذلة العبادة إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ّ‬
‫رضورة اتلفكر يف اآلخرة وترسيخ ذلك يف األذهان‬
‫األعزاء! َمن كن يسىع إىل ُمتعة العبادة والالوة فيها‬
‫ّ‬ ‫أيها اإلخوة‬
‫وُيرج من قلبه ى‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حب ادلنيا‪ ،‬وسيجد‬ ‫فلري ِّسخ يف ذهنه اتلفكر باآلخرة‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫اخلشوع واخلضوع والذلة يف العبادة إن شاء اهلل تعاىل بربكتهما‪.‬‬
‫قال الشيخ أبو عبد اهلل القريش رمحه اهلل تعاىل‪ :‬شاك ُ‬
‫بعض انلاس‬
‫َ‬ ‫لرجل من الصالني أنّه يعمل ّ‬
‫الرب وال جيد حالوته يف القلب!‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فقال‪ :‬ألن عندك ابنة إبليس يف قلبك؛ ويه ادلنيا‪ ،‬وال بد لألب أن‬
‫ّ‬
‫يزور ابنته يف بيتها؛ وهو قلبك‪ ،‬وال يؤثر دخول إال فسادا(‪.)1‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫اهلل إىل سيّدنا داود عليه الصالة والسالم‪ :‬يَا داود! تز ُع ُم‬
‫وح ُ‬ ‫ولقد أ‬
‫ّ‬ ‫ك ُحتبرِن فأخرج ّ‬ ‫َى َ‬
‫حيب وحبّها ال جيتمعان يف‬ ‫فإن ِّ‬ ‫حب ادلنيا من قلبك‪،‬‬ ‫أن‬
‫قلب واحد(‪.)٢‬‬

‫(‪" )1‬تفسير روح البيان"‪] ،1٤٤/٢ ،‬آل عمران‪.[٩1 :‬‬


‫(‪" )٢‬الرتغيب والرتهيب" لقوام السنة‪ ،‬باب الرتغيب يف الزهد يف الدنيا‪،٢٤٥/٢ ،‬‬
‫(‪.)1٥1٢‬‬

‫‪19‬‬
‫ّ‬
‫وروي أن سيّدنا عيس عليه الصالة والسالم قال ألصحابه‪ :‬ال‬
‫جتالسوا املوىت فتموت قلوبكم‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬ومن املوىت؟‬
‫قال‪ :‬الراغبون ىف ادلنيا واملحبّون هلا(‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫املأكوالت واملرشوبات الذليذة تسبب قسوة القلب‬
‫ّ‬
‫أهم أسباب قسوة القلب كرثةُ األكل أيضا‪،‬‬ ‫األحبة الكرام! من ِّ‬ ‫أيها‬
‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫ذلة العبادة فليُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عود نفسه قلة الطعام حبيث يأكل‬ ‫ومن أراد الصول ىلع‬
‫ّ‬
‫أقل من الرغبة‪.‬‬
‫ُ‬
‫صحبت أكرث رجال اهلل‬ ‫قال سيدنا إبراهيم بن أدهم رمحه اهلل تعاىل‪:‬‬
‫رجعت إىل أبناء ادلنيا فعظ ُهم‬
‫َ‬ ‫تعاىل يف جبل بلنان فاكنوا يوصونِن‪ :‬إذا‬
‫َّ‬
‫بأربع خصال‪ ،‬منها‪َ :‬من يكرث األكل ال جيد ذلة العبادة(‪.)٢‬‬
‫قال اإلمام الغزايل رمحه اهلل تعاىل‪َ :‬عدةُ سالك طريق اآلخرة‬
‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫االمتناع من اإلدام ىلع ادلوام بل االمتناع عن الشهوات‪ ،‬فإن لك ذليذ‬
‫ُ‬
‫يشتهيه اإلنسان فأكله‪ ،‬اقتىض ذلك بطرا يف نفسه وقسوة يف قلبه(‪.)3‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫(‪" )1‬تفسير روح البيان"‪] ،1٤٤/٢ ،‬آل عمران‪.[٩1 :‬‬


‫(‪" )٢‬منهاج العابدين"‪ ،‬الفصل الخامس يف البطن وحفظه‪ ،‬ص ‪.٩٨‬‬
‫(‪" )٣‬إحياء علوم الدين"‪ ،‬كتاب كسر الشهوتين‪.11٣/٣ ،‬‬

‫‪٢0‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫تركت ثالثا فوجدت حالوة العبادة‬
‫ُ‬
‫عبدت اهلل مخسني سنة‪،‬‬ ‫قال سيدنا أمحد بن حرب رمحه اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ُ‬
‫تركت ثالثة أشياء‪:‬‬ ‫وجدت حالوةَ العبادة ّ‬
‫حَّت‬ ‫ُ‬ ‫فما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫تركت رىض انلّاس ّ‬ ‫ُ‬
‫بالق‪.‬‬ ‫قدرت أن أتكلم‬ ‫حَّت‬ ‫(‪)١‬‬
‫ُ ُ َ‬
‫حبة ّ‬ ‫وتركت ُصحبَ َة الفاسقني ى‬
‫ُ‬
‫الصالني‪.‬‬ ‫حَّت وجدت ص‬ ‫(‪)٢‬‬
‫ُ‬
‫وجدت َحالوة اآلخرة(‪.)1‬‬ ‫ادلنيَا ى‬
‫حَّت‬ ‫وتركت حالوة ر‬
‫ُ‬ ‫(‪)٣‬‬
‫االجتماع األسبوع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أيها األحبة الكرام! إن مركز ادلعوة اإلسالمية ُياول نُّش‬
‫ّ‬
‫املتنوعة ويف خمتلف‬ ‫اإلصالح بني املسلمني املرتبطني بمجاالت الياة‬
‫أحناء العالم‪ ،‬وذلك من خالل أكرث من ثمانني قسما‪ ،‬ومن هذه األقسام‪:‬‬
‫"قسم االجتماع األسبوع"‪ ،‬وهو جملس ذكر ووعظ وعلم يقام يف املراكز‬
‫واملساجد اتلابعة ملركز ادلعوة اإلسالمية لوعظ انلاس وتعليمهم‬
‫ُ‬ ‫ى‬
‫وترغيبهم يف األعمال الصالة لك يوم مخيس‪ ،‬ويُشارك فيه آالف انلىاس‬
‫ّ‬
‫بنيّة إصالح األعمال وتزكية انلفوس وصفاء القلوب واتلحِّل باألخالق‬
‫واتلعاون ىلع الرب‪ ،‬ومعرفة حقوق اهلل سبحانه وتعاىل وحقوق‬‫الفاضلة ى‬

‫سن سيدنا رسول اهلل ﷺ وسريته‬ ‫العباد‪ ،‬ويتعلىمون يف هذا االجتماع َ‬


‫العطرة‪ّ ،‬‬
‫ثم يبيتون يف املساجد ويشتغلون بالعبادة واتلالوة وادلَعء إىل‬

‫(‪" )1‬تاريخ اإلسالم" للذهبي‪ ،‬سنة أربعين ومائتين‪.٣٧/1٧ ،‬‬

‫‪٢1‬‬
‫صباح اَلوم اتلال أو أكرث‪ ،‬ومن هناك بعضهم يُسافر يف "القوافل‬
‫ر‬ ‫َّ‬
‫ادلعوية" للتعلم واتلعليم‪.‬‬
‫ّ‬
‫طريقة رائعة للحصول ىلع ذلة العبادة‬
‫ّ‬
‫أيها اإلخوة األكارم! إحدى الطرق الرائعة للحصول ىلع ذلة العبادة‬
‫ُ‬
‫واْللوس إَلهم‬ ‫الصحبة الصالة ومصاحبة الصالني‪،‬‬ ‫اختيار ر‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واالقتداء بهديهم‪،‬‬ ‫بالب واالحرتام‬ ‫وانلظر إَلهم‬ ‫واالستماع ألقواهلم‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫طريق يزيل قساوة القلب ويرزق بربكته اتلفكر يف اآلخرة‪.‬‬ ‫وهذا‬
‫ر‬ ‫قال سيدنا جعفر بن سليمان رمحه اهلل تعاىل‪ُ :‬‬
‫كنت إذا وجدت من‬
‫ُ‬
‫نظرت إىل وجه سيدنا حممد بن واسع رمحه اهلل تعاىل نظرة‪،‬‬ ‫قليب قسوة‬
‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حسبت أن‬ ‫رأيت وجه سيدنا حممد بن واسع رمحه اهلل تعاىل‬ ‫وكنت إذا‬
‫وجهه وجه ثكَّل(‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫احلث ىلع العمل الصالح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أيها األحبة الكرام! َمن أراد ذلة العبادة والشوق لألعمال الصالة‬
‫ّ‬
‫فعليه بالصحبة الصالة ومصاحبة اذلين ُيضعون لُّشع اهلل تعاىل‬
‫لك يشء ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫وسرية ّ‬
‫حَّت أنفسهم‪،‬‬ ‫سيدنا رسول اهلل ﷺ‪ ،‬ويقدمونهما ىلع‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ومما يعني ىلع ذلك االتلحاق ببيئة صالة وصحبة طيبّة تذكره باهلل‬ ‫ّ‬

‫وباآلخرة‪ ،‬وهذا بفضل اهلل سبحانه وتعاىل ما سيجده املؤمن يف مركز‬

‫(‪" )1‬حلية األولياء"‪ ،‬محمد بن واسع‪.)٢٦٩٤( ،٣٩٥/٢ ،‬‬

‫‪٢٢‬‬
‫ّ‬
‫ادلعوة اإلسالمية من خالل املشاركة يف األعمال ادلينيّة وترغيب‬
‫ُ ّ‬
‫اآلخرين فيها‪ ،‬ومن هذه النشاطات ادلينيّة‪ :‬ملء "كتيب األعمال‬
‫ّ‬
‫الصاحلة" اذلي منحنا إيّاه فضيلة الشيخ العارف باهلل حممد إيلاس‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العطار القادري حفظه اهلل تعاىل يف هذا الزمن اذلي كرثت فيه الفنت‪،‬‬
‫ُ‬
‫وهذا الكتيّب ُيتوي ىلع ‪ ٧٢‬عمال صالا يف حماسبة انلفس وتزكيتها‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ومن هذه األعمال رقم ‪ :5‬هل قرأت ايلوم آية الكرس وسورة اإلخالص‬
‫ّ‬
‫واملعوذتني وتسبيحات الصالة‪ ،‬سبحان اهلل (‪ّ ٣٣‬‬
‫مرة)‪ ،‬واحلمد هلل (‪٣٣‬‬
‫مرة) بعد الصلوات اخلمس؟‬ ‫مرة)‪ ،‬واهلل أكرب (‪ّ ٣٤‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلمد هلل! لقد أهدى فضيلة العالمة الشيخ العالمة حممد إيلاس‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫العطار القادري حفظه اهلل تعاىل وصفة قيمة ىلع شلك كتَيّب ملريديه يف‬
‫الطريقة إلصالح أنفسهم وتزكيتها‪ ،‬اقرؤوه أنتم أيضا‪ ،‬وقوموا بمحاسبة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أنفسكم لك يوم‪ ،‬فذلك سيُساعدكم يف جتنب املعايص وطهارة القلب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتزكية انلفس‪ ،‬وستُصبَ ُح أعمالكم وشخصياتكم مُّشقة ونظيفة‬
‫َ‬ ‫اهلل تعاىل أن يرزقنا وإيّاكم رقى َة القلب ر‬
‫ومجيلة‪ ،‬نسأل َ‬
‫والطمأنينة يف‬
‫الصلوات واخلشوع واخلضوع يف العبادات والالوة فيها‪ ،‬وجيعلنا‬
‫ممن يتمتّعون بأىلع درجات السعادة والذلة يف الطاعة‪ ،‬نسأل اهلل‬
‫وإيّاكم ّ‬

‫تعاىل اتلوفيق واثلبات‪ ،‬آمني جباه خاتم انلبيّني ﷺ‪.‬‬


‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫‪٢3‬‬
‫ملحة عن سيدنا اإلمام جعفر الصادق رمحه اهلل‬
‫أيها األحبة األكارم! يوم ‪ 15‬من رجب هو ذكرى وفاة سيدنا اإلمام‬
‫جعفر بن اإلمام ابلاقر رمحهما اهلل‪ ،‬وهو أبو عبد اهلل جعفر الصادق بن‬
‫حممد ابلاقر بن سيِّدنا اإلمام زين العابدين لَع بن الُسني رمحهم اهلل‬
‫ى‬
‫ُ‬
‫املنورة سنة ‪ 83‬ه‪ ،‬كنيَتُه‪" :‬أبو عبد اهلل وأبو‬
‫تعاىل‪ُ ،‬ودل يف املدينة ى‬
‫ر ُّ‬
‫وأمه‪ :‬أم فروة‬ ‫إسماعيل"‪ ،‬ومن أشهر ألقابه‪" :‬الصادق والفاضل والطاهر"‪،‬‬
‫َّ‬
‫بنت القاسم بن حممد بن أيب بكر رمحهم اهلل تعاىل(‪.)1‬‬
‫َعش رمحه اهلل تعاىل ‪ 68‬سنة‪ ،‬ى‬
‫ثم انتقل إىل الرفيق األىلع يف املدينة‬
‫ى‬
‫املرجب سنة ‪ 148‬ه‪ ،‬وقربه بابلقيع يف‬ ‫ى‬
‫املنورة يوم اإلثنني من شهر رجب‬
‫قبىة سيِّدنا اإلمام العبىاس‪.‬‬
‫ر‬
‫حممد ابلاقر‪ ،‬وجده سيِّدنا زين‬ ‫وهو القرب اذلي فيه أبوه سيِّدنا ى‬

‫لَع رضوان اهلل تعاىل عليهم‬‫وعمه سيِّدنا اإلمام الَسن بن ٍّ‬


‫لَع‪ ،‬ر‬
‫العابدين ّ‬
‫أمجعني‪َِ ،‬لَف ّ‬
‫دره من قرب ما أكرمه وأرشفه وأىلع قدره عند اهلل تعاىل!(‪.)٢‬‬
‫ّ‬
‫سلة من العنب‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حججت يف بعض‬ ‫قال سيدنا الليث بن سعد رمحه اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ُ‬
‫طلعت إىل جبل أيب قبيس‬ ‫مك َة صلّ ُ‬
‫يت العرص‪ّ ،‬‬
‫ثم‬
‫ُ ّ‬ ‫السنني‪ ،‬ى‬
‫فلما أتيت‬

‫مختصرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫(‪" )1‬المنتظم يف تاريخ الملوك واألمم" البن الجوزي‪،11٠/٨ ،‬‬
‫(‪" )٢‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان"‪ ،‬البن خلكان‪ ،‬جعفر الصادق‪.٣٠٧/1 ،‬‬

‫‪٢4‬‬
‫رب! حَّت انقطع نفسه‪،‬‬ ‫رب! يا ِّ‬
‫فإذا أنا برجل جالس وهو يدعو‪ ،‬فقال‪ :‬يا ِّ‬
‫وم! يا َ ر‬
‫يح يا‬ ‫يح يا قيّ ُ‬
‫ثم قال‪ :‬يا ر‬ ‫ثم قال‪ :‬يا اهلل! يا اهلل! ّ‬
‫حَّت انقطع نفسه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫حَّت انقطع نفسه‪ّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫ثم قال‪ :‬يا رمحن! يا رمحن! ّ‬
‫حَّت انقطع نفسه‪ّ ،‬‬ ‫وم! ّ‬‫قير ُ‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫حَّت انقطع نفسه‪ ،‬ى‬ ‫قال‪ :‬يا أرحم الرامحني! ّ‬
‫هم إين‬ ‫فلما فرغ قال‪ :‬الل‬
‫ى‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بردي قد خلق فاكسِن‪.‬‬ ‫العنب فأطعمنيه‪ ،‬وإن‬ ‫اشتهيت‬
‫ُ‬
‫نظرت إىل سلة مملوءة عنبا‪ ،‬وليس ىلع‬ ‫فوالل! ما استتم ُ‬
‫الكمه ى‬
‫حَّت‬
‫ُ‬
‫فقلت‪ :‬أنا رشيكك!‬ ‫األرض ٌ‬
‫عنب يومئذ وبردين موضوعني‪ ،‬فأراد أن يأكل‬
‫فقال‪ :‬ولم؟‬
‫َ‬
‫دعوت ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫كنت أنا أؤمن‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬ألنك حني‬
‫ّ‬
‫فتقدم ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫تقدم ِّ‬ ‫ى‬
‫ت‬ ‫وسم اهلل تعاىل وُك وال تدخر منه شيئا‪،‬‬ ‫فقال ل‪:‬‬
‫فأكلت ّ‬
‫حَّت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أطيب منه‪،‬‬ ‫عنب ال عجم فيه لم آكل ّ‬
‫قط‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫فأكلت فإذا‬
‫ى‬ ‫ُ‬ ‫شبعت والسلة لم تنقص شيئا‪ّ ،‬‬‫ُ‬
‫أحب الربدين إَلك‪.‬‬ ‫ثم قال ل‪ :‬خذ‬
‫فقلت‪ّ :‬‬
‫أما الربدان فأنا ّ‬
‫غِن عنهما‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫فتواريت عنه فاتزر بأحدهما وارتدى‬ ‫ثم قال ل‪ :‬توازعِن ّ‬
‫حَّت ألبسهما‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫فتبعته‬ ‫باآلخر‪ّ ،‬‬
‫ثم أخذ الربدين الذلين كنا عليه فجعلهما ىلع يديه ومىض‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫حَّت أَت َ‬
‫ّ‬
‫عم رسول‬‫رجل‪ ،‬فقال ل‪ :‬اكسِن كساك اهلل يا ابن ّ‬ ‫المس َىع فلقيه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فقلت ل‪ :‬من هذا يرمحك اهلل؟‬ ‫فلحقت الرجل‬ ‫اهلل ﷺ‪ ،‬فدفعهما إَله‪،‬‬
‫ّ‬
‫قال‪ :‬هذا سيدنا جعفر بن حممد رمحها اهلل تعاىل‪.‬‬

‫‪٢5‬‬
‫ّ‬
‫قال سيدنا الليث بن سعد رمحه اهلل تعاىل‪ :‬فطلبتُه فلم أجده‬
‫ى‬
‫فتأسف ُ‬
‫ت ىلع فراقه(‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫أيها األحبة الكرام! واآلن يف نهاية هذه املحارضة األسبوعيّة هلذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫االجتماع املبارك أود أن أنقل لكم فضل اتباع السنة مع بعض "السنن‬
‫واآلداب للطعام"‪ ،‬روي عن سيدنا أنس بن مالك ريض اهلل تعاىل عنه‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُى ََ َ‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬قال سيدنا رسول اهلل ﷺ‪« :‬من أحيا سنَت فقد أحبِن‪ ،‬ومن أحبِن‬
‫ى‬ ‫َ َ‬
‫كن َميع يف اْلَنة»(‪.)٢‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫بعض السنن واآلداب للطعام‬


‫ّ‬
‫أحبيت! تعالوا بنا لنستمع إىل بعض اآلداب والسن حول الطعام‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر َ‬ ‫سل َ‬ ‫َ ُ‬
‫وبعده‪،‬‬ ‫الرسغني قبل الطعام‬ ‫اَلدين إىل‬ ‫ومن آداب الطعام غ‬
‫اهلل َخ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حيث قال سيدنا رسول اهلل ﷺ‪َ « :‬من أ َح ى‬
‫ري بَيته‪،‬‬ ‫رث ُ‬ ‫ب أن يُك َ‬
‫َ‬ ‫َ َََ ى َ َ َ َ َ ُ‬
‫َض غ َداؤ ُه‪َ ،‬وإذا ُرف َع»(‪.)3‬‬‫فليتوضأ إذا ح‬

‫(‪" )1‬الروض الفائق يف المواعظ والرقائق"‪ ،‬المجلس الحادي واألربعون يف مناقب‬


‫الصالحين‪.٢٢٤ ،‬‬
‫(‪" )٢‬سنن الرتمذي" ‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب ما جاء يف األخذ بالسنة واجتناب البدع‪،‬‬
‫‪.)٢٦٨٧( ،٣1٠/٤‬‬
‫(‪" )٣‬سنن ابن ماجه"‪ ،‬كتاب األطعمة‪ ،‬باب الوضوء عند الطعام‪.)٣٢٦٠( ،٩/٤ ،‬‬

‫‪٢6‬‬
‫ى‬ ‫َ‬
‫واملراد من قول عليه الصالة والسالم‪« :‬فل َيتَ َوضأ» أي‪ :‬غسل‬
‫اَلَ َدين والفم(‪.)1‬‬
‫أروح للقدمني‪.‬‬ ‫ومن آدابه‪ :‬خلع انلعل عند أكل الطعام؛ فإنّه َ‬
‫ية يف ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ى‬
‫أول الطعام‪،‬‬ ‫س التسم‬ ‫ومنها‪ :‬أن يقول التسمية قبله‪ ،‬وإذا ن‬
‫َ َ‬ ‫ى‬ ‫ُ‬
‫فليَقل إذا تذك َر أثناء الطعام‪ِ :‬مْسِب اهلل أ ىولُ َوآخ َر ُه‪ ،‬حيث ورد يف الديث‬
‫ّ‬
‫الُّشيف‪ :‬عن سيدتنا اعئشة الصديقة ريض اهلل تعاىل عنه قالت‪ :‬قال‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫كم َط َعاما فليَقل‪ِ :‬مْسِب اهلل‪ ،‬فإن‬ ‫سيدنا رسول اهلل ﷺ‪« :‬إ َذا أَ َك َل أَ َح ُد ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬
‫س يف أ ىول فليَقل‪ِ :‬مْسِب اهلل يف أ ىول َوآخره»(‪.)٢‬‬ ‫ن‬
‫وينبيغ أن يقول ادلَعء اتلال قبل الطعام‪ ،‬فما من عبد يقول قبل‬
‫سم‪ِ« :‬مْسِب اهلل ىاذلي َال يَ ُ ر‬
‫َض َم َع‬ ‫اء َولَو َك َن فيه ّ‬‫الطعام إ ىال لم يصبه من ُه َد ٌ‬
‫يع َ‬
‫العل ُ‬ ‫السم ُ‬ ‫األرض َو َال يف ى‬
‫الس َماء‪َ ،‬و ُه َو ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يم»(‪.)3‬‬ ‫اسمه يش ٌء يف‬
‫األكل باَلمني ّ‬‫ُ‬
‫ومما يليه‪.‬‬ ‫وينبيغ‬

‫(‪" )1‬شرح سنن ابن ماجه" لليسوطي‪ ،‬كتاب األطعمة‪ ،‬باب الوضوء عند الطعام‪،‬‬
‫‪.٢٣٥/1‬‬
‫(‪" )٢‬سنن الرتمذي" ‪ ،‬كتاب األطعمة‪ ،‬باب ما جاء يف التسمية على الطعام‪،‬‬
‫‪.)1٨٦٥( ،٣٣٩/٣‬‬
‫(‪ )٣‬سنن الرتمذي" ‪ ،‬كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما جاء يف الدعاء إذا أصبح وإذا أمسى‪،‬‬
‫‪.)٣٣٩٩( ،٢٥1/٥‬‬

‫‪٢٧‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫يب ﷺ َما ََع َب َط َعاما ق رط‪ ،‬إن‬
‫ألن انلى ى‬ ‫وينبيغ أن ال يعيب الطعام؛‬
‫َ َ َ ُ (‪)1‬‬
‫ََ ُ َ ََُ َ ى‬
‫اشتهاه أكله وإال تركه ‪.‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫لصالة ىلع انلِّ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬


‫يب ﷺ يف االجتماع األسبوع‬ ‫داعءان وست صيغ ل‬
‫َّ‬
‫الصالة ىلع انلَّ ِّ‬
‫يب ﷺ يللة اجلمعة‬ ‫(‪)١‬‬
‫يب ّ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ َّ ِّ‬
‫األيم احلبيب‪ ،‬العايل‬ ‫حممد انلَّ ِّ‬ ‫هم صل وسلم وبارك ىلع سيدنا‬ ‫"الل‬
‫ِّ‬
‫القدر العظيم اجلاه‪ ،‬وىلع آهل وصحبه وسلم"‬
‫ى‬ ‫ٌ‬
‫كثري من العارفني رمحهم اهلل تعاىل‪ :‬أن من داوم عليها َللة‬ ‫ذكر‬
‫مرة واحدة ينكشف لروحه مثال روح انلىيب ﷺ عند املوت‪،‬‬ ‫اْلمعة ولو ى‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫وعند دخول القرب ى‬
‫حَّت يرى أن انلىيب ﷺ هو اذلي يلحده(‪.)٢‬‬
‫ِّ‬
‫مرتفع‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بصوت‬
‫ٍ‬ ‫رددوا ميع‬
‫يب ّ ِّ‬
‫األْم البيب‪ ،‬العال‬ ‫صل وسلِّم وبارك ىلع سيِّدنا ى‬
‫حممد انلى ِّ‬ ‫ى ى ِّ‬
‫"اللهم‬
‫ِّ‬
‫القدر العظيم اْلاه‪ ،‬وىلع آل وصحبه وسلم"‪.‬‬
‫(‪ )٢‬زاكة املسلم املعدم‬
‫سعيد اخلدري ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬قال سيّدنا‬‫ٍ‬ ‫عن سيّدنا أيب‬
‫ٌَ َ ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َر‬
‫كن لُ َص َدقة فليَقل يف ُد ََعئه‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪« :‬أي َما َر ُجل ُمسلم لم ي‬

‫(‪" )1‬صحيح البخاري"‪ ،‬كتاب المناقب‪ ،‬باب صفة النبي ﷺ‪.)٣٥٦٣( ،٤٩٠/٢ ،‬‬
‫مختصرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫(‪" )٢‬أفضل الصلوات علی سيد السادات"‪ ،‬للنبهاين‪ ،‬ص‪،1٥1‬‬

‫‪٢8‬‬
‫َ ِّ َ َ ُ َ ى َ َ َ َ ُ َ َ َ ِّ َ َ‬
‫ني َوال ُمؤمنَات‬
‫ىلع ال ُمؤمن َ‬ ‫"امهلل صل ىلع حممد عبدك ورسولك وصل‬
‫َ ى َ َ ٌ‬
‫ني َوال ُمسل َمات"‪ ،‬فإن َها لُ َزَكة»(‪.)1‬‬
‫َوال ُمسلم َ‬
‫ِّ‬
‫مرتفع‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بصوت‬
‫ٍ‬ ‫رددوا ميع‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى ى ِّ‬
‫والمؤمنات‬ ‫َ‬
‫ؤمنني ُ‬ ‫وصل ىلع ُ‬
‫الم‬ ‫هم صل ىلع حم ّمد عبد َك ورسولك‬ ‫"الل‬
‫والمسلمات"‪.‬‬ ‫َ‬
‫سلمني ُ‬ ‫ُ‬
‫والم‬
‫(‪ )٣‬من أفضل صيغ الصالة ىلع انليب ﷺ‬
‫َ‬ ‫عن ّ‬
‫سيدنا عبد اهلل بن مسعو ٍد ريض اهلل تعاىل عنه موقوفا قال‪« :‬إذا‬
‫ى َ َ َ ى ُ َ َ ُ َ ََى َ َ‬ ‫َ ى ُ َ ََ‬
‫ك ُيع َر ُض ى‬
‫لَع‪،‬‬ ‫لَع فأحس ُنوا الصالة‪ ،‬فإنكم ال تدرون لعل ذل‬‫صليتم ى‬
‫َ َ َ َ َ َ َ ََ َ ََََ َ ََ‬ ‫ُ ُ‬
‫ني‪َ ،‬وإ َمام‬
‫ىلع َس ِّيد ال ُمر َسل َ‬ ‫قولوا‪ :‬امهلل اجعل صالتك ورمحتك وبرَكتك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ى َ َ َ َ ى ِّ َ ُ‬
‫ني‪ ،‬حم ىمد عبد َك َو َر ُسولك‪ ،‬إ َمام اخلَري‪َ ،‬وقائد اخلَري‪،‬‬ ‫المتقني‪ ،‬وخاتم انلبي‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫محة‪ ،‬امهلل اب َعث ُه َمقاما حم ُمودا يغب ُط ُه به األ ىولون َواآلخ ُرون»(‪.)٢‬‬
‫الر َ‬
‫َو َر ُسول ى‬
‫ِّ‬
‫مرتفع‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بصوت‬
‫ٍ‬ ‫رددوا ميع‬
‫المرسلني‪ ،‬وإمام‬‫ك ىلع سيِّد ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫هم اج َعل صالتك ورمحتك وبرَكت‬ ‫"اللى ى‬

‫ورسولك‪ ،‬إمام اخلري‪ ،‬وقائد اخلري‪،‬‬ ‫حممد َعبد َك ُ‬‫المتّقني‪ ،‬وخاتَم انلبيِّني‪ ،‬ى‬
‫ُ‬
‫ى َ‬
‫األولون واآلخ ُرون"‪.‬‬ ‫حممودا يَغب ُط ُه به‬ ‫ورسول الرمحة‪ ،‬اللّ ى‬
‫هم اب ُ‬
‫عثه َمقاما ُ‬

‫(‪" )1‬المستدرك على الصحيحين" ‪ ،‬كتاب األطعمة‪ ،‬باب زكاة المسلم المعدم‬
‫الصالة على النبي ﷺ‪.)٧٢٥٧( ،1٧٩/٥ ،‬‬
‫(‪" )٢‬سنن ابن ماجه"‪ ،‬كتاب إقامة الصالة‪...‬إلخ‪ ،‬باب الصالة‪...‬إلخ‪.)٩٠٦( ،٤٨٩/1 ،‬‬

‫‪٢9‬‬
‫َّ‬
‫ست مئة ألف صالة ىلع انلَّ ِّ‬
‫يب ﷺ‬ ‫(‪ )٤‬ثواب‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ َّ ِّ‬
‫هم صل ىلع سيدنا حمم ٍد عدد ما يف علم اهلل‪ ،‬صالة دائمة بدوام‬ ‫"الل‬
‫ُ‬
‫ملك اهلل"‬
‫ى‬
‫أن هذه ى‬
‫الصالة بستمائة‬ ‫نقل اإلمام أمحد الصاوي رمحه اهلل تعاىل‪:‬‬
‫الف صالة(‪.)1‬‬
‫ِّ‬
‫مرتفع‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بصوت‬
‫ٍ‬ ‫رددوا ميع‬
‫ى ى ِّ‬
‫صل ىلع سيِّدنا ى‬
‫حممد عدد ما يف علم اهلل‪ ،‬صالة دائمة بدوام‬ ‫"اللهم‬
‫ُملك اهلل"‪.‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫(‪ )٥‬املكيال األوف‬


‫انليب ﷺ‬‫ِّ‬ ‫عن سيّدنا أيب هريرة ريض اهلل تعاىل عنه‪ ،‬عن سيّدنا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ىُ َ َ َ َ‬
‫ابليت‪،‬‬‫ال بالمكيَال األو ََف‪ ،‬إ َذا َص ىَّل َع َلي َنا أه َل َ‬ ‫قال‪« :‬من َسه أن يكت‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ني‪َ ،‬وذ ِّر ىيت ه َوأ هل‬ ‫فل َيقل‪ :‬امهلل َصل َىلع حم ىمد‪َ ،‬وأز َواجه أ ىم َهات ال ُمؤمن‬
‫َ َ ى َ َ ٌ َ ٌ‬ ‫َ َ َ ى َ َ‬
‫يم إنك محيد جميد»(‪.)٢‬‬ ‫ت َىلع آل إبراه‬ ‫بَيته‪ ،‬كما صلي‬
‫ِّ‬
‫مرتفع‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بصوت‬
‫ٍ‬ ‫رددوا ميع‬

‫(‪" )1‬أفضل الصلوات علی سيد السادات"‪ ،‬الصالة الثانية والخمسون‪ ،‬ص‪.1٤٩‬‬
‫(‪" )٢‬سنن أبي داود" ‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب الصالة على النبي ﷺ يف التشهد‪،‬‬
‫‪.)٩٨٢( ،٣٦٩/1‬‬

‫‪30‬‬
‫َ ُ‬ ‫حممد‪ ،‬وأزواجه ّ‬ ‫ّ ى ِّ‬
‫ؤمنني‪ ،‬وذ ّر ىيته وأهل بيته‪،‬‬ ‫أمهات ُ‬
‫الم‬ ‫صل ىلع ّ‬ ‫"اللهم‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ّ َ‬
‫إبراهيم إنك محيد جميد"‪.‬‬ ‫كما صلى َ‬
‫يت ىلع آل‬
‫َّ‬
‫الشفاعة ىلع انلَّ ِّ‬
‫يب ﷺ‬ ‫(‪ )٦‬صالة‬
‫ثابت األنصاري ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬قال‬ ‫ّ ُ َ‬
‫عن سيدنا روي ِفع بن ٍ‬
‫صل ىلع ُحمَ ىمد وأنزلُ َ‬‫َ َ َ ى ُ ى ِّ‬ ‫ُ‬
‫قع َد‬
‫الم َ‬ ‫سيّدنا رسول اهلل ﷺ‪« :‬من قال‪ :‬اللهم‬
‫امة‪َ ،‬و َجبت َلُ َش َف َ‬
‫اعَت»(‪.)1‬‬ ‫قر َب عندك يَوم القيَ َ‬ ‫ُ‬
‫الم ى‬
‫ِّ‬
‫مرتفع‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بصوت‬
‫ٍ‬ ‫رددوا ميع‬
‫قر َب عندك يَوم القيَ َ‬ ‫قع َد ُ‬
‫الم ى‬ ‫الم َ‬ ‫ى ُ ى ِّ‬
‫صل ىلع ُحمَ ىمد وأنزلُ َ‬
‫امة"‬ ‫"اللهم‬
‫(‪ )١‬حسنات ألف يوم‬
‫ّ‬
‫اس ريض اهلل تعاىل عنهما قال‪ :‬قال سيّدنا‬ ‫عن سيدنا عبد اهلل بن عب ٍ‬
‫ّ‬
‫ب َسبع َ‬
‫ني‬ ‫اهلل َعنىا ُحمَ ىمدا َما ُه َو أَهلُ ُه‪ ،‬أَ َ‬
‫تع َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ « :‬من قَ َال‪َ :‬ج َزى ُ‬
‫َ َ َ‬
‫كتبا ألف َصبَاح»(‪.)٢‬‬
‫ِّ‬
‫مرتفع‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بصوت‬
‫ٍ‬ ‫رددوا ميع‬
‫اهلل َعنىا ُحمَ ىمدا َما ُه َو أَهلُه"ُ‬
‫" َج َزى ُ‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫(‪" )1‬المعجم الكبير"‪ ،‬من اسمه رويفع بن ثابت األنصاري‪.)٤٤٨٠( ،٢٥/٥ ،‬‬
‫(‪" )٢‬المعجم الكبير"‪ ،‬من اسمه عبد اهلل بن عباس‪.)11٥٠٩( ،1٦٥/11 ،‬‬

‫‪31‬‬
‫(‪ )٢‬ادلاعء عند الكرب‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫اس ريض اهلل تعاىل عنهما‪ ،‬أ ىن سيّدنا ى‬
‫انليب‬ ‫ّ‬
‫عن سيدنا عبد اهلل بن عب ٍ‬
‫َ ََ ى ُ َ ُ َ ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ ُ‬
‫حان اهلل َر ِّب‬ ‫ﷺ كن يقول عن َد الكرب‪« :‬ال إل إال اهلل الليم الكريم‪ ،‬سب‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫السبع‪َ ،‬و َر ِّب ال َعرش الكريم»(‪.)1‬‬ ‫ان اهلل َر ِّب ى‬
‫الس َم َوات ى‬ ‫ال َعرش ال َعظيم‪ ،‬سبح‬
‫ِّ‬
‫مرتفع‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بصوت‬
‫ٍ‬ ‫رددوا ميع‬
‫رب العرش العظيم‪،‬‬
‫َ‬
‫سبحان اهلل ِّ‬ ‫ُ‬
‫الكريم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الليم‬ ‫"ال هلإ ّإال ُ‬
‫اهلل‬
‫رب السموات السبع‪ِّ ،‬‬ ‫َ‬
‫سبحان اهلل ِّ‬
‫ورب العرش الكريم"‪.‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫داعء يعني ىلع حسن العبادة‬


‫وفقا ْلدول حلقات السن واآلداب يف االجتماَعت األسبوعيىة‬
‫اتلابعة ملركز ادلعوة اإلسالميّة الَّت تشتمل ىلع تعليم ر‬
‫السن انلّ ى‬
‫بوية‪،‬‬
‫املرة حبفظ "داعء يعني ىلع حسن العبادة" وهو كما يِّل‪:‬‬ ‫سنقوم يف هذه ّ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ى َ‬
‫"الل ُه ىم أع ِِّن َىلع ذكر َك‪َ ،‬وشكر َك‪َ ،‬و ُحسن عبَادتك"(‪.)٢‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫(‪" )1‬سنن ابن ماجه"‪ ،‬كتاب الدعاء‪ ،‬باب الدعاء عند الكرب‪.)٣٨٨٣( ،٢٩1/٤ ،‬‬
‫(‪" )٢‬سنن أبي داود"‪ ،‬كتاب الوتر‪ ،‬باب يف االستغفار‪.)1٥٢٢( ،1٢٣/٢ ،‬‬

‫‪3٢‬‬

You might also like