You are on page 1of 3

‫يبدو "مفهوم السعادة" اليوم في حاجة إلعادة تعريف‪ ،‬وإعادة تقديمه‬

‫للناس؛ بعد أن أصبح بسيطا لحد التعقيد‪ ،‬فكلنا نود أن نكون سعداء؛ لكن‬
‫حين يسألنا شخص سؤاال بسيطا "ما هي السعادة؟" ال نستطيع اإلجابة؛‬
‫ألن المفاهيم اختلطت وتعقدت‪ ،‬ما بين السعادة والرضا والرفاهية‪،‬‬
‫وتخفيف األلم‪ ،‬والنجاة من الموت‪ ،‬والبحث عن حياة كريمة‪ ،‬والسعي‬
‫وراء الرزق ومكمالت الحياة‪ .‬كل هذا قد شوش ما يمكن أن نراه "سعادة"‬
‫تستحق أن نحيا بها‪ ،‬فما مفهوم السعادة؟‬
‫في الفلسفة القديمة‪ ،‬انقسمت المدرسة اليونانية الى مدرستين من حيث‬
‫مفهوم السعادة‬
‫المدرسة الرواقية‪ ،‬التي تمثلها مدرسة أفالطون وأرسطو‪ ،‬ترى السعادة‬
‫تكمن في االستمرار في تحقيق األهداف العقلية والروحية‪ ،‬وفي تحقيق‬
‫الفضيلة والعدل لتحقيق الرضا حيث ان الرواقيون يعتقدون أن المنطق أو‬
‫العقل يقودنا للسعي وراء أشياء معينة مع تجنب أخرى وفقًا لما قد يخدمنا‬
‫في المستقبل‪ .‬يؤكد الرواقيون ضرورة وجود أربع معتقدات لكي نحقق‬
‫السعادة‪ ،‬مقدمين‬
‫‪ -‬الفضيلة التي يكون العقل أو المنطق مصدرها‪ -‬على البقية‪.‬‬
‫‪ -‬التوازن وذلك باستغالل الثروة التي قد يحصدها الشخص في حياته‬
‫إلنجاز أعمال صالحة والحصول على جسد رشيق ليثبت قدرته على‬
‫التفكير وإعمال عقله‪.‬‬
‫ويشكل االثنان آنفا الذكر جوهر المعتقدات التي تقوم عليها الرواقية‪.‬‬
‫أخيرا وبصرف النظر عن العواقب‪ ،‬يجب على اإلنسان دائ ًما القيام‬‫ً‬
‫بواجباته األخالقية‪ .‬ومن طريق إظهار ضبط النفس‪ ،‬يعيش اإلنسان‬
‫‪.‬الرواقي في ظل فضيلة الحكمة والشجاعة والعدالة واالعتدال‪.‬‬
‫المدرسة اإلبيقورية‪ ،‬التي تمثلها مدرسة أبيقور‪ ،‬ترى السعادة تتجلى في‬
‫تجنب األلم والمعاناة وتحقيق اللذة والراحة البدنية‬
‫يقوم مبدأ أبيقور في مذهبه على ثالث فئات للرغبة‪:‬‬

‫‪ -‬تحقيق النهايات الثالث (الرغبة الطبيعية والضرورية‪ ،‬الرغبة الطبيعية‬


‫ولكنها غير ضرورية والرغبات غير الطبيعية)‬

‫‪ -‬تحقيق اللذة‬

‫‪ -‬االمن‬

‫يُقصي األشخاص الذين يتبعون آراء أبقور السائدة جميع الرغبات غير‬
‫الطبيعية‪ ،‬مثل الطموح لتحقيق النفوذ السياسي أو الشهرة‪ ،‬ألن كلتا‬
‫الرغبتين تزيدان من القلق وتعززانه‪ .‬يعتمد األبيقوريون على الرغبات‬
‫التي تحرر الجسد من األلم من طريق إيجاد المأوى وإنهاء الجوع بتوفير‬
‫الطعام والماء ويرون أن األطعمة البسيطة توفر المتعة ذاتها التي توفرها‬
‫مثيالتها من األطعمة الفاخرة؛ فالهدف من األكل هو التغذي‪ .‬يرى‬
‫األبيقوريون أن الناس يثمنون المسرات الطبيعية التي تأتي من الجنس‬
‫والرفقة والقبول والحب‪ .‬وعندما يتعلق األمر باالقتصاد والتوفير‪ ،‬يحظى‬
‫وحس برغباتهم ويتميزون بالقدرة على التمتع‬
‫ٍّ‬ ‫األبيقوريون بإدراك‬
‫بالرفاهيات العرضية إلى أقصى حدودها‬

‫أرسطو ورؤيته الممزوجة للسعادة‬

‫بينما يكمن مفهوم السعادة عند الرواقيين في الفضيلة التي تجلب معها‬
‫القنوع واالطمئنان‪ ،‬يذهب مفهوم األبيقوريين في االتجاه المعاكس وينسب‬
‫السعادة ألهواء النفس التي تقضي على الجوع وتجلب معها الرضا من‬
‫الطعام والمأوى والرفقة‪ .‬يمكننا القول ان مفهوم السعادة الشاملة يأتي من‬
‫كال المذهبين؛ ومن ثم يمثل مذهب أرسطو وتفكيره‪:‬‬
‫"تتحقق السعادة من طريق اتحاد الفضيلة وأهواء النفس"‬

‫‪.‬‬

You might also like