Professional Documents
Culture Documents
الديانة البىذية
اعداد
نديم جقمان
قسم الفلسفة – السنة األولى
3 مقدمة
5 بوذا
11 الخاتمة
12 المراجع
2
المق ّدمة
يف ىذا البحث استعرض لكم الديانة البوذية من حيث ماىيتها ،مؤسسها الذي ىو بوذا ،شرائعها ،ودرجة النرفانا
اليت ىي ىدف كل بوذي أن يصل إليها ،وىل ىي اهلل بل ىل ىناك إلو يف البوذية.
ىذه كلّها سأتطرق إليها يف ىذا البحث البسيط ،وأيضاً سأتكلّم قليالً عن نظرة الكنيسة للبوذية وكيف علينا أن ننظر
إليها كمسيحيُت.
ولقد مت تقسيم البحث بناءاً على ادلواضيع الرئيسة يف البوذية و مت تبيان ذلك يف الفهرس.
3
.1الديانة البوذية
مقتصرا على
ً ىي تيار ديٍت يركز على إحساس بوذا الروحاين ويرّكز على أنو جيب أن نتبع احلقيقة ،وفيما مضى كان
ناس زلددين كالرىبان الذين يستطيعون اإلستغراق يف التأمل ،لكنو تطور ليصبح دين ذو تعاليم ومبادئ خاصة ،و
طرق خاصة للوصول إىل اخلالص وختطّي الوجود البشري بأكملو .ليس ىناك إلو يف البوذية فهي تنكر أي تأثَت
جوىري ألي إلو يف حياة البشر .وكل إنسان يعمل على خالص نفسو بنفسو ،فهي تق ّدم ذاهتا على أهنا دين إنساين
وعادلي ىدفو فتح باب اخللود للناس.
ىناك تيارين رئيسيُت يف البوذيّة ومها البوذيّة القددية (ىينايانا -ادلركبة الصغَتة) ،البوذيّة ماىايانا (ادلركبة الكبَتة).
وىي الوريثة ادلباشرة لتعليم بوذا األصلي .فيها بعض التشاؤم فاخلالص فيها خيتص بفئة صغَتة وىي الرىبان .ترتبط
مدرباً بل
ارتباطاً قوياً باألصول األوائل ،وقامت بتطوير بعض العناصر األساسيّة يف البوذيّة ومنها شخص بوذا فلم يعد ّ
كائناً فائق الطبيعة وروح زلض يسكن فوق العامل .وأيضاً البوديساتفا وىو الشخص الذي بلغ اليقظة ،ولكنو ال يريد
الدخول يف النرفانا بناءاً على نذ ٍر أخذه بعدم دخوذلا قبل أن يرشد البشر ويساعدىم على إكتشاف طريق اخلالص.
البوذيّة األقدم منها كانت تعتمد على اجلهد الفردي أي على اإلنسان أن يعتمد على جهده اخلاص وأن حيافظ على
تعليم بوذا وديارس التأمل ،وىذه وحدىا فقط ستساعده على التحرر من العمى والتعلق باحلياة والوصول إىل احلكمة.
ونشأت يف فًتة بدء ادلسيحيّة .وسامهت بفتح اجملال دلناىج جديدة للخالص حيث ّأهنا تأخذ بعُت اإلعتبار
احلاجات واألوضاع احلياتيّة ادلختلفة يف اجلماعة .كان تطور ىذه النوع من البوذية نتيجة التعليم ادلتطور عن بوذا
وبوديساتفا .فقد أصبح بوذا كائنا متسامياً مطلقاً وىو احلقيقة ادلطلقة ويدعى ب"جسم الشريعة" ،وأحد جتلّيات بوذا
التذوق" .والطبقة األدىن (ليست ادلطلق) وىي التجلّي ألرضي لبوذا والذي يُدعى"جسم
ادلطلق ادلدعو"جسم ّ
اخلليقة" :أي بوذا يف ىيئة بشرية.
4
.6بوذا
ادلعلومات اليت نعرفها عن بوذا تأتينا من كتابات تالميذه عنو .وأىم ىذه ادلصادر ىي رلموعة األسفار ادلؤلّفة
باللغة البايل ( ،)Paliأي رلموعة النظام الرىباين ،رلموعة اخلطب التعليميّة ورلموعة التعليم الراقي .والطريق اليت
استخدمها بوذا ليصل إىل احلكمة الكاملة ىي "اليقظة"( )Nirvanaوىي طريق طويلة شاقة.
كان بوذا أمَتاّ يف ادلرحلة األوىل من حياتو وكان يُدعى سيدىارتا غوتاما ولد يف مشايل اذلند ضلو سنة 565قبل
ادلسيح ،كانت حياتو ىادئة خالية من ادلتاعب واألمل والعذاب يعيش يف قصر والده .ويف يوم من األيام قابل انساناً
مقعداً بسبب شيخوختو ،يف يوم آخر رأى شخصاً يصرخ من الطاعون الذي أصابو ،ويف يوم ثالث رأى جثة تصحب
إىل احملرقة .كل ىذا الشيخوخة ،ادلعاناة واألمل كانوا لو وحياً ثالثياُ للمصَت ادلشًتك للبشر .اللقاء الرابع كان مع راىب
متسول سعيد يف قلبو .وىذا اللقاء األخَت أعطاه العالج أو اجلواب لتساؤالتو .وبالتايل ترك بيتو على عمر 99عاماً
متجوالً ،إال أنو مل جيد السالم الداخي الذي كان يبحث عنو.
تاركاً خلفو امرأتو وابنو ،وأصبح راىباً متنسكاً ّ
فًتك كل شيء واجتو إىل جنويب اذلند حىت وصل إىل شجرة تُت وجلس حتتها واستغرق يف التأمل ،وكان يف عزلة تامة
وتركيز عميق لطاقات ذىنو ،حىت شعر حبدس روحي أن اخلالص شلكن وذلك بالتجرد الكامل عن العامل حيث يؤدي
إىل اضلالل الوجود الشخصي يف عامل احلس التجرييب .وكانت ىذه ىي "اليقظة" لو وأصبح بوذا.
ف لو يف ما ُدعي "احلقائق ادلق ّدسة األربع ويف تعليم "النشوء عن عالقة" أي ارتباط ِ
وقد رتع بوذا يف عظاتو ما ُكش َ
رتيع ادلوجودات بعلّة سابقة وذلك يف دائرة متكررة ،أي عند عيش اإلنسان يف العامل فإنو يكون على ارتباط باألشياء
اليت يف العامل نتيجة تعلّقو هبا من خالل شهواتو وبالتايل إذا مل يُشبِع ىذه الرغبات أو األمور اليت كان يريد أن يفعلها
فإنو عند موتو ديوت ويرجع إىل ىذا العامل يف جسد أخر لينهي ما كان عليو أن يفعلو سابقاً ويف كل حياة يعيشها إذا
مل ينهي األمور اليت كان عليو فعلها فإنو يرجع مرًة أخرى ولذا تسمى الوالدات ادلتكررة .
إن ُخطَب بوذا والتعاليم اليت ألقاىا على تالميذه واحلوارات اليت حدثت بينو وبُت العديد من الناس تُعد ادلصدر
للعقيدة البوذيّة.
5
.3الشريعة البوذيّة
ىنالك العلل اإلثنيت عشرة لألمل ،حيث يرى بوذا أن األصل ادلختبئ وراء كل سبب ىو اجلهل وىو سبب كل أمل
وبالتايل إزالة اجلهل هتدم الشهوات اليت تتولّد منو ،وأيضاً هبدم الشعور واإلدراك اخلاطئُت يتم إتالف الشهوات
واإلبتعاد عن األنانيّة ،وعند اإلبتعاد عن األنانيّة يُرفع األنسان فوق الوالدة واذلرم وادلوت وادلرض وخيلّص اإلنسان.
واحلقائق األربعة واإلثنتُت معاً تعتبان ادلدخل إىل الفكر الديٍت لبوذا .وىي:
توصل لو بوذا
احلقيقة ادلق ّدسة األوىل ىي حقيقة ادلعاناة الشاملة اليت تقول بأن كل شيء ىو معاناة ،وىذا األمر ّ
بعد تأمل طويل وعميق يف والغوص يف سر ذاتو ،وىنا أدرك معاناة اجلنس البشري ولكنو وجد أنّو من الصعب إيصال
ىذه احلقيقة للناس وإقناعهم هبا إال أنّو قرر وفعل ذلك.
من ينظر إىل احلياة يستطيع أن يرى األمل وادلعاناة ادلوجودة ،نرى ذلك يف الوالدة ،ادلرض ،ادلوت ،ادلستقبل ادلضطرب
والقلق ادلستمر ،البغض وغَتىا من األوجاع .ىنالك فرح ولكنو غَت صايف حبيث ال يوصل إىل اخلالص.
احلقيقة ادلق ّدسة الثانية نشوء ادلعاناة (سبب األمل) حيث أنّو ميل اإلنسان إىل الشر وادللذات ،فالعامل يضع لنا
احلس ،وعند التقاء ىذه احلواس وادليول مع العامل يتولّد عطش التعلّق باألمور نتيجة الشعور بالسرور وبالتايل يتولّد
األنا الذي يظهر يف التعلّق باالمور ،وىذه الرغبة يف التعلّق تأسرنا يف احلزن وبالتايل كان الطُعم ىو اللّذة والنتيجة ىي
األمل.
احلقيقة ادلق ّدسة الثالثة وىي إزالة ادلعاناة (توقيف األمل) وتتم من خالل السيطرة وإخضاع األنا اليت فينا اليت هبا يتم
التخلص من ادليل إىل الشر وادلل ّذات احلسيّة وبالتايل يُطفأ فينا التعلّق باألمور ،وعندىا لن يتم تغذية الشهوة فتنطفئ.
ادلؤدية إىل إزالة ادلعاناة (توقيف األمل) وىي ذتانية مراحل لتوقيف األمل .الشخص
احلقيقة ادلقدسة الرابعة الطريق ّ
ضع للواجب أرادتو ومن ليس لديو رغبة سوى عمل واجبو .وبسلوك الذي ختتفي أناه أمام احلقيقة ىو سللّص ،ومن ُخي ِ
ىذه الطريق فإن احلكيم يضع حداً هنائياً لألمل.
6
"وادلراحل الثمانية ىي:
وبالتايل تش ّكل األسباب اإلثنتا عشرة لألمل واحلقائق األربعة ادلق ّدسة نقطة األنطالق للشريعة احلقيقيّة.
وىي تعليم بوذا بأن الفرد ىو وحده لذاتو احلماية وادلالذ وعلى كل فرد أن يبلغ ىذا اذلدف بنفسو.
"يقول بوذا عنها :أيها الرىبان ىنالك حالة حيث ال يوجد فيها ال أرض وال ماء وال هناية مكان وال هناية معرفة ،وال
شيء وال إدراك وال زلسوس وال شعور وال عدم إدراك وال عدم زلسوس وال عدم شعور ،وال ىذا العامل وال عامل آخر
وال مشس وال قمر فهذا ىو غَت ادلخلوق.
فالنرفانا ىي حالة التالشي والسكينة الكاملة التامة والسالم األبدي .فهي احلالة اليت عند دخوذلا تصبح يف عامل ال
تنطبق عليو كل معايَت وقوانُت العامل احلايل .وبالتايل ال ديكن وصفها بالتعابَت والصفات ادلتعارف عليها بشرياً .وفيها
ختتفي األنا ألهنا حالة حترر كامل وانعتاق من كل أمل وعذاب ناتج عن الوالدات ادلتكررة وتعلق األنا بالشهوات.
مبدئياً البوذية ترفض التحديد بأن النرفانا ىي أمر مطلق أم أهنا شيء إذلي" ،فالنرفانا ىي قيمة نقص :إهنا إطفاء
شعلة ،أو توقّف كل عوامل الكيان ادلتألّمة وادلسببة للمعاناة"، 3ويف نفس الوقت ىي ليست العدم ألهنا ليست نقيضة
شيء(نقيضة شيء موجود) .بل ىي قيمة ال ديكن وصفها بتسمية مضادة أو مبيّزة سلبيّة .توصف بأهنا متعة مع أنو
عند وصول ىذه احلالة ليس ىناك شخص ليتم ّكن من الشعور هبذه ادلتعة .فهي السعادة اليت تأيت من عدم التزعزع
وعدم التعلّق ادلطلق بأي شيء" .ولكن النرفانا ليست مطلقاً قادلطلق لو قيمة يف ذاتو .وتعلّم البوذية أن النرفانا ليست
شيئاً ما ،ولكنها أيضاً ليست ال شيئاً .ليس ذلا وجود ،وليست أيضاً بال وجود .ومبا أهنا غَت زلددة ،فال ديكن وصفها
بأيّة فكرة ،فاألفكار تندرج دوماً يف نطاق األمور احملددة، 4".وبالتايل ال ديكن تسميتها أو أن ندعوىا اهلل ،ومبا أنو
ليس باإلمكان حتديدىا أبداً بأي ارتباط أو فكرة ،وىي غَت متعلّقة بشيء على اإلطالق فإذاً ليس ذلا أي تأثَت يف
العامل ويف حياة األفراد.
وليس ىناك أي اختالف بُت احلقيقة وبوذا والنرفانا ،فإن بوذا عند وصولو إىل معرفة احلقيقة دخل حالة النرفانا وفيها
عند ختلّيو عن أناه أصبح يف النرفانا (احلقيقة) ىو احلقيقة فتخلّص من كل أمل ،ألنو دخل حالة اخللود والسالم الدائم
تغَت ،والغَت مقيم يف أي مكان وىذه صقة احلقيقة ليست زلصورة يف مكان " .فاحلقيقة ىي هناية وىدف كل
الغَت م ّ
.5البوذيّة والمسيحية
اجملمع الفاتيكاين الثاين يف وثيقة عالقة الكنيسة باألديان غَت ادلسيحية يذكر كيف يتم النظر والتعامل مع الديانة
البوذية معًتفاً بوجود قِيَم خالصيّة يف البوذية:
ٍ
صادق ىذه الطرق حق ومق ّدس ،وتويل تقديرىا باحًت ٍام "الكنيسة الكاثوليكيّة ال تنبذ شيئاً شلا ىو يف ىذه الديانات ٌّ
ادلسلوكة يف العمل واحلياة ،وىذه القواعد والتعاليم اليت وإن اختلفت يف اموٍر كثَتةٍ عما ُ
تقول بو ىي وتعلّموِ ،
حتم ُل،
انقطاع ،بادلسيح الذي ىو "الطريق واحلق
ٍ مرةٍ ،قَبساً من شعاع احلقيقة اليت تنَت رتيع الناس .غَت أ ههنا تبش ُر بال
غَت ّ
7
واحلياة" (يو ،)6:14وفيو جيب على الناس أن جيدوا ملء احلياة الدينية ،وبو صاحل اهلل مع نفسو رتيع األشياء".
ىناك مبدأ فلسفي يقول بأن كل أم ٍر وإن كان خاطئاً فإن فيو جزءاً من احلقيقة ،فتقول لنا الكنيسة الكاثوليكية أنهو
بالرغم من وجود اختالف يف الديانات األخرى عن احلقيقة ادلوجودة يف الكنيسة الكاثوليكية من أجل اخلالص
(الوحي اإلذلي) ،فإن ىذه الديانات األخرى كالبوذيّة فيها شعاع من احلقيقة إلنارة الناس ،وموقف الكنيسة من ىذه
التعاليم والطرق للخالص ىو موقف تقديرىا باحًتام صادق ،ويف نفس الوقت ال ينفي وجود قيمة خالصية عند
ولذلك الكنيسة تشجع على احلوار مع الديانات األخرى ،وعلى تشجيع العالقات واحلوارات اليت تعزز القيم البشرية
اليت يؤمن هبا كل إنسان من أجل العيش ادلشًتك يف احملبة والسالم وذلك مع الشهادة لإلديان واحلياة ادلسيحية.
مر العصور على ىذا األمر ،مثل اإلرساليات التبشَتيّة للفرنسيسكان
وىنالك العديد من األمثلة يف الكنيسة على ّ
ومثل فرانسوا إكسافيَت(.)François Xavier
10
الخاتمة
بعد أن رأينا كل ىذه ادلواضيع يف الديانة البوذية وتقاسيمها فإن ذلك قد أعطانا نظرًة أوسع عنها فاحتاً اجملال
التعمق أكثر يف الديانة البوذية من خالل حبث أكثر عمقا عنها للوصول إىل
للحوار مع أنصارىا ،وأيضاً مشجعاً على ّ
تفاصيل أكثر تساعد على احلوار من أجل عيش احلياة اإلنسانية ذات القيم ادلشًتكة اليت تشجع احملبة والسالم
والتعاون بُت البشر ألهنم على صورة اهلل سللوقُت كإنسان ُحر وعاقل ،وبالتايل جيب احًتام كل إنسان كإنسان بِ ّ
غض
النظر عن دينو ومعتقداتو ،وىذا ما تشجع الكنيسة ادلؤمنُت على فعلو مع استمرارية التبشَت اليت أوصى هبا ادلسيح
أتباعو.
11
المراجع
شيا،سامي سليمان ،إنجيل بوذا ،بَتوت ،دار احلداثة.1991 ،
اجملمع الفاتيكاين الثاين ،وثيقة ،Nostra aetateلبنان ،منشورات ادلكتبة البولسية ،طبعة أوىل .1999
العرييب،زلمد ،الديانات الوضعية الحية في الشرقين األدنى واألقصى ،لبنان،دار الفكر اللبناين ،طبعة أوىل
.1995
خوري،عادل تيودور ،من هو اهلل؟ جواب األديان الكبرى ،جونيو -لبنان ،ادلكتبة البولسية ،طبعة أوىل .9553
نفس ادلؤلف ،مدخل إلى األديان الخمسة الكبرى ،جونيو -لبنان ،ادلكتبة البولسية ،طبعة أوىل .9555
12