You are on page 1of 12

‫المعهد اإلكليريكي للبطريركية الالتينية األورشليمية‬

‫كلية الفلسفة والالهوت‬

‫الديانة البىذية‬

‫اعداد‬
‫نديم جقمان‬
‫قسم الفلسفة – السنة األولى‬

‫إشراف‪P. Marcelo :‬‬


‫ربيع ‪6102‬‬
‫الفهرس‬

‫‪3‬‬ ‫مقدمة‬

‫‪4‬‬ ‫الديانة البوذية‬

‫‪5‬‬ ‫بوذا‬

‫‪6‬‬ ‫الشريعة البوذيّة‬

‫‪7‬‬ ‫النرفانا (اإلستنارة ‪ /‬اليقظة)‬

‫‪9‬‬ ‫البوذيّة والمسيحية‬

‫‪11‬‬ ‫الخاتمة‬

‫‪12‬‬ ‫المراجع‬

‫‪2‬‬
‫المق ّدمة‬

‫يف ىذا البحث استعرض لكم الديانة البوذية من حيث ماىيتها‪ ،‬مؤسسها الذي ىو بوذا‪ ،‬شرائعها‪ ،‬ودرجة النرفانا‬
‫اليت ىي ىدف كل بوذي أن يصل إليها‪ ،‬وىل ىي اهلل بل ىل ىناك إلو يف البوذية‪.‬‬

‫ىذه كلّها سأتطرق إليها يف ىذا البحث البسيط‪ ،‬وأيضاً سأتكلّم قليالً عن نظرة الكنيسة للبوذية وكيف علينا أن ننظر‬
‫إليها كمسيحيُت‪.‬‬

‫ولقد مت تقسيم البحث بناءاً على ادلواضيع الرئيسة يف البوذية و مت تبيان ذلك يف الفهرس‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ .1‬الديانة البوذية‬

‫مقتصرا على‬
‫ً‬ ‫ىي تيار ديٍت يركز على إحساس بوذا الروحاين ويرّكز على أنو جيب أن نتبع احلقيقة‪ ،‬وفيما مضى كان‬
‫ناس زلددين كالرىبان الذين يستطيعون اإلستغراق يف التأمل‪ ،‬لكنو تطور ليصبح دين ذو تعاليم ومبادئ خاصة‪ ،‬و‬
‫طرق خاصة للوصول إىل اخلالص وختطّي الوجود البشري بأكملو‪ .‬ليس ىناك إلو يف البوذية فهي تنكر أي تأثَت‬
‫جوىري ألي إلو يف حياة البشر‪ .‬وكل إنسان يعمل على خالص نفسو بنفسو‪ ،‬فهي تق ّدم ذاهتا على أهنا دين إنساين‬
‫وعادلي ىدفو فتح باب اخللود للناس‪.‬‬

‫ىناك تيارين رئيسيُت يف البوذيّة ومها البوذيّة القددية (ىينايانا‪ -‬ادلركبة الصغَتة)‪ ،‬البوذيّة ماىايانا (ادلركبة الكبَتة)‪.‬‬

‫أ‪ .‬البوذيّة القديمة(هينايانا‪ -‬المركبة الصغيرة)‬

‫وىي الوريثة ادلباشرة لتعليم بوذا األصلي‪ .‬فيها بعض التشاؤم فاخلالص فيها خيتص بفئة صغَتة وىي الرىبان‪ .‬ترتبط‬
‫مدرباً بل‬
‫ارتباطاً قوياً باألصول األوائل‪ ،‬وقامت بتطوير بعض العناصر األساسيّة يف البوذيّة ومنها شخص بوذا فلم يعد ّ‬
‫كائناً فائق الطبيعة وروح زلض يسكن فوق العامل‪ .‬وأيضاً البوديساتفا وىو الشخص الذي بلغ اليقظة‪ ،‬ولكنو ال يريد‬
‫الدخول يف النرفانا بناءاً على نذ ٍر أخذه بعدم دخوذلا قبل أن يرشد البشر ويساعدىم على إكتشاف طريق اخلالص‪.‬‬
‫البوذيّة األقدم منها كانت تعتمد على اجلهد الفردي أي على اإلنسان أن يعتمد على جهده اخلاص وأن حيافظ على‬
‫تعليم بوذا وديارس التأمل‪ ،‬وىذه وحدىا فقط ستساعده على التحرر من العمى والتعلق باحلياة والوصول إىل احلكمة‪.‬‬

‫ب‪ .‬البوذيّة ماهايانا(المركبة الكبيرة)‬

‫ونشأت يف فًتة بدء ادلسيحيّة‪ .‬وسامهت بفتح اجملال دلناىج جديدة للخالص حيث ّأهنا تأخذ بعُت اإلعتبار‬
‫احلاجات واألوضاع احلياتيّة ادلختلفة يف اجلماعة‪ .‬كان تطور ىذه النوع من البوذية نتيجة التعليم ادلتطور عن بوذا‬
‫وبوديساتفا‪ .‬فقد أصبح بوذا كائنا متسامياً مطلقاً وىو احلقيقة ادلطلقة ويدعى ب"جسم الشريعة"‪ ،‬وأحد جتلّيات بوذا‬
‫التذوق"‪ .‬والطبقة األدىن (ليست ادلطلق) وىي التجلّي ألرضي لبوذا والذي يُدعى"جسم‬
‫ادلطلق ادلدعو"جسم ّ‬
‫اخلليقة"‪ :‬أي بوذا يف ىيئة بشرية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ .6‬بوذا‬

‫ادلعلومات اليت نعرفها عن بوذا تأتينا من كتابات تالميذه عنو‪ .‬وأىم ىذه ادلصادر ىي رلموعة األسفار ادلؤلّفة‬
‫باللغة البايل (‪ ،)Pali‬أي رلموعة النظام الرىباين‪ ،‬رلموعة اخلطب التعليميّة ورلموعة التعليم الراقي‪ .‬والطريق اليت‬
‫استخدمها بوذا ليصل إىل احلكمة الكاملة ىي "اليقظة"(‪ )Nirvana‬وىي طريق طويلة شاقة‪.‬‬

‫كان بوذا أمَتاّ يف ادلرحلة األوىل من حياتو وكان يُدعى سيدىارتا غوتاما ولد يف مشايل اذلند ضلو سنة ‪ 565‬قبل‬
‫ادلسيح‪ ،‬كانت حياتو ىادئة خالية من ادلتاعب واألمل والعذاب يعيش يف قصر والده‪ .‬ويف يوم من األيام قابل انساناً‬
‫مقعداً بسبب شيخوختو‪ ،‬يف يوم آخر رأى شخصاً يصرخ من الطاعون الذي أصابو‪ ،‬ويف يوم ثالث رأى جثة تصحب‬
‫إىل احملرقة‪ .‬كل ىذا الشيخوخة‪ ،‬ادلعاناة واألمل كانوا لو وحياً ثالثياُ للمصَت ادلشًتك للبشر‪ .‬اللقاء الرابع كان مع راىب‬
‫متسول سعيد يف قلبو‪ .‬وىذا اللقاء األخَت أعطاه العالج أو اجلواب لتساؤالتو‪ .‬وبالتايل ترك بيتو على عمر ‪ 99‬عاماً‬
‫متجوالً‪ ،‬إال أنو مل جيد السالم الداخي الذي كان يبحث عنو‪.‬‬
‫تاركاً خلفو امرأتو وابنو‪ ،‬وأصبح راىباً متنسكاً ّ‬
‫فًتك كل شيء واجتو إىل جنويب اذلند حىت وصل إىل شجرة تُت وجلس حتتها واستغرق يف التأمل‪ ،‬وكان يف عزلة تامة‬
‫وتركيز عميق لطاقات ذىنو‪ ،‬حىت شعر حبدس روحي أن اخلالص شلكن وذلك بالتجرد الكامل عن العامل حيث يؤدي‬
‫إىل اضلالل الوجود الشخصي يف عامل احلس التجرييب‪ .‬وكانت ىذه ىي "اليقظة" لو وأصبح بوذا‪.‬‬

‫ف لو يف ما ُدعي "احلقائق ادلق ّدسة األربع ويف تعليم "النشوء عن عالقة" أي ارتباط‬ ‫ِ‬
‫وقد رتع بوذا يف عظاتو ما ُكش َ‬
‫رتيع ادلوجودات بعلّة سابقة وذلك يف دائرة متكررة‪ ،‬أي عند عيش اإلنسان يف العامل فإنو يكون على ارتباط باألشياء‬
‫اليت يف العامل نتيجة تعلّقو هبا من خالل شهواتو وبالتايل إذا مل يُشبِع ىذه الرغبات أو األمور اليت كان يريد أن يفعلها‬
‫فإنو عند موتو ديوت ويرجع إىل ىذا العامل يف جسد أخر لينهي ما كان عليو أن يفعلو سابقاً ويف كل حياة يعيشها إذا‬
‫مل ينهي األمور اليت كان عليو فعلها فإنو يرجع مرًة أخرى ولذا تسمى الوالدات ادلتكررة ‪.‬‬

‫إن ُخطَب بوذا والتعاليم اليت ألقاىا على تالميذه واحلوارات اليت حدثت بينو وبُت العديد من الناس تُعد ادلصدر‬
‫للعقيدة البوذيّة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ .3‬الشريعة البوذيّة‬

‫ىنالك العلل اإلثنيت عشرة لألمل‪ ،‬حيث يرى بوذا أن األصل ادلختبئ وراء كل سبب ىو اجلهل وىو سبب كل أمل‬
‫وبالتايل إزالة اجلهل هتدم الشهوات اليت تتولّد منو‪ ،‬وأيضاً هبدم الشعور واإلدراك اخلاطئُت يتم إتالف الشهوات‬
‫واإلبتعاد عن األنانيّة‪ ،‬وعند اإلبتعاد عن األنانيّة يُرفع األنسان فوق الوالدة واذلرم وادلوت وادلرض وخيلّص اإلنسان‪.‬‬
‫واحلقائق األربعة واإلثنتُت معاً تعتبان ادلدخل إىل الفكر الديٍت لبوذا‪ .‬وىي‪:‬‬

‫الحقائق األربعة المق ّدسة‬

‫توصل لو بوذا‬
‫احلقيقة ادلق ّدسة األوىل ىي حقيقة ادلعاناة الشاملة اليت تقول بأن كل شيء ىو معاناة‪ ،‬وىذا األمر ّ‬
‫بعد تأمل طويل وعميق يف والغوص يف سر ذاتو‪ ،‬وىنا أدرك معاناة اجلنس البشري ولكنو وجد أنّو من الصعب إيصال‬
‫ىذه احلقيقة للناس وإقناعهم هبا إال أنّو قرر وفعل ذلك‪.‬‬

‫من ينظر إىل احلياة يستطيع أن يرى األمل وادلعاناة ادلوجودة‪ ،‬نرى ذلك يف الوالدة‪ ،‬ادلرض‪ ،‬ادلوت‪ ،‬ادلستقبل ادلضطرب‬
‫والقلق ادلستمر‪ ،‬البغض وغَتىا من األوجاع‪ .‬ىنالك فرح ولكنو غَت صايف حبيث ال يوصل إىل اخلالص‪.‬‬

‫احلقيقة ادلق ّدسة الثانية نشوء ادلعاناة (سبب األمل) حيث أنّو ميل اإلنسان إىل الشر وادللذات‪ ،‬فالعامل يضع لنا‬
‫احلس‪ ،‬وعند التقاء ىذه احلواس وادليول مع العامل يتولّد عطش التعلّق باألمور نتيجة الشعور بالسرور وبالتايل يتولّد‬
‫األنا الذي يظهر يف التعلّق باالمور‪ ،‬وىذه الرغبة يف التعلّق تأسرنا يف احلزن وبالتايل كان الطُعم ىو اللّذة والنتيجة ىي‬
‫األمل‪.‬‬

‫احلقيقة ادلق ّدسة الثالثة وىي إزالة ادلعاناة (توقيف األمل) وتتم من خالل السيطرة وإخضاع األنا اليت فينا اليت هبا يتم‬
‫التخلص من ادليل إىل الشر وادلل ّذات احلسيّة وبالتايل يُطفأ فينا التعلّق باألمور‪ ،‬وعندىا لن يتم تغذية الشهوة فتنطفئ‪.‬‬

‫ادلؤدية إىل إزالة ادلعاناة (توقيف األمل) وىي ذتانية مراحل لتوقيف األمل‪ .‬الشخص‬
‫احلقيقة ادلقدسة الرابعة الطريق ّ‬
‫ضع للواجب أرادتو ومن ليس لديو رغبة سوى عمل واجبو‪ .‬وبسلوك‬ ‫الذي ختتفي أناه أمام احلقيقة ىو سللّص‪ ،‬ومن ُخي ِ‬
‫ىذه الطريق فإن احلكيم يضع حداً هنائياً لألمل‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫"وادلراحل الثمانية ىي‪:‬‬

‫‪ -1‬النظرات الصائبة أو الفهم احلق‪.‬‬

‫‪ -9‬اآلمال الصائبة أو االنتباه العقلي احلق‪.‬‬

‫‪ -3‬الكلمات الصائبة أو الكالم احلق‪.‬‬

‫‪ -4‬السلوك الصائب أو الفعل البدين احلق‪.‬‬

‫‪ -5‬طريقة احلياة الصائبة أو ادلعيشة احلقة‪.‬‬

‫‪ -6‬األفكار الصائبة أو الفكر احلق‪.‬‬

‫‪ -7‬اجلهد الصائب أو اجلهد األخالقي احلق‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ -8‬الرؤيا الصائبة أو الًتكيز احلق‪".‬‬

‫وبالتايل تش ّكل األسباب اإلثنتا عشرة لألمل واحلقائق األربعة ادلق ّدسة نقطة األنطالق للشريعة احلقيقيّة‪.‬‬

‫‪ .4‬النرفانا (اإلستنارة ‪ /‬اليقظة)‬

‫وىي تعليم بوذا بأن الفرد ىو وحده لذاتو احلماية وادلالذ وعلى كل فرد أن يبلغ ىذا اذلدف بنفسو‪.‬‬

‫"النرفانا ىي حالة السعادة الكاملة اخلالدة" ولكن ما ىي طبيعة ىذه احلالة؟‬

‫"يقول بوذا عنها‪ :‬أيها الرىبان ىنالك حالة حيث ال يوجد فيها ال أرض وال ماء وال هناية مكان وال هناية معرفة‪ ،‬وال‬
‫شيء وال إدراك وال زلسوس وال شعور وال عدم إدراك وال عدم زلسوس وال عدم شعور‪ ،‬وال ىذا العامل وال عامل آخر‬
‫وال مشس وال قمر فهذا ىو غَت ادلخلوق‪.‬‬

‫‪ 1‬زلمد العرييب‪ ،‬الديانات الوضعية احلية يف الشرقُت األدىن واألقصى‪ ،‬ص‪.151‬‬


‫‪7‬‬
‫أفسر ىذه احلالة والدة‬
‫ويضيف‪ :‬أيها الرىبان‪ :‬أنا ال أقول عن ىذه احلالة بأهنا تذىب وتأيت ودتكث وتستمر‪ ،‬أنا ال ّ‬
‫‪2‬‬
‫مستقرة وثابتة وبدون تغيَت‪ .‬ىي ىذا اخللود الذي ليس لو بداية وال هناية‪ .‬وىذا ىو هناية األمل‪".‬‬
‫ّ‬ ‫أو موتاّ‪ .‬ىذه احلالة‬

‫فالنرفانا ىي حالة التالشي والسكينة الكاملة التامة والسالم األبدي‪ .‬فهي احلالة اليت عند دخوذلا تصبح يف عامل ال‬
‫تنطبق عليو كل معايَت وقوانُت العامل احلايل‪ .‬وبالتايل ال ديكن وصفها بالتعابَت والصفات ادلتعارف عليها بشرياً‪ .‬وفيها‬
‫ختتفي األنا ألهنا حالة حترر كامل وانعتاق من كل أمل وعذاب ناتج عن الوالدات ادلتكررة وتعلق األنا بالشهوات‪.‬‬

‫مبدئياً البوذية ترفض التحديد بأن النرفانا ىي أمر مطلق أم أهنا شيء إذلي‪" ،‬فالنرفانا ىي قيمة نقص‪ :‬إهنا إطفاء‬
‫شعلة‪ ،‬أو توقّف كل عوامل الكيان ادلتألّمة وادلسببة للمعاناة"‪، 3‬ويف نفس الوقت ىي ليست العدم ألهنا ليست نقيضة‬
‫شيء(نقيضة شيء موجود)‪ .‬بل ىي قيمة ال ديكن وصفها بتسمية مضادة أو مبيّزة سلبيّة‪ .‬توصف بأهنا متعة مع أنو‬
‫عند وصول ىذه احلالة ليس ىناك شخص ليتم ّكن من الشعور هبذه ادلتعة‪ .‬فهي السعادة اليت تأيت من عدم التزعزع‬
‫وعدم التعلّق ادلطلق بأي شيء‪" .‬ولكن النرفانا ليست مطلقاً قادلطلق لو قيمة يف ذاتو‪ .‬وتعلّم البوذية أن النرفانا ليست‬
‫شيئاً ما‪ ،‬ولكنها أيضاً ليست ال شيئاً‪ .‬ليس ذلا وجود‪ ،‬وليست أيضاً بال وجود‪ .‬ومبا أهنا غَت زلددة‪ ،‬فال ديكن وصفها‬
‫بأيّة فكرة‪ ،‬فاألفكار تندرج دوماً يف نطاق األمور احملددة‪، 4".‬وبالتايل ال ديكن تسميتها أو أن ندعوىا اهلل‪ ،‬ومبا أنو‬
‫ليس باإلمكان حتديدىا أبداً بأي ارتباط أو فكرة‪ ،‬وىي غَت متعلّقة بشيء على اإلطالق فإذاً ليس ذلا أي تأثَت يف‬
‫العامل ويف حياة األفراد‪.‬‬

‫وبُت أسباهبا اإلثنيت عشرة‬


‫وبشر هبا ّ‬
‫والطريق للوصول إىل ىذه احلالة ىو من خالل أمتالك احلقيقة اليت أعلنها بوذا ّ‬
‫وحقائقها األربع‪ ،‬ومراحلها الثمانية‪.‬‬

‫وليس ىناك أي اختالف بُت احلقيقة وبوذا والنرفانا‪ ،‬فإن بوذا عند وصولو إىل معرفة احلقيقة دخل حالة النرفانا وفيها‬
‫عند ختلّيو عن أناه أصبح يف النرفانا (احلقيقة) ىو احلقيقة فتخلّص من كل أمل‪ ،‬ألنو دخل حالة اخللود والسالم الدائم‬
‫تغَت‪ ،‬والغَت مقيم يف أي مكان وىذه صقة احلقيقة ليست زلصورة يف مكان‪ " .‬فاحلقيقة ىي هناية وىدف كل‬
‫الغَت م ّ‬

‫‪ 2‬إصليل بوذا‪ ،‬ص‪.89‬‬


‫‪ 3‬عادل تيودور خوري‪"،‬من ىو اهلل ؟ جواب األديان الكبى"‪ ،‬من ىو اهلل يف نظر البوذيُت‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪ 4‬عادل تيودور خوري‪ ،‬ادلرجع السابق‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫وجود‪ .‬يولد الناس بغية دتكُت احلقيقة من اجمليء إليهم والسكن يف داخلهم"‪ "،‬كل األشياء تفٌت لكن احلقيقة‬
‫تدوم"‪ .5‬إن النرفانا تشفي من العذاب واألمل عند وصوذلا فكذلك احلقيقة تشفي وتعطي السالم والطمأنينة لبالنا‬
‫وعقلنا ادلضطرب‪.‬‬

‫‪ .5‬البوذيّة والمسيحية‬

‫اجملمع الفاتيكاين الثاين يف وثيقة عالقة الكنيسة باألديان غَت ادلسيحية يذكر كيف يتم النظر والتعامل مع الديانة‬
‫البوذية معًتفاً بوجود قِيَم خالصيّة يف البوذية‪:‬‬

‫ادلتحول‪ ،‬وتعلّم السبيل اليت يتم ّكن الناس‬


‫"البوذية‪ ،‬على سلتلف صيغها‪ ،‬فإهنا تعًتف بالنقص اجلذري يف ىذا العامل ّ‬
‫اثق‪ ،‬إما من احلصول على االنعتاق الكامل‪ ،‬وإما من اإلنتهاء إىل اإلشراق األعظم‪ ،‬وذلك‬ ‫بقلب تق ٍي و ٍ‬
‫هبا‪ٍ ،‬‬
‫‪6‬‬ ‫باجتهادىم الذايت‪ ،‬أو ٍ‬
‫بعون من العالء‪".‬‬

‫ويف نص آخر تقول الكنيسة‪:‬‬

‫ٍ‬
‫صادق ىذه الطرق‬ ‫حق ومق ّدس‪ ،‬وتويل تقديرىا باحًت ٍام‬ ‫"الكنيسة الكاثوليكيّة ال تنبذ شيئاً شلا ىو يف ىذه الديانات ٌّ‬
‫ادلسلوكة يف العمل واحلياة‪ ،‬وىذه القواعد والتعاليم اليت وإن اختلفت يف اموٍر كثَتةٍ عما ُ‬
‫تقول بو ىي وتعلّمو‪ِ ،‬‬
‫حتم ُل‪،‬‬
‫انقطاع‪ ،‬بادلسيح الذي ىو "الطريق واحلق‬
‫ٍ‬ ‫مرةٍ‪ ،‬قَبساً من شعاع احلقيقة اليت تنَت رتيع الناس‪ .‬غَت أ ههنا تبش ُر بال‬
‫غَت ّ‬
‫‪7‬‬
‫واحلياة" (يو‪ ،)6:14‬وفيو جيب على الناس أن جيدوا ملء احلياة الدينية‪ ،‬وبو صاحل اهلل مع نفسو رتيع األشياء‪".‬‬

‫ىناك مبدأ فلسفي يقول بأن كل أم ٍر وإن كان خاطئاً فإن فيو جزءاً من احلقيقة‪ ،‬فتقول لنا الكنيسة الكاثوليكية أنهو‬
‫بالرغم من وجود اختالف يف الديانات األخرى عن احلقيقة ادلوجودة يف الكنيسة الكاثوليكية من أجل اخلالص‬
‫(الوحي اإلذلي)‪ ،‬فإن ىذه الديانات األخرى كالبوذيّة فيها شعاع من احلقيقة إلنارة الناس‪ ،‬وموقف الكنيسة من ىذه‬
‫التعاليم والطرق للخالص ىو موقف تقديرىا باحًتام صادق‪ ،‬ويف نفس الوقت ال ينفي وجود قيمة خالصية عند‬

‫‪ 5‬إصليل بوذا‪ ،‬ص‪.991‬‬


‫‪ ،Nostra Aetate 6‬رقم(‪)9‬‬
‫‪ ،Nostra Aetate 7‬ادلرجع السابق‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫األديان األخرى ضرورة التبشَت بادلسيح (اإلصليل – البشرى السارة ) فهي الوصية اليت أوصى هبا ادلسيح تالميذه قبل‬
‫صعوده إىل السماء بأن يذىبوا ويتلمذوا جيع األمم ويعملوا بكل ما أوصاىم بو ادلسيح‪ .‬ألنو ىو الطريق واحلق واحلياة‬
‫للجميع‪.‬‬

‫ولذلك الكنيسة تشجع على احلوار مع الديانات األخرى‪ ،‬وعلى تشجيع العالقات واحلوارات اليت تعزز القيم البشرية‬
‫اليت يؤمن هبا كل إنسان من أجل العيش ادلشًتك يف احملبة والسالم وذلك مع الشهادة لإلديان واحلياة ادلسيحية‪.‬‬
‫مر العصور على ىذا األمر‪ ،‬مثل اإلرساليات التبشَتيّة للفرنسيسكان‬
‫وىنالك العديد من األمثلة يف الكنيسة على ّ‬
‫ومثل فرانسوا إكسافيَت(‪.)François Xavier‬‬

‫‪10‬‬
‫الخاتمة‬

‫بعد أن رأينا كل ىذه ادلواضيع يف الديانة البوذية وتقاسيمها فإن ذلك قد أعطانا نظرًة أوسع عنها فاحتاً اجملال‬
‫التعمق أكثر يف الديانة البوذية من خالل حبث أكثر عمقا عنها للوصول إىل‬
‫للحوار مع أنصارىا‪ ،‬وأيضاً مشجعاً على ّ‬
‫تفاصيل أكثر تساعد على احلوار من أجل عيش احلياة اإلنسانية ذات القيم ادلشًتكة اليت تشجع احملبة والسالم‬

‫والتعاون بُت البشر ألهنم على صورة اهلل سللوقُت كإنسان ُحر وعاقل‪ ،‬وبالتايل جيب احًتام كل إنسان كإنسان بِ ّ‬
‫غض‬
‫النظر عن دينو ومعتقداتو‪ ،‬وىذا ما تشجع الكنيسة ادلؤمنُت على فعلو مع استمرارية التبشَت اليت أوصى هبا ادلسيح‬
‫أتباعو‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المراجع‬
‫شيا‪،‬سامي سليمان‪ ،‬إنجيل بوذا‪ ،‬بَتوت‪ ،‬دار احلداثة‪.1991 ،‬‬

‫اجملمع الفاتيكاين الثاين‪ ،‬وثيقة ‪ ،Nostra aetate‬لبنان‪ ،‬منشورات ادلكتبة البولسية‪ ،‬طبعة أوىل ‪.1999‬‬

‫العرييب‪،‬زلمد‪ ،‬الديانات الوضعية الحية في الشرقين األدنى واألقصى‪ ،‬لبنان‪،‬دار الفكر اللبناين‪ ،‬طبعة أوىل‬
‫‪.1995‬‬

‫خوري‪،‬عادل تيودور‪ ،‬من هو اهلل؟ جواب األديان الكبرى‪ ،‬جونيو‪ -‬لبنان‪ ،‬ادلكتبة البولسية‪ ،‬طبعة أوىل ‪.9553‬‬

‫نفس ادلؤلف‪ ،‬مدخل إلى األديان الخمسة الكبرى‪ ،‬جونيو‪ -‬لبنان‪ ،‬ادلكتبة البولسية‪ ،‬طبعة أوىل ‪.9555‬‬

‫‪12‬‬

You might also like