You are on page 1of 26

‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‬

‫ماستر الحكامة وتقييم السياسات العمومية‬


‫وحدة االطار المؤسسي لإلعداد السياسات العمومية بالمغرب‬
‫عرض حول‬
‫الحكومة‬

‫من انجاز الطلبة ‪:‬‬


‫بياض يوسف‬ ‫‪.1‬‬
‫التويهمي نسرين‬ ‫‪.2‬‬
‫تحت اشراف الدكتور‬
‫لحدودي وداد‬ ‫‪.3‬‬
‫اليحياوي يوسف‬
‫مالكي أمين‬ ‫‪.4‬‬

‫السنة الجامعية‪2023/2024 :‬‬


‫شكر وتقدير‬
‫قال تعالى (َو َم ْن َيشُك ر َفِإَّنَم ا َيشكر لنْفِس ِه) {لقمان‪}12 :‬‬

‫نتقدم بخالص الشكر واالمتنان واالعتراف‪ ،‬للدكتور يوسف‬

‫اليحياوي الذي فتح لنا أفق البحث باللغة العربية‪ ،‬وساهم في تطوير‬

‫مهاراتنا في مجال السياسات العمومية بلغتنا األم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمـــــــــــــــــــــــة‪:‬‬

‫الحكومة هي هيكل سياسي يدير شؤون الدولة ويفرض السلطة والقوانين على المواطن‪ .‬تعمل الحكومة على‬
‫تحقيق النظام واألمان‪ ،‬وتوفير الخدمات العامة للمجتمع‪ .‬فهي جهاز يدير شؤون الدولة ويمارس السلطة‬
‫التنفيذية لتطبيق السياسات والقوانين في إطار محدد‪ .‬تعتبر الحكومة جزءا أساسيا في النظام السياسي للدولة‬
‫وتقوم باإلشراف على الشؤون العامة وتنظيم الحياة االجتماعية واالقتصادية والسياسية للمواطنين‪.‬‬

‫تتكون الحكومة عادة من مجموعة من المسؤولين أو الوزراء الذين يشغلون مناصب مختلفة مثل رئيس‬
‫الحكومة أو رئيس الوزراء‪ ،‬ووزراء الدولة في مجاالت مختلفة مثل الصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫تقوم الحكومة بتجديد السياسات واتخاذ القرارات وتطبيق القوانين التي تؤثر على المواطنين‪ ،‬وتنظم حياتهم‬
‫وهي تمثل الدولة في العالقات الدولية والتفاوض مع الدول األخرى‪.‬‬

‫في النظم الديموقراطية‪ ،‬يكون هناك فصل للسلطات بين السلطة التشريعية‪ ،‬السلطة القضائية والسلطة‬
‫التنفيذية أي الحكومة وهذا يدخل في إطار توازن السلطات‪ ،‬من أجل ضمان توازن القوى والحد من‬
‫التجاوزات‪ .‬وبخصوص المغرب يعتبر نظامه السياسي ملكي برلماني ديموقراطي‪ ،‬تلعب فيه الحكومة‬
‫دورا هاما في تحقيق غايات المجتمع على مستوى جميع األصعدة‪.‬‬

‫يكمن دور الحكومة في تمثيل مصالح المواطنين وضمان استجابة الدولة الحتياجاتهم ومطالبهم األساسية‪.‬‬
‫فهي تتدخل في االقتصاد من خالل سياسات تشجيع النمو االقتصادي وتوفير فرص العمل وتطوير البنى‬
‫التحتية‪ ،‬كما تعمل على تحقيق العدالة االجتماعية من خالل توفير الفرص بشكل متساو لجميع فئات‬
‫المجتمع والحفاظ على حقوق االنسان والتصدي للظلم والتمييز‪ .‬كما تعمل الحكومة على توجيه وإدارة‬
‫الجهاز اإلداري للدولة والمؤسسات الحكومية‪ ،‬باإلضافة الى الحفاظ على الكفاءة والنزاهة‪.‬‬

‫اذن فالحكومة تعد عمودا فقريا للتنمية االقتصادية واالجتماعية والسياسية من توفير للخدمات األساسية‬
‫وتوجيه السياسات العامة‪ ،‬وضمان االستقرار والتطور في المجتمع‪ ،‬و هي بعض األمور الرئيسية التي‬
‫تجعل دور الحكومة حيويا وحاسما في السياقين االجتماعي والسياسي‪ ,‬كما تعمل في ظل التغيرات بيئية‬
‫داخلية وخارجية متنوعة وشديدة التعقيد وهو ما يفرض عليها التكيف مع متطلبات العصر بكل ابعاده‬

‫‪2‬‬
‫لتتحول من نظام تقليدي الى نظام عصري وفق فلسفة سياسية إدارية حديثة‪ ،‬وكذا صنع سياسات عمومية‬
‫جديدة مواكبة للمتغيرات الحاصلة بشتى المستويات وفي كل المجاالت‪.‬‬

‫تعتبر عملية صنع السياسة العمومية من الوظائف الحكومية الهامة والمعقدة في ان واحد لذلك اكتسبت‬
‫أهمية متنامية لدى الدول بصفة عامة والمغرب بصفة خاصة‪ .‬وذلك لالعتقاد السائد بان السياسات هي من‬
‫اهم محددات النمو والتطور في جميع األصعدة ألي دولة‪.‬‬

‫ومن هنا نطرح االشكال التالي‪ ،‬ما هو دور الحكومة المغربية في إعداد السياسات العمومية؟‬

‫يمكننا اإلجابة على هذا االشكال بالتطرق الى مطلبين‪ ،‬األول مدى تجويد مؤسسة الحكومة من خالل‬
‫الدساتير السابقة ودستور‪ .2011‬والثاني يسلط الضوء على دور الحكومة في صنع السياسات العمومية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مدى تجويد مؤسسة الحكومة من خالل الدساتير السابقة ودستور‬
‫‪2011‬‬

‫كانت تعتبر الحكومة في النظام السياسي المغربي قبل دستور فاتح يوليوز‪ 2011‬وفي جميع الدساتير‬
‫السابقة جهازا معينا للملك على تنفيذ السياسات العامة‪ ،‬وباعتبارها جهازا يملك السلطة التنظيمية ويحيك‬
‫معظم القوانين وينفلت من الرقابة السياسية الفعلية للبرلمان من جهة‪ ،‬في حين يراعي المراقبة الملكية من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬حيث كان الملك هو رئيس السلطة التنفيذية‪ ،‬يملك سلطة تنظيمية مهمة فكأن الحكومة كانت‬
‫جزءا من السلطة التنفيذية‪ ،‬كما أنها كانت مسؤولة أمام رئيسها‪.‬‬

‫وقد كانت الحكومة حسب إيفاد الفصل ‪ 59‬من دستور ‪ 1996‬تتكون من الوزير األول والوزراء‪ ،‬دون أي‬
‫ذكر لكتاب الدولة‪ ،‬فاذا كان بإمكاننا ان ندرج ضمن فئة الوزراء‪ :‬وزراء الدولة‪ ،‬الوزراء والوزراء‬
‫المنتدبون‪ ،‬فإن مسألة كتاب الدولة قد طرحت إشكاال دستوريا يتعلق بمدى اعتبارهم من ضمن الجهاز‬
‫‪1‬‬
‫الحكومي‪ ،‬أي كفئة من الوزراء أم ال؟‬

‫وقد أتى دستور‪ 2011‬ليحسم كل تلك النقاشات الفقهية الدستورية‪ ،‬باعتبار كتاب الدولة ضمن فئة أعضاء‬
‫الحكومة‪ ،‬حيث نص في فصله السابع والثمانين على أنه‪ »:‬تتألف الحكومة من رئيس الحكومة والوزراء‪،‬‬
‫ويمكن أن تضم كتابا للدولة «‪ .‬وهو ما يعني ضمنيا اعتبار الوزراء المنتدبين هم كذلك أعضاء في الحكومة‬
‫‪2‬‬
‫لكونهم يدخلون ضمن فئة الوزراء‪ ،‬وهم أحق بذلك من كتاب الدولة‪.‬‬

‫وفي النظام الدستوري المغربي عرفت مكانة الحكومة تطورا مهما مع توالي التحوالت الدستورية حيث‬
‫يمكن التمييز بين مرحلتين أساسيتين‪ ،‬مكانة الحكومة قبل دستور‪ 2011‬ومكانتها في دستور ‪.2011‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مكانة مؤسسة الحكومة من خالل الدساتير السابقة ودستور‪2011‬‬

‫لقد وجد المغرب نفسه بعد االستقالل مدعوا لتسيير الحياة السياسية المغربية في غياب أي دستور ينظم سير‬
‫المؤسسات السياسية بالبالد‪ ،‬فكان البد من تعيين جهاز يشرف على تسيير الشأن العام تحت إشراف الملك‪،‬‬

‫‪ 1‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪- 104‬ماي يونيو ‪.2012‬‬


‫‪ 2‬الدستور المغربي ‪ , 2011‬الفصل ‪87‬‬
‫‪4‬‬
‫تسمى الوزارة على رأسها وزير يدعى (رئيس الوزارة) وذلك بتاريخ ‪ 7‬دجنبر ‪ 1955‬حيث تألفت الحكومة‬
‫الوطنية األولى في عهد االستقالل الواقعي ولو أن التوقيع الرسمي على استقالل المغرب لم يكن إال في ‪2‬‬
‫مارس ‪.1956‬‬

‫فمنذ االستقالل وحتى دستور ‪ 1962‬لم تكن الحكومة المغربية تحتل المكانة الالئقة بها‪ ،‬فقبل دسترة الحياة‬
‫السياسية المغربية وإلى حدود الحكومة الخامسة المعينة بتاريخ ‪ 27‬ماي ‪ 1960‬والممتدة إلى غاية ‪ 6‬ماي ‪1‬‬
‫‪ 961‬لم تتحدث الظهائر الشريفة عن الحكومة‪ ،‬وإنما كانت تتحدث فقط عن الوزارة‪ ،‬حيث كان الظهير‬
‫الشريف في تأسيس الحكومة المغربية ينص في فصله األول على أنه‪( :‬تتألف تحت إشرافنا وزارة مركبة‬
‫من تسعة عشرة وزير ومن كاتبين اثنين للدولة‪ .‬ومع مجيء الحكومة الخامسة التي ترأسها صاحب السمو‬
‫الملكي ولي العهد آنذاك الحسن الثاني‪ ،‬تم الحديث عن حكومة وليس وزارة‪ ،‬فقد نص الفصل األول على ما‬
‫يلي‪ :‬تتألف تحت رئاسة جنابنا الشريف حكومة يسيرها ولي عهدنا نائب رئيس الحكومة وتضم ما يأتي‪":3‬‬

‫لقد أتى دستور فاتح يوليوز ‪ 2011‬في سياق التحول الكبير الذي عرفه الفكر السياسي العربي‪ ،‬نتيجة‬
‫الحراك االجتماعي الذي أفرزته فسحة الربيع السياسي العربي‪ ،‬حيث سارع جاللة الملك محمد السادس إلى‬
‫استباق كل عدوى قد تصيب المغرب في هذا المجال‪ ،‬فأعلن عن تعديل الدستور المغربي في خطاب ‪9‬‬
‫مارس ‪ 2011‬التاريخي الذي أخمد شرارة الحراك االجتماعي‪ ،‬والذي قال في مقتطف منه‪ ...( :‬كما أن‬
‫إدراكنا العميق لجسامة التحديات‪ ،‬ولمشروعية التطلعات‪ ،‬ولضرورة تحصين المكتسبات‪ ،‬وتقويم‬
‫االختالالت‪ ،‬ال يعادله إال التزامنا الراسخ بإعطاء دفعة قوية لدينامية اإلصالح العميق‪ ،‬جوهرها منظومة‬
‫دستورية ديمقراطية‪ .‬ولنا في قدسية ثوابتنا‪ ،‬التي هي محط إجماع وطني‪ ،‬وهي اإلسالم كالدين للدولة‪،‬‬
‫الضامنة لحرية ممارسة الشعائر الدينية‪ ،‬وإسارة المؤمنين‪ ،‬والنظام الملكي‪ ،‬والوحدة الوطنية والترابية‪،‬‬
‫والخيار الديمقراطي الضمان القوي» واألساس المتين‪ ،‬لتوافق تاريخي‪ ،‬يشكل ميثاقا جديدا بين العرش‬
‫والشعب ومن هذا المنطلق المرجعي الثابت‪ ،‬قررنا إجراء تعديل دستوري شامل»‪ ،‬وقد شكل الدستور‬
‫الجديد قطيعة من جميع الدساتير السابقة في مجال مؤسسة الحكومة في النظام السياسي المغربي‪ ،‬حيث‬
‫أصبحت جهازا مستقال عن المؤسسة الملكية‪ ،‬تتمتع بمكانة مهمة‪.‬‬

‫إن أول ما يستدعي انتباهنا عند التطرق للمقتضيات الدستورية المتعلقة بمؤسسة الحكومة‪ ،‬المضمنة في‬
‫الباب الخامس من دستور فاتح يوليو ‪ 2011‬هو الرقي بهذه المؤسسة إلى مستوى السلطة التنفيذية‪ ،‬حيث‬
‫وألول مرة في التاريخ السياسي الدستوري المغربي يقع االعتراف لجهاز الحكومة في الدساتير السابقة‪،‬‬

‫‪ 3‬المجلة المغربي لإلدارة المحلية ة التنمية‪ ،‬عدد ‪ , 104‬ماي‪-‬يونيو ‪ 2012‬الصفحة ‪109‬‬


‫‪5‬‬
‫بأنه أصبح سلطة تنفيذية مستقلة بمقتضى التعبير الدستوري الجديد‪ ،‬وقد تمت عنونة الباب الخامس‪:‬‬
‫بالحكومة ب (السلطة التنفيذية)‪ .‬وبالتالي لم تعد الحكومة مجرد جهاز تنفيذي يعين الملك على تحمل أعباء‬
‫الدولة‪ ،‬بل أصبحت تمارس السلطة التنفيذية بشكل فعلي‪ -‬ولو من خالل المقتضيات الدستورية ‪ -‬كما أكد‬
‫ال تمارس الحكومة السلطة التنفيذية‪)...‬‬
‫ذلك الفصل ‪ 89‬من الدستور الذي نص على أنه ‪( :‬‬

‫لقد أحدث الدستور المغربي الجديد ثورة دستورية‪ ،‬بنصه على أن الحكومة سلطة تنفيذية‪ ،‬وهوما يعني‬
‫أساسا الحسم الدستوري مع مرحلة ثنائية الجهاز التنفيذي‪ ،‬التي كانت تتمثل في الملك من جهة والوزير‬
‫األول من جهة أخرى‪ ،‬والتوجه أكثر نحو الملكية البرلمانية وهكذا لم يعد الجهاز التنفيذي المغربي برأسين‬
‫كما كان يعاب عليه في السابق‪ ،‬وإنما أصبحت الحكومة جهاز تنفيذي مستقل يخضع لسلطة رئيس‬
‫الحكومـة‪ .4‬ذلـك مـا تم التعبـير عنـه في الفقـرة الثانيـة من الفصـل ‪ 89‬الـذي نص على أنـه‪(:‬تعمـل الحكومـة‪ ،‬تحت‬
‫سلطة رئيسها على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين‪ .‬واإلدارة موضوعة تحت تصرفها‬
‫كما تمارس االشراف والوصاية على المؤسسات والمقاوالت العمومية)‪ .‬إن من النتائج المهمة العتبار‬
‫الحكومة السلطة التنفيذية‪ ،‬التمييز بين مؤسستين كانتا متداخلتين من حيث االختصاصات على مر الدساتير‬
‫المغربية السابقة على دستور‪ ،2011‬ويتعلق األمر بالمؤسسة الملكية‪ ،‬ومؤسسة الوزير األول والحكومة‪،‬‬
‫حيث كان الوزير األول يأتي في المرتبة الثانية بعد الملك في سلم السلطة التنفيذية‪ ،‬بل كانت الحكومة‬
‫برمتها حكومة جاللة الملك تشتغل تحت إمرته وتوجيهه‪ ،‬أما اليوم فقد غدت األمور واضحة باعتبار رئيس‬
‫الحكومة هو الرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي‪ ،‬الذي هو الحكومة‪ ،‬فهو الذي يمارس السلطة التنظيمية‬
‫بمقتضى الفصل ‪ ,90‬من الدستور الجديد‪ ،‬ويمكن أن يفوض بعض سلطه الى الوزراء اما الملك فلم يعد‬
‫الرئيس الفعلي و المباشر للسلطة التنفيذية و انما هو رئيس الدولة ‪ ،‬و ممثلها االسمى‪ ،‬ورمز االمة‪ ،‬وضامن‬
‫دوام الدولة و استمرارها‪ ،‬والحكم االسمى بين مؤسساتها‪ ،‬يسهر على احترام الدستور‪ ،‬وحسن سير‬
‫المؤسسات الدستورية‪ ،‬وعلى صيانة االختيار الديموقراطي‪ ،‬وحقوق وحريات المواطنين و المواطنات‬
‫والجماعات‪ ،‬وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة‪ .‬وبالتالي مهام الملك أصبحت أكثر رمزية بحيث ال‬
‫تختلف عن مهام رؤساء الدول في الديموقراطيات الحديثة‪ ،‬فبعد ان كان الفصل ‪ 19‬من الدستور المغربي‬
‫لسنة ‪ 1996‬والذي يفتتح به الباب الثاني الخاص بالملكية ينص على ان ((الملك امير المؤمنين والممثل‬
‫األسمى لالمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها‪ ،‬وهو حامي حمى الدين والساهر على‬
‫احترام الدستور‪ ،‬وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات‪ .‬وهو الضامن الستقالل البالد‬
‫وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة)‪.‬‬

‫‪ 4‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ 104‬ماي‪-‬يونية ‪ 2012‬الصفحة ‪.119‬‬


‫‪6‬‬
‫إن استقاللية مؤسسة الحكومة عن المؤسسة الملكية والرفع من مكانتها في النظام السياسي المغربي‪ ،‬يزكيه‬
‫كذلك ترسيخ مبادئ المنهجية الديمقراطية التي جاء بها الدستور الجديد في مجال تعيين الحكومة وتنصيبها‪،‬‬
‫حيث أصبحت صناديق االقتراع المتحكم الوحيد في اختيار رئيس الحكومة‪ ،‬الذي يقوم باختيار الطاقم‬
‫الوزاري الذي سيعمل إلى بجانبه‪ ،‬وبالتالي ربط المسؤولية بمبدأ المحاسبة‪ ،‬التي تكون كذلك عن طريق‬
‫صناديق االقتراع‪ .‬وهكذا فقد نص الفصل السابع واألربعون من الدستور الجديد لفاتح يوليوز ‪ 2011‬على ما‬
‫يلي‪( :‬يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب‪ ،‬وعلى‬
‫أساس نتائجها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فرئيس الحكومة بالمغرب أصبح يحكم بمقتضى تفويض شعبي‪ ،‬تزكيه موافقة‬
‫المؤسسة الملكية التي أصبحت ملزمة بنتائج صناديق اقتراع مجلس النواب في اختيارها لمن سيتحمل‬
‫مسؤولية تسيير الشأن العام‪ ،‬كما أن الحكومة أصبحت ملزمة بعد تعيينها‪ ،‬وقبل الشروع في أداء مهامها‪،‬‬
‫بالتوجه للبرلمان قصد أخذ اإلذن من مجلس النواب لالنطالق في ممارسة اختصاصاتها‪ ،‬حسب جديد‬
‫المقتضيات الدستورية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التشكيل الحكومي‪.‬‬

‫تتألف الحكومة من رئيس الحكومة والوزراء‪ ،‬ويمكن أن تضم كتابا للدولة‪ُ .‬يحدد قانون تنظيمي‪ ،‬خاصة‪،‬‬
‫القواعد المتعلقة بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني ألعضائها‪ .‬كما يحدد هذا القانون‬
‫التنظيمي أيضا حاالت التنافي مع الوظيفة الحكومية‪ ،‬وقواعد الحد من الجمع بين المناصب‪ ،‬والقواعد‬
‫الخاصة بتصريف الحكومة لألمور الجارية‪( .‬الفصل ‪ 87‬من الدستور) أي يتعين على أعضاء الحكومة أن‬
‫يتوقفوا طوال مدة مزاولتهم مهامهم عن ممارسة أي نشاط مهني أو تجاري في القطاع الخاص‪ ،‬والسيما‬
‫مشاركتهم في أجهزة تسيير أو تدبير أو إدارة المنشئات الخاصة‪ ،‬الهادفة إلى الحصول على ربح‪ ،‬وبصفة‬
‫عامة كل نشاط قد يودي إلى تنازع المصالح باستثناء األنشطة التي ينحصر غرضها في اقتناء مساهمات‬
‫في رأس المال وتسيير القيم المنقولة‪. 5‬‬

‫إن قبل دستور‪ ،2011‬لم يكن تعيين الوزير األول (رئيس الحكومة بالمفهوم الحالي) خاضعا ألي قاعدة‬
‫دستورية إذ ليس شرط أن يكون من حزب األغلبية‪ ،‬أو يكون منتميا ألي حزب‪ .‬األمر الذي جعل للملك‬
‫الحرية في تعيين الوزير األول ليس من الحزب الذي لم يتصدر نتائج انتخابات مجلس النواب‪ .‬وإنما تعيين‬
‫شخصية من خارج األحزاب‪ ،‬حيت لم يكن اختصاص التعين مقيد طيلة التعديالت الدستورية السابقة‪،‬‬
‫فمنطوق الفصل ‪ 24‬ابتداء من دستور‪ ،1962‬إلى المراجعة الدستورية لسنة ‪ ،1996‬عزز الحرية‬

‫‪ 5‬ق‪.‬ت ‪ 13-056‬المتعلق بتنظيم وتسيير اشغال الحكومة والوضع القانوني ألعضائها‬


‫‪7‬‬
‫الدستورية للملك في اختيار وتعيين الوزير األول دون الرجوع إلى أي فاعل سياسي أو برلماني‪ ،‬وهو ما‬
‫تعزز من خالل الحكومات المتعاقبة التي تقلد مهام رئاستها‪ ،‬أشخاص ال ينتمون ألي حزب سياسي‪ ،‬األمر‬
‫الذي عبر عنه الراحل الحسن الثاني بقوله ” إن تعيين الوزير األول حق ملكي دستوري” معتبرا أن حياد‬
‫منصب الوزير األول ضروري لنجاح العمل الحكومي‪ ،‬وهو ما سار عليه الملك محمد السادس من خالل‬
‫تعيين إدريس جطو وزيرا أوال بعد انتخابات ‪ 27‬شتنبر ‪ ، 2007‬وهو ما كان يؤشر على أن للملك مطلق‬
‫السلطة التقديرية في اختيار الوزير األول وباقي أعضاء الحكومة‪ ،‬في معزل عن أي تقييد بالمبدأ البرلماني‬
‫أو غيره‪ .‬وهو ما كان يفقد العملية االنتخابية وظيفتها الديمقراطية‪ ،‬حينما ال تؤدي بالحزب الحاصل على‬
‫المرتبة األولى في انتخابات مجلس النواب‪ ،‬إلى تقلد مهام الوزير األول لتنزيل البرنامج إلى صوت الناخبين‬
‫عليه‪ ،‬كما أن تعيين وزير أول من خارج الحقل الحزبي يطرح إشكالية المسائلة السياسية له وكيف يمكن‬
‫محاسبته انتخابيا في حال لم يتمكن من إنجاز برنامجه‪ ،‬كلها مسوغات جعلت األحزاب السياسية والطيف‬
‫الحقوقي والمجتمع المدني يدعو إلى ضرورة الرفع من المكانة الدستورية للوزير األول‪ ،‬وهو ما توضحت‬
‫مالمحه مع اإلصالح الدستوري ل ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬الذي اعتمد مطلب تعيين رئيس الحكومة من الحزب‬
‫المتصدر لنتائج االنتخابات مجلس النواب‪ ،‬و الذي تم تضمينه في مقتضيات الفقرة األولى من الفصل ‪” 47‬‬
‫أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب‪ ،‬وعلى‬
‫أساس نتائجها‪ ”.‬وهو ما يدل على بروز مؤشرات انبعاث المظهر البرلماني في تشكيل الحكومة كمبدأ‬
‫تعارفت عليه جل األنظمة الدستورية والسياسية المقارنة‪ ،‬التي ترتكز على المسؤولية السياسية للحكومة‬
‫‪.‬أمام البرلمان‪ ،‬والتي ظلت غائبة في تشكيل الحكومات في ظل الدساتير السابقة‬

‫بعد تعيين رئيس الحكومة يقوم بعقد مشاورات مع األحزاب المتوافقة مع توجهات حزبه السياسي بهدف‬
‫تشكيل حكومة متجانسة‪ ،‬متماسكة ومتضامنة‪ .‬بحيث يكون بمقدورها تحقيق األهداف االقتصادية‪،‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬وسياسية للبالد‪.‬‬

‫لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر‪ ،‬من أعضاء الحكومة‪ ،‬بناء على استقالتهم‪،‬‬
‫الفردية أو الجماعية‪ ،‬يترتب عن استقالة رئيس الحكومة إعفاء الحكومة بكاملها‪ .‬وتواصل الحكومة المنتهية‬
‫مهامها‪ ،‬تصريف األمور الجارية إلى غاية اليات الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي‪ .‬بالرجوع‬
‫بمقتضيات الدستور المغربي الجديد نجده يتضمن النص على مجموعة من المقتضيات الجديدة المتعلقة‬
‫بعمل مختلف المؤسسات الدستورية والتي لم تكن واردة في الدساتير المغربية السابقة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ففي مجال السلطة التشريعية أصبح الدستور المغربي الجديد ينص على أن يمس البرلمان السلطة التشريعية‬
‫وذلك بعدما كانت هذه األخيرة في الدساتير المغربية السابقة موزعة بين الملك والبرلمان والحكومة‪.‬‬
‫فالتشريع في الدستور ‪ 2011‬أصبح اختصاصا شبه حصري للبرلمان حيث توسع مجال القانون ليرتفع من‬
‫‪30‬مجاال في دستور ‪ 1996‬الى أكثر من‪ 60‬مجاال في دستور ‪ .2011‬وعرف توسع اختصاصات البرلمان‬
‫في مجال التشريع توسعا موازيا في مجال الرقابة على العمل الحكومي وهذا ما يتجلى بشكل صريح من‬
‫خالل المقتضيات التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬التنصيب البرلماني للحكومة‪:‬‬


‫بالرجوع للمقتضيات الدستور فاتح يوليوز ‪ ،2011‬يتبين بأن ممارسة الحكومة لمهامها طبقا للدستور‪ ،‬ال‬
‫يمكن أن تتم إال بعد تقديم البرنامج الحكومي أمام مجلسي البرلمان والحصول على ثقة األغلبية المطلقة‬
‫لألعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب‪ .‬وهذا الشرط الدستوري يجعل من تعيين الملك لرئيس الحكومة‬
‫وأعضاء الحكومة‪ ،‬مجرد إجراء أولي‪ ،‬يحتاج إلى ضرورة إتمامه بإجراء تنصيب البرلمان للحكومة‪ .‬وفي‬
‫هذا السياق تجدر اإلشارة إلى الفرق الدستوري بين التعيين والتنصيب‪ ،‬فطبقا للدستور (الفصل ‪ " )47‬يعين‬
‫الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب‪ ،‬و على أساس‬
‫نتائجها‪ ،‬يعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها " و هذا ما قام به فعال الملك حينما كلف عبد اإلله بن‬
‫كيران بتشكيل الحكومة‪ ،‬ثم يوم الثالثاء ‪ 3‬يناير ‪ ،2012‬تعيين رئيس و أعضاء الحكومة بشكل رسمي‬
‫بالقصر الملكي بالرباط‪ ،‬و هذه اإلجراءات هي فقط مجرد تعيين‪.‬‬

‫أما التنصيب‪ ،‬فال يكون من قبل الملك‪ ،‬وإنما هو من اختصاص مجلس النواب‪ ،‬الذي له الحق في التصويت‬
‫على برنامج الحكومة التي يتولى رئيسها تقديمه أمام البرلمان بمجلسيه مجتمعين في جلسة واحدة (الفصل‬
‫‪ 88‬من الدستور ‪ .)2011‬وبناءا على نتيجة التصويت يمكن للحكومة أن تباشر عملها طبقا للدستور في‬
‫حالة التصويت لفائدة البرنامج الحكومي باألغلبية لألعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب‪ .‬فرئيس‬
‫الحكومة يجب عليه أن يتقدم للملك باستقالة الحكومة استقالة جماعية‪ ،‬في هذه الحالة يمكن تكليف نفس‬
‫رئيس الحكومة بشكل حكومة جديدة وصياغة برنامج حكومي جديد‪ ،‬كما يمكن اللجوء لخيارات أخرى‪.‬‬

‫وبناءا على ما سبق‪ ،‬يمكن القول بأن التأويل الديموقراطي لدستور ‪ ،2011‬يفترض أن ال تبدأ الحكومة‬
‫‪6‬‬
‫الجديدة في ممارسة مهامها الدستورية إال بعد الحصول على ثقة مجلس النواب‪.‬‬

‫‪ 6‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة ((مواضيع الساعة))‪ ،‬عدد ‪ 2013 ،82‬صفحة‪12:‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ .2‬طلب الثقة‪:‬‬
‫بهدف التأكد من مواصلة األغلبية البرلمانية‪ ،‬دعمها للعمل الحكومي‪ " ،‬يمكن لرئيس الحكومة أن يربط‪،‬‬
‫لدى مجلس النواب‪ ،‬مواصلة الحكومة تحمل مسؤولياتها بتصويت بمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في‬
‫موضوع السياسة العامة‪ ،‬أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه "‪ .‬و واضح من خالل هذه المقتضيات‪ ،‬بأن‬
‫طلب الثقة يكون بمبادرة من رئيس الحكومة‪ ،‬لكن الموافقة عليها تكون فقط أمام مجلس النواب دون مجلس‬
‫المستشارين‪ ،‬و السبب في ذلك يرجع لكون الدستور يجعل مجلس النواب هو المختص بتنصيب الحكومة‬
‫بعد عرض البرنامج الحكومي مباشرة بعد التعيين الملكي لرئيس و أعضاء الحكومة‪ .‬وقد نص المشروع‬
‫الدستوري في الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل ‪ 103‬من الدستور الجديد على شروط التصويت على‬
‫طلب الثقة‪ ،‬حيث "ال يمكن سحب الثقة من الحكومة‪ ،‬أو رفض النص‪ ،‬إال باألغلبية المطلقة لألعضاء الذين‬
‫يتألف منهم مجلس النواب" و "ال يقع التصويت اال بعد مضي ثالثة أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة‬
‫الثقة"‪ .‬وقد رتب المشروع الدستوري على سحب الثقة‪ ،‬ضرورة تقديم الحكومة الستقالتها بشكل جماعي‪،‬‬
‫وهذا ما يجعل من اللجوء لطلب الثقة أمرا خطيرا جدا‪ ،‬تترتب عنه مسؤولية سياسية كبيرة‪ .‬ولكن في‬
‫الممارسة العلمية‪ ،‬ومادام طلب الثقة أمر اختياري غير إجباري‪ ،‬فإن رئيس الحكومة لن يلجأ عمليا لطلب‬
‫الثقة إال إذا كان متأكدا من موافقة األغلبية المطلقة ألعضاء مجلس النواب على التصريح أو النص الذي‬
‫يتقدم به أمام مجلس النواب‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن هذا اإلجراء نضمته الدساتير السابقة‪ ،‬ولكن لم يسبق‬
‫‪7‬‬
‫ألي وزير أول سابق أن استعمله‪.‬‬

‫‪ .3‬ملتمس الرقابة‪:‬‬
‫اذا كان طرح الثقة يتم بمبادرة من رئيس الحكومة‪ ،‬فإن ملتمس الرقابة يكون بمبادرة من مجلس النواب‬
‫بناءا على مقتضيات الفصل ‪ 105‬من الدستور‪ ،‬الذي يصرح على أن " لمجلس النواب يعارض في مواصلة‬
‫الحكومة تحمل مسؤوليتها‪ ،‬بالتصويت على ملتمس الرقابة‪ ،‬وال يقبل هذا الملتمس إال إذا وقعه على األقل‬
‫خمس األعضاء الذين يتألف منهم المجلس" و "ال تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس‬
‫النواب‪ ،‬إال بتصويت األغلبية المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم " و "‬
‫ال يقع التصويت إال بعد مضي ثالثة‬
‫أيام كاملة على إيداع الملتمس‪ ،‬و تؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية"‬
‫و " إذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة‪ ،‬فال يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه‪،‬‬
‫طيلة سنة"‪.‬‬

‫‪ 7‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة ((مواضيع الساعة))‪ ،‬عدد ‪ 2013 ،82‬صفحة ‪14‬‬
‫‪10‬‬
‫ويبدو من خالل هذه المقتضيات بأن مجلس النواب‪ ،‬والذي يتم انتخابه عن طريق االقتراع العام المباشر‪،‬‬
‫ويتولى تنصيب الحكومة من خالل الموافقة على برنامجها الحكومي‪ ،‬يتوفر على سلطات دستورية هامة‬
‫في إطار الرقابة على العمل الحكومي‪ .‬ويعد ملتمس الرقابة من أهم وأخطر االليات التي يملكها البرلمان في‬
‫هذا الصدد‪ ،‬وذلك بالنظر لما يترتب عن إعماله من نتائج سياسية خطيرة‪ ،‬تتجلى أساسا في إنهاء الوجود‬
‫القانوني للحكومة‪ ،‬حيث تكون هذه األخيرة ملزمة من الناحية الدستورية بتقديم استقالة جماعية‪ ،‬و ذلك في‬
‫حالة توفر الشروط القانونية المنصوص عليها في مقتضيات الدستور‪.‬‬

‫ولكن على الرغم من أهمية ملتمس الرقابة‪ ،‬فإن الشروط القانونية الواجب احترامها إلعماله‪ ،‬تعد شروطا‬
‫معقدة‪ ،‬من الصعب أن لم يكن من المستحيل توفرها‪ ،‬ماعدا في حالة وجود انقسام حاد وغياب تام لالنسجام‬
‫داخل األغلبية الحكومية‪ .‬وهذا ما جعل ملتمس الرقابة لم يستعمل سوى مرتين فقط في التاريخ الدستوري‬
‫‪8‬‬
‫للمغرب‪ ،‬ولكنه لم ينجح وذلك لعدم توفر الشروط القانونية المنصوص عليها في الدستور‪.‬‬

‫‪ .4‬لجان تقصي الحقائق‪:‬‬


‫يعد تكوين لجان نيابية لتقصي الحقائق‪ ،‬من أهم اليات الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي‪ ،‬حيث " يناط‬
‫بها جميع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة‪ ،‬أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاوالت العمومية‪،‬‬
‫وإطالع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها "‪ .‬فطبقا لمقتضيات الدستور‪ ،‬يحق لكل ثلث أعضاء مجلس‬
‫النواب وثلث أعضاء مجلس المستشارين‪ ،‬إضافة للملك‪ ،‬المبادرة بطلب تشكيل لجان نيابية لتقصي الحقائق‪.‬‬
‫وقد نص المشروع الدستوري في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 67‬على أنه "ال يجوز تكوين لجان نيابية‬
‫لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية‪ ،‬مادامت هذه المتابعات جارية‪ ،‬وتنتهي مهمة كل‬
‫لجنة لتقصي الحقائق‪ ،‬سبق تكوينها فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها"‪ .‬وتنص الفقرة‬
‫الثالثة من لفصل ‪ 67‬على أن " لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها‪ ،‬وتنتهي أعمالها بإيداع تقريرها لدى‬
‫مكتب المجلس المعنٍي ‪ ،‬وعند االقتضاء بإحالته إلى القضاء من قبل رئيس هذا المجلس" و "تخصص جلسة‬
‫‪9‬‬
‫عمومية داخل المجلس المعني لمناقشة تقارير لجان تقصي الحقائق"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صالحيات الحكومة المغربية‬

‫إن هندسة و رسم معالم السياسة العمومية يعتبر و بقوة القانون األسمى في البالد الدستور اختصاصا‬
‫حكوميا صرفا ال مناص منه غير أن إعداد السياسة العمومية من طرف الحكومة يكمن في توسيع قاعدة‬
‫المعنيون بصناعتها من جهات رسمية و أخرى غير رسمية و ذلك بغية االتقائية وحكامة المصالح و‬
‫‪ 8‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة ((مواضيع الساعة))‪ ،‬عدد ‪ 2013 ،82‬صفحة ‪15‬‬
‫‪ 9‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية العدد ‪ 104‬ماي ‪-‬يونية الصفحة ‪16‬‬
‫‪11‬‬
‫نجاعتها ‪ ،.‬لكن التصنيف الذي يتماشى مع الحالة المغربية ومع موضوع هذا البحث الذي ينطلق من اعتبار‬
‫السياسات العمومية فعال حكوميا صرفا مهما كانت الجهات التي تتدخل من اجل التأثير بها‪ ،‬او التي يتم‬
‫طلب رأيها في صياغتها‪ ،‬فان الحكومة تظل مسؤولة عن وضع سياساتها وتنفيذها‪ ،‬كما انها مسؤولة ايضا‬
‫امام البرلمان في إطار تقييمها لبرنامجها الحكومي‪.‬‬
‫إن السياسات العمومية بمقتضى الدستور فعال حكوميا باإلضافة حيث ينص الفصل ‪ 92‬منه على يتداول‬
‫مجلس الحكومة‪ ،‬تحت رئاسة رئيس الحكومة في القضايا والنصوص التالية‪ .‬السياسة العامة للدولة قبل‬
‫عرضها على المجلس الوزاري السياسات العمومية فردا كان دور الحكومة مهمشا في الدساتير السابقة‬
‫باإلضافة فان الدستور الحالي قد منحها صالحيات واسعة بما فيها التداول بالمجلس الحكومي في السياسات‬
‫العمومية الشيء الذي اعطاها قوة وفاعلية وسلطة من أجل تنفيذ برنامج عملها‪ ،‬والتفاعل مع المشاكل‬
‫المجتمعي‪ ،‬بهذا الخصوص للتدخل الحكومة عن طريق السياسات العمومية من اجل تنفيذ برنامجها حيث‬
‫يعثر ان هناك تطابق بين السياسة االنتخابية التي تنظم التنافس السياسي االنتخابي‪ ،‬وما تفرزه من اغلبية‬
‫للتشكيل الحكومة حيث الناخبين هم الذين يختارون بين المشاريع المتنافسة والتي يتعين على الحكومة‬
‫تطبيقها في صورة سياسات عمومية‪ ،‬كما نجد الحكومة تتدخل عن طريق السياسات العمومية من اجل تقديم‬
‫االجوبة لمشاكل الناس من هذا المنظور تعمل الحكومة وفق عمليات تدبير سياسات المشاكل‪ ،‬مما يجعل في‬
‫هذه الحالة اعضاء الحكومة مجرد فاعلين كباقي الفاعلين االخرين‪ ،‬الشيء الذي يجعل السياسات العمومية‬
‫خاضعة للتفاعل والتفاوض‪ ،‬وتبادل الترضيات بين مختلف المتدخلين بعيدا عن المنطق االنتخابي‪ ،‬ورغم‬
‫ان السياسات العمومية فعل حكومي‪ ،‬فهذا ال يعني ان الحكومة تعمل لوحدها وبشكل منفرد عند وضع وتنفيذ‬
‫السياسات العمومية‪ ،‬بل انها تخضع لضغط بعض الفاعلين األخرين مما تسمح لهم بالتدخل اما في توجيه‬
‫اهداف السياسات العمومية‪ ،‬او في التأثير عليها حسب قوة ضغطهم‪ ،‬واآلليات المستعملة في ذلك‪ ،‬كما من‬
‫المفروض ان يكون هذا النوع من التدخالت العمومية منسجما مع التدخالت العمومية االسمى منها مرتبة‬
‫والمتمثلة في االساس في التوجهات االستراتيجية والسياسية العامة للدولة‪ .‬بهذا الخصوص‪ ،‬تعد السياسات‬
‫العمومية فعال حكوميا صرفا‪ ،‬حيث يمنح الدستور للحكومة اتخاذ القرارات بشأنها واعطائها القوة القانونية‬
‫االمرة رغم تدخل بعض الفاعلين على مستوى توجيه اهدافها او التأثير فيها‪ ،‬لكنها تظل عمال حكوميا تعمل‬
‫من خالله الحكومة على تنزيل برنامجها الحكومي من جهة ومن جهة اخرى تتدخل لإلجابة عن مشاكل‬
‫الناس‪ ،‬والتفاعل مع ضغوطات المجتمع واالستجابة لمطالبه المتعددة والمختلفة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬صالحيات عامة‬

‫يضطلع رئيس الحكومة باختصاصات محددة تتجلى في االشراف على اعمال أعضاء الحكومة وتنسيقها‪،‬‬
‫وفي ممارسة السلطة التنظيمية الى جانب التعيين‪.‬‬
‫اإلشراف على الحكومة‪:‬‬
‫يعمل رئيس الحكومة على توجيه وتنسيق عمل مختلف الوزارات ويرجع دالك الى ان تخصص الوزراء‬
‫كل في مجاله‪ ،‬يقتضي تنصيب من يقوم بتوجيه وتنسيق عمل مختلف الوزارات بغية تحقيق انسجام العمل‬
‫الحكومي‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫جاء دستور ‪ 2011‬بتحول نوعي في اختصاصات رئيس الحكومة (الوزير األول قبل ‪ )2011‬ومنحه‬
‫صالحيات مهمة وسلطة تنظيمية وإدارية واسعة‪ .‬فبعد تعيين الملك ألعضاء الحكومة‪ ،‬يتقدم رئيس الحكومة‬
‫امام مجلسي البرلمان مجتمعين‪ ،‬ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه في طار أخذ الثقة‪ .‬ويجب ان يتضمن‬
‫هذا البرنامج الخطوط العريضة للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجاالت النشاط الوطني‬
‫وباألخص في الميادين السياسية واالقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية (الفصل ‪ 88‬من الدستور‪.‬‬
‫وقد تطرقت مجموعة من الفصول من الدستور لهذه الصالحيات‪ ،‬حيث جاء في الفصل ‪" :90‬يمارس‬
‫الرئيس السلطة التنفيذية‪ ،‬ويمكن ان يفوض بضعا من صالحياته الى الوزراء‪.‬‬
‫تعمل الحكومة تحت سلطة رئيسها على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين واإلدارة‬
‫موضوعة تحت تصرفها كما تمارس االشراف والوصاية على المؤسسات والمقاوالت العمومية (الفصل‬
‫‪ 89‬من الدستور)‪.‬‬
‫_يبقى حيز القانون ال يحظر دائما على السلطة التنفيذية التي يمكنها التدخل طبق شروط معينة‪ .‬فيجوز‬
‫لرئيس الحكومة اتخاذ مراسيم قوانين في الفترة الممتدة بين دورات البرلمان‪ .‬إذ يقضي الفسل ‪ 81‬يمكن‬
‫للحكومة أن تصدر خالل الفترة الفاصلة بين الدورات‪ ،‬وباتفاق مع اللجان التي يعنيها األمر في كال‬
‫المجلسين‪ ،‬مراسيم قوانين يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان‪ ،‬خالل دورته العادية‬
‫الموالية‪.‬‬
‫يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية التي يقصد بها في النظرية السياسية والدستورية للدولة على‬
‫مفاهيم واضحة ترتكز على أربعة عناصر‪ :‬وظيفة محددة اختصاصات مقررة سلفا وأجهزة معينة‪ ،‬وقدرة‬
‫ذاتية‪ .‬والسلطات التشريعية والتنفيذية القضائية أمثلة واضحة على ذلك‪.‬‬
‫السلطة التنظيمية‬

‫هاجس التمييز والتدقيق ال يرتبط فقط بالرغبة في التنظيم والترتيب‪ ،‬ولكن أيضا بوضع حدود للسلطة‪ ،‬ليتم‬
‫احتواء كل جهاز داخل دائرة اختصاصات خاصة‪ ،‬بشكل أن مفهوم السلطة يستدعي فصل السلطات‪ .‬أما‬
‫التنظيم (التنظيمية) فيعني تقرير وسن واتخاد ما هو عام ومجرد‪ .‬ومن تم تكون السلطة التنظيمية هي المكنة‬
‫التي تتوفر عليها بعض السلطات اإلدارية إلصدار إجراءات ذات طابع عام ومجرد‪ .‬فحين يقال إن رئيس‬
‫الحكومة يمارس السلطة التنظيمية فمعنى ذلك أنه يتوفر على اختصاص تقرير ووضع ضوابط عامة‬
‫ومجردة‪.‬‬
‫تنقسم السلطة التنظيمية إلى سلطة تقتصر على تنفيذ القوانين وسلطة تنظيمية مستقلة‪.‬‬
‫السلطة التنفيذية لتنفيذ القوانين‪ :‬تنتج السلطة التنظيمية التنفيذ القوانين عن صيغة الفصل ‪ 89‬من الدستور‬
‫‪ :2011‬تعمل الحكومة‪ ،‬تحت سلطة رئيسها‪ ،‬على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين‪.‬‬
‫تمارس السلطة التنظيمية لتنفيذ القوانين بواسطة تدابير تتخذ شكل مراسيم (مقررات تنظيمية كما جاء في‬
‫الفصل ‪ 90‬ومراسيم تنظيمية‪ ،‬كما ورد ‪ 92‬من الدستور)‪٠ ،‬يتخدها رئيس الحكومة موقعة بالعطف من‬
‫طرف الوزراء المكلفين بتنفيذها (الفصل ‪ .)90‬إن طابعها التكميلي للقوانين الصادرة عن البرلمان يجعل‬
‫منها أعلها ال تتسم بالتجريد والعمومية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫السلطة التنظيمية المستقلة‪ :‬تمارس السلطة التنظيمية المستقلة وفقا لنفس الشروط‪ ،‬وهي محددة بمقتضى‬
‫الفصل ‪ 72‬من الدستور ‪ 2011‬يختص المجال التنظيمي بالمواد التي ال يشملها اختصاص القانون‪.‬‬
‫وتتمتع القرارات المتخذة في المجال التنظيمي المستقل باستقاللية عن القوانين الصادرة عن البرلمان مادام‬
‫أن هناك تمايزا على مستوى السلطة الفاعلة وبذلك فإن القرارات التنظيمية المستقلة شأنها شأن القانون‬
‫تتميز بالتجريد والعمومية‪ .‬بحيث إن الحكومة وبواسطة هذه القرارات يمكنها وضع قوعد قانونية شبيهة في‬
‫عمومتها بتلك التي يضعها البرلمان‪.‬‬
‫ممارسة سلطة التعيين في الوظائف‬
‫يمكن لرئيس الحكومة ان يفوض بعض سلطه الى الوزراء‪:‬‬
‫تحمل المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها‬
‫(الفصل ‪ 90‬من الدستور)‬
‫يعين رئيس الحكومة في الوظائف المدنية في اإلدارات العمومية وفي الوظائف السامية في المؤسسات‬
‫والمقاوالت العمومية دون اخالل بأحكام الفصل ‪ 49‬من الدستور المطلب الثاني‪ :‬دور الحكومة المغربية في‬
‫‪10‬‬
‫اعداد السياسات العمومية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬صالحيات الحكومة في إعداد السياسات العامة‬

‫‪ 1‬اختصاصات الحكومة في إعداد السياسات العامة‪:‬‬


‫إن الحكومات على اختالف أنظمتها السياسية ومعتقداتها الثقافية بحاجة إلى مختصين في السياسات‬
‫العمومية لضمان أعلى مردود سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ‪ ،‬ما تتخذه من سياسات وقرارات ‪،‬وخطط‬
‫وأعمال شتى في مسارها العملي وخططها واستراتيجياتها طويلة و قصيرة المدى ‪ ،‬وحتى تحقق ذلك ‪ ،‬فإنه‬
‫ال بد لها من عمل متواصل ومجهودات جبارة بغرض حل المشكالت واالستجابة لمطالب المجتمع‬
‫المتنوعة‪ ،‬ومواجهة التحديات المتزايدة ‪،‬عن طريق صنع السياسات العمومية الهادفة إلى تحقيق المنافع‬
‫العامة التي تخدم جميع أفراد المجتمع وأكبر شريحة منه ‪ ،‬وتحقق سياسات واستراتيجيات الدولة بعيدة‬
‫المدى‪.‬‬

‫فالسياسات العمومية عمل حكومي في األساس وإن اشترك بصنعه جهات رسمية وأخرى غير رسمية‪،‬‬
‫وأحيان تشترك جهات ومنظمات إقليمية ودولية في صنع السياسات العامة لدولة من الدول؛ فالسياسات‬
‫العمومية التي تصنع بطريقة علمية وتعتمد على معلومات موثقة يتم تنفيذها بسهولة ويسر‪ ،‬وتقل احتماالت‬
‫‪11‬‬
‫فشلها؛ مما يؤدي إلى المحافظة على امالك العام ‪ ،‬وتقليل الهدر إلى أدنى مستوياته ‪.‬‬

‫‪ 10‬التنظيم اإلداري‪ ،‬د‪.‬بوجمعة بوعزاوي‪ ،‬الطبعة االولى‪ 2013‬صفحة ‪46,47,48,49‬‬


‫‪ 11‬مجلة القانون الدستوري والعلوم االدارية إصدارات المركز الديم قراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين– العدد‬
‫التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات صفحة ‪ 200‬صناعة السياسات العمومية في‬
‫المغرب ‪ :‬الفاعلون والمؤثرون‬

‫‪14‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬إن إعداد وتنفيذ السياسات العمومية يعد عمل الحكومة اليومي‪ ،‬فنشاطاتها ال تقتصر على‬
‫مجال بعينه‪ ،‬وإنما تضع سياسات للفرد منذ مولده وحتى وفاته‪ ،‬وهي بذلك تنظم مسار حياته وعالقاته مع‬
‫اآلخرين في المجتمع‪ ،‬وكذلك مع المؤسسات الرسمية والمؤسسات غير الرسمية في ذات الوقت؛ لذلك البد‬
‫من تحديد مفهوم السياسات العامة بشكل مختصر قبل الولوج إلى صلب الموضوع‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫السياسات العمومية هي ما ترغب السلطة القيام به وماال ترغب‬ ‫وفي هذا اإلطار عرف " طوماس داي"‬
‫‪13‬‬
‫في القيام به"‬

‫تمر السياسات العمومية بمراحل عدة مراحل أساسية ومتتالية سنجملها في ثالث محطات أساسية‪ ،‬حيث‬
‫سنتطرق لمرحلة ظهور وتشخيص المشكل العمومي‪ ،‬ثم مرحلة طرح الحلول والبدائل‪ ،‬وأخيرا تنفيذ الحل‪،‬‬
‫المتابعة والتقييم‪.‬‬

‫تكتسي مرحلة ظهور المشكل وتشخيصه أهمية خاصة في مراحل السياسات العمومية حيث خاللها يظهر‬
‫المشكل أو وجود طلبات معينة على الصعيد االجتماعي أو االقتصادي وأخرى تمس مراكز أو جماعات‬
‫معينة‪ ،‬حيث يلجأ الفاعلون في هذه المرحلة إلى دراسة المشاكل والطلبات المطروحة لمعرفة المتغيرات‬
‫المتحكمة فيها قبل االنكباب على دراسة الحلول التي يتم اعتمادها لتغطية المشاكل المطروحة‪.14‬‬
‫إن التعريف بالمشكلة يؤثر في نوعية الحلول المقدمة لها كما يؤثر على طبيعة األفكار المتوقعة منها‪ ،‬إذ‬
‫يمكن القول إن تعريف المشكلة يوضح طبيعتها‪ ،‬هل هي موضوع سياسة خارجية أم موضوع محلي؟ هل‬
‫هي مشكلة جديدة أم أنها تطور جديد لمشكلة قائمة أصال؟ باإلضافة انطالقا من مجموعة من اآلليات‬
‫الدستورية نذكر منها على سبيل المثال ال الحصر السياسات القطاعية لحلها حتى تستطيع تقييم آثارها‪،‬‬
‫وبصفة عامة يمكن تعريف المشكلة بأنها حالة أو وضع يفرز عدم رضا عام أو يخلق احتياجات تتطلب‬
‫استيعابها عن طريق حلول حكومية‪.15‬‬
‫وبعدها تأتي المرحلة المباشرة بعد دراسة المشكلة في مختلف أبعادها من طرف الساهرين على اعداد‬
‫مجمل هده المراحل‪ ،‬هناك يتم اتخاد الحلول المالئمة بعد دراسة المشاكل المطروحة ومعرفة األسباب التي‬
‫تكون وراء هذه المشاكل‪ ،‬إذن يمكن القول بأن هذه المرحلة هي مرحلة صناعة الحلول في برامج عمل‬
‫واضحة إلى تقديم حلول عملية واسعة المعالم لكل مشاكل موضوع السياسة‪ .‬حيث يتم االتفاق على تعريف‬
‫المشكلة بصورة واضحة وأنها تتعلق بمسألة التوصل إلى تقديم حلول للمشكلة‪ ،‬فال يمكن القول إذن بأن ثم‬
‫الوصول إلى حلول بديلة‪ ،‬فقد تبعثر المشكلة في هذه المرحلة أو ترجع للمرحلة السابقة على حسب‬
‫الظروف المحيطة من هذه الظروف قدرة الفاعلين على تقديم حلول من ناحية الموارد وإمكانياتها المادية‬
‫والبشرية‪ ،‬فاألمر يتعلق أساسا بمسألة التوصل إلى بدائل لحل المشاكل المطروحة‪ ،‬عبر طرح تساؤالت عن‬
‫ماهي الخطة المناسبة للتعامل مع هذه المشكلة وما هي المنافع وتكاليف الخيارات المطروحة؟ وما هي‬

‫‪12 Mark;Rushefsky;Public policy in the unitede states ;’ edition ;copyright 2008by M.E.Sharpe.Inc.ISBN : 987-0-‬‬
‫‪7656-1664-7 ;P3‬‬
‫‪ 13‬بيير مولر‪ /‬السياسات العمومية ‪/‬ترجمة عبد اماللك احزرير الطبعة ‪ 2018‬ص ‪1.‬‬
‫‪ 14‬كزابري صالح الدين‪ :‬إشكالية التقييم في مجال السياسات العمومية بالمغرب على ضوء القانون ‪ 17.08‬مجلة الفقه والقانون العدد الرابع فبراير‬
‫‪ 2013‬ص ‪2‬‬
‫‪ 15‬الدكتور أحمد مصطفى الحسين‪ :‬مدخل إلى تحليل السياسات العامة سلسلة الكتاب العربي الجامعي المدرسي في العلوم السياسية ص ‪350‬‬
‫‪15‬‬
‫األفكار اإليجابية المتوقعة لكل بديل‪ .16‬وأخيرا تأتي مرحلة تنفيذ والمتابعة والتقييم التي تستدعي تنفيذ البديل‬
‫الذي تم تبنيه أي تحويله إلى نتائج عملية ملموسة‪ ،‬وتشير هده العملية إلى مجموعة من النشاطات‬
‫واإلجراءات التدابير التنفيذية الهادفة لوضع السياسات العامة على أرض الواقع باستخدام الوسائل‬
‫واالمتيازات المادية البشرية في سبيل تحقيق مقاصد السياسات العامة على أرض الواقع باستخدام كافة‬
‫الموارد المتاحة‪ .‬بالنسبة لمرحلة التقييم يمكن اعتباره سعي إلى تقدير أثارها انطالقا من عدة مستويات‬
‫أهمها حجم الموارد الموظفة والنتائج المحققة‪ ،‬ثم اآلثار المتوقعة وغير متوقعة على الشعب‪ ،‬ومع دلك فإن‬
‫تقييم السياسات العمومية يتضمن العديد من التقنيات الدقيقة بتخصصات علمية مختلفة‪ ،‬تأكد أن البرنامج قد‬
‫حقق أهدافه كما هو متوقع منه‪.17‬‬

‫إن الوثيقة الدستورية‪ 20 ،‬قد جاءت بمستجدات أساسية على مستوى العالقة بين المؤسسة التشريعية‬
‫والسياسات العمومية‪ ،‬فالمواطنون والمواطنات أصبح من حقهم وفق شروط يحددها قانون تنظيمي‪ ،‬التقدم‬
‫بملتمسات في مجال التشريع‪.‬‬

‫يتناول المجلس الوزاري في القضايا والنصوص التالية‪:‬‬

‫التوجيهات االستراتيجية لسياسة الدولة‬ ‫●‬

‫مشاريع مراجعة الدستور‬ ‫●‬

‫مشاريع القوانين التنظيمية‬ ‫●‬

‫التوجهات العامة لقانون المالية‬ ‫●‬

‫مشاريع قوانين اإلطار المشار اليها من الفصل ‪ 71‬من الدستور والتي تهم وضع إطار لألهداف‬ ‫●‬
‫األساسية لنشاط الدولة في للميادين االقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية‬
‫مشروع قانون العفو العام‬ ‫●‬

‫مشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري‬ ‫●‬

‫اعالن حاالت الحصار‬ ‫●‬

‫اشهار للحرب‬ ‫●‬

‫مشروع المرسوم المشار اليه في الفصل ‪ 104‬من الدستور‪ ،‬الذي يتعلق أساس بالمرسوم الذي‬ ‫●‬
‫يتخذه رئيس المجلس بعد استشارة الملك ورئيس المجلس ورئيس المحكمة الدستورية وفي هذا‬

‫‪ 16‬أحمد مصطفى الحسين م س ص ‪256‬ـ‪257‬‬


‫‪ 17‬أحمد مصطفى الحسين م س ص ‪259‬‬

‫‪16‬‬
‫السياق يقدم رئيس للحكومة امام مجاس النواب تصريح يتضمن بصفة خاصة دوافع قرار الحل‬
‫وأهدافه‬
‫التعيين باقتراح من رئيس الحكومة‪ ،‬وبمبادرة من الوزير المعني في الوظائف المدنية كوظائف‬ ‫●‬
‫والي بنك المغرب والسفراء والعمال والمسؤولين عن اإلدارات المكلفة باألمن للداخلي‬
‫والمسؤولين عن المؤسسات ة المقاوالت العمومية التي تحدد قامتها بقانون تنظيمي‬
‫يتداول المجلس الحكومي‪ ،‬تحت رئاسة رئيس الحكومة‪ ،‬في القضايا والنصوص التالية‪:‬‬

‫السياسة العامة للدولة قبل عرضها على المجلس الوزاري‪.‬‬ ‫●‬

‫السياسات العمومية‪.‬‬ ‫●‬

‫السياسات القطاعية‪.‬‬ ‫●‬

‫طلب الثقة من مجلس النواب‪ ،‬قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها‪.‬‬ ‫●‬

‫القضايا الراهنة المرتبطة بحقوق اإلنسان وبالنظام العام‪.‬‬ ‫●‬

‫مشاريع القوانين‪ ،‬ومن بينها مشروع قانون المالية‪ ،‬قبل إيداعها بمكتب مجلس النواب دون‬ ‫●‬
‫إخالل باألحكام الواردة في الفصل ‪ 49‬من الدستور‪.‬‬
‫مراسيم القوانين‪.‬‬ ‫●‬

‫مشاريع المراسيم التنظيمية‪.‬‬ ‫●‬

‫مشاريع المراسيم المشار إليها في الفصول ‪ 65‬و‪ 66‬و‪ 70‬من الدستور‪.‬‬ ‫●‬

‫المعاهدات واالتفاقيات الدولية قبل عرضها على المجلس الوزاري‪.‬‬ ‫●‬

‫تعيين الكتاب العامين‪ ،‬ومديري اإلدارات المركزية باإلدارات العمومية‪ ،‬ورؤساء‬ ‫●‬
‫الجامعات والعمداء‪ ،‬ومديري المدارس والمؤسسات العليا‪،‬‬

‫يطلع رئيس الحكومة الملك على خالصات مداوالت مجلس الحكومة‪.‬‬


‫يعتبر الدستور المغربي في فصله ‪ 89‬ان الحكومة هي من يمارس السلطة التنفيذية‪ ،‬لذلك فالباب الخامس‬
‫منه والمعنون ب » السلطة التنفيذية « يتضمن كل ما له عالقة بتأليف الحكومة و تعيينها و صالحياتها و‬
‫‪18‬‬
‫سلطة رئيسها و مجلسها‪.‬‬
‫لكن هذا ال يعني بالتأكيد ان المؤسسة الملكية لم تعد لها عالقة بالسلطة التنفيذية خالل دستور ‪ ،2011‬نعم ان‬
‫فكرة الملكية التنفيذية لم تعد فكرة هيكلة للهندسة الدستورية‪ ،‬كما في السابق لكن في نفس الوقت فان دستور‬
‫‪ 2022‬ليس دستور ملكية برلمانية ينقطع فيها أي تأثير للملك عل التدبير والتوجيه السياسي واالقتصادي‬
‫واالجتماعي للبالد‪.‬‬
‫ذلك ان الوثيقة الدستورية اتجهت نحو تبني صيغة نظام برلماني ثنائي‪ ،‬مما يجعل واقعيا السلطة التنفيذية‬
‫مقسمة بين مؤسستي الملكية والحكومة‪-‬دون ان يعني هذا انتفاء البعد التراتبي في العالقة‪ -‬وهذا مل يتجلى‬
‫في العالقة مع هندسة وصياغة وتنفيذ السياسات العمومية‪.‬‬

‫‪ 18‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة ((مواضيع الساعة))‪ ،‬عدد ‪2013 ،82‬‬
‫‪17‬‬
‫الملك وسلطة التوجه واالشراف االستراتيجي على السياسات العمومية‬
‫فضال عن االختصاصات الحصرية التي يحتكر من خاللها الملك تدبير الصالحيات الدينية المتعلقة بإمارة‬
‫المؤمنين‪ ،‬وعن االختصاصات السيادية والتحكيمية‪ ،‬فانه يمارس باعتبارها رئيسا للدولة سلطة التوجيه‬
‫واالشراف االستراتيجي على السياسات العمومية عبر عديد من االليات الدستورية أهمها‪:‬‬

‫سلطة تعيين رئيس الحكومة‪ ،‬وإمكانية اعفاءه ألي عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة‬ ‫●‬

‫سلطة رئاسة المجلس الوزاري‪ ،‬خاصة ان الدستور قد او كل لهذا المجلس صالحية التداول في‪:‬‬ ‫●‬
‫(التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة)‪( ،‬التوجهات العامة لمشروع قانون المالية)‪ ،‬مشاريع‬
‫لقوانين اإلطار التي تضع إطار لألهداف األساسية انشاط الدولة‪ ،‬في الميادين االقتصادية‬
‫واالجتماعية والبيئية والثقافية‪ ،‬وفي امر التعيينات تلك التي تأتي باقتراح من رئيس الحكومة او تلك‬
‫المتعلقة بالمؤسسات والمقاوالت العمومية واالستراتيجية;‬
‫سلطة مخاطبة االمة والبرلمان;‬ ‫●‬

‫سلطة االطالع غل مداوالت المجلس الحكومي;‬ ‫●‬

‫سلطة ممارسة الصالحية الدبلوماسية المقدرة بمقتضى الفصل ‪ ،55‬حيث الملك هو من يعتمد‬ ‫●‬
‫السفراء لدى الدول والمنظمات‪ ،‬ولديه يعتمد السفراء وممثلو المنظمات الدولية‪ ،‬وهو من يوقع على‬
‫المعاهدات ويصادق عليها مباشرة او بعد الموافقة عليها بقانون;‬
‫سلطة تراس المجلس األعلى للسلطة القضائية‪.‬‬ ‫●‬

‫السياسة العامة والسياسة العمومية‪:‬‬


‫باستقراء مجموع الفصول يتبين بأن مفهوم السياسة العامة يختلف بشكل جوهري عن مفهوم السياسات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫فطبقا لمفصل ‪ 92‬من الدستور المتعمق بالقضايا والنصوص التي تكون موضوع عرض أمام المجلس‬
‫الحكومي‪ ،‬يفرض المشرع الدستوري عرض السياسة العامة على المجلس الوزاري عمى خالف السياسات‬
‫العمومية والسياسات القطاعية التي تعرض فقط أمام أنظار المجلس الحكومي طبقا لنفس الفصل‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك يولي المشرع الدستوري المواضيع التي اعتمد بشأنها تعبير السياسة العامة عناية خاصة‪.‬‬
‫استنادا إلى فصول الدستور دائما نستطيع أن نميز بين مستويين من السياسات‪ ،‬ويتعلق األمر بالسياسات‬
‫العمومية والسياسات القطاعية‪ .‬فالوزراء مسؤولون عن تنفيذ السياسة الحكومية كل في القطاع الكلف به‬
‫طبقا لمفصل ‪ 93-1‬من الدستور‪ ،‬ومن تم فالسياسات القطاعية سياسات مرتبطة بالقطاعات الحكومية‬
‫المختلفة كل بحسب اختصاصه‪ ،‬ويمكنها أن تشكل جزءا من سياسة عمومية الن هذه األخيرة تبقى أشمل‬
‫وأوسع لكونها تسمح بتدخل فاعمين اجتماعيين إلى جانب الفاعل الحكومي الرسمي طبقا لما يقضي به‬
‫منطوق الفصل ‪13‬من الدستور الذي ينص على أنه‪ " :‬تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات لتشاور‪،‬‬
‫قصد إشراك مختلف الفاعلين االجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫اعتمادا هذا التحليل المستند إلى مقتضيات دستور ‪ 2011‬ترتبط السياسات القطاعية بالقطاعات الحكومية‬
‫بحسب تخصص كل قطاع‪ :‬فالقطاع الحكومي المكلف بالماء مثال يعمل عمى إعداد السياسة المائية‪،‬‬
‫والقطاع الحكومي المكلف بالتجهيز يعد السياسة الطرقية‪ ،‬والقطاع الحكومي المكلف بالطاقة يعد السياسة‬
‫الطاقية‪ .....‬وكل سياسة من السياسات المذكورة تبقى سياسة قطاعية تعكس التوجه الحكومي في الموضوع‪.‬‬
‫ولكي تتحول لهذه السياسة القطاعية إلى سياسة عمومية فال بد أن تسمح بتدخل فاعمين اجتماعيين مختلفين‬
‫(حكوميين وغير حكوميين‪.(19‬‬
‫السياسات العمومية والدستور‪ :‬سؤال المرجعيات‬
‫هل يمكن للوثيقة الدستورية خارج الهندسة الشكلية لصالحيات واالختصاصات وتحديد أدوار ووظائف‬
‫السلط والمؤسسات فيما يتعلق بالسياسات العمومية أن تقدم لنا إجابات عن مرجعيات ومضامين هذه‬
‫السياسات‬
‫األكيد أن هده المضامين متروكة لمستوى الممارسة السياسية وطبيعة االختيارات المعبر عنها من طرف‬
‫اإلرادة العامة لمجموع الناخبين لكن من الواضح كدلك أن الدستور يحدد مجموعة من المبادئ المرجعية‬
‫التي تحكم السياسات وتمنحها اختيارات قيمية لهل قوة سمو الدستوري من هده المبادئ يمكن أن ندكر مثال‬
‫مسألة الهوية االختيار الديموقراطي والمرجعية الحقوقية قضية المساواة‪ ،‬االلتزام بالبعد االجتماعي وتأكيد‬
‫التوجه الليبيرالي للسياسات العمومية وحكامتها‪.‬‬
‫‪ 2.1‬المحدد الهوياتي كمرجعية للسياسات العمومية‪:‬‬
‫أهمية و مركزية هدا المحدد تتجلى في أنهم من الناحية النظرية ال يمكن أن نتصور سياسات عمومية ثقافية‬
‫دينية تعليمية أو لغوية أو إعالمية ال تنطلق في بناء مرجعياتها و منطلقاتها القيمية من ما يقرره الدستور‬
‫على مستوى تمثله للهوية الوطنية المبني عل تالحم و تنوع مقوماتها الموحدة بانصهار كل مكوناتها‬
‫العربية اإلسالمية و األمازيغية الصحراوية و الحسانية ‪ ،‬و الفنية بروافدها اإلفريقية و األندلسية و العبرية‬
‫و المتوسطية و المميزة بتبوء الدين اإلسالمي مكانة الصدارة فيها في ظل تشبت الشعب المغربي بقيم‬
‫االنفتاح و االعتدال و التسامح و الحوار ‪.‬‬
‫‪ 2.2‬االختيار الديموقراطي كمنطلقات للسياسات العمومية‪:‬‬
‫شكلت الوثيقة الدستورية لعام ‪ 2011‬إعالنا متجددا لالختيار الديموقراطي للمرجعية الحقوقية‬
‫يتم اعتبار بناء دولة ديموقراطية يسودها الحق والقانون اختيارا ال رجعة فيه في إطار توطيد مؤسسات‬
‫دولة حديثة ترتكز على المشاركة والتعددية ولعل هذا ما يسمح في قراءة إضافة سمة البرلمانية على‬
‫توصيف نظام الحكم بالمغرب ليصبح كالتالي نظام ملكي دستوري ديموقراطي برلماني واجتماعي‪،‬‬
‫في نفس الفصل يتم من جهة تقديم أسس نظام الدستوري المغربي من خالل‪:‬‬

‫فصل السلط وتوازنها وتعاونها‬ ‫●‬

‫ديموقراطية مواطنة وتشاركية‬ ‫●‬

‫‪ 19‬ياسمين الصالحي‪ ،‬مستشارة عامة مكلفة بتتبع مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانية بمجلس المستشارين‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة‬ ‫●‬

‫ربط المسؤولية بالمحاسبة‬ ‫●‬

‫‪ 2.3‬مبدأ المساواة ومقاربة النوع االجتماعي كقاعدة للسياسات العمومية‬


‫إنطلق الدستور من اعتبار المساواة إحدى دعائم المجتمع المتضامن الدي يسعى المغرب على إرسائه وعلى‬
‫اإللتزام بحضر ومكافحة كل أشكال التميز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو االنتماء االجتماعي‬
‫أو اللغة أو اإلعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان‪.‬‬
‫‪ 2.4‬اإللتزام بالبعد االجتماعي للسياسات العمومية‬
‫يطرح تصدير الدستور مسألة إرساء دعائم مجتمع متضامن كإحدى الغايات الكبرى للدولة‪ ،‬مجتمعا يتمتع‬
‫فيه الجميع باألمن والحرية والكرامة والمساواة‪ ،‬وتكافئ الفرص ومقومات العيش الكريم حيت تعمل الدولة‬
‫والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية المتاحة لتيسير أسباب االستفادة المواطنات والمواطنين على قدم‬
‫المساواة من الحق‪:‬‬
‫‪ -‬في العالج والعناية الصحية؛‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛‬
‫‪-‬الحصول على تعليم عصري‪-‬السكن الالئق؛‬
‫‪-‬االستفادة من التربية البدنية والفنية والتكوين المهني؛‬
‫‪-‬ولوج وظائف عمومية حسب االستحقاق؛‬
‫‪-‬التنمية المستدامة؛‬
‫‪-‬الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة‪.‬‬
‫‪ 2.5‬التأكيد للتوجه الليبرالي للسياسات العمومية‪:‬‬
‫نص الفصل ‪ 35‬من الدستور في ضمان الحق في الملكية‪ ،‬وإنه يمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب‬
‫قانون وفي نفس الفصل تم التأكيد على أن الدولة تضمن حرية المقاولة والتنافس الحر‪.‬‬
‫تأكيدا على هذا التوجه الليبيرالي حيث تمت دسترة مبدأ التوازن المالي للدولة من خالل تنصيص الفصل‬
‫‪ 77‬على أن البرلمان والحكومة بسهران على الحفاظ على توازن مالية الدولة‪،‬‬
‫إذ جاء الفصل ‪ 36‬من الدستور بمعاقبة على شطط في االستغالل النفود ووضعية االحتكار والهيمنة وباقي‬
‫الممارسات المخالفة لمبدأ الممارسة الحرة والمشروعة في العالقات االقتصادية‪،‬‬
‫‪ 2.6‬حكامة السياسات العمومية‪:‬‬
‫أفرد الدستور باب خاصا بالحكامة الجيدة (الباب ‪ )12‬ضمنه العديد من المبادئ الموجهة لحكامة السياسات‬
‫العمومية‪:‬‬

‫مبدأ المساواة في الولوج إلى المرافق العمومية‬ ‫●‬

‫‪20‬‬
‫اإلنصاف المجالي لتغطية المرافق العمومية كل التراب الوطني‬ ‫●‬

‫استمرارية المرافق في األداء الخدمات‬ ‫●‬

‫خضوع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية والمبادئ والقيم‬ ‫●‬
‫الديموقراطية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫خاتمة‬
‫إن إعداد السياسات العمومية دائما ما يقوم على اشراك كل الفاعلين الرسميين وكذلك الغير الرسميين‬
‫بطريقة تشاركية يتدخل الشق المؤسساتي من حكومة وبرلمان‪ ،‬وهيئات استشارية وسلطات محلية‪ .‬كذلك‬
‫الجهات الغير رسمية من إعالم ومجتمع مدني وكذلك الشعب عن طريق العرائض والملتمسات ولعل‬
‫الحكومة هي القلب النابض اإلعداد السياسات العمومية وفق نسق تشاركي يرضي جميع اإليديولوجيات‬
‫الممكنة ويستجيب لمصلحة الوطن بشكل عام والمصلحة العامة لألفراد بشكل خاص‪ .‬فإذا كان للبرلمان‬
‫دور في التشريع ومراقبة عمل الحكومة لتجويد سياساتها واقتراح مكامن القوة والضعف‪ ،‬فهو كدلك قوة‬
‫للتقييم العمل الحكومي‪ ،‬وإذاكان الشعب ينصب لنا حكومة تقدم مصالح لغاية خمس سنوات‪ .‬فهذا األخير له‬
‫سلطة االختيار والمراقبة وكدلك معاقبة األحزاب المشرفة خلل نهاية مدة التفويض بعدم التصويت لألحزاب‬
‫التي كانت في موقع السلطة‪.‬‬

‫إن تنزيل السياسات العمومية يحتم علينا قراءة عامة وشمولية للسياق العام‪ .‬ففي ظل التحديات والرهانات‬
‫التي يعيشها العالم عموما والمغرب خصوصا‪ ،‬من تغيرات اقتصادية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬سياسية وبيئية‪ .‬عملت‬
‫الدولة المغربية في السنوات األخيرة على مشاريع تندرج في إرساء حكامة جيدة‪ ،‬مواصلة تنزيل‬
‫اإلصالحات هيكلية لإلدارة المغربية‪ ،‬تعزيز االستدامة المالية العمومية‪ ،‬تمتين رأس مال بشري مؤهل‪.‬‬
‫لهاذا الغرض تعمل الحكومة المغربية على جهود أكثر إدراج جميع المعنيين في هذه االستراتيجية بهدف‬
‫تحقيق مبدأ التعاون‪ ،‬التضامن والتشارك بين األفراد والجماعات وكدا تسبيق المصالح العامة للمواطنين‪.‬‬
‫وبهذا يكون دور الحكومة هاما وفعاال في إعداد السياسات العمومية من أجل التوصل إلى الوسائل إليجاد‬
‫الحلول وتفاسير لمجموعة من الظواهر االقتصادية االجتماعية السياسية والبيئية لمواجهة االزمات‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫تصميم الموضوع‬
‫‪2‬‬ ‫مقدمـــــــــــــــــــــــة‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مدى تجويد مؤسسة الحكومة من خالل الدساتير السابقة ودستور‪2011‬‬
‫‪4‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬مكانة مؤسسة الحكومة من خالل الدساتير السابقة ودستور‪2011‬‬
‫‪7‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬التشكيل الحكومي‬
‫‪8‬‬ ‫‪ .1‬التنصيب البرلماني للحكومة‪:‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪ .2‬طلب الثقة‪:‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ .3‬ملتمس الرقابة‪:‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ .4‬لجان تقصي الحقائق‪:‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صالحيات الحكومة المغربية‬
‫‪12‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬صالحيات عامة‬
‫‪12‬‬ ‫‪1.‬اإلشراف على الحكومة‪:‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪2.‬السلطة التنظيمية‬
‫‪13‬‬ ‫‪3.‬ممارسة سلطة التعيين في الوظائف‬
‫‪13‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬صالحيات الحكومة في إعداد السياسات العامة‬
‫‪13‬‬ ‫‪ 1‬اختصاصات الحكومة في إعداد السياسات العامة‪:‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪2.1‬الملك وسلطة التوجه واالشراف االستراتيجي على السياسات العمومية‬
‫‪17‬‬ ‫‪2.‬السياسة العامة والسياسة العمومية‪:‬‬
‫‪18‬‬ ‫‪3.‬السياسات العمومية والدستور‪ :‬سؤال المرجعيات‬
‫خاتمة‪22......................................................................................... :‬‬

‫‪23‬‬
‫المراجع المتعمدة‪:‬‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪- 104‬ماي يونيو ‪.2012‬‬ ‫●‬

‫الدستور المغربي ‪ , 2011‬الفصل ‪.87‬‬ ‫●‬

‫المجلة المغربي لإلدارة المحلية ة التنمية‪ ،‬عدد ‪ , 104‬ماي‪-‬يونيو ‪ 2012‬الصفحة ‪109‬‬ ‫●‬

‫ق‪.‬ت ‪ 13-056‬المتعلق بتنظيم وتسيير اشغال الحكومة والوضع القانوني ألعضائها‬ ‫●‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية العدد ‪ 104‬ماي ‪-‬يونية الصفحة ‪16‬‬ ‫●‬

‫بيير مولر‪ /‬السياسات العمومية ‪/‬ترجمة عبد اماللك احزرير الطبعة ‪ 2018‬ص ‪1.‬‬ ‫●‬

‫كزابري صالح الدين‪ :‬إشكالية التقييم في مجال السياسات العمومية بالمغرب على ضوء القانون‬ ‫●‬
‫‪ 17.08‬مجلة الفقه والقانون العدد الرابع فبراير ‪ 2013‬ص ‪2‬‬

‫الدكتور أحمد مصطفى الحسين‪ :‬مدخل إلى تحليل السياسات العامة سلسلة الكتاب العربي الجامعي‬ ‫●‬
‫المدرسي في العلوم السياسية ص ‪259‬‬

‫التنظيم اإلداري‪ ،‬د‪.‬بوجمعة بوعزاوي‪ ،‬الطبعة االولى‪2013‬‬ ‫●‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة ((مواضيع الساعة))‪ ،‬عدد ‪2013 ،82‬‬ ‫●‬

‫ياسمين الصالحي‪ ،‬مستشارة عامة مكلفة بتتبع مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانية‬ ‫●‬
‫بمجلس المستشارين‪.‬‬
‫مراجع باالنجليزية‪:‬‬

‫‪24‬‬
● Mark; Rushefsky; Public policy in the unitede states ;’ edition ;copyright
2008by M.E.Sharpe.Inc.ISBN : 987-0-7656-1664-7 ;P3

25

You might also like