You are on page 1of 16

‫التنظيم اإلداري في تونس‬

‫تقديم عام‬
‫المبحث األول‪ :‬الشخصية العمومية أساس التنظيم اإلداري‬
‫الجزء األول تعريف الشخصية المعنوية العمومية‬
‫الفرع األول مقومات الشخصية العمومية‬
‫الفقرة ‪ 1‬الشخصية المدنية‬
‫الفقرة ‪ 2‬الذمة المالية‬
‫الفرع الثاني الخصائص العامة لألشخاص العمومية‬
‫الفقرة ‪ 1‬مستويات االختالف بين الذوات العمومية و الذوات الخاصة و أثاره‬
‫الفقرة ‪ 2‬االتجاه نحو التقارب بين الذوات العمومية و الذوات الخاصة‬
‫الجزء الثاني أشخاص القانون العام في تونس‬
‫الفرع األول الدولة‬
‫الفرع الثاني الجماعات المحلية‬
‫الفرع الثالث المؤسسات العمومية‬
‫الفرع الرابع ذوات القانون العام غير المسماة‬
‫المبحث الثاني ‪:‬التنظيم المركزي‬
‫الجزء األول اإلدارة المركزية‬
‫الفرع األول ازدواجية غير متكافئة على رأس الدولة‬
‫الفقرة ‪ 1‬رئيس الحكومة‬
‫أ‪ .‬أهمية الصالحيات اإلدارية‬
‫ب‪ .‬المصالح اإلدارية التابعة لرئاسة الحكومة‬

‫الفقرة ‪ 2‬رئيس الجمهورية‬


‫أ‪ .‬محدودية الصالحيات اإلدارية‬

‫‪1‬‬
‫ب‪ .‬المصالح اإلدارية التابعة لرئاسة الجمهورية‬
‫الفرع الثاني التنظيم الوزاري‬
‫الفقرة ‪ 1‬الوظائف اإلدارية للوزراء‬
‫الفقرة ‪ 2‬المصالح اإلدارية للوزارات‬
‫الجزء الثاني اإلدارة الالمحورية‬
‫الفرع األول الالمحورية الترابية‬
‫الفقرة‪ 1‬مشموالت الوالي‬
‫الفقرة ‪ 2‬أساليب التنظيم الداخلي للوالية‬
‫الفرع الثاني الالمحورية الفنية‬
‫الفرع الثالث الرقابة المسلطة على االدارة الالمحورية ‪ :‬السلطة الرئاسية‬

‫‪2‬‬
‫المبحث الثاني التنظيم المركزي‬
‫املركزية اإلدارية هي إحدى أساليب التنظيم اإلداري وتقوم على تركيز السلطة اإلدارية وكامل الوظيفة اإلدارية يف اإلدارة املوجودة يف‬
‫عاصمة البالد على حنو جيعل سلطة إختاذ القرارات حمتكرة من قبل السلطات اإلدارية املركزية املتمثلة أساسا يف الوزارات‪ .‬ويقع‬
‫التمييز بني املركزية املطلقة من جهة واملركزية النسبية أو الالحمورية من جهة اخرى‪ .‬تتميز املركزية املطلقة باحتكار اإلدارة املركزية‬
‫املوجودة بالعاصمة السلطة اإلدارية دون ترك أية سلطة ملمثليها يف األقاليم لتصريف األمور الذين يتعني عليهم الرجوع إىل رؤسائهم‬
‫بالعاصمة قبل إختاذ أي قرار‪ .‬ويقرتن هذا النوع من التنظيم بنظام احلكم املطلق كالتنظيم اإلداري الذي كان سائدا يف تونس يف‬
‫فرتة ما قبل احلماية‪ .‬ولكن مت جتاوز املركزية املطلقة حاليا يف أغلب الدول بسبب تعدد اخلدمات اإلدارية وتشعبها حبيث مل يعد‬
‫بإمكان السلطات املركزية اليوم القيام بكل ما يتعلق بالوظيفة اإلدارية بالتايل مت تركيز نظام الالحمورية‪.‬‬

‫و يتجلى التنظيم املركزي لإلدارة يف تونس يف شكلني رئيسيني ‪ ،‬يتمثل األول يف إدارة مركزية قائمة على مستوى أعلى اهلرم اإلداري‬
‫(جزء أول)‪ ،‬ويتمثل الثاين يف إدارة ال حمورية قائمة يف املستوى اجلهوي (جزء ثاين) ‪.‬‬

‫الجزء األول اإلدارة المركزية‬

‫كما سبق و أن ذكرنا تتميز السلط االدارية العليا باإلزدواج الوظيفي فهي متارس يف نفس الوقت وظائف سياسية ووظائف إدارية‬
‫وهو ما جيعل التمييز بني الوظيفتني أمرا صعبا على أنه ميكن القول عموما أن الوظيفة احلكومية تتمثل يف حتديد التوجهات العامة‬
‫وإختاذ القرارات الكربى يف حني أن الوظيفة اإلدارية هتدف إىل تلبية احلاجات اليومية اليت تتكفل هبا الدولة‪.‬‬

‫و تتمثل السلطات اإلدارية املركزية العليا يف تونس يف رئيس الدولة و رئيس احلكومة والوزراء و سيتم التعرض يف فرع أول اىل‬
‫االزدواجية غري املتكافةة على مستوى مباشرة الوظائف االدارية من قبل رئيس الدولة و رئيس احلكومة و يف فرع ثاين اىل التنظيم‬
‫الوزاري‪.‬‬

‫الفرع األول ازدواجية غير متكافئة على مستوى أعلى الهرم االداري‬
‫شهدت العالقة بني السلطات اإلدارية املركزية العليا عدة تطورات كانت متماشية مع األحداث السياسية الكربى اليت عاشتها‬
‫تونس منذ إصدار دستور ‪ 1‬جوان ‪ .1191‬متيزت الفرتة األوىل للنظام الدستوري بإنفراد رئيس الدولة بكامل الوظيفة اإلدارية طبقا‬
‫ملقتضيات النظام الرئاسي الذي يقوم على مبدأ وحدة السلطة التنفيذية‪ .‬ولكن ظهرت يف أواخر الستينات وعلى إثر فشل سياسة‬
‫التعاضد مؤسسة أخرى تعرف مبؤسسة احلكومة تتألف من وزير أول و وزراء‪ .‬وقد مت إنشاء الوزارة األوىل وضبط مهام الوزير األول‬
‫مبقتضى أمر ‪ 7‬نوفمرب‪ ،1191‬ومع تعديل الدستور يف ‪ 8‬أفريل ‪ 1179‬مث إعطاء مؤسسة احلكومة صبغة دستورية بتخصيص‬
‫قسم كامل هلا يف الباب الثالث املنظم للسلطة التنفيذية‪ .‬وقد نص الفصل ‪ 96‬من الدستور‪ ،‬كما وقع تنقيحه سنة ‪ ،1179‬أن‬
‫الوزير األول يسري وينسق أعمال احلكومة ويتصرف يف دواليب اإلدارة ولكن مع تغيري ‪ 1187/11/7‬إسرتجع الرئيس صفة‬
‫رئيس اإلدارة ومت تعديل الفصل ‪ 96‬يف ‪ 59‬جويلية ‪ 1188‬حبذف عبارة "يتصرف الوزير األول يف دواليب اإلدارة"‪ ،‬غري أن هذا‬
‫التغيري أبقى على إزدواجية الوظيفة اإلدارية على رأس الدولة ولكنها إزدواجية غري متكافةة لصاحل رئيس اجلمهورية الذي كان‬
‫يعترب ال فقط قطب السلطة التنفيذية بل النظام السياسي ككل‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫بعد االطاحة بنظام احلكم يف ‪ 11‬جانفي ‪ 5611‬مت تعليق العمل بدستور ‪( 1191‬مبقتضى مرسوم ‪ 52‬مارس ‪ 5611‬املتعلق‬
‫بالتنظيم املؤقت للسلط العمومية)مث مت إلغاؤه مبقتضى القانون التأسيسي عدد ‪ 9‬املؤرخ يف ‪ 19‬ديسمرب ‪ 5611‬املتعلق بالتنظيم‬
‫املؤقت للسلط العمومية‪.‬‬

‫سعيا للقطع مع النظام الرئاسوي السابق مت اعتماد نظام أقرب أن يكون نظاما برملانيا و مت تعويض مؤسسة الوزير األول برئيس‬
‫احلكومة الذي أصبح وريث رئيس اجلمهورية من حيث الصالحيات اذ مكنه القانون التأسيسي املؤرخ يف ‪ 19‬ديسمرب ‪5611‬‬
‫من أغلب الصالحيات السياسية و االدارية اليت كان ميارسها رئيس اجلمهورية على أساس دستور غرة جوان ‪ . 1191‬يف املقابل‬
‫تراجعت صالحيات رئيس اجلمهورية بشكل كبري‪.‬‬

‫الفقرة ‪ 1‬رئيس الحكومة‬


‫متثل الوزارة األوىل أهم اإلدارات املركزية للدولة ذات الصالحيات اإلدارية األفقية‪ .‬وقد مت إحداث الوزارة األوىل مبقتضى أمر ‪7‬‬
‫نوفمرب ‪ 1191‬الذي عوض مؤسسة كتابة الدولة للرئاسة بالوزارة األوىل وحدد هلا صالحياهتا مث جاء التعديل الدستوري املؤرخ يف‬
‫‪ 8‬أفريل ‪ 1179‬إلضفاء الطابع الدستوري على هذا اجلهاز و متكينه من صالحية التصرف يف دواليب اإلدارة ‪ .‬ولكن مت حذف‬
‫هذه الصالحية بتعديل الدستور يف ‪ 59‬جويلية ‪ 1188‬متاشيا مع الصبغة الرئاسية للنظام السياسي التونسي‪ .‬فبمقتضى الفصل‬
‫‪ 96‬جديد من الدستور أصبحت سلطة الوزير األول تقتصر على تسيري وتنسيق عمل احلكومة‪ .‬و لةن مت االحتفاظ بالتنظيم‬
‫السابق لالدارة املركزية و مبنصب الوزير األول يف الفرتة االنتقالية األوىل من خالل املرسوم الصادر يف ‪ 52‬مارس ‪ 5611‬و املتعلق‬
‫بالتنظيم املؤقت للسلط العمومية فان الفرتة االنتقالية الثانية اليت انطلقت ابتداء من انتخاب اجمللس التأسيسي يف ‪ 52‬أكتوبر‬
‫‪ 5611‬و إصدار القانون التأسيسي يف ‪ 19‬ديسمرب ‪ 5611‬و املتعلق بالتنظيم املؤقت للسلط العمومية متيزت بالقطع مع النظام‬
‫الرئاسوي و تركيز نظام أقرب أن يكون نظاما برملانيا و مت تعويض الوزير األول برئيس احلكومة الذي أصبح وريث رئيس اجلمهورية‬
‫من حيث الصالحيات‪ .‬فقد مكنه القانون التأسيسي املؤرخ يف ‪ 19‬ديسمرب ‪ 5611‬من أغلب الصالحيات السياسية و االدارية‬
‫اليت كان ميارسها رئيس اجلمهورية على أساس دستور غرة جوان ‪ 1191‬و تعديالته‪.‬‬

‫أ‪ .‬أهمية الصالحيات اإلدارية‬


‫بناء على الدستور السابق كان الوزير األول يباشر عمليا مجلة من الصالحيات وهي‪:‬‬

‫ممارسة السلطة الرتتيبية العامة يف صورة تفويضها له من قبل رئيس اجلمهورية (فصل ‪ 92‬فقرة ‪ 5‬من الدستور السابق )‬ ‫‪-‬‬

‫تقدمي الرتشح للتعيني يف الوظائف العليا املدنية والعسكرية (الفصل ‪ 99‬من الدستور السابق)‬ ‫‪-‬‬

‫تأشري األوامر ذات الصبغة الرتتيبية (الفصل ‪ 91‬من الدستور السابق)‬ ‫‪-‬‬

‫كما أن األمر احملدث للوزارة األوىل واملؤرخ يف ‪ 7‬نوفمرب ‪ 1191‬أسند مجلة من اإلختصاصات للوزير األول أمهها ‪:‬‬

‫‪ -‬تسيري الشؤون العامة للدولة‬

‫‪ -‬مراقبة كامل قطاع الوظيفة العمومية‬

‫‪4‬‬
‫‪ -‬تأشري ما يتخذه الوزراء والوزراء املعتمدون من قرارات ترتيبية والبعض من قراراهتم الفردية‬

‫‪ -‬نشر النصوص القانونية بالرائد الرمسي وإجراء الرقابة على خمتلف املرافق العمومية‬

‫‪ -‬إصدار املناشري التفسريية للقوانني ولألوامر ذات الصبغة الرتتيبية‬

‫‪ -‬السهر على إعداد ميزانية الدولة وإختاذ قرارات التحكيم يف هذا الشأن‬

‫بالرجوع إىل القانون التأسيسي عدد ‪ 9‬الصادر يف ‪19‬ديسمرب ‪ 5611‬املنظم للسلط بصورة مؤقتة منح رئيس احلكومة جل‬
‫الصالحيات اليت كانت موكولة لرئيس اجلمهورية سابقا جاعال منه حمور السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫وقد مكن الفصل ‪ 17‬رئيس احلكومة من صالحيات ادارية هامة‪:‬‬

‫‪-‬على مستوى تعيني املوظفني السامني مبا فيهم ادارة اجمللس الوطين التأسيسي‬

‫‪-‬على مستوى التصرف يف اإلدارة و تنظيمها‬

‫‪-‬على مستوى ممارسة السلطة الرتتيبية اذ بامكان رئيس احلكومة من اختاذ أوامر لتنفيذ القوانني و كذلك أوامر مستقلة لتنظيم‬
‫جماالت ال ترجع بالنظر للسلطة التشريعية‪ .‬وميكن تعريف السلطة الرتتيبية بأهنا السلطة اليت ختول لصاحبها إختاذ القرارات اإلدارية‬
‫العامة واجملردة‪ .‬وتكون عامة عندما ميكن سحبها على خمتلف املسائل اإلدارية بدون حتديد مادي وعلى كامل أحناء تراب‬
‫اجلمهورية‪ .‬وتكون خاصة عندما تكون متعلقة مبجاالت حمددة بنصوص قانونية خاصة‪.‬‬

‫و جيدر التذكري أن السلطة الرتتيبية العامة قد تدعمت مبتقضى تنقيح الدستور السابق املؤرخ‪ 57‬أكتوبر ‪ 1117‬الذي ح ّدد جمال‬
‫القانون (الفصل‪ )21‬وأطلق جمال الرتاتيب باعتبار أنه ترجع إىل السلطة الرتتيبية العامة املواد اليت ال تدخل يف جمال القانون(‬
‫الفصل‪ .)29‬و قد أدى ذلك التعديل الدستوري إىل إحداث نوعني من السلطة الرتتيبية العامة‪:‬‬

‫سلطة ترتيبية تقليدية تتمثل يف إختاذ القرارات الالزمة لتنفيذ القوانني‬ ‫‪-‬‬

‫سلطة ترتيبية مستقلة تتمثل يف إختاذ القرارات بصفة مبدئية دون أن تكون خاضعة للقانون (الفصل‪.)29‬‬ ‫‪-‬‬

‫وحلماية هذا اإلختصاص خول الفصل ‪ 29‬من الدستور السابق لرئيس اجلمهورية أن يدفع بعدم قبول مشروع قانون يدخل يف‬
‫جمال إختصاصه الرتتييب‪ ،‬وعليه يف هذه احلالة أن يعرض املسألة على اجمللس الدستوري إلبداء الرأي فيها‪ .‬كما له أن يتخذ أوامر‬
‫ترتيبية يف جماالت مل تعد من إختصاص املشرع كما وقع حتديده مبقتضى الفصل ‪ 21‬من الدستور‪.‬‬

‫ب‪.‬المصالح اإلدارية التابعة لرئاسة الحكومة‬


‫فيما يتعلق بطريقة تنظيم املصاحل اإلدارية للوزارة األوىل نالحظ أهنا تتماشى مع وظيفة الوزارة التنسيقية‪ ،‬فإىل جانب الديوان‪ 1‬تتميز‬
‫الوزارة األوىل جبمعها جلملة من اإلدارات تؤكد علويتها على بقية الوزارات ومن بينها إدارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري‬

‫‪ 1‬يعتبر خلية مضيقة متكونة من المساعدين المباشرين للوزير تكون مكلفة بمساعدة الوزير في مختلف أوجه نشاطه‪ ،‬يقع تعيين أعضائها بأمر‬
‫رئاسي باقتراح من الوزير‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫واليت تتخذ شكل كتابة دولة لدى الوزير األول و هي ختول للوزارة األوىل اإلشراف على كافة دواليب اإلدارة وتقومي العمل اإلداري‬
‫وإختاذ التدابري الالزمة للقيام باإلصالحات الضرورية يف القطاع اإلداري‪.‬‬

‫مبقتضى قانون ‪ 19‬ديسمرب ‪ 5611‬املتعلق بالتنظيم املؤقت للسلط العمومية مت تعويض تسمية الوزارة األوىل مبصطلح رئاسة‬
‫احلكومة كما مت تدعيم هذه املؤسسة بتعيني عدد من الوزراء لدى رئيس احلكومة‪:‬‬

‫*الوزير لدى رئيس احلكومة املكلف بامللفات االقتصادية‬

‫*الوزير لدى رئيس احلكومة املكلف باإلصالح اإلداري‬

‫*الوزير لدى رئيس احلكومة املكلف باحلوكمة ومقاومة الفساد‬

‫اىل جانب عدد هام من املستشارين لدى رئيس احلكومة يف جماالت عدة تتعلق بالثقافة و الرتبية برتبة وامتيازات وزير‪ 2‬مستشار‬
‫لدى رئيس احلكومة مكلف مبتابعة العمل احلكومي برتبة و امتيازات كاتب دولة‪3‬‬

‫كما يوجد ضمن رئاسة احلكومة كاتب العام‪ 4‬و مدير ديوان رئيس احلكومة‪.5‬‬

‫الفقرة ‪ 2‬رئيس الجمهورية‬


‫مبقضى القانون التأسيسي عدد‪ 9‬املؤرخ يف ‪ 19‬ديسمرب ‪ 5611‬مت اعتماد تنظيم مؤقت للسلط يقرتب إىل حد كبري من النظام‬
‫الربملاين و ما يفرتضه هذا النظام من تراجع لدور رئيس الدولة بوصفه سلطة سياسية و إدارية‪ .‬اذ ينص الفصل ‪ 17‬من القانون‬
‫التأسيسي على اختصاص احلكومة مبمارسة السلطة التنفيذية باستثناء ما مت إسناده لرئيس اجلمهورية (و كل ما يصدر عنه يأخذ‬
‫شكل قرار مجهوري)‪ .‬تبعا لذلك يكون االختصاص املبدئي للحكومة يف حني أن اختصاص رئيس اجلمهورية ال يعدو أن يكون‬
‫مسندا و بالتايل مقيدا‪.‬‬

‫محدودية الصالحيات اإلدارية‬ ‫أ‪.‬‬


‫مبقتضى دستور ‪ 1191‬كان رئيس اجلمهورية حيتل أعلى رتبة يف هرم اهلياكل اإلدارية‪ ،‬فهو ميارس السلطة التنفيذية مبساعدة‬
‫حكومة يرأسها الوزير األول (الفصل‪ 27‬من الدستور)‪ ،‬وهو الذي يعني الوزير األول والوزراء بإقرتاح من الوزير األول( الفصل ‪96‬‬
‫من الدستور) ويرأس جملس الوزراء (الفصل ‪ 96‬من الدستور) واجملالس الوزارية املضيقة املخصصة ملعاجلة ملفات معينة‪ ،‬ولرئيس‬
‫اجلمهورية أيضا صالحية إهناء مهام أعضاء احلكومة بإقرتاح أو بدون إقرتاح من الوزير األول ( الفصل‪ 91‬من الدستور)‪ .‬كما أنه‬
‫‪2‬‬
‫الرائد الرسمي ‪ 51‬جانفي ‪ 5615‬عدد ‪ 7‬امر عدد ‪ 51‬لسنة ‪ 5615‬مؤرخ في ‪ 19‬جانفي ‪ 5615‬ص‪.211 .‬‬

‫‪3‬الرائد الرسمي عدد ‪ 57 8‬جانفي ‪ 5615‬امر عدد ‪ 58‬لسنة ‪ 5615‬مؤرخ في ‪ 59‬جانفي ‪ .5615‬ص‪.211 .‬‬

‫‪ 4‬تم بمقتضى األمر عدد ‪ 122‬لسنة ‪ 1171‬المؤرخ في ‪ 16‬أفريل ‪ 1171‬إعادة تنظيم مصالح الوزارة األولى وذلك بإحداث خطة كاتب عام‬
‫للحكومة صلب الوزارة األولى ألحق به عدد من مصالح الوزارة األولى من بينها المصالح التابعة لمستشار القانون والتشريع‪ .4‬وقد ضلت‬
‫المصالح التابعة لمستشار القانون والتشريع منذ ذلك التاريخ ملحقة بالكاتب العام للحكومة‬

‫‪5‬و فق أمر التسمية المؤرخ في ‪ 1‬فيفري ‪ 5615‬هو برتبة و امتيازات وزير‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫كان يسند بإقرتاح من احلكومة الوظائف العليا املدنية والعسكرية ( الفصل ‪ 99‬من الدستور) وله أن يفوض إسناد البعض منها‬
‫إىل الوزير األول‪ .‬إن صالحية تعيني رؤساء اإلدارات املركزية والوالة ومديري املؤسسات واملنشآت العمومية ميكن رئيس اجلمهورية‬
‫من السيطرة على كامل اجلهاز اإلداري‪ ،‬خصوصا وانه كان ميارس يف هذا اجملال سلطة تقديرية مطلقة ال تتقيد إال بإقرتاح احلكومة‬
‫فعمليا يكون إختيار املوظف السامي على أساس قائمة من املرشحني تقدم من قبل عضو احلكومة املعين مباشرة بقرار التعيني‪.‬كما‬
‫كان ميارس السلطة الرتتيبية العامة‪ ،‬فحسب الفصل ‪ 92‬من الدستور يسهر رئيس اجلمهورية عل تنفيذ القوانني وميارس السلطة‬
‫الرتتيبية العامة وله أن يفوض كامل هذه السلطة أو جزءا منها للوزير األول‪.‬‬

‫مبقتضى التنظيم املؤقت للسلط املؤرخ يف ‪ 19‬ديسمرب ‪ 5611‬تراجعت الصالحيات االدارية لرئيس اجلمهورية اليت أصبحت‬
‫تقتصر على‪:‬‬

‫*ختم و نشر القوانني اليت يصدرها اجمللس الوطين التأسيسي‬

‫*التسميات‪ :‬وهي تتعلق حسب الفصل ‪ 11‬ب‪:‬‬

‫‪-‬تعيني مفيت اجلمهورية‬

‫‪-‬التعيينات يف الوظائف العليا يف رئاسة اجلمهورية‬

‫‪-‬التعيينات يف الوظائف السامية بوزارة اخلارجية و يف البعثات الديبلوماسية و القنصلية‬

‫‪-‬كما يرجع إىل رئيس اجلمهورية حسب الفصل ‪ 59‬تعيني حمافظ البنك املركزي بقرار مجهوري بالتوافق مع رئيس احلكومة و‬
‫مصادقة اغلبية احلاضرين من اعضاء اجمللس الوطين التاسيسي‪.‬و يتم اتباع نفس االجراءات يف حالة االقالة عمال مببدأ توازي الصيغ‬
‫و الشكليات‪.‬‬

‫*اعالن االحكام و التدابري االستثنائية‪ :‬اذا طرات ظروف تعطل السري العادي لدواليب السلط العمومية و ذلك بعد استشارة‬
‫رئيس احلكومة و رئيس اجمللس التاسيسي و موافقتهما‪.‬‬

‫*من جهة أخرى يكتفي الفصل ‪ 17‬بالتنصيص على واجب اعالم رئيس اجلمهورية بالنسبة لبعض الصالحيات االدارية اليت‬
‫ميارسها رئيس احلكومة ‪ :‬اصدار االوامر بانواعها‪ .‬احداث و تعديل الوزارات‪ .‬احداث و تعديل املؤسسات و املنشات العمومية‪.‬‬

‫يف صورة وقوع تنازع حول االختصاص بني رئيس اجلمهورية و رئيس احلكومة يتوىل اجمللس التأسيسي البت يف املسالة حسب‬
‫الفصل ‪ 56‬من قانون ‪ 19‬ديسمرب ‪.5611‬‬

‫ب‪.‬المصالح اإلدارية التابعة لرئاسة الجمهورية‬

‫ما ميكن مالحظته يف الفرتة اليت سبقت ‪ 11‬جانفي ‪ 5611‬هو أن إتساع صالحيات رئيس اجلمهورية ترافق مع تطوير وتدعيم‬
‫املصاحل اإلدارية التابعة للرئاسة إذ أن املصاحل اإلدارية التابعة للرئاسة أصبحت مبثابة احلكومة املوازية فقد صار بإمكاهنا التدخل يف‬
‫مجيع جماالت العمل اإلداري‪ .‬وال ختضع هذه املصاحل يف تدخالهتا لقيود قانونية حمددة وال تكون مسؤولة إال أمام رئيسها املباشر‬
‫الذي حيدد هلا مهامها وميكنها من الوسائل الالزمة لتحقيقها‪ .‬تبدو إذا مصاحل الرئاسة هياكل إدارية خارجة عن التنظيم اإلداري‬

‫‪7‬‬
‫التقليدي وهو ما يتأكد بالرجوع إىل األمر عدد ‪ 1192‬املؤرخ يف ‪ 59‬نوفمرب ‪ 1116‬املتعلق بتنظيم مصاحل رئاسة اجلمهورية‬
‫واألمر عدد ‪ 1191‬الصادر يف نفس اليوم واملتعلق بالنظام املنطبق على أعضاء الديوان الرئاسي‪ .‬و يتمتع رئيس اجلمهورية حبرية‬
‫مطلقة يف إختيار مساعديه‪ ،‬إذ ميكن أن خيتارهم من بني أعوان الدولة املباشرين أو املتقاعدين أو حىت من خارج السلك اإلداري‬
‫وفقا ملقتضيات األمر عدد ‪ 591‬املؤرخ يف ‪ 59‬فيفري ‪ 1188‬املتعلق بالسلك اخلاص للمستشارين لدى رئاسة اجلمهورية‪ .‬ويتم‬
‫ترتيبهم بشكل تفاضلي حيتل فيه مدير الديوان الرئاسي املكانة األوىل ويتجسم هذا اإلمتياز يف إسناده مرتبة وزير دولة‪ .‬ويليه يف‬
‫الرتتيب الوزير مدير الديوان الرئاسي مث املستشارون مبختلف األصناف‪ .6‬ويتوىل املستشارون القيام باألعمال اليت يعهد هبا إليهم‬
‫رئيس الدولة وهم خيضعون مباشرة لسلطته‪ .‬أما بقية املصاحل اإلدارية للرئاسة‪ ،‬ما عدا املصاحل املشرتكة‪ ،‬فهي ختضع لسلطة الوزير‬
‫املكلف بالديوان وتشمل هذه اهلياكل مصاحل التشريفات اليت تسهر على تنظيم لقاءات الرئيس وتنقالته ومصاحل اإلعالم املكلفة‬
‫مبتابعة أنشطة الرئيس و األحداث الوطنية والدولية‪ ..‬وقد مت مبقتضى األمر الصادر يف ‪ 17‬نوفمرب ‪ 1111‬إحداث هيكل جديد‬
‫يف املنظومة اإلدارية للرئاسة وهي كاتب عام لرئاسة اجلمهورية‪ .‬على الرغم من أن هذا األمر مل يضبط الصالحيات اإلدارية هلذا‬
‫اهليكل إال أن وظيفته تتعلق حتما باإلشراف على املصاحل املشرتكة وبالتصرف يف الوسائل املالية والبشرية اليت كانت تتبع مدير‬
‫الديوان‪.‬‬

‫بعد ‪ 11‬جانفي حافظت مصاحل الرئاسة على حجمها رغم تقليص الصالحيات املمنوحة للرئيس مبقتضى قانون التنظيم املؤقت‬
‫للسلط العمومية‪ .‬و مباشرة بعد انتخاب اجمللس التأسيسي لرئيس اجلمهورية املؤقت أصدر هذا األخري عددا من القرارات اجلمهورية‬
‫بتاريخ ‪ 11‬جانفي ‪ 75615‬لتعيني‪ :‬مديرا للديوان الرئاسي برتبة و امتيازات وزير مستشار لدى رئيس اجلمهورية‪ ,‬ثالث وزراء‬
‫مستشارين أحدهم مكلف بالشؤون السياسية و االخر مكلف بالشؤون اخلارجية‪ ,‬مخس مستشارين أول‪ :‬مستشار أول ناطق‬
‫رمسي باسم رئاسة اجلمهورية‪ 8‬مكلف مبتابعة املؤسسات اخلاضعة الشراف رئاسة اجلمهورية مستشار اول مكلف باالعالم مستشار‬
‫أول مكلف بامللفات االقتصادية‪ 9‬و سبعة مستشارين ثالثة منهم مكلفني بالشؤون االقتصادية وواحدة مكلفة بتنظيم النشاط‬
‫الرئاسي و مستشار مكلف مبلف شهداء الثورة و جرحاها‪ ,10‬و أربعة ملحقني يف ميادين االعالمية و الضبط مبتابعة االحداث‬
‫السياسية بامللفات االجتماعية بالشؤون االسياوية بدائرة الشؤون اخلارجية بالنشاط الثقايف‪.‬‬

‫الفرع الثاني التنظيم الوزاري‬


‫إن مؤسسة الوزارة ليست حديثة العهد يف تونس فقد أخذت هبا الدولة احلسينية وذلك بأن مت إحداث بعض الوظائف الوزارية وقد‬
‫تغريت هذه التسمية إثر اإلستقالل متاشيا مع مبادئ النظام الرئاسي الذي يفرتض احادية السلطة التنفيذية فتم تعويض كلمة الوزير‬

‫‪6‬‬
‫مستشارون أولون برتبة كاتب دولة ‪ ،‬مستشارون لدى رئيس الجمهورية ‪ ،‬مستشارون ملحقون لدى رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫الرائد الرسمي ‪ 56‬جانفي ‪ 5615‬عدد ‪ 9‬ص‪.286-271 .‬‬
‫‪8‬‬
‫الرائد الرسمي عدد ‪ 16 11‬فيفري ‪ 5615‬قرار جمهوري عدد ‪ 56‬مؤرخ في ‪ 26‬جانفي ‪ 5615‬ص‪.192 .‬‬
‫‪9‬‬
‫الرائد الرسمي عدد ‪ 51‬بتاريخ ‪ 19‬مارس ‪ 5615‬قرار جمهوري عدد ‪ 28‬مؤرخ في ‪ 1‬مارس ‪ 5615‬ص‪.779 .‬‬
‫‪10‬‬
‫الرائد الرسمي عدد ‪ 51‬بتاريخ ‪ 19‬مارس ‪ 5615‬قرار جمهوري عدد ‪ 57‬مؤرخ في ‪ 9‬مارس ‪ 5615‬ص‪.779 .‬‬

‫‪8‬‬
‫بعبارة كاتب الدولة ومبتقضى أمر ‪ 7‬نوفمرب ‪ 1191‬احملدث للوزارة االوىل مت الرجوع إىل هذه التسمية مث جاء التعديل الدستوري‬
‫املؤرخ يف ‪ 8‬أفريل ‪ 1179‬ليؤكد هذا اخليار‪.‬‬

‫ويتميز التنظيم الوزاري بالتضخم والتنوع وعدم اإلستقرار إذ يبلغ عدد الوزراء يف احلكومة احلالية ‪ 26‬يف حني كان عددهم يف‬
‫‪ 5616‬ستة و عشرون يف حني أنه كان ال يتجاوز ‪ 15‬يف احلكومة األوىل لإلستقالل‪ .‬واملالحظ أن مؤسسة الوزارة تشهد تدرجا‬
‫يف املسؤوليات إذ جند إىل جانب الوزراء الذين يشرفون عل مصلحة وزارية‪ ،‬كتاب دولة لدى الوزير األول أو لدى وزير من الوزراء‪.‬‬
‫ويبلغ حاليا عدد كتاب الدولة ‪ 11‬بعد أن كان يبلغ ‪ 11‬يف ‪.5616‬‬

‫وتتمتع بعض الوزارات بنوع من االستقرار نذكر منها وزارات السيادة كالعدل والدفاع والداخلية واخلارجية‪ ،‬يف حني تتميز هياكل‬
‫وزارية أخرى بعدم اإلستقرار مثل وزارات اإلقتصاد واملالية و التعليم‪ .‬و متيزت فرتة ما بعد ‪ 11‬جانفي ‪ 5611‬بإحداث وزارات‬
‫جديدة مثل وزارة التنمية اجلهوية و التخطيط‪ 11‬و وزارة حقوق اإلنسان و العدالة االنتقالية‪.12‬‬

‫الفقرة‪ 1‬الوظائف اإلدارية للوزراء‬


‫خيضع التنظيم الوزاري إىل مبدأ التخصص الذي يعين تقسيم العمل اإلداري إىل مرافق وتكليف كل هيكل وزاري مبهمة تسيري مرفق‬
‫معني ومنعه من جتاوز اجملال احملدد له‪ .‬و يتعرض الفصل ‪ 18‬من القانون التاسيسي املؤرخ يف ‪ 19‬ديسمرب ‪ 5611‬و املتعلق‬
‫بالتنظيم الوقيت للسلط العمومية صراحة إىل هذا املبدا "يسهر الوزراء كل حسب القطاع الراجع اليه بالنظر على تسيري اإلدارة‬
‫املركزية و االشراف على املؤسسات و املنشات العمومية و االدارات و املصاحل اجلهوية و احمللية حتت اشراف رئيس احلكومة ‪."...‬‬

‫وجيب يف هذا اخلصوص التمييز بني التخصص العمودي (تعليم‪ ،‬صحة) والتخصص األفقي الذي يعين أن ختتص وزارة من‬
‫الوزارات مبسائل هتم خمتلف أوجه التنظيم اإلداري مثل وزارة املالية املكلفة بإعداد ميزانية الدولة وتوفري املوارد املالية ملختلف أجهزة‬
‫الدولة وهو ما جيعلها وزارة متميزة عن بقية الوزارات‪.‬‬

‫إضافة إىل مبدأ التخصص الوزاري تتميز الوزارة خباصي ة ثانية وهي غياب الشخصية املعنوية إذ تعترب مندجمة يف الشخصية املعنوية‬
‫للدولة وتتبع ميزانيتها ميزانية الدولة‪ .‬ويعترب الوزير رئيس جمموعة من املصاحل اإلدارية للدولة واليت تسمى مصاحل وزارية وهو رئيس‬
‫اإلدارة اليت ميثلها وهو بالتايل سلطة إدارية عليا‪ .‬فإىل جانب مشاركته يف إقرتاح التسمية للوظائف العليا املدنية والعسكرية ( الفصل‬
‫‪ 17‬فقرة ‪ 9‬من القانون املتعلق بالتنظيم املؤقت للسلط العمومية ‪ .‬نفس الصالحية اقرها الدستور السابق يف الفصل ‪.) 99‬‬

‫ويشرف الوزير على تسيري املرفق العام وهو السلطة املختصة لتنظيم وزارته فيتدخل الوزير يف جمالني إثنني يتعلق اجملال االول‬
‫بالتصرف يف إدارة الوزارة‪ ،‬فهو الذي يقرر أوامر الدفع والصرف ويربم العقود بإسم الدولة وميثلها لدى القضاء‪ .‬ويف ما خيص اعوان‬
‫الوزارة‪ ،‬ميارس الوزير بصفته رئيسا لإلدارة‪ ،‬سلطة تعيينهم والسلطة الرئاسية جتاههم وذلك بتوجيه أوامره إىل كافة أعوان اإلدارة‬
‫لتحديد كيفية القيام بالوظائف املسندة هلم‪ .‬وخيتص كذلك الوزير مبمارسة السلطة التأديبية على أعوانه‪ .‬ويتخذ الوزير أيضا‬

‫‪11‬‬
‫أمر عدد ‪ 197‬لسنة ‪ 5611‬مؤرخ في ‪ 26‬أفريل ‪ 5611‬المتعلق باحداث وزارة التنمية الجهوية و ضبط مشموالتها‪ ,‬الرائد الرسمي عدد ‪21‬‬
‫بتاريخ ‪ 2‬ماي ‪ 5611‬صفحات ‪.912-915‬‬
‫‪12‬‬
‫انظر األمر عدد ‪ 55‬لسنة ‪ 5615‬المؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ 5615‬و المتعلق بإحداث و ضبط مشموالت وزارة حقوق اإلنسان و العدالة االنتقالية‬
‫و األمر عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 5615‬المؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ 5615‬و المتعلق بتنظيم وزارة حقوق اإلنسان و العدالة االنتقالية‪ ,‬الرائد الرسمي ‪ 56‬جانفي‬
‫‪ 5615‬عدد‪ ,9‬صفحات ‪.288-282‬‬

‫‪9‬‬
‫القرارات الالزمة للتنظيم الداخلي ملرفقه اإلداري دون أن يعين ذلك إختصاص الوزير يف وضع قواعد قانونية عامة وأصلية‪ ،‬فالوزير‬
‫ليس له السلطة الرتتيبية العامة وال ميكنه إصدار الرتاتيب إال مىت كان مؤهال لذلك مبقتضى نص تشريعي أو ترتييب عام أو يف غياب‬
‫ذلك مىت إقتضت الضرورة إختاذ اإلجراءات الالزمة حلسن سري املرفق العمومي الراجع له بالنظر بصفته رئيس مصلحة إدارية‪. 13‬‬

‫الفقرة‪ 2‬المصالح اإلدارية للوزارات‬


‫يتم تنظيم الوزارة بأمر وهي ترتكب من مجلة من اهلياكل‪:‬‬

‫ديوان الوزير‪ :‬يضم جمموعة من املساعدين املباشرين للوزير ويقع تعيينهم بأمر من رئيس اجلمهورية وبإقرتاح من الوزير‬ ‫‪-‬‬
‫املعين‪ . 14‬يقوم الديوان باجناز االعمال اليت يوكلها اليه الوزير و هو مكلف خاصة بالنظر يف املسائل املعروضة على الوزير و‬
‫متابعتها احاطة الوزير علما بالنشاط العام للوزارة ابالغ قرارات الوزير إىل املسؤولني التابعني للوزارة و احلرص على تنفيذها و‬
‫متابعتها التنسيق بني مصاحل الوزارة و كافة اهليةات و املنظمات الوطنية ووسائل االعالم لتسهيل تعاملها مع الوزارة‪ .‬الديوان هو اذا‬
‫مهزة وصل بني الوزير وحميطه اخلارجي‪ .‬يتضمن الديوان رئيسا و أعضاء مكلفني مبهمة وملحقني وأحيانا مستشارين ‪.‬‬

‫الكاتب العام للوزارة‪ :‬يقوم بوظيفة التنسيق بني خمتلف املصاحل التابعة للوزارة لكن يبدو أن هذه اخلطة مل تعد متواجدة‬ ‫‪-‬‬
‫يف كل الوزارات نظرا للتداخل الوظيفي بينه وبني رئيس الديوان‪.‬‬

‫إدارة الرقابة والتفقد‪ :‬ختتلف هياكل الرقابة حسب الوزارات و تتخذ احيانا شكل تفقدية عامة و هي سلطة رقابة إدارية‬ ‫‪-‬‬
‫و مالية على سري املصاحل اإلدارية للوزارة تتوىل اجناز مهام املراقبة و التفقد يف مادة التصرف االداري و املايل للمصاحل املركزية و‬
‫املصاحل اخلارجية للوزارة و املؤسسات الراجعة هلا بالنظر‪ .‬اعداد تقارير حول نتائج مهامها عند كل عملية تفقد و عرضها على‬
‫الوزير و متابعة تنفيذ القرارات الناجتة عنها‪ .‬القيام باالحباث االدارية و التاديبية اليت يقرر الوزير تكليفها هبا ابداء الراي حول‬
‫مشاريع النصوص املتعلقة بالتنظيم االداري و املايل اليت حييلها عليه الوزيرتقدمي املشورة للمصاحل املركزية و اجلهوية للوزارة و كذلك‬
‫املؤسسات الراجعة اليها بالنظر و ذلك يف خصوص تصرفها االداري و املايل‪.‬‬

‫اإلدارات املتخصصة‪/‬الفنية‪ :‬تتضمن الوزارات إدارات عامة خمتلفة وهي اليت تقوم بالوظيفة اإلدارية فهي عنصر قار‬ ‫‪-‬‬
‫بالوزارة‪ .‬و هي هياكل إدارية متدرجة يف شكل إدارات عامة و إدارات مركزية و مصاحل خارجية ‪ .‬و تكلف اإلدارة العامة للمصاحل‬
‫املشرتكة بالتنسيق بني كافة االدارات الراجعة هلا بالنظر و مراقبة نشاطها‪ .‬و تشتمل اإلدارة العامة للمصاحل املشرتكة على جمموعة‬
‫من االدارات مثل إدارة الشؤون االدارية و املالية ادارة االعالمية و التنظيم و التوثيق اإلدارة الفرعي للبناءات و التجهيز‪...‬فاملصاحل‬
‫املشرتكة للوزارة متارس اذا اختصاصات أفقية تتمثل يف توفري الوسائل املالية و البشرية الضرورية لكافة اهلياكل الوزارية‪ .‬من جهة‬
‫أخرى توجد يف كل وزارة مصاحل خصوصية‪ 15‬متارس اختصاصات عمودية هتدف إىل تلبية احلاجات اليومية ملنظوري اإلدارة‪ .‬أما‬
‫املصاحل اخلارجية ف هي هياكل إدارية متواجدة خارج اإلدارة املركزية يف العاصمة ومتثلها على مستوى الدائرة الرتابية ومتثل هذه‬
‫املصاحل إحدى أوجه التنظيم الالحموري‪ .‬و متارس هذه اإلدارات اختصاصات عمودية و اختصاصات أفقية‪.‬‬

‫‪ 13‬انظر قرار المحكمة اإلدارية ‪ 3‬جوان ‪ , 1991‬عدد ‪ ,12221‬أحمد شيخ روحة‪/‬وزير التربية‪..‬‬

‫‪ 14‬أمر ‪ 11‬سبتمبر ‪ 1991‬المتعلق بضبط النظام المطبق على أعضاء الدواوين الوزارية‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫مثال تتكون المصالح الخصوصية لوزارة حقوق اإلنسان و العدالة االنتقالية من اإلدارة العامة لحقوق اإلنسان و اإلدارة العامة للعدالة االنتقالية‬
‫و اإلدارة العامة للعالقات العامة و التعاون الدولي‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الجزء الثاني اإلدارة الالمحورية‬
‫الالحمورية هي أسلوب يف التنظيم اإلداري يتمثل يف تفويض أو يف إسناد قدر معني من السلطة للهياكل اجلهوية دون أن يؤول‬
‫ذلك إىل إحداث انفصال داخل الدولة فاإلدارة الالحمورية ال تتمتع بالشخصية القانونية فالسلطات الالحمورية تبقى دائما تابعة‬
‫لإلدارة املركزية تتخذ قراراهتا بامسها ولكن على عني املكان وليس من العاصمة وهو ما يبقى الالحمورية كشكل من أشكال التنظيم‬
‫املركزي الذي يعتمد مبدأ التبعية اإلدارية املتدرجة بني اهلياكل اجلهوية واهلياكل املركزية‪ .‬و هتدف الالحمورية إىل تقريب اإلدارة من‬
‫خيص‬
‫منظوريها وختفيف العبئ على املستويات العليا لإلدارة لتيسري عملها وإعطائه اكثر جناعة‪ .‬وقد متيزت التجربة التونسية يف ما ّ‬
‫اللجوء إىل التنظيم الالحموري مبحدوديتها خالل السنوات األوىل بعد االستقالل حيث وقع االهتمام بتدعيم اإلدارة املركزية من‬
‫حيث املوارد البشرية واملالية مث عرفت الالحمورية مرحلة موالية جتسدت يف صدور قانون ‪ 12‬جوان ‪ 1179‬والذي نظم الالحمورية‬
‫حول الوايل أساسا وقد دعم قانون ‪ 1‬فيفري ‪ 1181‬هذا األمر‪ .‬ولكن ال جيب ان نغفل عن توظيف الالحمورية من قبل النظام‬
‫املتسلط لتحقيق اغراض سياسية حيث حتولت خمتلف اهلياكل اجلهوية يف املواعيد االنتخابية إىل اداة تستخدم لفرض هيمنة احلزب‬
‫احلاكم على كامل مكونات اجملتمع بعيدا عن مبادئ احلياد و التحفظ اليت جيب ان تلتزم هبا اإلدارة‪ .‬مباشرة بعد ثورة ‪ 11‬جانفي‬
‫‪ 5611‬اجتهت النية إىل القطع مع هذا االرث السياسي السليب القائم على تداخل أجهزة احلزب احلاكم بأجهزة اإلدارة و الذي‬
‫كان عنصرا أساسيا يف تركيز منظومة االستبداد و الفساد املايل و االداري‪ .‬يف هذا االطار يندرج الفصل ‪ 7‬من املرسوم عدد ‪87‬‬
‫لسنة ‪ 5611‬املؤرخ يف ‪ 51‬سبتمرب ‪ 165611‬و املتعلق بتنظيم االحزاب السياسية الذي مينع صراحة االخنراط يف االحزاب‬
‫السياسية بالنسبة إىل الوالة و املعتمدين األول و الكتاب العامني للواليات و املعتمدين و العمد‪.‬‬

‫يتم التمييز بني الالحمورية الرتابية اليت تتجسد على مستوى إحداث واليات والالحمورية الفنية اليت تتجلى يف املصاحل اخلارجية‬
‫للوزارات و يف احلالتني ختضع اإلدارة الالحمورية للسلطة الرئاسية‪.‬‬

‫الفرع األول الالمحورية الترابية‬


‫يتجسم نظام الالحمورية الرتابية يف تقسيم الرتاب إىل دوائر ترابية متدرجة يوجد على رأس كل واحدة منها عونا من أعوان الدولة‪.‬‬
‫ومتثل الوالية "الكوكب األساسي الذي تقع يف مداره خمتلف األجهزة اإلدارية الرتابية للدولة"‪.17‬‬

‫وقد عرف الفصل األول من القانون األساسي الصادر يف ‪ 1‬فيفري ‪ 1181‬واملتعلق باجملالس اجلهوية الوالية بأهنا "دائرة ترابية‬
‫إدارية للدولة" إضافة إىل كوهنا مجاعة عمومية تتمتع بالشخصية املدنية واالستقالل املايل‪.‬‬

‫فالوالية متثل إذن يف نفس الوقت دائرة ترابية إلدارة الحمورية يتوىل شؤوهنا الوايل ودائرة ترابية إلدارة ال مركزية يتوىل شؤوهنا اجمللس‬
‫اجلهوي‪ .‬إن هذا االزدواج الوظيفي مييز كذلك الوايل الذي يعترب سلطة ال حمورية من جهة وسلطة ال مركزية من جهة أخرى‪.‬‬
‫وسنرّكز يف هذا السياق على الصفة األوىل على أن يتم التعرض إىل الصفة الثانية عند تناول التنظيم الالمركزي‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ .‬الرائد الرسمي عدد ‪ 71‬الصادر في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ,5611‬صفحة ‪.1119-1112‬‬

‫‪ -17‬محمد رضا جنيح‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪ 2001 ،‬ص‪103.‬‬

‫‪11‬‬
‫ينقسم الرتاب الوطين إىل ‪ 51‬والية‪ ،‬وهي تعوض "القيادات" اليت كانت سائدة وقت احلماية إىل غاية صدور أمر ‪ 51‬جوان‬
‫‪ 1199‬املتعلق بالتنظيم اإلداري اجلديد‪ .‬وتنقسم الوالية إىل معتمديات‪ ،‬وكل معتمدية إىل عمادات وتسميتها قدميا "مشيخات"‪.‬‬

‫وسنتعرض أوال إىل مشموالت الوايل مث إىل أساليب تنظيم املصاحل اإلدارية للوالية‪.‬‬

‫الفقرة ‪ 1‬مشموالت الوالي‬


‫يعترب الوايل ركيزة التنظيم اجلهوي إلدارة الدولة ويعود تاريخ إحداث هذه املؤسسة إىل أمر ‪ 51‬جوان ‪ .1199‬وخيضع الوايل لنظام‬
‫أساسي مميز مت ضبطه مبقتضى أمر صدر يف نفس التاريخ يتعلق بالنظام األساسي للموظفني السامني لإلدارة اجلهوية‪ .‬ويعترب الوايل‬
‫موظفا لإلدارة اجلهوية للدولة لكن طريقة انتدابه ومساره املهين خيتلف عن النظام العام للوظيفة العمومية‪ ،‬إذ أن تعيينه يكون بأمر‬
‫باقرتاح من وزير الداخلية سواء من بني املوظفني أو من غريهم‪ .‬وجيب على الوايل أن يقيم مبقر الوالية وال ميكنه بالتايل إختيار مقر‬
‫إقامته كما ال ميكنه مغادرة مركز عمله إال برتخيص من وزير الداخلية‪ .‬وترتاوح العقوبات التأديبية املنطبقة على الوايل بني اإلنذار‬
‫والتوبيخ‪ ،‬ويقع إقرارها من قبل وزير الداخلية‪ ،‬وصوال إىل العزل ويكون ذلك مبقتضى أمر‪ .‬إن متيز الوضعية القانونية للوايل يضفي‬
‫بعدا سياسيا على منصبه فقواعد انتدابه وعزله تقرتب كثريا من القواعد اليت حتكم تسمية وإهناء مهمة الوزراء‪ ،‬ويف ذلك تأكيد على‬
‫مركزه السياسي‪.18‬‬

‫ويتجلى الدور اإلداري للوايل يف ممارسة نوعني من االختصاصات‪ ،‬فمن جهة أوىل‪ ،‬له جمموعة من االختصاصات ميارسها بوصفه‬
‫ممثل احلكومة يف اجلهة ‪ ،‬فحسب الفصل ‪ 8‬من القانون املؤرخ يف ‪ 12‬جوان ‪ 1179‬املتعلق بضبط مشموالت اإلطارات العليا‬
‫لإلدارة اجلهوية‪ ،‬يعد الوايل "املؤمتن على سلطة الدولة وممثل احلكومة بدائرة واليته وهو إداريا حتت سلطة وزير الداخلية"‪ .‬يف هذا‬
‫اإلطار ميارس الوايل مجلة من الصالحيات اهلامة على املستوى اجلهوي فهو الذي يباشر رقابة اإلشراف على اجلماعات الرتابية‬
‫احمللية التابعة للوالية وهو الذي يسهر على مصاحل الدولة لدى الشركات والدواوين اليت تتمتع بإعانة مالية من الدولة‪.‬‬

‫كما أن للوايل مجلة من الوظائف مرتبطة بعالقته باملصاحل اخلارجية للوزارات‪ .‬فقد كان أمر ‪ 51‬جوان ‪ 1199‬ينص على أن‬
‫يقوم الوايل حتت إشراف الوزراء املعنيني بالتنسيق والتوجيه واملراقبة العامة لنشاط موظفي الدولة‪ .‬ولكن جتدر املالحظة يف هذا‬
‫اخلصوص أن الوايل ال يتمتع بسلطة رئاسية باملع ى املتداول على رؤساء املصاحل اخلارجية للوزارات بل له فقط "سلطة" عليهم ألنه‬
‫يوجه وميارس رقابة عامة على نشاطهم‪ .‬وقد تدخل قانون ‪ 12‬جوان ‪ 1179‬لتوضيح هذه الوظائف فقد أقر الفصل ‪ 16‬أن‬
‫الوايل ميارس‪ ،‬بصفته ممثل للحكومة وحتت سلطة الوزراء الذي يهمهم األمر‪ ،‬تنشيط وتنسيق ومراقبة املصاحل اخلارجية لإلدارات‬
‫املدنية التابعة للدولة‪.‬‬

‫على الرغم من معارضة الوزراء تدخل الوالة يف شؤون مصاحلهم اخلارجية إال أن ضرورة إدخال نوع من االنسجام يف العمل‬
‫رجح الكفة لفائدة الوالة على حساب الوزراء‪ .19‬وقد مت تدعيم وظائف الوايل إزاء املصاحل اخلارجية للوزارات‪،‬‬
‫اإلداري اجلهوي قد ّ‬
‫فقد مكنه الفصل ‪ 18‬من رئاسة كل اللجان اجلهوية اليت هتم خمتلف مصاحل الدولة كما مكنه الفصل ‪ 11‬من حق توجيه‬
‫التعليمات واألوامر لرؤساء املصاحل واإلطالع على املسائل الراجعة هلم بالنظر "واليت ميكن أن تكتسي أمهية خاصة باجلهة"‪ ،‬وعلى‬

‫‪18‬‬
‫‪- TARCHOUNA(L), « Le gouverneur » , in Déconcentration et décentralisation, Actes du colloque organisé‬‬
‫‪par le centre de formation et d’appui à la décentralisation à Tunis du 24 au 26 juin 2004‬‬

‫‪ -19‬محمد رضا جنيح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪109‬‬

‫‪12‬‬
‫املراسالت اهلامة املوجهة إىل اإلدارة املركزية‪ ،‬ويقع أيضا إعالم الوايل مسبقا حبركات النقل اليت جتري يف صفوف رؤساء هذه‬
‫املصاحل‪ ،‬وله أن يبدي ملحوظات حول نشاطهم حتفظ مبلفاهتم اخلاصة (الفصل ‪.)56‬‬

‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬أصبح الوايل يتمتع باختصاصات ذات صبغة اقتصادية فهو املسؤول عن "تنفيذ السياسة القومية للتنمية على‬
‫الصعيد اجلهوي" وتقدمي املقرتحات اخلاصة "بالوسائل الكفيلة بتحقيق النهضة االقتصادية واالجتماعية لدوائر واليته"‪.‬‬

‫وقد تدعمت اختصاصات الوايل عن طريق التفويض مبقتضى أمر ‪ 51‬مارس ‪ 1181‬املتعلق بتفويض بعض سلطات أعضاء‬
‫احلكومة إىل الوالة وقد ذكر قائمة يف امليادين املفوضة مشلت ما يقارب ‪ 11‬وزارة مبا يف ذلك الوزارة األوىل‪ ،‬وقد تضمنت وزارة‬
‫الفالحة قائمة يف عدة اختصاصات مفوضة تعد أطول الئحة‪.20‬‬

‫جمرد تفويض االختصاص من إدارة‬ ‫أما من جهة ثانية‪ ،‬ميثل الوايل سلطة إدارية عامة‪ ،‬فهو يتوىل ممارسة نوع من االختصاص يتعدى ّ‬
‫مركزية إىل إدارة ال حمورية‪ ،‬فالوايل هو الذي يشرف على تنفيذ القوانني والرتاتيب والقرارات احلكومية كما انه يسهر على احملافظة‬
‫على األمن العام ويتمتع يف هذا الصدد بسلطة ترتيبية يف مادة الضبط اإلداري وحيق له االلتجاء إىل القوة املسلحة كلما اقتضت‬
‫ذلك الظروف االستثنائية‪ .‬كما انه ميارس سلطة على أعوان املصاحل اإلدارية املباشرين يف دائرة واليته فيعترب الوايل رئيسا لإلدارة‬
‫اجلهوية وميارس بالتايل السلطة الرئاسية على املعتمد األول والكاتب العام للوالية واملعتمد والعمدة وكل موظفي الدولة املتواجدين‬
‫بالوالية‪.‬‬

‫الفقرة ‪ 2‬أساليب التنظيم الداخلي‬


‫تتمتع الوالية مبصاحل إدارية تابعة مباشرة هلا وأخرى خارجية ختضع مباشرة لسلطة الوايل ومتثل جممل هذه اهلياكل إضافة إىل الكتابة‬
‫العامة اإلدارة العامة للوالية‪.‬‬

‫– الكتابة العامة للوالية‪ :‬ومتثل هيةة ذات أمهية حيث مكن قانون ‪ 12‬جوان ‪ 1179‬املتعلق باالطارات العليا لالدارة اجلهوية‬
‫الكاتب العام للوالية من مهمة السهر حتت سلطة الوايل على حسن سري إدارة الوالية وتنسيق عمل موظفيها يف ميادين إدارية‬
‫واملالية واالقتصادية ويدخل أيضا يف اختصاص الكاتب العام للوالية‪ ،‬العالقات مع املصاحل اخلارجية للوزارات وللكتابة العامة‬
‫للوالية ‪ 1‬دوائر‪ :‬دائرة الشؤون اإلدارية العامة‪ ،‬دائرة الشؤون البلدية‪ ،‬دائرة العمل االقتصادي ودائرة اجمللس اجلهوي‪ ،‬وتقوم هذه‬
‫الدوائر مبساعدة الكاتب العام بالقيام مبهامه‪.‬‬

‫– املعتمد األول‪ :‬ميثل املساعد املباشر للوايل طبقا للفصل ‪ 55‬من القانون عدد‪ 95‬لسنة ‪ 1179‬املؤرخ يف ‪ 12‬جوان ‪1179‬‬
‫و املتعلق باالطارات العليا لالدارة اجلهوية و قد اعيد تنظيم هذه اخلطة مبقتضى القانون عدد ‪ 2665‬املؤرخ يف ‪ 57‬نوفمرب‬
‫‪ 5667‬املتعلق بضبط النظام االساسي للمعتمدين االول‪ .‬فهو ينوبه يف حالة الغياب وبإذن من وزير الداخلية ويدخل يف‬
‫اختصاصه الشؤون السياسية واالقتصادية والثقافية والرقابة املدنية وتنسيق أنشطة املعتمدين وكذلك العالقات مع املنظمات الوطنية‬
‫ومع املصاحل اخلارجية لألمن وتساعده للقيام مبهامه ‪ 1‬دوائر‪ :‬دائرة الشؤون السياسية‪ ،‬اإلعالم‪ ،‬جلان األحياء والشؤون االجتماعية‪.‬‬

‫‪ - 20‬إن تقنية التفويض لم تشمل بعض االختصاصات كالعدل والدفاع والمالية والتربية والعلوم‪ .‬كما تجدر المالحظة انه تم تنقيح هذا األمر ‪ 2‬مرات‬
‫منذ صدوره‪ :‬بمقتضى األمر المؤرخ في ‪ 11‬جوان ‪ 1990‬واألمر المؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ 1999‬واألمر المؤرخ في ‪ 29‬جوان ‪ 2002‬وأخيرا األمر‬
‫المؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪.2001‬‬

‫‪13‬‬
‫– املعتمدون والعمد واجملالس القروية‪ :‬يساعد املعتمدون الوايل للقيام مبهامه وخيضعون لسلطته املباشرة وال يتمتعون باختصاصات‬
‫حمددة وذاتية‪ .‬أما العمد فهم مكلفون بالسهر على مصاحل منظوري اإلدارة وإعانتهم يف عالقتهم مع اإلدارة‪ .‬وقد بلغ العدد‬
‫اجلملي للعمادات ‪ 5671‬عمادة‪ ،‬وكانت تسمى قبل اإلستقالل مشيخات ‪ .‬أما اجملالس القروية فقد مت إحداثها سنة ‪1181‬‬
‫ويبلغ عددها حاليا ‪ 117‬جملسا ودورها استشاري خارج املناطق البلدية وأعضائها يعينهم الوايل وختتص بإبداء الرأي يف املسائل‬
‫ذات الصبغة االقتصادية واالجتماعية والثقافية اليت هتم مناطقهم الذاتية‪.‬‬

‫الفرع الثاني الالمحورية الفنية‬


‫تتجسم الالحمورية الفنية أو الوظيفية يف بعث إدارة متخصصة ومتفرعة عن الوزارات تسمى عادة مصاحل خارجية أو إدارة جهوية‬
‫للوزارة و هي مبثابة امتداد التنظيم الوزاري على املستوى اجلهوي‪ .‬و جتدر اإلشارة إىل وجود بعض االستثناءات يف هذا اخلصوص‬
‫باعتبار أن بعض الوزارات ال حتتاج إىل فروع جهوية و مثال ذلك وزارة اخلارجية اليت ليس هلا مصاحل موزعة باجلهات و إمنا‬
‫سفارات و قنصليات لدى الدول األجنبية تتوىل إسداء اخلدمات اإلدارية للتونسيني باخلارج‪.‬‬

‫وتعترب الوالية الوحدة األساسية لرتكيز هذه املصاحل اخلارجية فمثال وزارة التجهيز اعتمدت الوالية كدائرة ترابية لتنظيم مصاحلها‬
‫اخلارجية لكن هذا ال مينع وزارات أخرى من اعتماد تقسيم ترايب آخر كأن تعتمد الوزارة واليتني أو أكثر لرتكيز إدارهتا اجلهوية وهو‬
‫ما مييز املصاحل اخلارجية لوزاريت العدل واملالية‪ .‬ويكون عادة سبب هذا التوسيع يف نطاق الدائرة الرتابية حمدودية الوسائل املادية‬
‫واملشاريع الراجعة لبعض الوزارات‪ .‬من جهة أخرى تعتمد بعض الوزارات اسلوب تعدد مصاحلها اخلارجية و هو ما يقتضي ختصص‬
‫بعض املرافق التابعة للوزارة و إعطائها قسط من االستقاللية‪ .‬مثال‪ :‬وزارة املالية اليت تعتمد ثالث مصاحل خارجية مستقلة عن‬
‫بعضها و هي املصاحل اخلارجية للديوانة‪ ,‬و املراكز اجلهوية ملراقبة األداءات‪ ,‬و اإلدارة اجلهوية للمحاسبة العمومية‪.‬‬

‫على الرغم من هذا التدعيم بقيت التجربة التونسية يف جمال الالحمورية الفنية حمدودة ويرجع ذلك إىل حمدودية االختصاصات‬
‫وضعف املوارد اليت يقع حتويلها لإلدارة الالحمورية هذا إضافة إىل غياب اهلياكل االستشارية واليت يعترب دورها هاما يف حسن سري‬
‫املصاحل اإلدارية اخلارجية‪ .‬أما السبب الثاين حملدودية التجربة فهو يرجع إىل التقسيم غري املتجانس للدوائر الرتابية فليس لنا دائرة‬
‫ترابية إدارية واحدة تعتمدها كل الوزارات لبعث مصاحلها اخلارجية‪ ،‬فبعض الوزارات تعتمد الواليات والبعض اآلخر يعتمد‬
‫مستويات أخرى يف التقسيم الرتايب‪.‬‬

‫الفرع الثالث الرقابة المسلطة على االدارة الالمحورية ‪ :‬السلطة الرئاسية‬


‫إن وحدة النظام اإلداري تفرتض خضوع كل عون إداري ملبدأ الرقابة الرئاسية سواء على مستوى اإلدارة املركزية أو اإلدارة الالحمورية‬
‫وكذلك بني اإلدارة املركزية ومصاحلها الالحمورية و تعترب السلطة الرئاسية من أهم خاصيات النظام الالحموري‪ .‬وتكون الرقابة بني‬
‫هيكلني إداريني ليس هلما نفس الدرجة‪ :‬كتلك اليت يسلطها رئيس اإلدارة املركزية على رئيس مصلحة أو الوايل على احد مديري‬
‫الوالية أو من قبل الوزير على الوايل‪ .‬و السلطة الرئاسية هي السلطة اليت ميارسها الرئيس على مرؤوسيه قصد تنفيذ القوانني و‬
‫حسن تنظيم املرفق‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ومن خصائص السلطة الرئاسية أهنا تباشر بصفة أصلية حبيث أهنا متارس من قبل الرئيس جتاه مرؤوسيه بصفة آلية دون احلاجة إىل‬
‫إقرارها مبقتضى نص قانوين‪ .‬وهي متنح لرئيس اإلدارة صالحيات واسعة وهي تسلط بالتايل ال فقط على شرعية األعمال بل كذلك‬
‫على جدواها و قد تكون سابقة او الحقة لعمل املرؤوس‪ .‬كما تكون كاملة أو جزئية‪.‬‬

‫ترتبط السلطة الرئاسية مببدأ الطاعة‪ ،‬أي طاعة العون األقل درجة للعون الذي يعلوه يف التسلسل اإلداري طبقا ملا يقتضيه مبدأ‬
‫التدرج الذي حيكم تنظيم املرافق العامة‪ .‬فعلى املرؤوسني االمتثال دائما ألوامر و تعليمات رؤسائهم فواجب طاعة أوامر الرئيس‬
‫يكتسي صبغة مطلقة فحسب الفصل ‪ 9‬من قانون الوظيفة العمومية ينص على ان "كل عون عمومي مهما كانت رتبته من السلم‬
‫االداري مسؤول عن تنفيذ املهام املناطة بعهدته‪ ,‬و كل عون مكلف بتسيري مصلحة مسؤول ازاء رؤسائه عن السلطة اليت منحت‬
‫له هلذا الغرض و عن تنفيذ ما يصدر عنه من االوامر و ال تعفيه املسؤولية اخلاصة اليت يتحمل مرؤوسوه من اي مسؤولية ملقاة‬
‫على عاتقه"‪.‬‬

‫ومتارس هذه السلطة على أشخاص املرؤوسني وعلى أعماهلم‪ .‬تتجلى السلطة الرئاسية على اشخاص املرؤوسني يف سلطة تعيني‬
‫األعوان و توزيعهم على خمتلف املصاحل االدارية و نقلتهم من ادارة إىل اخرى‪ .‬ومتتد إىل سلطة ترقيتهم وتقييمهم مهنيا‪ .‬كما ميارس‬
‫رئيس اإلدارة سلطة تاديبية ازاء مرؤوسيه كنتيجة منطقبة لتمتعه بسلطة التعيني و هو ما ورد يف الفصل ‪ 91‬من قانون الوظيفة‬
‫العمومية الذي ينص على ان "السلطة التاديبية تعود إىل رئيس اإلدارة اليت ينتمي اليها املوظف العمومي" مع مراعاة الضمانات‬
‫االساسية لالعوان كحق الدفاع‪.‬‬

‫إضافة إىل ذلك تسلط السلطة الرئاسية على أعمال املرؤوسني و هي تكتسي صبغة مطلقة‪ ،‬و هي تتجلى يف إلزامية كل ما يصدر‬
‫عن رئيس اإلدارة من تعليمات وأوامر و مناشري و مذكرات إىل مرؤوسيه حول كيفية تنفيذ القوانني والرتاتيب‪ ،‬وكل رفض أو‬
‫معارضة لتنفيذها يعرض العون للمساءلة التأديبية و هو ما يدخل يف سلطة التوجيه و االرشاد‪ .‬كما أهنا تتجلى يف سلطة الرئيس‬
‫ملتابعة اعمال املرؤوس لغاية إقرارها أو تعديلها أو إلغائها أعمال املرؤوس أو حىت احللول حملّه إذا ثبت تقاعس هذا األخري يف أداء‬
‫اختصاصه‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ قائمة المراجع‬-‫تنظيم إداري‬

‫المراجع المتعلقة بتونس‬

‫المؤلفات العامة‬

AOUIJ MRAD (A.), Droit des services publics, C.R.E.A., E.N.A., 1998.

AOUIJ MRAD (A.), Droit des entreprises publiques, Tunis, C.P.U., 2009.

BEN ACHOUR (Y.), Droit administratif, 3ème édition, Tunis, C.P.U., 2010.

5001. ،‫ مركز النشر الجامعي‬،‫ تونس‬،‫ القانون االداري‬، )‫جنيح (رضا‬

،‫ مركز النشر الجامعي‬،‫ تونس‬،‫ األحكام الكبرى في فقه القضاء اإلداري‬،‫جنيح (رضا) تحت إشراف‬
. 5009

Sites Web

‫بوابة رئاسة الحكومة‬

Centre national universitaire de documentation scientifique et technique :


http://www.cnudst.rnrt.tn/index26e1.html

www.privatisation.gov.tn

Conseil du marché financier : http://www.cmf.org.tn/

Instance nationale des télécommunications : http://www.intt.tn/

16

You might also like